مرآة العقول الجزء ٢٦

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 640

مرآة العقول

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
تصنيف:

الصفحات: 640
المشاهدات: 1164
تحميل: 399


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 640 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 1164 / تحميل: 399
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 26

مؤلف:
العربية

لك ما عنده على ما كنت فيه ولكنا نبكي من غير إثم لعز هذا السلطان أن يعود ذليلا وللدين والدنيا أكيلا فلا نرى لك خلفا نشكو إليه ولا نظيرا نأمله ولا نقيمه.

( خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام )

٥٥١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن علي جميعا ، عن إسماعيل بن مهران

قوله : « بأن اختياره لك » قوله : « ما عنده » خبر أن ، ويحتمل أن يكون الخبر محذوفا أي خير لك ، والمعنى أنه لا تختلف قلوبنا بل تتفق على أن الله اختار لك بإمضائك النعيم والراحة الدائمة على ما كنت فيه من المشقة والجهد والعناء.

قوله : « من غير إثم » أي لا نأثم على البكاء عليك ، فإنه من أفضل الطاعات أو لا نقول ما يوجب الإثم.

قوله : « لعز » متعلق بالبكاء و« أن يعود » بدل اشتمال له أي نبكي لتبدل عز هذا السلطان ذلا.

قوله : « أكيلا » الأكيل يكون بمعنى المأكول ، وبمعنى الأكل والمراد هنا الثاني أي نبكي لتبدل هذا السلطان الحق بسلطنة الجور ، فيكون أكلا للدين والدنيا ، وفي بعض النسخ [ لعن الله هذا السلطان ] فلا يكون مرجع الإشارة سلطنته عليه‌السلام ، بل جنسها الشامل للباطل أيضا ، أي لعن الله السلطنة التي لا تكون صاحبها ، ويحتمل أن يكون اللعن مستعملا في أصل معناه لغة ، وهو الإبعاد أي أبعد الله هذا السلطان عن أن يعود ذليلا ولا يخفى بعده.

قوله : « ولا نرى لك خلفا » أي من بين السلاطين لخروج السلطنة عن أهل البيت عليهم‌السلام.

خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام

الحديث الحادي والخمسون والخمسمائة : مجهول لكنها معروفة.

٥٤١

وأحمد بن محمد بن أحمد ، عن علي بن الحسن التيمي وعلي بن الحسين ، عن أحمد بن محمد بن خالد جميعا ، عن إسماعيل بن مهران ، عن المنذر بن جيفر ، عن الحكم بن ظهير ، عن عبد الله بن جرير العبدي ، عن الأصبغ بن نباتة قال أتى أمير المؤمنين عليه‌السلام عبد الله بن عمر وولد أبي بكر وسعد بن أبي وقاص يطلبون منه التفضيل لهم فصعد المنبر ومال الناس إليه فقال :

الحمد لله ولي الحمد ومنتهى الكرم لا تدركه الصفات ولا يحد باللغات ولا يعرف بالغايات وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نبي الهدى وموضع التقوى ورسول الرب الأعلى جاء بالحق من عند الحق لينذر بالقرآن المنير والبرهان المستنير فصدع بالكتاب المبين ومضى على ما مضت عليه

قوله : وولد أبي بكر هو عبد الرحمن لعنة الله على أبيه.

قوله عليه‌السلام: « ولي الحمد » أي الأولى به ، أو المتولي لحمد نفسه كما ينبغي له بإيجاد ما يدل على كماله واتصافه لجميع المحامد ، وبتلقين ما يستحقه من الحمد أنبياءه وحججه عليه‌السلام ، وإلهام محبيه وتوفيقهم للحمد.

قوله عليه‌السلام: « ومنتهى الكرم » أي ينتهي إليه كل جود وكرم ، لأنه موجد النعم والموفق لبذلها ، أو هو المتصف بأعلى مراتب الكرم ، والمولى بجلائل النعم ، ويحتمل أن يكون الكرم بمعنى الكرامة والجلالة على الوجهين السابقين.

قوله عليه‌السلام: « لا تدركه الصفات » أي توصيفات الواصفين ، أو صفات المخلوقين.

قوله عليه‌السلام: « ولا يعرف بالغايات » أي بالنهايات والحدود الجسمانية أو بالحدود العقلية ، إذ حقيقة كل شيء وكنهه حده ونهايته ، أو ليس له نهاية لا في وجوده ولا في علمه ولا في قدرته ، وكذا سائر صفاته أو لا يعرف بما هو غاية إنكار المتفكرين.

قوله عليه‌السلام: « فصدع بالكتاب المبين » قال الفيروزآبادي : قوله تعالى : «فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ » أي شق جماعاتهم بالتوحيد ، أو أجهر بالقرآن ، أو أظهر أو احكم

٥٤٢

الرسل الأولون أما بعد.

أيها الناس فلا يقولن رجال قد كانت الدنيا غمرتهم فاتخذوا العقار وفجروا الأنهار وركبوا أفره الدواب ولبسوا ألين الثياب فصار ذلك عليهم عارا وشنارا ـ إن لم يغفر لهم الغفار إذا منعتهم ما كانوا فيه يخوضون وصيرتهم إلى ما يستوجبون فيفقدون ذلك فيسألون ويقولون ظلمنا ابن أبي طالب وحرمنا ومنعنا حقوقنا فالله عليهم المستعان من استقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا وآمن بنبينا وشهد شهادتنا ودخل في ديننا أجرينا عليه حكم القرآن وحدود الإسلام ليس لأحد على أحد فضل إلا بالتقوى ألا

بالحق وافصل بالأمر ، أو اقصد بما تؤمر ، أو أفرق به بين الحق والباطل(١) .

قوله عليه‌السلام: « فلا تقولن رجال » الظاهر أن قوله ـ رجال ـ فاعل لا ـ تقولن ـ وما ذكر بعده ،إلى قوله ـ ويقولون صفات تلك الرجالوقوله ـ ظلمنا ابن أبي طالب مقول القول ، وقوله ـ يقولون ـ تأكيد للقول المذكور في أول الكلام إنما أتى به لكثرة الفاصلة بين العامل والمعمول.

