أمالي المرتضى الجزء ٢

أمالي المرتضى14%

أمالي المرتضى مؤلف:
تصنيف: مكتبة اللغة والأدب
الصفحات: 403

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 403 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 65927 / تحميل: 9862
الحجم الحجم الحجم
أمالي المرتضى

أمالي المرتضى الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

قال محمد بن يحيى الصولي: وصف الناس صفرة اللون في العلل؛ فكلّ حكى ذلك وبلا فضيلة إلاّ البحتري:

قال أعرابي من أبيات:

جعلت وما عاينت عطرا كأنّما

جرى بين جلدي والعظام خلوق

وقال أبو تمام:

لم تشن وجهه المليح ولكن

جعلت ورد وجنتيه بهارا(١)

ولم تشن شيئا ولكنّها

بدّلت التّفّاح بالياسمين

وقال غيره:

وقال بكر بن عيسى:

علة زعفرت مورّد خدّ

كاد من رقة وري يفيض

ولأحمد بن يزيد المهلبي:

وقالوا عرت غراء حمّى شديدة

فوجنتها منها شديد صفارها

فقلت لهم: هيهات هاتيك روضة

مضى وردها عنا، وجاء بهارها

ولأبي العتاهية:

وكأنني مما تطاول بي

منك السّقام طليت بالورس

وقال ابن المعتز:

وصفّرت علته وجهه

فصار كالدّينار من حقّ(٢)

____________________

(١) ديوانه: ٤٤١.

(٢) حاشية الأصل: (كذا في ديوانه، وحق كلمة عراقية) أي حقيقة، أي هذا الّذي أقوله من جملة الحق، وقبله:

وا بأبي من جئته عائدا

فزادني عشقا على عشق

٤١

وقال البحتري:

بدت صفرة في لونه إنّ حمدهم

من الدّرّ ما اصفرّت نواحيه في العقد

وجرّت على الأيدي مجسّة كفّه

كذلك موج البحر ملتهب الوقد

وما الكلب محموما، وإن طال عمره

ولكنّما الحمّى على الأسد الورد

قال سيدنا أدام الله تمكينه: أما تشبيهه صفرة اللون بصفرة الدرّ فهو تشبيه مليح موافق لغرضه؛ إلاّ أنه أخطأ في قوله:

إنّ حمدهم

من الدّر ما اصفرّت نواحيه في العقد

لأن ذلك ليس بمحمود بل مذموم؛ ولو شبّه وترك التعليل لكان أجود.

***

وروى أبو العباس أحمد بن فارس المنبجي قال حدّثنا أبو أحمد عبيد الله بن يحيى بن البحتري قال حدثني أبي قال حدثني جدّي البحتري قال: كنت عند أبي العباس المبرّد، فتذاكرنا شعر عمارة بن عقيل، فقال لي: لقد أحسن عمارة في قوله لخالد بن يزيد لما وجّه إليه بهذين البيتين:

لم أستطع سيرا لمدحة خالد

فجعلت مدحيه إليه رسولا

فليرحلنّ إلى نائل خالد

وليكفينّ رواحلي التّرحيلا

قال البحتري: فقلت له: لمروان بن أبي حفصة في عبد الله بن طاهر - وقد أتاه نائله من الجزيرة ما هو أحسن من هذا - وأنشدته:

لعمري لنعم الغيث غيث أصابنا

ببغداد من أرض الجزيرة وابله

فكنّا كحي صبّح الغيث أهله

ولم ترتحل أظعانه ورواحله

فقال: نعم، هذا أحسن، فقلت له: إن لي في بني السّمط - وقد أتاني برّهم من حمص ما لا يتضع عن الجميع وأنشدته:

٤٢

جزى الله خيرا - والجزاء بكفّه

بني السّمط أخدان السّماحة والمجد

هم وصلوني والمهامة بيننا

كما ارفضّ غيث من تهامة في نجد

فقال: هذا والله أرقّ مما قالا وأحسن.

***

وروى أحمد بن فارس المنبجي عن عبيد الله بن يحيى بن البحتري قال حدثنا أبي عن جماعة من أهل العلم والأدب، منهم يموت بن المزرّع قال: قلت لأبي عثمان الجاحظ: من أنسب العرب؟ فقال: الّذي يقول:

عجلت إلى فضل الخمار فأثّرت

عذباته بمواضع التّقبيل(١)

وهذا للبحتري في القصيدة التي أوّلها:

* صبّ يخاطب مفحمات طلول(٢) *

قال سيدنا: وفي نسيب هذه القصيدة بيت ليس يقصر في ملاحة الكلام ورشاقته، وأخذه بمجامع القلوب عن البيت الّذي فضله به الجاحظ، وهو:

أأخيب عندك والصّبا لي شافع

وأردّ دونك والشّباب رسولي

وفي مديح هذه القصيدة بيت معروف بفرط الحسن، وهو:

لا تطلبنّ له الشّبيه فإنّه

قمر التأمّل مزنة التأميل

***

وبهذا الإسناد عن يحيى بن البحتري قال: انصرفت يوما من مجلس أبي العباس محمد بن يزيد المبرّد فقال لي البحتري أبي: ما الّذي أفدت يومك هذا من أبي العباس؟ قلت:

أملى عليّ أخبارا حسنة، وأنشدني أبياتا للحسين بن الضحاك، فقال أبي: أنشدني الأبيات، فأنشدته:

كأنّي إذا فارقت شخصك ساعة

لفقدك بين العالمين غريب

____________________

(١) عذاباته: جوانبه وأهدابه.

(٢) ديوانه ٢: ٢٠٥ - ٢٠٧.

٤٣

وقد رمت أسباب السّلوّ فخانني

ضمير عليه من هواك رقيب

أغرّك صفحي عن ذنوب كثيرة

وغضّي على أشياء منك تريب

كأن لم يكن في النّاس قبلي متيّم

ولم يك في الدّنيا سواك حبيب

إلى الله أشكو إن شكوت فلم يكن

لشكواي من عطف الحبيب نصيب

فقال: ما أحسن هذا الكلام! وأنشدني لنفسه:

حبيبي حبيب يكتم النّاس أنّه

لنا حين تلقانا العيون حبيب

يباعدني في الملتقى وفؤاده

وإن هو أبدى لي البعاد قريب

ويعرض عنّي والهوى منه مقبل

إذا خاف عينا أو أشار رقيب

فتنطق منّا أعين حين نلتقي

وتخرس منّا ألسن وقلوب

ثم قال: ارويا بنيّ هذين؛ فإنهما من حسن الشّعر وطريفه.

***

روى أحمد بن فارس المنبجيّ عن أبي نصر محمد بن إسحاق النحوي قال: سمعت بعض أهل الأدب يقول للزجاج: قد كنت تعرف أبا العباس المبرّد وكبره، وأنه لم يكن يقوم لأحد ولا يتطاول له، وينشد إذا أشرف عليه الرجل:

* ثهلان ذو الهضبات لا يتحلحل(١) *

ولقد رأيته يوما وقد دخل عليه رجل متدرع، فقام إليه أبو العباس فاعتنقه وتنحّى عن موضعه وأجلسه، فجعل الرجل يكفه ويستعفيه من ذلك؛ فلما أكثر من ذلك عليه أنشده أبو العباس:

أتنكر أن أقوم وقد بدا لي

لأكرمه وأعظمه هشام

فلا تنكر مبادرتي إليه

فإنّ لمثله خلق القيام(١)

فلما انصرف الرجل سألت عنه فقيل لي هذا البحتري.

____________________

(١) البيتان والخبر في طبقات النحويين واللغويين للزبيدي: ١١٤.

٤٤

مجلس آخر

[٥٣]

تأويل آية :( لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ الله رَبَّ الْعالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ )

إن سأل سائل عن قوله تعالى في قصة قابيل وهابيل حاكيا عن هابيل:( لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ الله رَبَّ الْعالَمِينَ. إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ ) ؛ [المائدة: ٢٨، ٢٩].

فقال: كيف يجوز أن يخبر عن هابيل - وقد وصفه بالتقوى والطاعة - بأنه يريد أن يبوء أخوه بالإثم؛ وذلك إرادة القبيح، وإرادة القبيح قبيحة عندكم على كل حال؛ ووجه قبحها كونها إرادة لقبيح، وليس قبحها مما يتغير؟

وكيف يصحّ أن يبوء القاتل بإثمه وإثم غيره؟ وهل هذا إلا ما تأبونه من أخذ البريء بجرم السقيم؟

الجواب، قلنا: جواب أهل الحق عن هذه الآية معروف؛ وهو أن هابيل لم يرد من أخيه قبيحا، ولا أراد أن يقتله، وإنما أراد ما خبر الله تعالى عنه من قوله:( إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ ) ؛ أي إني أريد أن تبوء بجزاء ما أقدمت عليه من القبيح وعقابه، وليس بقبيح أن يريد نزول العقاب المستحق بمستحقّه. ونظير قوله: (إثمي) ؛ مع أن المراد به عقوبة إثمي؛ الّذي هو قتلي قول القائل لمن يعاقب على ذنب جناه: هذا ما كسبت يداك، والمعنى: هذا جزاء ما كسبت يداك، وكذلك قولهم لمن يدعون عليه: لقّاك الله عملك، وستلقى عملك يوم القيامة، معناه ما ذكرناه.

٤٥

فإن قيل: كيف يجوز أن يحسن إرادة عقاب غير مستحق لم يقع سببه؛ لأن القتل على هذا القول لم يكن واقعا؟

قلنا: ذلك جائز بشرط وقوع الأمر الّذي يستحقّ به العقاب؛ فهابيل لمّا رأى من أخيه التصميم على قتله، والعزم على إمضاء القبيح فيه، وغلب على ظنه وقوع ذلك جاز أن يريد عقابه؛ بشرط أن يفعل ما همّ به، وعزم عليه.

فأما قوله:( بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ ) فالمعنى فيه واضح لأنه أراد بإثمي عقاب قتلك لي وبإثمك أي عقاب المعصية التي أقدمت عليها من قبل؛ فلم يتقبل قربانك لسببها، لأن الله تعالى أخبر عنهما بأنهما:( قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ ) ، وأن العلة في أن قربان أحدهما لم يتقبل أنه غير متق، وليس يمتنع أن يريد بإثمي ما ذكرناه؛ لأن الإثم مصدر، والمصادر قد تضاف إلى الفاعل والمفعول جميعا، وذلك مستعمل مطرد في القرآن والشعر والكلام.

فمثال ما أضيف إلى الفاعل قوله تعالى:( وَلَوْ لا دَفْعُ الله النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ) ؛ [الحج: ٤٠] ومن إضافته إلى المفعول قوله تعالى:( لا يَسْأَمُ الآنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ ) ؛ [فصلت: ٥١] وقوله تعالى:( لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ ) ؛ [ص: ٢٤].

ومما جاء في الشعر من إضافته إلى المفعول ومعه الفاعل قول الشاعر:

أمن رسم دار مربع ومصيف

لعينيك من ماء الشّئون وكيف(١)

____________________

(١) البيت للحطيئة، ديوانه: ٣٩؛ وهو مطلع قصيدة يمدح فيها سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص؛ حينما كان واليا على المدينة. الشئون: مجاري الدمع من الرأس إلى العين؛ واحدها شأن، وو كيف:

مصدر وكف، أي سال. وفي حاشية الأصل:) يقول: أأن رسم دارا مربع ومصيف بكيت! والمربع والمصيف واردان مورد المصدر، فلذلك عملا في رسم دار).

٤٦

وفي الكلام: يقول القائل: أعجبني ضرب عمرو خالدا، إذا كان (عمرو) فاعلا، وضرب عمرو خالد إذا كان (عمرو) مفعولا.

