أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنة

أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنة0%

أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنة مؤلف:
تصنيف: مفاهيم القرآن
الصفحات: 79

أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: رسول جعفريان
تصنيف: الصفحات: 79
المشاهدات: 34603
تحميل: 7538

توضيحات:

أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 79 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 34603 / تحميل: 7538
الحجم الحجم الحجم
أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنة

أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنة

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وأخرج أبو الشيخ عن أبي أسامة ومحمّد بن إبراهيم التميمي، قالا: (مرّ عمر بن الخطّاب برجلٍ وهو يقرأ: ( (  وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ ) ) ، فوقف عمر فلمّا انصرف الرجل قال: من أقرأك هذه؟ قال: أقرأنيها أُبيّ بن كعب، قال: فانطلق إليه، انطلقا إليه، فقال: يا أبا المنذر، اخبرني هذا أنّك أقرأته هذه الآية، قال: صَدَق، تلقيتها مِن فيِّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال عمر: أنت تلقيتها مِن فيّ رسول الله؟ قال: فقال في الثالثة - وهو غضبان!!! - : نعم، والله لقد أنزلها الله على جبرئيلعليه‌السلام ولم يستأمر فيها الخطّاب ولا ابنه!! فخرج عمر رافعا يديه الله اكبر الله اكبر)(١) .

التحريف بين السنّة والشيعة

إنّ الهدف من دراستنا لقصّة (التّحريف ) هو الإجابة عن شبهة بعض الإخباريين في ذكرهم بعض الأخبار التي ظاهرها التحريف، والجواب عمّن نسب القول بالتحريف إلى الشيعة، لاعتقاد قليل منهم بهذا القول في تمسكهم بالأخبار دون دقّة في إسنادها ومتونها، ولهذا نجد أنّ ما في كتب أهل السنّة أكثر مما في كتب الشيعة حول النقص في القرآن!! أو رفع تلاوته، أو حول حذف بعضهم البسملة من القرآن و... الخ.

وبعد ذلك، نجيب عمّا رواه السنّة والشيعة في كتبهم سنداً، ودلالة، كما إنّ بحثنا السابق حول إثبات عدم التحريف من الكتاب والسنّة يُلزِمُنا بطرح هذه الروايات منذ البداية.

أهل السنّة ورواياتهم حول التحريف

اختلاف مصاحف الأصحاب

١ - حدثنا عبد الله حدثنا عبد الله بن سعيد حدثنا يحيى بن إبراهيم بن سويد النخعي حدثنا أبان بن عمران، قال: قلت لعبد الرحمن بن أسود أنّك تقرأ:( صراط مَن أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالّين) (٢) .

____________________

(١) الدر المنثور: ج٣ ص٢٦٩. وروايات هذا الباب كثيرة من طرق مختلفة.

(٢) المصاحف: ص٥٠.

٢١

حدثنا عبد الله عن الأسود وعلقمة أنّهما صلّيا خلف عمر فقرأ بهذا.

وكذا عن علقمة وأسود قالا: سَمِعنا عمر بن الخطّاب يقرأ:(صراط مَن أنعمت عليهم وغير المغضوب عليهم وغير الضالّين) (١) .

وخمس روايات أخرى من طرق مختلفة تقول بأنّ عمر قرأ بمثل ذلك(٢) .

٢ - وكذا نُقل عن عمر أنّه قرأ: (ألم الله لا إله إلاّ هو الحي القَيّام) من سبعة طرق(٣) .

٣ - حدثنا عبد الله، حدثنا أبو الطاهر، حدثنا سفيان بن عمرو وسمع ابن الزبير يقرأ:( في جنّات يتساءَلون يا فلان ما سلكك في سَقر) قال عمرو: فأخبرني لقيط أنّه سمع ابن الزبير يذكر أنّه سَمِع عمر بن الخطّاب يقرأها كذلك(٤) .

٤ - حدثنا عبد الله عن سعيد بن جُبير( فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمّى) وقال هذه قراءة أُبيّ بن كعب(٥) .

٥ - عن حمّاد قال: قرأت في مصحف أُبيّ( للذين يُقْسِمُونَ ) (٦) .

٦ - وكذا، عن حمّاد قال: وجدت في مصحف أبُيّ( فلا جناح عليه الاّ يَطَّوَّفَ بهما) (٧) .

٧ - عن الربيع قال: كانت في قراءة أُبيّ بن كعب (فصيام ثلاثة متتابعات في كفارة اليمين ) (٨) .

٨ - عن يسير بن عمرو عن عبد الله بن مسعود أنّه قرأ:( إنّ الله لا يظلم مثقال نملة) (٩) .

٩ - عن النزال عن ابن مسعود أنّه كان يقرأ:( واركعي واسجدي في الساجدين ) (١٠) .

____________________

(١) نفس المصدر: ص٥١.

(٢) نفس المصدر: ص٥١.

(٣) نفس المصدر: ص٥١ و٥٢.

(٤) المصاحف: ص٥٢.

(٥) المصاحف: ص٥٣ ، ومصادرها فوق حد الإحصاء راجع: الزواج المؤقت، للسيد جعفر مرتضى.

(٦) نفس المصدر.

(٧) نفس المصدر.

(٨، ٩، ١٠) المصاحف: ص٥٣، ٥٤، ٥٥ .

٢٢

١٠ - عن عطاء قال: هي في قراءة ابن مسعود( في مواسم الحجّ ) (١) .

١١ - عن الحكم قال: في قراءة ابن مسعود( بل يداه بسطان ) (٢) .

١٢ - عن سفيان قال: قراءة ابن مسعود( وتزودوا وخير الزاد التقوى ) (٣) .

١٣ - عن هارون في قراءة ابن مسعود( مِن بقْلها وقِثّائها وثُومها وعَدَسِها وبصلها ) (٤) ، قال هارون وكان ابن عبّاس يأخذ بها.

١٤ - عن ميمون بن مهران وتلا هذه السورة.

(  والعصر * إنّ الإنسان لفي خسر * وإنّه فيه إلى آخر الدهر * إلاّ الذين آمنو وعملوا الصالحات وتواصوا بالصبر   ) ذكر إنّها في قراءة ابن مسعود(٥) .

١٥ - عن سفيان كان أصحاب ابن مسعود يقرؤونها:(أولئك لهم نصيب ما اكتسبوا) (٦) .

١٦ - وكذا في موضع آخر:( ولكلٍ جعلنا قِبْلة يَرضونها) (٧) .

١٧ - وأيضاً:( وأقيموا الحج والعمرة للبيت ) (٨) .

١٨ - وكذا:( وحيث ما كنتم فَوَلُّوا وجُوهَكم قِبَله ) .

١٩ -( ولا تخافت بصوتك ولا تطال به ) .

