مرآة العقول الجزء ٢٥

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 385

مرآة العقول

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
تصنيف:

الصفحات: 385
المشاهدات: 2846
تحميل: 938


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 385 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 2846 / تحميل: 938
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 25

مؤلف:
العربية

يا موسى ما آمرك به فاسمع ومهما أراه فاصنع خذ حقائق التوراة إلى صدرك وتيقظ بها في ساعات الليل والنهار ولا تمكن أبناء الدنيا من صدرك فيجعلونه وكرا كوكر الطير.

ويحتمل أن يكون المراد بالعامل أعم ممن يعمل لحق أو باطل ،فقوله تعالى «عَلى بَصِيرَةٍ » المراد به أعم مما هو باليقين أو بالجهل المركب ، والمراد بالمثال أعم من المضي على سبيل أهل الحق ، وطريق أهل الضلال ، ويحتمل أن يكون الواو فيقوله : « ومثال » بمعنى أو أي كل عامل إما يعمل على بصيرة في الحق أو على مثال من سبق على وجه الضلال ، فاختر لنفسك أيهما أخرى وأولى و« الارتياد » : الطلب و« المبطلون » الذين يتبعون الباطل أو يبطلون أعمالهم بترك شرائطها أو فعل ما يحبطها.

قوله تعالى : « ألق كفيك » أي في السجود على الأرض أو عند القيام بمعنى إرسالها.

قوله تعالى « من فضلي ورحمتي » يطلق الفضل غالبا على النعم الدنيوية ، والرحمة على المثوبات الأخروية.

قوله تعالى : « كيف رغبتك » أي رجاؤك وشوقك إلى ما تطلبه ، ثم قوي الله تعالى رجاءه بأن لكل عامل جزاء ، ولا ينبغي أن ييأس الكفور أيضا فإنه أيضا قد يجزى بما سعى.

قوله تعالى : « عن الدنيا » أي معرضا عنها أو بالإعراض عنها ، والانطواء عنها : الاجتناب والإعراض عنها ، يقال : طوى كشحه عني : أي أعرض مهاجرا.

قوله تعالى : « ومهما أراه فاصنع » أي كل وقت أرى وأعلم ما آمرك حسنا فافعل فيه أي أفعل الأوامر في أوقاتها التي أمرتك بأدائها فيها ، أو المراد أفعلها في كل وقت ، فإني أراه في كل حين أو كل شيء أراه لك خيرا فافعل.

قوله تعالى : « وتيقظ بها » أي كن متيقظا متنبها متذكرا بحقائق التوراة في جميع الساعات أو أترك النوم لتلاوتها في ساعات الليل والنهار.

١٠١

يا موسى أبناء الدنيا وأهلها فتن بعضهم لبعض فكل مزين له ما هو فيه والمؤمن من زينت له الآخرة فهو ينظر إليها ما يفتر قد حالت شهوتها بينه وبين لذة العيش فادلجته بالأسحار كفعل الراكب السائق إلى غايته يظل كئيبا ويمسي حزينا فطوبى له لو قد كشف الغطاء ما ذا يعاين من السرور.

قوله تعالى : « ولا تمكن أبناء الدنيا » أي لا تخطرهم ببالك ولا تشغل قلبك بالتفكر فيهم ، وفيما هم فيه من نعيم الدنيا ، فإنه إذا اعتدت ذلك ومكنت الشيطان من نفسك فيه يصير صدرك وكرا لذكرهم ، ولا يمكنك إخراج حب أطوارهم عن صدرك ، فيصير ذلك سببا لرغبتك إلى دنياهم ، فتصير إلى مأواهم ، ويحتمل أن يكون المراد عدم الإصغاء إلى كلام المفتونين بالدنيا الذاكرين لها فيجعلون الصدر وكرا لكلامهم الذي يوجب الافتتان بالدنيا.

قوله : « ما يفتر » كلمة « ما » نافية ، وضمير شهوتها راجع إلى الآخرة.

قوله تعالى : « فأدلجته » الإدلاج : السير بالليل وظاهر العبارة أنه استعمل هنا متعديا بمعنى التسيير بالليل ، ولم يأت فيما عندنا من كتب اللغة ، قال الفيروزآبادي(١) : الدلج محركة والدلجة بالضم والفتح : السير من أول الليل ، وقد أدلجوا فإن ساروا من آخره فأدلجوا بالتشديد انتهى. ويمكن أن يكون على الحذف والإيصال أي أدلجت الشهوة معه ، وسيرته بالأسحار كالراكب الذي يسابق قرنه إلى الغاية التي يتسابقان إليها ، والغاية هنا الجنة والفوز بالكرامة ، والقرب والحب والوصال أو الموت وهو أظهر.

قوله تعالى : « يظل كئيبا » الكآبة : الغم وسوء الحال والانكسار من الحزن والمعنى أنه يكون في نهاره مغموما وفي ليله محزونا لطلب الآخرة ، ولما فاته من الطاعات ولكن لو كشف له الغطاء حتى يرى ما أعد له في الآخرة يحصل له من السرور ما لا يحصى.

__________________

(١) القاموس المحيط : ج ١ ص ١٨٩.

١٠٢

يا موسى الدنيا نطفة ليست بثواب للمؤمن ولا نقمة من فاجر فالويل الطويل لمن باع ثواب معاده بلعقة لم تبق وبلعسة لم تدم وكذلك فكن كما أمرتك وكل أمري رشاد.

يا موسى إذا رأيت الغنى مقبلا فقل ذنب عجلت لي عقوبته وإذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين ولا تكن جبارا ظلوما ولا تكن للظالمين قرينا.

يا موسى ما عمر وإن طال يذم آخره وما ضرك ما زوي عنك إذا حمدت مغبته يا موسى صرخ الكتاب إليك صراخا بما أنت إليه صائر فكيف ترقد على هذا العيون

قوله تعالى : « الدنيا نطفة » أي ماء قليل مكدر ، قال في القاموس : النطفة بالضم : الماء الصافي قل أو كثر ، أو قليل ماء يبقى في دلو أو قربة(١) ، أي الدنيا شيء قليل لا يصلح نعمتها لحقارتها أن تكون ثوابا للمؤمن ، ولا بلائها وشدتها لقلتها أن تكون عذابا وانتقاما من فاجر ، و« اللعقة » بالفتح ما تلعقه وتلحسه بإصبعك أو بلسانك مرة واحدة ، و« اللعس » بالفتح العض ، والمراد هنا ما يقطعه بأسنانه من شيء مأكول مرة واحدة.

