أمالي المرتضى الجزء ١

أمالي المرتضى8%

أمالي المرتضى مؤلف:
تصنيف: مكتبة اللغة والأدب
الصفحات: 679

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 679 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 328462 / تحميل: 11815
الحجم الحجم الحجم
أمالي المرتضى

أمالي المرتضى الجزء ١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

يقول: لا يدعوني في جوف هذه الليلة إلا لشر يريد بي. فقام باكيا حزينا مغموما آيسا من حياته، فجاء إلى عند هارون، وهو ترتعد فرائصه، فقال: سلام على هارون. فرد عليه السلام، ثم قال له هارون: ناشدتك بالله، هل دعوت في جوف هذه الليلة بدعوات؟ فقال: نعم. قال: وما هن؟ قال: جددت طهورا، وصليت لله عزّوجلّ أربع ركعات، ورفعت طرفي إلى السماء، وقلت: يا سيدي خلصني من يدي هارون و شره، وذكر له ما كان من دعائه، فقال هارون: قد استجاب الله دعوتك. يا حاجب، أطلق عن هذا. ثم دعا بخلع فخلع عليه ثلاثا، وحمله على فرسه، وأكرمه، وصيره نديما لنفسه. ثم قال: هات الكلمات حتى أثبتها. ثم دعا بداوة وقرطاس، وكتب هذه الكلمات.

قال: فأطلق عنه، وسلمه إلى حاجبه ليسلمه إلى الدار، فصار موسى بن جعفر عليهما السلام كريما شريفا عند هارون، وكان يدخل عليه في كل خميس(١) .

٦١٤/٤ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير ومحمّد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن منصور بن حازم، وعليّ بن إسماعيل الميثمي، عن منصور بن حازم، عن أبي عبدالله الصادق، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: لا رضاع بعد فطام، ولا وصال في صيام، ولا يتم بعد احتلام، ولا صمت يوم إلى الليل، ولا تعرب بعد الهجرة، ولا هجرة بعد الفتح، ولا طلاق قبل نكاح، ولا عتق قبل ملك، ولا يمين لولد مع والده، ولا لمملوك مع مولاه، ولا للمرأة مع زوجها، ولا نذر في معصية، ولا يمين في قطيعة(٢) .

٦١٥/٥ - حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رضي الله عنه، قال: حدّثنا الحسين بن

______________

(١) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٩٣/١٣، أمالي الطوسي: ٤٢٢/٩٤٥، بحار الانوار ٤٨:٢١٩/٢٠ - ٢٢، و ٩٥: ٢١٠/٢.

(٢) نوادر أحمد بن عيسى: ٢٦/١٧، الكافي ٥: ٤٤٣/٥، من لا يحضره الفقيه ٣: ٢٢٧/١٠٧٠، أمالي الطوسي: ٤٢٣/٩٤٦، تحف العقول: ٣٨١، بحار الانوار ٧٨:: ٢٦٧/١٨٠، و ٩٦: ٢٦٢/٤، و ١٠٤/٢١٧/٨ و ٩، و ٢٣٢/٧٨.

٤٦١

محمّد بن عامر، عن عمه عبدالله بن عامر، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر، عن أبيه، عن جده عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من أراد التوسل إلي، وأن يكون له عندي يد أشفع له بها يوم القيامة، فليصل أهل بيتي ويدخل السرور عليهم(١) .

٦١٦/٦ - حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه، قال: حدثني أبي، قال: حدثني أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن عبدالله ابن الحسن بن الحسن بن علي، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من قال: صلّى الله على محمّد وآله، قال الله جل جلاله: صلّى الله عليك، فليكثر من ذلك. ومن قال: صلّى الله على محمّد، ولم يصل على آله، لم يجد ريح الجنة، وريحها توجد من مسيرة خمسمائة عام(٢) .

٦١٧/٧ - حدّثنا عليّ بن أحمد بن عبدالله بن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، قال: حدثني أبي، عن جده أحمد بن أبي عبدالله، قال: حدّثنا أبي، عن عليّ بن النعمان، عن فضل بن يونس، عن عبدالله بن سنان، قال: قال أبوعبدالله الصادق عليه السلام: من قال كل يوم خمسا وعشرين مرة: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، كتب الله له بعدد كل مؤمن مضى، وبعدد كل مؤمن بقي إلى يوم القيامة حسنة، ومحا عنه سيئة، ورفع له درجة(٣) .

٦١٨/٨ - وبهذا الاسناد، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن عمر بن يزيد، قال: سمعت أبا عبدالله الصادق عليه السلام يقول: من قدم أربعين رجلا من إخوانه قبل أن يدعو لنفسه، استجيب له فيهم وفي نفسه(٤) .

٦١٩/٩ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن

______________

(١) أمالي الطوسي: ٤٢٣/٩٤٧، بحار الانوار ٢٦: ٢٢٧/١.

(٢) أمالي الطوسي: ٤٢٤/٩٤٨، بحار الانوار ٩٤: ٤٨/٤.

(٣) أمالي الطوسي: ٤٢٤/٩٤٩، بحار الانوار ٩٣: ٣٨٤/٥.

(٤) أمالي الطوسي: ٤٢٤/٩٥٠، بحار الانوار ٩٣: ٣٨٣/٣.

٤٦٢

يحيى العطار، عن محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن سليمان بن رشيد، عن أبيه، عن معاوية بن عمار، قال: ذكرت عند أبي عبدالله الصادق عليه السلام بعض الانبياء، فصليت عليه، فقال: إذا ذكر أحد من الانبياء فابدأ بالصلاة على محمّد ثم عليه (صلّى الله على محمّد وآله، وعلى جميع الانبياء)(١) .

٦٢٠/١٠ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن عليّ الصيرفي، عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبدالله الصادق، عن أبيه، عن جده عليهم السلام، قال: بلغ أم سلمة زوجة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أن مولى لها يتنقص عليا عليه السلام ويتناوله، فأرسلت إليه، فلما أن صار إليها قالت له: يا بني، بلغني أنك تتنقص عليا وتتناوله. قال لها: نعم، يا أماه. قالت: اقعد ثكلتك أمك حتى أحدثك بحديث سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ثم اختر لنفسك، إنا كنا عند رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تسع نسوة، وكانت ليلتي ويومي من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فدخل النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو متهلل(٢) ، أصابعه في أصابع علي، واضعا يده عليه، فقال: يا أم سلمة، اخرجي من البيت، وأخليه لنا، فخرجت واقبلا يتناجيان، اسمع الكلام، وما أدري ما يقولان، حتى إذا انتصف النهار، أتيت الباب، فقلت: أدخل يا رسول الله؟ قال: لا. فكبوت كبوة شديدة مخافة أن يكون ردني من سخطة، أو نزل في شئ من السماء، ثم لم ألبث أن أتيت الباب الثانية، فقلت: أدخل يا رسول الله؟ فقال: لا. فكبوت كبوة أشد من الاولى.

ثم لم ألبث حتى أتيت الباب الثالثة، فقلت: أدخل يا رسول الله؟ فقال: ادخلي يا أم سلمة. فدخلت وعلي عليه السلام جاث بين يديه، وهو يقول: فداك أبي وأمي يا رسول الله، إذا كان كذا وكذا فما تأمرني؟ قال: آمرك بالصبر. ثم أعاد عليه القول الثانية، فأمره بالصبر، فأعاد عليه القول الثالثة، فقال له: يا علي يا أخي، إذا كان ذاك منهم فسل

______________

(١) أمالي الطوسي: ٤٢٤/٩٥١، بحار الانوار ٩٤: ٤٨/٥.

(٢) في مناقب الخوارزمي والبحار ٣٨: مخلل.

٤٦٣

سيفك، وضعه على عاتقك، واضرب به قدما قدما(١) ، حتى تلقاني وسيفك شاهر يقطر من دمائهم، ثم التفت عليه السلام إلي، فقال لي: ما هذا الكآبة يا أم سلمة؟ قلت: للذي كان من ردك لي يا رسول الله. فقال لي: والله ما رددتك من موجدة(٢) ، وإنك لعلى خير من الله ورسوله، لكن أتيتني وجبرئيل عن يميني، وعلي عن يساري، وجبرئيل يخبرني بالاحداث التي تكون من بعدي، وأمرني أن أوصي بذلك عليا.

يا أم سلمة، اسمعي واشهدي، هذا عليّ بن أبي طالب، أخي في الدنيا وأخي في الآخرة. يا أم سلمة، اسمعي واشهدي، هذا عليّ بن أبي طالب، وزيري في الدنيا ووزيري في الآخرة. يا أم سلمة، اسمعي واشهدي، هذا عليّ بن أبي طالب، حامل لوائي في الدنيا وحامل لوائي غدا في القيامة.

يا أم سلمة، اسمعي واشهدي، هذا عليّ بن أبي طالب، وصيي وخليفتي من بعدي، وقاضي عداتي، والذائد عن حوضي، يا أم سلمة، اسمعي واشهدي، هذا عليّ بن أبي طالب، سيد المسلمين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.

قلت: يا رسول الله، من الناكثون؟ قال: الذين يبايعونه بالمدينة، وينكثون بالبصرة. قلت: من القاسطون؟ قال: معاوية وأصحابه من أهل الشام. قلت: من المارقون؟ قال: أصحاب النهروان.

فقال مولى أم سلمة: فرجت عني فرج الله عنك، والله لا سببت عليا أبدا(٣) .

٦٢١/١١ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه، قال: حدّثنا عليّ بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن القاسم بن الوليد، عن شيخ من ثمالة، قال:

______________

(١) القدم: المضي إلى أمام.

(٢) الموجدة: الغضب.

(٣) أمالي الطوسي: ٤٢٤/٩٥٢، المناقب للخوارزمي: ٨٩ (نحوه)، بحار الانوار ٢٢: ٢٢١/١، و ٣٨: ٣٠٥/٥، و ٣٠٩/٩ (نحوه).

٤٦٤

دخلت على امرأة من تميم عجوز كبيرة وهي تحدث الناس، فقلت لها: يرحمك الله، حدثيني في بعض فضائل أميرالمؤمنين علي عليه السلام. قالت: أحدثك وهذا شيخ كما ترى بين يدي نائم.

فقلت لها: ومن هذا؟ فقالت: أبوالحمراء، خادم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. فجلست إليه، فلما سمع حسي استوى جالسا، فقال: مه. فقلت: رحمك الله، حدثني بما رأيت من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يصنعه بعلي عليه السلام، فإن الله يسألك عنه.