٢٠ -( كذلك أخْذ ربك إذا أخذ القرى ) بغير واو(٩) .

٢١ - وكذا:( وزلزلوا فزلزلوا يقول حقيقة الرسول والذين آمنوا ) (١٠) .

ومن هنا يشرع في قراءة ابن مسعود في السور مرتبا من الصفحة ٥٧ إلى ٧٣ ويختلف عن غيره. كما ينقل ابن أبي داود - غير ما ذكرنا من موارد - أكثر من ثلاثين ومائة مورد.

____________________

(١) نفس المصدر: ص٥٤ و٥٥.

(٢) نفس المصدر.

(٣) نفس المصدر.

(٤) المصاحف: ص٥٤ و٥٥ من طريق آخر.

(٥) نفس المصدر: ص٥٥.

(٦) نفس المصدر.

(٧) نفس المصدر.

(٨) نفس المصدر.

(٩) كل هذا في المصاحف: ص٥٦.

(١٠) المصاحف: ص٥٧.

٢٣

وبعد ذلك ذكر موارد اختلاف مصحف ابن عبّاس مع غيره، منها:

١ - أنّه قرأ:( فلا جناح عليه أن لا يطوّف بهما ) وذكر ذلك من سبعة طرق(١) .

٢ - أنّه قرأ:( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج ) من عدة طرق(٢) .

٣ - أنّه كان يقرأ:( إنّما ذلكم الشيطان يخوّفكم أولياءه ) .

٤ - كذا عنه:( أولئك لهم نصيب مما اكتسبوا ) قال أبو يعلم: هكذا قرأ الأعمش(٣) .

٥ - وكذا يقرأ:( وأقيموا الحج والعمرة للبيت ) .

٦ - وكذا يقرأ:( وشاورهم في بعض الأمر ) .

٧ - وكذا يقرأ:( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي محدث ) .

٨ - وكذا يقرأ:( يا حسرة العباد ) .

٩ - وكذا يقرأ:(كأنّك خفيٌّ بها) .

١٠ - وكذا يقرأ:( وان عزموا السَّراح ) (٤) .

وكذا في تسعة موارد أخرى(٥) .

مصحف ابن الزبير

١ - ابن الزبير يقرأ:( لا جناح عليكم أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج ) (٦) .

٢ - عن عمرو قال سمعت ابن الزبير يقول: إن صبيانا هاهنا يقرؤون - سورة ٢١ آية ٢٩٥:( وحرم ) وإنما هي( حرام ) ويقرؤون سورة ٦ آية ١٠٥:( دارست ) وإنما هي( درست ) ويقرؤون سورة ٨٨ آية ٤ وسورة ١٠١ آية ١١

____________________

(١) نفس المصدر: ص٧٣.

(٢) نفس المصدر: ص٧٤.

(٣) نفس المصدر: ص٧٤ و٧٥.

(٤) كل ذلك في نفس المصدر: ص٧٥.

(٥) نفس المصدر: ص٧٦ و٧٧.

(٦) المصاحف: ص٨٢.

٢٤

( حمئة ) وإنّما هي( حامية ) (١) .

٣ - عن ابن الزبير أنّه يقرأ:( في جنات يتساءلون يا فلان ما سلكك في سقر ) (٢) .

٤ - وأنّه يقرأ:(فيصبح الفسّاق على ما اسروا في أنفسهم نادمين) (٣) .

٥ - وأنّه يقرأ:( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير... ويستعينون بالله على ما أصابهم ) (٤) .

مصحف عبد الله بن عمرو بن العاص

حدثنا عبد الله، حدثنا محمّد حاكم، حدثنا زكريا بن عدي، حدثنا أبو بكر بن عيّاش قال: ( قدم علينا شعيب بن شعيب بن محمّد بن عمرو بن العاص، فكان الذي بيني وبينه فقال: يا أبا بكر ألاّ أخرج لك مصحف عبد الله بن عمرو بن العاص، فأخرج حروفاً تخالف حروفنا، فقال: وأخرج راية سوداء من ثوب خشن فيه زران وعروة، فقال: هذه راية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التي كانت مع عمرو، قال أبو بكر: وزاد - أي في هذا الحديث - عن محمّد بن العلاء عن أبي بكر، قال: مصحف جده الذي كتبه هو، وما هو في قراءة عبد الله ولا في قراءة أصحابنا، قال أبو بكر بن عيّاش قرأ قوم من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القرآن، فذهبوا ولم أسمع قراءتهم )(٥) .

مصحف عائشة

١ - عن عروة قال: كان مكتوباً في مصحف عائشة:(حافظوا على الصلوات والصلواة الوسطى وصلاة العصر) (٦) .

٢ - اخبرني ابن أبي حميد، قال: أخبرتني حميدة، قال: أوصت لنا عائشة بمتاعها، فكان في مصحفها( إنّ الله وملائكته يصلون على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والذين

____________________

(١) نفس المصدر والصفحة.

(٢) المصاحف: ص٨٢.

(٣) نفس المصدر والصفحة.

(٤) نفس المصدر: ص٨٣.

(٥) المصاحف: ص٨٣.

(٦) المصاحف: ص٨٣ و٨٥.

٢٥

يصلون في الصفوف الأول ) ، قالت: ( قبل أن يغير عثمان المصاحف)(١) .

مصحف حفصة

١ - عن سالم بن عبد الله إنّ حفصة أمرت أنسانا أن يكتب لها مصحفاً، وقالت: إذا بلغت هذه الآية سورة ٢ آية ٢٣٨ ، فاكتب(حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر) (٢) . من عدة طرق.

مصحف أم سَلَمَة

عن عبد الله بن رافع مولى - أم سَلَمَة - قالت له: أكتب مصحفا فإذا بلغت هذه الآية فأخبرني... فقالت اكتب:(حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر) (٣) .

اختلاف مصاحف التابعين

١ - سمعت عبيد بن عُمير، يقول: أول ما نزل من القرآن:( سبح اسم ربك الذي خلقك ) .

٢ - عن عطاء أنّه قرأ:(يخوّفكم أولياءه) (٤) .

٣ - عن عكرمة كان يقرأ:( وعلى الذين يطوفونه ) .

٤ - عن مجاهد كان يقرأ:( فلا جناح أن يُطَوِّفَ بهما ) .

٥ - عن سعيد بن جُبير كان يقرأ:( احلَّ لكم الطيبات وطعام الذين أُتوا الكتاب من قبلكم ) (٥) .

٦ - وعنه أيضاُ، يقرأ:( فإذا هي تلقم ما يأفكون ) (٦) .

____________________

(١) نفس المصدر: ص٨٥، والإتقان: ج٢ ص٢٥، والدر المنثور: ج٥ ص٣٢٠.

