الإمام الصادق عليه السلام الجزء ٢

الإمام الصادق عليه السلام10%

الإمام الصادق عليه السلام مؤلف:
تصنيف: الإمام الصادق عليه السلام
الصفحات: 186

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 186 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 9829 / تحميل: 1267
الحجم الحجم الحجم
الإمام الصادق عليه السلام

الإمام الصادق عليه السلام الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

قبل الحديث ».

وهو القائل : اذا نظرت الى جعفر بن محمّد٨ علمت أنه من سلالة النبيّين ، وقد روى الفريقان عنه هذه الكلمة ، وله مقام معروف عند الفرقتين ، وجاء عن الصادقعليه السلام فيه قول يدلّ على صلاحه وارتفاع مقامه عند الله تعالى ، فقد قيل والصادق قاعد بفناء الكعبة : ما اكثر الحاجّ ، فقالعليه السلام : ما أقل الحاجّ ، فمرّ عمرو بن أبي المقدام فقال : هذا من الحاجّ ، انظر الكشي ص ٢٤٨.

وله كتاب يرويه عنه الثقات ، قال النجاشي : وله كتاب لطيف ، ثمّ ذكر سنده إليه.

ابن أبي نصر السكوني :

عمرو بن أبي نصر الأنماطي السكوني الشرعبي ، كان من الثقات الذين لا غمز فيهم بوجه ، وله كتب يرويها عنه جماعة من الثقات وبعضهم من أصحاب الإجماع ، وعداده في أصحاب الصادقعليه السلام .

عمر بن اذينة :

عمر بن اذينة ، روى عن الصادقعليه السلام مكاتبة ، وروى عن الكاظمعليه السلام سماعا ، وكان شيخ أصحابنا البصريّين وو جهم كما قال النجاشي ، وكان قد هرب من المهدي ومات باليمن ، ولذا لم يرو عن الكاظمعليه السلام كثيرا.

وقال الكشي ص ٢١٥ : ويقال اسمه محمّد بن عمر بن اذينة غلب عليه اسم أبيه ، غير أنه ذكر أنه كوفي وهو ينافي ما ذكره النجاشي إلاّ أن يكون كوفي

١٦١

الأصل سكن البصرة وله كتاب الفرائض رواه عنه جماعة من الثقات.

عمر بن حنظلة :

أبو صخر عمر بن حنظلة العجلي البكري الكوفي ، روى عن الباقر والصادق٨ ، وله عند أهل البيت منزلة رفيعة دلّت على علوّ كعبه في الايمان والوثاقة ، وقد قال فيه الصادقعليه السلام : إذن لا يكذب علينا هذا حين قال للصادقعليه السلام يزيد بن خليفة(١) أن عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت ، كما في فروع الكافي ، باب وقت الصلاة ، وقال له الصادق أيضا يا أبا صخر أنتم والله على ديني ودين آبائي لنشفعنّ والله ، ثلاث مرّات ، حين يقول عدوّنا : « فما لنا من شافعين ولا صديق حميم » الى ما سوى ذلك ممّا جاء فيه ، فهو كما ترى وتقرأ صادق عند الصادقعليه السلام ، وعلى دينه ودين آبائه ، وهم الشفعاء له ولأمثاله ، وأيّ مقام أرفع من هذا؟

وله عن الصادقين٨ حديث كثير ، رواه عنه أعيان الثقات ومنهم بعض أصحاب الإجماع.

عمر بن علي بن الحسين٨ :

عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: مات وله ٦٥ سنة ، وقيل ٧٠ ، قال الشيخ المفيد في إرشاده : كان فاضلا جليلا ، ولّي صدقات النبيص وصدقات أمير المؤمنينعليه السلام وكان ورعا

__________________

(١) الحارثي ، عداده في أصحاب الصادق والكاظم٨ ونسب الى الوقف ، وروي فيه عن الصادقعليه السلام مدح.

١٦٢

سخيّا وعن الباقرعليه السلام أنه قال : عمر بصري الذي أبصر به ، وهو جدّ الشريفين المرتضى والرضي من قبل الأم ، وعن علم الهدى في شرح المسائل الناصريّة عند ترجمة أجداده من قبل أمّة : وأمّا عمر بن علي بن الحسين٨ ولقبه الأشرف فإنه كان فخم السيادة ، جليل القدر والمنزلة في الدولتين معا الأمويّة والعبّاسيّة ، وكان ذا علم وقد روي عنه الحديث ، الى غير هذا ممّا جاء في تقريظه وإطرائه.

