الأقسام في القرآن الكريم

الأقسام في القرآن الكريم 0%

الأقسام في القرآن الكريم مؤلف:
تصنيف: مفاهيم القرآن
الصفحات: 173

الأقسام في القرآن الكريم

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ جعفر السبحاني
تصنيف: الصفحات: 173
المشاهدات: 47759
تحميل: 6935

توضيحات:

الأقسام في القرآن الكريم
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 173 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 47759 / تحميل: 6935
الحجم الحجم الحجم
الأقسام في القرآن الكريم

الأقسام في القرآن الكريم

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الأَقْسام في القُرآنِ الكريم

دراسةٌ مُبَسَّطةٌ حَول الأَقسامِ الوارِدَة في الكتابِ العَزيزِ

العَلاّمة المُحَقِّق جَعفر السُبحاني

١

بسم اللّه الرحمن الرحيم

القُرآنُ والآفاق اللامُتَناهية

الحمد للّه الّذي علَّم بالقلم ، علّم الإنسان ما لم يعلم ، والصلاة والسلام على سيِّدنا ونبيّنا محمّد ، خير من طاف الأرض وحَكَم ، وعلى آله الأئمّة السادة ، هُداة الأُمّة إلى الطريق الأقوَم

نزل القرآن الكريم على قلب سيّد المُرسَلين هادياً للإنسان ومنيراً له طريق السعادة ، وقد وضع علماء الإسلام علوماً جَمَّة لفهم حقائقه وكشف أسراره ومعانيه ، وعلى الرغم من ذلك ، لم يزل المُفسّرون في كلّ عصر يستخرجون منه حقائق غفلَ عنها الأقدمون ، وكأنّ الإنسان أمام بحر موّاج بالحقائق العلميّة ، لا يُدرَك غوره ، ولا يُتوصّل إلى أعماقه ، ولا يمكن لأحد الإحاطة بأسراره وعجائبه

وكأنّ القرآن هو النسخة الثانية لعالم الطبيعة ، الّذي لم يزل يبحث عن أسراره الباحثون ، وهم بعدُ في الأشواط الأُولى من الوقوف على حقائقه الكامنة

ولا غروَ أن يكون الكتاب العزيز كذلك أيضاً ، لأنّه كتاب صدر من لَدُن حكيم عليم ، لا نهاية لوجوده وعلمه ، فيجب أن يكون كتابه المُنزّل رَشحَة من رَشَحات وجوده

٢

وهذا هو مُتكلّمُ قريش وخطيبهم الوليد بن المغيرة المخزومي ، لمّا جلس إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسمع شيئاً من آيات سورة غافر ، ذهب إلى قومه ليُبيِّن موقفه من الكتاب ، وقال : واللّه قد سمعتُ من محمّد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجنِّ ، وإنّ له لحلاوَة ، وإنّ عليه لطلاوَة ، وإنّ أعلاه لمُثمِر ، وإنّ أسفلَه لمُغدِق ، وإنّه ليعلو وما يُعلَى عليه(١)

فقد أدرك مُنطيق قريش ، بصفاء ذهنه ، ما يحتوي عليه القرآن من أسرارٍ وكنوز

نعم ، قد سبقه رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذلك ، حيث عَرّف القرآن بقوله :

( له ظَهرٌ وبَطن ، وظاهره حُكْم ، وباطنُه عِلْم ، وظاهره أنيق ، وباطِنه عَميق ، له نجوم وعلى نجومه نجوم ، لا تُحصَى عجائبه ، ولا تبلى غرائبه ، فيه مصابيح الهدى و منار الحكمة ) .(٢)

وقد أفاض الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام في بيان أبعاد القرآن غير المتناهية ، وقال في خطبةٍ يصف فيها القرآن بقوله :( أَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ نُوراً لا تُطْفَأُ مَصَابِيحُهُ وَسِرَاجاً لا يَخْبُو تَوَقُّدُهُ وَبَحْراً لا يُدْرَكُ قَعْرُهُ ـ إلى أن قال : ـوَيَنَابِيعُ الْعِلْمِ وَبُحُورُهُ وَرِيَاضُ الْعَدْلِ وَغُدْرَانُهُ وَأَثَافِيُّ الإِسْلامِ وَبُنْيَانُهُ وَأَوْدِيَةُ الْحَقِّ وَغِيطَانُهُ وَبَحْرٌ لا يَنْزِفُهُ الْمُسْتَنْزِفُونَ وَعُيُونٌ لا يُنْضِبُهَا الْمَاتِحُونَ وَمَنَاهِلُ لا يَغِيضُهَا الْوَارِدُونَ ) .(٣)

وقد أثبت توالي التأليف حول القرآن الكريم ، على مُختلَف الأصعدة ، أنّه كتاب القرون والأعصار ، وحُجّة خالدة للناس إلى يوم القيامة ، وقد استحوذ الكتاب العزيز على اهتمام بالغ لم يَحظ به أيّ كتاب آخر

