تحفة العالم في شرح خطبة المعالم الجزء ٢

تحفة العالم في شرح خطبة المعالم11%

تحفة العالم في شرح خطبة المعالم مؤلف:
المحقق: أحمد علي مجيد الحلّي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 513

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 513 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 16102 / تحميل: 1884
الحجم الحجم الحجم
تحفة العالم في شرح خطبة المعالم

تحفة العالم في شرح خطبة المعالم الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

الدول الإسلامية ، كرسيُّ ملكها : کرمان ، عدد ملوكها : ثمانية ، نشأت سنة ٦ ١٩ هـ ، وانقضت سنة ٧٠٣ هـ ؛ إذ من المعلوم أن ظهور مرقده كان بعد وفاته بسنين.

وكتب بعضهم : أن السيِّد علاء الدين حسين كان ذاهباً إلى تلك الحديقة فعرفوه أنه من بني هاشم ، فقتلوه في تلك الحديقة ، وبعد مضي مدَّة ، وزوال آثار الحديقة ، بحيث لم يبق منها إلا ربوة مرتفعة ، عرفوا قبره بالعلامات المذكورة. وكان ذلك في دور الدولة الصفوية.

وجاء رجل من المدينة يقال له : ميرزا علي وسكن شیراز ، وكان مثرياً ، فبنی عليه قُبَّة عالية ، وأوقف عليه أملاكاً وبساتين ، ولمّا توفّي دُفن بجنب البقعة ، وتولية الأوقاف كانت بيد ولده ميرزا نظام الملك ، أحد وزراء تلك الدولة ، ومن بعده إلى أحفاده ، والسلطان خليل الَّذي كان حاكماً في شيراز من قبل الشاه إسماعيل بن حيدر الصفوي ، رمث(٢) البقعة المذكورة ، وزاد على عمارتها السابقة في سنة ٨١٠.

حمزة ابن الإمام موسی بن جعفرعليه‌السلام

وأمّا حمزة بن موسی : فهو المدفون في الري ، في القرية المعروفة : بشاه زاده عبد العظيم ، وله قُبَّة وصحن ، وخدّام.

وكان الشاهزادة عبد العظيم على جلالة شأنه ، وعظم قدره ، يزوره أيام إقامته في الريَّ ، وكان يُخفي ذلك على عامَّة الناس ، وقد أسرّ على بعض خواصه : أنه قبر رجل من أبناء موسی بن جعفرعليه‌السلام (٣) .(١)

__________________

(١) أي الدولة الأتابكية ، ومن الملاحظ أن الجملة تحمل شيئاً من الارتباك.

(٢) رمثه : أصلحه. انظر : المعجم الوسیط : ٣٧١.

(٣) تحفة الزائر: ٦٦٩.

٦١

وممَّن فاز بقرب جواره بعد الممات : هو الشيخ الجليل ، السعيد ، قدوة المفسرین : جمال الدين أبو الفتوح حسين بن علي الخزاعي الرازي : صاحب التفسير المعروف بـ(روض الجنان) في عشرين مجلّداً فارسياً ، إلّا أنّه عجیب ، ومكتوب على قبره اسمه ونسبه بخطّ قدیم. فما في مجالس المؤمنين من أن قبره في أصفهان ، بعيد جداً(٢) .

وفي تبریز : مزار عظيم يُنسب إلى حمزة ، وكذلك في قم في وسط البلدة ، وله ضریح. وذكر صاحب (تاريخ قم) : (أنه قبر حمزة ابن الإمام موسىعليه‌السلام )(٣) .

والصحيح : ما ذكرنا ، ولعلَّ المزار المذكور لبعض أحفاد موسی بن جعفرعليه‌السلام .

القبران في مشهد الكاظمينعليهما‌السلام

وأمّا المرقدان في صحن الكاظمينعليهما‌السلام فيقال : إنهما من أولاد الكاظمعليه‌السلام ، ولا يُعلم حالهما في المدح والقدح ، ولم أر من تعرّض لهذين المرقدين.

نعم ، ذكر العلّامة السيِّد مهدي القزويني في مزار کتابه (فلك النجاة) : (أن الأولاد الأئمة قبرين مشهورين في مشهد الإمام موسىعليه‌السلام من أولاده ، لكن لم يكونا من المعروفين. وقال: إن أحدهم اسمه : العبَّاس ابن الإمام موسىعليه‌السلام ، الَّذي ورد في

__________________

(١) قال أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله : (حدثنا جعفر بن محمّد أبو القاسم قال : حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي قال : حدثنا أحمد بن محمّد بن خالد البرقي قال : كان عبد العظيم ورد الري هارباً من السلطان ، وسكن سرباً في دار رجل من الشيعة في سكة الموالي ، وكان يعبد الله في ذلك السرب ، ويصوم نهاره ، ويقوم ليله ، وكان يخرج مستتراً ، فيزور القبر المقابل قبره ، وبينهما الطريق ، ويقول : هو قبر رجل من ولد موسی بن جعفرعليه‌السلام ). (رجال النجاشي : ٢٤٧ رقم ٦٣٥).

(٢) مجالس المؤمنين ١ : ٤٩٠.

(٣) تاريخ قم : ٥٨٤ ، منتهى الآمال ٢ : ٣٠٥.

٦٢

حقّه القدح). انتهى(١) .

قلت : والمكتوب في لوح زيارة المرقدين أن أحدهما إبراهيم ، وقد تقدم أنه أحد المدفونين في الصحن الكاظمي.

والآخر : إسماعيل. ولعل الَّذي يُعرف بإسماعيل : هو العبَّاس بن موسى. وقد عرفت ذمَّه من أخيه الرضاعليه‌السلام بما لا مزيد عليه ، ويؤيده ما هو شائع على الألسنة : من أن جدّي بحر العلوم ـ طاب ثراه ـ لمّا خرج من الحرم الكاظمي أعرض عن زيارة المشهد المزبور ، فقيل له في ذلك ؛ فلم يلتفت(٢) .

[إسماعيل ابن الإمام موسی بن جعفرعليه‌السلام ]

وأمّا إسماعيل بن موسی ، الَّذي هو صاحب الجعفريات ، فقبره في مصر(٣) ، وكان ساكناً به ، وولده هناك ، وله كتب يرويها عن أبيه ، عن آبائه ، منها : کتاب الطهارة ، کتاب الصلاة ، کتاب الزكاة ، کتاب الصوم ، کتاب الحج ، کتاب الجنائز ، کتاب الطلاق ، کتاب الحدود ، کتاب الدعاء ، کتاب السنن والآداب ، کتاب الرؤيا. كذا في رجال النجاشي(٤) .

__________________

(١) المزار : ١٣٩.

(٢) ينظر عن تعدد إبراهيم وحاله : الفوائد الرجالية ١ : ٤١٤ ـ ٤٣٥ ، وقد هُدم قبراهما في العقد المنصرم ، ورأيت صورة قبريهما في مكتبة أمير المؤمنينعليه‌السلام في النجف الأشرف ، وقال الشيخ القمي في منتهى الأمال ٢ : ٢٩٢ : (إن إبراهيم بن موسى توفي في بغداد ، ودُفن في مقابر قريش مع أبيهعليه‌السلام في قبر منفصل معروف) ، انتهى.

وسيأتي كلام الطقطقي عن قبره ، فلاحظ.

(٣) لم يُذكر أن قبره بمصر ، وإنما نُصّ علی سکنه بها ومن بعده أولاده وأحفاده ، والظاهر أنه يرد على سبيل الاحتمال.

(٤) رجال النجاشي : ٢٦ رقم ٤٨.

٦٣

وفي تعليقات الرجال : (أن كثرة تصانيفه ، وملاحظة عنواناتها ، وترتيباتها ، ونظمها ، تشير إلى المدح ، مضافاً إلى ما في [خبر](١) صفوان بن يحيى : أن أبا جعفر ـ أعني : الجوادعليه‌السلام ـ بعث إليه بحنوط : وأمر إسماعيل بن موسى بالصلاة عليه.

قال : والظاهر : أنه هذا ، وفيه أشعار بنباهته) ، انتهى(٢) .

وفي مجمع الرجال لمولانا عناية الله : (أنه هو جزماً ، وقال : يدل على زيادة جلالته جداً )(٣) .

وفي رجال ابن شهر آشوب : (إسماعيل بن موسی بن جعفر الصادق عليه‌السلام سكن مصر وولده بها ، ثُمَّ عدّ كتبه المذكورة )(٤) .

ولا يخفى ظهور كون الرجل من الفقهاء عندهم ، وفي القرية المعروفة : بفيروز کوه ، مزار ينسب إلى إسماعيل ابن الإمام موسیعليه‌السلام أيضاً(٥) .

وأمّا إسحاق : فمن نسله الشريف أبو عبد الله ، المعروف : بنعمة ، وهو محمّد بن الحسن بن إسحاق بن الحسن بن الحسين بن إسحاق بن موسی بن جعفرعليه‌السلام ، الَّذي كتب الصدوق له (من لا يحضره الفقيه) ، كما صرّح به في أول الكتاب المزبور(٦) .

قبر حمزة في أطراف الحلّة

يوجد في أطراف الحلَّة مزار عظيم ، وله بقعة وسيعة ، وقبة رفيعة تُنسب إلى

__________________

(١) ما بين المعقوفين منا لإتمام المعنی.

(٢) تعليقة على منهج المقال : ٩٣ ، وخبر صفوان ورد في اختيار معرفة الرجال ٢ : ٧٩٢ ح ٩٦١.

(٣) مجمع الرجال ١ : ٢٤٤ ، ٣ : ٢١٨.

(٤) معالم العلماء : ٤٣ رقم ٣١.

(٥) فیروز کوه : نسبة إلى قلعة في ولاية غُوْر الواقعة بين هراة وغزنة. (معجم البلدان ٤ : ٢١٨).

(٦) من لا یحضره الفقيه ١ : ٢ ، وينظر عن أحواله وموضع قبره : منتهی الآمال ٢ : ٣١٢.

٦٤

حمزة ابن الإمام موسیعليه‌السلام (١) ، تزوره الناس وتنقل له الكرامات. ولا أصل لهذه الشهرة. بل هو قبر حمزة بن قاسم بن علي بن حمزة بن حسن بن عبيد الله بن العبَّاس ابن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، المكنَّى بأبي يَعلَى(٢) ، ثقة جليل القدر ذكره

__________________

(١) وأقدم من ذكره بهذه النسبة ابن الطقطقي (ت ٧٠٩ هـ) في (الأصيلي) إذ قال في ص ١٨٠ منه : (وقبره بمشهد الغربات بالصدرين ، رستاق من بلاد الحلة المزيدية) انتهى. أفادنا بذلك شيخ إجازتنا العلّامة السيِّد عبد الستار الحسني دام توفيقه ، كما ذكر بذلك في نبذة الغري في أحوال الحسن الجعفري ، وألّف في ترجمته الشيخ محمّد علي الأوردباديرحمه‌الله رسالة باسم : (المثل الأعلى في ترجمة أبي يعلی) وطُبعت بتحقيق السيِّد جودت القزويني.