فقال: على الخبير وقعت، أما ما رأيت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يصنعه بعلي عليه السلام، فإنه قال: لي ذات يوم: يا أبا الحمراء، انطلق فادع لي مائة من العرب، وخمسين رجلا من العجم، وثلاثين رجلا من القبط، وعشرين رجلا من الحبشة. فأتيت بهم، فقام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فصف العرب، ثم صف العجم خلف العرب، وصف القبط خلف العجم، وصف الحبشة خلف القبط، ثم قام فحمد الله وأثنى عليه، ومجد الله بتمجيد لم يسمع الخلائق بمثله، ثم قال: يا معشر العرب والعجم والقبط والحبشة، أقررتم بشهادة أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمّدا عبده ورسوله؟ فقالوا: نعم. فقال: اللهم أشهد. حتى قالها ثلاثا، فقال في الثلاثة: أقررتم بشهادة أن لا إله إلا الله، وأني محمّدا عبده ورسوله، وأن عليّ بن أبي طالب أميرالمؤمنين وولي أمرهم من بعدي، فقالوا: اللهم نعم. فقال: اللهم أشهد. حتى قالها ثلاثا.

ثم قال لعلي عليه السلام: يا أبا الحسن، انطلق فأتني بصحيفة ودواة، فدفعها إلى عليّ بن أبي طالب، وقال: اكتب. فقال: وما أكتب؟ قال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أقرت به العرب والعجم والقبط والحبشة، أقروا بشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمّدا عبده ورسوله، وأن عليّ بن أبي طالب أميرالمؤمنين وولي أمرهم من بعدي، ثم ختم الصحيفة، ودفعها إلى علي عليه السلام فما رأيتها إلى الساعة.

فقلت: رحمك الله. زدني. فقال: نعم، خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم عرفة، وهو آخذ بيد علي عليه السلام، فقال: يا معشر الخلائق، إن الله تبارك وتعالى باهى بكم في هذا اليوم ليغفر لكم عامة، ثم التفت إلى علي عليه السلام، فقال له: وغفر لك - يا

٤٦٥

علي - خاصة.

ثم قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا علي ادن مني. فدنا منه، فقال: إن السعيد حق السعيد من أحبك وأطاعك، وإن الشقي كل الشقي من عاداك ونصب لك وأبغضك. يا علي، كذب من زعم أنه يحبني ويبغضك. يا علي، من حاربك فقد حاربني، ومن حاربني فقد حارب الله عزّوجلّ. يا علي، من أبغضك فقد أبغضني، ومن أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله، وأتعس الله جده، وأدخله نار جهنم(١) .

وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين

______________

(١) أمالي الطوسي: ٤٢٦/٩٥٣ (نحوه) بحار الانوار ٣٨: ١٠٨/٣٨.

٤٦٦

[ ٦١ ]

المجلس الحادي والستون

مجلس يوم الجمعة

الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة

٦٢٢/١ - حدّثنا الشيخ الجليل أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي رضي الله عنه، قال: حدّثنا أبوذر يحيى بن زيد بن العباس بن الوليد البزاز رضي الله عنه بالكوفة، قال: حدّثنا عمي عليّ بن العباس، قال: حدّثنا عليّ بن المنذر، قال: حدّثنا عبدالله بن سالم، عن حسين بن زيد، عن عليّ بن عمر بن علي، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، أنه قال: يا فاطمة، إن الله تبارك وتعالى ليغضب لغبضك، ويرضى لرضاك، قال: فجاء صندل، فقال لجعفر ابن محمّد عليهما السلام: يا أبا عبدالله، إن هؤلاء الشباب يجيئونا عنك بأحاديث منكرة! فقال له جعفر عليه السلام: وما ذاك يا صندل؟ قال: جاءنا عنك أنك حدثتهم أن الله يغضب لغضب فاطمة، ويرضى لرضاها؟

قال: فقال جعفر عليه السلام: يا صندل، ألستم رويتم فيما تروون أن الله تبارك وتعالى ليغضب لغضب عبده المؤمن، ويرضى لرضاه؟ قال: بلى. قال: فما تنكرون أن تكون فاطمة عليها السلام مؤمنة، يغضب الله لغضبها، ويرضى لرضاها! قال: فقال: الله

٤٦٧

أعلم حيث يجعل رسالته(١) .

٦٢٣/٢ - حدّثنا أبوالحسن عليّ بن الحسين بن شقير(٢) بن يعقوب بن الحارث بن إبراهيم الهمداني في منزله بالكوفة، قال: حدّثنا أبوعبدالله جعفر بن أحمد بن يوسف الازدي، قال: حدّثنا عليّ بن بزرج الحناط، قال: حدّثنا عمرو بن اليسع، عن عبدالله بن اليسع، عن عبدالله(٣) بن سنان، عن أبي عبدالله الصادق جعفر ابن محمّد عليهما السلام، قال: أتي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقيل له: إن سعد بن معاذ قد مات. فقام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقام أصحابه معه فأمر بغسل سعد وهو قائم على عضادة الباب(٤) ، فلما أن حنط وكفن وحمل على سريره، تبعه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بلا حذاء ولا رداء، ثم كان يأخذ يمنة السرير مرة ويسرة السرير مرة حتى انتهى به إلى القبر، فنزل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى لحده وسوى اللبن عليه وجعل يقول: ناولوني حجرا، ناولوني ترابا رطبا، يسد به ما بين اللبن، فلما أن فرغ وحثا التراب عليه وسوى قبره، قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إني لاعلم أنه سيبلى ويصل البلى إليه، ولكن الله يحب عبدا إذا عمل عملا أحكمه.

فلما أن سوى التربة عليه قالت أم سعد: يا سعد، هنيئا لك الجنة. فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا أم سعد مه، لا تجزمي على ربك، فإن سعدا قد أصابته ضمة.

قال: فرجع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ورجع الناس، فقالوا له: يا رسول الله، لقد رأيناك صنعت على سعد ما لم تصنعه على أحد، إنك تبعت جنازته بلا رداء ولا حذاء؟ فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: إن الملائكة كانت بلا رداء ولا حذاء، فتأسيت بها، قالوا: وكنت تأخذ يمنة السرير مرة ويسرة السرير مرة؟ قال: كانت يدي في يد

______________

(١) أمالي الطوسي: ٤٢٧/٩٥٤، بحار الانوار ٤٣: ٢١/١٢.

(٢) تقدم في المجلس (١) حديث (٦) بهذا العنوان، وفي الخصال: ٢٠٧/٢٧، ومعاني الاخبار: ١٨٩/١، وعلل الشرائع: ٣٠٩/٤، باب ٢٦٢: بن سفيان.

(٣) (بن اليسع، عن عبدالله) لم يرد في نسخة، وفي العلل وأمالي الطوسي: عمرو بن اليسع.

(٤) عضادتا الباب: الخشبتان المثبتتان على جانبي الباب.

٤٦٨

جبرئيل عليه السلام آخذ حيث يأخذ. قالوا: أمرت بغسله، وصليت على جنازته ولحدته في قبره، ثم قلت: إن سعدا قد أصابته ضمة؟ قال: فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: نعم، إنه كان في خلقه مع أهله سوء(١) .

٦٢٤/٣ - حدّثنا محمّد بن أحمد بن عليّ بن أسد الاسدي بالري في رجب سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، قال: حدّثنا عبدالله بن سليمان، وعبدالله بن محمّد الوهبي، وأحمد بن عمير ومحمّد بن أبي أيوب، قالوا: حدّثنا عبدالله بن هانئ بن عبد الرحمن، قال: حدّثنا أبي، عن عمه إبراهيم، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من أصبح معافى في جسده، آمنا في سربه(٢) ، عنده قوت يومه، فكأنما خيرت له الدنيا.

يا بن جعشم، يكفيك منها ما سد جوعتك، ووارى عورتك، فإن يكن بيت يكنك فذاك، وإن تكن دابة تركبها فبخ بخ، وإلا فالخبز وماء الجر(٣) ، وما بعد ذلك حساب عليك أو عذاب(٤) .

٦٢٥/٤ - حدّثنا محمّد بن عليّ بن الفضل الكوفي رضي الله عنه في مسجد أميرالمؤمنين عليه السلام بالكوفة، قال: حدّثنا محمّد بن جعفر المعروف بابن التبان، قال: حدّثنا محمّد بن القاسم النهمي، قال: حدّثنا محمّد بن عبد الوهاب، قال: حدّثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي، قال: حدّثنا توبة بن الخليل، قال: سمعت محمّد بن الحسن يقول: حدّثنا هارون بن خارجة، قال: قال لي الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام: كم بين منزلك وبين مسجد الكوفة؟ فأخبرته، فقال: ما بقي ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا عبد صالح دخل الكوفة إلا وقد صلى فيه، وإن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مر به ليلة

______________

(١) علل الشرائع: ٣٠٩/٤، أمالي الطوسي: ٤٢٧/٩٥٥، بحار الانوار ٦: ٢٢٠/١٤، و ٢٢: ١٠٧/٦٧.

(٢) السرب: النفس والقلب يقال: هو آمن السرب، وآمن في سربه، أي آمن النفس والقلب، أو آمن على ماله من أهل ومال.

(٣) الجر: جمع جرة، وهي إناء من خزف.

(٤) الخصال: ١٦ ١/٢١١، أمالي الطوسي: ٤٢٨/٩٥٦، بحار الانوار ٧٠: ٣١٣/١٥، و ٧٧: ١١٤/٧.

٤٦٩

أسري به، فاستأذن له الملك فصلى فيه ركعتين، والصلاة الفريضة فيه ألف صلاة، والنافلة فيه خمسمائة صلاة، والجلوس فيه من غير تلاوة قرآن عبادة، فاته ولو زحفا(١) .

٦٢٦/٥ - حدّثنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم الليثي، قال: حدّثنا عبدالله بن محمّد بن عبد العزيز البغوي، قال: حدّثنا عليّ بن الجعد، قال: أخبرنا شعبة، قال: حدّثنا الحكم، قال: سمعت ابن أبي ليلى يقول: لقيت كعب بن عجرة، فقال، ألا أهدي لك هدية؟ إن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم خرج علينا، فقلنا: يا رسول الله، قد علمتنا كيف السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمّد، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على آل محمّد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حممد مجيد(٢) .

٦٢٧/٦ - حدّثنا الحسن بن عبدالله بن سعيد بن الحسن بن إسماعيل بن حكيم العسكري، قال: حدّثنا عبدالله بن محمّد بن عبد الكريم، قال: حدّثنا محمّد بن عبد الرحمن البرقي: قال: حدّثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: قرأت على أبي عمر الصنعاني، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: رب أشعث أغبر ذي طمرين مدقع(٣) بالابواب، لو أقسم على الله لابره(٤) .

