مرآة العقول الجزء ٢٥

مرآة العقول15%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 385

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 385 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 5559 / تحميل: 2395
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٢٥

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

وهذا النوع من الأحكام الظاهرية أصبح بعد الانقطاع عن عصر التشريع وإلى الآن مستوعباً لأكثر مسائل الفقه ، أو كلّها تقريباً ، ما عدا الأحكام الواضحة الثبوت في الإسلام.

ومراد الفقهاء بقطعية الحكم هو قطعية الحكم الظاهري ، أي إنّ هذه الفتوى هي غاية تكليف المكلّفين في عصر الاحتجاب عن عصر التشريع.

٤ ـ الأحكام غير المطبّقة في المجتمع الإسلامي ، بالرغم من وضوحها وثبوتها إسلامياً ، سواء في ذلك الأحكام الشخصية العائدة إلى الأفراد ، أو العامّة العائدة إلى تكوين المجتمع والدولة الإسلامية.

ومع وجود هذه الجهات من النقص والقصور في الأحكام الإسلامية خلال عصر الانفصال عن عصر التشريع ، يكون بوسع الإمام المهديّعليه‌السلام إكمال تلك النواقص التي أشرنا إليها ، وسيكون له تجاه كلّ نقص موقف معيّن.

أمّا موقفه بالنسبة إلى الأمر الأوّل فهو واضح كلّ الوضوح ، فإنّ الأُمّة بعد بلوغها المستوى اللائق لفهم الأحكام الدقيقة المفصّلة ، وبعد أن كان الإمام المهديّعليه‌السلام هو الوريث الوحيد من البشر أجمعين ، لتلك الأحكام غير المعلنة ، يرويها عن آبائه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الله جلّ جلاله ، إذاً يكون الوقت قد أزف لإعلان تلك الأحكام.

وأمّا موقفه بالنسبة إلى الأحكام التالفة فهو أيضاً واضح جدّاً ، فإنّ المفروض أنّ هذه الأحكام كانت معلنة في صدر الإسلام ، وإنّما كانت تحتاج المحافظة عليها ، وعدم إتلافها إلى مستوى معيّن من القدرة الدفاعية ، والشعور بالمسؤولية لدى المسلمين ، الذي كان قليلاً عند الأجيال الماضية التي فقدت هذه الأحكام.

والإمام المهديّعليه‌السلام بالفهم الإمامي يكون عارفاً بهذه الأحكام عن طريق الرواية عن آبائه ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن الله عزّ وجلّ.

وأمّا بالنسبة إلى الأمر الثالث فواضح أيضاً ، بعد الذي عرفناه من أنّ

٣٢١

الأحكام الظاهرية تعني تعيين تكليف الإنسان من الناحية الإسلامية ، ووظيفته في الحياة عند الجهل بالحكم الواقعي ، ذلك الجهل الناشئ من البعد عن عصر التشريع.

وأمّا إذا كان الفرد مطّلعاً على الحكم الإسلامي الواقعي ، فيحرم عليه العمل بالحكم الظاهري ، والإمام المهديّعليه‌السلام يعلن الأحكام الواقعية الإسلامية بأنفسها.

وأمّا بالنسبة إلى عدم وصول بعض الأحكام الإسلامية إلى مستوى التطبيق في عصر ما قبل الظهور ، فيقوم الإمام المهديّعليه‌السلام بنفسه بتطبيق الأحكام العامّة ، فيؤسّس الدولة العالمية العادلة الكاملة ، ويقوم بإدارة شؤونها.

وبعد أن اتّضح كلّ ما قلناه ، نعرف بكلّ جلاء ما هو المراد ممّا ورد من : أنّ الإمام المهديّعليه‌السلام يأتي بأمر جديد ، وسلطان جديد.

( طالب خالد ـ الجزائر ـ ٢٧ سنة ـ التاسعة أساسي )

مثلّث برمودا لا صلة له بالجزيرة الخضراء :

س : هل هناك تفسير ديني لما يحدث في مثلّث برمودا؟

ج : إنّ الحديث عن مثلث برمودا مثل الحديث عن الحكايات الخرافية ، والأساطير الإغريقية ، والقصص الخيالية ، ولكن يبقى الفارق هنا هو : أنّ مثلّث برمودا حقيقة واقعية ، لمسناها في عصرنا هذا ، وقرأنا عنها في الصحف والمجلاّت العربية والعالمية ، ويذهب بنا القول بأنّ مثلّث برمودا يعتبر التحدّي الأعظم الذي يواجه إنسان هذا القرن ، والقرون القادمة.

والتفسيرات التي تفسّر لغز هذا المثلّث :

١ ـ نظرية الزلازل وعلاقتها بما يحدث في مثلّث برمودا.

تقول هذه النظرية : إنّ حدوث الهزّات الأرضية في قاع المحيط تتولّد عنها موجات عاتية وعنيفة ومفاجئة ، تجعل السفن تغطس ، وتتّجه إلى القاع بشدّة في لحظات قليلة.

٣٢٢

وبالنسبة للطائرات يتولّد عن تلك الهزّات والموجات في الأجواء ، ممّا يؤدي إلى اختلال في توازن الطائرة ، وعدم قدرة قائدها على السيطرة عليها.

٢ ـ نظرية الجذب المغناطيسي ، وعلاقتها بما يحدث في مثلّث برمودا.

إنّ أجهزة القياس في الطائرات أثناء مرورها فوق مثلّث برمودا تضطرب ، وتتحرّك بشكل عشوائي ، وكذلك في بوصلة السفينة ، ممّا يدلّ على وجود قوّة مغناطيسية ، أو قوّة جذب شديدة وغريبة.

هذا ، ولا يوجد تفسير ديني لهذا المثلّث ، إلاّ أنّه من الظواهر الغريبة الدالّة على عظمة الله تعالى وقدرته.

نعم ، حاول البعض أن يربط بين الجزيرة الخضراء التي يقال أنّ الإمام المهديّعليه‌السلام يعيش فيها وبين مثلّث برمودا ، وهو لم يثبت بدليل قطعي.

( ياسر حسن يعقوب ـ البحرين ـ )

يصلّي الإمام الحسين على جنازته :

س : سؤالي يتعلّق بخروج المهديّ المنتظر عليه‌السلام إذ هو آخر الأئمّة` عليهم‌السلام ، السؤال هو : من الذي سيصلّي على الإمام المهديّ حين وفاته؟

ج : نحن نعتقد بالرجعة التي هي بمعنى : رجوع بعض الأموات إلى الحياة الدنيوية ، قبل قيام يوم القيامة في صورتهم التي كانوا عليها ، وذلك عند قيام المهديّعليه‌السلام .

وروي أنّ أوّل من يرجع هو الإمام الحسينعليه‌السلام ، فيستلم الحكم بعد الإمام المهديّعليه‌السلام ، فيكون الإمام الحسينعليه‌السلام هو الذي يلي غسله ، وكفنه وحنوطه ، ويواريه في حفرته ، نصّت على هذا المعنى الرواية المروية عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، التي نقلها العلاّمة المجلسيّ في كتابه بحار الأنوار(١) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار ٥٣ / ١٠٣.

٣٢٣

إذاً ، عندنا أنّ المصلّي على جنازة الإمام المهديّعليه‌السلام هو الإمام الحسينعليه‌السلام .

بينما يقول الشيخ مرعي بن يوسف المقدسي الحنبلي ـ من علماء القرن الحادي عشر الهجري ـ في كتابه « فرائد فوائد الفكر في الإمام المهديّ المنتظر » ما نصّه : « ذكر العلماء : أنّ المهديّ يستمرّ مع عيسىعليه‌السلام إلى بيت المقدس ، فيموت بها ، ويصلّي عليه هو ومن معه من المسلمين ، ويدفنه هناك »(١) .

( عبد السلام ـ هولندا ـ سنّي )

نسبه وعلاقته بالخضر :

س : من هو المهديّ المنتظر؟ هل سيولد من جديد؟ أو هو مولود وموجود في الأرض ، لكن لا يعرفه أحد؟ وهل هو معصوم؟ وما هي علاقته بالخضر؟ والذي تشبه قصّته بالمهديّ المنتظر ، وشكراً لكم.

ج : إنّ المهديّ المنتظرعليه‌السلام هو الإمام محمّد بن الحسن العسكريّ بن علي الهادي بن محمّد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي السجّاد بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام .

قد ولدعليه‌السلام يوم الخامس عشر من شهر شعبان ٢٥٥ هـ في مدينة سامراء ، ثمّ لأسباب خاصّة غابعليه‌السلام عن الأنظار إلى أن يأذن له المولى تعالى بالظهور ، ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت ظلماً وجوراً.

وهوعليه‌السلام معصوم عن الخطأ والمعصية ، و كما دلّت عليه أدلّة عصمة الأئمّةعليهم‌السلام .

وأمّا علاقتهعليه‌السلام بالخضرعليه‌السلام ، فقد ورد في بعض الروايات عن الإمام الرضاعليه‌السلام ما نصّه : «وسيؤنس الله به ـ أي بالخضر ـ وحشة قائمنا في غيبته ، ويصل به وحدته »(٢) .

__________________

١ ـ فرائد فوائد الفكر : ١٣٧.

٢ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٣٩١.

٣٢٤

( محمّد ـ السعودية ـ ١٦ سنة ـ طالب ثانوية )

الاعتماد عليه لا يوجب طول الأمل والرقود عن الحقّ :

س : إنّ الناس متخاذلون عن الحقّ ، ويقولون : « اللهم عجّل فرجه » ألا تلاحظون أنّ الناس معتمدين على الإمام الحجّة أكثر مما هم معتمدين على أنفسهم؟ ويقولون : سيظهر الحجّة ، ويسود السلام في أرجاء المعمورة.

وسؤالي : لماذا قال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته : أنّ الحجّة سيظهر ، وهم يعلمون أنّ هذا من أسباب الظلم ، وعدم المبالاة بين المسلمين؟

ألا تعتقدون أنّ هذا من طول الأمل ، والرقود عن الحقّ؟ والله من وراء القصد ، وأشكركم على هذا الموقع الخادم لأهل البيت.

ج : في الجواب نشير إلى عدّة مسائل :

١ ـ الدعاء للفرج ممدوح عقلاً ونقلاً :

أمّا عقلاً ، فبما أنّه يبعث بروح الأمل في المؤمن ، ويطرد عنه اليأس والقنوط ، فالدعاء في الحقيقة هو : توطين النفس لهذا المستقبل الزاهر في ظلّ حكومتهعليه‌السلام ، وعدم الركون للظلم السائد في الأنظمة الحكومية غير الإسلامية.

وأمّا نقلاً ، فوردت عدّة روايات في هذا المجال ، لعلّ أصرحها هو التوقيع الشريف الذي صدر عن الحجّةعليه‌السلام ، الذي جاء في نهايته : «وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج ، فإن ذلك فرجكم »(١) .