(٢) حكاية تصحيح النسبة لقبرهرضي‌الله‌عنه ذكرها الشيخ حسين النوريرحمه‌الله في كتابه (جنة المأوى) المطبوع مع بحار الأنوار ٥٣ : ٢٨٦ ـ ٢٨٧ رقم ٤٥ ، ونصّها : (قال سلمه الله : وحدثني الوالد أعلى الله مقامه [المتحدث هو ابن السيِّد محمّد مهدي القزويني (ت ١٣٠٠ هـ)] قال : لازمت الخروج إلى الجزيرة مدة مديدة ؛ لأجل إرشاد عشائر بني زيد إلى مذهب الحق ، وكانوا كلهم على رأي أهل التسنّن ، وببركة هداية الوالد قدس سره وإرشاده ، رجعوا إلى مذهب الإمامية كما هم عليه الآن ، وهم عدد كثير يزيدون على عشرة آلاف نفس ، وكان في الجزيرة مزار معروف بقبر الحمزة بن الكاظم ، يزوره الناس ويذكرون له كرامات كثيرة ، وحوله قرية تحتوي على مائة دار تقريباً. قالقدس‌سره : فكنت أستطرق الجزيرة وأمرّ عليه ولا أزوره ؛ لما صحّ عندي أن الحمزة بن الكاظم مقبور في الري مع عبد العظيم الحسني ، فخرجت مرة على عادتي ونزلت ضيفاً عند أهل تلك القرية ، فتوقعوا مني أن أزور المرقد المذكور فأبيت ، وقلت لهم : لا أزور من لا أعرف ، وكان المزار المذكور قلّت رغبة الناس فيه لإعراضي عنه ، ثُمَّ ركبت من عندهم وبتّ تلك الليلة في قرية المزيدية ، عند بعض ساداتها ، فلمَّا كان وقت السحر جلست لنافلة الليل وتهيأت للصلاة ، فلمَّا صليت النافلة بقيت أرتقب طلوع الفجر ، وأنا على هيئة التعقيب إذ دخل علي سيد أعرفه بالصلاح والتقوى ، من سادة تلك القرية ، فسلّم وجلس. ثُمَّ قال : يا مولانا بالأمس تضيّفت أهل قرية الحمزة ، وما زرته؟ قلت : نعم ، قال : ولِمَ ذلك؟ قلت : لأني لا أزور من لا أعرف ، والحمزة بن الكاظم مدفون بالري ، فقال : ربّ مشهور لا أصل له ، ليس هذا قبر الحمزة بن موسى الكاظم وإن اشتهر أنه كذلك ، بل هو قبر أبي يعلى حمزة بن القاسم العلوي العبَّاسي أحد علماء الإجازة وأهل الحديث ، وقد ذكره أهل الرجال في كتبهم ، وأثنوا عليه بالعلم والورع ، فقلت في نفسي : هذا السيِّد من عوام السادة ، وليس من أهل الاطلاع على الرجال والحديث ، فلعله أخذ هذا الكلام عن بعض العلماء ، ثُمَّ قمت لأرتقب طلوع الفجر ، فقام ذلك السيِّد وخرج وأغفلت أن أسأله عمّن أخذ هذا لأن الفجر قّدْ طلع ، وتشاغلت بالصلاة ، فلمَّا صليت جلست للتعقيب حَتَّى طلع الشمس وكان معي جملة من كتب الرجال ، فنظرت فيها وإذا الحال كما ذکر ، فجاءني أهل القرية مسلّمين عليّ وفي جملتهم ذلك السيد ، فقلت : جئتني قبل الفجر وأخبرتني عن قبر الحمزة ، أنه أبو يعلی حمزة بن القاسم العلوي فمن أين لك هذا وعمّن أخذته؟ فقال : والله ما جئتك قبل الفجر ولا رأيتك قبل هذه الساعة ، ولقد كنت ليلة أمس بائتاً خارج القرية ـ في مكان سماء ـ وسمعنا بقدومك ، فجئنا في هذا اليوم زائرين لك ، فقلت لأهل القرية : الآن لزمتي الرجوع إلى زيارة الحمزة فإني لا أشكّ في أن الشخص الَّذي رأيته

٦٥

النجاشي في الفهرست ، وقال : (إنه من أصحابنا ، كثير الحديث ، له كتاب من روى عن جعفر بن محمّدعليه‌السلام من الرجال ، وهو كتاب حسن ، وكتاب التمهید ، وكتاب الزيارات والمناسك ، وكتاب الرد على محمّد بن جعفر الأسدي)(١) .

زيد ابن الإمام موسی بن جعفرعليه‌السلام

وأمّا زيد فقد خرج بالبصرة ، فدعا إلى نفسه ، وأحرق دوراً ، وأعاث ، ثُمَّ ظُفر به وحُمل إلى المأمون.

قال زيد : (لمّا دخلت على المأمون نظر إليّ ثُمَّ قال : اذهبوا به إلى أخيه أبي الحسن علي بن موسى ، فتركني بين يديه ساعة واقفاً ، ثُمَّ قال : يا ز ي د ، سوءةً لك : ما أنت قائل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا سفكت الدماء ، وأخفتَ السبيل ، وأخذت المال من غير حلّه ، غرّك حديث حمقى أهل الكوفة : أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إن فاطمة أحصنت فرجها ، فحرّمها الله وذرِّيتها على النار ، إن هذا لمن خرج من بطنها : الحسن والحسينعليهما‌السلام فقط. والله ما نالوا ذلك إلا بطاعة الله ؛ فلئن أردت أن تنال بمعصية الله ما نالوا بطاعته ، إنك إذاً لأكرم عند الله منهم)(٢) .

وفي العيون : (إنه عاش زيد بن موسى إلى آخر خلافة المتوكّل ، ومات بسُرَّ من

__________________

هو صاحب الأمرعليه‌السلام ، قال : فركبت أنا وجميع أهل تلك القرية لزيارته ، ومن ذلك الوقت ظهر هذا المزار ظهوراً تاماً علی وجه صار بحيث تُشدّ الرحال إليه من الاماكن البعيدة. قلت : في رجال النجاشي : حمزة بن القاسم بن علي بن حمزه بن الحسن بن عبيد الله بن العبَّاس بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام أبو یعلی ، ثقة جلیل القدر ، من أصحابنا ، کثير الحديث ، له كتاب من روى عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام من الرجال ، وهو كتاب حسن. وذكر الشيخ الطوسي أنه يروي عن سعد بن عبد الله ، ويروي عنه التلعکبريرحمه‌الله إجازة ، فهو في طبقة والد الصدوق).

(١) رجال النجاشي : ١٤٠ رقم ٣٦٤.

(٢) کشف الغُمَّة ٣ : ١٠٤.

٦٦

رأى )(١) .

وكيف كان فهذا زيد هو المعروف بزيد النار ، وقد ضعَّفه أهل الرجال ، ومنهم : المجلسي في وجيزته(٢) .

وفي العمدة : (أنه حاربه الحسن بن سهل ، فظفر به ، وأرسله إلى المأمون ، فأدخله عليه بمرو مقيَّداً ، فأرسله المأمون إلى أخيه علي الرضا عليه‌السلام ، ووهب له جرمه ، فحلف علي الرضا عليه‌السلام : أن لا يكلّمه أبداً ، وأمر بإطلاقه ، ثُمَّ إنَّ المأمون سقاه السمَّ فمات )(٣) .

حكيمة بنت الإمام موسی بن جعفرعليه‌السلام

هذا وقال ابن شهر آشوب صاحب المعالم(٤) : (حكيمة بنت أبي الحسن موسی بن جعفرعليه‌السلام قالت : لمّا حضرت ولادة الخيزران اُمّ أبي جعفرعليه‌السلام دعاني الرضاعليه‌السلام ، فقال : يا حكيمة ، أحضري ولادتها ، وادخُلي وإيَّاها والقابلةَ بيتاً. ووضع لنا مصباحاً ، وأغلق الباب علينا ، فلمَّا أخذها الطلق طُفي المصباح وبين يديها طست فاغتممت بطفي المصباح ، فبينا نحن كذلك إذ بدر أبو جعفرعليه‌السلام في الطست ، وإذا

__________________

(١) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١ : ٢٥٩ ضمن ح ٣ ، ويدل عليه ما رُوي في (الثاقب في المناقب) لابن حمزة الطوسي : ٥٤٠ ح ٤٨١ / ٥ ، عن الطيب بن محمّد بن الحسن بن شمون ، قال : (ركب المتوكّل ذات يوم وخلفه الناس ، وركب آل أبي طالب إلى أبي الحسنعليه‌السلام ؛ ليركبوا بركوبه ، فخرج في يوم صائف شديد الحر ، والسماء صافية ما فيها غيم ، وهوعليه‌السلام معقود ذنب الدابة بسرج جلود طويل وعليه ممطر وبرنس ، فقال زيد بن موسى بن جعفر لجماعة آل أبي طالب : انظروا إلى هذا الرجل يخرج مثل هذا اليوم كأنه وسط الشتاء ، قال : فساروا جميعاً فما جاوزوا الجسر ولا خرجوا عنه حَتَّى تغيّمت السماء ، وأرخت عزاليها كأفواه القرب ، وابتلّت ثياب الناس ، فدنا منه زيد بن موسى بن جعفر وقال : يا سيدي ، أنت قَدْ علمت أن السماء قَدْ تمطر ، فهلا أعلمتنا ، فقد هلكنا وعطبنا).

(٢) الوجيزة في الرجال : ٨٤ رقم ٨٠٠.

(٣) عمدة الطالب : ٢٢١.

(٤) في الأصل : (في المعالم) والصحيح ما أثبتناه.

٦٧

عليه شيء رقيق ، كهيئة الثوب ، يسطع نوره حَتَّى أضاء البيت ، فأبصرناه ، فأخذته فوضعته في حجري ، ونزعت عنه ذلك الغشاء.

فجاء الرضاعليه‌السلام ففتح الباب ، وقد فرغنا من أمره ، فأخذه فوضعه في المهد ، وقال : يا حكيمة إلزمي مهده. قالت : فلمَّا كان في اليوم الثالث رفع بصره إلى السماء ، [ثُمَّ نظر يمينه ويساره](١) ، ثُمَّ قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمّداً رسول الله. فقمتُ ذَعِرَةً فَزِعَةً ، فأتيت أبا الحسنعليه‌السلام ، فقلت له : قَدْ سمعت من هذا الصبي عجباً. فقال : ما ذاك؟ فأخبرته الخبر ، فقال : يا حكيمة ما ترون من عجائبه أكثر) ، انتهى(٢) .

وحكيمة بالكاف ـ كما صرّح به جدّي بحر العلومرحمه‌الله : (وأمّا حليمة ـ باللام ـ فمن تصحيف العوام)(٣) .

قلت : وفي جبال طريق بهبهان مزار ، يُنسب إليها ، يزوره المتردِّدون من الشيعة(٤) .

فاطمة المعروفة بمعصومة قم

وأمّا فاطمة : فقد روى الصدوق في (ثواب الأعمال) ، و (العيون) أيضاً ، بإسناده ، قال : سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام عن فاطمة بنت موسی بن جعفرعليها‌السلام ؟ فقال : «من زارها فله الجنَّة »(٥) .

وفي كامل الزيارة مثله ، وفيه أيضاً بإسناده عن ابن الرضا ـ أعني : الجوادعليه‌السلام ـ

__________________

(١) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٢) مناقب آل أبي طالبعليهم‌السلام ٣ : ٤٩٩.

(٣) الفوائد الرجالية ٢ : ٣١٦.

(٤) ينظر ترجمتها بالتفصيل في : مجموعة الآثار ٢ : ٢٢٩ رقم ٢٠.

(٥) ثواب الأعمال : ٩٨ ، عیون أخبار الرضاعليه‌السلام ١ : ٢٩٩ ح ١.

٦٨

قال : «من زار عمَّتي بقم فله الجنَّة »(١) .

وفي مزار البحار : رأيت في بعض كتب الزيارات : حدّث علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن سعد ، عن علي بن موسى الرضاعليه‌السلام ، قال : «يا سعد ، عندكم لنا قبر؟ قلت : جُعلت فداك ، قبر فاطمة بنت موسیعليهما‌السلام ، قال : نعم ، من زارها عارفاً بحقّها فله الجنَّة»(٣) .