(٢) المصاحف: ص٨٥ - ٨٧.

(٣) المصاحف: ص٨٧ و٨٨.

(٤) كلا الموردين في المصاحف: ص٨٨.

(٥) كل الموارد في المصاحف: ص٨٩.

(٦) المصاحف: ص٩٠.

٢٦

٧ - عن علقمة، وأسود، يقرآن:( صراط مَن أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالّين ) (١) .

٨ - عن محمّد بن أبي موسى:( ولكنّ الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يفقهون ) (٢) .

٩ - كان حطّان بن عبد الله يحلف عليها:( وما محمد إلاّ رسول قد خلت من قبله رُسل ) .

 ١٠ - قرأ صالح بن كيسان:( وجاءهم البيات ) و( وجاءتهم البيّنات ) وقال( يكاد ) و( تكاد السموات ).

 ١١ - سمعت الأعمش:( الله لا اله إلاّ هو الحي القيّام ) (٣) .

 ١٢ - وأيضاً عنه يقرأ:( أنعام وحرث حرج ) (٤) في القرآن( حجر ) .

التحريف في الصحاح وغيرها

 يوجد في كتب الصحاح وغيرها روايات كثيرة تدل على التحريف. وهذه الروايات على فرض صحتها لابد معها من القول بالتحريف ونحن نذكر قسما من هذه الروايات.

١ - حدثنا قبضة بن عقبة... عن إبراهيم بن علقمة قال: (دخلت في نفر - من أصحاب عبد الله - الشام فسمع بنا أبو الدرداء فأتانا فقال: أفيكم من يقرأ؟ فقلنا: نعم. قال: فأيكم؟ فأشاروا إليّ، فقال: اقرأ، فقرأت: ( والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى )، قال: أنت سمعتها مِن فِيّ صاحبك؟ قلت: نعم، قال: وأنا سمعتها مِن فِيّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهؤلاء يأبون علينا)(٥) .

____________________

(١) نفس المصدر والصفحة.

(٢) نفس المصدر والصفحة.

(٣) كل الموارد، المصاحف: ص٩١.

(٤) المصاحف: ص٩٢.

(٥) البخاري: بهامش السندي ج٣ ص١٣٩، وغير هذا: ج٦ ص٢١١ ، و : ج٥ ص٣٥. وجامع الأصول: ج٣ ص٤٩، ومسند احمد: ج٦ ص٤٤٩ و٤٥١، والدر المنثور: ج٦ ص٣٥٨، عن سعيد بن منصور ، وأحمد عبد بن حميد، والبخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه، وابن علقمة، وغيرهم.

٢٧

٢ - حدثني الأعلى عن أنس بن مالك: أنّ رِعلاً، وذكوان، وعصية، وبني كيان، استمدوا رسول الله على عدوهم فأمدهم بسبعين من الأنصار، كنا نسميهم القراء في زمانهم، كانوا يحتطبون بالنهار ويصلون بالليل، حتى إذا كانوا ببئر معونة قتلوهم وغدروا بهم، فبلغ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك فقنت شهراّ يدعو في الصبح على أحياء من أحياء العرب، على رِعْل وذكوان وعصية وبني كيان. قال أنس: فقرأنا فيهم قرآنا ثم إنّ ذلك رفع....( بلّغوا عنّا قومنا أنَّا قد لقينا ربنا فرضي عنّا وأرضانا ) (١) .

٣ - عن عمر: ( لو لا أن يقول الناس إن عمر زاد في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي )(٢) . وهذا يعني أن عمر قائل بالتحريف والنقص لان آية الرجم ليست في القرآن وهو لم يقل بنسخ التلاوة ؛ لأنّه يريد أن يكتبها ولكن يخاف من قول الناس، ولذا نقل السيوطي عن صاحب البرهان للزركشي أنّه قال: ( ظاهره أن كتابتها جائزة، وإنّما منعه قول الناس، والجائز في نفسه قد يقوم من خارج ما يمنعه فإذا كانت جائزة لزم أن تكون ثابتة لأنّ هذا شأن المكتوب )(٣) .

٤ - نقل عن ابن مسعود أنّه حذف المعوذتين من مصحفه وقال إنّهما ليستا من كتاب الله(٤) .

____________________

(١) البخاري، بهامش السندي: ج٣ ص١٩ و الإتقان: ج٢ ص٢٦، عن الصحيحين، ومسند أبي عوانة: ج٢ ص٣١١ و٣١٢، وحياة الصحابة: ج١ ص٥٤٥ ، والثقات، لابن حبان: ج١ ص٢٣٩، والطبقات الكبرى: ج٢ ص٥٤.

(٢) البخاري: باب الشهادة عند الحاكم في ولاية القضاء، والإتقان: ج٢ ص٢٥ و٢٦ ، عن طرق كثيرة، وكذا الدر المنثور: ج٥ ص١٧٩ ، عن مالك والبخاري ومسلم وابن الضريس، وفي ص١٨٠ عن النسائي وأحمدوابن عوف وغيرهم، ونيل الأوطار: كتاب الحدود آية الرجم، وكذا تفسير ابن كثير: ج٣ ص٢٦١، والبرهان في علوم القرآن: ج٢ ص٢٥، ومسند احمد: ج١ ص٢٣ و٢٩ و٣٦ و٤٠ و٤٣ و٤٧ و٥٠ و٥٥ وج٥ ص١٣٢ و١٨٣، ومصنف ابن أبي شيبة: ج٤ ص٥٦٤ وج١٠ ص٧٦، ومناهل العرفان: ج٢ ص١١١، وأخبار أصبهان: ج١ ص٢٩٢ والطبقات الكبرى: ج٣ ص٢٢٤، والفرقان، للخطيب: ص٣٦، وحياة الصحابة: ج٢ ص١٢ وج٣ ص٤٤٩ ، ومصنف عبد الرزاق: ج٧ ص٣١٥ وج٥ ص٤٤١، وحياة الصحابة: ج١٢١ ص١، وكشف الأستار: ج٢ ص٢٩٤.

(٣) الإتقان: ج٢ ص٢٦.

(٤) مجمع الزوائد: ج٧ ص١٤٩ و١٥٠ ،عن أحمدوقال: رجاله صحيح، وكذا عن الطبراني في الكبير والأوسط ، وإرشاد الساري: ج٧ ص٤٤٢، ومصنف ابن ابي شيبة: ج١٠ ص٥٣٨، والإتقان: ج١ ص٦٥، والدر المنثور: ج٦ ص٤١٦، ومشكل الآثار: ج١ ص٢٣، وروح المعاني: ج١ ص٢٤ وفتح الباري: ج٨ ص٥٧١، والمعتصر من المختصر: ج٢ ص٢٥١ ، وكذا الإتقان: ج١ ص٢٥١.