٢ ـ إنّ الاعتماد على الحجّةعليه‌السلام لإنقاذ البشرية أمر صحيح ، ولكن لا ملازمة بين هذا الاعتقاد وبين التخلّي عن الوظيفة ، فالعمل على طبق الوظيفة تكليف عامّ لا يختصّ بزمان دون زمان.

وباختصار ، نحن نعتقد أنّ الإمامعليه‌السلام سيطهّر الأرض من الظلم والبغي ،

__________________

١ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٤٨٥ ، الغيبة للشيخ الطوسيّ : ٢٩٣ ، كشف الغمّة ٣ / ٣٤٠.

٣٢٥

وسيطبّق الإسلام في كلّ أرجائها ، ولكن لا يعني هذا أن نتخاذل في عصر الغيبة عن نصرة الحقّ ، وأن نتهاون في التكليف المتوجّه إلينا.

٣ ـ قول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل البيتعليهم‌السلام في المقام ، هو بشرى للشيعة ، ولمن يأمل أن يرى المدينة الفاضلة للبشرية ، فالإنسان المؤمن عندما يسمع ويقرأ الأحاديث المتعلّقة بشأن الظهور يفرح ويستبشر بالمستقبل ، ويتمنّى ويأمل بأن يكون من أنصار الحجّةعليه‌السلام ، فيسعى لنيل هذا المقام بقدر الإمكان ، وهذا يعني الالتزام والعمل الأفضل والأكمل.

وعليه فليس في المسألة ما يعتبر أمراً سلبياً حتّى نتوقّف فيه ، وإن كان شخص يسيء فهم انتظار الفرج ويخدع نفسه لأجل الدعة والراحة وترك التكليف ، فهذا أمر يختصّ بمورده ـ فالعتب عليه ـ لا بأصل الفكرة.

( بشير الحسيني ـ العراق ـ )

هو حجّة علينا رغم عدم ظهوره :

س : إذا اتّفقنا أنّ الأرض لا تخلو من حجّة ، ومن المعلوم أنّ الإمام غائب عن الأنظار ، وعدم ظهوره لا يدلّ على عدم وجوده ، هل يعتبر حجّة علينا في الوقت الحالي رغم عدم ظهوره؟!

يرجى الإجابة بالدليل العقليّ ، لا بالدليل الروائي.

ج : المقصود أنّ الأرض لا تخلو من حجّة ـ وهو الأمر المتواتر ، ومن ضرورات المذهب ـ هو عدم خلوّها من الإمامعليه‌السلام من عصر الرسالة إلى يوم القيامة.

والحجّية هي مهمّة من مهام الإمام ووظائفه ، ومعناها أنّ الله تعالى يحتجّ به على عباده ، فلذا يسمّى حجّة الله على الخلق.

والمعنى الآخر للحجّية هو : أنّ أقواله وأوامره ونواهيه يجب الالتزام بها والعمل عليها ، ويكفي في صحّة إطلاق الحجّية بهذا المعنى هو التزام المؤمن ، بأنّه إذا صدر أمر أو نهي من الإمام ، فهو سوف يطبّقه ويسير على نهجه ، سواء صدر

٣٢٦

ذلك فعلاً أو لم يصدر ، كما في زمن الغيبة.

مضافاً إلى أنّ الكثير من الأوامر والنواهي قد صدرت في زمن الغيبة الصغرى ، فيصحّ إطلاق كلمة الحجّة عليه بهذا المعنى أيضاً.

علماً أنّ وجود الإمام لا يقتصر على الحجّية كما سبق ، بل له مهام ووظائف أُخرى كثيرة جدّاً ، حيث يكون الانتفاع به كالشمس إذا غيّبتها السحاب ، كما ورد في روايات أهل البيتعليهم‌السلام .

ثمّ إنّ الدليل الروائي يعتبر من الأدلّة الأربعة في الحجّية والاستنباط ، بل هو يأتي بالمرحلة الثانية بعد القرآن الكريم ، هذا إذا كان حديث آحاد ، أمّا إذا كان الحديث متواتراً فيكون قطعي الصدور ، وفي نفس رتبة القرآن الكريم ، لأنّ كلامهما يمثّلان الوحي الإلهيّ.

( ـ ـ )

ليس هو عيسى نفسه :

س : لقد قرأت في القرآن الكريم قوله تعالى :( وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ ) (١) .

وقوله :( إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتوفّيكَ وَرَافِعُكَ ) (٢) .

وتفسير الآية : إنّ سيّدنا المسيح سيخرج آخر الزمان ، لأنّه رفعه الله تعالى وهو في سنّ الشباب ، لذلك ذكر القرآن الكهولة ـ وهي في حوالي سنّ الأربعين ـ أفلا يعني أنّ المنتظر المهديّ هو المسيح عيسى بن مريم ، حيّ يرزق حتّى يشاء الله العليّ القدير؟ إذ كيف يحكم الإمام موجود ، وخصوصاً نعلم أنّ السيّد المسيح سوف يخرج آخر الزمان ، فالنبيّ ينزل عليه الوحي ، أمّا الإمام فلا؟

ج : قد ثبت في مصادر المسلمين ـ وهو من المتّفق عليه ـ أنّ المهديّ من ولد

__________________

١ ـ آل عمران : ٤٦.

٢ ـ آل عمران : ٥٥.

٣٢٧

فاطمةعليهما‌السلام ، فهو إذاً غير المسيح ابن مريمعليهما‌السلام .

كما ثبت عند الفريقين : أنّ عيسى ينزل ويصلّي خلف الإمام المهديّعليه‌السلام .

قال السيوطي : « فإنّ صلاة عيسى خلف المهديّ ثابتة في عدّة أحاديث صحيحة بإخبار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو الصادق المصدّق الذي لا يخلف خبره »(١) .

وفي الصواعق : « دعوى تواتر الأحاديث في صلاة عيسى خلف المهديّ »(٢) .

ومع تواتر الأخبار بتبعية عيسى للإمام فلا مجال للسؤال عن كيفية حكم الإمام مع وجود السيّد المسيحعليه‌السلام ، مضافاً إلى أنّ دين عيسى قد نسخ بالإسلام ، وإلاّ للزم أن يحكم بدين المسيحية ، وهو ضروري البطلان.

( حسن محمّد يوسف ـ البحرين ـ ١٨ سنة. طالب جامعة )

القيام ووضع الكفّ على الرأس عند ذكر لقب القائم :

س : لماذا نحن عندما نذكر لقب صاحب العصر عليه‌السلام ( القائم ) نقف ونضع اكفنا على رؤوسنا؟ هل هذه تحية للإمام؟ وشكراً.

ج : لقد وردت روايات وأحاديث تنصّ بأنّ الأئمّةعليهم‌السلام قد حثّوا على هذا الأمر ، بل وقد طبّقوها على أنفسهم أحياناً بالقيام ، وتارةً بالقيام ووضع اليد على الرأس متواضعاً ؛ والظاهر أنّها كلّها في سبيل إعطاء الموضوع اهتماماً بالغاً في نفوس الشيعة.

وقال الشيخ النمازيّ في « مستدرك سفينة البحار » ما نصّه : ويستحبّ القيام عند ذكر هذا اللقب ـ القائم ـ لما روي عن تنزيه الخواطر : سئل الإمام الصادقعليه‌السلام عن سبب القيام عند ذكر لفظ القائم من ألقاب الحجّة.

قال : « لأنّ له غيبة طولانية ، ومن شدّة الرأفة إلى أحبّته ، ينظر إلى كلّ من يذكره بهذا اللقب المشعر بدولته ، ومن تعظيمه أن يقوم العبد الخاضع عند نظر

__________________

١ ـ الحاوي للفتاوي ٢ / ١٦٧.

٢ ـ الصواعق المحرقة ٢ / ٤٨٠.

٣٢٨

المولى الجليل إليه بعينه الشريفة ، فليقم وليطلب من الله جلّ ذكره تعجيل فرجه ».

وروي أيضاً عن الإمام الرضاعليه‌السلام في مجلسه بخراسان ، أنّه قام عند ذكر لفظة القائم ، ووضع يديه على رأسه الشريف وقال : «اللهم عجّل فرجه ، وسهّل مخرجه ».

وذكر المحدّث النوري في كتابه « النجم الثاقب » ما ترجمته بالعربية : هذا القيام والتعظيم سيرة تمام أبناء الشيعة في كلّ البلاد

وروى العلاّمة المامقاني في رجاله في دعبل ، عن محمّد بن عبد الجبّار في مشكاة الأنوار ، أنّه لما قرأ دعبل قصيدته المعروفة على الإمام الرضاعليه‌السلام ، وذكر الحجّةعليه‌السلام إلى قوله :

خروج إمام لا محالة خارج

يقوم على اسم الله والبركات

وضع الرضاعليه‌السلام يده على رأسه ، وتواضع قائماً ، ودعا له بالفرج(١) .

( أبو حيدر ـ فنلاندا ـ )

تعليق على السؤال السابق :

القيام ووضع اليد على الرأس عند ذكر لقبه بالقائم ليس واجباً ، بل من باب التعظيم والاحترام ، وللمعتقد بغيبته وظهوره دليل على انتظار فرجه الشريف ، والاستعداد لنصرته ، وأسوة لمن سبقه من أهل البيت عليهم‌السلام بهذا الفعل ، وشكراً.

( ـ البحرين ـ )

ولادته في كتب أهل السنّة :

س : حشرنا الله مع آل محمّد وإيّاكم.

__________________

١ ـ مستدرك سفينة البحار ٨ / ٦٢٩.

٣٢٩

هل هناك روايات عند أهل السنّة تقول : بأنّ الإمام المهديّ ولد؟ جزاكم الله ألف خير ، ونسألكم الدعاء .

ج : قد اعترف علماء كثيرون من أهل السنّة بولادة الإمام المهديّعليه‌السلام فراجع كتاب دفاع عن الكافي(١) للسيّد ثامر العميدي ، فقد ذكر فيه مائة وثمانية وعشرين شخصاً من أهل السنّة ، من الذين اعترفوا بولادة الإمام المهديّعليه‌السلام ، مع ترتيبهم بحسب القرون ، ونحن نقتصر على ذكر بعضهم :

سهل بن عبد الله البخاريّ ، المتوفّى ٣٤١ هـ(٢) ، محمّد بن طلحة الشافعي ، المتوفّى ٦٥٢ هـ(٣) ، سبط ابن الجوزيّ ، المتوفّى ٦٥٤ هـ(٤) ، محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي ، المتوفّى ٦٥٨ هـ(٥) ، ابن خلكان ، المتوفّى ٦٨١ هـ(٦) ، عزيز بن محمّد النسفي الصوفي ـ المتوفّى ٦٨٦ هـ ـ في رسالته ، كما في ينابيع المودّة(٧) ، إسماعيل بن علي أبو الفداء ، المتوفّى ٧٣٢ هـ(٨) ، محمّد الذهبيّ ، المتوفّى ٧٤٨ هـ(٩) ، خليل الصفدي ، المتوفّى ٧٦٤ هـ(١٠) ، عبد الله بن علي اليافعي ، المتوفّى ٧٦٨ هـ(١١) ، ابن الصبّاغ المالكي ، المتوفّى ٨٥٥ هـ(١٢) ، محمّد بن طولون الحنفي ، المتوفّى ٩٥٣ هـ(١٣) ، حسين الديار بكري القاضي ،

__________________

١ ـ دفاع عن الكافي ١ / ٥٦٨.