وقد ذكر قوم في الآية وجها آخر؛ وهو أن يكون المراد: إني أريد زوال أن تبوء بإثمي وإثمك؛ لأنه لم يرد له إلا الخير والرّشد؛ فحذف (الزوال)، وأقام (أن) وما اتصل بها مقامه؛ كما قال تعالى:( وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ ) ؛ [البقرة: ٩٣] أراد (حبّ العجل) فحذف (الحب) وأقام (العجل) مقامه، وكما قال تعالى:( وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ ) ؛ [يوسف: ٨٢]، وهذا قول بعيد، لأنه لا دلالة في الكلام على محذوف، وإنما تستحسن العرب الحذف في بعض المواضع لاقتضاء الكلام المحذوف ودلالته عليه.

وذكر أيضا وجه آخر وهو أن يكون المعنى: إني أريد ألاّ تبوء بإثمي وإثمك، أي أريد ألاّ تقتلني ولا أقتلك، فحذف (لا) واكتفى بما في الكلام(١) ، كما قال تعالى:( يُبَيِّنُ الله لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا ) ؛ [النساء: ١٧٦]، معناه ألاّ تضلوا، وكقوله تعالى:( وَأَلْقى فِي الأرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ) ؛ [النحل: ١٥]، معناه ألا تميد بكم، وكقول الخنساء:

فأقسمت آسى على هالك

وأسأل نائحة ما لها(٢)

أرادت: (لا آسى).

وقال امرؤ القيس:

فقلت يمين الله أبرح قاعدا

ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي(٣)

أراد (لا أبرح).

____________________

(١) حاشية الأصل (من نسخة): (بباقي الكلام) :

(٢) ديوانها، ٢٠٢ والرواية هناك:

يد الدّهر آسى على هالك

وأسأل نائحة ما لها

(٣) ديوانه: ٥٨.

٤٧

وقال عمرو بن كلثوم:

نزلتم منزل الأضياف منّا

فعجّلنا القرى أن تشتمونا(١)

أراد ألاّ(٢) تشتمونا؛ والشواهد في هذا كثيرة جدّا.

وهذا الجواب يضعّفه كثير من أهل العربية؛ لأنهم لا يستحسنون إضمار (لا) في مثل هذا الموضع.

فأما قوله تعالى حاكيا عنه:( لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ) ؛ فقال قوم من المفسرين: إن القتل على سبيل الانتصار والمدافعة لم يكن مباحا في ذلك الوقت؛ وإن الله تعالى أمره بالصبر عليه، وامتحن بذلك، ليكون هو المتولّي للانتصاف.

وقال آخرون: بل المعنى أنك إن بسطت إلى يدك مبتدئا ظالما لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك على وجه الظلم والابتداء؛ فكأنه نفى عن نفسه القتل القبيح، وهو الواقع على سبيل الظلم.

والظاهر من الكلام بغير ما ذكر من الوجهين أشبه، لأنه تعالى خبّر عنه أنه وإن بسط أخوه إليه يده ليقتله لا يبسط يده ليقتله؛ أي وهو مريد لقتله ومخير(٣) إليه؛ لأن هذه اللام بمعنى (كي)، وهي منبئة عن الإرادة والغرض؛ ولا شبهة في حظر ذلك وقبحه؛ ولأن المدافع إنما تحسن منه المدافعة للظالم طلبا للتخلص(٤) من غير أن يقصد إلى قتله أو الإضرار به؛ ومتى قصد ذلك كان في حكم المبتدئ بالقتل؛ لأنه(٥) فاعل القبيح، والعقل شاهد بوجوب التخلص من المضرة بأي وجه يمكن منه؛ بعد أن يكون غير قبيح.

____________________

(١) من المعلقة، ص ٢٣٥ - بشرح التبريزي.

(٢) حاشية الأصل (من نسخة): (لئلا تشتمونا).

(٣) حاشية ف (من نسخة): (مختار له).

(٤) من نسخة بحاشيتي الأصل، ف: (طلبا للنجاة)، م: (طلب التخلص).

(٥) من نسخة بحاشيتي الأصل، ف: (في أنه).

٤٨

فإن قيل: فكأنكم تمنعون من حسن امتحان الله تعالى بالصبر على ترك الانتصار والمدافعة وتوجبونهما على كل حال!

قلنا: لا نمنع من ذلك؛ وإنما بيّنا أن الآية غير مقتضية لتحريم المدافعة والانتصاف؛ على ما ذهب إليه قوم؛ لأن قوله:( لَأَقْتُلَنَّكَ ) يقتضي أن يكون البسط لهذا الغرض؛ والمدافعة لا تقتضي ذلك، ولا يحسن من المدافع أن يجري بها إلى ضرر(١) ؛ فلا دلالة في الآية على تحريم المدافعة، ووجب أن يكون ما ذكرناه أولى بشهادة الظاهر.

تأويل خبر [ (لا يموت لمؤمن ثلاثة من الأولاد فتمسه النار إلا تحلّة القسم.]

إن سأل سائل عن معنى الخبر الّذي رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (لا يموت لمؤمن ثلاثة من الأولاد فتمسه النار إلا تحلّة القسم.

الجواب، قيل له: أما أبو عبيد القاسم بن سلاّم فإنه قال: يعني بتحلّة القسم قوله تعالى:

( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا ) ؛ [مريم: ٧١]، فكأنه قال عليه السلام: لا يرد النار إلا بقدر ما يبرّر الله قسمه.

وأما ابن قتيبة فإنه قال في تأويل أبي عبيد: هذا مذهب حسن من الاستخراج؛ إن كان هذا قسما.

قال: وفيه مذهب آخر أشبه بكلام العرب ومعانيهم؛ وهو أن العرب إذا أرادوا تقليل مكث الشيء وتقصير مدّته شبهوه بتحلّة القسم؛ وذلك أن يقول الرجل بعد حلفه: إن شاء الله، فيقولون: ما يقيم فلان عندنا إلا تحلّة القسم، وما ينام العليل إلا كتحليل الأليّة، وهو كثير مشهور.

قال ابن أحمر(٢) وذكر الريح:

____________________

(١) ف، وحاشية الأصل (من نسخة): (إلى الضرر).

(٢) ف: (مزاحم بن أحمر).

٤٩

إذا عصبت رسما فليس بدائم

به وتد إلا تحلّة مقسم(١)

يقول: لا يثبت الوتد إلاّ قليلا كتحلّة القسم، لأن هبوب الريح يقلعه.

وقال آخر(٢) يذكر ثورا:

يخفي التّراب بأظلاف ثمانية

في أربع، مسّهنّ الأرض تحليل(٣)

يقول: هو سريع خفيف؛ فقوائمه لا تثبت في الأرض إلا كتحليل اليمين.

وقال ذو الرّمة:

طوى طيّه فوق الكرى جفن عينه

على رهبات من جنان المحاذر(٤)

قليلا كتحليل الألى ثمّ قلّصت

به شيمة روعاء تقليص طائر(٥)

والألى: جمع ألوة، وهي اليمين.

قال: ومعنى الخبر على هذا التأويل أن النار لا تسمه إلا قليلا كتحليل اليمين ثم ينجّيه الله منها.

وقال أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري: الصواب قول أبي عبيد، لحجج ثلاث:

منها أن جماعة من كبار أهل العلم فسّروه على تفسير أبي عبيد.

ومنها أنه ادّعى أن النار تمسّ الّذي وقعت منزلته عند الله جليلة، لكن مسّا قليلا، والقليل لا يقع به الألم العظيم؛ وليس صفة الأبرار في الآخرة صفة من تمسّه النار لا قليلا ولا كثيرا.

____________________

(١) حاشية الأصل: (أي ضمته وأحاطت به). وفي ف، ش: (عصفت).

(٢) هو عبدة بن الطبيب، من قصيدة له في المفضليات ١٣٥ - ١٤٥ (طبعة المعارف).

(٣) في حاشيتي الأصل، ف: (يخفي [بفتح الياء]، أي يظهر ويثير؛ يقال: أخفى إذا ستر، وخفى إذا ظهر). في أربع: أربع قوائم، في كل قائمة ظلفان. تحليل: تحلة القسم؛ كأنه أقسم أن يمس الأرض؛ فهو يتحلل من قسمه بأدنى مس.

(٤) ديوانه: ٢٦٤؛ وفي حاشية الأصل: (يصف صاحب سفر أغفى إغفاءة ثم انتبه سريعا).

(٥) قلصت؛ أي ارتفعت. والشيمة: الطبيعة. روعاء: حديدة.

٥٠

ومنها أنّ أبا عبيد لم يحكم على هذا المصاب بولده بمسّ النار، وإنما حكم عليه بالورود، والورود لا يوجب ألاّ يكون من الأبرار؛ لأن (إلاّ) معناه الاستثناء المنقطع، فكأنه قال: فتمسّه النار لكن تحلّة اليمين، أي لكن ورود النار لا بدّ منه، فجرى مجرى قول العرب: سار الناس إلا الأثقال، وارتحل العسكر إلاّ أهل الخيام، وأنشد الفرّاء:

وسمحة المشي شملال قطعت بها

أرضا يحار بها الهادون ديموما(١)

مهامها وحزونا لا أنيس بها

إلاّ الصّوايح والأصداء والبوما(٢)

وأنشد الفراء أيضا:

ليس عليك عطش ولا جوع

إلاّ الرقاد، والرّقاد ممنوع

فمعنى الحديث: لا يموت للمسلم ثلاثة من الولد فتمسه النار البتة، لكن تحلّة اليمين لا بدّ منها، وتحلّة اليمين الورود، والورود لا يقع فيه مسّ.

وقال أبو بكر: وقد سنح لي فيه قول آخر: وهو أن تكون (إلا) زائدة دخلت للتوكيد، و (تحلّة) اليمين منصوب على الوقت والزمان، ومعنى الخبر: فتمسه النار، وقت تحلّة القسم، و (إلا) زائدة.

قال الفرزدق شاهدا لهذا:

هم القوم إلاّ حيث سلّوا سيوفهم

وضحّوا بلحم من محلّ ومحرم(٣)

معناه: هم القوم حيث سلّوا سيوفهم، و (إلا) مؤكدة.

وقال الأخطل:

يقطّعن إلاّ من فروع يردنها

بمدحة محمود نثاه ونائله(٤)

معناه يقطعون من فروع يردنها، والفروع: الواسعة من الأرض.

____________________

(١) سمحة المشي: سهلة المشي. والشملال: الناقة السريعة. والديموم والديمومة. الفلاة يدوم السير فيها لبعدها.

(٢) لا أنيس بها: لا أحد بها. والضوابح: جمع ضابح، والضباح صوت الثعالب. والأصداء:

جمع صدى، وهو الهامة.

(٣) ديوانه ٢: ٧٦٠.

(٤) ديوانه: ٦٣ ومن نسخة بحاشيتي الأصل، ف: (ويقطعن). وفي الديوان:

* إليكم من الأغوار حتى يزرنكم*

٥١

قال سيدنا أدام الله تمكينه: والوجوه المذكورة في تأويل الخبر كالمتقاربة(١) ، إلا أن الوجه الّذي اختص به ابن الأنباري فيه أدنى تعسّف وبعد؛ من حيث جعل (إلاّ) زائدة، وذلك كالمستضعف عند جماعة من أهل العربيّة.

وقد تبقّى في الخبر مسألة، التشاغل بالجواب عنها أولى مما تكلّفه القوم، وهي متوجّهة على كل الوجوه التي ذكروها في تأويله.

وهو أن يقال: كيف يجوز أن يخبر عليه السلام بأنّ من مات له ثلاثة من الولد لا تمسّه النار إما جملة، أو مقدار تحلة القسم؛ وهو النهاية في القلة! أو ليس ذلك يوجب أن يكون إغراء بالذنوب لمن هذه حاله! وإذا كان من يموت وله هذا العدد من الأولاد غير خارج عن التكليف، فكيف يصحّ أن يؤمّن من العقاب!

