الاسلام يتحدى

الاسلام يتحدى30%

الاسلام يتحدى مؤلف:
تصنيف: دراسات
الصفحات: 190

الاسلام يتحدى
  • البداية
  • السابق
  • 190 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 62792 / تحميل: 8034
الحجم الحجم الحجم
الاسلام يتحدى

الاسلام يتحدى

مؤلف:
العربية

الاسلام يتحدى

تأليف

وحيد الدين خان

تعريب

ظفر الاسلام خان

مراجعة وتحقيق

الدكتور عبد الصبور شاهين

١

هذا الكتاب

نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنينعليهما‌السلام للتراث والفكر الإسلامي

بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى قريبة إنشاء الله تعالى.

٢

٣

٤

٥

٦

تقديم الطبعة الاولى

بقلم الدكتور عبد الصبور شاهين

ما اكثر ما يكتب عن الاسلام و المسلمين في مطبوعات هذا العصر في العربية، وغير العربية، وما اقل غناء اكثره.

قليل جدا من الكتابات الا سلامية هو الذي يعد اسهاما في معالجة مشكلات عالمنا الاسلامي، اسهاما جادا مخلصا من اجل عودته، وتقدمه.

وكثير جدا ما نقرؤه من تلك الكتابات التقريرية، او الرثائية الوعظية، التي تخطها اقلام، ان كانت تتاجر بالدين، فلا غرابة، في عالم يقوم على المتاجرة حتى بالقيم، فاما اذا كانت معروفة بالعلم وبالذكاء، فذلك هو داعي الحسرة والاشفاق في انفسسنا على علمائنا الاذكياء.

ايمكن ان نتصور عالم الفكر الاسلامي مجرد اقاصيص تحكى للبهر، او مقالات يجتهد اصحابها في تدبيج مقدماتها وسياقاتها، لننتهي بعد قراءتها الى هز الرءوس، ولوك عبارات الثناء والاعجاب؟

هذا على حين يتشاغل كتاب الفلسفات المادية برسم تطلعات العصر، وعلاج مشكلات التطبيق على مستوى عالمي، حتى ليحس المرء بعد مطالعة بحث من هذه البحوث بحاجته الى ان ينزوي نفسيا في ركن من اركان الياس والقنوط، لانه غائب تماما عن المعركة الحاضرة.

تلك محنة الوجدان والعقل المسلم، الذي ينشد لدى كتابه ومفكريه مستوى من المبادرة والجد والاخلاص، ولونا من الكتابة المباشرة التي تعيش عصرها وافكاره وتطلعاته، فاذا هم لا يزيدون على مضغ حكايات الاولياء، واجترار بضعة خيالات محلقة في سماوات التيه، ومجابهة الواقع الصارخ الملح بما يميعه: في وعي الجماهير، ثم يسرح بها بعيدا، في احلام الماضي وتصوراته.

٧

ومن البله ان يظن ان اخبار السلف هدف ثقافي، يقصد لذاته كمتعة عقلية، دون ان يكون من وراء ذلك مشروع انهاض، وخطة توعية من اجل صنع الحاضر، والتاثير في الاجيال القادمة، حسب هؤلاء السلف انهم كانوا امثلة مسهمة في صنع عصرهم، وتوجيه معاصريهم، ثم مضوا، عليهم من الله رضوان، ومن الناس سلام.

وجاء من بعدهم خلف، اصبح بعد حين سلفا، بعد ان مضى الى الرفيق الاعلى، مخلفا كذلك تركة من السلوك، ومن الكفاح، هي جزء من تاريخ امتنا.

وجاء جيلنا ليتوهم، او ليرادله ان يتوهم، انه مجرد وارث لاجيال سابقة، عليه ان يستغل تركتها في خلق ملذاته، فاذا ما جوبه بتحديات عصره لجا الى المباهاة بتراثه، المباهاة وحدها، المتمثلة في اكثر الكتابات المنشورة، التي لا تمل ان تحكى وتحكي، حكايات في حكايات، وتقف احيانا مستعلية من فوق منبر، لتمطر على الحضور وعظا في وعظ، دون ان تبلغ في ظن الجماهير ان تهز وجدانا، او حتى تحرك قشة.

ان اخص صفات عصرنا هي انه ينتج من الافكار بقدر ما ينتج من الاشياء، وليس من الضروري ان نتطلب من الافكار المنتجة ان تكون نافعة دائما كالاشياء، فان المجتمعات التي تصدر الينا اشياء الحضارة ترى في الافكار سلعة ينبغي ان تتغير كل يوم، كما تتغير طرز الاشياء، ولذلك يقف مثقفونا مبهورين امام موجات الفكر الواردة من الخارح، ماذا ياخذون، وماذا يدعون؟ بل قل: ماذا يقرؤن، وماذا يترجمون؟. ولاشيء اكثر من هذا. يكفيهم ان يستطيعوا ملاحقة الافكار، دون ان يكون عليهم ان يواجهوها، او ينقدوها، فهم الى ان يصوغوا نقدا معينا لاحد الاتجاهات الجديدة نسبيا يكون الوقت قد فات، وتقادم بمرور الزمن ما ينقدون، وغطت عليه افكار اخرى اشد لمعانا، واكثر جاذبية واشعاعا.

ومما لاشك فيه ان العالم الاسلامي هدف ثمين من اهداف تصدير الافكار تظرا الى موقعه، وخطورة موقفه بين الكتل المتصارعة، او بعبارة اخرى: مراكز الانتاج، والهدف من وراء التصدير واحد لدى كل هذه المراكز : ان يبقى هدا العالم مفتقرا اليها، على اختلافها، وان يحال بينه وبين افكاره الاصيلة، التي يمكن ان تغنيه عن الاستيراد، وتحقق له الاكتفاء الذاتي.

ومن المعروف في دوائر الاقتصاد ان الاحتكار اذا تحقق لمركز انتاجي في سوق معينة فان من المتوقع ان يبدا المنتج في افساد السلعة، بتقليل جودتها، اعتمادا على الاحتكار المتاح له، وطمعا في ربح اوفر.وسوق الافكار اخطر اسواق المنتجات، واكثرها تقبلا للتزييف والافساد، ومن ثم حفلت اسواقنا بما هواشد فتكا من السموم، واعظم انتشارا من الهواء، يتخلل كل خلية، وينخرفي

٨

كل بناء. افكار ترتدي اثوابا، او تحمل شعارات، او ترفع مشاعل، ليس الثوب فيها، او الشعار، او المشعل، الا قناعا يستر الزيف والخطر.

وليس من الممكن ان نفهم موجات السيطرة الخارجية على مجتمعاتنا الا اذا لا حظنا مثلا تبعية الفتاة المسلمة في كثير من بلاد الشرق العربي لكل ما يظهر في اوربا او امريكا من ازياء، فما ان ترتدي الزي احدى (المانيكان) قصيرا بمقدار سنتيمتر واحد، حتى تبادر فتياتنا الى تقصير اثوابهن بمقدار شبر واحد!!