٢ ـ سرّ السلسلة العلوية : ٤٠.

٣ ـ مطالب السؤول ٢ / ١٥٢.

٤ ـ تذكرة الخواص : ٣٢٥.

٥ ـ البيان في أخبار صاحب الزمان : ٩٧.

٦ ـ وفيات الأعيان ٤ / ٣١.

٧ ـ ينابيع المودّة ٣ / ٣٥٢.

٨ ـ المختصر في أخبار البشر ١ / ٣٦١.

٩ ـ العبر في خبر من غبر ١ / ٣٧٣.

١٠ ـ الوافي بالوفيات ٢ / ٢٤٩.

١١ ـ مرآة الجنان ٢ / ١٢٧.

١٢ ـ الفصول المهمّة : ٢٩٢.

١٣ ـ الأئمّة الإثنا عشر : ١١٧.

٣٣٠

المتوفّى ٩٦٦ هـ(١) ، عبد الوهّاب الشعراني الشافعي ، المتوفّى ٩٧٣ هـ(٢) ، أحمد بن حجر الهيتمي الشافعي ، المتوفّى ٩٧٤ هـ(٣) ، ابن عماد الدمشقي الحنبلي ، المتوفّى ١٠٨٩ هـ(٤) ، محمّد بن علي الصبّان الشافعي ، المتوفّى ١٢٠٦هـ(٥) .

( حسين عبد الأمير ـ البحرين. ١٨ سنة ـ طالب )

ماذا يجب أن نفعله في الغيبة :

س : ما واجبنا اتجاه الإمام المهديّ المنتظر وهو في غيبته؟ وما يجب علينا فعله؟

ج : من الأعمال المفروض بنا أن نعملها في زمن الغيبة ، هي :

١ ـ انتظار فرجهعليه‌السلام وظهوره ، فقد ورد عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : «أفضل أعمال أُمّتي انتظار الفرج »(٦) .

٢ ـ الدعاء لهعليه‌السلام بتعجيل فرجه ، فقد ورد من الناحية المقدّسة على يد محمّد ابن عثمان في آخر توقيعاتهعليه‌السلام : «وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج ، فإنّ ذلك فرجكم »(٧) .

٣ ـ معرفة صفاتهعليه‌السلام ، وآدابه ، والمحتومات من علائم ظهوره.

__________________

١ ـ تاريخ الخميس ٢ / ٣٤٣.

٢ ـ ينابيع المودّة ٣ / ٣٤٥.

٣ ـ الصواعق المحرقة ٢ / ٦٠١.

٤ ـ شذرات الذهب ٢ / ٢٩٠.

٥ ـ إسعاف الراغبين : ١٣٣.

٦ ـ الإمامة والتبصرة : ١٦٣ ، تحف العقول : ٣٧ ، مناقب آل أبي طالب ٣ / ٥٢٧ ، مجمع الزوائد ١٠ / ١٤٧ ، ينابيع المودّة ٣ / ٣٩٧ ، الجامع الكبير ٥ / ٢٢٥.

٧ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٤٨٥ ، الغيبة للشيخ الطوسيّ : ٢٩٣ ، الاحتجاج ٢ / ٢٨٤.

٣٣١

٤ ـ مراعاة الأدب عند ذكرهعليه‌السلام ، بأن لا يذكره إلاّ بألقابه الشريفة : كالحجّة والقائم ، والمهديّ ، وصاحب الزمان ، وصاحب الأمر ، وغيرها ، وترك التصريح باسمه الشريف ، وهو اسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتكملة ذكرهعليه‌السلام بقول :عليه‌السلام ، أو ( عجّل الله تعالى فرجه ) ، والقيام عند ذكر لقبه « القائم ».

٥ ـ إظهار محبّتهعليه‌السلام وتحبيبه إلى الناس.

٦ ـ إظهار الشوق إلى لقائهعليه‌السلام ورؤيته ، والبكاء والإبكاء والتباكي والحزن على فراقه.

٧ ـ الدعاء والطلب من الله تعالى أن نكون من جنوده وأنصاره واتباعه ، ومن المقاتلين بين يديه ، وأن يرزقنا الشهادة في دولته.

٨ ـ التصدّق عنهعليه‌السلام بقصد سلامته.

٩ ـ إقامة مجالس يذكر فيها فضائلهعليه‌السلام ومناقبه ، أو بذل المال في إقامتها ، والحضور في هكذا مجالس ، والسعي في ذكر فضائله ونشرها.

١٠ ـ إنشاء الشعر وإنشاده في مدحهعليه‌السلام ، أو بذل المال في ذلك.

١١ ـ إهداء ثواب الأعمال العبادية المستحبّة لهعليه‌السلام ، كالحجّ والطواف عنهعليه‌السلام ، والصوم والصلاة ، وزيارة مشاهد المعصومينعليهم‌السلام ، أو بذل المال لنائب ينوب عنه في أداء تلك الأعمال.

١٢ ـ زيارتهعليه‌السلام وتجديد البيعة لهعليه‌السلام بعد كلّ فريضة من الفرائض اليومية ، أو في كلّ يوم جمعة بما ورد عن الأئمّةعليهم‌السلام في ذلك.

١٣ ‎ ـ تعظيم مواقفهعليه‌السلام ومشاهده ، كمسجد السهلة ، ومسجد الكوفة وغيرهما.

١٤ ـ ترك توقيت ظهورهعليه‌السلام ، وتكذيب المؤقّتين ، وتكذيب من ادّعى النيابة الخاصّة ، والوكالة عنهعليه‌السلام في زمن الغيبة الكبرى.

جعلنا الله تعالى وإيّاكم من الممهّدين لدولته ، والمرضيّين عنده.

٣٣٢

( عقيل أحمد جاسم ـ البحرين ـ ٣٢ سنة ـ بكالوريوس )

معنى يأتي بكتاب جديد :

س : بخصوص الإمام المنتظر ، قال الإمام أبو عبد الله عليه‌السلام : « والله كأنّي أنظر إليه بين الركن والمقام ، يبايع الناس على كتاب جديد » (١) ، والمقصود من ذلك كتاب غير القرآن ، لأنّهم يدّعون بأنّنا نقول : بأنّ القرآن محرّف ، والقرآن الحقيقيّ عند الغائب.

ج : من أين لنا أن نحكم بأنّ الكتاب الجديد هو قرآن جديد ـ والعياذ بالله ـ؟ والظاهر من الرواية إنّه عهد وبرنامج جديد يتعاهده هوعليه‌السلام مع أصحابه ، وظهور الكلام كما نعلم حجّة ، وليس في الرواية أية قرينة على خلاف هذا الظهور.

فالنتيجة : إنّ الكتاب ـ هنا ـ بمعنى مخطّط جديد ، مرسوم من قبل الإمامعليه‌السلام لتطبيق الدين الإسلامي الحنيف.

( أحمد العصفور ـ عمان ـ ١٤ سنة )

من مميّزات أنصاره :

س : كيف تكون صفات الناس الذين سوف يقاتلون مع الإمام المهديّ عليه‌السلام ؟ وكيف سيكون العالَم قبل أن يأتي؟ وهل يجب أن يرى كلّ واحد الإمام المهديّ كي يحارب معه؟ وإذا دعوت في صلاتي أن أكون من جيوشه ـ إن شاء الله باستمرار ودائماً ـ هل سأكون؟ وشكراً.

ج : البحث عن موضوع الإمام المهديّعليه‌السلام وكلّ ما يتعلّق به بحث مفصّل ، لا يسعنا التطرّق إليه ، ولكن نشير هنا إلى رؤوس بعض المواضيع ، فإن أردت التفصيل فعليك بالكتب المختصّة في هذا المجال.

__________________

١ ـ الغيبة للنعماني : ١٩٤.

٣٣٣

وأمّا الوضع العام للعالم والبشرية قبيل ظهورهعليه‌السلام فهو وضع مأساوي وسلبي إلى أبعد الحدود معنوياً ومادّياً ، بحيث لا يبقى طريق وحلّ للخروج من هذا الوضع المؤلم إلاّ اللجوء إليه ، والتمكين لحكمه ودولتهعليه‌السلام .

أمّا وظيفة المؤمن في عصر الغيبة ، فهي لا تقتصر بجهةٍ دون أُخرى ، بل تشمل الالتزام والعمل بجميع جوانب العقيدة والشريعة ، بما فيها الدفاع عن المبادئ والقيم والمقدّسات.

وأمّا مميّزات أنصار الحجّةعليه‌السلام ، فهي باختصار : العمل بالوظائف الدينية في أعلى مراتبها ، ومنها : شدّ أواصر المحبّة والعُلقة القلبية مع صاحب العصر والزمانعليه‌السلام ، بحيث يراه كالحاضر والناظر على أفعاله وأعماله.

فالمؤمنون في عصر الغيبة ، وقبيل الظهور ليسوا بقلّة ، ولكن أصحاب الإمامعليه‌السلام هم الصفوة من هذه المجموعة ، نتيجةً لسعيهم وثباتهم في سبيل الدين والعقيدة في عصر الغيبة.

وأمّا الدعاء للتوفيق في نصرة الإمامعليه‌السلام فهو مندوب وممدوح ، وينبغي لكلّ مسلم وموالي أن يفعل ذلك ؛ فإنّه من رآه الله تعالى على هذه الحالة ، فقد نال ثواب المشاركة والنصرة للحجّةعليه‌السلام ، وإن لم يدرك أيّام الظهور.

( علي سلمان ـ البحرين ـ ١٨ سنة ـ طالب جامعة )

المقصود من سرداب الغيبة :

س : ما هي حقيقة سرداب الغيبة؟ وماذا نقصد به؟ والأدعية الواردة له إلى ماذا ترمز؟

ج : إنّ المقصود من سرداب الغيبة هو : سرداب الدار التي كان يسكنها الإمام الهادي والإمام العسكريّ والإمام المهديّعليهم‌السلام ، ويقال : إنّ غيبة الإمام المهديّعليه‌السلام حصلت منه ، أي إنه آخر مكان شوهد فيه الإمام قبل غيبته.

وقد وردت بعض الزيارات والأدعية عند الوقوف عليه ، والتي ترمز إلى إظهار

٣٣٤

المحبّة والمودّة لهعليه‌السلام ، والدعاء له في تعجيل فرجه ، وغير ذلك.

( أحمد ـ السعودية ـ سنّي ـ ٢٠ سنة ـ طالب جامعة )

حجّة الله على الخلق :

س : كيف يكون الإمام المهديّ حجّة وهو غائب؟ وما هي الفائدة منه حال غيبته؟

ج : لاشكّ ولا ريب أنّ الإمام المهديّعليه‌السلام حجّة الله تعالى على الخلق ، بمعنى أنّ الله تعالى يحتجّ به على عباده يوم القيامة ، وعليه فالحجّية مهمّة من مهام الإمام ووظائفه.

