مرآة العقول الجزء ٢٤

مرآة العقول15%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 379

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 379 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 17222 / تحميل: 2721
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٢٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

محمدا أشرف المقام وحباء السلام وشفاعة الإسلام اللهم وألحقنا به غير خزايا ولا ناكبين ولا نادمين ولا مبدلين إله الحق آمين.

ثم جلس قليلا ثم قام فقال ـ الحمد لله أحق من خشي وحمد وأفضل من اتقي وعبد وأولى من عظم ومجد نحمده لعظيم غنائه وجزيل عطائه وتظاهر نعمائه وحسن بلائه ونؤمن بهداه الذي لا يخبو ضياؤه ولا يتمهد سناؤه ولا يوهن عراه ونعوذ بالله من سوء كل الريب وظلم

قوله عليه‌السلام: « وحباء السلام » الحباء : بالكسر العطاء أي أعطه عطية سلامتك بأن يكون سالما عن جميع ما يوجب نقصا أو خزيا ، أو أعطه تمكن أن يحبوا السلامة من أنواع البلايا والعذاب لمن أراد ، أو أعطه وأمته تحية السلام من عندك بأن يسلم عليهم الملائكة في الجنان رسلا من عندك.

قوله عليه‌السلام: « وشفاعة الإسلام » أي الشفاعة التي تكون لأهل الإسلام ، ولا تكون لغيرهم.

قوله عليه‌السلام: « ولا ناكثين » أي للعهد والبيعة وفي بعض النسخ بالباء الموحدة أي عادلين متنكبين عن طريق الحق.

قوله عليه‌السلام: « لعظيم غنائه » بالفتح والمد. أي نفعه.

قوله عليه‌السلام: « وحسن بلائه » أي نعمته.

قوله عليه‌السلام: « لا يخبو » يقال خبت النار أي سكنت ، وقوله عليه‌السلام: « ولا يهمد سناؤه » وفي بعض النسخ [ لا يتمهد ] والتمهد الانبساط ، والهمود : طفوء النار والسنا مقصورا ضوء البرق ، وممدودا الرفعة ، فعلى نسخة يهمد ينبغي أن يكون مقصورا وعلى الأخرى أن يكون ممدودا ، والأولى أوفق بلاحقتها ، كما أن الثانية أوفق بسابقتها لفظا.

٦١

الفتن ونستغفره من مكاسب الذنوب ونستعصمه من مساوي الأعمال ومكاره الآمال والهجوم في الأهوال ومشاركة أهل الريب والرضا بما يعمل الفجار في الأرض بغير الحق اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات الذين توفيتهم على دينك وملة نبيك صلى‌الله‌عليه‌وآله اللهم تقبل حسناتهم وتجاوز عن سيئاتهم وأدخل عليهم الرحمة والمغفرة والرضوان واغفر للأحياء من المؤمنين والمؤمنات الذين وحدوك وصدقوا رسولك وتمسكوا بدينك وعملوا بفرائضك واقتدوا بنبيك وسنوا سنتك وأحلوا حلالك وحرموا حرامك وخافوا عقابك ورجوا ثوابك ووالوا أولياءك وعادوا أعداءك اللهم اقبل حسناتهم وتجاوز عن سيئاتهم وأدخلهم «بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ » إله الحق آمين.

١٩٥ ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول لكل مؤمن حافظ وسائب قلت وما الحافظ وما السائب يا أبا جعفر قال الحافظ من الله تبارك وتعالى حافظ من الولاية يحفظ به المؤمن أينما كان وأما السائب فبشارة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله

قوله عليه‌السلام: « من سوء كل الريب » أي من شر كل شك وشبهة يعتري في الدين.

قوله عليه‌السلام: « والهجوم » أي الدخول.

قوله عليه‌السلام: « ومشاركة أهل الريب » أي الذين يشكون ويرتابون في الدين أو الذين يريبون الناس فيهم بالخيانة والسرقة أو مطلق الفسوق.

الحديث الخامس والتسعون والمائة : ضعيف.

قوله : « قلت : وما الحافظ » وفي بعض النسخ [ وأما الحافظ ] أي ظاهر أو معلوم.

قوله عليه‌السلام: « من الولاية » كلمة « من » أما تعليلية أي له حافظ من البلايا

٦٢

يبشر الله تبارك وتعالى بها المؤمن أينما كان وحيثما كان.

١٩٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحجال ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال خالط الناس تخبرهم ومتى تخبرهم تقلهم

بسبب ولاية أئمة الحق ، أو له حافظ بسبب الولاية ليحرس ولايته لئلا تضيع وتذهب بتشكيكات أهل الباطل ، أو صلة للحفظ إما بتقدير مضاف ، أي يحفظه من ضياع الولاية وذهابها ، أو بأن يكون المراد ولاية غير أئمة الحق ، أو بيانية أي الحافظ هي الولاية تحفظه عن البلايا والفتن.

قوله عليه‌السلام: « وأما السائب » لعله من السيب بمعنى العطاء أو بمعنى الجريان أي جارية من الدهور ، أو من السائبة التي لا مالك لها بخصوصه أي سيب لجميع المؤمنين.

قوله عليه‌السلام: « فبشارة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله» أي البشارة عند الموت بالسعادة الأبدية ، ويحتمل على بعد أن يكون المراد القرآن أو الرؤيا الحسنة.

الحديث السادس والتسعون والمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام: « متى تخبرهم تقلهم » قال الجزري : في حديث أبي الدرداء « وجدت الناس أخبر تقله » القلاء : البغض ، يقال : قلاه يقليه ، قلى وقلى إذا أبغضه(١) .

وقال الجوهري : إذا فتحت مددت ، ويقلاه لغة طيئ ، يقول : جرب الناس فإنك إذا جربتهم قليتهم وتركتهم لما يظهر لك من بواطن سرائرهم ، لفظه لفظ الأمر ، ومعناه معنى الخبر أي من جربهم وخبرهم أبغضهم وتركهم ، والهاء في تقله للسكت ومعنى نظم الحديث ، وجدت الناس مقولا فيهم هذا القول(٢) انتهى.

أقول : الظاهر أن الأمر الوارد في هذا الخبر أيضا كذلك ، أي متى خالطت

__________________

(١) النهاية : ج ٤ ص ١٠٥.

(٢) الصحاح : ج ٦ ص ٢٠١٦.

٦٣

١٩٧ ـ سهل ، عن بكر بن صالح رفعه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال الناس معادن كمعادن الذهب والفضة فمن كان له في الجاهلية أصل فله في الإسلام أصل.

١٩٨ ـ سهل بن زياد ، عن بكر بن صالح ، عن محمد بن سنان ، عن معاوية بن وهب قال تمثل أبو عبد الله عليه‌السلام ببيت شعر لابن أبي عقب وينحر بالزوراء منهم لدى الضحى ثمانون ألفا مثل ما تنحر البدن

الناس تخبرهم ومتى تخبرهم تقلهم ، فلا تخالطهم مخالطة شديدة تكون موجبة لقلاك لهم.

الحديث السابع والتسعون والمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام: « الناس معادن » روى العامة هذا الخبر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله هكذا « الناس معادن كمعادن الذهب والفضة ، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا »(١) ويحتمل وجهين. أحدهما : أن يكون المراد أن الناس مختلفون بحسب استعداداتهم وقابلياتهم وأخلاقهم وعقولهم كاختلاف المعادن ، فإن بعضها ذهب ، وبعضها فضة ، فمن كان في الجاهلية خيرا حسن الخلق عاقلا فهما ففي الإسلام أيضا يسرع إلى قبول الحق ، ويتصف بمعالي الأخلاق ، ويجتنب مساوئ الأعمال بعد العلم بها.

والثاني : أن يكون المراد أن الناس مختلفون في شرافة النسب والحسب ، كاختلاف المعادن ، فمن كان في الجاهلية من أهل بيت شرف ورفعة ، فهو في الإسلام أيضا يصير من أهل الشرف بمتابعة الدين ، وانقياد الحق والاتصاف بمكارم الأخلاق فشبههم صلى‌الله‌عليه‌وآله عند كونهم في الجاهلية بما يكون في المعدن قبل استخراجه ، وعند دخولهم في الإسلام بما يظهر من كمال ما يخرج من المعدن ، ونقصه بعد العمل فيه.

الحديث الثامن والتسعون والمائة : ضعيف.

__________________

(١) صحيح البخاريّ كتاب التفسير ح ٤٣٧٢. صحيح مسلم بشرح النووى ج ١٥ ص ١٣٤. كتاب الفضائل باب فضائل يوسف. باختلاف يسير.

٦٤

وروى غيره البزل.

ثم قال لي تعرف الزوراء.

قال قلت جعلت فداك يقولون إنها بغداد قال لا ثم قال عليه‌السلام دخلت الري قلت نعم قال أتيت سوق الدواب قلت نعم قال رأيت الجبل الأسود عن يمين الطريق تلك الزوراء يقتل فيها ثمانون ألفا منهم ثمانون رجلا من ولد فلان كلهم يصلح للخلافة قلت ومن يقتلهم جعلت فداك قال يقتلهم أولاد العجم.

١٩٩ ـ علي بن محمد ، عن علي بن العباس ، عن محمد بن زياد ، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : «وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا

قوله : « وروى غيره البزل » هو جمع بازل وهو البعير الذي فطرنا به.

قوله عليه‌السلام: « تعرف الزوراء » قال الفيروزآبادي : الزوراء : مال كان لاحيحة والبئر البعيدة ، والقدح وإناء من فضة والقوس ودجلة ، وبغداد لأن أبوابها الداخلة جعلت مزورة عن الخارجة ، وموضع بالمدينة قرب المسجد ، ودار كانت بالحيرة والبعيدة من الأراضي ، وأرض عند ذي خيم(١) انتهى.

