الأمثال في القرآن الكريم

الأمثال في القرآن الكريم 0%

الأمثال في القرآن الكريم مؤلف:
تصنيف: مفاهيم القرآن
ISBN: 964-6243-73-8
الصفحات: 291

الأمثال في القرآن الكريم

مؤلف: الشيخ جعفر السبحاني
تصنيف:

ISBN: 964-6243-73-8
الصفحات: 291
المشاهدات: 91501
تحميل: 7451

توضيحات:

الأمثال في القرآن الكريم
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 291 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 91501 / تحميل: 7451
الحجم الحجم الحجم
الأمثال في القرآن الكريم

الأمثال في القرآن الكريم

مؤلف:
ISBN: 964-6243-73-8
العربية

سورة البقرة

٦

التمثيل السادس

( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الّذينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ البَأْساءُ وَالضَّرّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالّذين آمنوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ ) .(١)

نزلت الآية عندما حوصر المسلمون واشتد الخوف والفزع بهم في غزوة الأحزاب فجاءت الآية لتثبّت قلوبهم وتعدهم بالنصر.

وقيل : إنّ عبد الله بن أُبي قال للمسلمين عند فشلهم في غزوة أحد : إلى متى تتعرضون للقتل ، ولو كان محمّد نبياً لما واجهتم الأسر والتقتيل ؟ ، فنزلت الآية.

تفسير الآية

وردت لفظة « أم » للاِضراب عما سبق وتتضمن معنى الاستفهام ، والمعنى « بل أحسبتم أن تدخلوا الجنة ».

و( البَأساء ) : هي الشدة المتوجهة إلى الإنسان من خارج نفسه كالمال والجاه والأهل.

و « الضرّاء » : هي الشدة التي تصيب نفس الإنسان كالجرح والقتل ، وقيل :

__________________

١ ـ البقرة : ٢١٤.

١٠١

انّ « البأساء » نقيض « النعماء » ، « الضراء » نقيض « السراء » ، و « الزلزلة » شدة الحركة ، والزلزال البلية المزعجة لشدة الحركة والجمع زلازل ، وأصله من قولك زلّ الشيء عن مكانه ، ضوعف لفظه بمضاعف معناه ، نحو صرى وصرصر ، وصلى وصلصل ، فإذا قلت زلزلته ، فمعناه كرّرت تحريكه عن مكانه.

وقد جاء ما يقرب من مضمون الآية في آيات أخرى ، منها قال سبحانه :( وَالصّابِرينَ فِي البَأْساءِ وَالضَّرّاءِ وَحِينَ البَأْسِ أُولئِكَ الّذينَ صَدَقُوا وَأُوْلئِكَ هُمُ المُتَّقُون ) .(١)

وقال سبحانه :( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالبَأساءِ وَالضَّرّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُون ) .(٢)

وقال سبحانه :( وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍ إلاّ أَخَذْنا أَهْلَهَا بِالبَأساءِ والضَّرّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرّعُون ) .(٣)

تدلُّ مجموع هذه الآيات على دوام الابتلاء والامتحان في جميع الأمم خصوصاً في الأمة الاِسلامية.

ثمّ إنّ الهدف من امتحان أبناء البشر هو تحصيل العلم بكفاءة الممتحن ، لكنّه فيه سبحانه يستهدف إلى إخراج ما بالقوة من الكمال إلى الفعلية مثلاً : فانّ إبراهيمعليه‌السلام كان يتمتع بموهبة التفاني في الله وبذل ما يملك في سبيله غير انّه لم تكن لها ظهور وبروز ، فلما وقع في بوتقة الامتحان ظهرت تلك الموهبة إلى الوجود بعد ما كانت بالقوة.

__________________

١ ـ البقرة : ١٧٧.

٢ ـ الأنعام : ٤٢.

٣ ـ الأعراف : ٩٤.