والجواب عن ذلك، أنّا قد علمنا أو لا خروج هذا الخبر مخرج المدحة لمن هذه صفته والتخصيص له والتمييز، ولا مدحة في مجرد موت الأولاد؛ لأن ذلك لا يرجع إلى فعله، فلا بدّ من أن يكون تقدير الكلام: إنّ النار لا تمسّ المسلم الّذي يموت له ثلاثة أولاد؛ إذا حسن صبره واحتسابه وعزاؤه، ورضاه بما جرى به القضاء عليه؛ لأنه بذلك يستحقّ الثواب والمدح؛ وإذا كان إضمار الصبر والاحتساب لا بدّ منه لم يكن في القول إغراء؛ لأن كيفية وقوع الصبر والوجه الّذي إذا وقع عليه تفضّل الله سبحانه بغفران ما لعلّه أن يستحقّه من العقاب في المستقبل وإذا لم يكن معلوما، فلا وجه للاغراء.

وأكثر ما في هذا الكلام أن يكون القول مرغّبا في حسن الصبر، وحاثّا عليه رغبة في الثواب، ورجاء لغفران ما لعلّه أن يستحق في المستقبل من العقاب؛ وهذا واضح لمن تأمله.

____________________

(١) م، (متقاربة).

٥٢

مجلس آخر

[٥٤]

تأويل آية :( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً )

إن سأل سائل عن قوله تعالى:( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ) ؛ [البقرة: ٧٤].

فقال: ما معنى أَوْ هاهنا؟ أو ظاهرها يفيد الشك الّذي لا يجوز عليه تعالى.

الجواب، قلنا في ذلك وجوه:

أوّلها أن تكون أَوْ هاهنا للإباحة كقولهم: جالس الحسن أو ابن سيرين؛ والق الفقهاء أو المحدّثين، ولم يريدوا الشك؛ بل كأنهم قالوا: هذان الرجلان أهل للمجالسة، وهذان القبيلان أهل للّقاء؛ فإن جالست الحسن فأنت مصيب، وإن جالست ابن سيرين فأنت مصيب، وإن جمعت بينهما فكذلك.

فيكون معنى الآية على هذا: إن قلوب هؤلاء قاسية متجافية عن الرّشد والخير، فإن شبّهتم قسوتها بالحجارة أصبتم، وإن شبّهتموها بما هو أشدّ أصبتم، وإن شبهتموها بالجميع فكذلك.

وعلى هذا يتأوّل قوله تعالى:( أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ ) ؛ [البقرة: ١٩]، لأن أَوْ لم يرد بها الشكّ بل على نحو الّذي ذكرناه، من أنكم إن شبهتموهم بالذي استوقد نارا فجائز، وإن شبهتموهم بأصحاب الصيّب فجائز، وإن شبهتموهم بالجميع فكذلك.

وثانيها أن تكون أَوْ دخلت للتفصيل والتمييز، ويكون معنى الآية: إن قلوبهم قست، فبعضها ما هو كالحجارة في القسوة، وبعضها ما هو أشد قسوة منها.

٥٣

ويجري ذلك مجرى قوله تعالى:( وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا ) ؛ [البقرة: ١٣٥] معناه: وقال بعضهم: كونوا هودا - وهم اليهود - وقال بعضهم: كونوا نصارى وهم النصارى - فدخلت أَوْ للتفصيل.

وكذلك قوله تعالى:( وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ ) [الأعراف: ٤] معناه فجاء بعض أهلها بأسنا بياتا، وجاء بعض أهلها بأسنا في وقت القيلولة.

وقد يحتمل قوله تعالى:( أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ ) هذا الوجه أيضا، ويكون المعنى أن بعضهم يشبه الّذي استوقد نارا، وبعضهم يشبه أصحاب الصيب.

وثالثها أن يكون أَوْ دخلت على سبيل الإبهام فيما يرجع إلى المخاطب، وإن كان الله تعالى عالما بذلك غير شاك فيه، لأنه تعالى لم يقصد في إخبارهم عن ذلك إلا التفصيل؛ بل علم عز وجلّ أن خطابهم بالإجمال أبلغ في مصلحتهم، فأخبر تعالى أنّ قسوة قلوب هؤلاء الذين ذمّهم كالحجارة أو أشد قسوة، والمعنى أنها كانت كأحد هذين لا يخرج عنهما.

ويجري ذلك مجرى قولهم: ما أطعمتك إلا حلوا أو حامضا، فيبهمون على المخاطب ما يعلمون أنه لا فائدة في تفصيله؛ والمعنى: ما أطعمتك إلا أحد هذين الضّربين.

وكذلك يقول أحدهم: أكلت بسرة أو ثمرة؛ وهو قد علم ما أكل على التفصيل إلا أنه أبهمه على المخاطب، قال لبيد:

تمنّى ابنتاي أن يعيش أبوهما

وهل أنا إلاّ من ربيعة أو مضر(١)

أراد: هل أنا إلاّ من أحد هذين الجنسين(٢) ، فسبيلي أن أفنى كما فنيا؛ وإنما حسن ذلك لأن قصده الّذي أجرى إليه، وغرضه الّذي نحاه وهو أن يخبر بكونه ممن يموت ويفنى، ولا يخلّ به إجمال ما أجمل من كلامه، فأضرب عن التفصيل؛ لأنه لا فائدة فيه، ولأنه سواء

____________________

(١) ديوانه: ٢: ١.

(٢) ش (الحيين).

٥٤

كان من ربيعة أو مضر فموته واجب. وكذلك الآية، لأن الغرض فيها أن يخبر تعالى عن شدة قسوة قلوبهم، وأنها مما لا تنثني لوعظ، ولا تصغي إلى حق، فسواء كانت في القسوة كالحجارة أو أشد منها، فقد تم ما أجرى إليه من الغرض في وصفها وذمّها، وصار تفصيل تشبيهها بالحجارة وبما هو أشد قسوة منها كتفصيل كونه من ربيعة أو مضر؛ في أنه غير محتاج إليه، ولا يقتضيه الغرض في الكلام.

ورابعها أن تكون أَوْ بمعنى (بل) كقوله تعالى:( وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ) (١) [الصافات: ١٤٧] معناه: بل يزيدون.

وروي عن ابن عباس في قوله تعالى:( وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ) ؛ قال: كانوا مائة ألف وبضعا وأربعين ألفا. وأنشد الفراء:

بدت مثل قرن الشمس في رونق الضّحا

وصورتها، أو أنت في العين أملح(٢)

وقد تكون (أم) في الاستفهام أيضا بمعنى (بل)، كقول القائل: أضربت عبد الله أم أنت رجل متعنت؟ معناه: بل أنت رجل متعنت.

وقال الشاعر:

فو الله ما أدري أسلمى تغوّلت،

أم النّوم، أم كلّ إلي حبيب!

معناه: بل كلّ.

وقد طعن بعضهم على هذا الجواب فقال: وكيف يجوز أن يخاطبنا تعالى بلفظة بل؛ وهي تقتضي الاستدراك والنقض للكلام الماضي والإضراب عنه، وليس ذلك بشيء.

أما الاستدراك فإن أريد به الاستفادة أو التذكر لما لم يكن معلوما فليس بصحيح، لأن

____________________

(١) في حاشيتي الأصل، ف: (قال ابن جني: الغرض في قوله تعالى:( أَوْ يَزِيدُونَ ) أنهم بحيث يحزرهم الحازر فيقول: هم مائة ألف أو يزيدون، فحكى على موجب الحزر).

(٢) ف، وحاشية الأصل (من نسخة): (وصورتها) بالضم. والمعنى: وصورة الشمس في العين أملح؛ بل أنت).

٥٥

أحدنا قد يقول: أعطيته ألفا بل ألفين، وقصدته دفعة بل دفعتين؛ وهو عالم في ابتداء كلامه بما أخبر به في الثاني، ولم يتجدد به علم، وإن أريد به الأخذ في كلام غير الماضي، واستئناف زيادة عليه فهو صحيح؛ ومثله جائز عليه تعالى.

فأما النقض للكلام الماضي فليس بواجب في كل موضع تستعمل فيه لفظة (بل)، لأن القائل إذا قال: أعطيته ألفا بل ألفين لم ينقض الأول؛ وكيف ينقضه؛ والأول داخل في الثاني وإنما زاد عليه! وإنما يكون ناقضا للماضي إذا قال: لقيت رجلا بل حمارا؛ وأعطيته درهما بل ثوبا؛ لأن الأول لم يدخل في الثاني على وجه، وقوله تعالى:( أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ) غير ناقض للأول، لأنها لا تزيد في القسوة على الحجارة إلا بعد أن تساويها، وإنما تزيد المساواة.

وخامسها أن تكون أَوْ بمعنى الواو كقوله:( أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ ) ؛ [النور: ٦١]، معناه: وبيوت آبائكم، قال جرير:

نال الخلافة أو كانت له قدرا

كما أتى ربّه موسى على قدر(١)

وقال توبة بن الحمير:

وقد زعمت ليلى بأنّي فاجر

لنفسي تقاها، أو عليها فجورها(٢)

وقال جرير أيضا:

أثعلبة الفوارس أم رياحا

عدلت بهم طهيّة والخشابا(٣)

أراد: أو رياحا.

____________________

(١) ديوانه: ٢٧٥؛ والبيت من قصيدة يمدح فيها عمر بن عبد العزيز؛ مطلعها:

لجّت أمامة في لومي وما علمت

عرض السماوة روحاتي ولا بكري

(٢) أمالي القالي: ١: ١٣١.

(٣) ديوانه: ٦٦؛ من قصيدته المشهورة التي يذم فيها الراعي؛ ومطلعها:

أقلّي اللوم عاذل والعتابا

وقولي إن أصبت لقد أصابا

٥٦

وقال آخر(١) :

فلو كان البكاء يردّ شيئا(٢)

بكيت على بجير أو عفاق

على المرءين إذ هلكا جميعا

لشأنهما بشجو واشتياق(٣)

أراد على بجير وعفاق.

وقد حكى المفضل بن سلمة هذا الوجه عن قطرب، وطعن عليه بأن قال: ليس شيء يعلم أشدّ قسوة عند المخاطبين من الحجارة، فينسق به عليها(٤) ؛ وإنما يصح ذلك في قولهم:

أطعمتك تمرا أو أحلى منه، لأن أحلى منه معلوم.

واختار المفضل الوجه الّذي يتضمن أن أَوْ بمعنى (بل).

وهذا الّذي طعن به المفضّل ليس بشيء، لأنهم وإن لم يشاهدوا أو يعرفوا ما هو أشدّ قسوة من الحجارة فصورة قسوة الحجارة معلومة لهم، ويصحّ أن يتصوروا ما هو أشد قسوة منها، وما له الزيادة عليها؛ لأن قدرا ما إذا عرف صح(٥) أن يعرف ما هو أزيد منه أو أنقص،

____________________

وهي القصيدة التي تسميها العرب: الفاضحة. والبيت من شواهد الكتاب (١: ٥٢) استشهد به على نصب (ثعلبة)، بإضمار فعل دل عليه ما بعده؛ فكأنه قال: أظلمت ثعلبة، عدلت بهم طهية، ونحوه من التقدير. وأورده أيضا في (١: ٤٨٩) شاهدا على دخول (أم) عديلة للألف. وفي حاشية الأصل: (كأنه قال: أأخملت ثعلبة الفوارس فعدلت بهم طهية والخشاب!).

(١) البيتان في اللسان (عفق)؛ ونقل عن ابن بري أنهما لمتمم بن نويرة، وعفاق: اسم رجل أكلته باهلة في قحط أصابهم.