الفضيل بن يسار :

الفضيل بن يسار النهدي عربي بصري ، روى عن الباقر والصادق٨ ، ومات في أيام الصادقعليه السلام ، وهو ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم ، والإقرار لهم بالفقه من الستة أصحاب أبي جعفرعليه السلام ، وكان أبو عبد الله اذا نظر إليه مقبلا قال : بشّر المخبتين ، وكان يقول : إن فضيلا من أصحاب أبي ، وإني لأحبّ الرجل أن يحبّ أصحاب أبيه ، والأحاديث في فضله وصلاحه كثيرة حتّى قال الصادقعليه السلام : رحم الله الفضيل بن يسار وهو منّا أهل البيت ، وذلك حين أخبروه أن يده لتبقى الى عورته عند غسله ، ودلّت بعض الأحاديث أنه مستودع أسرار له ، وهل بعد هذا من كرامة وجلالة ووثاقة؟ رضوان الله عليه.

أبو بصير :

ليث بن البختري أبو بصير المرادي الكوفي ، روى عن الباقر والصادق٨ ، ومقامه أرفع من أن يطرى ، وكان من المقدّمين عند الصادقين٨ ، وللصادق فيه كلمات تكشف عن محلّ لا ينال ، ودرجة لا يساوقه

١٦٣

فيها إلاّ قلائل من نخبة رجالهم ، وقد تقدّم البعض منها في بريد العجلي مثل قوله : أوتاد الأرض وأعلام الدين أربعة ، وعدّ منهم ليثا هذا ، وقوله : أصحاب أبي كانوا زينا أحياء وأمواتا ، وعدّ منهم ليثا هذا ، وقوله : بشّر المخبتين بالجنّة ، وعدّه منهم ، الى كثير سوى هذا ، وقد رأى في نفسه كرامات من الصادقعليه السلام ، منها مسحه على عينيه حتّى أبصر ثمّ إعادته الى حاله الاولى ، ومنها نهيه عن دخوله عليه جنبا ، وكان قد دخل عليه وهو جنب اختبارا.

وصفوة القول أن الرجل كان من أعاظم المحدّثين ، وأعيان الفقهاء ، ومن نظر في كتب الحديث عرف كثرة ما له من الحديث ، وهو من الستة أصحاب الباقرعليه السلام الذين أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم والإقرار لهم بالفقه ، وشأنه اكبر من أن يذكر بوثاقة وجلالة قدر.

مؤمن الطاق

(١) محمّد بن علي بن النعمان أبو جعفر والأحول الصيرفي الكوفي ، الملقّب بمؤمن الطاق عند الخاصّة ، وبشيطان الطاق عند العامّة ، ومن عرف مواقفه في مناظرات أعلامهم في الإمامة اتضح له المنشأ في تلقيبهم إيّاه بهذا اللقب ، وبغضهم له ، فإن الحقّ ثقيل على النفس.

وهو يروي عن الصادقين٨ ، وجاء فيه ثناء جميل وتقريظ ومدح من إمامه ومثقفه الصادقعليه السلام ، منها قوله : زرارة بن أعين ، ومحمّد بن مسلم ، وبريد بن معاوية العجلي ، والأحول أحبّ الناس إليّ أحياء وأمواتا ، الى ما سوى ذلك.

__________________

(١) وقد توفّقت بلطفه سبحانه لإفراد رسالة فيه غير مطبوعة.

١٦٤

وحديثه شائع في كتب الحديث ، ومن نظر في مناظراته عرف كيف كان قويّ الحجّة ، شديد العارضة ، سريع الجواب ، نبيه الخاطر ، ذكيّ القلب ، وكان في طليعة متكلّمي الاماميّة ، على أن له القدح المعلّى في الفقاهة.

وشأنه أرفع من أن يطنب في إطرائه ، وأعرف من أن يكثر الكلام في تعريفه.

محمّد بن مسلم :

محمّد بن مسلم الثقفي الكوفي القصير ، روى عن الصادقين٨ وأدرك زمن الكاظمعليه السلام ، وكان من الأفذاذ الذين لا يأتي بهم الدهر إلاّ صدفة ، وقد كان المثل الأعلى في الصلاح والطاعة لأئمّته ، والامتثال لأوامرهم ، والاقتداء بسيرتهم ، والأمين عند جماعة الناس ، فكان فضله وصلاحه معروفين حتّى عند من يخالفه في سيرته وسريرته ، غير أنهم طعنوا فيه بالرفض ، الذي كان يراه وأهل طريقته سمة جميلة ، ومفخرة سامية ، ولربّما رجعوا إليه فيما أشكل عليهم أمره ، وجهلوا الحكم فيه ، ولو لا الإطالة لأوردنا من ذلك أمثلة.