فغيابهعليه‌السلام عن أنظار الخلق ـ بمعنى أنّ الخلق لا يراه بينما هو يراهم ـ لا يضرّ على هذا المعنى من الحجّية ، فهو ناظر إلى أعمالنا ، ومطّلع عليها.

وإن قلنا : إنّ معنى الحجّية هو الالتزام بأقوال الإمامعليه‌السلام ، وأوامره ونواهيه ، والعمل عليها ، فغيابهعليه‌السلام أيضاً لا يضرّ ، إذ يكفي في صحّة إطلاق الحجّية بهذا المعنى هو التزام المؤمن ، بأنّه إذا صدر أمر أو نهي من الإمام سوف يطبّقه ، ويسير على نهجه ، سواء صدر ذلك فعلاً أو لم يصدر ، كما في زمن الغيبة.

علماً أنّ وجود الإمامعليه‌السلام لا يقتصر على الحجّية ، بل له مهام وفوائد ووظائف أُخرى كثيرة جدّاً ، بحيث يكون الانتفاع به كالشمس إذا غيّبتها السحاب ، كما ورد ذلك في روايات أهل البيتعليهم‌السلام .

فقد سئل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن كيفية الانتفاع بالإمام المهديّعليه‌السلام في غيبته فقال : «إي والذي بعثني بالنبوّة ، إنّهم يستضيئون بنوره ، وينتفعون بولايته في غيبته ، كانتفاع الناس بالشمس ، وإن تجلّلها السحاب »(١) .

وروي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال ـ بعد أن سئل عن كيفية انتفاع الناس

__________________

١ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٢٥٣ ، ينابيع المودّة ٣ / ٢٣٨ ، كشف الغمّة ٣ / ٣١٥.

٣٣٥

بالحجّة الغائب المستور ـ : « كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب »(١) .

وروي أنّه خرج من الناحية المقدّسة إلى إسحاق بن يعقوب على يد محمّد بن عثمان : « وأمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي ، فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبها عن الأبصار السحاب »(٢) .

فيمكن أن يقال : إنّ الشبه بين مهدي هذه الأُمّة ، وبين الشمس المجلّلة بالسحاب من عدّة وجوه :

١ ـ المهديّعليه‌السلام كالشمس في عموم النفع ، فنور الوجود والعلم والهداية يصل إلى الخلق بتوسّطه.

٢ ـ إنّ منكر وجود المهديّعليه‌السلام كمنكر وجود الشمس إذا غيّبها السحاب عن الأبصار.

٣ ـ إنّ الشمس المحجوبة بالسحاب مع انتفاع الناس بها فإنهم ينتظرون في كلّ آن انكشاف السحاب عنها وظهورها ؛ ليكون انتفاعهم بها أكثر ، فكذلك في أيّام غيبتهعليه‌السلام ، ينتظر المخلصون من شيعته خروجه ، وظهوره في كلّ وقت وزمان ولا ييأسون منه.

٤ ـ إنّ الشمس قد تخرج من السحاب على البعض دون الآخر ، فكذلك يمكن أن يظهر في غيبته لبعض الخلق دون البعض.

٥ ـ إنّ شعاع الشمس يدخل البيوت بقدر ما فيها من النوافذ ، وبقدر ما يرتفع عنها من الموانع ، فكذلك الخلق إنّما ينتفعون بأنوار هدايته بقدر ما يرفعون الموانع عن حواسّهم ومشاعرهم ، من الشهوات النفسية والعلائق الجسمانية ، والالتزام بأوامر الله والتجنّب عن معاصيه ، إلى أن ينتهي الأمر حيث يكون بمنزلة مَن هو تحت السماء يحيط به شعاع الشمس من جميع جوانبه بغير حجاب.

__________________

١ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٢٠٧ ، الأمالي للشيخ الصدوق : ٢٥٣ ، روضة الواعظين : ١٩٩.

٢ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٤٨٥ ، الاحتجاج ٢ / ٢٨٤ ، الخرائج والجرائح ٣ / ١١١٥.

٣٣٦

( السيد الموسوي البحراني ـ البحرين ـ ٣٦ سنة ـ طالب علم )

يحكم بالحكم الواقعي لا الظاهري :

س : الإمام الحجّة عليه‌السلام عند خروجه ، هل يحكم بين الناس بالأحكام الظاهرية كأجداده أم له أحكام خاصّة تختلف عنهم؟ الرجاء دعم الإجابة بالروايات.

ج : قد وردت عندنا روايات صحيحة تشير إلى أنّ الإمام المهديّعليه‌السلام يحكم بحكم داودعليه‌السلام ، فقد ورد عنهمعليهم‌السلام : إنّ روح القدس يتلقّاهم بما ليس عندهم ، فعن عن عمّار الساباطي قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : بما تحكمون إذا حكمتم؟ قال : «بحكم الله وحكم داود ، فإذا ورد علينا الشيء الذي ليس عندنا ، تلقّانا به روح القدس »(١) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : « إذا قام قائم آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله حكم بحكم داودعليه‌السلام ، لا يحتاج إلى بيّنة ، يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه ، ويخبر كلّ قوم بما استبطنوه ، ويعرف وليّه من عدّوه بالتوسم »(٢) .

فمن هذا يتبيّن : إنّ الإمام المهديّعليه‌السلام يحكم بالحكم الواقعي لا الظاهري ، والله أعلم.

( حسن ـ السعودية ـ سنّي ـ ٢٧ سنة ـ طالب جامعة )

عقيدتنا فيه :

س : أشكرك أخي على ردّك عليّ ، ولكن أردت أن أسألك عن المهديّ المنتظر ، هو معروف ومتعارف عليه لذي المذهبين السنّة والشيعة ، وما هو متعارف عندنا أنّه يأتي في آخر الزمان ، واسمه من اسم الرسول ، ويأتي وهو بسنّ الأربعين.

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٣٩٨ ، بصائر الدرجات : ٤٧١.

٢ ـ روضة الواعظين : ٢٦٦ ، الإرشاد ٢ / ٣٨٦.

٣٣٧

لو تكرّمت أخي الكريم : أُريد أن أعرف ما هو المهديّ المنتظر في مذهبكم؟ ولك منّي جزيل الشكر.

ج : الإمام المهديّ المنتظرعليه‌السلام هو الإمام الثاني عشر من أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، الذين نصَّ عليهم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذكرتهم المجامع الحديثية عند الشيعة الإمامية بعددهم وأسمائهم ، واكتفت بعض المجامع الحديثية السنّية بذكر عددهم دون أسمائهم ، كما في صحيحي البخاريّ ومسلم ، في أحاديث الخلفاء اثنا عشر ، وفي بعض الأحاديث يرد ذكر القبيلة التي ينتمي إليها هؤلاء الخلفاء أو الأئمّة ، كقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «كلّهم من قريش »(١) .

وأيضاً يرد امتداد خلافة هؤلاء الخلفاء حتّى قيام الساعة ، كما في الحديث الذي أورده مسلم في صحيحه : «لا يزال الدين قائماً حتّى تقوم الساعة ، أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة ، كلّهم من قريش . »(٢) .

ولم يستقم تفسير لهذه الأحاديث الشريفة إلاّ بما تذكره المجامع الحديثية

الشيعيّة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : بأنّ الخلفاء أو الأئمّة هم اثنا عشر ، أوّلهم علي بن أبي طالبعليه‌السلام وآخرهم المهديّ المنتظرعليه‌السلام .

ولا يوجد تفسير صحيح عند أيّ من المذاهب الإسلامية لهذه الأحاديث الصحيحة المتظافرة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، سوى ما نشهده عند الشيعة الإمامية فقط.

وهذه الأحاديث تذكر : أنّ امتداد خلافة الأئمّةعليهم‌السلام تمتد إلى قيام الساعة ، وهو ما يستقيم تماماً وبالشكل الذي يفسّره حديث الثقلين ، بأنّ الكتاب وأهل البيتعليهم‌السلام لن يفترقا حتّى يردا على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الحوض ، وهو كناية عن يوم

__________________

١ ـ مسند أحمد ٥ / ٨٧ ، صحيح البخاريّ ٨ / ١٢٧ ، صحيح مسلم ٦ / ٣ سنن أبي داود ٢ / ٣٠٩ ، الجامع الكبير ٣ / ٣٤٠.

٢ ـ صحيح مسلم ٦ / ٤ ، مسند أحمد ٥ / ٨٩.

٣٣٨

القيامة ، كما في الحديث الذي رواه الحاكم في مستدركه : «إنّي تركت فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله تعالى وعترتي ، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(١) .

فعقيدتنا في الإمام المهديّعليه‌السلام أنّه مولود في سامراء ، في الخامس عشر من شعبان سنة ٢٥٥ هـ ، وهو ابن الإمام الحسن العسكريّعليه‌السلام ، وهو حيّ غائب ، له غيبتان ، الغيبة الصغرى امتدت ما يقرب من سبعين عاماً ، ابتدأت بعد وفاة والده الإمام العسكريّعليه‌السلام سنة ٢٦٠ هـ. عيّن فيها الإمام المهديّعليه‌السلام أربعة وكلاء كانوا الواسطة بينه وبين شيعته ومواليه في تلك الفترة ، ثمّ خرج توقيع من الإمام المهديّعليه‌السلام على يد الوكيل الرابع علي بن محمّد السمري ، يخبره فيها بوقوع الغيبة الكبرى ، والتي ينتهي أمدها بأمر وإذنٍ من الله تعالى له بالخروج ، ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما مُلئت ظلماً وجوراً ، كما هو الوارد في المجامع الحديثية عند الفريقين ، والتي اتفقت على ظهورهعليه‌السلام .

فقد روى أحمد بن حنبل بسنده عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم لبعث الله عزّ وجلّ رجلاً منّا ، يملؤها عدلاً كما ملئت جوراً »(٢) .

واسم الإمام المهديّعليه‌السلام هو محمّد اسم النبيّ المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقد أخرج أبو داود بسنده عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا تذهب ـ أو لا تنقضي ـ الدنيا حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي »(٣) .

وقد ذكرت الأحاديث الواردة في خصوص الإمام المهديّعليه‌السلام أنّه سيخرج وهو على هيئة رجل شاب في الأربعين من عمره ، لم تعمل فيه السنين المتقادمة عملها من الهرم والعجز ، وذلك سرّ من أسرار الله في خلقه.

__________________

١ ـ المستدرك ٣ / ١٠٩ ، كتاب السنّة : ٣٣٧ و ٦٣٠.

٢ ـ مسند أحمد ١ / ٩٩.

٣ ـ سنن أبي داود ٢ / ٣١٠.