ويحتمل أن يكون مقول القول محذوفا ، يدل عليه. قوله : « ظلمنا ابن أبي طالب ».

وقال الفاضل الأسترآبادي : مفعوله محذوف تقدير الكلام فلا تقولن ما قلتم من طلب التفضيل وغيره ، رجال كانت الدنيا غمرتهم في زمن الخلفاء الثلاثة ، إذا منعتهم ما كانوا يأخذون وأعطيتهم ما يستوجبون ، فيصرفون ما أعطيتهم ويسألون الزيادة عليه ، ويقولون ظلمنا ابن أبي طالب انتهى.

أقول : لا يخفى أن ما ذكرناه أظهر وفي بعض النسخ [ رجالا ] ـ بالنصب ـ ولعل فيه حينئذ حذفا أي لا تقولن أنتم نعتقد أو نتولى رجالا صفتهم كذا كذا.

قوله : عليه‌السلام« أفره الدواب » يقال : دابة فارهة أي نشيطة قوية نفيسة ، والشنار : العيب والعار.

__________________

(١) القاموس : ج ٣ ص ٥٠.

٥٤٣

وإن للمتقين عند الله تعالى أفضل الثواب وأحسن الجزاء والمآب لم يجعل الله تبارك وتعالى الدنيا للمتقين ثوابا «وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ » انظروا أهل دين الله فيما أصبتم في كتاب الله وتركتم عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وجاهدتم به في ذات الله أبحسب أم بنسب أم بعمل أم بطاعة أم زهادة وفيما أصبحتم فيه راغبين فسارعوا إلى منازلكم رحمكم الله التي أمرتم بعمارتها العامرة التي لا تخرب الباقية التي لا تنفد التي دعاكم إليها وحضكم عليها ورغبكم فيها وجعل الثواب عنده عنها فاستتموا نعم الله عز ذكره بالتسليم لقضائه والشكر على نعمائه فمن لم يرض بهذا فليس منا ولا إلينا وإن الحاكم يحكم

قوله عليه‌السلام: « ألا وإن للمتقين » أي ليس الكرم عند الله إلا بالتقوى وجزاء التقوى ليس إلا في العقبى ، ولم يجعل الله جزاء عملهم التفضيل في عطايا الدنيا.

قوله عليه‌السلام: « فانظروا أهل دين الله » أي يا أهل دين الله كذا في النسخ المصححة وفي بعضها [ إلى أهل ] والمرادبقوله : « فيما أصبتم في كتاب الله » نعوت الأنبياء والأولياء الذين ذكرهم الله في القرآن ، أو مواعيده الصادقة على الأعمال الصالحة وبقوله : « تركتم عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صفاته الحسنة وصفات أصحابه وما كان يرتضيه صلى‌الله‌عليه‌وآله من ذلك له ضمان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله لهم المثوبات على الصالحات كأنه وديعة لهم عنده صلى‌الله‌عليه‌وآله.

قوله عليه‌السلام: « وجاهدتم به » أي بسببه وهو ما رأيتم من فضله وكماله صلى‌الله‌عليه‌وآله أو ما سمعتم من المثوبات عليه.

قوله عليه‌السلام: « أبحسب أم بنسب » أم لم تكن تلك الأمور بالحسب والنسب ، بل بالعمل والطاعة والزهادة.

قوله عليه‌السلام: « وفيما أصبحتم » أي انظروا فيما أصبحتم راغبين فيه ، هل يشبه ما رأيتم وعهدتم مما تقدم ذكره ، وانظروا أيهما أصلح لأن يرغب فيه.

قوله عليه‌السلام: « وجعل الثواب عنده عنها » كلمة ـ عن ـ لعلها بمعنى من ـ للتبعيض أو قوله ـ التي ـ بدل اشتمال للمنازل ، والمراد بها الأعمال التي توصل إليها ، ولا

٥٤٤

بحكم الله ولا خشية عليه من ذلك «أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ » في نسخة ولا وحشة وأولئك «لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ».

وقال وقد عاتبتكم بدرتي التي أعاتب بها أهلي فلم تبالوا وضربتكم بسوطي الذي أقيم به حدود ربي فلم ترعووا أتريدون أن أضربكم بسيفي أما إني أعلم الذي تريدون ويقيم أودكم ولكن لا أشتري صلاحكم بفساد نفسي بل يسلط الله عليكم قوما فينتقم لي منكم فلا دنيا استمتعتم بها ولا آخرة صرتم إليها فبعدا وسحقا «لِأَصْحابِ السَّعِيرِ ».

٥٥٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى وأبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار جميعا ، عن علي بن حديد ، عن جميل ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال سأله حمران فقال جعلني الله فداك لو حدثتنا متى يكون هذا الأمر فسررنا به فقال

يبعد أن يكون في الأصل ـ والتي ـ أو ـ بالتي ـ فصحف.

قوله عليه‌السلام: « ولا خشية عليه من ذلك » أي لا يخشى على الحاكم العدل أي الإمام أن يترك حكم الله ، ولا يجوز أن يظن ذلك به ، أو لا يخشى الحاكم بسبب العمل بحكم الله من أحد ، أو أن يكون معاقبا بذلك عند الله.

وعلى نسخة [ ولا وحشة ] المعنى أنه إذا عمل الحاكم بحكم الله لا يستوحش من مفارقة رعيته عنه بسبب ذلك.

قوله عليه‌السلام: « بدرتي » الدرة ـ بالكسر ـ : التي يضرب بها ، ويظهر من الخبر أن السوط أكبر وأشد منها ، والإرعواء : الانزجار عن القبيح ، وقيل : الندم على الشيء والانصراف عنه ، وتركه ، والأود بالتحريك ـ : العوج.

قوله عليه‌السلام: « بفساد نفسي » أي لا أطلب صلاحكم بالظلم ، وبما لم يأمرني به ربي ، فأكون قد أصلحتكم بإفساد نفسي.

قوله عليه‌السلام: « وسحقا » أي بعدا.

الحديث الثاني والخمسون والخمسمائة : ضعيف.