ــــــــــــــــ

(١) مجمَع البيان : ١٠/٣٨

(٢) الكافي : ٢/٥٩٩ ، كتاب القرآن

(٣) نهج البلاغة : ٢/٢٠٢ ، طبعة عبده

٣

إلماعٌ إلى بعض آفاقه اللامتناهية :

إنّ من آفاق القرآن و معانيه السامية هو أَقسامه ، فقد أقسمَ القرآن الكريم بأُمور مختلفة ، ربّما يبلغ عدد أقسامه إلى أربعين حِلفاً أو أكثر ، وتمتاز عن الأقسام الرائجة في العصر الجاهلي بأنّها انصبّت على ذوات مُقدَّسة أو ظواهر كونيّة ذات أسرار عميقة ، في حين امتاز القَسَمُ في العصر الجاهلي بالحلف بالمغاني والمُدام(١) وجمال النساء ، إلى غير ذلك من الأمور المادِّية الساقطة

حلف سبحانه في كتابه ـ مضافاً إلى ذاته ـ بـ : القرآن ، الملائكة ، النفس ، الشمس ، القمر ، السماء ، الأرض ، اليوم ، الليل ، القلم و غير ذلك من الموضوعات الّتي تحتوي على أسرار مَكنونة ، ويصحّ في حقّها ، قوله سبحانه :( وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ) (٢) .

ينقل السيوطي أنّ أوّل من أفرد أقسام القرآن بالتأليف هو شمس الدِّين محمد بن أبي بكر ، المعروف بابن قيم الجوزيّة (المتوفّى٧٥١هـ) ، ولم يذكر كتاباً غيره ، ثُمّ جمع السيوطي أقسام القرآن و جعله نوعاً من أنواع علومه ، فبحث عنها بحثاً موجزاً لا يتجاوز عن خمس صفحات .(٣)

وقال الكاتب الچلبي في ( كشف الظنون ) ـ بعد سرد ما قام به السيوطي ـ : وتبعه صاحب مفتاح الكرامة ، حيث أورده من فروع علم التفسير .(٤)

ولم نقف على كتاب مفرد حول أقسام القرآن في الأوساط الشيعيّة ، مع ما

ــــــــــــــــ

(١) المدام والمدامَة : الخمر

(٢) الواقعة : ٧٨

(٣) الإتقان في علوم القرآن : ٤ / ٤٦ ـ ٥١

(٤) كشف الظنون : ١ / ١٣٧ـ ١٣٨

٤

فيها من بحوث هامّة ، سوى ما ألّفه ولدي العزيز الروحاني ، الحائز على مقام الشهادة ، الشيخ أبو القاسم الرزّاقي (١) تحت عنوان ( سوگندهاى قرآن ) ، و هو كتاب قَيِّم ، حافل بنقل الآراء حول القَسَم في القرآن ، وقد طُبع في حياته بتقديم منّا ، تغمَّده اللّه برحمته وأسكنه فسيح جناته

ثُمّ إنّ ابن قيم الجوزيّة وإن كان أوّل من ألّفَ ـ حسب ما نعلم ـ ، ولكن كتابه يعوزه المنهجيّة في البحث ؛ حيث لم يذكر الأقسام الواردة واحداً تلو الآخر ، حسب حروف التهجّي أو حسب سور القرآن ، وإنّما ذكر أقسام كلّ سورة في فصل واحد

لكن ما ألّفه الشيخ الرزّاقي خال من هذه النقيصة ، فانّه ألّف كتابه على نمط التفسير الموضوعي ، فجعل لكلّ حلفٍ فصلاً خاصاً ، وذكر جميع الآيات الواردة في خصوص ذلك الحلف مثلاً : ذكر الآيات الّتي أقسم اللّه فيها بنفسه في فصل خاصّ ، كما جمع ما أقسم اللّه فيه بالليل في سور وآيات مختلفة في مكان واحد

ولمّا كان ما ألّفه ابن قيم غير خال عن النقيصة ، كما أنّ ما ألّفه ولدنا البارّ لا ينتفع به القارئ العربي ؛ لأنّه أُلّف باللغة الفارسيّة ، عزمت على تأليفٍ مفرد في هذا الصدَد ، بُغيَة تعميم الفائدة

وأُردِفه ـ إن شاء اللّه ـ بالبحث عن أمثال القرآن

ــــــــــــــــ

(١) استشهد مع مجموعة من العلماء أثر إسقاط الطائرة الّتي كانت تقلّهم أثناء رحلة داخلية خلال الحرب العراقية الإيرانية من قبل النظام البعثي الغاشم عام ١٤٠٨ هـ / ١٣٦٧هـ .ش

٥

بحوثٌ تمهيديَّة في أقسام القرآن

إنّ البحث عن الأقسام الواردة في القرآن الكريم رهن استعراض أُمور ، في معنى القسم و ما يتبعه من المُقسَم به والمُقسَم عليه وأبحاث أُخرى ، فنقول :