٣٣٩

( زين العابدين أيوبي ـ سورية ـ ٢٠ سنة ـ طالب جامعة )

غير السفّاح الوارد في بعض الروايات :

س : كثيراً ما يتشدّق النواصب ويدّعون بأنّ لهم مهدياً غير مهدي آل محمّدعليهم‌السلام ، الذي ينعتونه بالسفّاح وغير ذلك من الألقاب البذيئة ، فما القول الفصل فيمن يزعم وجود أكثر من مهدي؟

وهل يمكن اعتبار السفياني مهدي النواصب؟ ونرجو التفصيل أكثر بالنسبة للتمييز بين عدل المهديّ بشيعته وقسوته على أعدائه ، وشكراً.

ج : لقد وضع بنو العباس أحاديث تشير إلى أنّ المهديّعليه‌السلام من نسل جدّهم العباس ، وقد ضُعِّفت جميع تلك الأحاديث ، ولعلّ هذا الحديث أيضاً من الأحاديث التي أرادوا الإشارة بها إلى أحقّية خلافتهم المتمثّلة في أوّل خلفائهم ، وهو أبو العباس السفّاح ، والملاحظ لتلك الأحاديث التي ورد بها ذكر السفّاح ، أنّ هناك الكثير ممّن ذكر نفس تلك الأحاديث دون ذكر أنّ المهديّ يقال له السفّاح.

والاختلاف الحاصل في وجود أكثر من مهدي ناشئ من أنّ بعض علماء السنّة يقولون : إنّ المهديّ لم يولد ، بل سيولد ، فترى بين الحين والآخر يظهر من يدّعي أنّه المهديّ!

والذي عليه اعتقادنا نحن مذهب أهل البيتعليهم‌السلام : إنّ المهديّعليه‌السلام ولد ، وهو الابن الوحيد للإمام الحسن العسكريّعليه‌السلام ، وقد اعترف بولادته الكثير من علماء السنّة.

وأهل السنّة الذين يقولون : إنّ المهديّ لم يولد ، لا يبعد منهم أن يتمسّكوا بأيّ شخص ، ويقولون إنّه المهديّ ، فلا يبعد أن يتمسّكوا بالسفيانيّ ، ليكون مهدياً لهم ، بعد أن تمسّكوا على مرّ التاريخ بأشخاص ادعوا المهديّة ، هم بعيدون كلّ البعد عن حقيقة ذلك.

إنّ قيام دولة الإمام المهديّ ، وتحقيق العدالة الكاملة فيها لا يتحقّق إلاّ

٣٤٠

إبليس دعاهم فأجابوه وأمرهم فأطاعوه ودعاكم فلم تجيبوه وأمركم فلم تطيعوه فأغرى بكم الناس.

١٠٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا رأى الرجل ما يكره في منامه فليتحول عن شقه الذي كان عليه نائما وليقل «إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ »(١) ثم ليقل عذت بما عاذت به ملائكة الله المقربون وأنبياؤه المرسلون وعباده الصالحون من شر ما رأيت ومن شر الشيطان الرجيم.

١٠٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن هارون بن منصور العبدي ، عن أبي الورد ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لفاطمةعليها‌السلام في رؤياها التي رأتها قولي أعوذ بما عاذت به

الحديث السادس والمائة : حسن.

قوله تعالى : « إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ » النجوى السر ، ويظهر من ذكر هذه الآية في هذا المقام وما سننقله عن علي بن إبراهيم أن المراد بالنجوى الرؤيا الهائلة الموحشة ، ولعله إنما أطلق عليها لأنها نجوى ، ومسارة من الشيطان.

الحديث السابع والمائة : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « في رؤياها التي رأتها » إشارة إلى ما رواه علي بن إبراهيم في تفسيره(٢) عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « كان سبب نزول هذه الآية أن فاطمة سلام الله عليها رأت في منامها أن رسول الله هم أن يخرج هو وفاطمة وعلي والحسن والحسين صلوات الله عليهم من المدينة ، فخرجوا

__________________

(١) سورة المجادلة : ١٠.

(٢) تفسير القمّيّ : ج ٢ ص ٣٥٥.

٣٤١

ملائكة الله المقربون وأنبياؤه المرسلون وعباده الصالحون من شر ما رأيت في ليلتي هذه

حتى جاوزوا من حيطان المدينة ، فعرض لهم طريقان فأخذ رسول الله ذات اليمين حتى انتهى إلى موضع فيه نخل وماء فاشترى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شاة كبراء وهي التي في أحد أذنيها نقط بيض فأمر بذبحها فلما أكلوا ماتوا في مكانهم فانتبهت فاطمة باكية ذعرة فلم تخبر رسول الله بذلك فلما أصبحت جاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحمار فأركب عليه فاطمة وأمر أن يخرج أمير المؤمنين والحسن والحسينعليهم‌السلام من المدينة كما رأت فاطمةعليها‌السلام في نومها فلما خرجوا من حيطان المدينة عرض لهم طريقان ، فأخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات اليمين كما رأت فاطمةعليها‌السلام حتى انتهوا إلى موضع فيه نخل وماء فاشترى به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شاة كما رأت فاطمةعليها‌السلام فأمر بذبحها فذبحت وشويت فلما أرادوا أكلها قامت فاطمةعليها‌السلام وتنحت ناحية منهم تبكي مخافة أن يموتوا فطلبها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى وقف عليها وهي تبكي فقال : ما شأنك يا بنية؟ قالت : يا رسول الله رأيت كذا وكذا في نومي ، وقد فعلت أنت كما رأيته فتنحيت عنكم فلا أراكم تموتون ، فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فصلى ركعتين ثم ناجى ربه ، فنزل عليه جبرئيل فقال : يا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذا شيطان يقال له : « الدهان »(١) وهو الذي أرى فاطمة هذه الرؤيا ويؤذي المؤمنين في نومهم ما يغتمون به ، فأمر جبرئيلعليه‌السلام فجاء به إلى رسول الله فقال له : أنت أريت فاطمة هذه الرؤيا؟ فقال : نعم يا محمد فبزق عليه ثلاث بزقات فشجه في ثلاث مواضع ، ثم قال جبرئيل لمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قل يا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا رأيت في منامك شيئا تكرهه أو رأى أحد من المؤمنين فليقل : « أعوذ بما عاذت به ملائكة الله المقربون وأنبياء الله المرسلون وعباده الصالحون من شر ما رأيت من رؤياي ويقرأ الحمد والمعوذتين ، وقل هو الله أحد ، ويتفل عن يساره ثلاث تفلات ، فإنه لا يضره ما

__________________

(١) في المصدر : [ الرهاط ].

٣٤٢

أن يصيبني منه سوء أو شيء أكرهه ثم انقلبي عن يسارك ثلاث مرات.

( حديث محاسبة النفس )

١٠٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعلي بن محمد جميعا ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئا إلا أعطاه فلييأس من الناس كلهم ولا يكون له رجاء إلا من عند الله عز ذكره فإذا علم الله عز وجل ذلك من قلبه لم يسأله شيئا إلا أعطاه ـ فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا عليها فإن للقيامة خمسين موقفا كل موقف مقداره ألف سنة ثم تلا «فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ »(١) .

١٠٩ ـ وبهذا الإسناد ، عن حفص ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من كان مسافرا فليسافر يوم السبت فلو أن حجرا زال عن جبل يوم السبت لرده الله عز ذكره إلى موضعه ومن تعذرت عليه الحوائج فليلتمس طلبها يوم الثلاثاء فإنه اليوم الذي ألان الله فيه الحديد لداودعليه‌السلام .

رأى وأنزل الله على رسوله «إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ » الآية.

قوله عليه‌السلام « انقلبي عن يسارك » الظاهر أنه كان « ثم اتفلي عن يسارك » ثلاث مرات كما يدل عليه ما نقلنا آنفا ، وعليه لعل المراد الانقلاب عن اليمين إلى اليسار ثلاث مرات ، بأن ينقلب أولا إلى اليسار ، ثم إلى اليمين ، ثم إلى اليسار ، وهكذا ويحتمل أن يكون متعلقا بالقول فقط أي يقوله ثلاث مرات ثم ينقلب ، وقيل : المراد أنه ينقلب شيئا فشيئا ، وقليلا قليلا عن اليمين إلى اليسار في ثلاث دفعات.

الحديث الثامن والمائة : ضعيف.

الحديث التاسع والمائة : ضعيف.

__________________

(١) سورة السجدة : ٥.

٣٤٣

١١٠ ـ وبهذا الإسناد ، عن حفص ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال مثل الناس يوم القيامة إذا قاموا لرب العالمين مثل السهم في القرب ليس له من الأرض إلا موضع قدمه كالسهم في الكنانة لا يقدر أن يزول هاهنا ولا هاهنا.

١١١ ـ وبهذا الإسناد ، عن حفص قال رأيت أبا عبد اللهعليه‌السلام يتخلل بساتين الكوفة فانتهى إلى نخلة فتوضأ عندها ثم ركع وسجد فأحصيت في سجوده خمسمائة تسبيحة ثم استند إلى النخلة فدعا بدعوات ثم قال يا أبا حفص إنها والله النخلة التي قال الله جل وعز لمريمعليها‌السلام «وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا »(١) .

١١٢ ـ حفص ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال عيسىعليه‌السلام اشتدت مئونة الدنيا ومئونة الآخرة أما مئونة الدنيا فإنك لا تمد يدك إلى شيء منها إلا وجدت فاجرا قد سبقك إليها وأما مئونة الآخرة فإنك لا تجد أعوانا يعينونك عليها.

الحديث العاشر والمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « في القرب » أي في قرب كل منهم بالآخر ، وفي بعض النسخ « في القرن » قال في النهاية : القرن بالتحريك : جعبة من جلود تشق ، ويجعل فيها النشاب ، ومنه الحديث « الناس يوم القيامة كالنبل في القرن » أي مجتمعون مثلها(٢) .

الحديث الحادي عشر والمائة : صحيح.

قوله عليه‌السلام « في سجوده » أي في كل سجدة أو في جميعها ، والأول أظهر ، وهذا الخبر مؤيد لما ورد من الأخبار من أن عيسىعليه‌السلام ولد بشاطئ الفرات ، وما اشتهر بين المؤرخين من كون سكناها في بيت المقدس ، لا ينافي ذلك لجواز أن يكون الله أجاءها عند المخاض إلى هذا المكان بطي الأرض ثم أرجعها إلى بيت المقدس.

الحديث الثاني عشر والمائة : ضعيف.

__________________

(١) سورة مريم : ٢٥.

(٢) النهاية : ج ٤ ص ٥٥.

٣٤٤

١١٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن يونس بن عمار قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول أيما مؤمن شكا حاجته وضره إلى كافر أو إلى من يخالفه على دينه فكأنما شكا الله عز وجل إلى عدو من أعداء الله وأيما رجل مؤمن شكا حاجته وضره إلى مؤمن مثله كانت شكواه إلى الله عز وجل.