١٠٢

وما ذكرنا هو المستفاد من الآيات وقد صرح به الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام في بعض خطبه : قال :

« لا يقولنّ أحدكم : اللّهمّ إنّي أعوذ بك من الفتنة ، لأنّه ليس أحد إلاّ وهو مشتمل على فتنة ، ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلاّت الفتن ، فانّ الله سبحانه يقول :( وَاعْلَمُوا أنّما أَموالكُمْ وَأَولادكُمْ فِتْنَة ) ومعنى ذلك انّه يختبرهم بالأموال والأولاد ليتبيّن الساخط لرزقه والراضي بقسمه ، وإن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم ، ولكن لتظهر الأفعال التي بها يُستحق الثواب والعقاب ».(١)

إلى هنا تبين معنى مفردات الآية وسبب نزولها والآيات التي وردت في هذا الصدد في حقّ سائر الاَُمم.

إذا عرفت ذلك فلنرجع إلى تفسير الآية.

يقول سبحانه : إنّ الابتلاء بالبأساء والضراء سنة إلهية جارية في الأمم كافة ولا تختص بالاَُمة الإسلامية ، فالتمحيص وتمييز المؤمن الصابر عن غير الصابر رهن الابتلاء. فلا يتمحض إيمان المسلم إلاّ إذا غربل بغربلة الامتحان ليخرج نقياً. ولا يترسخ الإيمان في قلبه إلاّ من خلال الصمود والثبات أمام أعاصير الفتن الهوجاء.

وكأنّ الآية تسلية لنبيه وأصحابه مما نالهم من المشركين وأمثالهم ، لأنّ سماع أخبار الأمم الماضية يسهّل الخطب عليهم ، وانّ البلية لا تختص بهم بل تعم غيرهم أيضاً ، ولذلك يقول :( أَمْ حَسِبْتُمْ ) أي أظننتم وخلتم أيها المؤمنون أن تدخلوا الجنة( ولمّا يَأْتِكُمْ مَثلُ الّذين خَلوا مِنْ قَبْلِكُم ) ، أي أن تدخلوا الجنة ولما تبتلوا وتمتحنوا بمثل ما ابتليت به الأمم السالفة وامتحنوا به. فعليكم بالصبر والثبات كما صبر هؤلاء وثبتوا.

__________________

١ ـ نهج البلاغة : قسم الحكم : الحكمة ٩٣.

١٠٣

وعلى ضوء هذا فالمثل بمعنى الوصف ـ وقد تقدم منّا القول ـ بأنّ من معاني المثل هو الوصف. فقوله :( وَلَما يَأتِكُم مثل الذين خلوا من قبلكم مسّتهم البأساء والضراء ) ، أي « لمّا يأتكم وصف الذين خلوا من قبلكم » فلا يدخلون حظيرة الإيمان الكامل إلاّ أن يكون لهم وصف مثل وصف الذين واجهوا المصائب والفتن بصبر وثبات وعانوا الكثير من القلق والاضطراب ، كما قال تعالى في حقّ المؤمنين :( وَزلزلوا زِلزالاً شَديداً ) ففي خضّم هذه الفتنة التي تنفد فيها طاقات البشر ، فإذا بالرحمة تنزل عليهم من خلال دعاء الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وصالح المؤمنين.

كما قال سبحانه :( وَزلزلوا حتى يقول الرسول والّذين آمنوا معه متى نصر الله ) والجملة ليست إلاّ طلب دعاء للنصر الذي وعد الله به رسله والمؤمنين بهم واستدعاءً له ، كما قال تعالى :( وَلَقدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُون ) (١) ، وقال تعالى :( كَتَبَ اللهُ لأغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلي ) .(٢)

يقول الزمخشري : ومعناه طلب الصبر وتمنّيه واستطالة زمان الشدة ، وفي هذه الغاية دليل على تناهي الأمر في الشدة ، وتماديه في العظم فإذا لم يبق للرسل صبر حتى ضجّوا ، كان ذلك الغاية في الشدة التي لا مطمح ورائها.