وعن (تاريخ قم) للحسن بن محمّد القمي : بإسناده عن الصادقعليه‌السلام قال : «إن لله حرماً وهو مكة ، ولرسوله حرماً وهو المدينة ، ولأمير المؤمنين حرماً وهو الكوفة ، ولنا حرماً وهو قم ، وستُدفن فيه امرأة من ولدي تسمی : فاطمة ؛ من زارها وجبت له الجنَّة. قال عليه‌السلام ذلك ولم تحمل بموسى عليه‌السلام اُمُّه »(٣) .

وبسند آخر عنه : «أن زيارتها تعدلُ الجنَّة »(٤) .

قلت : وهي المعروفة اليوم بمعصومة ، ولها مزار عظيم ، ويُذكر في بعض كتب التاريخ : أن القُبَّة الحالية التي على قبرها من بناء سنة ٥ ٢٩ هـ ، بأمر المرحومة : شاه بیکم بنت عماد بيك.

وأمّا تذهيب القُبَّة مع بعض الجواهر الموضوعة على القبر ، فهي من آثار السلطان : فتح علي شاه القاجاري(٥) .

__________________

(١) کامل الزيارات : ٥٣٦ ح ٨٢٦ / ١ ، ٨٢٧ / ٢ تباعاً.

(٢) بحار الأنوار ٩٩ : ٢٦٥ ح ٤.

(٣) تاريخ قم : ٥٧٣ ، عنه بحار الأنوار ٩٩ : ٢٦٧ ح ٥.

(٤) تاريخ قم : ٥٧٣ ، عنه بحار الأنوار ٩٩ : ٢٦٧ ح ٦.

(٥) ينظر ترجمتها بالتفصيل في : مجموعة الأثار ٢ : ٢٣٦ رقم ٣٢ ، وقد ألفت فيها وفي تاريخ عمارة قبرها کتب مختصة فلتراجع.

٦٩

وأمّا فاطمة الصغرى ، وقبرها في بادکوبة خارج البلد ، يبعد عنه بفرسخ من جهة جنوب البلد ، واقع في وسط مسجد بناؤه قدیم. هكذا ذكره صاحب مرآة البلدان.

وفي رشت مزار : (يُنسب إلى فاطمة الطاهرة : اُخت الرضا عليه‌السلام ، ولعلها غير من ذكرناها )(١) .

فقد ذكر سبط ابن الجوزي في (تذكرة خواص الاُمَّة) في ضمن تعداد بنات موسی بن جعفرعليه‌السلام : (أربع فواطم : کبری ، ووسطی ، وصغرى ، واُخرى ، والله أعلم )(٢) .

تتميم

القاضي أبو يوسف

ومن جملة المدفونين بجنب الإمامين ، الهمامين ، الكاظمينعليهما‌السلام ، القاضي أبو يوسف : يعقوب بن إبراهيم ، أحد صاحبي أبي حنيفة ، والآخر هو محمّد بن الحسن الشيباني(٣) . كانت ولادة القاضي المذكور سنة ١١٣ هـ ، وتوفي وقت الظهر ، في الخامس من ربيع الأول ، سنة ١٨٢ هـ ، وقبره بجنب مشهدهماعليه‌السلام معلوم(٤) .

فرهاد ميرزا القاجاري

وممَّن فاز أيضاً بقرب الجوار بعد الموت : النواب فرهاد ميرزا ، معتمد الدولة ، خلف المرحوم عبَّاس ميرزا ابن فتح علي شاه القاجاري ، وولي عهده السابق ،

__________________

(١) ينظر ترجمتها بالتفصيل في مجموعة الآثار ٢ : ٢٣٥ رقم ٣١.

(٢) تذکرة الخواص ٢ : ٤٦٩.

(٣) ترجم له ابن حبان في كتابه المجروحين ٢ : ٢٧٥ ، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ٢ : ١٦٩ رقم ٥٩٣.

(٤) ينظر ترجمته في : تاريخ بغداد ١٤ : ٢٤٥ ـ ٢٦٤ ، قاموس الرجال ١١ : ١٢٣ رقم ٨٤٧٨ ، وكل من ذكره قال : إن وفاته كانت سنة ١٨٢ هـ ، وقيل : ١٩٢ هـ ، فلاحظ.

٧٠

وكان من النواب المذكور من فحول فضلاء الدورة القاجارية ، معروفاً بوسعة التتبع والاستحضار ، خصوصاً في فَنَّي التاريخ والجغرافيا ، واللُّغة الإنكليسية.

وله مآثر مأثورة منها : كتابه الموسوم (بجام جم) في تاريخ الملوك والعالم ، وكتاب (القمقام الزخّار والصمصام البتّار) في المقتل ، وكتاب (الزنبيل) يجري مجرى الكشكول ، و (شرح خلاصة الحساب بالفارسية ، و (هداية السبيل وكفاية الدليل) رحلة زيارته بيت الله الحرام.

ومن أعظم آثاره : تعمير صحن الإمام موسی بن جعفرعليه‌السلام ، وتذهیب رؤوس منائره الأربع ، كما هو المشاهد الآن ، ومدَّة التعمير ستّ سنين ، وفرغ من تعميره سنة ١٢٩٩ هـ وتوفي سنة ١٣٠ ٥ هـ في طهران ، وحُمل نعشه إلى الكاظمينعليهما‌السلام ، ودفن بباب الصحن الشريف الكاظمي ، حيث لا يخفى(١) .

__________________

(١) ينظر ترجمته في : أعيان الشيعة ٨ : ٣٩٧ ، الكنى والألقاب ٣ : ١٩٠.

٧١
٧٢

المقام الثامن

في الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام

مولدهعليه‌السلام

وكنيته : أبو الحسن الثالث ، كان مولده يوم الثلاثاء ، وقيل : يوم الخميس ، وقيل : يوم الجمعة ، في الحادي عشر من شهر ذي القعدة ، وقيل : ذي الحجة ، سنة ١ ٤ ٨ من الهجرة على ما ذكره المفيد في (الإرشاد) ، والكليني في (الكافي) ، والشيخ في (التهذيب)(١) ، وقيل سنة ١ ٥ ٣ هـ(٢) .

ونسب إلى ما رواه(٣) الصدوق : (من بعد وفاة الصادق عليه‌السلام بخمس سنين في المدينة )(٤) .

اُمُّه اُمّ ولد ، يقال لها : اُمّ البنين.

والمروي أن حميدة : اُمّ موسی بن جعفرعليهما‌السلام لمّا اشترتها. رأت رسول الله في المنام ، وقد أمرها بأن يقطعها (تقطعها ـ ظ) إلى الإمام موسیعليه‌السلام ، وأخبرتها (وأخبرها ـ ظ) بأنه يلد منها الرضاعليه‌السلام (٥) .

فصل

في ذكر أولادهعليه‌السلام

قيل : لم يُعرف له ولد سوى ابنه الإمام محمّد بن علي ، كما هو في

__________________

(١) الإرشاد ٢ : ٢٤٧ ، الكافي ١ : ٤٨٦ ، تهذيب الأحکام ٦ : ٨٣.

(٢) ينظر : شرح إحقاق الحق ٢٨ : ٦٤٠.

(٣) عبارة : (ونسب إلى ما رواه) كان الأولى منها كلمة : (وقال) ؛ ليستقيم الكلام والمعنى ، فلاحظ.

(٤) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ٢ : ٢٨.

(٥) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ٢ : ٢٦ ح ٣.

٧٣

(الإرشاد)(١) ، والأصح : أن له أولاد ، أو قَدْ ذكر غير واحد من العامة : له خمسة بنين ، وابنة واحدة. وهم :

محمّد القانع ، والحسن ، وجعفر ، وإبراهيم ، والحسين ، وعائشة(٢) .

وفي بعض كتب الأنساب : مذكورٌ العقبُ من بعضهم فلاحظ(٣) .

__________________

(١) الإرشاد ٢ : ٢٧١.

(٢) کشف الغُمَّة ٣ : ٦٠.

(٣) فائدة : قال الشيخ عزیز الله العطاردي في كتابه (مسند الإمام الرضاعليه‌السلام ) ١ : ١٤٠ ـ ١٤٢ في باب ذکر أولاده ، ما نصّه : ([١] ـ قال المفيدرحمه‌الله : ومضى الرضاعليه‌السلام ، ولم يترك ولداً تعلمه إلا ابنه الإمام بعده أبا جعفر محمّد بن عليعليه‌السلام ، وكان سنّهُ يوم وفاة أبيه سبع سنين وأشهرا. [الإرشاد ٢ : ٢٧١].

[٢] ـ قال الطبرسي : وكان للرضاعليه‌السلام من الولد ، ابنه أبو جعفر محمّد بن علي الجواد لا غير [إعلام الوری ٢ : ٨٦].

[٣] ـ قال الإربلي : وأمّا أولاده ، فكانوا ستة ، خمسة ذكور ، وبنت واحدة ، وأسماء أولاده : محمّد القانع ، الحسن ، جعفر ، إبراهيم ، الحسين ، وعائشة [كشف الغُمَّة ٣ : ٦٠].

[٤] ـ ونقل عن الحافظ عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي : أن لهعليه‌السلام من الولد خمسة رجال وابنة واحدة : محمّد الإمام ، وأبو محمّد الحسن ، وجعفر ، وإبراهيم والحسين ، وعائشة [كشف الغُمَّة ٣ : ٦٠].

روى الإربلي بسنده ، عن حنان بن سدير قال : قلت لأبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، أيكون إمام ليس له عقب؟ فقال أبو الحسنعليه‌السلام : أما إنه لا يولد لي إلا واحد ، ولكن الله منشئ منه ذرية كثيرة ، قال أبو خداش : سمعت هذا الحديث منذ ثلاثين سنة [كشف الغُمَّة ٣ : ٩٥].

[٥] ـ قال ابن الخشاب : وُلد له خمسة ، وابنة واحدة ، أسماء بنیه : محمّد الإمام أبو جعفر الثاني ، أبو محمّد الحسين ، وجعفر ، وإبراهيم ، والحسن ، وعائشة فقط [تاريخ مواليد الأئمةعليهم‌السلام : ٣٨١].

[٦] ـ قال ابن شهر آشوب : كان للرضا عليه‌السلام من الولد ، ابنه أبو جعفر عليه‌السلام لا غير.

[٧] ـ في كتاب العدد : كان لهعليه‌السلام ولدان ، أحدهما محمّد والآخر موسى ، لم يترك غيرهما [العدد القوية : ٢٩٤].

[٨] ـ في كتاب الدر : مضي الرضاعليه‌السلام ولم يترك ولداً إلا أبا جعفر محمّد بن عليعليه‌السلام ، وكان سنّه يوم وفات أبيه سبع سنين وأشهر [الدر النظيم : ٦٩٩].

[٩] ـ قال ابن الجوزي : وأولاده ، محمّد الإمام أبو جعفر الثاني ، وأبو جعفر ، وأبو محمّد الحسن ، وابراهيم ، وابنة واحدة.

[١٠] ـ قال محمّد بن طلحة : وأمّا أولاده ، فكانوا ستة ، خمسة ذكور ، وبنت واحدة ، وأسماء أولاده : محمّد القانع ، والحسن ، وإبراهيم ، والحسين ، وعائشة [مطالب السؤول : ٤٦٤].

[١١] ـ قال ابن حزم : فولد علي الرضا : علي بن علي لم يعقب ، ومحمّد بن علي صهر المأمون والعقب له ، والحسين.

٧٤

مرقد سلطان إبراهيم

وفي قوجان مشهد عظيم يُعرف : بسلطان إبراهيم بن علي بن موسی الرضاعليه‌السلام .

