أمالي المرتضى الجزء ١

أمالي المرتضى8%

أمالي المرتضى مؤلف:
تصنيف: مكتبة اللغة والأدب
الصفحات: 679

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 679 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 328527 / تحميل: 11822
الحجم الحجم الحجم
أمالي المرتضى

أمالي المرتضى الجزء ١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

بن على عليهما السلام فصعد المنبر فقال : أيها الناس قد قبض الليلة رجل لم يسبقه الأولون ولا يدركه الآخرون ، قد كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يبعثه المبعث فيكتنفه جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله فلا ينثنى حتى يفتح اللّه له وما ترك إلا سبعمائة درهم أراد أن يشترى بها خادما ، ولقد قبض فى الليلة التى عرج فيها بروح عيسى ابن مريم ليلة سبع وعشرين من شهر رمضان.

[كنز العمال ج ٦ ص ٤١٢ ] قال : عن الحسن عليه السلام أنه لما قتل على عليه السلام قام خطيبا فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال : أما بعد واللّه لقد قتلتم الليلة رجلا فى ليلة نزل فيها القرآن ، وفيها رفع عيسى بن مريم ، وفيها قتل يوشع بن نون فتى موسى ، وفيها تيب على بنى إسرائيل ، قال : رواه أبو يعلى وابن جرير وابن عساكر.

١٠١

باب

إن عليا عليه السّلام يقتل على سنة النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم

[مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ١٤٢ ] قال : عن حيان الأسدى سمعت عليا عليه السلام يقول : قال لى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : إن الأمة ستغدر بك بعدى ، وأنت تعيش على ملتى ، وتقتل على سنتى ، من أحبك أحبنى ، ومن أبغضك أبغضنى ، وإن هذه ستخضب من هذا ـ يعنى لحيته من رأسه ـ قال الحاكم : صحيح ، ( أقول ) وذكره المتقى أيضا فى كنز العمال ( ج ٦ ص ١ ٥ ٧ ) وقال : أخرجه الدارقطنى والحاكم والخطيب عن على عليه السلام.

[كنز العمال ج ٦ ص ٤١٢ ] قال : عن محمد بن عبد اللّه بن أبى رافع عن جده إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال لعلى عليه السلام : أنت تقتل على سنتى ، قال : أخرجه ابن عدى وابن عساكر.

[الهيثمى فى مجمعه ج ٩ ص ١٣٨ ] قال : وعن أبى رافع إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال لعلى عليه السلام قبل موته : تبرىء ذمتى وتقتل على سنتى ، قال : رواه البزار.

١٠٢

باب

إن عليا عليه السّلام مغفور له

[صحيح الترمذى ج ٢ ص ٢٦٤ ] فى أبواب الدعوات ، روى بسنده عن الحارث عن على عليه السلام قال : قال لى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن غفر اللّه لك وإن كنت مغفورا لك؟ قال : قل : لا إله إلا اللّه العلى العظيم ، لا إله إلا اللّه الحليم الكريم ، لا إله إلا اللّه سبحان اللّه رب العرش العظيم ، ( أقول ) ورواه بطريق آخر ، قال فى آخره : الحمد للّه رب العالمين.

[مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ١٣٨ ] روى بسنده عن عبد الرحمن ابن أبى ليلى عن على عليه السلام قال : قال لى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : يا علىّ ألا أعلمك كلمات إن قلتهن غفر اللّه لك ـ على أنه مغفور لك ـ لا إله إلا اللّه العلى العظيم ، لا إله إلا اللّه الحليم الكريم ، سبحان اللّه رب العرش العظيم ، والحمد للّه رب العالمين ، قال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.

[خصائص النسائى صاحب الصحيح المعروف ص ٩ ] روى بسنده عن عبد اللّه بن سلمة عن على عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلّى

١٠٣

اللّه عليه ( وآله ) وسلم : ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن غفر لك ـ مع أنه مغفور لك ـ؟ تقول : لا إله إلا اللّه الحليم الكريم ، لا إله إلا اللّه العلى العظيم ، الحمد للّه رب العالمين ، ( أقول ) ورواه فى ( ص ١٠ ) أيضا بطرق أخرى عديدة ، قال فى بعضها : ألا أعلمك كلمات الفرج؟ وذكرها إلى آخرها ، ورواه أحمد بن حنبل أيضا فى مسنده ( ج ١ ص ٩٢ ) ورواه جمع آخرون أيضا من أئمة الحديث.

[الرياض النضرة ج ٢ ص ١٧٧ ] قال : عن فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قالت : خرج علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم عشية عرفة فقال : إن اللّه عز وجل قد باهى بكم وغفر لكم عامة ولعلى عليه السلام خاصة ، وإنى رسول اللّه غير محاب بقرابتى ، قال : خرجه أحمد ( أقول ) وذكره الهيثمى أيضا فى مجمعه ( ج ٩ ص ١٣٢ ) وزاد فى آخره فقال : هذا جبريل يخبرنى إن السعيد حق السعيد من أحب عليا فى حياته وبعد موته وإن الشقى كل الشقى من أبغض عليا فى حياته وبعد موته ، قال : رواه الطبرانى.

[الصواعق المحرقة لابن حجر ص ٩٦ ] قال : وأخرج الديلمى ـ يعنى عن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم ـ يا علىّ إن اللّه قد غفر لك ولذريتك وولدك ولأهلك ولشيعتك ولمحبى شيعتك فابشر فانك الأنزع البطين ، وقال فى ( ص ١٣٩ ) : وفى رواية : إن اللّه قد غفر لشيعتك ولمحبى شيعتك.

[الهيثمى فى مجمعه ج ٩ ص ١٧٢ ] قال : وعن جابر بن عبد اللّه الأنصارى قال : خطبنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فسمعته وهو يقول : أيها الناس من أبغضنا أهل البيت حشره اللّه يوم القيامة يهوديا ، فقلت : يا رسول اللّه وإن صام وصلى قال : وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم احتجر بذلك من سفك دمه وأن يؤدى الجزية عن يد

١٠٤

وهم صاغرون ( إلى أن قال ) فى آخره : فاستغفرت لعلى عليه السّلام وشيعته ، قال : رواه الطبرانى فى الأوسط.

(ثم ) إن هاهنا حديثا يناسب ذكره فى خاتمة هذا الباب وهو ما ذكره المتقى فى كنز العمال ( ج ٦ ص ١ ٥ ٨ ) قال : عن أبى رافع إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بعث عليا عليه السّلام مبعثا فلما قدم قال له : اللّه ورسوله وجبريل عنك راضون ، قال : أخرجه الطبرانى.

١٠٥

باب

في اشتياق الجنة والحور وأهل السماء

والانبياء إلى علي عليه السّلام

[صحيح الترمذى ج ٢ ص ٣١٠ ] روى بسنده عن أنس بن مالك قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : إن الجنة لتشتاق إلى ثلاثة علىّ وعمار وسلمان ، ( أقول ) ورواه ابن الأثير أيضا فى أسد الغابة ( ج ٢ ص ٣٣٠ ) وذكره المحب الطبرى أيضا فى الرياض النضرة ( ج ٢ ص ٢٠٩ ) وقال : أخرجه ابن السرى.

[مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ١٣٧ ] روى بسنده عن أنس قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : اشتاقت الجنة إلى ثلاثة علىّ وعمار وسلمان ، قال : هذا حديث صحيح الإسناد.

[كنوز الحقائق للمناوى ص ٦٠ ] ولفظه : ثلاثة تشتاق اليهم الجنة علىّ وعمار وسلمان ، قال : أخرجه الديلمى.

[حلية الأولياء لأبى نعيم ج ١ ص ١٩٠ ] روى بسنده عن أنس ابن مالك قال : سمعت النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم يقول : اشتاقت الجنة إلى أربعة علىّ والمقداد وعمار وسلمان ، ( أقول ) ورواه

١٠٦

بطريق آخر أيضا فى ( ص ١ ٤ ٢ ) بتقديم وتأخير ، وذكره المتقى أيضا فى كنز العمال ( ج ٦ ص ١ ٦ ٣ ) وقال : أخرجه الطبرانى عن أنس.

[الاستيعاب لابن عبد البر ج ٢ ص ٤٢٣ ] قال : وروي من حديث أنس عن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم إنه قال : اشتاقت الجنة إلى علىّ وعمار وسلمان وبلال.

[كنز العمال ج ٦ ص ٤٢٨ ] ولفظه : تشتاق الجنة إلى أربعة إلى علىّ وأبى ذر وعمار والمقداد ، قال : أخرجه ابن عساكر.

[كنز العمال أيضا ج ٦ ص ٤٢٨ ] قال : عن ابن عباس عن على عليه السّلام إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال : إن الجنة اشتاقت إلى أربعة من أصحابى فأمرنى ربى أن أحبهم ، فانتدب صهيب الرومى وبلال بن أبى رباح وطلحة والزبير وسعد بن أبى وقاص وحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر فقالوا : يا رسول اللّه من هؤلاء الأربعة حتى نحبهم؟ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : يا عمار عرّفك اللّه المنافقين ، وأما هؤلاء الأربعة فأحدهم على بن أبى طالب ، والثانى المقداد بن الأسود الكندى ، والثالث سلمان الفارسى ، والرابع أبو ذر الغفارى ، قال : أخرجه الطبرانى فى الأوسط ( أقول ) وذكره الهيثمى أيضا فى مجمعه ( ج ٩ ص ١ ٥٥ ).