٦٢٨/٧ - حدّثنا الحسن بن عبدالله بن سعيد، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن حمدان بن المغيرة القشيري، قال: حدّثنا أبوالحريش أحمد بن عيسى الكلابي، قال: حدّثنا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ ابن أبي طالب عليه السلام سنة خمسين ومائتين، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، في قول

______________

(١) أمالي الطوسي: ٤٢٨/٩٥٧، بحار الانوار ١٠٠: ٣٩١/١٦، ١٧.

(٢) أمالي الطوسي ٤٢٩/٩٥٨، بحار الانوار ٩٤: ٤٨/٦.

(٣) في نسخة: مدفع، والمدقع: الفقير الذي قد لصق بالتراب من الفقر.

(٤) أمالي الطوسي: ٤٢٩/٩٥٩، بحار الانوار ٧٢: ٣٦/٢٩.

٤٧٠

الله عزّوجلّ:( هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ) (١) ، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: إن الله عزّوجلّ قال: ما جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة(٢) .

٦٢٩/٨ - حدّثنا جعفر بن الحسين رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن جعفر بن بطة، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن عبدالله ابن مسكان، عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام، قال: إن أحق الناس بأن يتمنى للناس الغنى البخلاء، لان الناس إذا استغنوا كفوا عن أموالهم، وإن أحق الناس بأن يتمنى للناس الصلاح أهل العيوب، لان الناس إذا صلحوا كفوا عن تتبع عيوبهم، وإن أحق الناس بأن يتمنى للناس الحلم أهل السفه الذين يحتاجون أن يعفى عن سفههم، فأصبح أهل البخيل يتمنون فقر الناس، وأصبح أهل العيوب يتمنون معايب الناس، وأصبح أهل السفه يتمنون سفه الناس، وفي الفقر الحاجة إلى البخيل، وفي الفساد طلب عورة أهل العيوب، وفي السفه المكافأة بالذنوب(٣) .

٦٣٠/٩ - حدّثنا أحمد بن هارون الفامي رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن جعفر بن بطة، قال: حدّثنا أحمد بن إسحاق بن سعد، عن بكر بن محمّد، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال أميرالمؤمنين عليه السلام: الناس في الجمعة على ثلاث منازل: رجل شهدها بإنصات وسكون قبل الامام وذلك كفارة لذنوبه من الجمعة إلى الجمعة الثانية وزيادة ثلاثة أيام، لقول الله عزّوجلّ:( مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ) (٤) ، ورجل شهدها بلغط(٥) وملق وقلق فذلك حظه، ورجل شهدها والامام يخطب فقام يصلي فقد أخطأ السنة، وذاك ممن إذا سأل الله عز

______________

(١) الرحمن ٥٥: ٦٠.

(٢) التوحيد: ٢٨/٢٩، أمالي الطوسي: ٤٢٩/٩٦٠، و: ٥٦٩/١١٧٧، بحار الانوار ٣: ٢/٢.

(٣) الخصال: ١٥٢/١٨٨، أمالي الطوسي: ٤٣٠/٩٦١، بحار الانوار ٧٣: ٣٠٠/٥.

(٤) الانعام ٦: ١٦٠.

(٥) اللغط: الصوت والجلبة.

٤٧١

وجل، إن شاء أعطاه، وإن شاء حرمه(١) .

٦٣١/١٠ - حدّثنا محمّد بن بكران النقاش رضي الله عنه، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الهمداني مولى بني هاشم، قال: حدثني عبيد بن حمدون الرؤاسي، قال: حدّثنا حسين بن نصر، عن أبيه، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر الباقر، عن عليّ بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: شكوت إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم دينا كان علي، فقال: يا علي، قل اللهم أغنني بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك، فلو كان عليك مثل صبير دينا قضاه الله عنك. وصبير: جبل باليمن، ليس باليمين جبل أجل ولا أعظم منه(٢) .

٦٣٢/١١ - حدّثنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم الليثي، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الهمداني، قال: حدّثنا يعقوب بن يوسف بن زياد، قال: حدّثنا أحمد بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر الباقر، عن عليّ بن الحسين، عن الحسين ابن علي، عن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أنا مدينة الحكمة - وهي الجنة - وأنت يا علي بابها، فكيف يهتدي المهتدي إلى الجنة، ولا يهتدى إليها إلا من بابها؟(٣) .

٦٣٣/١٢ - حدّثنا الحسين بن يحيى بن ضريس البجلي رضي الله عنه، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا أبوعوانة، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا عبدالله بن مسلمة القعنبي، قال: حدّثنا عبدالله بن لهيعة، عن محمّد بن عبد الرحمن بن عروة بن الزبير، عن أبيه، عن جده، قال: وقع رجل في عليّ بن أبي طالب بمحضر من عمر بن الخطاب، فقال له عمر: تعرف صاحب هذا القبر؟ محمّد بن عبدالله بن عبد المطلب، وعليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب، لا تذكرن عليا إلا بخير، فإنك إن تنقصته آذيت هذا في

______________

(١) قرب الاسناد: ٣٤/١١١، أمالي الطوسي: ٤٣٠/٩٦٢، بحار الانوار ٨٩: ١٨٩/٢٨.

(٢) أمالي الطوسي: ٤٣٠/٩٦٣، بحار الانوار ٩٥: ٣٠١/١.

(٣) أمالي الطوسي: ٤٣١/٩٦٤، بحار الانوار ٤٠: ٢٠٠/٢.

٤٧٢

قبره(١) .

٦٣٤/١٣ - حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه، قال: حدّثنا أبي، قال: حدثني محمّد بن عليّ بن محبوب، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أبي داود المسترق، واسمه سليمان بن سفيان، قال: قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام: يقوم الناس عن فرشهم على ثلاثة أصناف: فصنف له ولا عليه، وصنف عليه ولا له، وصنف لا عليه ولا له، فأما الصنف الذي له ولا عليه، فهو الذي يقوم من منامه ويتوضأ ويصلي ويذكر الله عزّوجلّ، والصنف الذي عليه ولا له، فهو الذي لم يزل في معصية الله حتى نام فذاك الذي عليه ولا له، والصنف الذي لا له ولا عليه، فهو الذي لا يزال نائما حتى يصبح، فذاك لا له ولا عليه(٢) .

٦٣٥/١٤ - حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطار رضي الله عنه، قال: حدّثنا أبي، قال: حدثني محمّد بن عبد الجبار، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، قال: أخبرني داود بن كثير الرقي، قال: سمعت أبا عبدالله الصادق عليه السلام يقول: من أحب أن يخفف الله عزّوجلّ عنه سكرات الموت، فليكن لقرابته وصولا، وبوالديه بارا، فإذا كان كذلك هون الله عليه سكرات الموت، ولم يصبه في حياته فقر أبدا(٣) .

٦٣٦/١٥ - وبهذا الاسناد، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن عليّ بن ميمون الصائغ، قال: سمعت أبا عبدالله الصادق عليه السلام يقول: من أراد أن يدخله الله عزّوجلّ في رحمته ويسكنه جنته، فليحسن خلقه، وليعط النصفة(٤) من نفسه، وليرحم اليتيم، وليعن الضعيف، وليتواضع لله الذي خلقه(٥) .

٦٣٧/١٦ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدثنا

______________

(١) أمالي الطوسي: ٤٣١/٩٦٥، بحار الانوار ٤٠: ١١٧/١.

(٢) أمالي الطوسي: ٤٣١/٩٦٦، بحار الانوار ٨٧: ١٦٩/١.

(٣) أمالي الطوسي: ٤٣٢/٩٦٧، بحار الانوار ٧٤: ٦٦/٣٣.

(٤) النصفة: الانصاف.

(٥) أمالي الطوسي: ٤٣٢/٩٦٨، بحار الانوار ٧٥: ٢/١، و ١٨/٦، ٧.

٤٧٣

محمّد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن إبراهيم ابن عبد الحميد، عن سعد الاسكاف، (عن زياد بن عيسى، عن أبي الجارود)(١) ، عن الاصبغ بن نباتة، عن علي عليه السلام، أنه كان يقول: من اختلف إلى المسجد أصاب إحدى الثمان: أخا مستفادا في الله، أو علما مستطرفا، أو آية محكمة، أو رحمة منتظرة، أو كلمة ترده عن ردى، أو يسمع كلمة تدله على هدى، أو يترك ذنبا خشية أو حياء(٢) .

٦٣٨/١٧ - حدّثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم ابن هاشم، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبدالله، عن زرارة بن أعين، قال: قال أبوجعفر عليه السلام: إنما فرض الله عزّوجلّ على الناس من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة، فيها صلاة واحدة فرضها الله في جماعة وهي الجمعة، ووضعها عن تسعة: عن الصغير، والكبير، والمجنون، والمسافر، والعبد، والمرأة والمريض، والاعمى، ومن كان على رأس فرسخين(٣) .

٦٣٩/١٨ - وبهذا الاسناد، قال: قال أبوجعفر الباقر عليه السلام: القنوت في الوتر كقنوتك يوم الجمعة، تقول في دعاء القنوت: اللهم تم نورك فهديت، فلك الحمد ربنا، وبسطت يدك فأعطيت، فلك الحمد ربنا، وعظم حلمك فعفوت، وفلك الحمد ربنا، وجهك أكرم الوجوه، وجهتك خير الجهات، وعطيتك أفضل العطيات وأهنأها، تطاع ربنا فتشكر، وتعصى ربنا فتغفر لمن شئت، تجيب المضطر، وتكشف الضر، وتشفي السقيم، وتنجي من الكرب العظيم، لا يجزي بآلائك أحد، ولا يحصي نعماءك قول قائل.

اللهم إليك رفعت الابصار، ونقلت الاقدام، ومدت الاعناق، ورفعت الايدي، ودعيت بالالسن، وتحوكم إليك في الاعمال، ربنا اغفر لنا وارحمنا، وافتح بيننا وبين

______________

(١) أثبتناه من ثواب الاعمال، والخصال، والتهذيب.

(٢) قرب الاسناد: ٦٨/٢١٩ « نحوه »، المحاسن: ٤٨/٦٦ « نحوه » ثواب الاعمال: ٢٧، الخصال: ٤٠٩/١٠. التهذيب ٣: ٢٤٨/٦٨١، أمالي الطوسي: ٤٣٢/٩٦٩، بحار الانوار ٨٣: ٣٥١/٤.

(٣) أمالي الطوسي: ٤٣٢/٩٧٠، بحار الانوار ٨٩: ١٥٣/١.

٤٧٤

خلقك بالحق، وأنت خير الفاتحين.

