مرآة العقول الجزء ٢٦

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 640

مرآة العقول

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
تصنيف:

الصفحات: 640
المشاهدات: 1162
تحميل: 399


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 640 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 1162 / تحميل: 399
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 26

مؤلف:
العربية

مضمونون.

٤٨٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليكم بالسفر بالليل فإن الأرض تطوى بالليل.

٤٩٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن سيف بن عميرة ، عن بشير النبال ، عن حمران بن أعين قال قلت لأبي جعفر عليه‌السلام يقول الناس تطوى لنا الأرض بالليل كيف تطوى قال هكذا ثم عطف ثوبه.

٤٩١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن

الفيروزآبادي : الهوام ـ كشداد ـ : الأسد(١) .

قوله عليه‌السلام: « مع أنكم مضمونون » أي أنتم معشر الشيعة ضمن الله لكم حفظكم أي غالبا أو مع التوكل والتفويض التام.

الحديث التاسع والثمانون والأربعمائة : ضعيف على المشهور.

قوله : « فإن الأرض تطوى بالليل » حمل على أنه كناية عن سهولة السير ، ولا يبعد حمله على الحقيقة كما هو المصرح به في الخبر الآتي.

قال الجزري : في حديث السفر « اطو لنا الأرض » أي قربها وسهل السير فيها ، حتى لا تطول علينا فكأنها قد طويت ، ومنه الحديث « إن الأرض لتطوي بالليل ما لا تطوي بالنهار » أي يقطع مسافتها لأن الإنسان فيه أنشط من النهار ، وأقدر على المشي والسير لعدم الحر وغيره.(٢) .

الحديث التسعون والأربعمائة : حسن.

الحديث الحادي والتسعون والأربعمائة : حسن.

ورواه الصدوق عن حماد بسند صحيح(٣) ويدل على أن السير في آخر

__________________

(١) القاموس : ج ٤ ص ١٩٤.

(٢) النهاية : ج ٣ ص ١٤٦.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ١٧٤ باب ٦٨ ح ٦.

٤٢١

أبي عبد الله عليه‌السلام قال الأرض تطوى في آخر الليل.

٤٩٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي أيوب الخزاز قال أردنا أن نخرج فجئنا نسلم على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال كأنكم طلبتم بركة الإثنين فقلنا نعم فقال وأي يوم أعظم شؤما من يوم الإثنين يوم فقدنا فيه نبينا وارتفع الوحي عنا لا تخرجوا واخرجوا يوم الثلاثاء.

٤٩٣ ـ عنه ، عن بكر بن صالح ، عن سليمان الجعفري ، عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام قال الشؤم للمسافر في طريقه خمسة أشياء الغراب الناعق عن

الليل أسهل من سائره.

الحديث الثاني والتسعون والأربعمائة : موثق.

ورواه الصدوق في الفقيه بسند صحيح ، عن أبي أيوب(١) وروى في الخصال أيضا بسند صحيح ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام ،(٢) وكذا الحميري في قرب الإسناد(٣) ويدل كالأخبار الكثيرة على شؤم يوم الاثنين وعلى أن يوم الثلاثاء مختار للسفر.

الحديث الثالث والتسعون والأربعمائة : ضعيف.

ورواه الصدوق في الفقيه بسند صحيح(٤) والظاهر رجوع ضمير عنه إلى أحمد كما يدل عليه رواية الصدوق في الخصال عن محمد بن الوليد ، عن الصفار ، عن أحمد ابن محمد ، عن بكر بن صالح(٥) لكن المذكور في النجاشي رواية أبيه عنه ، ويحتمل إرجاعه إلى إبراهيم بن هاشم فإنه ذكر الشيخ روايته عنه لكنه بعيد لفظا.

قوله عليه‌السلام: « الشؤم للمسافر » أي ما يتشأم به الناس ، وربما تؤثر بتأثر

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ١٧٤ باب ٦٨ ح ١٢.

(٢) الخصال : ج ٢ ص ٣٨٥ باب السبعة ح ٦٧ باختلاف يسير.

(٣) قرب الإسناد : ص ١٢٢.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ١٧٥.

(٥) الخصال : ج ١ ص ٢٧٢ باب الخمسة ح ١٤.

٤٢٢

يمينه والناشر لذنبه والذئب العاوي الذي يعوي في وجه الرجل وهو مقع على ذنبه يعوي ثم يرتفع ثم ينخفض ثلاثا والظبي السانح من يمين إلى شمال والبومة

النفس بها ، ويرتفع تأثيرها بالتوكل ، وبالدعاء المذكور في هذا الخبر وغيره ، وقد بينا ذلك في الطيرة.

قوله عليه‌السلام: « خمسة » كذا في الخصال(١) ومحاسن البرقي(٢) وأكثر نسخ الفقيه(٣) وفي بعضها [ سبعة ] وفي بعضها [ ستة ] وفي الفقيه « والكلب الناشر » وفي نسخ الكتاب وفي الخصال « والناشر » بدون ذكر الكلب ، فيكون نوعا آخر لشؤم الغراب ، وفي المحاسن بدون الواو أيضا ، فيكون صفة أخرى للغراب.

فقد ظهر أن الظاهر على بعض النسخ « ستة » وعلى بعضها « سبعة » فالخمسة إما من تصحيف النساخ أو مبني على عد الثلاثة المنصوصة واحدا أو عد الكلب والذئب واحدا لأنهما من السباع ، والغراب والبوم واحدا لأنهما من الطير ، ويمكن عطف المرأة على بعض النسخ ، والأتان على بعضها على الخمسة لشهرتها بينهم ، أو لزيادة شؤمها.

