رجال في التّارِيخ الجزء ١

رجال في التّارِيخ5%

رجال في التّارِيخ مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 750

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 750 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 10500 / تحميل: 1597
الحجم الحجم الحجم
رجال في التّارِيخ

رجال في التّارِيخ الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

ان قال: وقال الدار قطني رافضي خبيث متهم بوضع حديث الإيمان إقرار بالقول، ونقل عنه انه قال كلب للعلوية خير من بني أمية إلى غير ذلك.

وروي ان المأمون حبس أبا الصلت بعد وفاة الرضاعليه‌السلام سنة فضاق صدره، فدعا الله بمحمد وآل محمد فدخل عليه أبو جعفر الجوادعليه‌السلام فضرب يده إلى القيود ففكها وأخذ بيده وأخرجه من الدار والحرسة والغلمة يروونه فلم يستطيعوا ان يكلموه فخرج من باب الدار، وقال له أبو جعفر امض في ودائع الله فانك لن تصل إليه ولا يصل إليك أبداً.

وفي رواية الخرائج: فلما صرنا خارج السجن قال أي البلاد تريد؟ قلت: منزلي بهراة، قال ارخ رداءك على وجهك وخذ بيدي فظننت انه حولني عن يمنته إلى يسرته ثم قال لي اكشف فكشفته فلم أره فإذا أنا على باب منزلي فدخلته فلم التق مع المأمون ولا مع أحد من أصحابه

١٤١

إلى هذه الغاية(١) .

أبو الفتوح الرازي

جمال الدين حسين بن علي بن محمد بن أحمد الخز اعي.

الشيخ الإمام السعيد قدوة المفسرين ترجمان كلام الله المجيد صاحب روض الجنان في تفسير القرآن الذي هو حاوٍ لكل ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ينتفع منه الفقيه والمفسر والمؤرخ والواعظ وغيرهم.

وكان رحمه الله من أجل بيوتات العلم وينتهي بنسبه الشريف إلى نافع بن بديل بن ورقاء الخز اعي كما صرح بذلك في تفسيره. وجده محمد بن أحمد وجد جده أحمد وعم والده عبد الرحمن المشهور بالمفيد الثاني وابنه محمد بن الحسين وابن أخته أحمد بن محمد كلهم علماء فضلاء وهو رحمه الله معدن

__________________

١ - الكنى والألقاب ، للشيخ عباس القمي: ج١، ص ١٠٠ -١٠٢

١٤٢

العلم ومحتده:

شرف تتابع كابر عن كابر

كالرمح أنبوباً على أنبوب(١)

ولا أعلم تأريخ وفاته إلا انه من مشايخ ابن شهر آشوب المتوفي سنه ٥٨٨ وقبره رحمه الله بالرى في صحن حمزة بن موسىعليه‌السلام في جوار عبد العظيم الحسنيرحمه‌الله .

يروي عن الشيخ أبي علي الطوسي والشيخ أبي الوفاء عبد الجبار الرازي عن الشيخ الطوسي وعن والده عن أبيه عن الشيخ والسيدين رضوان الله عليهم أجمعين إلى غير ذلك من مشايخه(٢) .

أبو الفرج الأصفهاني

صاحب كتاب الأغاني

كان ليحيى بن أكثم قاضي قضاة المأمون مجلساً يجتمع إليه أهل العلم،

__________________

١ - كشف الغمة للإربلي : ج ٣ ، ص ٢٣١

٢ - الكنى والألقاب ، للشيخ عباس القمي: ج٢، ص ١٣٥.

١٤٣

وكان ممن يرتاد هذا المجلس إسحاق بن إبراهيم الموصلي، فكان إسحاق - بصفته التي عرف بها وهي الغناء - يناظر أهل الكلام ويتكلم في الفقه، فإذا تحول الموضوع إلى الشعر خاض في الشعر واللغة، وهو في كل ذلك يتفوق على محاوريه في كل موضوع. كان عصراً يفسح المجال للمثقف الطموح ان ينغمس في أكثر العلوم، إذ أوهب القدرة على ذلك، مع اشتهاره بالتخصص في اتجاه واحد.

ومن عرف مؤلفات إسحاق الموصلي والكثيرة استطاع ان يدرك ماذا كان يطمح إليه أبو الفرج عندما ألف كتاب الأغاني، كان ذلك عصر التحدي، فيه نشأ أبو حيان التوحيدي وابن النديم صاحب الفهرست، وعشرات آخرون في شتى حقول المعرفة، وفيه كانت دكاكين الوراقين ببغداد، فيما أحسب، أكثر من دكاكين البقالين وباعة الخضار والفواكه. ومع ذلك العصر نشأ أبو الفرج علي بن الحسين بن... الخ. الذي يرتفع نسبه إلى مروان بن محمد آخر الخلفاء

١٤٤

الأمويين، وهذا هو الثابت في نسبه وإن كان صاحب الفهرست قد عدّه من ولد هشام بن عبد الملك، ولكن هذا سهو، وإن كان لا ينفي نسبه إلى المروانيين... فهو إذن عربي قرشي وإن حمل النسب إلى أصفهان.

متى ولد علي بن الحسين:

أكثر المصادر التي ترجمت لأبي الفرج تذكر انه ولد في عام ٢٨٤هـ/ ٨٩٧ م وسكت عن ذكر سنة مولده صاحب الفهرست والخطيب البغدادي، وياقوت الحموي...

النسبة إلى إصبهان

يقول الثعالبي (اليتيمة): ((الاصفهاني الأصل، البغدادي المنشأ))، ويبدو ان أكثر من ترجموا له أخذوا بهذا القول، فعدوه اصفهاني المولد، غير ان بعض الباحثين المعاصرين يشك في ان تكون اصفهان مسقط رأسه.

