اقتصادنا

اقتصادنا7%

اقتصادنا مؤلف:
تصنيف: فقه مقارن
الصفحات: 741

اقتصادنا
  • البداية
  • السابق
  • 741 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 156535 / تحميل: 9842
الحجم الحجم الحجم
اقتصادنا

اقتصادنا

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

[١٦٠٥٥] ١٠ - وعنهعليه‌السلام أنه قال: « من اكترى دابة أو سفينة فحمل عليها المكتري خمرا أو خنازير أو ما يحرم(١) ، لم يكن على صاحب الدابة شئ، وان تعاقدا على حمل ذلك، فالعقد فاسد، والكراء على ذلك حرام ».

[١٦٠٥٦] ١١ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « من اكترى دابة يوما فحبسها بعد ذلك أياما، فرب الدابة بالخيار ان شاء ضمنه ما نقصت، وإن شاء أخذ منه أجر مثلها ».

[١٦٠٥٧] ١٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا اختلف المتكاريان، فقال المكتري: اكتريت إلى موضع كذا، وقال رب الدابة: بل إلى موضع كذا، فإن كان أحد الموضعين أبعد أو أكثر مؤونة، فالبينة على المكتري إن كان ادعاه، وإن تساويا وأراد كل واحد منهما القصد إلى الموضع الذي ذكره، فإن كان قبل أن يركب الدابة، أو ركب ركوبا يسيرا، أو انتقد المكري أجرته، فالقول قوله والمكتري مدع إذا كان يشبه أن يكون كراء الناس مثله، وإن لم ينتقد ولم يركب، تحالفا وتفاسخا، ومن نكل عن اليمين لزمته دعوى صاحبه هذا إذا تكن بينة، وإن كانت بينة فالبينة أقطع ».

[١٦٠٥٨] ١٣ - وعنهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الرجل يكتري من المكاري إلى العراق والى خراسان أو إلى أفريقية أو إلى أندلس أو مثل هذا، يسمي البلد ولا يذكر الموضع الذي ينتهي إليه، قال: « يبلغه أشهر المواضع المعروفة من هذا البلد، كبغداد من العراق، أو القيروان من أفريقية، ونيسابور من خراسان(١) ».

[١٦٠٥٩] ١٤ - وعنهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الطحان تدفع إليه الحنطة،

__________________

١٠ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٧٨ ح ٢٢٩.

(١) في المصدر: حرم الله.

١١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٧٩ ح ٢٣٢.

١٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٧٩ ح ٢٣٣.

١٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٨٠ ح ٢٣٤.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٢٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٨٠ ح ٢٣٨.

٤١

ويشترط عليه(١) أن يعطي من الدقيق زيادة معلومة على كيل الحنطة قال: « لا خير في ذلك، وله الاجر، وعليه أن يؤد أمانته ».

[١٦٠٦٠] ١٥ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا دفع رجل إلى خياط ثوبا فخاط قباء، فقال رب الثوب: إنما أمرتك أن تخيط قميصا، وقال الخياط: بل أمرتني أخيطه قباء، ولا بينة بينهما، فالقول قول الخياط مع يمينه ».

[١٦٠٦١] ١٦ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا اغتصب الرجل عبدا فاستأجره، أو استأجره العبد نفسه، ثم استحقه مولاه، أخذه وأخذ الأجرة ممن كانت في يديه ».

٢٠ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب كتاب الوكالة)

[١٦٠٦٢] ١ - دعائم الاسلام عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « من وكل وكيلا على بيع فباعه له بوكس(١) من الثمن، جاز عليه(٢) إلا أن يثبت أنه تعمد الخيانة، أو حابى(٣) المشتري بوكس، وكذلك إن وكله على الشراء فتغالى فيه، فإن لم يعلم أنه تعمد الزيادة أو خان أو حابى، فشراؤه جائز عليه، وان علم أنه تعمد شيئا من الضرر، رد بيعه وشراؤه، فان وكله على بيع شئ فباع له بعضه، وكان ذلك على وجه النظر، فالبيع جائز، قال.

__________________

(١) في المصدر: « إليه ».

١٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٨٢ ح ٢٤٢.

١٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٨٦ ح ١٧٣٥.

الباب ٢٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٧ ح ١٥١.

(١) الوكس: النقص، واتضاع الثمن في البيع ( لسان العرب ج ٦ ص ٢٥٧ ).

(٢) في المصدر: جاز البيع عليه.

(٣) بيع المحاباة هو أن يبيع شيئا بدون ثمن مثله، فالزائد من قيمة المبيع عن الثمن عطية، والحباء: العطاء ( مجمع البحرين ج ١ ص ٩٤، لسان العرب ج ١٤ ص ١٦٢ ).

٤٢

وإن أمر رجلين أن يبيعا له عبدا، فباعه أحدهما لم يجز بيعه، إلا أن يجعل البيع لكل واحد منهما على الانفراد إن انفردا، أو لهما معا إذا اجتمعا ».

[١٦٠٦٣] ٢ - عوالي اللآلي. روي عن جابر بن عبد الله، أنه قال. أردت الخروج إلى خيبر، فأتيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلمت عليه، وقلت. إني أريد الخروج إلى خيبر، فقال. « إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقا، فان ابتغى منك آية، فضع يدك على ترقوته ».

[١٦٠٦٤] ٣ - وروي أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكل عمرو بن أمية الضمري(١) في قبول نكاح أم حبيبة وكانت بالحبشة، ووكل أبا رافع في قبول نكاح ميمونة بنت الحرث الهلالية خالة عبد اله بن العباس، ووكل عروة بن الجعد البارقي في شراء شاة الأضحية، ووكل السعاة في قبض الصدقات.

[١٦٠٦٥] ٤ - وروي أن علياعليه‌السلام وكل أخاه عقيلا في مجلس أبي بكر أو عمر، وقال. « هذا عقيل، فما قضي عليه فعلي، وما قضي له فلي » ووكل عبد الله بن جعفر في مجلس عثمان.

__________________

٢ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٢٥٦ ح ١.

٣ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٢٥٦ ح ٢ - ٥.

(١) في الطبعة الحجرية: الضميري، وما أثبتناه من المصدر، هو الصواب « راجع معجم رجال الحديث ج ١٣ ص ٧٨ ».

٤ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٢٥٧ ح ٦، ٧.

٤٣

٤٤

كتاب الوقوف والصدقات

أبواب كتاب الوقوف والصدقات

١ -( باب استحبابهما)

[١٦٠٦٦] ١ - دعائم الاسلام. عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال. « لا يتبع أحدا من الناس بعد الموت شئ، إلا صدقة جارية، أو علم صواب، أو دعاء ولد ».

[١٦٠٦٧] ٢ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « ليس يتبع الرجل بعد موته من الاجر إلا ثلاث خصال. صدقة أجراها في حياته فهي تجري له بعد موته(١) ، أو ولد صالح يدعو له، أو سنة هدى استنها فهي يعمل بها بعده(٢) .

[١٦٠٦٨] ٣ وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال. « الصدقة والحبس ذخيرتان، فدعوهما ليومهما ».

[١٦٠٦٩] ٤ وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه ذكر أمير المؤمنين عليا ( صلوات الله عليه ) فقال. « كان عبد الله قد أوجب الله له الجنة، عمد

__________________

كتاب الوقوف والصدقات

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٠ ح ١٢٧٨.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٠ ح ١٢٧٩.

(١) في نسخة: وفاته.

(٢) في نسخة: بعد وفاته.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٠ ح ١٢٨٠.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٠ ح ١٢٨١.

٤٥

إلى ماله فجعله صدقة مبتولة(١) تجري بعده للفقراء، وقال. اللهم إني(٢) جعلت هذا لتصرف النار عن وجهي، ولتصرف وجهي عن النار ».

[١٦٠٧٠] ٥ - وعن أبي عبدعليه‌السلام ، أنه قال. « تصدق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأموال جعلها وقفا، وكان ينفق منها على أضيافه » الخبر.

[١٦٠٧١] ٦ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي. عن حميد بن شعيب السبيعي، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال. سمعته يقول. « كيف يزهد قوم في أن يعملوا الخير!؟ وقد كان عليعليه‌السلام وهو عبد الله قد أوجب له الجنة، عمد إلى قربات له فجعلها صدقة مبتولة(١) تجري من بعده للفقراء، قال. اللهم إني(٢) فعلت هذا لتصرف وجهي عن النار، وتصرف النار عن وجهي ».

[١٦٠٧٢] ٧ - الصدوق في الأمالي. بإسناده عن محمد بن يحيى العطار، عن سعد بن عبد الله، عن الهيثم بن أبي مسروق، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن ضريس، عن أبي جعفر الباقر، عن آبائهعليهم‌السلام . « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مر برجل يغرس غرسا في حائط ( له )(١) فوقف عليه، فقال. ألا أدلك على غرس

__________________

(١) صدقة بتلة: أي منقطعة من مال المتصدق بها خارجة إلى سبيل الله لسان العرب ج ١١ ص ٤٢ ).

(٢) في نسخة: إنما.

٥ دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤١ ح ١٢٨٢.

٦ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي ص ٧٠.

(١) في المصدر: مقبولة.

(٢) في المصدر: إنما.

(٧) أمالي الصدوق ص ١٦٩.

(١) أثبتناه من المصدر.

٤٦

أثبت أصلا إلى أن قال فقال الرجل. أشهدك يا رسول الله، أن حائطي هذا صدقة مخصوصة(٢) على فقراء المسلمين من أهل الصفة(٣) ، فأنزل الله تبارك وتعالى.( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ فَسَنُيَسِّرُ‌هُ لِلْيُسْرَ‌ىٰ ) (٤) .

[١٦٠٧٣] ٨ - عوالي اللآلي. روي عن جابر أنه قال. لم يكن من الصحابة ذو مقدرة، إلا وقف وقفا.

٢ -( باب أن شرط الوقف اخراج الواقف له عن نفسه، فلا يجوز أن يقف على نفسه، ولا أن يأكل من وقفه، وله أن يستثني لنفسه شيئا، وكذا الصدقة، فلا يجوز سكنى الدار إذا تصدق إلا مع الاذن)

[١٦٠٧٤] ١ - ابن أبي جمهور في عوالي اللآلي. عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال « حبس الأصل، وسبل الثمرة(١) ».

[١٦٠٧٥] ٢ - وفي درر اللآلي. عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال. « إن شئت حبست أصله، وسبلت ثمرتها ».

[١٦٠٧٦] ٣ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « من

__________________

(٢) في نسخة: مقبوضة.

(٣) أهل الصفة: هم فقراء المهاجرين ومن لم يكن له منهم منزل يسكنه، فكانوا يأوون إلى موضع مظلل في مسجد المدينة يسكنونه ( لسان العرب ج ٩ ص ١٩٥. ).

(٤) الليل ٩٢: ٥ ٧.

٨ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٢٦١ ح ٥.

الباب ٢

١ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٢٦٢ ح ١٤.

(١) سبل ثمرتها: أبح ثمرتها لمن وقفتها عليه وسبلت الشئ: إذا أبحته، كأنك جعلت إليه طريقا مطروقة ( لسان العرب ج ١١ ص ٣٢٠ ).

٢ - درر اللآلي ج ٢ ص ٢٤١.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٤ ح ١٢٨٨.

٤٧

وقف(١) وقفا فقال. إن احتجت إليه فأنا أحق به، فإن مات رجع ميراثا ».

[١٦٠٧٧] ٤ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال. « تصدق الحسين بن عليعليهما‌السلام بدار، فقال له الحسنعليه‌السلام . تحول عنها ».

