التعرف على القرآن

التعرف على القرآن40%

التعرف على القرآن مؤلف:
تصنيف: مفاهيم القرآن
الصفحات: 93

التعرف على القرآن
  • البداية
  • السابق
  • 93 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 31888 / تحميل: 8568
الحجم الحجم الحجم
التعرف على القرآن

التعرف على القرآن

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

الباب الرَّابع

( فضل الصّلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله)

( وثواب ذلك)

١ - حدَّثني أبي؛ ومحمّد بن الحسن بن أحمدَ بنِ الوليد، عن محمّد بن الحسن الصَفّار، عن أحمد بن الحسن بن عليِّ بن فضّال، عن عَمرو بن سعيد، عن مُصدّق بن صَدَقة، عن عمّار بن موسى السّاباطيِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سألته عن الصّلاة في مسجد الرَّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ هي مِثلُ الصّلاة بالمدينة؟ قالعليه‌السلام : لا لأنّ الصّلاة في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بألف صَلاة، والصّلاة بالمدينة مِثلُ الصّلاة في سائر الأمصار ».

٢ - حدَّثني أبي، عن سعد بن عبدالله بن أبي خلف القمّي الأشعري، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن موسى بن القاسم البَجَليّ - عمّن حدّثه - عن مُرازِم « قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن الصّلاة في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : صلاة في مسجدي تَعدلُ ألف صلاة في غيره، وصلاة في المسجد الحرام تَعدلُ ألف صلاةٍ في مسجدي، ثمّ قال: إنّ الله فضّل مكّة وجعل بعضها أفضل من بعض، فقال: «وَاتَّخِذُوا مِن مَقامِ إبراهيمَ مُصَلًّى (١) » وقال: إنَّ الله فضَّل أقواماً وأمر باتّباعهم وأمر بمودَّتهم في الكتاب ».

٣ - حدّثني عليُّ بن الحسين بن موسى بن بابويه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيلَ بن بزيع، عن أبيه إسماعيلَ، عن ابن مُسكانَ، عن أبي الصّامت(٢) « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : صلاة في مسجد النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله تعدلُ بعشرة آلاف صلاةٍ ».

٤ - حدَّثني جماعة من مشايخي، عن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن إبراهيمَ

__________________

١ - البقرة: ١٢٤.

٢ - عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الباقر والصادقعليهما‌السلام .

٢١

ابن مَهزيار، عن أخيه عليِّ، عن الحسن بن سعيد، عن صَفوانَ بن يحيى؛ وابن أبي عُمَير؛ وفَضالَةَ بن أيّوبَ جميعاً، عن معاويةَ بن عمّار « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام لابن أبي يَعفور: أكثر مِن الصَّلاة في مسجد رسول الله، فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: صَلاةٌ في مسجدي هذا كألف صلاةٍ في مسجد غيره إلاّ المسجد الحرام، فإنَّ صلاةً في المسجد الحرام تَعدِلُ الف صلاة في مسجدي ».

٥ - محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصَّفّار، عن سَلَمة. وحدَّثني حكيم بن داودَ بنِ حكيم، عن سَلَمةَ بنِ الخَطاب، عن عليِّ بن سَيف، عن جميل بن دُرَّاج « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : صلاةٌ في مسجدي تَعدلُ الف صلاةٍ في غيره ».

٦ - حدَّثني حكيم بن داودَ بنِ حكيم، عن سَلَمةَ بنِ الخَطّاب، عن مُصدِّق بن صَدَقة، عن عمّار بن موسى السّاباطيّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سألته عن الصّلاة في مسجد الرَّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله هل مثل الصَّلاة في المدينة؟ قالعليه‌السلام : لا لأنَّ الصَّلاة في مسجد الرَّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بالف صلاة والصّلاة بالمدينة مثل الصّلاة في سائر الأمصار »(١) .

٧ - حدَّثني حكيم بن داودَ بن حكيم، عن سَلَمةَ، عن عليِّ بن سَيف، عن أبيه، عن داودَ بنِ فَرقَد « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : صلاةٌ في مسجدي تعدل الف صلاةٍ في غيره ».

٨ - وعنه، عن سَلَمة، عن إسماعيلَ بن جعفر، عن بعض أصحابه، عن مُرازِم(٢) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: صلاةٌ في مسجد المدينة أفضل مِن ألف صلاةٍ في غيره من المساجد ».

__________________

١ - تقدّم الخبر في أوّل الباب بسندٍ آخر.

٢ - هو مُرازم - بضم الميم وكسر الزّاي المعجمة بعد الالف - بن حُكيم - بضمّ الحاء، الأزديّ المدائني، مولى ثقة.

٢٢

الباب الخامس

( زيارة حمزة عَمّ رسول الله صلى الله عليه وآله)

( وقبور الشّهداء)

١ - حدَّثني حكيم بن داود بن حكيم، عن سَلَمةَ بن الخَطاب، عن عبدالله بن أحمد، عن بكر بن صالح، عن عَمرو بن هِشام - عن رَجل من أصحابنا - عنهمعليهم‌السلام « قال: ويقول عند قبر حمزة:

«السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَمَّ رَسُولِ اللهِ وخَيْرَ الشُّهَداء، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أسَدَ اللهِ وَأسَدَ رَسُولِهِ، أشْهَدُ أنَّكَ قَدْ جاهَدْتَ فِي الله حَقَّ جِهادِه، وَنَصَحْتَ لله ولرَسُولِه (١) وجُدْتَ بِنَفْسِك وطَلَبتَ ما عِندَ اللهِ، ورَغِبْتَ فيما وَعَدَ اللهُ »،

ثمَّ ادخل فَصَلِّ ولا تستقبل القبرَ عند صَلاتك، فإذا فرغتَ من صلاتك فانكبَّ على القبر وقل:

«اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى أهلِ بَيْتِه، اللّهُمَّ اِنّي تَعَرَّضْتُ لِرَحْمَتِكَ بِلُزُوقي بِقَبْرِ عَمِّ نَبِيِّكَ صَلواتك عَلَيْهِ وعلى أهل بَيتِه لتُجيرَني مِنْ نِقْمَتِكَ وَسَخَطِكَ وَمَقْتِكَ ومِن الأزْلال في يَوْمٍ تَكْثُرُ فيهِ الاَْصْواتُ، والمَعرّاتُ، وَتَشْتَغِلُ كُلُّ نَفْسٍ بِما قَدَّمَتْ، وَتُجادِلُ كُلُّ نَفْسٍ عَن نَفْسِها، فَاِنْ تَرْحَمْنِي الْيَوْمَ فَلا خَوْفَ عَلَيَّ وَلا حُزْنَ، وَاِنْ تُعاقِبَ فمولاي لَهُ الْقُدْرَةُ عَلى عَبْدِهِ، اللّهمَّ فلا تُخَيِّبْني الْيَوْمَ وَلا تَصْرِفْني بِغَيْرِ حاجَتي، فَقَدْ لَزِقْتُ بِقَبْرِ عَمِّ نَبِيِّكَ، وَتَقَرَّبْتُ بِهِ اِلَيْكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِكَ، وَرَجاءَ رَحْمَتِكَ، فَتَقَبَّلْ مِنّي، وَعُدْ بِحِلْمِكَ عَلى جَهْلي، وَبِرَأفَتِكَ عَلى جِنايَةِ نفْسي فَقَدْ عَظُمَ جُرْمي، وَما أخافُ أنْ تَظْلِمَني وَلكِنْ أخافُ سُوءَ الْحِسابِ، فَانْظُرِ الْيَوْمَ إلى تَقَلُّبي عَلى قَبْرِ عَمِّ نَبِيِّكَ، صلواتُكَ على محمَّدٍ وأهلِ بَيته، فَبِهِم فُكَّني وَلا تُخَيِّبْ سَعْيي، وَلا يُهوَّنْ عَلَيْكَ ابْتِهالي، (٢) وَلا تَحجُب مِنك َ

__________________

١ - في بعض النسخ: « ونصحت لرسول الله ».

٢ - في البحار: « ولا يهوننّ عليك ابتهالي ».

٢٣

صَوْتي، وَلا تُقَلِّبْني بِغَيْرِ حَوائِجي؛ يا غِياثَ كُلِّ مَكْرُوبٍ وَمَحْزُونٍ، وَيا مُفَرِّجَ عَنِ الْمَلْهُوفِ الْحَيْرانِ الْغَريبِ الْمُشْرِفِ عَلَى الْهَلَكَةِ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وأهل بَيْته الطّاهرين، وَانْظُر اِلَيَّ نَظْرَةً لا أشْقي بَعْدَها أبَداً، وَارْحَمْ تَضَرُّعي وغُرْبَتي وَانْفِرادي، فَقَدْ رَجَوْتُ رِضاكَ وَتَحَرَّيْتُ الْخَيْرَ الَّذي لا يُعْطيهِ أحَدٌ سِواكَ، ولا تَرُدَّ أمَلي » ».

وحدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصَفّار، عن سَلَمة مثله.