١١٤ ـ ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن الوليد بن صبيح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الله عز وجل أوحى إلى سليمان بن داود ع أن آية موتك أن شجرة تخرج من بيت المقدس يقال لها الخرنوبة قال فنظر سليمان يوما فإذا الشجرة الخرنوبة قد طلعت من بيت المقدس فقال لها ما اسمك قالت الخرنوبة قال فولى سليمان مدبرا إلى محرابه فقام فيه متكئا على عصاه فقبض روحه من ساعته قال فجعلت الجن والإنس يخدمونه ويسعون في أمره كما كانوا وهم يظنون أنه حي لم يمت يغدون ويروحون وهو قائم ثابت حتى دبت الأرضة من عصاه فأكلت منسأته فانكسرت وخر سليمان إلى الأرض أفلا تسمع لقوله عز وجل : «فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا

الحديث الثالث عشر والمائة : مجهول.

ويدل على جواز الشكاية إلى المؤمن وإن كان الأولى تركها.

الحديث الرابع عشر والمائة : صحيح.

قوله عليه‌السلام « فأكلت منسأته » أي عصاه.

قوله تعالى : « تَبَيَّنَتِ الْجِنُ » روى علي بن إبراهيم وغيره أن الآية إنما نزلت هكذا « تبينت الإنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين » وذلك أن الإنس كانوا يقولون إن الجن يعلمون الغيب ، فلما سقط سليمان على وجهه علم الإنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب لم يعملوا سنة لسليمان ، وهو ميت ، ويتوهمونه حيا(١) .

وقال الزمخشري : في قراءة أبي تبينت الإنس ، وفي قراءة ابن مسعود « تبينت

__________________

(١) تفسير القمّيّ : ج ٢ ص ٢٠٠ باختلاف يسير.

٣٤٥

يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ »(١)

١١٥ ـ ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن سدير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال أخبرني جابر بن عبد الله أن المشركين كانوا إذا مروا برسول الله حول البيت طأطأ أحدهم ظهره ورأسه هكذا وغطى رأسه بثوبه لا يراه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأنزل الله عز وجل : «أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما

الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب «(٢) وأما على القراءة المشهورة فقيل معناه علمت الجن بعد ما التبس عليهم أنهم لا يعلمون الغيب ، وقيل : أي علمت عامة الجن وضعفاؤهم أن رؤساءهم لا يعلمون الغيب ، وقيل المعنى : ظهرت الجن ، وأن بما في خبره بدل منه » أي ظهر أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا ما لبثوا في العذاب المهين.

الحديث الخامس عشر والمائة : حسن.

قوله تعالى : « أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ » لا يخفى أن تفسيره أشد انطباقا على اللفظ ، مما ذكره أكثر المفسرين.

قال البيضاوي : أي يثنونها عن الحق وينحرفون عنه ، أو يعطفونها على الكفر وعداوة النبي أو يؤلون ظهورهم «لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ » أي من الله بسرهم فلا يطلع رسوله والمؤمنين عليه ، قيل إنها نزلت في طائفة من المشركين ، قالوا : إذا أرخينا ستورنا واستغشينا ثيابها وطوينا صدورنا على عداوة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله كيف يعلم؟ وقيل : نزلت في المنافقين ، وفيه نظر إذ الآية مكية ، والنفاق حدث بالمدينة «أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ » أي إلا حين يأوون إلى فراشهم ويتغطون بثيابهم «يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ » في

__________________

(١) سورة سبأ : ١٤.

(٢) الكشّاف : ج ٣ ص ٥٧٤.

٣٤٦

يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ »(١) .

( إن الله خلق الجنة قبل أن يخلق النار )

١١٦ ـ ابن محبوب ، عن أبي جعفر الأحول ، عن سلام بن المستنير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن الله عز وجل خلق الجنة قبل أن يخلق النار وخلق الطاعة قبل أن يخلق المعصية وخلق الرحمة قبل الغضب وخلق الخير قبل الشر وخلق الأرض قبل السماء وخلق الحياة قبل الموت وخلق الشمس قبل القمر وخلق النور قبل الظلمة.

١١٧ ـ عنه ، عن عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إن الله خلق الخير يوم الأحد وما كان ليخلق الشر قبل الخير وفي يوم الأحد والإثنين خلق الأرضين وخلق أقواتها في يوم الثلاثاء وخلق السماوات يوم الأربعاء ويوم الخميس وخلق أقواتها

قلوبهم «وَما يُعْلِنُونَ » بأفواههم يستوي في علمه سرهم وعلنهم ، فكيف يخفى عليه ما عسى يظهرونه(٢) .

الحديث السادس عشر والمائة : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « وخلق الطاعة » أي قدرها قبل المعصية وتقديرها ، وكذا في الفقرتين بعدها ، والخلق بمعنى التقدير شائع ، ولعل المراد بخلق الشر خلق ما يترتب عليه شر ، وإن كان إيجاده خيرا وصلاحا.

الحديث السابع عشر والمائة : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « وما كان ليخلق الشر قبل الخير » الغرض أن ابتداء خلق الجميع يوم الأحد : إذ خيريته تعالى تقتضي أن لا يقدم خلق الشر على خلق الخير ، وابتداء خلق الخير كان يوم الأحد ، فلم يخلق قبله شيء.

أقول : في هذا الخبر فوائد الأولى : تفصيل ما ذكره تعالى مجملا في عدة مواضع من خلق السماوات والأرض في ستة أيام.

وروى العامة أيضا عن مجاهد أن الله ابتدأ بخلق الأرض والسماوات يوم

__________________

(١) سورة هود : ٥.

(٢) أنوار التنزيل : ج ١ ص ٤٦١.

٣٤٧

يوم الجمعة وذلك قوله عز وجل : «خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ »(١) .

الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة ، فاجتمع له الخلق ، وتم يوم الجمعة ، فلذلك سمي جمعة(٢) ، ولا شك في أنه تعالى كان قادرا على خلقها لحظة وإنما خلقها هكذا تدريجا لمصالح كثيرة لا نعلمها على حقيقتها.

وقيل : لأن ترتيب الحوادث على إنشاء شيء بعد شيء يدل على كون فاعله عالما مدبرا يصرفه على اختياره : ويجريه على مشيته.

ويؤيده ما رواه الصدوق في العيون(٣) والعلل بإسناده عن أبي الصلت الهروي عن الرضاعليه‌السلام أنه قال : « ثم خلق السماوات والأرض في ستة أيام ، وهو مستول على عرشه وكان قادرا على أن يخلقها في طرفة عين ، ولكنه عز وجل خلقها في ستة أيام ، ليظهر للملائكة ما يخلقه منها شيئا بعد شيء فتستدل بحدوث ما يحدث ، على الله تعالى ذكره » وقيل : إنه سبحانه علم خلقه الثبت والرفق في الأمور ، روي ذلك عن سعيد بن جبير.

الثانية إن الزمان ليس بمقدار حركه الفلك كما زعمت الفلاسفة وإلا فلا معنى للتقدير بالأيام قبل وجود الفلك ، والقول بأنه يحتمل أن يكون تقديره بحركة العرش أو الكرسي مثلا ـ ويكون خلق السماوات السبع والأرضين في ستة أيام يخالف أصولهم بوجوه شتى.

منها لزوم الخلاء ، ويخالف هذا الخبر وغيره من الأخبار الدالة على أول الموجودات كما مر ، مع أن الظاهر من الأخبار والآيات كون السماوات الدائرات سبعة ، والعرش والكرسي مربعان ثابتان غير متحركان.

__________________

(١) سورة السجدة : ٤.

(٢) مجمع البيان : ج ٤ ص ٤٢٨.

(٣) عيون أخبار الرضا : ج ١ ص ١٣٤ ب ١١ ح ٣٣.

٣٤٨

الثالثة : أنهم اختلفوا في أنه تعالى أي شيء أراد باليوم مع أن اليوم المصطلح لا يتحقق إلا بطلوع الشمس وغروبها ، ولم تكن في ابتداء الخلق شمس ولا قمر ، فقيل : المراد في ستة أوقات ، كذا ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره(١) حيث قال في تفسيرقوله تعالى : « فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ* » أي في ستة أوقات ، وقال في قوله تعالى : «فِي يَوْمَيْنِ » أي في وقتين ، ابتداء الخلق وانقضاؤه ، وقيل : المراد في مقدار ستة أيام ، وهذا الوجه أنسب بلفظ الآية وأوفق بهذا الخبر ، كما لا يخفى.

الرابعة : فيه تفسير قوله تعالى : «قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ » أي في وقتين ابتداء الخلق وانقضاؤه ، فعلى تفسيرهعليه‌السلام أن مقدار يومين وافق بعد خلق الشمس والقمر. وتسمية الأيام يوم الأحد والاثنين.

قال البيضاوي(٢) : أي في مقدار يومين أو بنوبتين ، وخلق في كل نوبة ما خلق في أسرع ما يكون ، ولعل المراد بالأرض ما في جهة السفل من الأجرام البسيطة ومن خلقها في يومين أنه خلق لها أصلا مشتركا ثم خلق لها صورا بها صارت أنواعا ، وكفرهم به إلحادهم في ذاته وصفاته «وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً » ولا يصح أن يكون له ند [ ذلك ] الذي خلق الأرض في يومين « رب العالمين » خالق جميع ما يوجد من الممكنات ، ومربيها «وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ » استئناف غير معطوف على خلق للفصل بما هو خارج عن الصلة «مِنْ فَوْقِها » مرتفعة عليها ، ليظهر للنظار ما فيها من وجوه الاستبصار ، وتكون منافعها معرضة للطلاب «وَبارَكَ فِيها » وأكثر خيرها بأن خلق فيها أنواع النباتات والحيوانات «وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها » أقوات أهلها بأن

__________________

(١) تفسير القمّيّ : ج ١ ص ٣٢٢.

(٢) أنوار التنزيل : ج ٢ ص ٣٤٤.

٣٤٩

عين لكل نوع ما يصلحه ويعيش به ، أو أقواتا تنشأ منها بأن خص حدوث كل قوت بقطر من أقطارها ، وقرئ « وقسم فيها أقواتها في أربعة أيام » في تتمة أربعة أيام كقولك سرت من البصرة إلى بغداد في عشرة أيام وإلى الكوفة في خمسة عشر يوما ، ولعلة قال ذلك ، ولم يقل في يومين للإشعار باتصالهما باليومين الأولين والتصريح على الفذلكة.

