تاريخ ابن يونس المصري الجزء ١

تاريخ ابن يونس المصري8%

تاريخ ابن يونس المصري مؤلف:
المحقق: الدكتور عبد الفتاح فتحي عبد الفتاح
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 2-7451-3193-1
الصفحات: 730

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 730 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 26643 / تحميل: 1107
الحجم الحجم الحجم
تاريخ ابن يونس المصري

تاريخ ابن يونس المصري الجزء ١

مؤلف:
ISBN: ٢-٧٤٥١-٣١٩٣-١
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

حدثنا عنه غير واحد ، وكانت له عبادة وفضل ، وكان من أهل الورع والفقه(١) .

٣١٥ ـ الحسن بن على بن الحسين بن عيّاش بن لهيعة بن عيسى الحضرمى(٢) : يكنى أبا محمد. كتبت عنه حكايات. توفى فى جمادى الآخرة سنة سبع عشرة وثلاثمائة(٣) .

٣١٦ ـ الحسن بن على بن سوار الحريرىّ : يكنى أبا علىّ. حدّث عن محمد بن هلال الطائى(٤) ، وعيسى بن إبراهيم بن مثرود ، ويونس بن عبد الأعلى ، وغيرهم. توفى فى جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وثلاثمائة. قد كتبت عنه ، وما علمت عليه إلا خيرا(٥) .

٣١٧ ـ الحسن بن على بن موسى الإبريقىّ : مولى بنى عبد جعل من خولان. يكنى أبا طاهر ، ويعرف ب «ابن الإبريقىّ». يروى عن حرملة بن يحيى ، ومحمد بن رمح ، وغيرهما. توفى فى ذى الحجة سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة(٦) .

٣١٨ ـ الحسن بن على بن موسى العدّاس(٧) المصرى : من أهل مصر(٨) ، يكنى أبا محمد. كان معنيا بأمر الأخبار ، وطلب(٩) التواريخ. ولى الجند بمصر(١٠) ، وولى حسبة الدقيق ، وسوق مصر(١١) . حدّث ، وروى(١٢) . كتبت عنه(١٣) . توفى فى المحرم(١٤) سنة

__________________

ولم يذكر). وفى (تاريخ بغداد) ج ٧ ص ٣٣٩ : ورد كتاب بوفاته ـ إلى مصر فيما يبدو ـ فى رجب سنة ٢٥٧ ه‍.

(١) السابق ٧ / ٣٣٩ (لم يرد فيه : حدثنا عنه غير واحد) ، وتاريخ الإسلام ١٩ / ١٠٩ (من أهل الثقة والورع) ، والمقفى ٣ / ٣٤٠ ، وتهذيب التهذيب ٢ / ٢٥٣.

(٢) ضبطها بالحروف السمعانى ، نسبة إلى (حضرموت) من بلاد اليمن من أقصاها. (الأنساب ٢ / ٢٣٠).

(٣) الإكمال ٦ / ٧٥.

(٤) عالم شامى له ترجمة فى (تهذيب التهذيب) ٩ / ٤٣٩.

(٥) الإكمال ٢ / ٢٠٩ ـ ٢١٠.

(٦) السابق ١ / ١٤٩.

(٧) نسبة إلى (العدس) ، وهو نوع من الحبوب (الأنساب ٤ / ١٦٤).

(٨) السابق.

(٩) زيادة فى (المصدر السابق).

(١٠) زيادة فى (الإكمال) ٦ / ١٩٤.

(١١) ولاية الحسبة زيادة فى (المصدر السابق).

(١٢) زيادة فى (المصدر السابق) ، وتعنى : أنه حدّث غيره ، وروى عن غيره الأخبار وأحداث التاريخ.

(١٣) زيادة وردت فى (المصدر السابق).

(١٤) زيادة فى (المصدر السابق).

١٢١

أربع وعشرين وثلاثمائة(١) .

٣١٩ ـ الحسن بن غفير العطّار المصرى : يروى عن يوسف بن عدىّ ، ومحمد بن محمد بن زكريا(٢) ، وغيرهما. كذاب يضع الحديث(٣) .

٣٢٠ ـ الحسن بن محمد بن أحمد العسّال(٤) المصرى : يكنى أبا علىّ. كان فى تفسير الرؤيا عجبا من العجائب ، وسمع الحديث(٥) . توفى بتنيس ، وحمل منها ميتا فى سنة اثنتين وثلاثمائة(٦) . لم أر أحدا يفسّر الرؤيا مثله ، فسألته : من أين لك هذا؟! قال : كنت أتاجر إلى المغرب ، فمات بأقريطش(٧) نصرانى ، فبيعت كتبه وكنت حاضرا ، فاشتريت منها كتابا فى تعبير الرؤيا ، وعدد الأيام وعلامات لذلك ، فحفظته ، وجعلت أجرّب ما فيه ، فأجده حقّا(٨) . حدثنى بعض أصحابنا بتفسير رؤيا ، رآها غلام «ابن عقيل الخشّاب»(٩) ، عجيبة ، فكانت حقّا كما فسّرت. فسألت غلام ابن عقيل عنها ، فقال لى : أنا أخبرك ، كان أبى فى سوق الخشّابين ، فأنفق بضاعته(١٠) ، ورثّت

__________________

(١) الإكمال ٦ / ١٩٣ ـ ١٩٤ (قاله ابن يونس) ، والأنساب ٤ / ١٦٤ (ولم ينسبه إلى ابن يونس ، لكنى أقطع أنه نقل النص عنه بالمقارنة بما صرح به ابن ماكولا) ، وتاريخ الإسلام ٢٤ / ١٤٧ (واكتفى بقوله : المصرى الأخبارى. ورّخ له ابن يونس).

(٢) الإكمال ٦ / ٢٢٨.

(٣) المصدر السابق ، وميزان الاعتدال ١ / ٥١٧.

(٤) لقّبه به السمعانى فى (الأنساب ٤ / ١٨٩) ، بينما قال ابن ماكولا : ابن العسّال (الإكمال) ٧ / ٤٧ ، ومثله الذهبى فى (تاريخ الإسلام) ٢٣ / ٨٨. فيبدو أنه من أسرة كانت تتاجر فى العسل بيعا وشراء ، ثم تابع أسرته فى احتراف هذا العمل ، حتى لقب به.

(٥) الإكمال ٧ / ٤٧ ، والأنساب ٤ / ١٨٩. وقال الذهبى عنه فى (تاريخ الإسلام) ٢٣ / ٨٨ : لم يكن أحد يدانيه فى تعبير الرؤيا ، وكتب الحديث بعد سنة ٢٩٠ ه‍.

(٦) الإكمال ٧ / ٤٧ ، والأنساب ٤ / ١٨٩.

(٧) ضبطها ياقوت بالحروف ، وجعلها بفتح الهمزة وبكسرها. قال : هى جزيرة كبيرة بها مدن وقرى ، تقع فى بحر المغرب ، بين الإسكندرية وبرقة ، ينسب إليها جماعة من العلماء (معجم البلدان ١ / ٢٨٠ ، ٥ / ٢٩).

(٨) تاريخ الإسلام ٢٣ / ٨٨ ـ ٨٩.

(٩) صحّفت فى (المصدر السابق) ج ٢٣ / ٨٩ إلى (الحسّاب).

(١٠) نقول : أنفق فلان : افتقر ، وذهب ماله. أنفق التاجر : راجت تجارته. والعبارة تعنى : أنفد ماله ، وأفناه (من قولهم : أنفق المال ، ونحوه). (اللسان ، مادة : ن. ف. ق ، ج ٦ / ٤٥٠٨ ، والمعجم الوسيط ٢ / ٩٧٩).

١٢٢

حاله(١) ، ومات ، فأسلمتنى أمى إلى ابن عقيل ـ وكان صديقا لأبى ـ فكنت أخدمه ، وأفتح حانوته وأكنسها ، ثم أفرش له ما يجلس عليه ، فكان يجرى علىّ رزقا ، أتقوّت به. فأتى يوما فى الحانوت ، وقد جلس أستاذى(٢) ابن عقيل ، فجاء «ابن العسّال» مع رجل من أهل الريف ، يطلب عود خشب لطاحونة ، فاشترى من ابن عقيل عود طاحونة بخمسة دنانير ، فسمعت قوما من أهل السوق ، يقولون : هذا ابن العسال المفسّر للرؤيا عند ابن عقيل. فجاء منهم قوم ، وقصّوا عليه منامات رأوها ، ففسرها لهم. فذكرت رؤيا ، رأيتها فى ليلتى ، فقلت له : إنى رأيت البارحة فى نومى كذا وكذا ، فقصصت عليه الرؤيا ، فقال لى : أىّ وقت رأيتها من الليل؟ فقلت : انتبهت بعد رؤياى فى وقت كذا. فقال لى : هذه رؤيا لست أفسرها إلا بدنانير كثيرة. فألححت عليه ، فقال أستاذى «ابن عقيل» : فرّج عنه ؛ هذا غلام صغير فقير ، لا يملك شيئا. فقال : لست آخذ إلا عشرين دينارا ، فقال له ابن عقيل : إن قرّبت علينا ، وزنت أنا لك ذلك من عندى. فلم يزل به ينزله ، حتى قال : والله ، لا آخذ أقل من ثمن العود الخشب «خمسة دنانير». فقال له ابن عقيل : إن صحّت الرؤيا ، دفعت إليك العود بلا ثمن. فقال له : يأخذ مثل هذا اليوم ألف دينار. قال أستاذى : فإذا لم يصح هذا؟ فقال : يكون العود عندك إلى مثل هذا اليوم ، فإن كان لم يصحّ أخذ ما قلت له فى ذلك اليوم ، فليس لى عندك شىء ، ولا أفسر رؤيا أبدا ، فقال له أستاذى : قد أنصفت.

ومضت الجمعة ، فلما كان مثل ذلك اليوم ، غدوت مثلما كنت أغدو إلى دكّان أستاذى ، ففتحتها ، ورششتها ، واستلقيت على ظهرى ، أفكر فيما قال لى ، ومن أين يمكن أن يصير إلىّ ألف دينار ، فقلت : لعل سقف المكان ينفرج ، فيسقط منه هذا المال. وجعلت أجيل فكرى ، وإنى كذلك إلى ضحى ، إذ وقف علىّ جماعة من أعوان الخراج ، معهم ناس ، فقالوا : هذا دكّان(٣) ابن عقيل ، ثم قالوا لى : قم ، فقلت لهم :

__________________

(١) رثّ الثوب وغيره يرثّ رثاثة ، ورثوثة : بلى. رثّت هيئته : قبحت ، وهانت ، فهو أرثّ ، وهى رثّاء. (اللسان : ر. ث. ث) ٣ / ١٥٨٠ ، والمعجم الوسيط ١ / ٣٤٠).

(٢) الأستاذ : المعلّم (وهى كلمة معرّبة) ، والأستاذ الماهر فى الصناعة ، يعلمها غيره. والجمع : أساتذة ، وأساتيذ. (المعجم الوسيط ١ / ١٧).

(٣) كلمة فارسية معربة بمعنى : المتجر. وقد تكون بمعنى : المصطبة. والمعنى الأول هو المقصود فى النص. والجمع : دكاكين. (اللسان : د. ك. ن) ج ٢ / ١٤٠٦ ، والمعجم الوسيط ١ / ٣٠٢). وهو لفظ مذكر فى غالب ظنى ، لم أجده مؤنّثا ، لكنه ورد هكذا : هذه دكان (فعومل معاملة المؤنث). (الخطط : ١ / ٣٣٢).

١٢٣

لست ابن عقيل ، أنا غلامه ، فقالوا : بل أنت ابنه ، وجبذونى ، فأخرجونى من الدكان. فقلت : إلى أين؟! فقالوا : إلى ديوان الأستاذ أبى علىّ «الحسين بن أحمد» يعنون أبا زنبور(١) ، فقلت : وما يصنع بى؟! فقالوا : إذا جئت ، سمعت كلامه ، وما يريده منك. وكنت بعقب علة ضعيف البدن ، فقلت : ما أقدر أمشى ، فقالوا : اكتر(٢) حمارا تركبه. ولم يكن معى ما أكترى به حمارا ، فنزعت تكّة سراويلى(٣) من وسطى ، ودفعتها على درهمين لمن أكرانى الحمار.

ومضيت معهم ، فجاءوا بى إلى دار «أبى زنبور». فلما دخلت ، قال لى : أنت ابن عقيل؟ فقلت : لا يا سيدى ، أنا غلام فى حانوته. قال : أفليس تبصر قيمة الخشب؟

قلت : بلى ، قال : فاذهب مع هؤلاء ، فقوّم لنا هذا الخشب ، فانظر بحيث لا يزيد ولا ينقص. فمضيت معهم ، فجاءوا بى إلى شطّ البحر ، إلى خشب كثير من أثل(٤) ، وسنط(٥) جاف ، وغير ذلك مما يصلح لبناء المراكب. فقوّمته تقويم جزع ، حتى بلغت قيمته ألفى دينار ، فقالوا لى : انظر هذا الموضع الآخر ، فيه من الخشب أيضا ، فنظرت فإذا هو أكثر مما قوّمت بنحو مرتين ، فأعجلونى ، ولم أضبط قيمة الخشب ، فردّونى إلى «أبى زنبور» ، فقال لى : قوّمت الخشب كما أمرتك؟ ففزعت ، فقلت : نعم. فقال :

__________________

(١) الحسين بن أحمد المادرائىّ ، أبو زنبور الكاتب البغدادى الأصل. ولد سنة ٢٣٢ ه‍. وصرّف أمور الخراج لخمارويه فى مصر ، ونظر فى شئون مصر المالية ل (هارون بن خمارويه) ، وكذلك ولى الخراج للوالى (عيسى النّوشرىّ). وظل يتقلد مسئولية إدارة شئون مصر المالية فترة طويلة. وتوفى سنة ٣١٧ ه‍. (المقفى ٣ / ٤٦٦ ـ ٤٨٢).

(٢) أى : استأجر. والكراء : أجر المستأجر (اللسان : مادة : ك. ر. ى) ج ٥ / ٣٨٦٦ ، والمعجم الوسيط ٢ / ٨١٦ ـ ٨١٧.

(٣) تكّة : رباط ، والجمع : تكك. (وهى لفظة مولّدة ، أى : استخدمت ـ قديما ـ بعد عصر الرواية ، على نحو ما شرح ناشرو المعجم الوسيط فى رموزه بالمقدمة ١ / ١٦). (راجع : اللسان ، مادة : ت. ك. ك) ١ / ٤٣٨ ، والمعجم الوسيط ١ / ٨٩. وسراويل : جمع سروال (لفظة مولدة تعنى : لباسا يغطى السّرّة والركبتين وما بينهما). وهى تذكّر ، وتؤنث. وجمع سراويل : سراويلات. (اللسان : مادة : س. ر. ل) ج ٣ / ١٩٩٩ ، والمعجم الوسيط ١ / ٤٤٤.