١ـ تفسير القَسَمِ :

إنّ لفظة القَسَمِ واضحة المعنى ، تُعادل الحلف واليمين في لغة العرب ، ولها مُعادل في عامّة اللغات ، وإنّما يُؤتى به لأجل تأكيد الخبر والمضمون ، قال الطبرسي : القَسَم جملة من الكلام يؤكَّد بها الخبر ، بما يجعله في قسم الصواب .(١)

قال السيوطي : القصد بالقَسَمِ تحقيق الخبر وتوكيده ، حتى جعلوا مثل :( وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقينَ لَكاذِبُون ) (٢) قسماً ، وإن كان فيه إخبار بشهادة ؛ لأنّه لمّا جاء توكيداً للخبر سُمّي قسماً .(٣)

ولذلك نُقِل عن بعض الأعراب أنّه لمّا سمع قوله تعالى :( وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ ) (٤) صرخ وقال : مَن ذا الّذي أغضب الجليل حتى ألجأه إلى اليمين .(٥)

ــــــــــــــــ

(١) مجمع البيان : ٥/٢٢٥

(٢) المنافقون : ١

(٣) الإتقان : ٤/٤٦

(٤) الذاريات : ٢٢ـ ٢٣

(٥) الإتقان : ٤/٤٦

٦

٢ ـ أَرْكانُ القَسَمِ :

إنّ القَسَم من الأمور ذات الإضافة ، وهو فعل فاعل مختار ، له إضافة إلى أُمور أربعة :

أ ـ الحالِف ، ب ـ ما يُحلَف به ، ج ـ ما يُحلَف عليه ، د ـ الغاية من القَسَمِ

أمّا الأوّل : فالحلف عبارة عن فعل الفاعل المختار ، فلا يصدر إلاّ منه ، سواء أكان واجباً كاللّه سبحانه ، أم مُمكناً كالإنسان وغيره

والّذي يتناوله بحثنا في هذا الكتاب هو : القسم الّذي صدرَ عن الواجب في كتابه العزيز دون سواه

فلا نتعرَّض لما حلف به الشيطان في القرآن وقال :( فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) .(١)

ثُمّ إنّ أدوات القَسَم عبارة عن الأمور الأربعة ، أعني : ( الباء ، والتاء ، والواو ، واللام ) وأمثلة الكُلّ واضحة

وأمّا الأخير فكقول الشاعر :

للّهِ لا يبقى على الأيّامِ ذُو حَيَدٍ

بمُشمَخَرٍّ به الظيّانُ والآسُ(٢)

وسيوافيك أنّ حرف الباء يجتمع مع فعل القسم دون سائر الأدوات ، إذ يحذف فيها فعله ، أعني : أُقسم

وأمّا الثاني ـ أي : ما يُحلَف به ـ : فانّ لكلّ قوم أُموراً مُقدّسة يحلفون بها ، وأمّا القرآن الكريم فقد حلَفَ سبحانه بأُمور تجاوزت عن الأربعين مُقسَماً به

وأمّا الثالث ـ أي : ما يُحلَف عليه ـ : والمُراد هو جواب القَسَم الّذي يُراد منه التأكيد عليه وتثبيته وتحقيقه ، وهذا ما يقال : القصد بالقَسَم تحقيق الخبر وتوكيده

ــــــــــــــــ

(١) ص : ٨٢

(٢) والحَيَد ـ كعَنَب ـ : جَمْع حيدة ، وهو القرن فيه عقد

والمُشمَخَرّ : الجبل العالي

والظيّان : الياسمين الصحرائي

والآس : شجر معروف

٧

ففي الآية التالية تتجلّى الأركان الثلاثة ، وتقول :( وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللّهُ مَن يَمُوتُ ) .(١)

فقوله :( وأقسَمُوا ) فهو الركن الأوّل

وقوله :( باللّهِ ) هو المُقسَم به

وقوله :( لا يبعثُ اللّه مَن يموتُ ) هو المُقسَم عليه

وكثيراً ما يُحذف الفعل ؛ وذلك لكثرة تردّد القَسَم في كلامهم ، ويُكتفى بالواو أو التاء في أسماء اللّه

نعم ، يلازم الأقسام بالباء ذكر الفعل ، كما في الآية السابقة ، وقوله :( يَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ ) .(٢)

وعلى ضوء ذلك ، فباء القَسَم تُلازم ذكر فعله ، كما أنّ واو القَسَم وتاءه تلازم حذفه ، فيقال : أُقسِم باللّه ، ولا يقال : أُقسِم تاللّه أو أُقسِم واللّه ، بل يُقتصَر على قوله : تاللّه ، واللّه يقول سبحانه :( وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ) (٣) ، وقوله :( ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ) .(٤)

ــــــــــــــــ

(١) النحل : ٣٨

(٢) التوبة : ٦٢

(٣) الأنبياء : ٥٧

(٤) الأنعام : ٢٣ .