٥٤٥

يا حمران إن لك أصدقاء وإخوانا ومعارف إن رجلا كان فيما مضى من العلماء وكان له ابن لم يكن يرغب في علم أبيه ولا يسأله عن شيء وكان له جار يأتيه ويسأله ويأخذ عنه فحضر الرجل الموت فدعا ابنه فقال يا بني إنك قد كنت تزهد فيما عندي وتقل رغبتك فيه ولم تكن تسألني عن شيء ولي جار قد كان يأتيني ويسألني ويأخذ مني ويحفظ عني فإن احتجت إلى شيء فأته وعرفه جاره فهلك الرجل و٨قي ابنه فرأى ملك ذلك الزمان رؤيا فسأل عن الرجل فقيل له قد هلك فقال الملك هل ترك ولدا فقيل له نعم ترك ابنا فقال ائتوني به فبعث إليه ليأتي الملك فقال الغلام والله ما أدري لما يدعوني الملك وما عندي علم ولئن سألني عن شيء لأفتضحن فذكر ما كان أوصاه أبوه به فأتى الرجل الذي كان يأخذ العلم من أبيه فقال له إن الملك قد بعث إلي يسألني ولست أدري فيم بعث إلي وقد كان أبي أمرني أن آتيك إن احتجت إلى شيء فقال الرجل ولكني أدري فيما بعث إليك فإن أخبرتك فما أخرج الله لك من شيء فهو بيني وبينك فقال نعم فاستحلفه واستوثق منه أن يفي له فأوثق له الغلام فقال إنه

قوله عليه‌السلام: « إن لك أصدقاء وإخوانا » لعل المقصود من إيراد تلك الحكاية إن هذا الزمان ليس زمان الوفاء بالعهود ، فإذا عرفت زمان ظهور الأمر ، فلك معارف وإخوان فتحدثهم به ، فيشيع الخبر بين الناس وينتهي إلى الفساد العظيم ، والعهد بالكتمان لا ينفع ، لأنك لا تفي به إذ لم يأت بعد زمان الميزان ، أو المراد إن لك معارف وإخوانا فانظر إليهم هل يوافقونك في أمر أو يفون بعهدك في شيء فكيف يظهر الإمام في مثل هذا الزمان ، أو المراد أنه يمكنك استعلام ذلك ، فإن لك معارف وإخوانا فانظر في حالهم فمهما رأيت منهم العزم على الانقياد والإطاعة والتسليم التام لإمامهم ، فاعلم أنه زمان ظهور القائم عليه‌السلام فإن قيامه عليه‌السلام مشروط بذلك ، وأهل كل زمان يكون عامتهم على حالة واحدة ، كما يظهر من الحكاية فيمكنك استعلام أحوال جميع أهل الزمان بأحوال معارفك ، والأول أظهر.

قوله : « ولكني أدري » لعل علمه كان بإخبار ذلك العالم ، وكان العالم أخذه

٥٤٦

يريد أن يسألك عن رؤيا رآها أي زمان هذا فقل له هذا زمان الذئب فأتاه الغلام فقال له الملك هل تدري لم أرسلت إليك فقال أرسلت إلي تريد أن تسألني عن رؤيا رأيتها أي زمان هذا فقال له الملك صدقت فأخبرني أي زمان هذا فقال له زمان الذئب فأمر له بجائزة فقبضها الغلام وانصرف إلى منزله وأبى أن يفي لصاحبه وقال لعلي لا أنفد هذا المال ولا آكله حتى أهلك ولعلي لا أحتاج ولا أسأل عن مثل هذا الذي سئلت عنه فمكث ما شاء الله ثم إن الملك رأى رؤيا فبعث إليه يدعوه فندم على ما صنع وقال والله ما عندي علم آتيه به وما أدري كيف أصنع بصاحبي وقد غدرت به ولم أف له ثم قال لآتينه على كل حال ولأعتذرن إليه ولأحلفن له فلعله يخبرني فأتاه فقال له إني قد صنعت الذي صنعت ولم أف لك بما كان بيني وبينك وتفرق ما كان في يدي وقد احتجت إليك فأنشدك الله أن لا تخذلني وأنا أوثق لك أن لا يخرج لي شيء إلا كان بيني وبينك وقد بعث إلي الملك ولست أدري عما يسألني فقال إنه يريد أن يسألك عن رؤيا رآها أي زمان هذا فقل له إن هذا زمان الكبش فأتى الملك فدخل عليه فقال لما بعثت إليك فقال إنك رأيت رؤيا وإنك تريد أن تسألني أي زمان هذا فقال له صدقت فأخبرني أي زمان هذا فقال هذا زمان الكبش فأمر له بصلة فقبضها وانصرف إلى منزله وتدبر في رأيه في أن يفي لصاحبه أو لا يفي له فهم مرة أن يفعل ومرة أن لا يفعل ثم قال لعلي أن لا أحتاج إليه بعد هذه المرة أبدا وأجمع رأيه على الغدر وترك الوفاء فمكث ما شاء الله ثم إن الملك رأى رؤيا فبعث إليه فندم على ما صنع فيما بينه وبين صاحبه وقال بعد غدر مرتين كيف أصنع وليس عندي علم ثم أجمع رأيه على إتيان الرجل فأتاه فناشده الله تبارك وتعالى وسأله أن يعلمه وأخبره أن هذه المرة يفي منه وأوثق له وقال لا تدعني على هذه الحال فإني لا أعود إلى الغدر وسأفي لك فاستوثق منه فقال إنه يدعوك يسألك عن رؤيا رآها أي زمان هذا فإذا سألك فأخبره أنه زمان الميزان قال فأتى الملك فدخل عليه فقال له لم

من الأنبياء حيث أخبروا بوحي السماء أن هذا الملك سيري تلك الأحلام ، وهذا تعبيرها ، أو بأن أخذ من العالم نوعا من العلم يمكنه استنباط أمثال تلك الأمور

٥٤٧

بعثت إليك فقال إنك رأيت رؤيا وتريد أن تسألني أي زمان هذا فقال صدقت فأخبرني أي زمان هذا فقال هذا زمان الميزان فأمر له بصلة فقبضها وانطلق بها إلى الرجل فوضعها بين يديه وقال قد جئتك بما خرج لي فقاسمنيه فقال له العالم إن الزمان الأول كان زمان الذئب وإنك كنت من الذئاب وإن الزمان الثاني كان زمان الكبش يهم ولا يفعل وكذلك كنت أنت تهم ولا تفي وكان هذا زمان الميزان وكنت فيه على الوفاء فاقبض مالك لا حاجة لي فيه ورده عليه.