(٤) شجر من الفصيلة الطّرفاويّة ، يشبه شجر (الطّرفاء) ، إلا أنه أعظم وأجود عودا ، معمّر جيد الخشب. واحدتها : أثلة. (اللسان ، مادة : أ. ث. ل) ج ١ / ٢٨ ، والمعجم الوسيط ١ / ٦.

(٥) شجر يزرع فى الأقاليم الحارّة ، ويكثر بمصر ، ويؤخذ منه الحطب (وهو أجوده : أكثره نار ، وأقله رماد). واحدتها : سنطة (اللسان ، مادة : س. ن. ط) ٣ / ٢١٧ ، والمعجم الوسيط ١ / ٤٧٢.

١٢٤

هات ، كم قوّمته؟ فقلت : ألفا دينار ، فقال : انظر لا تغلط ، فقلت : هو قيمته عندى ، فقال لى : فخذه أنت بألفى دينار ، فقلت : أنا فقير ، لا أملك دينارا واحدا ، فكيف لى بقيمته؟! قال : ألست تحسن تدبيره ، وتبيعه؟! فقلت : بلى. قال : فدبّره ، وبعه ، ونحن نصبر عليك بالثمن إلى أن تبيع شيئا شيئا ، وتؤدى ثمنه. فقلت : أفعل. فأمر بكتاب ، يكتب علىّ فى الديوان بالمال ، فكتب علىّ.

ورجعت إلى الشط ، أعرف عدد الخشب ، وأوصى به الحرّاس. فوافيت جماعة أهل سوقنا وشيوخهم ، قد أتوا إلى موضع الخشب ، فقالوا لى : أيش صنعت؟ قوّمت الخشب؟ قلت : نعم. قالوا : بكم قوّمته؟ فقلت : بألفى دينار ، فقالوا لى : وأنت تحسن تقوّم؟! لا يساوى هذا هذه القيمة. فقلت لهم : قد كتب علىّ كتاب فى الديوان ، وهو عندى يساوى أضعاف هذا. فقالوا لى : اسكت ، لا يسمعك أحد ، وكانوا قوّموه قبلى لأبى زنبور بألف دينار. فقال بعضهم لبعض : أعطوا هذا ربحه وتسلّموه أنتم. فقال قائل : أعطوه ربحه خمسمائة دينار ، فقلت : لا والله ، لا آخذ. فقالوا : قد رأى رؤيا ، فزيدوه ، فقلت : لا والله ، لا آخذ أقلّ من ألف دينار. قالوا : فلك ألف دينار. فحوّل اسمك من الديوان ، نعطك ـ إذا بعنا ـ ألف دينار. فقلت : لا والله ، لا أفعل حتى آخذ الألف دينار فى وقتى هذا. فمضوا إلى حوانيتهم ، وإلى منازلهم ، حتى جاءونى بألف دينار. فقلت : لا آخذها إلا بنقد الصّيرفىّ(١) وميزانه ، فمضيت معهم إلى (صيرفىّ الناحية) ، حتى وزنوا عنده الألف دينار ، ونقدتها ، وأخذتها ، فشددتها فى طرف ردائى(٢) ، ومضيت معهم إلى الديوان ، وحوّلت أسماءهم مكان اسمى ، ووفّوا حق الديوان من عندهم ، ورجعت ـ وقت الظهر ـ إلى أستاذى ، فقال لى. قبضت ألف دينار منهم ، فقلت : نعم ، ببركتك. وتركت الدنانير بين يديه ، وقلت له : يا أستاذ ، خذ ثمن العود الخشب ، فقال : لا والله ، لا آخذ منك شيئا ؛ أنت عندى مقام ابنى. وجاء ـ فى الوقت ـ ابن العسّال ، فدفع إليه أستاذى العود الخشب ، فمضى. فهذا خبر رؤياى ، وتفسيرها(٣) .

__________________

(١) درهم نقد : جيّد لا زيف فيه. النقاد : من ينقد النقود ، ويميّز جيدها من رديئها. (اللسان ، مادة : ن. ق. د) ج ٦ / ٤٥١٧ ، والمعجم الوسيط ٢ / ٩٨٢. والصيرفى : صرّاف الدراهم ، أو المتصرف فى الأمور ، المجرّب لها. والجمع : صيارف ، وصيارفة. (اللسان : ص. ر. ف) ٤ / ٢٤٣٥ ، والمعجم الوسيط ٢ / ٥٣٣.

(٢) فى الخطط ١ / ٣٣٣ : رداءى. والصواب ما ذكرت.

(٣) هذا هو النص الكامل لتلك الرواية المطوّلة ، التى أوردها المقريزى فى (السابق ١ / ٣٣٢

١٢٥

٣٢١ ـ الحسن بن محمد بن الحسين بن محمد بن عبد العزيز بن أبى الصّعبة : مولى قريش ، ثم لبنى تيم. يكنى أبا على ، يعرف ب «المدينىّ». حدّث عن يحيى بن بكير ، وغيره. توفى فى شوال سنة تسع وتسعين ومائتين(١) .

٣٢٢ ـ الحسن بن موسى بن عيسى بن أبى موسى الحافظ المصرى : مولى حضرموت ، من أهل مصر(٢) . يكنى أبا عجينة(٣) . كان يورّق(٤) . قال : كنت إذا كتبت الحديث ، أتخطّى فيه الصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أريد بذلك(٥) العجلة ، فرأيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فى النوم ، فقال لى : ما لك لا تصلى علىّ إذا كتبت ، كما يصلى علىّ أبو عمرو البصرىّ(٦) ؟ قال : فانتبهت وأنا جزع ، فجعلت لله علىّ ألا أكتب حديثا فيه النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلا كتبت :صلى‌الله‌عليه‌وسلم . وقال : قدمت ببعض أهل المغرب ، فرآنى وأنا كلما كتبت حديثا فيه النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كتبتصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : لا تمحق(٧) علىّ الورق. كم تكتب :صلى‌الله‌عليه‌وسلم ! فقلت له : لله علىّ

__________________

ـ ٣٣٣) ، وصدّرها بقوله : «وقال أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس فى «تاريخ مصر». هذا وقد ألمح الذهبى إلى تلك الرواية إلماحة خاطفة فى ترجمة (ابن العسّال) ، وذلك فى (تاريخ الإسلام) ـ وفيات سنة ٣٠٢ ه‍ ـ ج ٢٣ / ٨٩ ، إذ قال : «ثم ذكر له ابن يونس تعبير رؤيا الحسّاب ، والصواب : الخشّاب).

(١) الإكمال ٥ / ١٨٩.

(٢) السابق ٦ / ١٤٦.

(٣) الألقاب ص ١٤٧ ، والإكمال ٦ / ١٤٦ (ضبط الكلمة بالحروف). ولم أقف على سر تكنيته بذلك.

(٤) يعمل ورّاقا : (ينسخ المخطوطات ، ويبيع نسخها). (اللسان ، مادة : و. ر. ق) ج ٦ / ٤٨١٥ ، والمعجم الوسيط ٢ / ١٠٦٨.

(٥) فى الألقاب : ص ١٤٧ (لذلك) ، والمثبت أصح.

(٦) فى المصدر السابق : الطبرى (ولم أجد له ذكرا فى المتاح من كتب الرجال). ولعل (الطبرى) تحريف عن (البصرى). وقد وجدت ترجمة لأبى عمرو البصرى ، وهو ورّاق ، اسمه (عبد الرحمن بن الأسود بن المأمون) ، وهو معاصر للمذكورين فى الترجمة (توفى بعد سنة ٢٤٠ ه‍). (تهذيب التهذيب ٦ / ١٢٧).

(٧) محق الشيء يمحق محقا : نقصه ، وأهلكه وأباده. محق الله العمل : أذهب بركته. أمحق الشيء : أبطله ومحاه. قال الله (تعالى) :( يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ) [البقرة : ٢٧٦]. (راجع : اللسان ، مادة : م. ح. ق) ٦ / ٤١٤٦ ـ ٤١٤٧ ، والمعجم الوسيط ٢ / ٨٩٠).

١٢٦

ألا أكتب لك ورقة أبدا(١) . روى(٢) عن عبد الملك بن شعيب بن الليث(٣) ، وسلمة بن شبيب(٤) ، وغيرهما(٥) ، روى عنه حمزة بن محمد. توفى سنة ست وتسعين ومائتين. وله كنية أخرى : أبو على(٦) .

* ذكر من اسمه «الحسين» :

٣٢٣ ـ الحسين بن أحمد بن حيّون(٧) الأنصنائىّ(٨) الصّعيدىّ : يكنى أبا طاهر. مولى خولان ، من أهل مصر(٩) . حدث عن أبى شريك يحيى بن يزيد بن ضماد المرادى ، وحرملة بن يحيى ، وعبد الملك بن شعيب بن الليث(١٠) . وكان ثقة ، حسن الحديث(١١) .

__________________

(١) الترجمة من بدايتها حتى هنا ـ تقريبا ـ فى (تاريخ مصر) لابن يونس. (الألقاب ص ١٤٧ ـ ١٤٨).

(٢) فى الإكمال ٦ / ١٤٦ : حدّث.

(٣) له ترجمة فى (تهذيب التهذيب) ٦ / ٣٥٤ (ت ٢٤٨ ه‍). وستأتى ترجمة ابن يونس له فى (باب العين) من (تاريخ المصريين) ، إن شاء الله.

(٤) محدّث نيسابورىّ ، له ترجمة فى (المصدر السابق) ٤ / ١٢٩ (ت ٢٤٧ ه‍). وستأتى ترجمة ابن يونس له فى (تاريخ الغرباء) فى باب (السين) ، بإذن الله.

(٥) الألقاب ١٤٨ (ذكره أبو سعيد فى تاريخهم) ، والإكمال ٦ / ١٤٦.

(٦) إضافة من المصدر السابق (ولم ينسب ابن ماكولا الترجمة لابن يونس ، لكنها متوافقة مع ما أورده ابن الفرضى ، فيكون ابن ماكولا أغفل النص على مصدره ، كما يقع منه فى بعض الأحيان).

(٧) هكذا ضبطها ابن ماكولا بالحروف فى (الإكمال) ٢ / ٥٧٩ ، بينما حرّفت فى (تاريخ الإسلام) ٢٢ / ١٣٣ إلى (جيون).

(٨) نسبة إلى (أنصنا). كذا ضبطها ياقوت بالحروف ، وقال : إنها مدينة قديمة جدا من نواحى الصعيد على شرقى النيل ، بها شجر اللّبخ (ثمره يشبه البلح لونا وشكلا ، ويقاربه طعما). (معجم البلدان ١ / ٣١٥). ووردت النسبة ـ هكذا ـ فى (الإكمال) ٢ / ٥٨٠ ـ ٥٨١ (دون ضبط) ، بينما تصحفت فى (الأنساب) ١ / ٢١٩ إلى (الأنضناوى) بالضاد ، وذكر أنها قرية من صعيد مصر ، خرج منها جماعة من أهل العلم.

(٩) السابق ١ / ٢٢٠.

(١٠) الإكمال ٢ / ٥٨٠. واكتفى الذهبى فى (تاريخ الإسلام) ٢٢ / ١٣٣ بذكر حرملة ، وعبد الملك ، وابن شبيب (ولعلها تحريف عن شعيب).

(١١) الأنساب ١ / ٢٢٠.

١٢٧

كتبت عنه(١) . توفى يوم الثلاثاء لثمان خلون من رجب سنة ثمان وتسعين ومائتين(٢) .

٣٢٤ ـ الحسين بن خازم المعافرى : يروى عن عروة بن أذينة : روى عنه محمد بن عمر الواقدى(٣) .

٣٢٥ ـ الحسين بن سعيد بن كامل المصرى : يكنى أبا عبد الله. شيخ معمّر ، سمع يحيى بن بكير. كتبت عنه. وتوفى فى شعبان سنة سبع وثلاثمائة(٤) .

٣٢٦ ـ حسين(٥) بن شفىّ بن ماتع الأصبحىّ المصرى : أخو ثمامة(٦) . سمع ابن عمرو ، وتبيعا(٧) . روى عنه الحسن بن ثوبان ، والنعمان بن عمرو ، وحيوة بن شريح ،

__________________

(١) هذا تعبير دبّجته على نسق ما ألفناه لدى ابن يونس ، عند ما يعبّر عن روايته عن المترجم له.

(قال ابن ماكولا ، والذهبى : روى عنه أبو سعيد بن يونس). (الإكمال ٢ / ٥٨٠ ، وتاريخ الإسلام ٢٢ / ١٣٣).

(٢) الأنساب ١ / ٢٢٠. واكتفى الذهبى بالنقل عن مؤرخنا ابن يونس باختصار (قال : توفى سنة ثمان وتسعين ، يعنى : ومائتين). (تاريخ الإسلام ٢٢ / ١٣٣). ويلاحظ أن ابن ماكولا ، والسمعانى لم ينسبا مادتهما لابن يونس صراحة ، لكنها بمقارنتها بمادة الذهبى المقتبسة عن ابن يونس صراحة ـ تنبع من مشكاة واحدة. أما ياقوت ، فاكتفى بذكر اسم المترجم له ونسبه ، دون ذكر مصدره (معجم البلدان ١ / ٣١٥).

(٣) الإكمال ٢ / ٢٨٩. ولم أجد له ترجمة مأخوذة عن ابن يونس إلا فى المصدر المذكور. ولم يتضح لنا منها مصريته من عدمها. ويغلب على ظنى أنه (أخو أحمد بن خازم المعافرى) ، الذي ترجم له ابن يونس فى بدايات كتابه هذا فى (باب الألف) ، خاصة أن الاسمين يدلان على ذلك ، ولعل عدم اشتهاره يرجع إلى اتجاهه كأخيه (أحمد) إلى الأندلس. ومما يقوى الاعتقاد فى مصريته أن كلا الأخوين متعاصران ، فكلاهما روى عنه الواقدى (ت ٢٠٧ ه‍). ويمكن التأكد من ذلك بمراجعة ترجمة (أحمد بن خازم المعافرى) فى (الإكمال) ج ٢ ص ٢٨٧.

(٤) تاريخ الإسلام ٢٣ / ٢٠٨.

(٥) ورد معرفا ب (ال) فى : تاريخ الإسلام ٨ / ٧٦ ، وتهذيب الكمال ٦ / ٣٨١ ، وتهذيب التهذيب ٢ / ٢٩٥. بينما تجرد منها لدى ابن يونس ، فيما نقله عنه صاحب الإكمال (٥ / ٧٤). فلعله يجوز فيه الوجهان. وقد جعلت اسم (الحسين) ، و (حسين) فى باب واحد ، على اعتبار إسقاط (ال).