٨

وثَمَّة نكتة جديرة بالإشارة ، وهي أنّ أكثر المفسّرين حينما تطرّقوا إلى الأقسام الواردة في القرآن الكريم ، ركّزوا جهودهم لبيان ما للمُقسَم به من أسرار و رموز ، كالشمس والقمر في قوله سبحانه :( والشَّمْسِ وَضُحاها * وَالْقَمرِ إِذا تَلاها ) (١) ، أو قوله :( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُون ) (٢) ، ولكنّهم غفلوا عن البحث في بيان الصلة والعلاقة بين المُقسَم به والمُقسَم عليه

لاحظ مثلاً قوله سبحانه :( وَالضُّحى * وَالليلِ إِذا سَجى * ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى ) (٣) ، فالضحى والليل مُقسَم بهما ، وقوله :( ما ودَّعَكَ ربُّك وما قَلَى ) هو جواب القَسَم الّذي نُعبِّر عنه بالمُقسَم عليه ، فهناك صلة في الواقع بين المُقسَم به والمُقسَم عليه ، وهو أنّه لماذا لم يُقسم بالشمس ولا بالقمر ، ولا بالتين ولا بالزيتون ، بل حلف بالضحى والليل لأجل المُقسَم عليه ، أعني قوله :( ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى ) ؟

وصفوة القول : إنّ كلّ قَسَم جدير لتحقيق الخبر ، ولكن يقع الكلام في كلّ قَسَم ورد في القرآن الكريم أنّه لماذا اختار المُقسَم به الخاصّ دون سائر الأُمور الكثيرة الّتي يُقسَم بها ؟!

فمثلاً : لماذا حلفَ في تحقيق قوله :( ما ودَّعَكَ ) بقوله :( والضُحى والليل ) ولم يُقسِم بالشمس والقمر ؟! وهذا هو المهمّ في بيان أقسام القرآن

ولم يتعرّض له أكثر المُفسّرين ، ولا سيّما ابن قيم الجوزيّة في كتابه ( التبيان في أقسام القرآن ) إلاّ نَزرَاً يسيراً

ــــــــــــــــ

(١) الشمس : ١ـ٢

(٢) التين : ١

(٣) الضحى : ١ـ٣

٩

ثُمّ إنّ الغالب هو ذكر جواب القَسَم ، وربّما يُحذَف كما يُحذَف جواب ( لو ) كثيراً ، أمّا الثاني فكقوله سبحانه :( وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى ) (١) ، فانّ الجواب محذوف ، وهو نظير قوله :( لما آمنوا )

وأمّا الأوّل ، فكقوله سبحانه :( ص والقُرآنِ ذِي الذِّكر ) (٢) ، فانّ الحلف بالقرآن الكريم المُعرب عن تعظيمه ووصفه بأنّه مُذكِّر للعباد ، يدلّ على جوابه ، وهو أنّه مُنزَّل من عنده سبحانه غير مُفتَرى ، وما أشبه ذلك

وعلى كلّ حال ، فالغالب هو الأوّل أي : الإتيان بالجواب

إلى هنا تمَّ بيان أركان القَسَم الثلاثة ، وثَمّة رُكن رابع ، وهو : الغاية المُتوخّاة من القَسَم

فنقول : إنّ الغاية إمّا هي تحقيق الخبر ودعوة المخاطَب إلى الإيمان والإذعان به ، كما هو الغالب ، أو إلفات النظر إلى عظمة المُقسَم به ، وما يكمُن فيه من أسرار ورموز ، أو لبيان قداسته وكرامته ، كما في قوله :( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) .(٣)

ومن خلال هذا البيان ، يتّضح الجواب على ما ربّما يقال من أنّ حلفه سبحانه إن كان لأجل المؤمن ، فهو يصدّقه بلا حلف ، وإن كان لأجل الكافر فلا يفيده

والجواب : إنّ إيمان المؤمن بصدقِ إخباره سبحانه لا يُنافي تأكيده بالحلف ، مضافاً إلى ما عرفت من أنّ حلفه سبحانه بشيء إشارة إلى كرامته وقداسته أو إلى عظمته وما يكمن فيه من أسرار ورموز

ــــــــــــــــ

(١) الرعد : ٣١

(٢) ص : ١

(٣) الحجر : ٧٢

١٠

٣ جَوازُ الحلف بغير اللّه سبحانه :

تضافر الحلف بغيره سبحانه في الكتاب العزيز والسُنّة النبويّة

أمّا الكتاب ، فسيُوافيك حلفه بأشياء كثيرة ، وأمّا السُنّة فقد حلف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غير مورد بغير اسم اللّه

١ ـ فقد أخرج مسلم في صحيحه : أنّه جاء رجل إلى النبي فقال : يا رسول اللّه ، أيّ الصدقة أعظم أجراً ؟ فقال :( أمَا و أبيكَ ، لتُنَبَّأنَّه أن تصدّقَ وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل البقاء ) .(١)

٢ ـ أخرج مسلم أيضاً : جاء رجل إلى رسول اللّه ، من نَجْد ، يسأل عن الإسلام ، فقال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( خمس صلوات في اليوم والليل

فقال : هل عليَّ غيرهُنّ ؟

قال : لا ، إلاّ أن تطَّوَّع ، وصيام شهر رمضان .