٢ - حدّثني محمّد بن الحسن بن أحمد، عن محمّد بن الحسن الصَفّار، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبدالله بن هِلال، عن عُقْبَة(١) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام - في حديثٍ له طويل - « قال: إنّي آتي المساجد الّتي حول المدينة فبأيّها أبدء؟ فقال: ابدء بـ « قُبا » فصَلِّ فيه وأكثر، فإنّه أوّل مسجد صلّى فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذه العَرصة، ثمَّ ائتِ مَشْرَبةَ اُمِّ إبراهيم فصلِّ فيها فإنّه مسكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومُصلّاه، ثمّ تأتي مسجد الفضيخ فصَلِّ فيه ركعتين فقد صلّى فيه نبيُّك، فإذا قضيتَ هذا الجانب فائتِ جانبَ اُحُد فبدءتَ بالمسجد الَّذي دون الحرَّة فصلّيتَ فيه، ثمَّ مَرَرْتَ بقبر حمزة بن عبدالمطّلب فسلّمت عليه، ثمَّ مَرَرْتَ بقبور الشُّهداء فقمت عندهم فقلت:

«السَّلامُ عَليكم يا أهلَ الدِّيارِ، أنتم لَنا فَرَطٌ وإنّا بكم لاحِقونَ »،

ثمّ تأتي المسجد الّذي في المكان الواسط إلى جنب الجبل عن يمينك حتّى تدخل « اُحُد » فتصلّي فيه، فعنده خرج النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى اُحد حيث لقى المشركين فلم يبرحوا حتى حضرت الصّلاة فصلّى فيه، ثمَّ مُرَّ أيضاً حتّى ترجع فصلِّ عند قبور الشّهداء ما كتب الله لك، ثمَّ أمْضِ على وجهك حتّى تأتي مسجد الأحزاب فتصلّي فيه، فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا فيه يوم الأحزاب وقال: «يا صَريخَ المكْروبينَ، ويا مُجيبَ دَعْوَةِ المُضْطَرِّينَ، ويا غِياثَ المَلْهوفينَ، اكشِفْ هَمّي وكَرْبي وغَمّي فقد تَرى حالي وحال أصحابي » ».

__________________

١ - هو عقبة بن خالد الأسديّ، كوفيٌّ، روى عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، له كتاب.

٢٤

الباب السّادس

( فصل إتيان المشاهد بالمدينة وثواب ذلك)

١ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار، عن أبيه، عن جدِّه عليِّ بن مَهزيار، عن الحسن بن سعيد، عن صَفوانَ بن يحيى؛ وابن أبي عُمَير؛ وفضالة بن أيّوب جميعاً، عن معاويةَ بنِ عمّار « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : لا تدع إتيان المشاهد كلّها ومسجد قبا؛ فإنّه المسجد الَّذي اُسّس على التَّقوى من أوَّل يوم، ومَشْرَبَة اُمّ إبراهيم، ومسجد الفَضِيخ وقبور الشُّهداء ومسجد الأحزاب؛ وهو مسجد الفتح، وبلغني أنَّ النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا أتى قبور الشُّهداء قال:

«السَّلامُ عليكم بما صَبَرْتُمْ فنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ »،

وليكن فيما تقول في مسجد الفتح:

«يا صَريخَ المَكرُوبينَ، ويا مجيبَ دَعْوَةِ المُضْطَرِّينَ اكْشِفْ عَنّي غَمّي وَكَرْبي وهَمّي كما كَشَفْتَ عَن نَبيِّكَ هَمَّهُ وغَمّه وكَرْبه، وكَفَيتَه هَوْلَ عدُوِّه في هذا المكان » ».

حدَّثني به محمّد بن يعقوب؛ وعليُّ بن الحسين جميعاً، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عُمَير. وقال محمّدُ بن يعقوبَ: وحدَّثني محمّد بن إسماعيلَ، عن الفَضل بن شاذان، عن صَفوانَ بن يحيى؛ وابن أبي عُمَير، عن مُعاوية بن عمّار قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : - وذكر مثله.

٢ - حدّثني أبي؛ ومحمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ - رحمهما الله -، عن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن إبراهيم بن مَهزيار، عن أخيه عليِّ بن مَهزيار، عن الحسن(١) ، عن عبدالله بن بَحر، عن حَريز - عمّن أخبره - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أتى مسجدي مسجد قُبا فصلّى فيه رَكعتين رجع بعُمْرَة ».

__________________

١ - الظّاهر هو الحسن بن سعيد الأهوازي.

٢٥

٣ - حدَّثني جماعة من مشايخنا، عن عبدالله بن جعفر الحميريّ، عن إبراهيم بن مَهزيار، عن أخيه عليَّ، عن الحسن بن سعيد، عن صَفوانَ بن يحيى؛ وابن - أبي عُمَير؛ وفَضالَة بن أيّوب جميعاً، عن معاوية بن عمّار « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام لابن أبي يَعفور: ولا تدعنَّ إتيان المشاهد كلّها ومسجد قُبا، فإنّه المسجد الّذي اُسّس على التَّقوى مِن أوَّلِ يوم، ومَشْرَبَة اُمّ إبراهيم، ومسجد الفَضيخ، وقبور الشّهداء، ومسجد الأحزاب - وهو مسجد الفتح - ».

٤ - وروي عن بعضهمعليهم‌السلام « قال: إذا كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيّام فأتِمَّ الصَلاة، وكذلك أيضاً بمكّة إن أقمت ثلاثة أيّام فأتِمّ الصّلاة، فإذا كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيّام صمتَ ثلاثة أيّام صمت يوم الأربعاء، وصلِّ ليلة الأربعاء عند اُسطوانة التَّوبة - وهي اُسطوانة أبي لُبابَةَ الّتي كان رَبَط إليها نفسَه حتّى نزل عُذره من السّماء - وتقعد عندها يوم الأربعاء، ثمَّ تأتي ليلة الخميس الّتي تلاها ممّا يلي مقام النَّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فتقعد عندها لَيلَتَك ويومَك وتصوم يوم الخميس، ثمَّ تأتي الاُسطوانة الّتي تلي مقام النّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة الجمعة فتصلِّ عندها لَيلتَك ويومَك وتصوم فيه يوم الجمعة، فإن استطعت أن لا تتكلّم بشيءٍ في هذه الثّلاثة أيّام فافعل إلاّ ما لابدّ لك منه، ولا تخرج من المسجد إلاّ لحاجة ولا تنام في ليل ولا نهار فافعل، فإنّ ذلك ممّا يعد فيه الفضل، ثمّ احمدِ الله في يوم الجمعة وَأثْنِ عليه وصلِّ على النَّبيّ، وسَلْ حاجتَك، وليكن فيما تقول:

«اللّهُمّ ما كانَتْ لي إليكَ مِنْ حاجَةٍ سارَعْتُ أنَا في طَلَبِها وَالْتماسِها أو حاجَةٍ لم أسْرَعْ، سألتُكَها أو لَم أسألْكَها، فإنّي أتَوَجَّهُ إليك بنَبِيِّك محمَّدٍ نَبيِّ الرَّحمةِ في قَضاءِ حَوائجي صَغيرِها وكَبيرِها » ».

٥ - حدّثني جماعة مشايخي، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسن الصّفّار(١) ، عن محمّد بن عبدالله بن هِلال، عن عُقْبَةَ بن خالد « قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام إنّي آتي المساجد الَّتي حَولَ المدينة فبأيّها أبدء؟ قال: ابدء بقُبا فصَلِّ

__________________

١ - كذا، والظّاهر سقط من السَند: « عن محمّد بن الحسين » هنا كما تقدّم تحت رقم ٢.

٢٦

فيه وأكثر، فإنّه أوّل مسجد صلّى فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في هذه العَرْصَة، ثمّ ائت مَشْرَبَة اُمِّ إبراهيمَ فصلِّ فيها فإنَّه مسكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومُصلاّه، ثمَّ تأتي مسجد الفضيخ فتصلّي فيه رَكعتين فقد صلّى فيه نبيّك، فإذا قضيت هذا الجانب فَائْتِ جانب اُحُد فابدَء بالمسجد الَّذي دون الحرَّة فصلّيت فيه ثمَّ مَرَرت بقبر حمزة - والحديث - طويل »(*) .

الباب السابع

( وَداع قبر رسول الله صلى الله عليه وآله)

١ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار، عن أبيه، عن جَدّه عليًّ، عن الحسن بن سعيد، عن صَفوانَ بن يحيى؛ وابن أبي عُمير؛ وفَضالَة، عن معاويةَ بن عمّار « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : إذا أردت أن تخرج من المدينة فاغتسل ثمّ ائتِ قبر النَّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ما تفرغ مِن حوائجك فودِّعْه واصنعْ مثل ما صنعت عند دخولك وقل:

«اللّهمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ العَهْدِ مِن زيارَتي قَبْرَ نَبيِّكَ، فَإنْ تَوَفَّيتَني قَبلَ ذلكَ فَإنّي أشْهَدُ في مَماتي عَلىُ ما أشهدُ عَلَيهِ في حَياتي (١) أنْ لا إلهَ إلاّ أنْتَ وأنّ محمداً عَبدُكَ ورَسولُكَ » ».

٢ - حدّثني جماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى، عن الحسن بن فَضّال، عن يونسَ بنِ يعقوبَ « قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن وَداع قبر رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: تقول: « صلّى اللهُ عَلَيكَ، السَّلامُ عَلَيكَ، لا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ تَسليمي عَلَيَكَ » ».

٣ - وبإسناده، عن الحسن بن عليِّ بن فَضّال « قال: رأيت أبا الحسن(٢) عليه‌السلام - وهو يريد أن يودِّع للخروج إلى العُمْرة - فأتى القبرَ مِن موضع رأس

__________________

١ - في الكافي والتّهذيب: « على ما شَهِدْتُ عليه في حياتي - إلخ ».

٢ - المراد به الرّضا عليه الصّلاة والسّلام. * - تقدّم الخبر بطوله في ص ١٩ تحت رقم ٢.

٢٧

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد المغرب فسلّم على النَّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ولَزِق بالقبر، ثمَّ أتى المنبر ثمَّ انصرف حتّى أتى القبر فقام إلى جانبه فصلّى وألزق مَنْكِبَه الأيسر بالقبر قريباً من الاُسطوانه - الّتي دون الاُسطوانة المخلّفة عِند رأس النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله - فصلّى ستّ رَكعات، أو ثمان ركعات في نَعليه، قال: فكان مقدار رُكوعه وسجوده ثلاث تسبيحات أو أكثر، فلمّا فرغ من ذلك سَجَدَ سِجدةً أطال فيها السّجود حتّى بلّ عَرقُهُ الحَصىُ، قال: وذكر بعض أصحابنا أنّه رأه ألصق خدّه بأرض المسجد ».