٢٨

٥ - أخرج البخاري في تاريخه عن حذيفة قال: (قرأتُ سورة الأحزاب على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنسيت منها سبعين آية ما وجدتها)(١) .

وكذا قالت عائشة على ما أخرجه أبو عبيد في الفضائل وابن الأنباري وابن مردويه عنها: ( كانت سورة الأحزاب تُقرأ في زمان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مائتي آية فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلاّ على ما هو الآن )(٢) .

وكذا عن عبد الرزاق عن الثوري... عن زر بن حبيش قال: قال لي أبي بن كعب كأيِّنْ تقرؤون سورة الأحزاب ؟ قال: قلت ثلاثا وسبعين وإمّا أربعا وسبعين، قال: قطْ ، إن كانت لتقارب سورة البقرة أو هي أطول منها وإن كانت فيها آية الرجم، قال قلت: أبا المنذر ما آية الرجم؟ قال:( إذا زنيا الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم ) (٣) .

٦ - اخبرنا عبد الرزاق عن ابن جريح عن عمرو بن دينار، قال: سمعت بجالة التميمي قال: وجدَ عمر بن الخطّاب مصحفا في حجر غلام في المسجد، فيه: (النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أبوهم)، فقال حكّها يا غلام. فقال: لا أحكّها وهي في مصحف أُبيّ بن كعب، فانطلق إلى أُبيّ فقال له: ( إني شغلني القرآن وشغلك الصفق بالأسواق )(٤) .

٧ - حدثنا عبد الله بن صالح عن هشام بن سعيد، عن زيد بن اسلم ،عن عطاء عن يسار، عن أبي واقد الليثي، قال:

____________________

(١) الدر المنثور: ج٥ ص١٨٠.

(٢) الإتقان: ج٢ ص٢٥، والدر المنثور، ج٥ ص١٨٠.

(٣) الإتقان: ج٢ ص٢٥، وأخبار أصبهان: ج٢ ص٣٢٨، والمصنف، لعبد الرزاق: ج٧ ص٣٢٠، ومناهل العرفان: ج٢ ص١١١، وأخرجها: الدر المنثور، عن عبد الرزاق والطيالسي وسعيد بن منصور وعبد الله بن احمد، في زوائد المسند، وابن منيع، والنسائي، وابن المنذر، والدارقطني في الافراد، وابن الأنباري في المصاحف، وابن مردويه والضياء، في المختار، عن زر الرواية... راجع الدر المنثور: ج٥ ص١٧٩ ومنتخب كنز العمال، بهامش مسند احمد، ج٢ ص١.

(٤) المصنف، لعبد الرزاق: ج١٠ ص١٨١، وذكرها السيوطي عنه وعن سعيد بن منصور واسحق بن راهويه وابن المنذر والبيهقي عن بجالة، وكذا ، نقل عن الفريابي وابن مردويه والبيهقي، في سننه عن ابن عبّاس أنّه قرأ الآية هكذا، وكذا، عن الفريابي وابن أبي شيبة ،وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس، أنّه قرأ الآية هكذا، وكذا عن الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد... وهو أب لهم، وكذا ، عن عكرمة هكذا. راجع الدر المنثور: ج٥ ص١٣٨.

٢٩

( كان رسول الله إذا أُوحي إليه أتيناه، فعلَّمنا مما أوحي إليه، قال: فجئت ذات يوم، فقال: إنّ الله يقول:إنّا أنزلنا المال لإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، ولو أنّ لابن آدم واديا لأحب أن يكون إليه الثاني، ولو كان إليه الثاني لأحب أن يكون إليهما الثالث، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب ويتوب الله على من تاب )(١) .

٨ - وروى أبو حرب بن أبي الأسود عن أبيه، قال: بعث أبو موسى الأشعري إلى قرّاء أهل البصرة، فدخل عليه ثلاثمائة رجلٍ قد قرأوا القرآن، فقال: أنتم خيار أهل البصرة، وقراءهم، فاتلوه ولا يطولن عليكم الأمد، فتقسوا قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم، وإنا كنا نقرأ سورة نشبهها في الطول والشدّة ببراءة فأُنسيتها، غير أنّي قد حفظت منها:(... لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب) .

وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المسبّحات فأُنسيتها غير أنّي حفظت منها:(يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون يوم القيامة) (٢) .

٩ - عن سفيان عن الأعمش... عن عبد الله بن سلمة، قال: قال حذيفة: ما تقرؤون ربعها!!! يعني البراءة(٣) .

١٠ - عن ابن عبّاس: لما نزلت:

____________________

(١) مجمع الزوائد: ج٧ ص١٤٠ ، عن احمد، وقال: رجاله صحيح، وكذا، عن الطبراني في الأوسط ، وكذا، عن الترمذي وابن ماجة، وأيضا الإتقان: ج٢ ص٢٥، ومسند احمد: ج٥ ص١٣١ و١٣٢، ومجامع الأصول: ج٣ ص٥٢، والدر المنثور: ج١ ص١٠٥ و١٠٦، عن عدة طرق، ومناهل العرفان: ج٢ ص١١١ وصحيح مسلم: ج٣ ص١٠٠ ومسند احمد: ج٦ ص٥٥، والمصنّف، لعبد الرزاق: ج١٠ ص٤٣٦ ، عن اثني عشر طريقاً، وأخبار أصبهان ج٢ ص١٨٣، وكذا، صحيح مسلم: كتاب الزكاة، ج٢ ص٧٢٦، والبرهان في علوم القرآن: ج٢ ص٣٦ و٣٧.

(٢) صحيح مسلم: ج٣ ص١٠٠، والإتقان: ج٢ ص٢٥، والبرهان: ج٢ ص٢٧.

(٣) رواه البيهقي في مجمع الزوائد ج٧ ص٢٨ و٢٩ ، عن الطبراني في الأوسط، وقال: رجاله ثقات، وأيضاً ، مصنّف ابن أبي شيبة: ج١٠ ص٥٠٩، والدر المنثور: ج٣ ص٢٥٨ ، عنه وعن أبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، وراجع روح المعاني: ج١ ص٢٤.

٣٠

وأنذر عشيرتك الأقربين (ورهطك منهم المخلصين) (١) .

١١ - أخرج ابن عبد البر في التمهيد، من طريق عدي بن عمرة بن فروة عن أبيه، عن جده عميرة بن فروة، أن عمر بن الخطّاب قال لأُبيّ: أوليس كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله:( ان انتفاء كم من آبائكم كفر بكم ) ؟ فقال: بلى، ثم قال: ( أوليس كنا نقرأ الولد للفراش وللعاهر الحجر فيما فقدنا من كتاب الله؟)(٢) .

