سيرة الصحابة في موازین القرآن و السنة

سيرة الصحابة في موازین القرآن و السنة5%

سيرة الصحابة في موازین القرآن و السنة مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 375

سيرة الصحابة في موازین القرآن و السنة
  • البداية
  • السابق
  • 375 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 4205 / تحميل: 423
الحجم الحجم الحجم
سيرة الصحابة في موازین القرآن و السنة

سيرة الصحابة في موازین القرآن و السنة

مؤلف:
العربية

سيرة الصحابة

في

موازین القرآن و السنة

الدكتور

محمدتقي مشكور

رتبه و علق عليه

الاستاذ عبدالسلام العذاري

١

٢

المقدِّمة

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الرسل والأنبياء محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه المنتجبين، وبعد:

هنالك امور عقائدية وأحداث تاريخية وممارسات سياسية حفل بها تاريخ الاسلام لازالت لها آثارسلبية على المجتمع الاسلامي وعلى سمعة الاسلام بين الأمم ؛ومع كل ذلك وحينما نريد تبيان الحقيقة يعترض بعض المسلمين على ذلك تحت ذريعة ((تلك أمة قد خلت))وانه لايصح نبش الماضي؛لأنّ فيه مساسا لشخصيات مرموقة ومقدّسة في تاريخ الاسلام والمسلمين،ولم يلتفت هؤلاءالى انه لا يزال الاختلاف بين المسلمين قائماً في كثير من المسائل العقائدية والأحكام الشرعية التفصيلية او الجزئية،ولازال الاختلاف قائما في تفاصيل الاحداث التاريخية وفي تقييم الاشخاص والخلفاء وتقييم الصحابة ؛ على الرغم من اتفاقهم في أساسيات وأولويات المنهج الإسلامي، ولم تعالج مسائل الخلاف بجديّة وموضوعية إلى يومنا هذا؛ ليتفق المسلمون على نقاط مشتركة مخالفة للمألوف وللمرتكزات الذهنية المسبقة؛ لأنّ أغلب الباحثين والمحققين استمروا على تقليد من سبقهم من علماء وباحثين ومؤرخين، فكانوا ينظرون إلى الآراء والمواقف ويحكمون عليها بالايجاب والسلب ؛ استناداً إلى مرتكزاتهم الذهنية والتصورية والعقائدية المسبقة، وإنّ من المسائل التي لا زالت تثيرنقاشا وحوارا و جدلاً واسعاً في أوساط الباحثين والمحققين والعلماء على اختلاف مذاهبهم هي مسألة عدالة الصحابة، وقد بقي البحث فيها موزعاً على آراء مطابقة للآراء المتقدمة على مرِّ التاريخ، فذهب البعض إلى عدالة جميع الصحابة فردا فردا، وذهب آخرون إلى عدالة الصحابة كمجموع وليس الصحابة كأفراد فردا فردا ،أي عدالة بعض الصحابة دون بعض.

إنَّ المنهج العلمي المنسجم مع العقل التحليلي ومع ثوابت القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة يستدعي النظر إلى الآراء والأفكار بموضوعية بحثاً عن الحقيقةلذاتها،وبعيداًعن تحكيم المرتكزات الذهنية والعقائدية المسبقة في البحث والتحقيق، لتكون النتيجة تابعة للدليل والبرهان بما هو دليل وبرهان وإن اصطدمت بالمألوف والمتعارف من الآراء والأفكار والأحكام

وفي بحثنا هذا نتطرق الى مسألةمهمة جدا ولها دور كبير في تمزق المسلمين في العصور الماضية ولازال التمزق قائما الى عصرنا الراهن لتتبعهم سيرة السابقين المتناقضة وهي مسألة عدالة الصحابة.

٣

ونتابع العدالة باستنطاق القرآن الكريم والسُنّةالمطهرة المعلومة الصدور ونتابع أحداث التاريخ بحيادية وموضوعية للوصول إلى الرأي النهائي، تبعاً للدليل والبرهان والقرائن دون التأثر بالمرتكزات الذهنية والأحكام المسبقة، مواكبين موارد ذكر الصحابة في القرآن الكريم، والآيات النازلة فيهم مدحاً وذماً ، وما ورد عن رسول الله صلى الله عليه واله في الصحابة من روايات المدح والثناء ام الذم والتقريع ، ونواصل البحث من خلال تتبع سيرالصحابة الذاتية وخصوصا من كانوا في موقع الاختلاف في التقييم وانشغل الباحثون بتقييمهم كل حسب نظرته او مرتكزاته الذهنية ضمن تتبعه لمراحل الأمة الإسلامية ومراحل حركة الصحابة ، منذ انضمامهم للإسلام في بداية البعثة، وفي اوساطها وبعد الهجرة وبعد فتح مكة واستسلام القبائل عن قناعة بالامر الواقع او طمعا او خوفا او تحينا للفرص ، ونتطرق لهم من خلال الصالحة او الطالحة تبعاً للقرآن والسُنّة والتاريخ، فإنّ من الخير أن تبقى الموازين والمقاييس الإسلامية ثابتة لا تتغير بتغير مواقف الأفراد والشخصيات ؛ لأنّ تاريخ الإسلام ليس كل موقف صنعه المسلمون، بل هو الموقف المنسجم مع روح الاسلام وثوابته التي لاتقبل التغير تبعا للاهواء والامزجة ، وإنّ المسلمين وإن كانوا من كبار الصحابة فإنّهم كبشر غير معصومين يقتربون ويبتعدون عن هذه الثوابت، فإنّ من الخير للإسلام وللمسلمين أن نصف المخطئين بكل ما يستحقونه دون تبرير أو تأويل، فإنّ التبرير والتأويل يكون أشد خطراً على الإسلام وهوالمنهج الالهي الثابت وغيره متغير.