قوله عليه‌السلام: « وهو مقع » يقال : أقعى الكلب إذا جلس على استه مفترشا رجليه وناصبا يديه ، والظاهر رجوع ضميرييرتفع وينخفض إلى الذئب ، ويقال إن هذا دأبه غالبا يفعل ذلك لإثارة الغبار في وجه الإنسان ، وقيل : هما يرجعان إلى صوته أو إلى ذنبه ولا يخفى بعدهما.

قوله عليه‌السلام: « والظبي السانح من يمين » قال الجزري : البارح : ضد السائح فالسائح ما مر من الطير والوحش بين يديك من جهة يسارك إلى يمينك ، والعرب

__________________

(١) نفس المصدر : ج ١ ص ٢٧٢.

(٢) المحاسن : ص ٣٤٨.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ١٧٥ باب ٦٨ ح ١٥.

٤٢٣

الصارخة والمرأة الشمطاء تلقاء فرجها والأتان العضباء يعني الجدعاء فمن أوجس في نفسه منهن شيئا فليقل ـ اعتصمت بك يا رب من شر ما أجد في نفسي قال فيعصم

يتيمن به لأنه أمكن للرمي والصيد البارح ما مر من يمينك إلى يسارك ، والعرب يتطير به لأنه لا يمكنك أن ترميه حتى تنحرف(١) ونحوه قال الجوهري وغيره فالمراد بالسانح هنا المعنى اللغوي من قولهم. سنح له أي عرض له وظهر.

وقال الكفعمي (ره) : منهم من يتيمن بالبارح ويتشأم بالسانح كأهل الحجاز وأما النجديون فهم على العكس من ذلك.

قوله عليه‌السلام: « والمرأة الشمطاء (٢) » قال الجوهري : الشمط : بياض شعر الرأس يخالط سواده ، والرجل أشمط ، والمرأة شمطاء.

قوله عليه‌السلام: « تلقى فرجها » الظاهر أنه كناية عن استقبالها إياك ومجيئها من قبل وجهك فإن فرجها من قدامها.

وقال الفاضل الأسترآبادي : الظاهر أن المراد من قوله : « تلقاء فرجها » أن تستقبلك بفرج خمارها فتعرف أنها شمطاء.

وقال غيره : يحتمل أن يكون المراد افتراشها على الأرض من الإلقاء ويحتمل أن يكون كناية عن كونها زانية ، ويحتمل أن يكون [ تتلقى ] بحذف تاء واحدة فالمراد مواجهتها لفرجها ، بأن تكون جالسة بحيث يواجه الشخص فرجها ، ولا يخفى بعد تلك الوجوه وركاكتها.

قوله عليه‌السلام: « والأتان العضباء » أي المقطوعة الأذن ولذلك فسره بالجدعاء لئلا يتوهم أن المراد المشقوقة الأذن.

قال الجوهري : « ناقة عضباء » أي مشقوقة الأذن(٣) .

__________________

(١) النهاية : ج ١ ص ١١٤.

(٢) الصحاح : ج ٣ ص ١١٣٨.

(٣) الصحاح : ج ٥ ص ٢٠٦٧.

٤٢٤

من ذلك.

٤٩٤ ـ محمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطاب ، عن عبد الله ، عن محمد بن سنان ، عن عبد الله بن القاسم ، عن عمرو بن أبي المقدام قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام إن الله تبارك وتعالى زين شيعتنا بالحلم وغشاهم بالعلم لعلمه بهم قبل أن يخلق آدم عليه‌السلام.

٤٩٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن عمر بن أبان ، عن الصباح بن سيابة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن الرجل ليحبكم وما يدري ما تقولون فيدخله الله عز وجل الجنة وإن الرجل ليبغضكم وما يدري ما تقولون فيدخله الله عز وجل النار وإن الرجل منكم لتملأ صحيفته من غير عمل قلت وكيف يكون ذلك قال يمر بالقوم ينالون منا فإذا رأوه قال بعضهم لبعض كفوا فإن هذا الرجل من شيعتهم ويمر بهم الرجل من شيعتنا فيهمزونه ويقولون فيه فيكتب الله له بذلك حسنات حتى يملأ صحيفته من غير عمل.

وقال الفيروزآبادي : العضباء : الناقة المشقوقة الأذن ، ومن أذان الخيل التي جاوز القطع ربعها(١) .

الحديث الرابع والتسعون والأربعمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام: « لعلمه بهم » أي بأنهم يصيرون من شيعة الأئمة عليهم‌السلام ومواليهم.

وقوله عليه‌السلام: « قبل أن يخلق » إما متعلق بالتزيين ، أو به ، وبالعلم على سبيل التنازع.

الحديث الخامس والتسعون والأربعمائة : مجهول.

قوله عليه‌السلام: « وما يدري ما تقولون » أي بالاستدلال ، بل قال به على سبيل التقليد لحسن ظنه بكم وحبه لكم ، ويمكن حمله على المستضعفين من المخالفين.

__________________

(١) القاموس : ج ٤ ص ٢٧٤.

