معركة بدر الكبرى

معركة بدر الكبرى50%

معركة بدر الكبرى مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام المهدي
تصنيف: مكتبة التاريخ والتراجم
الصفحات: 75

  • البداية
  • السابق
  • 75 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 31290 / تحميل: 7591
الحجم الحجم الحجم
معركة بدر الكبرى

معركة بدر الكبرى

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام المهدي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا من السّمع والطّاعة، فامض يا رسول الله لمّا أردتَ، فنحن معك، فوالّذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا هذا البحر، فخضته، لخضناه معك، ما تخلّف منا رجلٌ واحد، وما نكره أنْ تلقى بنا عدوّنا غداً، إنّا لصُبَّر في الحرب، صُدَّق في الّلقاء، لعلّ الله يُريك منّا ما تُقرُّ به عينك، فسر بنا على بركة الله)(١) .

الرّسولُ يأذن لأصحابِِهِ بِقِتالِ الأعداءِ

فلمّا انتهى سعد من كلامه، سُرَّ رسول اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم به كثيراً، ثُمَّ تلا قوله تعالى:

( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ الّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ الْمُعْتَدِينَ ) ،( وَالْفِتْنَةُ أَشَدّ مِنَ القَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتّى‏ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتّى‏ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدّينُ للّهِ‏ِ فَإِنِ انتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلّا عَلَى الظّالِمِينَ ) ( وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافّةً ) .

ثُمَّ أخذ يعدُّ العدَّة لذلك الّلقاء، ويحثُّ أصحابه على اقتحامه، ويبثّ فيهم روح النّصر والفوز، بقوله:

«سيروا وابشروا، فإنّ الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأنّي الآن انظر إلى مصارع القوم»(١) .

____________________

(١) السّيرة النّبويّة، ابن هشام،ج٢، ص٢٦٧.

٤١

الرّسول يسيرُ، و لِواؤه يخفقُ بيد عليّ

فلمّا عزم الرّسول على المسير للقاء قريش أعطى لواءه بيد عليّ، فأخذه، واقتحم به ساحة القتال بكل بسالة وشجاعة، والمسلمون يسيرون خلفه بعزم ثابت وروح عالية، كما قال ابن عبّاس:

(كان المهاجرون يوم بدر سبعة وسبعين(٧٧) رجلاً، وكان الأنصار مئتين وستة وثلاثين (٢٣٦) رجلاً، وكان صاحب راية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام )(١) .

ولا غرو، فقد كان الإمام عليّعليه‌السلام هو صاحب لواء الرّسول في كلِّ الحروب والغزوات الّتي خاضها الرّسول الأكرم.

____________________

(١) تاريخ الطّبري،مج٢، ص١٣٨، وحياة أمير المؤمنين،السّيد محمد صادق الصّدر، ص٢٢٧.

٤٢

الرّسولُ في طريقِهِ إلى بَدرٍ

عندما خرج الرّسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المدينة بقواته المقاتلة، جعل طريقه على المناطق التّاليّة:

١ - نقب المدينة، ٢ - العقيق، ٣ - ذي الحُليفة، ٤ - أولات الجيش، ٥ - دار تُريان، ٦ - تلل، ٧ - غميس الحمام، ٨ - مخيرات اليمام، ٩ - السّيّالة، ١٠ - فج الرّواء، ١١ - شنوكة، ١٢ - عرق الظّبية، ١٣ - سجسج، وهي بئر الرّوحاء، ١٤ - المنصرف، ثُمَّ أنحرف عن طريق مكة يميناً، ١٥ - وادي رُحقان، ١٦ - مضيق الصّفراء، ١٧ - وادي ذفران، ١٨ - الأصافر، ١٩ - الدّبة، ٢٠ - قرب آبار بدر، ثُمَّ نزل هو وأصحابه، وعسكر هناك.

الرَّسولُ يتَّخذُ مواقعَهُ العسكريّة

ولمّا وصل الرّسول وجيشه الزّاحف قريب بدر، أراد أنْ يُعسكر بجيشه في هذا المكان الّذي يبعد قليلاً عن الآبار، فانبرى له أحد أصحابه، وهو الحباب بن المنذر بن الجموح، قائلاً:

٤٣

(يا رسول الله: أرأيت هذا المنزل، أمنزلاً أنزلكه الله ليس لنا أنْ نتقدَّمه، ولا نتأخر عنه، أم هو الرّأي، والحرب، والمكيدة).

فأجابه النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «بل هو الرّأي، والحرب، والمكيدة». فقال: يا رسول الله، فإنَّ هذا ليس بمنزل، فانهض بالنّاس، حتّى نأتي أدنى ماءٍ من القوم، فننزله، ثُمَّ نُغوّر ما وراءه من القلب. ثم نبني عليه حوضاً، فنملؤه ماءً، ثم نقاتل القوم، فنشرب ولا يشربون(١) .

فاستحسن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذا الرّأي؛ من حيث أهميّة الموقع العسكريّة، ولكنّه أباح الماء للعدو حينما جاء حكيم

____________________

(١) السّيرة النّبويّة، ابن هشام، ج٢، ص٢٧٢

٤٤

بن حزام ومعه نفر من قريش لأجل الاستقاء، فقال الرسول لأصحابه: دعوهم(١) .

الرّسولُ منظّم صفوف جيشه

أدخل النّبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حرب بدر أسلوباً جديداً لم تكن العرب من قبل تعرفه؛ فقد كانوا يستعملون أسلوب الكرّ والفرّ في قتالهم، لكنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استعمل التّنظيم الدّقيق في حروبه، فقد وزّع جيشه إلى عدّة صفوف.

الجبهة الأماميّة: وهم حملة الرّماح.

الجبهة الوسطى: وهم الرّماة بالنّبال.

الجبهة الأخيرة: وهم حملة السّيوف.

جبهة القيادة: وهي الّتي تصدّر الأوامر القتاليّة إلى الجيش.

____________________

(١) السّيرة النّبويّة، ابن هشام،ج٢، ص٢٧٢.