تشيع أبي الفرج

على الرغم من انتساب أبي الفرج إلى بني أمية، فقد كان شيعياً، وهو موقف

١٤٥

يلفت النظر لأول وهلة، ترى هل كان للنشأة الاصفهانية أثر في ذلك؟ أو هل كان تشيعه مجاراة لنوع من السيادة الشيعية في عصر بني بويه، لعله بالانتماء إلى هذا المذهب أحب ان يعرفه الناس ((عابداً)) فلا هو أموي ولا هو عباسي، وانما هو علوي الهوى - يتشيع لعلي وآله - ويؤلّف في أخبار من قتل منهم كتاباً كاملاً سماه ((مقاتل الطالبيين)) وهو كتاب يدين بسرده لأخبار العلويين ومصارعهم كلاً من الأمويين والعباسيين على حد سواء، بل انه يُبرز ان من قتل على أيدي العباسيين كان أكثر بكثير ممن قتل في أيام الأمويين.

المرحلة البغدادية

لا تعرف متى غادر أبو الفرج اصفهان إلى بغداد، ولكننا نستطيع ان نقرر ان جاذبية بغداد كانت أقوى من أن يقاومها إنسان طموح يعرف انها كعبة العلم والفن والحضارة من جميع النواحي.

فالعلم، هكذا كان دون تحديد، كان

١٤٦

غاية أبي الفرج الأولى من هذه الرحلة، فكان أول ما لقي علماء الحديث، وأشهر من لقيهم مطين والقتات (محمد بن جعفر)، والرزاز (علي بن أحمد)، ولكن المدينة الكبيرة - بما فيها من متع متنوعة وحياة صاخبة - أخذت تصرف هذا الاصفهاني الناشئ عن هذا الاتجاه، وساعدها على ذلك ميول متأصلة في نفس الفتى إلى خوض تجربة الحياة بكل أبعادها. فوجد نفسه مقبلاً على حفظ الشعر والأغاني والأخبار والآثار والأنساب بل انه لم يقف عند هذا الحد إذ رأى ان الثقافة التي تحول إليها لابد لها من معرفة اللغة والنحو والسير والمغازي. وأضاف إلى ذلك كله ((الخرافات)) ولم تكن هذه المعارف التي اتجه إليها، أو أكثرها، بحاجة إلى توثيق كثير، فحاكم مصادرها ونقد الواهن منها، كما كان يتطلب علم الحديث.

ولعله كان يهيئ نفسه ليكون نديماً يسلّي من ينادمه - أياً كانت منزلتهم - بما يورده على مسامعهم من أخبار

١٤٧

وحكايات ونوادر، وما يتمثل به من شعر، وكان حفظه للشعر العربي الذي ينتمي إلى مختلف الحقب حتى عصره، وهو الذي هيأ له ان يكون شاعراً، وقد أورد له الثعالبي (وعنه ياقوت وغيره) من القصائد والمقطعات في المدح وبخاصة في مدح الوزير أبي محمد المهلبي الذي أصبح راعياً له، وكان صديقاً له قبل عهد الوزارة، واستمرت الصداقة بعدها، وله مقطعات في وصف الخمر، وفي الهجاء المقذع، حتى في هجاء المهلبي صديقه وراعيه، وحتى كان الناس ينفونه ويخشون لسانه.

وفاته:

توفي أبو الفرج في بغداد، بغدادياً حتى العظم في ١٤ ذي الحجة ٣٥٦هـ / ٩٦٧م.

وقد ترجم له الشيخ عباس القمي، قائلاً:

علي بن الحسين بن محمد المرواني الأموي الزيدي.

صاحب كتاب الأغاني، أورده شيخنا الحر العاملي قدس سره في أمل الآمل

١٤٨

وقال: هو اصبهاني الأصل بغدادي المنشأ من أعيان الأدباء وكان عالماً روى عن كثير من العلماء وكان شيعياً خبيراً بالأغاني والآثار والأحاديث المشهورة والمغازي وعلم الجوارح والبيطرة والطب والنجوم والأشربة وغير ذلك.

له تصانيف مليحة منها الأغاني وحمله إلى سيف الدولة فأعطاه ألف دينار واعتذر، وكان الصاحب بن عباد يستصحب في سفره ثلاثين حمل كتب للمطالعة فلما وجد كتاب الأغاني لم يستصحب سواه وكان منقطعاً إلى الوزير المهلبي وله فيه مدائح.

ومن كتبه: كتاب مقاتل الطالبيين، وقال صاحب الروضات: انى تصفحت كتاب أغانيه المذكور إجلالاً فلم أر فيه إلا هزلاً أو ضلالاً أو بقصص أصحاب الملاهي اشتغالاً وعن علوم أهل بيت الرسالة اعتزالاً وهو فيما ينيف على ثمانين ألف بيت تقريباً، إلى ان قال: وتوفي سنة ست وخمسين وثلاثمائة.

قال كثير من الناس انه مات في هذه السنة عالمان: أبو علي القالي وصاحب

١٤٩

الأغاني، وثلاثة ملوك معز الدولة وكافور وسيف الدولة، وسمع أبو الفرج من جماعة لا يحصون وروى عنه الدار قطني وغيره(١) .

مؤلفاته:

ذكر له صاحب الفهرست أربعة عشر كتاباً باستثناء كتاب الأغاني الكبير(٢) .

أبو العاص

أبو العاص ابن الربيع القرشي اسمه لقيط أو مهشم أو هشيم زوج زينب بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمه هالة بنت خويلد أخت خديجة رضي الله عنها، وكان من أكثر رجال مكة مالاً وأمانة وتجارة والخبر في حسن مصاهرته في أيام الشعب مشهور، وقصة أسره ببدر وفدائه في الكتب مسطور، توفي سنة ١٢ وأوصى إلى الزبير. وتزوج

__________________

١ - الكنى والألقاب ، للشيخ عباس القمي: ج١، ص ١٣٧ - ١٣٩.