فقال : هلّ عليَّ غيره ؟

قال : لا ، إلاّ تطَوَّع ، وذكر له رسول اللّه الزكاة .

فقال الرجل : هل عليّ غيره ؟

قال :لا ، إلاّ أن تطَّوَّع

فأدبر الرجل وهو يقول : واللّه لا أزيد على هذا ولا أنقص منه

فقال رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أفلح وأبيه إن صدقَ .

أو قال : دخل الجنة ، و أبيه ، إن صدقَ ) .(٢)

ــــــــــــــــ

(١) صحيح مسلم : ٣/٩٤ ، باب أفضل الصدقة من كتاب الزكاة

(٢) صحيح مسلم : ١/٣٢ ، باب ما هو الإسلام

١١

وقد حلف غير واحد من الصحابة بغيره سبحانه ، فهذا أبو بكر بن أبي قحافة على ما يرويه مالك في مُوطّئه : أنّ رجلاً من أهل اليمن أقطع اليد والرجل قدم فنزل على أبي بكر ، فشكا إليه أنّ عامل اليمن قد ظلمه ، فكان يُصلِّي من الليل ، فيقول أبو بكر : وأبيك ، ما ليلُك بليلِ سارقٍ ) .(١)

وهذا علي بن أبي طالبعليه‌السلام قد حلف بغيره سبحانه في غير واحد من خُطبه :

١ ـ( وَلَعَمْرِي ، مَا عَلَيَّ مِنْ قِتَالِ مَنْ خَالَفَ الْحَقَّ وَخَابَطَ الْغَيَّ مِنْ إِدْهَانٍ وَلا إِيهَانٍ ) .(٢)

٢ ـ( وَلَعَمْرِي مَا تَقَادَمَتْ بِكُمْ وَلا بِهِمُ الْعُهُودُ ) .(٣)

إلى غير ذلك من الأقسام الواردة في كلامهعليه‌السلام ، وسائر أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام

نعم ، ثَمَّة أحاديث استُدلَّ بها على المنع عن الحلف بغير اللّه ، غير أنّها ترمي إلى معنى آخر كما سيوافيك

الحديث الأوّل :

إنّ رسول اللّه سمع عُمَر وهو يقول : ( وأبي ) ، فقال :( إنّ اللّه ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ، ومَن كان حالفاً فليحلف باللّه أو يسكُت ) .(٤)

ــــــــــــــــ

(١) شرح الزرقاني على موطّأ مالك : ٤/١٥٩ برقم : ٥٨٠

(٢) نهج البلاغة : الخطبة : ٢٣و٨٥

(٣) نهج البلاغة : الخطبة : ٢٣و٨٥

(٤) سُنن ابن ماجة : ١/٢٧٧ سُنن الترمذي : ٤/١٠٩

١٢

والجواب : إنّ النهي عن الحلف بالآباء ؛ قد جاء لأنّهم كانوا ـ في الغالب ـ مشركين وعبَدَة للأوثان ، فلم يكن لهم حرمة ولا كرامة حتى يحلف أحد بهم ، ولأجلذلك نرى أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعل آباءَهم قرناء مع الطواغيت مرّة ، وبالأنداد ـ أي الأصنام ـ ثانية ، وقال : ( لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت ) . (١)

وقال أيضا :( لا تحلفوا بآبائكم ولا بأُمَّهاتكم ولا بالأنداد ) .(٢)

وهذان الحديثان يؤكّدان على أنّ المنهيّ عنه هو الحلف بالآباء الكافرين ، الّذين كانوا يعبدون الأنداد والطواغيت ، فأين هو من حلف المسلم بالكعبة والقرآن والأنبياء والأولياء ، في غير القضاء والخصومات ؟!

الحديث الثاني :

جاء ابنَ عُمَر رجل فقال : أحلفُ بالكعبة ؟ قال له : لا ، ولكن احلف بربِّ الكعبة ، فانّ عُمَر كان يحلف بأبيه ، فقال رسول اللّه له :( لا تحلف بأبيك ، فانّ مَن حلف بغير اللّه فقد أشرك ) .(٣)

إنّ الحديث يتألّف من أمرين :

أ ـ قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( مَن حلف بغير اللّه فقد أشرك )

ب ـ اجتهاد عبد اللّه بن عُمَر ، حيث عدَّ الحلف بالكعبة من مصاديق حديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

أمّا الحديث ، فنحن نذعنُ بصحَّته ، والقدر المتيقَّن من كلامه : ما إذا كان المحلوف به شيئاً يُعدّ الحلف به شركاً ، كالحلف بالأنداد والطواغيت ، والآباء الكافرين ، فهذا هو الّذي قصده النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا يعمّ الحلف بالمُقدَّسات كالقرآن وغيره

ــــــــــــــــ

(١) سُنن النسائي : ٧/٧ سُنن ابن ماجة : ١/٢٧٨

(٢) سُنن النسائي : ٧/٩

(٣) سُنن النسائي : ٧/٨ .