[كنز العمال أيضا ج ٦ ص ٤٢٩ ] قال : عن على عليه السلام قال : أتى جبريل النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال : يا محمد إن اللّه يحب من أصحابك ثلاثة فأحبهم ، على بن أبى طالب وأبو ذر والمقداد ، قال : وأتاه جبريل فقال : يا محمد إن الجنة تشتاق إلى ثلاثة من أصحابك وعنده أنس بن مالك فرجا أن يكون لبعض الأنصار ، فأراد أن يسأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله

١٠٧

وسلم عنهم فهابه ، فلقى أبا بكر فقال : يا أبا بكر إنى كنت عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم آنفا فأتاه جبريل فقال : إن الجنة تشتاق إلى ثلاثة من أصحابك فرجوت أن يكون لبعض الأنصار فهبت أن أسأله فهل لك أن تدخل فتسأله؟ فقال : إنى أخاف أن أسأله فلا أكون منهم فيشمت بى قومى ، ثم أتى عمر بن الخطاب فقال له : مثل قول أبى بكر ، فلقى عليا عليه السلام فقال له على عليه السلام : نعم أنا أسأله فان كنت منهم فأحمد اللّه ، وإن لم أكن منهم حمدت اللّه ، فدخل على نبى اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال : إن أنسا حدثنى إنه كان عندك آنفا وإن جبريل أتاك فقال : إن الجنة تشتاق إلى ثلاثة من أصحابك ، فقال : فمن هم يا نبى اللّه؟ قال : أنت منهم يا علىّ وعمار بن ياسر وسيشهد معك مشاهد بين فضلها عظيم خيرها ، وسلمان ، وهو منا أهل البيت وهو ناصح فاتخذه لنفسك ، قال : رواه أبو يعلى ، ( أقول ) وذكره الهيثمى أيضا فى مجمعه ( ج ٩ ص ١١٧ ) بطريقين قال فى أحدهما : رواه أبو يعلى ، وقال فى الآخر : رواه البزار.

[الهيثمى فى مجمعه ج ٩ ص ٣٤٤ ] قال : وعن أنس عن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم قال : ثلاثة تشتاق اليهم الحور العين على وعمار وسلمان قال : رواه الطبرانى.

[الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٢٠ ] قال : عن ابن عباس قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : ما مررت بسماء إلا وأهلها يشتاقون إلى على بن أبى طالب ، وما فى الجنة نبى إلا وهو يشتاق إلى على بن أبى طالب قال : أخرجه الملا فى سيرته.

١٠٨

باب

إن عليا عليه السّلام من أهل الجنة

[أسد الغابة لابن الأثير ج ٥ ص ٥٧٨ ] روى بسنده عن أم خارجة ـ امرأة زيد بن ثابت ـ قالت : أتينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فى حائط ومعه أصحابه إذ قال : أول رجل يطلع عليكم فهو من أهل الجنة فليس أحد منا إلا وهو يتمنى أن يكون من وراء الحائط ، قالت : فبينما نحن كذلك إذ سمعنا حسا فرفعنا أبصارنا اليه ننظر من يدخل ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : عسى أن يكون عليا ، فدخل على بن أبى طالب عليه السلام ، ( أقول ) ورواه بطريق آخر أيضا فى ( ص ٦ ١٨ ) باختلاف فى اللفظ ، ورواه ابن حجر أيضا فى إصابته ( ج ٨ ص ٢٢٨ ).

[الاستيعاب لابن عبد البر ج ٢ ص ٧٧٦ ] فى ترجمة أم مرثد الأسلمية ، قال : روت عنها أم خارجة امرأة زيد بن ثابت إن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم قال يوما : يشرف عليكم من هذا الوادى رجل من أهل الجنة ، قال : فأشرف عليهم على بن أبى طالب عليه السلام.

[الهيثمى فى مجمعه ج ٩ ص ١١٨ ] قال : وعن سلمى امرأة أبى

١٠٩

رافع إنها قالت : إنى لمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بالأسواف فقال : ليطلعن عليكم رجل من أهل الجنة إذ سمعت الخشفة فاذا على بن أبى طالب عليه السلام ، قال : رواه الطبرانى ، ( أقول ) الأسواف عين بالمدينة والخشفة الحركة والحس الخفي.

[مسند الإمام أبى حنيفة ص ٢٣٥ ] روى بسنده عن أم هانى إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم نظر إلى على عليه السلام ذات يوم فرآه جائعا فقال : يا علىّ ما أجاعك؟ قال : يا رسول اللّه إنى لم أشبع منذ كذا وكذا ، فقال النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم : إبشر بالجنة.

[الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٠٩ ] قال : وعن عبد اللّه بن ظالم قال : جاء رجل إلى سعيد فقال : إنى أحببت عليا عليه السلام حبا لم أحبه شيئا قط قال : نعم ما رأيت أحببت رجلا من أهل الجنة ، قال : خرجه أحمد فى المناقب ، وخرجه الحضرمى.

١١٠

باب

إن عليا عليه السّلام أول من تنشق عنه الارض وأول

من يرى النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم وأول من يصافحه

[تاريخ بغداد للخطيب البغدادى ج ٤ ص ٣٣٩ ] روى بسنده عن عبد اللّه بن عمر بن على عن أبيه عن جده على بن أبى طالب عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : سألت اللّه فيك خمسا فأعطانى أربعا ومنعنى واحدة ، سألته فأعطانى فيك أنك أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة ، وأنت معى ، معك لواء الحمد وأنت تحمله ، وأعطانى أنك ولي المؤمنين من بعدى ، ( أقول ) وذكره المتقى أيضا فى كنز العمال ( ج ٦ ص ٣٩ ٦ ) و قال : أخرجه ابن الجوزى.

[كنز العمال ج ٦ ص ٤٠٢ ] قال : قال شاذان ـ وذكر السند إلى أن قال ـ حدثنى أبى على بن أبى طالب عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : يا علىّ إنى سألت ربى عز وجل فيك خمس خصال فأعطانى أما الأولى فانى سألت ربى أن تنشق عنى الأرض وانفض التراب عن رأسى وأنت معى فأعطانى ، وأما الثانية فسألته أن يوقفنى عند كفة الميزان وأنت معى فأعطانى ، وأما الثالثة فسألته أن يجعلك حامل لوائى وهولواء اللّه الأكبر عليه المفلحون والفائزون بالجنة فأعطانى ، وأما

١١١

الرابعة فسألت ربى أن تسقى أمتى من حوضى فأعطانى ، وأما الخامسة فسألت ربى أن يجعلك قائد أمتى إلى الجنة فأعطانى فالحمد للّه الذى منّ به عليّ.

[كنز العمال أيضا ج ٦ ص ١٥٩ ] ولفظه : سألت اللّه يا علىّ فيك خمسا فمنعنى واحدة وأعطانى أربعا ، سألت اللّه أن يجمع عليك أمتى فأبى عليّ وأعطانى فيك أن أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة أنا وأنت معى معك لواء الحمد ، وأنت تحمله بين يدى تسبق به الأولين والآخرين ، وأعطانى فيك أنك ولي المؤمنين بعدى ، قال : أخرجه الخطيب ، والرافعى عن على عليه السّلام ( أقول ) وذكره أيضا فى ( ص ٣٩ ٦ ) و قال : أخرجه ابن الجوزى.

[الإصابة لابن حجر ج ٧ ص ١٢٦ ] قال : وأخرج ابن السكن من طريق على بن هاشم ( إلى أن قال ) عن أبى عبد الرحمن حاضن عائشة قال :

قلنا له : ألا تذكر لنا من فضائل على بن أبى طالب عليه السلام؟ قال : هى أكثر من أن تحصر ، قلنا : فاذكر لنا بعضها ، قال : أفعل ، استأذن على عليه السّلام على النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم وأنا فى البيت فسمعته يقول : إنك لأول من ينفض التراب عن رأسه يوم القيامة.

[أسد الغابة لابن الأثير ج ٥ ص ٢٨٧ ] ذكر حديثا مسندا عن أبى ليلى الغفارى قال : سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يقول : ستكون بعدى فتنة فاذا كان ذلك فالزموا على بن أبى طالب ، فانه أول من يرانى ، وأول من يصافحنى يوم القيامة ، وهو الصديق الأكبر ، وهو فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق والباطل ، وهو يعسوب المؤمنين ، ( أقول ) وذكره ابن حجر أيضا فى إصابته ( ج ٧ ص ١ ٦ ٧ ) وقال فيه : فانه أول من آمن بى وأول من يصافحنى يوم القيامة ( الخ ) وذكره ابن عبد البر أيضا وزاد فى آخره والمال يعسوب المنافقين ، وذكر الهيثمى أيضا

١١٢

فى مجمعه ( ج ٩ ص ١٠٢ ) قال : وعن أبى ذر وسلمان قالا : أخذ النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم بيد على عليه السّلام فقال : إن هذا أول من آمن بى ، وهذا أول من يصافحنى يوم القيامة ، وساقا الحديث كما تقدم عن أبى ليلى ، قال : رواه الطبرانى والبزار.