وعند ذلك يخاطبون بقوله سبحانه :( ألا إنّ نصر الله قريب ) أي يقال لهم ذلك إجابة لهم إلى طلبتهم من عاجل النصر.(٣)

ثمّ إنّ القراءة المعروفة هي الرفع في قوله :( حَتى يَقول الرسول ) ، وعند ذلك تكون الجملة لحكاية حال الأمم الماضية. وقرئ بنصب « يقول » وعلى هذا

__________________

١ ـ الصافات : ١٧١ ـ ١٧٢.

٢ ـ المجادلة : ٢١.

٣ ـ الكشاف : ١ / ٢٧٠ في تفسير الآية.

١٠٤

تكون الجملة في محل الغاية لما سبقها وهو قوله( مسّتهم البأساء والضراء ) و( زلزلوا ) ولعل القراءة الاُولى أفضل لبعد كون الجملة غاية لمس البأساء والضراء والزلزال.

وقد تبين ممّا ذكرنا أنّ المثل بمعنى التمثيل والتشبيه ، فتشبيه حال الأمة الإسلامية بالأمم السابقة في أنّهم يعمّهم البأساء والضراء والزلزال ، فإذا قرب نفاد طاقاتهم وصمودهم في المعارك يدعو الرسول ومن معه من المؤمنين لهم بالنصر والغلبة والنجاح.

ثمّ إنّ بعض الكتّاب ممن كتب في أمثال القرآن جعل الآيات الثلاث التالية من الأمثال القرآنية.(١)

أ :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الّذِي حاجَّ إِبْراهيمَ فِي رَبّهِ أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ إذْ قالَ إِبْراهيمُ رَبّي الّذي يُحْيي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الّذِي كَفَرَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَومَ الظّالِمين ) .(٢)

ب :( أَوْ كَالّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ مائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مائَةَ عامٍ فَانْظُر إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُر إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنّاسِ وَانْظُرْ إِلى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .(٣)

____________

١ ـ الدكتور محمد حسين علي الصغير : الصورة الفنية في المثل القرآني : ١٤٤ ؛ والدكتور إسماعيل إسماعيلي : تفسير أمثال القرآن : ١٩١.

٢ ـ البقرة : ٢٥٨.

٣ ـ البقرة : ٢٥٩.

١٠٥

ج :( وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَ لَمْ تُوَْمِن قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) .(١)

ولا يخفى ما فيها من الضعف.

أمّا الآية الأولى فلاَنّ المراد من التمثيل هو التشبيه الذي يصور فيه غالباً غير المحسوس بالمحسوس ويقرّب المعنى إلى ذهن المخاطب ، ولكن التشبيه في الآية الاُولى الذي قام به مناظر إبراهيم كان تشبيهاً غير صحيح ، وذلك لأنّه لمّا وصف إبراهيم ربّه بأنّه يحيي ويميت أراد منه من يضفي الحياة على الجنين ويقبضه عندما يَطعن في السن ، ولكن المناظر فسّره بوجه أعم وقال : أنا أيضاً أُحيي وأُميت ، فكان إحياوَه بإطلاق سراح من كُتب عليه القتل ، وقتل من شاء من الأحياء ، مع الفرق الشاسع بين الإحياء والإماتة في كلام الخليل وكلام المناظر ، فلم يكن هناك أي تشبيه بل مغالطة واضحة فيه.

وأمّا الآية الثانية ، فلم يكن هناك أي تشبيه أيضاً ، لأنّه يشترط في التمثيل الاختلاف بين المشبه والمشبه به اختلافاً نوعياً ، كتشبيه الرجل الشجاع بالاَسد ومُحمرَّ الشقيق بأعلام الياقوت ، وأمّا الآية المباركة فانّما هي من قبيل إيجاد مِثْل للمشبه ، فالرجل لما مرّ على القرية الخاوية على عروشها وقد شاهد بأنّه باد أهلها ورأي عظاماً في طريقها إلى البِلاء فقال :( كيف يحيي هذه الله بعد موتها ) فأماته الله سبحانه مائة عام ثم أحياه كما هو ظاهر الآية ، وعلى ذلك فأوجد مِثْلاً للمشبه مع الوحدة النوعية وإنّما الاختلاف في الصنف ، وقد عرفت لزوم وجود التباين النوعي بين المشبّه والمشبّه به.