١٣

وأمّا اجتهاد ابن عُمَر ، حيث عدَّ الحلف بالكعبة من مصاديق الحديث ، فهو اجتهاد منه وحُجّة عليه دون غيره

وأمّا أنّ الرسول عدَّ حلف عُمَر بأبيه من أقسام الشرك ، فلأجل أنّ أباه كان مُشركاً ، وقد قلنا إنّ الرواية ناظرة إلى هذا النوع من الحلف

ومُجمَل القول : إنّ الكتاب العزيز هو الأُسوة للمسلمين عبر القرون ، فإذا وردَ فيه الحلف من اللّه سبحانه بغير ذاته سبحانه ، من الجماد والنبات والإنسان ، فيُستكشَف منه أنّه أمر سائغ ، لا يمُتّ إلى الشرك بصِلة ، وتصوّر جوازه للّه سبحانه دون غيره أمر غير معقول ؛ فانّه لو كان حقيقة الحلف بغير اللّه شركاً ، فالخالق والمخلوق أمامه سواء

نعم ، الحلف بغير اللّه لا يصحّ في القضاء وفضّ الخصومات ، بل لا بدّ من الحلف باللّه (جلّ جلاله) ، أو بإحدى صفاته الّتي هي رمز ذاته ، وقد ثبت هذا بالدليل ، ولا علاقة له بالبحث

وأمّا المذاهب الفقهيّة ، فغير مُجمعين على أمر واحد

أمّا الحنفيَّة ، فقالوا : بأنّ الحلف بالأب والحياة ، كقول الرجل : وأبيك ، أو : وحياتك ، وما شابه ، مكروه

وأمّا الشافعيَّة ، فقالوا : بأنّ الحلف بغير اللّه ، لو لم يكن باعتقاد الشرك ، فهو مكروه

وأمّا المالكيَّة ، فقالوا : إنّ في القَسَم بالعظماء والمُقدّسات ـ كالنبيِّ و الكعبة ـ فيه قولان : الحرمة والكراهة ، والمشهور بينهم : الحرمة

وأمّا الحنابلة ، فقالوا : بأنّ الحلف بغير اللّه وبصفاته سبحانه حرام ، حتى لو كان حلفاً بالنبيِّ أو بأحد أولياء اللّه تعالى

١٤

هذه فتاوى أئمّة المذاهب الأربعة(١) ، ولسنا الآن بصدَد مناقشتهم

وكان الحريّ بفقهاء المذاهب الأربعة ـ ولا سيّما في العصر الراهن ـ فتح باب الاجتهاد ، والرجوع إلى المسألة والنظر إليها بمنظار جديد ؛ إذ كم ترك السَلَف للخَلَفِ

على أنّ نسبة الحرمة إلى الحنابلة غير ثابتة أيضاً ؛ لاَنّ ابن قدامة يُصرّح في كتاب ( المُغني ) ـ الّذي كتبه على غرار فقه الحنابلة ـ : أنّ أحمد بن حنبل أفتى بجواز الحلف بالنبيّ ، وأنّه ينعقد لأنّه أحد رُكني الشهادة

وقال أحمد : لو حلف بالنبيِّ انعقد يمينه ، فإن حنث ، لَزَمَته الكفّارة .(٢)

إكمال :

قد ذكر السيوطي في كتاب ( الإتقان ) وقال : كيف أُقسم بالخلق وقد ورد النهي عن القَسَمِ بغير اللّه ؟!

ثُمَّ ذكر أجوبة ثلاثة ، وهي :

الأوّل : إنّه على حذف مضاف ، أي : وربِّ التين وربِّ الشمس ، وكذا الباقي

الثاني : إنّ العرب كانت تُعظّم هذه الأشياء وتُقسِم بها ، فنزل القرآن على ما يعرفون

ــــــــــــــــ

(١) انظر : الفقه على المذاهب الأربعة : ٢/٧٥ ، كتاب اليمين ، مبحث الحلف بغير اللّه تعالى

(٢) المُغني : ١١/٢٠٩

١٥

الثالث : إنّ الأقسام إنّما تكون بما يُعظّمه المُقسِم أو يُجلُّه وهو فوقه ، واللّه تعالى ليس شيء فوقه ، فأقسمَ تارة بنفسه ، وتارة بمصنوعاته ، لأنّها تدلّ على بارئ وصانع