ونود الإشارة إلى أنّ مثل هذه البحوث لا تساهم في إيقاد الفتنة الطائفية مادامت بحوثا علمية وتاريخية وتقييمية بل هي مقدّمة موصلة لمعرفة الفكر الأصوب والرأي الأصوب دون تعصّب او جمود ذهني، وهي مقدّمة لتجلية حقيقة التصور في الحكم على الأشخاص والوجودات والكيانات ومدى قربها وبعدها عن المنهج الاسلامي الثابت في مفاهيمه وقيمه، وبالرأي الأصوب نصل إلى الحقيقة لانّ التعصب في الانتماء والولاء كان أحد أهم الأسباب في تمزيق المسلمين على طول التاريخ.

والبحوث العلمية التي تتبع الدليل والبرهان من شأنها تطويق أحكام التكفير وتحجيم تأثيرها في الواقع العملي، والحيلولة دون استشراء الفتنة الطائفية في الواقع، فبتقييم الصحابة نصل إلى معرفة الموقف الأصوب في الواقع المعاصر، والتخلّي عن اتّباع المخالفين للمنهج الاسلامي وإن كانوا يتمتعون بالقداسة، لأنّ القداسة تتحقق بدرجة القرب من المنهج الإلهي وتجسيده في الواقع السلوكي والممارسات العملية، فقد كان تقديس الأشخاص عاملاً من عوامل الفتنة، فقد خرج البعض على أئمة زمانهم لأنهم كانوا مندفعين عاطفياً

٤

نحو بعض الشخصيات التي ترتدي ثوب القداسة، فاختلطت على أذهانهم المفاهيم والتصورات، فانساقوا وراء توجيهاتهم وأوامرهم دون الرجوع إلى الموازين الثابتة، وبرّروا لهم مواقفهم وممارساتهم وإن كانت مخالفة لثوابت المنهج الإلهي.

وبعد هذه المقدّمة نودّ الإشارة إلى أنّ واقعنا المعاصر بحاجة إلى مثل هذه البحوث المقارنة، فهي عامل تقريب وليس عامل تفريق ما دامت تعتمد على الأدلة والبراهين، وباحترام الرأي والرأي الآخر تبقى الخلافات في حدودها النظرية وفي حدودها الجزئية التي لا تمنع من اللقاء والالتقاء في الأفق الأرحب، أفق العقيدة والمصلحة الواحدة والمصير الواحد.

ووحدةالمسلمين لاتعني وحدة الراي والتقييم اووحدة الولاء لشخص واحد ولاتعني انصهار المذاهب في مذهب واحد؛لأن ذلك لايتحقق في الواقع ،وانما تعني تمسك كل مذهب بمعتقداته وارائه وتصوراته وتقييماته مع الاتفاق على موقف واحد تجاه التحديات التي تواجه المسلمين،ووحدة الموقف من العدو المشترك الذي يخطط للقضاء على الاسلام والوجود الاسلامي.

والله ولي التوفيق

٥

عنى اللغوي للصحبة

قبل التطرّق الى المعنى الاصطلاحي للصحبة المختلف فيه من قبل الباحثين والاصوليين من حيث مفهوم الصحابي توسعة او تضييقا دون ميزان اوضابطة ؛نتطرق الى المعنى اللغوي للصحبة:

ورد عن الراغب الأصفهاني:((الصاحب: الملازم... ولا فرق بين أن تكون مصاحبته بالبدن وهو الأصل والأكثر، أو بالعناية والهمة

ويقال لمالك الشيء: هو صاحبه ، وكذلك لمن يملك التصرّف فيه

والمصاحبة والاصطحاب أبلغ من الاجتماع، لأجل أنّ المصاحبة تقتضي طول لبثة ، فكل اصطحاب اجتماع ، وليس كل اجتماع اصطحاباً))( ١ ) .

وقال الخليل الفراهيدي:((كلّ شيء لاءَم شيئاً فقد استصحبه، والصحابة: مصدر صاحَبَكَ، الصاحب يكون في حال نعتاً ولكنّه عمّ في الكلام فجرى مجرى الاسم))( ٢ ) .

فالصاحب هو الملائم وهذا هو المعنى نفسه عندالجوهري كما جاء في قوله:((كلّ شيء لاءَم شيئاً فقد استصحبه. اصطحب القوم: صَحِبَ بعضهم بعضاً. أصحب: إذا انقاد بعد صعوبة( ٣ ) .