قوله تعالى : « ما عمر وإن طال » إلخ. في بعض النسخ « وإن طال يدوم آخره » وهو ظاهر ، وفي بعضها « وإن طال ما يذم آخره » أو ليس عمر بذم آخره ، ويكون آخره مذموما محسوبا من العمر ، وعلى هذا كان الأظهر عمرا بالنصب بأن يكون خبر ما ، واسمه ما يذم ، وفي بعض النسخ« يذم » بدون كلمة « ما » فيحتمل أن تكون كلمة « ما » استفهامية أي أي شيء عمر يذم آخره وإن طال ، أو نافيته بتقدير الخير ، أي ليس عمر يذم آخره بعمر ، وعلى الأول يحتمل أن تكون كلمتا « ما » كلتاهما نافيتين ، أي لا يكون عمر لا يذم آخره بالانقطاع والفناء.

قوله تعالى : « وما ضرك ما زوى عنك » أي أخذ منك ونقص من العمر أو الأعم إذا حمدتمغبته أي عاقبته أي كانت عاقبته محمودة.

قوله تعالى : « فكيف ترقد » أي تنامقوله : « ومن دون هذا » أي أقل من هذا

__________________

(١) القاموس المحيط : ج ٣ ص ٢٠٠. « ط مصر ».

١٠٣

أم كيف يجد قوم لذة العيش لو لا التمادي في الغفلة والاتباع للشقوة والتتابع للشهوة ومن دون هذا يجزع الصديقون.

يا موسى مر عبادي يدعوني على ما كان بعد أن يقروا لي أني أرحم الراحمين مجيب المضطرين وأكشف السوء وأبدل الزمان وآتي بالرخاء وأشكر اليسير وأثيب الكثير وأغني الفقير وأنا الدائم العزيز القدير فمن لجأ إليك وانضوى إليك من الخاطئين فقل أهلا وسهلا يا رحب الفناء بفناء رب العالمين واستغفر لهم وكن لهم كأحدهم ولا تستطل عليهم بما أنا أعطيتك فضله وقل لهم فليسألوني من فضلي ورحمتي فإنه لا يملكها أحد غيري وأنا ذو الفضل العظيم.

طوبى لك يا موسى كهف الخاطئين وجليس المضطرين ومستغفر للمذنبين إنك

لتذكار الذي صرح وصاح به الكتاب ، يكفي لجزع الصديقين ، أي الكاملين في تصديق الأنبياء.

قوله تعالى : « على ما كان » أي لأي أمر كان سواء كان حقيرا أو خطيرا.

قوله تعالى : « وأثيب الكثير » صفة للمصدر المحذوف أي أثيب الثواب الكثير ، من قبيل رجعت القهقرى أو أثيب على العمل الكثير.

قوله تعالى : « انضوى إليك » قال الجزري(١) : فيه « ضوى إليه المسلمون » أي مالوا ، يقال : ضوى إليه ضيا وضويا وانضوى إليه ويقال ضواه إليه وأضواه.

قوله : « أهلا » أي صادفت أهلا لا غرباء ، ووطأت سهلا لا حزنا.

قوله تعالى : « يا رحب الفناء » الرحب : الواسع وفناء الدار ككساء : ما اتسع من أمامها أي يا من فناؤه الذي نزل به رحب ، وقوله « بفناء » متعلق بمقدر أي نزلت بفناء ، وفي كتاب تحف العقول(٢) « يا رحب الفناء ، نزلت بفناء رب العالمين » وهو الأصوب ، وليس في ذلك الكتاب بعد قوله ـ العظيم.قوله ـ طوبى لك يا موسى ـ فيكون ـ قوله ـ كهف الخاطئين إلى آخره من أوصافه تعالى.

قوله : « بما ليس منك مبتدأة » أي لا تتكبر على العباد بما أعطاكه غيرك.

__________________

(١) النهاية : ج ٣ ص ١٠٥.

(٢) تحف العقول : ٤٩٥.

١٠٤

مني بالمكان الرضي فادعني بالقلب النقي واللسان الصادق وكن كما أمرتك أطع أمري ولا تستطل على عبادي بما ليس منك مبتداه وتقرب إلي فإني منك قريب فإني لم أسألك ما يؤذيك ثقله ولا حمله إنما سألتك أن تدعوني فأجيبك وأن تسألني فأعطيك وأن تتقرب إلي بما مني أخذت تأويله وعلي تمام تنزيله.

يا موسى انظر إلى الأرض فإنها عن قريب قبرك وارفع عينيك إلى السماء فإن فوقك فيها ملكا عظيما وابك على نفسك ما دمت في الدنيا وتخوف العطب والمهالك ولا تغرنك زينة الدنيا وزهرتها ولا ترض بالظلم ولا تكن ظالما فإني للظالم رصيد حتى أديل منه المظلوم.

يا موسى إن الحسنة عشرة أضعاف ومن السيئة الواحدة الهلاك لا تشرك بي لا يحل لك أن تشرك بي قارب وسدد وادع دعاء الطامع الراغب فيما عندي النادم على

قوله تعالى : « فإن فوقك فيها ملكا عظيما » بفتح الميم وكسر اللام أي العظيم تعالى شأنه ، نسبته إلى السماء ، لأن ثوابه وجنته وتقديراته وعجائب صنعه فيها ، أو بضم الميم وسكون اللام أي ملك السماء ملك عظيم يستدل. بها على عظمة مالكها وصانعها.

قوله تعالى : « وتخوف العطب » هو بالتحريك : الهلاك.

قوله تعالى : « رصيد » أي رقيب منتظر لجزائه ، وفي تحف العقول(١) « بمرصد ».

قوله تعالى : « حتى أديل منه المظلوم » أي أغلب المظلوم عليه.

قوله تعالى : « ومن السيئة الواحدة الهلاك » المراد أن الله تعالى يعطي للحسنة عشرة أضعافها ، ويجازي بالسيئة واحدة ، ومع ذلك أكثر الناس يهلكون بفعل السيئات ، بأن يزيد سيئاتهم على عشرة أمثال حسناتهم ، كما ورد في الخبر(٢) ، ويل لمن غلب آحاده أعشاره.

قوله تعالى : « قارب وسدد » قال في النهاية(٣) : وفيه « سددوا وقاربوا » أي اقتصدوا

__________________

(١) تحف العقول : ص ٤٩٦.

(٢) نفس المصدر : ص ٢٨١ وفيه « يا سوأتاه لمن غبلت إحداته عشراته ».