أقول : الأظهر من هذا الخبر أن المراد بتقدير الأقوات خلق النباتات والثمار والحبوب التي هي أقوات الحيوانات ، ويحتمل أن يكون الخلق في الخبر بمعنى التقدير أي جعلها مهيأة لأن ينبت منها أرزاق العباد «سَواءً » أي استوت سواء بمعنى استواء ، والجملة صفة أيام وتدل عليه قراءة يعقوب بالجر وقيل : حال من الضمير في أقواتها أو فيها ، وقرئ بالرفع على هي سواء «لِلسَّائِلِينَ » متعلق بمحذوف تقديره هذا الحصر للسائلين عن مدة خلق الأرض ، وما فيها أو بقدر ، أي قدر فيها الأقوات للطالبين لها «ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ » قصد نحوها من قولهم استوى إلى مكان كذا إذا توجه إليه توجها لا يلوي على غيره ، والظاهر أن ثم لتفاوت ما بين الخلقين ، لا للتراخي في المدة لقوله «وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها » ودحوها متقدم على خلق الجبال من فوقها «وَهِيَ دُخانٌ » أمر ظلماني ، ولعله أراد به مادتها والأجزاء المصغرة التي ركبت منها «فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ » فخلقهن خلقا إبداعيا وأتقن أمرهن ، والضمير للسماء على المعنى أو مبهم ، وسبع سماوات حال على الأول وتميز على الثاني «فِي يَوْمَيْنِ » قيل : خلق السماوات يوم الخميس والشمس والقمر والنجوم يوم الجمعة هذا بعض كلام البيضاوي في تفسير هذه الآية(١) أوردناه ليتضح به معنى الخبر وقد سبق منا بعض الكلام فيها وبقي هيهنا إشكال وهو أن مدلول الخبر ينافي ظاهر الآية من

__________________

(١) أنوار التنزيل : ج ٢ ص ٣٤٥.

٣٥٠

جهتين.

الأولى : إن ظاهر الآية أن خلق أقوات الأرض وتقديرها كان في يومين ، والخبر يدل على أنه خلق أقوات الأرض في يوم وأقوات السماء في يوم.

والثانية : إن ظاهر الآية تقدم يومئ خلق الأقوات على يومي خلق السماوات والخبر يدل على تأخر أحد يومي خلق الأقوات عنهما ، ويمكن أن يجاب عن الأولى بأن المراد بخلق أقوات السماء خلق أسباب أقوات أهل الأرض الكائنة في السماء من المطر والثلج والألواح التي يقدر فيها الأقوات ، والملائكة الموكلين بها ويؤيده أن ليس لأهل السماء قوت وطعام وشراب ، ففي يوم واحد قدر الأسباب الأرضية لأقوات أهل الأرض وفي يوم آخر قدر الأسباب السماوية لها ، وفي الآية نسبهما إلى الأرض لكونهما لأهلها وفي الخبر فصل ذلك لبيان اختلاف موضع التقديرين ، وعلى الثانية بنحو مما ذكره البيضاوي ، بأن لا تكون لفظة « ثم » للترتيب والتراخي في المدة.

ومن غرائب ما سنح لي أني لما كتبت شرح هذا الخبر اضطجعت فرأيت فيما يرى النائم أني أتفكر في هذه الآية فخطر ببالي في تلك الحالة أنه يحتمل أن يكون المراد بأربعة أيام تمامها لا تتمتها ، ويكون خلق السماوات أيضا من جملة تقدير أرزاق أهل الأرض فإنها من جملة الأسباب ومحال بعض الأسباب كالملائكة العاملة والألواح المنقوشة. والشمس والقمر والنجوم المؤثرة بكيفياتها كالحرارة والبرودة في الثمار والنباتات ، ويكون لفظة « ثم » في قوله تعالى «ثُمَّ اسْتَوى » للترتيب في الأخبار لتفصيل ذلك الإجمال ، بأن يومين من تلك الأربعة كانا مصروفين في خلق السماوات ، والآخرين في خلق سائر الأسباب ، ولو لا أنه سنح لي في هذه الحال لم أجسر على إثبات هذا الاحتمال وإن لم يقصر عما ذكره المفسرون وبه يندفع الإشكال والله تعالى يعلم حقائق كلامه وحججهعليهم‌السلام .

٣٥١

١١٨ ـ ابن محبوب ، عن حنان وعلي بن رئاب ، عن زرارة قال قلت له قوله عز وجل : «لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ

الحديث الثامن عشر والمائة : صحيح.

قوله تعالى «لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ » قال البيضاوي أي أترصد بهم كما يقعد القطاع للسابلة «صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ » طريق الإسلام ونصبه على الظرف. كقوله :

لدن بهز الكف يعسل متنه

فيه ، كما عسل الطريق الثعلب(١)

وقيل : تقديره « على صراطك » كقولك ضرب زيد الظهر والبطن «ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ » أي من جميع الجهات الأربع مثل قصده إياهم بالتسويل والإضلال من أي وجه يمكنه بإتيان العدو من الجهات الأربع ، ولذلك لم يقل من فوقهم ومن تحت أرجلهم وقيل : لم يقل من فوقهم ، لأن الرحمة تنزل منه ولم يقل من تحتهم ، لأن الإتيان منه يوحش.

وعن ابن عباس «مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ » من قبل الآخرة ، و «مِنْ خَلْفِهِمْ » من قبل الدنيا «وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ » من جهة حسناتهم وسيئاتهم ، ويحتمل أن يقال : من بين أيديهم من حيث يعلمون ويقدرون على التحرز عنه ، ومن خلفهم من حيث لا يعلمون ولا يقدرون ، وعن أيمانهم وعن شمائلهم من جهة أن يتيسر لهم أن يعلموا ويتحرزوا ، ولكن لم يفعلوا لعدم تيقظهم واحتياطهم ، وإنما عدي الفعل إلى الأولين بحرف الابتداء ، لأنه منهما متوجه إليهم ، وإلى الآخرين بحرف المجاوزة فإن الآتي منهما كالمنحرف عنهم المار على عرضهم ونظيره قولهم

__________________

(١) لا يوجد في المصدر سوى الشطر الثاني من البيت. واللدن : بفتح اللام وسكون الدال ، اللين من كلّ شيء. وعَسَلَ الرمحُ : اشتدّ اهتزازه « القاموس : ج ٤ ص ٢٦٨ و ١٦ » وفي هذا البيت يصف الشاعر رمحه باللين وشدّة الإهزاز.

٣٥٢

وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ »(١) قال فقال أبو جعفرعليه‌السلام يا زرارة إنه إنما صمد لك ولأصحابك فأما الآخرون فقد فرغ منهم.

١١٩ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد جميعا ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن عبد الله بن مسكان ، عن بدر بن الوليد الخثعمي قال دخل يحيى بن سابور على أبي عبد اللهعليه‌السلام ليودعه فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام أما والله إنكم لعلى الحق وإن من خالفكم لعلى غير الحق والله ما أشك لكم في الجنة وإني لأرجو أن يقر الله لأعينكم عن قريب.

جلست عن يمينه «وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ » مطيعين وإنما قاله ظنا لقوله : [ تعالى ] «وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ » لما رأى فيهم مبدأ الشر متعددا ، ومبدأ الخير واحدا ، وقيل : سمعه من الملائكة(٢) .

قوله عليه‌السلام : « إنما صمد لك ولأصحابك » أي معظم ترصده إنما هو لمن تبع دين الحق ، لعلمه بأنهم ينتفعون بأعمالهم وأديانهم فيريد أن يضلهم إما عن دينهم ، وإما عن أعمالهم. فأما الآخرون أي المخالفون ، فلا يترصد لهم ، لأنه أضلهم عن دينهم ، فقد فرغ من أمرهم لأنهم لضلالتهم لا ينتفعون بما يعملون من الطاعات ، بل هي موجبة لشدة نصبهم وتعبهم في الدنيا ووفور عذابهم في الآخرة.

الحديث التاسع عشر والمائة : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « أن يقر الله بأعينكم » (٣) قال الفيروزآبادي : يقال أقر الله عينه وبعينه(٤) .

قوله عليه‌السلام : « إلى قريب » أي عند الموت أو عند قيام القائم.

__________________

(١) سورة الأعراف : ١٧.

(٢) أنوار التنزيل : ج ١ ص ٣٤٣ ـ ٣٤٤.

(٣) في الأصل « لأعينكم عن قريب » وفي بعض النسخ [ بأعينكم الى قريب ].

(٤) القاموس : ج ٢ ص ١٢٠.

٣٥٣

١٢٠ ـ يحيى الحلبي ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي بصير قال قلت جعلت فداك أرأيت الراد علي هذا الأمر فهو كالراد عليكم فقال يا أبا محمد من رد عليك هذا الأمر فهو كالراد على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى الله تبارك وتعالى يا أبا محمد إن الميت منكم على هذا الأمر شهيد قال قلت وإن مات على فراشه قال إي والله وإن مات على فراشه حي عند ربه يرزق.

١٢١ ـ يحيى الحلبي ، عن عبد الله بن مسكان ، عن حبيب قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول أما والله ما أحد من الناس أحب إلي منكم وإن الناس سلكوا سبلا شتى فمنهم من أخذ برأيه ومنهم من اتبع هواه ومنهم من اتبع الرواية وإنكم أخذتم بأمر له أصل فعليكم بالورع والاجتهاد واشهدوا الجنائز وعودوا المرضى واحضروا مع قومكم في مساجدهم للصلاة أما يستحيي الرجل منكم أن يعرف جاره حقه ولا يعرف حق جاره.

١٢٢ ـ عنه ، عن ابن مسكان ، عن مالك الجهني قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام يا مالك أما ترضون أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتكفوا وتدخلوا الجنة

الحديث العشرون والمائة : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « حي عند ربه يرزق » أي له من الثواب ما أعده الله للشهداء حيث قال ( تعالى ) : «وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ » الآية(١) .

الحديث الحادي والعشرون والمائة : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « أن يعرف جاره حقه » أي من العامة أو الأعم.

الحديث الثاني والعشرون والمائة : حسن.

قوله عليه‌السلام : « وتكفوا » أي عن المعاصي أو عن الناس بالتقية.

__________________

(١) سورة آل عمران : ١٦٩.

٣٥٤

يا مالك إنه ليس من قوم ائتموا بإمام في الدنيا إلا جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه إلا أنتم ومن كان على مثل حالكم يا مالك إن الميت والله منكم على هذا الأمر لشهيد بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل الله.

١٢٣ ـ يحيى الحلبي ، عن بشير الكناسي قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول وصلتم وقطع الناس وأحببتم وأبغض الناس وعرفتم وأنكر الناس وهو الحق إن الله اتخذ محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله عبدا قبل أن يتخذه نبيا وإن علياعليه‌السلام كان عبدا ناصحا لله عز وجل فنصحه وأحب الله عز وجل فأحبه إن حقنا في كتاب الله بين لنا صفو الأموال ولنا الأنفال وإنا قوم فرض الله عز وجل طاعتنا وإنكم تأتمون بمن لا يعذر الناس بجهالته وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية عليكم بالطاعة فقد رأيتم أصحاب عليعليه‌السلام ثم قال إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال في مرضه الذي توفي فيه ادعوا لي خليلي فأرسلتا إلى أبويهما فلما جاءا أعرض بوجهه ثم قال

الحديث الثالث والعشرون والمائة : مجهول.

ويمكن أن يعد حسنا لأن هذا الخبر يدل على مدح بشير.

قوله عليه‌السلام : « إن الله اتخذ محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبدا » أي عبدا كاملا في العبودية مطيعا لله في جميع أموره ، ولذا لم ينسب الله تعالى بالعبودية أحدا إلى نفسه إلا مقربي جنابه من الأنبياء والأوصياء كما قال : «سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ »(١) وقال : «عَبْداً مِنْ عِبادِنا »(٢) وقال : إلى «عَبْدَنا داوُدَ »(٣) ومثله كثير ، والغرض أن هذا الكمال الذي كان حاصلا لنبينا قبل بعثته ونبوته ، قد كان لعليعليه‌السلام وكان في جميع الكمالات مشاركا مع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سوى النبوة فقد أخذتم بولاية من هو هكذا.