وقد عدّ فقيه عصره ، الذي هو خيرة العصور في الفقه والفقهاء حتّى قال فيه عبد الرحمن بن الحجّاج ، وحمّاد بن عثمان ، وهما من علمت : ما كان أحد من الشيعة أفقه من محمّد بن مسلم ، وأن فقهاء عصره هم الذين حفظوا شرع أحمد المختارص كما قال ذلك إمامهم الصادقعليه السلام ، وكيف لا يكون الفقيه الأوحد وقد سمع من أبي جعفرعليه السلام ثلاثين ألف حديث ، ومن أبي عبد اللهعليه السلام ستة عشر ألف حديث ، ومن ألقى نظرة على كتب الحديث عرف كيف بلغت روايته كثرة ووفرة.

وأمّا ثناء أئمته عليه فهو جمّ كثير ، وقد سبق بعضه في بريد العجلي ، ولو أردنا

١٦٥

استيفاء ما جاء فيه لخرجنا عن الصدد ، وهو من الستة أصحاب أبي جعفرعليه السلام الذين أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم والإقرار لهم بالفقه.

وكانت وفاته عام ١٥٠ ، وله نحو من سبعين سنة ، فيكون قد أدرك من عصر أبي الحسنعليه السلام سنتين ، فرضوان الله عليه.

مرازم :

مرازم بن حكيم الأزدي المدائني ، روى عن الصادق والكاظم٨ ، وقتل أيام الرضاعليه السلام ، وكان مرازم هذا مع الصادق هو ومصادف مولى الصادق لمّا بعث عليه المنصور الى الحيرة ، ولمّا سمح له بالعودة سار من الحيرة في أوّل الليل فعارضه عاشر ، وحال بينه وبين المسير فطلب مصادف من الإمام أن يستعين هو ومرازم هذا على قتله ، فأبى عليه الإمام ، وما زال الإمام بالعاشر حتّى رضي بعد أن ذهب اكثر الليل ، وهذا يدلّنا على اختصاصه بالإمام وشدّة حبّه وولائه له ، وامتثاله لأمره.

وقال النجاشي وغيره : إنه ممّن بلي باستدعاء الرشيد له وأخوه(١) أحضرهما الرشيد مع عبد الحميد بن غواص(٢) فقتله وسلما ، فرحمة الله عليه وألحقه الله

__________________

(١) إن لمرازم أخوين هما محمّد وجرير ، وقيل إن جريرا مصحف وإنما هو حديد ، على أيّ حال فهما معا ثقتان ومن أرباب الكلام ، وإن الكاظمعليه السلام كان يرتضي كلام محمّد ويأمره أن يناظر ، ولا أدري أيّ الاخوين المعني هاهنا.

(٢) قيل : إن في غواص ثلاث لغات اعجام العين والصاد ، واعجام الاولى وإهمال الثانية ، وبالعكس ، وهو من أصحاب الكاظمعليه السلام وقيل : ومن أصحاب الصادقين٨ أيضا وهو من ثقات الرواة.

١٦٦

بالرفيق الأعلى مع أئمته الأطهار.

مسمع كردين :

مسمع كردين أبو سيار بن عبد الملك ، عربي صميم من بكر بن وائل ومسمع اسمه وكردين لقبه ، قال النجاشي ص ٢٩٨ : شيخ بكر بن وائل بالبصرة ووجهها وسيّد المسامعة ، روى عن أبي جعفرعليه السلام رواية يسيرة وروى عن أبي عبد اللهعليه السلام واكثر واختصّ به ، وقال له أبو عبد اللهعليه السلام : إني لأعدّك لأمر عظيم يا أبا سيار ، وروى عن أبي الحسن موسىعليه السلام وله نوادر كثيرة ، انتهى.

وله أخبار كثيرة تشهد بتمسّكه الشديد بأهل البيت: وإطاعته لإمامه ، وإخراجه لحقوق أمواله على كثرتها ، بل أراد أن يجمع كلّ ماله ويحمله الى الإمام ولكن الإمام أبى عليه ذلك ، بل سمع له بحقّ ماله الذي حمله إليه.