٣ -( باب أن شرط لزوم الوقف قبض الموقوف عليه أو وليه، وإذا مات الواقف قبل القبض بطل الوقف، وإذا وقف على ولده الصغار كان قبضه كافيا)

[١٦٠٧٨] ١ - دعائم الاسلام. عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن الرجل يتصدق على ولده أو ( على )(١) غيرهم بصدقة، أيصلح له أن يرجع فيها فيردها؟ قال. « إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال. إن الذي يتصدق بصدقة ثم يرجع فيها، مثل الذي يقئ ( ثم يرجع إلى قيئه )(٢) ».

[١٦٠٧٩] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الصدقة قبل أن تقبض، فقال. « إذا قبلها المتصدق عليه أو قبلت له، إن كان طفلا جاز قبضت أو لم تقبض، وإن لم يقبل(١) بشئ حتى يقبل(٢) ».

[١٦٠٨٠] ٣ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أن رجلا سأله فقال. يا بن رسول الله، إن والدي تصدق علي بدار ثم بدا له أن يرجع فيها، وإن

__________________

(١) في المصدر: أوقف.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٤ ح ١٢٨٩.

الباب ٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٩ ح ١٢٧٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: وير جع في قيئه.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٨ ح ١٢٧٠.

(١) في المصدر: تقبل.

(٢) في المصدر: تقبل.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٩ ح ١٢٧٣.

٤٨

قضاة بلدنا يقضون أنها لي، وليس له أن يرجع فيها، وقد تصدق بها علي، ولست أدري هل ما يقضون به ( علي )(١) من الصواب أم لا؟ فقال. « نعم ما قضت به قضاتكم، وبئس ما صنع والدك، إنما الصدقة لله فما جعل لله فلا رجعة فيه(٢) ، فإن أنت خاصمته فلا ترفع عليه صوتك، فإذا رفع صوته فاخفض أنت صوتك » قال(٣) . إن أبي قد توفي، قال. « فطب بها نفسا ».

٤ -( باب عدم جواز بيع الوقف، وحكم ما لو وقع بين الموقوف عليهم اختلاف شديد، يؤدي إلى ضرر عظيم)

[١٦٠٨١] ١ - دعائم الاسلام. عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أن بعض أصحابه كتب إليه. أن فلانا ابتاع ضيعة فأوقفها وجعل لك في الوقف الخمس، وذكر أنه وقع بين الذين أوقف عليهم هذا الوقف اختلاف شديد، وأنه ليس يأمن أن يتفاقم ذلك بينهم، وسأل عن رأيك في ذلك، فكتب إليه. « إن رأيي له إن لم يكن جعل آخر الوقف لله، إن يبيع حقي من ( هذه )(١) الضيعة ويوصل ثمن(٢) ذلك إلي، وأن يبيع القوم إذا تشاجروا، فإنه ربما جاء في الاختلاف اتلاف الأموال والأنفس ».

٥ -( باب جواز وقف المشاع والصدقة به، قبل القسمة وقبل القبض)

[١٦٠٨٢] ١ - دعائم الاسلام. روينا عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه

__________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) في المصدر: له فيه.

(٣) وفيه: قال له.

الباب ٤

١ دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٤ ح ١٢٩٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: عن.

الباب ٥

١ دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٨ ح ١٢٦٩.

٤٩

عليهم‌السلام ، أنه سئل عن رجل تصدق بصدقة مشتركة، فقال: « جائز ».

[١٦٠٨٣] ٢ - وعن أبي عبد اللهعليهم‌السلام ، أنه سئل عن الصدقة بالمشاع، قال. « جائز، تقبض كما يقبض المشاع ».

[١٦٠٨٤] ٣ - وعن الحسين بن عليعليهما‌السلام ، أنه ورث أرضا أو(١) أشياء، فتصدق بها قبل أن يقبضها.

[١٦٠٨٥] ٤ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الصدقة قبل أن تقبض، فقال. « إذا قبلها المتصدق عليه أو قبلت له، إن كان طفلا جاز(١) ، قبضت أو لم تقبض ».

٦ -( باب كيفية الوقوف والصدقات، وما يستحب فيها، وجملة من احكامها)

[١٦٠٨٦] ١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط. عن أبي بصير قال. قال أبو جعفرعليه‌السلام . « ألا أقرئك وصية فاطمةعليها‌السلام ؟ » قال: قلت: بلى، قال: فاخرج حقا أو سفطا فأخرج منه كتابا، قال: فقرأه: « بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصت به فاطمة بنت محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أوصت بحوائطها السبعة. الأعواف، والدلال، والبرقة،

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٨ ح ١٢٦٩.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٩ ح ١٢٧١.

(١) في المصدر: « و ».

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٨ ح ١٢٧٠.

(١) في المصدر: جازت.

الباب ٦

١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٣.

٥٠

والميثب، والحسنى، والصافية، ومشربة أم إبراهيم(١) ، إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فإن مضى علي فإلى الحسنعليه‌السلام ، فإن مضى الحسن فإلى الحسينعليهما‌السلام . فإن مضى الحسينعليه‌السلام فإلى الأكبر فالأكبر من ولدي، شهد الله على ذلك، والمقداد ابن الأسود، والزبير بن العوام، وكتب علي بن أبي طالب ».

[١٦٠٨٧] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « تصدق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بأموال جعلها وقفا، وكان ينفق منها على أضيافه، وأوقفها على فاطمةعليها‌السلام منها، العراف(١) ، والبرقة، والصافية، ومشربة أم إبراهيم، والحسنى، والزلال(٢) ، والمنبت ».

[١٦٠٨٨] ٣ - عنهعليه‌السلام ، أنه « قسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لفئ، فأصاب أمير المؤمنين علياعليه‌السلام منه أرض، فاحتفر فيها عينا، فخرج منها ماء ينبع منها(١) في السماء كهيئة عنق البعير، فجاء إليه بذلك البشير، فقال. بشر الوارث، هي صدقة بتا بتلا(٢) في حجيج بيت الله، وعابري السبيل، لا يباع ولا يوهب ولا يورث، فمن باعها أو وهبها

__________________

(١) في الحجرية والمصدر: ومال أم إبراهيم، والظاهر أن ما أثبتناه هو الصواب، جاء في معجم البلدان ج ٥ ص ٢٤١: « صدقة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالمدينة سبعة حيطان: برقة، وميثب، والصافية، وأعواف، والدلال، ومشربة أم إبراهيم ».

وسميت بذلك لان إبراهيم بن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولدته أمه فيها ( النهاية ج ٢ ص ٤٥٥ ومجمع البحرين ج ٢ ص ٨٩ ).

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤١ ح ١٢٨٢.

(١) في المصدر: العواف.

(٢) في المصدر: الدلال.

٣ دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤١ ح ١٢٨٣.

(١) ليس في المصدر.

(٢) صدقة بتة بتلة: إذا قطعها المتصدق بها من ماله، فهي بائنة من صاحبها، قد انقطعت منه ( لسان العرب ج ٢ ص ٦ ).

٥١

فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا وسماها ينبع ».

[١٦٠٨٩] ٤ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه أوصى بأوقاف أوقفها من أمواله، ذكرها في كتاب وصيته كان فيما ذكره منه(١) . « هذا ما أوصى به وقضى في ماله، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ابتغاء وجه الله به، ليولجني الله به الجنة، ويصرفني عن النار، ويصرف النار عن وجهي، يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، ما كان لي ينبع من مال يعرف لي منها وما حولها صدقة، ورقيقها غير أن رباحا وأبا نيزر(٢) وجبيرا عتقاء، ليس لأحد عليهم سبيل وهم موالي، يعلمون في المال خمس حجج، وفيه نفقتهم ورزقهم ورزق أهاليهم، ومع ذلك ما كان لي بوادي القرى ثلثه مال بني فاطمة ورقيقها صدقة، وما كان لي ببرقة وبرعة وأهلها صدقة غير أن زريقا له مثل ما كتبت لأصحابه، وما كان لي بأذينة وأهلها صدقة، والذي كتبت من أموالي هذه صدقة واجبة بتلة، حي أنا أو ميت، تنفق في كل نفقة يبتغى بها وجه الله، في سبيل الله ووجهه وذي الرحم من بني هاشم وبني عبد المطلب، القريب والبعيد، وأنه يقوم على ذلك الحسن بن عليعليهما‌السلام ، يأكل منه بالمعروف وينفقه حيث يريد الله، في حل محلل لا حرج عليه فيه، ( و )(٣) إن أراد أن يبدل مالا من مال الصدقة مكان مال فإنه يفعل ( ذلك )(٤) لا حرج عليه فيه، وإن أراد أن يبيع شيئا من المال فيقضي به الدين، فعل إن شاء ( و )(٥) لا حرج عليه، وإن ولد علي وما لهم إلى الحسن بن عليعليهما‌السلام ، وإن كانت دار الحسن بن علي

__________________

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤١ ح ١٢٨٤.

(١) في المصدر: منها.

(٢) في الحجرية: « أبا يثرب »وفي المصدر: « أبا بيزر »والظاهر أن ما أثبتنا ه هو الصواب ( راجع الكنى والألقاب ج ١ ص ١٦٤. و ج ٣ ص ١١٣ ).

( ٣ - ٥ ) أثبتناه من المصدر.

٥٢

عليهما‌السلام غير دار الصدقة، فبدا له أن يبيعها، فليبع إن شاء ولا حرج عليه فيه، فإن باعها قسمها ثلاثة أثلاث، يجعل ثلثا في سبيل الله، وثلثا في بني هاشم وبني عبد المطلب، وثلثا في آل أبي طالب، يضعه فيهم حيث يريد الله، فإن حدث بالحسن حدث والحسين حي فإنه إلى الحسين بن عليعليهما‌السلام ، وإن الحسين بن عليعليهما‌السلام يفعل فيه مثل الذي أمرت حسنا، وله منها مثل الذي كتبت ( للحسن )(٦) وعليه مثل الذي على الحسن، وإن الذي لبني فاطمة من صدقة على مثل الذي لبني علي، فإني إنما جعلت الذي لبني فاطمة ابتغاء وجه الله، ثم لكريم حرمة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتعظيما وتشريفا ورضى بهما، وإن حدث بالحسن والحسين حدث فالولد الاخر منهما ينظر في ذلك، وإن رأى أن يوليه غيره نظر في بني علي فإن وجد فيهما من يرضى دينه وإسلامه وأمانته جعله إليه إن شاء، وإن لم ير فيهم الذي يريده فإنه يجعله إن شاء إلى رجل من آل أبي طالب يرتضيه، فإن وجد آل أبي طالب يومئذ قد ذهب كبارهم وذوو رأيهم وأسنانهم، فإنه يجعله إن شاء إلى رجل يرضى حاله من بني هاشم، ويشترط على الذي يجعل ذلك إليه أن يترك المال على أصله، وينفق ثمرته حيث أمرته في سبيل الله ووجوهه، وذوي الرحم من بني هاشم وبني عبد المطلب، والقريب والبعيد، لا يباع منه شئ ولا يوهب ولا يورث، وإن مال محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على ( ما حبسه هو )(٧) إلى بني فاطمة، وكذلك مال فاطمةعليها‌السلام إلى بنيها » وذكر باقي الوصية.

[١٦٠٩٠] ٥ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « تصدق أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام بدار له بالمدينة في زريق، فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تصدق به علي بن أبي طالب، وهو حي

__________________

(٦) أثبتناه من المصدر.

(٧) في المصدر: ناحيته.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٣ ح ١٢٨٥.

٥٣

سوي، تصدق بداره التي في بني زريق، لا تباع ولا توهب ولا تورث، حتى يرثها الله الذي يرث السماوات والأرض، واسكن(١) هذه الدار الصدقة خالاته ما عشن وأعقابهن ما عشن، فإذا انقرضوا فهي لذوي الحاجة من المسلمين ».

