الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد الجزء ٢

الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد0%

الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 563

الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد

مؤلف: أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبرى البغدادى (الشيخ المفيد)
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف:

الصفحات: 563
المشاهدات: 172791
تحميل: 8915


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 563 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 172791 / تحميل: 8915
الحجم الحجم الحجم
الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد

الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد الجزء 2

مؤلف:
العربية

عَدْلاُ وقِسْطاً كما مُلِئتْ ظُلْماً وجَوْراً»(١) .

* * *

__________________

(١) سنن ابي داود ٤: ١٠٦ / ٤٢٨٢، سنن الترمذي ٤: ٥٠٥ / ٢٢٣١، غيبة الشيخ الطوسي: ١٨٠ / ١٤٠.

٣٤١

باب ذِكْرِ طَرَفٍ من الدلائل على إِمامةِ القائمِ بالحقِ «محمدِ بن الحسن »(١) ، عليهما السلامُ

فمن الدلائلِ على ذلك ما يَقْتضيه العقلُ بالاستدلالِ الصحيح، من وُجودِ إِمام معصومٍ كاملٍ غنيٍّ عن رعاياه في الأحكامٍ والعلوم في كلِّ زمانٍ، لاستحالةِ خُلُوِّ المكلَّفينَ من سلطانٍ يكونون بوُجودِه أقْرَبَ إلى الصلاحِ وأبعَدَ من الفسادِ، وحاجة الكلِّ من ذَوي النقصانِ إلى مؤَدِّبٍ للجُناةِ، مُقَوِّمٍ للعصاةِ، رادعٍ للغواةِ، مُعَلِّمٍ للجُهّالِ، مُنَبِّهٍ للغافلينَ، مُحَذرٍ من الضلالِ، مُقيم للحدودِ، مُنَفَذٍ للأحكام، فاصلٍ بين أهلِ الاختلافِ، ناصبٍ للأمَراءِ، سادٍّ للثُغورِ، حافَظٍ للأمْوالِ، حامٍ عن بَيْضةِ الإسلام، جامعٍ للناسِ في الجُمُعاتِ والأعيادِ.

وقيام الأدِلةِ على أنه مَعْصوم من الزلاّتِ لغناه عن الإمام بالاتِّفاقِ، واقتضاءِ ذلَك له العصمةَ بلا ارتيابٍ، ووجوبِ النصِّ علىَ مَنْ هذه سبيلهُ مِنَ الأنام، أو ظُهورِ المُعْجزِ عليه، لتميّزهِ ممّن سواه، وعَدَم هذه الصفات من كل احدٍ سوى مَنْ أثْبَت إِمامتَه أصحابُ الحسنِ بن عليٍّعليهما‌السلام وهو ابْنُه المهدي، على ما بَيَّناه.

وهذا أصْل لن يحتاجَ معه في الإمامةِ إلى روايةِ النصوصِ وتعدادِ

__________________

(١) في «م» وهامش «ش»: ابن الحسن.

٣٤٢

ما جاء فيها من الأخبارِ، لقيامِه بنفسِه في قَضيٌةِ العقولِ وصِحَّتِه بثابتِ الاستدلالَ.

ثم قد جاءتْ روايات في النصِّ على ابن الحسنعليه‌السلام من طُرُقٍ يَنْقَطِعُ بها الأعذارُ، وأنا بمشيّةِ ِ الله مُورِدٌ طَرَفاً منها على السبيلِ التي سَلَفَتْ من الأخْتصارِ.

* * *

٣٤٣

٣٤٤

باب ماجاءَ من النصِّ على إِمامةِ صاحب الزمانِ

الثاني عشر من الأَئمةِ

صلواتُ الله عليهمَ في مُجملٍ ومُفَصَّلٍ على البيانِ

أخْبَرَني أبو القاسم جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوب الكليني، عن عليِّ بن إِبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن الفضيل(١) ، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفرعليه‌السلام قالَ: «إِنَ اللهَ عزَّ اسْمُه أرْسَلَ محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله إِلى الجنِّ والإنسِ، وجَعَلَ من بَعْدِه اثْنَي عَشَرَ وصيّاً، منهم مَنْ سَبَقَ ومنهم مَنْ بَقِيَ، وكُلُّ وَصيٍّ جَرَتْ به سُنّةٌ، فالأوصياءُ الذين من بعدِ محمدٍ عليه وعليهم السلامُ على سنَّةِ أوصياءِ عيسىعليه‌السلام وكانوا اثْنَيْ عَشَرَ، وكانَ أميرُ المؤمنينَعليه‌السلام على سُنّةِ المسيحِعليه‌السلام »(٢) .

أخْبَرَني أبو القاسم جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمدَ بن محمد بن عيسى، ومحمد بن أبي عبدلله ومحمد ابن الحسين، عن سهل بن زياد جميعاً عن الحسن بن عباس، عن أبي

__________________

(١) كذا في «ح »، وفي «ش» و «م»: الفضل، وهو تصحيف كما يعلم من تتبع الاسناد ومصادر الحديث، وفي عيون الاخبار والخصال وصف الراوي بالصيرفي وهو محمد بن الفضيل بن كثير الازدي الكوفي من أصحاب الصادق والكاظم والرضاعليهم‌السلام . انظر معجم رجال الحديث ١٧: ١٤٥.

(٢) الكافي ١: ٤٤٧ / ١٠، إكمال الدين: ٣٢٦ / ٤، الخصال: ٤٧٨ / ٤٣، عيون اخبار الرضاعليه‌السلام ١:٥٥ / ٢١، الغيبة للطوسي: ١٤١ / ١٠٥، اعلام الورى: ٣٦٦.