__________________

١ ـ البقرة : ٢٦٠.

١٠٦

وأمّا الآية الثالثة ، فمفادها هو أنّ إبراهيم كان موَمناً بقدرته على إحياء الموتى ولكن طلب الإحياء ليراه بعينه ، لأنّ للعيان أثراً كبيراً في الاطمئنان ورسوخ العلم في القلب ، فطلب الرؤية ليطمئن قلبه ويزداد يقينه ، فخاطبه سبحانه بقوله :( فَخُذْ أَربَعة من الطّير فصرهنّ إليك ) ، أي أملهنّ وأجمعهنّ وضمهنّ إليك.( ثُمّ اجعل عَلى كُلّ جَبل مِنهُنَّ جزءاً ) هذا دليل على أنّه سبق الأمر بقطعهنّ وذبحهنّ.( ثمّ ادعُهُنَّ يأتينك سعياً ) ، ولم يذكر في الآية قيام إبراهيم بهذه الأعمال استغناء عنه بالقرائن.

هذا هو مفهوم الآية وأمّا انّها ليست مَـثَلاً ، فلعدم توفر شرائط المثَل من المشبه والمشبه به ، وإنّما هو من قبيل إيجاد الفرد من الأمر الكلي أي إحياء الموتى سواء أكان إنساناً أم لا.

فالأولى عدّ هذه الآيات من القصص التي حكاها القرآن الكريم للعبرة والعظة لكن لا في ثوب المثل. فلننتقل إلى التمثيل السابع في سورة البقرة.

١٠٧

سورة البقرة

٧

التمثيل السابع

( مَثَلُ الّذينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ في سَبيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلّ سُنْبُلَةٍ مائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيم * الّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ في سَبِيلِ اللهِ ثُمّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا منّاً وَلا أَذى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُون * قَولٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَاللهُ غَنِيّ حَليم ) .(١)

تفسير الآيات

وعد سبحانه في غير واحد من الآيات بالجزاء المضاعف ، قال سبحانه :( مَنْ ذَا الّذِى يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثيِرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وإليهِ تُرْجَعُون ) .(٢)

ولأجل تقريب هذا الأمر أتى بالتمثيل الآتي وهو :

أنّ مثل الإنفاق في سبيل الله كمثل حبة أنبتت ساقاً انشعب سبعة شعب خرج من كلّ شعبة سنبلة فيها مائة حبة فصارت الحبة سبعمائة حبة ، بمضاعفة الله لها ، ولا يخفى أنّ هذا التمثيل أبلغ في النفوس من ذكر عدد السبعة ، فإنّ في

__________________

١ ـ البقرة : ٢٦١ ـ ٢٦٣.

٢ ـ البقرة : ٢٤٥.

١٠٨

هذه إشارة إلى أنّ الأعمال الصالحة يمليها الله عزّ وجلّ لاَصحابها كما يملي لمن بذر في الأرض الطيبة.

وظاهر الآية أنّ المشبه هو المنفق ، والمشبه به هو الحبة المتبدلة إلى سبعمائة حبة ، ولكن التنزيل في الواقع بين أحد الأمرين :

أ : تشبيه المنفق بزارع الحبة.

ب : تشبيه الإنفاق بالحبة المزروعة.

ففي الآية أحد التقديرين.

ثمّ إنّ ما ذكره القرآن من التمثيل ليس أمراً وهمياً وفرضاً خيالياً بل هو أمر ممكن واقع ، بل ربما يتجاوز هذا العدد ، فقد حكى لي بعض الزُّرّاع أنّه جنى من ساق واحد ذات سنابل متعددة تسعمائة حبة ، ولا غرو في ذلك فانّه سبحانه هو القابض والباسط.

ثمّ إنّه سبحانه فرض على المنفق في سبيل الله الطالب رضاه ومغفرته أن لا يتبع ما أنفقه بالمنّ والأذى.