٤٥

وكان النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في القيادة، يوجّه، ويصدر التّعليمات والأوامر. فقد بُني له عريشاً يشرف على موقع القتال لإصدار التّعليمات والبيانات، ومعه قوّة احتياطيّة، وبعد أن توجّه سعد بن معاذ قائلاً له:

يا نبيّ الله، ألا نبني لك عريشاً تكون فيه، ونعدّ عندك ركائبك، ثُمَّ نَلقى عدونا، فإنْ أعزَّنا الله، وأظهَرَنا على عدوّنا، كان ذلك ما أحببنا، وإنْ كانت الأُخرى، جلستَ على ركائبك، فلحقتَ بمن وراءنا من قومنا، فقد تخلّف عنك أقوام. يا نبيّ الله، ما نحن بأشد لك حبَّاً منهم، ولو ظنّوا أنّك تلاقي حربا،ً ما تخلّفوا عنك، يمنعك الله بهم. يُناصحونك، ويجاهدون معك(١) .

____________________

(١) المصدر السّابق، ص٢٧٣ و٢٧٤.

٤٦

استخبارات العدوّ تشهد باستماتة المسلمين وبسالتهم

بعثت قريش دورية لاستطلاع واكتشاف عدد أفراد الجيش الّذي مع النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ما هي إمكانيّاتهم الماديّة والمعنويّة؟ وهل لهم مدد أم لا؟.

فجاء عُمير بن وهب الجُمحي ومعه دوريّة، وجالوا بخيولهم حول معسكر المسلمين، ثُمَّ ساروا في الوادي خلف المسلمين، حتّى اطمأنوا بعدم وجود مدد للمسلمين، فرجعوا، وأدلى عُمير بن وهب الجُمحي قائلاً:

(أمَّا عددهم: ثلاث مئة رجل (٣٠٠) يزيدون قليلاً أو ينقصون، وما وجدت مدداً ولا كميناً، ولكن رأيت، يا معشر قريش: البلايا تحمل المنايا، نواضحُ يثرب تحمل الموت الناقع، قوم ليس معهم مِنعة ولا ملجأ إلاّ سيوفهم، والله ما أرى أنْ يُقتل رجل منهم حتّى يقتل رجلاً منكم، فإذا أصابوا

٤٧

منكم أعدادهم، فما خيرُ العيش بعد ذلك، فأدّوا رأيكم(١) .

وقال عتبة بن ربيعة لقريش:

(ألا ترونهم جثياً على الرُّكب، يتلمظون تلمّظ الحيّات)(٢) .

التقاء المعسكرين

أقبلت قريش بقوّاتها المسلحة، فوقفت قبالة المسلمين، ولمّا رأى النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جيوشها الجرّارة، توجّه نحو السَّماء قائلاً:

«اللَّهُمَّ هذه قريش، قد أقبلت بخيلائها، وفخرها، تحادُّك، وتكذّب رسولك. اللَّهُمَّ فنصرك الّذي وعدتني، اللًّهُمَّ أحنهم الغداة

____________________

(١) سيرة ابن هشام، ص٢٧٣، وص٢٧٤.

(٢) شرح النّهج، ابن أبي الحديد،ج١٥، ص١١٥.

٤٨

اللَّهُمَّ إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد»(١) .

ثم بشّر أصحابه قائلاً:

«أتاكم نصر الله، هذا جبريل آخذ بعنان فرس يقوده على ثناياه النّقََع»(٢) .

ثم نزلت هذه الآيات:

( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلّةٌ فَاتّقُوا اللّهَ لَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدّكُمْ رَبّكُمْ بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةٍ مُنزَلِينَ * بَلَى‏ إِن تَصْبِرُوا وَتَتّقُوا وَيَأْتُوكُم مِن فَوْرِهِمْ هذَا يُمْدِدْكُمْ رَبّكُمْ بِخَمْسَةِ آلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُسَوّمِينَ ) (٣) .

____________________

(١) السّيرة النّبويّة، ابن هشام،ج٢، ص٢٧٣، وص٢٧٩

(٢) السّيرة النّبويّة، ابن هشام،ج٣، ص٢٧٣، و٢٧٩.

(٣) آل عمران، ١٢٣ - ١٢٥.

٤٩

الاصطدام المسلّح

ولمّا أصبح يوم الجمعة السّابع عشر من شهر رمضان، بعد أن نظَّم النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصحابه، برز من قوات قريش، عُتبة بن ربيعة، وأخوه شيبة بن ربيعة، وابنه الوليد بن عتبة، فدعوا المسلمين إلى المبارزة، فخرج إليهم فتية الأنصار.

فقالوا: من أنتم؟

فأجابوهم: نحن رهط من الأنصار؛ قالوا: ما لنا بكم من حاجة. ثُمَّ نادى مُناديهم: يا محمّد أخرج إلينا أكفّاءنا من قومنا؛ فالتفت الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى عليّ بن أبي طالب، وإلى عمِّه حمزة بن عبد المطّلب، وإلى عبيدة بن الحارث بن عبد المطّلب، قائلاً لهم: «قم يا عليّ، قم يا حمزة، قم

٥٠

يا عبيدة؛ وقاتلوا عن حقّكم الّذي بعث الله به نبيَّكم؛ إذ جاءوا بباطلهم ليطفئوا نور الله»(١) .

فاستجاب علي وحمزة وعبيدة لهذا النّداء النّبويِّ، وقاموا مسرعين إلى القوم، وعرّفوهم بأسمائهم.

فقال عتبة: نعم أكفّاء كرام.

فتقدّم عليّ نحو الوليد بن عتبة مبارزاً له، فاختلفا بضربتين، فأخطأت ضربة الوليد عليّاً، ولكن الإمام بادره بضربة خاطفة على عاتقه؛ فأخرج السّيف في إبطه، فرُوى عنه أنّه كان يذكر بدراً، وقتله الوليد، وكان يقول: كأنّي أنظر إلى وميض خاتمه، ثُمَّ ضربه الإمام ضربة فصرعه.

وكان حمزة قد تقدّم من شيبة بن أبي ربيعة مبارزاً له، وقائلاً:

____________________

(١) الأنوار العَلويّة،الشّيخ جعفر النّقدي، ص١٧٧.

٥١

أنا حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله.

فقال له شيبة: لقيت أسد الحلفاء فانظر كيف تكون صولتك؛ فحمل حمزة على شيبة، فتضاربا بالسّيفين حتّى تثلّما، وكلُّ واحد منهما يتّقي بدرقته، وأخيراً تمكّن حمزة من ضربة مميتة أطاحت بشيبة قتيلاً.