صحائف قرآن بخط غريب

ومن عجيب ما يوجد في ذلك المشهد من الآثار بعض الأوراق من كلام الله المجيد هي بخط : بأي سنقر بن شاه رخ ابن أمير تیمور الكرر كاني يقال : إن السلطان نادر شاه الأفشاري جاء بها من سمرقند إلى هذا المشهد ، وطول الصفحة في ذراعين ونصف ، وعرضها في ذراع وعشرة عقود ، وطول السطر في ذراع ، وعرضه خمسة عقود ، والفاصل ما بين السطرين ربع ذراع ، بقلم غلیظ في عرض ثلاث أصابع(١) .

والسلطان ناصر الدین شاه القاجاري : لمّا سافر إلى خراسان لزيارة الرضاعليه‌السلام

__________________

[١٢] ـ قال ابن شهر آشوب : الأصل في مسجد زرد في كورة مرو ، أنه صلّى فيه الرضاعليه‌السلام ، فبنى مسجداً ، ثُمَّ دُفن فيه ولد الرضاعليه‌السلام ، ويروي فيه من الكرامات [مناقب آل أبي طالبعليهم‌السلام ٣ : ٤٧٢].

[١٣] ـ قال العطاردي : ويظهر من رواية رواها الصدوق في العيون ، ونقلناها في مسنده الشريف في كتاب (الآداب والمواعظ) تحت رقم ٢٨ ، بأن له عليه‌السلام بنتاً تسمى فاطمة ، وروت عنهعليه‌السلام ، وسند الحديث هكذا : حدثني أبو الحسن بكر بن أحمد بن محمّد بن إبراهيم بن زياد بن موسی بن مالك الأشج العصري ، قال حدثتنا فاطمة بنت علي بن موسى قالت : سمعت أبي علياً يحدّث عن أبيه ، عن جعفر بن محمّد إلى آخر الحديث. ورأيت في كتاب (رشحات الفنون) من تأليفات أمين الدين أبي المكارم الحسيني الهروي المخطوط في مكتبة ملا فیروز ـ کاماهال ـ ببمئي من بلاد الهند ما هذا نصه : حضرت رضاعليه‌السلام أولاد ذكورش : أول محمّد تقي دوم أبو جعفر أكبر ، سوم أبو جعفر أصغر ، چهارم ابو محمّد الحسن ، پنجم إبراهيم ، ششم حسين ، إناث یکتن بود. وفي قزوين مزار مشهور ، يُعرف بشاهزاده حسين بن علي بن موسى الرضاعليهما‌السلام ، وله قُبَّة وروضة ، يُقصد ویُزار ، وذكر هذا المزار الرافعي في (التدوين في أخبار قزوين) ، وحمد الله مستوفي في تاريخه المسمى بـ(تاريخ گزيده) فليراجع) ، انتهى.

وقد نقلته بتمامه لفائدة لا تخفى على اللبيب ، وأورد العطاردي ذكر مصادر قوله ، فلتراجع ، وأيضاً ذكر ولدهعليه‌السلام إبراهيم الذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ : ٧٤ أحداث سنة ١٩٩ هـ.

(١) وقد رأيت أنا بعض تلك الصحائف في مكتبة الإمام الرضاعليه‌السلام وهي باقية إلى زماننا هذا.

٧٥

جاء بورقتين منها إلى طهران ، جعلها في متحفه الملوكي.

وفاة الإمام الرضاعليه‌السلام

وكيف كان : فإن المأمون الخليفة العبَّاسي أشخص الرضاعليه‌السلام من المدينة إلى خراسان ، سنة ٢٠٠ من الهجرة ، ولمّا رجع إلى بغداد ؛ لاختلال وقع في العراق ، أنهض معه الرضاعليه‌السلام ، وسمّه في قرية بطوس ، كما هو المشهور بين الإمامية ، فقُبضعليه‌السلام بها في يوم الثلاثاء في السابع عشر من شهر صفر ، وذكر الصدوقرحمه‌الله : في يوم الجمعة الإحدى والعشرين من رمضان(١) .

وذكر المفيدرحمه‌الله في تاريخه : (أن اليوم الثالث والعشرين من ذي القعدة كانت وفاته ، سنة ٢٠٣ هـ على المشهور )(٢) .

وفي الكافي عن محمّد بن سنان : (أنه قُبضعليه‌السلام في سنة ٢٠٢ هـ)(٣) .

وذكر النجاشي في ترجمة أحمد بن عامر رواية تؤيّد هذا القول ، وهي : (أنه مات الرضاعليه‌السلام بطوس سنة اثنتين ومائتين يوم الثلاثاء ، لثمانٍ خلون من جمادی الأولى)(٤) .

كلمة لا إله إلا الله حصني

وأورد صاحب کتاب (تاريخ نيسابور) : (أن علياً الرضا ابن موسی بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي بن الحسينعليهم‌السلام ، لمّا دخل نیسابور كان في قُبَّة مستورة ، على بغلة شهباء ، وقد شقّ بها السوق ، فعرض له الإمامان الحافظان : أبو

__________________

(١) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١ : ٢٧٤.

(٢) مسار الشيعة : ٣٤.

(٣) الكافي ١ : ٤٩١.

(٤) رجال النجاشي : ١٠٠ رقم ٢٥٠.

٧٦

زرعة الرازي ، وابن أسلم الطوسي ، ومعهما من أهل العلم والحديث ما لا يُحصى ؛ فقالا : يا أيُّها السيِّد الجليل ابن السادة الأئمة ، بحق آبائك ، وأجدادك الأطهرين ، وأسلافك الأكرمين إلا ما أريتنا وجهك الميمون ، ورويت لنا حديثاً عن آبائك ، عن جدِّك نذكرك به. فاستوقف غلمانه ، وأمر بكشف المظلّة ، وأقرَّ عيون الخلائق برؤية طلعته ، وإذا له ذؤابتان متدلّيتان(١) على عاتقه ، والناس قيام على طبقاتهم ينظرون ما بين باكِ ، وضارعِ(٢) ، ومتمرِّغ في الترابِ ، ومقبّل لحافر بغلته ، وعلا الضجيج ، فصاحت الأئمَّة الأعلام : معاشر الناس أنصتوا ، واسمعوا ما ينفعكم ، ولا تؤذونا بصراخكم ، وكان المستملي أبا زرعة ، ومحمّد بن أسلم الطوسي.

فقال علي الرضاعليه‌السلام : «حدثني أبي موسى الكاظم ، عن أبيه جعفر الصادق ، عن أبيه محمّد الباقر ، عن أبيه زين العابدين ، عن أبيه شهيد کربلا ، عن أبيه علي المرتضی ؛ قال : حدثني حبيبي وقرة عيني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ،قال : حدّثني جبرئيل عليه‌السلام ، قال : حدَّثني ربّ العزَّة سبحانه وتعالى ، قال : كلمة لا إله إلا الله حصني ؛ فمن قالها دخل حصني ، ومن دخل حصني أمن من عذابي » ، ثُمَّ أرخی الستر على القُبَّة(٣) ، وسار.

قال : قُعدّ أهل المحابر والدواوين الَّذين كانوا يكتبون ، فأنافوا على عشرين ألفا.

(قال أحمد : لو قُرئ هذا الإسناد علی مجنون لأفاق من جنونه )(٤) .

__________________

(١) في الأصل ، وفي بعض المصادر : (متعلقتان) وما أثبتناه من المصدر وهو أقوم للنصّ ، فلاحظ.

(٢) ضارع : خضع وذل ، وفي بعض المصادر : (وصارخ) وهي أكثر ملاءمة مع سياق الكلام.

(٣) في الأصل : (على المظلّة) وما أثبتناه من المصدر.

(٤) ما بين القوسين لم يرد في تاريخ نيسابور ، وهو زيادة من المؤلفرحمه‌الله ، وهو مذكور في تاريخ إصفهان ١ : ١٣٨ ، وكان ينبغي منهرحمه‌الله أن يجعله بعد قول القشيري ، فلاحظ.

٧٧

وقال أبو القاسم القشيري : اتصل هذا الحديث بهذا السند ببعض اُمراء السامانية ، فكتبه بالذهب ، وأوصى أن يُدفن معه في قبره ، فرُئي في المنام بعد موته ، فقيل له : ما فعل الله بك؟ فقال : غفر لي بتلفظي : بلا إله إلا الله ، وتصديقي : أنَّ محمّداً رسول الله.

هكذا أورده المنّاوي ـ من العامَّة ـ في شرحه الكبير على الجامع الصغير)(١) .

وقال في الجواهر : (ولعلَّه لذا سُمّي بسلسلة الذهب ، وإنّي كثيراً ما أكتبه في كأس ، وأمحوه بماء ، وأضع عليه شيئاً من تربة الحسين ؛ فأرى تأثيره سريعاً والحمد لله. ولي فيه رؤيا عن أمير المؤمنينعليه‌السلام تصدّق ذلك ، لكنَّها مشروطة بالصدقة بخمسة قروش)(٢) .

وعن أمالي الصدوقرحمه‌الله بسنده عن إسحاق بن راهويه قال : «لما وافی أبو الحسن الرضا عليه‌السلام نيسابور ، وأراد أن يرحل منها إلى المأمون ، اجتمع إليه أصحاب الحديث ، فقالوا : يا بن رسول الله ، ترحَلُ عنّا ، ولا تحدِّثنا بحديث فنستفيده منك؟ وقد كان قعد في العمَّارية ، فأطلع رأسه ، وقال : سمعت أبي موسی بن جعفر يقول : سمعت أبي جعفر بن محمّد يقول : سمعت أبي محمّد بن علي يقول : سمعت أبي علي بن الحسين يقول : سمعت أبي الحسين بن علي يقول : سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : سمعت جبرئيل عليه‌السلام يقول : سمعت الله عزَّ وجلَّ يقول : لا إله إلا الله حصني ، فمن دخل حصني أمن من عذابي. فلمّا مرّت الراحلة ، نادانا :

__________________

(١) تاريخ نيسابور ، عنه فيض القدير في شرح الجامع الصغير ٤ : ٦٤١ ، دون قول أحمد.

(٢) جواهر الكلام ٤ : ٢٢٦ بالهامش.

٧٨

بشروطها ، وأنا من شروطها »(١) .

فصل في ذكر ولاية العهد من المأمون للرضاعليه‌السلام

ذكر جماعة من أصحاب السِّير والتاريخ ، ورواة الأخبار بأيام الخلفاء : (أنَّ المأمون لمّا أراد ولاية العهد الرضاعليه‌السلام ، وحدّث نفسه بذلك وعزم عليه ، أحضر الفضل بن سهل ، وأخبره بما في عزمه ، وأمره بمشاورة أخيه الحسن في ذلك.

فاجتمعا وحضرا عند المأمون ، فجعل الحسن يعظّم ذلك عليه ، ويعرّفه ما في خروج الأمر عن أهل بيته.

فقال المأمون : إنّي عاهدت الله تعالى : إنّي إنْ ظفرتُ بالمخدوع ـ وفي نسخة الإرشاد (المخلوع) عوض (المخدوع) ، والمراد منه : محمّد الأمين ـ سلّمت الخلافة إلى أفضل بني طالب ، وهو أفضلهم ، ولا بدّ من ذلك.

فلمّا رأيا تصميمه ، وعزمه على ذلك ، أمسكا عن معارضته ، فقال : تذهبان إليه الساعة ، وتخبر انه بذلك عنّي ، وتلزمانه به.

فذهبا إلى الرضاعليه‌السلام وأخبراه بذلك وألزماه ، فامتنع ، فلم يزالا به حَتَّى أجاب على أنه : لا يأمر ولا ينهى ، ولا يعزل ولا يُولّي ، ولا يتكلَّم بين اثنين في حكومة ، ولا يغيّر شيئاً ممَّا هو قائم على أصله.