(٣) النهاية ج ٤ ص ٣٣.

١٠٥

ما قدمت يداه فإن سواد الليل يمحوه النهار وكذلك السيئة تمحوها الحسنة وعشوة الليل تأتي على ضوء النهار وكذلك السيئة تأتي على الحسنة الجليلة فتسودها.

٩ ـ علي بن محمد عمن ذكره ، عن محمد بن الحسين وحميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد الكندي جميعا ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن رجل من أصحابه قال قرأت جوابا من أبي عبد اللهعليه‌السلام إلى رجل من أصحابه أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله فإن الله قد ضمن لمن اتقاه أن يحوله عما يكره إلى ما يحب «وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ » فإياك أن تكون ممن يخاف على العباد من ذنوبهم ويأمن العقوبة من ذنبه فإن الله عز وجل لا يخدع عن جنته ولا ينال ما عنده إلا بطاعته إن شاء الله.

في الأمور كلها ، واتركوا الغلو فيها ، والتقصير يقال : قارب فلان في الأمور إذا اقتصد ، وقال(١) : في السين والدال فيه « قاربوا » وسددوا أي اطلبوا بأعمالكم السداد والاستقامة ، وهو القصد في الأمر والعدل فيه.

قوله تعالى : « وعشوة » بالعين المهملة مفتوحة وهي ما بين أول الليل إلى ربعه ، أو مضمومة وهي ظلمة الليل أو بالمعجمة مثلثة أي غطاء الليل بالإضافة البيانية.

الحديث التاسع : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « يخاف على العباد من ذنوبهم » يخاف على المعلوم أي يعلم قبح ذنوب العباد ويحكم بكونهم في معرض العقاب ، ويغفل عن ذنوب نفسه ولا يخاف العقوبة على ما يعلم منها ، ويمكن أن يقرأ على البناء للمفعول أي له ذنوب يخاف على الناس العقوبة بذنوبه ، وهو آمن ، لكن يأبى منه إفراد الضمائر في الفقرة الثانية.

قوله عليه‌السلام : « لا يخدع عن جنته » أي لا يمكن دخول الجنة بالخدعة ، بل بالطاعة الواقعية.

__________________

(١) النهاية ج ٢ ص ٣٥٢.

١٠٦

١٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن سليمان ، عن عيثم بن أشيم ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال خرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم وهو مستبشر يضحك سرورا فقال له الناس أضحك الله سنك يا رسول الله وزادك سرورا فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنه ليس من يوم ولا ليلة إلا ولي فيهما تحفة من الله ألا وإن ربي أتحفني في يومي هذا بتحفة لم يتحفني بمثلها فيما مضى إن جبرئيل أتاني فأقرأني من ربي السلام وقال يا محمد إن الله عز وجل اختار من بني هاشم سبعة لم يخلق مثلهم فيمن مضى ولا يخلق مثلهم فيمن بقي أنت يا رسول الله سيد النبيين وعلي بن أبي طالب وصيك سيد الوصيين والحسن والحسين سبطاك سيدا الأسباط وحمزة عمك سيد الشهداء وجعفر ابن عمك الطيار في الجنة يطير مع الملائكة حيث يشاء ومنكم القائم يصلي عيسى ابن مريم خلفه إذا أهبطه الله إلى الأرض من ذرية علي وفاطمة من ولد الحسينعليه‌السلام .

١١ ـ سهل بن زياد ، عن محمد بن سليمان الديلمي المصري ، عن أبيه ، عن أبي

الحديث العاشر : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « سبعة لم يخلق مثلهم » لعل هذا الخبر لما كان مشهورا بين العامة كما رويته بأسانيد من طرقهم في كتاب بحار الأنوار(١) ، ذكرهعليه‌السلام للاحتجاج عليهم وإن لم يكن ذكره النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويحتمل أن يكون المرادبقوله : « لا يخلق مثلهم فيمن بقي » من سوى الأئمةعليهم‌السلام مع أن سائر الأئمة لما كانوا متشعبين من أنوار هؤلاء المذكورين من الأئمة ، وأنهم من نور واحد ، فكأنهم مذكورون معهم ، وتخصيص القائم بالذكر لخفائه وكثرة الاختلاف والشبهة فيهعليه‌السلام ، وقيل : المراد الموجودين في ذلك الزمان ، وأسقطت فاطمةعليها‌السلام من الرواية ، وقوله عليه‌السلام : « وفيكم القائم عليه‌السلام » كلام مستأنف ولا يخفى ما فيه.

الحديث الحادي عشر : ضعيف.

وفي النسخ هنا« المصري » وفي رجال الشيخ « البصري » وذكر ابن داود محمد بن سليمان النصري بالنون وعده مغايرا للديلمي.

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٢٢ ص ٢٨٠ ح ٣٣ ب ٥ أحوال عشائره وأقربائه.

١٠٧

بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له قول الله عز وجل : «هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِ »(١) قال فقال إن الكتاب لم ينطق ولن ينطق ولكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هو الناطق بالكتاب قال الله عز وجل ـ هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق قال قلت جعلت فداك إنا لا نقرؤها هكذا فقال هكذا والله نزل به جبرئيل على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ولكنه فيما حرف من كتاب الله

١٢ ـ جماعة ، عن سهل ، عن محمد ، عن أبيه ، عن أبي محمد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن قول الله عز وجل : «وَالشَّمْسِ وَضُحاها » قال الشمس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله به أوضح الله عز وجل للناس دينهم قال قلت «الْقَمَرِ إِذا تَلاها » قال ذاك أمير المؤمنينعليه‌السلام تلا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ونفثه بالعلم نفثا قال قلت «وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها » قال ذاك أئمة

قوله عليه‌السلام : « هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِ » الظاهر أنهعليه‌السلام قرأ ينطق على البناء للمفعول ، وكان يقرأ بعض مشايخنارضي‌الله‌عنه « عليكم » بتشديد الياء المضمومة والأول أظهر.

الحديث الثاني عشر : ضعيف.

قوله : « عن أبي محمد » هو أبو بصير ، لأنه روي عن علي بن إبراهيم هذا الخبر ، عن أبيه ، عن سليمان الديلمي ، عن أبي بصير.

قوله عليه‌السلام : « الشمس رسول الله » وعلى هذا يكون« ضحاها » أي ضوؤها أو غاية ارتفاعها عبارة عن دينه وعلمه وارتفاع ملته ، وانتفاع الناس بهدايته.