ورُوي أنَّ حمزة اعتنق شيبة من بعد ما تثلَّم سيفاهما وتصارعا، فقال المسلمون:

(يا عليّ ما ترى أنّ الكلب قد أتعب عمّكَ، فحمل عليه عليّ قائلاً لعمَّه حمزة: «يا عَم، طأطئ رأسك، وكان حمزة أطول من شيبة، فأدخل رأسه في صدره، فضربه عليّ، فطيّر نفسه»(١) .

____________________

(١) الأنوار العَلويّة، الشّيخ جعفر النّقدي، ص١٨٠.

٥٢

وأمّا عبيدة بن الحارث، فإنّه بارز عتبة بن أبي ربيعة، فاختلفا بضربتين، فوقعت ضربة عبيدة على هامة عتبة، ففلقتها، ولكنَّ عتبة بادره بضربة على ساقه، فقطعها، وحمل عليّ وحمزة على عتبة، فقتلاه، واستنقذا عبيدة مقطوع السّاق.

التحام المعركة وانهيار العدوّ

أوّل ضربة قاضية في العدو، كانت هي مقتل عتبة وشيبة والوليد، فبدأ الوهن والضّعف يتسرّب إلى صفوف الأعداء، وبانت علائم الانهيار والانهزام في صفوفهم، ممّا أدّى بأبي جهل أن يصرخ في القوم، مشجّعاً ومحقّراً لهم بندائه:

(لا يهولنكم مقتل عتبة وشيبة والوليد، فإنّهم عجلوا وبطروا، قاتلوا، وايم الله،لا نرجع اليوم حتّى نقرن محمّداً وأصحابه في الجبال، فلا ألفينَّ أحداً منكم قتل منهم

٥٣

أحداً، ولكن خذوا أخذاً؛ لنعرِّفهم بالّذي صنعوا لمفارقتهم دينكم، ورغبتهم عمّا كان يعبد آبائهم)(١) .

ثُمَّ إنّ الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجّه نداءه إلى أصحابه، قائلاً:

«لا تحملوا حتّى آمركم، وإنْ اكتنفكم القوم، فانضحوهم عنكم بالنّبل»(٢) .

ثُمَّ أخذ النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يشجّع أصحابه؛ وهو يقرأ قوله تعالى:

( سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلّونَ الدّبُرَ ) .

ثُمَّ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «والّذي نفس محمّد بيده، لا يقاتلهم اليوم رجلٌ، فيُقتل صابراً محتسباً، مُقبلاً غير مُدبر، إلاّ أدخله الله الجنّة»(٣) .

____________________

(١) الأنوار العَلويّة، ص١٧٨.

(٢) السّيرة النّبويّة،ج٢، ص٢٧٨.

(٣) السّيرة النّبويّة، ابن هشام، ص٢٧٩.

٥٤

فسمع أصحابه هذا، فتسابقوا إلى ساحة المعركة. وكان عمير بن الحُمَام بيده تمرات يأكلهن، فقال:

(بخٍ بخٍ، أفما بيني وبين أنْ أدخل الجنَّة إلاّ أنْ يقتلني هؤلاء، ثُمَّ قذف التّمرات من يده، وأخذ سيفه، فقاتل القوم حتّى قُتل)(١) .

ثُمَّ تسارع المسلمون نحو الميدان، وفي طليعتهم عليّعليه‌السلام ، وبيده سيفه، والنّبيّ يُحرِّضهم ويشجَّعهم، قائلاً:

«شُدّوا»؛

ثُمَّ أخذ بيده الشّريفة حفنة من الحصباء (الرمل)، ورمى بها نحو الأعداء، قائلاً:

«شاهت الوجوه»(٢) .

فشمّر عليّ عن ساعديه ومعه المسلمون، وكان شعارهم أحدٌ، أحدٌ، فاقتحم الصّفوف بكل بسالة وشجاعة؛ وأخذ

____________________

(١) السّيرة النّبويّة، ص٢٧٩، و٢٨٠.

(٢) المصدر السّابق، ص٢٧٩، و٢٨٠.

٥٥

يقتطف رؤوس أولئك الّّذين لم ينصاعوا لنداء الحق، ولم يفيقوا على صيحات الضّمير، فجعل يقتل كلَّ من يبرز إليه، وكلَّ من يقف أمامه، وإذا بنداء (قتلني عليّ) في أجواء المعركة من أفواه قتلى المشركين.

الانتصار وحصاد القتلى

اِنهارت قوى الشّرك، وبانَ الاندحار والانهزام في صفوفهم بعد مقتل عتبة وشيبة والوليد، وذلك حينما زحف المسلمون، يتقدّمهم عليّ بن أبي طالب، نحو الأعداء، شاهراً سيفه، غائراً في صفوفهم، وجال بينهم جولة الفارس الشّجاع، حتّى قتل الكثير منهم.

وأمّا خسائرهم، فكانت على أحد القولين، سبعين (٧٠) قتيلاً، وسبعين (٧٠) أسيراً، وإنْ كان المؤرّخون قد اختلفوا في عدد قتلى المشركين، ولكن الدارس لأقوالهم يستخلص منها قولين شهيرين،

القول الأوّل:

يعتمد على رواية خمسين قتيلاً،

٥٦

ويسند بالإحصاء الرّسمي لعدد القتلى.

القول الثّاني:

يأخذ برواية السّبعين، ويؤيّدها قول عبد الله بن العبّاس، وسعد بن المسيّب.

ومستند هذين القولين، هو ما ذكره ابن هشام في سيرته النّبويّة؛ بقوله:

(فجميع من أُحصي لنا من قتلى قريش يوم بَدر خمسون رجلاً).

ثُمَّ قال:

( حدَّثني أبو عبيدة، عن أبي عمرو:

أنّ قتلى بَدر من المشركين؛ كانوا سبعين رجلاً، والأسرى كذلك. ويؤيّد هذا القول ابن عبّاس، وسعيد بن المسيّب)(١) .

____________________

(١) السّيرة النّبويّة، ابن هشام،ج٢، ص٣٧٢.

٥٧

وقال ابن أبي الحديد في شرحه للنّهج، ما نصّه:

(فجميع من قُتل ببَدر، في رواية الواقدي، من المشركين في الحرب، اِثنان وخمسون رجلاً. قتل عليّ منهم، مع الّذي شرك في قتلهم، أربعة وعشرين رجلاً.