(٢) حاشية الأصل (من نس خة): (ميتا)

(٣) رواية اللسان:

هما المرءان إذ ذهبا جميعا

لشأنهما بحزن واشتياق

وذكر أن بسطام بن قيس أغار على بني يربوع فقتل عفاقا وقتل بجيرا أخاه بعد قتله عفاقا في العام الأول، وأسر أباهما أبا مليك، ثم أعنقه وشرط عليه ألا يغير عليه؛ قال ابن بري: ويقوي قول من قال إن باهلة أكلته قول الراجز:

إنّ عفاقا أكلته باهله

تمششوا عظامه وكاهله

(٤) حاشية ف: (النسق أن تعطف كلاما على كلام، والنسق الترتيب).

(٥) م: (جاز).

٥٧

لأن الزيادة والنقصان إنما يضافان إلى معلوم معروف، على أن الآية خرجت مخرج المثل، وأراد تعالى بوصف قلوبهم بالزيادة في القسوة على الحجارة أنها قد انتهت إلى حد لا تلين معه للخير على وجه من الوجوه، وإن كانت الحجارة ربما لانت وانتفع بها، فصارت من هذا الوجه كأنها أشدّ قسوة منها تمثيلا وتشبيها.

فقول المفضل: (ليس يعرفون ما هو أقسى من الحجارة) لا معنى له إذا كان القول على طريق المثل.

وبعد؛ فإن الّذي طعن به على هذا الجواب يعترض على الوجه الّذي اختاره، لأنه إذا اختار أنّ أَوْ في الآية بمعنى (بل) فكيف جاز بأن يخبرهم بأنّ قلوبهم أشدّ قسوة من الحجارة، وهم لا يعرفون ما هو أقسى من الحجارة! وإذا جاز أن يقول لهم: بل قلوبهم أقسى مما يعرفون من الحجارة جاز أن يخبر عن مثل ذلك بالواو فيقول: قلوبهم كالحجارة التي يعرفون في القسوة، وهي مع ذلك تزيد عليها.

فإن قال [قائل](١) كيف يكون أَوْ في الآية بمعنى الواو، والواو للجمع، وليس يجوز أن تكون قلوبهم كالحجارة، وأشد من الحجارة في حالة واحدة؛ لأن الشيء إذا كان على صفة لم يجز أن يكون على خلافها!

قلنا: قد أجاب بعضهم عن هذا الاعتراض بأن قال: ليس يمتنع أن تكون قلوبهم كالحجارة في حال، وأشد من الحجارة في حال أخرى؛ فيصحّ المعنى، ولا يتنافى، وهذا قريب، ويكون فائدة هذا الجواب أن قلوب هؤلاء في بعض الأحوال مع القسوة والعدول عن قبول(٢) الحق والفكر فيه؛ ربما لانت بعض اللين؛(٣) وهمّت بالانعطاف، وكادت تصغي إلى الحق فتكون في هذه الحال كالحجارة التي ربما لانت(٣) ، وفي حال أخرى تكون في نهاية البعد عن الخير(٤) والنفور عنه، فتكون في هذا الحال أشدّ قسوة من الحجارة.

____________________

(١) من ف.

(٢) م: (تصور).

(٣ - ٣) ساقط من م

(٤) م: (الحق).

٥٨

على أنه يمكن في الجواب عن هذا الاعتراض وجه آخر؛ وقد تقدم معناه في بعض كلامنا، وهو أن قلوبهم لا تكون أشدّ من الحجارة إلا بعد أن يكون فيها قسوة الحجارة؛ لأن القائل إذا قال: فلان أعلم من فلان فقد أخبر أنه زائد عليه في العلم الّذي اشتركا فيه؛ فلا بدّ من الاشتراك ثم الزيادة، فليس هاهنا تناف على ما ظنّ المعترض، ولا إثبات لصفة ونفيها، فكل هذا واضح(١) بحمد الله.

***

قال سيدنا أدام الله تمكينه: وإني لأستحسن من الشعر قول الأحوص بن محمد الأنصاري:

ومولى سخيف الرّأي رخو تزيده

أناتي، وعفوي(٢) جهله عنده ذمّا(٣)

دملت، ولولا غيره لأصبته

بشنعاء باق عارها تقر العظما(٤)

طوى حسدا ضغنا عليّ كأنّما

أداوي به في كلّ مجمعة كلما(٥)

ويجهل أحيانا فلا يستخفّني

ولا أجهل العتبى إذا راجع الحلما(٦)

يصدّ وينأى في الرّخاء بودّه

ويدعو ويدعوني إذا خشي الهضما

فيفرج عنه أربة الخصم مشهدي

وأدفع عنه عند عثرته الظّلما

الإربة: الدهاء، والإربة: العقدة، وكلا المعنيين يحتمل لفظ البيت -

وكنت امر أعود(٧) الفعال تهزّني

مآثر مجد تالد لم يكن زعما

____________________

(١) م: (بين).

(٢) ف، حاشية الأصل (من نسخة): (غفرى).

(٣) في حاشيتي الأصل، ف: (أي كلما غفرت جهله زادني ذما).

(٤) دملت: داريت وداجيت؛ ويقال: (ادمل القوم) ؛ أي اطوهم على ما فيهم؛ ومنه قول ابن الطيفان:

ومولى كمولى الزّبرقان دملته

كما اندملت ساق يهاض بها الكسر

وتقر العظم: تصدعه وتكسره. وشنعاء، أي قصيدة في الهجو.

(٥) من نسخة بحاشيتي الأصل، ف: (أداري). وبه أي بحطئه، والمجمعة: المجمع.

(٦) العتبى: الرضا.

(٧) عود الفعال: جليله وعظيمه.

٥٩

وكنت وشتمي في أرومة مالك

بسبّي له كالكلب إذ ينبح النجما

ولست بلاق سيّدا ساد مالكا

فتنسبه إلاّ أبا لي أو عمّا

ستعلم إن عاديتني فقع قرقر

أما لا أفدت - لا أبالك - أو عدما(١)

لقد أبقت الأيّام منّي وحرسها

لأعدائنا ثكلا وحسّادنا رغما(٢)

وكانت عروق السّوء أزرت(٣) وقصّرت

به أن ينال الحمد فالتمس الذّما

ومن مختار قوله:

إني إذا خفي اللئام(٤) رأيتني

كالشّمس لا تخفى بكلّ مكان

ما من مصيبة نكبة أمنى بها

إلاّ تشرّفني وتعظم شأني

وتزول حين تزول عن متخمّط(٥)

تخشى بوادره على(٦) الأقران

ومن جيد شعره.

خليلان باحا بالهوى فتشاحنت

أقاربها في وصلها(٧) وأقاربه

ألا إنّ أهوى النّاس قربا ورؤية

وريحا إذا ما اللّيل غارت كواكبه

ضجيع دنا منّي جذلت بقربه

فبات يمنّيني وبتّ أعاتبه

وأخبره في السّرّ بيني وبينه

بأن ليس شيء عند نفسي يقاربه

***

____________________

(١) فقع قرقر، أي يافقع قرقر، والفقع: ضرب من أردأ الكمأة، والقرقر: الأرض الخالية؛ ويشبه به الرجل الذليل؛ يقال: أذل من فقع بقرقر؛ لأن الدواب تنجله بأرضها؛ قال النابغة:

حدّثوني بني الشّقيقة ما يم

نع فقعا بقرقر أن يزولا

(٢) الحرس: الدهر.

(٣) م: (أودت).

(٤) من نسخة بحاشيتي الأصل، ف: (الرجال).

(٥) التخمط: الغضب مع الثورة والجلبة.

(٦) البوادر: جمع بادرة وهي ما يبدر من الإنسان عند الشر، وفي ف: (لدى الأقران).

(٧) من نسخة بحاشيتي الأصل، ف:

* أقاربها في وصله وأقاربه*

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

قال القاضي حسين : هذا الّذي قاله القاضي أبو الطيّب خطأ ، فإن عمران صحابي لا تجوز لعنته ، وهكذا قرأت بخط القاضي تاج الدين السبكي ، وذكر أنه وجد حاشية على التعليقة ما نصه : هذا غلو من القاضي حسين ، وكيف لا يلعن عمران ، وقد فعل ما فعل! وطول من هذا المعنى.

قال القاضي تاج الدّين وعجب (١) من الأمرين ، وليس عمران صحابيا ، وإنما هو من الخوارج ، وقد أجابه عن أبياته المذكورة من القدماء بكر بن حماد التاهرتي ، وهو من أهل القيروان في عصر البخاري ، وأجاب عنها السيد الحميري الشاعر المشهور الشيعي ، وهي في ديوانه ، وأجابه عنها أبو المظفر الشهرستاني في كتابه التبصير.

وقد أخرج البخاري وأبو داود لعمران بن حطان ، من رواية يحيى بن أبي كثير ، عنه ، عن عائشة حديثا ، واعتذروا عنه بأنه إنما أخرج عنه لكونه تاب ، فقد ذكر المعافى في تاريخ الموصل ، عن محمد بن بشر العبديّ (٢) ، قال : ما مات عمران بن حطّان حتى رجع عن رأي الخوارج. وقيل : إنما خرج عنه ما حدّث به قبل أن يبتدع فقد قال يعقوب بن شيبة. أدرك جماعة من الصحابة ، وصار في آخر أمره أن رأى رأي الخوارج ، وكان سبب ذلك أنه تزوج ابنة عم له ، فبلغه أنها دخلت في رأي الخوارج ، فأراد أن يردّها عن ذلك فصرفته إلى مذهبها.

وقال يعقوب بن شيبة : حديثه (٣) عن الأصمعي ، عن معتمر بن سليمان عن عثمان البتيّ ، قال : كان عمران من أهل السنة ، فقدم غلام من عمان كأنه يصل بقلبه (٤) في مجلس.

وفي هذا الاعتذار نظر ، فإن يحيى بن أبي كثير إنما سمع منه حال هربه من الحجاج ، وكان الحجاج يطلبه ليقتله بسبب رأي الخوارج.

وقصته في ذلك مع روح بن زنباع ، وعبد الملك بن مروان ، مشهورة ، ذكرها المبرد وغيره.

واعتذر أبو داود عن التخريج له بأنّ الخوارج أصحّ أهل الأهواء حديثا ، ثم ذكر عمران وأنظاره ، وروى عن التّبوذكي ، عن أبان العطار ، قال : سمعت قتادة يقول : كان عمران لا يتّهم في الحديث.

__________________

(١) في أ : وعجبت.

(٢) في أ : العقدي.

(٣) في ه : حدث

(٤) في ه : يقدم غلام كأنه يصل فقليه

٢٤١

وقال العجليّ : بصري تابعي ثقة ، وطعن العقيلي في روايته عن عائشة ، فقال : عمران بن حطّان لا يتابع في حديثه وكان يرى رأي الخوارج. ولم يتبين سماعه من عائشة.

وكذا جزم بن عبد البرّ بأنه لم يسمع منها.

وفيه نظر ، لأن في الحديث الّذي أخرجه البخاري تصريحه بسماعه منها ، وكذا وقع في «المعجم الصغير» للطبراني بسند صحيح إليه.

وقال العبّاس بن الفرج الرّياشيّ : حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، عن أبي عمرو بن العلاء ، عن صالح بن شريح الأسدي ، عن عمران بن حطان ، قال : كنت عند عائشة فذكر قصة.

وممن عاب على البخاري إخراج حديثه الدار الدّارقطنيّ ، فقال : عمران متروك ، لسوء اعتقاده وخبث مذهبه.

وقال ابن قانع : مات سنة أربع وثمانين من الهجرة.

٦٨٩٢ ز ـ عمران بن عمار :

تابعي أرسل شيئا ، فذكره إسحاق بن راهويه في مسندة (١) ، قال البخاريّ : قال إسحاق : حدثنا أبو هشام ، حدثنا سعيد بن زيد ، حدثنا محمد بن جحادة (٢) ، سمعت عمران بن عمار ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فذكر حديثا.

قال البخاريّ : هو مرسل لا يصح.