قوله عليه‌السلام : « ونفثه بالعلم » نفثا النفث : النفخ بالفم والضمير المرفوع ، راجع إلى الرسول والمنصوب إلى أمير المؤمنين والمراد ما أسر إليه من العلوم ، ولعل فيه بيان سر [ لتشبيهه ]عليه‌السلام بالقمر إذ نور القمر مستفاد من الشمس ، فكذلك علوم أمير المؤمنين وكمالاته مقتبسة من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قوله تعالى : « وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها » قيل : الضمير راجع إلى الشمس ، وقيل : إلى الآفاق أو الأرض المعلومتين بقرينة المقام ، ولما كانت الشمس على هذا التأويل كناية عن الرسول ، والليل عن أئمة الجور ، فعلى الأول المراد أنهم ستروا وغطوا

__________________

(١) سورة الجاثية : ٢٨.

(٢) سورة الشمس : ١ ـ ٤.

١٠٨

الجور الذين استبدوا بالأمر دون آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وجلسوا مجلسا كان آل الرسول أولى به منهم فغشوا دين الله بالظلم والجور فحكى الله فعلهم فقال «وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها » قال قلت «وَالنَّهارِ إِذا جَلاَّها » قال ذلك الإمام من ذرية فاطمةعليها‌السلام يسأل عن دين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيجليه لمن سأله فحكى الله عز وجل قوله فقال «وَالنَّهارِ إِذا جَلاَّها ».

١٣ ـ سهل ، عن محمد ، عن أبيه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت «هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ »(١) قال يغشاهم القائم بالسيف قال قلت «وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ » قال خاضعة لا تطيق الامتناع قال قلت «عامِلَةٌ » قال عملت بغير ما أنزل الله قال قلت «ناصِبَةٌ » قال نصبت غير ولاة الأمر قال قلت : «تَصْلى ناراً حامِيَةً » قال

بظلمة جهلهم وجورهم ضوء شمس الرسالة ، ودينها وعلمهما ، وعلى الأخيرين المراد أنه أظلمت الآفاق أو الأرض بسواد جهلهم وظلمهم ، ولعل الأول أظهر من الخبر ، والقسم لعله على سبيل التهكم.

قوله تعالى : « وَالنَّهارِ إِذا جَلاَّها » أي جلي الشمس ، فإنها تتجلى إذا انبسط النهار والأئمة يجلون ضوء شمس الرسالة ، وعلومها وآثارها ، وقال بعض المفسرين : إن الضمير راجع إلى الظلمة أو الدنيا أو الأرض ، وإن لم يجز ذكرها للعلم بها ، والأول أظهر من الخبر.

الحديث الثالث عشر : ضعيف ، ومحمد وهو ابن سليمان الديلمي.

قوله : « هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ » قال البيضاوي(٢) الداهية : التي تغشى الناس بشدائدها ، يعني يوم القيامة أو النار من قوله تعالى : «تَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ »(٣) أقول : المراد على تأويلهعليه‌السلام الداهية : الحادثة ، للمخالفين عند قيام القائمعليه‌السلام .

قوله : « وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ » إلخ قال البيضاوي(٤) : أي ذليلة تعمل ما تتعب فيه كجر السلاسل وخوضها في النار خوض الإبل في الوحل والصعود والهبوط في تلالها ووهادها أو عملت ونصبت في أعمال لا تنفعها يومئذ ، «تَصْلى ناراً » تدخلها وقرأ أبو عمرو ويعقوب وأبو بكر تصلى من أصلاه الله ، وقرئ تصلى بالتشديد

__________________

(١) سورة الغاشية : ١.

(٢) انوار التنزل : ج ٢ ص ٥٥٥ « ط مصر ١٣٨٨ ».

(٣) إبراهيم : ٥٠.

(٤) انوار التنزل : ج ٢ ص ٥٥٥ « ط مصر ١٣٨٨ ».

١٠٩

تصلى نار الحرب في الدنيا على عهد القائم وفي الآخرة نار جهنم.

١٤ ـ سهل ، عن محمد ، عن أبيه ، عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام قوله تبارك وتعالى : «وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ »(١) قال فقال لي يا أبا بصير ما تقول في هذه الآية قال قلت إن المشركين يزعمون ويحلفون لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن الله لا يبعث الموتى قال فقال تبا لمن قال هذا سلهم هل كان المشركون يحلفون بالله أم باللات والعزى قال قلت جعلت فداك فأوجدنيه قال فقال لي يا أبا بصير لو قد قام قائمنا بعث الله إليه قوما من شيعتنا قباع سيوفهم على عواتقهم فيبلغ ذلك قوما من شيعتنا لم يموتوا فيقولون بعث فلان وفلان وفلان من قبورهم وهم مع القائم فيبلغ ذلك قوما من عدونا فيقولون يا معشر الشيعة ما أكذبكم هذه دولتكم وأنتم تقولون فيها الكذب لا والله ما عاش هؤلاء

للمبالغة «حامِيَةً » متناهية في الحر ، انتهى. وتفسيرهعليه‌السلام واضح.

الحديث الرابع عشر : ضعيف.

قوله تعالى : «جَهْدَ أَيْمانِهِمْ » قال البيضاوي : جهد الأيمان أغلظها وهو في الأصل مصدر ، ونصبه على الحال على تقدير «وَأَقْسَمُوا بِاللهِ » يجهدون جهد أيمانهم فحذف الفعل ، وأقيم المصدر مقامه ولذلك ساغ كونها معرفة أو على المصدر لأنه بمعنى أقسموا(٢) «بَلى »، أي يبعثهم «وَعْداً » مصدر مؤكد لنفسه ، وهو ما دل عليه بلى ، فإن يبعث موعد من الله «عَلَيْهِ » إنجازه ، لامتناع الخلف في وعده أو لأن البعث مقتضى حكمته «حَقًّا » صفة أخرى للوعد «وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ » أنهم يبعثون ، إما لعدم علمهم ، بأنه من الحكمة التي جرت عادته بمراعاتها ، وإما لقصور نظرهم على المألوف ، فيتوهمون امتناعه(٣) .

قوله عليه‌السلام : « تبا لمن قال هذا » قال الجوهري(٤) : تقول تبا لفلان تنصبه على المصدر بإضمار فعل أي ألزمه الله هلاكا وخسرانا ،قوله : « فأوجدنيه » في القاموس(٥)

__________________

(١) سورة النحل : ٤١.