ليس المهم ملاحظة ان تقصر الفتاة او تطول ثوبها بحكم ( الموضة) الشائعة، فاذا لم تفعل عدت متخلفة، وانما المهم ملاحظة هذه السيطرة التي توفرت لملوك الازياء، واكثرهم صهيونيون، على فتياتنا المثقفات بخاصة، حتى كانهن جميعا اعضاء في جوقة موسيقية واحدة، وامامهن ( ما يسترو) كلما اشار باصبعه او بعصاه تحرك العازفون والعازفات في اتجاه العصا، كالقطيع. ودلالة هذه التبعية اخطر مما قد يبدو في ظاهر الامر، لان تاثيرها يشمل كل القيم التي يقدسها المجتمع في شخص المراة، قيم الحياء والانوثة الواعية، والجسد غير المتعرض لذباب الاعين، وقيم التماسك، والالتزام في تربيتها، وقيم الجيل الناشىء على يديها، وهو الذي ننشده لغد هذه الارض، ومستقبل هذا الدين، وبكلمة واحدة، وبلا مغالاة: نحن هكذا محكومون من عمق مجتمعنا لملوك الازياء، ودولة المانيكان. ومع ذلك، قد يقال: ان مسالة الزي اقل خطرا من غيرها، فهي على اية حال مسالة غلاف.اما غيرها، كقضية المعتقدات التي تزيف للاجيال الناشئة، وجوهرها تحطيم لدينها.

وقضية الروح المنهزمة امام انتصارات العلم في غير بلاد الاسلام، الروح التي تقف متضعضعة مبهورة امام منجزات الانسان الاوروبي او الامريكي.وقضية الحرية الفكرية المعدومة في فلسفة التربية، حتى اصبح كل هم المدارس انتاج نماذج مصبوبة في بوتقة التبعية و التقليد. وقضايا اخرى كثيرة، كلها اهم من قضية الميني جيب، او الميكروجيب.

وبرغم ذلك لا نكاد نلمح ادنى فاصل بين هذه القضايا جميعا، فالمصنع المنتج واحد، وهدف التصدير واحد، والمستهلك المستهلك واحد ايضا، هو الانسان المسلم.

والمشكلة بالاضافة الى هذا كله ان اكثر كتابنا اصبحوا يرون في قيام هذه الحالات شيئا مالوفا غير جدير بالمناقشة، اما زهدا في الدنيا، واما ياسا من الاصلاح، واما تعودا على المشاهدة اليومية، كما يتعود المدمن تاثير المخدر. وكانهم المعنيون بقول الشاعر:

من يهن يسهل الهوان عليه

ما لجرح بميت ايلام

٩

واقول: (اكثر كتابنا)، لان هنالك (قلة) نصبت اقلامها للذود عن المستقبل، والدفاع ضد التيار المخرب، متحملة في ذلك عنت الفساد وسلطانه، ومتحدية في المجتمع مراكز استيراد الافكار، وعناصر اللامبالاة، وهؤلاء القلة لا تكاد والحمد لله تخلو منهم ارض الاسلام، يكتبون بكل لغة، ويحاربون في كل معركة، ايمانا منهم بوحدة المقاتلين امام الخطر الزاحف. ومن هؤلاء القلة مؤلفنا هذا، الذي يدخل اسمه لاول مرة حقل اللغة العربية، بنشر ذلك الكتاب: (الاسلام يتحدى)، وان كان لاسمه رنين مدو في شبه القارة الهندية، باعتباره ثالث اثنين، يتولون قضية الاسلام المعاصر في وجه الزحف الفكري: ابو الاعلى المودودي، وابو الحسن الندوي، ووحيد الدين خان.

والحق ان علماء باكستان والهند المسلمين قد اتيح لهم ان يتصلوا اتصالا مباشرا بمصادر المعرفة الحديثة، حتى اصبحوا من اعلامها، وهم في هذا يضارعون اكثر علمائنا العرب اتصالا بثقافة الغرب، مع فارق جوهري، في راينا، هو ان الاولين الذين نشير اليهم لم يغرقوا انفسهم في المعرفة الاكاديمية، لتستولي من بعد على عقولهم واقلامهم، وليصبحوا مجرد ناشرين، او مفسرين، او حتى معلقين، على ما يقدمون من فكر الغرب وعلومه.

لقد وقف هؤلاء عمالقة في وجه التيار وانغمسوا في مشكلات الجماهير وحاولوا ان يقدموا لهم تصوراتهم من اجل المستقبل، ومن اجل تحريك الثورة الفكرية في كيان الانسان المسلم، فهم في الحقيقة كتاب ثوريون، ذوو اصالة ووعي وايمان.

وليس من السهل ان نقول: انهم جميعا يمثلون طريقة واحدة في الاداء، برغم ان هدفهم واحد، فان لكل منهم اداءه الخاص، وطريقته الفذة التي عرفته بها الجماهير المسلمة. وحسنا ان نقرأ هذا الكتاب الجديد لندرك انه يمثل عقلا وثقافة ومنهجا يختلف بها مؤلفه عن جميع من عرفنا من الكتاب المعاصرين ولعل من المناسب ان اورد هنا ما كتبه المؤلف في صحيفته (الجمعيت الاسبوعية) في عدد٧من فبراير١٩٦٩، موضحا الدور الذي يحاول ان يقوم به، قال:

(ان المشكلات التي يواجهها الاسلام في هذا العصر، منها ما هو علمي، يوجه اليه بلغة العلم ومصطلحاته، ولذلك كان لزاما ان نضع اجاباتنا في مواجهة هذه الحملات المسعورة بنفس المصطلحات العقلية والعلمية التي يستخدمها المعارضون للدين. ولا زال هذا الميدان، منذ امد طويل مجالا لنشاطي واهتمامي، حتى كان آخر ما كتبت: (الاسلام يتحدى).

والميدان الثاني لنشاطي هو ما نسميه بميدان بناء الامة الاسلامية وتعميرها، والعمل على نهضتها، وعلينا في هذا المجال ان نكشف العلل، ونمحص الاسباب السياسية والاجتماعية التي

١٠

ادت الى سوء احوال المسلمين، ثم وضع خريطة للمستقبل، بعد الوقوف على اسباب النكسة التي اصابتنا، وتقوية الشعور القومي لدى المسلمين (في شبه القارة الهندية)، ليربط بين مختلف انشطتهم، فيجعلها مجموعة معنوية متكاملة، وحثهم على مواصلة الجهد لتكون منهم امة قوية جامعة في العالم. وبكلمة اخرى، نحن نصبو إلى بعث الاحلام التي رآها اسلافنا خلال كفاحهم وتحقيقها، لاعلاء شان الامة المسلمة، وهي الاحلام التي لم تتحقق، لسبب او لآخر.