اللهم إليك نشكو غيبة نبينا، وشدة الزمان علينا، ووقوع الفتن، وتظاهر الاعداء، وكثرة عدونا، وقلة عددنا، فافرج ذلك يا رب بفتح منك تعجله، ونصر منك تعزه، وإمام عدل تظهره، إله الحق رب العالمين.

ثم تقول في قنوت الوتر بعد هذا: استغفر الله وأتوب إليه سبعين مرة، وتعوذ بالله من النار كثيرا، وتقول في دبر الوتر بعد التسليم: سبحان ربي الملك القدوس العزيز الحكيم، ثلاث مرات. الحمد لرب الصباح، الحمد لفالق الاصباح، ثلاث مرات(١) .

٦٤٠/١٩ - حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطار، عن محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن موسى بن جعفر البغدادي، عن عليّ بن معبد، عن بندار بن حماد، عن عبدالله بن فضالة، عن أبي عبدالله - أو أبي جعفر - عليهما السلام، قال: سمعته يقول: إذا بلغ الغلام ثلاث سنين يقال له سبع مرات: قل لا إله إلا الله، ثم يترك حتى يتم له ثلاث سنين وسبعة أشهر وعشرون يوما، فيقال له: قل محمّد رسول الله، سبع مرات، ويترك حتى يتم له أربع سنين، ثم يقال له سبع مرات: قل صلّى الله على محمّد وآله، ثم يترك حتى يتم له خمس سنين، ثم يقال له: أيهما يمينك، وأيهما شمالك؟ فإذا عرف ذلك حول وجهه إلى القلبة ويقال له: اسجد، ثم يترك حتى يتم له ست سنين، فإذا تم له ست سنين صلى وعلم الركوع والسجود، ثم يترك حتى يتم له سبع سنين، فإذا تم له سبع سنين، قيل: له اغسل وجهك وكفيك، فإذا غسلهما قيل له: صلى، ثم يترك حتى يتم له تسع سنين، فإذا تمت له علم الوضوء وضرب عليه، وأمر بالصلاة وضرب عليها، فإذا تعلم الوضوء والصلاة غفر الله لوالديه إن شاء الله تعالى(٢) .

وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين

______________

(١) أمالي الطوسي: ٤٣٢/٩٧١، بحار الانوار ٨٧: ١٩٨/٦، و ٨٩: ١٩٠/٢٩، إلى قوله: إله الحق رب العالمين.

(٢) أمالي الطوسي: ٤٣٣/٩٧٢، بحار الانوار ١٠٤: ١٠٠/٨٢.

٤٧٥

[ ٦٢ ]

المجلس الثاني وستون

مجلس يوم الثلاثاء

سلخ شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة

٦٤١/١ - حدّثنا الشيخ الجليل أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي رضي الله عنه، قال: حدّثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطار، قال: حدّثنا سهل بن زياد الآدمي، عن هارون بن مسلم، عن محمّد بن أبي عمير، عن عليّ بن إسماعيل، قال: أخبرني أبوأسامة زيد الشحام، قال: سمعت أبا عبدالله الصادق عليه السلام يقول: من أخر المغرب حتى تشتبك النجوم من غير علة، فأنا إلى الله منه برئ(١) .

٦٤٢/٢ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن عبيد الله بن عبدالله الدهقان، عن درست بن أبي منصور، عن عبدالله بن سنان، قال: قال الصادق جعفر ابن محمّد عليهما السلام: لا تتخللوا بعود الريحان، ولا بقضيب الرمان، فإنهما يهيجان عرق الجذام(٢) .

______________

(١) بحار الانوار ٨٣: ٥٩/١٩.

(٢) المحاسن: ٥٦٤/٩٦٦، الخصال: ٦٣/٩٤، علل الشرائع: ٥٣٣/١، بحار الانوار ٦٦: ٤٣٧/٣.

٤٧٦

٦٤٣/٣ - حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن حمزة بن حمران، قال: دخلت إلى الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، فقال لي: يا حمزة، من أين أقبلت؟ قلت له: من الكوفة. قال: فبكى عليه السلام حتى بلت دموعه لحيته، فقلت له: يا بن رسول الله، ما لك أكثرت البكاء؟ فقال: ذكرت عمي زيدا وما صنع به فبكيت.

فقلت له: وما الذي ذكرت منه؟ فقال: ذكرت مقتله، وقد أصاب جبينه سهم، فجاءه ابنه يحيى فانكب عليه، وقال له: أبشر يا أبتاه، فإنك ترد على رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله عليهم). قال: أجل يا بني، ثم دعا بحداد فنزع السهم من جبينه، فكانت نفسه معه، فجئ به إلى ساقية تجري عند بستان زائدة، فحفر له فيها ودفن، وأجرى عليه الماء وكان معهم غلام سندي لبعضهم، فذهب إلى يوسف ابن عمر من الغد فأخبره بدفنهم إياه، فأخرجه يوسف بن عمر فصلبه في الكناسة أربع سنين، ثم أمر به فأحرق بالنار، وذري في الرياح، فلعن الله قاتله وخاذله، وإلى الله جل اسمه أشكو ما نزل بنا أهل بيت نبيه بعد موته، وبه نستعين على عدونا، وهو خير مستعان(١) .

٦٤٤/٤ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الهمداني، قال: حدّثنا الحسن بن القاسم قراءة، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن المعلي، قال: حدّثنا أبوعبدالله محمّد بن خالد، قال: حدّثنا عبدالله بن بكر المرادي، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن عليّ بن الحسين عليهم السلام، قال: بينا أميرالمؤمنين عليه السلام ذات يوم جالس مع أصحابه يعبئهم للحرب، إذ أتاه شيخ عليه شحبة السفر، فقال: أين أميرالمؤمنين؟ فقيل: هو ذا. فسلم عليه، ثم قال: يا أميرالمؤمنين، إني أتيتك من ناحية الشام، وأنا شيخ كبير، قد سمعت فيك من الفضل ما لا أحصي، وإني أظنك ستغتال، فعلمني مما علمك الله.

قال عليه السلام: نعم يا شيخ، من اعتدل يوماه فهو مغبون، ومن كانت الدنيا همته

______________

(١) بحار الانوار ٤٦: ١٧٢/٢٢.

٤٧٧

اشتدت حسرته عند فراقها، ومن كان غده شر يوميه فمحروم، ومن لم يبال بما زرى(١) من آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك، ومن لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى، ومن كان في نقص فالموت خير له.

يا شيخ، إن الدنيا خضرة حلوة ولها أهل، وإن الآخرة لها أهل ظلفت(٢) أنفسهم عن مفاخرة أهل الدنيا، لا يتنافسون في الدنيا، ولا يفرحون بغضارتها، ولا يحزنون لبؤسها.

يا شيخ، من خاف البيات قل نومه، ما أسرع الليالي والايام في عمر العبد! فاخزن لسانك وعد كلامك، يقل كلامك إلا بخير.

يا شيخ، أرض للناس ما ترضى لنفسك، وأت إلى الناس ما تحب أن يؤتى إليك.

ثم أقبل على أصحابه، فقال: أيها الناس، أما ترون إلى أهل الدنيا يمسون ويصبحون على أحوال شتى، فبين صريع يتلوى، وبين عائد ومعود، وآخر بنفسه يجود، وآخر لا يرجى، وآخر مسجى، وطالب الدنيا والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه، وعلى أثر الماضي يصير الباقي.

فقال له زيد ين صوحان العبدي: يا أميرالمؤمنين، أي سلطان أغلب وأقوى؟ قال: الهوى. قال: فأي ذل أذل؟ قال: الحرص على الدنيا. قال: فأي فقر أشد؟ قال: الكفر بعد الايمان. قال: فأي دعوة أضل؟ قال: الداعي بما لا يكون قال: فأي عمل أفضل؟ قال: التقوى. قال: فأي عمل أنجح؟ قال: طلب ما عند الله. قال: فأي صاحب شر؟ قال: المزين لك معصية الله، قال: فأي الخلق أشقى؟ قال: من باع دينه بدنيا غيره. قال: فأي الخلق أقوى؟ قال: الحليم، قال: فأي الخلق أشح؟ قال: من أخذ المال من غير حله، فجعله في غير حقه. قال: فأي الناس أكيس؟ قال: من أبصر رشده من غيه، فمال إلى رشده. قال: فمن أحلم الناس؟ قال: الذي لا يغضب. قال: فأي الناس أثبت

______________

(١) أي تهاون وقصر، وفي نسخة: رزأ، وفي أخرى: رزئ.

(٢) ظلفت نفسه عن الشئ: كفت، فهو ظلف، أي مترفع عن الدنايا.

٤٧٨

رأيا؟ قال: من لم يغره الناس من نفسه ولم تغره الدنيا بتشوفها(١) . قال: فأي الناس أحمق؟ قال: المغتر بالدنيا وهو يرى ما فيه من تقلب أحوالها. قال: فأي الناس أشد حسرة؟ قال: الذي حرم الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين.

قال: فأي الخلق أعمى؟ قال: الذي عمل لغير الله يطلب بعلمه الثواب من عند الله عزّوجلّ. قال: فأي القنوع أفضل؟ قال: القانع بما أعطاه الله. قال: فأي المصائب أشد؟ قال: المصيبة بالدين. قال فأي الاعمال أحب ألى الله عزّوجلّ؟ قال: انتظار الفرج. قال: فأي الناس خير عند الله عزّوجلّ؟ قال: أخوفهم لله، وأعملهم بالتقوى، وأزدهم في الدنيا. قال: فأي الكلام أفضل عند الله عزّوجلّ؟ قال: كثرة ذكره والتضرع إليه ودعاؤه. قال: فأي القول أصدق؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله. قال: فأي الاعمال أعظم عند الله عزّوجلّ؟ قال: التسليم والورع. قال: فأي الناس أكرم؟ قال: من صدق في المواطن.

ثم أقبل عليه السلام على الشيخ، فقال: يا شيخ، إن الله عزّوجلّ خلق خلقا ضيق الدنيا عليهم نظرا لهم، فزهدهم فيها وفي حطامها، فرغبوا في دار السلام الذي دعاهم إليه، وصبروا على ضيق المعيشة، وصبروا على المكروه، واشتاقوا إلى ما عند الله من الكرامة، وبذلوا أنفسهم ابتغاء رضوان الله، وكانت خاتمة أعمالهم الشهادة فلقوا الله وهو عنهم راض، وعلموا أن الموت سبيل من مضى ومن بقي، فتزودوا لآخرتهم غير الذهب والفضة، ولبسوا الخشن، وصبروا على القوت، وقدموا الفضل، وأحبوا في الله عزّوجلّ، وأبغضوا في الله عزّوجلّ، أولئك المصابيح وأهل النعيم في الآخرة، والسلام.