أقول : يحتمل أن يكون الزوراء في الخبر اسما لموضع بالري ، وأن يكون الزوراء بغداد الجديد ، وإنما نفى عليه‌السلام بغداد القديم ، ولعله كان هناك موضع يسمى بالري ، ويكون إشارة إلى المقاتلة التي وقعت في زمان مأمون هناك ، وقتل فيها كثير من ولد العباس ، وعلى الأول يكون إشارة إلى واقعة تكون في زمن القائم عليه‌السلام أو في قريب منه ، وابن أبي عقب لعله كان سمع هذا من المعصوم فنظمه.

الحديث التاسع والتسعون والمائة : ضعيف.

قوله تعالى : « لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً » قال الزمخشري : ليس

__________________

(١) القاموس : ج ٢ ص ٤٣.

٦٥

عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً »(١) قال مستبصرين ليسوا بشكاك

٢٠٠ ـ عنه ، عن علي ، عن إسماعيل بن مهران ، عن حماد بن عثمان قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في قول الله تبارك وتعالى : «وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ » فقال الله أجل وأعدل وأعظم من أن يكون لعبده عذر لا يدعه يعتذر به ولكنه فلج فلم يكن له عذر

بنفي للخرور ، وإنما هو إثبات له ، ونفي للصمم والعمى ، كما تقول : لا يلقاني زيد مسلما هو نفي للسلام ، لا للقاء ، والمعنى أنهم إذا ذكروا بها أكبوا عليها حرصا على استماعها ، وأقبلوا على المذكر بها ، وهم في إكبابهم عليها ، سامعون بأذان واعية ، مبصرون بعيون راعية ، لا كالذين يذكرون بها فتراهم مكبين عليها ، مقبلين على من يذكر بها مظهرين الحرص الشديد على استماعها ، وهم كالصم العميان ، حيث لا يعونها ولا يتبصرون ما فيها كالمنافقين وأشباههم(٣) .

قوله عليه‌السلام: « مستبصرين » أي أكبوا وأقبلوا مستبصرين.

الحديث المائتان : في بعض النسخ عن علي ، عن إسماعيل وهو الظاهر ، فالخبر ضعيف ، وفي بعضها عن علي بن إسماعيل فهو مجهول.

قوله عليه‌السلام: « فلج فلم يكن له عذر » يقال : فلج أصحابه وعلى أصحابه إذا غلبهم أي صار مغلوبا بالحجة فليس له عذر فالمراد أنه ليس لهم عذر حتى يؤذن لهم فيعتذروا.

قال البيضاوي : عطف يعتذرون على يؤذن ليدل على نفي الإذن ، والاعتذار عقيبه مطلقا ، ولو جعله جوابا لدل على أن عدم اعتذارهم لعدم الإذن ، وأوهم ذلك أن لهم عذرا لكن لم يؤذن لهم فيه(٤) .

__________________

(١) سورة الفرقان : ٧٣.

(٢) سورة المرسلات : ٣٦.

(٣) الكشّاف : ج ٣ ص ٢٩٥.

(٤) أنوار التنزيل ج ٢ ص ٥٣١.

٦٦

٢٠١ ـ علي ، عن علي بن الحسين ، عن محمد الكناسي قال حدثنا من رفعه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله عز ذكره : «وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ »(١) قال هؤلاء قوم من شيعتنا ضعفاء ليس عندهم ما يتحملون به إلينا فيسمعون حديثنا ويقتبسون من علمنا فيرحل قوم فوقهم وينفقون أموالهم ويتعبون أبدانهم حتى يدخلوا علينا فيسمعوا حديثنا فينقلونه إليهم فيعيه هؤلاء وتضيعه هؤلاء فأولئك الذين يجعل الله عز ذكره لهم مخرجا ويرزقهم من حيث لا يحتسبون وفي قول الله عز وجل «هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ »(٢) قال الذين يغشون الإمام إلى قوله عز وجل : «لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ » قال لا

الحديث الحادي والمائتان : مرفوع.

قوله تعالى : « مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ » أي من حيث لا يظن.

قوله عليه‌السلام: « قوم فوقهم » أي في القدرة والمال« فيعيه هؤلاء » أي الفقراء ، والحاصل أن البدن كما يتقوى بالرزق الجسماني ، وتبقى حياته به ، فكذلك الروح يتقوى ، وتحيي بالأغذية الروحانية من العلم والإيمان والهداية والحكمة ، وبدونها ميت في لباس الأحياء ، فمراده عليه‌السلام أن الآية كما تدل على أن التقوى سبب لتيسر الرزق الجسماني وحصوله من غير احتساب ، فكذلك تدل على أنها تصير سببا لتيسر الرزق الروحاني الذي هو العلم والحكمة من غير احتساب ، وهي تشملهما معا.

قوله تعالى : « حَدِيثُ الْغاشِيَةِ » قال البيضاوي : الداهية التي تغشى الناس بشدائدها ، يعني يوم القيامة ، أو النار من قوله تعالى : «وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ »(٣) .

قوله عليه‌السلام: « الذين يغشون الإمام » فسرها عليه‌السلام بالجماعة الغاشية الذين يغشون

__________________

(١) سورة الطلاق : ٣.

(٢) سورة الغاشية : ٢.

(٣) أنوار التنزيل : ج ١ ص ٥٥٥.

٦٧

ينفعهم ولا يغنيهم لا ينفعهم الدخول ولا يغنيهم القعود.

٢٠٢ ـ عنه ، عن علي بن الحسين ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل : «ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ

الإمام ، أي يدخلون عليه من المخالفين فلا ينفعهم الدخول عليه ، ولا يغنيهم القعود لعدم إيمانهم وجحودهم ، فالمراد بالطعام على هذا البطن الطعام الروحاني أي ليس غذاؤهم الروحاني إلا الشكوك والشبهات ، والآراء الفاسدة التي هي كالضريع ، في عدم النفع والإضرار بالروح ،فقوله تعالى : « لا يُسْمِنُ » لا يكون صفة للضريع ، بل يكون الضمير راجعا إلى الغشيان وتكون الجملة مقطوعة على الاستئناف.

ويحتمل أن يكون صفة للضريع أيضا ، ويكون المراد أنه لا يعلمهم الإمام ، لكفرهم وجحودهم وعدم قابليتهم إلا ما هو كالضريع ، مما يوافق آراءهم تقية منهم كما أنه تعالى يطعم أجسادهم الضريع في جهنم ، لعدم استحقاقهم غير ذلك.

ويحتمل أن يكون المراد الذين يغشون أي يحيطون بالقائم عليه‌السلام من المخالفين والمنافقين ، فالإمام يحكم فيهم بعلمه ، ويقتلهم ويوصلهم إلى طعامهم المهيأ لهم في النار من الضريع ، ولا ينفعهم الدخول في عسكر الإمام عليه‌السلام لعلمه بحالهم ، ولا القعود في بيوتهم ، لعدم تمكينه إياهم.

الحديث الثاني والمائتان : موثق على الأظهر.

قوله تعالى : « مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ » قال البيضاوي(١) : ما يقع من تناجي ثلاثة ويجوز أن يقدر مضاف أو يأول نجوى بمتناجين ، ويجعل ثلاثة صفة لها ، واشتقاقها من النجوة ، وهي ما ارتفع من الأرض ، فإن السر أمر مرفوع إلى الذهن ، لا يتيسر لكل أحد أن يطلع عليه «إِلاَّ هُوَ رابِعُهُمْ » إلا الله يجعلهم أربعة من حيث أنه يشاركهم في الإطلاق عليها ، والاستثناء من أعم الأحوال «وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سادِسُهُمْ

__________________

(١) أنوار التنزيل : ج ٢ ص ٤٦٠.

٦٨

إِلاَّ هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ »(١) قال نزلت هذه الآية في فلان وفلان وأبي عبيدة الجراح وعبد الرحمن بن عوف وسالم مولى أبي حذيفة والمغيرة بن شعبة حيث كتبوا الكتاب بينهم وتعاهدوا وتوافقوا لئن مضى محمد لا تكون الخلافة في بني هاشم ولا النبوة أبدا فأنزل الله عز وجل فيهم هذه الآية قال قلت قوله عز وجل : «أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ »(٢) قال وهاتان الآيتان نزلتا فيهم ذلك اليوم قال أبو عبد الله عليه‌السلام لعلك ترى أنه كان يوم يشبه يوم كتب الكتاب إلا يوم قتل الحسين عليه‌السلام وهكذا كان في سابق علم الله عز وجل الذي أعلمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن إذا كتب الكتاب قتل الحسين وخرج الملك من بني هاشم فقد كان ذلك كله قلت «وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ »(٣) قال الفئتان إنما جاء تأويل هذه الآية يوم البصرة وهم أهل هذه الآية وهم الذين بغوا على أمير المؤمنين عليه‌السلام فكان الواجب عليه قتالهم وقتلهم حتى يفيئوا إلى أمر الله

وتخصيص العددين إما لخصوص الواقعة ، فإن الآية نزلت في تناجي المنافقين ، أو لأن الله وتر ، يحب الوتر والثلاثة أول الأوتار أو لأن التشاور لا بد له من اثنين يكونان كالمتنازعين ، وثالث يتوسط بينهما «وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ » ولا أقل مما ذكر كالواحد والاثنين «وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ » يعلم ما يجري بينهم «أَيْنَ ما كانُوا » فإن علمه بالأشياء ليس لقرب مكاني ، حتى يتفاوت باختلاف الأمكنة «ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ » تفضيحا لهم وتقريرا لما يستحقونه من الجزاء «إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ » لأن نسبة ذاته المقتضية للعلم إلى الكل على السواءقوله عليه‌السلام: « قال الفئتان » تفسير للطائفتين.

__________________

(١) سورة المجادلة : ٧.

(٢) سورة الزخرف : ٧٩ ـ ٨٠.

(٣) سورة الحجرات : ٩.