وقد كثُرت الرّواية، أنّ المقتولين ببدر كانوا سبعين، ولكن الّذين عُرفوا، وحُفظت أسماؤهم؛ من ذكرناه)(١) .

عليّ وقتلى الأعداء

فبعدما غار الإمام عليّعليه‌السلام في وسط الأعداء وبيده سيفه، كثُرت الصّيحة بنداء (قتلني عليّ)؛ لأنّه جندل الإبطال واَقتطف الرّؤوس، والّذين قتلهم الإمام بسيفه

____________________

(١) شرح النّهج، ابن أبي الحديد،ج١٤، ص٢١٢.

٥٨

في واقعة بدر، كانوا أكثر مِن نِصف المقتولين، سواءاً على رواية الخمسين أم السّبعين. ولكن ابن شهر آشوب، يؤكّد رواية السّبعين، ويذهب إلى أنّ الإمام قتل النّصف، أو الأكثر، كما صرّح بقوله:

(عُلم أنّهعليه‌السلام قتل في يوم بدر خمساً وثلاثين مُبارزاً؛ دون الجرحى، على قول العامة. ويقال قتل بضعة وأربعين رجلاً)، ثُمَّ ذكر أسماء الّذين قتلهم الإمام(١) .

لأنّ الإمامعليه‌السلام قتل بمفردهِ أكثر من النّصف، وباقي القتلى، اِشترك المسلمون، الّذين حضروا المعركة، في قتلهم.

ولهذا اشتهر الإمام بالشّجاعة والصّولة من هذهِ الواقعة، وصار الأعداء يهابونه، ويخشون صولته؛ كما قال ابن أبي الحديد في شرحه للنّهج، بقوله:

____________________

(١) المناقب، ابن شهر آشوب، ج١، ص٣٥٤.

٥٩

لأنّ عليّاً لم يكن قد اشتهر أمره جداً، وإنّما اشتهر الشّهرة التّامة بعد بدر(١) .

ولكن الّذي يؤيّد ما ذهبنا إليه؛ من أنّهعليه‌السلام قتل بمفرده أكثر من نصف القتلى؛ هو عمليّة الجرد والإحصاء التّي تمّت بها لجميع المقتولين بسيفه، كما ذكرهم المحدّثون والمؤرّخون في الكتب.

والآنْ نقوم بعملية جرد وإحصاء؛ لأسماء كلِّ الّذين قتلهم الإمام بمفرده، والّذين شارك في قتلهم، مع الإشارة إلى مصدر ذلك، معتمدين في ذلك على المصادر التّالية:

١ - شرح النّهج، ابن أبي الحديد،ج١٤، من ص٢٠٨، إلى ص٢١٢.

٢ - السّيرة النّبويّة، ابن هشام،ج٢، من ص،٣٦٥ إلى ص٣٧٣.

____________________

(١) شرح النّهج، ابن أبي الحديد،ج١٤، ص ١٣١.

٦٠

علي عليه‌السلام أنه قال في امرأة نذرت أن تطوف على أربع قال تطوف أسبوعا ليديها وأسبوعا لرجليها.

١٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صفوان قال سألته عن ثلاثة دخلوا في الطواف فقال واحد منهم لصاحبه تحفظوا الطواف فلما ظنوا أنهم قد فرغوا قال واحد معي ستة أشواط قال إن شكوا كلهم فليستأنفوا وإن لم يشكوا وعلم كل واحد منهم ما في يده فليبنوا.

١٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في المرأة تطوف بالصبي وتسعى به هل يجزئ ذلك عنها وعن الصبي فقال : نعم.

١٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال يستحب أن تطوف ثلاثمائة وستين أسبوعا عدد أيام السنة فإن

وقال ابن إدريس : ببطلان النذر ، وفي المنتهى بالبطلان في الرجل والتوقف في المرأة لورود النص فيها ، ولا يبعد القول بوجوب الطواف الواحد على الهيئة الشرعية لانعقاد النذر في أصل الطواف وعدمه في الهيئة لمرجوحيتها ولم أر من قال به هنا وإن قيل : في نظائره.

الحديث الثاني عشر : حسن.

قوله عليه‌السلام : « فليستأنفوا » لأن شكهم في النقيصة.

قوله عليه‌السلام : « فليبنوا » أي يبن كل منهم على يقينه ولا خلاف فيه.

الحديث الثالث عشر : حسن. وقال في التحرير : لو حمل محرم محرما وطاف به ونوى كل منهما الطواف عن نفسه أجزأ عنهما إجماعا.

الحديث الرابع عشر : حسن. وعلى مضمونه عمل الأصحاب ومقتضى استحباب الثلاثمائة والستين شوطا أن يكون الطواف الأخير عشرة أشواط ، وقد قطع المحقق بعدم كراهة الزيادة هنا وهو كذلك لظاهر النص ، ونقل العلامة في المختلف عن ابن زهرة أنه استحب زيادة أربعة أشواط ليصير الأخير طوافا كاملا حذرا من كراهة

٦١

لم تستطع فثلاثمائة وستين شوطا فإن لم تستطع فما قدرت عليه من الطواف.

١٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام هل نشرب ونحن في الطواف قال : نعم.

١٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول طاف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على ناقته العضباء وجعل يستلم الأركان بمحجنه ويقبل المحجن.

١٧ ـ أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال طواف في العشر أفضل من سبعين طوافا في الحج.

القرآن وليوافق عدد أيام السنة الشمسية ونفى عنه البأس ، وهو حسن إلا أنه خلاف مدلول الرواية ،

الحديث الخامس عشر : موثق وعليه الفتوى.

الحديث السادس عشر : حسن. ويدل على جواز إيقاع الطواف راكبا وإن أمكن تخصيصه صلى‌الله‌عليه‌وآله ليأخذ الناس عنه مناسكهم ، وعلى أنه يجوز مع ضرورة الاستلام بشيء آخر غير اليد وتقبيل ذلك الشيء وتوقف بعض المتأخرين في جواز الركوب في الطواف اختيارا وقطع في الدروس بجوازه.

وقال الجوهري : ناقة عضباء مشقوقة الأذن وأما ناقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله التي كانت تسمى العضباء فإنما كانت ذلك لقبا لها ولم تكن مشقوقة الأذن(١) .