٥٥٣ ـ أحمد بن محمد بن أحمد الكوفي ، عن علي بن الحسن التيمي ، عن علي بن أسباط ، عن علي بن جعفر قال حدثني معتب أو غيره قال بعث عبد الله بن الحسن إلى أبي عبد الله عليه‌السلام يقول لك أبو محمد أنا أشجع منك وأنا أسخى منك وأنا أعلم منك فقال لرسوله أما الشجاعة فو الله ما كان لك موقف يعرف فيه جبنك من شجاعتك وأما السخاء فهو الذي يأخذ الشيء من جهته فيضعه في حقه وأما العلم فقد أعتق أبوك علي بن أبي طالب عليه‌السلام ألف مملوك فسم لنا خمسة منهم وأنت عالم فعاد إليه فأعلمه ثم عاد إليه فقال له يقول لك أنت رجل صحفي فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام قل له إي والله صحف إبراهيم وموسى وعيسى ورثتها عن آبائي عليهم‌السلام.

به وكان ذلك من علوم الأنبياء ، على أنه يحتمل أن يكون من الأنبياء.

الحديث الثالث والخمسون والخمسمائة : مجهول.

قوله عليه‌السلام: « فهو الذي يأخذ الشيء من جهته » أي لست أنت كذلك بل تأخذ أموال الإمام وتصرفه في تحصيل خلافة الجور لولدك محمد.

قوله : « إنك رجل صحفي » أي لم تأخذ العلم من الرجال ، بل أخذت من الكتب وهذا الخبر يدل على ذم عبد الله بن الحسن ، وفيه ذموم كثيرة مضى بعضها في كتاب الحجة(١) وقد أوردت أكثر ما يدل على حاله وحال أمثاله في كتاب بحار الأنوار(٢)

__________________

(١) أصول الكافي : ج ١ ص ٣٥٨ ح ١٧ وج ٢ ص ١٥٥ ح ٢٣.

(٢) بحار الأنوار : ج ٤٧ ص ٢٧٦ ـ ح ١٨ و ١٩.

٥٤٨

٥٥٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى : «وَبَشِّرِ الَّذِينَ

والأولى عدم التعرض لهم لما مر.

الحديث الرابع والخمسون والخمسمائة : مرسل.

قوله تعالى : « أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ » قال الطبرسي (ره) قال الأزهري : القدم : الشيء تقدمه قدامك ، ليكون عدة لك حتى تقدم عليه ، وقيل : القدم المقدم وقال ابن الأعرابي : القدم المتقدم في الشرف ، وقال أبو عبيدة والكسائي : كل سابق في خير أو شر فهو عند العرب قدم ، ثم قال (ره) أي عرفهم ما فيه الشرف والخلود في نعيم الجنة على وجه الإكرام والإجلال لصالح الأعمال ، وقيل : إن لهم قدم صدق أي أجرا حسنا ، ومنزلة رفيعة بما قدموا من أعمالهم عن ابن عباس ، وروي عنه أيضا إن المعنى سبقت لهم السعادة في الذكر الأول ويؤيده قوله : «إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى »(١) الآية وقيل : هو تقويم الله تعالى إياهم في البعث يوم القيامة بيانه. قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : نحن الآخرون السابقون يوم القيامة وقيل : « القدم » اسم للحسنى من العبد واليد اسم للحسنى من السيد ، للفرق بين السيد والعبد. وقيل إن معنى قدم صدق شفاعة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيامة ، عن أبي سعيد الخدري ، وهو المروي عن أبي عبد الله(٢) انتهى.

وقال الجوهري : القدم : السابقة في الأمر يقال لفلان قدم صدق أي أثره حسنة قال الأخفش : هو التقديم ، كأنه قدم خيرا فكان له فيه تقديم(٣) انتهى.

قوله عليه‌السلام: « هو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله» الضمير إما راجع إلى القدم بأن يكون المراد به المتقدم في الشرف أي لهم متقدم في الشرف يشفع لهم عند ربهم ، أو بتقدير

__________________

(١) سورة الأنبياء ١٠١.

(٢) مجمع البيان : ج ٥ ص ٨٨ ـ ٨٩.

(٣) الصحاح : ج ٥ ص ٢٠٧.

٥٤٩

آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ »(١) فقال هو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

٥٥٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل : «وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ »(٢) قال لما أسري برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أتاه جبرئيل بالبراق فركبها فأتى بيت المقدس فلقي من لقي من إخوانه من الأنبياء عليهم‌السلام ثم رجع فحدث أصحابه

مضاف أي شفاعة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كما رواه الطبرسي (ره)(٣) أو ولايته وولاية أهل بيته عليهم‌السلام كما مر في كتاب الحجة حيث روي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال في تفسير هذه الآية : هو ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام(٤) فيكون القدم بالمعنى الذي نقله عن الأزهري ، أو راجع إلى الموصول إما بانضمام الأئمة معه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو للتعظيم.

ويؤيد الأول أن علي بن إبراهيم رواه في تفسيره بهذا السند ، وزاد في آخره والأئمة عليهم‌السلام(٥) ، أو راجع إلى الرب أي الذي رباهم بالعلم والكمال ، أو يكون الإسناد إلى الرب من قبيل ما يسند إلى الملوك مما يفعله بأمره مقربو جنابه ، والأول أظهر.

الحديث الخامس والخمسون والخمسمائة : حسن.