١٢ - عن الثوري: ( بلغنا أن أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذين كانوا يقرؤون القرآن أصيبوا يوم مسيلمة، فذهبتْ حروفٌ مِن القرآن)(٣) .

١٣ - عبد الرزاق عن عيينة، عن عمرو بن عبيد عن الحسن، قال: ( هَمَّ عمر بن الخطّاب أن يكتب في المصاحف: إن رسول الله ضرب في الخمر ثمانين )(٤) .

١٤ - أخرج الطبراني بسند موثق عن عمر بن الخطّاب مرفوعا: (القرآن ألف ألف، وسبعة وعشرون حرفا)(٥) . بينما إن حروف القرآن لا يتجاوز عددها ثلث هذا المقدار. فمع وجود هذا والكثير من أمثاله في كتب أهل السنّة، فلم يَنسب بعض من ضَل سعيه في الحياة الدنيا التحريف إلى الشيعة ؟!(٦) .

١٥ - عن نافع عن ابن عمر قال: ( ليقولنّ أحدكم قد أخذت القرآن كلّه، وما يدريه ما كلّه، قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل قد أخذتُ منه ما ظهر)(٧) .

١٦ - عن عائشة، قالت: ( كان فيما أُنزل من القرآن عشر رَضَعات

____________________

(١) صحيح البخاري :ج٦ ص٢٢١.

(٢) المصنف لابن أبي شيبة: ج١٤ ص٥٦٤، والدر المنثور: ج١ ص١٠٦، والمصنف، لعبد الرزاق: ج٩ ص٥٠ و٥٢ وذكر في الهامش عن أحمدتمام الحديث.

(٣) الدر المنثور: ج٥ ص١٧٩، والمصنف، لعبد الرزاق: ج٧ ص٢٣٠.

(٤) المصنف لعبد الرزاق ج٧ ص٣٧٩ و٣٨٠.

(٥) الإتقان: ج١ ص٥٠، وكنز العمال: ج١ ص٥١٧، و٥٤١.

(٦) الشيعة والسنة: ص٨٠.

(٧) الإتقان: ج٢ ص٤٠ و٤١.

٣١

معلومات يحرِّمن )(١) .

١٧ - عن مالك: ( إنّ أوّلها - سورة البراءة - لما سَقَط، سَقَط معه البسملة، فقد ثبتَ إنّها كانت تعدل سورة البقرة )(٢) .

١٨ - أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود، قال: كنا نقرأ على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(يا أيّها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك إنّ عليا مولى المؤمنين وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته، والله يعصمك من الناس) (٣) .

١٩ - أخرج ابن ماجة عن عائشة قالت: ( لقد نزلت آية الرجم، ورضاعة الكبير عشرا، ولقد كانت في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله وتشاغلنا بموته، دخل الداجن فأكلها )(٤) .

٢٠ - وروى أبو سفيان الكلاعي، أنّ مسلمة بن مخلّد الأنصاري قال لهم ذات يوم: ( أخبروني بآيتين في القرآن لم يكتبا في المصحف، فلم يخبروه وعندهم أبو الكنود سعد بن مالك، فقال ابن مسلمة:( إنّ الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، ألا ابشروا أنتم المفلحون والذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم الذي غضب الله عليهم، أولئك لا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرّة أعين جزاءً بما كانوا يعملون) )(٥) .

٢١ - وروى المسور بن مخرمة قال: ( قال عمر لعبد الرحمن بن عوف: ألم تجد فيما انزل علينا: ( إن جاهدوا كما جاهدتم أوّل مرة) فانا لا نجدها؟ قال: أُسقِطت فيما أُسقط من القرآن)(٦) .

____________________

(١) صحيح مسلم: ج٤ ص١٦٧ و١٦٨، والمصنف، لعبد الرزاق: ج٧ ص٤٥٧ و٤٧٠ و٤٦٩، الإتقان: ج٢ ص٢٢، وبداية المجتهد: ج٢ ص٣٦، والدر المنثور: ج٢ ص ١٣٥، عن ابن أبي شيبة وعبد الرزاق ، ومناهل العرفان: ج٢ ص١١٠.

(٢) الإتقان: ج١ ص٦٥.

(٣) الدر المنثور: ج٢ ص٢٩٨، والتمهيد في علوم القرآن ،عنه: ج١ ص٢٦١.

(٤) تأويل مختلف الحديث: ص ٣١٠ ، وراجع مسند احمد: ج٦ ص٢٦٩.

(٥) الإتقان: ج٢ ص٢٦.

(٦) نفس المصدر: ص٢٤ ، عن البيان في تفسير القرآن: ص٢٢٣.

٣٢

٢٢ - روي عن أُبيّ بن كعب أنّه كتب في مصحفه سورتي الحفد والخلع: (اللهم إنّا نستعينك، ونستغفرك، ونثني عليك، ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، اللّهمّ إيّاك نعبد، ولك نصلّي ونسجد، واليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك بالكافرين ملحق)(١) .

جوابنا عن روايات أهل السنّة في التحريف

أ - لقد ثبت عند جميع المسلمين تواتر القرآن، ولم يقل أحدٌ منهم - اعتقاداٌ - أنّه قد ثبت عن طريق الآحاد، لا كُلاًّ ولا بعضا، فعلى هذا نطرح كل الروايات التي يُشمّ منها ثبوت القرآن أو بعضه بغير التواتر، وكذا نطرح الروايات التي تقول بنسخ التلاوة لبعض الآيات، فهذه الروايات كلّها آحاد، لا تثبت قرآنا ولا تصمد أمام تواتر القرآن، الثابت عند جميع المسلمين، فيجب الحكم ببطلانها حتى ولو افترضت صحة سندها أيضاً لمخالفتها للكتاب - كما قلنا في السابق - بالإضافة إلى اعتقاد جميع المسلمين بتواتر الكتاب.

ب - أمّا بالنسبة إلى القراءات المختلفة التي نقلت عن بعض الصحابة في قسم من الآيات، فسنناقشها في المباحث الآتية. ولكن نقول هنا باختصار:

 إنّ هذه القراءات ممّا وجد بعد عصر النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - من قِبَلِ الصحابة الذين كان كل واحد منهم من قبيلة، ولم يكن سماعهم من النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - كاملا، كما إنّ بعضهم كان ينسى الآيات أو قراءتها الصحيحة، فيتخيّل على النحو الذي يراه - كما يظهر من كثير من الروايات المتقدمة -، بل ذهب كلٌ منهم إلى بلد فقرأ القرآن بنحو يختلف به مع غيره من حيث القراءة، ولذا لما رأى حذيفة ذلك في أذربيجان، خاف من الاختلافات بين أهل الشام والعراق، فجاء إلى عثمان وعرض عليه هذا الأمر، فحمل عثمان الناس على قراءة واحدة ؛ حفظاً للقرآن من التحريف والنقصان وأيّده الإمام عليعليه‌السلام أيضا في ذلك. فعلى هذا نقول: إنّ القراءات التي نقلها القراء والمفسرون و... لم تكن كلها صحيحة.