(٦) سبقت ترجمة ابن يونس له فى (تاريخ المصريين) فى (باب الثاء) رقم (٢١٠).

(٧) الإكمال ٥ / ٧٤. وقد روى عن أبيه أيضا. أما تبيع المذكور ، فهو ابن امرأة (كعب الأحبار). (تاريخ الإسلام ٨ / ٧٦ ، وتهذيب التهذيب ٢ / ٢٩٥). وشكّك الذهبى فى إدراكه وسماعه من ابن عمرو (تاريخ الإسلام ٨ / ٧٦).

١٢٨

ويحيى بن أبى عمرو السّيبانىّ(١) . توفى سنة تسع وعشرين ومائة(٢) .

روى سعيد(٣) بن أبى أيوب ، عن النعمان بن عمرو بن خالد المصرى ، عن حسين بن شفىّ ، قال : كنا جلوسا مع عبد الله بن عمرو ، فأقبل تبيع ، فقال عبد الله : أتاكم أعلم من عليها(٤) . ذكر حيوة بن شريح ، قال : دخلت على حسين بن شفىّ بن ماتع(٥) الأصبحى ، وهو يقول : فعل الله بفلان. فقلت : ما له؟ فقال : عمد إلى كتابين ، كان شفى سمعهما من «عبد الله بن عمرو بن العاص ، رضى الله عنهما» : أحدهما ـ قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فى كذا ، وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم كذا. والآخر ـ ما يكون من الأحداث إلى يوم القيامة. فأخذهما ، فرمى بهما بين (الخولة ، والرّباب). يعنى بقوله(٦) : (الخولة ، والرباب) : مركبين كبيرين من سفن الجسر ، كانا يكونان عند رأس الجسر ، مما يلى الفسطاط ، يجوز ـ من تحتهما ؛ لكبرهما ـ المراكب(٧) .

٣٢٧ ـ الحسين بن عبد الله بن الفضل بن الربيع الغبرىّ(٨) : يكنى أبا طاهر. توفى فى انصرافه من الحج سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة. كتبت عنه حكايات(٩) .

٣٢٨ ـ الحسين بن عبد الله بن محمد بن بشير المصرى : يكنى أبا علىّ. روى عن يحيى بن بكير ، وغيره. توفى سنة ثلاث وثلاثمائة فى غرة شعبان(١٠) .

__________________

(١) الإكمال ٥ / ٧٤. والسّيبانىّ (هكذا بالسين المهملة) هو ابن عم الإمام الأوزاعى (ت ١٥٤ ه‍). وتوفى فى حمص سنة ١٤٨ ه‍. (راجع ترجمته فى : تهذيب التهذيب ١١ / ٢٢٨ ، والتقريب ٢ / ٣٥٥). بينما تحرف لقبه إلى (الشيبانى) فى (تاريخ الإسلام) ٨ / ٧٦.

(٢) تهذيب الكمال ٦ / ٣٨٢ ، وتهذيب التهذيب ٢ / ٢٩٥.

(٣) حرّفت إلى (سعد) فى (السابق) ٢ / ٢٩٥.

(٤) السابق. واستدل فيه ابن حجر على صحة سماعه وإدراكه ابن عمرو ، فذكر أن ابن يونس صرّح باسم (وردت محرفة إلى ليس ، ولا معنى لها هنا) عبد الله بن عمرو فى تلك الرواية.

(٥) وردت فى (الخطط) للمقريزى ج ٢ ص ٣٣٢ مصحّفة إلى (مانع).

(٦) قبل هذا وردت صيغة (قال أبو سعيد بن يونس).

(٧) السابق : ٢ / ٣٣٢ ـ ٣٣٣ (صدّر النص ب وقال أبو سعيد بن يونس فى تاريخ مصر ، عن حيوة ابن شريح ، قال).

(٨) نسبة إلى غبر بن غنم بن حبيب بن كعب بن يشكر (الإكمال ٧ / ٤٢).

(٩) السابق ٧ / ٤٣.

(١٠) السابق ١ / ٢٩٦.

١٢٩

٣٢٩ ـ الحسين بن عبد الله بن محمد بن رمح : روى عن جده ، وغيره. ويكنى أبا سهل(١) .

٣٣٠ ـ الحسين بن عبد السلام المصرى : يكنى أبا عبد الله. شاعر من أهل مصر ، يعرف ب «الجمل»(٢) . وكان الجمل شرها فى الطعام ، دنىء النفس ، وسخ الثوب ، هجّاء. ولد قبل سنة سبعين ومائة ، وعلت سنّه ، ومدح المأمون بمصر ، لمّا ورد إليها ؛ لجوب البيمارستان ، ومدح الأمراء ـ مثل : عبد الله بن طاهر ـ وغيرهم. وتوفى فى ربيع الآخر سنة ثمان وخمسين ومائتين(٣) . وكان قد جلس إلى الشافعى ، وسمع منه ، وكتب عنه حكايات(٤) .

٣٣١ ـ الحسين بن على بن عبد الواحد بن يحيى بن خالد : مولى عمر بن عبد العزيز. يكنى أبا القاسم. يعرف ب «أعمى قديد». توفى سنة عشر وثلاثمائة. سمع من يونس ابن عبد الأعلى مجلسا واحدا. كان مرضيا ـ من أهل الأدب ـ كتبت عنه حفظا(٥) .

٣٣٢ ـ الحسين بن عيّاش بن لهيعة بن عيسى الحضرمى : مصرى ، توفى فى صفر سنة خمس وأربعين ومائتين(٦) .

٣٣٣ ـ الحسين بن محمد بن أبى الخير المصرى : يكنى أبا على ، توفى فى شوال سنة تسع وثمانين ومائتين(٧) .

٣٣٤ ـ الحسين بن يزيد بن ذاخر الحميرى المعافرى : بلغنى أن له رواية عن أبى عبادة «صمّل بن عوف المعافرى» ، وما رأيتها. وكان صمل ممن شهد فتح مصر مع عمرو بن العاص(٨) .

__________________

(١) الإكمال ٤ / ٩٢ (قاله ابن يونس). وستأتى ترجمة جده (محمد بن رمح) فى باب (الميم) ، بإذن الله.

(٢) الألقاب ٣٩.

(٣) معجم الأدباء ١٠ / ١٢٢ ـ ١٢٣ (وقال فى بداية النص : قال ابن يونس فى (تاريخ مصر).

(٤) الألقاب : ٤٠.

(٥) الإكمال ٧ / ١٠٣.

(٦) السابق ٦ / ٧٦.

(٧) السابق ٢ / ٢٠.

(٨) السابق ٣ / ٣٧٤ ـ ٣٧٥.

١٣٠

٣٣٥ ـ الحسين(١) بن يوسف بن يعقوب الفحّام(٢) الأسوانىّ : يكنى أبا علىّ. سمع من يونس بن عبد الأعلى ، وبحر بن نصر(٣) ، والربيع بن سليمان المرادى(٤) . سمع منه علىّ بن جعفر الرازىّ ، وأبو عبد الله بن منده(٥) . وكان ثقة ، وتوفى فى ذى القعدة سنة ثمانى عشرة وثلاثمائة(٦) .

* ذكر من اسمه «حطاب» :

٣٣٦ ـ حطّاب بن حنش بن مرثد بن حنش بن مرثد الجهنىّ : يكنى أبا القليب. كان أحد الفرسان ، وكان يسكن الإسكندرية. ذكره سعيد بن عفير(٧) .

* ذكر من اسمه «حظرة» :

٣٣٧ ـ حظرة بن عبّاد بن قطف بن حظرة اللخمى : من بنى درّة. يكنى أبا عبّاد. ذكره يحيى بن عثمان بن صالح ، وحكى عنه ، قال : كان يرى رأى الخوارج(٨) .

* ذكر من اسمه «حفص» :

٣٣٨ ـ حفص بن رجاء بن جميل بن زيد : مولى عامر مولى جمل. حكى عنه ضمام ابن إسماعيل. رأيته فى ديوان مراد. قال يحيى بن بكير : توفى حفص بن رجاء فى سنة خمسين ومائة بالإسكندرية ، وكان كاتبا فى ديوان مصر(٩) .

__________________

(١) سمّاه (الطالع السعيد) : الحسن (ص ٢١٩).

(٢) نسبة إلى بيع الفحم الذي يستعمله الحدّاد ، وغيره. (الأنساب ٤ / ٣٤٨).

(٣) الطالع السعيد ٢١٩.

(٤) إضافة فى (الإكمال) ٧ / ٥٤ ، ٣٧٤.

(٥) الطالع السعيد : ص ٢١٩.

(٦) المصدر السابق. وقد وردت العبارة ، لكن بتقديم تاريخ الوفاة على توثيق المترجم له فى (الإكمال ٧ / ٥٤ ، ٣٧٤ ، والأنساب ٤ / ٣٤٨). وتكاد تتفق مادة الترجمة فى المصدرين السابقين ـ رغم عدم نسبتها إلى ابن يونس ـ مع ما ورد عنها فى (الطالع) منسوبا لابن يونس صراحة (قال الأدفوىّ فى بداية الترجمة : ذكره ابن يونس فى «تاريخ مصر». وبعد انتهاء اقتباسه عن ابن يونس قال : هكذا رأيته بخط الشيخ عبد الكريم (باسم الحسن). والذي رأيته فى (تاريخ ابن يونس) : الحسين. فإن تحرر ذلك ، فلينقل إلى آخر (الحسين).

(٧) الإكمال ٣ / ١٦٣.

(٨) السابق ٢ / ٤٨٥.

(٩) السابق ٢ / ١٢١.

١٣١

٣٣٩ ـ حفص بن صالح الخشنىّ(١) : مصرى ، حدّث عنه حيوة بن شريح ، وسعيد ابن أبى أيوب ، ويحيى بن أيوب(٢) .

٣٤٠ ـ حفص بن الوليد بن سيف بن عبد الله بن الحارث بن حبل(٣) بن كليب بن عوف بن معاهر بن عمرو بن زيد بن مالك بن زيد بن الحارث بن عمرو بن حجر بن قيس بن كعب بن سهل بن زيد بن حضرموت الحضرمىّ(٤) ، ثم من بنى عوف بن معاهر(٥) : يكنى أبا بكر. كان أشرف(٦) حضرمى بمصر فى أيامه ، ولم يكن خليفة من بعد الوليد إلا وقد استعمله. وكان هشام بن عبد الملك قد شرّفه ، ونوّه بذكره ، وولّاه مصر بعد «الحرّ بن يوسف بن يحيى بن الحكم» نحوا من شهر ، ثم عزله. ووفد على هشام ، فألفاه فى التجهيز إلى الترك ، فولّاه الصائفة فغزا ، ثم رجع ، فولّى بحر مصر سنة تسع عشرة ومائة ، وسنة عشرين ومائة ، وسنة إحدى وعشرين ومائة ، وسنة اثنتين وعشرين ومائة.

فلما قتل كلثوم بن عياض القشيرى «عامل هشام على إفريقيّة» ، وكان قتله فى ذى الحجة سنة ثلاث وعشرين ومائة ؛ كتب هشام إلى «حنظلة بن صفوان الكلبى» عامله على جند مصر بولايته على إفريقية ؛ فشخص إليها. وكتب إلى «حفص بن الوليد» بولاية جند مصر وأرضها ، فولى حفص عليها بقية خلافة هشام ، وخلافة الوليد بن

__________________

(١) ضبطت بالحروف فى (الإكمال) ٣ / ٢٦٠ ـ ٢٦١ ، والأنساب ٢ / ٣٧٠. وقال السمعانى : ينسب إلى (خشين بن النّمر بن وبرة المنتهى نسبه إلى قضاعة). وخشين : بطن من قضاعة.

(٢) الإكمال ٢ / ٢٦١ ـ ٢٦٢.

(٣) ضبطت بالحروف فى (المصدر السابق) ٢ / ٤٩ (قال : وجدته ـ كذلك ـ مضبوطا بخط الصّورى فى «تاريخ مصر». وفى نسخة أخرى بخط ابن الثلّاج : جبل (بالجيم ، وسكون الباء). وقد نقل الرأيين عن ابن ماكولا صاحب (تبصير المنتبه) ج ١ / ٢٤١. وقد وردت بلفظة (جبل) فى (بغية الطلب) لابن العديم ٦ / ٢٨٥٤ ، وأيضا فى (النجوم الزاهرة) ج ١ ص ٣٣٦.

(٤) هكذا ورد النسب كاملا صحيحا فى (الإكمال ٢ / ٤٩ ، والنجوم ١ / ٣٣٦ (بدون الحضرمى ، وما بعده) ، ثم ذكر الحضرمى ، عن ابن يونس (ص ٣٧٣).

(٥) بغية الطلب ٦ / ٢٨٥٤. وتحرفت فى (مخطوط تاريخ دمشق) ٥ / ١٩٣ إلى (معاهد) ، وفى (النجوم) إلى معاذ (ج ١ / ٣٧٣).

(٦) الإكمال ٢ / ٤٩ ، وتهذيب ٢ / ٣٦٢ ، وتبصير المنتبه ١ / ٢٤١. وقيّدت العبارة هكذا (من أشرف حضرمى) فى (مخطوط تاريخ دمشق ٥ / ١٩٣ ، وبغية الطلب ٦ / ٢٨٥٤ ، وتهذيب الكمال ٧ / ٧٨).

١٣٢

يزيد ، وخلافة يزيد بن الوليد ، وإبراهيم بن الوليد ، ومروان بن محمد إلى سنة ثمان وعشرين ومائة(١) .

حدّث عنه يزيد بن أبى حبيب ، وعمرو بن الحارث ، والليث بن سعد ، وعبد الله بن لهيعة ، وغيرهم. وكان ممن خلع مروان بن محمد مع رجاء بن الأشيم الحميرى ، وثابت ابن نعيم بن يزيد بن روح بن سلامة الجذامى ، وزامل بن عمرو الجذامى ، فى عدد من أهل مصر والشام. قتله حوثرة بن سهيل الباهلى بمصر فى شوّال سنة ثمان وعشرين ومائة. وخبر مقتله يطول.

وقال المسور الخولانىّ يحذّر ابن عم له من مروان ، ويذكر قتل مروان حفص بن الوليد ، ورجاء ابن الأشيم ومن قتل معهما من أشراف أهل مصر ، وحمص : «الطويل»

وإن أمير المؤمنين مسلّط

على قتل أشراف البلاد فأعلم

فإياك لا تجنى من الشر غلطة(٢)

فتودى كحفص ، أو رجاء بن أشيم

فلا خير فى الدنيا ، ولا العيش بعدهم

فكيف وقد أضحوا بسفح المقطّم؟(٣)

حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث ، حدثنى أبى ، عن جدى ، عن يزيد بن أبى حبيب ، عن حفص بن الوليد ، عن محمد بن مسلم ، عن عبيد الله بن عبد الله ، حدثه أن ابن عباس حدّثه : أن شاة ميتة ، كانت لمولاة ميمونة من الصدقة ، فأبصرها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : «انزعوا جلدها ، فانتفعوا به». قالوا : إنها ميتة! قال : «إنما حرّم أكلها». قال أبو سعيد بن يونس : لم يسند حفص غير هذا الحديث(٤) .

