رجال في التّارِيخ الجزء ١

رجال في التّارِيخ7%

رجال في التّارِيخ مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 750

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 750 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 15168 / تحميل: 1719
الحجم الحجم الحجم
رجال في التّارِيخ

رجال في التّارِيخ الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

ولأنّه لم يغرم سواها.

وبه قال أحمد(١) .

والثاني : أنّه يرجع بالألف ؛ لأنّه قد حصّل براءة ذمّته بما فَعَل ، ومسامحة ربّ الدَّيْن جرت معه(٢) .

ولو باع العبد بألف وتقاصّا ، احتُمل الرجوع بالألف ؛ لأنّه ثبت في ذمّته ألف ، وقيمةِ العبد ؛ لأنّ الضمان وُضع للارتفاق.

والشافعيّة على الأوّل خاصّة(٣) .

مسألة ٥٣٩ : لا فرق بين أن يدفع الأقلّ أو الأكثر في القدر أو الوصف فيما ذكرنا‌ ، فلو ضمن ألفاً مكسّرة ودفع ألفاً صحيحة ، لم يكن له الرجوع إلّا بالمكسّرة ؛ لأنّه تبرّع بالزيادة ، فلا يرجع بها.

ولو انعكس الفرض ، فضمن ألفاً صحيحة وأدّى ألفاً مكسّرة ، لم يكن له الرجوع بالصحيحة إلّا بالمكسّرة ؛ لأنّه إنّما يرجع بما غرم وبالأقلّ من المغروم والمال.

وللشافعيّة فيما إذا أدّى الضامن [ غير ](٤) الأجود قولان :

أحدهما : أنّ فيه الخلاف المذكور في اختلاف الجنس.

والثاني : القطع بأنّه يرجع بما أدّى(٥) .

____________________

(١) المغني والشرح الكبير ٥ : ٨٩ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١٣٢.

(٢) نفس المصادر في الهامش (٢) من ص ٣٥٩.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠٠.

(٤) ما بين المعقوفين أضفناه لاقتضاء ما في المصدر له ، حيث إنّ القولين للشافعيّة في الأداء من غير الأجود.

(٥) الحاوي الكبير ٦ : ٤٣٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٧٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠٠.

٣٦١

والفرق أنّ غير الجنس يقع عوضاً ، والمكسّرة لا تقع عوضاً عن الصحاح ، ولا يبقى إلّا رعاية حكم الإيفاء والاستيفاء.

مسألة ٥٤٠ : لو ضمن ألفاً ودفع إليه عبداً قيمته ستمائة ، فقال للمضمون له : بعتُ منك هذا العبد بما ضمنته لك عن فلان ، ففي صحّة البيع وجهان للشافعيّة‌(١) . فإن صحّحنا البيع ، رجع بالأقلّ - عندنا - من المال المضمون ومن قيمة العبد ، وهو أحد وجهي الشافعيّة.

وفي الثاني : يرجع بما ضمنه(٢) .

ولو لم يضمن ، بل أذن له المديون في الأداء بشرط الرجوع لو صالَح ربّ الدَّيْن على غير جنسه ، فهل له الرجوع أو لا؟ للشافعيّة ثلاثة أوجُه :

أصحّها عندهم : أنّ له الرجوعَ ؛ لأنّ مقصوده أن يبرئ ذمَّتَه وقد فَعَل.

وثانيها : ليس له الرجوع ؛ لأنّه إنّما أذن في الأداء دون المصالحة.

وثالثها : الفرق بين أن يقول : أدِّ ما علَيَّ من الدنانير - مثلاً - فلا يرجع ، وبين أن يقتصر على قوله : أدِّ دَيْني ، أو ما علَيَّ ، فيرجع ، ويرجع بما سبق في الضامن(٣) .

مسألة ٥٤١ : لو ضمن عشرة وأدّى خمسة وأبرأه ربُّ المال عن الباقي ، لم يرجع الضامن إلّا بالخمسة التي غرمها‌ ، وتسقط الخمسة الأُخرى عن الأصيل عندنا ؛ لأنّ إبراء الضامن يستلزم إبراء المضمون عنه ، خلافاً للجمهور ؛ فإنّهم قالوا : تبقى الخمسة في ذمّة الأصيل يطالب بها المضمون له ؛ لأنّ إبراء الضامن لا يوجب براءة الأصيل(٤) .

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠٠.

(٣) الوسيط ٣ : ٢٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠٠.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠١.

٣٦٢

ولو صالحه من العشرة على خمسة ، لم يرجع إلّا بالخمسة أيضاً ، لكن يبرأ الضامن والأصيل عن الباقي وإن كان صلح الحطيطة إبراءً في الحقيقة عند الشافعيّة ؛ لأنّ لفظ الصلح يشعر برضا المستحقّ بالقليل عن الكثير ، بخلاف ما إذا صرّح بلفظ الإبراء عندهم(١) .

واعترض بعض الشافعيّة : بأنّ [ لفظ ](٢) الصلح يتضمّن الرضا بالقليل ممّن يجري الصلح معه ، أم على الإطلاق؟ الأوّل مسلَّم ، والثاني ممنوع ، ولم يتّضح لهم الجواب(٣) .

ولو أدّى الضامن جميع الدَّيْن ولم يُبرئه المضمون له من شي‌ء منه ، لكن وهبه الدَّيْن بعد دفعه(٤) إليه ، فالأقرب : أنّ له الرجوع.

وفيه للشافعيّة وجهان مبنيّان على القولين [ فيما لو وهبت المرأة ](٥) الصداق من الزوج ثمّ طلّقها قبل الدخول(٦) . وسيأتي إن شاء الله تعالى.

مسألة ٥٤٢ : لو ضمن ذمّيٌّ لذمّيٍّ دَيْناً عن مسلمٍ ثمّ تصالحا على خمر ، فهل يبرأ المسلم أم لا؟ يحتمل البراءة‌ ؛ لأنّ المصالحة بين الذمّيّين ، وأن لا يبرأ ، كما لو دفع الخمر بنفسه.

وفيه للشافعيّة وجهان ، فإن قالوا بالأوّل ، ففي رجوع الضامن على‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٧.

(٢) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٧.

(٤) في « ث ، ج ، ر » : « الدفع » بدل « دفعه ».

(٥) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « كما لو وهب ». والصحيح ما أثبتناه كما في المصادر.

(٦) الحاوي الكبير ٦ : ٤٣٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٩ ، الوسيط ٣ : ٢٤٨ ، حلية العلماء ٥ : ٦٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٨ - ١٧٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠٢.

٣٦٣

المسلم وجهان ، إن اعتبروا بما أدّى ، لم يرجع بشي‌ء ، وإن اعتبروا بما أسقط ، يرجع بالدَّيْن(١) .

والوجه عندي : أنّ المضمون عنه يؤدّي أقلّ الأمرين من قيمة الخمر عند مستحلّيه ، ومن الدَّيْن الذي ضمنه.

مسألة ٥٤٣ : لو ضمن الضامنَ ضامنٌ آخَر ، انتقل المال من ذمّة الضامن الأوّل إلى ذمّة الثاني‌ ، وسقطت مطالبة المضمون له عن الأصيل والضامن الأوّل عند علمائنا وجماعةٍ تقدّم(٢) ذكرهم.

وقال أكثر العامّة : لا ينتقل ، بل تبقى الذمم الثلاث مشتركة ، ويصحّ الضمان ؛ لأنّ الحقّ ثابت في ذمّة الضامن ، كما هو ثابت في ذمّة الأصيل ، فإذا جاز أن يضمن عن الأصيل جاز أن يضمن عن الضامن(٣) .

لا يقال : الضمان وثيقة على الحقّ ، فلا يجوز أن يكون له وثيقة ، كما لا يجوز أن يأخذ رهناً بالرهن.

لأنّا نقول : الفرق : أنّ الضمان حقٌّ ثابت في الذمّة ، والرهن حقٌّ متعلّق بالعين ، والرهن لا يصحّ بحقٍّ متعلّقٍ بالعين ، فافترقا.

فإن أدّى الثاني ، فرجوعه على الضامن الأوّل كرجوع الضامن الأوّل على الأصيل ، فيراعى الإذن وعدمه.