٤٢٥

٤٩٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن أبي الجهم ، عن أبي خديجة قال قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام كم بينك وبين البصرة قلت في الماء خمس إذا طابت الريح وعلى الظهر ثمان ونحو ذلك فقال ما أقرب هذا تزاوروا ويتعاهد بعضكم بعضا فإنه لا بد يوم القيامة من أن يأتي كل إنسان بشاهد يشهد له على دينه وقال إن المسلم إذا رأى أخاه كان حياة لدينه إذا ذكر الله عز وجل.

٤٩٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال والله لا يحبنا من العرب والعجم إلا أهل البيوتات والشرف والمعدن ولا يبغضنا من هؤلاء وهؤلاء إلا كل دنس ملصق.

الحديث السادس والتسعون والأربعمائة : مجهول وقيل ضعيف.

قوله : « وعلى الظهر » أي طريق البر.

قوله عليه‌السلام: « تزاوروا » يدل على استحباب تزاور المؤمنين من بلد إلى بلد لإحياء أمور الدين.

قوله عليه‌السلام: « إذا ذكر الله » أي ذلك المسلم أو الأخ ، ويمكن أن يقرأ على المجهول فيشملهما.

الحديث السابع والتسعون والأربعمائة : حسن.

قوله عليه‌السلام: « إلا أهل البيوتات » أي ذوي الأحساب والأنساب الشريفة ، والبيت يكون بمعنى الشرف.

قوله عليه‌السلام: « والمعدن » قال الجوهري : المعدن : مركز كل شيء ، ومنه الحديث « فعن معادن العرب تسألوني؟ قالوا نعم » أي أصولها التي ينسبون إليها ويتفاخرون بها(١) .

قوله عليه‌السلام: « من هؤلاء وهؤلاء » أي العرب والعجم ، والدنس : ـ محركة ـ

__________________

(١) الصحاح : ج ٦ ص ٢١٦٢.

٤٢٦

٤٩٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عز وجل : «إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى يَكُونُ

الوسخ ، وينسب إلى الثوب والعرض والنسب والخلق ، أي ذي النسب أو الأخلاق« والملصق » بتشديد الصاد ويخفف ـ الدعي المتهم في نسبه ، والرجل المقيم في الحي وليس منهم بنسب ، وقد وردت الأخبار المتواترة على أن حب أهل البيت علامة طيب الولادة ، وبغضهم علامة خبثها ، وقد أوردناها في باب مفرد في كتاب بحار الأنوار(١) .

الحديث الثامن والتسعون والأربعمائة : صحيح.

قوله تعالى : « إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً »(٢) قال ابن الأثير في الكامل وغيره من المؤرخين والمفسرين إن بني إسرائيل لما طال عليهم البلاء وطمع فيهم الأعداء وأخذ التابوت عنهم ، فصاروا بعده لا يلقون ملكا إلا خائفين ، فقصدهم جالوت وكان ملكه ما بين مصر وفلسطين ، فظفر بهم ، وضرب عليهم الجزية وأخذ منهم التوراة ، فدعوا الله أن يبعث لهم نبيا يقاتلون معه ، فبعث الله إليهم إشمويل ، فدعاهم فكذبوه ، ثم أطاعوه فأقام يدبر أمرهم عشر سنين ، وقيل أربعين سنة ، وكانت العمالقة مع ملكهم جالوت قد عظمت نكايتهم في بني إسرائيل حتى كادوا يهلكونهم فلما رأى بنو إسرائيل ذلك ، قالوا ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال «هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلاَّ تُقاتِلُوا ، قالُوا وَما لَنا أَلاَّ نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا » فدعا الله فأرسل إليه عصا وقرنا فيه دهن وقيل له : إن صاحبكم يكون طوله طول هذه العصا ، فإن أدخل عليكم رجل فنشر

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٤٣ ص ٢٢٨ ـ ٢٣٣.

(٢) سورة البقرة : ٢٤٧.

٤٢٧

لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ » قال لم يكن من سبط النبوة ولا من سبط المملكة «قالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ » وقال «إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ » فجاءت به الملائكة تحمله وقال الله جل ذكره «إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي » فشربوا منه إلا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا منهم من اغترف ومنهم من لم

الدهن الذي في القرن فهو ملك بني إسرائيل ، فأدهن رأسه به وملكه عليهم فقاسوا أنفسهم بالعصا فلم يكونوا مثلها ، وقيل : كان طالوت دباغا ، وقيل : كان سقاء يسقي الماء ويبيعه فضل حماره فانطلق يطلبه ، فلما اجتاز بالمكان الذي فيه إشمويل دخل يسأله أن يدعو له ليرد الله حماره ، فلما دخل نشر الدهن فقاسوه بالعصا فكان مثلها ، « فقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً » وهو طالوت ، وبالسريانية شاول بن قيس بن أيمال ابن ضرار بن يحرف بن أفتح بن أيش بن بنيامين بن يعقوب بن إسحاق ، فقالوا له ما كنت قط أكذب منك الساعة ، ونحن في سبط المملكة ولم يؤت طالوت سعة من المال ، فنتبعه فقال إشمويل : «إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ » فقالوا : إن كنت صادقا فأت بآية فقال : «إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ » والسكينة : رأس هروقيل طست من ذهب يغسل فيها قلوب الأنبياء ، وقيل غير ذلك ، وفيه الألواح وهي من در وياقوت وزبرجد ، وأما البقية فهي عصا موسى ورضاضة الألواح ، فحملته الملائكة ، وأتت به إلى طالوت نهارا بين السماء والأرض ، والناس ينظرون ، فأخرجه طالوت إليهم ، فأقروا بملكه ساخطين ، وخرجوا معه كارهين وهم ثمانون ألفا فلما خرجوا قال لهم طالوت «إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي » وهو نهر فلسطين وقيل هو الأردن «فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً » وهم أربعة ألف ، فمن شرب منه عطش ، ومن لم يشرب منه إلا غرفة روى.