أمّا المنُّ ، فهو أن يتطاول المعطي على من أعطاه بأن يقول : « ألم أعطك » « ألم أحسن إليك » كلّ ذلك استطالة عليه ، وأمّا الاَذى فهو واضح.

فهؤلاء ـ أي المنفقون ـ غير المتبعين إنفاقهم بالمنّ والأذى( لهم أجرهم عند ربّهم ولا خوف عليهم ولا هم يَحْزنون ) .

ثمّ إنّه سبحانه يرشد المعوزين بأن يردّوا الفقراء إذا سألوهم بأحد نحوين :

أ :( قول معروف ) كأن يتلطف بالكلام في ردّ السائلين والاعتذار منهم والدعاء لهم.

١٠٩

ب :( ومغفرة ) لما يصدر منهم من إلحاف أو إزعاج في المسألة.

فالمواجهة بهاتين الصورتين( خير من صدقة يتبعها أذى ) .

وعلى كلّ حال فالمغني هو الله سبحانه ، كما يقول :( وَالله غني ) ، أي يغني السائل من سعته ، ولكنّه لأجل مصالحكم في الدنيا والآخرة استقرضكم في الصدقة وإعطاء السائل.( حليم ) فعليكم يا عباد الله بالحلم والغفران لما يبدر من السائل.

١١٠

سوره البقرة

٨

التمثيل الثامن

( يَا أَيُّها الّذِينَ آمَنوا لا تُبطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالمَنّ وَالأذى كَالّذي يُنْفِقُ مَالَهُ رئَاءَ النّاسِ وَلا يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصَابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُون َعَلى شيءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ لا يَهْدِي القَومَ الكَافِرِين ) .(١)

الرئى من الرؤية ، وسمي المرائي مرائياً ، كأنّه يفعل ليرى غيره ذلك.

والصفوان واحدته صفوانة ، مثل سعدان وسعدانة ، ومرجان ومرجانة ، وهي الحجر الأملس.

و « الوابل » : المطر الشديد الوقع.

و « الصلد » : الحجر الأملس أي الصلب ، و « الصلد » من الأرض ما لا ينبت فيه شيئاً لصلابته.

قد مرّ في التمثيل السابق انّ التلطف بالكلام في رد السائل والاعتذار منه ، والعفو عما يصدر منه من إلحاف وإزعاج ، أفضل من أن ينفق الإنسان ويتبع عمله بالأذى.

وأمّا ما هو سببه ، فقد بيّنه سبحانه في هذا التمثيل ، وذلك بأنّ المنَّ والأذى

__________________

١ ـ البقرة : ٢٦٤.

١١١

يبطل الإنفاق السابق ، لأنّ ترتب الأجر على الإنفاق مشروط بترك تعقبه بهما ، فإذا اتبع عمله بأحد الأمرين فقد افتقد العمل شرط استحقاق الأجر.

وبهذا يتبيّن أنّ الآية لا تدلّ على حبط الحسنة بالسيئة ، لأنّ معنى الحبط هو إبطال العمل السيّء الثواب المكتوب المفروض ، والآية لا تدلّ عليه لما قلنا من احتمال أن يكون ترتب الثواب على الإنفاق مشروطاً من أول الأمر بعدم متابعته بالمنِّ والأذى في المستقبل ، فإذا تابع عمله بأحدهما فلم يأت بالواجب أو المستحب على النحو المطلوب ، فلا يكون هناك ثواب مكتوب حتى يزيله المنّ والأذى.

وأمّا استخدام كلمة الاِبطال ، فيكفي في ذلك وجود المقتضي للأجر وهو الإنفاق ، ولا يتوقف على تحقّق الأجر ومفروضيته على الله بالنسبة إلى العبد.

ثمّ إنّ الحبط باطل عقلاً وشرعاً.

أمّا الأوّل فلما قُرِّر في محله من استلزامه الظلم ، لأنّ معنى الحبط أنّ مطلق السيئة يذهب الحسنات وثوابها على وجه الإطلاق مع أنّه مستلزم للظلم ، لأنّ من أساء وأطاع وكانت إساءته أكثر ـ فعلى القول بالإحباط ـ يكون بمنزلة من لم يحسن.