وهذه هي المهمة الفكرية التي تضطلع بها صحيفتنا (الجمعيت الاسبوعية)، ويمكننا ان نقول بحق: ان هذه المهمة قد اصبحت اكبر ميزة خاصة لجريدتنا في المجال الصحفي، في هذا العصر، على حين اصبحت الصحافة الاسلامية علما على الرثاء، بل ان آخر ما تستطيعه هذه الصحافة هو مجرد التعليقات السياسية على الاحداث العامة، وتقديم بعض المعلومات الطريفة التي يتشوق اليها العامة من القراء. ففي هذا المناخ الصحفي تعتبر (الجمعيت الاسبوعية) الصحيفة الوحيدة التي تعمل على احياء وتقوية الشعور القومي لدى المسلمين، باحثة عن مواطن الخطأ في كفاحهم الحضاري، ونحن لا نجد كلمات نشكر الله بها، على انه ـسبحانه اختارنا بمشيئته لسد هذا الفراغ. فالرجل كما نرى صاحب دعوة، يريد ابلاغها الى ضمير الامة المسلمة بلاغا يحركها نحو اهدافها، ويوحدها امام الاخطار، وهي دعوة ذات شقين، احدهما يستنفد العمر كله، ولكنه يعمل لتحقيق كليهما بوسائله المتاحة: ان يكتب كتبا، وان يسخر مجلة اسبوعية. والواقع ان كتابه هذا يعتبر تحقيقا لحلم طالما راود كتاب العقيدة والمدافعين عنها، فقد كانت محاولات السابقين للبرهنة على وجود الله، واثبات الرسالة، وما يتصل بهما من حقائق ميتافيزيقية قد وقفت عند جهود علماء الكلام، باستخدام الاقيسة المنطقية، التي بليت لطول مالاكتها الالسن، واصبح مجرد التحدث بها داعية الى الملل منها، بل ان لغتها لم تعد مفهومة لشباب الاسلام، الذي يعيش في هذا العصر ظروفا تتغير من يوم لآخر، وتطالعه ثقافات ذات جدلية ماهرة، ومناهج علمية تجريبية، لم يعد العقل يقنع بدونها. لقد اصبح كل شيء موضع شك. وبذلك سقطت القضايا القائمة على المسلمات المنطقية، لانه لا شيء في العقل الحديث بمسلم منطقيا، الا وله نقيض منطقي يمكن ان يحتمله العقل. اما التجربه فهي الدليل الذي لا يدفع على قضيتها، وما ينتج عن التجربة ليس مسلما منطقيا، ولكنه حقيقة نسبية موضوعية، وهذا شان العلم. ومن هنا كان لابد من تغيير المناهج الكلامية، لاشباع رغبات متجددة في اليقين، تريد ان تؤسس موقفها على ارض من المعرفة الجديدة التي اخترقت الآفاق، وقاست ابعاد النجوم، وتغلغلت في اسرار المادة، حتى حطمتها واستخرجت منها طاقات لا حدود لها.

١١

واذا قيل: ان قضايا علم الكلام هي قضايا الغيب المطلق المحجوب الاسرار، ولا يعقل ان يكون للتجربة دور في معالجتها. تذكرنا في رد هذا الراي ما قاله عربي يعيش على فطرته، وينطق على سجيته، دون ان يكون قد الم بشيء من منطق ارسطو: (البعرة تدل على البعير، واثر السير يدل على المسير، فسماء ذات ابراج، وارض ذات فجاج، وبحار ذات امواج، الا يدل ذلك كله على الله اللطيف الخبير) ؟؟.

وكلمات هذا الاعرابي الصق بالمنهج التجريبي، القائم على الملاحظة، واقرب الى التاثير في النفس، واقدر على اقناع العقل، من اية صيغة قياسية ما في ذلك شك.

لقد اصبح سيئا للغاية ان ينطق رجل الدين امام الناس، او امام الطلاب بقضايا متقادمة، قال بها الاولون، دون ان يحاول مزج المعرفة التقليدية بالجديد، واكثر ما تتجلى هذه المعرفة التقليدية في علم التوحيد والكلام او مباحث العقيدة على اختلاف المصطلحات حيث يصر بعض الاساتذة على حكاية النزاع بين المعتزلة واهل السنة، والفرق بين الاشاعرة والماتريدية، ووجهة نظر الخوارج والشيعة، والخلاف بين الجبرية وغيرهم، وتناقض ما بين العقل والنقل او تساندهما، وكل ذلك دائرفي حلقة مفرغة، بعيدة عن مجال تفكيرالشباب المتحول، لان هذا الكلام كله قد ادى وظيفة على خير وجه، حين كان جزءا من صراع عصره حول المفاهيم والقيم، فلما مضى عصره اصبح جزءا من تاريخ الفكر، لا اساسا من اسس النقاش الحي النابع من التجربة المعاشة.

ولذلك يعجز هذا الكلام عن اقناع ملحد حديث يخطئه، لان اسباب الحاده ليست من موضوعات الكلام، فالجدل الحديث لا يتناقش حول الجوهر والعرض، ولا حول القدم والحدوث، وانما هو يتناقش حول حتمية المادة، ووجو د المادة الواقعية والمادة العقلية، والعلاقة بين المادة والحركة، حين ينتهي كل موجود مادي في حقيقته الى حركة، والاحتمالات الرياضية لتاثير الصدفة في نشاة الكون، وامتداده، وحتمية التطور.وحقيقة الوجود في ضوء الادراك الجديد لنسبية الظواهر الكونية، واهمها الزمان، ذلك البعد الرابع الذي كشفه اينشتاين، والتوقعات العلمية لوجود عوالم اخرى غير عالمنا، في سمائنا، وفي السماوات الاخرى، التي يدركها العلم، او يحدس بوجودها، ويحاول معرفة شيء عنها. الخ. فاذا لم تكن هذه القضايا الجديدة هي محور النقاش في قاعات الدرس الجامعي. الذي يصوغ عقول الشباب فمعنى ذلك ان جامعاتنا تعمل في فراغ ايديولوجي، وتخرح للمجتمع نماذج خربة، واهنة، او مشوشة، او يائسة من جدوى العقيدة في بناء المجتمع الجديد، نماذج تحس في اعماقها بالجفاف الروحي، فهي لم تظفر بارضية من الفكر الديني تقف عليها مطمئنة في مواجهة رياح التغيير العاصفة، امالانها محرومة من هذا اللون من الدراسة،