فقال الشيخ: فأين أذهب وأدع الجنة، وأنا أراها وأرى أهلها معك يا أميرالمؤمنين؟ جهزني بقوة أتقوى بها على عدوك. فأعطاه أميرالمؤمنين عليه السلام سلاحا وحمله، فكان في الحرب بين يدي أميرالمؤمنين عليه السلام يضرب قدما، وأميرالمؤمنين عليه السلام يعجب مما يصنع، فلما اشتدت الحرب أقدم فرسه حتى

______________

(١) التشوف: التزين.

٤٧٩

قتل رحمه الله وتبعه رجل من أصحاب أميرالمؤمنين عليه السلام، فوجده صريعا، ووجد دابته، ووجد سيفه في ذراعه، فلما انقضت الحرب أتى أميرالمؤمنين عليه السلام بدابته وسلاحه، وصلى أميرالمؤمنين عليه السلام عليه، وقال: هذا والله السعيد حقا، فترحموا على أخيكم(١) .

٦٤٥/٥ - حدّثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدثني سعد بن عبدالله، عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن جعفر ابن محمّد، عن أبيه عليهما السلام: أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم صلى على سعد بن معاذ، فقال: لقد وافى من الملائكة للصلاة عليه تسعون ألف ملك، وفيهم جبرئيل يصلون عليه. فقلت: يا جبرئيل، بما استحق صلاتكم عليه؟ قال: بقراءته(٢) ( قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ ) قائما وقائدا وراكبا وماشيا وذاهبا وجائيا(٣) .

٦٤٦/٦ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن داود بن سرحان قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: لا ينبغي للمرأة أن تعطل نفسها، ولو أن تعلق في عنقها قلادة، ولا ينبغي أن تدع يدها من الخضاب، ولو أن تمسها بالحناء مسا، وإن كانت مسنة(٤) .

٦٤٧/٧ - وبهذا الاسناد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن مفضل ابن عمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، قال: إذا كان حين(٥) يبعث الله تبارك وتعالى شأنه العباد أتي بالايام، تعرفها الخلائق باسمها وحليتها، ويقدمها يوم الجمعة له نور ساطع، تتبعه سائر الايام كأنها عروس كريمة ذات وقار تهدى إلى

______________

(١) الغايات: ٦٦، معاني الاخبار: ١٩٧/٤، أمالي الطوسي: ٤٣٤/٩٧٤، بحار الانوار ٧٧: ٣٧٦/١.

(٢) في نسخة: بقراءة.

(٣) التوحيد: ٩٥/١٣، ثواب الاعمال: ١٢٨، أمالي الطوسي: ٤٣٧/٩٧٥، بحار الانوار ٩٢: ٣٤٦/٦.

(٤) أمالي الطوسي: ٤٣٧/٩٧٦، بحار الانوار ١٠٣: ٢٨٨/٢١.

(٥) في نسخة: حيث.

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

ولسلم الخاسر:

يقوم مع الرّمح الرّديني قائما

ويقصر عنه طول كلّ نجاد

وللخثعمي:

يوازي الرّديني في طوله

ويقصر عنه نجاد الحسام

وللوالبي:

طول وطول فترى كفّه

ينهلّ بالطّول انهلال الغمام

وطوله يغتال يوم الوغى

وغيره فضل نجاد الحسام

فأما قوله:

ولقد حذوت لمن أطاع ومن عصى

نعلا ورثت عن النبي مثالها

فقد ردّد مروان معناه في مواضع من شعره فقال:

شبيه أبيه منظرا وخليقة

كما حذيت يوما على أختها النّعل

وقال في موضع آخر:

أحيا لنا سنن النبي سميّه(١)

قدّ الشّراك به قرنت شراكا(٢)

وقال أيضا:

صحيح الضّمير، سرّه مثل جهره

قياس الشّراك بالشّراك تقابله

وقال أيضا:

تشابهتما حلما وعدلا ونائلا

وحزما إذا أمر أقام وأقعدا

تنازعتما نفسين؛ هذي كهذه

على أصل عرق كان أفخر متلدا

كما قاس نعلا حضرمي فقدّها

على أختها لم يأل أن يتجوّدا

____________________

(١) م: (محمد).

(٢) حاشية ف: (قد الشراك: مصدر في موضع الحال، أي قادا).

٦٠١

وأخذ هذا المعنى أبو نواس فقال:

تنازع الأحمدان الشّبه فاتّفقا

خلقا وخلقا كما قدّ الشّراكان(١)

والأصل في هذا قول ابن أبي ربيعة:

فلما تواقفنا عرفت الّذي بها

كمثل الّذي بي، حذوك النّعل بالنّعل(٢)

ومثله للسّيد بن محمد الحميري رحمه الله تعالى:

يتلون أخلاق النبي وفعله

فالنّعل تشبه في المثال طراقها(٣)

وقد تقدّم إلى هذا المعنى يزيد بن المكسّر بن ثعلبة بن سيّار العجلي بقوله في يوم ذي قار، يحرض قومه على القتال:

من فرّ منكم فرّ عن حريمه(٤)

وجاره، وفرّ عن نديمه

أنا ابن سيّار على شكيمه(٥)

مثل الشّراك قدّ من أديمه

* وكلّهم يجري على قديمه*

فأما قوله:

* وحسدت حتى قيل أصبح باغيا* البيت

ففي معناه قول البحتري:

ألنت لي الأيام من بعد قسوة

وعاتبت لي دهري المسيء فأعتبا(٦)

وألبستني النّعمى التي غيّرت أخي

عليّ فأمسى نازح الودّ أجنبا

***

ومما يختار لمروان قوله:

____________________

(١) حاشية الأصل: (أي ينزعان في الشبه، كل منهما إلى صاحبه في الشبه، ويجوز أن يكون تنازع، من النزع الّذي هو السلب).

(٢) ديوانه: ٣٢٦.

(٣) طراق النعل: ما أطبقت عليه فخرزت به.

(٤) الأبيات في تاريخ الطبري ٢: ١٥٤.

وفي حاشية الأصل: من نسخة (منكم).

(٥) شكيمه: طبعه وعادته.

(٦) ديوانه ١: ٥٦.

٦٠٢

موفّق لسبيل الرّشد متّبع

يزينه كلّ ما يأتي ويجتنب

تسمو العيون إليه كلّما انفرجت

للناس عن وجهه الأبواب والحجب

له خلائق بيض لا يغيّرها

صرف الزّمان كما لا يصدأ الذّهب

ووجدت بعض من ينتقد(١) الشعر يقول: ليس في شعر مروان بيت يتمثل به غير هذا البيت الأخير من الثلاثة الأبيات. وكأن ابن مناذر(٢) إياه أراد بقوله، وقد سأل وهو مجاور بمكة:

عمن ببغداذ من الشعراء؟ فقيل له: العباس بن الأحنف؛ فقال: أنشدوني له، فأنشدوه:

لو كنت عاتبة لسكّن عبرتي

أملي رضاك، وزرت غير مراقب(٣)

لكن مللت فلم تكن لي حيلة،

صدّ الملول خلاف صدّ العاتب(٤)

فقال ابن مناذر: أخلق بمن أدام بحث التراب أن يصيب خرزة.

قال سيدنا أدام الله تمكينه: ولا شك في قلة الأمثال في شعر مروان؛ ولكن ليس إلى هذا الحد؛ وهذا المعنى الّذي قد تضمنه البيت قد سبق إليه أيضا، قال طريح بن إسماعيل:

جواد إذا جئته راجيا

كفاك السؤال وإن عدت عادا

خلائقه كسبيك النّضا

ر لا يعمل الدّهر فيها فسادا

ومثله قول الخريمي:

رأيتك يازيد زيد النّدى

وزيد الفخار وزيد الكرم

تزيد على نائبات الخطو

ب بذلا وفي سابغات النّعم

كذا الخمر والذّهب المعدني

يجوّد هذا وذاك القدم

وفي قوله: (الذّهب المعدني) فائدة؛ لأنه إذا خلص الذهب وصفا لم يفسد؛ وإذا امتزج

____________________

(١) حاشية الأصل (من نسخة): (ينقد).

(٢) حاشية الأصل: (ابن مناذر، بضم الميم، ومنهم من يفتح الميم، ذهابا إلى أن له آباء اسم كل منهم المنذر، وليس هذا بشيء. وقيل له:

ياابن مناذر، فقال: مناذر الصغرى أم الكبرى؟ وهما ناحيتان بالأهواز، بل أنا ابن مناذر، بضم الميم).

(٣) ديوانه: ٢: ٢٢.

(٤) رواية الديوان: (لكن مللت).

٦٠٣

بغيره لم يكن هذا حكمه؛ ومثله للأموي(١) :

يأوي إلى خلق لم يصده طبع

كأنّ جوهره من جوهر الذّهب

ولبعضهم:

ملك له خلق خليق بالعلا

كسبيكة الذّهب التي لا تكلف(٢)

وقد أخذ الخبز أرزي هذا المعنى في قوله:

فلا تعنّ لتحذيف تكلّفه

لصورة حسنها الأصليّ تكفيها

إنّ الدّنانير لا تجلى وإن عتقت

ولا تزاد على النّقش الّذي فيها

ولجحظة مثله:

صديق لي له أدب

صداقة مثله حسب

رعى لي فوق ما يرعى

وأوجب فوق ما يجب

ولو نقدت خلائقه

لبهرج عندها الذّهب

____________________

(١) من نسخة بحاشيتي الأصل، ف: (الأسدي)

(٢) لا تكلف: لا تصدأ؛ من الكلف؛ وهو لون يخالف لون الوجه.

٦٠٤

[٤٤]

مجلس آخر [المجلس الرابع والأربعون:]

تأويل آية:( نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ )

إن سائل سائل عن قوله تعالى:( نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاّ رَجُلاً مَسْحُوراً ) ؛ [الإسراء: ٤٧].

فقال: لم وحّد نَجْوى وهو خبر عن جمع؟ وما معنى مَسْحُوراً وما جرت عادة مشركي العرب بوصف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك، بل عادتهم جارية بقرفه بأنه ساحر؟

الجواب، قلنا: أما قوله تعالى:( وَإِذْ هُمْ نَجْوى ) فإن (نجوى) مصدر يوصف به الواحد والاثنان والجمع والمذكر والمؤنث، وهو مقرّ على لفظه. ويجري ذلك مجرى قولهم: الرجال صوم، والمنازل حمد، يعني بصوم صائمون، وبحمد محمودون.