٢ – تحقيق كتاب الأغاني ، طبع دار صادر ، بيروت ، بمقدمة إحسان عباس

١٥٠

عليعليه‌السلام ابنة أمامة بنت زينب بعد وفاة فاطمةعليها‌السلام بوصية منها معلله بأنها تكون لولدها مثلها، وقد زوجها منهعليه‌السلام الزبير لان أباها قد أوصاه بها.

حكي انه لما جرح أمير المؤمنينعليه‌السلام خاف ان يتزوجها معاوية فأمر المغيرة ابن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب ان يتزوجها بعده فلما توفي أمير المؤمنين وقضت العدة تزوجها المغيرة فولدت له يحيى وبه كان يكنى فهلكت عند المغيرة.

روى الطبرسي في غزوة الطائف انه أنفذ رسول الله علياً في خيل عند محاصرته أهل الطائف وأمر ان يكسر كل صنم وجده فخرج فلقيه جمع كثير من خثعم فبرز له رجل من القوم وقال هل من مبارز فلم يقم أحد فقام إليه عليعليه‌السلام فوثب أبو العاص بن الربيع زوج زينب بنت النبي فقال تكفاه أيها الأمير فقال لا ولكن ان قتلت فأنت على الناس فبرز إليه علي وهو يقول:

إن على كل رئيس حقاً

ان يروي الصعدة أو شرقا

١٥١

ثم ضربه فقتله ومضى حتى كسر الأصنام وانصرف إلى رسول الله.

وليعلم ان قول النبي: إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً اتخذوا دين الله دخلاً وعباد الله خولاً ومال الله دولاً. المراد بأبي العاص أبو العاص بن أمية بن عبد مناف، وبنوه مروان بن الحكم بن أبي العاص وآله(١) .

__________________

١ - الكنى والألقاب ، للشيخ عباس القمي: ج١، ص ١١٤ - ١١٥.

١٥٢

أبو الهيثم بن التيهان

أبو الهيثم بن مالك بن عتيك الأنصاري الأوسي، شهد بيعة العقبة ويقال انه كان أول من أسلم وبايع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو أحد نقباء عبد الأشهل، شهد مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مشاهده كلها، وشهد مع الإمام عليعليه‌السلام حرب البصرة، وقتل بصفين مع أخيه عتيك تحت راية الإمام عليعليه‌السلام ، تألم الإمام علي على فقده كثيراً لأنه كان في طليعة المسلمين زاهداً عابداً شجاعاً زعيماً بلا منازع(١) .

أبو بكر بن شهاب

قال القمي(٢) :

السيد أبو بكر بن عبد الرحمن بن محمد بن علي ينتهي نسبه إلى المهاجر

__________________

١ – موسوعة العتبات المقدسة ، جعفر الخليلي : ج ١ ، ص ٣٥٩

٢ - الكنى والألقاب ، للشيخ عباس القمي: ج١، ص ١١٤ - ١١٥.

١٥٣

إلى الله إلى اليمن أحمد بن عيسى بن محمد النقيب بن علي العريضي بن الإمام الصادق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام النريمي الحضرمي الشيعي الإمامي.

كان عالماً جليلاً حاوياً لفنون العلم مؤلفاً في كثير منها قوى الحجة ساطع البرهان أديباً شاعراً مخلص الولاء لأهل البيت.

حكي عن جامع ديوانه انه قال في حقه:

حجة الإسلام ونبراس الأنام وخاتمة الأعلام ويتيمة عقل الكرام قريع الفصحاء وإمام البلغاء الحائز قصبات السبق في ميادين العلوم الموضح من مشكلاتها ما حير الفهوم محيى السنة وناشر لوائها ومميت البدعة ومقوض بنائها سليل العترة النبوية وناشر ولائها وناصر أوليائها وقاهر أعدائها السيد الشريف العلامة أبو بكر ابن عبدالرحمن... الخ.

ولد سنة ١٢٦٢ وتوفى ليلة الجمعة عاشر جمادى الأولى سنة ١٣٤١ بحيدر

١٥٤

آباد دكن، له مشايخ كثيرة وقد أخذ بمكة عن السيد أحمد بن زينى دحلان الذي يأتي ذكره وله تلاميذ كثيرون أجلهم وأعلمهم وأشهرهم السيد محمد بن عقيل صاحب النصائح الكافية لمن تولى معاوية وغيرها وله تأليفات كثيرة منها إقامة الحجة على التقي بن حجة، والترياق النافع، والشهاب الثاقب على السباب الكاذب، وهو رد له على رد المولى فقير الله على النصائح الكافية والحمية من مضار الرقية وهو أيضاً رد على رد السيد حسن بن علوي سماه الرقية الشافية من نفثات سموم النصائح الكافية ونوافج الورد الجوري بشرح عقيدة الباجوري ورشفة الصادي في فضائل أهل البيتعليهم‌السلام ، ونزهة الألباب في رياض الأنساب، وأرجوزة في آداب النساء، وديوان شعر وغير ذلك وله قصائد كثيرة في مدح أهل البيتعليهم‌السلام منها قوله في مدح امير المؤمنينعليه‌السلام :

علي أخو المختار ناصر دينه

وملتـه يعسوبها وإمامها

واعلم أهل الدين بعد ابن عمه

بأحكامه من حلها وحرامها

١٥٥

ومن قوله قصيدة له سماها الثناء العاطر على أهل البيت الطاهرعليهم‌السلام :

