الإمام الصادق عليه السلام الجزء ١

الإمام الصادق عليه السلام14%

الإمام الصادق عليه السلام مؤلف:
تصنيف: الإمام الصادق عليه السلام
الصفحات: 268

الجزء ١
  • البداية
  • السابق
  • 268 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 6974 / تحميل: 1547
الحجم الحجم الحجم
الإمام الصادق عليه السلام

الإمام الصادق عليه السلام الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

الوليد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: حرّم الله الخمر بعينها، وحرَّم رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) كلَّ مسكر، فأجاز الله ذلك له وفرض(١) الفرائض، فلم يذكر الجدّ، فجعل له رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) سهماً، فأجاز الله ذلك له.

أقول: هذا محمول على الاستحباب لما مرّ(٢) .

[ ٣٢٦٨٠ ] ١٤ - وعنه، عن محمد بن عليّ، ومحمد بن الحسين جميعاً، عن محمد بن أبي عمير، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، عن أبيه قال: أطعم رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) الجدّتين السّدس، ما لم يكن دون اُمّ الاُمّ اُمّ، ولا دون اُمّ الأب أب.

أقول: حمله الشيخ أيضاً على التقية، لما مرّ(٣) من أنَّ الطعمة مع وجود الأبوين، وروى الشيخ: أنَّ أبا بكر قضى بذلك، وهو وجه التقيّة.

[ ٣٢٦٨١ ] ١٥ - وعنه، عن( عمرو بن عثمان) (٤) ، عن الحسن بن محبوب، عن سعد بن أبي خلف، قال: سألت أبا الحسن موسى( عليه‌السلام ) عن بنات بنت وجدّ ؟ قال: للجدّ السدس، والباقي لبنات البنت.

ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب(٥) .

أقول: نقل الشيخ عن ابن فضّال: أنَّ هذا الخبر قد أجمعت الطائفة

____________________

(١) في المصدر زيادة: الله تعالى.

(٢) مرّ في الأحاديث ١ - ٦ و ٨ - ١١ من هذا الباب.

١٤ - التهذيب ٩: ٣١٣ / ١١٢٦، والاستبصار ٤: ١٦٣ / ٦٢٠.

(٣) مرّ في الأحاديث ١ و ٦ و ٨ و ٩ من هذا الباب.

١٥ - التهذيب ٩: ٣١٤ / ١١٢٨، والاستبصار ٤: ١٦٤ / ٦٢٢.

(٤) في الاستبصار: عمر وبن يحيى.

(٥) الفقيه ٤: ٢٠٥ / ٦٨٢.

١٤١

على العمل بخلافه. انتهى. ويمكن حمله على التقيّة، لما مرّ(١) ، ويحتمل على بعد الحمل على أنَّ الجدّ جدّ البنات وهو أبو الميّت لا جدّ الميّت، ويبقى حكم الردّ فيه غير مذكور، وقد تقدَّم في أحاديث أُخر أنه يردّ عليه ربع الباقي، والله أعلم(٢) .

[ ٣٢٦٨٢ ] ١٦ - محمد بن الحسن الصفّار في( بصائر الدرجات) الكبير عن محمد بن عبد الجبّار، عن البرقي، عن فضالة، عن ربعي، عن القاسم بن محمد، قال: قال: إنَّ الله أدَّب نبيّه( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) - إلى أن قال: - وفوّض إليه أمر دينه، فقال:( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) (١) فحرَّم الله الخمر بعينها، وحرّم رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) كلَّ مسكر(٣) ، وكان يضمن على الله الجنّة، فيجيز الله له ذلك، وذكر الفرائض، ولم يذكر الجدّ، فأطعمه رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) سهماً. الحديث.

[ ٣٢٦٨٣ ] ١٧ - وعن يعقوب بن يزيد، عن زياد القندي، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: إنَّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أطعم الجدَّ، فأجاز الله ذلك له.

[ ٣٢٦٨٤ ] ١٨ - وعن إبراهيم، يعني: ابن هاشم، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن عذافر، عن رجل من إخواننا، عن محمّد بن عليّ( عليه‌السلام ) - في حديث التفويض - قال: وفرض رسول الله( صلى الله عليه

____________________

(١) مرّ في الباب ١ من أبواب موجبات الارث.

(٢) تقدم في الباب ١٧ من هذه الأبواب.

١٦ - بصائر الدرجات: ٣٩٨ / ٣.

(٣) الحشر ٥٩: ٧.

(٤) في المصدر زيادة: فاجاز الله ذلك.

١٧ - بصائر الدرجات: ٤٠١ / ١٣.

١٨ - بصائر الدرجات: ٤٠٢ / ١٨.

١٤٢

وآله) فرائض الجدّ، فأجاز الله ذلك له.

أقول: هذا محمول على الاستحباب، لما مرّ(١) .

____________________

(١) مرّ في أحاديث هذا الباب.

١٤٣

١٤٤

أبواب ميراث الاخوة والأجداد

١ - باب أنّهم لا يرثون مع الولد، ولا مع ولد الولد، ولا مع أحد الأبوين.

[ ٣٢٦٨٥ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير عن عمر بن اُذينة، عن عبد الله بن محرز، قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : رجل ترك ابنته، واُخته لأبيه، واُمّه، فقال: المال كلّه لابنته، وليس للاُخت من الأب والاُمّ شيء. الحديث.

ورواه الشيخ بإسناده عن عليِّ بن الحسن بن فضّال، عن جعفر بن محمد بن حكيم، عن جميل بن درّاج، عن عبد الله بن محرز مثله(١) .

[ ٣٢٦٨٦ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اُذينة، عن زرارة بن أعين، قال: الناس والعامّة في أحكامهم وفرائضهم يقولون قولاً

____________________

أبواب ميراث الاخوة والأجداد

الباب ١

فيه ١٥ حديثاً

١ - الكافي ٧: ١٠٠ / ٢.

(١) التهذيب ٩: ٣٢١ / ١١٥٣، والاستبصار ٤: ١٤٧ / ٥٥٢.

٢ - الكافي ٧: ١٠٠ / ٣.

١٤٥

قد أجمعوا عليه، وهو الحجّة عليهم، يقولون في رجل توفّي وترك ابنته أو ابنتيه، وترك أخاه لأبيه واُمّه، أو( ترك اُختيه لأبيه واُمّه، واُخته) (١) لأبيه، أو أخاه لأبيه، أنّهم يعطون للابنة النصف، أو ابنتيه الثلثين، ويعطون بقيّة المال أخاه لأبيه واُمّه، واُخته لأبيه، أو اُخته لأبيه واُمّه، دون عصبته بني عمّه وبني أخيه، ولا يعطون الإِخوه للأمّ شيئاً، فقلت لهم: هذه الحجّة عليكم وإنما سمّى الله للإِخوة للاُمّ أنّه يورث كلالة، فلم تعطوهم مع الابنة شيئاً، وأعطيتم الاُخت للأب والاُمّ والاُخت للأب بقية المال دون العمِّ والعصبة، وإنّما سمّاهم الله عزّ وجّل كلالة، كما سمّى الإِخوة من الاُمّ كلالة، فقال(٢) :( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ ) (٣) فلم فرَّقتم بينهما ؟ فقالوا: السنّة واجتماع الجماعة، قلنا: سنّة الله وسنّة رسوله ؟ أو سنّة الشيطان وأوليائه ؟ فقالوا: سنّة فلان وفلان، قلنا: قد تابعتمُونا في خصلتين، وخالفتمونا في خصلتين، قلنا: إذا ترك واحداً من أربعة، فليس الميّت يورث كلالة، إذا ترك أباً أو ابناً، قلتم: صدقتم، فقلنا: أو اُمّاً أو ابنة، فأبيتم علينا، ثمَّ تابعتمونا في الابنة فلم تعطوا الإِخوة من الاُمّ معها شيئاً، وخالفتمونا في الاُمِّ كيف تعطون الإِخوة للاُمّ الثلث مع الاُمّ وهي حيّة، وإنما يرثون بحقها ورحمها، وكما أن الإِخوه والأخوات للأب والاُم والإِخوة والأخوات من الأب لا يرثون مع الأب شيئاً، لأنّهم يرثون بحقِّ الأب، كذلك الإِخوة والأخوات للاُمّ لا يرثون معها شيئاً. وأعجب من ذلك أنكم تقولون: إنَّ الإِخوة من الاُمّ لا يرثون الثلث، ويحجبون الاُمّ عن الثلث، فلا يكون لها إلّا السدس كذباً وجهلاً وباطلاً، قد اجتمعتم عليه، فقلت لزرارة: تقول هذا برأيك ؟ قال: أنا أقول هذا برأيي، إنّي إذاً لفاجر، أشهد أنّه الحق من الله ومن رسوله.

[ ٣٢٦٨٧ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، وعن محمد بن

____________________

(١) في المصدر: اخته لأبيه واُمه أو أخته.

(٢) في المصدر زيادة: عزّ وجلّ من قائل.

(٣) النساء ٤: ١٧٦.

٣ - الكافي ٧: ١٠٢ / ٤.

١٤٦

عيسى، عن يونس عن عمر بن اُذينة، عن بكير، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: ليس للإِخوة من الأب والاُمّ، ولا للإِخوة من الاُمّ ولا الاخوة من الأب شيء مع الاُمّ، قال ابن أذينة: وسمعته من محمد بن مسلم يرويه مثل ما ذكر بكير.

ورواه الشيخ بإسناده عن عليِّ بن إبراهيم مثله(١) .

[ ٣٢٦٨٨ ] ٤ - وعن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن موسى بن بكر، عن عليِّ بن سعيد، قال: قال لي زرارة: ما تقول في رجل ترك أبويه وإخوته لاُمّه ؟ قلت: لاُمّه السدس، وللأب ما بقي، فإن كان له إخوة فلاُمّه السدس، فقال: إنّما أُولئك الإِخوة للأب، والإِخوة للأب والاُمّ - إلى أن قال: - فأمّا الإِخوة من الاُمّ فليسوا من هذا من شيء، ولا يحجبون اُمّهم عن الثلث، قلت: فهل يرث الإِخوة من الاُمّ( مع الاُمّ) (٢) شيئاً ؟ قال: ليس في هذا شكّ، إنّه كما أقول لك.

[ ٣٢٦٨٩ ] ٥ - وعنهم، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن جميل، عن عبد الله بن محمد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قلت له: رجل ترك ابنته واُخته لأبيه واُمّه، قال: المال كلّه لابنته.