٣٤٥

جعفرٍ الثاني، عن آبائه، عن أميرِ المؤمنينَعليهم‌السلام قالَ: «قالَ رسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأصحابِه: آمِنوا بليلةِ القدرِ، فإنه يَنْزِلُ فيها أمْرُ السَنةِ، وإنَّ لذلك وُلاةً من بَعْدي عليَّ بن أبي طالبٍ وأَحَدَ عشرَ من وُلْده»(١) .

وبهذا الأسناد قالَ: قالَ أميرُ المؤمنينَعليه‌السلام لابن عباس: «إنَّ ليلةَ القَدْرِ في كلًّ سَنَة، وِانَّه يَنْزلُ في تلك الليلةِ أمْرُ السَنَةِ، ولذلك الأمر ولاةٌ من بَعْدِ رسولِ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله » فقالَ له ابنُ عباس: مَنْ هم؟ قالَ: «أنا وأحَدَ عَشَرَ من صُلْبي(٢) أَئمة مُحَدَّثُونَ،(٣) .

أخْبَرَني أبو القاسم جعفرُبن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن محمد ابن يحيى، عن (محمد بن الحسين )(٤) ، عن ابن محبوب، عن ابي الجارود، عن أبي جعفر محمد بن عليٌعليهما‌السلام ، عن جابرِبن عبد الله الأنصاري «قالَ: دَخَلْتُ على فاطمة بنتِ رسولِ اللهعليهما‌السلام وبين يديها لوحٌ فيه أسماءُ الأوصياءِ والأئمةِ من وُلْدها، فعَدَّدْتُ اثْنَيْ عَشَرَ اسْماً اخِرُهم القائمُ من وُلْدِ فاطمة، ثلاثةٌ منهم محمدٌ، وأربعة منهم عليٌ»(٥) .

__________________

(١) الكافي ١: ٤٤٨ / ١٢، والخصال: ٤٨٠ / ٤٨، واعلام الورى: ٣٧٠، باختلاف يسير، مناقب آل ابي طالب ١: ٢٩٨، مثله.

(٢) في «م»: ولدي.

(٣) الكافي ١: ٤٤٧ / ١١، الخصال: ٤٧٩ / ٤٧، الغيبة للنعماني: ٦٠ / ٣، الغيبة للطوسي: ١٤١ / ١٠٦، اعلام الورى: ٣٦٩.

(٤) كذا في «م» وقد صحح الحسين بالحسن في «ش» و «م».

(٥) الكافي ١: ٤٤٧ / ٩، إكمال الدين: ٢٦٩ / ١٣ و ٣١١ / ٣ و ٣١٣ / ٤، الخصال: ٤٧٧ / ٤٢، عيون اخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٤٧ / ٦ و ٧، والغيبة للطوسي: ١٣٩ / ١٠٣، اعلام الورى: ٣٦٦.

٣٤٦

أخْبَرَني أبو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن أبي عليِّ الأشعري، عن (الحسن بن عبيداللهّ )(١) ، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن عليِّ ابن سماعة، عن عليِّ بن الحسن بن رباط، عن عمر بن أُذَيْنة، عن زرارة قالَ: سَمِعْتُ أبا جعفرعليه‌السلام يَقولُ: «الاثْنا عشر الأئمةُ من آلِ محمدٍ كُلُّهم مُحَدَّثٌ، عليّ بن أبي طالب وأحَدَ عَشَرَمن وُلْده، ورسولُ اللة وعلي هما الوالدان، صلّى الله عليهما»(٢) .

أخْبَرَني أبو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن عليِّ بن إِبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سعيد بن غزوان، عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام قالَ: «يكونُ بعد الحسينعليه‌السلام تسعةُ أئمةٍ، تاسِعُهُمْ قائمُهُمْ »(٣) .

أخْبَرَني أبو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان، عن زرارة قالَ: سَمِعْتُ أبا جعفرعليه‌السلام يَقولُ: « الأئمةُ اثْنا عَشَرَ إماماً، منهم الحسنُ والحسينُ، ثم الأئمةُ من وُلْدِ الحسينعليهم‌السلام »(٤) .

__________________

(١) كذا في النسخ، والظاهر ان الصواب الحسين بن عبيدالله كما في الخصال والعيون، وانه الحسين ابن عبيدالله بن سهل السعدي، يروي عنه أحمد بن ادريس - أبو علي الاشعري - في حال استقامته. «رجال النجاشي: ٦١ / ١٤١».

(٢) الكافي ١: ٤٤٨ / ١٤، وفي عيون اخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٥٦ / ٢٤، والخصال: ٤٨٠ / ٤٩، والغيبة للطوسي: ١٥١ / ١١٢، ومناقب آل ابي طالب ١: ٢٩٨، واعلام الورى: ٣٦٩، باختلاف يسير.

(٣) الكافي ١: ٤٤٨ / ١٥، الخصال: ٤٨٠ / ٥٠، إعلام الدين: ٣٥٠ / ٤٥، دلائل الامامة: ٢٤، الغيبة للنعماني: ٩٤ / ٢٥، اثبات الوصية: ٢٢٧، الغيبة للطوسي: ١٤٠ / ١٠٤.

(٤) الكافي ١: ٤٤٨ / ١٦، الخصال: ٤٧٨ / ٤٤ و ٤٨٠ / ٥١، عيون اخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٥٦ / ٢٢.