وقد قال قوم: إن معناه: وإذ هم أصحاب نجوى، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، ويقال: القوم نجي والقوم أنجية، فمن وحّد بني على مذهب المصدر، ومن جمع جعله منقولا عن المصادر، ملحقا برغيف وأرغفة، وما أشبه ذلك.

وقد قال الشاعر(١) :

أتاني نجيّي بعد هدء ورقدة

ولم أك فيما قد بلوت بكاذب(٢)

____________________

(١) ف: (وقال الشاعر في التوحيد)؛ وهو سواد بن قارب السدوسي؛ صحابي ذكره ابن حجر في الإصابة ٣: ١٤٨ - ١٤٩.

(٢) من أبيات أنشدها عند الرسولعليه‌السلام ، ذكرت مع خبر له في مقدمة جمهرة الأشعار ٢٤ - ٢٦. والرواية هناك:

* ولم يك فيما قد عهدت بكاذب*

٦٠٥

وأنشد الفراء في الجمع:

ظلّت نساؤهم والقوم أنجية

يعدى إليها كما يعدى على الغنم(١)

فأما قوله تعالى:( إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاّ رَجُلاً مَسْحُوراً ) ففيه وجوه:

أوّلها أن يكون المراد: إن تتبعون إلا رجلا متغيّر العقل؛ لأن المشركين كان من مذهبهم عيب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتضعيف أمره وتوهين رأيه، وكانوا في وقت ينسبونه إلى أنه ساحر، وفي آخر يرمونه بالجنون، وأنه مسحور مغيّر العقل(٢) ، وربما قذفوه بأنه شاعر حوشي من ذلك كلّه. وقد جرت عادة الناس أن يصفوا من يضيفونه إلى البله والغفلة وقلة التحصيل بأنه مسحور.

وثانيها أن يريدوا بالمسحور المخدوع المعلّل؛ لأن ذلك أحد ما يستعمل فيه هذه اللفظة، قال امرؤ القيس:

أرانا موضعين لحتم غيب

ونسحر بالطّعام وبالشّراب(٣)

وقال أمية بن أبي الصلت:

فإن تسألينا فيم نحن فإنّنا

عصافير من هذا الأنام المسحّر(٤)

____________________

(١) البيت في اللسان (نجا)، ونسبه لسحيم، ولم يذكر في ديوانه. وفي ف، وحاشية الأصل (من نسخة): (يعدى عليها).

(٢) د، ف، حاشية الأصل من نسخة: (متغير العقل).

(٣) ديوانه: ١٣٢. موضعين: مسرعين، والإيضاع: نوع من السير. والحتم: الإيجاب؛ وبعده:

عصافير وذبّان ودود

وأجرأ من مجلّحة الذئاب

فبعض اللوم عاذلتي فإنّي

ستكفيني التجارب وانتسابي

إلى عرق الثرى وشجت عروقي

وهذا الموت يسلبني شبابي

(٤) البيت في اللسان (سحر)، ونسبه إلى لبيد؛ وهو أيضا في ديوانه ١: ٨١.

٦٠٦

وثالثها أن السّحر في لغة العرب الرّئة وما تعلق بها، فيها ثلاث لغات: سحر وسحر وسحر، وقيل السّحر ما لصق بالحلقوم والمريء من أعلى الجوف؛ وقيل إنه الكبد؛ فكأنّ المعنى على هذا: إن تتبعون إلا رجلا ذا سحر؛ خلقه الله بشرا كخلقكم.

ورابعها أن يكون معنى مسحور أي ساحر، وقد جاء لفظ مفعول بمعنى فاعل؛ قال الله تعالى:( وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً ) ؛ [الإسراء: ٤٥]، أي ساترا، والعرب تقول للمعسر: ملفج، ومعناه ملفج؛ لأن ماضيه ألفج(١) ، فجاءوا بلفظ المفعول وهو الفاعل؛ ومن ذلك قولهم: فلان مشئوم على فلان وميمون؛ وهم يريدون شائم له ويأمن؛ لأنه من شأمهم(٢) ويمنهم.

ورأيت بعض العلماء يطعن على هذا الاستشهاد الأخير فيقول: العرب لا تعرف (فلان مشئوم على فلان)؛ وإنما هذا من كلام أهل الأمصار؛ وإنما تسمي العرب من لحقه الشؤم مشئوما؛ قال علقمة بن عبدة:

ومن تعرّض للغربان يزجرها

على سلامته لا بدّ مشئوم(٣)

والوجوه الثلاثة الأول أوضح وأشبه.

***

[عود إلى المختار من شعر مروان بن أبي حفصة:]

ومما يختار لمروان بن أبي حفصة قوله من قصيدة يمدح بها معن بن زائدة الشيباني، أولها:

أرى القلب أمسى بالأوانس مولعا

وإن كان من عهد الصّبا قد تمتّعا(٤)

يقول فيها:

ولما سرى الهمّ الغريب قريته

قرى من أزال الشكّ عنه وأزمعا

____________________

(١) حاشية الأصل: (يقال: ألفج؛ فهو ملفج، وأسهب إذا ذهب عقله فهو مسهب، وأحصن فهو محصن).

(٢) شأمهم: أصابهم بشؤم.

(٣) ديوانه: ١٣١، المفضليات: ١٢٠ (طبعة المعارف).

(٤) الأوانس: جمع آنسة؛ وهي الفتاة الطيبة الحديث والنفس.

٦٠٧

عزمت فعجّلت الرّحيل ولم أكن

كذي لوثة لا يطلع الهمّ مطلعا

فأمّت ركابي أرض معن ولم تزل

إلى أرض معن حيثما كان نزّعا(١)

نجائب لولا أنها سخّرت لنا

أبت عزّة من جهلها أن توزّعا

كسونا رحال الميس منها غواربا

تدارك فيها النّي صيفا ومربعا(٢)

فما بلغت صنعاء حتى تواضعت

ذراها وزال الجهل عنها وأقلعا(٣)

وما الغيث إذ عمّ البلاد بصوبه

على الناس من معروف معن بأوسعا

يقول فيها:

تدارك معن قبّة الدّين بعد ما

خشينا على أوتادها أن تنزّعا

أقام على الثّغر المخوف، وهاشم

تساقى سماما بالأسنّة منقعا

مقام امرئ يأبى سوى الخطّة التي

تكون لدى غبّ الأحاديث أرفعا

وما أحجم الأعداء عنك بقيّة

عليك؛ ولكن لم يروا فيك مطمعا

رأوا مخدرا قد جرّبوه وعاينوا

لدى غيله منهم مجرّا ومصرعا(٤)

وليس بثانيه إذا شدّ أن يرى

لدى نحره زرق الأسنّة شرّعا

له راحتان: الحتف والغيث فيهما

أبى الله إلاّ أن تضرّا وتنفعا

لقد دوّخ الأعداء معن فأصبحوا

وأمنعهم لا يدفع الذّلّ مدفعا

نجيب مناجيب وسيّد سادة

ذرا المجد من فرعي نزار تفرّعا

لبانت خصال الخير فيه وأكملت

وما كملت خمس سنوه وأربعا(٥)

____________________

(١) نزعا، أي مشتاقين.

(٢) الميس: خشبة الرحل، والغوارب: أعلى السنام. والني: الشحم.

(٣) ذراها: جمع ذروة؛ وهي الأعالي؛ ويعني هنا الأسنمة.

(٤) المخدر: الأسد في خدره وهو غيله؛ ويعني بالخدر الأجمة.

(٥) في حاشيتي الأصل، ف:

ومثله لآخر:

لئن فرحت بي معقل عند شيبتي

لقد فرحت بي بين أيدي القوابل

٦٠٨

لقد أصبحت في كلّ شرق ومغرب

بسيفك أعناق المريبين خضّعا

وطئت خدود الحضرميّين وطأة

لها هدّ ركنا عزّهم(١) فتضعضعا

فأقعوا على الأذناب إقعاء معشر

يرون لزوم السّلم أبقى وأودعا

فلو مدّت الأيدي إلى الحرب كلها

لكفّوا وما مدّوا إلى الحرب إصبعا

أما قوله:

فما بلغت صنعاء حتى تواضعت

ذراها، فزال الجهل عنها فأقلما

فقد ردّده في موضع آخر فقال:

فما بلغت حتّى حماها كلالها

إذا عرّيت أصلابها أن تقيّدا

وهذا المعنى(٢) كثير في الشعر القديم والمحدث(٢) ، فمنه قول جرير:

إذا بلغوا المنازل لم تقيّد

وفي طول الكلال لها قيود(٣)

وروي أنه قيل لنصيب: لك بيت نازعك فيه جرير؛ أيّكما فيه أشعر؟ فقال: ما هو؟

فقيل قولك:

أضرّ بها التّهجير حتّى كأنّها

بقايا سلال لم يدعها سلالها(٤)

وأنشد بيت جرير الّذي تقدّم، فقال: قاتل الله ابن الخطفي! فقيل له: قد فضلته عليك، فقال: هو ذاك.

وأخذ هذا المعنى المؤمل بن أميل المحاربي فقال:

كانت تقيّد حين تنزل منزلا

فاليوم صار لها الكلال قيودا

ولأبي نخيلة:

قيّدها الجهد ولم تقيّد

فهي سوام كالقنا المسنّد

____________________

(١) حاشية ف (من نسخة): (عزمهم).

(٢ - ٢) من نسخة بحاشيتي الأصل، ف: (كثير في شعر القدماء والمحدثين).

(٣) ديوانه: ١٤٨.

(٤) السلال: السل.

٦٠٩

وما لها معلّل(١) من مزود

منها(٢) ولا من شاحط مستبعد

ومعنى قوله: (سوام) أي هي رافعة رءوسها، وشبهها بالقنا، لأن القنا إذا ركز مال قليلا مع الريح(٣) ، فيقول: في أعناقها ميل من الضعف، كما قال الشماخ:

فأضحت تفالي بالسّتار كأنّها

رماح نحاها وجهة الرّيح راكز(٤)

وكما قال حميد بن ثور الهلالي:

بمثوى حرام والمطي كأنه

قنا مسند هبّت لهنّ خريق(٥)

____________________

(١) ش (معلل)، بكسر اللام المشددة. وهو على هذا كناية عن العلف الّذي تجتره من جوفها.

(٢) في حاشيتي الأصل، ف: (منها، متعلق بالمزود؛ أي من مزود منها، أي من نفسها، يعني كرشها).

(٣) من نسخة بحاشيتي الأصل، ف: (من الريح).

(٤) في حاشيتي الأصل، ف: (وهذا البيت آخر زائيته؛ وقبله:

فأصبح فوق الحقف حقف تبالة

له مركد في مستوى الحبل بارز

فأضحت تفالي بالستار كأنها ...