٤٢٨

يشرب فلما برزوا قال الذين اغترفوا «لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ » وقال الذين لم يغترفوا «كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ »

«فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ » لقيهم جالوت وكان ذا بأس شديد فلما رأوه رجع أكثرهم و «قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ » ولم يبق معه غير ثلاثمائة وبضعة عشر ، عدة أهل بدر فلما رجع من رجعقالوا «كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ » وكان فيهم أيشا أبو داود ومعه من أولاده ثلاثة عشر ابنا ، وكان داود أصغر بنيه وقد خلفه يرعى لهم ، ويحمل إليهم الطعام ، وكان قد قال ، لأبيه ذات يوم يا أبتاه ما أرمي بقذافتي شيئا إلا صرعته وقال له : لقد دخلت بين الجبال فوجدت أسدا رابضا فركبت عليه فأخذت بأذنيه فلم أخفه ، ثم أتاه يوما آخر ، فقال له : إني لأمشي بين الجبال فأسبح فما يبقى جبل إلا سبح معي ، قال : أبشر فإن هذا خير أعطاكه الله ، فأرسل الله تعالى إلى النبي الذي مع الطالوت ، قرنا فيه دهن وتنور من حديد ، فبعث الله إلى طالوت ، وقال : إن صاحبكم الذي يقتل جالوت يوضع هذا الدهن على رأسه ، ليغلي حتى يسيل من القرن ، ولا يجاوز رأسه إلى وجهه ويبقى على رأسه كهيأة الإكليل ، ويدخل في هذا التنور فيملأه ، فدعا طالوت بني إسرائيل فخبرهم فلم يوافقه منهم أحد ، فأحضر داود من رعيه فمر في طريقه بثلاثة أحجار ، فكلمته وقلن ، خذنا يا داود فأقتل جالوت ، فأخذهن وجعلهن في مخلاة ، وكان طالوت قد قال : من قتل جالوت زوجته ابنتي ، وأجريت خاتمة في مملكتي ، فلما جاء داود وضعوا القرن على رأسه فغلى حتى ادهن منه ، ولبس التنور فملأه ، وكان داود مسقاما أزرق مصغارا ، فلما دخل في التنور تضايق عليه حتى ملأه ، وفرح إشمويل ، وطالوت وبنو إسرائيل بذلك ، وتقدموا إلى جالوت وصفوا للقتال وخرج داود نحو جالوت وأخذ الأحجار ووضعها في قذافته ، ورمي بها جالوت ، فوقع الحجر بين عينيه ، فنقبت رأسه وقتله ولم يزل الحجر يقتل كل من أصابته ينقذ منه إلى

٤٢٩

غيره ، فانهزم عسكر جالوت بإذن الله ، ورجع طالوت فأنكح ابنته داود وأجرى خاتمه في ملكه إلى آخر ما ذكروه(١) .

وروى علي بن إبراهيم في تفسيره ، عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أن بني إسرائيل بعد موسى عملوا بالمعاصي وغيروا دين الله ، وعتوا عن أمر ربهم وكان فيهم نبي يأمرهم وينهاهم فلم يطيعوه. وروي أنه إرميا النبي ـ فسلط الله عليهم جالوت وهو من القبط فأذلهم ، وقتل رجالهم وأخرجهم من ديارهم وأموالهم واستعبد نساءهم ففزعوا إلى نبيهم وقالوا سل الله أن يبعث لنا ملكا ، نقاتل في سبيل الله وكانت النبوة في بني إسرائيل في بيت ، والملك والسلطان في بيت آخر لم يجمع الله لهم النبوة والملك في بيت ، فمن ذلك قالوا «ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ » فقال لهم نبيهم «هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلاَّ تُقاتِلُوا ، قالُوا وَما لَنا أَلاَّ نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا » وكان كما قال الله تعالى « فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً » فغضبوا من ذلك وقالوا «أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ » وكانت النبوة في ولد لاوي ، والملك في ولد يوسف ، وكان طالوت من ولد ابن يامين أخي يوسف لأمه ، لم يكن من بيت النبوة ولا من بيت المملكة فقال لهم نبيهم «إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ » وكان أعظمهم جسما وكان شجاعا قويا وكان أعلمهم إلا أنه كان فقيرا ، فعابوه بالفقر فقالوا لم يؤت سعة من المال «وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ

__________________

(١) الكامل لابن الأثير. ج ١ ص ٢١٧ ـ ٢٢٢.

٤٣٠

مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ » « وكان التابوت الذي أنزله الله لأم موسى على موسى ، فوضعته فيه أمه وألقته في أليم فكان في بني إسرائيل معظما يتبركون به ، فلما حضر موسى الوفاة وضع فيه الألواح ودرعه ، وما كان عنده من آيات النبوة وأودعه يوشع وصيه ، فلم يزل التابوت بينهم حتى استخفوا به ، وكان الصبيان يلعبون به في الطرقات ، فلم يزل بنو إسرائيل في عز وشرف ما دام التابوت عندهم ، فلما عملوا بالمعاصي واستخفوا بالتابوت رفعه الله عنهم فلما سألوا النبي وبعث الله تعالى إليهم طالوت ملكا يقاتل معهم رد الله عليهم التابوت كما قال الله : «إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ » قال : البقية ميراث ذرية الأنبياء. قوله : «فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ » فإن التابوت كان يوضع بين المسلمين فيخرج منه ريح طيبة لها وجه كوجه الإنسان.