وإذا لم يكن له الرجوع على الأوّل ، لم يثبت بأدائه الرجوع للأوّل على الأصيل ؛ لأنّ الضامن إنّما يرجع بما أدّى وغرم ، والضامن الأوّل لم يغرم شيئاً ، فلا يكون له مطالبته بشي‌ء.

____________________

(١) الوسيط ٣ : ٢٥٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٧٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠١.

(٢) في ص ٣٤٢ ، النظر الأوّل من البحث الرابع : في أحكام الضمان.

(٣) المغني ٥ : ٨٣ - ٨٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٨٢ ، وراجع الهامش (٢) من ص ٣٤٤.

٣٦٤

ولو ثبت له الرجوع على الأوّل فرجع عليه ، كان للأوّل الرجوع على الأصيل إذا وجد شرط الرجوع.

ولو أراد الثاني أن يرجع على الأصيل ويترك الأوّل ، فإن كان الأصيل قد قال له : اضمن عن ضامني ، ففي رجوعه عليه للشافعيّة وجهان(١) ، كما لو قال الإنسان : أدِّ دَيْني ، فأدّى ، وليس هذا كقول القائل لغيره : اقض دَيْن فلان ، ففَعَل ، حيث لا يرجع على الآمر ؛ لأنّ الحقّ لم يتعلّق بذمّته.

وإن لم يقل له : اضمن عن ضامني ، فإن كان الحال بحيث لا يقتضي رجوع الأوّل على الأصيل ، لم يرجع الثاني عليه.

وإن كان يقتضيه ، فكذلك على أصحّ الوجهين عندهم ؛ لأنّه لم يضمن عن الأصيل(٢) .

والوجه عندي : أنّه ليس للثاني أن يرجع على الأصيل على كلّ تقدير ، إلّا أن يقول : اضمن عن ضامني ولك الرجوع علَيَّ.

ولو ضمن الثاني عن الأصيل أيضاً ، لم يصح الضمان عندنا إن ضمن للمضمون له ؛ إذ لا مطالبة للمضمون له ، فيكون في الحقيقة ضمان ما لم يجب ، ولا يتحقّق سبب الوجوب. وإن ضمن للضامن ، فالأقوى : الجواز ؛ لوجود سبب الوجوب.

وعند أكثر العامّة يصحّ ضمان الثاني عن الأصيل ؛ لشغل ذمّته وذمّة الضامن الأوّل معاً ، فتتشارك الذمم الثلاث في الشغل ، فحينئذٍ لا يرجع أحد الضامنين على الآخَر ، وإنّما يرجع المؤدّي على الأصيل(٣) .

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠١.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠١.

(٣) حلية العلماء ٥ : ٦٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠١ ، المغني ٥ : ٨٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٧٣.

٣٦٥

ولو ضمن عن الأوّل والأصيل جميعاً ، لم يصح ضمانه عن الأصيل عندنا.

وعندهم يصحّ ، فإن أدّى ، كان له أن يرجع على أيّهما شاء ، وأن يرجع بالبعض على هذا وبالبعض على ذاك. ثمّ للأوّل الرجوع على الأصيل بما غرم إذا وجد شرط الرجوع(١) .

مسألة ٥٤٤ : لو كان لرجلٍ على اثنين عشرةٌ على كلّ واحدٍ منهما خمسةٌ فضمن كلّ واحدٍ منهما صاحبَه‌ ، فإن أجاز المضمون له الضمانَ ، لم يُفد الضمان شيئاً عندنا في باب المطالبة ؛ لأنّ الضمان عندنا ناقل ، فإذا ضمن كلّ واحدٍ منهما الآخَر ، فقد انتقل ما على كلّ واحدٍ منهما إلى الآخَر وكانا في الدَّيْن كما كانا قبل الضمان ، إلّا أنّه يستفاد بالضمان صيرورة المال الأصلي في ذمّة كلّ واحدٍ منهما منتقلاً إلى ذمّة الآخَر.

ولا نقول : إنّه يبطل الضمان من أصله ؛ لأنّه قد يستفاد منه فائدة ، وهي : لو أدّى أحد الضامنين عن مال الضمان بعضَه ثمّ أبرأه صاحب الدَّيْن من الباقي ، لم يكن له الرجوع على المضمون عنه إلّا بما أدّاه.

وإن لم يأذن لهما المضمون له بالضمان فضمنا ، فإن رضي بضمان أحدهما خاصّةً ، كان الدَّيْنان معاً عليه ، ولم يبق له مطالبة الآخَر ، لكنّ الضامن يرجع على الآخَر إن ضمن بإذنه ، وإلّا فلا.

وعند أكثر العامّة يصحّ ضمان كلٍّ منهما عن صاحبه ، ويبقى كلّ الدَّيْن مشتركاً في ذمّتهما معاً على ما هو أصلهم ، فلربّ المال - عندهم - أن يطالبهما معاً ومَنْ شاء منهما بالعشرة ، فإن أدّى أحدهما جميعَ العشرة ، برئا‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠١ - ٥٠٢.

٣٦٦

معاً ، وللمؤدّي الرجوع بخمسة إن وجد شرط الرجوع. وإن أدّى كلّ واحدٍ منهما خمسةً عمّا عليه ، فلا رجوع ، فإن أدّاها عن الآخَر ، فلكلّ واحدٍ الرجوعُ على الآخَر. ويجي‌ء خلاف التقاصّ.

وإن أدّى أحدهما خمسةً ولم يؤدّ الآخَر شيئاً ، فإن أدّاها عن نفسه ، برئ المؤدّي عمّا كان عليه وصاحبُه عن ضمانه ، وبقي على صاحبه ما كان عليه ، والمؤدّي ضامن له.

وإن أدّاها عن صاحبه ، رجع عليه بالمغروم ، وبقي عليه ما كان عليه(١) ، وصاحبه ضامن له.

وإن أدّاها عنهما ، فلكلٍّ نصفُ حكمه(٢) .

وإن أدّى ولم يقصد شيئاً ، فوجهان عندهم(٣) : التقسيط عليهما ؛ لأنّه لو عيّنه عن كلّ واحدٍ منهما ، وَقَع ، فإذا أطلق اقتضى أن يكون بينهما ؛ لاستوائهما فيه. وأن يقال : اصرفه إلى ما شئت ، كما لو أعتق عبده عن كفّارته وكان عليه كفّارتان ، كان له تعيين العتق عن أيّهما شاء. وكذا في زكاة المالَيْن.

ومن فوائده أن يكون بنصيب أحدهما رهنٌ ، فإذا قلنا : له صرفه إلى ما شاء ، فصَرَفه إلى نصيبه ، انفكّ الرهن ، وإلّا فلا.

ولو اختلفا فقال المؤدّي : أدّيتُ عمّا علَيَّ ، فقال ربّ المال : بل أدّيتَ عن صاحبك ، فالقول قول المؤدّي مع يمينه ، وإنّما أحلفناه ؛ لأنّه قد‌

____________________

(١) كلمة « عليه » لم ترد في « ر ، ث ».

(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٤٤٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠٢ - ٥٠٣.

(٣) الحاوي الكبير ٦ : ٤٤٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠٣.

٣٦٧

يتعلّق بهذا فوائد ، وإن كان قد يستحقّ المطالبة بالكلّ ؛ لأنّه قد يكون ثمناً ، فإذا أفلس ، رجع في المبيع ، ويسقط أيضاً عن صاحبه ، فإذا حلف ، برئ عمّا كان عليه ، ولربّ المال مطالبته بخمسة ؛ لأنّه إن كان صادقاً ، فالأصل باقٍ عليه. وإن كان كاذباً ، فالضمان باقٍ.

وقال بعض الشافعيّة : لا مطالبة له ؛ لأنّه إمّا أن يطالب عن جهة الأصالة وقد حكم الشرع بتصديق المؤدّي في البراءة عنها ، أو عن جهة الضمان وقد اعترف ربّ المال بأنّه أدّى عنها.

هذا حكم الأداء ، أمّا لو أبرأ ربّ الدَّيْن أحدهما عن جميع العشرة ، برئ أصلاً وضماناً عندهم ، وبرئ الآخَر عن الضمان دون الأصيل عندهم ؛ لأنّ الدَّيْن عندهم لا يسقط عن المضمون عنه بسقوطه عن الضامن.