__________________

(١) مخطوط تاريخ دمشق ٥ / ١٩٣ (بسنده إلى ابن منده ، نا أبو سعيد بن يونس) ، وبغية الطلب ـ نقلا عن ابن عساكر ـ ج ٦ / ٢٨٥٤ ، وتهذيب الكمال ٧ / ٧٨ ـ ٧٩ ، وتهذيب التهذيب ٢ / ٣٦٢ (باختصار شديد مقتصرا على ذكر ولاية المترجم له على بحر مصر سنة ١١٩ ه‍ ، وعلى جندها سنة ١٢٣ إلى ١٢٨ ه‍ ، حين قتل) ، والنجوم الزاهرة ١ / ٣٧٣ ـ ٣٧٤.

(٢) فى (تهذيب الكمال) ٧ / ٧٩ : غلظة.

(٣) مخطوط تاريخ دمشق ٥ / ١٩٣ ، وبغية الطلب. ٦ / ٢٨٥٤ ـ ٢٨٥٥ ، والنجوم ١ / ٣٧٤.

(٤) بغية الطلب ٦ / ٢٨٥٢ ، وتهذيب الكمال ٧ / ٨٠ ، وتهذيب التهذيب ٢ / ٣٦٢ (لم يسند حفص غيره) ، والنجوم ١ / ٣٧٤ (ووردت به العبارة منقوصة غير مفهومة : أسند حفص غير هذا الحديث). راجع الحديث فى : (سنن النسائى ، ط. أبى غدة) ، باب (جلود الميتة) ٧ / ١٧٢ (رقم ٤٢٣٥) بلفظ مقارب.

١٣٣

حدثنى أبى ، عن جدى ، أنه حدثه ابن وهب : حدثنى الليث : أن حفص بن الوليد ـ أوّل ولايته بمصر ـ أمر بقسم مواريث أهل الذمة على قسم مواريث المسلمين ، وكانوا ـ قبل حفص ـ يقسمون مواريثهم بقسم أهل دينهم(١) .

٣٤١ ـ حفص بن يحيى بن حفص بن رجاء(٢) : يكنى أبا عمر. سمع من ابن وهب فأكثر ، وكان ثقة ، وتوفى فى شعبان سنة اثنتى عشرة ومائتين. وقد حكى عنه يونس بن عبد الأعلى(٣) .

٣٤٢ ـ حفص بن يوسف بن نصير بن معاوية بن زيد بن عبد الله بن قيس بن الجدّ ابن عميس بن ضبيع بن عبد العزيز بن عامر بن مالك بن بدّا بن أذاة بن عدى بن شبيب ابن السّكون بن الأشرس بن كندة التجيبى(٤) : يكنى أبا عمر ، مصرى. كان وجها فى أيامه. توفى سنة ست ومائتين ، وقيل : سنة إحدى ومائتين(٥) . روى عنه سعيد بن عفير فى «الأخبار»(٦) .

* ذكر من اسمه «حفيد» :

٣٤٣ ـ حفيد بن عبد الرحيم بن سويد اللخمى : يكنى أبا سويد. شاعر ـ من بنى درّة(٧) ـ مصرى(٨) .

* ذكر من اسمه «الحكم» :

٣٤٤ ـ الحكم بن إبراهيم بن إسماعيل بن شيبة «مولى دحية بن المعصّب» : يكنى أبا

__________________

(١) مخطوط تاريخ دمشق ٥ / ١٩٣ (بسند ابن عساكر إلى ابن منده ، إلى ابن يونس) ، وبغية الطلب ٦ / ٢٨٥٣ ـ ٢٨٥٤ ، والنجوم ١ / ٣٧٤ ـ ٣٧٥ (وفى آخر النص قال : انتهى كلام ابن يونس). وقد ساق ابن يونس ترجمة (حفص) على سياق واحد ، لم يدع لولايته الثالثة على مصر شيئا ، ولا بد من ذكر ولايته الثالثة هنا ؛ لما اشترطناه فى كتابنا هذا من ذكر كل وال فى وقته وزمانه.

(٢) هو ابن ابن (حفص بن رجاء) المترجم له سلفا فى ترجمته رقم (٣٣٨).

(٣) الإكمال ٢ / ١٢١.

(٤) هكذا ورد نسبه كاملا فى باب (نصير) فى (الإكمال) ١ / ٣٢٤.

(٥) ذكر ابن ماكولا أن ابن يونس قال : «قال مرة أخرى» ، ثم ذكر تاريخ وفاة آخر للمترجم له. فحدست أن يكون قد عبّر عن هذا بلفظة (قيل) ؛ إشارة إلى تعدد تواريخ الوفاة ، التى علم بها.

(٦) المصدر السابق ١ / ٣٢٤ ـ ٣٢٥.

(٧) هكذا ضبطها ابن ماكولا فى باب (درّة) فى (السابق ٣ / ٣٢٠ ـ ٣٢١).

(٨) السابق ٢ / ١٠٧.

١٣٤

شيبة. مصرى ، يحدث عنه يحيى بن عثمان بن صالح. توفى سنة خمس وعشرين ومائتين(١) .

٣٤٥ ـ الحكم بن رمح بن المهاجر : كانت القضاة تقبله. توفى فى شهر ربيع الأول سنة عشرين ومائتين ، وما وقع إلىّ حديثه(٢) .

٣٤٦ ـ الحكم بن صالح المصرى : فقيه روى عنه أبو يحيى الوقّار. توفى سنة إحدى ومائتين(٣) .

* ذكر من اسمه «حكيم» :

٣٤٧ ـ حكيم بن أيوب بن العلاء بن سبع الفهمىّ : مصرى ، روى عنه سعيد بن كثير(٤) .

٣٤٨ ـ حكيم بن أبى سعد الدّهنىّ(٥) «مولى دهنة» : مصرى ، كان عريفا عليهم ، وكان فصيحا عالما. وكان من ولد حكيم غير واحد ، له محل ومنزلة ، وقبول قول(٦) .

* ذكر من اسمه «حكيم» :

٣٤٩ ـ حكيم بن الصّلت بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف(٧) : حدّث عنه عبد العزيز بن جماز القرشى ، وعبد الله بن سعيد مولى ثقيف. وقد ولى بحر مصر زمن بنى أمية سنة عشر ومائة(٨) .

__________________

(١) الإكمال ٣ / ٣١٥.

(٢) السابق ٤ / ٩٢. وهو أخو المحدث المصرى (محمد بن رمح التجيبى).

(٣) الألقاب ٥٣ (ذكره أبو سعيد بن يونس فى تاريخه).

(٤) الإكمال ٤ / ٢٥٦.

(٥) هكذا ضبطت فى (الإكمال) ٣ / ٣٩٩. وفى (الأنساب) ج ٢ / ٥١٨ : ضبطها السمعانى بالحروف ، وقال : نسبة إلى (دهنة) ، وهى بطن من غافق.

(٦) الإكمال ٣ / ٣٩٩ ، والأنساب ٢ / ٥١٨.

(٧) كذا فى (الإكمال) ٢ / ٤٩٠ ، هامش (١). (قال ابن يونس). ويبدو أنه فى نسخ أخر من كتاب (ابن يونس) هكذا : (حكيم بن الصلت بن عبد الله بن قيس بن مخرمة القرشى المطلبى). (السابق ٢ / ٤٨٧). وقد اخترت إثبات المنسوب إلى ابن يونس بالمتن. ولعله من باب النسبة إلى الجد. وعلى كل ، فالوارد فى الهامش هو الأدق والأشمل.

(٨) السابق ٢ / ٤٩٠ (بالهامش).

١٣٥

٣٥٠ ـ حكيم بن عبد الله بن قيس بن مخرمة بن المطّلب : أمه أم إياس بنت ثور بن زيد الرّعينى. حدّث عنه يزيد بن أبى حبيب ، وعبيد الله بن المغيرة ، وعمرو بن الحارث ، والليث بن سعد ، وابن لهيعة(١) . ذكر الحسن بن على العدّاس فى «تاريخه» : أنه توفى بمصر سنة ثمانى عشرة ومائة(٢) .

٣٥١ ـ حكيم بن محمد بن قيس بن مخرمة بن المطلب القرشى المطلبى المصرى :

مدنى الأصل ، وهو ابن عم «حكيم بن عبد الله». روى عن سعيد المقبرىّ ، وأبيه محمد ابن قيس بن مخرمة ، ونافع مولى ابن عمر. روى عنه جعفر بن ربيعة ، وابن لهيعة ، ومنصور بن سلمة الهذلىّ(٣) .

__________________

(١) الإكمال ٢ / ٤٩٠ (قاله ابن يونس).

(٢) السابق (قاله ابن يونس. ولم يذكر مورده العدّاس) ، وتهذيب الكمال ٧ / ٢١٢ (ذكر الحسن بن على بن العداس. والصواب ما فى المتن) ، وتهذيب التهذيب ٢ / ٣٩٠. ولمزيد من إلقاء الضوء على الشخصية المترجم لها ، وجدنا أن المادة المذكورة بالمتن موجودة فى مصادر ، لم تنسبها إلى ابن يونس ، فالنقلة لم يصرحوا بنسبته إليه. وقد ورد أنه أخو محمد بن عبد الله ، والمطلب بن عبد الله ، أمه أم ثور بنت إياس بن زيد الرعينى (تهذيب الكمال ٧ / ٢١١). وفى (تهذيب التهذيب) ٢ / ٣٩٠ : روى عن ابن عمر ، ونافع بن جبير بن مطعم ، وعامر بن سعد. وروى عنه يزيد بن أبى حبيب ، والليث بن سعد ، وعمرو بن الحارث ، وابن لهيعة ، وعبيد الله بن المغيرة ، وحنين بن أبى حكيم المصريون. وتجدر الإشارة إلى أن محقق (تهذيب الكمال) أشار فى ج ٧ / ٢١٢ (حاشية ٢) إلى نص منقول عن (مخطوطة إكمال تهذيب الكمال) لمغلطاى ١ / ق ٢٨٦ ـ وهو غير موجود فيما أمتلكه من صورة تلك المخطوطة ـ ذكر فيه مغلطاى : أن ما ذكره المزى عن ابن يونس عن العداس فيما يتصل بتاريخ وفاة المترجم له هنا يحتاج إلى تثبت ؛ ذلك أن الذي رآه مغلطاى فى (تاريخ ابن يونس) أن الوفاة كانت سنة ١٢٨ ه‍ ، وقد راجعه على نسخ أخر ، فينظر. وقد علّق محقق (الإكمال) على التراجم ، أرقام (٣٤٩ ـ ٣٥١) ج ٢ ص ٤٩٠ (بالهامش) ، فقال : حكيم بن عبد الله (ترجمة ٣٥٠) ، وابن عمه (حكيم بن محمد ابن قيس) فى الترجمة رقم (٣٥١) ، ثم ترجمة ابن عم أبيهما (حكيم بن الصلت بن مخرمة) رقم ٣٤٩ (وكذا عقد الصلة بين ثلاثتهم ، وإن اختلف ذلك عن ترتيب ورودهم ؛ لاعتمادنا على الترتيب الهجائى).

(٣) تهذيب الكمال ٧ / ٢١٥.

١٣٦

* ذكر من اسمه «حمرة» :

٣٥٢ ـ حمرة(١) بن ليشرح(٢) بن عبد كلال بن عريب الرّعينىّ : شهد فتح مصر ، وروى عن عمر (رضى الله عنه). حدث عنه راشد بن سعد المقرائىّ(٣) .

* ذكر من اسمه «حمزة» :

٣٥٣ ـ حمزة(٤) بن على بن العباس بن الربيع بن عبد رب الغبرىّ : مصرى ، يكنى أبا عمارة. توفى فى شهر رمضان سنة سبع وثلاثمائة. سمع من يونس بن عبد الأعلى ، وطبقته. كتبت عنه(٥) .

٣٥٤ ـ حمزة بن عمرو بن عويمر بن الحارث بن الأعرج بن سعد بن رزاح بن عدىّ ابن سهم بن مازن بن الحارث بن سلامان بن أسلم بن أقصى بن حارثة الأسلمىّ(٦) :

__________________

(١) ضبطها ابن ماكولا بالحروف فى (الإكمال) ج ٢ / ٥٠٠ ، والإصابة ٢ / ١٨٠ ، وحسن المحاضرة ١ / ١٩١. وضبطها بالشكل محقق (تبصير المنتبه) ج ١ / ٤٥٨.

(٢) سقطت من النسب فى (الإصابة) ج ٢ / ١٨٠ ، وحسن المحاضرة ١ / ١٩١. وثبتت فى (الإكمال) ٢ / ٥٠٠ ، وتبصير المنتبه ١ / ٤٥٨ (مع الضبط بالشكل).

(٣) الإكمال ٢ / ٥٠٠ ، والإصابة ٢ / ١٨١ (واكتفى بقول ابن يونس : شهد فتح مصر. وأضاف : أنه أدرك الجاهلية ، وسمع عمر ، وكان معه حين خرج إلى الشام) ، وتبصير المنتبه (مثله فيما نقل عن ابن يونس) ١ / ٤٥٨ ، وحسن المحاضرة ١ / ١٩١ (وفيه تحرف اسم راشد إلى رشدان). وترجمة (راشد بن سعد) هذا موجودة فى : الأنساب ٥ / ٣٦٧ ، ومعجم البلدان ٥ / ٢٠٢ ، وتهذيب التهذيب ٣ / ١٩٥ ـ ١٩٦ ، قال عنه ابن حجر : روى عن ثوبان الصحابى ، وسعد بن أبى وقاص ، وعمرو ، وأبى الدرداء. روى عنه معاوية بن صالح ، وعلى بن أبى طلحة ، وغيرهما. (ت ١٨٠ ه‍). ويلاحظ أن ابن ماكولا لقّبه ب (المقرئ) فى (الإكمال) ٦ / ٥٠٠. أما الضبط الوارد فى المتن ، فمأخوذ عن ضبط أورده ابن حجر بالحروف فى (التقريب) ١ / ٢٤٠ ، وياقوت فى (معجم البلدان) ج ٥ / ٢٠٢ ، قال : نسبة إلى (مقرئ) بألف مقصورة ؛ لأنها رابعة ، وهى قرية بالشام من نواحى دمشق. وضبطها السمعانى بضم الميم (المقرائىّ) فى (الأنساب) ٥ / ٣٦٦.