٦٩

ولو لم يفيئوا لكان الواجب عليه فيما أنزل الله أن لا يرفع السيف عنهم حتى يفيئوا ويرجعوا عن رأيهم لأنهم بايعوا طائعين غير كارهين وهي الفئة الباغية كما قال الله تعالى فكان الواجب على أمير المؤمنين عليه‌السلام أن يعدل فيهم حيث كان ظفر بهم كما عدل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أهل مكة إنما من عليهم وعفا وكذلك صنع أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ بأهل البصرة حيث ظفر بهم مثل ما صنع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ بأهل مكة حذو النعل بالنعل قال قلت قوله عز وجل : «وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى »(١) قال هم أهل البصرة هي المؤتفكة قلت «وَالْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ »(٢) قال أولئك قوم لوط ائتفكت عليهم انقلبت عليهم

قوله عليه‌السلام: « لأنهم بايعوا طائعين » هذا لبيان كفرهم وبغيهم على جميع المذاهب فإن مذهب المخالفين أن مدار وجوب الإطاعة على البيعة فهم بايعوا غير مكرهين ، فإذا نكثوا فهم على مذهبهم أيضا من الباغين.

قوله تعالى : « وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى » فسرها المفسرون بالقرى التي ائتفكت بأهلها ، أي انقلبت ، وهي قرى قوم لوط ، أهواها أي أسقطها بعد أن رفعها فقلبها(٣) وفسرها عليه‌السلام بالبصرة ، وقد ورد في أخبار العامة والخاصة أنها إحدى المؤتفكات.

وفي تفسير علي بن إبراهيم أنها ائتفكت بأهلها مرتين ، وعلى الله تمام الثالثة وتمام الثالثة في الرجعة ،(٤) وفي النهاية وفي حديث أنس « البصرة إحدى المؤتفكات » يعني أنها غرقت مرتين فشبه غرقها بانقلابها(٥) انتهى ، ولا استبعاد في حملها على الحقيقة.

__________________

(١) سورة النجم : ٥٣.

(٢) سورة التوبة : ٧٠.

(٣) مجمع البيان ج ٩ ص ١٨٣.

(٤) تفسير القمّيّ : ج ٢ ص ٣٤٠.

(٥) النهاية : ج ١ ص ٥٦.

٧٠

٢٠٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن عبد الله بن محمد بن عيسى ، عن صفوان بن يحيى ، عن حنان قال سمعت أبي يروي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال كان سلمان جالسا مع نفر من قريش في المسجد فأقبلوا ينتسبون ويرفعون في أنسابهم حتى بلغوا سلمان فقال له عمر بن الخطاب أخبرني من أنت ومن أبوك وما أصلك فقال أنا سلمان بن عبد الله كنت ضالا فهداني الله عز وجل بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وكنت عائلا فأغناني الله بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وكنت مملوكا فأعتقني الله بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله هذا نسبي وهذا حسبي قال فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلمان رضي‌الله‌عنه يكلمهم فقال له سلمان يا رسول الله ما لقيت من هؤلاء جلست معهم فأخذوا ينتسبون ويرفعون في أنسابهم حتى إذا بلغوا إلي قال عمر بن الخطاب من أنت وما أصلك وما حسبك فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فما قلت له يا سلمان قال قلت له أنا سلمان بن عبد الله كنت ضالا فهداني الله عز ذكره بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وكنت عائلا فأغناني الله عز ذكره بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وكنت مملوكا فأعتقني الله عز ذكره بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله هذا نسبي وهذا حسبي ـ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يا معشر قريش إن حسب الرجل دينه ومروءته خلقه وأصله عقله وقال الله عز وجل : «إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ »(١) ثم قال النبي

الحديث الثالث والمائتان : مجهول.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله: « حسب الرجل دينه » الحسب : الشرافة ، ويطلق غالبا على الشرافة الحاصلة من جهة الآباء.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله: « ومروته خلقه » المروءة مهموزة : الإنسانية مشتقة من المرء ، وقد تخفف بالقلب والإدغام.

قوله تعالى : « إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى » أي من آدم وحواء أو خلقنا

__________________

(١) سورة الحجرات : ١١.

٧١

صلى‌الله‌عليه‌وآله لسلمان ليس لأحد من هؤلاء عليك فضل إلا بتقوى الله عز وجل وإن كان التقوى لك عليهم فأنت أفضل.

٢٠٤ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لما ولي علي عليه‌السلام صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إني والله لا أرزؤكم من فيئكم درهما ما قام لي عذق بيثرب فليصدقكم أنفسكم أفتروني مانعا نفسي ومعطيكم قال فقام إليه عقيل فقال له والله لتجعلني وأسود بالمدينة سواء فقال اجلس أما كان هاهنا أحد

كل واحد منكم من أب وأم ، فالكل سواء في ذلك ، فلا وجه للتفاخر بالنسب ، وقيل : هو تقرير للأخوة المانعة عن الاغتياب «وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ » الشعب الجمع العظيم المنتسبون إلى أصل واحد ، وهو يجمع القبائل ، والقبيلة تجمع العمائر ، والعمارة تجمع البطون ، والبطن يجمع الأفخاذ ، والفخذ يجمع الفضائل «لِتَعارَفُوا » أي ليعرف بعضكم بعضا لا للتفاخر بالآباء ، والقبائل «إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ » فإن التقوى بها تكمل النفوس ، ويتفاضل الأشخاص فمن أراد شرفا فليلتمس منها.

الحديث الرابع والمائتان : حسن.

قوله عليه‌السلام: « لا أرزؤكم » قال الجوهري : يقال : ما زرأته ماله ، وما رزئته ماله ، أي ما نقصته(١) انتهى ، والفيء : الغنيمة والخراج ، واليثرب مدينة الرسول ، أي ما أنقصكم من غنائمكم وخراجكم ما بقي لي عذق بالفتح ، أي نخلة بالمدينة.

قوله عليه‌السلام: « فليصدقكم أنفسكم » يقال : صدقه الحديث أي قال له صدقا أي ارجعوا إلى أنفسكم ، وأنصفوا وليقل أنفسكم لكم صدقا في ذلك.

قوله عليه‌السلام: « الله » بالكسر أي والله.

__________________

(١) الصحاح ج ١ ص ٥٢.

٧٢

يتكلم غيرك وما فضلك عليه إلا بسابقة أو بتقوى.

٢٠٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على الصفا فقال يا بني هاشم يا بني عبد المطلب إني رسول الله إليكم وإني شفيق عليكم وإن لي عملي ولكل رجل منكم عمله لا تقولوا إن محمدا منا وسندخل مدخله فلا والله ما أوليائي منكم ولا من غيركم يا بني عبد المطلب إلا المتقون ألا فلا أعرفكم يوم القيامة تأتون تحملون الدنيا على ظهوركم ويأتون الناس يحملون الآخرة ألا إني قد أعذرت إليكم فيما بيني وبينكم وفيما بيني وبين الله عز وجل فيكم.

٢٠٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال رأيت كأني على رأس جبل والناس يصعدون إليه من كل جانب حتى إذا كثروا عليه تطاول بهم في السماء وجعل الناس يتساقطون عنه من كل جانب حتى لم يبق منهم أحد

قوله عليه‌السلام: « إلا بسابقة أو بتقوى » أي وأنت عارضهما ، وليس الفضل بالنسب حتى تفتخر به ، أو المراد أن الفضل لا يكون إلا بهما وهما لا يصلحان سببا لتوفير الفيء.

الحديث الخامس والمائتان : ضعيف.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله: « أفلا أعرفكم » استفهام إنكاري أي بلى أعرفكم كذلك ، وفي بعض النسخ [ إلا فلا أعرفكم ] أي لا تكونوا كذلك حتى أعرفكم في ذلك اليوم هكذا.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله: « قد أعذرت إليكم » يقال : أعذر إليه أي أبدى عذره وأثبته.

الحديث السادس والمائتان : صحيح.

قوله عليه‌السلام: « وجعل الناس يتساقطون عنه » لعله إشارة إلى الفتن التي

٧٣

إلا عصابة يسيرة ففعل ذلك خمس مرات في كل ذلك يتساقط عنه الناس ويبقى تلك العصابة أما إن قيس بن عبد الله بن عجلان في تلك العصابة قال فما مكث بعد ذلك إلا نحوا من خمس حتى هلك.

٢٠٧ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن حماد بن عثمان قال حدثني أبو بصير قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول إن رجلا كان على أميال من المدينة فرأى في منامه فقيل له انطلق فصل على أبي جعفر عليه‌السلام فإن الملائكة تغسله في البقيع فجاء الرجل فوجد أبا جعفر عليه‌السلام قد توفي.

٢٠٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قوله تعالى «وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها »(١) بمحمد هكذا والله نزل بها ـ جبرئيل عليه‌السلام على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

حدثت بعده ، صلوات الله عليه في الشيعة فارتدواقوله عليه‌السلام: « أما إن قيس بن عبد الله ابن عجلان » أقول : روى الكشي ، عن حمدويه بن نصير ، عن محمد بن عيسى ، عن النضر ، مثله ، وفيه أما إن ميسر بن عبد العزيز وعبد الله بن عجلان في تلك العصابة ، فما مكث بعد ذلك إلا نحوا من سنتين حتى هلك صلوات الله عليه(٢) وقيس غير مذكور في كتب الرجال.

الحديث السابع والمائتان : صحيح وضميرعنه راجع إلى أحمد.

الحديث الثامن والمائتان : مرسل.

ورواه العياشي عن محمد بن سليمان الديلمي ، عن أبيه(٣) ، ولعلهما سقطا في هذا السند ، وفي بعض النسخ هكذا وهو الظاهر.

قوله تعالى : « عَلى شَفا حُفْرَةٍ » أي طرفها ومشرفا على السقوط فيها بسبب الكفر والمعاصي.

__________________

(١) سورة آل عمران : ١٠٣.

(٢) رجال الكشّيّ. ج ٢ ص ٥١٢.

(٣) تفسير العيّاشيّ : ج ١ ص ١٩٤.

٧٤

٢٠٩ ـ عنه ، عن أبيه ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن يونس بن ظبيان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام «لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ »(١) هكذا فاقرأها.