١٢

واماـ وهو الاخطر لانها غير مقتنعة بما عرض عليها من موضوعاته. وينتهي الامر بهذه النماذج الى ان تتبعثر في الفراغ، وتحس باللامبالاة تجاه مسائل العقيدة، لان اسلم الطرق الا تبالي، فالهرب اسلم المسالك. والغريب ان هذه الحال قد طفحت على سطح المجتمع منذ اوائل القرن التاسع عشر، حين بدا اللقاء والاصطدام بين ثقافتي الشرق والغرب يواجه مبعوثينا الى اوربا، على عهد محمد علي ـفي مصر، وتعرضت اعمال روائية، منذ ذلك العهد، وحتى يومنا هذا، لتصوير التمزق الفكري، الذي يعانيه هؤلاء المبعوثون، من امثال: تخليص الابريز لرفاعة الطهطاوي، وعلم الدين لعلي مبارك، وحديث عيسى بن هشام لمحمد المويلحي، وقنديل ام هاشم ليحي حقي، وعصفور من الشرق لتوفيق الحكيم، ومليم الاكبر لعادل كامل فانوس، أي ان المشكلة ثائرة وملحة من قديم، دارت حولها روايات قيمة. ومع ذلك لم يبحث لها المفكرون الدينيون عن حل، ولم يعرضوا لها بمناقشة لاستكناة اسبابها، على حين اكتفت الاعمال الروائية بالتقاطها وتصويرها. والخطر بهذه السلبية الى تفاقم، والخراب الى استفحال، والضحية دائما هو الانسان المسلم. اليس غريبا ان يكون بعض عتاة الملاحدة في مجتمعاتنا ممن يمتون الى اسر ذات اتصال بالدراسة الدينية؟!! وان تنشر مجلة اسبوعية ان احدى المانيكان تمثل جامعة الازهر الشريف، ثم تأتي بصورتها فاذاهي ترتدي ما ترتديه بنات باريس(١) !! ودعك من ان تكون احداهن فتاة غلاف، تنشر لها صورة عارية، اشبه بصور السابحات الفاتنات، وهي من بنات العلماء؟(٢) انهم جميعا، واضرابهم، نتاج هذا الانفصام بين الفكر الديني وقضايا العصر، بحيث لم ياخذ هذا الفكر شكل ثقافة حية تجمع بين المعرفة والسلوك، أي ان هناك عجزا شائنا في الثقافة المستخدمة للاقناع، على حين استطاعت الثفافات الاخرى ان تحتازهم لمعسكرها، لانها صادفت فراغا فتمكنت، بصرف النظر عن جدية الاشخاص او هزليتهم وتفاهتهم، واحد اسباب هذا الانفصام ايضا ان من يتولون سدانة الفكر الديني لم ينهضوا لمواجهة تحدي العصر، ربما لانهم فعلا غير فاهمين لرسالاتهم، الا على انها استحضار لماض اثري لا علاقة له بحاضر، وربما لتوهمهم انه لا تحدي اصلا، بل كل شيء هاديء على الجبهة!! والدنيا بخير والحمد لله!! فالمشكلة من هذه الوجهة ازمة في الشعور الذي يؤدي حين يكون سويا الى الارق المنتج، والقلق الخلاق، فاما حين لا يكون هناك شعور فان الدين يتحول عند بعض رجاله الى باب سخي للوجاهة والارتزاق، وعند بعضهم الى سلبية قاتلة، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

___________________

(١) انظر العدد الصادر من جريدة اخبار اليوم في ٢٩من نوفمبر١٩٦٩.

(٢) اخبار اليوم ٢٥/من اكتوبر١٩٦٩.

١٣

ولست انكر ان محاولات جادة قام بها بعض العلماء القلقين على مصير الانسان، في الشرق والغرب، من اجل البرهنة على وجود الله على اساس علمي، ولكن قضية الدين ليست هي قضية (وجود الله) فحسب. لا مراء في ان الايمان بوجود الله سبحانه اساس ومنبع، ولكنه يستتبع الايمان بقيم اخرى ومبادىء، دعا اليها الرسل. وحثت عليها الاديان، واهمها ضرورة الايمان بوجود كائنات غير الانسان، دل عليها الدين وسماها (الملائكة) الملهمين الخير، وكائنات اخرى غير الانسان والملائكة دل عليها الدين، وسماها الجن، ومنهم (الشياطين) النازغون بالشر، وضرورة الايمان بالغيب، وباليوم الآخر. وما يتصل به من جنة ونار، وحساب، وثواب وعقاب، بل ما يسبق ذلك من قيامة، هي في حقيقتها دمار للدنيا، وتحطم للكواكب والنجوم، وضرورة التزام شريعة الله، التي جاء بها الرسل، وخاتمهم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، متى صح الايمان بوجود الله، مالك الملك، ومنزل التشريع بالحلال والحرام، وفي كلمة واحدة: ضرورة اقرار ما علم من الدين بالضرورة.

وهكذا نجدنا امام كل مترابط لا يمكن انفصام اجزائه الا على طريقة بني اسرائيل الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض. ولقد وجد في المجتمع الاسلامي فعلا هذا الصنف من الناس، الذين يحدثونك بانهم مؤمنون بالله، وكفى، ولا داعي لمطالبتهم باكثر من هذا!! وهم يواجهون من يدعوهم الى الالتزام باوامر الله ونواهيه: بان الهدف من هذه هو تزكية النفس، وعدم ايذاء العباد، فاذا تحقق هذا الهدف بوسيلة اخرى كالثقافة مثلا كان في ذلك غنى عن الالتزام بالتكاليف، لان هذه هي روح الدين!!.وغاب عنهم، او تجاهلوا، ان العبادة في حقيقتها ثمرة الايمان بالله، وتاكيد لعبودية الانسان له، وان الله سبحانه قد اختار لعباده ان يخاطبوه ويقدسوه بكيفية معينة، لا خيار لهم فيها، بصرف النظر عن تحقيق مصلحة معينة لهم من العبادة او عدم تحققها:( وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ‌ ) (١) فمصلحة الانسان العليا في ان يرضى خالقه بانفاذ امره، والتزام طاعته. فهذا صنف من الناس يجتزىء من الدين بما لا يقتضيه تكلفة: ان يقول: آمنت بالله فحسب، وهو يستعمل مسالة تسليمه بوجود الله جل وعلا ذريعة الى التحلل والانعتاق من سائر قضايا الدين، والصدود عنها، وهو امر ينبغي ان يلحظ على انه من صميم ازمة الدين في انفس المثقفين المعاصرين، لان الثقافات الالحادية قد اتخذت لنفسها خطة لئيمة، فحواها ان دعوة المسلم الى الكفر تلقي نفورا في المجتمع الاسلامي، ويكاد يكون من المحال احراز تقدم فيه باعتناق هذه الدعوة، ولذا ينبغي ان تكون الخطة اولا تجريد شخص المسلم من الالتزام بالتكاليف، وتحطيم قيم الدين الاساسية في نفسه، بدعوى العلمية والتقدم،

___________________

(١) الذاريات/٥٦.

١٤

دون مساس بقضية الالهية مؤقتا، لانها ذات حساسية خاصة، وبمرور الزمن، ومع الف المسلم لهذا التجريد يسهل في نهاية الامر تحطيم فكرة الالهية اساسا في عقله ووجدانه واذا بقيت افتراضا، فلا ضرر منها، ولا خطر، لانها حينئذ لن تكون سوى بقايا دين، كان موجودا ذات يوم بعيد.

وهكذا يحكم اعداء الاسلام مخططاتهم، ويدبرون لتدمير الدين ومبادئه، ابتداء من ابسط السنن والواجبات، وانتهاء الى قضية القضايا: وجود الله ذاته.