معاوية بن عمّار :

معاوية بن عمّار بن خباب البجلي الدهني الكوفي ، وقد سبق ذكر أبيه عمّار ، وكان معاوية وجها من أصحابنا مقدّما كبير الشأن ، فوق عظم المحلّ والوثاقة ، وفي الوسائل كتاب النكاح باب نظر المملوك الى مالكه قول الصادقعليه السلام له : « يا بني » وهذا ممّا يرشدك الى عطفه عليه وحبّه له وعنايته به ، وهل اكبر مقاما من إحلاله له هذا المحل.

وقد سبق في عمّار ذكر صاحب القاموس له في ـ دهن ـ وصاحب التاج لأبيه عمّار ، وهذا ممّا يدلّ على معروفيّة معاوية وأبيه عمّار ، وشهرتهم بالتشيّع.

١٦٧

معروف بن خربوذ :

معروف بن خربوذ المكّي ، روى عن السجّاد والباقر والصادق: ، وهو من الستة أصحاب أبي جعفر الذين أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم والإقرار لهم بالفقه ، وقد جاءت فيه أحاديث دلّت على جلالته وكبير مقامه ، بل وكونه من أهل الأسرار ، وكان من العبّاد الطويل سجودهم.

المعلّى بن خنيس :

المعلّى بن خنيس مولى أبي عبد اللهعليه السلام ، إن من تتبع أحاديثه عرف أنه من أهل الفقه والمعرفة بمنزلة الإمام ، ومن أعيان الأصحاب ، والذي يدلّ على علوّ مقامه عند الإمام حزن الإمام على قتله ، وخروجه من داره مغضبا يجرّ رداءه وإسماعيل ابنه خلفه ، وهو يقول « إن المرء يصبر على الثكل ولا يصبر على الحرب » حتّى دخل على قاتله داود بن علي العبّاسي والي المنصور ، وقال له : يا داود قتلت مولاي وأخذت مالي ، وما هدأ حاله حتّى اقتصّ ممّن قتله ، وهو السيرافي صاحب شرطة داود ، ولمّا قدّموه لأن يقتل اقتصاصا جعل يصيح : يأمروني أن أقتل لهم الناس ثمّ يقتلونني.

وقال الصادقعليه السلام لمّا قتل المعلّى : أما والله لقد دخل الجنّة ، وقال : أفّ للدنيا ، سلّط الله فيها عدوّه على وليّه ، الى ما سوى ذلك ممّا يشهد له بالمنزلة الرفيعة ، وما قتله داود إلاّ لأنه كان من قوام أبي عبد اللهعليه السلام ، وبعث عليه ليدلّه على شيعة الصادق وأصحابه ، فأبى عليه المعلّى فهدّده بالقتل إن لم يخبره فأصرّ على الكتمان ، وهذا شاهد على تحرّجه في الدين ، وسخائه بنفسه

١٦٨

دون تلك الصفوة المنتجبة ، فرضوان الله عليه وعليهم ، وقد سبق ذكره في « ١ : ١٢٢ و ٢٥٩ ».

المفضّل بن عمر :

أبو عبد الله المفضّل بن عمر الجعفي الكوفي ، روى عن الصادق والكاظم٨ وجمع من فواضل الخصال ما قلّ أن يجمعه سواه من فقهاء الرواة وأعيان الثقات ، فهو قد جمع الى العلم الجم ، والفضل الغزير ، والصلاح والورع ، الوكالة عن الإمامين٨ ، يجمع لهما حقوق الأموال ، ويصلح ما بين الناس من أموالهما ، ويداري الضعفاء امتثالا لأمرهما ، الى غير هذا من كريم الصفات ، وكفى به نبلا ومعرفة أن يعتمدا عليه في هذه المهمّة الكبرى ، التي يحتاج القائم بها الى سعة صدر ، وعلوّ همّة ، وجدّ في قضاء حوائج إخوانه ، وإيمان كامل ، وأن أعماله لتشهد بكفاءته للاعتماد ، وقد جعله الصادق وكيله بعد مضي عبد الله بن أبي يعفور كما سلف في عبد الله ، وكيف ترى أهليّة من يكون خلفا عن مثل ذلك السلف ، وما زال مضطلعا بأعباء هذه الوكالة مع كثرة رجالهما في الكوفة الى أن وافاه القدر المحتوم ، وهو محمود السيرة زكيّ السريرة.