وعندنا يسقط.

ولو أبرأ أحدهما عن خمسة ، فإن أبرأه عن الأصيل ، برئ عنه وبرئ صاحبه عن ضمانه ، وبقي عليه ضمان ما على صاحبه. وإن أبرأه عن الضمان ، برئ عنه ، وبقي عليه الأصلُ ، وبقي على صاحبه الأصلُ والضمان.

وإن أبرأه من الخمسة عن الجهتين(١) جميعاً ، سقط عنه نصف الأصل ونصف الضمان ، وعن صاحبه نصفُ الضمان ، ويبقى عليه الأصلُ ونصفُ الضمان فيطالبه بسبعة ونصف ، ويطالب المبرأ عنه بخمسة.

وإن لم يَنْوِ عند الإبراء شيئاً ، فيُحمل على النصف ، أو يُخيّر ليصرف إلى ما شاء؟ فيه الوجهان.

ولو قال المبرئ : أبرأت عن الضمان ، وقال المبرأ عنه : بل عن الأصل ، فالقول قول المبرئ(٢) .

____________________

(١) أي : جهتا الأصالة والضمان.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠٣.

٣٦٨

هذا كلّه على مذهب الشافعي ، وقد بيّنّا مذهبنا في صدر المسألة.

مسألة ٥٤٥ : لو كان على زيد عشرة فضمنها اثنان كلّ واحدٍ منهما خمسة ، وضمن أحدهما عن الآخَر وبالعكس ، فقد بيّنّا أنّه بمنزلة عدم الضمان‌ إذا أجاز المضمون له ضمانهما معاً.

وعند أكثر العامّة يصحّ ضمانهما معاً ، فلربّ المال - عندهم - مطالبة كلّ واحدٍ منهما بالعشرة نصفها عن الأصيل ونصفها عن الضامن الآخَر ، فإن أدّى أحدهما جميعَ العشرة ، رجع بالنصف على الأصيل وبالنصف على صاحبه.

وهل له الرجوع بالكلّ على الأصيل إذا كان لصاحبه الرجوعُ عليه إن غرم؟ فيه الوجهان عندهم.

وإن لم يؤدّ إلّا خمسة ، فإن أدّاها عن الأصيل أو عن صاحبه أو عنهما ، ثبت له الرجوع بخمسة(١) .

مسألة ٥٤٦ : لو باع شيئاً وضمن ضامنٌ الثمنَ فهلك المبيع قبل القبض‌ ، أو وجد به عيباً فردّه ، أو ضمن الصداق فارتدّت المرأة قبل الدخول ، أو فسخت بعيبٍ ، فإن كان ذلك قبل أن يؤدّي الضامن ، برئ الضامن والأصيل.

وإن كان بعده فإن كان بحيث يثبت له الرجوع ، رجع بالمغروم على الأصيل ، ورجع الأصيل على ربّ المال بما أخذ إن كان هالكاً ، وإن كان باقياً ، ردّ عينه.

وهل له إمساكه وردّ بدله؟ فيه خلاف مأخوذ ممّا إذا ردّ المبيع بعيبٍ‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠٢.

٣٦٩

وعين الثمن عند البائع ، فأراد إمساكه وردّ مثله.

والأصحّ : المنع ، وبه قال الشافعي(١) .

ولو كان الذي دفعه الضامن أجود أو أزيد ، فالأقرب : أنّه ليس للأصيل أخذُ الزيادة.

وإنّما يغرم ربّ المال للأصيل دون الضامن ؛ لأنّ في ضمن الأداء عنه إقراضه وتمليكه إيّاه.

وإن كان بحيث لا يثبت له الرجوع ، فلا شي‌ء للضامن على الأصيل ، وعلى المضمون له ردّ ما أخَذَه.

وعلى مَنْ يردّ؟ فيه احتمال أن يردّه على الضامن ، أو على الأصيل. وسيأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى في المتبرّع بالصداق إذا طلّق الزوج قبل الدخول.

مسألة ٥٤٧ : لو كان لرجلٍ على آخَر دَيْنٌ فادّعى صاحبُ الدَّيْن على آخَر بأنّه ضمنه له على المديون‌ ، فأنكر الضامن الضمانَ ، سقط حقّ ربّ المال عن الأصيل عندنا ؛ لانتقال المال عن ذمّته إلى ذمّة الضامن ، خلافاً لأكثر العامّة(٢) .

ثمّ مدّعي الضمان إن لم تكن له بيّنة فأحلف الضامن على أنّه لم يضمن ، سقط ما لَه ، أمّا عن الضامن : فلبراءته باليمين ، وأمّا عن الأصيل : فلاعترافه ببراءة ذمّته بالضمان.

وإن كان له بيّنة فأقامها على الضامن بالضمان ، ثبت له عليه المطالبة ، فإذا رجع عليه بالمال ، رجع الضامن على الأصيل وإن كان قد كذّب المدّعي‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠٢.

(٢) راجع الهامش (٢) من ص ٣٤٤.

٣٧٠

للضمان ؛ لأنّ البيّنة أبطلت حكم إنكاره ، فكأنّه لم ينكره.

وهذا كما لو اشترى عيناً فادّعى آخَر أنّها ملكه وأنّ بائعها غصبها منه ، فقال المشتري في جوابه : إنّها ملك بائعي وليس لك فيها حقٌّ ، وإنّها اليوم ملكي ، فأقام المدّعي البيّنة ، فإنّ المشتري يرجع على البائع وإن أقرّ له بالملك.

وكذا لو باع عيناً على رجل وادّعى على آخَر أنّه ضمن الثمن عن المشتري وأقام على ذلك بيّنةً وأخذ الثمن من الضامن ، يرجع الضامن على الأصيل.

واعترض بعض الشافعيّة : بأنّ البيّنة إنّما تُقام عند الإنكار ، وإذا أنكر كان مكذّباً للبيّنة زاعماً أنّ صاحب المال ظالم فيما أخذ منه ، فكيف يرجع على الأصيل بما ظلمه به والمظلوم إنّما يرجع على ظالمه!؟(١) .

والجواب : نمنع أنّ البيّنة إنّما تُقام عند الإنكار ، بل يجوز أن يُقرّ الضامن وتقام البيّنة للإثبات على الأصيل.

سلّمنا أنّه لم يُقرّ ، لكنّ البيّنة لا تستدعي الإنكار بخصوصه ، بل يكفي الإنكار وما يقوم مقامه كالسكوت ، فربما كان ساكتاً.

سلّمنا استدعاءها الإنكار ، لكنّها لا تستدعي الإنكار منه بخصوصه ، بل يكفي صدور الإنكار من وكيله في الخصومات ، فلعلّ البيّنة أُقيمت في وجه وكيله المنكر.

سلّمنا أنّه أنكر ، لكنّه ربما أنكر الضمان وسلّم البيع ، وهذا الإنكار لو مَنَع لكان مانعاً للرجوع بجهة غرامة المضمون.

وجائزٌ أن يكون هذا الرجوع باعتبار أنّ المدّعي ظَلَمه بأخذ ما على الأصيل منه ، وللظالم مثل المأخوذ على الغائب ، فيأخذ حقّه ممّا عنده.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨٠.

٣٧١

أمّا لو وجد منه التكذيب القاطع لكلّ الاحتمالات ، فأصحّ وجهي الشافعيّة أنّه يمنع من الرجوع(١) .

وقيل : لا يمنع(٢) على ما اخترناه أوّلاً.

البحث الخامس : في اللواحق.

مسألة ٥٤٨ : كلّ موضعٍ قلنا فيه بأنّ المأذون له في الأداء أو الضامن يرجع على الآذن والمضمون عنه بما غرم‌ فإنّما هو مفروض فيما إذا أشهد المؤدّي أو الضامن على الأداء شهادةً يثبت بها الحكم ، سواء أشهد رجلين أو رجلاً وامرأتين.

ولو أشهد واحداً اعتماداً على أن يحلف معه ، فالوجه : الاكتفاء ؛ لأنّ الشاهد مع اليمين حجّة في نظر الشرع ، كافية لإثبات الأداء ، عند أكثر العلماء(٣) ، وهو أحد وجهي الشافعيّة.