٢١٠ ـ عنه ، عن أبيه ، عن علي بن أسباط ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام «وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ » وسلموا للإمام تسليما «أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ » رضا له «ما فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ » أن أهل الخلاف «فَعَلُوا

الحديث التاسع والمائتان : ضعيف.

قوله تعالى : « لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ » لن تبلغوا حقيقة البر الذي هو كمال الخير أو لن تنالوا بر الله الذي هو الرحمة والرضا والجنة «حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ » كذا فيما روي من القراءات أي من بعض ما تحبون من المال أو ما يعمه وغيره ، كبذل الجاه في معاونة الناس ، والبدن في طاعة الله ، أو المهجة في سبيله ، وقيل « من » للتبيين ، وفي أكثر نسخ الكتاب [ ما تحبون ] أي جميع ما تحبون ، وقال عليه‌السلامهكذا فاقرأها ، وهذا يدل على جواز التلاوة على غير القراءات المشهورة ، والأحوط عدم التعدي عنها ، لتواتر تقرير الأئمة عليهم‌السلام أصحابهم على القراءات المشهورة ، وأمرهم بقراءتهم كذلك ، والعمل بها حتى يظهر القائم عليه‌السلام.

الحديث العاشر والمائتان : حسن أو موثق.

قوله تعالى : « أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ » أي عرضوا أنفسكم للقتل بالجهاد ، أو اقتلوها كما قتل بنو إسرائيل ، وأن مصدرية أو مفسرة ، لأن « كتبنا » ، في معنى أمرنا.

قوله عليه‌السلام: « وسلموا » ظاهر الخبر أنه كان داخلا في الآية في قرآنهم عليهم‌السلام ويحتمل أن يكون من كلامه عليه‌السلام إضافة للتفسير ، أي المراد بالقتل القتل الذي يكون في أمر التسليم للإمام عليه‌السلام ، والاحتمالان جاريان فيما يذكر بعد ذلك.

قوله عليه‌السلام: « رضى له » أي يكون خروجكم لرضا الإمام عليه‌السلام ، أو على وفق رضاه عليه‌السلام« ولو أن أهل الخلاف » على الاحتمال الثاني بيان لمرجع ضمير « هم »

__________________

(١) سورة آل عمران : ٩٢.

٧٥

ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً »(١) وفي هذه الآية «ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ » من أمر الوالي و «يُسَلِّمُوا » لله الطاعة «تَسْلِيماً »(٢) .

٢١١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبي جنادة الحصين بن المخارق بن عبد الرحمن بن ورقاء بن حبشي بن جنادة السلولي صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام في قول الله عز وجل : «أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ » فقد سبقت عليهم كلمة الشقاء وسبق لهم العذاب «وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً »(٣)

في قوله تعالى : «وَلَوْ أَنَّهُمْ ».

قوله تعالى : « وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً » أي في دينهم ، لأنه أشد لتحصيل العلم ، ونفي الشك أو تثبيتا لثواب أعمالهم ونصبه على التميز.

قوله عليه‌السلام: « الطاعة » أي لله أو للإمام عليه‌السلام

الحديث الحادي عشر والمائتان : مجهول.

قوله تعالى : « أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ » أي من النفاق ، فلا يغني عنهم الكتمان والحلف الكاذب من العقاب «فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ » أي عن عقابهم ، لمصلحة في استبقائهم أو عن قبول معذرتهم ، كذا قيل.

قوله عليه‌السلام: « فقد سبقت عليهم كلمة الشقاء » ظاهر الخبر أن هاتين الفقرتين كانتا داخلتين في الآية ويحتمل أن يكون عليه‌السلام أو ردهما للتفسير ، أي إنما أمر تعالى بالإعراض عنهم ، لسبق كلمة الشقاء عليهم ، أي علمه تعالى بشقائهم ، وسبق تقدير العذاب لهم ، لعلمه بأنهم يصيرون أشقياء بسوء اختيارهم ، ولعل الأمر بالإعراض لعدم المبالغة والاهتمام في دعوتهم ، والحزن على عدم قبولهم ، أو جبرهم على الإسلام ، ثم أمر تعالى بموعظتهم لإتمام الحجة عليهم فقال : «وَعِظْهُمْ » أي بلسانك وكفهم عما هم عليه ، وتركه في الخبر إما من النساخ أو لظهوره ، أو لعدمه في مصحفهم عليهم‌السلامقوله تعالى : « وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ » أي في معنى أنفسهم أو خاليا بهم

__________________

(١) سورة النساء : ٦٦.

(٢) سورة النساء : ٦٤.

(٣) سورة النساء : ٦٣ وفي المصحف «وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً بَلِيغاً. ».

٧٦

٢١٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن بريد بن معاوية قال تلا أبو جعفر عليه‌السلام : «أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ »(١) فإن خفتم تنازعا في الأمر فأرجعوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منكم ثم قال كيف يأمر بطاعتهم ويرخص في منازعتهم إنما قال ذلك للمأمورين الذين قيل لهم : «أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ».

( حديث قوم صالح عليه‌السلام )

٢١٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سأل جبرئيل عليه‌السلام كيف كان مهلك قوم صالح عليه‌السلام فقال يا محمد إن صالحا بعث إلى قومه وهو ابن ست عشرة سنة فلبث فيهم حتى بلغ

فإن النصح في السر أنجع «قَوْلاً بَلِيغاً » أي يبلغ منهم ويؤثر فيهم.

الحديث الثاني عشر والمائتان : حسن.

قوله عليه‌السلام: « فإن خفتم تنازعا » ظاهره أنها هكذا نزلت ، ويحتمل أن يكون الغرض تفسير الآية بأنه ليس المراد تنازع الرعية وأولي الأمر ، كما ذهب إليه أكثر المفسرين ، بل هو خطاب للمأمورين الذين قيل لهم «أَطِيعُوا اللهَ » أي إن اشتبه عليكم أمر وخفتم فيه تنازعا ، لعدم علمكم به ، «فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ » والرد إلى أولي الأمر أيضا داخل في الرد إلى الرسول ، لأنهم إنما أخذوا علمهم عنه ، وظاهر كثير من الأخبار أن قوله : «وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ » كان مثبتا هيهنا فأسقط.

حديث قوم صالح عليه‌السلام

الحديث الثالث عشر والمائتان : حسن.

قوله عليه‌السلام: « إلى ظهرهم » أي إلى ظهر بلدهم.

__________________

(١) سورة النساء : ٥٩.

٧٧

عشرين ومائة سنة لا يجيبونه إلى خير قال وكان لهم سبعون صنما يعبدونها من دون الله عز وجل فلما رأى ذلك منهم قال يا قوم بعثت إليكم وأنا ابن ست عشرة سنة وقد بلغت عشرين ومائة سنة وأنا أعرض عليكم أمرين إن شئتم فاسألوني حتى أسأل إلهي فيجيبكم فيما سألتموني الساعة وإن شئتم سألت آلهتكم فإن أجابتني بالذي أسألها خرجت عنكم فقد سئمتكم وسئمتموني قالوا قد أنصفت يا صالح فاتعدوا ليوم يخرجون فيه قال فخرجوا بأصنامهم إلى ظهرهم ثم قربوا طعامهم وشرابهم فأكلوا وشربوا فلما أن فرغوا دعوه.

فقالوا يا صالح سل فقال لكبيرهم ما اسم هذا قالوا فلان فقال له صالح يا فلان أجب فلم يجبه فقال صالح ما له لا يجيب قالوا ادع غيره قال فدعاها كلها بأسمائها فلم يجبه منها شيء فأقبلوا على أصنامهم فقالوا لها ما لك لا تجيبين صالحا فلم تجب فقالوا تنح عنا ودعنا وآلهتنا ساعة ثم نحوا بسطهم وفرشهم ونحوا ثيابهم وتمرغوا على التراب وطرحوا التراب على رءوسهم وقالوا لأصنامهم لئن لم تجبن صالحا اليوم لتفضحن قال ثم دعوه فقالوا يا صالح ادعها فدعاها فلم تجبه فقال لهم يا قوم قد ذهب صدر النهار ولا أرى آلهتكم تجيبوني فاسألوني حتى أدعو إلهي فيجيبكم الساعة فانتدب له منهم سبعون رجلا من كبرائهم والمنظور

قوله عليه‌السلام: « لكبيرهم » أي لكبير الأصنام بناء على زعمهم ، حيث يعدونها من ذوي العقول.

قوله عليه‌السلام: « فانتدب » على البناء الفاعل ، قال الجوهري : ندبه الأمر فانتدب له أي دعاه له فأجاب(١) .

قوله عليه‌السلام: « شقراء » أي شديدة الحمرة(٢) وبراء أي كثير الوبر(٣) عشراء

__________________

(١) الصحاح ج ١ ص ٢٢٣.

(٢) المصباح ج ٢ ص ٣٨٥.

(٣) نفس المصدر ج ٢ ص ٣٦٢.

٧٨

إليهم منهم فقالوا يا صالح نحن نسألك فإن أجابك ربك اتبعناك وأجبناك ويبايعك جميع أهل قريتنا فقال لهم صالح عليه‌السلام سلوني ما شئتم فقالوا تقدم بنا إلى هذا الجبل وكان الجبل قريبا منهم فانطلق معهم صالح فلما انتهوا إلى الجبل قالوا يا صالح ادع لنا ربك يخرج لنا من هذا الجبل الساعة ناقة حمراء شقراء وبراء عشراء بين جنبيها ميل فقال لهم صالح لقد سألتموني شيئا يعظم علي ويهون على ربي جل وعز قال فسأل الله تعالى صالح ذلك فانصدع الجبل صدعا كادت تطير منه عقولهم لما سمعوا ذلك ثم اضطرب ذلك الجبل اضطرابا شديدا كالمرأة إذا أخذها المخاض ثم لم يفجأهم إلا رأسها قد طلع عليهم من ذلك الصدع فما استتمت رقبتها حتى اجترت ـ ثم خرج سائر جسدها ثم استوت قائمة على الأرض فلما رأوا ذلك قالوا يا صالح ما أسرع ما أجابك ربك ادع لنا ربك يخرج لنا فصيلها فسأل الله عز وجل ذلك فرمت به فدب حولها فقال لهم يا قوم أبقي شيء قالوا لا انطلق بنا إلى قومنا نخبرهم بما رأينا ويؤمنون بك قال فرجعوا فلم يبلغ السبعون إليهم حتى ارتد منهم أربعة وستون رجلا وقالوا سحر وكذب قالوا فانتهوا إلى الجميع فقال الستة حق وقال الجميع كذب وسحر قال فانصرفوا على ذلك ثم ارتاب من الستة واحد فكان فيمن عقرها.