[الإصابة لابن حجر ج ٨ القسم ١ ص ١٨٣ ] قال : وأخرج ابن مندة من رواية على بن هاشم بن البريد حدثتنى ليلى الغفارية قالت : كنت أغزو مع النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم فأداوى الجرحى وأقوم على المرضى فلما خرج على عليه السلام إلى البصرة خرجت معه فلما رأيت عائشة أتيتها فقلت : هل سمعت من رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فضيلة فى علىّ عليه السلام؟ قالت : نعم ، دخل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وهو معى وعليه جرد قطيفة فجلس بيننا فقلت : أما وجدت مكانا هو أوسع لك من هذا؟ فقال النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم : يا عائشة دعى لى أخى فانه أول الناس إسلاما وآخر الناس بى عهدا وأول الناس لى لقيا يوم القيامة.

[تاريخ بغداد للخطيب البغدادى ج ٩ ص ٤٥٣ ] روى بسنده عن ابن عباس أنه قال : سمعت نبى اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وهو آخذ بيد علىّ عليه السلام يقول : هذا أول من يصافحنى يوم القيامة.

١١٣

باب

إن عليا عليه السّلام يكسى مع النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم

وإبراهيم عليه السّلام في يوم القيامة

[كنز العمال ج ٦ ص ٤٠٣ ] قال : عن على عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : إن أول خلق اللّه يكسى يوم القيامة أبى إبراهيم عليه السّلام فيكسى ثوبين أبيضين ثم يقام عن يمين العرش ثم أدعى فأكسى ثوبين أخضرين ثم أقام عن يسار العرش ثم تدعى أنت يا علىّ فتكسى ثوبين أخضرين ثم تقام عن يمينى أفما ترضى أن تدعى إذا دعيت وتكسى إذا كسيت وأن تشفع إذا شفعت؟ قال : أخرجه الدارقطنى فى العلل.

[كنز العمال أيضا ج ٦ ص ٤٠٣ ] قال : عن على عليه السلام قال لى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : ألا ترضى يا علىّ إذا جمع اللّه الناس فى صعيد واحد حفاة عراة مشاة قد قطع أعناقهم العطش فكان أول من يدعى إبراهيم فيكسى ثوبين أبيضين ثم يقوم عن يمين العرش ثم يفجر لى شعب من الجنة إلى حوضى وحوضى أعرض ما بين بصرى وصنعاء وفيه عدد نجوم السماء قدحان من فضة فأشرب وأتوضأ وأكسى ثوبين أبيضين ثم أقوم عن يمين العرش ثم تدعى فتشرب وتتوضأ

١١٤

وتكسى ثوبين أبيضين فتقوم معى ولا أدعى لخير إلا دعيت اليه؟ قلت : بلى ( قال ) أخرجه ابن شاهين فى السنة والطبرانى فى الأوسط وأبو نعيم فى فضائل الصحابة وأبو الحسن الهيثمى.

[الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٠١ ] قال : عن مخدوج بن زيد الذهلى إن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم قال لعلى عليه السلام : أما علمت يا علىّ أنه أول من يدعى به يوم القيامة أنا فأقوم عن يمين العرش فى ظله فأكسى حلة خضراء من حلل الجنة ( إلى أن قال ) ثم تكسى حلة من الجنة ثم ينادى مناد من تحت العرش نعم الأب أبوك إبراهيم ونعم الأخ أخوك علىّ إبشر يا علىّ إنك تكسى إذا كسيت وتدعى إذا دعيت وتحبى إذا حبيت ، قال : أخرجه أحمد فى المناقب.

[الرياض النضرة أيضا ج ٢ ص ٢٠٢ ] قال : وأخرج المخلص الذهبى عن أبى سعيد إن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم كسا نفرا من أصحابه ولم يكس عليا عليه السلام فكأنه رأى فى وجه على عليه السلام ، فقال : يا علىّ أما ترضى أنك تكسى إذا كسيت وتعطى إذا أعطيت؟.

١١٥

باب

إن عليا عليه السّلام يوم القيامة

على ناقة من نوق الجنة

[تاريخ بغداد للخطيب البغدادى ج ١١ ص ١١٢ ] روى بسنده عن ابن عباس قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : ما فى القيامة راكب غيرنا نحن أربعة ، فقام اليه عمه العباس بن عبد المطلب فقال : من هم يا رسول اللّه؟ فقال : أما أنا فعلى البراق وجهها كوجه الإنسان ، وخدها كخد الفرس ، وعرفها من لؤلؤ ممشوط ، وأذناها زبرجدتان خضراوان وعيناها مثل كوكب الزهرة توقدان مثل النجمين المضيئين ، لها شعاع مثل شعاع الشمس بلقاء محجلة تضىء مرة وتنمى أخرى ، يتجدر من نحرها مثل الجمان مضطربة فى الخلق أذنها ، ذنبها مثل ذنب البقرة ، طويلة اليدين والرجلين أظلافها كأظلاف البقر من زبرجد أخضر ، تجدّ فى مسيرها ، سيرها كالريح وهى مثل السحابة لها نفس كنفس الآدميين تسمع الكلام وتفهمه ، وهى فوق الحمار ودون البغل ، قال العباس : ومن يا رسول اللّه؟ قال : وأخى صالح على ناقة اللّه وسقياها التى عقرها قومه ، قال العباس : ومن يا رسول اللّه؟ قال : وعمى حمزة بن عبد المطلب أسد اللّه وأسد رسوله سيد الشهداء على ناقتى قال العباس : ومن يا رسول اللّه؟ قال : وأخى علىّ على ناقة من

١١٦

نوق الجنة زمامها من لؤلؤ رطب ، عليها محمل من ياقوت أحمر قضبانها من الدر الأبيض على رأسه تاج من نور لذلك التاج سبعون ركنا ما من ركن إلا وفيه ياقوتة حمراء تضىء للراكب المحث ، عليه حلتان خضراوان وبيده لواء الحمد ، وهو ينادى أشهد أن لا إله إلا اللّه ، وأن محمدا رسول اللّه ، فيقول الخلائق : ما هذا إلا نبى مرسل أو ملك مقرّب؟ فينادى مناد من بطنان العرش ليس هذا ملك مقرّب ولا نبى مرسل ولا حامل عرش هذا على بن أبى طالب وصىّ رسول رب العالمين ، وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين.

[تاريخ بغداد أيضا ج ١٣ ص ١٢٢ ] روى بسنده عن ابن عباس قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : ليس فى القيامة راكب غيرنا ونحن أربعة ، قال : فقام عمه العباس فقال له : فداك أبى وأمى ومن هم؟ قال : أما أنا فعلى دابة اللّه البراق ، وأما أخى صالح فعلى ناقة اللّه التى عقرت وعمى حمزة أسد اللّه وأسد رسوله على ناقتى العضباء ، وأخى وابن عمى وصهرى على بن أبى طالب على ناقة من نوق الجنة مدبجة الظهر ، رحلها من زمرد أخضر مضبب بالذهب الأحمر ، رأسها من الكافور الأبيض ، وذنبها من العنبر الأشهب ، وقوائمها من المسك الأذفر ، وعنقها من لؤلؤ ، وعليها قبة من نور اللّه ، باطنها عفو اللّه ، وظاهرها رحمة اللّه ، بيده لواء الحمد ، فلا يمرّ بملأ من الملائكة إلا قالوا : هذا ملك مقرب أو نبى مرسل أو حامل عرش رب العالمين ، فينادى مناد من لدنان العرش ( أو قال من بطنان العرش ) ليس هذا ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ولا حامل عرش رب العالمين ، هذا على بن أبى طالب أمير المؤمنين ، وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين ، إلى جنان رب العالمين ، أفلح من صدقه ، وخاب من كذبه ، ولو أن عابدا عبد اللّه بين الركن والمقام الف عام حتى يكون كالشن البالى ولقى اللّه مبغضا لآل محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم أكبه اللّه على منخره فى نار جهنم.

١١٧

[كنز العمال ج ٦ ص ٤٠٢ ] قال : وبهذا الإسناد ـ يعنى به سند حديث قد ذكره قبل هذا ـ عن على عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : يا علىّ ليس فى القيامة راكب غيرنا ونحن أربعة ، فقام رجل من الأنصار فقال : فداك أبى وأمى فمن هم؟ قال : أنا على البراق وأخى صالح على ناقة اللّه التى عقرت ، وعمى حمزة على ناقتى العضباء ، وأخى علىّ على ناقة من نوق الجنة بيده لواء الحمد ، ينادى لا إله إلا اللّه محمد ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) رسول اللّه ، فيقول الآدميون : ما هذا إلا ملك مقرب أو نبى مرسل أو حامل عرش ، فيجيبهم ملك من بطنان العرش : يا معشر الآدميين ليس هذا ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ولا حامل عرش هذا الصديق الأكبر على بن أبى طالب.

[كنز العمال أيضا ج ٦ ص ٣٩٦ ] قال : عن على عليه السلام قال : قال لى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : تؤتى يوم القيامة بناقة من نوق الجنة وركبتك مع ركبتى ، وفخذك مع فخذى حتى ندخل الجنة جميعا ، ( قال ) أخرجه الحسن بن بدر ، ( أقول ) وذكره المحب الطبرى أيضا فى الرياض النضرة ( ج ٢ ص ٢١١ ) وقال : أخرج أحمد فى المناقب عن أنس بن مالك قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لعلى عليه السلام : لك يوم القيامة ناقة من نوق الجنة فتركبها وركبتك مع ركبتى وفخذك مع فخذى حتى ندخل الجنة ، أخرجه أحمد فى المناقب.