والثاني : أنّه لا يكفي ؛ لأنّهما قد يترافعان إلى حنفيٍّ لا يقضي بالشاهد واليمين ، فكان ذلك ضرباً من التقصير(٤) .

وإنّما تنفع الشهادة ما إذا أشهد عَدْلين أو عَدْلاً وامرأتين ثقتين أو عَدْلاً واحداً على الخلاف.

ولو أشهد فاسقين مشهورين بالفسق ، لم يكف ، وكان مقصّراً.

ولو أشهد مستورين فبانا فاسقين ، فالأقرب : الاكتفاء ؛ إذ يمتنع الاطّلاع على البواطن ، فكان معذوراً ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة.

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨٠.

(٣) المغني ١٢ : ١١ ، الشرح الكبير ١٢ : ٩٤.

(٤) الحاوي الكبير ٦ : ٤٥٠ ، الوسيط ٣ : ٢٥٣ ، حلية العلماء ٥ : ٨٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨٠ - ١٨١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠٤.

٣٧٢

وفي الثاني : لا يكفي ، ويكون بمنزلة مَنْ لم يُشهد ؛ لأنّ الحقّ لا يثبت بشهادتهما(١) .

وهو غلط ، كما لو فسقا بعد الإشهاد والأداء.

ولا تكفي شهادة مَنْ يُعرف ظعنه(٢) عن قريبٍ ؛ لأنّه لا يفضي إلى المقصود.

أمّا إذا أدّى من غير إشهادٍ ، فإن كان الأداء في غيبة الأصيل ، فهو مقصّر بترك الإشهاد ؛ إذ كان من حقّه الاحتياط وتمهيد طريق الإثبات. وإن كان بحضوره ، فلا تقصير.

مسألة ٥٤٩ : لو جحد ربّ الدَّيْن أداء الضامن إليه ، وادّعاه الضامن ، ولا بيّنة ، فإن كذّب الأصيل الضامنَ في الدفع ، لم يرجع عليه‌ ، فإذا حلف ربّ الدَّيْن ، أخذ من الضامن ثانياً ، ويرجع الضامن على المضمون عنه بما أدّاه ثانياً ، إلّا أن يكون الذي أدّاه أوّلاً أقلَّ مقداراً أو أقلَّ صفةً وادّعى رضاه به ، فإنّه يرجع بما أدّاه أوّلاً.

وإن صدّقه الأصيل ، فالأقوى : رجوع الضامن عليه بما أدّاه أوّلاً إن ساوى الحقّ أو قصر عنه ، لا بما يؤدّيه ثانياً بحلف المضمون له ، ويؤدّي الضامن إلى المضمون له ثانياً لحلفه.

وللشافعيّة فيه وجهان ، هذا أحدهما.

والثاني : أنّه ليس له الرجوع بما أدّاه أوّلاً وصدّقه عليه ؛ لأنّه لم يؤدّ بحيث ينتفع به الأصيل ، فإنّ ربّ المال منكر ، والمطالبة بحالها(٣) .

____________________

(١) الوسيط ٣ : ٢٥٣ ، حلية العلماء ٥ : ٨٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠٤.

(٢) ظعن : سار. الصحاح ٦ : ٢١٥٩ « ظعن ». والمراد هنا السفر.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠٤.

٣٧٣

ولا بأس به عندي.

فعلى هذا القول لو كذّبه الأصيل هل يحلف؟ قال بعض الشافعيّة : يبنى على أنّه لو صدّقه هل يرجع عليه؟ إن قلنا : نعم ، حلّفه على نفي العلم بالأداء. وإن قلنا : لا يرجع ، يبنى على أنّ النكولَ وردَّ اليمين كالإقرار ، أو كالبيّنة؟ إن قلنا بالأوّل ، لم يحلّفه ؛ لأنّ غايته أن ينكل فيحلف الضامن ، فيكون كما لو صدّقه ، وذلك لا يفيد الرجوع. وإن قلنا بالثاني ، حلّفه طمعاً في أن ينكل فيحلف(١) ، فيكون كما لو أقام البيّنة(٢) .

ولو كذّبه الأصيل وصدّقه ربّ المال ، فالأقوى : أنّه يرجع على الأصيل ؛ لسقوط المطالبة بإقراره ، وإقراره أقوى من البيّنة مع إنكاره ، وهو أظهر قولَي الشافعيّة.

والثاني : أنّه لا يرجع ، ولا ينهض قول ربّ المال حجّةً على الأصيل(٣) .

ولو أدّى في حضور الأصيل ، قال بعض الشافعيّة : إنّه لا يرجع(٤) ، كما لو ترك الإشهاد في غيبته(٥) .

وظاهر مذهب الشافعي : أنّه يرجع(٦) ؛ لأنّه حال الغيبة مستبدّ بالأمر ، فعليه الاحتياط والتوثيق بالإشهاد ، وإذا كان الأصيل حاضراً ، فهو أولى بالاحتياط ، والتقصير بترك الإشهاد في حضوره مستند إليه(٧) .

مسألة ٥٥٠ : إذا توافق الأصيل والضامن على أنّ الضامن أشهد بالأداء‌

____________________

(١) في « ج ، ر » والمصدر : « ويحلف ».

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠٤.

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « إنّه يرجع ». وما أثبتناه كما في المصدر.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠٤.

(٦) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « أنّه لا يرجع ». وما أثبتناه كما في المصدر.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠٤.

٣٧٤

ولكن مات الشهود أو غابوا ، ثبت له الرجوع على الأصيل ؛ لاعترافه بأنّ الضامن أتى بما عليه من الإشهاد والتوثيق ، والموت والغيبة ليسا إليه ، وهو قول الشافعي(١) .

ونَقَل الجويني وجهاً بعيداً : أنّه لا يرجع ؛ إذ لم ينتفع بأدائه ، فإنّ القولَ قولُ ربّ المال في نفي الاستيفاء(٢) .

ولو ادّعى الضامنُ الإشهادَ ، وأنكر الأصيلُ الإشهادَ ، فالقولُ قولُ الأصيل مع اليمين ؛ لأصالة عدم الإشهاد ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة.

والثاني : أنّ القولَ قولُ الضامن ؛ لأنّ الأصل عدم التقصير. ولأنّه قد يكون صادقاً ، وعلى تقدير الصدق يكون منعه من الرجوع إضراراً ، فليصدَّق ؛ للضرورة ، كما يصدَّق الصبي في دعوى البلوغ ؛ إذ لا يُعرف إلاّ من جهته(٣) .

ولو قال : أشهدت فلاناً وفلاناً ، وكذّباه ، فهو كما لو لم يُشهد.

ولو قالا : لا ندري وربما نسيناه ، احتُمل تصديقه وتكذيبه.

ولو أقام بيّنةً على الشاهدين بأنّهما أقرّا بالشهادة ، فالأقوى : السماع.

وإذا لم يُقم بيّنةً على الأداء وحلف ربّ المال ، بقيت مطالبته بحالها ، فإن أخذ المال من الأصيل ، فذاك. وإن أخذه من الضامن مرّةً أُخرى ، لم يرجع بهما ؛ لأنّه مظلوم بإحداهما ، فلا يرجع إلّا على مَنْ ظَلَمه.

وفي قدر رجوعه للشافعيّة وجهان :

أحدهما : أنّه لا يرجع بشي‌ء ، أمّا بالأوّل(٤) : فلأنّه قصّر عند أدائه بترك الإشهاد. وأمّا بالثاني(٥) : فلاعترافه بأنّه مظلوم به.

والأظهر عندهم : أنّه يرجع ؛ لأنّه غرم لإبراء ذمّته(٦) .

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠٤.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨١ - ١٨٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠٤.

(٤ و ٥) أي : المبلغ الأوّل المبلغ الثاني.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠٥.

٣٧٥

وعلى هذا [ هل ](١) يرجع بالأوّل ؛ لأنّه المبرئ للذمّة ، أو بالثاني ؛ لأنّه المسقط للمطالبة؟ فيه لهم وجهان(٢) .