٣٤٧

أخْبَرَني أبو القاسمِ جعفرُبن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن عليِّ ابن محمد، عن محمد بن عليِّ بن بلال قالَ: خَرَجَ إِلَيّ أمْرُ أبي محمد الحسنِ بن عليٍّ العسكريعليه‌السلام قَبْلَ مُضِيِّهِ بسنتين يُخْبِرُني بالخَلَفِ من بَعْدِه، ثم خَرَجَ إِلَيَّ من قَبْل مُضيِّه بثلاثة أيامِ يُخْبرُني بالخَلَفِ من بَعْدِه(١) .

أخْبَرَني أبو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمدَ بن إِسحاق، عن أبي هاشم الجعفري قالَ: قُلْتُ لأبي محمد الحسن بن عليِّعليه‌السلام : جَلالتُك تَمْنَغني عن مَسْألتك، فَتأْذَنُ لي أنْ أسْألَكَ؟ فقالَ: «سلْ » قُلْتُ: يا سيدي، هل لك وَلَد؟ قالَ: «نعم » قُلْتُ: إِنْ حَدَثَ حَدَثٌ فأيْنَ أسْألُ عنه؟ قالَ: «بالمدينةِ »(٢) .

أخْبَرَني أبو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن عليِّ بن محمد، عن جعفر بن محمد الكوفي، عن جعفر بن محمد المكفوف، عن عمرو الأهوازي قالَ: أراني أبو محمد ابْنَهعليهما‌السلام وقالَ: «هذا صاحِبكم بَعْدي »(٣) .

أخْبَرَني أبو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن عليِّ بن محمد، عن حمدان القلانسي، عن العَمْري(٤) قالَ: مَضى أبو محمدعليه‌السلام

__________________

(١) الكافي ١: ٢٦٤ / ١، اعلام الورى: ٤١٣، الفصول المهمة: ٢٩٢.

(٢) الكافي ١: ٢٦٤ / ٢، الغيبة للطوسي: ٢٣٢ / ١٩٩، اعلام الورى: ٤١٣، الفصول المهمة: ٢٩٢.:

(٣) الكافي ١: ٢٦٤ / ٣، الغيبة للطوسي: ٢٣٤ / ٢٠٣، أعلام الورىَ: ٤١٤، باختلاف يسير، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٢: ٦٠ / ٤٨.

(٤) كذا في «ش» وهامش «م» وهو الصواب، وفي «م» ضبطه: العمَري، وفي ذيله: صح، وفي

٣٤٨

وخَلَّفَ وَلَداً له(١) .

أخْبَرَني أبو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن أحمدَ بن محمد بن عبداللهّ قالَ: خَرَجَ عن أبي محمدعليه‌السلام حينَ قُتِلَ الزُبيري(٢) لَعَنَه الله: «هذا جزاءُ مَنِ اجْتَرأ على الله تعالى في أوليائِه، زَعَمَ أنه يَقْتُلُني وليس لي عَقبٌ، فكيف رَأى قُدْرةَ اللّهِ فيه » قالَ محمدُ بن عبدالله: ووُلِدَ له وَلَدٌ(٣) .

أخْبَرَني أبو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن عليِّ بن محمد، عمَّن ذَكَرَه، عن محمد بن أحمد العلوي، عن داود بن القاسم الجعفري قالَ: سَمِعْتُ أبا الحسن عليٌَ بن محمدعليهما‌السلام يقولُ: «الخَلَفُ من بعدي الحسنُ، فكيف لكم بالخَلَفِ من بعد الخَلَفِ؟» قُلْتُ: ولم؟ جَعَلَني اللّهُ فداك. فقالَ: «لأنّكم لاتَرَوْنَ شَخْصَه، ولا يَحلُّ لكم ذكرَه باسْمِه » فقُلْتُ: فكيف نَذكُرُه؟ قالَ: «قُولوا الحجّةُ من آلِ محمدٍعليهم‌السلام »(٤) .

__________________

هامش «ش»: العُمَري وفي جوانبه: صح ثلاث مرات ورمز: (ع) و (س) وفي هامشها أيضاً: «وقرأت في نسخة من لا يحضره الفقيه المقروءة على ابن بابويه رضيِ الله عنه، في باب نوادر الحج [ ٢: ٣٠٧ / ١٥٢٥، ١٥٢٦ ] العَمْري في عدة مواضع مضبوطاًَ مصححاً وكانت النسخة مقروءة عليه وعليها خطه ».

(١) هذا الحديث نقل بالمعنى، روى اصله الكليني في الكافي ١: ٢٦٤ / ٤.

(٢) يقول العلامة المجلسيرحمه‌الله في مراة العقول ٤: ٣ / ٥: الزبَيري: كان لقب بعض الاشقياء من ولد الزبيركان في زمانهعليه‌السلام فهدّده وقتله الله على يد الخليفة أو غيره، وصحٌفه بعضهم وقرأ بفتح الزاء وكسر الباء من الزَبيربمعنى الداهية كناية عن المهتدي العباسي، حيث قتله الموالي.

(٣) الكافي ١: ٢٦٤ / ٥، والغيبة للطوسي: ٢٣١ / ١٩٨، بزيادة في آخرهما.

(٤) الكافي ١: ٢٦٤ / ١٣، إكمال الدين: ٣٨١ / ٥ و ٦٤٨ / ٤، علل الشرائع:٢٤٥ / ٥، اثبات

٣٤٩

وهذا طَرَف يسيرممّا جاءَ في النصوصِ على الثاني عشرمن الاُئمَّةِعليهم‌السلام ، والرواياتُ في ذلك كثيرةٌ قد دَوَّنَها أصحابُ الحديثِ من هذهِ العصابةِ وأثبَتوها في كُتُبهم المصنَفةِ، فممٌن أثْبَتَها على الشرحِ والتفصيلِ محمّد بن إِبراهيم المكَنَّى أبا عبد اللهِ النعماني في كتابِه الذي صَنَّفَه في الغيبةِ، فلا حاجةَ بنا مع ما ذَكَرْناه إِلى إِثْباتها على التفصيلِ في هذا المكانِ(١) .