قوله تعالى : « وَما تُغْنِي الْآياتُ » قال الطبرسي : معناه ولا تغني هذه الدلالات والبراهين الواضحة مع كثرتها وظهورها والرسل المخوفة عن قوم لا ينظرون في الأدلة تفكرا وتدبرا وما يريدون الإيمان ، وقيل : ما تغني معناه أي شيء تغني

__________________

(١) سورة يونس : ٢.

(٢) يونس : ١٠١.

(٣) مجمع البيان : ج ٥ ص ٨٨.

(٤) أصول الكافي : ج ١ ص ٤٢٢ ح ٥٠.

(٥) تفسير القمّيّ : ج ١ ص ٣٠٩. باختلاف في السند ومن دون زيادة « والأئمّة عليهم‌السلام » فى آخره. ـ في المطبوع ـ

٥٥٠

أني أتيت بيت المقدس ورجعت من الليلة وقد جاءني جبرئيل بالبراق فركبتها وآية ذلك أني مررت بعير لأبي سفيان على ماء لبني فلان وقد أضلوا جملا لهم أحمر وقد هم القوم في طلبه فقال بعضهم لبعض إنما جاء الشام وهو راكب سريع ولكنكم قد أتيتم الشام وعرفتموها فسلوه عن أسواقها وأبوابها وتجارها فقالوا يا رسول الله كيف الشام وكيف أسواقها قال كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا سئل عن الشيء لا يعرفه شق عليه حتى يرى ذلك في وجهه قال فبينما هو كذلك إذ أتاه جبرئيل عليه‌السلام فقال يا رسول الله هذه الشام قد رفعت لك فالتفت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فإذا هو بالشام بأبوابها وأسواقها وتجارها فقال أين السائل عن الشام فقالوا له فلان وفلان فأجابهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في كل ما سألوه عنه فلم يؤمن منهم إلا قليل وهو قول الله تبارك وتعالى : «وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ » ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام نعوذ بالله أن لا نؤمن بالله وبرسوله آمنا بالله وبرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله

عنهم من اجتلاب نفع أو دفع ضرر إذا لم يستدلوا بها فيكون ما للاستفهام ، انتهى(١) .

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله: « مررت بعير » العير ـ بالكسر ـ : القافلة.

قوله : « إنما جاء الشام » أي أتاه أو منه بأن يكون منصوبا بنزع الخافض وفي النسخة القديمة[ إنما جاءه راكب سريع ] أي جبرئيل ، وفيما رواه الشيخ الطبرسي ـ رحمه‌الله : « إنما جاء راكب سريع »(٢) وكذا في العياشي(٣) وهو أظهر وعلى التقادير إنما قالوا ذلك استهزاء ، ويحتمل على النسخة القديمة أن يكونوا أرادوا به أنه اطلع على ذلك من جهة راكب متسرع أتاه فأخبره.

قوله عليه‌السلام: « شق عليه » أي كان يصعب عليه مخافة من تكذيب قومه إذا أبطأ في الإخبار.

قوله عليه‌السلام: « هذه الشام » أي أصلها بالإعجاز أو مثالها.

__________________

(١ و ٢) مجمع البيان : ج ٥ ص ١٣٨. وفيه « إنّما جاءه راكب سريع ».

(٣) تفسير العيّاشيّ : ج ٢ ص ١٣٨. وفيه « إنّما جاء راكبا سريعا ».

٥٥١

٥٥٦ ـ أحمد بن محمد بن أحمد ، عن علي بن الحسن التيمي ، عن محمد بن عبد الله ، عن زرارة ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول إذا قال المؤمن لأخيه أف خرج من ولايته وإذا قال أنت عدوي كفر أحدهما لأنه لا يقبل الله عز وجل من أحد عملا في تثريب على مؤمن نصيحة ولا يقبل من مؤمن عملا وهو يضمر في قلبه على المؤمن سوءا لو كشف الغطاء عن الناس فنظروا إلى وصل ما بين الله عز وجل وبين المؤمن خضعت للمؤمنين رقابهم وتسهلت لهم أمورهم

الحديث السادس والخمسون والخمسمائة : مجهول.

قوله عليه‌السلام: « خرج من ولايته » أي انقطع بينهما الولاية التي جعلها الله بينهما بقوله تعالى : «الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ »(١) وفيه إشعار بأنه خرج عن الإيمان ويحتمل إرجاع الضمير إلى الله أي عن ولاية الله حيث قال «اللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ » والأول أظهر.

قوله عليه‌السلام: « كفر أحدهما » أي إن كان صادقا فقد كفر أخوه بعداوته ، وإن كان كاذبا فقد كفر بالافتراء على أخيه بذلك ، وهذا هو الكفر الذي يتصف به أصحاب الكبائر ، وقد مر تحقيقه في كتاب الإيمان والكفر(٢) .

قوله عليه‌السلام: « في تثريب » التثريب : التعيير والاستقصاء في اللوم ، وقوله :

« نصيحة » إما بدل أو بيان لقوله « عملا » أي لا يقبل من أحد نصيحة لمؤمن يشتمل على تعيير أو مفعول لأجله للتثريب أي لا يقبل عملا من أعماله إذا عيره على وجه النصيحة فكيف بدونها ، ويحتمل أن يكون المراد أن يعيره لكون ذلك المؤمن نصح لله ، وهو بعيد.

قوله عليه‌السلام: « إلى وصل ما بين الله » أي الروابط المعنوية من القرب والمحبة والرحمات والهدايات وغيرها.

__________________

(١) سورة التوبة : ٧١. والآية «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ».

(٢) لاحظ : ج ٩ ص ٣٦ ـ ٣٧.

٥٥٢

ولانت لهم طاعتهم ولو نظروا إلى مردود الأعمال من الله عز وجل لقالوا ما يتقبل الله عز وجل من أحد عملا.

وسمعته يقول لرجل من الشيعة أنتم الطيبون ونساؤكم الطيبات كل مؤمنة حوراء عيناء وكل مؤمن صديق.

قال وسمعته يقول شيعتنا أقرب الخلق من عرش الله عز وجل يوم القيامة بعدنا وما من شيعتنا أحد يقوم إلى الصلاة إلا اكتنفته فيها عدد من خالفه من الملائكة يصلون عليه جماعة حتى يفرغ من صلاته وإن الصائم منكم ليرتع في رياض الجنة ـ تدعو له الملائكة حتى يفطر.