الباب الثّامن

( فضل الصَّلاة في مسجد الكوفة ومسجد سَهلة وثواب ذلك)

١ - حدّثني محمّد بن الحسين بن متّ الجوهريّ، عن محمّد بن أحمدَ بن يحيى بن عمرانَ، عن أحمدَ بن الحسن، عن محمّد بن الحسين، عن عليِّ بن الحديد، عن محمّد بن سِنان(١) ، عن عَمرِو بن خالد، عن أبي حمزة الثّماليِّ « أنّ عليَّ بن الحسينعليهما‌السلام أتى مسجد الكوفة عمداً من المدينة(٢) فصلّى فيه رَكعتين، ثمَّ جاء حتّى ركب راحلته وأخذ الطّريق ».

٢ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سَعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيلَ بن بَزيع، عن منصور بن يونسَ، عن سليمانَ مولى طِرْبال؛ وغيره « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : نفقة دِرهم بالكوفة تحسب بماءتـ[ـي] دِرهم فيما سِواه، وركعتان تحسب بمائة ركعة ».

٣ - حدّثني محمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصَّفّار، عن أحمدَ بنِ محمّد، عن الحسن بن عليِّ بن فضّال، عن إبراهيمَ بنِ محمّد، عن الفضل بن زَكريّا، عن نَجم بن حُطَيم، عن ابي جعفر(٣) عليه‌السلام « قال: لو يعلم النّاس ما في

__________________

١ - في التّهذيب: « محمّد بن سليمان ».

٢ - أي كان ذلك أيضاً مقصودهعليه‌السلام ، وإلاّ فالظّاهر أنّه كان المقصد الأصلي زيارة آبائه الطّاهرينعليهم‌السلام . ( قاله العلاّمة المجلسيرحمه‌الله ).

٣ - يعني الباقرعليه‌السلام .

٢٨

مسجد الكوفة لأعدُّوا له الزَّاد والرَّاحِلة من مكان بَعيد، وقال: صلاة فريضة فيه تعدلُ حَجَّة، ونافلة فيه تعدلُ عَمرة ».

٤ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريَ، عن أبيه - عمّن حَدَّثه - عن عبدالرَّحمن بن أبي هاشم، عن داودَ بن فَرْقَد، عن أبي حمزة(١) ، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: صلاة في مسجد الكوفة؛ الفريضة تَعدِلُ حجّة مقبولة، والتّطوُّع فيه تعدلُ عمرة مقبولة ».

٥ - حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن جَبَلَة، عن سَلاّم بن أبي عَمْرَة، عن سعد بن طَريف، عن الأصبغ بن نُباتَةَ، عن عليٍّعليه‌السلام « قال: النّافلة في هذا المسجد تعدل عُمرَة مع النَّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والفريضة فيه تعدلُ حَجّة مع النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد صلّى فيه ألف نبيٍّ وألف وصيٍّ ».

٦ - حدّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصَفّار، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى، عن عَمرو بن عثمان - عمّن حَدّثه - عن هارون بن خارجة « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : أتصلّي الصّلاة كلّها في مسجد الكوفة؟ قلت: لا، قال: أما لو كنتُ بحضرته لَرَجَوتُ أن لا تفوتني فيه صَلاةٌ، قال: وتدري ما فضله؟ قلت: لا، قال: ما مِن عبدٍ صالح ولا نبيٍّ إلاّ وقد صلّى في مسجد الكوفان حتّى أنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا اُسرِي به قال له جبرئيلعليه‌السلام : أتدري أين أنت السّاعة يا محمّد؟ قال: لا، قال: أنت مقابل مسجد كوفان، فقال: استأذن ربَّك حتّى أهبط فاُصلّي فيه، فاستأذن فأذن له فهبط فصلّى فيه رَكعتين، وإنّ الصّلاة المكتوبة فيه تعدلُ بألف صلاة، وإنّ النّافلة فيه تعدل بخمسمائة صلاة، وإنّ مقدّمه لروضةٌ مِن رياض الجنّة، وإنّ ميمنته رَوضةٌ من رياض الجنّة، وإنّ ميسرته روضةٌ من رياض الجنّة، وأنَّ مُؤخّره رَوضةٌ من رياض الجنّة، وإنّ الجلوس فيه بغير صَلاةٍ ولا ذكر لَعِبادةٌ، ولو علم النّاس ما فيه لاُتوه ولو حَبْواً ».

__________________

١ - يعني الثُّمالي ثابت بن دينار، كما صرّح به في البحار.

٢٩

٧ - حدّثني محمّد بن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار، عن أبيه، عن جدِّه عليِّ بن مَهزيار، عن الحسن بن سعيد، عن ظريف بن ناصح، عن خالد القَلانسي(١) « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: صَلاةٌ في مسجد الكوفة ألف صلاة ».

٨ - وبهذا الإسناد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مكّة حرم الله وحرم رسوله وحرم عليٍّ، الصَّلاة فيها بمائة ألف صلاةٍ، والدِّرهم فيها بمائة ألف درهم، والمدينة حَرَم الله وحرم رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله وحرم عليٍّ أمير المؤمنينعليه‌السلام ، الصّلاة فيها في مسجدها بعشرة آلاف صَلاةٍ، والدِّرهم فيها بعشرة آلاف درهم، والكوفة حرم الله وحرم رسوله وحرم أمير المؤمنين عليٍّ - صلوات الله‏ عليهما -، الصَّلاة في مسجدها بألف صلاة ».

٩ - حدّثني محمّد بن الحسين بن متّ الجوهريّ، عن محمّد بن أحمدَ بن يحيى، عن أحمدَ بن محمّد، عن أبي محمّد(٢) ، عن عليِّ بن أسباط - عن بعض أصحابنا - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: حدُّ مسجد السَّهلة الرَّوحاء ».

حدّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن محمّد بن الحسين، عن عليِّ بن أسباط مثله.

١٠ - حدَّثني أخي علي بن محمّد بن قُولوَيه، عن أحمد بن إدريس، عن عمران بن موسى، عن الحسن بن موسى الخَشّاب، عن عليِّ بن حسّان، عن عمّه عبدالرَّحمن بن كثير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سمعته يقول لاُبي حمزة الثّماليّ: يا أبا حمزة هل شهدتَ عمِّي ليلة خرج؟ قال: نعم، قال: فهل صلّى في مسجد سُهَيل؟ قال: وأين مسجد سُهَيل؛ لعلّك تعني مسجد السَّهلة؟! قال: نعم، قال: أما إنّه لو صلّى فيه ركعتين ثمَّ استجار الله لأجارَه سَنَة، فقال له أبو حمزة: بأبي أنت واُمّي هذا مسجد السَّهلة؟ قال: نعم؛ فيه بيت إبراهيمَ الَّذي كان

__________________

١ - هو ابن مادّ - بتشديد الدّال المهملة - القلانسيّ الكوفيّ، روى عن أبي عبدالله وأبي الحسنعليهما‌السلام ، مولى ثقة.

٢ - يعني الحسن بن عليّ بن فضّال.

٣٠

يخرج منه إلى العمالقة؛ وفيه بيت إدريس الّذي كان يخيط فيه، وفيه مناخ الرّاكب، وفيه صخرة خَضراء؛ فيها صورة جميع النَّبيّين، وتحت الصَخرة الطّينة الّتي خلق الله عزَّوجلَّ منها النَّبيّين، وفيها المعراج، وهو الفاروق الأعظم موضع منه، وهو مَمرٌّ النّاس، وهو من كوفان، وفيه يُنفخ في الصّور، وإليه المحشر، يحشر من جانبه سبعون ألفاً يدخلون الجنّة بغير حساب، أولئك الّذين أفلج الله حججهم (١) ، وضاعف نِعَمَهم، فإنّهم المستبقون الفائزون القانتون، يحبّون أن يدرؤوا عن أنفسهم المفَخَر، ويجلون بعدل الله عن لِقائه، وأسرعوا في الطّاعة فعملوا وعلموا أنّ الله بما يعملون بصير، ليس عليهم حساب ولا عذاب، يُذْهِبُ الظِّغْن يُطَهِّر المؤمنين، ومن وسطه سارَ جبلُ الأهواز (٢) وقد أتى عليه زَمان وهو معمور »(٣) .

١١ - حدَّثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن أبي عبدالله محمّد بن أحمدَ الرَّازيّ الجامورانيّ، عن الحسين بن سيف بن عميرة، عن أبيه سَيف، عن أبي بكر الحَضرَميِّ، عن أبي عبدالله؛ أو عن أبي جعفرعليهما‌السلام « قال: قلت له: أيّ بقاع الأرض أفضل بعد حرم الله عزَّوجلَّ وحرم رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال: الكوفة؛ يا أبا بكر هي الزَّكيّة الطّاهرة؛ فيها قبور النَّبيّين المرسلين، وقبور غير المرسلين والأوصياء الصّادقين، وفيها مسجد سُهيل الّذي لم يبعثِ اللهُ نبيّاً إلاّ وقد صلّى

__________________

١ - قال الفيروزآبادي في القاموس: الفَلْج: الظَّفر، والفَوزُ، وأفلَجَهُ: أظْفَره. وأفلج برهانَه: قَوَّمَه وأظْهره.

٢ - في بعض النّسخ وفي البحار: « جبل الأهوان ».

٣ - قوله عليه السلام: « فيه المعراج » لعلّ المراد أنَّ النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لما نزل ليلة المعراج وصلّى في مسجد الكوفة أتى هذا الموضع وعرج منه إلى السّماء، أو المراد أنّ المعراج المعنويّ يحصل فيه للمؤمنين، وقوله: « وهو الفاروق موضع منه » أي المعراج وقع من موضع منه وهو المسمّى بالفاروق، أو المراد أنّ في موضع منه يفرق القائم عليه السلام بين الحقّ والباطل، كما ورد في خبر آخر: أنّ فيها يظهر عدل الله، وقوله: « وهو ممرّ النّاس » أي إلى المحشر. وكان الخبر أكثره سقيماً مصحّفاً، فأثبتناه ما وجدناه. ( البحار ).

٣١

فيه، ومنها يظهر عدل الله، وفيها يكون قائمه والقوّام من بعده، وهي منازل النَّبيّين والأوصياء والصّالحين ».