وإن كان إحسانه أكثر يكون بمنزلة من لم يسئ ، وإن تساويا يكون مساوياً لمن يصدر عنهما.(١)

وأمّا شرعاً فلقوله سبحانه :( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَراً يَرَه ) .(٢)

__________________

١ ـ كشف المراد : المقصد السادس ، المسألة السابعة.

٢ ـ الزلزلة : ٧ ـ ٨.

١١٢

وإلى هذين الوجهين أشار المحقّق الطوسي بقوله :

والاِحباط باطل ، لاستلزامه الظلم ولقوله تعالى :( فَمَنْ يَعْمَل مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه ) .(١)

ثمّ إنّ العبد بما انّه لا يملك شيئاً إلاّ بما أغناه الله وأعطاه ، فهو ينفق من مال الله سبحانه ، لأنّه وما في يده ملك لمولاه فهو عبد لا يملك شيئاً إلاّ بتمليكه سبحانه ، فمقتضى تلك القاعدة أن ينفق لله وفي سبيل الله ولا يتبع عمله بالمنّ والأذى.

وبعبارة أخرى : أنّ حقيقة العبودية هي عبارة عن حركات العبد وسكناته لله سبحانه ، ومعه كيف يسوّغ له اتّباع عمله بالمنِّ والأذى.

ولذلك يقول سبحانه :( يا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالمَنّ وَالأذى ) .

ثمّ إنّه سبحانه شبّه أصحاب المنِّ والأذى بالمرائي الذي لا يبتغي بعمله مرضاة الله تعالى ، ولا يقصد به وجه الله غير انّ المانّ والمؤذي يقصد بعمله مرضاة الله ثمّ يتبعهما بما يبطله بالمعنى الذي عرفت ، والمرائي لا يقصد بأعماله وجه الله سبحانه فيقع عمله باطلاً من رأس ، ولذلك صحّ تشبيههما بالمرائي مثل تشبيه الضعيف بالقوي.

وأمّا حقيقة التمثيل فتوضيحها بالبيان التالي :

نفترض أرضاً صفواناً أملس عليها تراب ضئيل يخيل لأوّل وهلة أنّها أرض نافعة صالحة للنبات ، فأصابها مطر غزير جرف التراب عنها فتركها صلداً صلباً

__________________

١ ـ المصدر نفسه.

١١٣

أملس لا تصلح لشيء من الزرع ، كما قال سبحانه :( كمَثَل صَفْوان عَلَيْهِ تُراب فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكهُ صَلداً لا يَقْدِرُون على شيء مِمّا كسبوا ) .

فعمل المرائي له ظاهر جميل وباطن رديء ، فالإنسان غير العارف بحقيقة نيّة العامل يتخيل أنّ عمله منتج ، كما يتصور الإنسان الحجر الأملس الذي عليه تراب قليل فيتخيل انّه صالح للنبات ، فعند ما أصابه مطر غزير شديد الوقع ونفض التراب عن وجه الحجر تبين أنّه حجر أملس لا يصلح للزراعة ، فهكذا عمل المرائي إذا انكشفت الوقائع ورفعت الأستار تبين أنّه عمل رديء عقيم غير ناتج.

ثمّ إنّ المانّ والمؤذي بعد الإنفاق أشبه بعمل المرائي.

١١٤

سورة البقرة

٩

التمثيل التاسع

( وَمَثَلُ الّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ ابْتِغاءَ مَرضَاتِ اللهِ وَتَثْبيتاً مِنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَين فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلّ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) .(١)

تفسير الآية

« الربوة » : هي التلُّ المرتفع.

و « الطلّ » : المطر الخفيف ، يقال : أطلّت السماء فهي مطلِّة. وروضة طلّة ندية.