[١٦٠٩١] ٦ - وعن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال لأبي بصير. « يا أبا بصير، ألا أقرئك وصية فاطمةعليها‌السلام ؟ » قال: نعم، فافعل متفضلا ( جعلني الله )(١) فداك، فأخرج منه حقا أو سفطا، فأخرج منه كتابا فقرأه، وكان فيه. « بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصت به فاطمة ابنة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أوصت بحوائطها السبعة. العواف، والدلال، والبرقة، والميثب، والحسني، والصافية، ومال(٣) أم إبراهيم، إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فإن مضى علي فإلى الحسن، فإن مضى الحسن فإلى الحسين، فإن مضى الحسينعليهما‌السلام فإلى الأكبر من ولده، شهد الله على ذلك، والمقداد بن الأسود، والزبير بن العوام، وكتب علي بن أبي طالبعليه‌السلام ».

[١٦٠٩٢] ٧ - البحار، عن كتاب مصباح الأنوار. عن أبي جعفرعليه‌السلام قال محمد بن إسحاق. وحدثني أبو جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام : « إن فاطمةعليها‌السلام عاشت بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ستة أشهر، قال: وإن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كتبت هذا الكتاب. بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما كتبت فاطمة بنت

__________________

(١) في نسخة: وليسكن.

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٣ ح ١٢٨٦.

(١) في المصدر: جعلت.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) في نسخة: ومشربة.

٧ - البحار ١٠٣ ص ٨٤ ١ ح ١٣، عن مصباح الأنوار ص ٢٦٢.

٥٤

محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في مالها إن حدث بها حادث، تصدقت بثمانين أوقية تنفق عنها، من ثمارها التي لها كل عام في رجب بعد نفقة السقي(١) ونفقة العمل(٢) ، وأنها أنفقت أثمارها العام وأثمارها(٣) القمح عاما قابلا في أوان غلتها، وأنها(٤) أمرت لنساء محمد أبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله خمسا وأربعين أوقية، وأمرت لفقراء بني هاشم وبني عبد المطلب بخمسين أوقية، وكتبت في أصل مالها في المدينة، أن علياعليه‌السلام سألها أن توليه مالها، فيجمع مالها إلى مال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلا تفرق، ويليه ما دام حيا، فإذا حدث به حادث دفعه إلى ابني الحسن والحسين فيليانه، وإني دفعت إلى علي بن أبي طالب على أني أحلله فيه، فيدفع مالي ومال محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا يفرق منه شيئا، يقضي عني من أثمار المال ما أمرت به وما تصدقت به، فإذا قضى الله صدقتها وما أمرت به، فالامر بيد الله تعالى وبيد عليعليه‌السلام ، يتصدق وينفق حيث شاء لا حرج عليه، فإذا حدث به حدث دفعه إلى ابني الحسن والحسين، المال جميعا مالي ومال محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ينفقان ويتصدقان حيث شاءا ولا حرج عليهما، وإن لابنة جندب يعني بنت أبي ذر الغفاري التابوت الأصغر(٥) ، ويعطيها في المال ما كان، ونعلي(٦) الآدميين والنمط(٧) والحب(٨) والسرير والزربية(٩) والقطيفتين(١٠) ، وإن حدث بأحد

__________________

(١) في الحجرية: السعي، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في الحجرية والمصدر: المغل، والظاهر أن ما أثبتناه هو الصواب.

(٣) في المصدر: وأثمار.

(٤) وفيه: وإنما.

(٥) وفيه: الأصفر.

(٦) في الحجرية: وفعل، وما أثبتناه من المصدر.

(٧) النمط نوع من الثياب، ونوع من البسط له خمل وقيق ( لسان العرب ج ٧ ص ٤١٧ ).

(٨) في الطبعة الحجرية والمصدر: الجب، الجب، والظاهر ة ن ما أثبتناه هو الصواب.

(٩) في الطبعة الحجرية والمصدر: « والظاهر أن ما أثبتناه هو الصواب، والزربية: البساط أو الطنفسة، وقيل: البساط ذو الخمل ( لسان العرب ج ١ ص ٤٤٧. )

٥٥

ممن أوصيت له قبل أن يدفع إليه، فإنه ينفق عنه في الفقراء والمساكين، وإن الأستار لا يستر بها امرأة إلا إحدى ابنتي، غير أن عليا يستتر بهن إن شاء ما لم ينكح، وإن هذا ما كتبت فاطمةعليها‌السلام في مالها وقضت فيه، والله شهيد، والمقداد بن الأسود، والزبير بن العوام، وعلي بن أبي طالب كتبها، وليس على علي حرج فيها فعل من معروف، قال جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، قال أبي. هذا وجدناه، وهكذا وجدنا وصيتها ».

[١٦٠٩٣] ٨ - عن زيد بن علي قال: أخبرني أبي، عن الحسن بن عليعليهما‌السلام قال: « هذه وصية فاطمة بنت محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أوصت بحوائطها السبع: العواف والدلال، والبرقة، والميثب، والحسنى، والصافية، ومال أم إبراهيم(١) ، إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام فإن مضى علي فإلى الحسن بن علي، وإلى أخيه الحسين، وإلى الأكبر فالأكبر من ولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله » الخبر.

[١٦٠٩٤] ٩ - عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الإسناد: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال: سألت الرضاعليه‌السلام عن الحيطان السبعة، فقال: « كانت ميراثا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقفا، فكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يأخذ منها ما ينفق على أضيافه، والنائبة يلزمه فيها فلما، قبض جاء العباس يخاصم فاطمةعليها‌السلام فشهد عليعليه‌السلام وغيره أنها وقف، وهي الدلال، والعواف، والحسنى، والصافية، ومال أم إبراهيم،

__________________

(١٠) القطيفة: كساء له خمل ( لسان العرب ج ٩ ص ٢٨٦ ).

٨ - البحار ج ١٠٣ ص ١٨٥ ح ١٤ عن مصباح الأنوار ص ٢٦٣.

(١) المقصود: مشربة أم إبراهيم، وكذا في الحديث الذي يليه.

٩ - قرب الإسناد ص ١٦٠.

٥٦

والميثب، وبرقة ».

[١٦٠٩٥] ١٠ - نهج البلاغة: ومن وصية لهعليه‌السلام بما يعمل في أمواله، كتبها بعد منصرفه من صفين: « هذا ما أمر به عبد الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، في ماله، ابتغاء وجه الله، ليولجه الجنة، ويعطيه ( به )(١) الآمنة، وانه يقوم بذلك الحسن بن علي، يأكل منه بالمعروف وينفق منه في المعروف، فان حدث بحسن حدث وحسين حي، قام بالأمر بعده وأصدره مصدره، وإن لابني فاطمة من صدقة علي مثل الذي لبني علي، ( إني )(٢) إنما جعلت القيام بذلك إلى ابني فاطمة، ابتغاء وجه الله وقربة إلى الرسول(٣) ، وتكريما لحرمته وتشريفا لوصلته، ويشترط على الذي يجعله إليه، أن يترك المال على أصوله، وينفق من ثمره حيث أمر به وهدي له، وأن لا يبيع من نخيل(٤) هذه القرى ودية حتى تشكل أرضها غراسا ».

قال السيد: قولهعليه‌السلام : « وأن لا يبيع من نخلها ودية » فان الودية الفسيلة وجمعها ودي. وقولهعليه‌السلام : « تشكل أرضها غراسا » هو من أفصح الكلام، أي يكثر غراسا فيراها الناظر على غير الصفة التي عرفها بها، فيشكل عليه أمرها ويظنها غيرها.

٧ -( باب عدم جواز الرجوع في الوقف بعد القبض، ولا في الصدقة بعده)

[١٦٠٩٦] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الذي يتصدق بصدقة ثم يرجع فيها،

__________________

١٠ - نهج البلاغة ج ٣ ص ٢٥ رقم ٢٤، وعنه في البحار ج ١٠٣ ص ١٨٤ ح ١٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: رسول الله.

(٤) في المصدر: أولاد نخيل.

الباب ٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٩ ح ١٢٧٢.

٥٧

مثل الذي يقئ يرجع في قيئه ».

[١٦٠٩٧] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الصدقة يجعلها الرجل لله مبتولة، هل له أن يرجع فيها؟ قال: « إذا جعلها لله فهي للمساكين وأبناء السبيل، ليس له أن يرجع فيها ».

[١٦٠٩٨] ٣ - وعن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، أنه كان إذا أعطى السائل شيئا فيسخطه(١) انتزعه منه وأعطاه غيره.

وتقدم حديث آخر، عنه.

[١٦٠٩٩] ٤ - عوالي: اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا يحل لرجل(١) يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها، إلا الوالد فيها يعطي ولده، ومثل الذي يعطي عطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب، يأكل فإذا شبع قاء ثم عاد في قيئه ».

٨ -( باب أنه يكره تملك الصدقة بالبيع والهبة ونحوهما، ويجوز بالميراث)

[١٦١٠٠] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « إن تصدقت بصدقة ثم ورثتها، فهي لك بالميراث ولا بأس بها » قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا تصدق الرجل بصدقة لم يحل له أن يشتريها، ولا أن يستوهبها، ولا أن يملكها بعد أن تصدق بها، إلا بالميراث، فإنها إن

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٩ ح ١٢٧٤.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٠ ح ١٢٧٦.

(١) في المصدر: فيتسخطه.

٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٥١ ح ١١٣.

(١) في المصدر: للرجل أن.

الباب ٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٩ ح ١٢٧٥.

٥٨

دارت إليه بالميراث حلت له ».

٩ -( باب اشتراط الصدقة بالقصد والقربة، وحكم وقوعها في مرض الموت)

[١٦١٠١] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه سئل عن رجل كانت له خادمة(١) فأذته امرأته فيها، فقال لها: هي عليك صدقة، فقال: « إن كان ذلك لله فليمضها، وإن يفعل فله أن يرجع فيها ».

[١٦١٠٢] ٢ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال: « لا خير في القول إلا مع العمل إلى أن قال ولا في الصدقة إلا مع النية ».

١٠ -( باب جواز اعطاء فقراء بني هاشم من الصدقة، سوى الزكاة، ومن الوقف على الفقراء)

[١٦١٠٣] ١ - الصدوق في المقنع: واعلم أن صدقات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تحل لبني هاشم ولمواليهم، وروي أن فاطمةعليها‌السلام جعلت صدقاتها لبني عبد المطلب وبني هاشم، وسئل أبو عبد الله عن الصدقة التي حرمت على بني هاشم ما هي؟ فقال: « هي الزكاة ».

[١٦١٠٤] ٢ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك: عن عبد الله بن شيبان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إنما حرم على بني هاشم من الصدقة الزكاة المفروضة على الناس، ثم قال: لولا هذا لحرمت علينا هذه المياه التي

__________________

الباب ٩

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٠ ح ٢٧٧ ١.

(١) في المصدر: جارية.

٢ - الاختصاص ص ٢٤٣.

الباب ١٠

١ - المقنع ص ٥٥.

٢ - كتاب حسين بن عثمان ص ١١٠.

٥٩

فيما بين مكة والمدينة ».

١١ -( باب حكم صدقة المرأة وهبتها، بغير إذن زوجها)

[١٦١٠٥] ١ - وجدت في مجموعة عتيقة خبرا طويلا، أظنه مأخوذا من كتاب أحمد بن عبد العزيز الجلودي: حدثنا يحيى بن عمر قال: حدثنا عبس بن مسلم قال: حدثنا عمر(١) بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن محمد بن مسلم، عن مهران الثقفي، عن عبد الله بن محبوب، عن رجل(٢) ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في خبر طويل أنه قال لحولاء العطارة: « يا حولاء والذي بعثني بالحق نبيا ورسولا، لا ينبغي للمرأة أن تتصدق بشئ من بيت زوجها إلا باذنه، فان فعلت ذلك كان له الاجر وعليها الوزر » الخبر.