(ثم ) إن هاهنا حديثين آخرين يناسب ذكرهما فى خاتمة هذا الباب.

(أحدهما ) ما رواه الخطيب البغدادى فى تاريخ بغداد ( ج ٣ ص ١ ٤ ٠ ) بسنده عن أبى هريرة قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : يبعث اللّه الأنبياء على الدواب ويبعث صالحا على ناقته كما يوافى بالمؤمنين من أصحابه المحشر ويبعث بابنى فاطمة الحسن والحسين على

١١٨

ناقتين وعلىّ بن أبى طالب على ناقتى وأنا على البراق ويبعث بلالا على ناقة ينادى بالأذان وشاهده حقا حقا حتى إذا بلغ أشهد أن محمدا رسول اللّه شهدها جميع الخلائق من المؤمنين الأولين والآخرين فقبلت ممن قبلت منه ، ( أقول ) وذكره المتقى أيضا فى كنز العمال ( ج ٦ ص ١٩٣ ) وقال : رواه الطبرانى وأبو الشيخ وابن عساكر عن أبى هريرة.

(ثانيهما ) ما ذكره المتقى فى كنز العمال ( ج ٦ ص ٤ ٠٣ ) قال : عن علىّ عليه السلام قال : قال النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم : يا علىّ إذا كان يوم القيامة أتيت أنت وولدك على خيل بلق متوجين بالدر والياقوت فيأمر اللّه بكم إلى الجنة والناس ينظرون ، ( أقول ) وذكره المحب الطبرى أيضا فى ذخائره ( ص ١٣ ٥ ).

١١٩

باب

إن عليا عليه السّلام حامل راية

النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم يوم القيامة

[الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٠٢ ] قال : وعن جابر بن سمرة إنهم قالوا : يا رسول اللّه من يحمل رايتك يوم القيامة؟ قال : من عسى أن يحملها يوم القيامة إلا من كان يحملها فى الدنيا على بن أبى طالب ، قال : أخرجه نظام الملك فى أماليه ، ( أقول ) وذكره المتقى أيضا فى كنز العمال ( ج ٦ ص ٣٩٨ ) وقال : أخرجه الطبرانى.

[حلية الأولياء لأبى نعيم ج ١ ص ٦٦ ] روى بسنده عن أنس بن مالك قال : بعثنى النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم إلى أبى برزة الأسلمى فقال له وأنا أسمع : يا أبا برزة إن رب العالمين عهد إلي عهدا فى على بن أبى طالب عليه السلام ، فقال : إنه راية الهدى ومنار الإيمان وإمام أوليائى ونور جميع من أطاعنى ، يا أبا برزة على بن أبى طالب أمينى غدا فى القيامة وصاحب رايتى فى القيامة على مفاتيح خزائن رحمة ربى ، ورواه الخطيب أيضا فى تاريخه ( ج ١ ٤ ص ٩٨ ) أقول : قد تقدم فى الباب الرابع والمائتين الحديث الذى رواه صاحب كنز العمال الذى يتضمن أن عليا عليه السلام حامل راية النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم يوم القيامة.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

ونحن حفزنا الحوفزان بطعنة

فأفلت منها وجهه عتد نهد(١)

أراد أفلته ونجّاه ومنه قولهم: إنما أفعل ذلك لوجهك، ويدل أيضا على أن الوجه يعبّر به عن الذات قوله تعالى:( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ. إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ. وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ. تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ ) ؛ [القيامة: ٢٢ - ٢٥]، وقوله تعالى:( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ لِسَعْيِها راضِيَةٌ ) ؛ [الغاشية: ٨، ٩]، لأن جميع ما أضيف إلى الوجوه في ظاهر الآي؛ من النظر، والظن، والرّضا لا يصحّ إضافته في الحقيقة إليها وإنما يضاف إلى الجملة، فمعنى قوله تعالى:( كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ ) ؛ أي كل شيء هالك إلا هو؛ وكذلك قوله تعالى:

( كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالآكْرامِ ) ؛ لما كان المراد بالوجه نفسه لم يقل (ذي الجلال) كما قال:( تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالآكْرامِ ) ؛ [الرحمن: ٧٨]: لما كان اسمه غيره.

ويمكن في قوله تعالى:( كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ ) وجه آخر؛ وقد روي عن بعض المتقدمين، وهو أن يكون المراد بالوجه ما يقصد به إلى الله تعالى ويوجّه؛ نحو القربة إليه جلت عظمته؛ فيقول: لا تشرك بالله، ولا تدع إلها غيره؛ فإن كل فعل يتقرب به إلى غيره، ويقصد به سواه فهو هالك باطل؛ وكيف يسوغ للمشبّهة أن يحملوا هذه الآية والتي قبلها على الظاهر! أو ليس ذلك يوجب أنه تعالى يفنى ويبقى وجهه: وهذا كفر وجهل من قائله.

فأما قوله تعالى:( إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ الله ) ، [الإنسان: ٩]، وقوله:( إِلاّ

____________________

(١) حفزنا: طعنا. ويقال فرس عتد، بفتح التاء وكسرها: إذا كان شديدا تام الخلق سريع الوثبة؛ ليس فيه اضطراب ولا رخاوة والنهد من نعت الخيل: الجسيم المشرف. والحوفزان هو الحارث بن شريك طعنه قيس بن عاصم يوم جدود؛ والمشهور في ذلك قول سوار بن حيان المنقري:

ونحن حفزنا الحوفزان بطعنة

سقته نجيعا من دم الجوف أشكلا

وحمران قسرا أنزلته رماحنا

فعالج غلاّ في ذراعيه مقفلا

وانظر شرح المفضليات ٤٧٠.

٦٢١

ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأعْلى ) ؛ [الليل: ٢٠]، وقوله:( وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ الله ) ، [الروم: ٣٩]؛ فمعلوم أن هذه الأفعال مفعولة له؛ ومقصود بها ثوابه، والقربة إليه، والزلفة عنده.

فأما قوله تعالى:( فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ الله ) ؛ [البقرة: ١١٥]، فيحتمل أن يراد به: فثمّ الله، لا على معنى الحلول، ولكن على معنى التدبير والعلم، ويحتمل أن يراد به: فثمّ رضا الله وثوابه والقربة إليه.

ويحتمل أن يراد بالوجه الجهة، وتكون الإضافة بمعنى الملك والخلق والإنشاء والإحداث؛ لأنه عزّ وجل قال:( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ الله ) ؛ أي أن الجهات كلّها للّه تعالى وتحت ملكه؛ وهذا واضح بيّن بحمد الله.

***

[قصة سفرة للمكتفي بالله في حرّاقة؛ مع جماعة من الأدباء:]

أخبرني أبو الحسن عليّ بن محمد الكاتب قال حدّثني محمد بن يحيى الصولي قال: انحدرنا مع المكتفي بالله في آخر سفرة سافرها للصيد من الموضع المعروف بحنّة إلى تكريت في حرّاقة(١) فكانت تجنح كثيرا، فيشتد فزع من معه من الجلساء لذلك؛ وكنت أشدّهم فزعا، وكان في الحرّاقة سواي من الجلساء يحيى بن عليّ المنجم، ومتوّج بن محمود بن مروان، والقاسم المعروف بابن حبابة، وكان يضحك لفزعنا ويقول: لقد قسم الله لكم حظّا من الشجاعة جزيلا، فقلت له: إن البحتري يقول شعرا يصف فيه مثل حالنا، ويمدح به أحمد بن دينار بن عبد الله - وقد غزا الروم في مراكب - أوله:

ألم تر تغليس الرّبيع المبكّر

وما حاك من وشي الرّياض المنشّر(٢)

____________________

(١) الحراقة: اسم لسفينة؛ وأصل الحراقات: سفن كانت بالبصرة، فيها مرامي نيران يرمى بها العدو.

(٢) ديوانه ٢: ٢٢ - ٢٤.

٦٢٢

فقال له: أنشدني الموضع الّذي ذكر هذا فيه منها - وكان جيّد العلم بالأشعار، حافظا للأخبار - فأنشده:

غدوت على الميمون صبحا، وإنما

غدا المركب الميمون تحت المظفّر(١)

إذا زمجر النّوتي فوق علاته

رأيت خطيبا في ذؤابة منبر(٢)

يغضّون دون الاشتيام عيونهم

وفوق السّماط للعظيم المؤمّر(٣)

إذا ما علت فيه الجنوب اعتلى له

جناحا عقاب في السماء مهجّر(٤)

إذا ما انكفا في هبوة النّار خلته

تلفّع في أثناء برد محبّر(٥)

وحولك ركّابون للهول عاقروا

كئوس الرّدى؛ من دار عين وحسّر(٦)

تميل المنايا حيث مالت أكفّهم

إذا أصلتوا حدّ الحديد المذكّر

إذا أرشقوا بالنّار لم يك رشقهم

ليقلع إلاّ عن شواء مفتّر(٧)

____________________

(١) قبله:

ولما تولى البحر والجود صنوه

غدا البحر من أغلاقه بين أبحر

أضاف إلى التّدبير فضل شجاعة

ولا عزم إلا للشجاع المدبّر

إذا شجروه بالرماح تكسّرت

عواملها في صدر ليث غضنفر

والميمون، يريد به السفنة؛ وفي حاشية الأصل: (هو اسم خراقة).

(٢) حاشية الأصل: (العلاة: الموضع الّذي يركب فيه الملاح من السفينة).