حدثني أبي ، عن الحسن بن خالد عن الرضا عليه‌السلام أنه قال السكينة ريح من الجنة لها وجه كوجه الإنسان ، وكان إذا وضع التابوت بين يدي المسلمين والكفار فإن تقدم التابوت لا يرجع رجل حتى يقتل أو يغلب ، ومن رجع عن التابوت كفر وقتله الإمام ، فأوحى الله إلى نبيهم أن جالوت يقتله من يستوي عليه درع موسى ، وهو رجل من ولد لاوي بن يعقوب اسمه داود بن آسي وكان آسي راعيا وكان له عشرة بنين أصغرهم داود ، فلما بعث طالوت إلى بني ـ إسرائيل وجمعهم لحرب جالوت بعث إلى آسي إن أحضر وأحضر ولدك فلما حضروا دعا واحدا واحدا من ولده فألبسه الدرع درع موسى ، منهم من طالت عليه ، ومنهم من قصرت عنه ، فقال لآسي : هل خلفت من ولدك أحدا قال نعم أصغرهم تركته في الغنم راعيا فبعث إليه فجاء به ، فلما دعي أقبل ومعه مقلاع(١) قال فنادته

__________________

(١) المِقلاع : آلة ترمى بها الحجارة يستعملها الرعاة. « أقرب الموارد ٢ / ١٠٣٢ ».

٤٣١

ثلاث صخرات في طريقه ، فقالت يا داود خذنا فأخذها في مخلاته ، وكان شديد البطش قويا في بدنه شجاعا فلما جاء إلى طالوت ألبسه درع موسى فاستوى عليه ، ففصل طالوت بالجنود ، وقال لهم نبيهم يا بني إسرائيل «إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ » في هذه المفازة فمن شرب منه فليس مني من(١) الله « ومن لم يشرب فهو من(٢) الله إلا من اغترف غرفة بيده » فلما وردوا النهر أطلق الله لهم أن يغرف كل واحد منهم غرفة «فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ » فالذين شربوا كانوا ستين ألفا ، وهذا امتحان امتحنوا به كما قال الله.

وروي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : القليل الذين لم يشربوا ولم يغترفوا ثلاث مائة وثلاث عشر رجلا فلما جاوزوا النهر ونظروا إلى جنود جالوت قال الذين شربوا منه «لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ » « وقال الذين لم يشربوا » «رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ » فجاء داود عليه‌السلام فوقف بحذاء جالوت وكان جالوت على الفيل ، وعلى رأسه التاج ، وفي جبهته ياقوتة يلمع نورها وجنوده بين يديه فأخذ داود عليه‌السلام من تلك الأحجار حجرا فرمى به في ميمنة جالوت فمر في الهواء ، ووقع عليهم فانهزموا وأخذ حجرا آخر فرمى به مسيرة جالوت ، فانهرموا ورمى جالوت بحجر فصك الياقوتة في جبهته ووصلا إلى دماغه ووقع إلى الأرض ميتا وهو قوله : «فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ »(٣) .

قوله تعالى «إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ » قال الشيخ الطبرسي (ره) : أي مختبركم وممتحنكم ، واختلف في النهر الذي ابتلوا به ، فقيل : هو نهر بين الأردن وفلسطين عن قتادة والربيع ، وقيل : هو نهر فلسطين عن ابن عباس والسدي ،قوله تعالى

__________________

(١ و ٢) في المصدر : من حزب الله.

(٣) تفسير القمّيّ ج ١ ص ٨١ ـ ٨٣.

٤٣٢

٤٩٩ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن يحيى الحلبي ، عن عبد الله بن سليمان ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قرأ «إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ

وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ » أي ومن لم طعم من ذلك الماء «فَإِنَّهُ مِنِّي » أي من أهل ولايتي وأوليائي ، وهو من الطعم الذي هو ما يؤديه الذوق ، أي لم يجد طعمه لا من الطعام والطعم يوجد في الماء وفي الطعام جميعا(١) .

قوله عليه‌السلام: « إلا ثلاثمائة » أقول : هذا موافق لقول جماعة من المفسرين كالحسن وقتادة وغيرهما وقيل : أكثر من ذلك ولا طائل في ذكره.

الحديث التاسع والتسعون والأربعمائة : مجهول.

قوله تعالى : « يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ » قال الشيخ الطبرسي (ره) : قيل كان هو الذي أنزل الله على أم موسى ، وقيل : كان التابوت الذي أنزله الله على آدم فيه صور الأنبياء فتوارثته من آدم عليه‌السلام ، وكان في بني إسرائيل يستفتحون به ، وقال قتادة كان في برية التيه خلفه هناك يوشع بن نون ، تحمله الملائكة إلى بني إسرائيل ، وقيل : كان قدر التابوت ثلاثة أذرع في ذراعين عليه صفائح الذهب ، وكان من شمشاد ، وكانوا يقدمونه في الحروب ، ويجعلونه أمام جندهم ، فإذا سمع من جوفه أنين ، زف التابوت أي سار وكان الناس يسيرون خلفه ، فإذا سكن الأنين وقف فوقفوا بوقوفه «فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ » قيل في التابوت نفسه ، وقيل : فيما في التابوت ، واختلف في السكينة ، فقيل إن السكينة التي كانت فيه ريح هفافة من الجنة لها وجه كوجه الإنسان ، عن علي عليه‌السلام ، وقيل : كان لها جناحان ورأس كرأس الهرة من الزبرجد والزمرد عن مجاهد ، وروي ذلك في أخبارنا ، وقيل : كان فيه آية يسكنون إليها عن عطاء ، وقيل : روح من الله يكلمهم بالبيان عند وقوع الاختلاف عن وهب «وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ » قيل إنها عصا موسى ورضاض الألواح عن ابن

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٢ ص ٣٥٥.