٦٨٩٣ ـ عمير بن الأسود العنسيّ (٣):

ذكره ابن شاهين ، وأخرج من طريق شريح ، عن عبيد عن جبير بن نفير ، وعمير بن الأسود ، والمقدام بن معديكرب ، وأبي أمامة في نفر من القدماء (٤) ـ أن رجلا أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : يا رسول الله ، ما هذا الأمر إلا في قومك فأوصهم بنا الحديث.

__________________

(١) في أ : سنده.

(٢) في أ : حمادة.

(٣) طبقات ابن سعد ٧ / ٤٤٢ ، تاريخ البخاري ٦ / ٣١٥ ، المعرفة والتاريخ ٢ / ٣١٤ ، ٣٤٨ ، الجرح والتعديل قسم ١ ، مجلد ٣ / ٢٢٠ ، الحلية ٥ / ١٥٥ ، تاريخ ابن عساكر ١٣ / ١٩٦ ، تهذيب الكمال ١٠٣٠ ، تاريخ الإسلام ٣ / ١٩٤ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٤ ، خلاصة تذهيب الكمال ٢٨٧.

(٤) في أ : الفقهاء.

٢٤٢

كذا وقع فيه عمير ، وقد أخرجه الطّبرانيّ من هذا الوجه ، فقال : عمرو بن الأسود.

وهو الصواب ، وليس هو صحابيا ، لكنه أرسل. وقد تقدم ذكره في القسم الثالث.

٦٨٩٤ ـ عمير ، والد أبي بكر (١): روى عنه ابنه أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «إنّ الله تعالى وعدني أن يدخل الجنّة من أمّتي ثلاثمائة ألف» (٢). الحديث.

أخرجه أبو موسى ، وتبعه ابن الأثير ، ولم ينبه ابن الأثير على أنه تقدم في عمير بن عمرو الأنصاري منسوبا لابن عبد البر ، وكأنه ظن أنه آخر ، وليس كذلك ، بل الحديث واحد وراويه (٣) عن الصحابي واحد ، وهو ابنه أبو بكر.

٦٨٩٥ ـ عمير بن جدعان (٤):

أورده المستغفريّ ، وهو خطأ نشأ عن تصحيف ، فأورده المستغفري من طريق حصين بن المنذر ـ وهو بالضاد المعجمة مصغّر ، عن المهاجر بن قنفذ ، عن عمير بن جدعان ـ أنّه سلّم على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يتوضأ الحديث.

وإنما (٥) هو من رواية المهاجر.

والخطأ وقع في قوله عن عمير ، والصواب ابن عمير ، وقد نبه على وهم جعفر فيه أبو موسى.

وقال ابن الأثير (٦) ما أظن عميرا أدرك المبعث (٧) ، وهو أخو عبد الله بن جدعان المشهور في قريش بالجود.

٦٨٩٦ ز ـ عمير بن الحارث (٨)بن حرام :.

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤٠٥٩).

(٢) أخرجه ابن حبان في صحيحه حديث رقم ٢٦٤٢. وأحمد في المسند ٣ / ١٦٥ ، والطبراني في الكبير ٨ / ١٨٧ ، والطبراني في الصغير ١ / ١٢٤. قال الهيثمي في الزوائد ١٠ / ٣٦٥ ، رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد وبعض أسانيد الطبراني رجال الصحيح وأورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم ٣٢١٠١ ، ٣٧٩١٤.

(٣) في أ : وراويته.

(٤) أسد الغابة ت (٤٠٦٤) ، تجريد أسماء الصحابة ١ / ٤٢٢ ، المتحف ٥٠٤.

(٥) في أ : وهذا.

(٦) قال ابن الأثير : والصواب قنفذ بن عمير.

(٧) في أ : البعث.

(٨) أسد الغابة ت (٤٠٦٨) ، الاستيعاب ت (٢٠٠٣).

٢٤٣

ذكره المستغفريّ ، عن ابن إسحاق ، فيمن شهد بدرا ، قال : وله رواية.

واستدركه أبو موسى. وقد ذكره ابن مندة ، لكنه اقتصر على قوله : عمير بن الحارث الجشمي ، من بني سلمة ، شهد بدرا ، ولا تعرف له رواية. انتهى.

فقصر في نسبه ، وإنما هو من الخزرج ، وقصر المستغفري في نسبه ، وإنما حرام جدّ جدّ أبيه ، وقد بينت ذلك في القسم الأول ، وهو عمير بن الحارث بن ثعلبة بن الحارث بن حرام ، كذا عند ابن إسحاق ، وأدخل موسى بن عقبة بين الحارث وثعلبة لبدة.

٦٨٩٧ ز ـ عمير (١)بن حبيب : والد عبيد.

ذكره بعضهم في الصّحابة لوهم وقع لبعض رواته في تسمية أبيه.

والصواب قتادة لا حبيب ، أخرجه ابن ماجة ، عن هشام ، عن عمار ، عن رفدة بن قضاعة ، عن الأوزاعي ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير بن حبيب ، عن أبيه ، عن جده : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يرفع يديه في كل تكبيرة الحديث.

وأخرجه ابن السّكن ، والعقيليّ ، وابن شاهين ، والطّبرانيّ ، وأبو نعيم ، من طريق (٢) ، عن هشام بهذا السند ، فقالوا : عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي ـ لم يقل أحد منهم ابن حبيب إلا ابن ماجة.

قال المزّيّ : عمير بن حبيب جدّ أبي جعفر الخطميّ ، لا جدّ عبد الله بن حبيب بن عبيد بن عمير (٣) الليثي.

٦٨٩٨ ـ عمير بن سعد (٤): عامل عمر على حمص (٥).

استدركه يحيى بن عبد الوهاب بن مندة على جده ، ووهم فيه ، فإن جده ذكره ، فقال : عمير بن سعد ، وهو الصحيح ، وقد ذكره في مكانه.

٦٨٩٩ ز ـ عمير بن سلامة : أو ابن أبي سلامة ، والد أبي حدرد.

ذكره ابن فتحون في «ذيل الاستيعاب» ، وقال : ذكره ابن السّكن ، ولم يسمّه ، بل ترجم والد أبي حدرد ، ثم ساق من طريق ابن إسحاق ، عن ابن قسيط ، عن أبي حدرد

__________________

(١) هذه الترجمة سقط في ه.

(٢) في أ : طرق.

(٣) في أ : عمر.

(٤) في التجريد عمير بن سعيد عامل عمر على حصن كذا غلط فيه أبو زكريا بن مندة ، وهو ابن سعد.

(٥) أسد الغابة ت (٤٠٧٨).

٢٤٤

الأسلمي ، عن أبيه ، قال : بعثنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سرية فذكر قصة محلّم بن جثّامة.

قال ابن فتحون : سمي والد أبي حدرد عميرا أبو أحمد الحاكم وغيره.

قلت : وهو كذلك ، لكن الحديث إنما هو لأبي حدرد نفسه ، واسمه عبد الله بن عمير ، وقد جوّده أحمد في مسندة ، قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، حدثنا أبي ، عن محمد بن إسحاق ، حدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن ابن أبي حدرد ، عن أبيه فذكر الحديث.

وقد سقته في ترجمة عامر بن الأضبط ، فعرف أن الصحبة والرواية لأبي حدرد ، لا لابنه.

٦٩٠٠ ـ عمير بن فروة : جدّ عدي بن عدي.

أورده المستغفري ، واستدركه أبو موسى ، فوهم ، وإنما هو عميرة بزيادة هاء في آخر اسمه. وقد مضى على الصواب.

٦٩٠١ ـ عمير بن مالك (١):

ذكره ابن شاهين ، وساق له حديثا ، واستدركه أبو موسى ، فوهم ، لأن ابن مندة أخرجه وأورده على الصواب في حرف الميم ، وهو مالك بن عمير ، انقلب على بعض رواته وحديثه مرسل ، وله إدراك كما تقدم في القسم الثالث.

٦٩٠٢ ـ عمير بن نويم (٢):

ذكره ابن عبد البرّ ، وقال : يعد في الكوفيين ، ثم ساق من طريق عبد الله بن سلمة الأفطس ، عن شعبة ، ومسعر ، قالا : أنبأنا عبيد الله بن الحسن ، عن عبد الرحمن بن معقل ، عن غالب بن أبجر ، وعمير بن نويم ـ أنهما سألا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن لحوم الحمر الأهلية الحديث. فقال : أطعموا أهليكم من ثمين مالكم.

وقد خبط فيه الأفطس ، وهو متروك قال القطان : ليس بثقة فيه نقص وتحريف (٣) ،

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤٠٨٦).

(٢) أسد الغابة ت (٤٠٩٢) ، الاستيعاب ت (٢٠١٧).

(٣) في أ : قال القطان ليس يبعد قوله عبيد الله عبد الله بن الحسن خطا إنما هو عبيد أبو الحسن وقوله عبيد ابن نويم فيه نقص وتحريف.

٢٤٥

وإنما هو عبد الله بن عمرو بن لويم (١) ، كما ذكرته في ترجمة العبادلة في القسم الأول على الصواب.

وقد رواه الثقات عن أبي نعيم الفضل بن دكين ، عن معمر بن عبيد ، عن أبي الحسن (٢) ، عن عبد الرحمن بن معقل ، عن رجلين بن مزينة أحدهما عن الآخر : عبد الله بن عمرو بن لويم (٣) ، والآخر غالب بن أبجر ، قال مسعر : وأظن غالبا هو الّذي سأل.

وقد أخرجه أبو داود ، وذكر بعض طرقه ، وليس في شيء منها عمير بن نويم.

٦٩٠٣ ـ عمير السدوسي (٤):

ترجم له ابن قانع والصواب عبد الله بن عمير ، كما بينته في القسم الأول.

٦٩٠٤ ـ عمير ، جد معروف (٥)بن واصل :.

ذكر البغويّ في الصّحابة ، وأورده من طريق أسباط بن محمد ، عن معروف ، عن حفصة ، عن عمير جدّ معروف ، قال : كنت عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأتي بطبق تمر الحديث.

وهو خطأ نشأ عن تغيير ونقص. والصواب عن أبي عميرة ، كما تقدم في حرف الراء في ترجمة رشيد بن مالك.

٦٩٠٥ ـ عمير ، مولى أم الفضل :

تابعي معروف ، أورده ابن مندة ، وقال : ذكره ابن أبي داود في الصحابة ، ولا يثبت وساق من طريق ابن أبي ذئب ، عن عبد الرحمن بن مهران ، عن عمير مولى ابن عباس ـ أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «لا عدوى ولا طيرة ولا هام» (٦).

وقال ابن مندة : هذا مرسل.

قلت : وعمير إنما روى (٧) عن بعض الصحابة وعن بعض التابعين. روى عنه ومات سنة أربع ومائة.

__________________

(١) في أ : نويم.

(٢) في ب : عن عبيد بن الحسن.

(٣) في أ : عويم.

(٤) أسد الغابة ت (٤٠٧٥).

(٥) أسد الغابة ت (٤٠٩١).

(٦) أخرجه أحمد في المسند ١ / ١٨٠ عن سعد بن أبي وقاص بلفظه وأورده الهيثمي في الزوائد ٥ / ١٠٥ ، عن أبي طلحة بلفظه وقال رواه الطبراني وأبو يعلى وفيه قصة طويلة وفيه عيسى بن سنان الحنفي وثقه ابن حبان وغيره وضعفه أحمد وغيره وبقية رجاله ثقات.

(٧) في أ : يروي.

٢٤٦

٦٩٠٦ ـ عميرة : بزيادة هاء في آخره ، ابن فروخ (١).

ذكره المستغفريّ ، عن يحيى بن يونس ، واستدركه أبو موسى في الذيل ، وقال : هو والد العرس بن عميرة.

قلت : لكن اسم والد العرس فروة لا فروخ ، كما تقدم في عمير بن فروة في القسم الأول.