[١٦٢٠٦] ٢ - الصدوق في الخصال: عن أحمد بن الحسن القطان، عن الحسن بن علي السكري، عن محمد بن زكريا الجوهري، عن جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفرعليه‌السلام في حديث طويل قال: قال: « ولا يجوز للمرأة في مالها عتق ولا بر إلا بإذن زوجها ».

[١٦٢٠٧] ٣ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أن امرأة سألته: فقالت يا رسول الله ما حق الزوج على ( الزوجة؟ قال: )(١) « لا تتصدق من بيته إلا باذنه »، الخبر.

__________________

الباب ١١

١ - كتاب قصة الحولاء ص ١٤١.

(١) في المصدر: عمرو.

(٢) في المصدر: أبو هريرة.

٢ - الخصال ج ٢ ص ٥٨٨ ح ١٢.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢١٦ ح ٨ ٧٩.

(١) في المصدر: « زوجته؟ فقال: أن ».

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

فهل ينطبق هذا الوصف على مفاهيم المادّية التأريخية ، وتفاسيرماركس ؟!

إنّ الماركسية تؤكّد أنّ الانقلاب من مرحلة تأريخية إلى أخرى لا يتمّ إلاّ بشكل ثوري ؛ لأنّالتغيرات الكمّية التدريجية تؤدّي إلى تحوّل دفعي آني . مع أنّ تحوّل اليابان من الإقطاع إلى الرأسمالية تمّ بشكل سلمي وتنازل سادة الإقطاع عن حقوقهم ، فلم يضطرّوا اليابان ـ وهي في طريقها الرأسمالي ـ إلى ثورة كالثورة الفرنسية عام ( ١٧٨٩م ) .

كما أنّ الماركسية تعتبر أنّ كلّ تطوّر لا يتمّ إلاّ من خلال الصراع الطبقي : بين طبقة تقف إلى صفّ التطوّر ، وأخرى تحاول الوقوف في وجهه بينما نرى أن المجتمع الياباني قد وقف بمجموعه إلى جانب حركة التطوّر الصناعي والرأسمالي ، ولم يشذّ عن ذلك حتى سادة الإقطاع أنفسهم فقد آمنوا جميعاً بأنّ حياة البلاد رهن هذه الحركة وتنميتها .

والماركسية ترى ـ كما قرأنا نصوص رأس المال السابقة ـ أنّ التراكم الرأسمالي الذي تقوم الرأسمالية الصناعية على أساسه ، لا يمكن أن يفسّر بطرائق (العزل البريء ) ـ على حدّ تعبير ماركس ـ وإنّما يفسّر بأعمال العنف والغزو وعمليات التجريد والاغتصاب ، مع أنّ الواقع التأريخي لليابان يدلّل على العكس ؛ فلم يحدث التراكم الرأسمالي ولم تنشأ الرأسمالية الصناعية في اليابان نتيجة للغزو والاستعمار أو عمليات تجريد المنتجين من وسائل إنتاجهم ، وإنّما وجدت هذه الحركة بفضل نشاط ساهمت فيه اليابان كلّها ، واستخدمت في تنمية السلطة الحاكمة كلّ نفوذها السياسي ، فظهرت البورجوازية على المسرح الاجتماعي كنتيجة لتلك النشاطات السياسية والفكرية وغيرها ، وليس كقوّة خالقة للجوّ السياسي والفكري الذي يلائمها

١٦١

قوانين المجتمع الرأسمالي :

حين نعرض لقوانين المجتمع الرأسمالي من وجهة نظر المادّية التأريخية نكون بحاجة إلى إبراز الوجه الاقتصادي للماركسية ، الذي لا يتجلّى بملامحه الاقتصادية الكاملة عند تحليل الماركسية لأيّ مرحلة من مراحل التأريخ كما يتجلّى عند دراستها للمرحلة الرأسمالية فقد قامت الماركسية بتحليل المجتمع الرأسمالي وشروطه الاقتصادية ، ودرست قوانينه العامة على أسس المادّية التأريخية ، وانتهت من ذلك إلى التأكيد على ما يكمن في أعماق الرأسمالية من تناقضات ، تتراكم وفقاً للقوانين المادّية التأريخية ، حتى تدفع بالنظام الرأسمالي في النهاية إلى قبره المحتوم في لحظة حاسمة من لحظات التأريخ .

القيمة أساس العمل :

وقد بدأ (ماركس ) دراسته لجوهر المجتمع الرأسمالي وقوانين الاقتصاد السياسي البورجوازي بتحليل القيمة التبادلية ، بوصفها عصب الحياة في المجتمع الرأسمالي ـ كما بدأ غيره من الاقتصاديين الذين عاصروه وسبقوه ـ وجعل من نظريته التحليلية في القيمة حجر الزاوية في بنائه النظري العام ولم يصنعماركس شيئاً أساسياً في مجال تحليل القيمة التبادلية ، وإنّما أخذ بالنظرية التقليدية التي شادها قبله (ريكاردو ) وهي النظرية القائلة : إنّ العمل البشري هو جوهر القيمة التبادلية فالقيمة التبادلية لكلّ منتوج إنساني ، تقدّر على أساس كمية العمل المتجسّد فيه ، وتتفاوت قيم الأشياء بتفاوت العمل المهراق فيها فقيمة السلعة التي يتطلّب إنتاجها ساعة واحدة من العمل تساوي نصف قيمة السلعة التي ينفق عليها في العادة ساعتان من العمل .

وتعتبر هذه النظرية نقطة البدء عند (ريكاردو ) و(ماركس ) معاً في دراستهما التحليلية لهيكل الاقتصاد الرأسمالي فقد جعل كلّ منهما منها القاعدة التي يقوم عليها بناؤه العلمي ولئن كان (ريكاردو ) قد سبق (ماركس ) إلى وضع هذه النظرية في صيغة علمية محدّدة ، فقد سبقهما معاً عدّة مفكرين اقتصاديين وفلسفيين إلى التنويه بها ، كالفيلسوف الإنكليزي (جون لوك ) الذي أشار إلى هذه النظرية في بحوثه ، ثمّ أخذ بها (آدم سميث ) ـ الاقتصادي الكلاسيكي المعروف ـ في حدود ضيّقة ، فاعتبر العمل أساساً للقيمة التبادلية بين الجماعات البدائية ، غير أن (ريكاردو ) كان بحقّ هو الذي أعطى النظرية معنى الشمول والاستيعاب ، وآمن بأنّ العمل هو المصدر العام للقيمة التبادلية ، ثمّ جاء (ماركس ) يسير في طريقه بأسلوبه الخاص

١٦٢

وهذا لا يعني ـ بطبيعة الحال ـ أنّ ماركس لم يصنع شيئاً في حقل هذه النظرية سوى ترديد الصدى الذي تركه(ريكاردو ) ، بل إنّه ـ حين أخذ النظرية منه ـ صاغها في إطاره الفكري الخاص ، فادخل على بعض جوانبها إيضاحات جديدة وضمّنها عناصر ماركسيّة ، وقبل بعض جوانبها الأخرى كما تركها سلفه .

فـ (ريكاردو ) حين آمن بهذه النظرية : (العمل أساس القيمة ) ، أدرك أنّ العمل لا يحدّد القيمة في حالات الاحتكار التي تنعدم فيها المنافسة ؛ إذ إنّ من الممكن في هذه الحالات أن تتضاعف قيمة السلعة المحتكرة وفقاً لقوانين العرض والطلب ، دون أن تزيد كميات العمل المنفقة عليها ولأجل هذا اعتبر المنافسة الكاملة شرطاً أساسياً لتشكل القيمة التبادلية على أساس العمل وهذا ما قاله ماركس أيضاً ، معترفاً بأنّ النظرية لا تنطبق على حالات الاحتكار

ولاحظ (ريكاردو ) أيضاً أنّ العمل البشري يتفاوت في كفايته ، فساعة من عمل الصانع الذكي النشيط لا يمكن أن تساوي ساعة من عمل الصانع البليد البطيء وقد عالج ذلك بافتراض مقياس عام للكفاية الإنتاجية في كلّ مجتمع ، فكلّ كمّية من العمل إنّما تخلق القيمة التي تتناسب معها إذا كانت تتوافق مع ذلك المقياس العام وهذا المقياس نفسه هو الذي عبّر عنهماركس : بكمّية العمل الضرورية اجتماعياً ، إذ قال : إنّ كلّ عمل إنتاجي يخلق قيمة تناسبه إذا أنفق بالطريقة المتعارفة اجتماعياً

١٦٣

ووجد (ريكاردو ) نفسه ـ بعد وضع النظرية ـ مضطراً إلى إبعاد غير العمل من عناصر الإنتاج ـ كالأرض ورأس المال ـ عن عملية تكوين القيمة ، ما دام هو الأساس الوحيد لها ، فجاء لأجل ذلك بنظريته الجديدة في تفسير الريع(١) العقاري ، التي قلب بها المفهوم الاقتصادي السائد عن الريع ، كي يبرهن على أنّ الأرض لا تساهم في تكوين القيمة التبادلية في حالة المنافسة الكاملة فقد كان من عادة الاقتصاديين قبل (ريكاردو ) أن يفسّروا ريع الأرض بأنّه : هبة من الطبيعة تنشأ من اشتراك الأرض مع الجهود الإنسانية في الإنتاج الزراعي ، وبالتالي في تكوين القيمة التبادلية المنتجة وهذا يعني ضمناً : أنّ العمل ليس هو الأساس الوحيد للقيمة فكان من الضروري لريكاردو أن يرفض هذا التفسير للريع وفقاً لنظريته عن القيمة ويأتي بالتفسير الذي ينسجم مع النظرية ، وهذا ما قام به فعلاً ، فقرّر أنّ الريع نتيجة للاحتكار ، ولا يمكن أن يظهر في حالة المنافسة الكاملة فالأشخاص الذين سيطروا على الجزء الأكثر خصباً من الأرض يحصلون على ريع نتيجة لاحتكارهم واضطرار الآخرين إلى استثمار الأراضي الأقل خصباً

وأمّا فيما يتّصل برأس المال فقد ذكر (ريكاردو ) أنّ رأس المال ليس إلاّ عملاً متجمّعاً قد ادّخر مجسّداً في أداة أو مادة لينفق من جديد في سبيل الإنتاج ، فلا مبرر لاعتباره عاملاً مستقلاً في تكوين القيمة التبادلية فالمادة التي بذلت في إنتاجها ساعة من العمل ، ثمّ استهلكت في عملية إنتاج جديدة تعبّر عن عمل ساعة يضاف إلى الكمية الجديدة من العمل التي يتطلّبها الإنتاج الجديد ، وهكذا ينتهيريكاردو إلى أنّ العمل هو الأساس الوحيد للقيمة .

ـــــــــــــــ

(١) راجع ـ لنظرية ( ريكاردو ) في الريع ـ : كتاب أُسس الاقتصاد الحديث : ٣٠٣ ـ ٣٠٦ .

١٦٤

وكان من المنتظر أن يشجب (ريكاردو ) الربح الرأسمالي ما دام رأس المال لا يخلق قيمة تبادلية جديدة ، وما دامت السلعة مدينة في قيمتها التبادلية لعمل العامل فحسب ، غير أنّريكاردو لم يفعل شيئاً من هذا واعتبر من المنطقي أن تباع السلعة بسعر يعود بعائد صاف لمن يملك رأس المال ، وفسّر ذلك بفترة الوقت التي تمضي بين الاستثمار وظهور المنتجات للبيع وبهذا اعترف بالزمن بوصفه عاملاً آخر لتكوين القيمة التبادلية ومن الواضح أنّ هذا يعتبر منريكاردو تراجعاً عن نظريته القائلة : بأنّ العمل هو الأساس الوحيد للقيمة وعجزاً عن الاحتفاظ بالنظرية حتى النهاية(١) .

وأمّاماركس فهو حين عالج عناصر الإنتاج التي تشترك مع العمل في العملية الإنتاجية ، والتي عالجهاريكاردو من قبله أدخل على أفكار سلفه من ناحية شيئاً من التعديل ، وجاء من ناحية أخرى بأفكار جوهرية لها خطرها .