(٤) حرّفت فى (تبصير المنتبه) ج ٣ / ١٠٣١ إلى (خيرة).

(٥) الإكمال ٧ / ٢٤٣ ، وتبصير المنتبه ٣ / ١٠٣١.

(٦) ورد هذا النسب المطوّل فى : الإكمال ٤ / ٤٦ (عن ابن يونس) ، وأسد الغابة ٢ / ٥٥ (مع بعض الاختلاف ، وعدم نسبته إلى ابن يونس). لقّبه ب (الأسلمى) الدبّاغ فى (معالم الإيمان) ١ / ١٢٥ ، وجعله السمعانى ممن ينسبون إلى (أسلم بن أقصى بن حارثة بن عمرو). (الأنساب ١ / ١٥١ ـ ١٥٢).

١٣٧

يكنى أبا صالح(١) . قدم مصر ؛ لغزو إفريقيّة سنة سبع وعشرين ، وتوفى سنة إحدى وستين(٢) . وشهد فتح إفريقية ، وكانت له فيها مقامات محمودة مع عبد الله بن سعد(٣) .

٣٥٥ ـ حمزة بن نصير(٤) بن حمزة بن نصير الأسلمىّ(٥) (مولاهم المصرى العسّال)(٦) : يكنى أبا عبد الله. يروى عن أسد بن موسى ، ويحيى بن حسان ، وابن عفير(٧) . توفى فى شهر ربيع الآخر ـ يوم جمعة ، آخر يوم منه ـ سنة خمس وخمسين ومائتين(٨) .

__________________

(١) الإكمال ٤ / ٤٦. وذكرت ـ بالإضافة إلى كنية أبى صالح ـ كنية أخرى (أبو محمد) فى (الاستيعاب ١ / ٣٧٥ ، ومعالم الإيمان ١ / ١٢٥).

(٢) الإكمال ٤ / ٤٦. وأضاف ابن عبد البر ، وابن الأثير أنه مات عن ٨٠ سنة (الاستيعاب ١ / ٣٧٥ ، وأسد الغابة ٢ / ٥٦) ، بينما روى الدباغ أنه مات عن ٧١ سنة (المعالم ١ / ١٢٧).

(٣) السابق ١ / ١٢٦.

(٤) ضبطت بالحروف فى (الإكمال ١ / ٣٢٢) ، وبالحركات فى (المصدر السابق ١ / ٣٢٥ ، وتهذيب الكمال ٧ / ٣٤٢ ، والتقريب ١ / ٢٠٠).

(٥) ورد هذا النسب فى (الإكمال ١ / ٣٢٥ ، وتهذيب الكمال ٧ / ٣٤٢ ، وتهذيب التهذيب ٣ / ٣١). ويلاحظ عليه ما يلى : أ ـ أن المترجم له هو ابن ابن (حمزة بن نصير مولى أسلم) المكنى بأبى نصير المصرى. وقد روى عن هذا الجدّ زهير بن عباد (الإكمال ١ / ٣٢٥). ب ـ صحة ما ذهب إليه ابن يونس ، وابن حجر من أن والد المترجم له (هو نصير بن حمزة) لا (نصير بن الفرج) ؛ لأن الأول مصرى ، والأخير طرسوسى شامىّ ، وهو من أقران حمزة ، فلا يصح أن يكون أباه (تهذيب التهذيب ٣ / ٣١ ، والتقريب ١ / ٢٠١). ج ـ ينسب المترجم له إلى (أسلم) بضم اللام (الإكمال ١ / ٧٤ ـ ٧٥ ، ولعله ينسب إلى أحد الثلاثة الذين يسمون بهذا ، وهو (أسلم بن الحاف بن قضاعة). وكذا نص على ضم اللام ابن حجر فى (التقريب ١ / ٢٠١) ، وقال : كذا نسبه ، وضبطه ابن يونس (فلعله تيقّن قول مغلطاى ، الذي قرأه بخطه عن ضبط هذا الاسم ، ولعله طالعه فى نسخة أخرى من تاريخ ابن يونس ، بعد أن كان ذكر أنه لم ير هذا الضبط فى تاريخ ابن يونس. (تهذيب التهذيب ٣ / ٣١). ولا يخفى ـ بعد ذلك كله ـ عدم دقة محقق (تهذيب الكمال) ج ٧ / ٣٤٢ ، لمّا ضبط اللام بالفتح.

(٦) وقع خطأ مطبعى فى (التقريب) ١ / ٢٠١ ، إذ ورد بالغين المعجمة (الغسّال) بدل (العين المهملة) خلافا لما عليه فى بقية المصادر.

(٧) الإكمال ١ / ٣٢٥ (لم يذكر ابن عفير فى أساتيذه). وذكر المزى ، وابن حجر بعض تلاميذه ، مثل : أبى داود ، وعلى بن أحمد بن سليمان (علّان). (تهذيب الكمال ٧ / ٣٤٢ ـ ٣٤٣ ، وتهذيب التهذيب ٣ / ٣١).

(٨) تفرد بهذا التفصيل الدقيق المزى فى (تهذيب الكمال) ٧ / ٣٤٣ ، بينما اكتفى ابن ماكولا بذكر الشهر والسنة ، ولم ينسب النص لابن يونس (الإكمال ١ / ٣٢٥). وتحرفت السنة إلى ٢٥٠ ه‍ فى (تهذيب التهذيب) ٣ / ٣١.

١٣٨

* ذكر من اسمه «حميد» :

٣٥٦ ـ حميد بن أبى الجون(١) الإسكندرانىّ : يروى عن ابن وهب ، عن مالك(٢) حديثا منكرا ، لم يتابع عليه(٣) .

٣٥٧ ـ حميد بن زياد الأصبحىّ : مصرى قديم(٤) ، وفد على عمر بن عبد العزيز من لدن «أيوب بن شرحبيل»(٥) فى مصر ببشارة ، فزاده فى عطائه عشرة دنانير. روى عنه ضمام(٦) بن إسماعيل(٧) .

٣٥٨ ـ حميد بن أبى الصّعبة : مصرى ، حدث عنه عبيد الله بن أبى جعفر(٨) .

__________________

(١) كذا ضبطها ابن ماكولا بالحروف فى (الإكمال) ٢٢ / ١٦٢ ـ ١٦٣ ، لكنها ضبطها بالشكل (بضم الجيم) فى (ذيل ميزان الاعتدال) ص ١٤٦.

(٢) حرّف فى (المصدر السابق) ص ١٤٧ إلى : (يروى عن وهب بن مالك) ، وقد صوّبته فى المتن ، ويؤيد صحة ما ذهبت إليه ما ورد فى (المقفى) ، للمقريزى ج ٣ ص ٦٧٣.

(٣) الإكمال ٢ / ١٦٣ (ولم ينسبه إلى ابن يونس صراحة) ، وذيل ميزان الاعتدال ص ١٤٦ ـ ١٤٧ (قال : وذكره ابن يونس فى «تاريخ مصر»).

(٤) مخطوط تاريخ دمشق ٥ / ٣٤٧ (أى : قديم الوفاة).

(٥) ورد النص فى المصدر السابق مضطربا نوعا ما على هذا النحو : «وقد وفد أيوب بن شرحبيل إلى عمر بن عبد العزيز ببشارة ، فزادنى فى عطائى عشرة دنانير» وقد عدّلت العبارة ، وصوّبتها من (المقفى ٣ / ٦٧٦) ؛ لتكون منطقية ، رغم عدم إسناد المقريزى النص إلى ابن يونس ، إلا أنه بأسلوب مؤرخنا ، وبمنهجه أشبه.

(٦) وردت بالميم المشددة فى (المصدر السابق) ، وهو غير صحيح. وأضاف ابن حجر فى (تهذيب التهذيب) ج ٣ / ٣٧ : أنه روى عنه أرطأة بن المنذر ، ومعاوية بن صالح.

(٧) وردت هذه الترجمة ـ مأخوذة عن ابن يونس ـ فى (مخطوط تاريخ دمشق ٥ / ٣٤٧ ، وتهذيب التهذيب ٣ / ٣٧). ثم علّق ابن حجر قائلا : ذكره ابن يونس منفردا عن الذي قبله (أى : جعل له ترجمة منفصلة عن ترجمة آخر ، يشبهه فى الاسم والنسب ، وهو (حميد بن زياد بن أبى المخارق المدنى (أبو صخر الخرّاط). (ترجمته فى تهذيب التهذيب ٣ / ٣٦ ـ ٣٧). هذا ، وقد ساورت ابن حجر الشكوك فى نهاية حديثه عن (حميد بن زياد الأصبحى) ، فقال : «يخيل إلىّ أنه الذي قبله». (السابق ٣ / ٣٧). إلا أنه ـ فيما يبدو ـ عاد عن شكوكه تلك ، عندما فرّق بينهما فى (التقريب) ١ / ٢٠٢ ؛ إذ ترجم لكلّ منهما على حدة ، وذكر أن الأول منهما (ترجمة رقم ٥٩٤) مدنى سكن مصر ، والثانى (الذي ترجم له ابن يونس هنا) ـ رقم ٥٩٥ ـ مصرى مقبول ، هو أقدم موتا من الذي قبله (الذي حدّد وفاته فى سنة ٨٩ ه‍).

(٨) الإكمال ٥ / ١٨٩.

١٣٩

٣٥٩ ـ حميد بن عرابى بن نعيم الحضرمى : أخو معاوية بن عرابى. مصرى له ذكر فى «الأخبار». رأيت شهادته بخطه فى قضية لعبد الله بن لهيعة(١) .

٣٦٠ ـ حميد بن أخى مالك بن الخير الزّبادىّ(٢) : روى عنه بقية بن الوليد(٣) .

٣٦١ ـ حميد بن هانئ الخولانىّ(٤) المصرى : يكنى أبا هانئ. روى عن علىّ بن رباح ، وأبى عبد الرحمن الحبلىّ ، وشفىّ بن ماتع. وروى عنه ابن وهب ، وابن لهيعة ، والليث ، وإسحاق بن الفرات(٥) . توفى سنة اثنتين وأربعين ومائة(٦) .

٣٦٢ ـ حميد بن هشام بن حميد بن خليفة بن زرعة بن قرّة(٧) بن رقىّ بن زيد بن ذى العابل بن رحيب بن ينحض بن تزايد بن العبل بن عمرو بن مالك بن زيد بن رعين الرعينى ، ثم العبلىّ : يكنى أبا خليفة. حدث عن الليث وابن لهيعة. عمّر طويلا ، ومات فى شوال سنة تسع وأربعين ومائة(٨) . وكان مستجاب الدعوة. لقى ـ مرة ـ عبد الله بن عبد الحكم ، وكان على مسائل «عيسى بن المنكدر» القاضى ، فعدّل أقواما ليسوا من أهل

__________________

(١) الإكمال ٦ / ١٩٧. وترجم له صاحب (المقفى) ٣ / ٦٧٨ ، وقال : أحد شهود ابن لهيعة (دون أن ينسب النص إلى ابن يونس).

(٢) نسبة إلى (زباد) ، وهو موضع بالمغرب بإفريقية ، وكذلك هو بطن من ولد كعب بن حجر بن الأسود بن الكلاع. (مشتبه النسبة) ، لعبد الغنى بن سعيد (ط. الهند) ص ٣٥ ، والإكمال ٤ / ٢١٠ ، والأنساب ٣ / ١٢٧).

(٣) الإكمال ٤ / ٢١١.

(٤) من بنى (يعلى بن مالك بن خولان). (تهذيب الكمال ٧ / ٤٠١).

(٥) تاريخ الإسلام ٩ / ١١٨ ، ١٤ / ٥٢ ، والمقفى ٣ / ٦٨٢. واستبعد الذهبى أن يكون (إسحاق بن الفرات) قد سمع من (حميد بن هانئ) وهو ابن سبع سنين (الأول ولد ١٣٥ ه‍ ، والثانى توفى ١٤٢ ه‍).

(٦) تهذيب الكمال ٧ / ٤٠٣ ، وتاريخ الإسلام ٩ / ١١٨ ، وتهذيب التهذيب ٣ / ٤٥.

(٧) فى (المقفى) ٣ / ٦٨٢ : قرة بن الينجر (وأشك فى صحة رسم الكلمة الأخيرة ، فلم أثبتها).

(٨) ورد فى (المقفى) : أنه توفى سنة ٢٤٩ ه‍. ثم قال : وحضر الليث جنازته ، فقال لابنه حميد بن هشام : لا يصلى على أبيك غيرك. والحق أن فى العبارة خطأ واضحا ؛ لأن الليث (ت ١٧٥ ه‍) ، فكيف يحضر جنازة من مات سنة ٢٤٩ ه‍؟! ثم إن ابن المترجم له يسمى خليفة ، فلعل التعبير الصحيح ورد على لسان غير الليث ، وهو : فقال لابن حميد بن هشام (وزيدت الهاء من قبل تحريفا). هذا ، وقد ذكر السمعانى أن للمترجم له ابنا يسمى (محمدا) ، ويكنى أبا قرّة ، وحفيدا هو (قرة بن محمد) ، وابن حفيد (أبا خليفة محمد بن قرة). (الأنساب ٤ / ١٤٥). فليس منهم من يسمى (حميدا).

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

العامّة يجوّز البناء على ما تقدّم مطلقاً(١) .

إذا ثبت هذا ، فالنفساء بحكم الحائض ؛ لأنّ النفاس في الحقيقة حيض ، وأمّا المستحاضة فإنّها بمنزلة الطاهر يجوز لها الاعتكاف مع الأغسال.

قالت عائشة : اعتكفَتْ مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، امرأة من أزواجه مستحاضة ، فكانت ترى الحمرة والصفرة ، وربما وضعنا الطست تحتها وهي تصلّي(٢) .

فإن لم يمكن صيانة المسجد عن التلويث ، خرجت ، لأنّه عذر ، فإن كان الزمان يسيراً جدّاً كقضاء الحاجة ، بَنَتْ على ما فَعَلَتْ وحسبت زمان الخروج من الاعتكاف ، كزمان قضاء الحاجة.

وقال الشافعي : إن كانت المدّة المنذورة طويلةً لا تخلو عن الحيض غالباً ، لم ينقطع التتابع ، بل تبني إذا طهرت ، كما لو حاضت في صوم الشهرين عن الكفّارة.

وإن كانت بحيث تخلو عن الحيض ، فقولان : أحدهما : أنّه لا ينقطع به التتابع ؛ لأنّ جنس الحيض متكرّر بالجبلة ، فلا يؤثّر في التتابع ، كقضاء الحاجة. وأظهرهما : ينقطع ؛ لأنّها بسبيل أن تشرع كما لو طهرت(٣) .