مسألة ٥٥١ : إذا ضمن المريض في مرض موته ، فإن كان على وجهٍ يثبت له الرجوع ووجد الضامن مالاً يرجع فيه ، فالضمان صحيح‌ ، يُخرج من صلب المال ؛ لأنّه عقد شرعيّ ناقل للمال ولم يوجد تبرّعٌ من المريض ، فكان ماضياً من الأصل.

وإن كان الضمان متبرَّعاً به غير متضمّن للرجوع ، أو كان بالسؤال وله الرجوع ، لكن لم يجد مالاً يرجع فيه ، بأن يموت الأصيل معسراً ، فهذا الضمان من الثلث ؛ لأنّه تبرّعٌ محضٌ ، فلا ينفذ في أكثر من الثلث. فإذا ضمن المريض تسعين درهماً عن رجلٍ بأمره ، ولا مال للمريض سوى التسعين ومات الأصيل ولم يترك إلاّ نصف التسعين ومات الضامن ، دَخَلها الدور.

وتقريره أن نقول : إذا وفت التركة بثلثي الدَّيْن ، فلا دَوْر ؛ لأنّ صاحب الحقّ إن أخذ الحقَّ من تركة الضامن ، رجع ورثته بثلثي الدَّيْن في تركة الأصيل. وإن أخذ تركة الأصيل وبقي شي‌ء ، أخذه من تركة الضامن ، ويقع تبرّعاً ؛ لأنّ ورثة الضامن لا يجدون مرجعاً.

وإن لم تف التركة بالثلثين - كما في هذه الصورة - فقد ثبت الدَّوْر.

وتحقيقه أن نقول : صاحب الحقّ بالخيار إن شاء أخذ تركة الأصيل بتمامها ، وحينئذٍ فلا دَوْر أيضاً ، وله مطالبة ورثة الضامن بثلاثين درهماً ، ويقع تبرّعاً ؛ إذ لم يبق للأصيل تركة حتى يُفرض فيها رجوعٌ.

____________________

(١) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠٥.

٣٧٦

فإن أراد الأخذ من تركة الضامن ، لزم الدَّوْر ؛ لأنّ ما يغرمه ورثة الضامن يرجع إليهم بعضُه من جهة أنّه يصير المغروم دَيْناً لهم على الأصيل يتضاربون به مع صاحب الحقّ في تركته ، ويلزم من رجوع بعضه زيادة التركة ، ومن زيادة التركة زيادة المغروم ، ومن زيادة المغروم زيادة الراجع.

وطريق معرفته أن يقال : يأخذ صاحب الحقّ من ورثة الضامن شيئاً ، ويرجع إليهم مثل نصفه ؛ لأنّ تركة الأصيل نصف تركة الضامن ، فيبقى عندهم تسعون إلّا نصف شي‌ء ، وهي تعدل مِثْلَي ما تلف بالضمان ، والتالف نصف شي‌ء ، فمِثْلاه شي‌ءٌ ، فإذَنْ تسعون إلّا نصف شي‌ء يعدل شيئاً ، فإذا جبرنا وقابلنا ، عدلت تسعون شيئاً ونصف شي‌ء ، فيكون الشي‌ء ستّين ، فبانَ لنا أنّ المأخوذ ستّون ، وحينئذٍ تكون الستّون دَيْناً لهم على الأصيل ، وقد بقي لصاحب الحقّ ثلاثون ، فيضاربون في تركته بسهمين وسهمٍ ، وتركته خمسة وأربعون يأخذ منها الورثة ثلاثين ، وصاحب الحقّ خمسةَ عشر ، ويعطّل باقي دَيْنه ، وهو خمسة عشر ، فيكون الحاصل للورثة ستّين ، ثلاثون بقيت عندهم ، وثلاثون أخذوها من تركة الأصيل ، وذلك مِثْلا ما تلف ووقع تبرّعاً ، وهو ثلاثون.

ولو كانت المسألة بحالها لكن تركة الأصيل ثلاثون ، قلنا : يأخذ صاحب الحقّ شيئاً ، ويرجع إلى ورثة الضامن مثل ثلثه ؛ لأنّ تركة الأصيل ثلث تركة الضامن ، فيبقى عندهم تسعون ناقصةً ثلثَي شي‌ء تعدل مثْلَي المتلف بالضمان ، وهو ثلثا شي‌ء ، فمِثْلاه شي‌ء وثلث ، فإذَنْ تسعون إلاّ ثلثَي شي‌ء تعدل شيئاً وثلثاً ، فيُجبر ويُقابل ، عدلت تسعون شيئين ، فالشي‌ء خمسة وأربعون ، وذلك ما أخذه صاحب الحقّ ، وصار دَيْناً لورثة الضامن على الأصيل ، وبقي لصاحب الحقّ عليه خمسة وأربعون أيضاً ، فيتضاربون‌

٣٧٧

في تركته بسهمٍ وسهمٍ ، فيجعل بينهما نصفين.

ولو كانت تركة الأصيل ستّين ، فلا دَوْر ، بل لصاحب الحقّ أخذ تركة الضامن كلّها بحقّ الرجوع ، ويقع الباقي تبرّعاً.

ولو كانت المسألة بحالها وكان قد ضمن عن الضامن ضامنٌ ثانٍ ومات الضامن الثاني ولم يترك إلّا تسعين درهماً أيضاً ، كان لصاحب الحقّ أن يطالب ورثة أيّهما شاء.

فإن طالَب به ورثة الضامن الأوّل ، قال بعض الشافعيّين : كان كالمسألة الأُولى يأخذ ستّين ، ومن ورثة مَنْ كان عليه أصل المال خمسةَ عشر ، ويرجع ورثة الضامن على ورثة الذي كان عليه الحقُّ بثلاثين(١) .

وإن طالَب ورثة الضامن الثاني ، أخذ منهم سبعين درهماً ، ومن ورثة مَنْ كان عليه الأصلُ خمسةَ عشر ، ويرجع ورثة الضامن الثاني على الضامن الأوّل بأربعين درهماً ، ويرجع الضامن الأوّل في مال مَنْ عليه أصلُ الحقّ بثلاثين.

وإنّما كانت هذه المسألة كالأُولى فيما إذا طالَب ورثة الضامن الأوّل ؛ لأنّه لا يأخذ منهم إلّا ستّين ، ويأخذ من تركة الأصيل خمسةَ عشر ، كما في الصورة السابقة ، لكن لا يتلف من ماله شي‌ء هنا ، بل يطالب بالباقي - وهو خمسة عشر - ورثة الضامن.

وأمّا إذا طالَب ورثة الضامن الثاني ، فقد غلّطه جماعة الشافعيّة في قوله من جهة أنّه أتلف من مال الثاني ثلاثين ؛ لأنّه أخذ منهم سبعين ، وأثبت لهم الرجوع بأربعين ، وكان الباقي عندهم عشرين ، فالمجموع ستّون ، ولم يتلف من مال الأوّل إلّا عشرة ؛ لأنّه أخذ منهم أربعين ، وأثبت لهم‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨٣.

٣٧٨

الرجوع بثلاثين ، ومعلومٌ أنّ الضامن الثاني إنّما ضمن تسعين عمّن يملك تسعين ، والأوّل ضمن تسعين عمّن يملك خمسةً وأربعين ، فكيف يؤخذ من الثاني أكثر ممّا يؤخذ من الأوّل!؟(١) .

واختلفت الشافعيّة في الجواب.

فقال الأُستاذ أبو إسحاق(٢) : يأخذ صاحب الحقّ من ورثة الضامن خمسةً وسبعين ، ويرجعون بمثلها على ورثة الأوّل ، ويرجع [ ورثة ](٣) الأوّل على ورثة الأصيل بتركته ، وهي خمسة وأربعون ، فيكون جملة ما معهم ستّين : خمسة عشر من الأصل ، والباقي من العوض ، وذلك مِثْلا الثلاثين التالفة عليهم ، ولم يثبت لصاحب الحقّ مطالبة ورثة الثاني بكمال الدَّيْن(٤) .

وقال الأكثر : له مطالبة ورثة الثاني بجميع الدَّيْن ، ثمّ هُمْ يرجعون على ورثة الأوّل بخمسة وسبعين ، ويتلف عليهم خمسة عشر ؛ للضرورة ، ويرجع ورثة الأوّل على ورثة الأصيل بتركته ، كما ذكره الأُستاذ(٥) .