[ ٣٢٦٩٠ ] ٦ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإِسناد) عن محمد بن الوليد، عن حمّاد بن عثمان، قال: سألت أبا الحسن الرضا( عليه‌السلام ) عن رجل مات، وترك اُمّه وأخاه، قال: يا شيخ تسأل عن الكتاب والسنة ؟

____________________

(١) التهذيب ٩: ٢٩١ / ١٠٤٦.

٤ - الكافي ٧: ١٠٤ / ذيل ٦.

(٢) ليس في المصدر.

٥ - الكافي ٧: ١٠٤ / ٨.

٦ - قرب الاسناد: ١٥١.

١٤٧

قلت: عن الكتاب، قال: إنَّ عليّاً( عليه‌السلام ) ، كان يورث الأقرب فالأقرب.

[ ٣٢٦٩١ ] ٧ - محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي في كتاب( الرجال) عن حمدويه بن نصير، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن ابن محبوب السراد، عن العلاء بن رزين، عن يونس بن عمّار، قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : إنَّ زرارة قد روى عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) : أنّه لا يرث مع الاُمّ والأب والابن والبنت أحد من الناس شيئاً، إلّا زوج أو زوجة، فقال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : أمّا ما روى زرارة عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) فلا يجوز أن تردّه، وأمّا في الكتاب في سورة النساء فإنَّ الله عزّ وجّل يقول:( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ ) (١) يعني: إخوة لاُمّ وأب، واخوة لأب، والكتاب يا يونس قد ورث ههنا مع الأبناء، فلا تورث البنات إلّا الثلثين.

وعن محمد بن قولويه عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى وعبد الله بن محمد بن عيسى أخيه، والهيثم بن أبي مسروق، ومحمد ابن الحسين بن أبي الخطّاب كلّهم، عن الحسن بن محبوب مثله(٢) .

أقول: آخره محمول على التقيّة، لما مضى(٣) ، ويأتي(٤) .

[ ٣٢٦٩٢ ] ٨ - محمد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة،

____________________

٧ - رجال الكشي ١: ٣٤٦ / ٢١١.

(١) النساء ٤: ١١.

(٢) رجال الكشي ١: ٣٤٦ / ٢١٤.

(٣) مضى في الأحاديث ١ و ٢ و ٥ من هذا الباب.

(٤) يأتي في الحديثين ١ و ٢ من الباب ٤ من هذه الأبواب.

٨ - التهذيب ٩: ٢٨٣ / ١٠٢٣، والاستبصار ٤: ١٤٥ / ٥٤٦.

١٤٨

عن رجل، عن عبد الله بن وضّاح، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال في امرأة توفّيت، وتركت زوجها، واُمّها، وأباها، وإخوتها، قال: هي من ستّة أسهم: للزوج النصف ثلاثة أسهم، وللأب الثلث سهمان، وللاُمّ السدس، وليس للإِخوة شيء. الحديث.

[ ٣٢٦٩٣ ] ٩ - وعنه، عن عليِّ بن سكين(١) ، عن مشمعل بن سعد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في رجل ترك أبويه وإخوته، قال: للاُمّ السدس، وللأب خمسة أسهم، وتسقط الإِخوة، وهي من ستّة أسهم.

[ ٣٢٦٩٤ ] ١٠ - وعنه، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن فضيل بن يسار، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في رجل مات، وترك اُمّه وزوجته، واُخته، جدّه، قال: للاُمّ الثلث، وللمرأة الربع، وما بقي بين الجدّ والاُخت: للجدّ سهمان، وللاُخت سهم.

أقول: هذا محمول على التقيّة.

[ ٣٢٦٩٥ ] ١١ - وعنه، عن ابن محبوب، عن حمّاد، عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر( عليه‌السلام ) عن رجل مات، وترك اُمّه، وزوجته، واُختين له، وجدّه، قال: للاُمّ السدس، وللمرأة الربع، وما بقي نصفه للجدّ، ونصفه للاُختين.

أقول: تقدم وجههُ(٢) ، ونقل الشيخ الإِجماع على عدم العمل بمضمون هذين الخبرين.

____________________

٩ - التهذيب ٩: ٢٨٣ / ١٠٢٤، والاستبصار ٤: ١٤٦ / ٥٤٧.

(١) في نسخة: مسكين ( هامش المخطوط ) وكذلك الاستبصار.

١٠ - التهذيب ٩: ٣١٥ / ١١٣٣، والاستبصار ٤: ١٦١ / ٦١١.

١١ - التهذيب ٩: ٣١٥ / ١١٣٤، والاستبصار ٤: ١٦١ / ٦١٢.

(٢) تقدم في ذيل الحديث السابق من هذا الباب.

١٤٩

[ ٣٢٦٩٦ ] ١٢ - وبإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ الخزاز، وعليِّ بن الحكم، عن مثنّى الحنّاط، عن زرارة بن أعين، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قلت: امرأة تركت اُمّها، وأخواتها لأبيها واُمّها، وإخوة لاُمّ، وأخوات لأب، قال: لأخواتها لأبيها، واُمّها الثلثان، ولاُمّها السدس، ولإِخوتها من اُمّها السدس.

أقول: تقدَّم وجهه(١) .

[ ٣٢٦٩٧ ] ١٣ - وبالإِسناد عن زرارة، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قلت: امرأة تركت زوجها، واُمّها، وإخوتها لاُمّها، وإخوتها لأبيها واُمّها، فقال: لزوجها النصف ولاُمّها السدس، وللإِخوة من الاُمِّ الثلث، وسقط الإِخوة من الأب والاُمّ.

أقول: حمله الشيخ على التقيّة(٢) ، وذكر أنّه مخالف لإِجماع الطائفة، وجوّز حمله على أنه يجوز لنا أن نأخذ منهم على مذاهبهم على ما يعتقدونه، لما مضى(٣) ، ويأتي(٤) .

[ ٣٢٦٩٨ ] ١٤ - وبإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن محمد بن زياد، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في امرأة كان لها زوج، ولها ولد من غيره، وولد منه، فمات ولدها الذي من غيره،

____________________

١٢ - التهذيب ٩: ٣٢٠ / ١١٤٩، والاستبصار ٤: ١٤٦ / ٥٥٠.

(١) تقدم في ذيل الحديث ١٠ من هذا الباب.

١٣ - التهذيب ٩: ٣٢١ / ١١٥٢، والاستبصار ٤: ١٤٦ / ٥٤٩.

(٢) راجع الاستبصار ٤: ١٤٦ / ٥٤٩.

(٣) مضى في الاحاديث ٢ و٣ و ٦ و ٧ و ٨ و ٩ من هذا الباب، وفي الباب ١٩ من أبواب ميراث الابوين والأولاد.

(٤) يأتي في الحديث ٣ من الباب ٣، وفي الباب ٤ من هذه الأبواب، وفي الباب ٣ من أبواب ميراث المجوس ما يدل على جواز الأخذ على ما يعتقد العامة.

١٤ - التهذيب ٩: ٣٩٤ / ١٤٠٤.

١٥٠

فقال: يعتزلها زوجها ثلاثة أشهر، حتّى يعلم( في ما) (١) بطنها، ولد أم لا، فإن كان في بطنها ولد ورث.

قال الشيخ: قال أبو علي، يعني ابن سماعة: هذا خلاف الحقّ، لا يعمل به.

أقول: هذا محمول على التقية، لأنَّ العامة يورثون الأخ مع الأمّ، وذكره الشيخ أيضاً(٢) .

[ ٣٢٦٩٩ ] ١٥ - وعنه، عن وهيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في رجل تزوّج امرأة، ولها ولد من غيره، فمات الولد وله مال، قال: ينبغي للزوج أن يعتزل المرأة، حتّى تحيض حيضة يستبرىء رحمها، أخاف أن يحدث بها حمل، فيرث من لا ميراث له.

أقول: تقدَّم وجهه(٣) ، وقد تقدَّم ما يدلُّ على ذلك(٤) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٥) .

____________________

(١) في المصدر: ما في.

(٢) راجع التهذيب ٩: ٣٩٤ / ذيل ١٤٠٥.

١٥ - التهذيب ٩: ٣٩٤ / ١٤٠٥.

(٣) تقدم في ذيل الحديث السابق من هذا الباب.

(٤) تقدم في الباب ١ من أبواب موجبات الارث، وفي الباب ١ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.

(٥) يأتي في الحديث ٥ من الباب الآتي من هذه الأبواب. يأتي نحو الخبرين الأخيرين عن قرب الاسناد في باب ان الحمل يرث ويورث.

١٥١

٢ - باب أن الأخ إذا انفرد فله المال، فإن شاركه آخر مثله فالمال بينهما، فإن كانوا ذكوراً وإناثا للأبوين، أو الأب فالمال بينهم: للذكر مثل حظّ الاُنثيين، وللاُخت لهما أو لأب: النصف، والباقي بالردّ، ولما زاد الثلثان، والباقى بالردّ.

[ ٣٢٧٠٠ ] ١ - محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن رجل مات، وترك أخاه، ولم يترك وارثاً غيره، قال: المال له، قلت: فإن كان مع الأخ للاُمِّ جدّ، قال: يعطى الأخ للاُمّ السدس، ويعطى الجدّ الباقي، قلت: فإن كان الأخ للأب، قال: المال بينهما سواء.

وبإسناده عن أحمد بن محمد مثله(١) .

ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب مثله، إلى قوله: ويعطى الجدّ الباقي(٢) .

[ ٣٢٧٠١ ] ٢ - وبإسناده عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن عبد الله بن المغيرة، عن موسى بن بكر، قال: قلت لزرارة: إن بكيراً حدَّثني عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) : أنَّ الإِخوه للأب، والأخوات للأب والاُمّ يزادون وينقصون، لأنّهنّ لا يكن أكثر نصيباً من الإِخوة(٣) للاب والاُمّ

____________________

الباب ٢

فيه ٥ أحاديث

١ - التهذيب ٩: ٣٢٣ / ١١٦٠.

(١) الاستبصار ٤: ١٥٩ / ٦٠٠.

(٢) الفقيه ٤: ٢٠٦ / ٦٨٨.

٢ - التهذيب ٩: ٣١٩ / ١١٤٨.

(٣) في المصدر زيادة: والأخوات.

١٥٢

لو كانوا مكانهنّ، لأنَّ الله عزّ وجّل يقول:( إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ ) (١) يقول: يرث جميع مالها إن لم يكن لها ولد، فأعطوا من سمّى الله له النصف كملاً، وعمدوا فأعطوا الذي سمّى له المال كلّه أقلَّ من النصف، والمرأة لا تكون أبداً أكثر نصيباً من رجل لو كان مكانها، قال: فقال زرارة: وهذا قائم عند أصحابنا، لا يختلفون فيه.