العين بعدها النون

٦٩٠٧ ـ عنان (٢):.

رجل من الصحابة له حديث واحد ، كذا ذكره علي بن سعيد العسكري ، وساق من طريق إسماعيل المؤذن ، عن عبد الرحمن بن عنان ، عن أبيه ـ رفعه : من صام ستّا بعد يوم الفطر فكأنما صام الدهر. كذا قال.

وهو تصحيف ، وإنما هو غنام ، بالغين المعجمة وتشديد النون وآخره ميم. وسيأتي على الصواب في مكانه.

٦٩٠٨ ـ عنتر (٣): بنون ومثناة ، وزن جعفر ، هو العذري.

له حديث استدركه ابن الأثير ، ونسبه ابن أبي (٤) حاتم الرازيّ ، ثم نقل عن عبد الغني بن سعيد أنه صوّب أنه عس ، بمهملتين الأولى مضمومة ، كما تقدم.

قلت : وتقدم أيضا في عثير بعد العين مثلثة وآخره راء مصغرا. وقاله أبو عمر بنون وزاي مصغّرا أيضا. والّذي عند الأكثر بمثلثة ثم راء.

٦٩٠٩ ز ـ عنترة بن وهب العدوي :.

استدركه ابن الدباغ ، وهو تصحيف ، وإنما هو عنيز بالتصغير ، آخره زاي وقد تقدم.

٦٩١٠ ز ـ عنيز : بنون وزاي مصغرا.

ذكره ابن عبد البرّ ، وقد أشرت إليه في الترجمة التي قبلها.

العين بعدها الواو

٦٩١١ ـ عوسجة : أرسل حديثا.

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤٠٩٩).

(٢) أسد الغابة ت (٤١٠١).

(٣) تبصير المنتبه ٣ / ٩٠٣ ، الإكمال ٦ / ١٠٣ ، أسد الغابة ت (٤١٠٨).

(٤) في أ : لأبي.

٢٤٧

وذكره بعضهم في الصحابة. والصواب أنه عند ابن عباس من قوله.

٦٩١٢ ـ عوف بن مالك الجشمي : ، والد أبي الأحوص.

ذكره عليّ بن سعيد العسكريّ ، واستدركه أبو موسى.

وهو وهم نشأ عن تغيير وقلب ، ووالد أبي الأحوص (١) اسمه مالك بن نضلة ، وأبو الأحوص هو الّذي يقال له مالك بن عوف.

٦٩١٣ ز ـ عوف بن مالك النصري (٢):.

ذكره خليفة في عمّال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الصدقات ، فقال : وعلى عجز هوازن ، ونصر ، وثقيف ، وسعد بن مالك ، وعوف بن مالك. كذا قال : وقيل : انقلب عليه والصواب مالك بن عوف ، وقد نبّه على وهمه في ذلك أبو القاسم بن عساكر في ترجمة مالك بن عوف من تاريخه.

٦٩١٤ ـ عويمر : أبو تميم ـ هو الهذلي تقدم في الأول.

العين بعدها الياء

٦٩١٥ ـ عياض الثقفي :

هو ابن عبد الله ، غاير بينهما ابن الأثير ، فوهم.

٦٩١٦ ـ عيينة : بتحتانية مثناة ونون مصغرا ، ابن ربيعة ، حليف بني الحارث بن الخزرج.

ذكره البغويّ واستدركه ابن فتحون. وهو خطأ نشأ عن تغيير. والصواب عقبة. وقد ذكره ابن عبد البر على الصواب : والله عنده حسن المآب (٣).

__________________

(١) في أ : الأخوص.

(٢) في أ : النضري.

(٣) في ب : تم هذا الجزء المبارك من فضل الله وعونه وحسن توفيقه في يوم الأربعاء عند أذان الظهر لسبعة عشر خلت من شهر شوال من شهور سنة واحد وسبعين وألف ، ويتلوه حرف الغين المعجمة ، ولله الحمد على الإتمام وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. استنسخه الفقير أحمد بن العجمي. اللهمّ صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وعلى الملائكة والمقربين وعلى آله وأصحابه عدد إنعام الله وإفضاله.

٢٤٨

حرف الغين المعجمة

القسم الأول

الغين بعدها الألف

٦٩١٧ ـ غاضرة بن سمرة بن عمرو بن قرط بن جندب (١)بن العنبر بن عمرو بن تميم التميمي العنبري (٢):.

تقدم ذكر أبيه في القسم الأول من حرف السين المهملة ، وأما هو فقال ابن الكلبي : له صحبة ، وبعثه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الصدقات ، حكاه الرّشاطيّ ، وقال : لم يذكره أبو عمر ، ولا ابن فتحون.

قلت : بقية كلام ابن الكلبي : وسمرة بن عمرو استخلفه خالد بن الوليد على اليمامة حين انصرف.

وفي تاريخ البخاريّ : غاضرة العنبري سمع عثمان. روى عنه ابن عوف (٣) ، وهو هذا ، قاله ابن أبي حاتم.

وذكره ابن حبّان في «ثقات التابعين» ولغاضرة ولد اسمه عبيد ، يكنى أبا النجاب ، وهو شاعر ، ذكره جرير في شعره.

٦٩١٨ ـ غالب بن أبجر المزني (٤):

__________________

(١) في أسد الغابة جناب.

(٢) أسد الغابة ت (٤١٦٨).

(٣) في أ : ابن عون.

(٤) أسد الغابة ت (٤١٦٩) ، الاستيعاب ت (٢٠٧٩) ، الثقات ٣ / ٣٢٧ ، تقريب التهذيب ٢ / ٦٠٤ ، خلاصة تهذيب الكمال ٢ / ٣٢٩ ، الكاشف ٣٧٤ ، تهذيب التهذيب ٩ / ٢٤١ ، التاريخ الكبير ٧ / ٩٨ ، تلقيح فهوم أهل الأثر ٣٨٣ ، تنقيح المقال ٩٣٤٧ ، بقي بن مخلد ٧٩١.

الإصابة/ج٥/م١٦

٢٤٩

قال أبو حاتم الرّازي : له صحبة. وهو كوفي ، ويقال فيه ابن ديخ ، بكسر أوله ومثناة تحتانية بعدها معجمة.

له حديث في سنن أبي داود في الحمر الأهلية ، اختلف في إسناده اختلافا كثيرا ، قال ابن السكن : مخرج حديثه عن شيخ من أهل الكوفة.

قلت : مداره على عبيد بن الحسن ، عن عبد الرحمن (١) بن مغفّل ، عن ناس من مزينة ، عنه ، وفيه شعر ورفعه غيره ، وشكّ شعبة فيه ، فقال : عن أبحر أو ابن أبجر. وقال شريك بن عبد الله القاضي : غالب بن ديخ ، حكاه البغوي ، ثم أفرد غالب بن ديخ ، وأورد حديثه من طريق شريك بن عبد الله ، وكذا أفرده البخاري لكن لم يسق الحديث في ترجمة غالب بن ديخ.

وقال أبو عمر : ديخ كأنه جدّه ، وله حديث آخر في تاريخ البخاري.

وقال قتيبة : حدثنا عبد المؤمن أبو الحسن ، حدثنا عبد الله بن خالد العبسيّ ، عن عبد الرحمن بن مقرن ، عن غالب بن أبجر ، قال : ذكرت قيس عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : إن قيسا لأسد الله.

ورواه الحسن بن سفيان في مسندة ، عن قتيبة ، ومن طريقة أبو نعيم ، رواه ابن قانع ، عن موسى بن هارون ، عن قتيبة ، وابن مندة من طريق موسى ، وفرّق ابن قانع بينهما.

٦٩١٩ ز ـ غالب بن ديخ : ذكر في الّذي قبله.

٦٩٢٠ ـ غالب بن عبد الله الكناني الليثي (٢):.

قال البخاريّ : له صحبة ، ونسبه ابن الكلبيّ ، فقال : ابن عبد الله (٣) بن مسعر (٤) بن جعفر بن كلب بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة الكلبي ثم الليثي.

وصحّح أبو عمر بعد أن قال غالب بن عبد الله وهو الأكثر ، ويقال ابن عبيد الله الليثي ، ويقال الكلبي ، وأشار إلى أن الحديث في مسند أحمد بسند حسن.

قال أحمد : حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، قال : قال أبي : حدثني محمد بن

__________________

(١) أسد الغابة عن عبد الله.

(٢) أسد الغابة ت (٤١٧١) ، الثقات ٣ / ٣٢٧ ، الطبقات ٣٢٣ ، التاريخ الكبير ٧ / ٩٨.

(٣) في الاستيعاب : غالب بن عبد الله ، ويقال ابن عبيد الله ، والأكثر يقولون فيه ابن عبد الله الليثي ، ويقال الكلبي.

(٤) في الإكمال : مسفر.

٢٥٠

إسحاق ، حدثني يعقوب بن عتبة ، عن مسلم بن عبد الله الجهنيّ ، قال : بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غالب بن عبد الله الكلبي ـ كلب ليث ـ إلى الملوّح (١) بالكديد ، وأمره أن يغير عليهم ، فخرج ، وكنت في سريته. فمضينا حتى إذا كنا بقديد لقينا الحارث بن مالك بن البرصاء الليثي ، فأخذناه ، فقال : إنما جئت مسلما فذكر الحديث.

وكذا أخرجه أبو نعيم ، من طريق أحمد بن أيوب ، عن إبراهيم بن سعد. وأخرجه أبو داود ، من طريق عبد الوارث ، عن محمد بن إسحاق ، لكن قال في روايته : عبد الله بن غالب والأول أثبت.

قال أبو عمر (٢) : وكان ذلك عند أهل السير سنة خمس.

ولغالب رواية ، فأخرج البخاري في تاريخه ، والبغوي ، من طريق عمار بن سعد ، عن قطن بن عبد الله الليثي ، عن غالب بن عبد الله الليثي ، قال : بعثني النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عام الفتح بين يديه لأسهل له الطريق ، ولأكون له عينا ، فلقيني على الطريق لقاح بني كنانة ، وكانت نحوا من ستة آلاف لقحة ، وأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نزل فحلبت له ، فجعل يدعو الناس إلى الشراب ، فمن قال إني صائم قال : هؤلاء العاصون.

وذكر ابن إسحاق في «المغازي» ، قال : حدثني شيخ من أسلم ، عن رجال من قومه ، قال : بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غالب بن عبد الله الكلبي إلى أرض بني مرة ، فأصاب بها مرداس بن نهيك حليفا لهم من الحرقة ، قتله أسامة بن زيد.

وذكر هشام بن الكلبيّ أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعثه إلى فدك ، فاستشهد دون فدك.

قلت : المبعوث إلى فدك غيره ، واسمه أيضا غالب ، لكن قال ابن فضالة ـ كما سيأتي ذلك في ترجمته وأما غالب بن عبد الله هذا فله ذكر في فتح القادسية ، وهو الّذي قتل هرمز ملك الباب.

وذكره أحمد بن سيار في تاريخ مرو ، فقال : إنه قدمها ، وكان ولي خراسان زمن معاوية ، ولّاه زياد ، قال : كان غالب المذكور على مقدمة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الفتح ، كأنه يشير بذلك إلى حديث قطن بن عبد الله الليثي عنه.

وكذا ذكره ابن حبّان أنّ زيادا ولّاه بعض خراسان زمن معاوية.

__________________

(١) في الإكمال إلى بني الملوح.

(٢) في الاستيعاب : قطر.

٢٥١

وقال الحاكم في مقدمة تاريخه : ومنهم ، أي من الصحابة ، غالب بن عبد الله بن فضالة بن عبد الله أحد بني ليث بن بكر يقال : إنه قدم مرو ، وكان ولي خراسان زمن معاوية ، ولّاه زياد.