* * *

__________________

الوصية: ٢٢٤، كفاية الأثر: ٢٨٨، الغيبة للطوسي: ٢٠٢ / ١٦٩، اعلام الورى: ٣٥١، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠: ٢٤٠ / ٥. وفي علل الشرائع واثبات الوصية وكفاية الاثروإكمال إلدين صرّح بان: الخلف من بعدي «ابني» الحسن.

(١) للشيخ المفيدرحمه‌الله في الغيبة مصنفات منها: كتاب الغيبة، ومنها: مختصره (مختصر في الغيبة)، ومنها: ثلاثة مسائل مجموعة موجودة في خزانة الطهراني بسامراء، ومنها: كلام منه في كتابه «العيون والمحاسن » انتزعه منه السيد المرتضىرحمه‌الله وأدرجه في «الفصول المختارة من العيون والمحاسن » وقد أخرجه الطهراني من الفصول وأدرجه في مجموعة مسائل المفيد في الغيبة. «انظر: الذريعة ١٦: ٨٠».

٣٥٠

باب ذِكْرِ مَنْ رأى الأمامَ الثاني عشر عليه السلامُ

وطَرَفٍ من دلائلهِ وبيِّناتِه

أخْبَرَني أبو القاسم جعفرُ بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن عليِّ بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر - وكانَ أسنَّ شيخٍ من ولد رسولِ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالعراقِ - قالَ: رَأيتُ ابْنَ الحسن بن عليِّ بن محمدعليهم‌السلام بين المسجدين وهوغلامٌ(١) .

أخْبَرَني أبو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن الحسين بن رزق الله قالَ: حَدثَني موسى بن محمد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر قالَ: حَدثَتْني حكيمةُ بنت محمد بن عليٍّ - وهي عمّةُ الحسنعليه‌السلام - أنّها رَأتِ القائمَعليه‌السلام ليلةَ مَوْلدِه وبَعْدَ ذلك(٢) .

أخْبَرَني أبو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن عليِّ بن محمد، عن حمدان القلانسي قالَ: قُلتُ لأبي عمرو العمري(٣) : قد مَضى أبو محمد، فقالَ لي: قد مَضى، ولكن قد خَلَّفَ فيكم مَنْ رَقَبَتُه مثلُ

__________________

(١) الكافي ١: ٢٦٦ / ٢، الغيبة للطوسي: ٢٦٨ / ٢٣٠، اعلام الورى: ٣٩٦.

(٢) الكافي ١: ٢٦٦ / ٣، وانظره مفصلاً في إكمال الدين: ٤٢٤ / ١، وغيبة الشيخ: ٢٣٧ / ٢٠٥.

(٣) في هامش «ش»: هو عثمان بن سعيد العمري وهو باب الامام.

٣٥١

هذه - وأشارَ بيده(١) -(٢) .

أخْبَرَني أبو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن عليِّ بن محمد، عن فتح - مولى الزراري - قالَ: سَمِعْتُ أبا علي بن مطهّر يَذْكُرُ أنَه رآه، ووَصَفَ له قَدَّه(٣) .

أخْبَرَني أبو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن عليّ بن محمد، عن محمد بن شاذان بن نُعيم، عن خادمةٍ لإبراهيم بن عبدة النيسابوري - وكانَتْ من الصالحات - أنَها قالَتْ: كُنْتُ واقِفةً مع إِبراهيم على الصفا، فجاءَ صاحبُ الأمْرِعليه‌السلام حتى وَقَفَ معه وقَبَضَ على كتاب مناسكِه، وحَدَثَه بأشياء(٤) .

أخْبَرَني أبو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن عليِّ بن محمد عن محمد بن عليِّ بن إِبراهيم، عن أبي عبدالله بن صالح:أنَّه رآه بحذاء الحجر

__________________

(١) قال العلامة المجلسيرحمه‌الله في مرآة العقول ٤: ٢: «وأشار بيده: أي فرّج من كلّ من يديه اصبعيه الابهام والسبابة وفرٌج ببن اليدين كما هو الشائع عند العرب والعجم في الاشارة الى غلظ الرقبة، أي شابّ قويّ رقبته هكذا، ويؤيده أن في رواية الشيخ: وأومى بيده، وفي رواية اخرى رواه، قال: قد رأيتهعليه‌السلام وعنقه هكذا، يريد أنّه أغلظ الرقاب حسناً وتماماً».

ويؤيده أيضاً ما في رواية الشيخ في الغيبة: ٢٥١ / ٢٢٠: ان أحمد بن اسحاق سأل أبا محمد عليه‌السلام عن صاحب هذا الامر فاشار بيده أي انه حيّ غليظ الرقبة، وما رواه الصدوق في إكمال الدين ٢: ٤٤١ عن عبداللُه بن جعفر الحميري انه سأل العمري: هل رأيت صاحبي؟ قال: نعم، وله عنق مثل ذي، وأومأ بيديه جميعاً الى عنقه.

(٢) الكافي ١: ٢٦٤ / ٤ و ٢٦٦ / ٤، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٢: ٦٠ / ٤٥.

(٣) الكافي ١: ٢٦٦ / ٥، الغيبة للطوسي: ٢٦٩ / ٢٣٣، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٢: ٦٠ / ذيل الحديث ٤٥.