ورواه الكلينيُّ عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد مثله(٢) .

[ ٣٢٧٠٢ ] ٣ - وعنه، عن البرقي، عن محمد بن القاسم بن الفضيل، عن الرضا( عليه‌السلام ) في رجل مات، وترك امرأة قرابة، ليس له قرابة غيرها، قال: يدفع المال كلّه إليها.

[ ٣٢٧٠٣ ] ٤ - محمد بن علي بن الحسين، بإسناده عن عليِّ بن يقطين، أنّه سأل أبا الحسن( عليه‌السلام ) عن الرجل يموت، ويدع اخته ومواليه، قال: المال لاُخته.

[ ٣٢٧٠٤ ] ٥ - عليُّ بن إبراهيم في( تفسيره) عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اُذينه، عن بكير، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: إذا مات الرجل، ولهُ اُخت تأخذ(٣) ، نصف الميراث بالاية، كما تأخذ الابنة لو كانت، والنصف الباقي يردّ عليها بالرحم، إذا لم يكن للميّت وارث أقرب منها، فإن كان موضع الاُخت أخ أخذ الميراث كلّه بالآية، لقول الله:( وَهُوَ

____________________

(١) النساء ٤: ١٧٦.

(٢) الكافي ٧: ١٠٤ / ٧.

٣ - التهذيب ٩: ٢٩٥ / ١٠٥٧، والاستبصار ٤: ١٥١ / ٥٦٩.

٤ - الفقيه ٤: ٢٢٣ / ٧٠٩.

٥ - تفسير القمي ١: ١٥٩.

(٣) في المصدر زيادة: نصف ما ترك من الميراث، لها.

١٥٣

يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ ) (١) وإن كانتا اختين أخذتا الثلثين بالآية، والثلث الباقى، بالرحم، وإن كانوا إخوة رجالاً ونساءً فللذكر مثل حظّ الاُنثيين، وذلك كلّه إذا لم يكن للميّت ولد، وأبوان(٢) ، أو زوجة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود عموماً(٣) وخصوصاً(٤) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٥) .

٣ - باب أن النقص يدخل على الأخوات من الأبوين، أو الأب مع أحد الزوجين، لا على الإِخوة من الأمّ.

[ ٣٢٧٠٥ ] ١ - محمد بن الحسن بإسناده عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن بكير، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: سأله رجل عن اُختين وزوج ؟ فقال: النصف والنصف، فقال الرجل: قد سمّى الله لهما أكثر من هذا، لهما الثلثان، فقال: ما تقول في أخ وزوج ؟ فقال: النصف والنصف، فقال: أليس قد سمّى الله له المال، فقال:( وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ ) (٦) .

[ ٣٢٧٠٦ ] ٢ - محمد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، وعن محمد بن عيسى، عن يونس جميعاً، عن عمر بن اُذينة، عن بكير بن أعين، قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : امرأة

____________________

(١) النساء ٤: ١٧٦.

(٢) في المصدر: أو أبوان.

(٣) تقدم في البابين ٢ و ٦ من أبواب ميراث الابوين والأولاد.

(٤) تقدم في الحديثين ١٧ و ١٨ من الباب ٧ من أبواب موجبات الارث.

(٥) يأتي ما يدل على بعض المقصود في الباب ٣ من هذه الأبواب.

الباب ٣

فيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ٩: ٢٩٣ / ١٠٤٨.

(٦) النساء ٤: ١٧٦.

٢ - الكافي ٧: ١٠١ / ٣، والتهذيب ٩: ٢٩٠ / ١٠٤٥.

١٥٤

تركت زوجها وإخوتها وأخواتها(١) لاُمّها وإخوتها وأخواتها لأبيها، قال: للزوج النصف ثلاثة أسهم، وللإِخوة من الاُمّ الثلث الذكر والاُنثى فيه سواء، وبقي سهم فهو للإِخوة والأخوات من الأب، للذكر مثل حظّ الاُنثيين، لأنَّ السهام لا تعول، ولا ينقص الزوج من النصف، ولا الاخوة من الاُمّ من ثلثهم، لأنّ الله تبارك وتعالى يقول:( فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذَٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ) (٢) وإن كانت واحدة فلها السدس والذي عنى الله تبارك وتعالى في قوله:( وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذَٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ) (٣) إنّما عنى بذلك: الإِخوة والأخوات من الاُمّ خاصة، وقال في آخر سورة النساء:( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ ) يعني: اُختاً لأب واُمّ، أو اُختاً لأب( فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ ) ( وَإِن كَانُوا إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ) فهم الذين يزادون وينقصون، وكذلك أولادهم الذين يزادون وينقصون ولو أنَّ امرأة تركت زوجها، وإخوتها لاُمّها، وأختيها لأبيها، كان للزوج النصف ثلاثة أسهم، وللإِخوة من الاُمّ سهمان، وبقي سهم، فهو للاُختين للأب، وإن كانت واحدة فهو لها، لأنَّ الاُختين لأب إذا كانتا أخوين لأب لم يزادا على ما بقي، ولو كانت واحدة، أو كان مكان الواحدة أخ لم يزد على ما بقي، ولا تزادُ اُنثى من الأخوات، ولا من الولد على ما لو كان ذكراً لم يزد عليه.

ورواه الصدوق بإسناده عن محمد بن أبي عمير مثله، إلى قوله: والأخوات من الأب، للذكر مثل حظّ الاُنثيين(٤) .

[ ٣٢٧٠٧ ] ٣ - وبالإِسناد عن بكير، قال: جاء رجلٌ الى أبي جعفر( عليه

____________________

(١) ليس في المصدر.

(٢ و ٣) النساء ٤: ١٢.

(٤) الفقيه ٤: ٢٠٢ / ٦٧٦.

٣ - الكافي ٧: ١٠٢ / ٤.

١٥٥

السلام )، فسأله عن امرأة تركت زوجها، واخوتها لاُمّها، وأختاً لأبيها، فقال: للزوج النصف ثلاثة أسهم، وللإِخوة للاُمّ الثلث سهمان، وللاُخت من الأب السدس سهم، فقال له الرجل: فإنَّ فرائض زيد وفرائض العامة والقضاة على غير ذلك يا أبا جعفر ! يقولون: للاُخت من الأب ثلاثة أسهم، تصير من ستّة، تعول الى ثمانية، فقال أبو جعفر( عليه‌السلام ) : وَلِمَ قالوا ذلك ؟ قال: لأنَّ الله تبارك وتعالى يقول:( وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ) (١) فقال أبو جعفر( عليه‌السلام ) : فإن كانت الاُخت أخاً، قال: فليس له إلّا السدس، فقال أبو جعفر( عليه‌السلام ) : فما لكم نقصتم الأخ إن كنتم تحتجّون للاُخت النصف، بأنَّ الله سمّى لها النصف، فانَّ الله قد سمّى للأخ الكلّ، والكلّ أكثر من النصف، لأنّه قال: فلها النصف وقال للأخ: وهو يرثها، يعني: جميع مالها إن لم يكن لها ولد، فلا تعطون الذي جعل الله له الجميع في بعض فرائضكم شيئاً وتعطون الذي جعل الله له النصف تامّاً ؟ فقال له الرجل: وكيف تعطى الاُخت النصف، ولايعطى الذكر لو كانت هي ذكراً شيئاً ؟ قال: يقولون في اُم، وزوج، وإخوة لاُمّ، واُخت لأب، فيعطون الزوج النصف، والاُمّ السدس، والإِخوة من الاُمّ الثلث، والاُخت من الأب النصف(٢) ، فيجعلونها من تسعة، وهي من ستّة، فترتفع الى تسعة، قال: كذلك يقولون، قال: فإن كانت الاُخت ذكراً أخاً لأب، قال: ليس له شيء فقال الرجل لأبي جعفر( عليه‌السلام ) : فما تقول أنت جعلت فداك ؟ فقال: ليس للإِخوة من الأب والاُمّ، ولا الإِخوة من الاُمِّ، ولا الإِخوة من الأب شيء مع الاُمّ، قال عمر بن اُذينة: وسمعته من محمد بن مسلم يرويه مثل ما ذكر بكير المعنى سواء، ولست أحفظ حروفه إلّا معناه، فذكرته لزرارة، فقال: صدق هو والله الحقّ.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم نحوه(٣) ، وكذا الذي قبله،

____________________

(١) النساء ٤: ١٧٦.

(٢) في المصدر زيادة: ثلاثة.

(٣) التهذيب ٩: ٢٩١ / ١٠٤٦.

١٥٦

إلّا أنه أسقط من الثاني قوله: قال عمر بن اُذينة، إلى آخره.

ورواه الصدوق بإسناده عن محمد بن أبي عمير نحوه الى قوله: مع الاُمّ شيء(١) .

ورواه المفيد في( العيون والمحاسن) عن أحمد بن محمد بن الحسن ابن الوليد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير (٢) .

وروى الكلينيُّ الحديث الثاني أيضا عن عدَّة من أصحابنا، عن سهل ابن زياد، وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعاً، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، وأبي أيّوب، وعبد الله بن بكير، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) نحوه، إلّا أنّه أسقط قوله: ولا تزاد اُنثى من الأخوات، إلى آخره(٣) .

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب(٤) .

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك(٥) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٦) .

٤ - باب أنّه يجوز للمؤمن أن يأخذ بالعول والتعصيب ونحوهما للتقية اذا حكم له به العامة.

[ ٣٢٧٠٨ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن

____________________

(١) الفقيه ٤: ٢٠٢ / ٦٧٧.

(٢) الفصول المختارة من العيون والمحاسن: ١٣٩.

(٣) الكافي ٧: ١٠٣ / ٥.

(٤) التهذيب ٩: ٢٩٢ / ١٠٤٧.

(٥) تقدم في الأحاديث ١ و ١٢ و ١٧ من الباب ٧ من أبواب موجبات الارث، وفي الحديث ١ من الباب ١٨ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد.

(٦) يأتي في الحديث ١ من الباب ١٠ من هذه الأبواب.

الباب ٤

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٧: ١٠٠ / ٢.

١٥٧

ابن أبي عمير، عن عمر بن اُذينة، عن عبد الله بن محرز، قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : رجل ترك ابنته، واُخته لأبيه، واُمّه، فقال: المال كلّه لابنته، وليس للاُخت من الأب والاُمّ شيء، فقلت: فإنا قد احتجنا الى هذا، والميّت رجل من هؤلاء الناس، واُخته مؤمنة عارفة، قال: فخذ لها النصف، خذوا منهم كما يأخذون منكم في سنتهم وقضاياهم، قال ابن اُذينة: فذكرت ذلك لزُرارة، فقال: إنَّ على ما جاء به ابن محرز لنوراً.