وقال أبو جعفر الطّبريّ في تاريخه : استعمل زياد بن أبي سفيان سنة ثمان وأربعين على خراسان غالب بن فضالة ، وكانت له صحبة.

قلت : وسياق نسبه من عند ابن الكلبي أصحّ فإنه أعرف بذلك من غيره ، كما أن غيره أعرف منه بالأخبار ، وإنما أتى اللّبس من ذكر فضالة في سياق نسبه ، وليس هو فيه ، والله سبحانه وتعالى أعلم.

٦٩٢١ ز ـ غالب بن عبد الله بن فضالة : تقدم في الّذي قبله.

٦٩٢٢ ـ غالب بن فضالة الكناني (١):.

استدركه أبو موسى ، فقال : روي عن ابن عباس في قوله تعالى :( ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى ) [الحشر ٧] قريظة ، والنضير ، وفدك ، وخيبر ، وقرى عرينة ، قال : أما قريظة والنضير فإنّهما بالمدينة ، وأما فدك فإنّها على رأس ثلاثة أميال منهم ، فبعث إليهم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جيشا عليهم رجل يقال له غالب بن فضالة من بني كنانة ، فأخذها عنوة. انتهى.

ويحتمل إن ثبت أن يكون الّذي قبله.

الغين بعدها الراء

٦٩٢٣ ـ غرفة (٢)بن الحارث الكندي : أبو الحارث اليماني ، نزيل مصر.

قال أبو حاتم : له صحبة. ويقال إنه قاتل مع عكرمة بن أبي جهل أهل الردة باليمن وقال ابن السّكن : له صحبة ، وهو كندي ، ويقال : سكن مصر واختط بها دارا.

وقال أبو نعيم : عرفة الكندي. ويقال الأزدي ، وكأنه ظن أنه والّذي يأتي بعده واحد ، وليس كذلك.

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤١٧٢).

(٢) أسد الغابة ت (٤١٧٤) ، الاستيعاب ت (٢٠٨٦) ، الثقات ٣ / ٣٢٦ ، ٣٢٨ ، الكاشف ٣٧٤ ، تهذيب التهذيب ٩ / ٢٤٤ ، تلقيح فهوم أهل الأثر ٣٨٣ ، الإكمال ٦ / ١٧٩ ، تبصير المنتبه ٣ / ٩٤٢ ، بقي بن مخلد ٧٤٧.

٢٥٢

شهد حجة الوداع وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في نحر البدن ، وحديثه عند أبي داود.

روى عنه عبد الله بن الحارث الأزدي ، وعبد الرحمن بن شماسة المهري ، وكعب بن علقمة التّنوخي.

قال ابن يونس : شهد فتح مصر ، وكان من أشرف أهلها ، وكان يكاتب عمر بن الخطاب.

وذكره ابن قانع في العين المهملة ، وهو وهم ، وكذا ذكره ابن حبّان ، ثم أعاده في المعجمة وهو الصواب ، فقال : دعا له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو الّذي قاتل عكرمة بن أبي جهل باليمن ، ثم سكن مصر.

قلت : وقد أخرج ابن السكن حديثه في مقاتلته مع عكرمة ، من طريق حرملة بن عمران ، عن كعب بن علقمة ـ أن غرفة بن الحارث الكندي مرّ به نصراني فدعاه إلى الإسلام فذكر القصة ، وفيها. فقال غرفة : معاذ الله أن نعطيهم العهد أن يؤذوننا في نبينا (١) ، وفي آخرها : وكان غرفة له صحبة ، وقاتل مع عكرمة بن أبي جهل في الردة.

وذكر ابن فتحون أن أبا عمر ضبطه بسكون الراء ، قال : وضبطه الدار الدّارقطنيّ وغيره بالتحريك.

٦٩٢٤ ـ غرفة الأزدي :

ذكره ابن السّكن في الصحابة ، وقال : يقال له صحبة ، وهو معدود في الكوفيين ، ثم روى من طريق الحارث بن حصيرة ، عن أبي صادق ، عن غرفة الأزدي ، وكان من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكان من أصحاب الصّفّة ، وهو الّذي دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : اللهمّ بارك له في صفقته ، فذكر أثرا موقوفا يتعلق بمقتل الحسين.

قلت : وإسناده كوفيون غالبهم شيعة.

الغين بعدها الزاي

٦٩٢٥ ـ غزيّة (٢): بفتح أوله وكسر الزاي بعدها مثناة مشددة ، ابن الحارث.

__________________

(١) في أ : نفسنا.

(٢) أسد الغابة ت (٤١٧٦) ، الاستيعاب ت (٢٠٨١) ، تبصير المنتبه ٣ / ١٠٤٤ ، تصحيفات المحدثين ٩٧٥ ، الإكمال ٧ / ١٨ ، الجرح والتعديل ٧ / ٣٣٠ ، التاريخ الكبير ٧ / ١٠٩.

٢٥٣

قال البخاريّ ، وأبو حاتم الرّازي ، وابن حبان : له صحبة. واختلف في نسبه ، فقيل أنصاري مازني ، قاله البخاري ، وابن حبان ، وابن السكن ، وغيرهم وقيل أسلمي ، وقيل خزاعيّ ، ولعله من خزاعة حالف الأنصار ، وأسلم هو وأخوه خزاعة.

قال البخاريّ : يعدّ في أهل الحجاز. وقال البغوي : سكن الشام وقال ابن يونس : لا نعلم له ذكرا إلا في هذا الحديث ، يعني الآتي. وأراه ممّن سكن المغرب من الصحابة.

وقال ابن السّكن : معدود في أهل الحجاز. روي عنه حديث واحد. وقال ابن مندة : عداده في أهل المدينة ، وروى البخاري ، والبغوي ، وابن السكن ، وابن مندة ، من طريق الليث ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال. عن يزيد بن خصيفة (١) ، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة ، عن غزيّة بن الحارث ـ أنه أخبره أنّ شبانا من قريش عام الفتح أو بعده أرادوا أن يهاجروا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فمنعهم آباؤهم ، ثم ذكروا ذلك لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : لا هجرة بعد الفتح ، وإنما هو الجهاد والنية. اختصره البخاري.

قال ابن مندة : تابعه عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال.

قلت : وحديث عمرو بن الحارث عند ابن السكن وابن يونس ، من طريق ابن وهب عنه ، لكن عند ابن يونس عبد الرحمن بن رافع ، وعند ابن السكن عبد الله بن رافع ، وهو الأصح كما في رواية البغوي وغيره.

وجزم أبو عمر بأنه عبد الله بن رافع مولى أم سلمة ، وباعتبار ذلك يعكر على ابن يونس ذكره إياه في المصريين.

وأخرج ابن السّكن وابن مندة أيضا من طريق سعيد بن سلمة بن أبي الحسام ، عن يزيد بن عبد الله ، عن عبد الله بن رافع ، عن غزيّة بن الحارث : سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : لا هجرة بعد الفتح إنما هي ثلاث : الجهاد ، والسنة ، والجنة.

٦٩٢٦ ـ غزيّة بن عمرو بن عطية بن خنساء بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار الأنصاري الخزرجي (٢):.

ذكره موسى بن عقبة فيمن شهد [العقبة ، وأورده البغوي في الصحابة من طريقه ،.

وقال أبو عمر : شهد] (٣) أحدا ، وروى ابن سعد من طريق أم عمارة ، قالت : كانت الرجال

__________________

(١) في أ : خصفة.

(٢) أسد الغابة ت (٤١٧٧) ، الاستيعاب ت (٢٠٨٢).

(٣) سقط في أ.

٢٥٤

تصفّف على يمين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليلة بيعة العقبة ، والعباس آخذ بيد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينادي زوجي غزية بن عمرو يا رسول الله ، هاتان امرأتان حضرتا تبايعانك فقال : «إنّي لا أصافح النّساء».

الغين بعدها السين

٦٩٢٧ ـ غسّان العبديّ (١):

قال البخاريّ : له صحبة. وقال ابن حبان : أبو يحيى : من عبد القيس له وفادة.

وقال البغويّ : يكنى أبا يحيى ، سكن البصرة. وقال ابن السكن : وتفرد برواية حديثه (٢) يحيى التيمي.

وروى البخاري ، وابن أبي خيثمة ، وابن السكن ، من طريق يحيى بن عبد الله الجابر ، عن يحيى بن غسان ، قال : كان أبي في الوفد الذين وفدوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من عبد القيس فذكر الحديث في الأشربة.

قال أبو عمر : إسناد حديثه في الأوعية (٣) مضطرب.

وقال ابن مندة : رواه جماعة عن عبد العزيز ـ يعني ابن مسلم ، عن يحيى بن غسان ، عن ابن الرستم ، عن أبيه.

قلت : يجوز أن يكون يحيى بن غسان حدّث به على الوجهين لو كان إسناده صحيحا وقد تقدم حديث عبد الرحمن بن سليمان في حرف الراء معزوّا إلى مسند أحمد وغيره.

وفي كلام ابن أبي حاتم شيء يخالف الروايتين جميعا ، فإنه قال : غسان يروي عن ابن الرستم ، وكان في الوفد.

روى يحيى بن الجابر ، عن يحيى بن حسان ، عن أبيه ، فظاهر هذا أن ابن الرستم هو الصحابي ، وأن الراويّ عنه غسان لا ولده ، وليس كذلك لما مرّ من سياق البخاري وغيره.

الغين بعدها الضاد والطاء

٦٩٢٨ ـ غضيف : بالتصغير (٤) ، ابن الحارث ، ويقال : غطيف بالطاء المهملة بدل

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤١٧٩) ، الاستيعاب ت (٢٠٨٧) ، الثقات ٣ / ٣٢٨ ، المتحف ٣٦٤ ، ٥٢١.

(٢) في أ : حديث.

(٣) في أسد الغابة : في الأوعية والأشربة.

(٤) أسد الغابة ت (٤١٨١) ، الاستيعاب ت (٢٠٨٣) ، طبقات ابن سعد ٧ / ٤٢٩ ، ٤٤٣ ، طبقات خليفة

٢٥٥

الضاد المعجمة والأول أثبت ـ ابن زنيم السكونيّ ، ويقال : الكندي ، ويقال : الثّمالي ، بالمثلثة واللام ، ويقال : اليماني ، بالتحتانية ، ثم النون ، حكاه البخاري عن بقية ، أبو أسماء.

حديثه عن الصحابة في السنن ذكره جماعة في التابعين ، وذكر السكونيّ في الصحابة البخاري ، وابن أبي حاتم ، والترمذي ، وخليفة ، وابن أبي خيثمة ، والطبراني وآخرون.

قال ابن أبي حاتم : أبو أسماء السكونيّ الكندي له صحبة ، واختلف في اسمه ، فقيل الحارث بن غضيف. وقال أبو زرعة : الصحيح الأول ، والّذي يظهر لي أن السكونيّ غير الكندي الّذي أخرجوا له ، فإن البخاري قال في ترجمة السكونيّ : قال معن ـ يعني ابن عيسى ، عن معاوية ـ هو ابن صالح ، عن يونس بن سيف ، عن غضيف بن الحارث السكونيّ ، أو الحارث بن غضيف ، قال : ما نسيت من الأشياء لم أنس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واضعا يده اليمنى على يده اليسرى في الصلاة.

وأخرجه البغويّ ، من طريق زيد بن الحباب ، هكذا ، لكن قال : الكندي.

وقال البخاريّ في «التاريخ الأوسط» : حدثنا عبد الله ـ هو ابن صالح. وقال في الكبير : قال لي أبو صالح : حدثنا معاوية ، عن أزهر بن سعيد ، قال : سأل عبد الملك بن مروان غضيف بن الحارث الثّمالي ، وهو أبو أسماء السكونيّ الشامي ، أدرك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : وقال الثوري في حديثه غطيف ، وهو وهم. هذا لفظه في الأوسط.

وذكر له رواية عن عمر ، وعائشة ، وعن أبي عبيدة.