(٤) الكافي ١: ٢٦٦ / ٦، الغيبة للطوسي: ٢٦٨ / ٢٣١، اعلام الورى: ٣٩٧.

٣٥٢

والناسُ يَتَجاذبونَ عليه، وهو يَقولُ: «ما بهذا أُمِروا»(١) .

أخْبَرَني أبو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن عليَّ بن محمد، عن أحمدَ بن إِبراهيم بن إِدريس، عن أبيه أنَّه قالَ: رَأيتهعليه‌السلام بَعْدَ مُضيِّ أبي محمدٍ حين أيْفَعَ(٢) ، وقٌبلتُ يده ورأسه(٣) .

أخْبَرَني أبو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن عليٌ بن محمد، عن أبي عبداللّه بن صالح وأحمد بن النضر، عن القنبري(٤) قالَ: جَرى حَديثُ جعفر بن عليّ فذمه، فقلت: فليس غيره؟ قال: بلى، قلت: فهل رأيته؟ قال: لم أره، ولكن غيري رآه، قُلْتُ: مَنْ غَيْرُك؟ قالَ: قد رآه جعفرُ مرَّتين(٥) .

أخْبَرَني أبو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن عليِّ بن محمد، عن جعفر بن محمد الكوفي، عن جعفر المكفوف، عن عمرو الأهوازي قالَ:

__________________

(١) الكافي ١: ٢٦٧ / ٧، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٢: ٦٠ / ٤٦.

(٢) اليافع: الشاب. «لسان العرب - يفع - ٨: ٤١٥ ».

(٣) الكافي ١: ٢٦٧ / ٨، الغيبة للطوسي: ٢٦٨ / ٢٣٠، اعلام الورى: ٣٩٧.

(٤) اثبتناها من نسخة في هامش «ش» و «م»، وتحتها في «م»: صح وفي متنها: العنبري، وفوقها في «ش»: مـ، وتحتها: صح، ونسخة «ح » غير واضحة، والظاهر صحة ما أثبتناه، وهو الموافق للمصادر، وقد وصفته بأنّه رجل من ولد قنبر الكبيرمولى أبي الحسن الرضاعليه‌السلام .

وقد ذكر في الكافي والغيبة للشيخ في ذيل هذه الرواية: وله حديث، والظاهر أنه اشارة الى ما رواه في إكمال الدين: ٤٤٢ / ١٥ باسناده عن أبي عبدالله البلخي عن محمد بن صالح بن علي ابن محمد بن قنبر الكبيرمولى الرضا عليه‌السلام قال: خرج صاحب الزمان عليه‌السلام على جعفر الكذاب الخبر، ومنه يظهر المراد من القنبري هنا.

(٥) الكافي ١: ٢٦٧ / ٩، الغيبة للطوسي: ٢٤٨ / ٢١٧، اعلام الورى: ٣٩٧، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٢: ٦٠ / ٤٧.

٣٥٣

أرانيه أبو محمد وقالَ: «هذا صاحبُكم »(١) .

أخْبَرَني أبو القاسم، عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن الحسن بن علي النيسابوري، عن إِبراهيم بن محٌمد، عن أبي نصر طريفِ الخادم أنَّه رآهعليه‌السلام (٢) .

وأمثالُ هذه الأخبار في معنى ما ذكرناه كثيرةٌ، والذي اخْتصَرْناه منها كافٍ فيما قَصدْناه، إِذ العمدة في وجودِه وِامامتِهعليه‌السلام ما قدمْناه، والَّذي يأْتي من بعدُ زيادةٌ في التأْكيدِ لو لم نُوردْه لكانَ غيرَ مُخلٍّ بما شَرَحْناه، والمنّة للّهِ عزَّ وجلَّ.

__________________

(١) الكافي ١: ٢٦٤ / ٢ و ٢٦٧ / ١٢، الغيبة للطوسي: ٢٣٤ / ٢٠٣، اعلام الورى: ٤١٤، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٢: ٤٨ / ٦٥.

(٢) الكافي ١: ٢٦٧ / ١٣، اعلام الورى: ٣٩٦، وفيهما: ابو نصر ظريف، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٢: ٦٠ / ٤٩.

٣٥٤

باب طَرَفٍ من دلائل صاحبِ الزمانِ عليه السلامُ

وبيِّناتِه وآياتِه

أخْبَرَني أبو القاسم جعفرُ بن محمد بن قولويه، عن محمد بن يعقوب، عن عليِّ بن محمد، عن محمد بن حَمّويه، عن محمد بن إِبراهيم بن مهزيار(١) قالَ: شَكَكْتُ عند مُضيّ أبي محٌمد الحسن بن عليٍّعليهما‌السلام واجْتَمَعَ عند أبي مالٌ جليلٌ فحَمَلَه، وركِبتُ السفينةَ معه مشيِّعاً له، فوَعَك وَعْكاً شديداً فقالَ: يابُنَيّ، رُدَّني فهو الموت، وقالَ لي: اتَق الله في هذا المالِ، وأوصى إِلَيَّ وماتَ بعد ثلاثةِ أيامٍ.

فقُلتُ في نفسي: لم يكُنْ أبي ليوصيَ بشيءٍ غير صحيح، أحملُ هذا المالَ إِلى العراقِ، وأكْتري داراً على الشطِ، ولا أُخبرُ أحداً بشيء، فإِنْ وَضِحَ لي كوضوحهِ في أيامِ أبي محمد أنْفَذْتُه، وِإلاّ أنْفَقْتُه في ملاذّي وشهواتي.