فاذا افرد بعض العلماء مسالة وجود الخالق بالعلاج العلمي فقليل منهم فيما اعلم من تصدي لعلاج هذه القضايا جميعا، وبخاصة هذا الكتاب: ( الاسلام يتحدى). واحسب انه من هذه الناحية سوف يصبح متى بلغ عمق المجتمع دستور الاقناع الديني، او كما يعبر العنوان الفرعي الذي تخيرناه له: ( مدخلا علميا الى الايمان).

وقد كان المؤلف منطقيا مع عصره الى ابعد الحدود، فاذا كان اقطاب الالحاد في الفلسفة الحديثة قد وضعوا لضحاياهم مدخلا علميا الى الكفر، فلا مناص من ان يحاول هو بحسه الصادق، ووعيه بحاجة المسلمين وضع مدخل علمي الى الايمان، يعتبر اساسا لعلم كلام، او علم توحيد جديد. وهذا هو الاعتبار الذي كان من وراء الحماس المخلص، بذله مترجم الكتاب الاستاذ ظفر الاسلام خان، نجل المؤلف، واقتضاني ان اعكف شهورا تبلغ سنوات على مراجعته، وتحقيق نصوصه الدينية.

ولذلك سوف نجده يعرض ( قضية معارضي الدين ) بكل حيدة وامانة، حتى لايتهم من اول لحظة بمخالفة المنهج العلمي، ثم يبدا في مناقشتها معتمدا في الاساس على الانتاج الفكري الغربي، من باب( وَ شَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا ) (١) ، مرجئا مسالة استخدام الآيات القرآنية او الاحاديث النبوية في آراء الاعداء قبل الاصداء.

ولا يتبادرن الى ذهن القاريء ان المؤلف رجل دين متحمس، يبشر بدعوة الاسلام باسلوب جديد، انه مفكر مصلح يعمل بالصحافة، رئيسا لتحرير مجلة ( الجمعيت الاسبوعية ) وما عرضته هنا هو نتيجة تامل واهتمام مؤرق بمشكلات الشباب المسلم، حتى اصدر كتابه هذا عام ١٩٦٦، وما زال وفيا لقضيته، مجاهدا في سبيلها.

ولئن كنا قد المحنا قبل بضعة اسطر الى بعض ملامح منهجه، فان تنظيم هذا المنهج قد اقتضاه ان يضع قضاياه في ترتيب منطقي:

فهو قد وضع كتابه علاجا للمشكلات العقيدية التي تواجه البشر، ولما كان المتوارد

___________________

(١) يوسف/٢٦.

١٥

على مسرح الاحداث، مبدا الدين، ومبدا الالحاد، وكان هو من معسكر الدين وجب عليه ان يدلف الى هدفه من خلال دعاوى الخصوم، حتى لا يتهم بتجاهلها، فعرض فكرة معارضي الدين وبين اسسها البيولوجية والنفسية والتاريخية. ومعنى ذلك انه يعوض جوهر فلسفات ثلاثة : الدارونية والفرويدية والماركسية وهي المباديء التي قادت في مجموعها قطعانا من البشر في وادي الالحاد، وانكار وجود الله، وتاليه المادة.

فاذا بدا بمناقشة هذه المباديء سلك نفس السبيل التي سلكتها. فاستقى ادلته من الطبيعة، ومن البحوث النفسية، والتاريخية.

واذا كان اعظم قضايا الدين. بعد الايمان بالله، الايمان باليوم الآخر، حقيقة غيبية، لا مراء فيها، وكانت اهم دعاوى الالحاد قائمة على انكار هذا اللقاء مع الخالق فان اثبات امكان الآخرة، بالادلة الطبيعية، والبيولوجية والتاريخية هو ايضامن الادلة القاطعة بصحة الدين، وبوجود الله، ومن ثم نجده متالقا في تبيان الحاجة الى الآخرة نفسيا، واخلاقيا، وسلوكيا، حتى اذا استقر في وعي القاريء ضرورة الآخرة كان ذلك طريقا الى اقرار ضرورة الايمان بالله من جانب آخر. فالآخرة إذن قضية وبرهان في آن.

والمؤلف لا يكتفي في هذا الباب بدليل واحد، بل هو يقدم بحوثا قيمة في ضرورة الآخرة من الناحية الكونية، ويسوق شهادات تجريبية، وبحوثا نفسية وروحية، تؤكد هذه الضرورة، كيما يزيد القاريء ثروة في المفاهيم، ويفسح له آفاق الاقتناع.

وياتي بعد ذلك دور الرسالة، وهي الدليل التاريخي على الحقيقتين السالفتين، لان الرسل هم الذين دلوا عليهما، قبل ان يخطو الانسان هذه الخطوات الجبارة في ميدان العلم والتجربة.

ومن الضروري ان نلفت النظر هنا الى ان المؤلف لا يعني بكلمة ( الدين ) الا ما عناه الحق سبحانه بها في قوله:( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلاَمُ ) (١) ، فاذا تناول قضية الرسالة فمقصده قطعا رسالة الاسلام، وكتابها المعجز: القرآن.

ويعقد في هذا الباب عدة فصول يتحدث فيها عن اعجاز القرآن التاريخي، والعلمي، ويورد لمحات كثيرة عن تنبؤات القرآن، وما تضمنته آياته من حقائق لم يكشف عنها الا في العصر الحديث، في الفلك، وطبقات الارض وغيرهما.

فاذا انتهى من اثبات هده الصفة العلوية للقرآن، واكد به الحقيقة الاولى، وهي وجود الله،،عقد بابا خاصا بعلاقة الدين بمشكلات الحضارة، فتناول في جانب منه مشكلات

___________________

(١) آل عمران١٩.

١٦

التشريع، وعناصره الاساسية، وتحديد الدين لمفهوم الجريمة، وعلاقة القانون بالاخلاق، وبالفرد، وبالعدل.

ولا يفوته ان يتحدث عن بعض مشكلات الحضارة الحديثة، كمشكلة المراة، والتمدن، والملكية، مقارنا في كل ذلك نظام الاسلام بنظامي الحكم المعاصرين: الراسمالية والشيوعية.

وياتي اخيرا حديثه عن مستقبل هذا العالم الاسلامي، وما ينشده ابناؤه من اهداف سامية، وما ينبغي ان يكون لهم من رسالة في هذا العالم الحائر، بين مذاهب الالحاد الواهية المتهاوية، ودين الفطرة الذي جعله الله ختام الاديان، وجعل نبيه خاتم المرسلين، مبينا كيف ادى الالحاد في المجتمعات الاوربية الى التحلل، والتمزق الاسري، وتكون طبقات من المجرمين والشواذ، وانتشار اعصى الامراض النفسية والعصبية، جراء الحرمان من الايمان بالله، خالقنا ومالكنا، ويختار لختام كتابه كلمة قبسها عن الاستاذ ا. كريسي موريسون، اذ قال:

ان الاحتشام، والاحترام، والسخاء، وعظمة الاخلاق، والقيم والمشاعر السامية، وكل ما يمكن اعتباره نفحات الهية لا يمكن الحصول عليها من طريق الالحاد، فالالحاد نوع من الانانية حيث يجلس ( الانسان) على كرسي (الله).