فمن الناحية الأولى : درس الريع العقاري فأقرّ تفسير (ريكاردو ) له ، واستطاع أن يميّز بين الريع التفاضلي الذي تحدّث عنه ريكاردو ، والريع المطلق الذي أثبت عن طريقه : أنّ للأرض بمجموعها ريعاً قائماً على أساس الاحتكار

ـــــــــــــــ

(١) راجع : المشكلة الاقتصادية : ٩٣ .

١٦٥

الطبيعي ، ومحدوديّة مساحة الأرض (١) .

ومن الناحية الثانية : هاجم اعترافريكاردو بمنطقية الربح الرأسمالي وشنّ حملة عنيفة ضدّه ، على أساس نظرية القيمة الفائضة التي تعتبر ـ بحقٍّ ـ الجزء الماركسي الصميم في البناء النظري الذي شادهماركس .

كيف وضع ماركس القاعدة الأساسية لاقتصاده ؟

يبدأ ماركس في استدلاله على جوهر القيمة بالتفرقة بين القيمة الاستعمالية والقيمة التبادلية فالسرير والملعقة ورغيف الخبز مجموعة من السلع تتضمّن كلّ واحدة منها قيمة استعمالية معيّنة بسبب المنفعة التي تؤدّيها السلعة ، وتختلف قيمها الاستعمالية تبعاً لاختلافها في نوعية المنفعة التي يجنيها الإنسان منها ، ولكلّ واحدة من تلك السلع قيمة من نوع آخر فإنّ السرير الخشبي الذي ينتجه الصانع كما يمكن أن ينام عليه ـ وهذا ما يحدّد قيمته الاستعمالية ـ كذلك يمكنه أن يستبدله بثوب يلبسه ، وهذا يعبّر عن القيمة التبادلية فالثوب والسرير بينما كانا متناقضين في منافعهما وقيمهما الاستعمالية ، نجد أنّهما يشتركان في قيمة تبادلية واحدة ، أي : إنّ كلاً منها يمكن استبداله بالآخر في السوق ؛ لأنّ سريراً خشبياً واحداً يساوي ثوباً حريرياً من نوع معيّن .

وهذه المعادلة تعني أنّه يوجد ثمّة في شيئين مختلفين : السرير والثواب ، شيءٌ مشترك بالرغم من اختلاف منافعهما وموادّهما فالشيئان هما إذن مساويان لشيء ثالث ليس في ذاته سريراً ولا ثوباً وهذا الشيء الثالث لا يمكن أن يكون خاصة طبيعية أو هندسية للبضائع ؛ لأنّ خصائصهما الطبيعية لا تدخل في الحساب إلاّ بقدر ما تمنحها من منفعة استعمالية ، ولمّا كانت القيم والمنافع الاستعمالية في الثوب والسرير مختلفة فيجب أن يكون الشيء الثالث المشترك بينهما أمراً غير القيم الاستعمالية ومقوّماتها الطبيعية ، فإذا أسقطنا من الحساب هذه القيم وطرحنا جميع الخصائص الطبيعية للثوب والسرير لا يبقى بين أيدينا إلاّ الصفة الوحيدة التي تشترك فيها السلعتان ، وهي : العمل البشري فكلّ منهما تجسيد لكمّية خاصة من العمل ، ولمّا كانت الكمّيتان المنفقتان على السرير والثوب متساويتين ، نتج عن ذلك تساويهما في القيمة التبادلية أيضاً .

ـــــــــــــــ

(١) رأس المال ٣ ، القسم الثاني : ١١٨٦ .

١٦٦

وهكذا ينتهي تحليل عملية التبادل إلى :أنّ العمل هو جوهر القيمة التبادلية (١)

ويتحدّد ثمن السلعة في السوق بصورة أساسية طبقاً لقانون القيمة التبادلية هذا ، أي : لكمّية العمل البشري المتجسّد فيها غير أنّ الثمن السوقي لا يطابق مع القيمة التبادلية الطبيعية التي يحدّدها القانون الآنف الذكر إلاّ في حالة معادلة العرض للطلب ومن هنا يمكن لثمن السلعة أن يرتفع عن قيمتها الطبيعية وفقاً لنسبة العرض إلى الطلب فقوانين العرض والطلب تستطيع أن ترفع الثمن أو تخفضه ، أي أن تجعله مناقضاً للقيمة الطبيعية ، ولكنّ القيم الطبيعية للسلع تحدّد بدورها من فعل قوانين العرض والطلب فهي وإن سمحت للسلعة بأن يزيد ثمنها عن قيمتها بسبب قلّة العرض وزيادة الطلب مثلاً ولكنّها لا تسمح لهذا الارتفاع أن يتزايد بشكل غير محدود ، ولذلك نجد أنّ المنديل ـ مثلاً ـ مهما تحكمت فيه قوانين العرض والطلب فهي لا تتمكّن من رفع ثمنه إلى ثمن السيارة وهذه القوّة الكامنة في المنديل التي تجذب الثمن إليها ولا تسمح له بالانطلاق غير المحدود هي القيمة التبادلية.

فالقيمة الطبيعية حقيقة ثابتة من وراء الثمن ، تخلقها كمّيات العمل المتجسّدة في السلع والثمن تعبير سوقي عنها تحدّده القيمة الطبيعية ، وتلعب قوانين العرض والطلب دوراً ثانوياً في خفضه ورفعه وفقاً لحالة المنافسة ونسبة العرض إلى الطلب ومدى وجود الاحتكار في السوق .

ـــــــــــــــ

(١) لاحظ : رأس المال ١ ، القسم الأوّل : ٤٤ ـ ٤٩ .

١٦٧

وقد لاحظماركس ـ و(ريكاردو ) من قبله ـ : أنّ قانون القيمة هذا لا ينطبق على حالات الاحتكار ؛ لأنّ القيمة في هذه الحالات تحدّد وفقاً لقوانين العرض والطلب التي يتحكّم فيها المحتكرون ، وكذلك لا ينطبق أيضاً على بعض ألوان الإنتاج الفني والأثري ، كاللوحة التي تنتجها ريشة فنّان مبدع ، أو الرسالة الخطّية التي يمتدّ تأريخها إلى مئات السنين ، فيكون لها ثمن مرتفع جداً نظراً إلى طابعها الفنّي أو التأريخي ، رغم الضآلة النسبية لكمية العمل الممثّلة فيها .

ولأجل هذا أعلنت الماركسية أنّ قانون القيمة القائم على أساس العمل يتوقّف :

أوّلاً : على توفّر المنافسة التامة ، فلا يسري إلى حالات الاحتكار .

وثانياً : على كون السلعة نتاجاً اجتماعياً يمكن إيجاده عن طريق العمل الاجتماعي دائماً ، فلا يسري القانون على الإنتاج الفردي الخاص كاللوحة الفنّية والرسالة الخطّية

ونودّ أن نشير قبل كلّ شيء إلى ظاهرة خطيرة في التحليل الماركسي لجوهر القيمة ، وهي أنّماركس اتّبع في تحليله واستكشافه لقانون القيمة طريقة تجريدية خالصة بعيداً عن الواقع الخارجي وتجاربه الاقتصادية وهكذا بدا فجأة وقد تقمّص شخصية (أرسطو ) الميتافيزيقية في الاستدلال والتحليل ولهذه الظاهرة سببها الذي اضطرماركس إلى هذا الموقف ؛ لأنّ الحقائق الواضحة عن الحياة الاقتصادية ، تعبّر دائماً عن ظواهر تناقض تماماً النتائج التي تؤدّي إليها النظرية الماركسيّة فإنّ من نتيجة هذه النظرية أنّ الأرباح المكتسبة تختلف من مشروع إلى آخر تبعاً لاختلاف كمّية العمل المأجور المنفق خلال الإنتاج دون أن يكون لكمّية الآلات والأدوات أثر في ذلك ، لأنّها لا تضفي على النتائج أيّة قيمة أكثر ممّا تفقده ، مع أنّ الربح في الحياة الاقتصادية السائدة يزداد كلّما ازدادت الآلات والأدوات التي يتطلّبها المشروع فلم يتمكّن ماركس لأجل هذا من التدليل على نظريته بشواهد من واقع الحياة الاقتصادية ، فحاول أن يبرهن عليها بصورة تجريدية ، حتى إذا أكمل مهمّته هذه جاء إلى النتائج المقلوبة في واقع الحياة الاقتصادية ليؤكّد أنّها لم توجد مقلوبة نتيجة لخطأ النظرية التي يؤمن بها ، وإنّما هي مظهر من مظاهر المجتمع الرأسمالي ، الذي يضطر المجتمع إلى الانحراف عن قانون القيمة الطبيعي والتكيف وفقاً لقوانين العرض والطلب(١) .

ـــــــــــــــ

(١) رأس المال ٣ ، القسم الثاني : ١١٨٥ .

١٦٨

نقد القاعدة الأساسية للاقتصاد الماركسي :

والآن فلنفحص قانون القيمة عندماركس في ضوء الدليل الذي قدّمه عليه

يبدأ ماركس في دليله ـ كما رأينا ـ من تحليل عملية التبادل ( تبادل السرير الخشبي بثوبٍ من حرير مثلاً ) ، فيرى أنّ هذه العملية تعبّر عن مساواة السرير للثوب في القيمة التبادلية ، ثمّ يتساءل : لماذا كان السرير والثوب متساويين في القيمة التبادلية ؟ ويجيب أنّ السبب في ذلك اشتراكهما في أمر واحد موجود فيهما بدرجة واحدة ، وليس هذا الأمر المشترك بين الثوب والسرير إلاّ العمل المتجسّد فيهما ، دون المنافع والخصائص الطبيعية التي يختلف فيها السرير عن الثوب ، فالعمل هو إذن جوهر القيمة

ولكن ماذا تقول الماركسية لو اصطنعنا نفس هذه الطريقة التحليلية ، في عملية تبادل بين إنتاج اجتماعي وإنتاج فردي ؟ أفليس للخط الأثري ـ وهو ما تسمّيه الماركسية بالإنتاج الفردي ـ قيمة تبادلية ؟! أوَليس من الممكن استبداله في السوق بنقد أو كتاب أو بأي مال آخر ؟! ، فإذا استبدلناه بنتاج اجتماعي كنسخة مطبوعة من تأريخ الكامل مثلاً ، كان معنى ذلك أنّ صفحة الخط الأثري مثلاً ، تساوي قيمتها التبادلية نسخة من تأريخ الكامل فلنفتّش هنا عن الأمر المشترك الذي أملى على السلعتين قيمة تبادلية واحدة ، كما فتّشت الماركسيّة عن الأمر المشترك بين السرير والثوب ، فكما كان يجب أن تكون القيمة التبادلية الواحدة للسرير والثوب تعبيراً عن صفحة مشتركة بينهما ( وهي في رأي الماركسية كمّية العمل المنفقة فيهما ) كذلك أيضاً تعبّر القيمة التبادلية الواحدة للخط الأثري ونسخة من تأريخ الكامل عن الأمر المشترك ، فهل يمكن أن يكون هذا الأمر المشترك هو كمّية العمل المنفقة عليهما ؟! كلاّ طبعاً ؛ فإنّنا نعلم أنّ العمل المتجسّد في الخطّ الأثري أقلّ كثيراً من العمل المتجسّد في نسخة مطبوعة من تأريخ الكامل بورقه وجلده وحبره وطباعته ، ولأجل هذا استثنت السلع الفنية والأثرية من قانون القيمة

١٦٩

ولسنا نؤاخذ الماركسية على هذا الاستثناء ؛ لأنّ لكلّ قانون من قوانين الطبيعة شروطه واستثناءاته الخاصة ، ولكنّنا نطالبها ـ على هذا الأساس ـ بتفسير الأمر المشترك بين الخطّ الأثري ونسخة من تأريخ الكامل ، اللذين تمّ التبادل بينهما في السوق كما يتمّ التبادل بين السرير والثوب فإن كان من الضروري أن يوجد من وراء المساواة في عملية التبادل أمر مشترك بين السلعتين المتساويتين في قيمتها ، فما هو هذا الأمر المشترك بين الخطّ الأثري ونسخة من تأريخ الكامل ، هاتين السلعتين المختلفتين في كمّية العمل المكتنز فيهما وفي نوعية المنفعة وشتى الخصائص ؟! أفلا يبرهن هذا على أنّ هناك أمراً مشتركاً بين السلع التي يجري بينها التبادل في السوق غير العمل المتجسّد فيها ، وأنّ هذا الأمر المشترك موجود في السلع المنتجة إنتاجاً فردياً كما يوجد في السلع التي تحمل طابع الإنتاج الاجتماعي ؟!