نهنه فؤادك ما بقيت فأنت في

شغل عن البيض الكواعب شاغل

واملأ ضميرك من محبة سيد الكو

نين هادينا الشفيع الكافل

وبحب صهر المصطفى ووصيه

وأخيه حيدرة الشجاع الباسل

والدرة الزهراء فاطمة التي

بعد الرسول قضت بحزن الثاكل

والسيدين اللابسي حلل الشها

دة من فريق في الشقاوة واغل

الآخذي علم الرسول شريعة

وحقيقة عن فاضل عن فاضل

نسب باجنحة الملائكة ارتقى

شأوا إليه الوهم ليس بواصل

شرف إلى العرش انتهى فأمامه

تقف الثوابت وقفة المتضائل

من لم يصل عليهم فصلاته

بتراء في إسناد أوثق ناقل

سفن النجاة أمان أهل الأرض من

غرق مصابيح الظلام الحائل

١٥٦

القانتين الراكعين الساجدين

بخشية وغزير دمع سائل

إلى غير ذلك وقد ذكر ترجمته صاحب أعيان الشيعة وأورد كثيراً من أشعاره.

ومما ذكر عنه قوله:

قضية تشبه بالمرزئة

هذا البخاري إمام الفئة

بالصادق الصديق ما احتج في

صحيحه واحتج بالمرجئة

ومثل عمران بن حطان ومر

وان وابن المرأة المخطئة

مشكلة ذات عوار إلى

حيرة أرباب النهى ملجئة

وحق بيت يممته الورى

مغذة في السير أو مبطئة

إن الإمام الصادق المجتبى

بفضله الآي أتت منبئة

أجل من في عصره رتبة

لم يقترف في عمره سيئة

قلامة من ظفر إبهامه

تعدل من مثل البخاري مئة

١٥٧

أبو تمام

تمام كشداد هو حبيب بن أوس الطائي الشاعر الإمامي المشتهر، الذي قدمه المعتصم على شعراء وقته، وكان موصوفاً بالظرف وحسن الأخلاق وكرم النفس، ذكره شيخنا الحر في أمل الآمل وقال: كان شيعياً فاضلاً أديباً منشياً له كتب منها ديوان الحماسة وديوان شعره وكتاب مختار شعر القبائل وكتاب فحول الشعراء والاختيارات من شعر الشعراء وغير ذلك.

وذكره العلامة في الخلاصة فقال:

كان إمامياً وله شعر في أهل البيتعليهم‌السلام ذكر أحمد بن الحسين انه رأى نسخة عتيقة قال لعلها كتبت في أيامه أو قريباً منها فيها قصيدة يذكر فيها الأئمةعليهم‌السلام الأطهارعليهم‌السلام حتى انتهى إلى أبي جعفر الثانيعليه‌السلام لأنه توفي في أيامه.

وقال الجاحظ في كتاب الحيوان: وحدثني أبو تمام وكان من رؤساء الرافضة، انتهى كلام العلامة.

ثم ذكر شيخنا الحر جملة من أبياته وما قال ابن خلكان في ترجمته منها

١٥٨

قوله:

وكان له من المحفوظ ما لا يلحقه فيه غيره قيل انه كان يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة للعرب غير القصائد والمقاطيع، إلى ان قال: ولد بجاسم وهي قرية من بلد الجيدور من أعمال دمشق، توفي سنة ٢٣١. وكانت وفاته بالموصل وبنى على قبره أبو نهشل بن حميد الطوسي قبة ورثاه جمع منهم: ابن الزيات وزير المعتصم بقوله:

نبأ أتى من أعظم الأنباء

لما ألم مقلقل الأحشاء

قالوا حبيب قد ثوى فأجبتهم

ناشدتكم لا تجعلوه الطائي

وفي بعض التآليف ان أبا تمام بلغ في الشعر درجة لم يبلغها شاعر قبله ولا بعده رأي الكثيرين(١) ، وقد نظم في كل ضرب من ضروب الشعر ولكنه نبغ في الرثاء نبوغاً وترك جميع الشعراء خلفه.

__________________

١ - هكذا جاء في الكنى و الألقاب

١٥٩

ولأبي تمام أيضاً كما نقل عن ديوانه من عبقريته الرائية:

ويوم الغدير استوضح الحق أهله

بفيحاء ما فيها حجاب ولا ستر(١)

أقام رسول الله يدعوهم بها

ليقربهم عرف وينهاهم نكر

يمد بضبعيه ويعلم انه

ولي ومولاكم فهل لكم خبر

يروح ويغدو بالبيان لمعشر

يروح بهم عمر ويغدو بهم عمر

فكان له جهر بإثبات حقه

وكان لهم في بزهم حقه جهر

أثم جعلتم حظه حد مرهف

من البيض يوماً حظ صاحبه القبر(٢)

ولهرحمه‌الله في الزهد:

ألم(٣) بان تركي لا عليَّ ولا ليا

وعزمي على ما فيه إصلاح حاليا

__________________

١ - انظر الذريعة لأقا بزرك الطهراني: ج٩، ص٣٩ مقتصراً على البيت الأول فقط.

٢ - مناقب ابن شهرآشوب: ج٢، ص٢٤١، الصراط المستقيم: ج١، ص٣١٢، تكملة آمل الآمل للسيد حسين الصدر: ص١٣١.

٣ - هكذا جاء في الكنى والألقاب.