(٢) أنوار التنزيل : ج ١ ص ٢٧٩ « ط مصر ١٣٨٨ ».

(٣) نفس المصدر : ج ١ ص ٥٥٥.

(٤) الصحاح ج ١ ص ٩٠.

(٥) القاموس المحيط : ج ١ ص ٣٤٣.

١١٠

ولا يعيشون إلى يوم القيامة قال فحكى الله قولهم فقال «وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ ».

١٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن بدر بن الخليل الأسدي قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول في قول الله عز وجل «فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ »(١) قال إذا قام القائم وبعث إلى بني أمية بالشام فهربوا إلى الروم فيقول لهم الروم لا ندخلنكم حتى تتنصروا فيعلقون في أعناقهم الصلبان فيدخلونهم فإذا نزل بحضرتهم أصحاب القائم طلبوا الأمان والصلح فيقول أصحاب القائم لا نفعل حتى تدفعوا إلينا من قبلكم منا قال فيدفعونهم إليهم فذلك قوله : «لا تَرْكُضُوا

أوجد فلانا مطلوبه أظفره به.

قوله : « قباع سيوفهم على عواتقهم » قال الجوهري(٢) : قبيعة السيف ما على طرف مقبضه من فضة أو حديد ، وقال العاتق : موضع الرداء من المنكب.

الحديث الخامس عشر : مجهول.

قال البيضاوي(٣) : «فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا » فلما أدركوا شدة عذابنا إدراك المشاهد المحسوس ، «إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ » أي يهربون مسرعين راكضين دوابهم أو مشبهين بهم من فرط إسراعهم «لا تَرْكُضُوا » على إرادة القول ، أي قيل لهم استهزاء : لا تركضوا إما بلسان الحال أو المقال ، والقائل ملك أو من ثم من المؤمنين «وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ » من التنعم والتلذذ ، والإتراف : إبطار النعمة ، «وَمَساكِنِكُمْ » التي كانت لكم «لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ » غدا عن أعمالكم أو تعذبون فإن السؤال من مقدمات العذاب أو تقصدون للسؤال ، والتشاور في المهام والنوازل «قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ » لما رأوا العذاب ولم يروا وجه النجاة فلذلك لم ينفعهم «فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ » فما زالوا يرددون ذلك ، وإنما سماه دعوى لأن المولول كأنه يدعو الويل ويقول : يا ويل تعال فهذا أوانك ، وكل من « تلك » و « دعواهم » يحتمل الاسمية والخبرية «حَتَّى

__________________

(١) سورة الأنبياء : ١٢.

(٢) الصحاح ج ٣ ص ١٢٦٠.

(٣) أنوار التنزيل : ج ٢ ص ٦٨ « ط مصر ١٣٨٨ ».

١١١

وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ » قال يسألهم الكنوز وهو أعلم بها قال فيقولون «يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ »(١) بالسيف.

( رسالة أبي جعفرعليه‌السلام إلى سعد الخير )

١٦ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن عمه حمزة بن بزيع والحسين بن محمد الأشعري ، عن أحمد بن محمد بن عبد الله ، عن يزيد بن

جَعَلْناهُمْ حَصِيداً » « مثل الحصيد وهو النبت المحصود ، ولذلك لم يجمع » «خامِدِينَ » ميتين من خمدت النار ، وهو مع حصيدا بمنزلة المفعول الثاني ، كقولك : جعلته حلوا حامضا إذ المعنى جعلناهم جامعين لمماثلة الحصيد ، والخمود أو صفة له أو حال من ضميره.

قوله : « يسألهم الكنوز » أي الأموال التي كنزوها ودفنوها في الأرض مع أنه أعلم بتلك الكنوز ، لكن يسألهم ليكون أشد عليهم.

قوله : « وهو سعيد بن عبد الملك » الظاهر أن قوله : « وهو سعيد » إلخ كان مكتوبا على الهامش لبيان نسب سعد الخير ، وكان سعدا فصحف السعيد أو كان اسمه سعيدا ، وسعد الخير لقيه فأدخلته النساخ في المتن(٢) كما سيأتي ذكره من كتاب الاختصاص ، وعلى تقدير كونه جزء الخبر فالظاهر أن الضمير راجع إلى الهارب إلى الشام أعني رئيس الهاربين.

رسالة أبي جعفرعليه‌السلام إلى سعد الخير

الحديث السادس عشر :

السعد الأول : صحيح على الظاهر ، لتوثيق العلامة لحمزة بن بزيع ، وإن كان ما يظن أن يكون مأخذه ضعيفا ، لكن في رواية حمزة عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام

__________________

(١) سورة الأنبياء : ١٥.

(٢) كما هو موجود في بعض نسخ المتن قبل ذكر الرسالة وفي هامش غير واحد من النسخ : « وهو سعد بن عبد الملك الأموي صاحب نهر سعيد بالرحبة ».

١١٢

عبد الله عمن حدثه قال كتب أبو جعفرعليه‌السلام إلى سعد الخير :

«بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله فإن فيها السلامة من التلف والغنيمة في المنقلب إن الله عز وجل يقي بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله ويجلي بالتقوى عنه عماه وجهله وبالتقوى نجا نوح ومن معه في السفينة وصالح ومن معه من الصاعقة وبالتقوى فاز الصابرون ونجت تلك العصب من المهالك ولهم إخوان على تلك الطريقة يلتمسون تلك الفضيلة نبذوا طغيانهم من الإيراد بالشهوات لما بلغهم في الكتاب من المثلات حمدوا ربهم على ما رزقهم وهو أهل

إشكال ، لأن الشيخ في الرجال عده من رجال الرضاعليه‌السلام ، ولم يذكر روايته عن الجوادعليه‌السلام ، وروى الكشي ما يدل على أنه لم يدرك زمانهعليه‌السلام حيث قال : ذكر بين يدي الرضا حمزة بن بزيع فترحم عليه ، فقيل له : كان يقول بموسى فترحم عليه ساعة(١) الخبر ، فيحتمل أن يكون أبو جعفر هو الأولعليه‌السلام ففي هذا السند أيضا إرسال ويؤيده ما رواه المفيد « ره » في كتاب الاختصاص(٢) بإسناده عن أبي حمزة الثمالي قال : دخل سعد بن عبد الملك ـ وكان أبو جعفرعليه‌السلام يسميهسعد الخير ، وهو من ولد عبد العزيز بن مروان ـ على أبي جعفرعليه‌السلام فبينا ينشج(٣) كما تنشج النساء قال فقال له أبو جعفر : ما يبكيك يا سعد؟ قال : وكيف لا أبكي وأنا من الشجرة الملعونة في القرآن فقال له : لست منهم أنت أموي منا أهل البيت أما سمعت قول الله عز وجل يحكي عن إبراهيم : «فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي »(٤) والسند الثاني : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « ما عزب عنه عقله » قال الجوهري(٥) : عزب عني فلان يعزب ، ويعزب أي بعد وغاب وعزب عن فلان حلمه.