وسمعته يقول أنتم أهل تحية الله بسلامه وأهل أثرة الله برحمته وأهل توفيق

قوله عليه‌السلام: « وتسهلت لهم أمورهم » أي على الناس أمور المؤمنين من إعانتهم وقضاء حوائجهم وخدمتهم.

قوله عليه‌السلام: « حوراء عيناء » أي في الجنة.

قوله عليه‌السلام: « صديق » أي ينزلون في الجنة منازل الصديقين ، ويكونون في درجاتهم أو هم عند الله منهم.

قوله عليه‌السلام: « عدد من خالفه » أي من فرق المسلمين أو كل من يخالفه في الدين من أي الفرق كان.

قوله عليه‌السلام: « يصلون عليه » أي يدعون ويستغفرون له« جماعة » أي مجتمعين أو يأتمون به في الصلاة ، وله ثواب إمام الجماعة كما ورد إن المؤمن وحده جماعة ، ويحتمل أن يكون « جماعة » فاعل اكتنفه.

قوله عليه‌السلام: « ليرتع في رياض الجنة » أي يستوجب بذلك دخولها حتى كأنه فيها أو المراد رياض القرب والوصال.

قوله عليه‌السلام: « بسلامه » أي يسلم الملائكة عليكم في الجنة تحية من الله كما

٥٥٣

الله بعصمته وأهل دعوة الله بطاعته لا حساب عليكم ولا خوف ولا حزن أنتم للجنة والجنة لكم أسماؤكم عندنا الصالحون والمصلحون وأنتم أهل الرضا عن الله عز وجل برضاه عنكم والملائكة إخوانكم في الخير فإذا جهدتم ادعوا وإذا غفلتم اجهدوا وأنتم خير البرية دياركم لكم جنة وقبوركم لكم جنة للجنة خلقتم وفي الجنة نعيمكم وإلى الجنة تصيرون.

٥٥٧ ـ أحمد بن محمد بن أحمد ، عن محمد بن أحمد النهدي ، عن محمد بن الوليد ، عن أبان بن عثمان ، عن الفضيل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لجعفر عليه‌السلام

ورد به الخبر.

قوله عليه‌السلام: « وأهل أثره الله » أي مكرمته أو اختاركم وآثركم على غيركم قال الفيروزآبادي : الأثرة ـ بالضم ـ : المكرمة المتوارثة ، وآثره أكرمه وآثر اختار(١) .

قوله عليه‌السلام: « وأهل دعوة الله بطاعته » أي دعاكم إلى الجنة بسبب أنكم أطعتموه في موالاة أئمة الهدى ، فقبل أعمالكم ، أو أنكم المقصودون في الدعاء إلى الطاعة لعدم قبولها من غيركم.

قوله عليه‌السلام: « برضاه عنكم » أي إنما رضيتم عن الله لعلمكم بأنه رضي عنكم أو لرضاه عنكم جعلكم راضين عنه ، أو الباء للملابسة.

قوله عليه‌السلام: « إذا جهدتم » أي وقعتم في الجهد والمشقة ادعوا الله لكشفها ، وفي بعض النسخ [ اجتهدتم ] أي إذا بالغتم في طاعة ربكم فاسألوه التوفيق للمزيد.

قوله عليه‌السلام: « دياركم لكم جنة » أي أنتم في دوركم تكسبون الجنة فكأنكم فيها ، ويحتمل أن يكون المراد الجنة المعنوية كما مر ، ويحتمل أيضا أن يراد أن داركم التي خلقتم لها هي الجنة لا الدنيا ولا يخلو من بعد.

الحديث السابع والخمسون والخمسمائة : ضعيف على الأشهر.

__________________

(١) القاموس : ج ١ ص ٣٧٤.

٥٥٤

حين قدم من الحبشة أي شيء أعجب ما رأيت قال رأيت حبشية مرت وعلى رأسها مكتل فمر رجل فزحمها فطرحها ووقع المكتل عن رأسها فجلست ثم قالت ويل لك من ديان يوم الدين إذا جلس على الكرسي وأخذ للمظلوم من الظالم فتعجب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٥٥٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أن آزر أبا إبراهيم عليه‌السلام

قوله : « مكتل » قال الفيروزآبادي : المكتل ـ كمنبر ـ : زنبيل يسع خمسة عشر صاعا(١) .

قوله : « فتعجب رسول الله » لعل تعجبه صلى‌الله‌عليه‌وآله كان من صدور مثل هذا الكلام الدال على الإيمان التام بيوم الجزاء من حبشية في بلاد الشرك ،الحديث الثامن والخمسون والخمسمائة : حسن.

قوله عليه‌السلام: « إن آزر أبا إبراهيم عليه‌السلام» اعلم أن العامة اختلفوا في أبي إبراهيم ، قال الرازي في تفسير قوله تعالى : «وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ »(٢) ظاهر هذه الآية تدل على أن اسم والد إبراهيم هو آزر ، ومنهم من قال اسمه تارخ ، قال الزجاج : لا خلاف بين النسابين أن اسمه تارخ ، ومن الملحدة من جعل هذا طعنا في القرآن(٣) .

أقول : ثم ذكر لتوجيه ذلك وجوها « إلى أن قال » : والوجه الرابع : إن والد إبراهيم عليه‌السلام كان تارخ ، وآزر كان عما له ، والعم قد يطلق عليه لفظ الأب كما حكى الله عن أولاد يعقوب أنهم «قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ »(٤) ومعلوم أن إسماعيل كان عما ليعقوب ، وقد أطلقوا عليه لفظ الأب

__________________

(١) نفس المصدر : ج ٤ ص ٤٤.

(٢) سورة الأنعام : ٧٤.

(٣) مفاتيح الغيب « التفسير الكبير » ج ٣ ص ٣٢٦.

(٤) سورة البقرة : ١٣٣.