[ ٣٢٧٠٩ ] ٢ - محمد بن الحسن بإسناده عن عليِّ بن الحسن بن فضّال، عن جعفر بن محمد بن حكيم، عن جميل بن درّاج، عن عبد الله بن محرز مثله، وزاد: خذهم بحقّك في أحكامهم وسنتهم، كما يأخذون منكم فيه.

[ ٣٢٧١٠ ] ٣ - وعنه، عن أيّوب بن نوح قال: كتبت الى أبي الحسن( عليه‌السلام ) أسأله، هل نأخذ في أحكام المخالفين ما يأخذون منّا في أحكامهم، أم لا ؟ فكتب( عليه‌السلام ) : يجوز لكم ذلك، إذا(١) كان مذهبكم فيه التقيّة منهم والمداراة.

[ ٣٢٧١١ ] ٤ - وعنه عن سندي بن محمد البزّاز، عن علاء بن رزين القلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن الأحكام، قال: تجوز على أهل كلّ ذوي دين ما يستحلّون.

[ ٣٢٧١٢ ] ٥ - وبإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن عبد الله بن جبلة، عن عدَّة من أصحاب عليّ، ولا أعلم سليمان إلا أخبرني به، وعليّ بن عبد الله، عن سليمان أيضاً، عن عليِّ، بن أبي حمزة، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) ، أنّه قال: ألزموهم بما ألزموا أنفسهم.

____________________

٢ - التهذيب ٩: ٣٢١ / ١١٥٣، والاستبصار ٤: ١٤٧ / ٥٥٢.

٣ - التهذيب ٩: ٣٢٢ / ١١٥٤، والاستبصار ٤: ١٤٧ / ٥٥٣.

(١) في المصدر: إن.

٤ - التهذيب ٩: ٣٢٢ / ١١٥٥، والاستبصار ٤: ١٤٨ / ٥٥٤.

٥ - التهذيب ٩: ٣٢٢ / ١١٥٦، والاستبصار ٤: ١٤٨ / ٥٥٥.

١٥٨

[ ٣٢٧١٣ ] ٦ - وبإسناده عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، قال: سألت الرضا( عليه‌السلام ) عن ميّت ترك اُمّه وإخوة وأخوات، فقسّم هؤلاء ميراثه، فأعطوا الاُمّ السدس، وأعطوا الإِخوة والأخوات ما بقى، فمات الأخوات، فأصابني من ميراثه، فأحببت أن أسألك هل يجوز لي أن آخذ ما أصابني من ميراثها على هذه القسمة، أم لا ؟ فقال: بلى، فقلت: إنَّ اُمّ الميّت فيما بلغني قد دخلت في هذا الأمر، أعني، الدين، فسكت قليلاً، ثمَّ قال: خذه.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في أحاديث التقيّة(١) وغيرها(٢) .

٥ - باب أن أولاد الإِخوة يقومون مقام آبائهم عند عدمهم، ويقاسمون الجدّ وإن قرب وبعدوا، ويمنع الأقرب منهم الأبعد.

[ ٣٢٧١٤ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن محمد بن مسلم، قال: نشر( أبو جعفر( عليه‌السلام ) ) (٣) صحيفة، فأوَّل ما تلقاني فيها: ابن أخ وجدّ المال بينهما نصفان، فقلت: جعلت فداك، إنَّ القضاة عندنا لا ينقضون لابن الأخ مع الجدّ بشيء، فقال: إنَّ هذا الكتاب بخطّ عليّ( عليه‌السلام ) وإملاء رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) .

____________________

٦ - التهذيب ٩: ٣٢٣ / ١١٦١.

(١) تقدم في البأبين ٢٤ و ٢٥ من أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

(٢) تقدم في الباب ٣٠ من أبواب مقدّمات الطلاق.

الباب ٥

فيه ١٥ حديثاً

١ - الكافي ٧: ١١٢ / ١.

(٣) في المصدر: أبو عبد الله (عليه‌السلام )

١٥٩

[ ٣٢٧١٥ ] ٢ - وعنه، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن القاسم بن سليمان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) : أنَّ عليّاً( عليه‌السلام ) كان يورث ابن الأخ مع الجدّ ميراث أبيه.

[ ٣٢٧١٦ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي نجران(١) ، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس(٢) ، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: حدَّثني جابر عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) - ولم يكذب جابر -: أنَّ ابن الأخ يقاسم الجدّ.

[ ٣٢٧١٧ ] ٤ - وعن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أبي شعيب، عن رفاعة، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن ابن أخ وجدّ، فقال: المال بينهما نصفان.

[ ٣٢٧١٨ ] ٥ - وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليِّ بن الحكم، عن أبي أيّوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، قال: نظرت إلى صحيفة ينظر فيها أبوجعفر( عليه‌السلام ) فقرأت فيها مكتوباً: ابن أخ وجدّ، المال بينهما سواء، فقلت لأبي جعفر( عليه‌السلام ) : إنَّ من عندنا لا يقضون بهذا القضاء، لا يجعلون لابن الأخ مع الجدّ شيئاً، فقال أبو جعفر( عليه‌السلام ) : أما أنّه إملاء رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وخطّ عليّ( عليه‌السلام ) من فيه بيده.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد(٣) ، والذي قبله بإسناده عن

____________________

٢ - الكافي ٧: ١١٣ / ٢، والتهذيب ٩: ٣٠٩ / ١١٠٥.

٣ - الكافي ٧: ١١٣ / ٣، والتهذيب ٩: ٣٠٩ / ١١٠٦.

(١) في نسخة ابن أبي عمير ( هامش المخطوط ).

(٢) في التهذيب: محمد بن مسلم ( هامش المخطوط ) وكذلك الكافي.

٤ - الكافي ٧: ١١٣ / ٤، والتهذيب ٩: ٣٠٩ / ١١٠٧.

٥ - الكافي ٧: ١١٣ / ٥.

(٣) التهذيب ٩: ٣٠٨ / ١١٠٤.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

زهده :

إن الزهد في الشيء الإعراض عنه ، وإنما يكون للزهد شأن يكسب الزاهد فضلا اذا كان المزهود فيه ذا قيمة وثمن كبير ، وأمّا اذا كان المزهود فيه بخسا لا شأن له يحتسب ، ولا قدر يعرف فلا فضل في الزهد فيه ، أترى أن الزهد في الشابّة النضرة الخلوق التي جمعت ضروب المحاسن والجمال وفنون الآداب والكمال ، مثل الزهد في الشوهاء السوداء العجوز؟ ولا سواء.

فإنما يكون الزهد في الدنيا والإعراض عن لذائذها وشهواتها ذا شأن يزيد المرء قدرا ورفعة ، ويكشف عن نفس زكيّة نقيّة ، إذا نظرها فوجدها حسناء فاتنة الشمائل ، فولاّها ظهره معرضا عن جمالها ، صافحا عن محاسنها طالبا بهذا الإعراض ما هو أفضل عند الله وأطيب ، وأمّا اذا تجلّت لديه سافرة النقاب مجرّدة الثياب ، واختبرها معاشرة وصحبة ، فرآها شوهاء عجفاء ، بارزة العيوب ، قبيحة المنظر ، سيّئة المخبر والمعشر ، لا تفي بوعد ، ولا تركن الى عهد ، ولا تصدق بقول ، ولا تدوم على حال ، ولا يسلم منها صديق ، فكيف لا يقلاها ساخطا عليها متوحّشا منها ، وكيف لا ينظرها بمؤخّر عينيه نظر المحتقر الملول.

وإننا على قصر نظرنا ، وقرب غورنا ، لنعرف حقّا أن حياتنا هذه وإن طالت صائرة إلى فناء ، وعيشنا وإن طاب آئل الى نكد ، وإننا سوف ننتقل من هذه الدار البائدة الى تلك الدار الخالدة ، ومن هذا العيش الوبيل الى ذلك العيش الرغيد ، وإن كلّ لذّة في هذه الحياة محفوفة بالمكاره ، وكلّ عيش مشوب بالكدر ، وإن هذه الأيام الزائلة مزرعة لهاتيك الأيام الباقية ، وهل يحصد المرء غير ما يزرع ، ويجازي بغير ما يفعل ، وهل يجمل بالعاقل البصير أن يفتن بمثل هذه الحياة واللذائذ؟.

٢٤١

نعم إنما يحملنا على الافتتان بهذه العاجلة والصفح عن تلك الحياة الآجلة مع فناء هذه وبقاء تلك ، امور لا يجهلها البصير وإن لم تكن عذرا عند مناقشة الحساب ، ألا وهي حبّ العاجل ، وضعف النفس ، ونضارة هذه المناظر والزينة اللتان نصبتهما الدنيا فخاخا وحبائل ، ولو شاء الانسان ـ وإن كان أضعف الناس بصرا وبصيرة ـ أن ينجو من هذه الشباك لكان في مقدوره ، فكيف بأقوى الناس عقلا وأثبتهم يقينا ، وأدراهم بالحقائق ، حتّى كأنّ الأشياء لديه مكشوفة الغطاء بل لو كشف لهم الغطاء لما ازدادوا يقينا.

فإعراض محمّد وآل محمّد عليه وعليهم الصلاة والسلام عن هذه الحياة الدانية ورغائده إلاّ بقدر البلغة لتلك الحياة الباقية ، إنما هو لأنهم يرونها أخسّ من حثالة القرظ وأنجس من قراضة الجلم(١) فما كانوا عليه شيء غير الزهد ، بل هو أعلى من الزهد ، غير أن ضيق المجال في البيان يلجئونا الى تسميته بالزهد ، تنظيرا له بما نعرفه من نفائس هذا الوجود ومن الإعراض عنها.

فلا نستكبر بعد أن نعرف هذا عن محمّد وعترته ما يرويه أهل الحديث والسيرة والتأريخ عن صادقهم أنه كان يلبس الجبّة الغليظة القصيرة من الصوف على جسده والحلّة من الخزّ على ثيابه ، ويقول : نلبس الجبّة لله والخزّ لكم(٢) .

أو يرى وعليه قميص غليظ خشن تحت ثيابه ، وفوقه جبّة صوف ، وفوقها قميص غليظ.