(٣) حاشية الأصل: (يقال وقفوا دونه سماطا؛ أي اصطفوا؛ وفي شعره: (وقوف السماط)؛ قال س: (وهو الصواب؛ وكذا قرأت على مشايخي. والاشتيام: رئيس المركب؛ كلمة نبطية).

(٤) من نسخة بحاشيتي الأصل، ف: (إذا عصفت فيه)؛ وهي رواية الديوان ومهجر؛ أي يحلق في الهاجرة.

(٥) في حاشيتي الأصل، ف: (انكفا الميمون؛ أي تمايل؛ وأراد بهوة النار ما كانوا يرمون به من النار إلى العدو من الحراقة التي اسمها ميمون، وشبه مواد الحراقة وحمرة النار وبياض الماء بلون البرد. وانكفا، أصله الهمز فخفف؛ يقال: انكفأت المرأة وتكفأت؛ إذا تمايلت في سيرها) وفي م: والديوان: (هبوة الماء) تصحيف.

(٦) المعاقرة: الملازمة.

(٧) الرشق: الرمي من جهة واحدة. والشواء المفتر: الّذي يصعد منه الفتار؛ والفتار عند العرب:

ريح الشواء إذا ضهب على الجمر.

٦٢٣

صدمت بهم صهب العثانين دونهم

ضراب كإيقاد اللّظى المتسعّر

يسوقون أسطولا كأنّ سفينه

سحائب صيف؛ من جهام وممطر(١)

كأنّ ضجيج البحر بين رماحهم

إذا اختلفت ترجيع عود مجرجر(٢)

تقارب من زحفيهم فكأنّما

تؤلّف من أعناق وحش منفّر

فما رمت حتى أجلت الحرب عن طلى

مقصّصة فيهم، وهام مطيّر(٣)

على حين لا نقع تطوّحه الصّبا

ولا أرض تلقى للصّريع المقطّر(٤)

وكنت ابن كسرى قبل ذاك وبعده

مليّا بأن توهي صفاة ابن قيصر

جدحت له الموت الذّعاف فعافه

وطار على ألواح شطب مسمّر(٥)

مضى وهو مولى الرّيح يشكر فضلها

عليه، ومن يولى الصّنيعة يشكر

قال: فاستجاد المكتفي قوله:

* على حين لا نقع تطوّحه الصّبا*

[أبيات لابن الرومي وموازنتها بشعر غيره من الشعراء:]

فقال له يحيى بن علي: أنشدني ابن الرومي شعرا له في هذا المعنى:

ولم أتعلّم قطّ من ذي سباحة

سوى الغوص، والمضعوف غير مغالب(٦)

ولم لا؟ ولو ألقيت فيها وصخرة

لوافيت منها القعر أوّل راسب

وأيسر إشفاقي من الماء أنّني

أمرّ به في الكوز مرّ المجانب

وأخشى الرّدى منه على كلّ شارب

فكيف بأمنيه على كلّ راكب!

____________________

(١) الأسطول: جماعات السفن. وفي حاشيتي الأصل، ف: (قال ش: ذكر لي أستاذي عند قراءة شعر البحتري عليه بأصبهان أن الأسطول لغة مصرية؛ وهي عندهم عبارة عن جماعة العسكر الذين يتوجهون إلى البحر بحوائجهم؛ فهم بمجموع مراكبهم وحراقاتهم وشباراتهم وتجارهم أسطول؛ ويشتكي أهل مصر فيقولون: ما جاءنا العام أسطول). وفي حاشية الأصل أيضا: (الشبارات: نوع من المراكب البحرية).

(٢) العود: المسن من الإبل.

(٣) الطلى: جمع طلية؛ وهي صفحة العنق؛ ومقصصة:

مقطعة. ورواية الديوان: (طلى مقطعة).

(٤) يقال: طعنه فقطره؛ أي ألقاه على قطره، أي جانبه، فنقطر.

(٥) جدحت: خلطت؛ والشطب في الأصل: الفرس الطويل؛ وجعل المركب شطبا على التشبيه لما ركبه ونجا.

(٦) ديوانه الورقة ٢٣؛ مع اختلاف في ترتيب الأبيات.

٦٢٤

فقلت له: إنما أخذ ابن الرومي بيته الثالث من قول أبي نواس؛ فقال المكتفي بالله:

فما قال؟ قلت: حدثني عليّ بن سراج المصري قال حدثني أبو وائل اللخمي قال حدثني إبراهيم بن الخصيب قال: وقف أبو نواس بمصر على النيل؛ فرأى رجلا قد أخذه التمساح فقال:

أضمرت للنّيل هجرانا ومقلية

مذ قيل لي: إنّما التمساح في النّيل

فمن رأى النّيل رأي العين من كثب

فما أرى النّيل إلاّ في البواقيل

قال الصولي: والبواقيل سفن صغار.

ثم أجرى المكتفي بعد ذلك ذكر الشيب، فقال: العرب تقول أظلم من شيب، وقد شبت، وظلمني المشيب؛ وشبت ياصولي، فقلت: جواب عبدك في هذا جواب معن بن زائدة الشيباني لجدّك المنصور وقد قال له: كبرت يامعن، فقال: في طاعتك ياأمير المؤمنين، قال: وإنّك لتتجلّد، قال: على أعدائك، قال: وفيك بحمد الله بقيّة، قال: لخدمتك.

فنزع المكتفي عمامته، فإذا شيبتان في مقدّم رأسه، فقال: لقد غمّني طلوع هاتين الشيبتين، فقلت له: إنما يعيش الناس في الشيب؛ فأما السواد فلا يصحب الناس خالصا أكثر من أربعين سنة إلى الخمسين، وقد يعاش في البياض الّذي لا سواد فيه ثمانون سنة. وأنشده يحيى بن عليّ في معنى طول العمر مع المشيب قول امرئ القيس:

ألا إنّ بعد العدم للمرء قنوة

وبعد المشيب طول عمر وملبسا(١)

وأنشدته أنا أيضا أبياتا أنشدها إسحاق بن إبراهيم الموصلي لبعض القيسيين:

لم ينتقص مني المشيب قلامة

الآن حين بدا ألبّ وأكيس

والشّيب إن يظهر فإنّ وراءه

عمرا يكون خلاله متنفّس

قال سيدنا أدام الله تمكينه: أما قول البحتري: (مضى وهو مولي الريح) فقد كرر معناه في قوله من قصيدة يمدح بها أبا سعيد الثّغري:

____________________

(١) ديوانه: ١٤٢؛ والقنوة: المال.

٦٢٥

أشلى على منويل أطراف القنا

فنجا عتيق عتيقة جرداء(١)

ولو أنّه أبطأ لهنّ هنيهة

لصدرن عنه، وهنّ غير ظماء

فلئن تبقّاه القضاء لوقته

فلقد عممت جنوده بفناء

وأظنه أخذ هذا المعنى من قول أبي تمام في قصيدة يمدح بها المعتصم، ويذكر فتح الخرميّة(٢) .

لولا الظّلام وقلّة علقوا بها

باتت رقابهم بغير قلال(٣)

فليشكروا جنح الظّلام ودروزا

فهم لدروز والظلام موالي(٤)

وقد أخطأ الصولي في تفسير بيت أبي نواس بأن البواقيل سفن صغار؛ لأن البواقيل جمع بوقال؛ وهو آلة على هيئة الكوز معروفة؛ تعمل من الزجاج وغيره؛ وهذا مثل قول ابن الرومي:

* أمرّ به في الكوز مرّ المجانب*

وإنما أراد أنني لا أمرّ بماء النيل إلا إذا أردت شربه في كوز أو بوقال.

وأظن الصولي استمر عليه الوهم من جهة قوله: (فما أرى النيل) وصرف ذلك إلى أنه أراد النيل على الحقيقة؛ وإنما أراد ماء النيل؛ وما علمت أن السفن الصغار يقال لها بواقيل إلا من قول الصولي، هذا ولو كان ما ذكره صحيحا من أنّ ذلك اسم لصغار السفن لكان بيت أبي نواس بما ذكرناه أشبه وأليق وأدخل في معنى الشعر؛ وكيف تدخل الشّبهة في ذلك مع قوله:

____________________

(١) ديوانه ١: ٥؛ أشلى: أغرى. ومنويل: اسم قلعة والعتيقة هنا: الفرس.

(٢) الخرمية: فرق تنسب إلى بابك الخرمي؛ خرج من كورة بفارس تدعى البذ، وأثار فتنة على الخليفة سنة ٢١٠؛ وامتدت زمن المأمون والمعتصم؛ إلى أن قتل بعد حوادث دامية في أزمان متطاولة؛ على يد الأفشين قائد المعتصم سنة ٢٢٣.

(٣) ديوانه: ٢٦٢.

(٤) دروز: موضع في ثغر أذربيجان؛ كذا ذكره ياقوت وأورد بيتي أبي تمام.

٦٢٦

* فمن رأى النيل رأي العين من كثب*

ومن رأى النيل في السفن فقد رآه من كثب، ومن رأى ماءه في الآنية على بعد لا يكون رائيا له من كثب.