فأجابه المأمون إلى ذلك. ثُمَّ إنَّ المأمون جلس مجلساً لخواصّه من الوزراء والحجّاب والكتّاب ، وأهل الحلّ والعقد ، وكان ذلك في يوم الخميس ، لخمس خلون من شهر رمضان سنة ٢٠١ هـ ، وقال للفضل بن سهل : أخبر الجماعة الحاضرين برأي

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٣٠٥ ح ٣٤٩ / ٨ ، التوحيد : ٢٥ ح ٢٣ ، ثواب الأعمال : ٦ ، عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١ : ١٤٤ ح ٤.

٧٩

أمير المؤمنين في الرضا علي بن موسىعليه‌السلام ، وأنّه : ولّاه العهد ، وأمرهم بلبس الخضرة ، والعود لبيعته في الخميس الثاني.

فحضروا ، وجلسوا على مقادیر طبقاتهم ومنازلهم ، كلّ في موضعه ، وجلس المأمون ، ثُمَّ جيء بالرضاعليه‌السلام ، فجلس بين وسادتين عظيمتين ، وُضعتا له ، وهو لابس الخضرة ، وعلى رأسه عمامة ، تقلّد سيفاً ، فأمر المأمون ابنه العبَّاس بالقيام إليه ، ومبايعته أول الناس.

فرفع الرضاعليه‌السلام يده وجعلها من فوق ، فقال له المأمون : ابسط يدك ، فقال : هكذا كان يبايع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يده فوق أيديهم.

فقال له : افعل ما ترى. ثُمَّ وُضعت بِدَرُ الدراهم ، والدنانير ، والثياب ، والخِلَع. وقام الخطباء والشعراء ، وذكروا ما كان من أمر المأمون من ولاية عهده للرضاعليه‌السلام ، وذكروا فضل الرضاعليه‌السلام ، وفُرّقت الصّلات والجوائز على الحاضرين على حسب مراتبهم ، وأول من بُدئ به العلويون ، ثُمَّ العبَّاسيون ، ثُمَّ باقي الناس ، ثُمَّ إنَّ المأمون قال للرضاعليه‌السلام : قم فاخطب الناس.

فقامعليه‌السلام ، فحمد الله وأثنى عليه ، وثنّى بذکر نبيَّه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فصلّى عليه وقال : أيُّها الناس ، إنَّ لنا عليكم حقّاً برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكم علينا حقّ به ، فإذا أديتم إلينا ذلك ، وجب لكم علينا الحكم والسلام.

ولم يُسمع منه في هذا المجلس غير هذا ، وخُطب للرضاعليه‌السلام بولاية العهد في كلّ بلد ، وخطب عبد الجبّار بن سعيد في تلك السنة على منبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالمدينة. فقال في الدعاء للرضاعليه‌السلام وهو على المنبر : ولي عهد المسلمین علي بن موسی بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن عليعليه‌السلام .

وأنشد :

ستَّة آباءٍ هُمُ ما هُمُ

أفضلُ مَنْ يشرَبُ صوبَ الغَمامْ

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

وافترى كذباً وزوراً ، وقال بهتاناً وإثماً عظيماً إلى أن قال عليه‌السلام : إننا في التوقّي المحاذرة منه مثل ما كنّا عليه من تقدمه من نظرائه من الشريعي ، والنُّميري ، والهلالي ، والبلالي ، وغيرهم. وعادة الله جلّ ثناؤه مع ذلك قبله وبعده عندنا جميلة ، وبه نثق ، وإياه نستعين ، وهو حسبنا في كل اُمورنا ونعم الوكيل »(١) .

والشلمغاني هو : أبو جعفر محمّد ، ممّن ذهب إلى طهارة جلد الميتة التي هي من حيوان طاهر حال الحياة ، ولو دبغ بشيء من النجس.

وعن الشيخ الطوسي وغيره أنّه : (كان مستقيم الطريقة ، ثُمَّ تغيَّر وظهرت منه مقالات منكرة ، وأن له من الكتب التي عملها في حال استقامته كتاب (التكليف )(٢) ، ثُمَّ غلا وظهرت منه مقالات منكرة).

وصرَّح في شهادات اللمعة بكونه من الغلاة(٣) .

وفي الروضة البهية : (أن هذا الرجل الملعون كان من الشيعة أولاً ، وصنّف کتاباً سمّاه کتاب (التكليف) ، ثُمَّ غلا ، وظهر منه مقالات منكرة فتبرأت الشيعة منه ، وخرج فيه توقيعات كثيرة من الناحية المقدّسة على يد أبي القاسم ابن روح وکیل الناحية ، فأخذه السلطان وقتله ). انتهى(٤) .

والشريعي : كان من أصحاب أبي الحسن علي الهاديعليه‌السلام ، ثُمَّ الحسن العسكريعليه‌السلام .

__________________

(١) الغيبة للطوسي : ٤١۰.

(٢) الفهرست للطوسي : ٢٢٤ رقم ٦٢٧ / ٤٢.

(٣) اللمعة الدمشقية : ۸٥.

(٤) الروضة البهية ٣ : ١٣٩.

٤٢١

والنُّميري : كان من أصحاب أبي محمّد الحسن بن علي ، فلمَّا توفّي أبو محمّدعليه‌السلام ادّعى مقام أبي جعفر محمّد بن عثمان.

وكان من أفاضل أهل البصرة علماً ، وكان ضعيفاً ومنه بدؤ النصيرية وإليه ينسبون ، كذا في خلاصة العلّامة(١) .

وأما أبو طاهر [محمّد بن علي بن بلال](٢) : فقصته معروفة فيما جرى بينه وبين أبي جعفر محمّد بن عثمان العمريرضي‌الله‌عنه ، وتمسُّكه بالأموال التي كانت عنده للإمامعليه‌السلام ، وامتناعه من تسليمها ، وادِّعائه أنَّه الوكيل حَتَّى تبرّأ الجماعة منه ولعنوه ، وخرج فيه من صاحب الزَّمانعليه‌السلام ما هو معروف(٣) .

الحلاج وما قيل فيه

وأمّا الحسين بن منصور الحلّاج : فقد ذكر الشيخرحمه‌الله له أقاصيص(٤) ، وقد ردّ عليه كبار المشايخ المتقدِّمين والمتأخّرين ، كالجنيد والشيخ أبي جعفر محمّد بن بابویه رئیس المحدّثين ، والشيخ الطبرسي ، والمرتضى ، والعلّامة ، وابن طاووس صاحب الكرامات ، والشيخ ابن فهد الحلِّي ، والمجلسي(٥) .

وجدَّ حامد الوزير للمقتدر العبَّاسي أن يسلّمه إليه ، وسعى في قتله ، وسلّمه إلى الشرطي ليلاً فأصبح يوم الثلاثاء لسبع بقين من ذي القعدة سنة ٣۰۹ ، فأخرجه إلى باب الطاق فضربه الجلّاد ألف سوط ، فلم يتأوّه شيئاً ، ثُمَّ قطع أطرافه الأربعة ،

__________________

(١) خلاصة الأقوال : ٤٠٥ رقم ٦١.

(٢) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٣) الغيبة للطوسي : ٤۰۰.

(٤) الغيبة للطوسي : ٤٠١.

(٥) للشيخ المفید کتاب الرد على أصحاب الحلاج. (ينظر : رجال النجاشي : ٤٠١ ضمن ترجمة الشيخ المفيد)

٤٢٢

ثُمَّ حزّ رأسه ، وأحرق جثته بالنار ، ولمّا صارت رماداً ألقاها في دجلة ، ونصب رأسه على الجسر ، وأرخ بعضهم ذلك بكلمة : (شط).

وأكبر ما نقل في حقه : ما ذكره السيِّد الداماد في (رواشحه السماوية) ، في آخر الراشحة السابعة والثلاثين ، قال : (ولقَدْ رأيت في بعض آثار الصوفية أن الحسین بن منصور الحلّاج كان ينوي في أول شهر رمضان ويفطر يوم العيد ، ويختم القرآن في كل ليلة في ركعتين ، وفي كل يوم في مانتي ركعة ، وكان يلبس السواد يوم العيد ، ويقول : هذا لباس مأتم من يرد عمله. ثُمَّ قالرحمه‌الله : فلعل هذا في مذهب استحقار الطاعة ، واستكبار المعصية في سبيل العبودية وجه آخر لاتخاذ عيد الفطر بوم مأتم.

وبالجملة : العارف إنما يتعيد بضاحية نهار العرفان ، والعاشق إنما يتنورز بطلوع شمس وجه الحبيب في نيروز خلع الأجساد ، ورفض الأبدان.

جعلنا الله سبحانه من أهل سعادة لقائه ، ومن المبتهجين ببهجة الاستضاءة بنوره ، والابتهاء ببهائه بحرمة أخلائه من سفرائه وأصفيائه من أوليائه) ، انتهى(١) .

قال المحقِّق الماحوزي في رجاله (بُلغةُ المُحدّثين) : (والعجب من صاحب مجالس المؤمنين(٢) ، وصاحب كتاب محبوب القلوب ، وغيرهما حيث بالغوا في مدحه وادّعوا : أنّه من الأولياء الكُمَّل وهو عجيب). انتهى(٣) .

__________________

(١) الرواشح السماوية : ١۹٦.

(٢) مجالس المؤمنين ٢ : ٣٦.

(٣) بلغة المحدثین : ٣٥٣.

٤٢٣

وذكروا من جملة كتب المفيدرحمه‌الله : (آن له كتاباً في الرد على أصحاب الحلّاج ، وهو كافٍ في قدحه ، وفساد طريقته)(١) .

رجع إلى ترجمة الشيخ المفيد

قال جدّي بحر العلومرحمه‌الله : (ويعلم من تاريخ تولده ووفاتهرضي‌الله‌عنه أنّه عمَّر خمسة ـ أو سبعاً ـ وسبعين سنة ، وأنّه أدرك جميع الطبقة الثامنة ، وثلاث عشرة سنة من الطبقة التاسعة ، ولم يدرك شيئاً من الغيبة الصغرى ؛ فإنّها انقضت بوفاة أبي الحسن علي بن محمّد السمري ـ آخر السفراء ـ سنة تسع وعشرين وثلاثمائة ، وهي سنة تتأثر النجوم ، وولادة المفيد متأخّرة عنها بسبع سنين أو أكثر)(٢) .

وفي (مجالس المؤمنین) : أنَّ هذه الأبيات لصاحب الأمرعليه‌السلام وجدت مكتوبة على قبره طاب ثراه :

لا صَوَّتَ الناعي يفقدِكَ إنَّه

يومٌ على آلِ الرسولِ عظیمُ

إن كُنْتَ قَدْ غُيِّبْتَ في جَدَثِ الثَّرى

فالعِلمُ والتوحيدُ فيكَ مُقيمُ

والقائِمُ المهديُّ يَفرَحُ كُلَّمَا

تُلِيَتْ عَليكَ مِنَ الدُّروسِ عُلومُ(٣)

ابن قولويه

وأمّا أبو القاسم فهو : الشيخ المحدِّث ، المُتقِن ، المتبحّر ، الفقيه ، الجليل ، أبو القاسم جعفر بن محمّد بن جعفر بن موسی بن قولويه القمّي.

__________________

(١) رجال النجاشي : ٤٠١ ضمن ترجمة الشيخ المفيد.

(٢) القواعد الرجالية ٣ : ٣٢١.

(٣) مجالس المؤمنين ١ : ٤٧٧.

٤٢٤

قال النجاشي : (كان أبو القاسم من ثقات أصحابنا وأجلائهم في الحديث والفقه. روى عن أبيه وأخيه عن سعد ، وقال : ما سمعت من سعد إلّا أربعة أحاديث.