____________________

(١) مجمع الزوائد: ج٧ ص١٥٧، والإتقان: ج٢ ص٢٦، وعن المستدرك على الصحيحين وروح المعاني: ج١ ص٢٥، والبرهان: ج٢ ص٣٧، والإتقان: ج١ ص٦٥ ، نقلها عن أبي عبيد، والطبراني، والبيهقي، وابن جريح، ومحمد بن نصر المروزي ، في كتابه الصلاة وكذا، عن الطبراني بسند صحيح.

٣٣

بل ما تواتر منها وثبت التواتر في حقها واقعاً يكون في نظرنا صحيحا مع القول بأنّ واحدة منها فقط صحيحة، ولكن إذا لم يكن تشخيص هذه الواحدة من بين القراءات المتعددة المتواترة ممكنا فإنّنا نقول بصحة ما هو المتواتر قط ولو كان اثنين أو ثلاثة أو...

ج - أمّا بالنسبة إلى ما نسب إلى ابن مسعود حول إنكاره كون المعوذتين من القرآن فنقول: انه بالإضافة إلى عدم قبول هذا من ابن مسعود لتواتر القرآن وثبوتهما عند جميع المسلمين، نرى أنّ بعض الناس نفى هذه النسبة إلى ابن مسعود، كما يظهر ذلك من الفخر الرازي في تفسيره، ويقول النووي أيضاً: أجمع المسلمون على أنّ فاتحة الكتاب والمعوذتين من القرآن... وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح، كما إنّ ابن حزم أنكر هذه النسبة إلى ابن مسعود، وأيضا، روى أنّ عاصم أخذ قراءتها من ابن مسعود والحال أنّ المعوذتين وفاتحة الكتاب ثابتة في مصحف عاصم،!

ويقول حول ذلك صاحب المناهل: (إذا أنكر ابن مسعود هاتين السورتين لا يضرّنا، لوجود التواتر على أنّهما من القرآن)(١) .

 أمّا القسطلاني، فإنّه لما رأى أنّ تكذيب هذا القول بالنسبة إلى ابن مسعود ينتهي إلى تكذيب الرواة الذين نقلوا ذلك، قال بتوجيه آخر وهو: إنّ ابن مسعود لم ينكر قرآنيتهما بل أنكر إثباتهما في مصحفه)(٢) .... ونحن نقول للقسطلاني: لماذا هذا التوجيه فإذا لم ينكر ابن مسعود قرآنيتهما فلماذا لم يثبتهما في مصحفه؟!!!!!

أمّا الباقلاني فيكذّب رواة هذه النسبة، ويقول: (أمّا المعوذتان فكل من ادَّعى أنّ ابن مسعود أنكر أن تكونا من القرآن فقد جهل، وبَعُد عن التحصيل؛ لان سبيل نقلهما سبيل نقل القرآن)(٣) . وأمّا بالنسبة إلى ما نسب إلى أُبيّ من أنّه أضاف إلى مصحفه سورتي الخلع

____________________

(١) راجع كل ذلك في: مناهل العرفان: ج١ ص٢٦٨ و٢٦٩، والبرهان في علوم القرآن: ج٢ ص١٢٨.

(٢) إرشاد الساري: ج٧ ص٤٤٢.

(٣) الانتصار لنقل القرآن : ص٩٠.

٣٤

والحفد! فيقول القاضي:

 (ولا يجوز أن يضاف إلى عبد الله ، أو إلى أُبيّ بن كعب، أو زيد، أو عثمان، أو عليعليه‌السلام ، أو واحدٍ من ولْدِه أو عترته جَحْد آيةٍ أو حذْفٌ من كتاب الله وتغييره أو قراءته على خلاف الوجه المرسوم... وإنّ كلام القنوت المروي عن أبيّ بن كعب الذي أثبته في مصحفه، لم تقم حجة بأنّه قرآن منزّل، بل هو ضَرْب من الدعاء، وإنّما روي عنه أنّه أثبته في مصحفه، وقد ثَبَّت في مصحفه ما ليس بقرآن، من دعاء أو تأويل)(١) .

ويقول الباقلاني: إنّ كلام القنوت المروي عن أُبيّ بن كعب وأثبته في مصحفه لم تقم الحجّة بأنّه قرآن منزّل، بل هو ضَرب من الدعاء!! وإنّه لو كان قرآنا لنُقل إلينا نَقْل القرآن وحصل العلم بصحته)(٢) .

فهذه الروايات التي نقلت من كتب أهل السنّة والتي تدلّ على التحريف، إمّا أنّها من خلط الصحابة، أو سهوهم، أو اجتهادهم الخاطئ في ذلك، وإمّا تخليط من الرواة لنقل هذه الروايات كذبا وافتراءً عليهم، فبعد ثبوت تواتر القرآن عند جميع المسلمين يجب طرح هذه الروايات وإن وجِدتْ في البخاري، أو مسلم ، أو غيرهما من السنن والصحاح...

قصّة البَسْمَلة والتّحريف

هنا قصة أخرى تدل أيضاً على قولهم بالتحريف وإن لم يصرّحوا به : وهو إدّعاء بعضهم عدم كون البسملة من الآيات القرآنية. يقول الزمخشري: قُرّاء المدينة والبصرة والشام وفقهاؤها على أنّ التسْمِية ليست بآية من فاتحة الكتاب ولا من غيرها من السور(٣) ورووا أيضا رواية في نزول البسملة بأنّها نزلت ابتداءً (بِسمِ الله ) وبعد مدة الحق بها (الرّحمن ) وبعد مدة نزلت بتمامها(٤) ، فمعنى هذا إنّ البسملة ليست من فاتحة الكتاب التي كان يقرؤها

____________________

(١) البرهان في علوم القرآن: ج٢ ص١٢٨.

(٢) نكت الانتصار لنقل القرآن: ص٨٠ ، وراجع مناهل العرفان: ج١ ص٢٦٤ عنه.

(٣) الكشّاف: ج١ ص١، وراجع حول نَفْيَهم ذلك: المرونة الكبرى: ج١ ص٦٤، وفقه السنة: ج١ ص١٣٦، وأحكام القرآن: لابن عربي ج١ ص٢، وروح المعاني: ج١ ص٣٧.

(٤) التشبيه والإشراف: ص٢٢٥، والسيرة الحلبية: ج٣ ص٢٣، وكنز العمال: ج٥ ص٢٢٤، والطبقات الكبرى: ج١ ص٢٦٣ و٢٦٤، وروح المعاني: ج١ ص٣٧، والعقد الفريد: ج٣ ص٤.