***

[طائفة من أقوال الشعراء في مدح الشيب وتفضيله:]

فأما مدح الشيب وتفضيله على الشباب فقد قال فيه الناس فأكثروا؛ فمما تقدم من ذلك قول رؤبة بن العجّاج؛ ويقال إن رؤبة لم يقل من القصيدة إلا هذين البيتين:

أيّها الشّامت المعيّر بالشّيـ

ـب أقلّنّ بالشّباب افتخارا

قد لبست الشّباب غضّا جديدا

فوجدت الشّباب ثوبا معارا

ولعلي بن جبلة:

جفا طرب الفتيان وهو طروب

وأعقبه قرب الشّباب مشيب

تجافت عيون البيض عنه، وربّما

مددن إليه الوصل وهو حبيب

لعمري لنعم الصّاحب الشّيب واعظا

وإن كان منه للعيون نكوب

خليط نهى، منتاب حلم؛ وإنّه

على ذاك مكروه الخلاط مريب

ولآخر:

وتنكّرت شيبي فقلت لها:

ليس المشيب بناقص عمري

سيّان شيبي والشّباب إذا

ما كنت من عمري على قدر

ولآخر:

إن أكن قد رزئت أسود كالفحـ

ـم وأعقبت مثل لون الثّغامه(١)

فلقد أسعف الكريم وأحبو

أهله بالنّدى وآبى الظّلامه

____________________

(١) الثغامة: نبت أبيض يشبه به الشيب.

٦٢٧

غير أنّ الشّباب كان رداء

خاننا فيؤه كفيء الغمامة

ولآخر:

إنّ المشيب رداء الحلم والأدب

كما الشّباب رداء اللهو واللّعب

تعجّبت إذ رأت شيبي فقلت لها:

لا تعجبي، من يطل عمر به يشب(١)

ولابن الجهم:

حسرت عنّي القناع ظلوم

وتولّت ودمعها مسجوم(٢)

أنكرت ما رأت برأسي فقالت:

أمشيب أم لؤلؤ منظوم!

قلت: شيب وليس عيبا، فأنّت

أنّة يستثيرها المهموم

شدّ ما أنكرت تصرّم عهد

لم يدم لي، وأي شيء يدوم!

ولأبي هفّان:

تعجّبت درّ من شيبي فقلت لها:

لا تعجبي فطلوع الشّيب في السّدف(٣)

وزادها عجبا لما رأت سملي

وما درت درّ أنّ الدّر في الصّدف(٤)

وقد أحسن أبو تمام غاية الإحسان في قوله:

أبدت أسى أن رأتني(٥) مخلس القصب(٦)

وآل ما كان من عجب إلى عجب(٧)

____________________

(١) د، ف، حاشية الأصل من نسخة: (تعجبت أن رأت شيبي).

(٢) ديوانه: ١٧٦ - ١٧٧؛ وظلوم: اسم امرأة.

(٣) حماسة ابن الشجري: ٢٤٥؛ والسدف: الظلمات.

(٤) السمل، محركة: الثوب الخلق البالي، ومن نسخة بحاشية الأصل: (أن رحت في سمل)؛ وهي رواية الحماسة.

(٥) ديوانه: ١٥، والشهاب ١٠، وفي حاشية الأصل (من نسخة): (إذ رأتني)، وهي رواية الشهاب والديوان.

(٦) يقال: أخلس النبت؛ إذا جف أعلاه وابيض، وفي حاشية الأصل: (القصب: الذوائب المقصبة؛ الواحدة قصبة وتجمع قصائب، يقال: قصب، فيسكن). وبخط الشجري: (القصب)، بضم ففتح.

(٧) حاشية الأصل: (أي كانت تعجب بي فصارت تعجب من شيبي). وفي الشهاب: (أما قوله: (من عجب إلى عجب) فمن البلاغة الحسنة والاختصار السديد البارع).

٦٢٨

ستّ وعشرون تدعوني فأتبعها

إلى المشيب ولم تظلم ولم تحب(١)

فلا يؤرّقك إيماض القتير به

فإنّ ذاك ابتسام الرّأي والأدب(٢)

وللبحتري:

عيّرتني بالشيب وهي رمته

في عذاري بالصّدّ والاجتناب(٣)

لا تريه عارا فما هو بالشّيـ

ـب ولكنّه جلاء الشّباب(٤)

وبياض البازي أصدق حسنا

إن تأمّلت من سواد الغراب

وله:

ها هو الشّيب لائما فأفيقي

واتركيه إن كان غير مفيق(٥)

فلقد كفّ من عناء المعنّى(٦)

وتلافى من اشتياق المشوق

____________________

(١) لم تحب: لم تأثم؛ والحوب: الإثم، وبعده في الديوان:

يومي من الدهر مثل الدّهر مشتهر

عزما وحزما وساعي منه كالحقب

فأصغري أنّ شيبا لاح بي حدثا

وأكبري أنني في المهد لم أشب

(٢) حاشية الأصل (من نسخة): (فلا يغرنك). والقتير: الشيب، أو أوله. وفي الشهاب للمرتضى: (وقوله:

* فإن ذاك ابتسام الرأي والأدب*

يريد أن الرأي والأدب والحلم إنما يجتمع ويتكامل في أوان الكبر والشيب دون زمان الشباب، وقد تصف الشعراء أبدا الشيب بأنه تبسم في الشعر لبياضه؛ إلا أن هذه من أبي تمام تسلية عن الشيب وتنبيه على منفعته).

(٣) ديوانه ١: ٧، والشهاب: ٢٥. وفي حاشية الأصل:

* عيّرتني المشيب وهي بدتة*

وهي رواية الديوان؛ وبدتة، مخفف من بدأته بالهمز. وفي حاشية الأصل أيضا (من نسخة): (جنته).

(٤) لا تريه: لا تظنه. وفي حاشية الأصل: (جعل سواد الشباب وسخا وصدأ على الشخص والشيب جلاء له).

(٥) ديوانه ٢: ١٢٥، والشهاب: ٢٥، وحماسة ابن الشجري: ٢٤٣ - ٢٤٤، وفي حاشيتي الأصل، ف: (يقول: أيتها العاذلة، أفبقي من عذله وملامته، فقد أقبل الشيب يلومه وبعذله، ولا حاجة إلى عذلك وإن لم يفق فاتركيه).

(٦) د، والحماسة والشهاب. (عن عناء المعنى).

٦٢٩

عذلتنا في عشقها أمّ عمرو

هل سمعتم بالعاذل المعشوق(١)

ورأت لمة ألمّ بها الشّـ

ـيب فريعت من ظلمة في شروق

ولعمري لولا الأقاحي لأبصر

ت أنيق الرّياض غير أنيق

وسواد العيون لو لم يكمّل

ببياض ما كان بالموموق(٢)

ومزاج الصّهباء بالماء أملى(٣)

بصبوح مستحسن وغبوق

أي ليل يبهى بغير نجوم

أو سماء تندى بغير بروق!

ويشبه أن يكون أخذ قوله:

* أي ليل يبهى بغير نجوم*

من قول الشاعر:

أشيب ولم أقض الشّباب حقوقه

ولم يمض من عهد الشّباب قديم(٤)

رأت وضحا في مفرق الرّأس راعها

وشتّان مبيضّ به وبهيم

تفاريق شيب في الشّباب لوامع

وما حسن ليل ليس فيه نجوم!

ولمحمود الوراق في مثل هذا المعنى وهو قوله:

ما الدّرّ منظوما بأحسن من

شيب يجلّل هامة الكهل

وكأنّه فيها النّجوم إذا

جدّ المسير بها على مهل

لا تبكينّ على الشّباب إذا

يبكي الجهول عليه للجهل

واشكر لشيبك حسن صحبته

فلقد كساك جلالة الفضل

____________________

(١) حاشية الأصل: (إنما عذلته لأنه شاخ والعشق مع الشيخوخة لا يستحسن).

(٢) من نسخة بحاشيتي الأصل، ف: (بالمرموق)؛

(٣) في حاشيتي الأصل: (أملى، مخفف من أملأ؛ أى أوثق؛ يقال: ملؤ فلان بذلك؛ إذا كان ثقة به، وفلان أملأ بكذا من فلان).

(٤) البيت الأول والثالث في حماسة ابن الشجري: ٢٤٤، من غير نسبة.

٦٣٠

ولآخر في مدح الشيب:

لا يرعك المشيب ياابنة عبد ال

لمه فالشّيب حلية ووقار(١)

إنما تحسن الرّياض إذا ما

ضحكت في خلالها الأنوار

ولي في هذا المعنى من قصيدة:

جزعت لو خطات المشيب وإنما

بلغ الشّباب مدى الكمال فنوّرا

والشّيب إن فكّرت فيه مورد

لا بدّ يورده الفتى إن عمّرا

يبيضّ بعد سواده الشّعر الّذي

إن لم يزره الشّيب واراه الثّرى

وممن عدل بين الشيب والشباب، ومدح كل واحد منهما طريح بن إسماعيل الثقفي فقال:

والشّيب للحكماء من سفه الصّبا

بدل يكون الّذي الفضيلة مقنع

والشّيب غاية من تأخّر حينه

لا يستطيع دفاعه من يجزع

إنّ الشّباب له لذاذة جدّة

والشّيب منه في المغبّة أنفع

لا يبعد الله الشّباب فمرحبا

بالشيب حين أوى إليه المرجع

ومثله لآخر:

وكان الشباب الغضّ لي فيه لذّة

فوقّرني عنه المشيب وأدّبا

فسقيا ورعيا للشباب الّذي مضى

وأهلا وسهلا بالمشيب ومرحبا

____________________

(١) حماسة ابن الشجري: ونسبهما إلى علي بن الجهم.