قال الجويني : كأنّ الأُستاذ اعتقد أنّ ضمان الأوّل لم يصح إلاّ في قدرٍ لو رجع معه في تركة الأصيل لما زاد التالف من تركته على ثلثها ، وإذا لم يصح ضمانه فيما زاد ، لم يصح ضمان الثاني عنه ، وإلّا دارَ(٦) .

قالوا : إنّما لا يؤخذ أكثر من الثلث لحقّ الورثة ، لكنّه صحيح في الجميع متعلّق بالذمّة ، فيكون ضمان الثاني عنه فيما زاد كالضمان عن المعسر(٧) ‌.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨٤.

(٢) كذا في النسخ الخطّيّة والحجريّة ، وفي المصدر : « أبو منصور ».

(٣) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٤ - ٧) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨٤.

٣٧٩

ويجب أن يكون هذا الخلاف جارياً في مطالبتهم بتتمّة التسعين إذا طالب أوّلاً ورثة الضامن الأوّل وإن [ لم ](١) يُذكر ثَمَّ. وإن أخذ المستحقّ أوّلاً بتركة الأصيل ، برئ الضامنان عن نصف الدَّيْن.

ثمّ المستحقّ - على جواب الأكثرين - إن شاء أخذ من ورثة الأوّل ثلاثين ، ومن ورثة الثاني خمسةَ عشر ، وإن شاء أخذ الكلَّ من ورثة الثاني وهُمْ يرجعون على ورثة الأوّل بثلاثين ، فيصل إلى تمام حقّه بالطريقين.

وعلى جواب الأُستاذ ليس له من الباقي إلّا ثلاثون ، إن شاء أخذها من ورثة الأوّل ولا رجوع ، وإن شاء أخذها من ورثة الثاني ، وهُمْ يرجعون بها على ورثة الأوّل(٢) .

مسألة ٥٥٢ : يجوز ترامي الضمان لا إلى غايةٍ معيّنة.

وهل يجوز دَوْرُه بأن يضمن ضامن رجلاً على دَيْنٍ ثمّ يضمن الرجل المضمون الضامنَ على ذلك الدَّيْن بعينه؟ مَنَع منه الشافعيّة ؛ لأنّ الضامن فرع المضمون عنه ، فلا يجوز أن يكون أصلَه(٣) .

وفيه عندي نظر.

أمّا لو ضمن غيرَ ذلك الدَّيْن ، فإنّه يجوز قطعاً ؛ لأنّ الأصل في شي‌ءٍ قد يكون فرعاً لفرعه في شي‌ءٍ آخَر.

وكذا لو تبرّع الضامن بالضمان ، فإنّ الحقّ يثبت في ذمّته ، وتبرأ ذمّة المضمون عنه عندنا ، فيجوز حينئذٍ للمضمون عنه أن يضمن الضامنَ.

فلو كان له على اثنين عشرةٌ على كلّ واحدٍ منهم خمسةٌ ، فضمن كلّ واحدٍ صاحبَه فضمن ثالثٌ عن أحدهما العشرةَ وقضاها ، سقط الحقّ‌

____________________

(١) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨٤.

(٣) راجع : الحاوي الكبير ٦ : ٤٤٤.

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

(قال) وكل هؤلاء المدعين انما يكون كذبهم أولاً على الإمام وانهم وكلاؤه، فيدعون الضعفة بهذا القول إلى موالاتهم، ثم يترقى الأمر بهم إلى قول الحلاجية كما اشتهر من أبي جعفر الشلمغانى ونظرائه عليهم جميعاً لعائن الله تترى.

(ومنهم): محمد بن نصير النميري (قال ابن نوح): اخبرنا أبو نصر هبة الله بن محمد (قال): كان محمد بن نصير النميري من أصحاب أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام فلما توفى أبو محمد ادعى مقام أبي جعفر محمد بن عثمان انه صاحب إمام الزمان، وادعى له البابية، وفضحه الله تعالى بما ظهر منه من الإلحاد والجهل، ولعن أبي جعفر محمد بن عثمان له وتبريه منه، واحتجابه عنه، وادعى ذلك الأمر بعد السريعى.

(قال أبو طالب الأنباري) لما ظهر محمد بن نصير بما ظهر لعنه أبو جعفر رضي الله عنه وتبرأ منه، فبلغه ذلك فقصد أبا جعفر رضي الله عنه ليعطف بقلبه عليه أو يعتذر إليه فلم يأذن له وحجبه

٦٦١

ورده خائباً.

(وقال) سعد بن عبد الله. كان محمد بن نصير النميري يدعي انه رسول نبي وان علي بن محمدعليه‌السلام أرسله، وكان يقول بالتناسخ، ويغلو في أبي الحسنعليه‌السلام ويقول فيه بالربوبية، ويقول بالإباحة للمحارم، وتحليل نكاح الرجال بعضهم بعضاً في أدبارهم، ويزعم: ان ذلك من التواضع والإخبات والتذلل في المفعول به، وانه من الفاعل إحدى الشهوات والطيبات، وان الله عز وجل لا يحرم شيئاً من ذلك، وكان محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات يقوى أسبابه ويعضده.

(اخبرني) بذلك عن محمد بن نصير أبو زكريا يحيى بن عبد الرحمن بن خاقان: انه رآه عياناً وغلام على ظهره.

(قال): فلقيته فعاتبته على ذلك فقال: ان هذا من اللذات، وهو من التواضع لله وترك التجبر.

(قال) سعد: فلما اعتل محمد بن نصير العلة التي توفي فيها، قيل له وهو مثقل اللسان: لمن هذا الأمر من بعدك؟

فقال بلسان ضعيف ملجاج: أحمد فلم

٦٦٢

يدروا من هو، فافترقوا بعده ثلاث فرق(١) .

__________________

١ - الاحتجاج: ج٢، ص ٢٩٠ - الهامش.

٦٦٣

سعد بن أبي وقاص

سعد بن أبي وقاص، لما أنهي إليه ان علياً صلوات الله عليه قتل ذا الثدية أخذه ما قدم وما أخر وقلق ونزق وقال: والله لو علمت ان ذلك كذلك لمشيت إليه ولو حبواً. ولما قدم معاوية دخل إليه سعد وقال له يا أبا إسحاق ما الذي منعك ان تعينني على الطلب بدم الإمام المظلوم؟ فقال: كنت أقاتل معك علياً وقد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: أنت مني بمنزلة هارون من موسى فقال: أنت سمعت هذا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال: نعم وإلا صمتا قال: أنت الآن أقل عذراً في القعود عن النصرة فوالله لو سمعت هذا من رسول الله ما قاتلته(١) .

وكان سعد بن أبي وقاص من قادة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غزواته لكنه اعتزل ولم يبايع علياًعليه‌السلام فيمن اعتزل والذين قال عنهم أمير المؤمنينعليه‌السلام : خذلوا الحق ولم ينصروا الباطل.

__________________

١ - علل الشرائع للصدوق : ج ١ ، ص ٢٦٠

٦٦٤

سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمي

قال الشيخ في باب أصحاب العسكري : ص ٤٣٨: ((عاصرهعليه‌السلام ولم أعلم انه روى عنه)).

وقال العلامة في القسم الأول من الخلاصة: ص ٧٨: ((يكنى أبا القاسم، جليل القدر واسع الأخبار، كثير التصانيف، ثقة، شيخ هذه الطائفة وفقيهها ووجيهها ولقي مولانا أبا محمد العسكريعليه‌السلام

توفي سعدرحمه‌الله سنة إحدى وثلاثمائة. وقيل: سنة تسع وتسعين ومائتين. وقيل: ماترحمه‌الله يوم الأربعاء لسبع وعشرين من شوال سنة ثلاثمائة، في ولاية رستم(١) .

سعد بن معاذ

أنزل الله في بني قريظة:( وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ

__________________

١ - الاحتجاج للطبرسي : ج٢، ص ٢٦٨ ، الهامش.