وكفى من رفيع مقامه أن يقول فيه أبو عبد اللهعليه السلام « نعم العبد والله الذي لا إله إلاّ هو المفضّل بن عمر الجعفي » حتّى أحصي عليه بضعا وثلاثين مرّة يقولها ويكرّرها ، ويقول فيه أبو الحسنعليه السلام بعد موته « إن المفضّل كان انسي ومستراحي » وقال أيضا « رحم الله المفضّل قد استراح » الى كثير من أمثال هذا البيان ، وجملة القول إن الرجل أرفع شأنا من أن يذكر بتوثيق ، وأجلّ مقاما من أن يزان بثناء.

وله كتب رواها عنه جملة من الثقات ، وإليه تنسب رواية التوحيد

١٦٩

والاهليلجة عن الصادقعليه السلام ، كما سبق « ١ : ١٤٩ و ١٦٤ ».

ميسر بن عبد العزيز :

ميسر بن عبد العزيز النخعي الكوفي المدائني ، روى عن الصادقين٨ ، وروى عنه عدّة من أعيان الثقات ، وكثير منهم من أصحاب الإجماع ، وعدّه ابن شهر اشوب في المناقب من خواصّ الصادقعليه السلام وقيل إنه توفي أيام الصادق عام ١٣٦.

والثناء عليه كثير كقول أبي جعفرعليه السلام « يا ميسر أما أنه قد حضر أجلك غير مرّة ولا مرّتين ، كلّ ذلك يؤخّر الله بصلتك لقرابتك » وجاء مفاد هذا الحديث مكرّرا ، وكقوله أيضا له « إني لأحبّ ريحكم وأرواحكم ، وإنكم على دين الله ودين ملائكته » الى ما سوى هذه الأحاديث الشاهدة له بالكرامة والجلالة.

هشام بن الحكم :

(١) أبو محمّد هشام بن الحكم مولى كندة ، وقد يكنّى بأبي الحكم ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن٨ ، وله كتب كثيرة ذكرها الرجاليّون في ترجمته.

وكان سابقا في الكلام لا يشقّ غباره ، ومجليا قد أمن فيه عثاره ، ومناظراته في فنونه ترشدك الى تلك القوّة في الحجّة ، وفلّه لحجج مناظريه ، وكان الصادقعليه السلام يمنع أصحابه من المناظرة والخصام إلاّ شاذا منهم ، وكان هشام في طليعة من سمح له ، وكان الصادقعليه السلام يحترمه ويقدّمه وهو شاب على

__________________

(١) توفّقت بحمده تعالى الى تأليف رسالة مستقلة فيه.

١٧٠

شيوخ أصحابه ذوي الرتب العليّة ويقول فيه « هذا ناصرنا بقلبه ولسانه ويده » ويقول فيه أيضا « هشام بن الحكم رائد حقّنا ، وسائق قولنا ، المؤيّد لصدقنا ، والدامغ لباطل أعدائنا ، من تبعه وتبع أثره تبعنا ، ومن خالفه وألحد فيه فقد عادانا وألحد فينا » الى كثير سوى ذلك.

وقد اثنى عليه غير الصادقعليه السلام من أئمة أهل البيت كالرضاعليه السلام في قوله « كان عبدا صالحا » وكالجوادعليه السلام في قوله : «; ما كان اذبّه عن هذه الناحية » الى كثير من أمثال هذا.

وإن أمثال هذه الكلمات من أئمة أهل البيت في شأنه لتغني الفطن اليقظ عن تنميق كلّ ثناء ، ونسج كلّ مدح ، وإن هذه الكلم الفارطة تريك موقف الرجل في الذبّ عن الحقّ ، ومحاربة الباطل ، وإن صارم مقوله في الدفاع عن الإمامة أمضى من مائة ألف سيف ، كما يقول الرشيد ، وهل هو إلاّ الرجل الفرد الذي فتق الكلام في الإمامة وهذّب المذاهب بالنظر ، وقد أسرع إليه الموت من جرّاء تلك المناظرات في الإمامة ، وذلك حين علم بمكانه الرشيد وخافه على نفسه ، فهرب الى الكوفة فزع القلب ، فمات بهذا الفزع ، وقيل إن موته كان عام ١٧٩.

وجاءت فيه بعض المطاعن ، ومثله بتلك المنزلة في الذبّ عن أهل البيت ذلك الذبّ الذي ما زال أثره حيّا حتّى اليوم ، كيف لا يحتال حسّاده وأعداؤه في إنقاصه ، وهدم ما بناه ، على أنه قد يطعن فيه الإمام نفسه ليدفع بذلك عنه السوء.