فقَدِمْتُ العراقَ واكْتَرَيْتُ داراً على الشطِ وبقيتُ أياماً؟ فإِذا أنا برقعةٍ مع رسولٍ، فيها: «يا محمدُ، معك كذا وكذا» حتى قصَّ عَلَيَّ جميعَ

__________________

(١) في «ش» و «م»: مهران بدل مهزيار وهو تصحيف، والصواب ما أثبتناه من «ح » وهو الموافق للمصادر، وقد عده الشيخ من اصحاب أبي محمد العسكري: ٤٣٦ / ١٥، وذكره الصدوق في إكمال الدين: ٤٤٢ ممن وقف على معجزات صاحب الزمانعليه‌السلام وكان من الوكلاء وقد ذكر في ص ٤٨٦ رواية ورود محمد بن ابراهيم بن مهزيار الى العراق شاكٌاً مرتاداً بالفاظ أخرى.

٣٥٥

ما معي، وذَكَرَ في جملتهِ شيئاً لم أُحِطْ به علماً، فسَلمْتُه إِلى الرسولِ، وبَقيتُ أياماً لا يَرْفَعُ بي رأس، فاغْتَمَمْتُ فخرجَ إليّ: «قد أقمناك مقامَ أبيك، فاحمد الله»(١) .

وروى (محمد بن أبي عبدالله السيّاري )(٢) قالَ: أوْصَلْتُ أشياءَ للمرزباني الحارثي فيها سوار ذهبٍ، فقبلَتْ وردٌ عَلَيٌ السوار، وأمِرْتُ بكسرِه فكَسَرْتُه، فإِذا في وسطه مثاقيل حديدٍ ونحاسٍ وصُفرٍ، فأخْرَجْته وأنفَذْتُ الذهبَ بعد ذلك فقبل(٣) .

عليُّ بن محمد قالَ: أوْصلَ رجلٌ من أهلِ السوادِ مالاً، فرُدَّ عليه وقيلَ له: «أخرِجْ حقَّ ولد عمِّك منه، وهو أربعمائة درهم » وكانَ الرجلُ في يده ضيعةً لولد عمٌه، فيها شركةٌ قد حَبَسها عنهم، فنَظَرَ فإذَا الذي لولدِ عمه من ذلك المالِ أربعمائةُ درهمٍ، فأخْرَجَها وأنفَذَ الباقي فقُبِلَ(٤) .

القاسمُ بن العلاء قالَ: وُلدَ لي عدّةُ بنين، فكُنْتُ أكْتُبٌ وأسألُ الدعاءَ لهم فلا يَكْتُب إِليٌ بشيءٍ من أمْرهم، فماتوا كلٌهم، فلمّا وُلِدَ لي

__________________

(١) الكافي ١: ٤٣٤ / ٥، الغيبة للطوسي: ٢٨١ / ٢٣٩، اعلام الورى: ٤١٧، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥١: ٣٢ / ٣١١.

(٢) كتب في «ش» في ذيل «أبي » و «السياري » كلمة: «كذا»، وكأنها أشارة الى اختلاف الارشاد مع المصادر، حيث ان في الكافي: محمد بن أبي عبداللّه عن أبي عبدالله النسائي، وفي بعض نسخه واعلام الورى: الشيباني بدل النسائي.

(٣) الكافي ١: ٤٣٥ / ٦، اعلام الورى: ٤١٨، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥١: ٢٩٧ / ١٢.

(٤) الكافي ١: ٤٣٥ / ٨، اعلام الورى: ٤١٨، ورواه باختلاف يسير الطبري في دلائل الامامة: ٢٨٦، والصدوق في إكمال الدين: ٤٨٦ / ٦، وعماد الدين الطوسي في ثاقب المناقب: ٥٩٧ / ٥٤٠، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥١: ٣٢٦ / ٤٥.

٣٥٦

الحسين(١) - ابني - كَتَبْتُ أسْألُ الدعاءَ له فاُجِبْتُ فبقيَ والحمدُ للّهِ(٢) .

عليًّ بن محمد، عن أبي عبدالله بن صالح قالَ: خَرَجْتُ سنةً من السنين إِلى بغداد، واسْتَأذَنْتُ في الخروج فلم يُؤذَنْ لي، فأقَمْتُ اثنين وعشرين يوماً بعد خروجِ القافلةِ إِلى النهروان، ثم اُذِنَ لي بالخروجِ يوم الأربعاء، وقيلَ لي: «اُخرُجْ فيه » فَخَرجْتُ وأنا آيس من القافلةِ أنْ الْحَقَها، فوافيت النهروانَ والقافلةُ مقيمةٌ، فما كانَ إلاّ أن عَلَفْتُ جَمَلي حتى رَحَلَتِ القإفلة فرَحَلْتُ، وقد دُعيَ لي بالسلامة فلم ألْق سوءً والحمدُ لله(٣) .

عليُّ بن محمد، عن نصرِبن صباح البلخي(٤) ، عن محمد بن يوسف الشاشي قالَ: خَرَجَ بي ناسور(٥) فأريتُه الأطباءَ، وأنفَقْتُ عليه مالاً عظيماً فلم يَصْنَعِ الدواءُ فيه شيئاً، فكَتَبْتُ رُقعةً أسْألُ الدعاءَ، فوَقَّعَ إِلَيَّ: «ألْبَسَك الله العافيَة، وجَعَلَكَ مَعَنا في الدنيا والأخرةِ» فما أتَتْ عَلَيَّ جُمعة حتى عُوفيتُ وصارَ الموضعُ مثلَ راحتي، فدَعَوْتُ طبيباً من أصحابِنا وأرَيتُه إِيّاه

__________________

(١) في الكافي: الحسن، والظاهر انه هو الصحيح كما يظهر من كتب الرجال ومن رواية رواها الشيخ في الغيبة: ٣١٠ / ٢٦٣.