وعليه قرأ شيخنا أبو عبد الله الفقه ومنه حمل ، وكلّ ما يوصف به الناس من جميل وثقة وفقه فهو فوقه ، له كتب حسان قرأت أكثر هذه الكتب على شيخنا أبي عبد الله ، وعلى الحسين بن عبيد الله) ، انتهى(١) .

وهو من كبار مشايخ شيخنا المفيد ، ومدفون أيضاً في جنبه ، بالقرب من مرقد مولانا الجوادعليه‌السلام ، وفي بعض التواريخ الفارسية المعروفة بـ(نامه دانشوران) : أنَّه مدفون بقم ، وهو اشتباه ، فإنّ المدفون هناك هو والده أعني : محمّد بن قولویه ، كما هو المصرّح به في جملة من التواريخ.

وله : كتاب (جامع الزيارات) ، وكتاب (فهرست ما كان يرويه من الكتب والأُصول).

وماترحمه‌الله سنة ٣ ٦ ۹ ، وكتابه (جامع الزيارات) هو المعروف في زماننا بـ(کامل الزیارات).

محمّد بن يعقوب الكليني

وأمّا أبو جعفر فهو : ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكلينيّ الرازيّ ، صاحب (الكافي) وابن اُخت علّان الكليني.

وقال ابن الأثير في جامع الأُصول : (أبو جعفر محمّد بن يعقوب الرازيّ ، الفقيه ، الإمام على مذهب أهل البيتعليهم‌السلام ، عالم في مذهبهم كبير ، فاضل عندهم مشهور ، وعدّه في حرف النون من كتاب (النبوّة) من المجدَّدين لمذهب الإماميّة على

__________________

(١) رجال النجاشي : ١٢٣ رقم ٣١٨.

٤٢٥

رأس المائة الثالثة ، إشارة إلى الحديث المشهور المرويّ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : «الله يبعث لهذه الأُمَّة على رأس كل مائة سنة من يجدَّد لها دينها »(١) )(٢) .

وقال النجاشی : (ومات أبو جعفر الكلينيرحمه‌الله ببغداد ، سنة ٣٢۹ ، سنة تناثر النجوم ، وصلّى عليه محمّد بن جعفر الحسني(٣) ، أبو قيراط ، ودفن بباب الكوفة.

وقال لنا أحمد بن عبدون : كنت أعرف قبره وقد دُرس(٤) )(٥) .

قال جدّي العلّامةرحمه‌الله : (ثُمَّ جُدِّد ، وهو إلى الآن مزار معروف بباب الجسر وهو باب الكوفة ، وعليه قُبَّة عظيمة )(٦) .

قال السيِّد هاشم البحراني في كتابه (روضة العارفین) : (إنَّ بعض ولاة بغداد رأى بناء القبر فسأل عنه ، فقيل : إنّه لبعض الشيعة ، فأمر بهدمه وحفر القبر ، فرأى فيه جسداً بكفنه لم يتغيّر ، ومعه آخر صغير كأنه ولده بكفنه أيضاً ، فأمر بإبقائه وبنى عليه قُبَّة.

__________________

(١) ينظر الحديث في : سنن أبي داود ٢ : ٣١١ ح ٤٢۹١ ، مستدرك الحاكم ٤ : ٥٢٢ ، المعجم الأوسط ٦ : ٣٢٤ المجموع ١ : ٥٠٩.

(٢) جامع الأُصول ١١ : ٣٢٣.

(٣) في الأصل : (الحسيني) وما أثبتناه من رجال الشيخ الطوسي والنجاشي ، وحُقِّق نسبه بالحسنيّ في هامش الفوائد الرجالية ٣ : ٣٣٣.

(٤) قال شيخنا في الرواية سماحة السيِّد عبد الستار الحسنيّ دامت توفيقاته في تعليقته على نسختنا المطبوعة من الكتاب ، ما نصّه : (كيف جُدِّد بعد دروسه؟! والحقّ أنّ القبر المزعوم في الجامع الأصفي ليس له ؛ لأنّه دفن بباب الكوفة ، وباب الكوفة في الجانب الغربي).

(٥) رجال النجاشي : ٣٧٧ رقم ١۰٢٦.

(٦) الفوائد الرجالية ٣ : ٣٣٥.

٤٢٦

وقيل : إنّه لمّا رأى إقبال الناس على زيارة قبر الكاظمعليه‌السلام حمله النصب على حفر القبر ، وقال : إن كان كما يزعمون من فضله فهو موجود في قبره ، وإلّا منعنا الناس عنه.

فقيل له : إنّ هاهنا رجلاً من علماء الشيعة المشهورين ، ومن أقطابهم اسمه : محمّد بن يعقوب الكليني ، وهو أعور ، فيكفيك الاعتبار بقبره ، فأمر به فوجدوه بهيئته كأنه قَدْ دُفن تلك الساعة ، فأمر بتعظيمه ، وبناء قُبَّة عظيمة عليه ، فصار مزاراً مشهور(١) )(٢) .

وكيف كان فمعه قبر آخر يقال : (إنّه الكراجكي ، أو الكيدري(٣) )(٤) .

وقَدْ عُلِمَ من تاريخ وفاة هذا الشيخرحمه‌الله أنّ طبقته من السادسة والسابعة ، وأنّه قَدْ توفّي بعد وفاة العسكريّعليه‌السلام بتسع وستين سنة ، فإنّه قبضعليه‌السلام ٢ ٦ ۰ ، فالظاهر أنّه أدرك تمام الغيبة الصغرى ، بل بعض أيّام [الإمام](٥) العسكريّعليه‌السلام أيضاً.

وفي القاموس : ((كلین) كأمير ، قرية بالريّ منها محمّد بن يعقوب الكليني من فقهاء الشيعة)(٦) .

__________________

(١) روضة العارفين (كتاب رجالي ـ مخطوط) ، عنه لؤلؤة البحرين : ٣۹١ ، الفوائد الرجالية ٣ : ٣٣٥ ، خاتمة المستدرك ٣ : ٢٧٥.

(٢) ينظر حول قبره : الفوائد الرجالية ٣ : ٣٣٣ ـ ٣٣٦ بالهامش ، مراقد المعارف ٢ : ٢١٤ ـ ٢١۹ ، المزار من فلك النجاة : ١۹٢.

(٣) المزار من فلك النجاة : ١۹٢.

(٤) ينظر حول قبر الكراجکی صاحب (کنز الفوائد) المجاور له والمنسوب إليه لا للكيدري ـ تلميذ ابن حمزة صاحب (الوسيلة) بحسب ما نسبه السيِّد القزويني في مزاره ـ : مراقد المعارف ٢ : ٢١١ ـ ٢١٣.

(٥) ما بين المعقوفين زيادة منا.

(٦) القاموس المحيط ٤ : ٢١٣.

٤٢٧

وقال جدّي العلّامة : (ومن نظر کتاب (الكافي) الَّذي صنَّفه هذا الإمام ـ طاب ثراه ـ وتدبّر فيه تبيّن له صدق ذلك ـ أي : كونه مجدّداً بمذهب الإماميّة على المائة الثالثة ـ وعلم أنّهعليه‌السلام مصداق هذا الحديث ـ أي : المرويّ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فإنّه کتاب جليل عظيم النفع ، عدیم النظير ، فائق على جميع كتب الحديث بحسن الترتيب ، وزيادة الضبط ، والتهذيب وجمعه للأُصول والفروع ، واشتماله على أكثر الأخبار الواردة عن الأئمّة الأطهارعليهم‌السلام ، وقد اتفق تصنيفه في الغيبة الصغرى بين أظهر السفراء في مدّة عشرين سنة ، كما صرَّح به النجاشي(١) وغيره ، وقد ضبطت أخباره في ستة عشر ألف حديث ومائة وتسعة وتسعين حديثاً.

وجدت ذلك منقولاً من خط العلَّامةقدس‌سره .

وقال الشهيد في (الذكرى) : إنَّ ما في (الكافي) من الأحاديث يزيد على ما في مجموع الصحاح الستَّة للجمهور(٢) .

وقال في حاشية منه على هذا الموضع : وذكر بعض المتأخّرين أنّ الصحيح منها خمسة آلاف واثنان وسبعون ، والحَسن مائة وأربعة وأربعون ، والموثّق ألف ومائة وثمانية عشر ، والقويّ اثنان وثلاثمائة ، والضعيف تسعة آلاف وأربعمائة وخمسة وثلاثون ، والمجتمع من هذا التفصيل ستّة عشر ألفاً ومائة وواحد وعشرون حديثاً ، وهو لا يطابق الإجمال). انتهى(٣) .

والأقسام الأربعة إنّما هي في اصطلاح المتأخّرين ، وأمّا على اصطلاح المتقدِّمين فكلَّما في الكتب الأربعة صحيح ، فإنّ الصحيح عندهم ما يوثق

__________________

(١) في الأصل : (المجلسي) وما أثبتناه من المصدر ، ينظر النجاشي : ٣٧٧ رقم ١۰٢٦.

(٢) ذكرى الشيعة ١ : ٥۹.

(٣) الفوائد الرجالية ٣ : ٣٣۰.

٤٢٨

بصدوره ، ونحن وإن وافقنا المتأخّرين في الاصطلاح ولكن نوافق القدماء في الحجيّة ، وإن لم يطلق عليه اسم الصحيح.

وكيف كان ، وله من المصنّفات غير (الكافي) : كتاب (الرد على القرامطة) ، وکتاب (تعبير الرؤيا) ، وكتاب (الرجال) ، وكتاب (رسائل الأئمةعليهم‌السلام ) وکتاب (ما قيل فيهم من الشعر)(١) .

علي بن إبراهيم

وأما عليّ بن إبراهيم صاحب التفسير المعروف ومختصره وغيرهما ، ويعبّر عنه بـ(القمّي).

قال النجاشي : (عليّ بن إبراهيم بن هاشم القمّي ، أبو الحسن ، ثقة في الحديث ، ثبت ، معتمد ، صحيح المذهب ، سمع فأكثر ، وصنَّف كتباً ، وأضرَّ في وسط عمره ، وله کتاب التفسير) إلخ )(٢) .

قلت : وتفسيره كلّه أحاديث إلّا كلمات يسيرة ، وعبارات نزيرة هي منه ، لكنّه لا يوجد في بعض المقامات ارتباط السابق باللاحق. ومن هنا قال السيِّد البحراني في تفسير (الهادي) في بيان اختلاف كتب الحديث : إنّ كتب الحديث قَدْ صارت في هذا الزَّمان لا تخلو من الاختلاف ، ولا سيّما تفسير علي بن إبراهيم ، فإنه فاقد الائتلاف(٣) .

__________________

(١) الفوائد الرجالية ٣ : ٣٣٢.

(٢) رجال النجاشي : ٢٦۰ رقم ٦٨٠.

(٣) عنه کشف الحجب والأستار : ١٣١ رقم ٦٣۰.

٤٢٩

أبوه إبراهيم

وأمّا إبراهيم أبوه ، فهو : إبراهيم بن هاشم ، أبو إسحاق القمّي ، أصله كوفيّ انتقل إلى قمّ ، وهو من أصحاب الرضا والجوادعليهما‌السلام ، کثیر الرواية ، واسع الطريق ، سدید النقل ، مقبول الحدیث ، له كتب ، روى عنه أجلّاء الطائفة وثقاتها(١) .

ذكره العلّامة ، وابن داود في القسم الأوّل ، وقال العلّامة : والأرجحُ قبول روايته(٢) .

وصرّح بتوثيقه : السيِّد عليّ ابن طاووس في (فلاح السائل)(٣) .