١٦٠

فقد أنست بالموت نفسي لأنني

رأيت المنايا يخترمن حياتيا

فياليتني من بعد موتي ومبعثي

أكون رفاتاً لا عليّ ولا ليا

أخاف الهي ثم أرجو نواله

ولكن خوفي قاهر لرجائيا

ولولا رجائي واتكالي على الذي

توحد لي بالصنع كهلاً وناشيا

لما ساغ لي عذب من الماء بارد

ولا طاب لي عيش ولا زلت باكيا

وادَّخر التقوى بمجهود طاقتي

وأركب في رشدي خلاف هوائيا

على إثر ما قد كان مني صبابة

ليالي فيها كنت لله عاصيا

وإني جدير ان أخاف واتقي

وإن كنت لم أشرك بذي العرش ثانيا

قال المسعودي: ولأبي تمام أشعار حسان، ومعان لطاف، واستخراجات بديعة، وحكي عن بعض العلماء بالشعر انه سئل عن أبي تمام فقال كأنه جمع شعر العالم فانتخب جوهره.

وقال ابن خلكان وذكر الصولي: ان

١٦١

أبا تمام لما مدح محمد بن عبد الملك الزيات الوزير بقصيدته التي منها قوله:

ديمة سمحة القياد سكوب

مستغيث بها الثرى المكروب

لوسعت بقعة لإعظام أخرى

لسعى نحوها المكان الجديب(١)

قال له ابن الزيات يا أبا تمام انك لتحلي شعرك من جواهر لفظك وبديع معانيك ما يزيد حسنا على بهي الجواهر في أجياد الكواعب وما يدخر لك شيء من جزيل المكافأة إلا ويقصر عن شعرك في الموازاة(٢)

أبو الجارود

جاء في الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي:

زياد بن المنذر، قال شيخنا صاحب

__________________

١ – الغدير للعلامة الأميني : ج ٢ ، ص ٣٣٥.

٢ - الكنى والألقاب ، للشيخ عباس القمي: ج١، ص ٣ - ٣٣.

١٦٢

المستدرك في ترجمته في الخاتمة: واما أبو الجارود فالكلام فيه طويل والذي يقتضيه النظر بعد التأمل فيما ورد وفيما قالوا فيه انه كان ثقة في النقل مقبول الرواية معتمداً في الحديث إمامياً في أوله وزيدياً في آخره، ثم أطال الكلام في حاله إلى ان قال وفي تقريب ابن حجر: زياد بن المنذر أبو الجارود الأعمى الكوفي رافضي. كذبه يحيى بن معين من السابعة(١) مات بعد الخمسين أي بعد المائة. و(قال) وعن دعوات الراوندي عن أبي الجارود قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام اني امرؤ ضرير البصر كبير السن، والشقة فيما بيني وبينكم بعيدة وأنا أريد أمراً أدين الله به واحتج وأتمسك به وأبلغه من خلفت، قال: فأعجب بقولي فاستوى جالساً، فقال: كيف قلت يا أبا الجارود؟ رد علي، قال: فرددت عليه، فقال: نعم يا أبا الجارود شهادة ان لا

__________________

١ - هكذا جاء في طبعة الاحتجاج ، كما ذكره الطبرسي

١٦٣

إله إلا الله وحده لا شريك له وان محمداً عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت وولاية ولينا وعداوة عدونا والتسليم لأمرنا وانتظار قائمنا والورع والاجتهاد(١) .

أبو جهل

عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي، كان من أشد الناس عداوة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قتل يوم بدر كافراً وأخباره مع النبي وكثرة أذاه إياه مشهورة وروي ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال فيه ان هذا أعتى على الله عز وجل من فرعون، ان فرعون لما أيقن بالهلاك وحَّد الله وان هذا لما أيقن بالهلاك دعا باللات والعزى.

وعمه الوليد بن المغيرة: كان شيخاً

__________________

١ - الكليني في الكافي: ج٢، ص٢٢، والاحتجاج: ج٢، ص٥٥، الهامش، والكنى والألقاب: ج١، ص٣٥، والدعوات لقطب الدين الراوندي: ص١٣٥،ومستدرك الوسائل للنوري: ج١، ص٧٢، وبحار الأنوار: ج٦٦، ص١٤

١٦٤

كبيراً مجرباً من دهاة العرب يتحاكمون إليه في الأمور وينشدونه الأشعار فما اختاره من الشعر كان مختاراً، وهو أحد المستهزئين الخمس الذي كفى الله شرهم، وكان له عبيد عشرة عند كل عبد ألف دينار يتجر بها وملك القنطار، وهو الذي قالت له قريش: يا أبا عبد شمس ما هذا الذي يقول محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أسحر أم كهانة أم خطب؟ فقال: دعوني أسمع كلامه فدنا من رسول الله وهو جالس في الحجر فقال: يا محمد انشدني شعرك فقال ما هو بشعر ولكنه كلام الله الذي به بعث أنبياءه ورسله، فقال: اتل فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم فلما سمع الرحمن استهزأ منه وقال: تدعو إلى رجل باليمامة يسمى الرحمن، قال: لا ولكني أدعو إلى الله وهو الرحمن الرحيم ثم افتتح حم السجدة فلما بلغ إلى قوله تعالى:( فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (١) ) ، فلما

__________________

١ - ( فصلت : ١٣ )

١٦٥

سمعه اقشعر جلده وقامت كل شعرة في بدنه ثم قام ومشى إلى بيته ولم يرجع إلى قريش فقالوا: صبا أبو عبد شمس إلى دين محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاغتمت قريش وغدا عليه أبو جهل فقال: فضحتنا يا عم قال: يا ابن أخ ما ذاك واني على دين قومي ولكني سمعت كلاماً صعباً تقشعر منه الجلود، قال: أشعر هو؟ قال: ما هو بشعر، قال: فخطب؟ قال: لا ان الخطب كلام متصل وهذا كلام منثور لا يشبه بعضه بعضاً له طلاوة، قال: فكهانة هو؟ قال: لا، قال: فما هو؟ قال: دعني أفكر فيه، فلما كان من الغد قالوا: يا أبا عبد شمس ما تقول؟ قال: قولوا هو سحر فانه آخذ بقلوب الناس فانزل الله تعالى فيه:( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً (١) ) ، إلى قوله:( عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (٢) )

وابنه خالد بن الوليد بن المغيرة(٣) .