أو يطعم ضيفه اللحم ينتفه بيده ، وهو يأكل الخلّ والزيت ويقول : إن هذا

__________________

(١) القرظ : ورق السلم ، والجلم : ما يجز به

(٢) لواقح الأنوار للشعراني عبد الوهاب بن أحمد الشافعي : ١ / ٢٨ ، ومطالب السؤل

٢٤٢

طعامنا وطعام الأنبياء(١) الى أمثال ذلك من مظاهر الزهد.

إن من قبض عنان نفسه بيده وتجرّد عن هذه الفتن الخدّاعة في هذه الحياة ، واتجه بكلّ جوارحه لرضى خالقه يستكثر منه اذا روت الثقات عنه هذا وأشباهه.

وما كان غريبا ما يروى من دخول سفيان الثوري(٢) عليه ، وكان على الصادقعليه السلام جبّة من خز ، وقول سفيان منكرا عليه : إنكم من بيت نبوّة تلبسون هذا ، وقول الصادقعليه السلام : ما تدري أدخل يدك ، فاذا تحته مسح من شعر خشن ، ثمّ قالعليه السلام : يا ثوري أرني ما تحت جبّتك ، فإذا تحتها قميص أرقّ من بياض البيض ، فيخجل سفيان ثمّ يقول له الصادقعليه السلام : يا ثوري لا تكثر الدخول علينا تضرّنا ونضرّك(٣) .

وأمثال هذا ممّا روي عنه جمّ كثير ، نحن في غنى عن سرده ، فإنّ سادات أهل البيت أعلى كعبا ، وأرفع شأنا ، من أن تحسب مثل هذه الشؤون فضائلهم الجليلة.

وأمّا سفيان فجدير بالامام ألاّ يرغب في دنوّه ما دام يخالفه في رأيه وسيره وعمله وعلمه ، وأمّا الضرر على الامام وعليه من دخوله على الامام ، فلأن السلطان قد وقف للإمام بالمرصاد ، لا يريد أن يظهر له شأن ولا أن يكثر عليه التردّد ، فالدخول عليه يجعل الإمام معرّضا للخطر ، ويجعل الداخل معرّضا للأذى ، لا سيّما اذا كان الداخل ذا شأن ومقام بين الناس كسفيان الثوري.

__________________

(١) الكافي : ٦ / ٣٢٨ / ٤

(٢) هو سفيان بن سعيد بن مسروق الكوفي الشهير وله رواية عن الصادقعليه السلام ولد أيّام عبد الملك ، ومات بالبصرة عام ١٦١

(٣) لواقح الأنوار ومطالب السؤل وحلية الأولياء : ٣ / ١٩٣ وقد روي إنكاره على الإمام حسن بزّته من طرق عديدة وفي كيفيّات عديدة ، ولعلّها كانت متعدّدة ، فلا يمتنع في الثانية بعد جوابه في الأولى ، وممّن روى ذلك أبو نعيم في حلية الأولياء : ٣ / ١٩٣ وقد ذكرنا مناظرة الصادقعليه السلام الطويلة في الزهد مع سفيان وجماعته في اخريات حياته العلميّة

٢٤٣

كراماته

إن الله تعالى أراد بخلقه لخلقه أن يعرفوه ، ومن معرفته أن يعبدوه « وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون »(١) وكانت مخلوقاته آية وجوده ، وجمال الصنع ، واتصال التدبير دلالة وحدانيّته ، وجعل من أنفسهم مرشدا الى ذلك كلّه ، وهو العقل.

غير أن العقل لا يهتدي بنفسه الى كيفيّات عبادته ، وخصوصيّات طاعته ، لأن ذلك لا يعلم إلاّ من قبله تعالى ، ومن ثم وجب عليه تعالى ـ حين أراد منهم عبادته ـ أن يرسل إليهم من يدلّهم على ما أراد ، ويعرّفهم ما أوجب.

ولا يصحّ للعقل أن يصدّق دعوى كلّ من يدّعي النبوّة من دون بيّنة ومعجز ، فكان على الأنبياء أن يأتوا بالبرهان على تلك الدعوى ، ولا نعرف أن المدّعي نبيّ مرسل إذا لم تكن لديه حجّة بالغة ، بل شأن اكثر الناس الجحود والإنكار مع الآيات والدلالات ، فكيف إذا لم تكن آية أو دلالة ، فإن لم تكن لتلك الدعوى حجّة كانت الحجّة على رفضها قائمة بل هي تخصم نفسها بنفسها.

ما الآية؟

جدير بهذا السؤال العناية والنظر ، لأن تصديق النبوّة متوقّف على صحّة

__________________

(١) الذاريات : ٥٦

٢٤٤

الآية.

وإخال أن الجواب عنه سهل جدّا ، نظرا الى ما جاء في الكتاب المنير من استطراد آيات الأنبياء والرسل ، فإنك اذا نظرت الى آية موسى وهي اليد البيضاء والعصا ، وآية عيسى وهي إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى وخلق الطير ، وآية محمّدص وهي القرآن نفسه ، لعرفت أن آيات الأنبياء ما يعجز البشر بما هو بشر وبما له من علم وقوّة عن الإتيان بمثلها ، ومن الذي يقدر بعلمه وقوّته وقدرته أن يجعل النار بردا وسلاما ، ويقطّع الطير أجزاء ويفرّقها على الجبال فيدعوها فتأتي إليه فتأتلف بيده بعد ما كانت أجزاء متفرّقة ويجعل يده بيضاء من غير سوء متى أراد ، وعصاه حيّة تسعى تلقف ما يأفك الساحرون ، ويبرئ الأكمه والأبرص ، ويحيي الموتى ، ويجعل من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا ، ويجاري القرآن في خصوصيّاته أجمع ، الى غير ذلك من آيات الأنبياء التي نطق بها القرآن الحكيم.

وبذلك تعرف الفارق بين المعجزة والسحر ، وبينها وبين هذه الصناعة في هذا العصر ، لأن المعجزة ما جرت على غير النواميس الطبيعيّة ، غير أن الشيء المعجز لا بدّ أن يكون في نفسه ممكنا ذاتيّا لأن المحال لا يقع ، ولا تجري المعجزة إلاّ على أيدي أفذاذ من البشر عند الدعوة إليه تعالى ، والدلالة عليه سبحانه ، لأن المفروض أنها فوق مستوى قدرة البشر فلا تكون إلاّ من موهبة من الله تعالى يمنحها من يشاء من عباده المقرّبين.

وأمّا السحر فإنما هو فنّ يقوى عليه كلّ أحد اذا تعلّمه إذ هو تخييل وتضليل ، وليس له واقع وحقيقة.

وأمّا الصناعة فإنما هي أيضا علم تجري على النواميس الطبيعيّة ، يقوى عليها من تعلّمها ، ويعرف طبائع الأشياء وتركيبها.

٢٤٥

ولربّما يقال : إن العلم يرفض المعجز اذا كان جاريا على غير النواميس الطبيعيّة ، لأن به جريا على غير الأسباب العاديّة ، وكيف يمكن أن تجري الامور على غير أسباب اعتياديّة ، والجواب عنه من وجوه :

١ ـ إن القرآن صريح بإتيان الأنبياء بتلك الآيات الخارقة للعادة الجارية على غير النواميس الطبيعيّة ، مثل سلامة إبراهيم من النار ، وإتيان الطيور له بعد تقطيعها ، وجعل موسى يده بيضاء من غير سوء وعصاه حيّة تسعى ، وإبراء عيسى الأمراض التي عجز الطبّ عن إبرائها كالأكمه والأبرص وأعظم منه إحياؤه الموتى ، وخلقه الطير ، الى ما سوى هذه الآيات ، وما قيمة العلم اذا خالف صريح القرآن ، بل لا يكون هذا علما صحيحا لوجود الخطأ في بعض مقدّماته.

٢ ـ إن هذه الآيات إن كانت ممكنة في حدّ ذاتها فلأيّ شيء نجحدها وهي غير مستحيلة ، مع أن الحاجة ماسّة إليها ، وقدرة الله تعالى شاملة لا يشوبها نقص ولا عجز ، إنه على كلّ شيء قدير.

نعم إنما نمنع الأشياء المستحيلة بالذات والعرض كإيجاده لشريك له ، وجمعه بين النقيضين والضدّين ، وجعله الدنيا على كبرها في البيضة على صغرها ، لأن المحلّ غير صالح ، فالنقص من جهة المقدور لا من جهة القدرة ، وأمّا مثل تكلّم الحصا وانشقاق القمر ومشي الشجر ، وما ضارع هذا ، فلا مانع فيه من جهة المحلّ وقابليّته ، ولا من جهة القدرة منه تعالى عليه.

٣ ـ اذا أحلنا هذه الآيات عليه تعالى ، فأيّ شيء يكون المصدق لدعوى الأنبياء النبوّة ، واذا جازت النبوّة بلا دليل فكلّ أحد يمكن أن يدّعيها ، فأيّ فرق إذن بين النبيّ الصادق وبين النبيّ الكاذب.

واذا قيل : إن النبوغ والذكاء والفصاحة والعلم والأمانة والصدق اذا كانت متوفّرة في مدّعي النبوّة على الوجه الأكمل الذي يمتاز به عن سائر البشر

٢٤٦

كافية في تصديق دعوى النبوّة منه.

فإنّا نقول : إن اكثر الناس لا يقيم وزنا لهذه الامور ، بل لا يستطيع تمييزها فيمن هي فيه حقّ التمييز ، فضلا أن يعرف أنها موجودة في النبي على الوجه الأكمل فلا بدّ من ظهور شيء محسوس على يده يعجز عنه البشر يكون قاطعا لعذرهم وبرهانا نيّرا يستوي في الخضوع له وإدراكه العالم والجاهل والنبيه والعاقل.

٤ ـ لما ذا يمنع العلم عن الامور الجارية على غير النواميس الطبيعيّة؟ أليس خالق النواميس العاديّة وغير العاديّة واحدا؟ ومن اقتدر على إجراء الامور بأسبابها العاديّة يقتدر على إجرائها بأسباب فوق مستوى قدرتنا وعلمنا.

واذا نظرنا بعض مصنوعاته تعالى وجدناها جارية على غير نواميس العادة وذلك في بدء الخلقة فإنه ما النواميس الطبيعيّة في صنعة آدم وحواء وابتداء خلق السّماوات والأرضين والأشجار والأنهار والمعادن والفلزّات وما سواها فإنه خلقها لا من شيء سبق ، ولا على مثال احتذاه ، واذا كان ناموسها الطبيعي هو تلك العناصر التي كان منها تركيبها ، فما كان الناموس الطبيعي لخلق تلك العناصر أنفسها.