شبّه سبحانه في التمثيل السابق عمل المانِّ والمؤذي بعد الاِنفاقب والمرائى بعمله بالأرض الصلبة التي عليها تراب يصيبها مطر غزير يكتسح التراب فلا يظهر إلاّ سطح الحجر لخشونته وصلابته ، على عكس التمثيل في هذه الآية حيث إنّها تشبّه عمل المنفق لمرضاة الله تبارك وتعالى بجنة خضراء يانعة تقع على أرض مرتفعة خصبة تستقبل النسيم الطلق والمطر الكثير النافع ، وقيّد المشبه به ببستان مرتفع عن الأرض ، لأنّ تأثير الشمس والهواء فيه أكمل فيكون أحسن منظراً وأذكى ثمراً ، أمّا الأماكن المنخفضة التي لا تصيبها الشمس في الغالب إلاّ قليلاً فلا تكون كذلك.

__________________

١ ـ البقرة : ٢٦٥.

١١٥

قال الرازي : إنّ المراد بالربوة الأرض المستوية الجيدة التربة بحيث تربو بنزول المطر عليها وتنمو ، كما قال سبحانه :( فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الماء اهْتَزَّت وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ ) .

ويؤيده أنّ المثل مقابل الصفوان الذي لا يؤثر فيه المطر.

وعلى كلّ حال فهذا النوع من الأرض إن أصابها وابل أتت أكلها ضعفين فكان ثمرها مِثْلَي ما كانت تثمر في العادة ، وإن لم يصبها وابل بل أصابها الطلّ تعطي أكلها حسب ما يترقّب منها.

فالذين ينفقون أموالهم في سبيل الله أشبه بتلك الجنة ذات الحاصل الوافر المفيد والثمين.

ثمّ إنّ قوله سبحانه :( ابتغاء مرضات الله وتثبيتاً من أنفسهم ) بيان لدوافع الإنفاق وحواجزه وهو ابتغاء مرضاة الله أولاً ، وتقوية روح الإيمان في القلب ثانياً ، ولعلّ السرّ في دخول « من » على( من أنفسهم ) مع كونه مفعولاً لقوله( تثبيتاً ) لبيان أنّ هذا المنفق ينفق من نفس قد روّضها وثبّتها في الجملة على الطاعة حتى سمحت لله بالمال الغزير فهو يجعل من مقاصده في الإنفاق ، تثبيتها على طاعة الله وابتغاء مرضاته في المستقبل.

١١٦

سورة البقرة

١٠

التمثيل العاشر

( أَيَوَّدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلّ الثَّمَراتِ وَأَصابهُ الكِبَرُ وَلَهُ ذُرّيّةٌ ضُعَفاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذلِكَ يُبَيّنُ اللهُ لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُون ) .(١)

تفسير الآية

ودّ الشيء : أحبه. و « الجنة » هي الشجر الكثير الملتفّ كالبستان سمّيت بذلك ، لأنّها تجن الأرض وتسترها وتقيها من ضوء الشمس ونحوه.

و « النخيل » جمع نخل أو اسم جمع.

و « الاَعناب » جمع عنب وهو ثمر الكرم ، والقرآن يذكر الكرم بثمره والنخل بشجره لا بثمره.

و « الاِعصار » ريح عاصفة تستدير في الأرض ثمّ تنعكس عنها إلى السماء حاملة معها الغبار كهيئة العمود ، جمعه أعاصير ، وخصّ الأعاصير بما فيها نار ، وقال :( إعصار فيه نار ) ، وفيه احتمالات :

أ : أن يكون المراد الرياح التي تكتسب الحرارة أثناء مرورها على الحرائق

__________________

١ ـ البقرة : ٢٦٦.

١١٧

فتحمل معها النيران إلى مناطق نائية.

ب : العواصف التي تصاحبها الصواعق وتصيب الأرض وتحيلها إلى رماد.

ج : البرد الشديد الذي يطلق على كلّ ما يتلف الشيء ولو بتجفيف رطوبته.