٦٣١

[٤٦]

مجلس آخر [المجلس السادس والأربعون:]

تأويل آية:( وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ )

إن سأل سائل عن قوله تعالى:( وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) ؛ [البقرة: ١٨٦]

فقال: كيف ضمن الإجابة وتكفّل بها، وقد نرى من يدعو فلا يجاب؟.

الجواب، قلنا في ذلك وجوه.

أوّلها أن يكون المراد بقوله تعالى:( أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ ) أي أسمع دعوته؛ ولهذا يقال للرجل: دعوت من لا يجيب أي دعوت من لا يسمع. وقد يكون أيضا يسمع بمعنى يجيب؛ كما كان يجيب بمعنى يسمع؛ يقال: سمع الله لمن حمده؛ يراد به: أجاب الله من حمده وأنشد ابن الأعرابي:

دعوت الله حتى خفت ألاّ

يكون الله يسمع ما أقول

أراد يجيب ما أقول.

وثانيها أنّه تعالى لم يرد بقوله: قَرِيبٌ من قرب المسافة؛ بل أراد أنني قريب بإجابتي ومعونتي ونعمتي، أو بعلمي بما يأتي العبد ويذر، وما يسرّ ويجهر، تشبيها بقرب المسافة؛ لأن من قرب من غيره عرف أحواله ولم تخف عليه؛ ويكون قوله: أُجِيبُ على هذا تأكيدا للقرب؛ فكأنه أراد: إنني قريب قربا شديدا، وإنني بحيث لا يخفى عليّ أحوال العباد؛ كما يقول القائل إذا وصف نفسه بالقرب من صاحبه والعلم بحاله: أنا بحيث أسمع كلامك، وأجيب نداءك، وما جرى هذا المجرى. وقد روي أن قوما سألوا الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا له: أربّنا قريب فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٦٣٢

وثالثها أن يكون معنى هذه الآية أنني أجيب دعوة الداعي إذا دعاني على الوجه الصحيح، وبالشرط الّذي يجب أن يقارن الدعاء؛ وهو أن يدعو باشتراط المصلحة؛ ولا يطلب وقوع ما يدعو به على كل حال؛ ومن دعا بهذا الشرط فهو مجاب على كل حال؛ لأنه إن كان صلاحا فعل ما دعا به؛ وإن لم يكن صلاحا لم يفعل لفقد شرط دعائه، فهو أيضا مجاب إلى دعائه.

ورابعها أن يكون معنى دَعانِ أي عبدني، وتكون الإجابة هي الثواب والجزاء على ذلك؛ فكأنه قال: إنني أثيب العباد على دعائهم لي؛ وهذا مما لا اختصاص فيه.

وخامسها ما قاله قوم من أنّ معنى الآية أنّ العبد إذا سأل الله تعالى شيئا في إعطائه صلاح فعله به وأجابه إليه، وإن لم يكن في إعطائه إياه في الدنيا صلاح وخيرة لم يعطه ذلك في الدنيا، وأعطاه إياه في الآخرة، فهو مجيب لدعائه على كل حال.

وسادسها أنّه إذا دعاه العبد لم يخل من أحد أمرين: إمّا أن يجاب دعاؤه، وإمّا أن يخار له بصرفه عما سأل ودعا، فحسن اختيار الله له يقوم مقام الإجابة، فكأنه يجاب على كل حال.

وهذا الجواب يضعّف لأنّ العبد ربما سأل ما فيه صلاح ومنفعة له في الدنيا، وإن كان فيه فساد في الدين لغيره فلا يعطى ذلك، لأمر يرجع إليه، لكن لما فيه(١) من فساد غيره، فكيف يكون مجابا مع المنع الّذي(١) لا يرجع إليه منه شيء من الصلاح! اللهم إلاّ أن يقال: إنه دعا؛ مشروط بأن يكون صلاحا، ولا يكون فسادا، وهذا مما تقدم.

ومعنى قوله تعالى فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي، أي فليجيبوني وليصدّقوا رسلي، قال الشاعر:

وداع دعا يامن يجيب إلى النّدى

فلم يستجبه عند ذاك مجيب(٢)

____________________

(١ - ١) ساقط من الأصل، وتكملته من د، ف.

(٢) مطلع قصيدة كعب بن سعد الغنوي؛ وهي في أمالي القالي ٢: ١٤٨ - ١٥١.

٦٣٣

أي لم يجبه.

***

[طائفة من أقوال الشعراء في ذم الشيب والتألم به:]

قال سيدنا أدام الله علوّه: وإذ كنا قد ذكرنا في المجالس المتقدمة لهذا المجلس طرفا من الشعر في تفضيل الشيب وتقديمه، والتعزّي عنه، والتسلّي عن نزوله؛ فنحن متبعوه بطرف مما قيل في ذمّه والتألم به والجزع منه.

فمن ذلك قول أبي حيّة النميري:

ترحّل بالشّباب الشّيب عنّا

فليت الشّيب كان به الرّحيل(١)

وقد كان الشباب لنا خليلا

فقد قضى مآربه الخليل

لعمر أبي الشباب لقد تولّى

حميدا ما يراد به بديل(٢)

إذ الأيام مقبلة علينا

وظلّ أراكة الدّنيا ظليل

وقال الفرزدق:

أرى الدّهر، أيام المشيب أمره

علينا، وأيام الشباب أطايبه(٣)

وفي الشيب لذّات وقرّة أعين

ومن قبله عيش تعلّل جاد به(٤)

إذا نازل الشّيب الشباب فأصلتا

بسيفيهما، فالشّيب لا بدّ غالبه

فيا خير مهزوم، ويا شرّ هازم

إذا الشّيب وافت للشّباب كتائبه

وليس شباب بعد شيب براجع

مدى الدّهر حتى يرجع الدّرّ حالبه

وما المرء منفوعا بتجريب واعظ

إذا لم تعظه نفسه وتجاربه

وأنشد إسحاق الموصلي:

____________________

(١) حماسة ابن الشجري: ٢٣٩، مع اختلاف في ترتيب الأبيات.

(٢) الحماسة: (لا يراد به بديل).

(٣) ديوانه: ١: ٥٢.

(٤) في حاشيتي الأصل، ف. جاد به: عائبه، أي لم يجد عيبا فتعلل وجها يتمحل به باطلا ومنه قول ذي الرمة:

فيا لك من خد أسيل، ومنطق

رخيم، ومن خلق تعلل جاد به

٦٣٤

لعمري لئن حلّئت عن منهل الصّبا

لقد كنت ورّادا لمشربه العذب(١)

ليالي أمشي بين بردي لاهيا

أميس كغصن البانة النّاعم الرّطب

سلام على سير القلاص مع الرّكب

ووصل الغواني والمدامة والشّرب

سلام امرئ لم تبق منه بقيّة

سوى منظر العينين أو شهوة القلب(٢)

ولمنصور النّمري:

ما تنقضي حسرة مني ولا جزع

إذا ذكرت شبابا ليس يرتجع(٣)

بان الشباب ففاتتني بشرّته

صروف دهر وأيام لها خدع

ما كنت أو في شبابي كنه عزّته

حتّى مضى فإذا الدّنيا له تبع(٤)

ولمحمد بن أبي حازم:

عهد الشباب، لقد أبقيت لي حزنا

ما جدّ ذكرك إلاّ جدّ لي ثكل(٥)

سقيا ورعيا لأيّام الشّباب وإن

لم يبق منك له رسم ولا طلل

جرّ الزّمان ذيولا في مفارقه

وللزّمان على إحسانه علل(٦)

وربّما جرّ أذيال الصّبا مرحا

وبين برديه غصن ناعم خضل

لا تكذبنّ فما الدّنيا بأجمعها

من الشباب بيوم واحد بدل

كفاك بالشّيب عيبا عند غانية

وبالشّباب شفيعا أيها الرّجل

____________________

(١) حلئت: طردت ومنعت.

(٢)؛ ومن نسخة بحاشيتي الأصل، ف: (نظر العينين).

(٣) حماسة ابن الشجري: ٢٣٩.

(٤) حاشية الأصل (من نسخة):

ما كدت أوفي شبابي كنه شرّته

حتى مضى فإذا الدّنيا لها تبع

(٥) من أبيات في الأغاني ١٢: ١٥٢ - ١٥٣ مجموعها ثلاثة عشرة بيتا؛ وأبيات منها في الورقة:

١١٠، وحماسة ابن الشجري: ٢٣٩.

(٦) في حاشيتي الأصل، ف: (أي للزمان علل على تركه الإحسان؛ ويجوز أن يكون المعنى: له مع إحسانه علل).

٦٣٥

ولأبي نواس:

كان الشباب مطيّة الجهل

ومحسّن الضّحكات والهزل(١)

كان الجميل إذا ارتديت به(٢)

ومشيت أخطر صيّت النّعل

كان البليغ إذا نطقت به

وأصاخت الآذان للمملي

كان المشفّع في مآربه

عند الحسان ومدرك التّبل

والباغي والناس قد هجعوا

حتّى أبيت خليفة البعل

والآمري حتّى إذا عزمت

نفسي أعان عليّ بالفعل

فالآن صرت إلى مقاربة

وحططت عن ظهر الصّبا رحلي

قال سيدنارضي‌الله‌عنه : وعلى هذا الكلام طلاوة ومسحة من أعرابية ليستا لغيره.