٤٣٣

الْمَلائِكَةُ » قال كانت تحمله في صورة البقرة.

عباس وقتادة والسدي ، وهو المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام وقيل هو التوراة وشيء من ثياب موسى عن الحسن ، وقيل : وكان فيه لوحان أيضا من التوراة وقفيز من المن الذي كان ينزل عليهم ، ونعلا موسى وعمامة هارون وعصاه هذه أقوال أهل التفسير في السكينة والبقية ، والظاهر إن السكينة أمنه وطمأنينة جعلها الله سبحانه فيه ليسكن إليه بنو إسرائيل «وَبَقِيَّةٌ » جائز أن يكون بقية من العلم أو شيئا من علامات الأنبياء ، وجاز أن يتضمنها جميعا على ما قاله الزجاج «تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ » قيل : حملته الملائكة بين السماء والأرض حتى رآه بنو إسرائيل عيانا عن ابن عباس والحسن ، وقيل : لما غلب الأعداء على التابوت أدخلوه بيت الأصنام فأصبحت أصنامهم منكبه فأخرجوه ووضعوه ناحية من المدينة فأخذهم وجع في أعناقهم ، وكل موضع وضعوه فيه ظهر فيه بلاء وموت ووباء فأشير عليهم بأن يخرجوا التابوت ، فأجمع رأيهم على أن يأتوا به ويحملوه على عجلة ويشدوها إلى ثورين ففعلوا ذلك ، وأرسلوا الثورين فجاءت الملائكة وساقوا الثورين إلى بني إسرائيل فعلى هذا يكون معنى تحمله الملائكة تسوقه ، كما تقول حملت متاعي إلى مكة ، ومعناه كنت سببا لحمله إلى مكة انتهى كلامه(١) .

أقول : هذا الخبر يدل على أن الملائكة الحاملين لها كانوا على صورة البقرة ليشبه على الناس أمرهم أو لحكمة أخرى.

وروى الحميري في كتاب قرب الإسناد ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي ابن أسباط ، عن أبي الحسن عليه‌السلام أنه قال : السكينة ريح تخرج من الجنة لها صورة كصورة الإنسان ورائحة طيبة ، وهي التي أنزلت على إبراهيم ، فأقبلت تدور حول أركان البيت ، وهو يضع الأساطين ، قلنا : هي من التي قال : «فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ » قال : تلك السكينة كانت

__________________

(١) مجمع البيان ج ٢ ص ٣٥٣.

٤٣٤

٥٠٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز عمن أخبره ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى : «يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ » قال رضراض الألواح فيها العلم والحكمة.

٥٠١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن الحسن بن ظريف ، عن عبد الصمد بن بشير ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال [ لي ] أبو جعفر عليه‌السلام

في التابوت ، وكانت فيها طست تغسل فيها قلوب الأنبياء ، وكان التابوت يدور في بني إسرائيل مع الأنبياء(١) .

وروى الصدوق في كتاب معاني الأخبار ، عن محمد بن الحسن ، عن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : سألته فقلت : جعلت فداك ما كان تابوت موسى وكم كان سعته؟ قال : ثلاث أذرع في ذراعين قلت : ما كان فيه؟ قال : عصا موسى والسكينة؟ قلت : وما السكينة؟ قال : روح الله يتكلم ، كانوا إذا اختلفوا في شيء كلمهم وأخبرهم ببيان ما يريدون(٢) .

الحديث الخمسمائة : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « رضاض الألواح » وفي بعض النسخ[ رضراض الألواح ] والرضراض : ما دق من الحصى ، ورضاض الشيء ـ بالضم ـ فتاته والمراد أجزاؤها المنكسرة بعد أن ألقاها موسى عليه‌السلام وضميرفيها راجع إلى الألواح.

الحديث الحادي والخمسمائة : ضعيف.

قوله : « فجعل عيسى بن مريم من ذرية نوح » اعلم أن الأصحاب اختلفوا في أن ولد البنت هل هو ولد حقيقة أم لا ، وفرعوا عليه استحقاق الخمس وحرمة الزكاة على من كانت أمه هاشمية دون أبيه ، ومن أوصى بمال لولد فاطمة هل

__________________

(١) قرب الإسناد : ص ١٦٤.

(٢) معاني الأخبار : ص ٢٨٤.

٤٣٥

يا أبا الجارود ما يقولون لكم في الحسن والحسين عليه‌السلام قلت ينكرون علينا أنهما ابنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

قال فأي شيء احتججتم عليهم؟

قلت احتججنا عليهم بقول الله عز وجل في عيسى ابن مريم عليه‌السلام : «وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى »(١) فجعل عيسى ابن مريم من ذرية نوح عليه‌السلام

يدخل فيهم أولاد بناتها أم لا ، وكذا لو وقف على ولده ، هل يدخل فيهم ولد البنت فذهب الأكثر إلى عدم كونه ولدا حقيقة ، واستدلوا عليه بأنه إنما تصدق الانتساب حقيقة إذا كان من جهة الأب عرفا فلا يقال تميمي إلا لمن انتسب إلى تميم بالأب ، ولا حارثي إلا لمن انتسب إلى حارث بالأب ، ويؤيده قول الشاعر.