(٢) الكافي ١: ٤٣٥ / ٩، اعلام الورى: ٤١٨.

(٣) الكافي ١: ٤٣٥ / ١٠، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥١: ٢٩٧ / ١٣.

(٤) كذا في «ح » وهامش «ش» والبحار، وفي «ش» و «م»: علي بن محمد بن نصر بن صباح، وفي مطبوعة الكافي: علي عن النضربن صباح البجلي، وفي بعض نسخه: علي بن نصر بن صباح، وعن بعض نسخه: نضر بن الصباح، والظاهرأنّ صحة سند الكافي هو: علي عن نصر بن صباح - أو الصباح - البلخي، والمراد من علي في السند هو علي بن محمد المتقدم في السند السابق، ولذلك ذكر المصنف اسمه الكامل، ونصر بن صباح كان من أهل بلخ يروي عنه الكثي في غير واحد من مواضع رجاله، وقد ترجمه النجاشي في رجاله: ٤٢٨ / ١١٤٩، والشيخ في رجاله: ٥١٥.

(٥) الناسور: العرق الذي لا تنقطع علته «القاموس المحيط - نسر - ٢: ١٤١ ».

٣٥٧

فقالَ: ما عَرَفْنا لهذا دواءً، وما جاءَتْك العافيةُ إلاّ من قِبَلِ الله بغير احتساب(١) .

عليُّ بن محمد، عن عليِّ بن الحسين اليماني قالَ: كُنْتُ ببغداد فتهيَّأتْ قافلةٌ لليمانيين، فأرَدْتُ الخروجَ معهم فكَتَبْتُ ألتمسُ الإذنَ في ذلك، فخَرَجَ: «لا تَخْرُجْ معهم، فليس لك في الخروجِ معهم خيرة، وأقِمْ بالكوفة» قالَ: فأقَمْتُ، وخَرَجَتِ القافلة فخَرجَتْ عليهم بنو حنظلة فاجْتاحَتْهم.

قالَ: وكَتَبْتُ أستَأْذنُ في ركوبِ الماءِ فلم يُؤذنْ لي، فسَألْتُ عن المراكبِ التي خَرَجَتْ تلك السنةَ في البحرِ، فعُرِّفْت أنّه لم يَسلُمْ منها مركبٌ، خَرَجَ عليها قومٌ يقالُ لهم: البوارجُ فقَطَعوا عليها(٢) .

عليُّ بن الحسين قالَ: وَرَدْتُ العَسْكرَفأتيتُ الدرْبَ مع المَغِيْب(٣) ، ولم أكلِّمْ أحداً ولم أتعرَّفْ إِلى أحدٍ، فأنا أُصلّي في المسجدِ بعد فراغي من الزيارةِ(٤) ، فإِذا بخادمٍ قد جاءني فقالَ لي: قمْ، فقُلتُ له: إلى أينَ؟ فقالَ: إِلى المنزلَ، قُلتُ: ومَنْ أنا! لعلّك أُرْسِلْتَ إلى غَيري، فقالَ: لا، ما أُرْسِلْتُ إلاّ إليكَ (أنتَ عليُّ بن الحسين، وكان معه غلامٌ فسارّه )(٥) ، فلم

__________________

(١) الكافي ١: ٤٣٦ / ١١، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥١: ٢٩٧ / ١٤، كما ذكره الراوندي بحذف آخره في الخرائج والجرائح ٢: ٦٩٥ / ٩.

(٢) الكافي ١: ٤٣٦ / صدر حديث ١٢، اعلام الورى: ٤١٨، وباختلاف يسيرفي إكمال الدين: ٤٩١ / صدر حديث ١٤، ورواه في الهداية الكبرى: ٣٧٢، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥١:. ٣٣٠ / ٥٣.

(٣) في هامش «ش»: أي عند غيبوبة الشمس.

(٤) قال الفيض الكاشاني في الوافي ٣: ٨٧٢: لعله أراد بالزيارة زيارة الصاحب (عجل الله فرجه) من خارج داره كما يدل عليه قوله: «من داخل » في آخر الحديث.

(٥) في الكافي بدله: أنت علي بن الحسين رسول جعفر بن ابراهيم، فمرّ بي حتى انزلني في بيت

٣٥٨

أدْرِ ما قالَ حتى أتاني بجميعِ ما أحتاجُ إليه، وجَلَسْتُ عنده ثلاثةَ أيام، واسْتَاْذَنْتُه في الزيارةِ من داخلِ الدارِ، فأذِنَ لي فزُرْتُ ليلاً(١) .

(الحسينُ بن الفضل الهماني )(٢) قالَ: كَتَبَ أبي بخطِّه كتاباً فوردَ جوابُه، ثم كَتَبَ بخطي فوَردَ جوابُه، ثم كتب بخطِّ رجل جليلٍ من فقهاءِ أصحابِنا فلم يَردْ جوابُه، فنَظَرْنا فإِذا ذلك الرجلُ قد تَحوّلَ قَرْمَطياً(٣) .

__________________

الحسين بن أحمد ثم سارّه.

(١) الكافي ١: ٤٣٦ / ذيل الحديث ١٢، وباختلاف يسير في إكمال الدين: ٤٩١ / ذيل الحديث ١٤، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥١: ٣٣٠ / ذيل الحديث ٥٣.