الحديث السابع عشر : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « طواف في العشر » أقول يحتمل وجوها.

الأول : أن يكون المراد بيان فضل الحج التمتع أي إذا اعتمرت وأحللت وطفت قبل إحرام الحج طوافا واحدا كان أفضل من أن تأتي مكة حاجا وتطوف سبعين طوافا قبل الذهاب إلى عرفات.

الثاني : أن يكون المعنى أن الطواف قبل التلبس بإحرام الحج بعد الإحلال

__________________

(١) الصحاح للجوهريّ : ج ١ ص ١٨٤.

٦٢

١٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه في امرأة نذرت أن تطوف على أربع فقال تطوف أسبوعا ليديها وأسبوعا لرجليها.

من عمرة التمتع أفضل من الطواف المندوب بعد الإحرام. دفعا لتوهم أن الطواف بعد الإحرام إما حرام أو مكروه على خلاف.

الثالث : أن يكون المراد بالحج بقية ذي الحجة ويكون الغرض أن المبادرة إلى مكة والتوقف قبل الحج فيها أفضل من التوقف بعد الحج ، ويؤيده ما رواه الصدوق في الفقيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « مقام يوم قبل الحج أفضل من مقام يومين بعد الحج »(١) .

ويؤيده أيضا خبر ابن القداح(٢) المتقدم في الباب الثاني لباب فضل الطواف.

الرابع : أن يكون إيماء إلى أفضلية حج التمتع بوجه آخر.

والحاصل أن طوافا واجبا في العشر في غير الحج أفضل من سبعين في الحج ولا يكون ذلك إلا في التمتع ، وهذا النوع من الكلام ليس ببعيد في مقام التقية.

الخامس : ما ذكره بعض الأفاضل من أن المراد بالحج أشهر الحج أي طواف في عشر ذي الحجة أفضل من سبعين طوافا في غيرها من أشهر الحج ، سواء كانا فرضين أو نفلين ، وما سوى الوجه الأخير من الوجوه المذكورة مما خطر بالبال والله أعلم بحقيقة الحال.

الحديث الثامن عشر : ضعيف على المشهور. وقد مر الكلام فيه.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ٣١١ ح ٢٦.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ٣٩٩ باب ١٠ ح ١.

٦٣

(باب)

(استلام الحجر بعد الركعتين وشرب ماء زمزم قبل الخروج إلى)

(الصفا والمروة)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى وابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إذا فرغت من الركعتين فائت الحجر الأسود وقبله واستلمه أو أشر إليه فإنه لا بد من ذلك وقال إن قدرت أن تشرب من ماء زمزم قبل أن تخرج إلى الصفا فافعل وتقول حين تشرب اللهم اجعله علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء وسقم قال وبلغنا أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال حين نظر إلى زمزم لو لا أني أشق على أمتي لأخذت منه ذنوبا أو ذنوبين.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إذا فرغ الرجل من طوافه وصلى ركعتين فليأت زمزم وليستق

باب استلام الحجر بعد الركعتين وشرب ماء زمزم قبل الخروج إلى الصفا والمروة

الحديث الأول : حسن كالصحيح. وحمل الأصحاب ما تضمنه على الاستحباب ، وقوله وبلغنا من كلام الصادق عليه‌السلام.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لأخذت » أظهر بهذا البيان استحبابه ولم يفعله لئلا يصير سنة مؤكدة فيشق على الناس ولعل مراده صلى‌الله‌عليه‌وآله بالأخذ الأخذ للشرب والصب على البدن أو الأخذ للرجوع أيضا.

وقال ابن الأثير : « الذنوب » الدلو العظيمة ، وقيل : لا تسمى ذنوبا إلا إذا كان فيها ماء(١) .

الحديث الثاني : حسن.

__________________

(١) النهاية لابن الأثير : ج ٢ ص ١٧١.

٦٤

منه ذنوبا أو ذنوبين وليشرب منه وليصب على رأسه وظهره وبطنه ويقول اللهم اجعله علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء وسقم ثم يعود إلى الحجر الأسود.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن مهزيار قال رأيت أبا جعفر الثاني عليه‌السلام ليلة الزيارة طاف طواف النساء وصلى خلف المقام ثم دخل زمزم فاستقى منها بيده بالدلو الذي يلي الحجر وشرب منه وصب على بعض جسده ثم اطلع في زمزم مرتين وأخبرني بعض أصحابنا أنه رآه بعد ذلك بسنة فعل مثل ذلك.

الحديث الثالث : صحيح. ويدل على استحباب الاستقاء من زمزم بعد طواف النساء أيضا وعلى استحباب أن يستقي بنفسه وعلى استحباب الاستقاء بالدلو المقابل للحجر كما ذكره الأصحاب وعلى استحباب الاطلاع على زمزم والنظر إليها مرتين.

قال في الدروس : من المقدمات المسنونة للسعي استلام الحجر والشرب من زمزم وصب الماء عليه من الدلو المقابل للحجر وإلا فمن غيره والأفضل استقاؤه بنفسه ، وتقول عند الشرب والصب اللهم اجعله إلى آخره.

وروى الحلبي أن الاستلام بعد إتيان زمزم(١) ، والظاهر استحباب الاستلام والإتيان عقيب الركعتين ولو لم يرد السعي رواه علي بن مهزيار عن الجواد عليه‌السلام في ركعتي طواف النساء(٢) ، ويستحب الاطلاع في زمزم كما روي عنه عليه‌السلام(٣) ونص ابن الجنيد أن استلام الحجر من توابع الركعتين وكذا إتيان زمزم على الرواية عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ٥١٥ ح ٢.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ٥١٥ ح ٣.

(٣) الوسائل ج ٩ ص ٥١٥ ح ٣.