١٢ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار، عن أبيه، عن جدِّه، عن الحسن بن محبوب، عن حنان بن سدير « قال: كنت عند أبي جعفرعليه‌السلام فدخل عليه رَجلٌ فسلّم وجلس، فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : مِن أيِّ البلاد أنت؟ فقال الرَّجل: أنا مِن أهل الكوفة وأنا لك محبٌّ موالٍ، قال: فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : أتصلّي في مسجد الكوفة كلَّ صَلاتك؟ قال الرَّجل: لا، فقال أبو جعفرعليه‌السلام : إنّك لمحرومٌ من الخير، قال: ثمّ قال أبو جعفرعليه‌السلام : أتغتسل كلَّ يوم من فُراتِكم مَرَّة؟ قال: لا، قال: ففي كلِّ جمعةٍ؟ فقال: لا، قال: ففي كلِّ شهر؟ قال: لا، قال: ففي كلّ سنة؟ قال: لا، فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : إنّك لمحرومٌ من الخير: قال: ثمّ قال: أتزور قبر الحسينعليه‌السلام في كلِّ جمعة؟ قال: لا، قال: ففي كلِّ شهر؟ قال: لا، قال: ففي كلِّ سنة؟ قال: لا، فقال أبو جعفرعليه‌السلام : إنّك لمحرومٌ من الخير ».

١٣ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن عليّ بن مهزيار، عن أبيه، عن جدّه عليِّ بن مهزيار، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن أبي عبيدة الحَذّاء « قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : لا تدع يا أبا عبيدة الصَّلاة في مسجد الكوفة ولو أتيتَه حَبْواً، فإنّ الصَّلاة فيه بسبعين صلاة في غيره من المساجد ».

١٤ - حدّثني أبو عبدالرّحمن محمّد بن أحمد بن الحسين العَسكريّ، عن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار، عن أبيه، عن الحسن بن سعيد، عن محمّد بن سنان « قال: سمعت الرّضاعليه‌السلام يقول: الصَّلاة في مسجد الكوفة فُرادى أفضل من سبعين صلاة في غيره جماعةً ».

١٥ - وعنه، عن الحسن بن عليّ بن مهزيار، عن أبيه، عن الحسن بن سعيد، عن ظريف بن ناصح، عن خالد القلانسي « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: صلاة في مسجد الكوفة ألف صلاة ».

٣٢

١٦ - حدّثني أبي؛ ومحمّد بن عبدالله جميعاً، عن عبدالله بن جعفر الحميريّ، عن إبراهيم بن مَهزيار، عن أخيه عليٍّ، عن الحسن بن سعيد، عن عليِّ بن الحكم، عن فضيل الأعور، عن ليث بن أبي سليم(١) « قال: استقبلته وقد صلّى النّاس العصر، فقال: إنّي لم اُصلِّ الظّهر بعدُ فلا تحبسني وامض راشِداً، قال: قلت: لِمَ أخّرتها إلى السّاعة؟ قال: كانت لي حاجة في السّوق فأخّرت الصّلاة حتّى اُصلّي في المسجد للفضل الَّذي بلغني فيه، قال: فرجعت فقلت: أيّ شيءٍ رُوّيت فيه، قال: أخبرني فلان عن فلان، عن عائِشة، قالت: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: عرج بي إلى السَّماء وإني هبطت إلى الأرض، فأهبطت إلى مسجد أبي نوحعليه‌السلام وأبي إبراهيم وهو مسجد الكوفة فصلّيت فيه رَكعتين، قال: ثمَّ قالت: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الصَّلاة المفروضة فيه تَعدل حجّة مبرورة، والنّافلة تعدل عمرة مبرورة ».

١٧ - حدّثني محمّد بن الحسن بن عليَّ بن مهزيار، عن أبيه، عن جدّه عليِّ بن مهزيار، عن عثمان بن عيسى، عن محمّد بن عجلان، عن مالك بن ضَمرة العَنبريّ « قال: قال لي أمير المؤمنينعليه‌السلام : أتخرج إلى المسجد الّذي في ظهر دارك(٢) تصلَّي فيه؟ فقلت له: يا أمير المؤمنين ذاك مسجد تصلّي فيه النِّساء، فقال لي: يا مالك ذاك مسجد ما أتاه مكروبٌ قط فصلّى فيه فدعا الله إلاّ فرَّج الله عنه وأعطاه حاجته، فقال مالك: فواللهِ ما أتيته ولا صلّيت فيه، فلمّا كان ليلة أصابني أمرٌ اغْتنمتُ منه فذكرت قولَ أمير المؤمنينعليه‌السلام وقُمتُ في اللَّيل وانْتعلتُ فتوضّأتُ وخَرَجتُ فإذا على بابي مصباحُ فمرّ قدَّامي، ومررت حتّى انتهيت إلى المسجد فوقف بين يديّ وكنت اُصلّي فلمّا فرغت انتعلتُ وانصرفتُ فمرَّ قُدَّامي حتّى انتهيت إلى الباب فلمّا أن دخلتُ ذهب فما خرجت ليلة بعد ذلك إلاّ وجدت المصباح على بابي وقضى الله حاجتي ».

__________________

١ - عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصّادقعليه‌السلام .

٢ - أي مسجد السّهلة، كما في المزار الكبير لابن المشهديّ.

٣٣

١٨ - حدّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى قال: حدّثني أبو يوسُف يعقوبُ بن عبدالله من ولد أبي فاطمة، عن إسماعيل بن زيد مولى عبدالله بن يحيى الكاهلي(١) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: جاء رجلٌ إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام - وهو في مسجد الكوفة - فقال: السَّلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فردَّ عليه [السّلام]، فقال: جعلت فداك إنّي أردت المسجد الأقصى فأردت أن اُسلّمَ عليك واُودّعَكَ، فقال: أيّ شيء أردتَ بذلك؟ فقال: الفضل جُعلت فداك، قال: فبِع راحِلَتك، وكُلْ زادك، وصلِّ في هذا المسجد، فإنّ الصّلاة(٢) فيه حجّة مبرورة، والنّافلة عمرة مبرورة، والبركة منه على اثني عشر ميلاً، يمينه يمنٌ، ويسارُه مَكرٌ، وفي وسطه عينٌ من دُهْن وعينُ من لَبن وعينٌ من ماءٍ شراباً للمؤمنين، وعينٌ من ماء طهوراً للمؤمنين، منه سارت سفينة نوح وكان فيه نَسْر ويَغوث ويَعوق(٣) وصلّى فيه سبعون نبيّاً وسبعون وصيّاً أنا أحدهم - وقال بيده في صدره(٤) - ما دعا فيه مكروبٌ بمسألة في حاجة من الحوائج إلاّ أجابه اللهُ وفَرَّج عنه كُربَتَه »(٥) .

__________________

١ - كذا وفي الكافي أيضاً، وفي التهذيب ج ٣ باب فضل المساجد تحت رقم ٩: « عن إسماعيل بن زيد مولى عبدالله بن يحيى الكاهلي، عن عبدالله بن يحيى الكاهليّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام »، ولعلّه سقط من قلم النّاسخ.

٢ - في الكافي والتّهذيب: « فإنّ الصّلاة المكتوبة ».

٣ - قال العلاّمة المجلسيرحمه‌الله : يدلّ على أنّ هذه الأصنام كانت في زمن نوحعليه‌السلام كما ذكره المفسّرون، وذكروا أنّه لمّا كان زمن الطّوفان طَمَّها الطّوفان فلم تزل مدفونة حتّى أخرجها الشّيطان لمشركي العرب، والغرض من ذكر ذلك بيان قدم المسجد إذ لا يصير كونها فيه علّة لشرفه، ولعلّ التّخصيص بالسّبعين ذكر لإعظامهم أو لمن صلّى فيه ظاهراً بحيث اطّلع عليه النّاس. ( المرآة ).

٤ - أي أشار.

٥ - جاء في تاريخ ابن أعثم الكوفيّ نظير هذا الخبر ولفظه. فمن أراد الاطّلاع فليراجع الجزء الثّاني من مجلّد الأوّل ص ٢٢١، طبع دار الكتب العلميّة - بيروت؛ لبنان -.

٣٤

الباب التّاسع

( الدَّلالة على قبر أمير المؤمنين عليه السلام)

١ - حدّثني أبي؛ وأخي؛ وعليُّ بن الحسين؛ ومحمّد بن الحسنرحمهم‌الله جميعاً، عن سعد بن عبدالله بن أبي خلف، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن صفوان الجمّال « قال: كنت وعامِرُ بنُ عبدالله بن جُذاعَةَ الاُزديّ عند أبي عبداللهعليه‌السلام فقال له عامر: إنّ النّاس يزعمون أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام دفن بالرُّحْبَة(١) فقال: لا، قال: فأين دُفِنَ؟ قال: إنّه لمّا ماتَ حمله الحسنعليه‌السلام فأتى به ظَهرَ الكوفة قريباً من النَّجف يُسْرة عن الغَرِيّ، يمنةً عن الحيرة، فدفنه بين ذكوات بيض، قال(٢) : فلمّا كان بعد ذهبت إلى الموضع فتوهّمت موضعاً منه، ثُمَّ أتيته فأخبرته فقال: أصبتَ أصبتَ أصبتَ - ثلاث مرّات - رَحِمَكَ الله ».

٢ - حدّثني محمّد بن الحسن(٣) ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن أبي عُمَير، عن الحسين [بن] الخلاّل ( كذا )، عن جدّه « قال: قلت للحسين بن عليٍّ - صلوات الله عليهما -: أين دفنتم أمير المؤمنينعليه‌السلام ؟ قال: خرجنا به ليلاً حتّى مررنا على مسجد الاُشعث، حتى خرجنا إلى ظهر ناحية الغَريّ ».

٣ - حدَّثني جماعة مشايخي، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن

__________________

١ - الرّحبة - بضمّ أوّله، وسكون ثانيه، وباء موحّدة -: قرية بحذاء القادسية على مرحلة من الكوفة على يسار الحُجّاج إذا أرادوا مكّة ( معجم البلدان ).