أي أتى على حملها عشرة أشهر.

قوله عليه‌السلام: « بين جنبيها ميل » أي يكون عرضها قدر ميل ، أي ثلث فرسخقوله عليه‌السلام: « ثم لم يفجأهم » أي لم يظهر لهم فجأة شيء « إلا رأسها ».

قوله عليه‌السلام: « حتى اجترت » الاجترار : هو ما يفعله بعض الدواب من إخراجها ما في بطنها مضغة وابتلاعه ثانيا.

قوله عليه‌السلام: « فانتهوا إلى الجميع » قال الجوهري(١) : الجميع : ضد المتفرق

__________________

(١) الصحاح ج ٣ ص ١٢٠٠.

٧٩

قال ابن محبوب فحدثت بهذا الحديث رجلا من أصحابنا يقال له سعيد بن يزيد فأخبرني أنه رأى الجبل الذي خرجت منه بالشام قال فرأيت جنبها قد حك الجبل فأثر جنبها فيه وجبل آخر بينه وبين هذا ميل.

٢١٤ ـ علي بن محمد ، عن علي بن العباس ، عن الحسن بن عبد الرحمن ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قلت له : «كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ »(١) قال هذا كان بما كذبوا به صالحا وما أهلك الله عز وجل قوما قط حتى يبعث إليهم قبل ذلك الرسل فيحتجوا عليهم فبعث الله إليهم صالحا فدعاهم إلى الله فلم يجيبوا وعتوا عليه وقالوا لن نؤمن لك حتى تخرج لنا من هذه الصخرة ناقة عشراء وكانت الصخرة يعظمونها ويعبدونها ويذبحون عندها في رأس كل سنة ويجتمعون عندها فقالوا له إن كنت كما تزعم نبيا رسولا فادع لنا إلهك حتى تخرج لنا من هذه الصخرة الصماء ناقة عشراء فأخرجها الله كما طلبوا منه.

والجميع الجيش ، والجميع الحي المجتمع.

قوله : « وجبل آخر » والحاصل أنه رأى جبلين بينهما قدر ميل بقدر عرض البعير ، وكان في كل من الجبلين أثر جنبها.

الحديث الرابع عشر والمائتان : ضعيف.

قوله تعالى : « كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ » قال البيضاوي(٢) : بالإنذارات أو المواعظ أو الرسل «فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا » من جنسنا وجملتنا لا فضل له علينا ، وانتصابه بفعل يفسره ما بعده «واحِداً » منفردا لا تبع له أو من آحادهم دون أشرافهم «نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ » جمع سعير كأنهم عكسوا عليه فرتبوا على اتباعهم إياه ما رتبه على ترك اتباعهم له وقيل : السعر الجنون ، ومنه ناقة مسعورة «أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ » الكتاب والوحي «عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا » وفينا من هو أحق منه بذلك «بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ » حمله

__________________

(١) سورة القمر : ٢٤ ـ ٢٦.

(٢) أنوار التنزيل : ج ٢ ص ٤٣٧.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

المتاع هل يصلح للمشتري ما في الدار من المتاع أي شيء هو فوقععليه‌السلام يصلح له ما أحاط الشراء بجميع ذلك إن شاء الله.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن حريز ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في أربعة شهدوا على رجل محصن بالزنى فعدل منهم اثنان ولم يعدل الآخران فقال إذا كانوا أربعة من المسلمين ليس يعرفون بشهادة الزور أجيزت شهادتهم جميعا وأقيم الحد على الذي شهدوا عليه إنما عليهم أن يشهدوا بما أبصروا وعلموا وعلى الوالي أن يجيز شهادتهم إلا أن يكونوا معروفين بالفسق.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسين بن سيف ، عن محمد بن سليمان ، عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام قال قلت له كيف صار الزوج إذا قذف امرأته كانت شهادته أربع «شَهاداتٍ بِاللهِ » وكيف لا يجوز ذلك لغيره وصار إذا قذفها غير الزوج جلد الحد ولو كان ولدا أو أخا فقال قد سئل [ ابو ] جعفرعليه‌السلام عن هذا فقال ألا ترى أنه إذا قذف الزوج امرأته قيل له وكيف علمت أنها فاعلة فإن قال رأيت ذلك منها بعيني كانت شهادته أربع «شَهاداتٍ بِاللهِ » وذلك أنه قد يجوز للرجل أن يدخل المدخل في الخلوة التي لا تصلح لغيره أن يدخلها ولا يشهدها ولد ولا والد في الليل والنهار فلذلك صارت شهادته أربع «شَهاداتٍ

قوله عليه‌السلام : « يصلح له » إذا علم المشتري ما في البيت ولم يعلمه الشاهد أو مع جهالته عند المشتري أيضا لكونه آئلا إلى المعلومية مع انضمامه إلى المعلوم والله يعلم.

الحديث الخامس : صحيح.

واختلف الأصحاب في شهادة من عرف إيمانه ولم يعلم منه فسق ولا عدالة ، فذهب الشيخ في الخلاف مدعيا عليه إجماع الفرقة وابن الجنيد والمفيد إلى أن الأصل فيهم العدالة ، وهذا الخبر يدل على مختارهم ، والأشهر بين المتأخرين عدم الاكتفاء بذلك ، بل يلزم المعاشرة الباطنية أو الشهادة على ذلك ، ومذهب الشيخ لا يخلو من قوة.

الحديث السادس : مجهول. والسند الثاني ضعيف.

٢٦١

بِاللهِ » إذا قال رأيت ذلك بعيني وإذا قال إني لم أعاين صار قاذفا في حد غيره وضرب الحد إلا أن يقيم عليها البينة وإن زعم غير الزوج إذا قذف وادعى أنه رآه بعينه قيل له وكيف رأيت ذلك وما أدخلك ذلك المدخل الذي رأيت فيه هذا وحدك أنت متهم في دعواك وإن كنت صادقا فأنت في حد التهمة فلا بد من أدبك بالحد الذي أوجبه الله عليك قال وإنما صارت شهادة الزوج أربع «شَهاداتٍ بِاللهِ » لمكان الأربعة شهداء مكان كل شاهد يمين.

عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن أسلم ، عن بعض القميين ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام مثله.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن إسماعيل بن أبي حنيفة ، عن أبي حنيفة قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام كيف صار القتل يجوز فيه شاهدان والزنى لا يجوز فيه إلا أربعة شهود والقتل أشد من الزنى فقال لأن القتل فعل واحد والزنى فعلان فمن ثم لا يجوز إلا أربعة شهود على الرجل شاهدان وعلى المرأة شاهدان.

ورواه بعض أصحابنا عنه قال فقال لي ما عندكم يا أبا حنيفة قال قلت ما عندنا فيه إلا حديث عمر أن الله أخذ في الشهادة كلمتين على العباد قال فقال لي ليس كذلك يا أبا حنيفة ولكن الزنى فيه حدان ولا يجوز إلا أن يشهد كل اثنين على واحد لأن الرجل والمرأة جميعا عليهما الحد والقتل إنما يقام على القاتل ويدفع عن المقتول.

٨ ـ الحسين بن محمد ، عن السياري ، عن محمد بن جمهور عمن حدثه ، عن ابن أبي يعفور قال لزمته شهادة فشهد بها عند أبي يوسف القاضي فقال أبو يوسف ما عسيت أن أقول فيك يا ابن أبي يعفور وأنت جاري ما علمتك إلا صدوقا طويل الليل ولكن تلك الخصلة قال وما هي قال ميلك إلى الترفض فبكى ابن أبي يعفور حتى سالت دموعه ثم قال يا أبا يوسف تنسبني إلى قوم أخاف أن لا أكون منهم قال فأجاز شهادته.

الحديث السابع : ضعيف.

الحديث الثامن : ضعيف.

قوله : « تنسبني » لعله لم يفهم مراده.

٢٦٢

٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يحكم في زنديق إذا شهد عليه رجلان عدلان مرضيان وشهد له ألف بالبراءة يجيز شهادة الرجلين ويبطل شهادة الألف لأنه دين مكتوم.

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أتي أمير المؤمنينعليه‌السلام بامرأة بكر زعموا أنها زنت فأمر النساء فنظرن إليها فقلن هي عذراء فقال ما كنت لأضرب من عليها خاتم من الله عز وجل وكان يجيزعليه‌السلام شهادة النساء في مثل هذا.

١١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن سعد الإسكاف قال لا أعلمه إلا قال ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قد كان في بني إسرائيل عابد فأعجب له داودعليه‌السلام فأوحى الله عز وجل إليه لا يعجبك شيء من أمره فإنه مراء قال فمات الرجل فأتي داودعليه‌السلام وقيل له مات الرجل فقال داودعليه‌السلام ادفنوا صاحبكم قال فأنكرت بنو إسرائيل وقالوا كيف لم يحضره قال فلما غسل قام خمسون رجلا فشهدوا بالله ما يعلمون منه إلا خيرا قال فلما صلوا عليه قام خمسون آخرون فشهدوا بالله ما يعلمون إلا خيرا فلما دفنوه قام خمسون فشهدوا بالله ما يعلمون

الحديث التاسع : ضعيف.