وإذا كان يوجد أمر مشترك بين جميع السلع بالرغم من اختلافها في كمّيات العمل المنفقة عليها ، وفي طابع العمل من ناحية كونه فردياً أو اجتماعياً ، واختلافهما أيضاً في المنافع والخصائص الطبيعية والهندسية ، إذا كان يوجد مثل هذا الأمر المشترك العام حقاً ، فلماذا لا يكون هو المصدر الأساسي للقيمة التبادلية وجوهرها الداخلي ؟!.

وهكذا نجد أنّ الطريقة التحليلية التي اتخذهاماركس تتوقّف به في منتصف الطريق ولا تسمح له بمواصلة استنتاجاته ، ما دامت كمّيات العمل المتجسّد في السلع قد تختلف اختلافا كبيراً مع مساواة بعضها لبعض في القيمة التبادلية فليست كمّيات العمل المتساوية هي السرّ الكامن وراء المساواة في عمليات التبادل

فما هو هذا السر الكامن إذن ؟

ما هو هذا الأمر المشترك بين الثوب والسرير ، والخطّ الأثري والنسخة المطبوعة من تأريخ الكامل ، الذي يحدّد لكلّ واحدة من هذه السلع قيمتها التبادلية تبعاً لنصيبها منه ؟

وفي رأينا هناك مشكلة أخرى تواجه قانون القيمة عندماركس لا يمكن للقانون أن يتغلّب عليها ؛ لأنّها تعبّر عن تناقض هذا القانون مع الواقع الطبيعي الذي يعيشه الناس مهما كان الطابع المذهبي والسياسي لهذا الواقع ، فلا يمكن أن يكون هذا القانون تفسيراً علمياً للواقع الذي يناقضه

١٧٠

ولنأخذ الأرض مثالاً لهذا التناقض بين القانون والواقع ، فالأرض تصلح ـ دون شكّ ـ لإنتاج عدد كبير من الحاصلات الزراعية ، أي لعدد كبير من الاستعمالات البديلة ، فيمكن أن تستعمل الأرض في زراعة الحنطة ، كما يمكن أن تستخدم ـ بدلاً عن الحنطة ـ في إنتاج القطن والرزّ ، وهكذا ومن الواضح أنّ الأرضي ليست متشابهة في كفاءتها الطبيعية ، فهناك من الأراضي ما يكون أكثر كفاءة في فرع معيّن من فروع الإنتاج الزراعي كإنتاج الرز مثلاً وهناك ما هو أكثر كفاءة لزراعة الحنطة أو القطن وهكذا تتمتّع كلّ أرضٍ باستعداد طبيعي يرشّحها لفرع معيّن من فروع الإنتاج ويعني هذا أنّ كمّية من العمل إذا أنفقت على زراعة الأرض في حالة تقسيمها على فروع الإنتاج الزراعي تقسيماً صحيحاً ، واستخدام كلّ أرض فيما هي أصلح له تنتج مقادير مهمّة من الحنطة والرزّ والقطن ، بينما لو صرفت نفس تلك الكمّية المعيّنة من العمل الاجتماعي في حالة توزيع سيء للأرض على فروع الإنتاج واستخدام كلّ أرض في غير ما هي أجدر به لَمَا أمكن الحصول إلاّ على جزء من تلك المقادير المهمّة فهل نستطيع أن نتصوّر أنّ هذا الجزء من الحنطة مثلاً ، يساوي ـ من الناحية التبادلية ـ ذلك المقدار المضاعف الذي ينتج في حالة توزيع الأرض ـ على فروع الإنتاج ـ توزيعاً صحيحاً ، لا لشيءٍ إلاّ لأنّه يساويه في كمّية العمل الاجتماعي المتجسّد فيه ؟! وهل يسمح الاتحاد السوفييتي ـ القائم على أساس ماركسي ـ لنفسه أن يساوي في التبادل بين هاتين الكمّيتين المختلفتين ، بوصفهما تعبيراً عن كمّية واحدة من العمل الاجتماعي .

إنّ الاتحاد السوفييتي ، وأيّ دولة أخرى في العالم ، تدرك عملياً ـ دون شك ـ مدى الخسارة التي تحيق بها من جراء عدم استخدام كلّ أرض فيما هي أكثر صلاحية له .

١٧١

وهكذا نعرف أنّ الكمّية الواحدة من العمل الزراعي قد تنتج قيمتين مختلفتين ، تبعاً للطريقة المتبّعة في تقسيمها على الأراضي المتنوّعة ومن الواضح ـ في ضوء ذلك ـ أنّ القيمة المضاعفة التي تحصل من استخدام كلّ أرض فيما هي أكثر صلاحية له ليست نتيجة للطاقة التي أنفقت في الإنتاج ، لأنّ الطاقة هي الطاقة لا تتغيّر ، سواء زرعت كلّ أرض بما هي أصلح له أم زرعت بغيره ، وإنّما هي ـ القيمة المضاعفة ـ مدينة للدور الإيجابي الذي تلعبه الأرض نفسها في تنمية الإنتاج وتحسينه(١) .

ـــــــــــــــ

(١) ويمكن للماركسية أن تقرّر ـ بصدد الدفاع عن وجهة نظرها ـ : أنّ الكيلو من القطن مثلاً إذا كان يتطلب إنتاجه ساعة من العمل في بعض الأراضي وساعتين من العمل في البعض الآخر ، فلا بدّ من أخذ المعدّل لمعرفة العمل المتوسط اللازم اجتماعيا لإنتاج كيلو من القطن ، وهو ـ في مثالنا ـ ساعة ونصف ، فيصبح الكيلو من القطن تعبيراً عن ساعة ونصف من العمل الاجتماعي المتوسّط ، وتحدّد قيمته وفقاً لذلك ، ويكون عمل ساعة في الأرض الأكثر كفاية منتجاً لقيمة أضخم من القيمة التي ينتجها عمل ساعة في الأرض الأخرى ؛ لأنّ العملين وإن كانا متساويين من ناحية شخصية ولكن كمّية العمل الاجتماعي المتوسّط المتضمّنة في أحدهما أكبر منها في الآخر ؛ لأنّ عمل ساعة في الأرض الخصبة يساوي ساعة ونصف من العمل الاجتماعي المتوسّط ، وأمّا عمل ساعة في الأرض الأخرى فهو يعادل ثلاثة أرباع ساعة من العمل المتوسط اجتماعياً فمردّ الفرق بين النتاجين في القيمة التبادلية هو اختلاف العملين نفسيهما في كمّية العمل الاجتماعي المتوسط المتضمّن في كلّ منهما .

ولكنّنا بدورنا نتساءل : أنّ عمل ساعة في الأرض الأكثر كفاءة لزراعة القطن كيف أصبح أكبر من نفسه ؟ وبقدرة أيّ قادر أضيفت إليه نصف ساعة من العمل فأصبح يساوي عمل ساعة ونصف ؟! إنّ هذه النصف ساعة من العمل التي دسّت نفسها بطريقة سحرية في عمل ساعة ونصف فصيّرته أكبر من نفسه ، ليست إنتاجا إنسانيا ، و لا تعبيراً عن طاقة منفقة في سبيلها ـ لأنّ الإنسان لم يصرف في استخدام الأرض الأكثر كفاءة ذرّة من طاقة أكثر ممّا يصرف في استخدام الأرض الأقل كفاءة ـ وإنّما هو نتاج الأرض الخصبة نفسها ، فخصب الأرض هو الذي قام بالعمل السحري ، فمنح مجّاناً نصف ساعة من العمل الاجتماعي للعامل .

فإذا كانت نصف الساعة هذه تدخل في حساب القيمة التبادلية للإنتاج كان معنى ذلك أنّ الأرض ـ بقدرتها على تمديد ساعة من العمل ومنحها قوّة ساعة ونصف ـ ذات دور إيجابي في تكوين القيمة التبادلية ، وليس العمل الإنتاجي من المنتج هو وحده جوهر القيمة ومصدرها .

وإمّا إذا لم تدخل نصف الساعة السحرية في حساب القيمة ، وتحدّدت القيمة وفقاً للعمل الذي قدّمه الإنسان فحسب كان معنى ذلك أنّ القطن الناتج عن عمل ساعة في الأرض الأكثر كفاءة له يساوي القطن الناتج عن عمل ساعة في الأرض الأقلّ كفاءة ، وبمعنى آخر : أنّ كيلو من القطن يساوي نصف كيلو منه ( المؤلّف قدّس سرّه ) .

١٧٢

وهكذا نواجه السؤال السابق نفسه مرّة أخرى : ما هو المحتوى الحقيقي للقيمة التبادلية الذي تلعب الطبيعة دوراً في تكوينه ، كما يلعب العمل الإنتاجي دوره الخطير في ذلك ؟

وظاهرة أخرى لا تستطيع الماركسية أن تفسّرها ، على ضوء قانونها الخاص في القيمة ، بالرغم من وجودها في كلّ مجتمع ، وهي : انخفاض القيمة التبادلية للسلعة تبعاً لانخفاض الرغبة الاجتماعية فيها : فكلّ سلعة إذا تضاءلت الرغبة فيها ولم يعد المجتمع يؤمن بمنفعة مهمّة لها تفقد ـ بسبب ذلك ـ جزءاً من قيمتها التبادلية ، سواء كان هذا التحوّل ـ في رغبات المجتمع ـ نتيجة عامل سياسي أو ديني أو فكري أو أيّ عاملٍ آخر ، وهكذا تتضاءل قيمة السلعة بالرغم من احتفاظها بنفس الكمّية من العمل الاجتماعي ، وبقاء ظروف إنتاجها كما هي دون تغيير وهذا يبرهن بوضوح على أنّ للدرجة التي تتيحها السلعة من الانتفاع وإشباع الحاجات أثراً في تكوين القيمة التبادلية فمن الخطأ أن تعتبر نوعية القيمة الاستعمالية ودرجة الانتفاع بالسلعة كمّية مهملة ، كما تقرّر الماركسية

والماركسية حين تتغاضى عن هذه الظاهرة وتحاول تفسيرها في ضوء قوانين العرض والطلب تؤكّد على ظاهرة أخرى ، بوصفها تعبيراً واقعياً عن قانونها في القيمة ، وهي : أنّ القيمة التبادلية تتناسب طردياً مع كمّية العمل المتجسّد في السلعة فإذا ساءت ظروف الإنتاج وتطلّب عملاً مضاعفاً في سبيل إنتاج السلعة تضاعفت قيمتها التبادلية تبعاً لذلك وإذا اتفق عكس هذا فتحسّنت ظروف الإنتاج وأصبح من الممكن الاكتفاء بنصف الكمّية السابقة من العمل الاجتماعي في إنتاج السلع انخفضت قيمة السلعة بدورها إلى النصف أيضاً

وهذه الظاهرة وإن كانت حقيقة واضحة في مجرى الحياة الاقتصادية ولكنّها لا تبرهن على صحّة قانون القيمة عند الماركسية ؛ إذ كما يمكن لهذا القانون أن يفسّر هذا التناسب بين القيمة وكمّية العمل ، كذلك يمكن تفسيره في ضوء آخر أيضاً فإنّ ظروف إنتاج الورق مثلاً إذا ساءت وتطلّب إنتاجه كمّية مضاعفة من العمل انخفضت كمّية الورق المنتجة اجتماعياً إلى النصف ـ في حالة بقاء مجموع العمل الاجتماعي المنفق على إنتاج الورق بنفس الكمّية السابقة ـ وحين تنخفض كمية الورق المنتج إلى النصف يصبح أكثر ندرة ، وتزداد الرغبة فيه ، وترتفع منفعته الحدّية .