( لسوف تقضي هذه الحضارة بدون العقيدة والدين ).

( سوف يتحول النظام الى فوضى).

(سوف ينعدم التوازن وضبط النفس والتمسك).

(سوف يتفشى الشر في كل مكان).

(انها لحاجة ملحة ان نقوي من صلتنا وعلاقتنا بالله).

فهذا هو منهج الكتاب في ايجاز شديد، وهو منهج يشدني الى ملاحظة هامة احب ان اضعها بين يدي القاريء. ذلك ان خطوات هذا المنهج، بنفس الترتيب تكاد تكون طبق الاصل من كتاب اخرجته من قبل مترجما عن الفرنسية،هو كتاب (الظاهرة القرآنية)، للمفكر الجزائري مالك بن نبي، وهي ملاحظة غريبة في المنهج، لا تنصرف الى مادة الكتابين، لان المؤلفين مختلفان في عقليتهما، وثقافتهما، وطريقة معالجتهما لهذه القضايا الدقيقة، حتى اني اكاد اقطع بان المحاولتين من حيث المصادر والمادة والاسلوب متباعدتان تماما، احداهما عن الاخرى، بعد ما بين الجزائر والهند، ولم يحدث ان التقى الرجلان في صعيد واحد، فيما اعلم. وتفسير هذا التوافق ينحصر في توارد الافكار على مشكلة واحدة.

بيد ان ذلك لا يمنعني من ان اقر ان كلا الكتابين صادر عن نفس الاحساس بضرورة

١٧

وضع منهج جديد للاقناع الديني، وكلاهما توفرت فيه المنهجيةالحديثة، وموضوعهما مشترك كذلك، والروح الكامنة في مضمونهما روح ثائرة، مؤمنة.

وحسب الشباب المسلم من هذه الملاحظة دليلا على ان روح الاسلام طاقة لا يمكن ان تخمد، وستظل تصنع المعجزات، برغم التفوق المادي الذي حققته مجتمعات الملاحدة المعاصرين.

نعم. ان هذا التوافق العجيب بين مفكرين من اكابر مفكرينا يكاد ان يكون من بدائع الروح الخالدة، روح الاسلام، واقول: الخالدة، لان الروح طاقة، والطاقة لا تفنى، وذلك وعد الله.( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّکْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ‌ ) (١) .

والحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله.

وصلى الله على محمد خاتم النبيين.

عبد الصبور شاهين

الكويت ديسمبر١٩٦٩

___________________

(١) الحجر٩.

١٨

تمهيد

الموضوع الذي سندرسه في الصفحات التالية ليس بجديد بالنسبة الى اللغة الاردية. ولكن المؤلف يشعر بانه لا يزال ناقصا، رغم الجهود الطيبة التى بذلها بعض الكتاب.

والعصر الحديث يسمى: (عصر الالحاد)، لانكاره الدين.وهذا االالحاد ليس محض ادعاء. بل يرى اصحاب نظريته انها طريقة بحث ودراسة، اهتدى اليها الانسان، بعد التطور الحديث في ميادين العلم المختلفة، وهذه ( الدراسة التطورية) لا تهدف الى اثبات نظرية ما او انكارها، وانما هي منهج خالص في البحث، اثبت لاصحابه ان الدين باطل، ويمكن ان نفهم هذه الطريقة الجديدة في ما قاله ت. ر.مايلز:

(ان الدراسة الجديدة هي تكنيك ومنهج ونمط معين لمواجهة الاسئلة، وهي لا تستهدف وضع اجابات قطعية. وهو من هذا الوجه تغير هام طرا على الفلسفة في النصف الاخير من هذا القرن، ولسوف يبقى هذا التغير مستمرا، دون امل في توقفه على المدى(١) البعيد).

ولا بد لباحثينا اذا ما ارادوا البحث في العلوم الحديثة، دفاعا عن الدين، الا يغيب عن اذهانهم هذا التفسير، سواء اعتبرناه تفسيرا علميا محضا توصل اليه المفكرون المحدثون، او اعتبرناه مجرد ملجا جميل، ركنوا اليه، حين اخفقوا في البحث عن التفسير المادي للكون، بعد انكار الدين.

وعلى سبيل المثال: ان الاعمال التي قام بها علماؤنا لاثبات النبوة، تفترض مقدما ان العصر الحديث يدعي: ان محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( كان نبيا كاذبا )، فيبداون في جمع كميات كبيرة من المواد التي تثبت ان محمدا كان ( نبيا صادقا). ومغزى القول: ( كان محمد نبيا كاذبا)، هو ان هناك انبياء آخرين صادقين، على حين يشك الانسان الجديد في المبدأ نفسه، فهو لا يؤمن بالنبوة اصلا. فأما ( النبي الكاذب) False Prophet فهو اعتراض قديم جاء به اليهود والنصارى، الذين يؤمنون بانبيائهم، وينكرون نبي الاسلام.

واما العقل الحديث، فلا يبحث عما اذا كان محمد نبيا ( صادقا او كاذبا)، وانما يبحث عن

___________________

(١) Relihion & the Scientific Outlook, ١٩٥٤ , P ١٣.

١٩

منبع كلامه النبوي، وينتهي اعتمادا على المناهج المعروفة، الى ان مصدر هذا الكلام الغريب هو: (اللاشعور). وهو يرى ان التعبير عن كلام اللاشعور بالوحي والالهام يصلح ان يكون استعارة جميلة، ولكنه يستحيل اعتباره واقعا حقيقيا.

ولذا، فان مهمتنا لا تنتهي عند اثبات صدق نبوة رسول الاسلام، بل علينا ان نضطلع بالبحث عن الوحي والالهام، ونثبت ان الوحي ينزل على اناس معينين، من بينهم نبي الاسلام.

***

كان هذا موقف من يتصدى لنقد الفكر الحديث، دون فهم موقفه من القضية. وهناك نوع آخر من علمائنا يدركون موقف الفكر الحديث من قضية الدين. ولكنهم، لشدة تاثرهم بالفكر الحديث، يرون ان كل ما توصل اليه ائمة الغرب يعد من (المسلمات العلمية)، ومن ثم تقتصر بطولتهم على اثبات ان هذه النظريات، التي سلم بها علماء الغرب، هي نفس ما ورد في القرآن الكريم،وكتب الاحاديث الاخرى. وهذه الطريقة في التطبيق والتوفيق بين الاسلام وغيره، هي نفس الطريقة التي تتبعها شعوب الحضارات المقهورة تجاه الحضارات القاهرة. واية نظرية تقدم على هذا النحو، يمكنها ان تكون تابعة، ولكنها لا يمكن ان تكون رائدة! ولو خيل الى احدنا انه يستطيع ان يغير مجال الفكر في العالم بمثل هذه المحاولات التوفيقية، ليشرق على البشرية نور الحق، فهو هائم ولا شك في عالم خيالي، لا يمت الىالحقائق بسبب. فان تغيير الافكار والمعتقدات لا ياتي من طريق التلفيق، بل عن طريق الثورة الفكرية.