مسألة ٢٢١ : إذا طلّقت المعتكفة رجعيّاً ، خرجت من اعتكافها إلى منزلها‌ عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي وأحمد(٤) - لقوله تعالى :( لا

____________________

(١) المغني ٣ : ١٢٥ و ١٥٣ و ١٥٤ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٥ و ١٤٦.

(٢) صحيح البخاري ٣ : ٦٤ - ٦٥ ، سنن أبي داود ٢ : ٣٣٤ - ٢٤٧٦.

(٣) فتح العزيز ٦ : ٥٣٤ ، المجموع ٦ : ٥١٩.

(٤) فتح العزيز ٦ : ٥٣٨ - ٥٣٩ ، وقالا به في المتوفّى عنها زوجها في المغني ٣ : ١٥١ ، والشرح الكبير ٣ : ١٤٧.

٣٠١

تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ ) (١) .

ولأنّ الاعتداد في بيتها واجب فلزمها الخروج إليه ، كالجمعة في حقّ الرجل.

وقال ربيعة ومالك وابن المنذر : تمضي في اعتكافها حتى تفرغ منه ثم ترجع إلى بيت زوجها فتعتدّ فيه ؛ لأنّ الاعتكاف المنذور واجب ، والاعتداد في بيت الزوج واجب ، وقد تعارضا ، فيقدّم الأسبق(٢) .

وينتقض : بالخروج إلى الجمعة وسائر الواجبات.

أمّا استئناف الاعتكاف فإنّه يصحّ على تقدير أن يكون الاعتكاف واجباً ولم يشترط الرجوع.

مسألة ٢٢٢ : إذا مرض المعتكف مرضاً يخاف منه تلويث المسجد‌ ، كإدرار البول وانطلاق البطن والجرح السائل ، فإنّه يخرج منه إجماعاً صيانةً للمسجد عن النجاسة ، وإذا برئ بنى على اعتكافه ، ولا يبطل ما تقدّم إلّا أن يكون أقلّ من ثلاثة أيام عندنا. وينقطع به التتابع.

والمشهور عند الشافعية أنّه لا ينقطع التتابع ؛ لاضطراره إليه ، كالخروج للحيض(٣) .

وللشافعي قول آخر : إنّه ينقطع(٤) .

فإن كان المرض خفيفاً يمكنه معه المقام في المسجد ، ولا يتضرّر بالصوم ، وجب عليه إكمال اعتكافه الواجب ، ويستحب إتمام المندوب ، فإن خرج فيهما ، بطل اعتكافه ، وذلك كوجع ضرس وصداع يسير وما أشبهه ممّا لا يوجب الإِفطار.

____________________

(١) الطلاق : ١.

(٢) المدونة الكبرى ١ : ٢٣١ ، المغني ٣ : ١٥١ ، الشرح الكبير ٣ : ١٤٧ - ١٤٨ ، وفيهما قالوا به في المتوفّى عنها زوجها.

(٣ و ٤ ) فتح العزيز ٦ : ٥٣٦ ، المجموع ٦ : ٥١٧.

٣٠٢

وإن كان المرض ثقيلاً يفتقر معه إلى الإِفطار ، ويحتاج إلى الفراش والطبيب والمعالجة ، خرج إجماعاً فإذا بري‌ء أتمّ اعتكافه إن كان قد اعتكف أوّلاً ثلاثة أيّام فما زاد ، وإلّا وجب عليه الاستئناف.

وللشافعي قولان : أحدهما : أنّه لا ينقطع به التتابع ؛ لدعاء الحاجة إليه ، فصار كالخروج لقضاء الحاجة.

والثاني : أنّه ينقطع ؛ لأنّ المرض لا يغلب عروضه ، بخلاف قضاء الحاجة والحيض ، فإنّه يتكرّر غالباً ، فيجعل كالمستثنى لفظاً(١) .

إذا عرفت هذا ، فالاعتكاف إن كان مندوباً ، خرج المريض إلى بيته ، ولا يجب قضاؤه ، وإن كان واجباً ، فإن كان ثلاثة لا غير ، استأنف الاعتكاف ، لأنّ ما بقي أقلّ من ثلاثة وكذا ما مضى ، فالماضي لا يجزئه عنه وكذا الباقي.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « إذا مرض المعتكف أو طمثت المرأة المعتكفة ، فإنّه يأتي بيته ثم يعيد إذا بري‌ء ويصوم »(٢) .

وإن كان أكثر من ثلاثة ، فإن كان قد حصل العارض بعد الثلاثة خرج ، فإذا عاد بنى ، فإن كان الباقي ثلاثة أيضاً فما زاد ، أتى به ، وإن كان أقلّ ، ضمّ إليه ما يكمله ثلاثة.

وإن حصل العارض قبل انقضاء الثلاثة ، فالأقرب الاستئناف.

مسألة ٢٢٣ : إذا اعتكف في المسجد الحرام فأحرم بحجّ أو عمرة حالة اعتكافه‌ ، لزمه الإِحرام ، ويقيم في معتكفة إلى أن يتمّ ثم يمضي في إحرامه ؛ لأنّها عبادة تبطل بالخروج لغير ضرورة ولا ضرورة هنا.

ولو خاف فوت الحجّ ، ترك الاعتكاف ، ومضى في الحج ، فإذا فرغ‌

____________________

(١) فتح العزيز ٦ : ٥٣٥ - ٥٣٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ٢٠٠ ، المجموع ٦ : ٥١٧.

(٢) الكافي ٤ : ١٧٩ / ١ ، الفقيه ٢ : ١٢٢ / ٥٣٠ ، التهذيب ٤ : ٢٩٤ / ٨٩٣.

٣٠٣

استأنف واجباً إن كان الاعتكاف واجباً ولم تمض ثلاثة ، وإلّا ندباً ؛ لأنّ الخروج حصل باختياره ؛ لأنّه كان يسعه أن يؤخّر الاعتكاف.

ولو نذر أن يعتكف في المسجد الحرام ، فإن كان فيه ، اعتكف ، وإن كان بعيداً عنه ، دخل إليه ولم يدخله إلّا بنسك إمّا حجّ أو عمرة.

ولو اُغمي على المعتكف أيّاماً ثم أفاق ، قال الشيخ : لم يلزمه قضاؤه ؛ لعدم الدليل عليه(١) .

ولو وقعت فتنة خاف منها على نفسه أو ماله نهباً أو حريقاً إن قعد في المسجد ، فله ترك الاعتكاف ؛ لأنّ الله تعالى أباح ترك الجمعة الواجبة وطهارة الماء بذلك فأولى أن يباح لأجله ترك ما أوجبه على نفسه.

وقد روي عن الصادقعليه‌السلام : « إن واقعة بدر كانت في شهر رمضان ، فلم يعتكف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمـّا أن كان من قابل اعتكف عشرين يوماً ، عشرة لعامه وعشرة قضاءً لما فاته »(٢) وإذا جاز ترك الاعتكاف من أصله فكذا في أثنائه.

مسألة ٢٢٤ : لو خرج المعتكف من المسجد سهواً ، لم يبطل اعتكافه‌ ولا تتابعه - وهو أحد قولي الشافعية(٣) - لقولهعليه‌السلام : ( رُفع عن اُمّتي الخطأ والنسيان )(٤) .

ولأنّه فعل المنهي عنه ناسياً ، فلا يقتضي فساد العبادة كالأكل في الصوم وغيره من المفطرات.

والثاني للشافعية : أنّه يبطل التتابع ؛ لأنّ اللبث مأمور به ، والنسيان‌

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٩٥.

(٢) الكافي ٤ : ١٧٥ / ٢ ، الفقيه ٢ : ١٢٠ / ٥١٨.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ٢٠٠ ، المجموع ٦ : ٥٢١ ، الوجيز ١ : ١٠٨ ، فتح العزيز ٦ : ٥٣٦.

(٤) كنز العمال ٤ : ٢٣٣ / ١٠٣٠٧ نقلاً عن الطبراني في المعجم الكبير.

٣٠٤

ليس بمعذّر في ترك المأمورات(١) .

وهو ممنوع ، وللحنابلة قولان(٢) كهذين.

مسألة ٢٢٥ : لو اُكره على الخروج ، فإن طال زمانه ، بطل اعتكافه‌ ؛ لانتفاء المسمّى ، ولو لم يَطُلْ لم يبطل بل يبني مع العود ؛ لقولهعليه‌السلام : ( رُفع عن اُمّتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه )(٣) .

وللشافعي قولان ، أحدهما : بطلان الاعتكاف وانقطاع التتابع بالإِكراه على الخروج. والثاني : عدم البطلان(٤) .

ولو أخرجه السلطان ، فإن كان ظلماً ، مثل أن يطالبه بما ليس عليه أو بما لَهُ عليه وهو معسر ، لم يبطل اعتكافه إلّا مع طول الزمان ، وإن أخرجه بحقّ ، مثل إقامة حدّ أو استيفاء دَيْن يتمكّن من أدائه ، بطل اعتكافه واستأنف.

وبه قال الشافعي في المال خاصّة دون الحدّ ؛ لأنّ التقصير منه في المال ، وأحوج نفسه إلى الإِخراج مع تمكّنه من تركه ، فكان كمن يخرج مختاراً.

أمّا في الحدّ : فلأنّه مكره على الخروج إن ثبت بالبيّنة ، وإن ثبت بإقراره انقطع تتابعه ، ونصّ في الثابت بالبيّنة أنّه لا ينقطع تتابعه(٥) .

وفرّق بينه وبين إقامة الشهادة : أنّ الشهادة إنّما تتحمّل لتؤدّي ، فاختياره للتحمّل اختيار للأداء ، والجريمة الموجبة للحدّ لا يرتكبها المـُجْرم ليُقام عليه‌

____________________

(١) المجموع ٦ : ٥٢١ ، الوجيز ١ : ١٠٨ ، فتح العزيز ٦ : ٥٣٦.

(٢) المغني ٣ : ١٣٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٣.

(٣) تقدمت الإِشارة إلى مصدره في الصفحة السابقة ، الهامش (٤).

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ٢٠٠ ، المجموع ٦ : ٥٢١ ، الوجيز ١ : ١٠٨ ، فتح العزيز ٦ : ٥٣٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٥.

(٥) المجموع ٦ : ٥٢٢ ، فتح العزيز ٦ : ٥٣٧ و ٥٣٨.

٣٠٥

الحدّ ، فلم تحصل باختياره ولا اعتبار باختيار السبب(١) .

وينتقض : بأداء الشهادة إذا كان مختاراً في تحمّلها ، فإنّه يبطل اعتكافه عنده لو خرج لأدائها مضطرّاً.

ولو حُمل فاُخرج فكالمضطرّ.

وقال الشافعي : لا يبطل ، كما أنّه لو وُجر الصائم الطعام لا يبطل صومه(٢) .

مسألة ٢٢٦ : الأعذار المبيحة للخروج إذا لم تقتض بطلان الاعتكاف لا يجب قضاء أوقاتها‌ على الأقوى ؛ لأنّه كالمستثنى.

وقال الشافعي : يجب قضاؤها إلّا وقت قضاء الحاجة.

وهل يجب تجديد النيّة عند العود؟ أمّا إذا خرج لقضاء الحاجة فلا ، وكذا ما لا بدّ منه ، كالخروج للاغتسال والأذان إذا جوّزنا الخروج إليه.

أمّا ما منه بدّ فوجهان ، أحدهما : أنّه يجب ؛ لأنّه خرج عن العبادة بما عرض. والأظهر : عدم الوجوب ؛ لشمول النيّة جميع المدّة(٣) .

مسألة ٢٢٧ : يستحب للمعتكف أن يشترط على ربّه في الاعتكاف أنّه إن عرض له عارض أن يخرج من الاعتكاف‌ ، بإجماع العلماء - إلّا ما حكي عن مالك أنّه قال : لا يصح الاشتراط(٤) - لأنّه عبادة في إنشائها الخيرة ، فله اشتراط الرجوع مع العارض كالحجّ. ولأنّه عبادة يجب بعقده ، فكان الشرط إليه فيه كالوقف. ولأنّ الاعتكاف لا يختص بقدر ، فإذا شرط الخروج ، فكأنّه نذر القدر الذي أقامه.

____________________

(١) فتح العزيز ٦ : ٥٣٨.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ٢٠٠ ، المجموع ٦ : ٥٢١ ، فتح العزيز ٦ : ٥٣٧.

(٣) المجموع ٦ : ٥٠٢ ، فتح العزيز ٦ : ٥٣٢ و ٥٤١ - ٥٤٢.

(٤) المدونة الكبرى ١ : ٢٢٨ و ٢٢٩ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٨٠ - ٨١ ، تفسير القرطبي ٢ : ٣٣٥ ، المغني ٣ : ١٣٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٤٩ ، فتح العزيز ٦ : ٥٢٠.

٣٠٦

وقد قال الصادقعليه‌السلام : « واشترط على ربك في اعتكافك كما تشترط عند إحرامك ( إنّ ذلك في )(١) اعتكافك عند عارض إن عرض لك من علّة تنزل بك من أمر الله »(٢) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « وينبغي للمعتكف إذا اعتكف أن يشترط كما يشترط الذي يُحْرم »(٣) .

واحتجّ مالك : بأنّه شرط في العبادة ما ينافيها ، فلا يصح ، كما لو شرط الجماع أو الأكل في الصلاة(٤) .

ونمنع شرط المنافي ، بل هو بمنزلة مَنْ شرط الاعتكاف في زمان دون زمان ، وهو صحيح ، بخلاف أصله ، لأنّه شرط أن يأتي بمنهي عنه في العبادة فلم يجز.

مسألة ٢٢٨ : قال الشيخ : إذا اشترط المعتكف على ربّه أنّه إن عرض له عارض رجع فيه‌ ، فله الرجوع أيّ وقت شاء ما لم يمض له يومان ، فإن مضى له يومان ، وجب الثالث ، وإن لم يشترط ، وجب عليه بالدخول فيه تمام ثلاثة أيّام ، لأنّ الاعتكاف لا يكون أقلّ من ثلاثة أيّام(٥) .

وقال في النهاية : متى شرط جاز له الرجوع فيه أيّ وقت شاء ، وإن لم يشترط ، لم يكن له الرجوع فيه إلّا أن يكون أقلّ من يومين ، فإن مضى عليه يومان ، وجب عليه ثلاثة أيّام(٦) ؛ لقول الباقرعليه‌السلام : « إذا اعتكف يوماً

____________________

(١) بدل ما بين القوسين في الاستبصار : « أن يُحلّك من ».

(٢) التهذيب ٤ : ٢٨٩ / ٨٧٨ ، الاستبصار ٢ : ١٢٩ / ٤١٩.