وفي كتاب المنجد ورد:((صاحب مصاحبة؛لازمه ورافقه وعاشره،أصحب الرجل:صارذاصاحب،انقاد بعد صعوبة وامتناع.

يقال:أصحبه فهومصحب اي فعلت ماجعله صاحبا لي غير نافر مني

والصاحب :الملازم المعاشر

________________

) [١] ) مفردات ألفاظ القرآن: ٢٧٥.

٢) ) ترتيب كتاب العين.

٣) ) الصحاح١ : ١٦٢

٦

والصحابة :أصحاب نبي المسلمين الذين رأوه وطالت صحبتهم معه))( ١ ) .

ومن خلال ماتقدم يكون معنى الصاحب هو: الملائم والمعاشر والملازم والمتابع، ولا يتم ذلك إلاّ باللقاء والاجتماع.

الصحبة في القرآن الكريم

المعنى اللغوي للصحبة كما تقدم ورد في القرآن الكريم في ألفاظ متعددة تشترك في معنى واحد أو متقارب، وهو المعاشرة والملازمة المتحققة بالاجتماع واللقاء واللبث، دون النظر إلى وحدة الاعتقاد أو وحدة السلوك، فقد أطلق ها القرآن الكريم في خصوص المعاشرة بين مؤمن ومؤمن، أوبين مؤمن وكافر، أوبين كافر وكافر،ونتطرق الى معان ثلاث للصحبة ، وهذه المعاني تدل على ان الصحبة بنفسها ليست تكريما ولاتشريفا للصاحب غير المؤمن أو غير العادل

أولاً : الصحبة بين مؤمن ومؤمن

قال الله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام في حديثه مع العبد الصالح: (قالَ إن سألتُكَ عن شيء بعدَها فلا تُصاحِبني )( ٢ ) .

فقد أطلق القرآن الصحبة على المتابعة والملازمة المؤقتة بين موسى عليه السلام والعبد الصالح أوالخضر عليه السلام والتي انتهت بالفراق او الانفصال ، كما ورد في التفسير ((و العالم الذي لقيه موسى و وصفه الله وصفا جميلا بقوله: "عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا و علمناه من لدنا علما" و لم يسمه ورد في الروايات أن اسمه الخضر و كان نبيا من الأنبياء معاصر لموسى عليه السلام))( ٣ ) .

فهنا اطلق الصحبة على العلاقة المؤقتة بين مؤمن ومؤمن لفترة قصيرة لم تدم طويلا وانتهت بالفراق

ثانياً : الصحبة بين مؤمن وكافر

٧

قال تعالى : ((...فقالَ لصاحبهِ وهوَ يُحاوِرُهُ أنا أكثرُ مِنكَ مالاً وأعزُّ نفراً ...))( ١ )

وقال تعالى: ((قال له صاحبه وهويحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا ))( ٢ ) .

هنا الصحبة بين مؤمن وكافر وهذا ماورد في التفسير((والايتان رد من المؤمن لصاحبه الكافر من جهة مااستعلى عليه بانه اكثر مالا واعز نفرا))( ٣ ) .

وهناك راي يرى ان الاخر ليس كافرا بالمعنى الحقيقي للكفر ((قوله تعالى: "قال له صاحبه و هو يحاوره أ كفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا" الآية و ما بعدها إلى تمام أربع آيات رد من صاحب الرجل يرد به قوله: "أنا أكثر منك مالا و أعز نفرا" ثم قوله إذ دخل جنته "ما أظن أن تبيد هذه أبدا" و قد حلل الكلام من حيث غرض المتكلم إلى جهتين: إحداهما استعلاؤه على الله سبحانه بدعوى استقلاله في نفسه و فيما يملكه من مال و نفر و استثناؤه بما عنده من القدرة و القوة و الثانية استعلاؤه على صاحبه و استهانته به بالقلة و الذلة ثم رد كلا من الدعويين بما يحسم مادتها و يقطعها من أصلها ...فقوله: "قال له صاحبه و هو يحاوره" في إعادة جملة "و هو يحاوره" إشارة إلى أنه لم ينقلب عما كان عليه من سكينة الإيمان و وقاره باستماع ما استمعه من الرجل بل جرى على محاورته حافظا آدابه و من أدبه إرفاقه به في الكلام و عدم خشونته بذكر ما يعد دعاء عليه يسوؤه عادة فلم يذكر ولده بسوء كما ذكر جنته بل اكتفى فيه بما يرمز إليه ما ذكره في جنته من إمكان صيرورتها صعيدا زلقا و غور مائها.

و قوله: "أ كفرت بالذي خلقك" إلخ الاستفهام للإنكار ينكر عليه ما اشتمل عليه كلامه من الشرك بالله سبحانه بدعوى الاستقلال لنفسه و للأسباب و المسببات كما تقدمت الإشارة إليه و من فروع شركه استبعاده قيام الساعة وتردده فيه.