وهذه الحالة تورطنا بصورة اكبر عندما تتعلق المسالة بجانب اساسي وهام من افكار الدين، فلا باس بان يقوم احدنا بتفسير جديد لظاهرة (الشهاب الثاقب) التي وردت في القرآن، حين يجد كشفا جديدا في علم الفلك الحديث، ولكننا لو قبلنا نظرية كلية شاملة، وذات علاقة بالمشكلات الاخرى التي تثار حول الدين، فسوف يكون لذلك تاثير عميق وكلي في هيكل الفلسفة الدينية بنفسه.

واوضح مثال في هذا، هو تلك الجماعة من علمائنا الذين قبلوا ( نظرية النشوء والارتقاء)، لان علماء الغرب اعلنوا اقتناعهم الكامل بصدقها، بعد دراساتهم ومشاهداتهم. واضطروا، بناء على هذا، الى تفسير جديد للاسلام في ضوء النظرية الجديدة، وحين احتاجوا الى لباس جديد، قاموا بتفصيل ثوب الاسلام مرة اخرى، ولكنه ثوب مشوه المعالم، لا اثر فيه من روح الاسلام، التي ضاعت مع الاجزاء المقطعة في عملية التلفيق الجديدة.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

الوضوء

المعتبر (مجلد ١ صفحة ١٤٢) " الخامس: لايلزم تخليل شعر اللحية ولا الشارب ولا العنفقة ولا الاهداب كثيفا كان الشعر أو خفيفا، بل لا يستحب. وأطلق الجمهور على الاستحباب.

وقال ابن عقيل: ومتى خرجت اللحية ولم تكثر فعلى المتوضأ غسل الوجه حتى يستيقن وصول الماء إلى بشرته، لانه لم تستر مواضعها ".

تذكرة الفقهاء (مجلد ١ صفحة ١٦) " قال أبوحنيفة في الشعر المحاذي لمحل الفرض يجب مسحه.

وفي رواية أخرى عنه مسح ربعه، وهي عن أبي يوسف أيضا، وعنه ثانية سقوط الفرض عن البشرة، ولا يتعلق بالشعر وهي عن أبي حنيفة أيضا.

واعتبر أبوحنيفة ذلك بشعر الرأس فقال إن الفرض إذا تعلق بالشعر كان مسحا، وهو خطأ لقوله عليه السلام " إكشف وجهك فإن اللحية من الوجه " لرجل غطى لحيته في الصلاة، بخلاف شعر الرأس، فإن فرض البشرة تحته المسح، وهنا الفرض تحته الغسل فإذا انتقل الفرض إليه انتقل على صفته وأما إن كان الشعر خفيفا لايستر البشرة فالاقوى عندي غسل ما تحته، وإيصال الماء إليه، وبه قال ابن عقيل، وهو مذهب الشافعي، لانها بشرة ظاهرة من الوجه. وقال الشيخ لايجب تخليلها كالكثيفة، والفرق ظاهر ".

تحرير الاحكام (مجلد ١ صفحة ٩) " لايجب تخليل الاهداب، ولا الشارب، ولا العنفقة، ولا الحواجب، سواء كانت كثيفة أو خفيفة، بل يجب غسل هذه المواضع إن فقد الشعر، وإلا فإمرار الماء على ظاهر الشعر.

وقول ابن أبي عقيل متى خرجت اللحية، ولم تكثر فعلى المتوضئ غسل الوجه حتى يصل الماء إلى بشرته، غير معتمد ".

٨١

مختلف الشيعة (مجلد ١ صفحة ١٧) " مسألة: مس القبل والدبر باطنا أو ظاهرا من المحرم أو المحلل لا ينفض الوضوء، ولا يوجبه، ذهب إليه أكثر علماء‌نا كالشيخين رحمهما الله وابن أبي عقيل وأتباعهم وقال ابن الجنيد: إن من مس ماانضم عليه الثقبان نقض وضوء‌ه، ومس ظهر الفرج من الغير إذا كان بشهوة فيه الطهارة واجبة في المحلل والمحرم احتياطا، ومس باطن الفرجين من الغير ناقض للطهارة من المحلل والمحرم.

وقال أبوجعفر بن بابويه: إذا مس الرجل باطن دبره أو باطن إحليله يعيد الوضوء، وإن كان في الصلاة قطع الصلاة وتوضأ وأعاد الصلاة ومن فتح إحليله إعاد الوضوء والصلاة ".

(وصفحة ٢١) " مسألة: أوجب الشيخ ابتداء غسل الوجه من قصاص شعر الرأس إلى محادر شعر الذقن، وفي غسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الاصابع، فإن نكس أعاد الوضوء وجوبا ورواه ابن بابويه في كتابه وابن أبي عقيل أوجبه، وكذا ابن الجنيد، وسلار، وابن حمزة، وابن زهرة، وهو الظاهر من كلام أبي الصلاح، وعلي بن بابويه وقال السيد المرتضى إنه مستحب، وليس بواجب، فلو نكس عمدا لم يبطل وضوؤه، ولم يكن قد فعل محرما، وهو اختيار ابن إدريس والوجه الاول ".

(وصفحة ٢٢) " مسألة: لا خلاف في أنه يجب غسل الوجه واليدين مستوعبا للجميع، فلو لم يكف الكف الاول وجب الثاني، ولو لم يكفيا وجب الثالث، وهكذا. ولا يتقدر الوجوب بقدر معين. وأما إذا حصل الغسل بالكف الاول والمرة الاولى هل يستحب المرة الثانية في غسل الوجه واليدين؟ أكثر علمائنا على استحبابها كابن أبي عقيل، وابن الجنيد، والشيخين، وأتباعهم، ولم يذكره علي بن بابويه وقال ابنه أبوجعفر: الثانية لايؤجر عليها.

" ما رواه عبدالله بن بكير عن أبي عبدالله عليه السلام قال " من لم يتيقن أن واحدة من الوضوء تجزيه لم يؤجر على الثنتين مسألة: وفي الثالثة قولان، قال الشيخ وابن بابويه

٨٢

وابن إدريس وأكثر علمائنا إن الثالثة بدعة، وبه قال أبوالصلاح، قال لايجوز تثليث الغسل فإن ثلث بطل الوضوء وقال ابن الجنيد الثالثة زيادة غير محتاج إليها وقال المفيد رحمه الله الغسل مرة فريضة، وتثنيته إسباغ وفضيلة، وتثليثه تكلف، فمن زاد على ثلاث أبدع وكان مأزورا، وقال ابن أبي عقيل: السنة الاتيان بالماء على الاعضاء مرتين، الفرض من ذلك مرة لاتجزي الصلاة إلا بها والاثنتين سنة لئلا يكون قد قصر المتوضي في المرة الاولى، فتكون الاخرى تأتي على تقصيره، فإن تعدى المرتين لايؤجر على ذلك، جاء التوقيف عنهم عليهم السلام. وكلام ابن الجنيد والمفيد وابن عقيل يدل على تسويغ الثالثة، والحق ما اختاره الشيخ رحمه الله ".