وحمل على ما إذا لم تتعارض الشهادة بأن وقعا على زمان واحد.

الحديث العاشر : ضعيف على المشهور.

وحمل على ما إذا لم يصرح الشهود بكونها في الدبر ، ومع الإطلاق إشكال ، وقال في الشرائع : إذا شهد أربعة على امرأة بالزنا قبلا فادعت أنها بكر فشهد لها أربع نساء فلا حد ، وهل يحد الشهود للفرية؟ قال في النهاية : نعم. وقال في المبسوط لا لاحتمال الشبهة في المشاهدة ، والأول أشبه.

الحديث الحادي عشر : مختلف فيه.

٢٦٣

منه إلا خيرا فأوحى الله عز وجل إلى داودعليه‌السلام ما منعك أن تشهد فلانا فقال داودعليه‌السلام يا رب للذي أطلعتني عليه من أمره قال فأوحى الله عز وجل إليه أن ذلك كذلك ولكنه قد شهد قوم من الأحبار والرهبان ما يعلمون منه إلا خيرا فأجزت شهادتهم عليه وغفرت له علمي فيه.

هذا آخر كتاب الشهادات من الكافي تأليف أبي جعفر محمد بن يعقوب الكلينيرحمه‌الله ويتلوه كتاب القضاء والأحكام إن شاء الله تعالى.

قوله عليه‌السلام : « علمي فيه » أي ما علمت فيه.

تم كتاب الشهادة ويتلوه إن شاء الله تعالى كتاب القضاء والأحكام.

٢٦٤

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب القضاء والأحكام

( باب )

( أن الحكومة إنما هي للإمامعليه‌السلام )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن عيسى ، عن أبي عبد الله المؤمن ، عن ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال اتقوا الحكومة فإن الحكومة إنما هي للإمام العالم بالقضاء العادل في المسلمين لنبي أو وصي نبي.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبد الله بن جبلة ، عن أبي جميلة ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام لشريح يا شريح قد جلست مجلسا لا يجلسه إلا نبي أو وصي نبي أو شقي.

كتاب القضاء والأحكام

باب أن الحكومة إنما هي للإمامعليه‌السلام

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

ولا يخفى أن هذه الأخبار تدل بظواهرها على عدم جواز القضاء لغير المعصوم ، ولا ريب أنهمعليهم‌السلام كان يبعثون القضاة إلى البلاد ، فلا بد من حملها على أن القضاء بالأصالة لهم ، ولا يجوز لغيرهم تصدي ذلك إلا بإذنهم ، وكذا فيقوله عليه‌السلام : « لا يجلسه إلا نبي » أي بالأصالة ، والحاصل أن الحصر إضافي بالنسبة إلى من جلس فيها بغير إذنهم ونصبهمعليهم‌السلام .

الحديث الثاني : ضعيف.

٢٦٥

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لما ولى أمير المؤمنين صلوات الله عليه شريحا القضاء اشترط عليه أن لا ينفذ القضاء حتى يعرضه عليه.

( باب )

( أصناف القضاة )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه رفعه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال القضاة أربعة ثلاثة في النار وواحد في الجنة رجل قضى بجور وهو يعلم فهو في النار ورجل قضى بجور وهو لا يعلم فهو في النار ورجل قضى بالحق وهو لا يعلم فهو في النار ورجل قضى بالحق وهو يعلم فهو في الجنة وقالعليه‌السلام الحكم حكمان حكم الله وحكم الجاهلية فمن أخطأ حكم الله حكم بحكم الجاهلية.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون

ويحتمل أن يكون الغرض بيان صعوبة القضاء وأنه لغير المعصوم غالبا يستلزم الشقاء ، أو بيان أنه من زمن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى هذا الزمان ما جلس فيه إلا هذه الثلاثة الأصناف ويؤيده ما في الفقيه « ما جلسه ».

الحديث الثالث : حسن.

باب أصناف القضاة

الحديث الأول : مرفوع.

قوله عليه‌السلام : « فمن أخطأ » بلا دليل معتبر شرعا لتقصيره أو مع علمه ببطلانه فلا ينافي كون المجتهد المخطئ الغير المقصر مصيبا ، ولا يبعد أن يكون الغرض بيان أن كون الحكم مطابقا للواقع لا ينفع في كونه حقا ، بل لا بد من أخذه من مأخذ شرعي ، فمن لم يأخذ منه فقد حكم بحكم الجاهلية ، وإن كان مطابقا للواقع.

الحديث الثاني : موثق.

٢٦٦

عن أبي بصير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال الحكم حكمان حكم الله وحكم الجاهلية وقد قال الله عز وجل : «وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ » واشهدوا على زيد بن ثابت لقد حكم في الفرائض بحكم الجاهلية.

( باب )

( من حكم بغير ما أنزل الله عز وجل )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة ، عن صباح الأزرق ، عن حكم الحناط ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام وحكم ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قالا من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله عز وجل ممن له سوط أو عصا فهو كافر بما أنزل الله عز وجل على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن حمران ، عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله عز وجل فهو كافر بالله العظيم.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن بعض أصحابنا ، عن عبد الله بن كثير ، عن عبد الله بن مسكان رفعه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من حكم في درهمين بحكم جور ثم جبر عليه كان من أهل هذه الآية : «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ »(١) فقلت وكيف يجبر عليه فقال يكون له سوط وسجن فيحكم

قوله : « قد قال الله عز وجل » قال الوالدرحمه‌الله كأنه سقط صدر الآية «أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ » فإن الظاهر أن الاستشهاد بالآية يقع بالجزئين لبيان الحصر.

باب من حكم بغير ما أنزل عز وجل

الحديث الأول : مجهول.

الحديث الثاني : مجهول.

الحديث الثالث : مرفوع.

__________________

(١) سورة المائدة ـ الآية ـ ٥٠.

٢٦٧

عليه فإذا رضي بحكومته وإلا ضربه بسوطه وحبسه في سجنه.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن عيسى ، عن أبي عبد الله المؤمن ، عن معاوية بن وهب قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول أي قاض قضى بين اثنين فأخطأ سقط أبعد من السماء.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن داود بن فرقد قال حدثني رجل ، عن سعيد بن أبي الخضيب البجلي قال كنت مع ابن أبي ليلى مزامله حتى جئنا إلى المدينة فبينا نحن في مسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ دخل جعفر بن محمدعليه‌السلام فقلت لابن أبي ليلى تقوم بنا إليه فقال وما نصنع عنده فقلت نسائله ونحدثه فقال قم فقمنا إليه فساءلني عن نفسي وأهلي ثم قال من هذا معك فقلت ابن أبي ليلى قاضي المسلمين فقال له أنت ابن أبي ليلى قاضي المسلمين قال نعم قال تأخذ مال هذا فتعطيه هذا وتقتل وتفرق بين المرء وزوجه لا تخاف في ذلك أحدا قال نعم قال فبأي شيء تقضي قال بما بلغني عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعن عليعليه‌السلام وعن أبي بكر وعمر قال فبلغك عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال إن علياعليه‌السلام أقضاكم قال نعم قال فكيف تقضي بغير قضاء عليعليه‌السلام وقد بلغك هذا فما تقول إذا جيء بأرض من فضة وسماء من فضة ثم أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيدك فأوقفك بين يدي ربك فقال يا رب إن هذا قضى بغير ما قضيت قال فاصفر وجه ابن أبي ليلى حتى عاد مثل الزعفران ثم قال لي التمس لنفسك زميلا والله لا أكلمك من رأسي كلمة أبدا.

الحديث الرابع : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « سقط » أي من درجة قربه وكماله أو درجاته في الجنة أو يلحقه الضرر الأخروي ، مثل ما يلحق الضرر الدنيوي من سقط من السماء.

الحديث الخامس : مجهول.

قوله : « لا أكلمك » لعله قال ذلك غضبا وغيظا على سعيد ، حيث جاء به إليهعليه‌السلام أو أنه ندم عن الفتوى والحكم ، وقال : لا أفتيك بشيء بعد ذلك ، والأول أظهر.

٢٦٨

( باب )

( أن المفتي ضامن )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال كان أبو عبد اللهعليه‌السلام قاعدا في حلقة ربيعة الرأي فجاء أعرابي فسأل ربيعة الرأي عن مسألة فأجابه فلما سكت قال له الأعرابي أهو في عنقك فسكت عنه ربيعة ولم يرد عليه شيئا فأعاد عليه المسألة فأجابه بمثل ذلك فقال له الأعرابي أهو في عنقك فسكت ربيعة فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام هو في عنقه قال أو لم يقل وكل مفت ضامن.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي عبيدة قال قال أبو جعفرعليه‌السلام من أفتى الناس «بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً » من الله لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ولحقه وزر من عمل بفتياه.

( باب )

( أخذ الأجرة والرشا على الحكم )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان قال سئل

باب أن المفتي ضامن

ولا شك في ضمانه في الآخرة ، وأما في الدنيا ففيه إشكال ، إلا أن يكون حاكما ،الحديث الأول : حسن.

الحديث الثاني : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « بغير علم » يمكن أن يكون المراد بالعلم ما يكون للمعصوم ، وبالهدي ما يكون لغيرهم ، ممن يأخذ منهم أو بالعكس أو بالعلم ، القطعي ، وبالهدي ، الظن الشرعي ، ويحتمل أن يكون الترديد لمحض التأكيد.

باب أخذ الأجرة والرشى على الحكم

الحديث الأول : حسن.

٢٦٩

أبو عبد اللهعليه‌السلام عن قاض بين قريتين يأخذ من السلطان على القضاء الرزق فقال ذلك السحت.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الرشا في الحكم هو الكفر بالله.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن يزيد بن فرقد قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن السحت فقال هو الرشا في الحكم.

وحمل على الأجرة ، والمشهور جواز الارتزاق من بيت المال.