(٣) الكافي ٤ : ١٧٧ / ٢ ، الفقيه ٢ : ١٢١ / ١٠ ، التهذيب ٤ : ٢٨٩ / ٨٧٦ ، الاستبصار ٢ : ١٢٨ - ١٢٩ / ٤١٨.

(٤) اُنظر : المدونة الكبرى ١ : ٢٢٨ ، والمنتقى - للباجي - ٢ : ٨١.

(٥) المبسوط للطوسي ١ : ٢٨٩.

(٦) النهاية : ١٧١.

٣٠٧

ولم يكن اشترط فله أن يخرج ويفسخ اعتكافه ، وإن أقام يومين ولم يكن اشترط ، فليس له أن يخرج ويفسخ اعتكافه حتى تمضي ثلاثة أيام »(١) .

ويجي‌ء على قول الشيخ -رحمه‌الله - تفصيل ، وهو : أنّ الاعتكاف إن كان متبرّعاً به ، جاز له أن يرجع متى شاء ، سواء شرط أو لا ؛ لأنّه عبادة مندوبة لا تجب بالدخول فيها ، وإن كان منذوراً فإمّا أن يعيّنه بزمان أو لا ، وعلى التقديرين فإمّا أن يشترط التتابع أو لا ، وعلى التقادير الأربعة فإمّا أن يشترط على ربّه الرجوع إن عرض له عارض أو لا ، فالأقسام ثمانية :

أ - أن يعيّن زماناً ويشترط التتابع والرجوع مع العارض ، فله الرجوع عند العارض ، ولا يجب عليه إتمامه ؛ عملاً بالشرط ، ولا قضاؤه ؛ لأصالة البراءة السليمة عن المعارض.

ب - عيّن النذر ولم يشترط التتابع ، لكن شرط الرجوع ثم عرض العارض ، فله الخروج ؛ عملاً بالشرط ، ولا يجب عليه الإِتمام ولا القضاء.

ج - عيّن النذر وشرط التتابع ولم يشترط على ربه ، فإنّه يخرج مع العارض ، ويقضي مع الزوال متتابعاً.

د - عيّن النذر ولم يشترط التتابع ولا شرط على ربّه ثم حصل العارض ، فإنّه يخرج ويقضي الفائت.

ه- لم يعيّن زماناً لكن شرط التتابع واشترط على ربّه ، فعند العارض يخرج ثم يأتي بما بقي عليه متتابعاً عند زواله إن كان قد اعتكف ثلاثة ، وإن كان أقلّ استأنف.

و - لم يعيّن واشترط التتابع ولم يشترط على ربّه ، فإنّه يخرج مع العارض ثم يستأنف اعتكافاً متتابعاً ؛ لأنّه وجب عليه متتابعاً ، ولا يتعيّن بفعله إذا لم يعيّنه بنذره ، فيجب عليه الإِتيان به على وصفه الذي شرط في نذره. وفيه‌

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٨٩ - ٢٩٠ / ٨٧٩ ، الاستبصار ٢ : ١٢٩ / ٤٢١.

٣٠٨

إشكال

ز - لم يعيّن واشترط على ربّه ولم يشترط التتابع ، فإنّه يخرج مع العارض ، ثم يستأنف إن كان قد اعتكف أقلّ من ثلاثة ، وإلّا بنى إن كان الواجب أزيد ، وأتى بالباقي إن كان ثلاثةً فما زاد ، وإلّا فثلاثة.

ح - لم يعيّن ولم يشترط التتابع ولا شرط على ربّه ، فإنّه يخرج مع العارض ويستأنف إن لم تحصل ثلاثة ، وإلّا أتمّ.

مسألة ٢٢٩ : الاشتراط إنّما يصح في عقد النذر‌ ، أمّا إذا أطلقه من الاشتراط ، فلا يصح له الاشتراط عند إيقاع الاعتكاف ، فإذا لم يشترط ثم عرض ما يمنع الصوم أو الكون في المسجد ، فإنّه يخرج ويقضي الاعتكاف إن كان واجباً فواجباً ، وإن كان ندباً فندباً.

وإنّما يصح اشتراط الرجوع مع العارض ، فلو شرط الجماع في اعتكافه أو الفرجة والتنزّه أو البيع والشراء للتجارة أو التكسّب بالصناعة في المسجد ، لم يجز ، لأنّه منافٍ للاعتكاف.

مسألة ٢٣٠ : قد بيّنّا أنّه يجوز للمعتكف الخروج لقضاء الحاجة‌ ولنفع المؤمن والصلاة على الجنازة وعيادة المريض وشراء مأكوله ومشروبه.

وأكثر العامّة منع من الخروج إلّا لقضاء الحاجة ولما لا بُدّ له منه ، فإن خرج لما لَهُ منه بُدٌّ ، بطل اعتكافه وإن قلّ ، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد(١) .

وقال أبو يوسف ومحمد : لا يفسد حتى يكون أكثر من نصف يوم ، لأنّ اليسير معفوّ عنه ، كما لو تأنّى في مشيه.

ولأنّ صفيّة أتت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، تزوره في معتكفة ، فلمـّا‌

____________________

(١) المغني ٣ : ١٣٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢١ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١١٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ١١٥.

٣٠٩

قامت لتَنْقَلِبَ خرج معها ليَقْلِبَها(١) (٢) (٣) .

ويحتمل أن لا يكون لهعليه‌السلام منه بُدٌّ ؛ لأنّه كان ليلاً فلم يأمن عليها.

مسألة ٢٣١ : منع العامّة من الخروج لعيادة المريض وشهادة الجنازة إلّا أن يشترط فعل ذلك‌ في اعتكافه ، فيكون له فعله ، سواء كان الاعتكاف واجباً أو ندباً ، وكذا ما كان قربةً ، كزيارة أهله أو رجل صالح أو عالم ، أو كان مباحاً ممّا يحتاج إليه ، كالأكل في منزله والمبيت فيه ، فله فعله(٤) . وفي المبيت إشكال.

وقد أجاز اشتراط الأكل في منزله الحسن والعلاء بن زياد والنخعي وقتادة(٥) .

ومنع منه مالك والأوزاعي(٦) .

قال مالك : لا يكون في الاعتكاف شرط(٧) .

وليس بجيّد ؛ إذ لا يجب بعقده ، فكان الشرط فيه إليه كالوقف. ولأنّ الاعتكاف لا يختص بقدر ، فإذا شرط الخروج ، فكأنّه نذر القدر الذي إقامة. وإن قال : متى مرضت أو عرض لي عارض خَرَجْتُ ، جاز شرطه.

مسألة ٢٣٢ : إذا نذر اعتكافاً بصفة التتابع ، وشرط الخروج منه إن عرض عارض‌ ، صحّ شرطه على ما تقدّم ؛ لأنّ الاعتكاف إنّما يلزم بالتزامه ، فيجب بحسب الالتزام ، وهو أظهر قولي الشافعي(٨) .

____________________

(١) أي : فلمـّا قامت لترجع خرج معها ليصحبها. النهاية - لابن الأثير - ٤ : ٩٦.

(٢) صحيح البخاري ٣ : ٦٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٦٦ / ١٧٧٩ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٢٤.

(٣) المغني ٣ : ١٣٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٣ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١١٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ١١٥ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٢.

(٤) المغني ٣ : ١٣٥ - ١٣٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٤٨ - ١٤٩.

(٥ - ٧ ) المغني ٣ : ١٣٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٤٩.

(٨) فتح العزيز ٦ : ٥٢٠ ، المجموع ٦ : ٥٣٧.

٣١٠

وله قول آخر : إنّه لا يصح - كما هو مذهب مالك - لأنّه شرط المنافي فيلغو ، كما لو شرط أن يخرج للجماع(١) .

والمشهور عند الشافعية : الصحة(٢) ، وبه قال أبو حنيفة(٣) . وبالثاني قال مالك(٤) . وعن أحمد روايتان(٥) .

فعلى القول بالصحة إن عيّن نوعاً ، مثل أن قال : لا أخرج إلّا لعيادة المريض ، أو عيّن ما هو أخصّ ، فقال : لا أخرج إلّا لعيادة زيد ، خرج فيما عيّنه خاصة دون غيره وإن كان أهمّ منه عند الشافعي(٦) . وعندنا يجوز فيما عداه من القُرَب على ما سبق ، إلّا أن يطول الزمان.

وإن أطلق وقال : لا أخرج إلّا لشغل يعتري أو لعارض يعرض ، كان له أن يخرج لكلّ شغل ديني ، كحضور الجمعة وعيادة المرضى ، أو دنيوي ، كلقاء السلطان واقتضاء الغريم ، ولا يبطل التتابع بشي‌ء من ذلك عنده(٧) .

وشرط في الشغل الدنيوي الإباحة.

وللشافعيّة وجه آخر : أنّه لا يشترط(٨) .

ولا عبرة بالنزهة ؛ لأنّه لا يُعدّ من الأشغال ، ولا يعتنى به.

ولو قال : إن عرض لي عارض قَطَعْتُ الاعتكاف ، فالحكم كما لو شرط ، إلّا أنّه في شرط الخروج يلزمه العود عند قضاء الحاجة ، وفيما إذا قصد القطع لا يلزمه ذلك.

وكذا لو قال : عليَّ أن أعتكف رمضان إلّا أن أمرض أو اُسافر ، فإذا مرض أو سافر فلا شي‌ء عليه.

ولو نذر صلاةً وشرط الخروج إن عرض عارض ، أو صوماً وشرط الخروج إن جاع أو اُضيف فيه ، فلهم وجهان :

____________________

(١ - ٥ ) فتح العزيز ٦ : ٥٢٠ ، المجموع ٦ : ٥٣٧.

(٦ - ٨ ) فتح العزيز ٦ : ٥٢٠ - ٥٢١ ، المجموع ٦ : ٥٣٨.

٣١١

أحدهما - وهو قول أكثر الشافعيّة - أنّه يصحّ هذا الشرط ، كما في الاعتكاف.

والثاني : لا يصحّ ولا ينعقد النذر ، بخلاف الاعتكاف ؛ لأنّ ما يتقدّم منه على الخروج عبادة، وبعض الصلاة والصوم ليس بعبادة(١) .

ولو فرض ذلك في الحج ، انعقد النذر عندهم(٢) ، كما ينعقد الإِحرام المشروط ، ولكن في جواز الخروج للشافعي قولان(٣) . والصوم والصلاة أولى لجواز الخروج منهما عند أكثرهم ؛ لأنّهما لا يلزمان بالشروع ، والالتزام مشروط ، فإذا وجد العارض فلا يلزم ، والحج يلزم بالشروع(٤) .

ولو نذر التصدّق بعشرة دراهم أو بهذه الدراهم إلّا أن تعرض حاجة ونحوها ، فلهُمْ وجهان ، والأظهر عندهم : صحة الشرط ، فإذا احتاج فلا شي‌ء عليه(٥) .

ولو قال : في هذه القُرُبات إلّا أن يبدو لي ، فوجهان :

أحدهما : أنّه يصح الشرط ، فلا شي‌ء عليه إذا بدا له ، كشرط سائر العوارض.

وأظهرهما عندهم : البطلان ؛ لأنّه تعليق للأمر بمجرّد الخيرة ، وذلك يناقض صيغة الالتزام(٦) .

ثم هل يبطل النذر من أصله أو يصحّ ويلغو الشرط؟ للشافعيّة قولان(٧) .

وإذا شرط الخروج لغرض وقالوا بصحته ، فخرج لذلك الغرض ، هل يجب تدارك الزمان المصروف إليه؟ يُنظر إن نذر مدّة غير معيّنة ، كشهر مطلق أو عشرة مطلقة ، فيجب التدارك ليُتمّ المدّة المنذورة ، وتكون فائدة الشرط : تنزيل الغرض منزلة قضاء الحاجة في أنّ التتابع لا ينقطع به.

____________________

(١ - ٤ ) فتح العزيز ٦ : ٥٢١ - ٥٢٢ ، المجموع ٦ : ٥٣٨ - ٥٣٩.

(٥ - ٧ ) فتح العزيز ٦ : ٥٢٢ - ٥٢٣ ، المجموع ٦ : ٥٣٩ - ٥٤٠.

٣١٢

وإن عيّن المدّة فنذر اعتكاف هذه العشرة أو شهر رمضان ، لم يجب التدارك ؛ لأنّه لم ينذر إلّا اعتكاف ما عدا ذلك الزمان من العشرة(١) .

مسألة ٢٣٣ : إذا نذر أن يعتكف شهراً بعينه‌ ، دخل المسجد قبل غروب الشمس ، وخرج منه يوم الثلاثين بعد غروب الشمس - وبه قال مالك والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين(٢) - لأنّه نذر الشهر ، وأوّله غروب الشمس ، ولهذا تحلّ الديون المعلّقة به ، ويقع الطلاق والعتاق المعلّقان به ، ووجب أن يدخل قبل الغروب ليستوفي جميع الشهر ، فإنّه لا يمكن إلّا بذلك فيجب ، كما يجب إمساك جزء من الليل مع النهار في الصوم.

وقال أحمد في الرواية الثانية : إنّه يدخل قبل طلوع الفجر - وبه قال الليث وزفر - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان إذا أراد أن يعتكف صلّى الصبح ثم دخل معتكفة(٣) .

ولأنّ الله تعالى قال :( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) (٤) ولا يلزم الصوم إلّا من قبل طلوع الفجر.

ولأنّ الصوم شرط في الاعتكاف فلم يجز ابتداؤه قبل شرطه(٥) .

ولا حجّة في الخبر ؛ لأنّه يدخل في التطوّع متى شاء.

قال ابن عبد البرّ : لا أعلم أنّ أحداً من الفقهاء قال به(٦) .

والصوم محلّه النهار ، فلا يدخل فيه شي‌ء من الليل في أثنائه ولا ابتدائه‌

____________________

(١) فتح العزيز ٦ : ٥٢٤ - ٥٢٥ ، المجموع ٦ : ٥٤٠.

(٢) المغني ٣ : ١٥٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٣٦.

(٣) صحيح مسلم ٢ : ٨٣١ / ١١٧٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٦٣ / ١٧٧١ ، سنن الترمذي ٣ : ١٥٧ / ٧٩١ ، سنن البيهقي ٤ : ٣١٥.

(٤) البقرة : ١٨٥.

(٥) المغني ٣ : ١٥٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٣٦.

(٦) المغني ٣ : ١٥٦ ، الشرح الكبير ٣ : ١٣٧.

٣١٣

إلّا ما حصل ضرورة ، بخلاف الاعتكاف.

ولو أحبّ اعتكاف العشر الأواخر تطوّعاً ، ففيه روايتان عن أحمد :

إحداهما : يدخل فيه قبل غروب الشمس من ليلة إحدى وعشرين ؛ لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يعتكف العشر الأوسط من رمضان حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين ، وهي الليلة التي يخرج في صبيحتها من اعتكافه ، قال : ( من اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر ).