بنونا بنو أبنائنا وبناتنا

بنوهن أبناء الرجال الأباعد

وما رواه حماد بن عيسى مرسلا عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام أنه قال : من كانت أمه من بني هاشم وأبوه من سائر قريش فإن الصدقة تحل له وليس له من الخمس شيء لأن الله يقول «ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ »(٢) .

وخالفهم السيد المرتضى وذهب إلى أن ابن البنت ولد ، وابن حقيقة ، لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله للحسنين عليهما‌السلام : « هذان ابناي إمامان ، قاما أو قعدا » والأصل في الإطلاق الحقيقة.

ومال إلى ذلك شيخنا الطوسي (ره) حيث قال : وإذا جعل الله سبحانه عيسى من ذرية إبراهيم أو نوح ففي ذلك دلالة واضحة وحجة قاطعة على أن أولاد الحسن والحسين ذرية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على الإطلاق وأنهما ابنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد صح في الحديث أنه قال لهما عليهما‌السلام : « ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا » وقال للحسن عليه‌السلام :

« إن ابني هذا سيد » وأن الصحابة كانت تقول لكل منهما ومن أولادهما : يا ابن رسول

__________________

(١) سورة أنعام : ٨٤ ـ ٨٥.

(٢) أصول كافى : ج ١ ص ٥٤٠.

٤٣٦

قال فأي شيء قالوا لكم؟

قلت قالوا قد يكون ولد الابنة من الولد ولا يكون من الصلب.

قال فأي شيء احتججتم عليهم؟

قلت احتججنا عليهم بقول الله تعالى لرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ »(١) .

قال فأي شيء قالوا قلت قالوا قد يكون في كلام العرب أبناء رجل وآخر يقول أبناؤنا.

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انتهى.

أقول : لا يخفى قوة هذا المذهب ، وقد دلت عليه الأخبار الكثيرة ، وقد استدل أئمتنا عليهم‌السلام على المخالفين في مقامات كثيرة كما ورد في الأخبار المتعددة وقد أوردناها في كتاب بحار الأنوار(٢) .

ثم اعلم أن الآية الأولى إنما تدل على أن ولد البنت يطلق عليه الذرية حقيقة ، لكونها الأصل في الإطلاق ، وهذا إنما ينفع فيما إذا أورد أو صدر بلفظ الذرية وبانضمام عدم القول بالفصل ـ أو ادعاء أن من كان ذرية حقيقة ولد حقيقة لشهادة العرف واللغة ـ يتم المطلوب.

قوله : « ولا يكون من الصلب » أقول : يحتمل أن يكون مراد القائل نفي الحقيقة ، وحمل الآية على المجاز ، وأنه إنما يكون حقيقة إذا كان من الصلب ، وأن يكون غرضه تسليم كونه ولدا على الإطلاق ، ومنع كونه ولدا للصلب ، والثاني أظهر ، لكن الاستدلال بالآية الثانية في مقابلة هذا المنع لا وجه له ، ولذلك ذكر عليه‌السلام الآية الثالثة لإثبات ما منعه.

قوله : « وآخر يقول وأبناؤنا » أي مجازا ، فحمل الآية على المجاز ، ولا يخفى ضعف هذا الجواب ، إذ مدار الاستدلال على أن الأصل في الإطلاق الحقيقة

__________________

(١) سورة آل عمران : ٦١.

(٢) بحار الأنوار : ج ٤٣ ص ٢٢٨ ـ ٢٣٤.

٤٣٧

قال فقال أبو جعفر عليه‌السلام يا أبا الجارود لأعطينكها من كتاب الله جل وتعالى أنهما من صلب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يردها إلا الكافر.

قلت وأين ذلك جعلت فداك؟

قال من حيث قال الله تعالى : «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ » الآية إلى أن انتهى إلى قوله تبارك وتعالى : «وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ »(١) فسلهم يا أبا الجارود هل كان يحل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نكاح حليلتيهما فإن قالوا نعم كذبوا وفجروا وإن قالوا لا فهما ابناه لصلبه.

٥٠٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين أبي العلاء الخفاف ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لما انهزم الناس يوم أحد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انصرف إليهم بوجهه وهو يقول أنا محمد أنا رسول الله لم أقتل ولم أمت فالتفت إليه فلان وفلان فقالا الآن يسخر بنا أيضا وقد هزمنا وبقي معه علي عليه‌السلام وسماك بن خرشة

فالحمل على التجوز يحتاج إلى دليل ، وهذا الاستدلال أنفع للسيد كما عرفت.

قوله عليه‌السلام: « وهل كان يحل » أقول : هذا الاستدلال مبني على تسليم الخصم بل اتفاق العلماء على دخول أولاد الأولاد مطلقا تحت هذه الآية ، كما صرح به أكثر المفسرين.

قال الرازي : اتفقوا على أن هذه الآية تقتضي تحريم حليلة ولد الولد على الجد ، وهذا يدل على أن ولد الولد يطلق عليه أنه من صلب الجد ، وفيه دلالة على أن ولد الولد منسوب إلى الجد بالولادة(٢) .