(٢) في «ش»: الحسين بن المفضل الهُماي وقد كتب في ذيل المفضٌل والهماني كلمة: هكذا، وفي هامشها: الفضل بدل المفضل، وأيضاً في هامشها:الهُماي، ع وفوقه: صح، وفي متن «م»: الحسين بن المفضل الهماي، وفي هامشها: الهُماي وذيله: صح.

وفي هامش كلا النسختين: كان من فقهاء اصحابنا.

وفي نسخة «ح »: الحسين بن الفضل ولقبه مردّد بين الهماني والعماني.

وروى الخبر في الكافي عن الحسن بن الفضل بن زيد ( يزيد خ. ل ) اليماني (الهمداني، الهماني خ. ل ) وقد عدّ في إكمال الدين: ٤٤٣ ممّن وقف على معجزات صاحب الزمانعليه‌السلام ورآه من غير الوكلاء جماعة كان من ضمنهم، بقوله: ومن اليمن الفضل بن يزيد والحسن ابنه. وفي ص ٤٩٠ من نفس الكتاب ذكر هذا الخبرعن الحسن بن الفضل اليماني. فالظاهر انّ الصواب: الحسن بن الفضل اليماني.

(٣) في هامش «ش» و «م»: القرامطة هؤلاء المبطلون وهم منسوبون الى انسان كان ملقباً بكوميته، والقرمطي هو ابو سعيد الجنّابي، وجنّابة: بليدة على سيف أو قريبة من البحرين وكان ابوسعيد يستعرض الحاج فأهلك عالماً منهم، وابنه ابو طاهر هو الذي تعرض للحاج فقتلهم عن آخرهم واخذ الخِفّ (*) الذي كان معهم وقلع الحجر الاسود فحمله الى الاحساء وبنى بيتاً وركٌب الحجر في ركنه وجعل يحج الناس اليه فبقي الحجر بالاحساء عشر سنين ثم نقل الى الكوفة فبقي في مسجدها سنتين، ثم رد الى الكعبة، وروي ان ابا طاهر الجنّابي لما قتل الحاج رؤي وهو يقول:

أنا لله ولله أنا

يخلق الخلق وأفنيهم أنا

* الخِفُّ: المال الخفيف من الذهب والفضة والأبريسم والجواهر وغيرذلك.

٣٥٩

وذَكَرَ (الحسينُ بن الفضل )(١) قالَ: وَرَدْتُ العراقَ وعَمِلْتُ على ألاّ أخْرُجَ إلاّ عن بيِّنةٍ من أمْري ونجاحٍ من حوائجي، ولو احْتَجْتُ أنْ أقيمَ بها حتى أتصدَّقَ(٢) ، قالَ: وفي خلالِ ذلك يضيقُ صَدْري بالمُقام، وأخافُ أن يَفُوتَني الحجُّ. قالَ: فجئْتُ يوماً إِلى محمد بن أحمدَ - وكانَ السفَيرَ يومئذٍ - أتقاضاه فقالَ لي: صِرْ الى مسجد كذا وكذا، فإنٌه يَلْقاك رجلٌ، قالَ: فصِرْتُ إليه، فدَخَلَ عَلَيَّ رجلٌ، فلمّا نَظَرَ إِلَيَّ ضَحِكَ وقالَ لي: لا تَغْتَمّ، فإنَّك ستحجُّ في هذهِ السنةِ وتنصرِفْ إِلى أهلِك وولدِك سالماً قالَ: فأَطْمَأنَنْتُ وسَكَنَ قَلْبيث وقُلْتُ: هذا مصداقُ ذلك.

قالَ: ثم وَرَدْتُ العسكر(٣) فخَرَجَتْ إِلَيَّ صرةٌ فيها دنانير وثوبُ، فاغْتَمَمْتُ وقُلْتُ في نفسي: جَدّي(٤) عند القومِ هذا! واسْتَعْمَلْتُ الجهْلَ فرَدَدْتُها، ثم نَدِمْتُ بعد ذلك ندامةً شديدةً وقُلتُ في نفسي: كَفَرْتُ بردّي على مولاي، وكَتَبْتُ رقعةً أعتذرُ من فعلي وأبوُءُ بالإثم وأسْتَغْفِرُ من زَلَلي وأنفَذْتُها، وقُمتُ أتَطَهَّرُ للصلاةِ وأنا إذ ذاك أُفكّرُ في نفسي وأقولُ: إِن رُدَّتْ عَلَيَّ الدنانيرُلم أحللْ شَدَّها، ولم أُحْدِثْ فيها شيئاً حتى أحْمِلها إِلى أبي فإِنَّه أعْلَمُ منَّي. فخرج إِلَيَّ الرسولُ الذىِ حملَ الصرٌة وقالَ: قيلَ لي: «أسَأتَ إِذ لم تُعْلم الرجلَ، إِنّا ربمّا فَعَلْنَا ذلك بموالينا ابتداءً، ورُّبما سَألونا ذلك يَتَبَركَون به » وخَرَجَ إِلَيَّ: «أخْطَاْتَ في ردِّك برِّنا،

__________________

(١) كذا في «م» و «ح » وهامش «ش»، وفي متن «ش»: الحسين بن المفضّل، وقد مرٌ ما يتعلق به آنفاً.

(٢) تصدق: من الأضداد، يقال: قد تصدق الرجل اذا أعطى، وقد تصدق إذا سأل، والمراد هنا الثاني. انظر « الاضداد للانباري: ١٧٩ ».

(٣) العسكر: مدينة سامراء في العراق.

(٤) في هامش «ش» و «م»: جَدّي: أي حظي ونصيبي كأنه استصغره.

٣٦٠