و أما ما ذكره في الكشاف، أنه جعله كافرا بالله جاحدا لأنعمه لشكه في البعث كما يكون المكذب بالرسول كافرا فغير سديد كيف؟ و هو يذكر في استدراكه نفي الشرك عن نفسه، و لو كان كما قال لذكر فيه الإيمان بالمعاد.

________________

(١) سورة الكهف : ٣٤.

(٢) سورة الكهف :٣٧.

(٣) الميزان في تفسير القران ١٣ :٢١٦.

٨

فإن قلت: الآيات صريحة في شرك الرجل، و المشركون ينكرون المعاد.

قلت لم يكن الرجل من المشركين بمعنى عبدة الأصنام و قد اعترف في خلال كلامه بما لا تجيزه أصول الوثنية فقد عبر عنه سبحانه بقوله: "ربي" و لا يراه الوثنيون ربا للإنسان و لا إلها معبودا و إنما هو عندهم رب الأرباب و إله الآلهة، و لم ينف المعاد من أصله كما تقدمت الإشارة إليه بل تردد فيه و استبعده بالإعراض عن التفكر فيه و لو نفاه لقال: و لو رددت و لم يقل: و لئن رددت إلى ربي.

فما يذكر لأمره من الأثر السيىء في الآية إنما هو لشركه بمعنى نسيانه ربه و دعواه الاستقلال لنفسه و للأسباب الظاهرية ففيه عزله تعالى عن الربوبية و إلقاء زمام الملك و التدبير إلى غيره فهذا هو أصل الفساد الذي عليه ينشأ كل فرع فاسد سواء اعترف معه بلسانه بالتوحيد أو أنكره و أثبت الآلهة، قال الزمخشري في قوله تعالى: "قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا" و نعم ما قال: و ترى أكثر الأغنياء من المسلمين و إن لم يطلقوا بنحو هذا ألسنتهم فإن ألسنة أحوالهم ناطقة به منادية عليه))( ١ ) .

وعلى تقدير التفسيرين يطلق الصاحب على الصحبة بين مؤمن وكافر او مؤمن ومشرك او مؤمن وفاسق

ثالثا:الصحبة بين النبي صلى الله عليه واله وقومه الكافرين

قال تعالى:((ما ضَلَّ صاحِبُكُم وما غَوى ))(٢)

وفي التفسير ورد ((الضلال الخروج والانحراف عن الصراط المستقيم، والغي خلاف الرشد الذي هو إصابة الواقع، قال: الراغب: الغي جهل من اعتقاد فاسد، وذلك أن الجهل قد يكون من كون الانسان غير معتقد اعتقادا لا صالحا ولا فاسدا، وقد يكون من اعتقاد شئ فاسد، وهذا النحو الثاني يقال: له غي، قال: تعالى: " ما ضل صاحبكم وما غوى ". انتهى. والمراد بالصاحب هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

________________

(١) الميزان في تفسير القران ١٣ : ٢٤٢

(٢) سورة النجم ٥٣ : ٢

٩

والمعنى: ما خرج صاحبكم عن الطريق الموصل إلى الغاية المطلوبة ولا أخطأ في اعتقاده ورأيه فيها))( ١ ) .

وقال تعالى: (أولَمْ يَتَفَكَّرُوا مابصاحِبِهِم مِن جِنَّة إن هوَ إلاّ نذيرٌ مُبينٌ )(٢) .

اطلقت الاية الكريمة الصحبة بين النبي صلى الله عليه واله وبين مشركي قريش رغم الاختلاف العقائدي بينهم.

ورد في التفسير((في تركيب الكلام اختلاف شديد بينهم، والذي يستبق إلى الذهن من السياق أن يكون قوله: " أ ولم يتفكروا " كلاما تاما سيق للانكار و التوبيخ ثم قوله: " ما بصاحبهم من جنة " الآية كلاما آخر سيق لبيان صدق النبي صلى الله عليه وآله وسلم في دعواه النبوة، وهو يشير إلى ما يتفكرون فيه كأنه قيل: أ ولم يتفكروا في أنه ما بصاحبهم من جنة الآية حتى يتبين لهم ذلك؟ نعم، ما به من جنة إن هو إلا نذير مبين.

والتعبير عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بصاحبهم للإشارة إلى مادة الاستدلال الفكري فإنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يصحبهم ويصحبونه طول حياته بينهم فلو كان به شئ من جنة لبان لهم))(٣) .

رابعا: الصحبة بين ولد ووالدين مختلفين بالاعتقاد

قال تعالى : (وإن جاهَدَاكَ على أن تُشرِكَ بي ما ليسَ لَكَ بهِ عِلمٌ فلا تُطعهما وصاحِبهُما في الَّدُنيا معرُوفاً )(٤)

الصحبة هنا بين ولد مؤمن ووالدين كافرين ،وقد ورد في التفسير((و صاحبهما في الدنيا معروفا و اتبع سبيل من أناب إلي، الجملتان كالتلخيص و التوضيح لما تقدم في الآيتين من الوصية بهما و النهي عن إطاعتهما إن جاهدا على الشرك بالله.