وقال ابن أبي حاتم ، عن أبيه وأبي زرعة : غضيف بن الحارث أبو أسماء الثّمالي له صحبة.

وذكر ابن حبّان نحوه ، ولم يقال : له صحبة : لكن قال : من أهل اليمن ، رأى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واضعا يده اليمنى على اليسرى ، وسكن الشام ، وحديثه في أهلها. ومن قال إنه الحارث بن غضيف فقد وهم.

وقال ابن أبي خيثمة : غضيف بن الحارث ، وقيل : الحارث بن غضيف. والصحيح الأول ، له صحبة ، نزل الشام ، وهو بالضاد المعجمة ، وأما غطيف الكندي ، بالطاء المهملة ، فهو غير هذا.

__________________

ت (٢٨٩٩) ، الجرح والتعديل ٧ / ٥٤ ، تاريخ ابن عساكر ١٤ / ٧٦٦ ، تهذيب الكمال ١٠٩١ ، تاريخ الإسلام ٣ / ٢٠١ ، تذهيب التهذيب ٣ / ١٣٤ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٢٤٨ ، خلاصة تذهيب الكمال ٢٦١. مسند بقي بن مخلد ١١٢.

٢٥٦

روى عنه ابنه عياض بن غطيف. انتهى.

وقال ابن السّكن : غطيف بن الحارث الكندي له صحبة ، حديثه عن أهل الشام.

وقال أبو أحمد الحاكم في «الكنى» أبو أسماء غطيف بن الحارث السكونيّ ، ويقال الثّمالي ، ويقال الأزدي ، شامي ، وذكر له حديث وضع اليد اليمنى في الصلاة. انتهى.

وله حديث أخرجه ابن مندة ، من طريق العلاء بن زيد الثمالي ، قال : حدثني عيسى بن أبي رزين الثمالي ، سمعت غضيف بن الحارث يقول : كنت صبيّا أرمي نخل الأنصار ، فأتوا بي النبيّ صلّى الله تعالى عليه وآله وسلم فمسح رأسي ، وقال : «كل ممّا سقط ولا ترم نخلهم».

وله رواية عن بلال ، وأبي عبيدة ، وعمر ، وأبي ذرّ ، وأبي الدّرداء ، وغيرهم.

روى عنه أيضا عبادة بن نسيّ ، وشرحبيل بن مسلم ، وسليم بن عامر ، وحبيب بن عبيد ، وأبو راشد الحبراني وأبو أسماء

ذكره في التّابعين ابن سعد ، والعجليّ ، والدّارقطنيّ ، وغيرهم.

وقال أحمد في مسندة : حدّثنا أبو المغيرة ، حدّثنا صفوان بن عمرو ، عن المشيخة أنهم حصروا غضيف بن الحارث حين اشتدّ سوقه ، فقال : هل أحد منكم يقرأ يس ، قال : فقرأها صالح بن شريح السكونيّ. فلما بلغ أربعين آية منها قبض قال : فكان المشيخة يقولون : إذا قرئت عند الميت خفف عنه بها ، وهو حديث حسن الإسناد.

٦٩٢٩ ـ غطيف بن الحارث الكندي (١): والد عياض.

قال أبو نعيم : له صحبة. تقدم كلام ابن أبي خيثمة فيه في ترجمة الّذي قبله.

وأخرج له ابن السّكن ، والطّبراني ، من طريق إسماعيل بن عياش ، عن سعيد بن سالم الكندي ، عن معاوية بن عياض بن غطيف ، عن أبيه ، عن جده : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «إذا شرب الخمر فاجلدوه ، فإن عاد فاجلدوه ، فإن عاد فاقتلوه».

وأخرجه ابن شاهين ، وابن أبي خيثمة ، من طريق إسماعيل المذكور ، قال : حدثني سعيد بن سلم ، وأورده ابن شاهين وابن السكن في ترجمة الّذي قبله. والصواب ما قال ابن

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤١٨٢) ، الاستيعاب ت (٢٠٨٤) ، الثقات ٣ / ٣٢٦ ، تقريب التهذيب ٢ / ١٠٥ ، خلاصة تهذيب الكمال ٢ / ٣٣١ ، تهذيب التهذيب ٩ / ٢٤٨ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٤٥٣ ، التاريخ الكبير ٧ / ١١٢ ، تلقيح فهوم أهل الأثر ٣٧٥ ، بقي بن مخلد ٣٦٨.

٢٥٧

أبي خيثمة ، وكذا قال الطبراني ، وعبد الصمد بن سعيد الحمصي في الصحابة من أهل حمص والله أعلم.

وقال أبو عمر : وفي الّذي قبله نظر ، والاضطراب فيه كثير ، وفي «حاشية الاستيعاب» : هو رجل واحد لا ثلاثة ، والأصحّ فيه بالضاد المعجمة.

٦٩٣٠ ـ غطيف (١): أو أبو غطيف ، ويقال بالضاد المعجمة.

ذكره البغويّ وغيره في الصحابة ، وأخرج البغوي ، وابن مندة ، من طريق مالك بن إسماعيل ، وأبو نعيم من طريق سعيد بن عمرو الأشعثي (٢) ، كلاهما عن عبد السلام بن حرب (٣). عن إسحاق ، عن (٤) عبد الله بن أبي فروة ، عن مكحول ، عن [....] (٥) الخولانيّ ، عن غطيف ، أو أبي غطيف ، صاحب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كذا في رواية البغوي ، وفي رواية الآخر : وله صحبة ، ورفعه إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : من قال في الإسلام هجاء فاقطعوا لسانه. لفظ مالك.

وفي رواية سعيد ، عن غطيف بن الحارث ، أو أبي غطيف. رجل من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وأخرجه الطّبراني من طريق عبدان (٦). فقال أيضا : غضيف ، أو أبو غضيف بالضاد المعجمة ، وإسحاق متروك. والله المستعان.

الغين بعدها النون

٦٩٣١ ـ غنّام بن أوس بن غنّام (٧)بن عمرو بن مالك بن عامر بن بياضة الأنصاري الخزرجي البياضي (٨):

قال الواقديّ وابن الكلبيّ : شهد بدرا. وذكره ابن حبان في الصحابة ، وقال : هو والد عبد الله بن غنّام.

٦٩٣٢ ز ـ غنّام : ، صحابي من مسلمة الفتح.

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤١٨٤) ، تقريب التهذيب ٢ / ١٠٦ ، تهذيب التهذيب ٩ / ٥١.

(٢) في أ : الأشجعي.

(٣) في ب : حارث.

(٤) في ب وأسد الغابة : ابن.

(٥) بياض في ب : نحو كلمتين.

(٦) بياض نحو كلمتين.

(٧) في أسد الغابة : ابن غنام بن أوس بن عمرو.

(٨) أسد الغابة ت (٤١٨٦) ، الثقات ٣ / ٣٢٧ ، أصحاب بدر ٢٤٥.

٢٥٨

قرأت بخط الخطيب في المؤتلف ، ومن طريق أبي عاصم ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي ، حدّثني عبد الله بن غنّام ، عن أبيه ، قال : أتى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في اثني عشر ألفا ، وقتل من أهل الطائف يوم حنين مثلي ما قتل من قريش يوم بدر ، قال : وأخذ كفّا من حصى (١) فرمى به في وجوهنا فانهزمنا.

قلت : فهو والد عبد الله بن غنام الأنصاري.

٦٩٣٣ ـ غنام ، والد عبد الرحمن (٢):

ذكره ابن أبي حاتم ، عن أبيه في الصحابة ، وقال : روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حديثه : من صام ستة أيام من شوال رواه حاتم بن إسماعيل ، عن إسماعيل المؤذن ، مولى عبد الرحمن بن غنام ، عن عبد الرحمن بن غنّام ، عن أبيه.

قلت : ووصله ابن مندة من رواية حاتم ، ولفظه : من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال فكأنما صام السنة.

وأخرجه أبو نعيم بنحوه ووقع عند البغوي غنام الأنصاري سكن المدينة. وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حديث لم يزد على هذا ، ولا ذكر الحديث.

وقد تقدّم أنّ بعضهم صحفه ، فقال : عنان ، بكسر المهملة وتخفيف النون وبعد الألف نون أخرى.

٦٩٣٤ ز ـ غنام (٣): ذكر أبو عمر عقب ترجمته ما نصّه : رجل من الصحابة مذكور في أهل بدر ، كذا حكاه ابن الأثير ولم يفرده بترجمة ، وأظنّه الّذي روى حديثه

٦٩٣٥ ز ـ غنيم بن زهير : أخو عياض المتقدم.

ذكره الأمويّ في «مغازيه» ، عن عبد الله بن زياد ، عن ابن إسحاق ، فيمن هاجر إلى الحبشة هو وأخوه عياض واستدركه ابن فتحون. وقد تقدم ذكر ولده عياض في القسم الأول.

٦٩٣٦ ـ غنيم بن سعد : والد عبد الرحمن بن غنم الأشعري.

قال ابن سعد : له صحبة ، وهو ممن قدم مع أبي موسى الأشعري.

__________________

(١) في أ : حصباء.

(٢) أسد الغابة ت (٤١٨٧) ، تصحيفات المحدثين ٧٢٨).

(٣) الاستيعاب ت (٢٠٨٨).

٢٥٩

٦٩٣٧ ـ غنيم بن عثمان :

ذكره عبد الصّمد بن سعيد فيمن نزل حمص من الصحابة ، وله راية (١). حدث عنه عبد الرحمن بن أبي عوف.

٦٩٣٨ ـ غني (٢)بن قطيب (٣):

ذكره ابن مندة ، وقال : شهد فتح مصر ، وذكر في الرواية : ولا تعرف له رواية ، قاله لي أبو سعيد بن يونس.

الغين بعدها الواو

٦٩٣٩ ـ غورث بن الحارث : الّذي قال : من يمنعك مني؟ قال : الله. فوضع السيف من يده وأسلم.

قاله البخاريّ من حديث جابر ، هكذا استدركه الذهبي في التجريد على من تقدمه. ونقلته من خطه ، وليس في البخاري تعرّض لإسلامه.

قال البخاريّ : من حديث جابر ، هكذا استدركه الذهبي في التجريد على من تقدمه. ونقلته من خطه ، وليس في البخاري تعرّض لإسلامه. قال البخاريّ : أخرجه من ثلاث طرق : إحداها موصولة. والأخرى معلقة ، والأخرى مختصرة جدا ، أما الموصولة فمن طريق الزهري ، عن سنان بن أبي سنان ، عن جابر ـ أنه غزا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل نجد فذكر الحديث ، وفيه : ثم إذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدعونا ، فجئناه ، فإذا عنده أعرابيّ جالس ، فقال : إن هذا اخترط سيفي (٤) ، وأنا نائم فاستيقظت وهو في يده مصلتا ، فقال لي : من يمنعك مني؟ قلت : الله ، فها هو ذا جالس.

ثم لم يعاقبه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يسمّ في هذه الرواية.

وأما المعلقة فقال البخاري عقب هذه : قال أبان : حدثنا يحيى بن أبي سلمة ، عن جابر ، قال : كنّا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذات الرقاع فذكر الحديث بمعناه ، وفيه أن أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تهدّدوه ، وليس فيه تسميته. أيضا.

وأما المختصرة فقال : فقال مسدّد ، عن أبي عوانة عن أبي بشر : اسم الرجل غورث بن الحارث ، ولم يبيّن البخاري ما في مسند أبي بشر.

وقد رويناه في المسند الكبير لمسدد بتمامه ، وفيه ما يصرح بعدم إسلام غورث ،

__________________

(١) في أ : رواية.

(٢) أسد الغابة ت (٤١٨٨).

(٣) في أ : قطب.

(٤) اخترط السّيف : سلّه من غمده. اللسان ٢ / ١١٣٥.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403