٢ - القائل هو صفوان بن مِهران الجمّال.

٣ - يعني ابن الوليد، وهو من مشائخ ابن قولويه - رحمهما الله -.

٣٥

ابن أبي عُمَير، عن القاسم بن محمّد، عن عبدالله بن سِنان « قال: أتاني عُمَرْ بن يزيد فقال لي: اركب، فركبتُ معه فمضينا حتّى نزلنا منزل حفص الكُناسيِّ فاستخرجه فركب معنا فمضينا حتّى أتينا الغَريّ فانتهينا إلى قبر فقال: انزلوا؛ هذا القبر قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام فقلنا له: مِن أين عَرَفت هذا؟ قال: أتيته مع أبي عبداللهعليه‌السلام حيث كان في الحيرة غير مرَّة وخبرني أنّه قبره ».

٤ - حدّثني أبي؛ ومحمّد بن يعقوب؛ عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن يحيى بن زكريّا، عن يزيد بن عُمَر بن طلْحَةَ « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام - وهو بالحَيرة -: أما تريد ما وعَدْتُكَ؟ قال: قلت: بلى - يعني الذّهاب إلى قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام -، قال: فركب ورَكب إسماعيل ابنه معه ورَكبت معهما حتّى إذا جاز الثّوِيَّة(١) وكان بين الحَيرة والنَّجف عند ذكوات بيض(٢) نزل ونزل إسماعيل ونزلتُ معهم فصلّىس إسماعيل وصلّيتُ، فقال لإسماعيل: قُمْ فسلّم على جَدّك الحسين بن عليعليهما‌السلام ، فقلت: جُعلت فداك أليس الحسينعليه‌السلام بكربلاء، فقال: نَعَم؛ ولكن لمّا حُمل رأسه إلى الشّام سَرَقه مولى لنا فدفنه بجنب أمير المؤمنينعليه‌السلام ».

٥ - حدّثني أبي؛ ومحمّد بن الحسن جميعاً، عن الحسن بن مِتّيل، [و] عن سَهل بن زياد، عن إبراهيمَ بنِ عقُبَةَ، عن الحسن الخزّاز الوشّاء، عن أبي الفَرَج، عن أبان بن تَغلِب « قال: كنت مع أبي عبداللهعليه‌السلام فمرَّ بظهر الكوفة فنزل وصلّى ركعتين ثمَّ تقدَّم قليلاً فصلّى رَكعتين، ثمَّ سار قليلاً فنزل فصلّى رَكعتين، ثمَّ قال: هذا موضع قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قلت: جعلت فِداك فما الموضعين اللَّذين صلّيت فيهما؟ قال: موضع رأس الحسينعليه‌السلام ، وموضع منبر القائمعليه‌السلام ».

٦ - حدِّثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن عليِّ بن أسباط - رفعه - « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : إنّك إذا أتيت الغَريَّ رأيت

__________________

١ - موضع بقرب الكوفة.

٢ - هي الحصيات الّتي يقال لها: درّ النّجف تشبيهاً لها بالحمرة المتوقّدة.

٣٦

قبرين: قبراً كبيراً وقبراً صغيراً، فأمّا الكبير فقبر أمير المؤمنين، وأمّا الصّغير فرأس الحسين بن عليِّعليهما‌السلام ».

٧ - وحدَّثني محمّد بن عبدالله(١) ، عن محمّد بن أبي عبدالله الكوفيِّ، عن موسى بن عِمرانَ النّخعيِّ، عن الحسين بن يزيد قال: حدَّثنا صَفْوانُ بنُ مِهرانَ، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام « قال: سار - وأنا معه - من القادسيّة حتّى أشرف على النّجف، فقال: هو الجبل الَّذي اعتصم به ابن جَدِّي نوحعليه‌السلام ، فقال: «سَآوِي إلى جَبَلٍ يَعْصِمُني مِنَ الماءِ (٢) » فأوحى الله تبارَك وتعالى إليه: يا نجف أيعتصم بك منّي؟! فغاب في الاُرض وتقطّع إلى قطر الشّام(٣) ، ثمَّ قال: اعدل بنا؛ فعدلتُ فلم يزل سائراً حتّى اتى الغَريّ فوقف على القبر، فساق السَّلامَ مِن آدم على نبيٍّ ونبيٍّعليهم‌السلام، وأن أسوق معه حتّى وصل السَّلام إلى النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمَّ خَرَّ على القبر فسلّم عليه وعَلا نحيبَه(٤) ، ثمّ قام فصلّى أربع رَكعات وصلّيت معه، وقلت: ياابن رسول الله ما هذا القبر، فقال: هذا قبر جدِّي عليِّ بن أبي طالبعليه‌السلام ».

٨ - حدَّثني محمّد بن أحمد بن عليِّ بن يعقوب(٥) ، عن عليِّ بن الحسن بن عليِّ بن فضّال، عن أبيه ( كذا )، عن الحسن بن الجَهْم بن بُكَير « قال: ذكرت لاُبي الحسنعليه‌السلام يحيى بن موسى وتعرّضه لمن يأتي قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام وأنّه كان ينزل موضعاً كان يقال به: الثّوية يتنزّه إليه، ألا وقبر أمير المؤمنينعليه‌السلام فوق ذلك قليلاً، وهو الموضع الَّذي روى صَفوانُ الجمّال أنَّ ابا عبدالله وصفه له، قال له فيما ذكر: إذا انتهيت إلى الغَريّ ظهر الكوفة فاجعله خلف ظَهرِك وتوجّه على نحو النَّجف، وتيامن قليلاً، فإذا انتهيت إلى الذَّكوات البيض والثّنيّة أمامه فذلك قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وأنا أتيته كثيراً. ومِن أصحابنا مَن لا يرى ذلك

__________________

١ - الظّاهر هو الحميريّ.

٢ - هود: ٤٣.

٣ - في بعض النسخ: « تقطّع إلى قبل الشّام »، وفي المتن مثل ما في البحار. وفي اللغة: قُطر الشّام ونحوها: الاُقليم الواقعة فيه.

٤ - النَّحيب: رفع الصّوت بالبكاء. ( الصّحاح ).

٥ - هو أبو عبدالله محمّد بن أحمد بن يعقوب بن إسحاق بن عمّار، الّذي هو مذكور من مشايخ المؤلّف. كما يأتي في ص ١٩٩ تحت رقم ١٠.

٣٧

ويقول: هو في المسجد، وبعضهم يقول: هو في القَصر، فأردّ عليهم أنّ اللهَ لَم يكن ليجعل قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام في القَصر في مَنازل الظّالمين، ولم يكن يُدْفَنُ في المسجد وهم يريدون سَتره، فأيّنا أصوب (١) ؟ قال: أنت أصوب منهم، أخذتَ بقول جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، قال: ثمَّ قال لي: يا أبا محمّد ما أرى أحداً من أصحابنا يقول بقولِك، ولا يذهب مَذهَبَك، فقلت له: جعلت فِداك أما ذلك شيءٌ مِن الله؟ قال: أجل؛ إنّ الله يوفّق مَن يشاء ويؤمن عليه، فقل ذلك بتوفيق الله وَاحْمَدُه عليه ».

وحدّثني به محمّد بن الحسن؛ ومحمّد بن أحمد بن الحسين جميعاً، عن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار، عن أبيه عليٍّ، عن الحسن بن عليِّ بن فضّال، عن الحسن بن الجهم بن بُكَير قال: ذكرت لأبي الحسنعليه‌السلام - وذكر الحديث بطوله -.

٩ - حدَّثني محمّد بن الحسن؛ ومحمّد بن أحمدَ بن الحسين جميعاً، عن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار، عن أبيه عليّ بن مَهزيار قال: حدّثني عليُّ بن أحمدَ بن أشْيَم [عن رجل] عن يونسَ بن ظَبْيان « قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام بالحيرة أيّام مَقْدَمِه على أبي جعفر في ليلة صحيانة مُقمرة، قال: فنظر إلى السّماء فقال: يا يونس أما ترى هذه الكواكب ما أحسنها، أما إنّها أمانٌ لأهل السَّماء ونحن أمانٌ لأهل الاُرض، ثمَّ قال: يا يونس فمرّ بإسراج البَغل والحِمار، فلمّا أُسرجا قال: يا يونس أيّهما أحبُّ إليك؛ البَغل أو الحِمار؟ قال: فظننت أنَّ البغل أحبُّ إليه لقوَّته، فقلت: الحِمار، فقال: اُحبّ أن تؤثرني به، قلت: قد فعلتُ، فركب ورَكبت، ولمّا خرجنا مِنَ الحِيرة قال: تقدَّم يا يونس، قال: فأقبل يقول: تَيامَن تَياسَر، فلمّا انتهينا إلى الذّكوات الحمر قال: هو المكان، قلت: نَعَم فتيامن ثمَّ قصد إلى موضع فيه ماءٌ وعَينٌ فتوضّأ ثمَّ دنا من أكَمَة فصلّى عندها، ثمَّ مالَ عليها وبكىُ، ثمَّ مال إلى أكمَةٍ دونها ففعل مثل ذلك، ثمَّ قال: يا يونس افعل مثلَ ما فعلتُ، ففَعَلْتُ ذلك فلمّا تفرّغت قال لي: يا يونس تعرف هذا المكان؟ فقلت:

__________________

١ - إلى هنا قول الحسن بن الجهم. والمسؤول مشترك بين الكاظم والرّضاعليهما‌السلام .

٣٨

لا، فقال: الموضع الّذي صلّيت عنده أوّلاً هو قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والأكَمَة الاُخرى رأس الحسين بن عليِّ بن أبي طالبعليهما‌السلام ، إنّ الملعون عبيدالله بن زياد - لعنه الله - لمّا بعث رأس الحسينعليه‌السلام إلى الشّام رُدّ إلى الكوفة، فقال: أخرجوه عنها لا يُفتننّ به أهلها، فصيّره الله عند أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فالرَّأس مع الجسد (١) والجسد مع الرَّاس ».