هشام بن سالم :

هشام بن سالم الجواليقي الجعفي العلاّف ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن

١٧١

٨ ، وكان من المجلين في الكلام ، الذين أشرقوا أعداءهم بالريق ، وألزموهم الحجّة ، وأوضحوا للناس المحجّة ، وكان ممّن سمحوا له بالمناظرة والكلام ، ولو كان يخشى من عثاره ، ويخاف من سقوطه ، ما سمحوا له بتلك المخاصمات في يوم فيه العلم قد حلّق بأعلى الجو ، والسلطة عدوّة أهل البيت ونصيرة مخاصميهم في الإمامة ، بل وفي كلّ فنّ وعلم.

وما كان متخصّصا بالكلام فحسب ، بل كان من أجلّة الفقهاء الكرام وجاءت فيه مدائح دلّتنا على علوّ مقامه ، ورفيع قدره.

وجاءت فيه مطاعن كما جاءت في غيره من أجلّة أنصار أهل البيت وأصحابهم الثقات ، والجواب عنها عامّة مفهوم ، كما أنهم يذكرون الجواب عن كلّ طعن طعن ، وكيف يصحّ في أمثال هؤلاء الأعاظم قدح ، وهل قام دين الحق ، وظهر أمر أهل البيت إلاّ بصوارم حججهم ، وقواطع براهينهم ، فهم من المجاهدين في الله الذين لا تنهض لمواضي ألسنتهم وأدلّتهم الجيوش والعساكر ، والسلطان والإرهاب.

يونس بن يعقوب :

يونس بن يعقوب البجلي الدهني الكوفي ، روى عن الصادق والكاظم٨ ، ومات في عهد الرضاعليه السلام بالمدينة ، فبعث إليه بحنوطه وكفنه وجميع ما يحتاج إليه ، وأمر مواليه وموالي أبيه وجدّه أن يحضروا جنازته ، وأمر بدفنه بالبقيع ، وأيّ كرامة أعظم من هذه.

وكان من أعلام الفقهاء ورؤسائهم الذين يؤخذ عنهم الحلال والحرام وكان وكيلا لأبي الحسن موسىعليه السلام وذا حظوة عند الأئمة: ، ووردت فيه عنهم عدّة أحاديث تدلّ على جليل منزلته عندهم ، وكبير عنايتهم

١٧٢

به ، مثل قول الكاظمعليه السلام « فنحن لك حافظون » وقول الصادق أو الكاظم٨ « إنما أنت منّا أهل البيت ، فجعلك الله مع رسوله وأهل بيته ، والله فاعل ذلك إن شاء الله » الى ما سوى هذه ، فبهذا ومثله تتجلى حاله من الجلالة وعظم المقام ، فضلا عن الوثاقة في الرواية.

وبهذا نختم الكلام عن المشاهير من ثقات الرواة لأبي عبد اللهعليه السلام ، الذين أخذوا عنه معالم الدين ومكارم الأخلاق وسائر العلوم ، ومن ذلك تعرف قدر الرواة والرواية عنه ، ومبلغ العلوم والفنون المرويّة عنه ، والمأخوذة منه.

* * *

١٧٣

مواليه

كان لأبي عبد اللهعليه السلام موال كثيرة ، ولكن الذي جاء في ترجمة معتب الآتي ذكره أنهم عشرة وقالعليه السلام « وفيهم خائن فاحذروه وهو صغير » ولم يضبط أنه بالفاء ، أو بالعين المهملة فيكون اسما ، أو بالغين المعجمة فيكون وصفا ، على أنه يحتمل أن يكون اسما أيضا ، وعلى أيّ حال فإن الذي وجدته منهم يتجاوز العشرة ، ولعلّهم كانوا عشرة في وقت من الأوقات ، ونحن نستطرد ذكر من عثرنا عليه منهم :

١ ـ المعلّى بن خنيس :

كان المعلّى بن خنيس من موالي أبي عبد اللهعليه السلام الذين يعتمد عليهم في تدبير شئونه ، ومن الثقات الذين قد يفضي إليهم بسرّه ، وكان من مشاهير الثقات من رواته ، كما ذكرناه فيهم.