وقال ابن أبي الأصبع في ( أسرار الفواتح ) : القَسَم بالمصنوعات يستلزم القَسَم بالصانع ؛ لاَنّ ذكر المفعول يستلزم ذكر الفاعل ، إذ يستحيل وجود مفعول بغير فاعل

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن الحسن ، قال : إنّ اللّه يُقسِم بما شاء من خلقه ، وليس لأحدٍ أن يُقسِم إلاّ باللّه .(١)

ولا يخفى ضعف الأجوبة

أمّا الأوّل : فانّ معنى ذلك إرجاع الأقسام المختلفة إلى قِسمٍ واحد ، وهو الربّ ، مع أنّه سبحانه تارة يُقسِم بنفسه ويقول :( فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطين ) (٢) ، وأُخرى بالتين والزيتون والصافات والشمس ، فلو كان الهدف القسَم بالربِّ ، فما فائدة هذا النوع من الأقسام ، حيث يضيف نفسه إلى واحد من مخلوقاته ؟! فانّ العظمة للّه لا للمضاف إليه ، ولو كانت له عظمة فإنّما هي مقتبسة من الربِّ

وأمّا الثاني : فمعنى ذلك أنّه سبحانه جرى على ما كان عليه العرب في العصر الجاهلي ، وقد هدمَ بعمله ما شرَّعه من النهي عن القسم بغير اللّه

وأمّا الثالث : فيكتنفه كثير من الغموض ، ولا يعلم كيفيّة رفع الإشكال ، وأمّا ما نقله عن ابن أبي الأصبع ، فيرجع إلى المعنى الأوّل ، وهو أنّ القَسَم بالمخلوق قَسَم بالخالق

ــــــــــــــــ

(١) الإتقان : ٤/٤٧

(٢) مريم : ٦٨

١٦

وما نقله عن ابن أبي حاتم ، من أنّ اللّه يُقسِم بما شاء من خلقه ، وليس لأحد أن يُقسِم إلاّ باللّه ، أمر غير واضح ، لاَنّ إقسام المخلوق بغير اللّه لو كان من مقولة الشرك ، فالقاعدة لا تقبل التخصيص ، فيكون قَسَمه سبحانه بغير اللّه أيضاً شركاً وعبادة

وإن كان قَسَمه سبحانه لأجل بيان قداسته وعظمته ، أو الأسرار المكنونة فيه ، فهو أمر مشترك بين الخالق والمخلوق

والجواب : إنّ النهي عن الحلف بغير اللّه مُختصّ بالطواغيت والأنداد والمشركين من الآباء ، وأمّا غيرهم فلم يرد فيهم نهي

منهجنا في تفسير أقسام القرآن :

إنّه سبحانه تبارك و تعالى حلف بذوات مُقدَّسة بما يربو على الأربعين مرَّة ، فتفسيرها يُمكن أن يتمَّ بإحدى الصور التالية :

أ ـ أن نتناول تلك الأقسام بالبحث طِبق حروف التَهجّي ، ككتاب اللغة

ب ـ أن نتناولها بالبحث حسب أفضليّة المُقسَم به ، فنُقدِّم الحلف باللّه أو الربّ على الحلف بعُمْرِ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحياته ، وهو على الحلف بالملائكة ، وهكذا

وعلى ذلك ، يجب عقد واحد وأربعين فصلاً على النحو التالي :

١ـ الحلف بلفظ الجلالة ، وفيه فصلان :

أ ـ الحلف بلفظ الجلالة

ب ـ الحلف بالربِّ

٢ ـ الحلف بالنبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفيه فصلان :

أ ـ بعُمْرِ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ب ـ شاهد

٣ ـ الحلف بالقرآن ، وفيه فصلان :

أ ـ بالقرآن

ب ـ بالكتاب

١٧

٤ ـ الحلف بالملائكة ، وفيه أربعة فصول :

أ ـ الصافّات ، الزاجرات ، التاليات

ب ـ الذاريات ، الحاملات ، الجاريات ، المقسّمات

ج ـ المُرسَلات ، العاصفات ، الناشرات ، الفارِقات ، المُلقيات

د ـ النازعات ، الناشطات ، السابحات ، السابقات ، المُدبِّرات

٥ ـ الحلف بالقَلَمِ ، وفيه فصلان :

أ ـ القلم

ب ـ وما يسطرون

٦ ـ الحلف بالقيامة ، وفيه ثلاثة فصول :

أ ـ القيامة

ب ـ اليوم الموعود

ج ـ مشهود

٧ ـ الحلف بالنفس

٨ ـ الحلف بالشفع والوتر

٩ ـ الحلف بالوَلد والوالِد

١٠ ـ الحلف بالأمكنة ، وفيه ثلاثة فصول :

أ ـ الحلف بالبلد الأمين

ب ـ الحلف بطورِ سينين

ج ـ الحلف بالبيت المَعمور

١١ ـ الحلف بالأزمنة ، وفيه ثمانية فصول :