والمتعين أحد الأوّلين دون الثالث ، وإلاّ لكان له سبحانه أن يقول كمثل ريح صرّ وهو البرد الشديد ، قال سبحانه في صدقات الكفار ونفقاتهم في الدنيا :( مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ في هذِهِ الحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ ريحٍ فِيهَا صِرّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكتْهُ وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُون ) .(١)

نعم ربما يفسر الصرّ بالسموم الحارة القاتلة.(٢) وعندئذ تّتحد الآيتان في المعنى.

وعلى كلّ حال فالمقصود هو نزول البلاء على هذه الجنة الذي يؤدي إلى إبادتها بسرعة.

ثمّ إنّه سبحانه بينما يقول :( جنّة من نَخيلٍ وَأَعْناب ) الظاهر في كون الجنّة محفوفة بهما ، يقول أيضاً :( فِيها مِنْ كُلّ الثَّمَرات ) ، فكيف يمكن الجمع بين الأمرين؟

والظاهر انّ النخيل والأعناب لمّا كانا أكرم الشجر وأكثرها نفعاً خصّهما بالذكر وجعل الجنة منهما ، وإن كانت محتوية على سائر الأشجار تغليباً لهما على غيرهما.

إلى هنا تم تفسير مفردات الآية.

__________________

١ ـ آل عمران : ١١٧.

٢ ـ مجمع البيان : ١ / ٤٩١.

١١٨

وأمّا التمثيل فيتركب من مشبه ومشبه به.

أمّا المشبه فهو عبارة عمن يعمل عملاً صالحاً ثمّ يردفه بالسيئة ، كما هو المروي عن ابن عباس ، عندئذٍ يكون المراد من ينفق ويتبع عمله بالمنّ والأذى.

قال الزمخشري : ضربت الآية مثلاً لرجل غني يعمل الحسنات ، ثمّ بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله كلها.(١)

وأمّا المشبه به فهو عبارة عن رجل طاعن في السن لَحِقته الشيخوخة وله أولاد صغار غير قادرين على العمل وله جنّة محفوفة بالنخيل والأعناب تجري من تحتها الأنهار وله من كلّ الثمرات ، وقد عقد على تلك الجنة آمالاً كبيرة ، وفجأة هبّت عاصفة محرقة فأحرقتها وأبادتها عن بكرة أبيها فكيف يكون حال هذا الرجل في الحزن والحسرة والخيبة والحرمان بعد ما تلاشت آماله ، فالمنفق في سبيل الله الذي هيأ لنفسه أجراً وثواباً أُخروياً عقد به آماله ، فإذا به يتبع عمله بالمعاصي ، فقد سلط على أعماله الحسنة تلك أعاصير محرقة تبيد كلّ ما عقد عليه آماله.

__________________

١ ـ الكشاف : ١ / ٢٩٩.

١١٩

سورة البقرة

١١

التمثيل الحادي عشر

( الّذينَ يَأكُلُونَ الرّبا لا يَقُومُونَ إلاّ كَما يَقُومُ الّذي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ المَسِّ ذلِكَ بأنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا البَيْعُ مِثْلُ الرّبوا وَأَحَلَّ اللهُ البيعَ وَحَرَّمَ الرّبوا فَمَنْ جاءَهُ مَوعِظَةٌ مِنْ رَبّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولئِكَ أَصْحَابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) .(١)

تفسير الآية

« الربا » الزيادة كما في قولهم ربا الشيء يربو إذا زاد ، والربا هو الزيادة على رأس المال ، فلو أقرض أحد أحداً عشرة إلى سنة فأخذ منه في نهاية الأجل أكثر ممّا دفع فهو ربا إذا شرطه في العقد.

و « التخبّط » والخبط بمعنى واحد ، وهو المشي على غير استواء ، يقال : خبط البصير إذا اختلّت جهة مشيه ، ويقال للذي يتصرف في أمر ولا يهتدي فيه : هو يخبط خبطة عشواء ، أي يضرب على غير اتساق.

وعلى هذا فالمراد من قوله :( يَتَخَبَّطهُ الشَّيْطان ) أي يخبطه الشيطان ويضربه ، وبالتالي يصرعه.

____________

١ ـ البقرة : ٢٧٥.

١٢٠