وقال جدّي بحر العلومرحمه‌الله : (والأصح ـ عندي ـ أنّه ثقة ، صحيح الحديث. ويدل على ذلك وجوه:

الأوّل : ما ذكره ولده الثقة والثبت المعتمد في (خطبة تفسيره المعروف) فإنّه قال : (ونحن ذاكرون ومخبرون بما انتهى إلينا ، ورواه مشايخنا وثقاتنا عن الَّذين فرض الله طاعتهم وأوجب ولايتهم)(٤) ، ثُمَّ إنه روی معظم كتابه هذا عن أبيه.

الثاني : توثيق كثير من المتأخّرين ولا يعارضه عدم توثيق الأكثر ؛ لأن غايته عدم الاطّلاع على السبب المقتضي للتوثيق ، فلا تكون حجّة على المطَّلع ؛ لتقدم قول المثبت على النافي.

الثالث : تصحيح الحديث من أصحاب الاصطلاح كالعلّامة والشهيدين وغيرهم في كثير من الطرق المشتملة عليه ، كما أشرنا إلى نبذ منها.

__________________

(١) الفوائد الرجالية ١ : ٤٣۹ ، رجال النجاشي : ١٦ رقم ١۸.

(٢) خلاصة الأقوال : ٤۹ ، رقم ۹ ، رجال ابن داود : ٣٤ رقم ٤٣.

(٣) فلاح السائل : ١٥۸.

(٤) تفسير القمّي ١ : ٤.

٤٣٠

الرابع : اتّفاق الأصحاب على قبول روايته ، مع اختلافهم في حجيّة الحَسن ، وفي اكتافهم في ثبوت العدالة بحسن الظاهر ، فلا بد من وجود سبب مجمع على اعتباره كون هو المنشأ في قبول الكل أو البعض ، وليس إلّا التوثيق.

الخامس : أن في تلقّي القمّيين من أصحابنا أحاديثه بالقبول ، مع ما هو المعلوم من حال القمّيين وطريقتهم في الجرح والتعديل وتضيُّقهم في أمر العدالة ، وتسرعهم إلى القدح والجرح [والهجر](١) والإخراج بأدنى ريبة ؛ دلالة على أنه عندهم بمكانة من الثقة والاعتماد وسلامته من الطعن.

وساق كلامه إلى أن قال : إنّ هذه الوجوه التي ذكرناها وإن كان كلٌّ منها كافياً في إفادة المقصود ، إلّا أنّ المجموع ـ مع ما أشرنا إليه من أسباب المدح ـ کنارٍ على علم). انتهى(٢) .

والمنقول عن والد شیخنا البهائيّ أنّه كان يقول : إنّي لأستحي أن لا أعدّ حدیثه صحيحاً(٣) .

وللسيد محمّد باقر المعروف بحجّة الإسلام رسالة فيه ، يختار فيها أن حديثه من الصحاح(٤) .

__________________

(١) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٢) الفوائد الرجالية ١ : ٤٦٢ باختصار ، والوجه الخامس منها ذكره المؤلفرحمه‌الله بتصرف يسير.

(٣) الفوائد الرجالية ١ : ٤٥٢.

(٤) طبعت هذه الرسالة للسيد محمّد باقر الجيلاني الأصفهاني المتوفّى سنة ١٢٦۰ هـ ضمن مجموعة الرسائل الرجاليّة سنة ١٣١٤ هـ (ينظر : الذريعة ٤ : ١٤٧ رقم ٧١۸ ، و١۰ : ٢٤٦ رقم ٧۸۹).

٤٣١

حمّاد بن عيسى

وأمّا حمّاد بن عيسى فهو : الجُهني وقَدْ ذكر في ضبطه : بالجيم المضمومة والهاء المفتوحة وكسر التون بعدها(١) ، قيل : نسبة إلى جُهينة بن زيد(٢) .

قال : (دخلت على أبي الحسن الأوّلعليه‌السلام ، فقلت له : جُعِلتُ فداك ، أدعُ الله في أن يرزقني داراً ، وزوجة ، وولداً ، وخادماً ، والحجّ في كل سنة.

فقال : «اللهُمَّ صلِّ على محمّد وآل محمّد وارزقه داراً ، وولداً ، وزوجة ، وخادماً والحجّ خمسين سنة ».

قال حمّاد : فلمَّا اشترط خمسين سنة علمت أنّي لا أحجّ أكثر من خمسين سنة.

قال حمّاد : وحججت ثمانياً وأربعين سنة ، وهذه داري قَدْ رزقتها ، وهذه زوجتي وراء الستر تسمع كلامي ، وهذا ابني ، وهذا خادمي ، قَدْ رزقت کل ذلك.

فحجّ بعد هذا الكلام حجّتين تمام الخمسين ، ثُمَّ خرج بعد الخمسين حاجّاً ، فزامل أبا العبَّاس النوفلي القصير ، فغرقه الماء قبل أن يحجّ زيادة على الخمسين ، عاش إلى وقت الرضاعليه‌السلام وتوفي سنة ٢۰۹ ، وكان أصله كوفياً ،

__________________

(١) الأنساب للسمعاني ٢ : ١٣٤.

(٢) معجم قبائل العرب ١ : ٢١٦.

(٣) أي : الإمام موسی بن جعفرعليه‌السلام .

٤٣٢

ومسكنه البصرة ، وعاش نيِّفاً وتسعين سنة ، ومات بوادي قناة بالمدينة ، وهو واد يسيل من الشجرة إلى المدينة)(١) .

وهو من أصحاب الإجماع(٢) ، وصرح بتوثيقه الشيخ(٣) .

وقال النجاشي : (حمّاد بن عيسى ، أبو محمّد الجهني ، مولی ، وقيل : عربي ، أصله الكوفة [و](٤) سكن البصرة ، وقيل : إنه روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عشرين حديثاً ، وأبي الحسن والرضاعليهما‌السلام ، ومات في حياة أبي جعفر الثانيعليه‌السلام ، ولم يحفظ عنه رواية عن الرضاعليه‌السلام ولا عن أبي جعفرعليه‌السلام ، وكان ثقة في حديثه صدوقاً ، قال : سمعت من أبي عبد اللهعليه‌السلام سبعين حديثاً ، فلم أزل أدخل الشك في نفسي حَتَّى اقتصرت على هذه العشرين.

وله حديث مع أبي الحسن موسىعليه‌السلام في دعائه بالحجّ)(٥) .

التنبيه على أمرين

ثُمَّ إن هنا أمرين ينبغي التنبيه عليهما :

الأوّل : ما وقع من الكشّي والشيخ هنا من أنّ حمّاداً عاش إلى وقت الرضاعليه‌السلام (٦) ، صريح في أنه لم يدرك من بعد الرضاعليه‌السلام ، بل ولا تمام زمان

__________________

(١) قرب الإسناد : ٣١۰ ح ١٢١۰ ، اختیار معرفة الرجال ٢ : ٦٠٤ رقم ٥٧٢ ، دلائل الإمامة : ٣٢۸ ح ٢٨٤ / ٢٧ وغيرها.

(٢) اختيار معرفة الرجال ٢ : ٦٧٣ رقم ٧۰٥ ، خاتمة المستدرك ٤ : ٢٠ ، و ٥ : ٢٨٩.

(٣) فهرست الشيخ الطوسي : ١١٥ رقم ٢٤١.

(٤) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٥) رجال النجاشي : ١٤٢ رقم ٣٧۰.

(٦) اختيار معرفة الرجال ٢ : ٦٠٥ ، رجال الطوسي : ١۸٧ رقم ٢٢٩٤ / ١٥١.

٤٣٣

الرضاعليه‌السلام ، وهذا مناف لما ذكره الكشي من أن وفاته في سنة ٢۰۹(١) ؛ إذ من المعلوم أن وفاة الرضاعليه‌السلام في سنة ٢۰٣ ، وعليه فقد بقي حماد بعد مولانا الرضاعليه‌السلام ستّ سنين كما صرّح به النجاشي من أنّ وفاته في حياة أبي جعفرعليه‌السلام (٢) .

الثاني : ما صدر من العلّامة هنا ، حيث قال في (الخلاصة) : (دعا له أبو عبد الله الصادق عليه‌السلام أن يحجّ خمسين حجّة ، ووافقه على ذلك ابن طاووس (٣) ، وهو اشتباه ؛ لما قَدْ عرفت من النجاشي والكشّي من أن الدعاء من مولانا أبي الحسن بن جعفر عليه‌السلام )(٤) .

عبد الله بن ميمون

وأمّا عبد الله بن ميمون القداح ، ففي النجاشي : (أن عبد الله بن ميمون بن الأسود القداح المكّي (٥) مولى بني مخزوم ـ يبري القداح (٦) ـ روى أبوه عن أبي

__________________

(١) اختيار معرفة الرجال ٢ : ٦٠٥.

(٢) رجال النجاشی : ١٤٢ رقم ٣٧۰.

(٣) خلاصة الأقوال : ١٢٤ رقم ٢ ، التحرير الطاووسي : ١٥۰ رقم ١١٤ والنسخة المطبوعة منه ـ نشر مكتبة السيِّد المرعشي ، سنة ١٤١١ هـ ـ مصححة المتن وفي هامشها إشارة إلى تصحيح ذلك ، وكان لا ينبغي لمحقق النسخة فعل ذلك ، لأن من المسلَّم أنَّ العلامة الحلّي في خلاصته اعتمد على قول ابن طاووس في كتابه حل الإشكال ، وبالخصوص إذا ما عرفنا أنّ هذا الاشتباه حاصل في نسخ الكتاب الثلاث والمعتمدة في تحقيقه بحسب ما ذكره محقِّق الكتاب ، فعليه كان ينبغي تصحيحه في الهامش مع الإشارة لذلك وذكر أصل الاشتباه ، فلاحظ.

(٤) رجال النجاشي : ١٤٢ رقم ٣٧۰ ، اختيار معرفة الرجال ٢ : ٦٠٤ رقم ٥٧٢.

(٥) لم ترد في رجال النجاشي : (المكي) ، وإنما وردت في كتب رجالية أخرى.

(٦) يبري القداح : أي كان ينحتها ويصلحها ، ويعمل لها ريشاً لتصير سهاما. والقداح جمع القدح بالكسر : وهو السهم نقبل أن يراش ویرکب نصله. (لسان العرب ١٤ : ٧۰).

٤٣٤

جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام ، ويروي هو عن أبي عبد الله عليه‌السلام . وكان ثقة ، له كتب منها : کتاب (مبعث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وأخباره) ، وكتاب (صفة الجنّة والنار)) ، انتهى(١) .

ويشير إلى وثاقته رواية حمّاد بن عيسى المتقدِّم عنه ، كما في الرواية المرويّة في (التهذيب) في باب كمّية الفطر(٢) ، وباب حکم العلاج للصائم(٣) ، وفي (الكافي) في باب ما يجوز للمحرم أن يلبسه(٤) . وكذلك عبد الله بن المغيرة ، والحسن بن علي بن فضّال في غير باب من أبواب الفقه ، وهم من أصحاب الإجماع(٥) ، فلا عبرة بما في الكشّي عن جبرئيل بن أحمد قال : سمعت محمّد بن عيسى أنه كان يقول : بالتزيُّد)(٦) ؛ لما في (الخلاصة) من أنّ في طريقه ضعفاً(٧) ؛ وذلك من حيث أنّ جبرئيل مجهول الحال ، مضافاً إلى ما في تعليق الوحيد البهبهانيرحمه‌الله : (بإمكان توجيه کلام ابن عيسى بأنّ لعلّ مراده بالتزيُّد أمر آخر غير الزيدية )(٨) ، ويؤيِّده ما رواه في الكشّي ، عن حمدويه ، عن أيوب بن نوح ، عن

__________________

(١) رجال النجاشي : ٢١٣ رقم ٥٥٧.