قوله عليه‌السلام : « لنا صفو المال » أي صفايا الغنيمة.

قوله عليه‌السلام : « فقد رأيتم أصحاب علي عليه‌السلام » أي المطيعين له أو المخالفين له

__________________

(١) سورة الإسراء : ١.

(٢) سورة الكهف : ٦٥.

(٣) سورة ص : ١٧. والآية «وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ » ولعلّ كلمة « إلى » هنا زيدت من النسّاح.

٣٥٥

ادعوا لي خليلي فقالا قد رآنا لو أرادنا لكلمنا فأرسلتا إلى عليعليه‌السلام فلما جاء أكب عليه يحدثه ويحدثه حتى إذا فرغ لقياه فقالا ما حدثك فقال حدثني بألف باب من العلم يفتح كل باب إلى ألف باب.

١٢٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي ، عن موسى بن عمر بن بزيع قال قلت للرضاعليه‌السلام إن الناس رووا أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا أخذ في طريق رجع في غيره فهكذا كان يفعل قال فقال نعم فأنا أفعله كثيرا فافعله ثم قال لي أما إنه أرزق لك.

١٢٥ ـ سهل بن زياد ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبد الله بن جبلة ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الأولعليه‌السلام قال قلت له جعلت فداك الرجل من إخواني يبلغني عنه الشيء الذي أكرهه فأسأله عن ذلك فينكر ذلك وقد أخبرني عنه قوم ثقات فقال لي يا محمد كذب سمعك وبصرك عن أخيك فإن شهد عندك خمسون قسامة

أو الأعم.

قوله عليه‌السلام : « أكب عليه » قال الفيروزآبادي : أكب عليه : أقبل ولزم(١) .

قوله عليه‌السلام : « ألف باب » أي ألف نوع أو ألف قاعدة من القواعد الكلية التي تستنبط من كل قاعدة منها ألف قاعدة أخرى ، والأول أظهر.

الحديث الرابع والعشرون والمائة : ضعيف.

ويدل على استحباب الرجوع في غير الطريق الذي أخذ فيه ، وأنه موجب لمزيد الرزق.

الحديث الخامس والعشرون والمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « خمسون قسامة » أي خمسون رجلا يشهدون ويقسمون عليه ،

__________________

(١) القاموس : ج ١ ص ١٢٤.

٣٥٦

وقال لك قولا فصدقه وكذبهم لا تذيعن عليه شيئا تشينه به وتهدم به مروءته فتكون من الذين قال الله في كتابه : «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ »(١) .

( حديث من ولد في الإسلام )

١٢٦ ـ سهل بن زياد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن عبد ربه بن رافع ، عن الحباب بن موسى ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من ولد في الإسلام حرا فهو عربي ومن كان له عهد فخفر في عهده فهو مولى لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومن دخل في الإسلام طوعا فهو

ولعل هذا مختص بما إذا كان فيما يتعلق بنفسه من غيبته أو الإزراء به ، ونحو ذلك فإذا أنكرها واعتذر إليه يلزمه أن يقبل عذره ، ولا يؤاخذه بما بلغه عنه ، ويحتمل التعميم أيضا فإن الثبوت عند الحاكم بعدلين أو أربعة وإجراء الحد عليه لا ينافي أن يكون غير الحاكم مكلفا باستتار ما ثبت عنده من أخيه ، من الفسوق التي كان مستترا بها ، والإذاعة الإفشاء ، والشين : العيب ، والفاحشة : الذنب أو ما يشتد قبحه من الذنوب.

حديث من ولد في الإسلام

الحديث السادس والعشرون والمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « من ولد في الإسلام حرا فهو عربي » أي الأخبار الواردة في مدح العرب تشتمل كل من ولد في الإسلام حرا وكان على دين الحق ولو كان من العجم ،(٢) لورود كثير من الأخبار أنهم يحشرون بلسان العرب ، وإن كان على غير دين الحق يحشر بلسان العجم وإن كان من العرب.

قوله عليه‌السلام : « ومن كان له عهد فخفر » يقال : خفر به خفرا وخفورا أي نقض

__________________

(١) النور : ١٨.

(٢) معاني الأخبار : ص ٤٠٣ ـ ٤٠٥ ب نوادر المعاني ح ٧١ ـ ٧٢ ـ ٧٤ ـ ٧٧ ـ ٧٨.

٣٥٧

مهاجر.

١٢٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من أصبح وأمسى وعنده ثلاث فقد تمت عليه النعمة في الدنيا من أصبح وأمسى معافى في بدنه آمنا في سربه عنده قوت يومه فإن كانت عنده الرابعة فقد تمت عليه النعمة في الدنيا والآخرة وهو الإسلام.

١٢٨ ـ عنه ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام [ ، عن أبيهعليه‌السلام ]

عهده والخفر أيضا الإجارة والمنع وحفظ الأمان ، وعلى التقديرين أقيم علة الجزاء هنا مقامه ، أي من كان له عهد وأمان وذمة من قبل أحد من المسلمين فروعي أمانه فقد روعي أمان حليف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو معتقه أو من آمنه ، لأنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حكم بحفظ أمانه وأعتقه(١) من القتل فهو مولاهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإن نقض عهده فقد نقض عهد مولى الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنه مولاه.

قوله عليه‌السلام : « ومن دخل في الإسلام طوعا فهو مهاجر » أي في هذا الزمان الذي ارتفع حكم الهجرة ، أو أنه مطلقا في حكم المهاجر في وفور ثوابه ، ولزوم احترامه.

الحديث السابع والعشرون والمائة : ضعيف.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من أصبح وأمسى معافى » بيان للجملة السابقة وبدل عنها ومفسر لها ، قال الجزري : فيه « من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه » يقال :فلان آمن في سربه بالكسر : أي في نفسه ، وفلان واسع السرب : أي رخي البال ، ويروى بالفتح ، وهو المسلك والطريق ، يقال : خل له سربه أي طريقه(٢) .

الحديث الثامن والعشرون والمائة : ضعيف.

__________________

(١) هكذا في النسخ لكن ظاهرا سقط كلمة « من » والصحيح « ومن أعتقه ».

(٢) النهاية : ج ٢ ص ٣٥٦.

٣٥٨

أنه قال لرجل وقد كلمه بكلام كثير فقال أيها الرجل تحتقر الكلام وتستصغره اعلم أن الله عز وجل لم يبعث رسله حيث بعثها ومعها ذهب ولا فضة ولكن بعثها بالكلام وإنما عرف الله جل وعز نفسه إلى خلقه بالكلام والدلالات عليه والأعلام.

١٢٩ ـ وبهذا الإسناد قال قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ما خلق الله جل وعز خلقا إلا وقد أمر عليه آخر يغلبه فيه وذلك أن الله تبارك وتعالى لما خلق البحار السفلى فخرت وزخرت وقالت أي شيء يغلبني فخلق الأرض فسطحها على ظهرها فذلت ثم قال إن الأرض فخرت وقالت أي شيء يغلبني فخلق الجبال فأثبتها على ظهرها أوتادا من أن تميد بما عليها فذلت الأرض واستقرت ثم إن الجبال فخرت على الأرض فشمخت واستطالت وقالت أي شيء يغلبني فخلق الحديد فقطعها فقرت الجبال

قوله عليه‌السلام : « تحتقر الكلام » لعل السائل لم يعرف قدر نعمة الكلام ، وما إفاضةعليه‌السلام عليه من الحكم والمعارف فنبههعليه‌السلام بفضيلة الكلام ورفعة شأنه ، وأن عمدة معجزات الأنبياء بيان المعارف الإلهية والعلوم الدينية ، وبه يعرف الله تعالى ويستدل عليه.

الحديث التاسع والعشرون والمائة : ضعيف.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « فخرت وزخرت » قال الفيروزآبادي : زخر البحر كمنع زخرا وزخورا وتزخر : طمى وتملأ ، والوادي مد جدا وارتفع ، والنبات طال ، والرجل بما عنده فخر(١) .

أقول : يحتمل أن تكون هذه الجمل جرت على سبيل الاستعارة التمثيلية لبيان أن ما سوى الحق تعالى مغلوب مقهور عن غيره ، والله تعالى هو الغالب القاهر لجميع من سواه.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أوتادا من أن تميد بما عليها » إشارة إلى ما ذكره الله تعالى

__________________

(١) القاموس : ج ٢ ص ٣٩.

٣٥٩

وذلت ثم إن الحديد فخرت على الجبال وقال أي شيء يغلبني فخلق النار

في مواضع من القرآن الكريم منها قوله تعالى : «وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ »(١) قال المبرد : أي منع الأرض أن تميد ، وقيل : أي كراهة أن تميد ، ومنها قوله تعالى «وَالْجِبالَ أَوْتاداً »(٢) وقال بعض المفسرين : الميد الاضطراب في الجهات الثلاث ، وقيل : إن الأرض كانت تميد وترجف رجوف السقف بالوطء ، فثقلها الله بالجبال الرواسي ، ليمنع من رجوفها ، ورووا عن ابن عباس أنه قال : إن الأرض بسطت على الماء فكانت تكفأ بأهلها كما تكفأ السفينة ، فأرساها الله تعالى بالجبال ، تم إنهم اختلفوا في أنه لم صارت الجبال سببا لسكون الأرض؟ على أقوال ، وذكروا لذلك وجوها ولنذكر بعضها.

الأول : ما ذكره الفخر الرازي في تفسيره(٣) : أن السفينة إذا ألقيت على وجه الماء فإنها تميد من جانب إلى جانب وتضطرب ، فإذا وضعت الأجرام الثقيلة فيها استقرت على وجه الماء ، فكذلك لما خلق الله تعالى الأرض على وجه الماء اضطربت ومادت ، فخلق الله تعالى عليها هذه الجبال ووتدها بها ، فاستقرت على وجه الماء بسبب ثقل الجبال ، ثم قال : لقائل أن يقول : هذا يشكل من وجوه.

الأول : إن هذا المعلل إما أن يقول : بأن حركات الأجسام بطباعها أو يقول : ليست بطباعها ، بل واقعة بإيجاد الفاعل المختار إياها ، فعلى التقدير الأول نقول : لا شك أن الأرض أثقل من الماء والأثقل يغوص في الماء ولا يبقى طافيا عليه ، فامتنع أن يقال إنها كانت تميد وتضطرب بخلاف السفينة ، فإنها متخذة من الخشب وفي داخل الخشب تجويفات غير مملوءة فلذلك تميد وتضطرب

__________________

(١) سورة النحل : ١٥.

(٢) سورة النبأ : ٧.

(٣) تفسير الرازيّ : ج ٢ ص ٨ « ط إستانبول سنة ١٢٩٤ ».

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385