نعم إنما صرنا نتطلّب النواميس الطبيعيّة في المصنوعات لما اعتدناه في الخليقة من جريانها مستمرّة على تلك النواميس ، ولكن ذلك لا يجب في كلّ شيء ما دام خالق النواميس على غير النواميس موجودا ، وكانت له في خلقها على غير النواميس الحجّة على عباده والإرشاد لهم على ألوهيّته وقدرته ونبوّة رسله.

بيد أننا نحتاج الى تصديق تلك الآيات التي جرت على غير العادة في الأسباب مع إمكانها الى المشاهدة مع الحضور ، والى صحّة النقل مع الغيبة.

٢٤٧

وهذه الآيات والكرامات كما تكون للأنبياء تكون لأوصيائهم بذلك الغرض الذي دعا الأنبياء الى الإتيان بها ، فإن إرسال الأنبياء ما كان إلاّ لإرشاد الناس الى معرفة الخالق جلّ شأنه والى عبادته ، وإن نصب الأوصياء ما كان إلاّ لدلالة على تلك المعرفة ، والإشارة الى الصحيح من تلك العبادة ، فالحجّة إذن كما تدعو الى المعجزة في النبي تدعو إليه في الامام الوصي.

ولا فرق في المعجز عند الحاجة إليه في الإمكان عليه بين إحياء الموتى وخلق الطير وبين إنطاق الحجر والشجر ، ولا بين غيرهما ممّا هو أقلّ شأنا لأن القدرة منه تعالى على الجميع واحدة ، ولا فرق لديه سبحانه في الخلق بين الذرّة والطود ولا بين السّماوات والحشرات ، فلا ينبغي لذي بصر أو بصيرة أن يستنكر أمثال إحياء الأموات وجعل التراب ذهبا والإخبار عن الغيب من الأنبياء والأوصياء بعد ثبوت النبوّة والإمامة الإلهيّتين ، في حين أنه لا يستنكر منهم إنباط الماء وإنزال الغيث وإطعام الناس العنب لغير أوانه وأشباه ذلك ، وما هما إلاّ واحد في القدرة ، وسواء في الإمكان وسيّان عند الحاجة.

فالصادقعليه السلام اذا كان إماما معصوما منصوبا منه تعالى لتنفيذ شريعة الرسولص وجب عليه الدلالة على إمامته بالمعجز عند الحاجة إليه ، وعند الأمن من الخطر ، كما وجب على النبي عند الدعوة ، هذا عند الإماميّة ، وأمّا أهل السنّة فالصادق لديهم من العترة الطاهرة الذي جمع الفضائل كلّها ، كما أفصحت به كلماتهم ، ورويناه عنهم في عنوان ـ من هو الصادق ـ ص ٧١ ، فلا غرابة لديهم لو ظهرت له الآيات والكرامات بل لقد رووها عنه وآثروا نقلها ، فلا بدع إذن لو استطردنا من كراماته ومناقبه ما ينبيك عن علوّ مقامه وسموّ منزلته لديه جلّ شأنه.

ولقد ذكر له صاحب مدينة المعاجز ما ينوف على ثلاثمائة كرامة ومنقبة

٢٤٨

وها نحن اولاء نذكر شيئا ممّا روته الكتب الجليلة والمؤلّفات القيّمة ، وما اتفق على الكثير منها الفريقان ، وتسالمت عليه الفرقتان.

دعاؤه المجاب :

يقول الصبّان في « إسعاف الراغبين » : وكان مجاب الدعوة اذا سأل الله شيئا لا يتمّ قوله إلاّ وهو بين يديه ، ويقول الشعراني في « لواقح الأنوار » : وكان سلام الله عليه اذا احتاج الى شيء قال : يا ربّاه أنا محتاج الى كذا فما يستتمّ دعاؤه إلاّ وذلك الشيء بجنبه موضوع.

وهذا القول منهما لا يدلّ على استجابة دعائه فحسب بل وعلى سرعة الإجابة ، حتّى لكأنّ المسئول عنه كان الى جنبه أو بين يديه ، وما كان جزم هؤلاء المؤلّفين بإجابة دعائه بسرعة الإجابة إلاّ لكثرة ما تناقلته الطروس والسطور وحفظته الصدور من ذلك ، حتّى صار لديهم شيئا محسوسا وأمرا معلوما.

وممّا ذكروه لهعليه السلام ما كان من قصد المنصور له بالقتل مرارا عديدة ، فيحول الله تعالى بينه وبين ما عزم عليه ببركة دعائه ، بل ينقلب حاله الى ضدّ ما نواه وعزم عليه ، فينهض لاستقباله ويبالغ في إكرامه(١) .

ومن ذلك : أن الحكم بن العبّاس الكلبي قال :

صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة

ولم نر مهديّا على الجذع يصلب

وقستم بعثمان عليّا سفاهة

وعثمان أزكي من عليّ وأطيب

__________________

(١) المناقب : ٤ / ٢٣١ انظر في ذلك نور الأبصار للشبلنجيّ ، وتذكرة الخواص للسبط ، ومطالب السؤل لابن طلحة الشافعي ، والفصول المهمّة لابن الصبّاغ المالكي ، والصواعق المحرقة لابن حجر ، وينابيع المودّة للشيخ سليمان عند استطرادهم لأحوال الصادقعليه السلام ، الى كثير سواهم ، وقد ذكرنا ذلك مفصّلا في محلّه

٢٤٩

ولمّا بلغ الصادق ذلك غضب ودعا عليه ، فقال : اللهمّ سلّط عليه كلبا من كلابك يأكله ، فبعثه بنو أميّة الى الكوفة فافترسه الأسد في الطريق(١) .

ولمّا كان داود بن علي العبّاسي واليا على المدينة من قبل المنصور بعث على المعلّى بن خنيس مولى الصادقعليه السلام فقتله ، ولم يقنع بذلك حتّى أراد السوء مع الامام ، فغضب الامام لذلك ودعا على داود حتّى سمعوه يقول : الساعة الساعة ، فما استتمّ دعاؤه حتّى سمعت الصيحة في دار داود وقالوا : إنه مات فجأة(٢) .

ومن دعائه المستجاب ما حدّث به الليث بن سعد(٣) قال : حججت سنة ١١٣ ، فلما صلّيت العصر رقيت أبا قبيس فإذا رجل جالس يدعو فقال : يا ربّ يا ربّ حتّى انقطع نفسه ، ثمّ قال : يا حيّ يا حيّ يا حيّ حتّى انقطع نفسه ، ثمّ قال : إلهي أشتهي العنب فأطعمنيه ، وإن بردي قد خلقا فاكسني ، قال الليث : فما تمّ كلامه حتّى نظرت الى سلّة مملوءة عنبا ، وليس على الشجر يومئذ عنب ، واذا ببردين لم أر مثلهما ، فأراد الأكل فقلت أنا شريكك لأنك دعوت وأنا أؤمّن ، قال : كل ولا تخبئ ولا تدّخر ، ثمّ دفع إليّ أحد البردين ، فقلت : لي عنه غنى ، فاتّزر بأحدهما وارتدي بالآخر ، ثمّ أخذ الخلقين ونزل ، فلقيه رجل فقال : اكسني يا ابن رسول الله ، فدفعهما إليه فقلت : من هذا ، قال : جعفر الصادق(٤) وفي رواية مطالب السؤل : فتقدّمت فأكلت شيئا لم آكل مثله قط ،

__________________

(١) نور الأبصار ، والصواعق ، والفصول ، والمناقب : ٤ / ٢٣٤

(٢) المصادر المتقدمة ، والمناقب : ٤ / ٢٣٠

(٣) الخزاعي من فقهاء الجمهور روى عن سعيد بن جبير وأضرابه ، ولم تعرف له رواية عن الصادقعليه السلام على أنه شاهد منه هذه الكرامة الكبرى ، وكم روى عنه من أقرانه خلق كثير

(٤) إسعاف الراغبين ، ومطالب السؤل ، والصواعق ، وكشف الغمّة ، وصفوة الصفوة ، والمناقب : ٤ / ٢٣٣

٢٥٠

واذا عنب لا عجم(١) له فأكلت حتّى شبعت والسلّة لم تنقص.

أقول : إن هذه الكرامة كانت منه على عهد أبيه الباقرعليه السلام قبل رجوع الإمامة إليه لأن وفاة الباقر كانت عام ١١٤ ، أو عام ١١٧.

وكانت الناس تستشفع بدعائه لما تجد فيه من الإجابة ، وهذه حبابة الوالبيّة دخلت عليه وهي من فاضلات النساء ، فسألته عن مسائل في الحلال والحرام فتعجّب الحضور من تلك المسائل ، لأنهم ما رأوا سائلا أحسن منها ، ثمّ سالت دموعها ، فقال الصادقعليه السلام : مالي أرى عينيك قد سالت ، قالت : يا ابن رسول اللهص داء قد ظهر بي من الأدواء الخبيثة التي كانت تصيب الأنبياء: والأولياء ، وأن أهل قرابتي وأهل بيتي يقولون : قد أصابتها الخبيثة ، ولو كان صاحبها كما قالت مفروض الطاعة لدعا لها ، وكان الله يذهب عنها ، وأنا والله سررت بذلك ، وعلمت أنه تمحيص وكفّارات ، وأنه داء الصالحين ، فقال لها الصادقعليه السلام : وقد قالوا : أصابك الخبيثة؟

قالت : نعم يا ابن رسول اللهص ، فحرّك شفتيه بشيء فلا يدرى أفي دعاء كان ، فقال : ادخلي دار النساء حتّى تنظري الى جسدك ، فدخلت وكشفت عن ثيابها فلم تجد في صدرها ولا جسدها شيئا فقال : اذهبي الآن وقولي لهم : هذا الذي يتقرّب الى الله بإمامته(٢) .

وحبابة هذه هي ابنة جعفر الأسدي ، والوالبيّة نسبة الى بني والبة بطن من أسد ، وهي صاحبة الحصاة التي طبع فيها أمير المؤمنينعليه السلام علامة

__________________

(١) العجم : النوى

(٢) بحار الأنوار : ٤٧ / ١٢١ / ١٦٩ عن كتاب طبّ الأئمة ، وكتاب طبّ الأئمة من جمع عبد الله أبي عتاب وأخيه الحسين ابني بسطام الزيّات ، وقيل في حقّ الكتاب أنه جمعا في الطبّ على طريقة الطبّ في الأطعمة وفوائدها والرقى والعوذ ، وهو كثير الفوائد والمنافع

٢٥١

للإمامة ، وعمّرت حتّى أدركت الرضاعليه السلام وماتت في أيّامه وكفّنها في قميصه ، ولم تكن هذه الكرامة الاولى التي شاهدتها من أئمّة أهل البيت ، بل جاءت الى الحسينعليه السلام وبها برص فعوفيت منه والى السجّادعليه السلام وهي تعدّ يومئذ ١١٣ عاما وقد بلغ بها الكبر حتّى أرعشت فرأته راكعا وساجدا فيئست من الدلالة فأومأ إليها بالسبابة فعاد إليها شبابها ، ولمّا جاءت الى الرضا أعاد عليها شبابها في رواية ، ولكنها اختارت الموت فماتت في داره.