قوله عليه‌السلام : « ونجت تلك العصب » هي جمع عصبة بالضم ، وهي من الرجال والخيل ، والطير ما بين العشرة إلى الأربعين.

قوله عليه‌السلام : « ولهم إخوان » أي في هذه الأمة أو في هذا الزمان.

قوله عليه‌السلام : « من الالتذاذ بالشهوات » الظاهر أن لفظة « من » بيانية ، ويحتمل

__________________

(١) إختيار معرفة الرجال « رجال الكشّيّ » ج ٢ ص ٧٨٢ « ط قم ١٤٠٤ ه‍ ».

(٢) الإختصاص : ص ٨٥.

(٣) النشيج : صوت معه توجّع وبكاء كما يردّد الصبيّ بكاءه في صدره « النهاية ج ٥ ص ٥٢ ».

(٤) سورة إبراهيم : ٣٦. (٥) الصحاح : ج ١ ص ١٨١.

١١٣

الحمد وذموا أنفسهم على ما فرطوا وهم أهل الذم وعلموا أن الله تبارك وتعالى الحليم العليم إنما غضبه على من لم يقبل منه رضاه وإنما يمنع من لم يقبل منه عطاه وإنما يضل من لم يقبل منه هداه ثم أمكن أهل السيئات من التوبة بتبديل الحسنات دعا عباده في الكتاب إلى ذلك بصوت رفيع لم ينقطع ولم يمنع دعاء عباده فلعن الله «الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ » و «كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ » فسبقت قبل الغضب فتمت «صِدْقاً

الابتدائية ، أي الطغيان الحاصل من الالتذاذ ، وفي بعض النسخ « من الإيراد بالشهوات » ولعل المراد إيراد الأنفس على المهالك بسبب الشهوات.

قوله : « من المثلات » بفتح الميم وضم الثاء أي العقوباتقوله « رضاه » أي ما يرضيه من الطاعات.

قوله عليه‌السلام : « من التوبة بتبديل الحسنات » الظاهر أن الباء تعليلية أي جعل أهل السيئات قادرين على التوبة ، متمكنين منها ، لأن يبدلوا بها سيئاتهم حسنات أو لأن يبدل الله سيئاتهم حسنات ، ويحتمل أن تكون « من » سببية ، والباء بمعنى من أي مكنهم من تبديل سيئاتهم بالتوبة ، وهو إشارة إلى قوله تعالى «فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ »(١) والتبديل إما بأن يمحو سوابق معاصيهم بالتوبة ، ويثبت مكانها لواحق طاعاتهم أو يبدل ملكة المعصية في النفس ، بملكة الطاعة ، وقيل : بأن يوفقه لأضداد ما سلف منه أو بأن يثبت له مكان كل سيئة حسنة ، وبهذا المعنى الأخير ورد بعض أخبارنا(٢) .

قوله عليه‌السلام : « ولم يمنع دعاء عباده » أي يمنعهم عن الدعاء.

قوله عليه‌السلام : « فلعن الله الذين يكتمون ما أنزل الله » لعل المراد المجبرة المنكرين لما تقدم.

قوله عليه‌السلام : « كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ » أي ألزمها على نفسه.

قوله : « فتمت » أي الرحمة أي كتابتها والوعد بها وتقديرها كما قال «وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ »(٣) وفسرت بتقديرات الله تعالى ومواعيده.

__________________

(١) سورة الفرقان : ٧٠.

(٢) البرهان في تفسير القرآن : ج ٣ ص ١٧٤ ـ ١٧٥ ح ٢ ـ ٣ ـ ٤.

(٣) سورة الأنعام : ١١٥.

١١٤

وَعَدْلاً » فليس يبتدئ العباد بالغضب قبل أن يغضبوه وذلك من علم اليقين وعلم التقوى وكل أمة قد رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه وولاهم عدوهم حين تولوه وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده فهم يروونه ولا يرعونه والجهال يعجبهم حفظهم للرواية والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية وكان من نبذهم الكتاب أن ولوه الذين لا يعلمون فأوردوهم الهوى وأصدروهم إلى الردى وغيروا عرى

قوله عليه‌السلام : « وذلك من علم اليقين » من قبيل إضافة الموصوف إلى الصفة أي ما سبق من العلم بعدله تعالى ورأفته ورحمته ، هو من العلم المتيقن الذي لا شك فيه ، وهو علم التقوى ، أي علم يتقى به من عذاب الله إذ من لم يقل به فهو كافر مستحق لعذابه تعالى ، أو هو العلم الذي يبعث النفس على التقوى ، أو يحصل من التقوى ،قوله « وكل أمة » مبتدأ وقوله « قد رفع الله » خبره.

قوله عليه‌السلام : « وولاهم عدوهم حين تولوه » الضمير المنصوب في قوله « تولوه » راجع إلى العدو يقال ولاه : أي جعله واليا ، وتولاه أي اتخذوه وليا. أي سلط عليهم عدوهم ، حين اتخذوه وليهم ، وخلي بينه وبينهم كما أنهم بايعوا بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صدر الإسلام من ليس بأهله ، ومن هو عدوهم في الدنيا والآخرة فوكلهم الله إليهم وخلي بينهم ، وبين هؤلاء المضلين ، وفيه إشارة إلى قوله تعالى(١) «وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ، نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى » أي نجعله واليا لما تولى من الضلال. ونخلي بينه وبين ما اختاره «وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً ».

قوله عليه‌السلام : « وحرفوا حدوده » أي أحكامه وأولوها بآرائهم.

قوله : « وكان من نبذهم الكتاب أن ولوه » إلخ. أي جعلوا ولي الكتاب والقيم عليه ، والحاكم به الذين لا يعلمونه.

قوله : « فأوردوهم الهوى » أي ما يحكم به أهواؤهم« وصدورهم » أي أرجعوهم إلى الردى والهلاك.

قوله : « وغيروا عرى الدين » أي ما يتمسك به من أحكام الدين وشرائعه.