قال في المسالك : إن تعين عليه بتعيين الإمام أو بعدم قيام أحد غيره حرم عليه أخذ الأجرة عليه ، وإن لم يتعين عليه فإن كان له غنى عنه لم يجز أيضا ، وإلا جاز ، وقيل : يجوز مع عدم التعين مطلقا ، وقيل : يجوز مع الحاجة مطلقا ، ومن الأصحاب من جوز أخذ الأجرة عليه مطلقا ، والأصح المنع مطلقا ، إلا من بيت المال على جهة الارتزاق فيقيد بنظر الحاكم.

الحديث الثاني : موثق.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

قوله : « عن البخس » كذا في نسخ الكتاب ، والبخس النقص والظلم ، ويحتمل أن يكون السؤال عن البخس الذي ذكره الله تعالى في آية المداينة حيث قال : «وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً » فيكون(١) موافقا لما ذهب إليه بعض المفسرين من أن الضمير في قوله : «وَلْيَتَّقِ اللهَ » وفي قوله : «وَلا يَبْخَسْ » راجعان إلى الكاتب فالمعنى لا يأخذ الكاتب الرشوة في الكتابة ، فينقص من المال ما أخذ أو بسببه ، ويحتمل أن يكون تفسيرا لقوله تعالى : «وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ »(٢) والأول أظهر وفي نسخ التهذيب عن السحت ، وهو ظاهر ، والمعنى أنه فرد منه.

__________________

(١) سورة البقرة الآية ـ ٢٨٢.

(٢) سورة الشعراء الآية ـ ١٨٣.

٢٧٠

( باب )

( من حاف في الحكم )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام يد الله فوق رأس الحاكم ترفرف بالرحمة فإذا حاف وكله الله إلى نفسه.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال كان في بني إسرائيل قاض كان يقضي بالحق فيهم فلما حضره الموت قال لامرأته إذا أنا مت فاغسليني وكفنيني وضعيني على سريري وغطي وجهي فإنك لا ترين سوءا فلما مات فعلت ذلك ثم مكثت بذلك حينا ثم إنها كشفت عن وجهه لتنظر إليه فإذا هي بدودة تقرض منخره ففزعت من ذلك فلما كان الليل أتاها في منامها فقال لها أفزعك ما رأيت قالت أجل لقد فزعت فقال لها أما لئن كنت فزعت ما كان الذي رأيت إلا في أخيك فلان أتاني ومعه خصم له فلما جلسا إلي قلت اللهم اجعل الحق له ووجه القضاء على صاحبه فلما اختصما إلي كان الحق له ورأيت ذلك بينا في القضاء فوجهت القضاء له على صاحبه فأصابني ما رأيت لموضع هواي كان مع موافقة الحق

باب من حاف في الحكم

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

وقال في النهاية : فيه« رفرفت الرحمة فوق رأسه » يقال : رفرف الطائر بجناحيه إذا بسطهما عند السقوط على الشيء يحوم عليه ليقع فوقه.

الحديث الثاني : حسن كالصحيح.

٢٧١

( باب )

( كراهية الجلوس إلى قضاة الجور )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بعض أصحابنا ، عن محمد بن مسلم قال مر بي أبو جعفر وأبو عبد اللهعليه‌السلام وأنا جالس عند قاض بالمدينة فدخلت عليه من الغد فقال لي ما مجلس رأيتك فيه أمس قال قلت له جعلت فداك إن هذا القاضي لي مكرم فربما جلست إليه فقال لي وما يؤمنك أن تنزل اللعنة فتعم من في المجلس.

( باب )

( كراهية الارتفاع إلى قضاة الجور )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أيما مؤمن قدم مؤمنا في خصومة إلى قاض أو سلطان جائر فقضى عليه بغير حكم الله فقد شركه في الإثم.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن يزيد بن إسحاق ، عن هارون بن حمزة الغنوي ، عن حريز ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أيما رجل كان بينه وبين أخ له مماراة في حق فدعاه إلى رجل من إخوانه ليحكم بينه وبينه فأبى إلا أن يرافعه

باب كراهية الجلوس إلى قضاة الجور

الحديث الأول : مرسل.

ويدل على تحريم مجالسة حكام الجور لا سيما القضاة كما قيل.

قال في الدروس : حرم الحلبي مجالسة حكام الجور لرواية محمد بن مسلم.

باب كراهية الارتفاع إلى قضاة الجور

الحديث الأول : صحيح.

الحديث الثاني : صحيح على الظاهر.

٢٧٢

إلى هؤلاء كان بمنزلة الذين قال الله عز وجل : «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا

قوله تعالى : « أَلَمْ تَرَ »(١) روي أنه كان في زمن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين يهودي ومنافق خصومة ، فأراد اليهودي أن يرافعه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمنافق إلى كعب بن الأشرف وهو من اليهود ، فنزلت الآية.

قال المحقق الأردبيلي (ره) : أي ألم تعلم أو ألم تعجب من صنع هؤلاء الذين يزعمون أنهم مؤمنون بما أنزل إليك من القرآن وبما أنزل من قبلك من الكتب مثل التوراة والإنجيل ومع ذلك يريدون التحاكم إلى الطاغوت وقد أمرناهم أن يكفروا بها ، في قوله تعالى : «فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ »(٢) وفي مجمع البيان(٣) روى أصحابنا عن السيدين الباقر والصادقعليهما‌السلام « أن المعنى بالطاغوت كل من يتحاكم إليه ممن يحكم بغير الحق » فالآية دالة على تحريم التحاكم بل كفره ، وكأنه يريد مع اعتقاد الحقية والعلم بتحريمه إلى حكام الجور الذين لا يجوز لهم الحكم ، سواء كان جاهلا أو عالما وفاسقا أو مؤمنا أم لا ، وتدل عليه الأخبار أيضا ولا يبعد كون أخذ الحق أو غيره بمعونة الظالم القادر مثل التحاكم إلى الطاغوت ، ولا يكون مخصوصا بإثبات الحكم لوجود المعنى ، وإن كانت الآية مخصوصة به ، وله مزيد قبح ، فإنه يرى أنه يأخذ بأمر نائب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنه حق والظاهر أن تلك المبالغة مخصوصة به ، وقد استثنى أكثر الأصحاب من ذلك صورة التعذر بأن يكون الحق ثابتا بينه وبين الله ، ولا يمكن أخذه إلا بالتحاكم إلى الطاغوت ، وكأنه للشهرة ، ودليل العقل والرواية ، ولكن الاحتياط في عدم ذلك ، للخلاف وعدم حجية الشهرة ، وعدم استقلال العقل وظهور الرواية ، واحتمال اختصاص ذلك بعدم الحاكم

__________________

(١) سورة النساء الآية ـ ٦٠.

(٢) سورة البقرة الآية ـ ٢٥٦.

(٣) المجمع ج ٣ ص ٦٦.

٢٧٣

بِهِ » الآية.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن عبد الله بن بحر ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام قول الله عز وجل في كتابه : «وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ » فقال يا أبا بصير إن الله عز وجل قد علم أن في الأمة حكاما يجورون أما إنه لم يعن حكام أهل العدل ولكنه عنى حكام أهل الجور يا أبا محمد إنه لو كان لك على رجل حق فدعوته إلى حكام أهل العدل فأبى عليك إلا أن يرافعك إلى حكام أهل الجور ليقضوا له لكان ممن حاكم إلى الطاغوت وهو قول الله عز وجل : «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ ».

٤ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن أبي خديجة قال

بالحق مع إمكان الإثبات لو كان كما يشعر به بعض العبارات ، وأما إذا كان الحاكم موجودا بعيدا أو قريبا ، ولا يمكن الإثبات لعدم البينة ، ونحو ذلك ويكون منكرا فلا ، وإلا انتفى فائدة التحاكم إلى الحق ونصب الحاكم ، فيكون لكل ذي حق أن يأخذ حقه على أي وجه أمكنه بنفسه وبالظالم وهو مشكل إذا كان المال أمرا كليا ، نعم لو كان عينا موجودة يمكن جواز أخذها له إن أمكن بغير مفسدة ، ويتحرى ما هو الأقل مفسدة ، وبالجملة لا يخرج عن ظاهر الآية إلا بمثلها في الحجية.

وقال في القاموس :الطاغوت : اللات والعزى ، والكاهن والشيطان ، وكل رأس ضلال والأصنام ، وكل ما عبد من دون الله.

الحديث الثالث : ضعيف.

قوله : « وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ » أي ولا يأكل بعضكم مال بعض بالوجه الذي لم يبحه الله. والأدلاء : الإلقاء ، أي ولا تلقوا حكومتها إلى الحكام لتأكلوا بالتحاكم طائفة من أموال الناس بما يوجب إثما ، كشهادة الزور واليمين الكاذبة أو متلبسين بالإثم ، وأنتم تعلمون أنكم مبطلون.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

٢٧٤

قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام إياكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضائنا فاجعلوه بينكم فإني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن عيسى ، عن صفوان ، عن داود بن الحصين ، عن عمر بن حنظلة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة أيحل ذلك فقال من تحاكم إلى الطاغوت فحكم له فإنما يأخذ سحتا وإن كان حقه ثابتا لأنه أخذ بحكم الطاغوت وقد أمر الله أن يكفر به قلت كيف يصنعان قال انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فارضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما بحكم الله قد استخف وعلينا رد والراد علينا الراد على الله وهو على حد الشرك بالله.

( باب )

( أدب الحكم )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن عمرو بن أبي المقدام

واستدل به على جواز التجزي في الاجتهاد ، وفيه نظر من وجهين :

أحدهما : أن ما سمع الراوي بخصوصه من المعصوم ليس من الاجتهاد في شيء ، ولم يكونوا يحتاجون في تلك الأزمنة إلى الاجتهاد.

وثانيهما : أن من لم يجوز التجزي يقول : لا يحصل العلم المعتبر إلا بالإحاطة بجميع مدارك الأحكام بحسب الطاقة ، ولا يقول بوجوب ترجيح جميع المسائل بالفعل.

الحديث الخامس : موثق.