ولأنّ العشر بغير « هاء » عدد الليالي(١) . وهو إحدى الروايتين عن أحمد(٢) .

وفي الثانية : يدخل بعد صلاة الصبح - وبه قال الأوزاعي وإسحاق - لما روت عائشة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان إذا صلّى الصبح دخل معتكفة(٣) .

واستحبّ أحمد لمن اعتكف العشر الأخير من رمضان أن يبيت ليلة العيد في معتكفة(٤) .

ويستحبّ للمرأة إذا أرادت الاعتكاف أن تستتر بشي‌ء ؛ لأنّ أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لمـّا أردن الاعتكاف أمرن بأبنيتهنّ فضُرِبْنَ في المسجد(٥) .

وإذا ضربت بناءً ، جَعَلَتْه في مكان لا يصلّي فيه الرجال ، لئلّا تقطع صفوفَهم وتُضيّق عليهم.

ولا بأس للرجل أن يستتر أيضاً ؛ فإنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أمر‌

____________________

(١) أي : إسقاط « الهاء » في العشر دليل على إرادة الليالي. هامش « ن ».

(٢) قوله : وهو إحدى الروايتين يفيده قوله المتقدّم عليه : ففيه روايتان عن أحمد ، إحداهما.

(٣ و ٤ ) المغني ٣ : ١٥٦ - ١٥٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٣٧.

(٥) سنن أبي داود ٢ : ٣٣١ - ٣٣٢ / ٢٤٦٤.

٣١٤

ببنائه فضُرب(١) . ولأنّه أستر له وأخلى(٢) .

المطلب السادس : في الكفّارة‌

مسألة ٢٣٤ : إذا جامع المعتكف في حال اعتكافه ليلاً أو نهاراً ، وجبت عليه الكفّارة‌ عند علمائنا أجمع - وبه قال الحسن البصري والزهري وبعض الحنابلة وأحمد في إحدى الروايتين(٣) - لأنّه عبادة يفسدها الوطء بعينه ، فوجبت الكفّارة بالوطء فيها ، كالحجّ وصوم رمضان.

ولأنّه زمان تعيّن للصوم ، وتعلّق الإِثم بإفساده ، فوجبت الكفّارة فيه بالجماع كرمضان.

ولأنّ سماعة سأل الصادقعليه‌السلام ، عن معتكف واقع أهله ، فقال : « هو بمنزلة مَنْ أفطر يوماً من شهر رمضان »(٤) .

وسأله أبو ولّاد الحنّاط عن امرأة كان زوجها غائباً فقدم وهي معتكفة بإذن زوجها ، فخرجت - حين بلغها قدومه - من المسجد إلى بيتها وتهيّأت لزوجها حتى واقعها ، فقال : « إن كانت خرجت من المسجد قبل أن تمضي ثلاثة أيام ولم تكن اشترطت في اعتكافها كان عليها ما على المـُظاهر »(٥) .

وقال أحمد في الرواية الاُخرى : لا كفّارة عليه - وهو قول عطاء والنخعي‌

____________________

(١) سنن أبي داود ٢ : ٣٣١ / ٢٤٦٤.

(٢) أخلى : من الخلوة بالنفس عن الناس لأجل الاشتغال بالعبادة ، لأن الاختلاط بهم يضادّ التفرّغ ويلهي عادة.

(٣) المغني ٣ : ١٤٠ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٥ ، المجموع ٦ : ٥٢٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٥.

(٤) الكافي ٤ : ١٧٩ / ٢ ، الفقيه ٢ : ١٢٣ / ٥٣٤ ، التهذيب ٤ : ٢٩١ / ٨٨٦ ، الاستبصار ٢ : ١٣٠ / ٤٢٣.

(٥) الكافي ٤ : ١٧٧ / ١ ، الفقيه ٢ : ١٢١ / ٥٢٤ ، التهذيب ٤ : ٢٨٩ / ٨٧٧ ، الاستبصار ٢ : ١٣٠ / ٤٢٢.

٣١٥

وأهل المدينة ومالك وأهل العراق والثوري وأهل الشام والأوزاعي - لأنّها عبادة لا تجب بأصل الشرع ، فلا تجب بإفسادها كفّارة ، كالنوافل.

ولأنّها عبادة لا يدخل المال في جبرانها ، فلم تجب الكفّارة بإفسادها ، كالصلاة.

ولأنّ الكفّارة إنّما تثبت بالشرع ولم يرد الشرع بإيجابها ، فتبقى على الأصل(١) .

والفرق : أنّ النوافل لا يتعلّق بإفسادها إثم فلا كفّارة ، لأنّ الكفّارة تتبع الإِثم.

والقياس على الصلاة ممنوع ، ومعارض بما قلناه ، وبأنّه في مقابلة النصّ.

وقد بيّنّا ورود الشرع بالوجوب ، وهي الأخبار المرويّة عن أهل البيتعليهم‌السلام ، وهُمْ أعرف بالأحكام من غيرهم ، فإنّ الوحي في بيتهم نزل.

مسألة ٢٣٥ : كفّارة الاعتكاف عند علمائنا هي كفّارة رمضان : عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً - وبه قال الحسن والزهري إلّا أنّهما قالا بالترتيب ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد(٢) - لأنّها كفّارة في صوم واجب ، فكانت مثل كفّارة رمضان.

ولما تقدّم من الروايتين(٣) عن الصادقعليه‌السلام .

ولأنّ سماعة قال : سألت الصادقعليه‌السلام ، عن معتكف واقع أهله ، قال : « عليه ما على الذي أفطر يوماً من شهر رمضان متعمّداً : عتق رقبة‌

____________________

(١) المغني ٣ : ١٣٩ - ١٤٠ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٥ - ١٥٦ ، بداية المجتهد ١ : ٣١٦ - ٣١٧.

(٢) المغني ٣ : ١٤١ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٦.

(٣) تقدّمتا في المسألة السابقة (٢٣٤).

٣١٦

أو صوم شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً »(١) .

وقال بعض الحنابلة : تجب كفّارة يمين(٢) .

والمشهور عن أحمد أنّه قال : مَنْ أصاب في اعتكافه فهو كهيئة المظاهر ، نقله عن الزهري. ثم قال : إذا كان نهاراً ، وجبت عليه الكفّارة(٣) .

مسألة ٢٣٦ : الذي عليه فتوى علمائنا أنّها كفّارة مخيّرة مثل كفّارة رمضان‌ ؛ لما تقدّم من الروايات(٤) . وللأصل.

وفي رواية عن الباقرعليه‌السلام ، واُخرى عن الصادقعليه‌السلام أنّ « عليه ما على المـُظاهر »(٥) .

وهي محمولة على المساواة في المقدار دون الترتيب ؛ جمعاً بين الروايات.

مسألة ٢٣٧ : الجماع إن وقع في نهار رمضان ، وجب عليه كفّارتان : إحداهما عن الاعتكاف ، والاُخرى عن رمضان ، وإن وقع ليلاً ، وجبت كفّارة واحدة وإن كان في غير رمضان ، وكذا إن وقع في نهار غير رمضان ، لأنّ كلّ واحد من عبادتي الاعتكاف ورمضان يوجب الكفّارة، والأصل عدم التداخل عند تغاير السبب.

وقد سأل عبد الأعلى بن أعين ، الصادقعليه‌السلام ، عن رجل وطأ امرأته وهو معتكف ليلاً في شهر رمضان ، قال : « عليه الكفّارة » قال : قتلت : فإن وطأها نهاراً؟ قال : « عليه كفّارتان»(٦) .

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٩٢ / ٨٨٨ ، الاستبصار ٢ : ١٣٠ / ٤٢٥.

(٢) المغني ٣ : ١٤١ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٧.

(٣) المغني ٣ : ١٤١ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٦.

(٤) منها : رواية سماعة ، وقد تقدّمت في المسألة ٢٣٥.

(٥) الكافي ٤ : ١٧٩ / ١ ، الفقيه ٢ : ١٢٢ / ٥٣٢ ، التهذيب ٤ : ٢٩١ / ٨٨٧ ، الاستبصار ٢ : ١٣٠ / ٤٢٤ ، الجعفريات : ٥٩.

(٦) الفقيه ٢ : ١٢٢ - ١٢٣ / ٥٣٣ ، التهذيب ٤ : ٢٩٢ / ٨٨٩.

٣١٧

والسيد المرتضى -رحمه‌الله - أطلق ، فقال : المعتكف إذا جامع نهاراً ، كان عليه كفّارتان ، وإن جامع ليلاً ، كان عليه كفّارة واحدة(١) . والظاهر أنّ مراده رمضان.

مسألة ٢٣٨ : لو كانت المرأة معتكفةً ووطأها مختارة‌ ، وجب عليها مثل ما يجب على الرجل ، فإن أكرهها ، تضاعفت الكفّارة عليه ، فإن كان الإِكراه في نهار رمضان ، وجب عليه أربع كفّارات ، ولا يبطل اعتكافها ولا صومها للإِكراه ، وإن كان في ليل غير رمضان ، كان عليه كفّارتان لا غير ، ولا يفسد اعتكافها أيضاً ، ومع المطاوعة يفسد اعتكافها كالرجل.

وقال بعض(٢) علمائنا : لا يجب تضاعف الكفّارة بالإِكراه ؛ لأنّ الكفّارة تتبع إفساد الاعتكاف وهو غير متحقّق في طرف المرأة ؛ لأنّ اعتكافها صحيح.

ولا بأس به ، مع أنّ رواية التضعيف(٣) ضعيفة ؛ لأنّ في طريقها المفضّل ابن عمر ، وفيه قول.

مسألة ٢٣٩ : المباشرة دون الفرج إن كانت بغير شهوة ، فلا بأس بها‌ ، مثل أن تغسل رأسه أو تفليه(٤) أو تناوله شيئاً ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يُدني رأسه إلى عائشة وهو معتكف فترجّله(٥) .

وإن كانت عن شهوة ، فهي محرّمة ؛ لقوله تعالى( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ ) (٦) .

ولأنّه لا يأمن من إفضائها إلى إفساد الاعتكاف ، وما أفضى إلى الحرام‌

____________________

(١) الانتصار : ٧٣.

(٢) هو المحقّق في المعتبر : ٣٢٦.

(٣) الكافي ٤ : ١٠٣ - ١٠٤ / ٩ ، الفقيه ٢ : ٧٣ / ٣١٣ ، التهذيب ٤ : ٢١٥ / ٦٢٥.

(٤) فلا رأسه ، يفلوه ويفليه : بحثه عن القمل. لسان العرب ١٥ : ١٦٢.

(٥) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في المسألة ٢٠٨.

(٦) البقرة : ١٨٧.

٣١٨

يكون حراماً.

فإن فعل ما ينزل ، فسد اعتكافه ، وإن لم ينزل ، لم يفسد - وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه(١) - لأنّها مباشرة لا تُفسد صوماً ولا حجّاً فلم تُفسد الاعتكاف ، كالمباشرة بغير شهوة.

والقول الثاني للشافعي : إنّها تُفسد في الحالين - وبه قال مالك - لأنّها مباشرة محرّمة ، فأفسدت الاعتكاف ، كما لو أنزل(٢) .

والفرق : أنّها مع الإِنزال تُفسد الصوم.

قال الشيخ : ويجب القضاء والكفّارة بالجماع ، وكذا كلّ مباشرة تؤدّي إلى إنزال الماء عمداً(٣) .

مسألة ٢٤٠ : إعلم أنّ الكفّارة تجب بإفساد الاعتكاف الواجب بالجماع‌ إجماعاً ، وكذا بالإِنزال بالمباشرة وشبهها عند علمائنا وأكثر العامّة(٤) .

وهل تجب بالأكل والشرب؟ خلاف عند علمائنا ، المشهور : أنّها تجب.

وقال بعض علمائنا : لا تجب(٥) ؛ للأصل ، والنصّ إنّما ورد في الجماع ، ولا يجب سوى القضاء إن كان الصوم واجباً أو كان في ثالث‌

____________________

(١) المبسوط للسرخسي ٣ : ١٢٣ ، بدائع الصنائع ٢ : ١١٦ ، المغني ٣ : ١٤١ - ١٤٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ٢٠١ ، المجموع ٦ : ٥٢٥ و ٥٢٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٦.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ٢٠١ ، المجموع ٦ : ٥٢٦ - ٥٢٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٨٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٦ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٨٥ ، مقدّمات ابن رشد ١ : ١٩١ ، المغني ٣ : ١٤٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥٧.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ٢٩٤.

(٤) اُنظر : المغني ٣ : ١٣٩ والشرح الكبير ٣ : ١٥٥ ، والمجموع ٦ : ٥٢٧ ، وبداية المجتهد ١ : ٣١٦.

(٥) هو المحقق في المعتبر : ٣٢٦ ، وراجع : شرائع الإِسلام ١ : ٢٢٠.

٣١٩

المندوب ، وإلّا لم يجب القضاء أيضاً.

قال المفيدرحمه‌الله ، والسيد المرتضى رضي الله عنه : تجب الكفّارة بكلّ مُفطرٍ في شهر رمضان(١) .

وقال بعض(٢) علمائنا : إن كان الاعتكاف في نهار شهر رمضان ، وجبت الكفّارة بكلّ مفطر ، وكذا إن كان منذوراً معيّناً ؛ لأنّه بحكم رمضان ، ولو كان الاعتكاف مندوباً أو واجباً غير معيّن بزمان ، لم تجب الكفّارة إلّا بالجماع خاصة.

مسألة ٢٤١ : لو مات المعتكف قبل انقضاء مدّة اعتكافه‌ ، قال الشيخرحمه‌الله : في أصحابنا مَنْ قال : يقضي عنه وليّه أو يخرج من ماله مَنْ ينوب عنه ؛ لعموم ما روي أنّ مَنْ مات وعليه صوم واجب وجب على وليّه القضاء عنه أو الصدقة(٣) .

والأقرب أن يقال : إن كان واجباً فكذلك على إشكال ، وإن كان ندباً فلا.

قال الشيخرحمه‌الله : قضاء الاعتكاف الفائت ينبغي أن يكون على الفور(٤) .

فإن قصد الوجوب فهو ممنوع ؛ لأصالة البراءة ، وإن أراد الاستحباب فهو جيّد ؛ لما فيه من المسارعة إلى فعل الطاعة وإخلاء الذمّة عن الواجب.

ثم قالرحمه‌الله : إذا اُغمي على المعتكف أيّاماً ثم أفاق ، لم يلزمه‌

____________________

(١) حكاه عنهما ، المحقّق في المعتبر : ٣٢٥ ، وراجع : المقنعة : ٥٨ ، وجُمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٦١.

(٢) هو المحقق في المعتبر : ٣٢٦.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ٢٩٣ - ٢٩٤.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٩٤.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730