وقال البيضاوي : «مِنْ أَصْلابِكُمْ » احتراز عن المتبنين لا عن أبناء الولد(٣) .

الحديث الثاني والخمسمائة : حسن وربما قيل صحيح.

قوله عليه‌السلام: « فلان وفلان » أي أبو بكر وعمر ، اعلم أنه قد ثبت بالأخبار

__________________

(١) سورة النساء : ٢٣.

(٢) مفاتيح الغيب. ج ٣ ص ١٨٧.

(٣) أنوار التنزيل : ج ١ ص ٢١٢.

٤٣٨

أبو دجانة رحمه‌الله فدعاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال يا أبا دجانة انصرف وأنت في حل من بيعتك فأما علي فأنا هو وهو أنا فتحول وجلس بين يدي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وبكى وقال لا والله ورفع رأسه إلى السماء وقال لا والله لا جعلت نفسي في حل من بيعتي إني بايعتك فإلى من أنصرف يا رسول الله إلى زوجة تموت أو ولد يموت أو دار تخرب ومال يفنى

المستفيضة من طرق أهل البيت أن أبا بكر وعمر وعثمان كانوا ممن فر يوم أحد ، وظاهر أكثر الأخبار أنه لم يثبت مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يومئذ إلا علي عليه‌السلام وأبو دجانة ، ولا خلاف بين العامة أن عثمان كان من الفارين ، واختلفوا في عمر ، وروى كثير منهم أنه فر وذهب أكثرهم إلى أن أبا بكر لم يفر.

قال ابن أبي الحديد : قال الواقدي : حدثني موسى بن يعقوب عن عمته ، عن أمها عن المقداد قال ، لما تصاف القوم للقتال يوم أحد جلس رسول الله تحت راية مصعب بن عمير فلما قتل أصحاب اللواء هزم المشركون الهزيمة الأولى ، وأغار المسلمون على معسكرهم ينهبونه ، ثم كر المشركون على المسلمين ، فأتوهم من خلفهم فتفرق الناس ، ونادى رسول الله في أصحاب الألوية ، فقتل مصعب بن عمير حامل لوائه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأخذ راية الخزرج سعد بن عبادة فقام ، رسول الله تحتها وأصحابه محدقون به ، ودفع لواء المهاجرين إلى الروم أحد بني عبد الدار آخر نهار ذلك اليوم ، ونظرت إلى لواء الأوس مع أسيد بن حصين ، فناوشوا المشركين ساعة واقتتلوا على اختلاط من الصفوف ونادى المشركون بشعارهم ـ يا للعزى يا للهبل ـ فارجعوا والله فينا قتلا ذريعا ، ونالوا من رسول الله ما نالوا لا والذي بعثه بالحق ما زال شبرا واحدا إنه لفي وجه العدو تتوب إليه طائفة من أصحابه مرة ، وتتفرق عنه مرة ، وكانت العصابة التي ثبتت مع رسول الله أربعة عشر رجلا ، سبعة من المهاجرين وسبعة من الأنصار ، فأما المهاجرون فعلي عليه‌السلام وأبو بكر وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله وأبو عبيدة بن الجراح والزبير بن العوام

٤٣٩

وأما الأنصار فالحباب بن المنذر وأبو دجانة وعاصم بن ثابت ، والحارث بن الصمة وسهل بن حنيف ، وسعد بن معاذ ، وأسيد بن حضير.

قال الواقدي : وقد روي أن سعد بن عبادة ومحمد بن مسلمة ثبتا يومئذ ولم يفرا ، ومن روى ذلك جعلهما مكان سعد بن معاذ وأسيد بن حضير.

قال الواقدي : وبائعه يومئذ على الموت ثمانية ، ثلاثة من المهاجرين ، وخمسة من الأنصار أما المهاجرين فعلي وطلحة والزبير ، وأما الأنصار فأبو دجانة ، والحارث بن الصمة ، والحباب بن المنذر ، وعاصم بن ثابت ، وسهل بن حنيف ، قال : ولم يقتل منهم ذلك اليوم أحد ، وأما باقي المسلمين ففروا ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يدعوهم في أخراهم حتى انتهى منهم إلى قريب من المهراس(١) .

قال الواقدي : وحدثني عتبة بن جبير ، عن يعقوب بن عمير بن قتادة قال : ثبت يومئذ بين يديه ثلاثون رجلا كلهم يقول : وجهي دون وجهك ، ونفسي دون نفسك وعليك السلام غير مودع.

قلت : قد اختلف في عمر بن الخطاب هل ثبت يومئذ أم لا مع اتفاق الرواة كافة على أن عثمان لم يثبت فالواقدي ذكر أنه لم يثبت ،

وأما محمد بن إسحاق والبلاذري فجعلاه مع من ثبت ، ولم يفر ، ولم يختلف الرواة من أهل الحديث في أن أبا بكر لم يفر يومئذ ، وأنه ثبت فيمن ثبت ، وإن لم يكن نقل عنه قتل أو قتال والثبوت جهاد وفيه وحده كفاية.

وأما رواة الشيعة فإنهم يروون أنه لم يثبت إلا على وطلحة والزبير وأبو ـ دجانة ، وسهل بن حنيف ، وعاصم بن ثابت ، وفيهم من يروي أنه ثبت معه أربعة عشر رجلا من المهاجرين والأنصار ، ولا يعدون أبا بكر وعمر منهم ، روى

__________________

(١) المِهراس : ماء بأحد.

٤٤٠