يقول سبحانه: يجب على الإنسان أن يصاحبهما في الأمور الدنيوية غير الدين الذي هو سبيل الله صحابا معروفا و معاشرة متعارفة غير منكرة من رعاية حالهما بالرفق و اللين من غير جفاء و خشونة و تحمل المشاق التي تلحقه من جهتهما فليست الدنيا إلا أياما معدودة متصرمة، و أما الوالدين فإن كانا ممن أناب إلى الله فلتتبع سبيلهما و إلا فسبيل غيرهما ممن أناب إلى الله....

________________

(١) الميزان في تفسير القران ١٩:٢١

(٢) سورة الأعراف ٧ : ١٨٤

(٣) الميزان ٨: ٥٣٣

(٤) سورة لقمان ٣١ : ١٥

١٠

و بما مر يظهر أن قوله في الدنيا يفيد أولا قصر المصاحبة بالمعروف في الأمور الدنيوية دون الدينية، و ثانيا: تهوين أمر الصحبة و أنها ليست إلا في أيام قلائل فلا كثير ضير في تحمل مشاق خدمتهما))( ١ ) .

خامسا: الصحبة بين كافر وكافرين

قال تعالى : (فنادَوا صاحِبَهُم فَتَعاطى فَعَقَر )(٢)

أطلقت الاية الكريمة الصحبة على العلاقة بين قوم ثمود وعاقر الناقة وهي صحبة بين كافر وكافرين وجاء في التفسير((المراد بصاحبهم عاقر الناقة))(٣) .

وفي تفسير اخر ورد :((أنّ قوم ثمود المتمردّين عقدوا العزم على قتل الناقة، في الوقت الذي حذّرهم نبيّهم صالح عليه السلام من مسّها بسوء، وأخبرهم بأنّ العذاب الإلهي سيقع عليهم بعد فترة وجيزة إن فعلوا ذلك.

ونظراً لإستخفافهم بهذا التحذير فقد نادوا أحد أصحابهم حيث تصدّى للناقة وقتلها ،ويمكن أن يكون المراد ب (صاحب) أحد رؤساء ثمود، وكان أحد أشرارهم المعروفين ))(٤) .

سادسا: الصحبة الاضطرارية

اطلقت الصحبة على العلاقة الاضطرارية الوقتية كما في خطاب يوسف عليه السلام لصاحبيه في السجن:((يا صاحِبَي السِجنِ ))(٥)

________________

(١) الميزان١٦ : ٤٣٧

(٢) سورة القمر ٥٤ : ٢٩

(٣) الميزان ١٩ : ٦٢.

(٤) الامثل ١٣ : ٣٩٨

(٥) سورة يوسف ١٢ : ٣٩

١١

ورد في التفسير: (( ذكر أن يوسف صلوات الله عليه قال هذا القول للفتيين اللذين دخلا معه السجن ، لأن أحدهما كان مشركا ، فدعاه بهذا القول إلى الإسلام وترك عبادة الآلهة والأوثان ، فقال : ياصاحبي السجن ، يعني : يا من هو في السجن ، وجعلهما صاحبيه لكونهما فيه ))( ١ ) .

هنا الصحبة صحبة اضطرارية مفروضة وليس باختيار المتصاحبين، وهي صحبة وقتية وفي ظرف معين ومكان معين تتحقق بين مؤمن وكافر او بين مؤمن ومؤمن او بين كافر وكافر ولا تكريم للكافر ان كان صاحبا للمؤمن الا اذا اصبح مثله مؤمنا.

________________

(١) تفسير الطبري ١٦ : ٢٥٣

١٢

ثامناً:الصحبة اللبثية

وردت كلمة (أصحاب) في القرآن الكريم بكثرة وهي تدل على معنى اللبث والمكوث الطويل او الدائم ومنها: أصحاب الجنة، وأصحاب النار، وأصحاب الكهف، وأصحاب القرية، وأصحاب مَدْين، وأصحاب الأيكة.

فالصاحب كما ورد في الآيات الكريمة المتقدمة يعني المعاشر والملازم ، ولا تصدق المعاشرة والملازمة إلاّ باللقاء والاجتماع واللبث معاً

وعند الجمع بين المعنى اللغوي عند علماء اللغة ، وبين الآيات القرآنية ، يكون معنى الصاحب هو : من كثرت ملازمته ومعاشرته ، وهذا ما نصّ عليه بعضهم كصدّيق حسن خان حيث قال : (اللغة تقتضي أنَّ الصاحب هو من كثرت ملازمته)( ١ )

________________

(١) قواعد التحديث: ٢٠٠ عن كتاب : حصول المأمول لصديق حسن خان : ٦٥

١٣

الصحبة في الحديث النبوي

الصحبة في الحديث النبوي الشريف تطلق على كلِّ من صحب رسول الله صلى الله عليه واله من المسلمين ، سواء كان مؤمناً به واقعاً وحقيقة في عقله وقلبه وارادته، أو ظاهراً بلسانه خوفا أوطمعا أو استسلاما للأمر الواقع وعدم القدرة على مقاومة الدعوة، فكان اللفظ شاملاً للمسلم المؤمن وللمسلم المنافق ، سواء كان مشهوراً بنفاقه أو غير مشهور.