٣٥

النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - من ابتداء البعثة. والباقلاني كتب صفحات متعددة حول إثبات أنّ البسملة ليست آية من فاتحة الكتاب، ولا من فاتحة كل سورة ، وإنّما هي قرآن في سورة النمل فقط(١) . والذي فَهِم أنّ القول بحذف البسملة إنّما يعني القول بتحريف القرآن هو الفخر الرازي، الذي يقول: رداً على من يعتقد أنّ البسملة ليست من القرآن:

(فلو لم تكن التسمية مِن القرآن لمَا كان القرآن مصونا من التغيير، ولمَا كان محفوظاّ من الزيادة، ولو جاز أن يُظنّ بالصحابة أنّهم زادوا، لجاز أيضاّ أن يُظنّ بهم النقصان، وذلك يوجب خروج القرآن عن كونه حجة)(٢) .

وكذا، نبه السيد ابن طاووسرضي‌الله‌عنه على ذلك رداً على احد أهل السنّة الذي اتهم الشيعة بالاعتقاد بالتحريف، قال:

(... قد رأينا في تفسيرك إنّك ادَّعيت أنّ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ   ) ما هي من القرآن الشريف، وقد أثبتها عثمان فيه، وهو مذهب سلفكم إنّهم لا يرونها آية من القرآن وهي مائة وثلاث عشرة آية من المُصْحَف الشريف، تزعمون أنّها زائدة وليست من القرآن، فهل هذا الاعتراف منك يا أبا علي بزيادتكم في المصحف الشريف والقرآن ما ليس فيه ؟!!)(٣) .

الحروف المقطّعة أسماءٌ للسّور

هذا الكلام الذي ذكره عدة من أهل السنّة يدل على التحريف أيضاً. يقول ابن طاووسرحمه‌الله رداً على أحد أهل السنّة:

(... وجدناك في تفسيرك تذكر أنّ الحروف المقطّعة التي في أوّل سور القرآن أسماء السور، ورأينا هذا المصحف الشريف الذي تذكر أنّ سيدك عثمان بن عفّان جمع الناس عليه قد سَمَّى كثيراً من السور التي أوّلها حروف مقطعة بغير هذه الحروف...)(٤) .

____________________

(١) الإنتصار: ص٧١ إلى ٧٤.

(٢) التفسير الكبير: ج١٩ ص١٦٠.

(٣) ،(٤) سعد السعود: ص: ١٤٥.

٣٦

 وأيضا، نُقل عن عبد الرحمن بن أسلم: أنّ الحروف المقطعة هي أسماء السور(١) ، فمع تصريحهم بأن أسماء السور قد وضعت من قبل الصحابة من جهة، وكون الحروف المقطعة هي أسماء السور من جهة أخرى - كما يقولون - فوجود هذه الحروف المقطّعة في القرآن يدلّ على التحريف.

نَسْخ التلاوة

قيل في جواب الروايات التي نقلناها فيما سبق - والتي تدل على نقص في بعض السور كالبراءة والأحزاب وغيرهما - أنّ هذا النقص قد نسخت تلاوته ونسخ من قبل الله، ويعبر عن ذلك بـ (نَسْخ التلاوة).

أمّا نحن فلا نستطيع أنّ نقبل هذا القول، بل نقول: إنّ نسخ التلاوة أمْرٌ وضِع في وقت متأخر من أجل تصحيح ما رواه أهل السنّة حول النقص في بعض السور، أو حذف بعض الآيات أو ضياع قسم منها، أو أكل الشاة له. نعم، لقد وضعوا ذلك من اجل توجيه ما رواه بعض الناس من دون فهم. لذا نرى أنّ جمعا من علماء السنّة أيضاً، ينكرون هذا النوع من النسخ.

يقول الإمام السَرْخَسي: ( لا يجوز هذا النوع من النسخ في القرآن عند المسلمين، وقال بعض الملحدين ممن يتستّر بإظهار الاسلام - وهو قاصد إلى فساده - هذا جائز بعد وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، واستدل في ذلك بما روي عن أبي بكر( لا ترغبوا عن أبائكم فإنّه كفر بكم) وما روي عن أنََس(بلّغوا عنّا قومنا أنّا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا) وما قاله عمر ( قرأنا آية الرجم في كتاب الله ورعيناها) وما قاله أُبيّ: (إنّ سورة الأحزاب كانت مثل سورة البقرة أو أطول منها) - فأضاف السَرْخَسي - والشافعي لا يظن به موافقة هؤلاء في هذا القول، ولكنّه استدل بما هو قريب من هذا في عدد الرَّضَعات فإنّه صحّح ما يُروى عن عائشة أنّ مما أُنزل في القرآن:(عشر رَضَعات معلومات يحرّمن) فنسخنّ بخمس رَضَعات معلومات، وكان ذلك مما يُتلى في القرآن بعد وفاة رسول الله).

وقال السَرْخَسي بعد ذلك: ( والدليل على بطلان هذا القول قوله تعالى:( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ   ) ومعلوم أنّه ليس المراد الحفظ لديه تعالى

____________________

(١) تفسير ابن كثير: ج١ ص٣٦، المنار: ج١ ص١٢٢.

٣٧

فانه يتعالى من أن يوصف بالغفلة والنسيان، فعرفنا أنّ المراد الحفظ لدينا. وقد ثبت أنّه لا ناسخ لهذه الشريعة بوحي ينزل بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولو جوزنا هذا في بعض ما أوحي إليه لوجب القول بتجويز ذلك في جميعه، فيؤدي ذلك إلى القول بأنّ لا يبقى شيء مما ثبت بالوحي بين الناس في حال بقاء التكليف. وأيّ قول أقبح من هذا...)(١) .

ويقول أيضا الدكتور صُبحي الصالح:

 ( وجعلوا النَسخ على ثلاثة أضْرب: نَسْخ الحكم دون التلاوة، ونَسْخ التلاوة دون الحكم، ونَسْخ التلاوة مع الحكم... أمّا الجرأة العجيبة ففي الضربين الثاني والثالث اللذين نسخت فيهما - بزعمهم - تلاوة آيات معيّنة، إمّا مع نَسْخ الحكم وإمّا مِن دونه، والناظر في صنيعهم هذا سرعان ما يكتشف فيه خطأ مركّبا: فتقسيم المسائل إلى أضراب إنّما يصلح إذا كان لكل ضرب شواهد كثيرة أو كافية - على الأقل - ليتيسَّر استنباط قاعدة منها، وما لعشاق النسخ إلاّ شاهد أو اثنان على كل من هذين الضربين، وجميع ما ذكروه منها أخبار آحاد، ولا يجوز القطع على إنزال القرآن ونَسْخِه بأخبار آحاد لا حجّة فيها. وبهذا الرأي السديد أخذ ابن ظفر في كتاب الينبوع(٢) ، إذ أنكر أنّ هذا ممّا نسخت تلاوته وقال: لأنّ الخبر الواحد لا يُثبت القرآن)(٣) . وذكر الشيخ صبحي أمثلة من ذلك، كآية الرجم، وعشر رَضَعات و.....