(٢) تهذيب الأحكام ٤ : ٧٥ ح ٢١١ / ١٩ و ٤ : ۸١ ح ٢٣١ / ٥ وفيه : (كمية الفطرة).

(٣) تهذيب الأحكام ٤ : ٢٦۰ ح ٧٧٥ / ١٣.

(٤) الكافي ٤ : ٣٤٥ ح ٧ ، كما ورد في ٢ : ٥٢٧ ح ١٦ و ٤ : ٤٦٤ ح ٥.

(٥) قال الميرزا النوري في خاتمة المستدرك ج ٤ ص ٣۸ عند ذكره ما نصّه : (ويشير إلى وثاقته أيضاً رواية عبد الله بن المغيرة عنه كما في التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة من أبواب الزيادات. وحماد بن علي فيه في باب كمية الفطر ، وباب حكم العلاج للصائم ، وفي الكافي في باب ثواب العالم ، وفي باب ما يجوز للمحرم أن يلبسه ، والحسن بن علي بن فضال فيه في باب الزاني ، وفي كتاب النكاح ، وفي باب فضل إطعام الطعام في كتاب الزكاة ، وفي التهذيب في باب أحكام السهو في الصلاة. والثلاثة من أصحاب الإجماع).

(٦) اختيار معرفة الرجال ٢ : ٦٨٧ رقم ٧٣٢.

(٧) خلاصة الأقوال : ١۹٧ رقم ٢۹.

(۸) تعليقة على منهج المقال للبهبهاني : ٢٣١.

٤٣٥

صفوان بن يحيی ، عن أبي خالد القماط ، عن عبد الله ميمون ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال : «يا بن ميمون ، كم أنتم بمكّة؟ قلت : نحن أربعة.

قال : إنّكم نور الله في ظُلمات الأرض»(١) .

وما في (الخلاصة) من : (أن هذا لا يفيد العدالة لأنه شهادة منه لنفسه ، لكن الاعتماد على ما قاله النجاشي حسن ، لو لم يكن في السند مثل صفوان الَّذي أجمع العصابة على تصحيح ما يصحُّ عنه )(٢) .

ولذا صرَّح الطريحيّ ، والمجلسيّ ، والمحقِّق الماحوزيّ ، بوثاقته(٣) .

[حيلولة]

[٦ ١] ـ قال : (ح) ، وعن محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن الحسن وعلي بن محمّد ، عن سهل بن زیاد ، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ ، عن عبد الله بن میمون القدّاح(٤) .

أقول : قال الشيخ حسين ـ والد الشيخ البهائي ـ في رسالته التي عملها في فن الدراية إنّه : (إذا كان للحديث إسنادان أو أكثر ، تامّان أو ناقصان ، كتبوا عند الانتقال من سَنَدٍ إلى آخر : (ح) علامةً للتحويل ، فيَقْرأُ القارئُ (حاء) تامّةً ، ليدلَّ على التحويل.

ومنهم من قال : إنّ هذه (الحاء) رمزٌ عن (صح) ؛ لئلّا يتوهّم أنّ متن الحديث سقط ، ولئلّا يُركّبَ الإسناد الثاني على الإسناد الأوّل ، فيجعلهما واحداً.

__________________

(١) اخبار معرفة الرجال ٢ : ٥١٤ ح ٤٥٢.

(٢) خلاصة الأقوال : ١۹٧ رقم ٢۹ ، خاتمة المستدرك ٤ : ٤٤٠ تحت رقم ١۹٢.

(٣) جامع المقال : ٧۸ ، الوجيزة في علم الرجال : ٩٥ رقم ۹٤٣ ، بلغة المحدثین : ٣٧۰.

(٤) معالم الدين : ١١.

٤٣٦

والحقّ أنّها من التحويل من إسنادٍ إلى آخر ، أو من الحائل بين الإسنادين ، كما قدّمناه ، وما ذكروه من التعليل ثانياً هو نفس ما قلناه.

ومحمّد بن يعقوب الكليني ، والشيخ الطوسي ، وكثير من محدثينا يقتفون بحرف العطف ، سواء أكان السّندُ الثاني تامًاً أم ناقصاً ، ولا بأس به). انتهى(١) .

محمّد بن الحسن الصقار

فأمّا محمّد بن الحسن : فقد قال المجلسيرحمه‌الله : (إنه مجهول )(٢) .

والظاهر أنّه : الصفّار ، الثقة ، الأشعريّ ، أبو جعفر الأعرج ، كان وجهاً في أصحابنا القمّيين ، ثقة ، عظيم القدر ، راجحاً ، قليل السقط في الرواية ، له کتب ، توفّي بقم سنة ٢۹۰ هـرحمه‌الله (٣) .

ابن الوليد

واحتمال كونه ابن الوليد الثقة بعيد ، فإنّ ابن الوليد هذا بنفسه يروي عن الصفّار ، فمن البعيد أن يروي عن سهل بن زياد بلا واسطة ، وعلى فرض كونه : ابن الوليد ، فهو :

محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، أبو جعفر شيخ القمّيين ، وفقيههم ، ومتقدّمهم ، ووجههم.

ويقال : إنّه نزيل (قم) وما كان أصله منها ، ثقة ثقة ، عين ، مسكون إليه ، له کتب ، منها : كتاب ( تفسير القرآن) ، وكتاب (الجامع) ، مات سنة ٣ ٤ ٣ هـ(١) .

__________________

(١) رسائل في دراية الحديث : ٥۰۰.

(٢) الوجيزة : ١٥٦ رقم ١٦٤٢ وفيه : (محمّد بن الحسن الصفّار ، ثقة) فتأمَّل.

(٣) رجال النجاشي : ٣٥٤ رقم ۹٤۸.

٤٣٧

علان الكليني

عليّ بن محمّد فهو : أبو الحسن عليّ بن محمّد بن إبراهيم بن أبان الرازي ، الكليني ، المعروف بعَلّان ، خال الشيخ أبي جعفر محمّد بن يعقوب الکليني الراوي عنه في (الكافي) كثيراً.

قال النجاشي : (إنّه ثقة ، فسين ، وقتل علّان بطریق مكّة ، وكان استأذن الصاحب عليه‌السلام فخرج : (توقّف عنه في هذه السَّنة) ، فخالفَ )(٢) .

وبسببهبه حكم العلَّامة بأنّ السند حسن أو موثَّق لا يقصران عن صحيح(٣) .

وعَلّان بفتح العين المهملة ، وتشديد اللّام كما ذكره بعض علمائنا الأعلام(٤) ، ومعناه : المبالغة في فعل (العلانية) بناء على استعماله الصحيح متعدياً أيضاً ، كما ينصّ عليه في القاموس(٥) .

سهل بن زياد

وأمّا سهل بن زياد فقد اضطربت كلمات علماء الرجال ، واختلفت أقوالهم فيه ، حيث يظهر من بعضهم توثيقه ، ومن آخر تضعيفه ، بل قَدْ وقع التصريح من بعضهم بتوثيقه في موضع ، وفي موضع آخر بقدحه ، كما عن الشيخرحمه‌الله حيث

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣۸٣ رقم ١۰٤٢.

(٢) رجال النجاشي : ٢٦۰ رقم ٦۸٢.

(٣) لم أهتد إلى مصدره ، ووثاقته وردت في خلاصة الأقوال ١۸٧ ، رقم ٤٧.

(٤) أيضاح الاشتباه ١٥۰ ، رقم ١۸٦.

(٥) القاموس المحيط ٤ : ٢٤۹.

٤٣٨

قال في موضع من رجاله : إنه ثقة(١) ، وقال في عدة مواضع من فهرسته : إنّه ضعيف(٢) .

وقال النجاشي : (إنه كان ضعيفاً في الحديث ، غير معتمد فيه. وكان أحمد بن محمّد بن عيسى يشهد عليه بالغلوّ ، والكذب ، وأخرجه من قم إلى الريّ وكان يسكنها ، وقد كاتب أبا محمّد العسكري عليه‌السلام على يد محمّد بن عبد الحميد العطّار للنصف من شهر ربيع الآخر سنة ٢٥٥ ، ذكر ذلك أحمد بن علي بن نوح ، وأحمد بن الحسين ، رحمهما الله. له كتاب (التوحيد)) ، انتهى(٣) .

وعن الغضايري إنه : (كان ضعيفاً جداً ، فاسد الرواية والمذهب )(٤) .

ومثله عن الخلاصة(٥) .

وقال جدّي الصالح في (شرح أُصول الكافي) :(إنَّه ضعيف في ضَعَفَة ، وترك فيه ذكر الضعفاء والمجاهيل )(٦) .

وقال في التعليقة : (سهل بن زیاد اشتهر الآن ضعفه ولا يخلو من نظر ؛ لتوثيق الشيخ وكونه كثير الرواية جداً ؛ ولأنّ رواياته سديدة مقبولة مفتی بها ؛ ولرواية جماعة من الأصحاب عنه كما هو المشاهد.

__________________

(١) رجال الطوسی : ٣۸٧ رقم ٥٦٩٩ / ٤.

(٢) الفهرست للطوسی : ١٤٢ رقم ٣٣٩ / ٤.

(٣) رجال النجاشی : ١۸٥ رقم ٤٩٠.

(٤) رجال ابن الغضائري : ١٦ رقم ٦٥ / ١١ ، وفيه : (وفاسد الرواية والدين).

(٥) خلاصة الأقوال : ٣٦٥ رقم ٢.

(٦) شرح اُصول الكافي ١ : ٧٢.

٤٣٩

وصرّح به هنا النجاشي ، بل ورواية أجلائهم عنه ، بل وإكثارهم من الرواية عنه منهم عدّة من أصحاب الكليني ، وسيجيء ذكرهم في الخاتمة ، والكليني مع نهاية احتياطه في أخذ الرواية واحترازه عن المتَّهمين كما هو ظاهر ومشهور. وينبِّه علیه ما سيجيء في ترجمة إكثاره من الرواية عنه بمكانٍ ، لا سيَّما في (كافيهِ) الَّذي قال في صدره ما قال ، فتأمّل.

وبالجملة ، أمارات الوثوق والاعتماد والقوة التي مرَّت الإشارة إليها مجتمعة فيه كثيرة ، مع أنا لم نجد من أحد من المشايخ القدماء تأمُّل في حديثه بسببه ، حَتَّى أنَّ الشيخرحمه‌الله مع أنه كثيراً ما تأمّل في أحادیث جماعة بسببهم ، لم يتَّفق [في كتبه] مرّة ذلك بالنسبة إليه ، بل وفي خصوص الحديث الَّذي هو واقع في سنده ربما يطعن ، بل ويتكلّف في الطعن من غير جهته ، ولا يتأمّل منه أصلاً). انتهى(١) .

وظنّي : أن منشأ التضعيف ؛ ما سمعته من حكاية أحمد بن محمّد بن عیسی وإخراجه من (قم) ، وشهادته عليه بالغلوّ والكذب. وهذا ممَّا يضعِّف التضعيف ويقوي التوثيق عند المنصف المتأمّل ، لا سيَّما المطلع على حالة أحمد ، وما فعله بالبرقي(٢) ، وقاله في علي بن محمّد بن شيرة ، ورد النجاشي عليه(٣) ، وإن أهل (قم) كانوا يخرجون الراوي بمجرد توهم الريب(٤) .

__________________

(١) تعليقة على منهج المقال للبهبهاني : ١۹٧ ، وما بين المعقوفين من المصدر.

(٢) ينظر : رجال ابن الغضائري : ٣۹ رقم ١٠ / ١٠.

(٣) رجال النجاشی ، ٢٥٥ رقم ٦٦٩.

(٤) رجال الخاقاني : ١٤۸ ذكره عن المحقِّق محمّد بن الحسن صاحب المعالم.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513