__________________

١ - ( المدثر : ١١ )

٢ - ( المدثر : ٣٠ )

٣ - الكنى والألقاب ، للشيخ عباس القمي: ج١ : ص ٤٠.

١٦٦

أبو حمزة الثمالي

الثمالي أبو حمزة ثابت بن دينار الثقة الجليل صاحب الدعاء المعروف في أسحار شهر رمضان، كان من زهاد أهل الكوفة ومشايخها، وكان عربياً أزدياً، روي عن الفضل بن شاذان قال: سمعت الثقة يقول سمعت الرضاعليه‌السلام يقول أبو حمزة الثمالي في زمانه كسلمان الفارسي وذلك انه خدم أربعة منا علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وبرهة من عصر موسى بن جعفرعليه‌السلام (١) .

وعده الشيخ في أصحاب علي بن الحسين من رجاله فقال: ((ثابت بن أبي حنيفة دينار الثمالي الأزدي، يكنى أبا حمزة الكوفي. مات سنة خمسين ومائة، وذكره في أصحاب الباقرعليه‌السلام (٢) ومن أصحاب الصادقعليه‌السلام . وقال النجاشي(٣) : لقى علي بن الحسين وأبا جعفر وأبا عبد الله وأبا

__________________

١ - الاحتجاج: ج٢، ص٢٧، الهامش نقل عن عمدة الطالب: ص٢٢١.

٢ - نفس المصدر: ج٢، ص١١، الهامش.

٣ - نفس المصدر: ج٢، ص١٢، الهامش.

١٦٧

الحسنعليه‌السلام وروى عنهم وكان من كبار خيار أصحابنا، وثقاتهم، ومعتمديهم في الرواية والحديث وقال: وروى عنه العامة ومات سنة خمسين ومائة، له كتاب تفسير القرآن(١) .

وجاء في الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي:

قال الفضل بن شاذان ولم يكن في زمن علي بن الحسينعليه‌السلام في أول أمره إلا خمسة أنفس: سعيد بن جبير، سعيد بن المسيب، محمد بن جبير بن مطعم، يحيى بن أم الطويل، أبو خالد الكابلي وأسمه وردان ولقبه كنكر.

ثم قال: وفي خبر الحواريين انه من حواري علي بن الحسينعليه‌السلام وقد شاهد كثيراً من دلائل الأئمةعليهم‌السلام ويأتى في الطاقى رواية تتعلق به ويظهر من رسالة أبي غالب الزراري ان آل أعين وهم أكبر بيت في الكوفة من الشيعة ان أول من عرف منهم عبد الملك عرفه صالح بن ميثم ثم عرفه حمران من

__________________

١ - نفس المصدر: ج٢، ص ٤١ - ٤٢ ، الهامش.

١٦٨

أبي خالد الكابلي(١) .

أبو حنيفة التيمي، النعمان بن ثابت

إمام أصحاب الرأي وفقيه أهل العراق رأى أنس بن مالك وسمع عطاء بن أبي رباح وأبا إسحاق السبيعي ومحارب بن دثار وحماد بن أبي سليمان والهيثم بن حبيب الصواف... وغيرهم

روى عنه أبو يحيى الحماني، وهيثم بن بشير، وعباد بن العوّام... وغيرهم.

وهو من أهل الكوفة نقله أبو جعفر المنصور إلى بغداد فأقام بها حتى مات ودفن بالجانب الشرقي منها في مقبرة الخيزران وقبره هناك ظاهر معروف(٢) .

عن محبوب بن موسى يقول: سمعت ابن اسباط يقول:

ولد أبو حنيفة نصرانياً(٣) .

__________________

١ - الكنى والألقاب، الشيخ عباس القمي: ج١، ص٦٠.

٢ - تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي: ج١٣، ص٣٢٥.

٣ - نفس المصدر: ج٣، ص٣٢٦.

١٦٩

... عن ابن إسحاق البكائي، عن عمر بن حماد بن أبي حنيفة قال:

أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطي، فأما زوطي فإنه من أهل كابل، وولد ثابت على الإسلام، وكان زوطي مملوكاً لبني تيم الله بن ثعلبة، فاعتق، فولاؤه لبني تيم الله بن ثعلبة، ثم لبني قفل، وكان أبو حنيفة خزازاً ودكانه معروف في دار عمرو بن حريث(١) .

عن محمد بن أيوب الزارع قال: سمعت يزيد بن زريع يقول: كان أبو حنيفة نبطياً.

وقال النخعي حدثنا سليمان بن الربيع قال: سمعت الحارث بن إدريس يقول أبو حنيفة أصله من ترمذ(٢) .

حدثنا أبو نعيم قال: ولد أبو حنيفة سنة ثمانين وكان له يوم مات سبعون سنة، ومات في خمسين ومائة، وهو

__________________

١ - نفس المصدر: ج٣، ص٣٢٦.

٢ – تاريخ بغداد للخطيب البغدادي : ج ١٣ ، ص ٣٢٧ ، إصدار دار الكتب العلمية ، بيروت ، الطبعة الأولي ، ١٤١٧ ه / ١٩٩٧ م

١٧٠

النعمان بن ثابت(١) .

حدثنا سعيد بن سالم البصري قال: سمعت أبا حنيفة يقول:

لقيت عطاء بمكة فسألته عن شيء، فقال: من أين أنت؟ قلت من أهل الكوفة، قال: أنت من أهل القرية الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً؟ قلت: نعم، قال: فمن أي الأصناف أنت؟ قلت: ممن لا يسب السلف ويؤمن بالقدر ولا يكفر أحداً بذنب، فقال: لي عطاء: عرفت فالزم(٢) .