أ ـ الحلف بالصبح

ب ـ الحلف بالفجر

ج ـ الحلف باليوم

د ـ الحلف بالضحى

هـ ـ الحلف بالنهار

١٨

و ـ الحلف بالشفق

ز ـ الحلف بالليل

ح ـ الحلف بالعصر

١٢ ـ الحلف بالأرض والأجرام السماويّة ، وفيه ثمانية فصول :

أ ـ الحلف بالشمس وضحاها

ب ـ الحلف بالكواكب

ج ـ الحلف بالنجم

د ـ الحلف بمواقع النجوم

هـ ـ الحلف بالأرض

و ـ الحلف بالقمر

ز ـ الحلف بالخُنَّسِ الجَوار

ح ـ الحلف بالطارِق

١٣ ـ الحلف بالظواهر الجوِّيّة ، وفيه أربعة فصول :

ا ـ الحلف بالسماء

ب ـ الحلف بالذاريات

ج ـ الحلف بالحاملات

د ـ الحلف بالجاريات

ج ـ أن نتناولها حسب السور القرآنيّة ، فنُفسِّر ما ورد من الأقسام في سورة الشمس مرّةً واحدةً ، أو نُفسِّر ما ورد في سورة الفجر أو البلد في مكان واحد ، وعلى ذلك يجب عقد عدّة فصول حسب عدد السور الّتي وردَ فيها الحلف

وقد سلك ابن قيم الجوزيّة (المتوفّى٧٥١هـ) هذا المنهج ، فراح يبحث عن أقسام القرآن حسب السور

١٩

فابتدأ بتفسير الأقسام الواردة بالنحو التالي :

١ ـ القيامة ، ٢ ـ الشمس ، ٣ ـ الفجر ، ٤ ـ البلد ، ٥ ـ التين ، ٦ ـ الليل ، ٧ ـ الضحـى ، ٨ ـ١٠ ـ البـروج ، ١١ ـ الطارق ، ١٢ ـ الانشقاق ، ١٣ ـ التكوير ، ١٤ ـ النازعات ، ١٥ ـ المُرسَلات ، ١٦ ـ القيامة ، ١٧ ـ المُدَّثِّر ، ١٨ ـ الحاقّة ، ١٩ ـ المعارج ، ٢٠ ـ القلم ، ٢١ ـ الواقعة ، ٢٢ ـ النجم ، ٢٣ ـ الطور ، ٢٤ ـ الذاريات ، ٢٥ ـ ق ، ٢٦ ـ يس ، ٢٧ ـ الصافّات ، ٢٨ ـ الحِجْر ، ٢٩ ـ النساء

فقد عقد ٢٩ فصلاً حسب عدد السور الّتي وردت فيها الأقسام ، وهذا المنهج لا يخلو من مناقشة

لأنّه سبحانه ربّما حلف بالربِّ في سوَر مختلفة ، فلو كان مِحور البحث هو السور ، يلزم عليه تكرار البحث حسب تعدّد وروده في السور المختلفة ، وهذا بخلاف ما إذا جمع الآيات الّتي حلف فيها القرآن بربوبيَّته ، ويبحث فيها دفعة واحدة ، فهذا النوع من البحث يكون خالياً عن التكرار والتطويل

مضافاً إلى أنّه لم يُراعِ ترتيب السور حتى فيما اختاره ، من ذكر السور القصيرة مُتقدِّمة على السور الطويلة ، والعجب أنّه بحث عن الحلف الوارد في سورة القيامة مرّتين .(١)

د ـ وهناك منهج رابع ، سلكه ولدنا الروحاني الشهيد الشيخ أبو القاسم الرزّاقي (قدس اللّه سرّه) ، فقد أفرد لكلّ قَسَمٍ فصلاً خاصاً

ويُؤخَذ على هذا المنهج أنّه سبحانه حلف في بعض السور بموضوعات مُختلفة ، كسورة الشمس ، حيث حلف فيها بالشمس والقمر ، وفي الوقت نفسه بالنفس الإنسانيّة ، وجعل للجميع جواباً واحداً

وبما أنّ من البحوث المُهمَّة في أقسام القرآن هو بيان الصِلة بين المُقسَم به والمُقسَم عليه ، فعلى ذلك المنهج يجب أن يتكرَّر البحث في أكثر الفصول ، بالنسبة إلى أُمور حلف بها سبحانه مرّة واحدة ، وذلك كالشمس و القمر والنفس الإنسانيّة ، وهذا مُستلزِم للإطناب

ــــــــــــــــ

(١) تارة في ص ٣٥ من كتابه المعروف ( التبيان في أقسام القرآن ) تحت عنوان : ( فَصْلٌ / القَسَم في سورة القيامة ) ، وأُخرى بنفس العنوان في ص ١٤٧ ، فلاحظ

٢٠