٥٥٥

كان منجما لنمرود ولم يكن يصدر إلا عن أمره فنظر ليلة في النجوم فأصبح وهو يقول

فكذا هيهنا.

أقول : ثم قال بعد كلام : قالت الشيعة إن أحدا من آباء الرسول وأجداده ما كان كافرا ، وأنكروا أن والد إبراهيم كان كافرا ، وذكروا أن آزر كان عم إبراهيم وما كان والدا له واحتجوا على قولهم بوجوه.

الحجة الأولى : إن آباء نبينا ما كانوا كفارا ، ويدل عليه وجوه « منها » قوله تعالى : «الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ »(١) قيل : معناه أنه كان ينقل روحه عن ساجد إلى ساجد ، وبهذا التقدير فالآية دالة على أن جميع آباء محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله كانوا مسلمين ، وحينئذ يجب القطع بأن والد إبراهيم كان مسلما.

ثم قال : ومما يدل أيضا على أن أحدا من آباء محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ما كانوا مشركين قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات ، وقال تعالى : «إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ »(٢) وذلك يوجب أن يقال إن أحدا من أجداده ما كان من المشركين(٣) انتهى.

وقال الشيخ الطبرسي ـ رحمه‌الله ـ بعد نقل ما مر من كلام الزجاج : وهذا الذي قاله الزجاج يقوى ما قاله أصحابنا أن آزر كان جد إبراهيم لأمه ، أو كان عمه من حيث صح عندهم أن آباء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى آدم كلهم كانوا موحدين ، وأجمعت الطائفة على ذلك(٤) انتهى.

أقول : الأخبار الدالة على إسلام آباء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من طرق الشيعة مستفيضة بل متواترة ، وكذا في خصوص والد إبراهيم قد وردت بعض الأخبار ، وقد عرفت إجماع

__________________

(١) سورة الشعراء : ٢١٩.

(٢) سورة التوبة : ٢٨.

(٣) مفاتيح الغيب « التفيسر الكبير » ج ٣ ص ٣٢٦.

(٤) مجمع البيان : ج ٤ ص ٣٢٢.

٥٥٦

لنمرود لقد رأيت عجبا قال وما هو قال رأيت مولودا يولد في أرضنا يكون هلاكنا على يديه ولا يلبث إلا قليلا حتى يحمل به قال فتعجب من ذلك وقال هل حملت به النساء قال لا قال فحجب النساء عن الرجال فلم يدع امرأة إلا جعلها في المدينة لا يخلص إليها ووقع آزر بأهله فعلقت بإبراهيم عليه‌السلام فظن أنه صاحبه فأرسل إلى نساء من القوابل في ذلك الزمان لا يكون في الرحم شيء إلا علمن به فنظرن فألزم الله عز وجل ما في الرحم إلى الظهر فقلن ما نرى في بطنها شيئا وكان فيما أوتي من العلم أنه سيحرق بالنار ولم يؤت علم أن الله تعالى سينجيه قال فلما وضعت أم إبراهيم أراد آزر أن يذهب به إلى نمرود ليقتله فقالت له امرأته لا تذهب بابنك إلى نمرود فيقتله دعني أذهب به إلى بعض الغيران أجعله فيه حتى يأتي عليه أجله ولا تكون أنت الذي تقتل ابنك فقال لها فامضي به قال فذهبت به إلى غار ثم أرضعته ثم جعلت على باب الغار صخرة ثم انصرفت عنه قال فجعل الله عز وجل رزقه في إبهامه فجعل يمصها فيشخب لبنها وجعل يشب في اليوم كما يشب غيره في الجمعة ويشب في الجمعة كما يشب غيره في الشهر ويشب في الشهر كما يشب غيره في السنة فمكث

الفرقة المحقة على ذلك بنقل المخالف والمؤالف ، وهذا الخبر صريح في كون والده عليه‌السلام آزر فلعله ورد تقية وبسط القول فيه وفي سائر خصوصيات قصصه عليه‌السلام موكول إلى كتابنا الكبير(١) .

قوله عليه‌السلام: « لقد رأيت عجبا » لقد علمت أنه يدل على كون النجوم علامات للكائنات ، ولا يدل على جواز النظر فيها والحكم بها لغير من أحاط بها علما.

قوله عليه‌السلام: « لا يخلص إليها » على بناء المجهول يقال خلص إليه أي وصل.

قوله عليه‌السلام: « فعلقت » بكسر اللام أي حبلت.

قوله عليه‌السلام: « بعض الغيران » هي جمع الغار.

قوله عليه‌السلام: « فيشخب » بضم الخاء وفتحها أي يسيل.

قوله عليه‌السلام: « يشب في اليوم » بكسر الشين ـ أي ينمو لعل المراد أن في

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ١٢ ص ٤٨ ـ ٥٠.

٥٥٧

ما شاء الله أن يمكث ثم إن أمه قالت لأبيه لو أذنت لي حتى أذهب إلى ذلك الصبي فعلت قال فافعلي فذهبت فإذا هي بإبراهيم عليه‌السلام وإذا عيناه تزهران كأنهما سراجان قال فأخذته فضمته إلى صدرها وأرضعته ثم انصرفت عنه فسألها آزر عنه فقالت قد واريته في التراب فمكثت تفعل فتخرج في الحاجة وتذهب إلى إبراهيم عليه‌السلام فتضمه إليها وترضعه ثم تنصرف فلما تحرك أتته كما كانت تأتيه فصنعت به كما كانت تصنع فلما أرادت الانصراف أخذ بثوبها فقالت له ما لك فقال لها اذهبي بي معك فقالت له حتى أستأمر أباك قال فأتت أم إبراهيم عليه‌السلام آزر فأعلمته القصة فقال لها ائتيني به فأقعديه على الطريق فإذا مر به إخوته دخل معهم ولا يعرف قال وكان إخوة إبراهيم عليه‌السلام يعملون الأصنام ويذهبون بها إلى الأسواق ويبيعونها قال فذهبت إليه فجاءت به حتى أقعدته على الطريق ومر إخوته فدخل معهم فلما رآه أبوه وقعت عليه المحبة منه فمكث ما شاء الله قال فبينما إخوته يعملون يوما من الأيام الأصنام إذا أخذ إبراهيم عليه‌السلام القدوم وأخذ خشبة فنجر منها صنما لم يروا قط مثله فقال آزر لأمه إني لأرجو أن نصيب خيرا ببركة ابنك هذا قال فبينما هم كذلك إذا أخذ إبراهيم القدوم فكسر الصنم الذي عمله ففزع أبوه من ذلك فزعا شديدا فقال له أي شيء عملت فقال له إبراهيم عليه‌السلام وما تصنعون به فقال آزر نعبده فقال له إبراهيم عليه‌السلام «أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ » فقال آزر لأمه هذا الذي يكون ذهاب ملكنا على يديه