١٠ - حدّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب الزَّيّات، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن جَرير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّي لمّا كنتُ بالحيرة عند أبي العبّاس كنتُ أتي قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام ليلاً وهو بناحية النّجف إلى جانب الغَريّ النّعمان، فاُصلّي عنده صلاة اللّيل وانصرف قبل الفجر ».

١١ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن الحَجّال(٢) ، عن صَفوانَ بن مِهرانَ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سألته عن موضع قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال: فوصف لي موضعه حيث دكادك الميل(٣) قال: فأتيته فصلّيت عنده ثمَّ عُدْتُ إلى أبي عبداللهعليه‌السلام مِن قابل فأخبرته بذهابي وصَلاتي عنده، فقال: أصبت، فمكثتُ عشرين سنة اُصلّي عنده ».

١٢ - حدَّثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن أحمدَ بن محمّد بن أبي نصر « قال: سألت الرّضاعليه‌السلام فقلت: أين موضع قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام ؟ فقال: الغَريّ، فقلت له: جعلت فداك إنّ بعض الناس يقولون: دفن في الرُّحْبَة، قال: لا، ولكن بعض النّاس يقول: دفن بالمسجد ».

__________________

١ - أي بعد ما دفن الرّاس هنا ألحقه الله بالجسد، وإنما يزار ويصلى‌الله‌عليه‌وآله ههنا لكونه محلاً للرّأس المقدّس. ( البحار ).

٢ - يعني عبدالله بن محمّد الكوفيّ، ثقة ثبت، وهو من أصحاب الرّضاعليه‌السلام .

٣ - الدَّكْدَك - ويكسر - من الرّمل: ما تَكَبَّس واسْتَوى، أو ما الْتَبد منه بالأرض، أو هي أرض فيه غِلَظٌ، والجمع دكادك ودكاديك. ( القاموس ) وقال في البحار: ولا يبعد أن يكون الميل تصحيف الرّمل وهذا يؤيّد كون « الذّكوات » في نسخة مصحّف « الدّكاوات ».

٣٩

الباب العاشر

( ثواب زيارة أمير المؤمنين عليه السلام)

١ - حدّثني أبي؛ ومحمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى العطّار، عن حَمدانَ بن سليمان النّيسابوريّ، عن عبدالله بن محمّد اليمانيّ، عن مَنيع بن الحجّاج، عن يونس، عن أبي وهب البصريّ « قال: دخلت المدينة فأتيت أبا عبداللهعليه‌السلام فقلت: جعلت فداك أتيتك ولم أزر قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال: بئس ما صنعت، لولا أنّك من شيعتنا ما نظرت إليك، ألا تزور مَن يزوره الله تعالى مع الملائكة ويزوره الأنبياء ويزوره المؤمنون(١) ؟ قلت: جعلت فداك ما علمت ذلك، قال: فاعلم أنَّ أمير المؤمنينعليه‌السلام أفضل عند الله من الأئمّة كلِّهم وله ثوابُ أعمالهم وعلى قدر أعمالهم فضّلوا ».

٢ - حدَّثني محمّد بن يعقوبَ، عن أبي علي ِّ الاُشعريّ - عمّن ذكره - عن محمّد بن سِنان. وحدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميري ّ، عن أبيه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب قال: حدّثني ابن سنان(٢) قال: حدَّثني المفضّل بن عُمَرَ « قال: دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام فقلت: إني أشتاق إلى الغري، قال: فما شوقك إليه؟ قلت له: إنّي اُحبُّ أمير المؤمنينعليه‌السلام واُحبُّ أن أزورَه، قال: فهل تعرف فضل زيارته؟ قلت: لا يا ابن رسول الله؛ فعَرِّفني ذلك، قال: إذا أردت زيارة أمير المؤمنينعليه‌السلام فاعلم أنّك زائر عظامِ آدم، وبدنِ نوح، وجسمِ عليِّ بن أبي طالبعليهم‌السلام، قلت: إنَّ آدم هبط بسَرَنديب في مطلع الشَّمس وزعموا أنّ عظامه في بيت الله الحرام فكيف صارت عِظامه بالكوفة؟ قال: إنَّ الله تبارك وتعالى أوحى إلى نوحعليه‌السلام وهو في السّفينة أن يطوف بالبيت اُسبوعاً،

__________________

١ - في بعض النّسخ: « يزوره الأنبياء مع المؤمنين ». ولقولهعليه‌السلام : « يزوره الله تعالى » بيان، راجع الباب ٣٨ ص ١٢٢ ذيل الخبر الرّابع.

٢ - يعني محمّد بن سنان.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

فطرة القرآن عن العقل

ذكرنا في الفصل السابق موجَزاً عن أَلْسِنَة القرآن ، وذكرنا أنّ القرآن استعان بلسانَين لإبلاغ رسالته وهما :

الاستدلال المنطقي ، والإحساس.ولكلّ هذين اللسانَين مخاطب خاص به ، فمخاطب الأوّل العقل ، ومخاطب الثاني القلب.

وفي هذا الفصل نريد أنْ نبحث عن وجهة نظر القرآن حول العقل.

يجب أنْ نرى أنّ العقل سند من وجهة نظر القرآن أمْ لا ؟ وبتعبير علماء الفقه والأصول هل العقل حجّة أَمْ لا ؟ وهذا يعني أنّه إذا حصلنا على حكم واقعي صحيح من العقل ، هل يجب على البشر أنْ تحترم هذا الحكم ويعمل وفقاً له أم لا ؟ وإذا عمل بناء عليه ، وارتكب الخطأ في بعض الموارد ، هل يعذره الله ، أم يعاقبه عليه ؟

٦١

ولو لم يعمل هل يجازيه الله على أساس أنّه لم يتبع حكم عقله ، أَمْ لا ؟

دلائل حجِّيَّة العقل

إنّ موضوع حجِّيَّة العقل من وجهة نظر الإسلام ثابت في مقامه ‎ ، ولم يتردّد علماء الإسلام من الابتداء إلى الآن - باستثناء قليل منهم - في سَنَدِيَّة العقل ، واعتبروه أحد المصادر الأربعة ( الأصليّة ) في الفقه.

١ - الدعوة إلى التعقّل من قِبل القرآن :

بما أنّنا نبحث حول القرآن ، علينا أنْ نستخرج دلائل حجِّيّة العقل من القرآن نفسه.

لقد صادق القرآن من جهات مختلفة وأكد - خاصّة على الجهات المختلفة - على حجِّيّة العقل.وقد أشير إلى مورد واحد فقط من ستّين إلى سبعين آية من القرآن إلى هذه المسألة ، وهي : إنّنا عرضنا هذا الموضوع لتعقلوا ( ويتدبّروا ) فيه.

* وعلى سبيل المثال أذكر نموذجاً لإحدى التعابير العجيبة للقرآن ، يقول القرآن :

( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ

٦٢

الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ ) ( سورة الأنفال : آية : ٢٢ ).

وأوضح أنّ غرض القرآن من الصمّ والبكم ليس الصمّ والبكم العضوي ، بل الغرض منهما هم الأشخاص الذين لا يريدون أنْ يستمعوا الحقيقة ، أو أنّهم يسمعونها ولا يعترفون بألسنتهم.

فالأُذن التي تعجز عن سماع الحقائق وتستعد فقط لسماع المهملات والأراجيف ، إنّ هذه الأذن صمّاء من وجهة نظر القرآن.

واللسان الذي يستخدم فقط في بثّ الأراجيف ، يعتبر لساناً أَبْكَمَاً حسب رأي القرآن.

( لا يعقلون ) : هم الذين لا ينتفعون من أفكارهم ، يعتبر القرآن مثل هؤلاء الأشخاص الذين لا يحقّ أن يطلق عليهم اسم ( الإنسان ) بالحيوانات ، ويخاطبهم بالبهائم.

* وفي آية أخرى ‎ ، يبحث ضمن عرض مسألة

٦٣

توحيديّة ، حول ( التوحيد الأفعالي والتوحيد الفاعلي ) ، بقوله :

( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ... ) ( سورة يونس : آية : ١٠٠ ).

وبعد عرض هذه المسألة الغامضة التي لا يستطيع كلُّ عقل أنْ يدركها ويتحمّلها ، وأنّها تهزّ الإنسان حقيقة ، تقول الآية :( ... وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ ) ( تتمّة نفس الآية السابقة ).

في هاتَين الآيتَين اللَتين ذكرتهما بعنوان المثال ، يدعو القرآن إلى التعقّل بالدلالة المطابقيّة كما في اصطلاح المنطقيّين.

* وهناك آيات كثيرة أخرى يصادق القرآن على حجِّيَّة العقل فيها بالدلالة الالتزاميّة -إذا دلّ وجود أمر على أمر آخر ، تُطلق عليه اسم الدلالة - وللدلالة أنواع :

-الدلالة المطابقيّة : أي أنْ يدلّ اللفظ على تمام معناه ، مثل أنْ نقول : سيّارة ، ونقصد جميع أجزائها.

-الدلالة التضمّنيّة : أي أنْ يدلّ اللفظ على جزء من معناه ، مثل أنْ نقول : هنا توجد السيارة ، ونفهم منها أنّ ماكنة السيّارة موجودة أيضاً.

-الدلالة الالتزاميّة : حيث يدلّ اللفظ فيها على موضوع غير معناه ( الظاهري ) مثل : أنْ نسمع اسم ( حاتم ) ويخطر على بالنا ( الجود والسخاء ).

٦٤

وبعبارة أخرى : يقول أقوالاً لا يمكن أبداً قبولها ، إلاّ بعد قبول حجِّيَّة العقل ، مثلاً يطلب من الخصم استدلالاً عقليّاً :

( ... قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ... ) ( سورة البقرة : آية : ١١١ ).

يريد أنْ يوضّح بالدلالة الالتزاميّة هذه الحقيقة ، وهي :

أنّ العقل حجّة وسند ، أو أنّه يرتّب قياساً منطقيّاً لإثبات وحدة واجب الوجود ، بقوله :( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا... ) ( س-ورة الأنبياء : آية : ٢٢ ) ، هنا يُرتِّب القرآن قضيّة شرطيّة ، يستثني فيها المقدّم ولا يذكر التالي.