١٧٣

وإذا حدث العكس ، فانخفضت كمّية العمل التي يتطلّبها إنتاج الورق إلى النصف فسوف تتضاعف كمّية الورق التي ينتجها المجتمع ـ في حالة بقاء مجموع العمل الاجتماعي المنفق على إنتاج الورق بنفس الكمّية السابقة ـ وتهبط منفعة الحدّية ، وتقل ندرته نسبياً ، وبالتالي تنخفض قيمته التبادلية وما دام من الممكن تفسير الظاهرة في ضوء عامل الندرة ، أو المنفعة الحدّية ، كما يمكن تفسيرها على أساس القانون الماركسي في القيمة فلا يمكن أن تعتبر دليلاً علمياً من واقع الحياة على صحّة هذا القانون دون سواه من الفرضيات

والعمل ـ بعد هذا كلّه ـ عنصر غير متجانس يضمّ وحدات من الجهود مختلفة في أهمّيتها ومتفاوتة في درجتها وقيمتها فهناك العمل الفنّي الذي يتوقّف على خبرة خاصة ، والعمل البسيط الذي لا يحتاج إلى الخبرة العلمية والفنية فساعة من عمل الحمّال تختلف عن ساعة من عمل المهندس المعماري ، ونهار من عمل الصانع الفنّي الذي يبذله لإنتاج محرّكات كهربائية يختلف ـ تمام الاختلاف ـ عن عمل العامل الذي يحفر السواقي الصغيرة في الحديقة

وهناك أيضاً العوامل الذاتية الكثيرة التي تؤثّر على العمل ـ باعتباره صفة إنسانية ـ فتحدّد أهمّية ودرجة كفايته ، كما تحدّد الجهد النفسي والعضوي الذي يتطلّبه فالاستعداد الطبيعي العضوي والذهني للعامل ، ومدى رغبته في النبوغ والتفوّق على الآخرين ، ونوعية ما يختلج في نفسه من عاطفة بالنسبة إلى العمل ، يجعله يُقبل عليه مهمّا بلغت مشقّته أو يعرض عنه مهما خفّ عبؤه ، وما يشعر به من حيف وحرمان ، أو ما ينعم به من حوافز تدفعه إلى التفنّن والإبداع ، وما تحيط به من ظروف تدعه فريسة لعوامل السأم والضجر ، أو تبعث في نفسه شيئاً من قوّة الأمل والرجاء كلّ هذه الأمور تعتبر من العوامل التي تؤثّر على نوعية العمل وتحدّد قيمته .

فمن الخطأ أن تقاس الأعمال قياساً كمّياً عددياً فحسب ، وإنّما هي بحاجة إلى قياس نوعي وصفي أيضاً ، يحدّد نوعية العمل المقاس ومدى تأثّره بتلك العوامل فساعة من العمل في ظل شروط نفسية ملائمة ، أكثر كفاية في إنتاجها من ساعة عمل في ظلّ شروط معاكسة فكما يجب أن نقيس كمّية العمل ـ وهذا هو العنصر الموضوعي في المقياس ـ كذلك يجب أن نقيس أيضاً نوعية العمل وأوصافه في ضوء العوامل النفسية المختلفة التي تؤثّر فيه ، وهذا هو العنصر الذاتي في المقياس

ومن الواضح أنّا إذا كنا نملك دقائق الساعة بوصفه مقياساً للعنصر الموضوعي وضبط كمّية العمل ، فلا نملك مقياساً نقيس به العنصر الذاتي للعمل ونوعيته وأوصافه التي تُحدّد طبقاً له

١٧٤

فبِمَ تتخلّص الماركسية من هاتين المشكلتين : مشكلة قياس عامّ للكمّيات الفنّية وغير الفنّية من العمل ، ومشكلة قياس نوعي لكفاية العمل وفقاً للمؤثّرات النفسية والعضوية والذهنية التي تختلف بين عامل وآخر ؟

أمّا المشكلة الأولى فقد حاولت الماركسية حلّها عن طريق تقسيم العمل إلى : بسيطٍ ومركبفالعمل البسيط هو الجهد الذي يعبّر عن طريق القوّة الطبيعية التي يملكها كلّ إنسان سَوي ، بدون تنمية خاصة لجهازه العضوي والذهني ، كعمل الحمّالوالعمل المركب هو : العمل الذي تستخدم فيه الإمكانات والخبرة التي اكتسبت عن طريق عمل سابق ، كأعمال المهندس والطبيب فالمقياس العام للقيمة التبادلية هو العمل البسيط ولمّا كان العمل المركب عملاً بسيطاً مضاعفاً ، فهو يخلق قيمة تبادلية أكبر ممّا يخلقه العمل البسيط المجرّد فالعمل في أسبوع الذي ينفقه المهندس الكهربائي على صنع جهاز كهربائي خاص أضخم من عمل أسبوع ينفقه الحمّال على حمل الأثقال ؛ نظراً إلى ما يتضمّنه عمل المهندس من جهد وعمل سابق بذل في سبيل اكتساب الخبرة الهندسية الخاصة

ولكن هل يمكن أن نفسّر الفرق بين العمل الفنّي وغيره على هذا الأساس ؟

إنّ هذا التفسير الماركسي للتفاوت بين عمل المهندس الكهربائي وعمل العامل البسيط يعني : أنّ المهندس الكهربائي إذا أنفق عشرين سنة مثلاً ، في سبيل الظفر بدرجة علمية وخبرة فنّية في الهندسة الكهربائية ومارس العمل بعد ذلك عشرين سنة أخرى يحصل على قيمة لمجموع نتاجه الذي أنجزه خلال العقدين تساوي القيمة التي يخلقها الحمّال عن طريق مشاركته في الإنتاج بحمل الإثقال خلال أربعة عقود ، وبمعنى آخر : أنّ يومين من عمل الحمّال الذي يساهم في الإنتاج بطريقته الخاصة تعادل يوماً واحداً من عمل المهندس الكهربائي ؛ لما يتضمّنه هذا اليوم من عمل دراسي سابق فهل هذا هو الواقع الذي نشاهده في مجرى الحياة الاقتصادية ؟ أو هل يمكن لأيّ سوق أو دولة الموافقة على مبادلة إنتاج يومين من عمل العامل البسيط بنتاج يوم واحد من عمل المهندس الكهربائي ؟!

١٧٥

ولا شكّ أن من حسن حظ الاتحاد السوفييتي أنّه لا يفكّر في الأخذ بالنظرية الماركسية عن العمل البسيط والمركب ، وإلاّ لمُني بالدمار إذا أعلن : استعداده لإعطاء مهندس في مقابل كلّ عاملين بسيطين ولذلك نجد أنّ العامل الفنّي في روسيا قد يزيد راتبه على راتب العامل البسيط بعشرة أضعاف أو أكثر ، بالرغم من أنّه لم يقض تسعة أضعاف عمر العامل البسيط في الدراسة ، وبالرغم من توفّر الكفاءات الفنّية في روسيا بالكمّية المطلوبة ، كتوفّر القوى العاملة البسيطة كذلك فمرّد الفرق ـ إذن ـ إلى قانون القيمة وليس إلى ظروف العرض والطلب ، وهو فرق كبير لا يكفي لتفسيره إدخال العمل السابق في تكوين القيمة .

وأمّا المشكلة الثانية ( مشكلة قياس نوعي لكفاية العمل وفقاً للمؤثّرات النفسية والعضوية والذهنية التي تختلف بين عامل وآخر ) فقد تخلّصت عنها الماركسية بأخذ المعدّل الاجتماعي للعمل مقياساً للقيمة فقد كتبماركس يقول :

( إنّ الوقت الضروري اجتماعياً لإنتاج البضائع هو الوقت الذي يقتضيه كلّ عمل يجري إنتاجه بدرجة وسطية من المهارة والقوّة وفي شروط اعتيادية طبيعية بالنسبة إلى البيئة الاجتماعية المعينة إذن ، فكمّية العمل وحدها أو وقت العمل الضروري في مجتمع معيّن لإنتاج صنف ما هي التي تحدّد كمّية القيمة وكلّ بضاعة خاصة تعتبر ـ بصورة عامة ـ بمثابة نسخة وسطية عن نوعها ) (١) .

وعلى هذا الأساس ، إذا كان العامل المنتج يتمتّع بشروط ترفعه عن الدرجة الوسيطة اجتماعياً يصبح بإمكانه أن يخلق لبضاعته خلال عمل ساعة قيمة أرقى من القيمة التي يخلقها العامل الوسطي خلال تلك الساعة ؛ لأنّ ساعة من عمله تفوق ساعة من معدل العمل الاجتماعي للعمل فالمعدل الاجتماعي للعمل ، ولمختلف العوامل المؤثّرة فيه ، هو المقياس العام للقيمة .

والخطأ الذي ترتكبه الماركسية بهذا الصدد هو أنّها تدرس المسألة دائماً بوصفها مسألة كمّية فالشروط العالية التي تتهيأ للعامل ليست ـ في نظر الماركسية ـ إلاّ عوامل تساعد العامل على إنتاج كمّية أكبر في وقت أقصر ، فتصبح الكمّية التي ينتجها في ساعة أوفر من الكمّية المنتجة في ساعة من معدل العمل الاجتماعي ، وبالتالي أكثر قيمة منها بينما ينتج هذا العامل مترين من النسيج في

ـــــــــــــــ

(١) رأس المال ١ ، القسم الأوّل : ٤٩ ـ ٥٠ .

١٧٦

ساعة واحدة، ينتج العامل الوسطي خلال تلك الساعة متراً واحداً فقط فيكون للمترين ضعفا قيمة هذا المتر الواحد ؛ لأنّهما يعبّران عن ساعتين من العمل الاجتماعي العام وإن تمّ إنتاجهما في الواقع بساعة واحدة من العمل الممتاز .

ولكنّ الشيء الجدير بالملاحظة هو أنّ الشروط الذهنية والعضوية والنفسية التي لا يتمتّع بها العامل الوسطي لا تعني دائماً زيادة كمية في منتوج العامل الذي يحظى بتلك الشروط ، بل قد تعني أحياناً امتيازاً كيفياً في السلعة المنتجة كما إذا كان هناك رسّامان تستغرق عملية التصوير عند كلّ منهما ساعة ولكن الاستعداد الطبيعي عند أحدهما يجعل الصورة التي يرسمها أروع من الصورة الأخرى فالمسألة هنا ليست مسألة إنتاج كمّية أضخم في وقت أقصر ، بل الذي لا يملك تلك الموهبة الطبيعية لا يستطيع أن يأتي بنظير تلك الصورة ولو ضاعف الوقت الذي ينفقه على عملية التصوير فلا نستطيع إذن القول : بأنّ الصورة الأكثر روعة تعبّر عن ساعتين من العمل الاجتماعي العام ، فإنّ ساعتين من العمل الاجتماعي العام لا تكفي أيضاً لإنتاج هذه الصورة التي أبدعها الرسّام الموهوب بفضل استعداده الطبيعي

وهنا نصل إلى النقطة الأساسية في شأن هاتين الصورتين ، وهي : أنّهما تختلفان في قيمتهما دون شكّ في كلّ سوق مهما كانت طبيعته السياسية ، ومهما كانت نسبة العرض فيه إلى الطلب ، فإنّ أحداً لا يقبل أن يستبدل الصورة الرائعة بالصورة الأخرى ولو كان الطلب والعرض متعادلين ، وهذا يعني : أنّ الصورة الرائعة تستمدّ قيمتها من عنصر لا يوجد في الصورة الأخرى ، وليس هذا العنصر هو كمّية العمل ؛ لأنّ روعة الصورة ـ كما عرفنا ـ لا تعبّر عن عمل كمّي زائد ، وإنّما تعبّر عن نوعية العمل المنفق على إنتاجها فلا يكفي إذن المقياس الكمّي للعمل ـ أو دقائق الساعة بتعبير آخر ـ لضبط قيمة السلع التي تتجسّد فيها تلك الكمّيات المختلفة من العمل فليس من الممكن أن نجد دائماً في كمّية العمل الفردي أو الاجتماعي تفسيراً لتفاوت السلع في قيمتها التبادلية ، لأنّ مردّ هذا التفاوت أحياناً إلى الكيف لا إلى الكم ، إلى الصفة والنوعية لا إلى عدد ساعات العمل .