فهي تطلق على المصاحب فقط دون النظر الى ايمانه الحقيقي او درجة قربه او بعده العقائدي والسلوكي عن رسول الله صلى الله عليه واله،وتطلق على كل من شهد الشهادتين وان كان منافقا مشهورا او متسترا.

وهذا هو الظاهر من خلال الاحاديث الشريفة.

طلب عمر بن الخطّاب من رسول الله صلى الله عليه واله أن يقتل رئيس المنافقين والمشهور نفاقه عبدالله بن أُبي بن سلول قال صلى الله عليه واله:((فكيف يا عمر إذا تحدَّث الناس أنَّ محمّداً يقتل أصحابه ؟ ))( ١ )

وحينما طلب عبدالله بن عبدلله بن أُبي من رسول الله صلى الله عليه واله أن يقوم بنفسه بقتل والده حينماأثار الفتنة بين المهاجرين والأنصار أجابه صلى الله عليه واله بالقول:((بل نترفق به ، ونحسن صحبته ما بقي معنا ))( ٢ )

فقد أطلق صلى الله عليه واله لفظ الصحابي ليشمل حتّى من اشتهر بفسقه كعبدالله ابن أُبي بن سلول،فهو من الصحابة وان كان منافقا ولم يؤمن بالله رسوله الا بلسانه.

________________

(١) السيرة النبوية ، لابن هشام ٣ : ٣٠٣ والسيرة النبوية ، لابن كثير ٣ : ٢٩٩ وبنحوه في : صحيح البخاري ٦ : ١٩٢ وأسباب نزول القرآن ، للواحدي : ٤٥٢ .

( ٢ ) السيرة النبوية ، لابن هشام ٣ : ٣٠٥ والسيرة النبوية ، لابن كثير ٣ : ٣٠١ وبنحوه في : الطبقات الكبرى ، لابن سعد ٢ : ٦٥ وأسباب نزول القرآن : ٤٥٣

١٤

وأطلق رسول الله صلى الله عليه واله مصطلح الصحابي على المستور نفاقهم ممن لايعلمهم احد من الصحابة الا من علمهم رسول الله صلى الله عليه واله ، فقال صلى الله عليه واله:((إنَّ في أصحابي منافقين ))( ١ ) .

فالصحابي يشمل المؤمنين حقا الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه واله او المؤمنين بلسانهم دون سيرتهم ويشمل المنافقين الذين اعلنوا الاسلام بشهادة الشهادتين بلسانهم دون ارادتهم سواء كانوا في العهد المكي او العهد المدني.

________________

(١) مسند أحمد ٥ : ٤٠ وتفسير القرآن العظيم ، لابن كثير ٢ : ٣٩٩

١٥

المعنى الاصطلاحي للصحابي

وردت عدّة آراء حول المعنى الاصطلاحي للصحبة والصحابي وبالخصوص لصحابي رسول الله صلى الله عليه وتباينت الاراء من حيث ميزان الملازمة والمعاشرة كثرة أم قلة أم مجرد المعاصرة لزمانه ومن هذه الاراء :

الرأي الأوّل : أنّ الصحابي هو : من صحب النبي صلى الله عليه واله وطالت صحبته وأخذ عنه العلم

نسب أبو يعلى الفرّاء الحنبلي إلى عمرو بن بحر الجاحظ أنّه قال :((إنّ هذا الاسم إنّما يُسمى به من طالت صحبته للنبي صلى الله عليه واله واختلاطه به ، وأخذ عنه العلم ))( ١ )

والذي قيل في هذا الرأي :((إنّ طول الصحبة ليس شرطاً في إطلاق التسمية على من صحبه ، لأنّه يلزم إخراج كثير من الذين سُموا صحابة عن الصحبة ، واشتراط أخذ العلم أيضاً يستلزم تضييق عدد الصحابة وإخراج الكثير منهم لأنّهم لم يأخذوا العلم منه ))( ٢ )

الرأي الثاني : يرى ان الصحابي هو من صحب النبي صلى الله عليه واله في حياته ولو لحظات او مجرد الرؤية ،ولا يشترط أصحاب هذا الرأي كثرة الملازمة والمعاشرة مع النبي صلى الله عليه واله في إطلاق لفظ الصحابي ، بل يكتفون بها ولو كانت ساعة أو كانت مجرد رؤية

وتبنى هذا الرأي امام الحنابلة كما في رواية عبدوس بن مالك العطّار عن أحمد بن حنبل أنّه قال:((أفضل الناس بعد أهل بدر القرن الذي بعث فيهم ، كل من صحبه سنة أو شهراً أو يوماً أو ساعة أو رآه ، فهو من أصحابه ))( ٣ )

________________

(١) العدة في أصول الفقه ٣ : ٩٨٨

( ٢ ) راجع العدة في أصول الفقه ٣ : ٩٨٩

( ٣ ) العدّة في أُصول الفقه ٣ : ٩٨٨.