الأسبوع الأول يشب كل يوم كما يشب غيره في الجمعة ، أي الأسبوع تسمية للكل باسم الجزء ، ثم في بقية الشهر يشب في كل أسبوع كما يشب غيره في شهر ، ثم في في بقية السنة يشب في كل شهر كما يشب غيره في السنة ، ويحتمل أن لا تكون هذه التشبيهات مبنية على المساواة الحقيقية ، بل على محض الإسراع في النمو ، وهذا شائع في المحاورات.

قوله عليه‌السلام: « تزهران » أي تضيئان ، و« القدوم » بفتح القاف وضم الدال المخففة وقد تشد ـ آلة ينحت بها.

٥٥٨

٥٥٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن حجر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال خالف إبراهيم عليه‌السلام قومه وعاب آلهتهم حتى أدخل على نمرود فخاصمه فقال إبراهيم عليه‌السلام «رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ » قال إبراهيم «فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ

الحديث التاسع والخمسون والخمسمائة : حسن أو موثق.

قوله تعالى : « أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ » قال الشيخ الطبرسي رحمه‌الله : أي فقال نمرود أنا أحيي بالتخلية من الحبس من وجب عليه القتل ، وأميت بالقتل من شئت أي ممن هو حي ، وهذا جهل من الكافر ، لأنه اعتمد في المعارضة على العبارة فقط دون المعنى ، عادلا عن وجه الحجة بفعل الحياة للميت ، أو الموت للحي على سبيل الاختراع الذي ينفرد سبحانه به ، ولا يقدر عليه سواه قال إبراهيم : «فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ ».

قيل : في انتقاله من حجة إلى حجة أخرى وجهان :

أحدهما : أن ذلك لم يكن انتقالا وانقطاعا عن إبراهيم ، فإنه يجوز من كل حكيم إيراد حجة أخرى على سبيل التأكيد بعد تمام ما ابتدأ به من الحجاج ، وعلامة تمامه ظهوره من غير اعتراض عليه ، بشبهة لها تأثير عند التأمل والتدبر لموقعها من الحجة المعتمد عليها.

والثاني : إن إبراهيم إنما قال ذلك ليبين أن من شأن من يقدر على إحياء الأموات وإماتة الأحياء ، أن يقدر على إتيان الشمس من المشرق ، فإن كنت قادرا على ذلك ، فأت بها من المغرب ، وإنما فعل ذلك لأنه لو تشاغل معه بأني أردت اختراع الحياة والموت من غير سبب ولا علاج لاشتبه على كثير ممن حضر ، فعدل إلى ما هو أوضح ، لأن الأنبياء عليهم‌السلام إنما بعثوا للبيان والإيضاح ، وليست أمورهم مبنية

٥٥٩

فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ »(١) وقال أبو جعفر عليه‌السلام عاب آلهتهم : «فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ »(٢) قال أبو جعفر عليه‌السلام والله ما كان سقيما وما كذب فلما تولوا «عَنْهُ مُدْبِرِينَ » إلى عيد لهم دخل إبراهيم عليه‌السلام إلى آلهتهم بقدوم فكسرها «إِلاَّ كَبِيراً لَهُمْ » ووضع القدوم في عنقه فرجعوا إلى آلهتهم فنظروا إلى ما صنع بها فقالوا لا والله ما اجترأ عليها ولا كسرها إلا الفتى الذي كان يعيبها ويبرأ منها فلم يجدوا له قتلة أعظم من النار فجمع له الحطب واستجادوه حتى إذا كان اليوم الذي

على تحاج الخصمين ، وطلب كل واحد منهما غلبة خصمه ، وقد روي عن الصادق عليه‌السلام أن إبراهيم قال له أحي من قتلته إن كنت صادقا ثم استظهر عليه بما قاله ثانيا «فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ » أي تحير عند الانقطاع بما بأن له من ظهور الحجة «وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ » بالمعونة على بلوغ البغية من الفساد ، وقيل : معناه لا يهديهم إلى المحاجة كما يهدي أنبياءه وقيل : معناه لا يهديهم بألطافه وتأييده إذا علم أنه لا لطف لهم ، وقيل لا يهديهم إلى الجنة(٣) انتهى كلامه ـ رحمه‌الله.

قوله تعالى : « فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ » قال الشيخ الطبرسي ـ رحمه‌الله ـ : اختلف في معناه على أقوال :

أحدها : أنه عليه‌السلام : نظر في النجوم فاستدل بها على وقت حمى كانت تعتوره فقال إني سقيم أراد أنه قد حضر وقت علته وزمان نوبتها ، فكأنه قال : إني سأسقم لا محالة ، وحان الوقت الذي يعتريني فيه الحمى وقد يسمى المشارف للشيء باسم الداخل فيه قال الله تعالى : «إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ »(٤) وليس نظره في النجوم على حسب ما ينظره المنجمون طلبا للأحكام.

وثانيها : أنه نظر في النجوم كنظرهم لأنهم كانوا يتعاطون علم النجوم فأوهمهم أنه يقول بمثل قولهم ، فقال عند ذلك «إِنِّي سَقِيمٌ » فتركوه ظنا منهم

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٥٨.

(٢) سورة الصافّات : ٨٨ ـ ٨٩ ،

(٣) مجمع البيان : ج ٢ ص ٣٦٨.

(٤) سورة الزمر : ٣٠.

٥٦٠