يصف حميرا وصائدا، والحقف: ما اعوج من الرمل، والمركد: المقام والحبل: الممتد من الرمل.

وقوله: (تفالي) أي تدخل رءوسها بعضها في بعض. والستار: موضع؛ وشبهها في دفتها وطولها بالرماح ونحاها: جعلها في ناحية الريح؛ شبهها منحرفة إلى ناحية الريح تستنشي؛ فإن حملت الريح ريح الصائد إليها تركت ذلك المورد وأتت غيره؛ وإلا تقدمت بالرماح والقصيدة في ديوانه: ٤٣ - ٥٣؛ ورواية البيتين فيه:

وأصبح فوق النّشز نشز حمامة

له مركض في مستوى الأرض بارز

وظلّت تفالي باليفاع كأنها

رماح نحاها وجهة الريح راكز

(٥) ديوانه: ٣٤، من قصيدة طويلة؛ أولها:

نأت أمّ عمرو فالفؤاد مشوق

يحنّ إليها والها ويتوق

وهو أيضا في الكامل - بشرح المرصفي ٦: ١٩٣، واللسان (خرق)، وفي حاشيتي الأصل، ف:

نسخة س: (مثوى حرام: مني)، وقبل هذا البيت:

فأعرضت عنها في الزيارة أتّقي

وذو اللّب بالتقوى هناك حقيق

وهذا البيت لم يرد في ديوانه؛ والّذي ورد قبل البيت المذكور:

ألا طرقت صحبي عميرة إنّها

لنا بالمروراة المطلّ طروق

والمروراة هنا: الأرض أو المفازة لا شيء فيها.

٦١٠

فالخريق ريح شديدة تنخرق من كل جهة.

ومعنى قول أبي نخيلة: (من مزود) أي من ثميلة(١) تجترّها، من الاجترار، وأراد أنه لا شيء في أجوافها تتعلّل(٢) به. والمستبعد: ما بعد من المرعى.

وأنشد أبو العباس ثعلب:

إذا بلغوا المنازل لم تقيّد

ركائبهم ولم تشدد بعقل

فهنّ مقيّدات مطلقات

نقضّم ما تشذّر في المحلّ(٣)

والأصل في هذا قول امرئ القيس:

مطوت بهم حتّى تكلّ مطيّهم

وحتّى الجياد ما يقدن بأرسان(٤)

ولعباد بن أنف الكلب الصيداوي:

فتمسي لا أقيّدها بحبل

بها طول الضّراوة والكلال

ومن جيد هذا المعنى قول الفرزدق يصف الإبل:

بدأنا بها من سيف رمل كهيلة

وفيها نشاط من مراح وعجرف(٥)

____________________

(١) الثميلة: بقية العلف.

(٢) حاشية الأصل (من نسخة): (فتتعلل به).

(٣) تشذر: تفرق؛ وفي د، ف: (تشذب)، وهي بمعنى تفرق أيضا.

(٤) ديوانه: ١٢٩. مطوت بهم؛ أي مددت بهم في السير، ما يقدن بأرسان؛ أي أعيت فلا تحتاج إلى أرسان. وفي حاشيتي الأصل، ف: (قبله:

ومجر كغلاّن الأنيعم بالغ

ديار العدوّ ذي زهاء وأركان

المجر: الجيش الكبير الثقيل. والغلان: الأودية؛ واحدها غال، وهو الوادي الكثير الشجر.

وذو زهاء؛ أي لا يحصون لكثرتهم.

(٥) ديوانه ٢: ٥٥١ - ٥٥٨؛ من نقائضه المشهورة، وأولها:

عزفت بأعشاش وما كدت تعزف

وأنكرت من حدراء ما كنت تعرف

وأصل السيف شاطئ البحر، وكهيلة: موضع. والعجرف: سير فيه نشاط. وفي حاشيتي الأصل، ف: (قبل هذا البيت: -

٦١١

فما بلغت حتّى تقارب خطوها

وبادت ذراها والمناسم رعّف(١)

وحتّى قتلنا الجهل عنها وغودرت

إذا ما أنيخت والمدامع ذرّف(٢)

وحتّى مشى الحادي البطيء يسوقها

لها بخص دام ودأي مجلّف

- البخص: لحم الخفّ الّذي تطأ عليه. والدّأي: فقار الظهر. والمجلّف: المقشور -

وحتّى بعثناها وما في يد لها

إذا حلّ عنها رمّة وهي رسّف

- الرّمة: الحبل؛ وأراد أنها ترسف كما يرسف المقيد، وإن لم يكن في يدها قيد -

إذا ما نزلنا قاتلت عن ظهورها

حراجيج أمثال الأهلّة شسّف

- الحراجيج: الطّوال من الإبل، والشّسف: اليابسة من الجهد والكلال. ومعنى قتالها للغربان أنها إذا عرّيت ظهورها تقع الغربان عليها لتأكل دبرها؛ فالإبل تدافع الغربان بأفواهها عن ظهورها وذلك قتالها -

____________________

 -

إليك أمير المؤمنين رمت بنا

هموم المنى والهوجل المتعسّف

وعضّ زمان ياابن مروان لم يدع

من المال إلا مسحتا أو مجرّف

ومائرة الأعضاد صهب كأنما

عليها من الأين الجساد المدوّف

بدأنا بها من سيف رمل كهيلة

 ... ... ... ... ... ... ... .....

- الهوجل: البطن الواسع في الأرض. المتعسف: الطريق المسلوك من غير علم. ويروى: (إلا مسحت)، بالرفع؛ ومعنى: لم يدع)، من الدعة؛ أي (لم يتدع) مع هذا الزمان إلا مسحت مستأصل. قال سويد:

أرّق العين خيال لم يدع

من سليمى ففؤادي منتزع

والمجرف: الّذي أخذ ما دون الجميع؛ وقال ثعلب: (مسحتا) نصب بوقوع الفعل عليه، وقد وليه الفعل، ولم يل الفعل (مجرف) فاستؤنف به فرفع، قال: التقدير: (هو مجرف). ومائرة الأعضاد:

التي تمور بيديها دون رجليها، وذلك مما يستحب في الإبل. والجساد: العرق؛ وهو ما اصفر، يضرب إلى الحمرة.

(١) باءت: هلكت أسنمتها والمناسم: أظفار الإبل. ورعف: دامية من الحفاء.

(٢) نسخة الشجري: (قتلنا جهلها؛ وهو مرحها ونشاطها بالكلال). ويروى: (وغورت، من التغوير، وهو نزول الغائرة؛ والغائرة نصف النهار).

٦١٢

إذا ما أريناها الأزمّة أقبلت

إلينا بحرّات الخدود تصدّف

فأفنى مراح الدّاعرية(١) خوضها

بنا اللّيل إذ نام الدّثور الملفّف(٢)

ومن أحسن ما قيل في وصف الإبل بالنحول من الكلال والجهد بعد السّمن قول الشاعر:

وذات ماءين قد غيّضت جمّتها

بحيث تستمسك الأرواح بالحجر

ردّت عواري غيطان الفلا ونجت

بمثل إيبالة من حائل العشر(٣)

قوله: (ذات ماءين) يعني سمنا على سمن؛ وقيل: بل عنى أنها رعت كلأ عامين.

وقوله (قد غيّضت جمّتها) يعني أنه أتعبها بالسير حتى ردّها هزيلا بعد سمن؛ فكأنه غيّض بذلك ماءها.

ومعنى:

* بحيث تستمسك الأرواح بالحجر*

يعني الفلاة؛ حيث لا يكون فيها الماء، فيقتسم الركب الماء الّذي يكون معهم بالحجر الّذي يقال له المقلة(٣) فتمسك أرماقهم.

وقوله:

* ردت عواري غيطان الفلا ونجت*

أي ما رعت من كلأ هذه الأماكن وسمنت عنه كان كعارية عندها، فردّته حيث جهدها السير وأهزلها(٤) . والإيبالة: الحزمة من الحطب اليابس.

____________________

(١) الداعرية: إبل منسوبة إلى فحل يقال له: داعر، معروفة بالنجابة والكرم. وخوضها: سيرها بالليل. والدثور: الرجل المثقل البدن، الّذي لا يبرح مكانه. الملفف، أي في ثيابه.

(٢) العشر: شجر له صمغ، وفي حاشيتي الأصل ف: (يعني بحائل العشر ما يبس من هذا الشجر، وأصل الحائل في الإبل إذا لم تحمل).

(٣) المقلة، بالفتح: حصاة القسم؛ توضع في الإناء ليعرف قدر ما يسقى كل واحد منهم؛ وذلك عند قلة الماء في المفاوز.

(٤) من نسخة بحاشيتي الأصل، ف: (هزلها).

٦١٣

وأخذ هذا المعنى بعينه أبو تمام فقال:

رعته الفيافي بعد ما كان حقبة

رعاها، وماء المزن ينهلّ ساكبه(١)

فكم جزع واد جبّ ذروة غارب

ومن قبل كانت أتمكته مذانبه(٢)

فأما قوله:

فما أحجم الأعداء عنك بقيّة

عليك، ولكن لم يروا فيك مطمعا

فمأخوذ من قول الأول(٣) :

فما بقيا عليّ تركتماني

ولكن خفتما صرد النّبال(٤)

وقريب منه قول الآخر:

لعمرك ما النّاس أثنوا عليك

ولا قرّظوك ولا عظّموا

ولو أنّهم وجدوا مطعنا

إلى أن يعيبوك ما أحجموا

فأنت بفضلك ألجأتهم

إلى أن يجلّوا وأن يعظموا

____________________

(١) ديوانه: ٤٤ من قصيدته التي يمدح فيها عبد الله بن طاهر؛ وأولها:

أهنّ عوادي يوسف وصواحبه

فعزما فقد ما أدرك السّؤل طالبه

وفي الديوان: (وماء الروض ينهل ساكبه). وبعده:

فأضحى الفلا قد جدّ في برى نحضه

وكان زمانا قبل ذاك يلاعبه

النحض: اللحم المكتنز.

(٢) جب: قطع. أتمكته: أسمنته. المذانب: مجاري الماء. ورواية الديوان:

* وبالأمس كانت أتمكته مذانبه*

(٣) هو اللعين المقري؛ وكان قد تعرض لجرير والفرزدق فقال:

سأقضي بين كلب بني كليب

وبين القين قين بني عقال

بأن الكلب مرتعه وخيم

وأن القين يعمل في سفال

فلم يجبه أحد منهما؛ فقال:

فما بقيا عليّ تركتماني،

ولكن خفتما صرد النبال

(٤) البقيا: الرحمة والشفقة. وصرد السهم: نفذ أو نكل؛ وهو من الأضداد؛ والمعنى على الأول:

أنكما خفتما أن تنفذ سهامي فيكما، أي هجائي، وعلى الثاني: أنكما خفتما ألا تنفذ سهامكما، فعجزتما عن الرد عليّ.