٦٥

(باب)

(الوقوف على الصفا والدعاء)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين فرغ من طوافه وركعتيه قال أبدأ بما بدأ الله عز وجل به من إتيان الصفا إن الله عز وجل يقول : «إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ » قال أبو عبد الله عليه‌السلام ثم اخرج إلى الصفا من الباب الذي خرج منه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو الباب الذي يقابل الحجر الأسود حتى تقطع الوادي وعليك السكينة والوقار فاصعد على الصفا حتى تنظر إلى البيت وتستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود واحمد الله وأثن عليه ثم اذكر من آلائه وبلائه وحسن ما صنع إليك ما قدرت على ذكره ثم كبر الله سبعا واحمده سبعا وهلله سبعا وقل «لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ » وحده «لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ » وهو حي لا يموت «وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » ثلاث مرات ثم صل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقل الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أولانا والحمد لله الحي القيوم والحمد لله الحي الدائم ثلاث مرات وقل أشهد أن لا إله إلا

باب الوقوف على الصفا والدعاء

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أبدأ » بصيغة المتكلم. ويحتمل الأمر ، واستدل به على كون الواو للترتيب وتفصيل القول مذكور في كتب الأصول ، ويدل على استحباب الخروج من الباب المقابل للحجر كما ذكره الأصحاب.

وقال في الدروس : وهو الآن من المسجد معلم بأسطوانتين معروفتين فليخرج من بينهما والظاهر استحباب الخروج من الباب الموازي لهما والصعود على الصفا بحيث يرى البيت من بابه واستقبال الركن العراقي وإطالة الوقوف على الصفا بقدر سورة البقرة مترسلا تأسيا بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والوقوف على الدرجة الرابعة حيال الكعبة ثم ينحدر عنها كاشفا ظهره يسأل الله العفو وليكن وقوفه على الصفا في الشوط

٦٦

الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله لا نعبد إلا إياه «مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ * وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ » ثلاث مرات اللهم إني أسألك العفو والعافية واليقين في الدنيا والآخرة ثلاث مرات اللهم «آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ » ثلاث مرات ثم كبر الله مائة مرة وهلل مائة مرة واحمد مائة مرة وسبح مائة مرة وتقول : لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وغلب الأحزاب وحده فلَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وحده وحده اللهم بارك لي في الموت وفي ما بعد الموت اللهم إني أعوذ بك من ظلمة القبر ووحشته اللهم أظلني في ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك وأكثر من أن تستودع ربك دينك ونفسك وأهلك ثم تقول : أستودع الله الرحمن الرحيم الذي لا يضيع ودائعه نفسي وديني وأهلي اللهم استعملني على كتابك وسنة نبيك وتوفني على ملته وأعذني من الفتنة ثم تكبر ثلاثا ثم تعيدها مرتين ثم تكبر واحدة ثم تعيدها فإن لم تستطع هذا فبعضه وقال أبو عبد الله عليه‌السلام إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقف على الصفا بقدر ما يقرأ سورة البقرة مترتلا.

الثاني أقل من الوقوف في الأول.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « وغلب الأحزاب » أي الأحزاب الذين اجتمعوا يوم الخندق غلب الله عليهم وحده بغير قتال يصير سببا لذلك بل أرسل ريحا وجنودا لم يروها ، ويحتمل أن يكون المراد أحزاب الكفار في جميع المواطن والدهور.

قوله عليه‌السلام : « في ظل عرشك » قيل : الظل هنا الكنف والحماية وزيد العرش للتعظيم أي في كنفك وحمايتك ولا يخفى أنه تكلف مستغنى عنه.

قوله عليه‌السلام : « من الفتنة » أي من عذاب القبر فإنه ورد أعوذ بك من فتنة القبر ، ورومان فتان القبور أو من الفتنة في الدنيا ، وفي التهذيب « ثم أعذني »(١) فالأول أظهر.

قوله عليه‌السلام : « ثم تعيدها » أي مجموع الأدعية بأعدادها ويحتمل الدعاء الأخير ، وقوله عليه‌السلام « فإن لم تستطع » هذا أي إعادة الكل أو أصل القراءة أيضا.

قوله عليه‌السلام : « مترتلا » وفي التهذيب مترسلا بالسين(٢) وهما متقاربان

__________________

(١) التهذيب : ج ٥ ص ١٤٦ ح ٤٨١.

(٢) التهذيب : ج ٥ ص ١٤٦ ح ٤٨١.

٦٧

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن يعقوب بن شعيب قال حدثني جميل قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام هل من دعاء موقت أقوله على الصفا والمروة فقال تقول إذا وقفت على الصفا «لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ » وحده «لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » ثلاث مرات.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن زرارة قال سألت أبا جعفر عليه‌السلام كيف يقول الرجل على الصفا والمروة قال يقول «لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ » وحده «لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » ثلاث مرات.

٤ ـ أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الحميد بن سعيد قال سألت أبا إبراهيم عليه‌السلام عن باب الصفا قلت إن أصحابنا قد اختلفوا فيه بعضهم يقول الذي يلي السقاية وبعضهم يقول الذي يلي الحجر فقال : هو الذي

في المعنى.

قال في الصحاح : الترتيل في القراءة : الترسل فيها والتبين(١) .

الحديث الثاني : صحيح.

الحديث الثالث : صحيح.

الحديث الرابع : مجهول. وفي التهذيب هكذا موسى بن القاسم ، عن صفوان وابن أبي عمير ، عن عبد الحميد قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : عن الباب الذي يخرج منه إلى الصفا فإن أصحابنا قد اختلفوا علي فيه فبعضهم يقول : هو الباب الذي يستقبل السقاية ، وبعضهم يقول : هو الباب الذي يستقبل الحجر الأسود فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : هو الباب الذي يستقبل الحجر الأسود ، والذي يستقبل السقاية صنعه داود وفتحه داود(٢) :

__________________

(١) الصحاح للجوهريّ : ج ٤ ص ١٧٠٤.

(٢) التهذيب : ج ٥ ص ١٤٥ ح ٥.

٦٨

يلي السقاية محدث صنعه داود وفتحه داود.

٥ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن حديد ، عن علي بن النعمان يرفعه قال كان أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا صعد الصفا استقبل الكعبة ثم رفع يديه ثم يقول : اللهم اغفر لي كل ذنب أذنبته قط فإن عدت فعد علي بالمغفرة فإنك أنت الغفور الرحيم اللهم افعل بي ما أنت أهله فإنك إن تفعل بي ما أنت أهله ترحمني وإن تعذبني فأنت غني عن عذابي وأنا محتاج إلى رحمتك فيا من أنا محتاج إلى رحمته ارحمني اللهم لا تفعل بي ما أنا أهله فإنك إن تفعل بي ما أنا أهله تعذبني ولم تظلمني أصبحت أتقي عدلك ولا أخاف جورك فيا من هو عدل لا يجور ارحمني.