٦٦٥

وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَأُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (١) )

لما دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة (بعد حرب الأحزاب) واللواء معقود أراد ان يغتسل من الغبار فناداه جبرائيل عذيرك من محارب! والله ما وضعت الملائكة لامتها فكيف تضع لامتك! ان الله يأمرك أن لا تصلي العصر إلا ببني قريظة فاني متقدمك ومزلزل بهم حصنهم إنا كنا في آثار القوم نزجرهم زجراً حتى بلغوا حمراء الأسد فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاستقبله حارثة بن نعمان فقال له: ما الخبر يا حارثة؟ قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله هذا دحية الكلبي ينادي في الناس ألا لا يصلين العصر أحد إلا في بني قريظة، فقال: ذاك جبرائيل ادع لي علياً فجاء عليعليه‌السلام فقال له: ناد في الناس لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة فجاء أمير

__________________

١ - ( الأحزاب : ٢٦ - ٢٧ )

٦٦٦

المؤمنينعليه‌السلام فنادى فيهم، فخرج الناس فبادروا إلى بني قريظة وخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي بن أبي طالبعليه‌السلام بين يديه مع الراية العظمى وكان حي بن أخطب لما انهزمت قريش جاء فدخل حصن بني قريظة، فجاء أمير المؤمنينعليه‌السلام وأحاط بحصنهم فأشرف عليهم كعب بن اسيد من الحصن يشتمهم ويشتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأقبل رسول الله على حمار فاستقبله أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا تدن من الحصن، فقال رسول الله يا علي لعلهم شتموني انهم لو قد رأوني لأذلهم الله ثم دنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حصنهم فقال: يا أخوة القردة والخنازير وعبدة الطاغوت! أتشتموني إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباحهم، فأشرف عليهم كعب بن اسيد من الحصن فقال: والله يا أبا القاسم! ما كنت جهولاً فاستحيي رسول الله حتى سقط الرداء من ظهره حياء مما قاله، وكان حول الحصن نخل كثير فأشار إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيده فتباعد عنه وتفرق في المفازة وأنزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العسكر حول حصنهم فحاصرهم ثلاثة أيام فلم

٦٦٧

يطلع أحد منهم رأسه، فلما كان بعد ثلاثة أيام نزل إليه غزال بن شمول فقال: يا محمد! تعطينا ما أعطيت إخواننا من بني النضير أحقن دماءنا ونخلي لك البلاد وما فيها ولا نكتمك شيئاً، فقال: لا أو تنزلون على حكمي؟ فرجع وبقوا أياماً فبكت النساء والصبيان إليهم وجزعوا جزعاً شديداً، فلما اشتد عليهم الحصار نزلوا على حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأمر بالرجال فكتفوا وكانوا سبعمائة وأمر بالنساء فعزلن وقامت الأوس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا يا رسول الله حلفاءنا وموالينا من دون الناس نصرونا على الخزرج في المواطن كلها وقد وهبت لعبد الله بن أبي سبع مائة ذراع وثلاثمائة حاسر في صحيفة واحدة ولسنا نحن بأقل من عبد الله بن أبي، فلما أكثروا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لهم:

أما ترضون ان يكون الحكم فيهم إلى رجل منكم؟ فقالوا: بلى فمن هو؟ قال: سعد بن معاذ قالوا: قد رضينا بحكمه فأتوا به في محفة واجتمعت الأوس حوله

٦٦٨

يقولون له: يا أبا عمرو اتق الله وأحسن في حلفائك ومواليك فقد نصرونا ببغات والحدايق والمواطن كلها، فلما أكثروا عليه قال لقد آن لسعد ان لا يأخذه في الله لومة لائم، فقالت الأوس واقوماه ذهبت والله بنو قريظة وبكت النساء والصبيان إلى سعد، فلما سكتوا قال لهم سعد: يا معشر اليهود أرضيتم بحكمي فيكم؟ فقالوا: بلى قد رضينا بحكمك وقد رجونا نصفك ومعروفك وحسن نظرك، فعاد عليهم القول فقالوا بلى يا أبا عمرو! فالتفت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إجلالاً له، فقال: ما ترى بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟ قال: احكم فيهم يا سعد! فقد رضيت بحكمك فيهم، فقال: قد حكمت يا رسول الله ان تقتل رجالهم وتسبي نساءهم وذراريهم وتقسم غنائمهم وأموالهم بين المهاجرين والأنصار فقام رسول الله فقال قد حكمت بحكم الله من فوق سبع رقعة ثم انفجر جرح سعد بن معاذ فما زال ينزف الدم حتى قضى، وساقوا الأسارى إلى المدينة وأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأخدود فحفرت بالبقيع فلما أمسى أمر بإخراج رجل

٦٦٩

رجل فكان يضرب عنقه.

فقال حي بن اخطب لكعب بن اسيد: ما ترى ما يصنع محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهم؟ فقال له: ما يسوءك أما ترى الداعي لا يقلع والذي يذهب لا يرجع فعليكم بالصبر والثبات على دينكم، فأخرج كعب بن اسيد مجموعة يديه إلى عنقه وكان جميلاً وسيماً فلما نظر إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال له يا كعب أما نفعتك وصية ابن الحواس الحبر الذكي الذي قدم عليكم من الشام فقال تركت الخمر والخنزير وجئت إلى البؤس والتمور لنبي يبعث مخرجه بمكة ومهاجرته في هذه البحيرة يجتزى بالكسيرات والتميرات ويركب الحمار العري في عينيه حمرة بين كتفيه خاتم النبوة يضع سيفه على عاتقه لا يبالي من لاقى منكم يبلغ سلطانه منقطع الخف والحافر، فقال: قد كان ذلك يا محمد! ولولا ان اليهود يعيروني اني جزعت عند القتل لآمنت بك وصدقتك ولكني على دين اليهود عليه أحيى وعليه أموت; فقال رسول الله: قدموه فاضربوا عنقه، فضربت ثم قدم حي بن اخطب فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

٦٧٠

يا فاسق كيف رأيت صنع الله بك؟ فقال والله يا محمد! ما ألوم نفسي في عداوتك ولقد قلقلت كل مقلقل وجهدت كل الجهد ولكن من يخذل الله يخذل، ثم قال حين قدم للقتل:

لعمرك ما لام ابن اخطب نفسه

ولكنه من يخذل الله يخذل

فقدم وضرب عنقه فقتلهم رسول الله في البردين بالغداة والعشي في ثلاثة أيام وكان يقول: اسقوهم العذب واطعموهم الطيب واحسنوا إلى أسراهم، حتى قتلهم كلهم وأنزل الله على رسوله:( وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَأُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (١) )

__________________

١ - تفسير القمي علي بن إبراهيم: ج٢، ص١٨٩ - ١٩٢، تفسير نور الثقلين للشيخ الحويزي: ج٤، ص٢٦٣، بحار الأنوار للمجلسي: ج٢٠، ص٢٣٦.

٦٧١

سعيد بن جبير

حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن زياد بن أبي الحلال قال:

اختلف أصحابنا في أحاديث جابر الجعفي فقلت: أنا أسأل أبا عبد اللهعليه‌السلام ، فلما دخلت ابتدأني فقال: رحم الله جابر الجعفي كان يصدق علينا، لعن الله المغيرة بن سعيد كان يكذب علينا.

حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن جميل، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ارتد الناس بعد الحسينعليه‌السلام إلا ثلاثة: أبو خالد الكابلي، ويحيى بن أم الطويل، وجبير بن مطعم، ثم إن الناس لحقوا وكثروا.

سعيد بن العاص

يكنى أبا عثمان، كان سعيد من سادات بني أمية، قتل أبوه العاص بن سعيد مشركاً في بدر، وكان سعيد غلاماً فكساه النبي جبة وإليه تنسب الثياب

٦٧٢

السعيدية، وهو أول من خش(١) الأبل في العظم.

مات سنة ٥٩هـ / ٦٧٨م(٢) .

جاء في قصص العرب(٣) تحت عنوان فقير عند سعيد بن العاص ما يلي:

قدم سعيد بن العاص(٤) الكوفة عاملاً عليها؛ فكانت له موائد يغشاها الأشراف والقرّاء فكان فيمن يغشى موائده رجل من القرّاء فقير؛ فقالت له امرأته يوماً: ويحك! انه يبلغنا عن أميرنا هنا كرم وجود(٥) ، فاذكر له بعض ما نحن فيه.