وقع كلّ هذا التأكيد على العقل ، يريد القرآن أنْ يبطل ادّعاء بعض الأديان التي تقول بأنّ الإيمان أجنبي عن العقل ، ولا بدّ لِمَن يريد الإيمان أنْ يعطّل فكره ويشغل قلبه فقط ؛ لكي ينفذ فيه نور الله.

٢ - الاستفادة من نظام العلّة والمعلول :

الدليل الآخر الذي يثبت أنّ القرآن يعتقد بأصالة

٦٥

العقل هو أنّه يذكر المسائل في علاقاتها العلِّيَّة والمعلوليّة.إنّ علاقة العلّة والمعلول وأصل العلِّيَّة أساس للتفكّرات العقليّة ، والقرآن يحترمها ويستعملها.

وبالرغم من أنّ القرآن يتكلّم باسم الله ، والله هو الخالق لنظام العلّة والمعلول ، وبالطبع فإنّ الحديث يدور حول ما وراء الطبيعة ، ويعتبر نظام العلّة دونها ، بالرغم من كلّ ذلك لا ينسى القرآن هذا الموضوع ، وهو أنْ يذكر شيئاً عن نظام السبب والمسبَّب في العالَم ، ويعتبر الحوادث والوقائع مقهورة لهذا النظام.

وعلى سبيل المثال لا حظوا هذه الآية التي تقول :

( ... إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ... ) ( سورة الرعد : آية : ١١ ).يريد أنْ يقول بأنّه : لا ش--كّ أنّ كلّ المصائر بإرادة الله ، ولكنّ الله لم يفرض المصير على البشر من ما وراء اختيار البشر وإرادتهم وأعمالهم ، ولا يعمل عملاً عبثاً ، بل إنّ للمصائر نظاماً أيضاً ، وإنّ الله لا يُغيِّر مصير أيّ مجتمع عبثاً ، وبدون وجه ، إلاّ أنْ يُغيِّروا بأنفسهم

٦٦

فيما يرتبط بهم ، مثل الأنظمة الأخلاقيّة والاجتماعيّة وكل ما يتعلّق بواجباتهم الفرديّة.

ومن طرف آخر يرغّب القرآنُ المسلمين بمطالعة أحوال وأخبار الأمم السالفة ؛ لكي يعتبروا منها.وطبيعي أنّه لو كانت قصص الأقوام والأمم والأنظمة على أساس عبث أو كانت مصادفة ، ولو كانت المصائر تُفرض من الأعلى إلى الأسفل ، فلم يكن هناك معنى للمطالعة وأخذ العبرة.

يريد القرآن بهذا التأكيد أنْ يذكر بأنّ هناك أنظمة موحّدة تحكم مصائر الأمم ، وبهذا الترتيب لو تشابهتْ ظروف مجتمعٍ ما مع ظروف مجتمع آخر ، فإنّ مصير ذلك المجتمع يكون في انتظار المجتمع الآخر.

يقول في آية أخرى :( فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ... *... يَسْمَعُونَ بِهَا... ) ( سورة الحج : آية : ٤٥ - ٤٦ ).

٦٧

إنّ قبول الأنظمة بالدلالة الالتزاميّة ، في كلّ هذه المواضيع ، يؤيّد نظام العلِّيَّة وقبول العلاقة العلِّيَّة يعني قبول حجِّيَّة العقل.

٣ - فلسفة الأحكام :

من الدلائل الأخرى لحجِّيَّة العقل - من وجهة نظر القرآن - هو أنّ القرآن يذكر فلسفة للأحكام والقوانين ، ويعني هذا الأمر : أنّ الحكم الصادر معلول لهذه المصلحة.

يقول علماء الأصول :

بأنّ المصالح والمفاسد تقع في مجموعة علل الأحكام ، مثلاً يقول القرآن في آية :( أَقِيمُوا الصَّلاَةَ... ) ، وفي آية أخرى يذكر فلسفتها :( ... الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ... ) ( سورة العنكبوت : آية : ٤٥ ).

يذكر الأثر الروحي للصلاة ، وأنّها كيف ترفع الإنسان ، وبسبب هذا الاعتلاء ينزجر الإنسان وينصرف عن الفواحش والآثام.

٦٨

وعندما يذكر القرآن الصوم ويأمر به ، يُتْبِع ذلك بقوله :( ... كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُُ... لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ( سورة البقرة : آية : ١٨٣ ).

وهكذا في سائر الأحكام ، مثل : الزكاة ، والجهاد ، و..... ، حيث يوضّح في كلٍّ منها من الناحيتَين الفرديّة والاجتماعيّة.

وبهذا الترتيب :

فإنّ القرآن يمنح الأحكام السماويّة جانباً دنيويّاً وأرضيّاً ، بالرغم من أنّها ما ورائيّة ( ما وراء الطبيعة ) ، ويطلب من الإنسان أنْ يتدبّر فيها ليتّضح له واقع الأمر ، ولا يتصوّر أنّ هذه الأحكام مجرّد مجموعة من رموز تفوق فكر الإنسان.

٤ - النضال مع انحرافات العقل :

والدليل الآخر الذي يدلّ على أصالة العقل لدى القرآن - وأوضح من الدلائل السابقة - هو نضال القرآن مع أعداء العقل.

لتوضيح هذا الموضوع لا بدّ من ذكر مقدّمة :

٦٩

يتعرّض فكر الإنسان وعقله إلى الخطأ في كثير من الموارد - هذا الموضوع شائع ورائج عندنا جميعاً - ولا ينحصر ذلك بالعقل ، بل إنّ الحواس والأحاسيس ترتكب الخطأ أيضاً ، فمثلاً ذكروا عشرات الأخطاء لحاسّة البصر.

وبالنسبة للعقل ، ففي كثير من الأحيان يرتب الإنسان استدلالاً ، ويحصل على نتيجة بناءً عليه ، وبعد ذلك يرى أحياناً أنّ الاستدلال كان خطأ من الأساس.

وهنا يطرح هذا السؤال نفسه : هل يجب تعطيل القوّة الفكريّة بسبب بعض الأعمال الخاطئة للعقل ؟

وفي جواب هذا السؤال : كان السفسطائيّون يقولون بعدم جواز الاعتماد على العقل ، وأنّ الاستدلال أساساً على عبث.

وفي هذا المجال : ردّ الفلاسفة على أهل السفسطة ردوداً قويّة ، ومن ضمنها : أنّ سائر الحواس أيضاً تُخطئ مثل العقل ، ولكنّ أحداً لم يحكم بعدم الاستفادة منها.

وبما أنّ ترك العقل غير ممكن ؛ لذلك اضطرّ المتفكّرون

٧٠

أنْ يعزموا على إيجاد حل لسدّ طرق الخطأ.

وفي البحث حول هذا الموضوع لاحظوا أنّ كلّ استدلال ينقسم إلى قسمين : المادّة والصورة ، تماماً مثل بناء استُخدم فيه مواد البناء ، كالإسمنت والحديد والجص ( المادّة ) وأتّخذ في النهاية شكلاً خاصّاً ( الصورة ) ، ولكي يكون البناء محكماً جيّداً من كلّ النواحي ، لا بدّ من استخدام مواد مناسبة في بنائه ، ولا بدّ أنْ تكون خارطته صحيحة دون نقص.

وفي الاستدلال أيضاً لا بدّ أنْ تكون مادّته وصورته صحيحتَين.

وللبحث والتحقيق حول صورة الاستدلال ، وُجد المنطق الأرسطي أو المنطق الصوري.وكان واجب المنطق الصوري أنْ يعيّن صحّة أو عدم صحّة صورة الاستدلال ، وأنْ يساعد العقل ؛ كي لا يتعرّض للخطأ في صورة الاستدلال ( من الأخطاء التي تعرّض لها العلم منذ عدّة قرون ، وأصبح منشأ فهم خاطئ للكثير ، هو تصوّر البعض بأنّ وظيفة منطق أرسطو هي تعيين صحّة أو عدم صحّة مادّة الاستدلال أيضاً ، وبما أنّ منطق أرسطو لم يستطع ذلك ، حكموا بعدم فائدة اللجوء إليه.ومع الأسف ، فإنّ هذا الخطأ يتكرّر كثيراً في عصرنا أيضاً ، ولا شكّ أنّ هذا الأمر دليل على أنّ هؤلاء ليس لهم معرفة صحيحة عن المنطق الأرسطي ولم يفهموه.

وإذا أردنا أنْ نستفيد من نفس مثال المبنى ، فعلينا أنْ نقول : بأنّ وظيفة منطق أرسطو في تعيين صحّة الاستدلال ، تشبه تماماً الشاقول في تعيين استقامة الجدار ، بالاستعانة بالشاقول لا يمكن معرفة مواد البناء المستخدمة في الجدران هل أنّها من نوع ممتاز أَمْ لا ؟ فمنطق أرسطو الذي تكامل أخيراً بواسطة سائر العلماء وأصبح غنيّاً جدّاً ، يحكم فقط في صورة الاستدلال ، وأمّا بالنسبة لمادّة الاستدلال ، فإنّه ساكت نَفْياً وإثْباتاً ، ولا يستطيع أنْ يقول شيئاً ).

٧١

ولكنّ الأمر الهام هو :

عدم كفاية المنطق الصوري في تضمين صحّة الاستدلال ، يستطيع هذا المنطق تضمين جهة واحدة فقط ، ولحصول الاطمئنان في صحّة مادّة الاستدلال ، علينا أنْ نستخدم المنطق المادّي أيضاً.أي إنّنا نحتاج إلى معيار نقيس بمعونته كيفيّة المواد الفكريّة.