وجاءته امرأة اخرى فقالت له : جعلت فداك ، أبي وأمّي وأهل بيتي نتولاّكم ، فقال : صدقت فما الذي تريدين؟ قالت : جعلت فداك يا ابن رسول اللهص أصابني وضح(١) في عضدي فادع الله أن يذهبه عنّي فقالعليه السلام : اللهمّ إنك تبرئ الأكمه والأبرص وتحيي العظام وهي رميم ، ألبسها عفوك وعافيتك ما ترى أثر إجابة دعائي ، فقالت المرأة : والله لقد قمت وما بي منه قليل ولا كثير(٢) .

وقال بكر بن محمّد الأزدي(٣) : عرض(٤) لقرابة لي ونحن في طريق مكّة ، فلمّا صرنا الى أبي عبد اللهعليه السلام ذكرنا ذلك له وسألناه الدعاء له ففعل ، قال بكر : فرأيت الرجل حيث عرض له ، ورأيته حيث أفاق(٥) .

__________________

(١) برص

(٢) أمالي الشيخ الطوسي : المجلس / ١٤

(٣) روى عن الصادق والكاظم والرضا: وهو من ثقات الرواة وروى عنه الكثير منهم

(٤) أصابه جنون

(٥) بحار الأنوار : ٤٧ / ١٢٢ / ١٧٠ عن قرب الاسناد ، وهو لأبي جعفر محمّد بن عبد الله بن

٢٥٢

وجاءه شيخ وهو تحت الميزاب في البيت ومعه جماعة من أصحابه فسلّم عليه ، ثمّ قال : يا ابن رسول الله إني احبّكم أهل البيت وأبرأ من عدوّكم وإني بليت ببلاء شديد ، وقد أتيت البيت متعوّذا به ممّا أجد ، ثمّ بكى واكبّ على الصادق يقبّل رأسه ورجليه والصادق يتنحّى عنه فرحمه وبكى ، ثمّ قال : هذا أخوكم وقد أتاكم متعوّذا بكم فارفعوا أيديكم ، فرفع الصادق يديه ورفع القوم أيديهم ، ثمّ قال : اللهمّ إنك خلقت هذه الأنفس من طينة أخلصتها ، وجعلت منها أولياءك وأولياء أوليائك ، وإن شئت أن تنحي عنهم الآفات فعلت ، اللهمّ وقد تعوّذنا ببيتك الحرام الذي يأمن به كلّ شيء وقد تعوّذ بنا ، وأنا أسألك يا من احتجب بنوره عن خلقه أسألك بحقّ محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين يا غاية كلّ محزون وملهوف ومكروب ومضطرّ مبتلى أن تؤمنه بأماننا ممّا يجد ، وأن تمحو من طينته ممّا قدّر عليها من البلاء ، وأن تفرّج كربته يا أرحم الراحمين ، فلما فرغ من الدعاء انطلق الرجل فلمّا بلغ باب المسجد رجع وبكى ، ثمّ قال : الله أعلم حيث يجعل رسالته ، والله ما بلغت باب المسجد وبي ممّا أجد قليل ولا كثير(١) .

واستحال وجه يونس بن عمّار(٢) الى البياض فنظر الصادقعليه السلام الى جبهته فصلّى ركعتين ، ودعا ببعض الدعوات فما خرج من المدينة حتّى ذهب ما كان بوجهه من البياض(٣) .

__________________

جعفر الحميري القمّي طاب ثراه ، وهو من وجوه الأصحاب وثقاتهم ، وقد كاتب صاحب الأمر عجّل الله فرجه وسأله مسائل في أبواب الشريعة ، وله اخوة وهم جعفر وأحمد والحسين وكلّ منهم له مكاتبة ، وقيل إن الكتاب لأبيه

(١) بحار الأنوار : ٤٧ / ١٢٢ / ١٧٠

(٢) الصيرفي الكوفي وهو أخو إسحاق وإسماعيل الثقتين ، ولربّما عدّ يونس أيضا في الثقات

(٣) مناقب ابن شهر اشوب : ٤ / ٢٣٢

٢٥٣

وقال طرخان النخاس(١) : مررت بأبي عبد اللهعليه السلام وقد نزل الحيرة ، فقال : ما علاجك؟ قلت : نخّاس ، قال : اصب لي بغلة فضخاء ، قلت : جعلت فداك وما الفضخاء؟ قال : دهماء بيضاء البطن بيضاء الأفخاذ بيضاء الجحفلة(٢) فقلت : والله ما رأيت مثل هذه الصحيفة ، فرجعت من عنده فساعة دخلت الخندق اذا أنا بغلام قد أسقى بغلة على هذه الصفة ، فسألت الغلام : لمن هذه البغلة؟ قال : لمولاي ، قلت يبيعها؟ قال : لا أدري ، فتبعته حتّى أتيت مولاه فاشتريتها منه وأتيته فقلت : هذه الصفة التي أردتها جعلت فداك ادع الله لي ، فقال : اكثر الله مالك وولدك ، قال : فصرت من اكثر أهل الكوفة مالا وولدا(٣) .

وسأله حمّاد بن عيسى(٤) أن يدعو الله بأن يرزقه ما يحجّ به كثيرا وأن يرزقه ضياعا حسنة ودارا حسنة وزوجة من أهل البيوتات صالحة وأولادا أبرارا ، فدعا له الصادقعليه السلام بما طلب ، وقيّد الحجّ بخمسين حجّة ، فرزقه الله جميع ما سأله ، وحجّ خمسين حجّة ، ولمّا ذهب في الواحدة والخمسين وانتهى الى وادى الجحفة ـ بين مكّة والمدينة ـ جاء السيل فأخذه فأخرجه غلمانه ميّتا ، فسمّي حمّاد غريق الجحفة(٥) .

وقال زيد الشحّام(٦) : إني لأطوف حول الكعبة وكفّي في كفّ أبي عبد الله

__________________

(١) النخاس : بيّاع الرقيق وبيّاع الدواب ودلاّلها

(٢) بتقديم الجيم المعجمة على الحاء المهملة ، وهي لذوات الحافر كالشّفة للانسان

(٣) بحار الأنوار : ٤٧ / ١٥٢ / ٢٠٠

(٤) الجهني البصري ، وكان من ثقات أصحاب الصادق والكاظم٨

(٥) الخرائج والجرائح : ص ٢٧١

(٦) سنذكره في المشاهير من ثقات رواته

٢٥٤

عليه السلام ، فقال ـ ودموعه تجري على خدّيه ـ : يا شحّام ما رأيت ما صنع ربي إليّ ، ثمّ بكى ودعا ، ثمّ قال : يا شحّام إني طلبت الى إلهي في سدير وعبد السلام بن عبد الرحمن(١) وكانا في السجن فوهبهما لي وخلّى سبيلهما(٢) .

وسجن المنصور عبد الحميد(٣) فأخبروا الصادقعليه السلام بذلك وهو في الموقف بعد صلاة العصر ، فرفع يديه ساعة ، ثمّ التفت الى محمّد بن عبد الله(٤) وقالعليه السلام : قد والله خلّى سبيل صاحبك ، قال محمّد : فسألت عبد الحميد أيّ ساعة خلاك أبو جعفر المنصور؟ قال : يوم عرفة بعد العصر(٥) .

وهذه الكرامة الجليلة جمعت بين استجابة دعائه وإعلامه عن الإفراج عن عبد الحميد ، كسابقتها.

هذه بعض دعواته المستجابة التي سجّلتها الكتب ، وحفظتها الرواة ، وما كانت دعواته إلاّ لخير الناس ، نعم قد يدعو على أحد اذا كان في ذلك صلاح وإلاّ فإنّه الحليم الأوّاه الذي لاقى من أعدائه أذى تسيخ عن حمله متون الرواسي ولم يدع على واحد منهم ، اللهمّ إلاّ على داود بن علي والحكم الكلبي لأمر هو أعرف به ، كما دعا على بعض غلمان زمزم.

كان أبو عبد اللهعليه السلام ومعه بعض أصحابه يتغذّون فقال لغلامه : انطلق وآتنا بماء زمزم ، فانطلق الغلام فما لبث أن جاء وليس معه ماء ، فقال :

__________________

(١) سنذكرهما أيضا في المشاهير

(٢) الكشي : ص ١٣٨

(٣) الظاهر أنه ابن أبي العلاء الأزدي السمين الكوفي ، وفي رواية كشف الغمّة التصريح به ، وهو من أصحاب الصادقعليه السلام وثقات رواته

(٤) مشترك بين كثيرين ، ولا يبعد أن يكون هاشميّا وهو أيضا فيهم كثير

(٥) مناقب ابن شهر اشوب : ٢ / ٣٦٠

٢٥٥

إن غلاما من غلمان زمزم منعني الماء وقال : أتريد الماء لإله العراق ، فتغيّر لون أبي عبد اللهعليه السلام ورفع يده عن الطعام وتحرّكت شفتاه ، ثمّ قال للغلام : ارجع فجئنا بالماء ، ثمّ أكل فلم يلبث أن جاء الغلام بالماء وهو متغيّر اللون ، فقال : ما وراك؟ فقال : سقط ذلك الغلام في بئر زمزم فتقطّع وهم يخرجونه ، فحمد الله عليه(١) .

وأرسل غلامه مرّة الى بئر زمزم ليأتيه بالماء ثمّ سمعوه يقول : اللهمّ اعم بصره ، اللهمّ أخرس لسانه ، اللهم أصم سمعه ، فرجع الغلام يبكي ، فقال :

مالك؟ قال : إنّ فلانا القرشي ضربني ومنعني من السقاء ، قال : ارجع فقد كفيته ، فرجع وقد عمي وصمّ وخرس وقد اجتمع عليه الناس(٢) .