__________________

(١) سورة النساء : ١١٥.

١١٥

الدين ثم ورثوه في السفه والصبا فالأمة يصدرون عن أمر الناس بعد أمر الله تبارك وتعالى وعليه يردون ، فبِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً ولاية الناس بعد ولاية الله وثواب الناس بعد ثواب الله ورضا الناس بعد رضا الله فأصبحت الأمة كذلك وفيهم المجتهدون في العبادة على تلك الضلالة معجبون مفتونون فعبادتهم فتنة لهم ولمن اقتدى بهم وقد كان في الرسل «ذِكْرى لِلْعابِدِينَ » إن نبيا من الأنبياء كان يستكمل الطاعة ثم يعصي الله تبارك وتعالى في الباب الواحد فخرج به من الجنة وينبذ به في بطن الحوت ثم لا ينجيه إلا الاعتراف والتوبة فاعرف أشباه الأحبار والرهبان الذين ساروا بكتمان الكتاب وتحريفه «فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ » ثم اعرف

قوله عليه‌السلام : « ثم ورثوه » أي جعلوه ميراثا يرثه كل سفيه جاهل ، أو صبي غير عاقل ، قال الجوهري(١) : يقال :صبي بين الصبا والصباء ، إذا فتحت الصاد مددت وإذا كسرت قصرت.

قوله عليه‌السلام : « بعد أمر الله » أي صدوره أو الاطلاع عليه أو تركه ، والورود والصدور كنايتان عن الإتيان ، للسؤال والأخذ والرجوع بالقبول.

قوله عليه‌السلام : « ولاية الناس » هو المخصوص بالذم.

قوله عليه‌السلام : « معجبون » بفتح الجيم أي يعجبهم أعمالهم.

قوله عليه‌السلام : « ثم يعصي الله » أي يترك الأولى والأفضل وإطلاق العصيان عليه مجاز لكونه في درجة كمالهم ، بمنزلة العصيان.

قوله عليه‌السلام : « فاعرف أشباه الأحبار والرهبان » أي الذين كانوا يتشبهون بالأحبار والرهبان من الأمم السالفة ، ولم يكونوا منهم ضالين مبتدعين كتموا الكتاب وأحكامه وحرفوه وأولوه بآرائهم.

قوله عليه‌السلام : « فهم مع السادة والكبرة » الكبرة بكسر الكاف وسكون الباء والكبر بالضم : جمع الأكبر أي هم مع أهل السيادة والعظمة والدولة في الدنيا ، وفي بعض النسخ الكثرة وهو أظهر.

__________________

(١) الصحاح : ج ٦ ص ٢٣٩٨.

١١٦

أشباههم من هذه الأمة الذين أقاموا حروف الكتاب وحرفوا حدوده فهم مع السادة والكبرة ـ فإذا تفرقت قادة الأهواء ـ كانوا مع أكثرهم دنيا و «ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ » لا يزالون كذلك في طبع وطمع لا يزال يسمع صوت إبليس على ألسنتهم بباطل كثير يصبر منهم العلماء على الأذى والتعنيف ويعيبون على العلماء بالتكليف والعلماء في أنفسهم خانة إن كتموا النصيحة إن رأوا تائها ضالا لا يهدونه أو ميتا لا يحيونه فبئس ما يصنعون لأن الله تبارك وتعالى أخذ عليهم الميثاق في الكتاب أن

قوله عليه‌السلام : « وذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ » إشارة إلى قوله تعالى : «فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَياةَ الدُّنْيا ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ »(١) أي أمر الدنيا أو كونها تسمية مبلغهم من العلم ، لا يتجاوزه علمهم ، وما في الخبر يحتمل أن يكون المراد به « هذا ما بلغوه بسبب علمهم » أي لم يحصل سوى ذلك من العلم.

قوله عليه‌السلام : « في طبع » قال الجزري(٢) : الطبع بالسكون : الختم ، وبالتحريك : الدنس ، وأصله من الوسخ والدنس يغشيان السيف ، يقال : طبع السيف يطبع طبعا ثم استعمل فيما يشبه ذلك من الأوزار والآثام وغيرهما من القبائح ، ومنه الحديث « أعوذ بالله من طمع يهدى إلى طبع » أي يؤدى إلى شين أو عيب.

قوله عليه‌السلام : « يعيبون على العلماء بالتكليف » أي بسبب أنهم يكلفونهم الطاعات والعدول عن الباطل ، أو يكلفون الخلق ويدعونهم إلى الحق.

قوله عليه‌السلام : « والعلماء في أنفسهم خانة » هي جمع خائن أي والحال أن العلماء المحقين خائنون إن كتموه وتركوا نصيحتهم.

قوله عليه‌السلام : « إن رأوا » إلخ يحتمل أن يكون جزاؤه فبئس ما يصنعون ، ويكون مجموع جملة الشرط والجزاء تأكيدا للجملة السابقة ، وبيانا لها ، ولذا ترك العاطف بينهما ، ويحتمل أن يكون هذا الشرط بيانا لكتمان النصيحة ، وتفسيرا له ، ويكونقوله : « فبئس ما يصنعون » جزاء لشرط محذوف ، أي إن فعلوا ذلك فبئس ما يصنعون

__________________

(١) سورة النجم : ٢٩.

(٢) النهاية : ج ٣ ص ١١٢.

١١٧

يأمروا بالمعروف وبما أمروا به وأن ينهوا عما نهوا عنه وأن يتعاونوا «عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى » ولا يتعاونوا «عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ » فالعلماء من الجهال في جهد وجهاد إن وعظت قالوا طغت ـ وإن علموا الحق الذي تركوا قالوا خالفت وإن اعتزلوهم قالوا فارقت وإن قالوا هاتوا برهانكم على ما تحدثون قالوا نافقت وإن أطاعوهم قالوا عصت الله عز وجل

ويحتمل أن يكون « ورأوا » بيانا لقوله « ويعيبون على العلماء » وتعليلا له ، ويكون ضمير الفاعل راجعا إلى أشباه الأحبار أي إنهم يعيبون على العلماء تكليفهم الخلق بالطاعات ، لكونه خلاف طريقتهم ، فإنهم إن رأوا تائها أي متحيرا ضالا عن سبيل الحق لا يهدونه والأول أظهر.

قوله عليه‌السلام : « فالعلماء من الجهال » أي علماء الحق من أشباه الأحبار أو من أتباعهم الضالين ، ويحتمل أن يكون المراد علماء السوء من أتباعهم ، لكن تطبيق الفقرات عليه ، يحتاج إلى تكلف.