ولبشار:

الشّيب كره، وكره أن يفارقني

أعجب بشيء على البغضاء مودود(٣)

يمضي الشّباب ويأتي بعده خلف

والشّيب يذهب مفقودا بمفقود

وهذا البيت الأخير يروى لمسلم بن الوليد الأنصاري.

ومما أحسن فيه مسلم في هذا المعنى قوله:

طرفت عيون الغانيات وربما

أملن إلى الطّرف كلّ مميل(٤)

وما الشّيب إلا شعرة، غير أنّه(٥)

قليل قذاة العين غير قليل

____________________

(١) ديوانه: ٣١١.

(٢) ديوانه: (كان الجمال).

(٣) البيتان في حماسة ابن الشجري: ٢٤٥، ونسبهما إلى مسلم.

(٤) البيتان في حماسة ابن الشجري: ٢٤٢، ونسبهما لابن الرومي؛ وفي حاشيتي الأصل، ف: (يقال: فلان مطروف العين بفلان؛ أي يحبه. والمعنى أنه وقع في عينه، يقال: طرفت عينه بشوكة وبحاشية ثوب؛ وأصله من طرفته إذا أصبت طرفه، ورأسته إذا أصبت رأسه).

(٥) الحماسة:

* وما شبت إلاّ شيبة غير أنّه*

٦٣٦

وله:

أهلا بوافدة للشّيب واحدة

وإن تراءت بشخص غير مودود

لا أجمع الحلم والصّهباء قد سكنت

نفسي إلى الماء عن ماء العناقيد

لم ينهني كبر عنها ولا فند

لكن صحوت وغصني غير مخضود

أوفى بي الحلم وافتاد النّهى طلقا

شأوي وعفت الصّبا من غير تفنيد(١)

وقد أحسن دعبل في قوله يصف الشباب والشيب:

كان كحلا لمآقيها فقد

صار بالشّيب لعينيها قذى

ولغيره:

رأت طالعا للشيب أغفلت أمره

فلم تتعاهده أكفّ الخواضب(٢)

فقالت: أشيب ما أرى؟ قلت: شامة

فقالت: لقد شانتك بين الحبائب(٣)

ولمحمود الورّاق - ويروى لمحمد بن حازم(٤) :

أليس عجيبا بأنّ الفتى

يصاب ببعض الّذي في يديه

فمن بين باك له موجع

وبين معزّ مغذّ إليه

ويسلبه الشيب شرخ الشباب

فليس يعزّيه خلق عليه(٥)

ولأبي دلف:

في كلّ يوم أرى بيضاء طالعة

كأنّما طلعت في أسود البصر

لئن قصصتك بالمقراض عن بصري

لما قصصتك عن همّي وعن فكري

____________________

(١) حاشية الأصل: (يقال عدا طلقا وشأوا إذا عدا عدوا شديدا إلى غاية).

(٢) حاشية الأصل (من نسخة): (تتعهده).

(٣) حاشية الأصل (من نسخة) (شامتك).

(٤) في الأصل: (محمد بن أبي حازم)، وصوابه من ف.

(٥) حاشية الأصل: (يقول: عجبت من الناس يعزي بعضهم بعضا على فوت المال، ولا يعزون على فوت الشباب).

٦٣٧

وليحيى بن خالد بن برمك(١) - ويروى لغيره:

اللّيل شيّب والنهار كلاهما

رأسي بكثرة ما تدور رحاهما

يتناهبان نفوسنا ودماءنا

ولحومنا عمدا ونحن نراهما

والشّيب إحدى الميتتين تقدّمت

أولاهما وتأخّرت أخراهما

وقد أتى الفحلان المبرّزان أبو تمام وأبو عبادة في هذا المعنى بكل غريب عجيب.

فمن ذلك قول أبي تمام:

غدا الهمّ مختطا بفودي خطّة

طريق الرّدى منها إلى الموت مهيع(٢)

هو الزّور يجفى، والمعاشر يجتوى

وذو الإلف يقلى، والجديد يرقّع

له منظر في العين أبيض ناصع

ولكنّه في القلب أسود أسفع

ونحن نرجّيه على الكره والرّضا

وأنف الفتى من وجهه وهو أجدع(٣)

وله:

شعلة في المفارق استودعتني

في صميم الفؤاد ثكلا صميما(٤)

تستثير الهموم ما اكتنّ منها

صعدا وهي تستثير الهموما

غرّة(٥) مرّة ألا إنما كنـ

ـت أغرّا أيّام كنت بهيما

____________________

(١) حاشية الأصل (من نسخة): (البرمكي).

(٢) ديوانه: ١٩٠، والشهاب: ٦؛ وحماسة ابن الشجري: ٢٤١ - ٢٤٢. وفي م قبل هذا البيت:

لئن جزع الوحشي منها لرؤيتي

لإنسيّها من شيب رأسي أجزع

وفي حماسة ابن الشجري: (غدا الشيب)، وفي م: (غدا العمر). وفي حاشية الأصل (من نسخة): (إلى النفس مهيع)، وهي رواية الديوان؛ ومهيع: واسع.

(٣) حاشية الأصل (من نسخة): (يجدع).

(٤) ديوانه: ٢٩١، وحماسة ابن الشجري: ٢٤١، والشهاب: ٧.

(٥) حاشية الأصل (من نسخة): (عرة) أي عيب.

٦٣٨

دقّة في الحياة تدعى جلالا

مثل ما سمّي اللّديغ سليما(١)

حلّمتني - زعمتم - وأراني

قبل هذا التّحليم كنت حليما

وله:

لعب الشّيب بالمفارق بل جدّ

فأبكى تماضرا ولعوبا(٢)

خضبت خدّها إلى لؤلؤ العقـ

ـد دما أن رأت شواتي خضيبا

كلّ داء يرجى الدّواء له إ

لا الفظيعين: ميتة ومشيبا

يانسيب الثّغام ذنبك أبقى

حسناتي عند الحسان ذنوبا

ولئن عبن ما رأين لقد أن

كرن مستنكرا وعبن معيبا

أو تصدّعن عن قلى لكفى بال

شيب بيني وبينهنّ حسيبا

لو رأى الله أنّ في الشّيب فضلا

جاورته الأبرار في الخلد شيبا

قال سيدنا أدام الله علوّه: وجدت الآمدي يذكر أن قوما ادّعوا المناقضة على أبي تمام في هذه الأبيات بقوله:

لعب الشّيب بالمفارق بل جدّ

فأبكى تماضرا ولعوبا

وقوله:

خضبت خدّها إلى لؤلؤ العقـ

ـد دما أن رأت شواتي خضيبا

يانسيب الثّغام ذنبك أبقى

حسناتي عند الحسان ذنوبا

وقوله:

ولئن عبن ما رأين لقد أن

كرن مستنكرا وعبن معيبا

____________________

(١) حاشية الأصل: (مثل، بني لإضافته إلى (ما)، ويجوز أن يكون صفة لمحذوف، أي تدعي جلالا دعوة مثل تسمية اللديغ سليما).

(٢) ديوانه: ٢٥، ٢٦، والشهاب: ٩.

٦٣٩

قالوا: كيف يبكين دما على شيبه ثم يعبنه!

قال الآمدي: خ خ وليس هذا بتناقض؛ لأن الشيب إنما أبكى تماضر ولعوب أسفا على شبابه، والحسان اللواتي عبنه غير هاتين المرأتين، فيكون من أشفق عليه من الشيب منهن وأسف على شبابه بكى؛ كما قال الأخطل:

لما رأت بدل الشباب بكت له

إنّ المشيب لأرذل الأبدال(١)

ولم يكن هذه حال من عابه. قال: خ خ وهذا مستقيم صحيح.

قال سيدنا أدام الله علوّه: وليس يحتاج في الاعتذار لأبي تمام إلى ما تكلفه الآمدي؛ بل المناقضة زائلة عنه على كل حال، وإن كان من قد بكى شبابه، وتلهف عليه من النساء هنّ اللواتي أنكرن شيبه، وعبنه به، وما المنكر من ذلك! وكيف يتناقض أن يبكي على شبابه ونزول شيبه منهن من رأين الشيب ذنبا وعيبا منكرا! وفي هذا غاية المطابقة؛ لأنه لا يبكي الشيب، ويجزع من حلوله وفراق الشباب إلاّ من رآه منكرا ومعيبا.

وقال أبو تمام:

راحت غواني الحي عنك غوانيا

يلبسن نأيا تارة وصدودا(٢)

من كلّ سابغة الشباب إذا بدت

تركت عميد القريتين عميدا

أرببن بالمرد الغطارف بدّنا

غيدا ألفهم لدانا غيدا

أحلى الرّجال من النّساء مواقعا

من كان أشبههم بهنّ خدودا

وقوله: (أرببن بالمرد) من أربّ بالشيء إذا لزمه، وأقام عليه، يقال: أربّ وألبّ بالمكان إذا لزمه: يريد أنهن لزمن هوى المرد وأقمن عليهم. ورواه قوم (أربين بالمرد) من الرّبا الّذي معناه الزيادة، يقال: قد أربى الرجل إذا ازداد؛ فيقول: أربين بالمرد، أي زدن علينا بهم، وجعلن للمرد زيادة اخترنها علينا(٣) .

____________________

(١) ديوانه ١٥٨

(٢) ديوانه: ٨٧ - ٨٨.

(٣) انظر الشهاب: ١٠.

٦٤٠

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679