١٦

ومن القائلين بهذا الرأي البخاري : ((ومن صحب النبي صلى الله عليه واله أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه))(١)

وقال ابن حجر العسقلاني:((الصحابي من لقي النبي صلى الله عليه واله مؤمناً به ومات على الإسلام ، فيدخل فيمن لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت ، ومن روى عنه أو لم يرو ، ومن غزا معه أو لم يغز ، ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه ، ومن لم يره لعارض كالعمى))( ٢ )

وقال علي بن المديني:((من صحب النبي صلى الله عليه واله أو رآه ولو ساعة من نهار فهو من أصحاب النبي صلى الله عليه واله))( ٣ )

وذهب ابن حزم الاندلسي إلى هذا الرأي ، ولكنّه قيّده بعدم النفاق،فقال:((أمّا الصحابة رضي الله عنهم فهو كلّ من جالس النبي صلى الله عليه واله ولو ساعة ، وسمع منه ولو كلمة فما فوقها ، أو شاهد منه عليه السلام أمراً يعيه ، ولم يكن من المنافقين الذين اتصل نفاقهم واشتهر حتى ما توا على ذلك ، ولا مثل من نفاه عليه السلام باستحقاقه ، كهيت المخنّث ، ومن جرى مجراه ، فمن كان كما وصفنا أولاً فهو صاحب... ووفد عليه جميع البطون من جميع القبائل وكلهم صاحب))( ٤ ) .

وهذا الرأي يشمل المنافق الذي لم يشتهر بالنفاق او لم ينكشف نفاقه،فيكون معنى الصاحب كل مسلم رأى النبي وجالسه ولم يشترط فيه الايمان الحقيقي.

وقيد (لم يكن من المنافقين الذين اتصل نفاقهم واشتهر) مخالف لما ورد من روايات أطلق فيها رسول الله صلى الله عليه واله إسم الصحابي على المنافق المشهور وغيره.

________________

(١) فتح الباري ٧ : ٣

( ٢ ) الإصابة ١ : ٤.

( ٣ ) فتح الباري ٧ : ٣

( ٤ ) الإحكام في أصول الأحكام ٥ : ٨٦.

١٧

وتابع زين الدين العاملي رأي المشهور من المحدِّثين فقال:((الصحابي : من لقي النبي صلى الله عليه واله مؤمناً به ومات على الإسلام ، وإن تخللت ردّته بين كونه مؤمناً وبين كونه مسلماً على الأظهر ، والمراد باللّقاء ما هو أعم من المجالسة والمماشاة ووصول أحدهما إلى الآخر ، وإن لم يكالمه...))(١)

وقسّم الحاكم النيسابوري الصحابة الى اقسام او وزّعهم على طبقات ، وذكر في الطبقة الثانية عشرة :((صبيان وأطفال رأوا رسول الله صلى الله عليه واله يوم الفتح وفي حجة الوداع... ومنهم أبو الطفيل عامر بن واثلة))( ٢ )

ومن خلال ماتقدم من هذه الأقوال يصدق معنى الصحابي على كلِّ من صحب النبي صلى الله عليه واله ولو ساعة من الزمان ، ورآه وإن لم يكلّمه ، سواء كان رجلاً كبيراً أو امرأة أو طفلاً صغيراً ، ويشترط فيه الإسلام الظاهري ورؤية رسول الله صلى الله عليه واله فيشمل المؤمن والمنافق أي لايشترط الايمان الحقيقي

الرأي الثالث:الصحابي من عاصر النبي صلى الله عليه واله وإن لم يره.

ينص هذا الرأي على ان معنى الصحابي واسع يشمل كل من عاصر النبي صلى الله عليه واله وإن لم يره أي لايشترط الملازمة والمعاشرة والرؤية ، فكل مسلم معاصر له هو صحابي.

وذهب إلى هذا الرأي يحيى بن عثمان بن صالح المصري ، فقال:((إنّ الصحابي من عاصره فقط ، وقال : وممن دفن : أي بمصر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله ممن أدركه ولم يسمع به : أبو تميم الجيشاني ، واسمه عبدالله بن مالك ، كان صغيراً محكوماً بإسلامه تبعاً لأحد أبويه))( ٣ )

وعلى هذا الرأي فإنّ الصحابي يطلق على جميع من عاصر النبي صلى الله عليه واله من المسلمين كباراً وصغاراً وإن لم يروه ، وبعبارة اُخرى ، إنّ جميع المسلمين في عهد النبي صلى الله عليه واله هم من الصحابة ، وكذا من يحكم بإسلامهم تبعاً لأحد الأبوين

________________

(١) الدراية ، زين الدين العاملي : ١٢٠.

( ٢ ) معرفة علوم الحديث: ٢٤.

( ٣ ) تيسير التحرير ٣ : ٦٧.