إعلامه عن الحوادث :

كم أعلمعليه السلام عن حادثة وقعت بعد حين ، وعن أمر حدث كما أخبر عن ملك بني العبّاس مرارا قبل أن يكون ، جاءه أبو مسلم الخراساني وناجاه سرّا بالدعوة له ، وأعلمه أنّ خلقا كثيرا أجابوه ، فقال له الصادقعليه السلام : إن ما تؤمي إليه غير كائن لنا حتّى يتلاعب بها الصبيان من ولد العبّاس ، فمضى الى عبد الله بن الحسن فدعاه ، فجمع عبد الله أهل بيته وهمّ بالأمر ، ودعا أبا عبد اللهعليه السلام للمشاورة ، فلما حضر جلس بين السفّاح والمنصور ، وحين استشير ضرب على منكب السفّاح ، فقال : لا والله أو يملكها هذا أوّلا ، ثمّ ضرب بيده الاخرى على منكب المنصور وقال : وتتلاعب بها الصبيان من ولد هذا ، ووثب

__________________

(١) بحار الأنوار : ٤٧ / ٩٨ / ١٥ ، الخرائج والجرائح لقطب الدين سعد الله بن هبة الله الراوندي ، وكان من العلماء المتبحّرين والفقهاء المحدّثين ومن تآليفه شرح النهج وكانت وفاته في شوال عام ٥٧٣

(٢) بحار الأنوار : ٤٧ / ١٠٨ / ١٣٩

٢٥٦

وخرج من المجلس(١) .

ودعاه عبد الله بن الحسن مرّة اخرى للبيعة لابنه محمّد ، فقال له : إنّ هذا الأمر والله ليس لك ولا لابنيك ، وإنّما هو لهذا ـ يعني السفّاح ـ ثمّ لهذا ـ يعني المنصور ـ ثمّ لولده من بعده ، ولمّا خرج تبعه أبو جعفر فقال : أتدري ما قلت يا أبا عبد الله؟ قالعليه السلام : اي والله أدريه وأنّه لكائن(٢) وما اكثر ما أنبأ عن ملك بني العبّاس.

كما أخبر عن مقتل محمّد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن في مواطن عديدة ، فقد قال يوما : مروان خاتم بني اميّة ، وإن خرج محمّد بن عبد الله قتل(٣) .

وقال لمحمّد يوما وقد فاخره : فكأني أرى رأسك وقد جيء به ووضع على حجر بالزنابير ، يسيل منه الدم الى موضع كذا وكذا ، فصار محمّد إلى أبيه فأخبره بمقالة الصادقعليه السلام فقال أبوه : آجرني الله فيك ، إن جعفرا أخبرني أنك صاحب الزنابير(٤) .

وأخبر بذلك يوما أمّ الحسين بنت عبد الله بن محمّد بن علي بن الحسين: وقد سألته عن أمر محمّد فقالعليه السلام : فتنة يقتل فيها محمّد عند بيت رومي ، ويقتل أخوه لامّه وأبيه بالعراق ، وحوافر فرسه في الماء(٥) .

__________________

(١) كتاب الوصيّة للمسعودي : ص ١٤١

(٢) مقاتل الطالبيّين في تسمية المهدي : ٢٥٥ ـ ٢٥٦ ، بحار الأنوار : ٤٧ / ١٣١

(٣) كتاب الوصيّة

(٤) أعلام الورى للطبرسي طاب ثراه : ٢٦٩ ، وهو الفضل بن الحسن بن الفضل من أعيان علماء الاماميّة وهو صاحب مجمع البيان في تفسير القرآن الذي لم يؤلّف مثله ، وله مؤلّفات أخر جليلة ، توفى ليلة النحر في سبزوار عام ٥٤٨

(٥) المقاتل في تسمية المهدي

٢٥٧

وقال لعبد الله بن جعفر بن المسور(٢) : أرأيت صاحب الرداء الأصفر ـ يعني أبا جعفر؟ ـ قلت : نعم ، قالعليه السلام : فإنّا والله نجده يقتل محمّدا ، قلت : أو يقتل محمّد؟ ـ قال : نعم ، قلت في نفسي : حسده وربّ الكعبة ، ثمّ ما خرجت والله من الدنيا حتّى رأيته قتل.

وأخبر بذلك أباهما عبد الله بن الحسن وقال له : إن هذا ـ يعني المنصور ـ يقتل محمّدا على أحجار الزيت ، ثمّ يقتل أخاه بعده بالطفوف(٣) وقوائم فرسه في الماء(٤) .

فكان كلّ ما أخبر به من أمر العبّاسيّين ومحمّد وإبراهيم قد وقع لم يفلت منه شيء.

وأخبر شعيبا بن ميثم(٥) بدنوّ أجله معرضا به ، قال له أبو عبد اللهعليه السلام : يا شعيب ما أحسن بالرجل يموت وهو لنا ولي ويعادي عدوّنا ، فقال له شعيب : والله إني لأعلم أن من مات على هذا أنه لعلى حال حسنة ، قالعليه السلام : يا شعيب أحسن الى نفسك ، وصل قرابتك ، وتعاهد إخوانك ، ولا تستبدل بالشيء تقول : أدّخر لنفسي وعيالي ، إن الذي خلقهم هو الذي يرزقهم ، قال شعيب : قلت في نفسي نعى إليّ والله نفسي ، فما لبث بعد ذلك إلاّ شهرا فمات(٦) .

__________________

(٢) الظاهر أنه المخرمي نسبة الى جدّه مخرمة أب المسور ، وعدّوه في أصحاب الصادقعليه السلام ، الخرائج والجرائح : ص ٢٤٤

(٣) جمع طف : الشاطي

(٤) المقاتل في تسمية المهدي : ٢٥٥ ـ ٢٥٦

(٥) التمّار : وهو من أصحاب الصادقعليه السلام وقد كتبنا عنه في رسالتنا في ميثم التمّار ص ٧٨

(٦) بحار الأنوار : ٤٧ / ١٢٦ ، المناقب : ٣ / ٣٥٠

٢٥٨

وأخبر أيضا إسحاق بن عمّار الصيرفي الثقة الجليل بأنه سيموت في شهر ربيع ، وذلك أن إسحاق قال للصادقعليه السلام يوما : إن لنا أموالا ونحن نعامل الناس ، وأخاف إن حدث أن تفرّق أموالنا ، فقالعليه السلام : اجمع أموالك في شهر ربيع ، فمات إسحاق في شهر ربيع(١) .

وأخبر عن قتل مولاه المعلّى بن خنيس ، الذي قتله داود بن علي قبل أن يقتله بسنة وأخبر بجميع ما يجري عليه(٢) .

وسأل أبا بصير عن أبي حمزة الثمالي فقال : خلفته صالحا ، قالعليه السلام : إذا رجعت إليه فاقرأه السلام واعلمه أنه يموت كذا من شهر كذا ، قال أبو بصير : فرجعت ، فما لبث أبو حمزة أن مات في تلك الساعة من ذلك اليوم(٣) .

ولمّا بلغه خبر قتل زيد وصلبه وهرب ابنه يحيى الى خراسان واجتماع الناس عليه ، قالعليه السلام : إنه يقتل كما قتل أبوه ويصلب كما صلب أبوه ، فقتل بالجوزجان وصلب(٤) .

هذا بعض إعلامه عن حوادث لم تقع فوقعت كما أعلم ، وأمّا إعلامه عن حوادث وقعت فما أوفرها ، وهاك شيئا منها : وقع شجار بين مهزم بن أبي بريدة الأسدي الكوفي ـ وهو من رواة الامامعليه السلام ـ وبين امّه ، وقد جاء بها حاجّا ، وكان كلامه معها في المدينة وقد أغلظ لها فيه ، فلمّا أصبح ودخل على الصادقعليه السلام ابتدأه قائلا : يا مهزم مالك وللوالدة أغلظت لها البارحة ، أو ما علمت أن بطنها منزل سكنته ، وأن

__________________

(١) مناقب ابن شهر اشوب : ٣ / ٣٦٨ ، وأعلام الورى : ص ٢٧٠

(٢) الكشي ، في أحوال المعلّى : ص ٢٣٩

(٣) كشف الغمّة : ٣ / ١٩٠

(٤) ينابيع المودّة : ص ٣٨١

٢٥٩

حجرها مهد قد مهدته ، وأن ثديها وعاء قد شربته ، فلا تغلظ لها(١) .

ودخل عليه رجل فقال له الصادقعليه السلام : تب الى الله ممّا صنعت البارحة ، وكان الرجل نازلا بالمدينة في دار وفيها وصيفة أعجبته ، فلمّا انصرف ليلا ممسيا واستفتح الباب وفتحت له مدّ يده الى ثديها وقبض عليه(٢) .

وقدم رجل من أهل الكوفة على أهل خراسان يدعوهم الى ولاية الصادقعليه السلام ، فاختلفوا في الأمر ، فبين مطيع مجيب ، وبين جاحد منكر ، وبين متورّع واقف ، فأرسلوا من كلّ فرقة رجلا الى الصادقعليه السلام لاستيضاح الحال ، ولمّا كانوا في بعض الطريق خلا واحد منهم بجارية كانت مع بعض القوم ، وعند ما وصلوا الى الصادقعليه السلام عرفوه بالذي أقدمهم ، فقال للمتكلّم وكان الذي وقع على الجارية : من أيّ الفرق الثلاث أنت؟ قال : من الفرقة التي ورعت ، قالعليه السلام : فأين كان ورعك يوم كذا وكذا مع الجارية؟ فسكت الرجل(٣) .

وهذه لعمر الحقّ اكبر دلالة على الامامة لو كان القوم طالبين للحقّ وللدلالة على الامامة.

وكان عبد الله النجاشي(٤) زيديّا منقطعا الى عبد الله بن الحسن فدخل يوما

__________________

(١) بصائر الدرجات : ٥ / ٢٦٣

(٢) بصائر الدرجات : ٥ / ٢٦٢

(٣) المناقب ، وبصائر الدرجات : ٥ / ٢٦٥ : وهو لمحمّد بن الحسن الصفّار القمّي أبي جعفر الأعرج ، وكان وجها في القمّيين ثقة عظيم القدر ، قليل السقط في الرواية ، وله كتب كثيرة جليلة ، توفى عام ٢٩٠ وعدّه الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الحسن العسكريعليه السلام ، وكتابه بصائر الدرجات جليل كبير النفع

(٤) أبو بجير الأسدي وكان واليا على الأهواز وبعد أن رجع الى القول بإمامة الصادق صار يراسله ويسأله عن أشياء من وظيفته وللامام كتاب كبير أرسله إليه جواب سؤال منه ذكر فيه ما يجب عليه من

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268