قوله عليه‌السلام : « أو فتحه داود »(١) الترديد : من الراوي ، وداود هو ابن علي بن عبد الله بن العباس عم السفاح أول خلفاء بني العباس.

الحديث الخامس : ضعيف.

قوله « أذنبته قط » أي دائما وأي وقت من الأوقات. وقال الشيخ الرضي رضي‌الله‌عنه قط لا يستعمل إلا بمعنى أبدا لأنه مشتق من القط وهو القطع ، وربما استعمل قط بدون النفي لفظا ومعنى نحو كنت أراه قط أي دائما(٢) انتهى.

وقال الفيروزآبادي : إذا أردت بقط الزمان فمرتفع أبدا غير منون إلى أن قال وتختص بالنفي ماضيا وتقول العامة لا أفعله قط(٣) ، وفي موضع من البخاري جاء في المثبت منها في الكسوف أطول صلاة صليتها قط ، وفي سنن أبي داود توضأ ثلاثا قط(٤) وأثبته ابن مالك في الشواهد لغة قال : وهي مما خفي على كثير من النحاة انتهى.

أقول هذا الدعاء المنقول عن أفصح الفصحاء أيضا يدل على وروده في المثبت فثبت

__________________

(١) هكذا في الأصل ولكن في الكافي « وفتحه داود ».

(٢) شرح الكافية : ج ٢ ص ١٢٤.

(٣) القاموس المحيط : ج ٢ ص ٣٨٠.

(٤) سنن أبي داود : ج ١ ص ٢٧.

٦٩

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن حمدان بن سليمان ، عن الحسن بن علي بن الوليد رفعه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال من أراد أن يكثر ماله فليطل الوقوف على الصفا والمروة.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن الحسن بن أبي الحسن ، عن صالح بن أبي الأسود ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال ليس على الصفا شيء موقت.

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن أسباط ، عن مولى لأبي عبد الله عليه‌السلام من أهل المدينة قال رأيت أبا الحسن عليه‌السلام صعد المروة فألقى نفسه على الحجر الذي في أعلاها في ميسرتها واستقبل الكعبة.

٩ ـ علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن أحمد بن الجهم الخزاز ، عن محمد بن عمر بن يزيد ، عن بعض أصحابه قال كنت وراء أبي الحسن موسى عليه‌السلام على الصفا أو على المروة وهو لا يزيد على حرفين اللهم إني أسألك حسن الظن بك في كل حال وصدق النية في التوكل عليك.

الحديث السادس : مجهول مرفوع.

الحديث السابع : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « موقت » أي مفروض أو معين لا تتأتى السنة بغيره.

الحديث الثامن : ضعيف.

الحديث التاسع : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « لا يزيد » لعل الاكتفاء بذاك كان لعذر أو لبيان جواز ترك ما زاد وتأدي السنة بهذا المقدار ولا يبعد الحمل على تكرار هذا الدعاء بقدر سورة البقرة ، ويحتمل أن يكون ذلك في غير الابتداء.

٧٠

(باب)

(السعي بين الصفا والمروة وما يقال فيه)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال سألته عن السعي بين الصفا والمروة قال إذا انتهيت إلى الدار التي على يمينك عند أول الوادي فاسع حتى تنتهي إلى أول زقاق عن يمينك بعد ما تجاوز الوادي إلى المروة فإذا انتهيت إليه فكف عن السعي وامش مشيا وإذا جئت من عند المروة فابدأ من عند الزقاق الذي وصفت لك فإذا انتهيت إلى الباب الذي من قبل الصفا بعد ما تجاوز الوادي فاكفف عن السعي وامش مشيا فإنما السعي على الرجال وليس على النساء سعي.

٢ ـ أحمد بن محمد ، عن محمد بن يحيى ، عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام قال كان أبي يسعى بين الصفا والمروة ما بين باب ابن عباد إلى أن يرفع قدميه من المسيل لا يبلغ زقاق آل أبي حسين.

باب السعي بين الصفا والمروة وما يقال فيه

والمراد بالسعي الهرولة ويحتمل أصل السعي وإن كان أكثر الأخبار في الأول لأنها من آدابه.

الحديث الأول : موثق.

قوله عليه‌السلام : « فاسع » المراد بالسعي هنا الإسراع في المشي والهرولة ، ولا خلاف في مطلوبيتها ولا في أنه لو تركها لا شيء عليه ، وذهب أبو الصلاح إلى وجوبها. وحد الهرولة ما بين المنارة وزقاق العطارين كما دل عليه هذا الخبر ، ويدل على أنه ليس على النساء هرولة كما ذكره الأصحاب.

الحديث الثاني : موثق.

٧١

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن أسلم ، عن يونس ، عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول ما من بقعة أحب إلى الله من المسعى لأنه يذل فيها كل جبار وروي أنه سئل لم جعل السعي فقال مذلة للجبارين.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد رفعه قال ليس لله منسك أحب إليه من السعي وذلك أنه يذل فيه الجبارين.

٥ ـ أحمد بن محمد ، عن التيملي ، عن الحسين بن أحمد الحلبي ، عن أبيه ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال جعل السعي بين الصفا والمروة مذلة للجبارين.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال انحدر من الصفا ماشيا إلى المروة وعليك السكينة والوقار حتى تأتي المنارة وهي على طرف المسعى فاسع ملأ فروجك وقل بسم الله والله أكبر وصلى الله على محمد وعلى أهل بيته اللهم اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم وأنت الأعز الأكرم حتى تبلغ المنارة الأخرى فإذا جاوزتها فقل يا ذا المن والفضل والكرم والنعماء والجود اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ثم امش وعليك السكينة والوقار حتى

الحديث الثالث : ضعيف وآخره مرسل.

الحديث الرابع : ضعيف.

الحديث الخامس : مرسل.

الحديث السادس : حسن.

قوله عليه‌السلام : « ملأ فروجك » قال في النهاية : فيه « فملأت ما بين فروجي » جمع فرج ، وهو ما بين الرجلين ، يقال للفرس : ملأ فرجه وفروجه إذا عدا وأسرع(١) .

وقال في الدروس : أوجب الحلبي ملأ فروجه.