١٨

الرأي الرابع : الصحابي مصطلح يطلق على كل من رأى النبي صلى الله عليه واله واختص به ، واتبعه أو رافقه مدة يصدق معها اطلاق (صاحب فلان) عليه بلا تحديد لمقدار تلك الصحبةأووقتها

نقل هذا الرأي محمد أمين المعروف بأمير بادشاه ونسبه إلى جمهور الأصوليين(١)

ونسب الآمدي هذا الرأي إلى عمر بن يحيى وآخرين لم يذكر أسماءهم( ٢ ) .

وذهب إلى هذاالرأي الغزالي،فقال:((لا يطلق إلاّ على من صحبه ، ثم يكفي للاسم من حيث الوضع الصحبة ولو ساعة ، ولكن العرف يخصص الاسم بمن كثرت صحبته))( ٣ )

وضيّق سعيد بن المسيب المعنى أو الاصطلاح فاضاف اليه أحد شرطين ، إذ كان لا يعدّ في الصحابة إلاّ((من أقام مع النبي صلى الله عليه واله سنة فصاعداً أو غزا معه غزوة فصاعداً))( ٤ )

وقد اعترض البعض على هذا الرأي ، ومنهم ابن حجر العسقلاني ، فقال : ((والعمل على خلاف هذا القول ، لأنّهم اتفقوا على عدّ جمع جمٍّ في الصحابة لم يجتمعوا بالنبي صلى الله عليه واله إلاّ في حجة الوداع))( ٥ )

واعترض جمع من العلماء والباحثين الكبار على هذا الرأي ومنهم ابن حزم الأندلسي فقال :(( وهذا خطأ بيقين ، لأنّه قول بلا برهان ، ثم نسأل قائله عن حد التكرار الذي ذكر وعن مدة الزمان الذي اشترط))( ٦ )

وهذا الراي مخالف لمجموعة من الكتب المؤلفة في الصحابة حيث نجد أنّ كثيراً من المذكورين فيها لم يروا أو يصحبوا النبي صلى الله عليه واله إلاّ ساعات أو أيام معدودة ، بل أنّ بعضهم كان طفلاً صغيراً كجرير بن عبدالله وغيره

________________

(١) تيسير التحرير ٣ : ٦٦

( ٢ ) الإحكام في أصول الأحكام ٢ : ٣٢١

( ٣ ) المستصفى ٢ : ٢٦١.

( ٤ ) فتح الباري ٧ : ٢

( ٥ ) فتح الباري ٧ : ٢

( ٦ ) الإحكام في أُصول الأحكام ٥ : ٨٦

١٩

وخلاصة ماتقدم ان المفهوم اللغوي للصحبة مقيَّد بأنْ تكون ((المصاحبة)) في زمان تصدق فيه ((المعاشرة)) ، كما أنه مطلق من حيث الإيمان وعدمه ، إذ يصدق على كلّ من لازم شخصاً أنّه صاحبه ، وإنْ لم يكن مثله أو تابعاً له في الفكر والعقيدة ، وكذا من حيث التعلّم منه والأخذ عنه ، وعدمه ، نعم طول الملازمة وكثرة المعاشرة مع النبي صلى الله عليه واله يقتضيان الايمان به واقعاً والأخذ عنه والتعلّم منه، إلاّ أن تكون المعاشرة والملازمة لأغراض اُخرى

وأمّا ما أصطلح عليه الجمهور من أنّ مجرّد الرؤية كاف في اطلاق الصحبة فيحتاج إلى دليل مقبول

وقد يشهد بما ذكرنا ما روي عن أنس بن مالك ، وقد سُئل : (هل بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله غيرك ؟ قال : ناس من الأعراب رأوه ، فأما من صحبه فلا) وإنْ حاول ابن كثير توجيهه قائلاً : (وهذا إنّما نفى الصحبة الخاصة، ولا ينفي ما اصطلح عليه الجمهور من أنّ مجرد الرؤية كاف في إطلاق الصحبة)(١) .

ومهما تعددت الاراء في اطلاق مصطلح الصحابي فان محل البحث هو عدالة جميع الصحابة من حيث المجموع أو عدالتهم فردا فردا، فتوسعة مفهوم الصحابي وشموليته ينفع نظرية عدم عدالة الجميع فردا فردا ،ومن الناحية الواقعية هناك الاف الصحابة غير معلومين فلم تذكر كتب التراث والرجال أسماءهم وخصوصا بعد دخول القبائل والناس في دين الله أفواجا بعد فتح مكة.

ويكفينا في اثبات او نفي عدالة الصحابة فردا فردا التطرق الى سيرة جمع من الصحابة المشهورين ومنهم الخلفاء والامراء او المقربون اليهم.

الصحابة في القرآن الكريم

القرآن الكريم هو الميزان الثابت والمرجع الاساسي في تقييم الصحابة وهو ميزان مستقيم لايأتيه الباطل ولايختلط فيه مع الحق وهو ميزان لايحابي احدا مهما كان موقعه الديني والاجتماعي.

________________

(١) الباعث الحثيث في شرح اختصار علوم الحديث: ١٧٥.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375