فتعشى عنده ذات ليلة، فلما انصرف الناس ثبت الرجل، فقال له سعيد: إني

__________________

١ - جاء في لسان العرب باب خشش: يقال لما يدخل في أنف البعير خشاشٌ لأنه يخش فيه، أي يدخل.

٢ - البيان والتبيين للجاحظ: ج٢، ص٧٣، الهامش.

٣ - قصص العرب: ج١، ص٣٠١.

٤ - سعيد بن العاص توفي سنة ٥٩هـ

٥ - إذا كان من ماله فهو إسراف وإن كان من بيت المال فهو حرام.

٦٧٣

قد أرى جلوسك، وما جلست إلا ولك حاجة، فاذكرها، رحمك الله، فتعقد الرجل وتلعثم، فقال سعيد لغلمانه: تنحّوا، ثم قال له: رحمك الله لم يبق إلا أنا وأنت، فاذكر حاجتك، فتعقد أيضاً وتعصّى، فنفخ سعيد المصباح فأطفأه، ثم قال له: رحمك الله، انك لست ترى وجهي، فاذكر حاجتك، قال: أصلح الله الأمير، أصابتنا حاجة فأحببت ذكرها لك، قال له: إذا أصبحت فالق فلاناً وكيلي(١) .

إلى ان قال: فوجه معه نبلائه من السودان يحمل كل واحد بدرة(٢) على عاتقه، حتى أوردها منزله.

__________________

١ - حينما رآه هكذا غلبه الحياء أمام الأمير حتى انه أطفأ الضياء فقال حاجته، فلماذا تذهب ماء وجهه أيها الأمير أمام وكيلك وهو يأبى ذكر حاجته لك. في حين كان أهل البيتعليهم‌السلام يعطون أعطياتهم للمحتاجين من أيديهم ومن خلف الباب (باب دورهم هم أي المحتاجين) فالإمام يذهب ليلته ليوزع العطاءات، ويمنع المعطى له من ان يرى وجهه كي لا يذهب ماء وجهه.

٢ - البدرة: الصرة من الدراهم.

٦٧٤

فأطلق وكاء(١) بدرة منها، ووهب لهم منها دريهمات، وقال: انصرفوا، قالوا: إلى أين؟ ما حمل له مملوك قط هدية، فرجع في ملكه.

أقول (المؤلف): هكذا يتصرف الأمويون في بيت المال ويبذخون به إلى أتباعهم وعبّاد طريقتهم مما يظهر للجاهل ان فيهم كرم وسخاء، في حين انهم منعوا حتى العطاء على أهل بيت رسول الله بعد ان غصبوا منهم فدكاً التي كانت تدرّ إلى ما شاء الله من خيرات. فإنهم سرقوا وغصبوا أموال آل بيت المصطفى لينفقوها على مرتزقتهم وحاشيتهم والمتملقين لهم من الشعراء والقرّاء والقرآن يقول:( وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢) ) ، والحديث يقول: رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه، نعم الشعر إذا كان في مدح الظالم والقراءة إذا كانت للتقرب من الحاكم دونما العمل بما جاء في القرآن من نصرة الحق ونصرة

__________________

١ - الوكاء : الرباط

٢ - ( الشعراء : ٢٢٤ )

٦٧٥

المظلوم ومحاربة الظالم، فإنها تكون هكذا حسب الروايات، وهكذا نقرأ في نفس المصدر ما يلي:

حبس معاوية عن الحسين بن علي صِلاته حتى ضاقت عليه حاله. والحسين هو ريحانة رسول الله وابن فاطمة التي هي فلذة كبده، وعبر عنها بأنها أم أبيها(١) .

وجاء في قصص العرب:

يُعشي الناس بالمدينة، والناس يخرجون أولاً أولاً، إذ نظر على بساطه إلى رجل قبيح المنظر، رث الهيئة، جالس مع أصحاب سمره، فذهب الشرط يقيمونه، فأبى ان يقوم، وحانت من سعيد التفاتة؛ فقال: دعوا الرجل، فتركوه، وخاضوا في أحاديث العرب وأشعارها كلياً، فقال لهم الحطيئة(٢) ،

__________________

١ - م. س: القصة ٨٤، ص٢١٤.

٢ - الحطيئة: هو أبو مليكة جروى بن أوس بن مالك العبسي، أحد الهجائين والمداجين المجيدين، عاش مدة في الجاهلية وجاء الإسلام فأسلم ومات سنة ٥٩هـ

٦٧٦

والله ما أصبتم جيد الشعر ولا شاعر العرب، فقال له سعيد، أتعرف من ذلك شيئاً، قال: نعم، قال: فمن أشعر العرب؟ قال: الذي يقول:

لا أعدّ الأقتار عُدماً ولكن

فقد من رزئته الإعدام

وأنشد القصيدة حتى أتى عليها.

فقال له: من يقولها؟ قال: أبو داود الأيادي، قال: ثم مَن؟ قال: الذي يقول:

أفلح بما شئت فقد يُدرَك بالجهل

وقد يُخدّع(١) الأريب

ثم أنشدها حتى فرغ منها؛ قال: ومن يقولها؟ قال: عبيد بن الأبرص، قال: ثم مَن؟ قال: لحسيك بن عبد رغبة أو رهبة إذا رفعت إحدى رجليّ على الأخرى، ثم عويت في إثر القوافي عواء الفصيل الصادي؛ قال: ومن أنت؟ قال: الحطيئة، فرحّب به سعيد، ثم قال: أسأت بكتماننا نفسك منذ الليلة ووصله وكساه(٢) .

__________________

١ - رجل مخدّع: خدع مراراً.

٢ - قصص العرب: ج١، القصة رقم ٨٧

٦٧٧

سعيد بن خالد

جاء في شرح نهج البلاغة:

وروى الهيثم بن عدى عن مسعر بن كدام، قال: حدثنى سعيد بن خالد الجدلي قال:

لما قدم عبد الملك الكوفة بعد قتل مصعب دعا الناس يعرضهم على فرائضهم، فحضرنا بين يديه، فقال: من القوم؟ قلنا: جديلة، فقال جديلة عدوان؟ قلنا: نعم، فأنشد:

عذير الحى من عدوان

كانوا حية الأرض

بغى بعضهم بعضاً

فلم يرعوا على بعض

ومنهم كانت السادا

ـت والموفون بالقرض

ومنهم حكم يقضى

فلا ينقض ما يقضى

ومنهم من يجيز النا

س بالسنة والفرض

ثم أقبل على رجل منا وسيم جسيم قدمناه أمامنا، فقال: أيكم يقول هذا الشعر؟ قال: لا أدرى، فقلت أنا من خلفه: يقوله ذو الإصبع، فتركني وأقبل على ذلك الرجل الجسيم، فقال: ما كان اسم ذي الإصبع؟ قال: لا أدرى، فقلت أنا من خلفه: اسمه حرثان، فتركني وأقبل عليه، فقال له: ولم سمى ذا الإصبع؟

٦٧٨

قال: لا أدرى، فقلت أنا من خلفه: نهشته حية في إصبعه، فأقبل عليه وتركني، فقال: من أيكم كان؟ فقال: لا أدرى فقلت أنا من خلفه: من بنى تاج الذين يقول الشاعر فيهم:

فأما بنو تاج فلا تذكرنهم

ولا تتبعن عيناك من كان هالكا

فأقبل على الجسيم، فقال: كم عطاؤك؟ قال: سبعمائة درهم، فأقبل على، وقال: وكم عطاؤك أنت: قلت أربعمائة، فقال: يا أبا الزعيزعة، حط من عطاء هذا ثلاثمائة، وزدها في عطاء هذا، فرحت وعطائي سبعمائة وعطاؤه أربعمائة(١)

سعيد بن المسيب

كان أفقه أهل الحجاز، وأعبر الناس للرؤيا، وقد جمع بين الحديث والفقه والنسك والتعبير.

ولد سنة ١٣هـ، ٦٣٤م، ومات سنة

__________________

١ - شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد المعتزلي: ج١٨، ص٩٥.

٦٧٩

٩٤هـ، ٧١٢م(١) .

__________________

١ - البيان والتبيين للجاحظ: ج٣، ص١٠٦، الهامش.

٦٨٠

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750