٢ ـ معتب(١)

ومنهم معتب ، وقد عدّه الرجاليّون في أصحاب الصادق والكاظم

__________________

(١) بضمّ الميم وفتح العين المهملة وتشديد التاء المثناة الفوقانيّة المكسورة وباء موحّدة كما في الخلاصة للعلاّمة الحلّي طاب ثراه.

١٧٤

٨ ، وعن الصادق أن مواليه عشرة ، وأن خيرهم وأفضلهم معتب وقال : وفيهم خائن فاحذروه ، وهو صغير ، وفي آخر قالعليه السلام : مواليّ عشرة خيرهم معتب ، وما يظن معتب إلاّ أني أحقّ الناس.

وروى عنه من مشاهير الثقات وأعيانهم أمثال يونس بن يعقوب والمعلّى بن خنيس ، وإسحاق بن عمّار ، وغيرهم ، ومن هذا ومثله تعرف أنه من أهل المعرفة والفضيلة ، والوثاقة في الحديث ، وقد وثّقه العلاّمة في الخلاصة من دون ريب وتوقّف.

٣ ـ مسلم :

ومنهم مسلم ، وعن أبي الحسنعليه السلام أن مسلما سندي ، وأن الصادق جعفرعليه السلام قال له « أرجو أن تكون وفّقت الاسم » وعنهعليه السلام « إن مسلما علّم القرآن في النوم وأصبح قد علمه » ، وروى عن الرضاعليه السلام مثله ، وبعض الأحاديث تدلّ على موالاته للإمام بل ومن أهل سرّه.

٤ ـ مصادف :

ومنهم مصادف ، وعدّه أرباب الرجال في أصحاب الصادق والكاظم٨ ، وروى عنه من أعلام الثقات أمثال الحسن بن محبوب ، وعلي بن رئاب وغيرهما ، وهذا شاهد على وثاقته وعرفانه بالحديث ومقام الإمامة.

وهو الذي أرسله الصادقعليه السلام الى مصر ببضاعة قدرها ألف دينار ، وعاد وربحها ألف دينار ، فاستكثر الصادق الربح ، فأعلمه مصادف أن المتاع الذي معهم ليس منه شيء في مصر ، فحلفوا ألاّ يبيعوه إلاّ بربح دينار دينارا ،

١٧٥

فأنكر الصادقعليه السلام هذا الحلف وهذا الربح وعدّه حراما ، فأخذ الأصل وترك الربح ، وقال له : يا مصادف مجالدة السيوف أهون من طلب الحلال ، وقد ذكرنا هذا في عطفه « ١ : ٢٣٣ ».

وهو الذي كان مع الإمامعليه السلام ومرازم معهما لمّا استدعاه المنصور الى الحيرة ، ولمّا سمح له المنصور بالرجوع الى المدينة خرج ليلا فمنعه عاشر هناك عن الذهاب فحاول مصادف ومرازم أن يقتلاه فأبى عليهما الإمام ، وما زال الإمام بالعاشر حتّى اقتنع فخلا عن السبيل ، وقد مضى اكثر الليل فقال الصادق : يا مرازم هذا خير أم الذي قلتماه ، وقد ذكرنا ذلك في حلمه « ١ : ٢٣٢ » وفي مرازم من هذا الجزء.

٥ ـ سعيد الرومي :

ومنهم سعيد الرومي ، وعدّه الشيخ طاب ثراه في رجاله من أصحاب الصادقعليه السلام ، وروى عنه ابن مسكان وأبان وحمّاد وهؤلاء ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم والإقرار لهم بالفقه ، كما سبق في تراجمهم ، وهذا دليل واضح على وثاقته في الرواية ، واعتماد هؤلاء الأعيان الثقات عليه ، وعلى معرفته بالحديث والأحكام ، وأخذه عن الإمام.

٦ ـ صباح :

ومنهم صباح ، والظاهر أنه بتخفيف الباء الموحدة ، وكان عداده في أصحاب الصادقعليه السلام ، وهذا يدلّ أن له رواية عنه ، وحظّا للأخذ منه ، ودلالة على المعرفة بالإمام وكفى بها توفيقا وسعادة ، زيادة على السعادة بخدمه

١٧٦

الإمامعليه السلام ، والقيام بحوائجه.

٧ ـ طاهر :

ومنهم طاهر ، ولم يذكر في ترجمته غير أنه من أصحاب الصادقعليه السلام ، وهذا كما ذكرناه في صباح كاشف عن أخذه عن سيّده وروايته عنه وهو سعادة وحظوة ، ودلالة على المعرفة.