باب أدب الحكم

الحديث الأول : ضعيف.

٢٧٥

عن أبيه ، عن سلمة بن كهيل قال سمعت عليا صلوات الله عليه يقول لشريح انظر إلى أهل المعك والمطل ودفع حقوق الناس من أهل المقدرة واليسار ممن يدلي بأموال المسلمين إلى الحكام فخذ للناس بحقوقهم منهم وبع فيها العقار والديار فإني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول مطل المسلم الموسر ظلم للمسلم ومن لم يكن له عقار ولا دار ولا مال فلا سبيل عليه واعلم أنه لا يحمل الناس على الحق إلا من ورعهم عن الباطل ثم واس بين المسلمين بوجهك ومنطقك ومجلسك حتى لا يطمع قريبك في حيفك ولا ييأس عدوك من عدلك ورد اليمين على المدعي مع بينة فإن ذلك أجلى للعمى وأثبت في القضاء واعلم أن المسلمين عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا في حد لم يتب منه أو

والمعك والمطل : التسويف بالعدة والدين ،قوله عليه‌السلام : « ورعهم » في بعض النسخ بالزاء المعجمة.

قال في النهاية : « وزعه كفه » ومنعه.قوله عليه‌السلام : « ورد اليمين على المدعي » ربما يحمل هذا على التقية لموافقته لمذاهب بعض العامة ، أو على اختصاص الحكم بشريح ، لعدم استئهاله للقضاء ، أو على ما إذا كان الدعوى على الميت أو مع الشاهد الواحد أو مع دعوى الرد.

قال في المسالك : الأصل في المدعى أن لا يكلف اليمين ، خصوصا إذا أقام البينة ولكن تخلف عنه الحكم بدليل من خارج في صورة رده عليه إجماعا ، ومع نكول المنكر عن اليمين على خلاف.

وبقي الكلام فيما إذا أقام بينه بحقه فإن كانت دعواه على مكلف حاضر فلا يمين عليه إجماعا ، ولكن ورد في الرواية المتضمنة لوصية عليعليه‌السلام لشريحقوله عليه‌السلام : « ورد اليمين على المدعي مع بينة ، فإن ذلك أجلى للعمى وأثبت للقضاء » وهي ضعيفة ، وربما حملت على ما إذا ادعى المشهود عليه الوفاء أو الإبراء والتمس إحلافه على بقاء الاستحقاق ، فإنه يجاب إليه لانقلاب المنكر به مدعيا ، وهذا الحكم لا إشكال فيه إلا أن إطلاق الوصية بعيد عنه ، فإن ظاهرها كون ذلك على وجه الاستظهار ،

٢٧٦

معروف بشهادة زور أو ظنين وإياك والتضجر والتأذي في مجلس القضاء الذي أوجب الله فيه الأجر ويحسن فيه الذخر لمن قضى بالحق واعلم أن الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما واجعل لمن ادعى شهودا غيبا أمدا بينهما فإن أحضرهم أخذت له بحقه وإن لم يحضرهم أوجبت عليه القضية فإياك أن تنفذ فيه قضية في قصاص أو حد من حدود الله أو حق من حقوق المسلمين حتى تعرض ذلك علي إن شاء الله ولا تقعدن في مجلس القضاء حتى تطعم

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من ابتلي بالقضاء فلا يقضي وهو غضبان.

٣ ـ وبهذا الإسناد قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه من ابتلي بالقضاء

وكيف كان فالاتفاق على ترك العمل بها على الإطلاق.

قوله عليه‌السلام : « واجعل » قال الوالد العلامة (ره) : الظاهر أن هذا فيما إذا أثبت المدعي بالشهود ، ثم ادعى المدعى عليه الأداء أو الإبراء ، وإلا فالمدعي بالخيار في الدعوى إلا أن يقال : بأنه إذا طلب المنكر مكررا ولم يثبت يجعل الحاكم أمدا بينهما ، لئلا يؤدى المنكر بالطلب دائما.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

وقال في الشرائع : ويكره أن يقضي وهو غضبان ، وكذا يكره مع كل وصف يساوي الغضب في شغل النفس كالجوع والعطش والغم والفرح والوجع ، ومدافعة الأخبثين وغلبة النعاس.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

وقال في المسالك : من وظيفة الحاكم أن يسوي بين الخصمين في السلام عليهما وجوابه ، وإجلاسهما والقيام لهما ، والنظر والاستماع والكلام وطلاقة الوجه ، وسائر أنواع الإكرام ولا يخصص أحدهما بشيء من ذلك ، هذا إذا كانا مسلمين أو كافرين أما لو كان أحدهما مسلما والآخر كافرا جاز أن يرفع المسلم في المجلس ثم

٢٧٧

فليواس بينهم في الإشارة وفي النظر وفي المجلس.

٤ ـ وبهذا الإسناد أن رجلا نزل بأمير المؤمنينعليه‌السلام فمكث عنده أياما ثم تقدم إليه في خصومة لم يذكرها لأمير المؤمنينعليه‌السلام فقال له أخصم أنت قال نعم قال تحول عنا إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى أن يضاف الخصم إلا ومعه خصمه.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله رفعه قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام لشريح لا تسار أحدا في مجلسك وإن غضبت فقم فلا تقضين فأنت غضبان قال وقال أبو عبد الله صلوات الله عليه لسان القاضي وراء قلبه فإن كان له قال وإن كان عليه أمسك.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحجال ، عن داود بن أبي يزيد عمن سمعه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا كان الحاكم يقول لمن عن يمينه ولمن عن يساره ما ترى ما تقول فعلى ذلك «لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ » ألا يقوم من مجلسه وتجلسهم مكانه.

التسوية بينهما في العدل في الحكم واجبة بغير خلاف ، وأما في تلك الأمور هل هي واجبة أم مستحبة الأكثرون على الوجوب ، وقيل : إن ذلك مستحب ، واختاره العلامة في المختلف لضعف المستند وإنما عليه أن يسوي بينهما في الأفعال الظاهرة ، فأما التسوية بينهما بقلبه بحيث لا يميل إلى أحد فغير مؤاخذ به.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

وقال في الشرائع : يكره أن يضيف أحد الخصمين دون صاحبه.

الحديث الخامس : مرفوع.

قوله عليه‌السلام : « فإن كان له » أي فإن كان القلب له بأن لا يكون فيه ما يمنعه عن الحكم قضى وتكلم ، وإن كان عليه بأن كان غضبان أو جائعا أو مثله أمسك عن الكلام ، أو المعنى أنه ينبغي له أن يتفكر فيما يتكلم به ، فإن كان له بأن يكون صوابا تكلم وإلا أمسك ولعل الأول أظهر.

الحديث السادس : مرسل وكلمة ألا بالفتح للتحضيض.

٢٧٨

( باب )

( أن القضاء بالبينات والأيمان )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن سعد بن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان وبعضكم ألحن بحجته من بعض فأيما رجل قطعت له من مال أخيه شيئا فإنما قطعت له به قطعة من النار.

٢ ـ علي ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن نبيا من الأنبياء شكا إلى ربه كيف أقضي في أمور لم أخبر ببيانها قال فقال له ردهم إلي وأضفهم إلى اسمي يحلفون به.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن أبان بن عثمان عمن أخبره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال في كتاب علي صلوات الله عليه أن نبيا من الأنبياء شكا إلى ربه القضاء فقال كيف أقضي بما لم تر عيني ولم تسمع أذني فقال اقض بينهم بالبينات وأضفهم إلى اسمي يحلفون به وقال إن داودعليه‌السلام

باب أن القضاء بالبينات والأيمان

الحديث الأول : مجهول. على ما في أكثر النسخ من سعد بن هشام ، وفي بعضها وهشام ، وهو أصوب فالخبر حسن كالصحيح.

وقال في النهاية : « فيه إنكم تختصمون إلى وعسى أن يكون بعضكم ألحن بحجته من الآخر ، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار »اللحن : الميل عن جهة الاستقامة يقال : لحن فلان في كلامه ، إذا مال عن صحيح المنطق وأراد : أن بعضكم يكون أعرف بالحجة وأفطن لها من غيره.

الحديث الثاني : مرسل.

وقال في القاموس :أضفته إليه : ألجأته.

الحديث الثالث : مرسل.

٢٧٩

قال يا رب أرني الحق كما هو عندك حتى أقضي به فقال إنك لا تطيق ذلك فألح على ربه حتى فعل فجاءه رجل يستعدي على رجل فقال إن هذا أخذ مالي فأوحى الله عز وجل إلى داودعليه‌السلام أن هذا المستعدي قتل أبا هذا وأخذ ماله فأمر داودعليه‌السلام بالمستعدي فقتل وأخذ ماله فدفعه إلى المستعدى عليه قال فعجب الناس وتحدثوا حتى بلغ داودعليه‌السلام ودخل عليه من ذلك ما كره فدعا ربه أن يرفع ذلك ففعل ثم أوحى الله عز وجل إليه أن احكم بينهم بالبينات وأضفهم إلى اسمي يحلفون به.

٤ ـ وعنه ، عن النضر بن سويد ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال في كتاب عليعليه‌السلام أن نبيا من الأنبياء شكا إلى ربه فقال يا رب كيف أقضي فيما لم أشهد ولم أر قال فأوحى الله عز وجل إليه أن احكم بينهم بكتابي وأضفهم إلى اسمي فحلفهم به وقال هذا لمن لم تقم له بينة.

( باب )

( أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن جميل وهشام ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله البينة على من ادعى واليمين على من ادعي عليه.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الله بن بكير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الله حكم في دمائكم بغير ما حكم به في أموالكم حكم في أموالكم أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه وحكم في دمائكم أن البينة على من ادعي عليه واليمين على من ادعى لكيلا يبطل دم امرئ مسلم.

الحديث الرابع : صحيح.

باب أن البينة على المدعي ، واليمين على المدعى عليه

الحديث الأول : حسن.

الحديث الثاني : موثق.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379