 أمّا نحن فنقول للشيخ صبحي: ماذا تقولون إذاً بهذه الروايات الواردة في كتب أهل السنّة وصِحاحِهم؟ فإن كانت روايات آحادية - كما ذكرت وهو الحق - وجب الحكم ببطلان الروايات التي أوردها البخاري ومسلم وغيرهما، فآية الرجم مثلا إن كانت باطلة فمن المقصر في ذلك؟

وكذا ما روي عن أبي موسى الأشعري، وابن عمر، وأبيّ بن كعب، وغيرهم، هل هو صحيح عنهم أو مكذوب عليهم، فهل رواية هذه الروايات الآحاد التي

____________________

(١) أصول السرخسي: ج٢ ص٧٨ - ٨٠ ، نقلا عن التمهيد: ج٢ ص٢٨١.

(٢) هو أبو عبد الله بن ظفر المتوفى ٥٦٨ ، ومن كتابه الينبوع أجزاء متفرقة من نسخة خطية بدار الكتب بالقاهرة، برقم ٣١٠ تفسير.

(٣) مباحث في علوم القرآن: ص٢٦٥ و٢٦٦.

٣٨

لا تثبت قرآنا إلاّ القول بالتحريف من ناحية الصحاح... فلذا يقول السيد الخوئي:

(ان القول بنسخ التلاوة عين القول بالتحريف والإسقاط، وبيان ذلك: أنّ نَسْخ التلاوة هذا إمّا أن يكون قد وقع من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإمّا أن يكون ممن تصدى للزعامة من بعده. فإن أراد القائلون بالنسخ وقوعه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو أمر يحتاج إلى الإثبات، وقد اتفق العلماء أجمع على عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد، وقد صرح بذلك جماعة في كتب الأصول وغيرها(١) ، بل قطع الشافعي وأكثر أصحابه، وأكثر أهل الظاهر بامتناع نسخ الكتاب بالسنَّة المتواترة، واليه قد ذهب أحمدبن حنبل في إحدى الروايتين عنه، بل كان جماعة ممّن قالوا بإمكان نسخ الكتاب بالسنَّة المتواترة منعوا وقوعه(٢) . وعلى ذلك فكيف تصح نسبة النسخ إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بإخبار هؤلاء الرواة.

مع أنّ نسبة النسخ إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تنافي جملة من الروايات التي تضمّنت أنّ الإسقاط قد وقع بعده ( كما ذكرنا ذلك في المباحث السابقة ). وإن أرادوا أنّ النسخ قد وقع من الذين تصدّوا للزعامة بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو عين القول بالتحريف وعلى هذا فيمكن أن يدّعى أنّ القول بالتحريف هو مذهب أكثر علماء أهل السنّة لأنهم يقولون بجواز نسخ التلاوة سواء أنُسِخ الحكم، أم لم ينسخْ... نعم ذهبت طائفة من المعتزلة(٣) إلى عدم جواز نسخ التلاوة )(٤) .

وقد نفى القول بنسخ التلاوة أيضا كل من: الجزيرى في كتابه ( الفقه على المذاهب الأربعة ) ج٣ ص٢٥٧، والأستاذ السايس في كتابه ( فتح المنان على حسن العريض ) ص٢١٦ و ٢١٧(٥) .

جَمْع القرآن والتّحريف

إنّ سيرة المسلمين في قِبال القرآن في التاريخ هي عدم الشكّ في آية من آيات الله، واعتقادهم بأنّه كلّه هو المنزّل من جانب الله من دون نقص أو زيادة

____________________

(١) الموافقات لأبي إسحاق الشافعي: ج٣ ص١٠٦.

(٢) الإحكام في أصول الأحكام للآمدي: ج٣ ص٢١٧.

(٣) الإحكام في أصول الأحكام للآمدي، ج٣ ص٢٠١ و٢٠٣.

(٤) البيان في تفسير القرآن: ص٢٢٤ و٢٢٥.

(٥) راجع: التمهيد في علوم القرآن: ج٢ ص٢٨١.

٣٩

فيه.

ومع ذلك، فقد روى أهل السنّة في صحاحهم وغيرها من السنن روايات حول جَمع القرآن، يفهم منها عدم تواتر الآيات القرآنية بل ثبتت بالآحاد. وها نحن نذكر بعض هذه الروايات ثم نناقشها:

* عن البخاري: عن زيد بن ثابت. قال: (أرسل إليَّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطّاب عنده فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إنّ القتل قد استحّر يوم اليمامة بقُرّاء القرآن، وإنّي أخشى أن يستحّر القتل بالقُرّاء في المواطن، فيذهب كثير من آيّ القرآن، وإنّي أرى أن تأمر بجمع القرآن، فقلت لعمر: كيف نفعل شيئاً لم يفعله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم !!؟ قال عمر: هو والله خير، فلم يزل يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك رأي عمر) قال زيد: قال أبو بكر :

( إنّك شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله، فتتبع القرآن أجْمَعَهُ، فوالله لو كلفّوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل مما أمرني به من جمع القرآن، قلت: كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم !!؟ قال: هو والله خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر أبي بكر وعمر، فتتبعت القرآن أجمعه من العَسب، واللخاف، وصدور الرجال!! فوجدت آخر سورة التوبة مع أبي خُزيمة الأنصاري، لم أجدها مع غيره:(  لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ...   ) حتى خاتمة البراءة فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفّاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر)(١) .

وعن ابن أبي داود من طريق الحَسن: ( أنّ عمر سأل عن آية من كتاب الله، فقيل: كانت مع فلان قُتل يوم اليمامة، فقال: إنا لله وأمر بجمع القرآن فكان أوّل من جمعه في المصحف)(٢) .

*وعن ابن أشتة - في المصاحف - عن ابن بُريدة، قال: (أوّل من جمع القرآن في مُصْحَف سالم مولى حذيفة، أقسم لا يرتدي برداء حتى يَجْمَعه، وجمعه ثم ائتمروا

____________________

(١) البخاري: كتاب التفسير باب جمع القرآن، وأيضا الإتقان: ج١ ص٥٧ ، وتاريخ الخلفاء: ص٧٧ ، وتفسير الطبري: ج١ ص٢٠.

(٢) الإتقان: ج١ ص٥٨ .

٤٠