هذه بعض الصعوبات العلمية التي تعترض طريقماركس ، وتبرهن على عدم كفاية القانون الماركسي لتفسير القيمة التبادلية ولكنماركس ـ بالرغم من كلّ هذه الصعاب ـ وجد نفسه مضطرّاً إلى قانونه هذا ، كما يبدو بكلّ وضوح من تحليله النظري للقيمة الذي استعرضناه في مستهلّ هذا البحث ؛ لأنّه حين حاول أن يستكشف الأمر المشترك بين السلعتين المختلفتين كالسرير والثوب

١٧٧

أسقط من الحساب المنفعة الاستعمالية وجميع الخصائص الطبيعية والرياضية ؛ لأنّ السرير يختلف عن الثوب في منفعته وخصائصه الفيزيائية والهندسية ، وبدا له ـ عندئذٍ ـ أنّ الشيء الوحيد الذي ظلّ مشتركاً بين السلعتين هو العمل البشري المنفق خلال إنتاجهما .

وهنا يكمن الخطأ الأساسي في التحليل ، فإنّ السلعتين المعروضتين في السوق بثمنٍ واحد وإن كانتا مختلفتين في منفعتهما وفي خصائصهما الفيزيائية والكيميائية والهندسية ولكنّهما بالرغم من ذلك مشتركتان في صفة سيكولوجية موجودة بدرجة واحدة فيهما معاً ، وهي الرغبة الإنسانية في الحصول على هذه السلعة وتلك فهناك رغبة اجتماعية في السرير ورغبة اجتماعية في الثوب ، ومردّ هاتين الرغبتين إلى المنفعة الاستعمالية التي يتمتّع بها السرير والثوب فهما وإن كانا مختلفين في نوعية المنفعة التي يؤدّيها كلّ منها ولكنّهما يشتركان في نتيجة واحدة ، وهي الرغبة الإنسانية وليس من الضروري ـ في ضوء هذا العنصر المشترك ـ أن يعتبر العمل أساساً للقيمة بوصفه الأمر المشترك الوحيد بين السلع المتبادلة كما زعمت الماركسيّة ، ما دمنا قد وجدنا أمراً مشتركاً بين السلعتين غير العمل المنفق على إنتاجهما

وبذلك ينهار الاستدلال الرئيسي الذي قدّمه لناماركس على قانونه ، ويصبح من الممكن أن تحلّ الصفة السيكولوجية المشتركة موضع العمل وتُتّخذ مقياساً للقيمة ومصدراً لها وعندئذٍ فقط يمكننا أن نتخلّص من الصعوبات السابقة التي اعترضتماركس ، وأنّ نفسّر ـ في ضوء هذا العنصر الجديد المشترك ـ الظواهر التي عجز قانون القيمة الماركسي عن تفسيرها فالخطّ الأثري والنسخة المطبوعة من تأريخ الكامل اللذان كنا نفتّش عن الأمر المشترك بينهما فلم نجده في العمل لاختلاف كمّية العمل المنفقة فيهما سوف نجد الأمر المشترك بينهما الذي يفسّر قيمتهما التبادلية في هذا المقياس السيكولوجي الجديد فالخط الأثري والنسخة المطبوعة من تأريخ الكامل إنّما يتمتّعان بقيمة تبادلية واحدة ؛ لأنّ الرغبة الاجتماعية موجودة فيهما بدرجة متساوية .

وكذلك تذوب سائر المشاكل الأخرى في ضوء هذا المقياس الجديد ، ولمّا كانت الرغبة في السلعة ناتجة عن منفعتها الاستعمالية فلا يمكن إذن أن نسقط المنافع الاستعمالية من حساب القيمة ، ولذلك نجد أنّ السلعة التي ليس لها منفعة لا تملك قيمة تبادلية إطلاقاً مهما أُنفق على إنتاجها من عمل وقد اعترفماركس نفسه بهذه الحقيقة ولكنّه لم يوضح لنا ـ ولم يكن من الممكن له أن يوضح ـ سرّ هذا الترابط بين المنفعة الإستعمالية والقيمة التبادلية ، وكيف دخلت المنفعة الاستعمالية في عملية

١٧٨

تكوين القيمة التبادلية مع أنّه أسقطها منذ البدء لأنّها تختلف من سلعة لأخرى ؟! وأمّا في ضوء المقياس السيكولوجي فالترابط بين المنفعة والقيمة واضح تماماً ما دامت المنفعة هي أساس الرغبة والرغبة هي مقياس القيمة ومصدرها العام .

والمنفعة الاستعمالية وإن كانت الأساس الرئيسي للرغبة ولكنّها لا تنفرد بتحديد الرغبة في الشيء ، فإنّ درجة الرغبة ـ في أيّ سلعة كانت ـ تتناسبطرداً مع أهمية المنفعة التي تؤدّيها السلعة ، فكلّما كانت السلعة أعظم منفعةً كانت الرغبة فيها أكثر وتتناسب درجة الرغبة عكسياً مع مدى إمكانية الحصول على السلعة ، فكلّما توفّرت إمكانات الحصول على السلعة أكثر تنخفض درجة الرغبة في السلعة وبالتالي تهبط قيمتها ومن الواضح أنّ إمكانية الحصول على السلعة تتبع الندرة والكثرة ، فقد يكون الشيء كثيراً ومتوفّراً بصورة طبيعية إلى الدرجة التي تجعل من الممكن الحصول عليه من الطبيعة دون جهد ، كالهواء ، وفي هذه الحالة تبلغ القيمة التبادلية درجة الصفر لانعدام الرغبة ، ومهما قلّت إمكانية الحصول على الشيء تبعاً لقلّة وجوده أو صعوبة إنتاجه ازدادت الرغبة فيه وتضخّمت قيمته (١) .

ـــــــــــــــ

(١) وهذا العرض أكثر انطباقاً على الواقع من نظرية المنفعة والحدّية القائمة على قانون تناقض المنفعة ، وهي النظري التي تقدّر قيمة السلعة على أساس ما للواحدة الأخيرة من وحدات السلع من قدرة على إشباع الرغبة والوحدة الأخيرة هي أقلّ الوحدات إشباعاً للرغبة ؛ نظراً إلى تناقص الرغبة بإلاشباع التدريجي ، فتحدّد قيمة كل الوحدات طبقاً لما تتيحه الوحدة الأخيرة من إشباع ؛ ولهذا كانت كثرة السلعة سبباً في تناقص المنفعة الحدّية وانخفاض قيمتها بوجه عامّ .

وهذه النظرية لا تفسّر الواقع تماماً ؛ لأنّها لا تنطبق على بعض الحالات التي قد يكون استهلاك الوحدة الأولى من السلعة أو الوحدات الأولى سبباَ لزيادة الرغبة وشدّة الحاجة إلى استهلاك وحدات جديدة ، كما يتّفق ذلك في المواد التي يسرع الاعتياد عليها فلو صحّت نظرية المنفعة الحدّية لكان من نتيجتها أن تزداد القيمة التبادلية في مثل هذه الحالة بزيادة الوحدات المعروضة من السلعة ؛ لأنّ الرغبة أو الحاجة حال استهلاك الوحدة الثانية أشدّ من الرغبة أو الحاجة حال استهلاك الوحدة الأولى ، مع أنّ الواقع العام يدلّ على العكس ، وهذا يدلّ على أنّ المقياس العام ليس هو الدرجة التي يحسّها الإنسان من الحاجة إلى الإشباع عند استهلاك الوحدة الأخيرة ، بل إنّ درجة إمكانية الحصول هي التي تحدّد ـ مع نوعية المنفعة وأهميتها ـ قيمة السلعة ( المؤلّف قدّس سرّه )

١٧٩

نقد الماركسية للمجتمع الرأسمالي :

قد يتبادر إلى بعض الأذهان أنّنا حين ندرس الملاحظات الماركسيّة حول المجتمع الرأسمالي إنّما نستهدف من وراء ذلك إلى تزييف هذه الملاحظات وتبرير الرأسمالية ، نظراً إلى كونها واقعاً معترفاً به في المجتمع الإسلامي الذي يؤمن بالملكية الرأسمالية لوسائل الإنتاج ويرفض الأخذ بمبدأ الملكية الاشتراكية ، فما دام الإسلام يحتضن الرأسمالية فيجب إذن على المذهبيّين الإسلاميين أن يفنّدوا مزاعم الماركسيّة حول الواقع الرأسمالي المعاش في تأريخنا الحديث ، ويقدّموا الدليل على خطأ التحليل الماركسي فيما يبرزه من مضاعفات هذا الواقع وتناقضاته ونتائجه الفظيعة التي تشتدّ وتتفاقم حتى تقضي عليه .

قد يتبادر إلى الأذهان شيء من هذا ، ولكنّ الواقع أنّ الموقف الإسلامي للباحث لا يفرض عليه أن يُنصبَ نفسه مدافعاً عن الواقع الرأسمالي المعاش وأنظمته الاجتماعية ، وإنّما يجب إبراز الجزء المشترك بين المجتمع الإسلامي والمجتمع الرأسمالي ، ودرس التحليل الماركسي ليتبيّن مدى علاقته بهذا الجزء المشترك .

فمن الخطأ إذن ما يتّجه إليه بعض المذهبيّين الإسلاميين من الدفاع عن واقع الرأسمالية الغربية ، وإنكار ما يضج به من أخطاء وشرور ، ظنّاً منهم بأنّ هذا هو السبيل الوحيد لتبرير الاقتصاد الإسلامي الذي يعترف بالمِلكيّة الخاصة .

كما أنّ من الخطأ أيضاً ـ وقد عرفنا أنّ العامل الاقتصادي ليس هو العامل الأساسي في المجتمع ـ الطريقة التي اتخذهاماركس في تحليل المجتمع الرأسمالي والكشف عن عوامل الدمار فيه ، إذ اعتبر جميع النتائج التي تكشّف عنها المجتمع الرأسمالي على مسرح التأريخ وليدة مبدأ أساسي لهذا المجتمع ، وهو مبدأ الملكيّة الخاصة ، فكلّ مجتمع يؤمن بالملكية الخاصة يسير حتماً في الاتجاه التأريخي الذي سار فيه المجتمع الرأسمالي ، ويُمني بنفس النتائج والتناقضات .

وهكذا أرى من الضروري ، لتصفية الحساب مع موقف الماركسيّة من المجتمع الرأسمالي ، أن نؤكّد دائماً على هاتين الحقيقتين :

أوّلاً : أنّ الهدف المذهبي للباحثين المسلمين في الاقتصاد لا يفرض عليهم أن يصحّحوا أوضاع المجتمع الرأسمالي ، ويتنكّروا للحقائق المرّة التي تعصف به

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741