٦١٤

ومثله وقريب منه:

أما لو رأى فيك العدوّ نقيصة

لخبّ بتصريف العيوب وأوضعا

ولكنّه لما رآك مبرّأ

من العيب غطّى رأسه وتقبّعا

ومثله:

قد طلب العاذل عيبا فما

أصاب عيبا فانثنى عاذرا

وللبحتري في معنى قول مروان:

* فما أحجم الأعداء عنك بقيّة*

من قصيدة يمدح بها الفتح بن خاقان ويصف لقاءه الأسد:

غداة لقيت اللّيث واللّيث خادر

يحدّد نابا للّقاء ومخلبا(١)

شهدت، لقد أنصفته يوم تنبري

له مصلتا عضبا من البيض مقضبا(٢)

فلم أر ضرغامين أصدق منكما

عراكا إذا الهيابة النّكس كذّبا(٣)

هزبر مشى يبغي هزبرا، وأغلب

من القوم يغشى باسل الوجه أغلبا(٤)

أدلّ بشغب ثمّ هالته صولة

رآك لها أمضى جنانا وأشغبا

فأحجم لما لم يجد فيك مطمعا

وأقدم لما لم يجد عنك مهربا

فلم يغنه أن كرّ نحوك مقبلا،

ولم ينجه أن حاد عنك منكبا

حملت عليه السّيف لا عزمك انثنى،

ولا يدك ارتدّت، ولا حدّه نبا

وكنت متى تجمع يمينيك(٥) تهتك الضّ

ريبة، أولا تبق للسّيف مضربا

ومن صافي كلام مروان ورائقه، ومما اجتمع له فيه جودة المعنى واللفظ واطّراد النسج قوله:

____________________

(١) ديوانه ١: ٥٦.

(٢) بقال: أصلت السيف إذا جردته. والعضب: السيف القاطع.

والقضيب: القطع أيضا.

(٣) أي كذب الظن فيه؛ ومن نسخة بحاشية الأصل: (نكبا).

(٤) الأغلب: الأسد إذا كان غليظ الرقبة.

(٥) جعل كلتا يديه يمينا.

٦١٥

بنو مطر يوم اللّقاء كأنّهم

أسود لها في غيل خفّان أشبل(١)

هم يمنعون الجار حتى كأنّما

لجارهم بين السّماكين منزل

لهاميم في الإسلام سادوا ولم يكن

كأوّلهم في الجاهليّة أوّل

هم القوم إن قالوا أصابوا، وإن دعوا

أجابوا، وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا

وما يستطيع الفاعلون فعالهم

وإن أحسنوا في النّائبات وأجملوا

ثلاث بأمثال الجبال حباهم

وأحلامهم منها لدى الوزن أثقل

ومن جيد قوله من قصيدة يمدح بها معنا:

ما من عدوّ يرى معنا بساحته

إلاّ يظنّ المنايا تسبق القدرا

يلفي إذا الخيل لم تقدم فوارسها

كاللّيث يزداد إقداما إذا زجرا

أغرّ يحسب يوم الرّوع ذا لبد

وردا ويحسب فوق المنبر القمرا(٢)

وله من قصيدة يصف يوما حارّا:

ويوم عسول الآل حام كأنّما

لظى شمسه مشبوب نار تلهّب(٣)

نصبنا له منّا الوجوه وكنّها

عصائب أسمال بها نتعصّب

ويشبه أن يكون أخذ ذلك من قول الشّنفرى:

ويوم من الشّعرى يذوب لعابه

أفاعيه في رمضائه تتململ(٤)

نصبت له وجهي ولكنّ دونه

- ولا ستر - إلا الأتحمي المرعبل(٥)

____________________

(١) حماسة ابن الشجري: ١٠٩ - ١١٠، وأبيات منها في لباب الآداب ٢٦٥، ٢٦٦

(٢) لبد: جمع لبدة؛ وهو ما اجتمع من الشعر على قفا الأسد فتلبد.

(٣) عسول: جار؛ وأصله في الذئب والثعلب. وحام: حار.

(٤) لامية العرب - بشرح الزمخشري:

١٢٨ - ١٢٩. الشعرى: من الكواكب القيظية.

(٥) الأتحمي: نوع من البرود. والمرعبل:

المقطع.

٦١٦

ولمروان من أبيات يصف فيها حديقة وهبها له المهدي، ويذكر نخلها وشجرها أجاد فيها:

نواضر غلبا قد تدانت رءوسها

من النّبت حتّى ما يطير غرابها(١)

ترى الباسقات العمّ فيها كأنها

ظعائن مضروب عليها قبابها

ترى بابها سهلا لكلّ مدفّع

إذا أينعت نخل فأغلق بابها(٢)

يكون لنا ما نجتني من ثمارها

ربيعا إذا الآفاق قلّ سحابها

حظائر لم يخلط بأثمانها الرّبا

ولم يك من أخذ الدّيات اكتسابها

ولكن عطاء الله من كلّ مدحة

جزيل من المستخلفين ثوابها

ومن ركضنا بالخيل في كلّ غارة

حلال بأرض المشركين نهابها(٣)

حوت غنمها آباؤنا وجدودنا

بصمّ العوالي والدّماء خضابها

أمّا قوله:

حظائر لم يخلط بأثمانها الرّبا

ولم يك من أخذ الدّيات اكتسابها

فكأن ابن المعتز نظر إليه في قوله:

لنا إبل ما وفّرتها دماؤنا

ولا ذعرتها في الصباح الصّوابح(٤)

وفي ضد هذا قول أبي تمام:

____________________

(١) ف: (نواضر عليا).

(٢) يريد أنه إذا أغلق الآخرون الأبواب على نخيلهم؛ فإن نخل هذه الروضة لا يغلق بابه.

(٣) حاشية الأصل (من نسخة): (للخيل).

(٤) ديوانه: ٢٢؛ والرواية فيه:

* لنا وفرة ما وفّرتها دماؤنا*

وفي نسخة ش: (الصوائح)؛ والمعنى أنه لم نأخذ عوضا عن دمائنا.

٦١٧

كثرت فيهم المسارح إلاّ

أنّها من مناكح وديات(١)

ومثل الأول قول حسان يهجو قوما من قريش:

ومالكم لا من طراد فوارس

ولكن من التّرقيح ياآل مالك(٢)

____________________

(١) ف، حاشية الأصل من نسخة: (المواشي)؛ وفي حاشيتيهما أيضا: إذا سكنت الياء من (المواشي)؛ كان البيت مشعث العروض؛ والتشعيث في العروض غير مألوف وإنما هو في الضرب الأول من الخفيف. والتشعيث: أن تقطع وتد فاعلاتن فتحذف ألفه وتسكن لامه فتصير: (فاعلتن)، فتصير: (مفولن).

(٢) الترقيح: إصلاح المال.

٦١٨

[٤٥]

مجلس آخر [المجلس الخامس والأربعون:]

تأويل آية:( كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ )

إن سأل سائل عن معنى قوله تعالى:( كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ ) [القصص: ٧٨].

وقوله تعالى:( إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ الله ) ؛ [الإنسان: ٩].

وقوله تعالى:( وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالآكْرامِ ) ؛ [الرحمن: ٢٧].

وما شاكل ذلك من آي القرآن المتضمنة لذكر الوجه.

الجواب، قلنا: الوجه في اللغة العربية ينقسم إلى أقسام:

فالوجه المعروف المركب فيه العينان من كل حيوان.

والوجه أيضا أول الشيء وصدره؛ ومن ذلك قوله تعالى:( وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ ) [آل عمران: ٧٢] أي أوّل النهار؛ ومنه قول الربيع بن زياد:

من كان مسرورا بمقتل مالك

فليأت نسوتنا بوجه نهار(١)

أي غداة كلّ يوم. وقال قوم: وجه نهار: موضع.

والوجه القصد بالفعل؛ من ذلك قوله تعالى:( وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى الله وَهُوَ مُحْسِنٌ ) ؛ [لقمان: ٢٢]؛ معناه: من قصد بأمره وفعله إلى الله سبحانه، وأراده بهما. وكذلك قوله تعالى:( وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ ) ، [النساء: ١٢٥]؛ وقال الفرزدق:

____________________

(١) الحماسة - بشرح المرزوقي ٩٩٥؛ وفي نسخة بحاشيتي الأصل، ف: (فليأت ساحتنا)؛ وهي رواية الحماسة؛ وهو مالك بن زهير العبسي قتل في بني فزارة؛ فرثاه الربيع بأبيات من هذا البيت.

٦١٩

وأسلمت وجهي حين شدّت ركائبي

إلى آل مروان بناة المكارم

أي جعلت قصدي وإرادتي لهم، وأنشد الفراء:

أستغفر الله ذنبا لست محصيه

ربّ العباد إليه الوجه والعمل

أي القصد؛ ومنه قولهم في الصلاة: وجّهت وجهي للذي فطر السموات والأرض؛ أي قصدت قصدي بصلاتي وعملي؛ وكذلك قوله تعالى:( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ ) [الروم: ٤٣].

والوجه الاحتيال للأمرين؛ من قولهم كيف الوجه لهذا الأمر؟ وما الوجه فيه؟ أي ما الحيلة؟

والوجه المذهب والجهة والناحية، قال حمزة بن بيض الحنفي:

أي الوجوه انتجعت؟ قلت لهم:

لأي وجه إلاّ إلى الحكم(١) !

متى يقل صاحبا سرادقه:

هذا ابن بيض بالباب يبتسم

والوجه: القدر والمنزلة؛ ومنه قولهم: لفلان وجه عريض، وفلان أوجه من فلان، أي أعظم قدرا وجاها، ويقال: أوجهه السلطان إذا جعل له جاها؛ قال امرؤ القيس:

ونادمت قيصر في ملكه

فأوجهني وركبت البريدا(٢)

والوجه الرئيس المنظور إليه؛ يقال: فلان وجه القوم، وهو وجه عشيرته؛ ووجه الشيء نفسه وذاته؛ قال أحمد بن جندل السّعدي:

____________________

(١) الأغاني ١٥: ١٤.

(٢) اللسان (وجه)؛ وهو من أبيات أربعة في الأغاني ٨: ١٩٦ (طبعة دار الكتب المصرية)، وفي حاشية ف: (يقال: حمل فلان على البريد إذا هيئ له في كل مرحلة مركوب ليركبه؛ فإذا وصل إلى المرحلة الأخرى نزل عن المعيى وركب المرفه؛ وهكذا إلى أن يصل إلى مقصده).

٦٢٠

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679