حاول علماء مثل( بيكن ) و( ديكارت ) أنْ يؤسِّسوا منطقاً لمادّة الاستدلال يشبه المنطق الذي وضعه أرسطو لصورة الاستدلال ، واستطاعوا أنْ يعينوا بعض المعايير في هذا المجال إلى حدٍّ ما ، لو أنّها لم تكن مثل منطق أرسطو

٧٢

من الناحية الكلِّيَّة ، ولكنّها استطاعتْ أنْ تساعد الإنسان - إلى حدٍّ ما - لمنعه من الخطأ في الاستدلال ، غير إنّكم ربّما تعجَّبْتُم إذا علمتم أنّ القرآن عرض أموراً لمنع الخطأ في الاستدلال لها فضل التقدّم وتقدّم الفضل على تحقيقات أمثال( ديكارت ) .

مواطن الخطأ من وِجهة نظر القرآن

* من مواطن الخطأ التي يذكرها القرآن :

اتخاذ الإنسان الظن بدل اليقين ( وهذه هي القاعدة الأولى لديكارت أيضاً.يقول : إنّه لنْ يقبل بعدئذٍ أيّ موضوع ، إلاّ أنْ يبحث ويحقّق فيه مقدّماً ، ولو وجدتُ احتمالاً واحداً للخلاف في مئة احتمال ، فلنْ أستفيد منه وأطرحه جانباً.وهذا هو المعنى الصحيح لليقين ).

لو قيّد الإنسان نفسه ليتّبع اليقين في جميع المسائل ، ولنْ يقبل الظن بدل اليقين ، فلنْ يُخطئ أبد.( لا بدّ من ملاحظة : أنّه في الأمور الظنِّيَّة والاحتماليّة ، وفي الموارد التي لا يمكن الحصول على اليقين ، يجب الأخذ بنفس ذلك الظن أو الاحتمال.ولكن يجب قبول الظن والاحتمال بدل الاحتمال ، ولا يمكن الأخذ بالظن والاحتمال بدل اليقين.هذا المورد الثاني الذي يدعو إلى الخطأ).

٧٣

* لقد أكّد القرآن كثيراً حول هذا الموضوع ، وقد صرّح في إحدى الآيات أنّ أكبر خطأ للفكر البشري هو اتّباع الظن :

وفي مقام آخر يخاطِب الرسولَصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ ) ( سورة الأنعام : آية : ١١٦ ).

ويقول في آية أخرى :( وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ... ) ( سورة الإسراء : آية : ٣٦ ).

إنّها أوّل ذكرى للبشر طوال التاريخ الفكري ، ذكرها له القرآن ونهى البشر عن مثل هذه الأخطاء.

* الموطن الثاني للخطأ في مادّة الاستدلال - وخاصّة في المسائل الاجتماعيّة - هو مسألة التقليد :

يعتقد كثير من الناس بالأمور التي يعتقدها المجتمع ، أي أنّ الموضوع الذي يتقبّله المجتمع ، أو تقبله الأجيالُ السالفة ، يقبلونه بدليل أنّ الأجيال السالفة قد رضيتْ وآمنت به ، ( يوجد هذا الأمر في أحد أقوال ( بيكن ) وعندما يعرف أحد الأصنام التي يتحدّث عنها بالصنم الاجتماعي أو الصنم العُرفي ، فإنّ غرضه هذا التقليد الأعمى ).

٧٤

إلاّ أنّ القرآن يدعونا لكي نقيس كلّ مسألة بمعيار العقل ، لا يَعتبر بما صنعه الأجداد الأقدمون ، أو أنْ نتركها تماماً.

فكم من أمور كانت معتبرة في الماضي مع أنّها خاطئة ولكنّ الناس قبلوها ، وكم من أمور صحيحة في الأزمنة البعيدة ولكنّ الناس امتنعوا عن الاعتراف بها بسبب جَهْلهم.

في قبول هذه المسألة لا بدّ من الاستعانة بالعقل والفكر ، وعدم اتّباع التقليد الأعمى.القرآن يقابل كثيراً بين اتّباع الآباء والأجداد وبين العقل والفكر.

قال تعالى :( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا... وَلاَ يَهْتَدُونَ ) ( سورة البقرة : آية :١٧٠ ).

يؤكّد القرآن أنّ قِدَمَ فِكْرٍ ما ، ليس دليلاً على خطئه

٧٥

ولا يُوجِب صحّته ، وأنّ القِدَم يجري في الأمور المادِّيَّة ، ولكنّ حقائق الوجود لنْ تُصبح قديمة متروكة مهما مضى عليها الزمان.

فحقيقة مثل :( .... إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ... ) تكون صادقة محكمة ثابتة طوال عمر الدنيا.

يقول القرآن : إنّه لا بدّ من مواجهة المسائل بسلاح العقل والفكر ، ويجب أنْ لا يترك الإنسان عقيدة سليمة بدليل مخالفة الآخرين له ، كما يجب أنْ لا يقبل عقيدة بمجرّد تعلّقها بهذه الشخصيّة المعروفة أو تلك الشخصيّة الكبيرة ، ولا بدّ أنْ يحقّق الإنسان بنفسه في كلّ المسائل ( يجب أنْ لا يشتبه بين موضوع تقليد الآباء والأجداد ، أو الموضة العصريّة ، أو صبغة المجتمع التي نهى عنها القرآن بشدّة ، وبين موضوع تقليد المجتهد الأعلم الأعدل في الفقه ؛ لأنّه أمر واجب يبتني على رعاية التخصّص والاستفادة من العلم التخصّصي ).

* العامل الآخر الذي يؤثر في تكوّن الخطأ ويذكره

٧٦

القرآن ، هو اتّباع هوى النفس والميول النفسيّة ، يقول مولوي ( الشاعر ) :

( عندما جاء الغرض ( هوى النفس ) احتجب الفن ، وانتقلتْ مئات الحجب من القلب إلى العين ).

لو لم يتخلَّ الإنسان - في أيّ أمر - من شرّ الأغراض النفسيّة ، لا يستطيع أنْ يفكّر تفكيراً سليماً ، أي : أنّ العق-ل يتمكّن من العم-ل الصحيح ، في بيئة لا توجد فيها الأهواء النفسيّة.هناك قصّة معروفة عن العلاّمة الحلّي نذكرها ، لأنّها مثال جيّد :

لقد عرض للعلاّمة الحلّي هذه المسألة الفقهيّة ، وهي أنّه لو مات حيوان في البئر وبقيتْ الميتة النجسة في البئر ، ماذا يجب العمل بماء البئر ؟ وبالصدفة سقط - في تلك الآونة - حيوان في بئر العلاّمة الحلّي ، واضطرّ ليستنبط حكماً لنفسه.كان لا بدّ له أنْ يحكم في هذا المورد عند طريقين:

الأول : أنْ يملأ البئر بالتراب ، ويستفيد من بئر آخر.

٧٧

الثاني : أنْ يأخذ مقداراً معيّناً من ماء البئر ، ثمّ يستفيد من بقيّة الماء بلا إشكال.فرأى العلاّمة الحلّي أنّه لا يستطيع أنْ يحكم في هذه المسألة بلا غرض ؛ لأنّ له مصلحة في القضيّة ، ولذلك أمر أنْ يملأ البئر بالتراب أوّلاً ، ثمّ بدأ بإصدار الحكم وإظهار الفتوى ببال مريح ، وبعيداً عن ضغط الوساوس النفسيّة.

وللقرآن إشارات كثيرة في موضوع متابعة هوى النفس ، نكتفي بذكر مورد واحد ، يقول القرآن:

( إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ... ) ( النجم : آية : ٢٣ ).

نظرة القرآن عن القلب

أظنُّ أنّه لا داعي للتوضيح ، بأنّ الغرض من القلب في اصطلاح العرفاء والأدباء ليس ذلك العضو اللحمي الموجود في الجانب الأيسر من البدن ، ويجري الدم كالمضخّة في العروق ، فمثلاً في تعبير القرآن :( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ... ) ( سورة ق : آية : ٣٧ ).

٧٨

أو في التعبير العرفاني اللطيف لحافظ ( الشاعر ) :

( لقد نفر قلبي ، وغافلٌ أنا المسكين ، ماذا قد حلّ بهذا الصيد التائه للحيوان ).

واضح أنّ المقصود من القلب في هذين المثالَين حقيقة سامية ممتازة ، تختلف تماماً عن هذا العضو الموجود في البدن ، وهكذا عندما يذكر القرآن مرضى القلوب :( فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً... ) ( سورة البقرة : آية : ١٠ ).

فإنّ معالجة هذا المرض خارجة عن طاقة طبيب أمراض القلب ، وإذا وجد طبيب يتمكّن من معالجة هذه الأمراض ، فلا شكّ أنّه طبيب متخصّص في الأمراض الروحيّة.

تعريف القلب

* إذن ما هو المقصود من القلب ؟

للإجابة على هذا السؤال يجب البحث في حقيقة وجود الإنسان ، فالإنسان

٧٩

في الوقت الذي هو موجود واحد ، إلاّ أنّ له مئات بل وآلاف الأبعاد الوجوديّة.

( أنا ) الإنسانيّة عبارة عن مجموعة كبيرة من الأفكار ، والآمال ، والخوف ، والحب ، و... ، وإنّها بمثابة الأنهار والجداول ، التي تتجمّع في مركز واحد ، وإنّ هذا المركز بنفسه بحرٌ عميق ، بحيث ما استطاع - إلى الآن - أيُّ إنسان أنْ يدعي أنّه اطّلع على أعماق هذا البحر.

فالفلاسفة والعرفاء وعلماء النفس ، ساهم كلٌّ إلى حدٍّ ما في السباحة في أغوار هذا البحر ، ووفّق كلٌّ منهم إلى كشف بعض أسراره ، ولربّما كان العرفاء أكثر حظّاً من الآخرين في هذا المجال.

وما يسمِّيه القرآن بالقلب عبارة عن حقيقة هذا البحر ، وإنّ ما نسمِّيه بالروح الظاهريّة عبارة عن الأنهار والجداول التي تتّصل بهذا البحر.وحتّى العقل بنفسه أحد هذه الأنهار التي تتّصل بهذا البحر.

عندما يذكر القرآن الوحي ، لم يقل شيئاً عن

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93