والظاهر أن طاهرا الذي روى عتاب الصادقعليه السلام لابنه عبد الله الأفطح وتوبيخه على ما لا يرضاه الإمام من فعله ، هو طاهر هذا مولى الصادقعليه السلام .

٨ ـ عباس بن زيد :

ومنهم عباس بن زيد وهو مدني ، وعداده في أصحاب الصادقعليه السلام ، وأن له أحاديث ، ولم يذكر فيه اكثر من هذا.

وإن خدمة الإمام حظوة كبرى ، والنظر الى وجهه الكريم كلّ حين من أسعد الطوالع ، والأخذ عنه والانتهال من نميره من أفضل الباقيات الصالحات ، لو كان يفعله المرء عن بصيرة ومعرفة وقصد وإرادة ، منتبها الى هذه الكرامة العظمى ، شاكرا الله على بلوغ هذه النعمة السابغة.

٩ ـ الفضيل :

ومنهم الفضيل ، وعداده أيضا في أصحاب الصادق ، وقد وقع في طريق الصدوق في باب نوادر الوصايا ، ولم يذكر بشيء اكثر من هذا.

١٧٧

١٠ ـ المغيرة

ومنهم المغيرة ، وعدّوه في أصحابهعليه السلام وأن له رواية وهذا كلّ ما يذكر فيه.

١١ ـ موسى

ومنهم موسى ، وعداده في أصحابهعليه السلام ، وهذا كلّ ما يذكر فيه ، وهذا كما عرفت حظّ سعيد ، وتوفيق رفيع يسوقه وليّ التوفيق جلّ شأنه.

١٢ ـ نصر بن ساعد

ومنهم نصر بن ساعد ، وقد ذكروا فيه أن له رواية عن أبي عبد اللهعليه السلام وهو كسوابقه ممّن حظي بالكرامة والتوفيق.

١٣ ـ سالمة

ومنهم سالمة ، وقد عدّها الشيخ طاب ثراه في رجاله من أصحاب الصادقعليه السلام ، وهي التي روت أنها كانت عند أبي عبد اللهعليه السلام حين حضرته الوفاة وقد اغمي عليه ، ولمّا أفاق قال « اعطوا الحسن الأفطس سبعين دينارا ، واعطوا فلانا كذا ، وفلانا كذا » فقلت : أتعطي رجلا حمل عليك بالشفرة يريد أن يقتلك ، قال : أتريدين ألاّ اكون من الذين قال الله عزّ وجلّ فيهم : « والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربّهم ويخافون سوء الحساب »(١) وقد سبق ذلك في هباته السرّية « ١ : ٢٢٩ » وفي حاله

__________________

(١) الرعد : ٢١.

١٧٨

عند الموت من هذا الجزء ص ١٠٤.

ومن هذه الرواية يستفاد أن سالمة كانت مقرّبة لدى الإمامعليه السلام يصغي لكلامها ، ويجيب عنه من دون زجر وردع بل بالتعليم والوعظ.

هذا آخر ما توفّقت له من التحبير عن شخصية الإمام الصادقعليه السلام ، راجيا منه جلّ شأنه أن يجعله خالصا لوجهه الكريم وأن يعفو عمّا زلّ به القلم ، ويسمح لي ما خالط قصدي فيه ما لا يرتضيه.

كما أرجو من سيّدي أبي عبد اللهعليه السلام أن يغمرني بألطاف قبوله لهذه الهديّة المزجاة التي أرفعها لمقامه الكريم ، فإن الهدايا على مقدار مهديها.

وله الحمد كما بدأ يعود ، والصلاة والسلام على خيرته من العباد ، محمّد المصطفى ، وعترته الأطايب الأمجاد.

* * *

١٧٩

الى القارئ الكريم

لعلّك تجد ـ كما أجد ـ هذه الصحائف غير كافلة بالابانة عن تلك الشخصيّة الفذّة الكريمة ـ الإمام الصادق ـ ولا بدع فإن المرتقى ليس بسهل فالقصور عذري الذي سجّلته واسجله على نفسي أبدا ، ولا أدفع التقصير.

وأرجو أن تتحفني ـ بعد أن تجيل الطرف فيها ـ بما يحضرك من ملاحظات ، فإن أحبّ اخواني من أهدى إليّ عيوبي ، لنتدارك ذلك في طبعة اخرى.

محمّد الحسين المظفّر

١٨٠

181

182

183

184

185

186