ثم اعلم أن بعض الأصحاب فسروا الهرولة بالإسراع في المشي ، وبعضهم فسروه بالإسراع مع تقارب الخطا وهذا الخبر يدل على الأول كغيره من الأخبار ،

__________________

(١) النهاية لابن الأثير : ج ٣ ص ٤٢٣.

٧٢

تأتي المروة فاصعد عليها حتى يبدو لك البيت واصنع عليها كما صنعت على الصفا وطف بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصفا وتختم بالمروة.

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن أسباط ، عن مولى لأبي عبد الله عليه‌السلام من أهل المدينة قال رأيت أبا الحسن عليه‌السلام يبتدئ بالسعي من دار القاضي المخزومي قال ويمضي كما هو إلى زقاق العطارين.

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن معاوية بن حكيم ، عن محمد بن أبي عمير ، عن الحسن بن علي الصيرفي ، عن بعض أصحابنا قال سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن السعي بين الصفا والمروة فريضة أم سنة فقال فريضة قلت أوليس قال الله عزوجل : «فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما » قال كان ذلك في عمرة القضاء إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شرط عليهم أن يرفعوا الأصنام من الصفا والمروة فتشاغل رجل وترك السعي حتى انقضت الأيام وأعيدت الأصنام فجاءوا إليه فقالوا يا رسول الله إن فلانا لم يسع بين

وحمله على أن المراد بملإ الفروج عدم تباعد القدمين يأباه كلام اللغويين كما عرفت.

الحديث السابع : ضعيف.

الحديث الثامن : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « فريضة » أي واجب وإن عرف وجوبه بالسنة لإطلاق السنة عليه في بعض الأخبار ولعدم دلالة الآية على الوجوب وإن لم يكن منافيا له.

قوله عليه‌السلام : « أو ليس قال الله عز وجل » غرض السائل الاستدلال بعدم الجناح على الاستحباب كما استدل به ، أحمد وبعض المخالفين القائلين باستحبابه ، وأجمع أصحابنا وأكثر المخالفين على الوجوب ، وأما ما أجاب به عليه‌السلام بأن نفي الجناح ليس لنفي السعي حتى يكون ظاهرا في نفي الوجوب بل لما كان يقارنه في ذلك الزمان فهو المشهور بين المفسرين ، قال في الكشاف : كان على الصفا إساف وعلى المروة نائلة وهما صنمان يروى أنهما كانا رجلا وامرأة زنيا في الكعبة فمسخا حجرين فوضعا عليهما ليعتبر بهما فلما طالت المدة عبدا من دون الله وكان أهل الجاهلية

٧٣

الصفا والمروة وقد أعيدت الأصنام فأنزل الله عز وجل : «فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما » أي وعليهما الأصنام.

٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن سعيد الأعرج قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل ترك شيئا من الرمل في سعيه بين الصفا والمروة قال لا شيء عليه وروي أن المسعى كان أوسع مما هو اليوم ولكن الناس ضيقوه.

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل ترك السعي متعمدا قال عليه الحج من قابل.

(باب)

( من بدأ بالمروة قبل الصفا أو سها في السعي بينهما)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة قال :

إذا سعوا مسحوهما فلما جاء الإسلام وكسرت الأوثان كره المسلمون الطواف بينهما لأجل فعل الجاهلية وأن لا يكون عليهم جناح في ذلك فرفع عنهم الجناح انتهى.

الحديث التاسع : صحيح وآخره مرسل. وقال الجوهري الرمل محركة : الهرولة(١) ، وقال الهرولة ضرب من العدو وهو بين المشي والعدو(٢) .

قوله عليه‌السلام : « مما هو اليوم » أي عرضا ويحتمل أن يكون المراد به : محل الهرولة أي كانت مسافة الهرولة أكثر فضيقتها العامة والأول أظهر.

الحديث العاشر : حسن. ويدل على أن السعي ركن ، إذ الركن في الحج والعمرة ما يبطلان بتركه عمدا ولا خلاف فيه بين أصحابنا.

باب من بدء بالمروة قبل الصفا أو سها في السعي بينهما

الحديث الأول : ضعيف على المشهور. وعليه فتوى الأصحاب ولم يفرقوا

__________________

(١) الصحاح الجوهريّ : ج ٤ ص ١٧١٣.

(٢) الصحاح للجوهريّ : ج ٥ ص ١٨٥٠.

٧٤

سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل بدأ بالمروة قبل الصفا قال يعيد ألا ترى أنه لو بدأ بشماله قبل يمينه في الوضوء أراد أن يعيد الوضوء.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي إبراهيم عليه‌السلام في رجل سعى بين الصفا والمروة ثمانية أشواط ما عليه فقال إن كان خطأ اطرح واحدا واعتد بسبعة.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن جميل بن دراج قال حججنا ونحن صرورة فسعينا بين الصفا والمروة أربعة عشر شوطا فسألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن ذلك فقال لا بأس سبعة لك وسبعة تطرح.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن علي الصائغ قال سئل أبو عبد الله عليه‌السلام وأنا حاضر عن رجل بدأ بالمروة قبل الصفا قال يعيد ألا ترى أنه لو بدأ بشماله قبل يمينه كان عليه أن يبدأ بيمينه ثم يعيد على شماله.

في وجوب الإعادة بين العامد والناسي والجاهل.

الحديث الثاني : صحيح. ويدل على أنه إذا زاد على السعي سهوا لا يبطل سعيه ويطرح الزائد ، وبمفهومه يدل على أنه إذا كان عامدا يبطل سعيه ، والثاني مقطوع به في كلام الأصحاب وحكموا في الأول بالتخيير بين طرح الزائد والاعتداد بالسبعة وبين إكمالها أسبوعين فيكون الثاني مستحبا ، وقالوا إنما يتخير إذا لم يتذكر إلا بعد إكمال الثامن وإلا تعين القطع ولم يحكموا باستحباب السعي إلا هنا.

وأقول : فيه إشكال لم يتفطن به الأكثر وهو أنه يكون في الثاني الابتداء من المروة ولعل الكليني لم يقل به حيث لم يذكره.

الحديث الثالث : حسن. ويدل ظاهرا على أن حكم الجاهل حكم الناسي كما ذكره السيد في المدارك.

الحديث الرابع : مجهول.

٧٥