قوله عليه‌السلام : « في جهد » بالفتح أي مشقة« وجهاد » بالكسر أي مجاهدة ، وسعي واهتمام« إن وعظت » العلماء ،« قالوا طغت » أي جاوزوا الحد في ذلك وبالغوا أكثر مما ينبغي أو حصل لهم الطغيان ، بسبب علمهم وعملهم فيعيبون الناس أو يدعون الرئاسة« وإن علموا » الجهال« الحق » الذي تركه الجهال ، قالوا :« خالفت » أي كبراءنا أو عامة الناس لشيوع الباطل بينهم ، وعلى الاحتمال الثاني المراد إن علم علماء سوء الجهال شيئا من الحق الذي يتركه أنفسهم ، قالت الجهال لهم : خالفت في قولك فعلك ،« وإن اعتزلوهم قالوا : فارقت » الجماعة.

قوله عليه‌السلام : « قالوا نافقت » أي أظهرت خلافنا ولم تعتقد لحقية ما نحن عليه.

قوله عليه‌السلام : « وإن أطاعوهم قالوا : عصيت الله » ليس في بعض النسخ المصححة « قالوا » والظاهر أنه زيد من النساخ ، والمعنى أنه لا يمكنهم إطاعة هؤلاء ، لأنها

١١٨

فهلك جهال فيما لا يعلمون أميون فيما يتلون يصدقون بالكتاب عند التعريف ويكذبون به عند التحريف فلا ينكرون أولئك أشباه الأحبار والرهبان قادة في الهوى سادة في الردى وآخرون منهم جلوس بين الضلالة والهدى لا يعرفون إحدى الطائفتين من الأخرى يقولون ما كان الناس يعرفون هذا ولا يدرون ما هو وصدقوا تركهم رسول الله

معصية الله تعالى ، وعلى نسخة [ قالوا ] لعل المراد أنهم يقولون : عصيت الله بزعمك حيث عملت بما لم تعتقده ، كما أن المخالفين لعنهم الله يشنعون في التقية علينا وعلى أئمتناعليهم‌السلام .

قوله عليه‌السلام : « أميون فيما يتلون » أي إنهم كالأميين لعدم علمهم بمعاني الكتاب والأمي من لا يحسن الخط والكتابة.

قوله : « يصدقون بالكتاب » أي بألفاظه عند تعريف الخلق ألفاظه ، ويكذبون بالكتاب عند تحريف معانيه ، إذ تحريف معناه تكذيب للمعنى المراد به ، فقوله يصدقون ويكذبون من باب التفعيل على البناء للفاعل ، وقوله ينكرون على البناء للمفعول ، أي لا ينكر تكذيبهم عليهم أحد ، ويحتمل العكس بأن يكون الأولان على البناء للمفعول ، والثالث على البناء للفاعل ، أي لا يمكنهم إنكار ذلك لظهور تحريفهم ، وعلى الاحتمال الأول يمكن أن يقرأ الفعلان بالتخفيف أيضا ، والأول أظهر.

قوله عليه‌السلام : « يقولون ما كان الناس يعرفون هذا » إلخ. هذا يحتمل وجوها : الأول : أن يكون هذا إشارة إلى الاختلاف الذي حدث بين الأمة ، أي لم يكن هذا الاختلاف بين الأمة في زمن الرسول ما كان الناس يدرونه ، وإنما حدث هذا بعده ، فيعرفون أن الاختلاف ليس بحق ، لكن لا يعرفون الحق من بينهما فتحيروا ، فيكون.

قوله : « وصدقوا » بالتخفيف من كلامه غير محكي عنهم ، بل تصديقا لهم فيما قالوا من أن الاختلاف مبتدع ، ويحتمل أن يكون« ولا يدرون » أيضا من كلامهعليه‌السلام أي لا يدري هؤلاء المتحيرون الحق ما هو بين هذا الاختلاف الذي اعترفوا بكونه

١١٩

صلى‌الله‌عليه‌وآله على البيضاء ليلها من نهارها لم يظهر فيهم بدعة ولم يبدل فيهم سنة لا خلاف عندهم ولا اختلاف فلما غشي الناس ظلمة خطاياهم صاروا إمامين داع إلى الله تبارك وتعالى وداع إلى النار فعند ذلك نطق الشيطان فعلا صوته على لسان أوليائه و

مبتدعا.

الثاني : أن يكون هذا إشارة إلى ما ابتدعه المخالفون ، كخلافة أبي بكر مثلا ، أي يقولون لم يحدث هذه الأمور في عصر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإنما ابتدعت بعده وعلى هذا الاحتمال يمكن أن يقرأ صدقوا بالتخفيف كما مروا بالتشديد أيضا ، وعلى الثانيفقوله : « تركهم » : إما مصدر مفعول للتصديق ، أي صدقوا أن الرسول تركهم على الأمر الواضح ، وإما فعل ، أي مع اعترافهم بكون هذه الأمور بدعة صدقوا بها تصديقا مشوبا بالشك ، فيكون قوله : « تركهم » كلامهعليه‌السلام للرد عليهم.

الثالث : أن يكون هذا إشارة إلى مذهب أهل الحق ، أي سبب عدم إطاعتهم للحق هو أنهم يقولون إن الناس في الزمان السابق كان أكثرهم على خلاف هذا الرأي ، ولا يدرون حقيته فنحن تبع لهم كما قال الكفار «إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ »(١) وصدقوا بالتشديد ، وتركهم على صيغة المصدر فهذا رد عليهم بأنهم يصدقون بأن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوضح لهم السبيل ، وأقام لهم الخليفة ، وأوضح لهم الحجة ، ومع ذلك يتبعون أسلافهم في الضلالة ، أو بيان لأحد طرفي شكهم وأحد سببي تحيرهم.

الرابع : أن يكون اسم الإشارة إشارة إلى خليفتهم الباطل ، وبدعهم الفاسدة ويكون الكلام مسوقا على الاستفهام الإنكاري ، أي إن الناس هل كانوا لا يعرفون حقية هذه الخليفة وكانوا ينصبونه.

قولهعليه‌السلام : « وصدقوا » يكون ردا عليهم.

قوله عليه‌السلام : « على البيضاء » أي على الملة البينة الواضحة الممتازة« ليلها من نهارها » أي باطلها من حقها.

__________________

(١) سورة الزخرف : ٢٣.

١٢٠