يقول أبو حنيفة:... جلست إلى حماد فكنت أسمع مسائله فاحفظ قوله ثم يعيدها من الغد فاحفظها، ويخطئ أصحابه، فقال: لا يجلس في صدر الحلقة بحذائي غير أبي حنيفة، فصحبته عشر سنين، ثم نازعتني نفسي الطلب للرياسة، فأحببت أن اعتزله وأجلس في حلقة لنفسي، فخرجت يوماً بالعشي وعزمي أن أفعل، فلما دخلت المسجد فرأيته لم

__________________

١ - نفس المصدر: ج ١٣ ، ٣٣١.

٢ - نفس المصدر: ج ١٣، ص ٣٣٢.

١٧١

تطب نفسي أن أعتزله، فجئت وجلست معه، فجاءه في تلك الليلة نعي قرابة له قد مات بالبصرة، وترك مالاً وليس له وارث غيره، فأمرني أن أجلس مكانه، فما هو إلا أن خرج حتى وردت علي مسائل لم أسمعها منه، فكنت أجيب وأكتب جوابي، فغاب شهرين، ثم قدم، فعرضت عليه المسائل وكانت نحواً من ستين مسألة، فوافقني في أربعين وخالفني في عشرين، فآليت على نفسي أن لا أفارقه حتى يموت، فلم أفارقه حتى مات(١)

عن البلخي العابد أنبأنا أبو مطيع قال: قال: أبو حنيفة: دخلت على أبي جعفر أمير المؤمنين، فقال: لي: يا أبا حنيفة عمن أخذت العلم؟ قال: قلت: عن حماد عن إبراهيم عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس، قال: فقال: أبو جعفر: بخ بخ استوثقت ما شتت يا أبا حنيفة الطيبين الطاهرين

__________________

١ - تاريخ بغداد للخطيب البغدادي : ج ١٣ ، ص ٣٣٤.

١٧٢

المباركين صلوات الله عليهم(١) .

حدثنا وكيع قال: اجتمع سفيان الثوري وشريك والحسن بن صالح وابن أبي ليلى، فبعثوا إلى أبي حنيفة، قال: فأتاهم، فقالوا له: ما تقول في رجل قتل أباه ونكح أمه وشرب الخمر في رأس أبيه؟ فقال: مؤمن.

فقال له بن أبي ليلى: لا قبلت لك شهادة أبداً.

وقال له سفيان الثوري: لا كلمتك أبداً.

وقال له شريك: لو كان لي من الأمر شيء لضربت عنقك.

وقال له الحسن بن صالح: وجهي من وجهك حرام ان أنظر إلى وجهك أبداً(٢)

عن سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد بن زيد قال: جلست إلى أبي حنيفة، فذكر سعيد بن جبير، فانتحله في الإرجاء، فقلت: يا أبا حنيفة من حدثك؟ قال: سالم الأفطس، قال: قلت له: سالم

__________________

١ - نفس المصدر: ج ١٣ ، ص ٣٣٤ - ٣٣٥.

٢ – الكنى و الألقاب للقمي : ج ١ ، ص ٥٤

١٧٣

الأفطس كان مرجئاً، ولكن حدثني أيوب قال، رآني سعيد بن جبير جلست إلى طلق، فقال: ألم أرك جلست إلى طلق؟ لا تجالسه، قال حماد: وكان طلق يرى الإرجاء، قال: فقال رجل لأبي حنيفة: يا أبا حنيفة ما كان رأى طلق؟ فأعرض عنه ثم سأله فأعرض عنه، ثم قال: ويحك كان يرى العدل واللفظ لحديث بن الغلابي.

حدثنا عبد الله بن محمد بن عمرو قال: سمعت أبا مسهر يقول: كان أبو حنيفة رأس المرجئة.

حدثنا أبو يحيى محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ عن أبيه قال: دعاني أبو حنيفة إلى الإرجاء.

حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ قال: سمعت أبي يقول دعاني أبو حنيفة إلى الإرجاء فأبيت(١) .

حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا أحمد بن الخليل، حدثنا عبدة قال: سمعت ابن المبارك وذكر أبا حنيفة

__________________

١ - تاريخ بغداد للخطيب البغدادي : ج ١٣ ، ص ٣٧٠ - ٣٧١

١٧٤

فقال: رجل هل كان فيه من الهوى شيء؟ قال: نعم الإرجاء.

وقال يعقوب: حدثنا أبو جزى عمرو بن سعيد بن سالم قال: سمعت جدي قال: قلت لأبي يوسف: أكان أبو حنيفة مرجئاً؟ قال: نعم، قلت: أكان جهمياً؟ قال: نعم، قلت: فأين أنت منه؟ قال: إنما كان أبو حنيفة مدرساً فما كان من قوله حسناً قبلناه وما كان قبيحاً تركناه عليه.

حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا محمد بن سعيد عن أبيه قال: كنت مع أمير المؤمنين موسى بجرجان ومعنا أبو يوسف، فسألته عن أبي حنيفة فقال: وما تصنع به وقد مات جهمياً.

حدثنا علي بن عثمان قال: سمعت زنبوراً يقول: سمعت أبا حنيفة يقول: قدمت علينا امرأة جهم بن صفوان فأدبت نساءنا.

أبو الأخنس الكناني قال: رأيت أبا حنيفة، أو حدثني الثقة أنه رأى أبا حنيفة آخذاً بزمام بعير مولاة للجهم قدمت خراسان يقود جملها بظهر

١٧٥

الكوفة يمشي.

بشر بن الوليد قال: سمعت أبا يوسف يقول: قال أبو حنيفة: صنفان من شر الناس بخراسان الجهمية والمشبهة وربما قال: والمقاتلية.

يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني عن أبيه: سمعت أبا حنيفة يقول: جهم بن صفوان كافر.

ما قيل في أبي حنيفة:

عن الحسن بن سليمان أنه قال: في تفسير الحديث: ((لا تقوم الساعة حتى يظهر العلم))، قال: هو علم أبي حنيفة وتفسيره الآثار.

محمد بن سلمة يقول: قال: خلف بن أيوب: صار العلم من الله تعالى إلى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم صار إلى أصحابه ثم صار إلى التابعين ثم صار إلى أبي حنيفة وأصحابه فمن شاء فليرض ومن شاء فليسخط.

عن أحمد بن عطية العوفي، حدثنا منجاب، قال: سمعت أبا بكر بن عياش يقول: أبو حنيفة أفضل أهل زمانه.

عن عبد الله بن أبي جعفر الرازي، قال:

١٧٦

سمعت أبي يقول: ما رأيت أحداً أفقه من أبي حنيفة، وما رأيت أحداً أروع من أبي حنيفة.

عن أبي مطيع الحكم بن عبد الله يقول: ما رأيت صاحب - يعني حديث - أفقه من سفيان الثوري، وكان أبو حنيفة أفقه منه(١) .

قال: الخطيب البغدادي: ما حكي عن أبي حنيفة:

١ - حدثنا وكيع، قال: سمعت الثوري يقول: نحن المؤمنون وأهل القبلة عندنا مؤمنون في المناكحة والمواريث والصلاة والإقرار ولنا ذنوب ولا ندري ما حالنا عند الله؟ قال: وكيع: وقال: أبو حنيفة: من قال: بقول سفيان هذا فهو عندنا شاك نحن المؤمنون هنا وعند الله حقاً، قال: وكيع: ونحن نقول بقول سفيان وقول أبي حنيفة عندنا جرأة.

٢ - حدثنا حمزة بن الحارث بن عمير

__________________

١ - تاريخ بغداد للخطيب البغدادي : ج ١٣ ، ص ٣٣٦ - ٣٤١

١٧٧

عن أبيه قال: سمعت رجلاً يسأل أبا حنيفة في المسجد الحرام عن رجل قال: أشهد أن الكعبة حق ولكن لا أدري هي هذه التي بمكة أم لا؟ فقال: مؤمن حقاً، وسأله عن رجل قال: أشهد أن محمد بن عبد الله نبي ولكن لا أدري هو الذي قبره بالمدينة أم لا؟ فقال: مؤمن حقاً قال: الحميدي ومن قال: هذا فقد كفر، قال: وكان سفيان يحدث به عن حمزة بن الحارث(١) .

٣ - حدثنا محمد بن محمد الباغندي، حدثنا أبي قال: كنت عند عبد الله بن الزبير فأتاه كتاب أحمد بن حنبل: اكتب إلي بأشنع مسألة عن أبي حنيفة، فكتب إليه: حدثني الحارث بن عمير قال: سمعت أبا حنيفة يقول لو أن رجلاً قال: أعرف لله بيتاً ولا أدري أهو الذي بمكة أو غيره أمؤمن هو؟ قال: نعم، ولو أن رجلاً قال: أعلم أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد مات ولا أدري أدفن بالمدينة أو غيرها

__________________

١ - تاريخ بغداد للخطيب البغدادي : ج ١٣ ، ص ٣٦٧

١٧٨

أمؤمن هو؟ قال: نعم!

٤ - قال: الحارث بن عمير وسمعته يقول: لو أن شاهدين شهدا عند قاضي أن فلان بن فلان طلق امرأته وعلما جميعاً أنهما شهدا بالزور ففرق القاضي بينهما ثم لقيها أحد الشاهدين فله أن يتزوج بها؟ قال: نعم، قال: ثم علم القاضي بعد، ألَه أن يفرق بينهما؟ قال: لا.

٥ - أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق وأبو بكر البرقاني قالا: أخبرنا محمد بن جعفر بن الهيثم الأنباري قال: حدثنا... قال: سمعت حمزة بن الحارث بن عمير ذكره عن أبيه قال: قلت لأبي حنيفة أو قيل له وهو يسمع رجل قال: أشهد أن الكعبة حق غير أني لا أدري أهو هذا البيت الذي يحج الناس إليه ويطوفون حوله أو بيت بخراسان أمؤمن هذا؟ وقال: البرقاني أمؤمن هو؟ قال: نعم.

٦ -... عن سفيان الثوري قال: حدثنا عباد بن كثير قال: قلت لأبي حنيفة: رجل قال: أنا أعلم أن الكعبة

١٧٩

حق وأنها بيت الله ولكن لا أدري هي التي بمكة أو هي بخراسان أمؤمن هو؟ قال: نعم مؤمن، قلت له: فما تقول في رجل قال: أنا أعلم أن محمداً رسول الله ولكن لا أدري هو الذي كان بالمدينة من قريش أو محمد آخر أمؤمن هو؟ قال: نعم، قال: مؤمل قال: سفيان وأنا أقول: من شك في هذا فهو كافر.

٧ -... علي بن عثمان بن نفيل: حدثنا أبو مسهر حدثنا يحيى بن حمزة وسعيد يسمع أن أبا حنيفة قال: لو أن رجلاً عبد هذه النعل يتقرب بها إلى الله لم أرى بذلك بأساً فقال: سعيد هذا الكفر صراحاً(١) .

٨ -... عن إسماعيل بن عيسى بن علي قال: قال: لي شريك: كفر أبو حنيفة بآيتين من كتاب الله تعالى، قال: الله تعالى:( وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ

__________________

١ - تاريخ بغداد للخطيب البغدادي : ج ١٣ ، ص ٣٦٧ - ٣٦٩.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750