(وصفحة ٢٣) " مسألة: المشهور بين علمائنا الاكتفاء في مسح الرأس، والرجلين بإصبع واحدة، اختاره الشيخ في أكثر كتبه، وابن أبي عقيل، وابن الجنيد، وسلار، وأبو الصلاح، وابن البراج، وابن إدريس".

(وصفحة ٢٤) " مسألة: قال الشيخ رحمه الله في المبسوط: لا يستقبل شعر الرأس في المسح، فإن خالف أجزأه، لانه ترك الافضل. وفي أصحابنا من قال لا يجزيه.

وقال في الخلاف لايجوز، وقال أبوجعفر بن بابويه: ولا يرد الشعر في غسل اليدين ولا في مسح الرأس والقدمين. وابن إدريس ذهب إلى أن الاستقبال مكروه.

وقال ابن أبي عقيل: كيف مسح أجزأه وإبن حمزة أوجب ترك الاستقبال، وهو الظاهر من كلام الشيخ في التهذيب.

وقال السيد المرتضى الفرض مسح مقدم الرأس دون ساير أبعاضه من غير استقبال الشعر، ولا شبهة في وجوب مسح المقدم، وأما ترك استقبال الشعر فهو عند أكثرهم واجب، ومنهم من يرى أنه مسنون.

والحق عندي ما ذهب إليه الشيخ أولا.

لنا: أنه يصدق عليه الامتثال في الامر بالمسح سواء استقبل أو استدبر. وما رواه الشيخ في الصحيح عن حماد بن عثمان عن أبي عبدالله عليه السلام قال " لابأس بمسح الوضوء مقبلا ومدبرا ".

٨٣

"..مسألة: الذي اخترناه في كتبنا مثل منتهى المطلب والتحرير وقواعد الاحكام والتلخيص وغيرها أنه يجوز المسح على الرجلين منكوسا، بأن يبتدئ من الكعبين إلى رؤوس الاصابع على كراهية، والاولى الابتداء من رؤوس الاصابع إلى الكعبين، وليس واجبا، وهو اختيار الشيخ في المبسوط، والنهاية، وابن أبي عقيل، وسلار، وابن البراج، وقال ابن إدريس يجب الابتداء من رؤوس الاصابع إلى الكعبين، وهو الظاهر من كلام ابن بابويه والسيد المرتضى، وإن كان في كلامهما احتمال وهو الاقوى عندي ".

" مسألة: المشهور بين علمائنا سقوط وجوب ترتيب المسح بين الرجلين، بل يجوز مسحهما دفعة واحدة بالكفين، ومسح اليمنى قبل اليسرى، وبالعكس، وقال سلار يجب مسح اليمنى قبل اليسرى، قال وفي أصحابنا من لايرى بين الرجلين ترتيبا. وقال ابن أبي عقيل عقيب ذكر ترتيب الاعضاء: وكذا إن بدأ فمسح رجله اليسرى قبل اليمنى رجع فبدأ باليمنى ثم أعاد اليسرى.

وقال ابن الجنيد لو بدأ بيساره على يمينه في اليد أو الرجل على يساره بعد يمينه، ولا يجزيه إلا ذلك.

وقال ابن بابويه يبدأ بالرجل اليمنى في المسح قبل اليسرى، وكذا قال ولده أبوجعفر. والوجه الاول.

لنا: أنه تعالى أوجب مسح الرجلين مطلقا، وهو يصدق مع الترتيب، وعدمه، فيخرج عن العهدة بأيهما كان إذ لا دلالة للكلي على الجزئي، ولان الاحاديث وردت مطلقة ".

الدروس (صفحة ٤) " درس: سنن الوضوء وضع الاناء على اليمين، والاغتراف، والتسمية، والدعاء، والسواك، والمضمضة، والاستنشاق ثلاثا ثلاثا، والدعاء فيهما، وتثنية الغسل، لا المسح فيكره، وتحرم الثالثة، وتبطل إن مسح بمائها. وإنكار ابن بابويه التثنية ضعيف، كما عف قول ابن أبي عقيل بعدم تحريم الثالثة ".

٨٤

الذكرى (صفحة ٨٣) " وفي الخلاف لايجب إيصال الماء إلى أصل شئ من شعر الوجه، مثل شعر الحاجبين والاهداب والعذار والشارب بالاجماع. وابن أبي عقيل لما ذكر حد الوجه قال: وما سوى ذلك من الصدغين والاذنين فليس من الوجه، ولم يذكر العذار، فإطلاقه قد يشمله ".

(وصفحة ٨٨) " مسائل: الاولى، الكعبان عندنا: معقد الشراك (وقبتا) القدم وعليه إجماعنا، وهو مذهب الحنفية وبعض الشافعية. وأكثر الاصحاب عبر عنهما الناتيان في وسط القدم، أو ظهر القدم، وقال المفيد: هما قبتا القدمين أمام الساقين غير مابين المفصل والمشط.وقال ابن أبي عقيل: الكعبان ظهر القدم.

و (قال) ابن الجنيد: الكعب في ظهر القدم دون عظم الساق ".

(وصفحة ٨٩) " الخامسة هل يجب البدأة باليمنى من الرجلين؟ المشهور العدم لاطلاق الآية والاخبار.

وظاهر ابني بابويه وابن أبي عقيل وجوبه. وبه أفتى ابن الجنيد، وسلار، عملا بالوضوء البياني واخذ بالاحتياط. وفي كلام بعضهم يجوز مسحهما معا لا تقديم اليسرى، والعمل بالترتيب أحوط ".

(وصفحة ٩٠) " مسائل ثلاث: الاولى اختلف الاصحاب في وجوب الترتيب بين الرجلين فابن الجنيد وابن أبي عقيل للاحتياط والوضوء البياني، والاكثر لا للاصل ولقوله تعالى " وأرجلكم " مع عدم قيام مناف له كما في اليدين ". (وصفحة ٩٤) " تنبيه: المشهور تحريم الثالثة، لانها إحداث في الدين ما ليس منه، وهو معنى البدعة.

قال بعضهم: ولمنعها عن الموالاة الواجبة، وهو بناء على المتابعة، ولمرسل ابن أبي عمير عن الصادق عليه السلام " الوضوء واحدة فرض، واثنتان لايؤجز، والثالثة بدعة " وقال ابن الجنيد وابن أبي عقيل بعدم التحريم لقول الصادق عليه السلام في رواية زرارة " الوضوء مثنى مثنى، من زاد لم يؤجر عليه ".

قلنا هو أعم من الدعوى مع معارضة الشهرة ".

٨٥

" المفيد جعل الزايد على الثلاث بدعة يؤزر فاعلها، وابن أبي عقيل إن تعدى المرتين لايؤجر على ذلك، وابن الجنيد الثالثة زيادة غير محتاج إليها، وبالغ أبوالصلاح فأبطل الوضوء بالثالثة وهو حسن ".

رسائل الكركي (مجلد ٣ صفحة ١٩٢) " الخفيف من الشعر ما تتراء‌ى البشرة من خلاله في مجلس التخاطب، أو ما يصل الماء إلى منبته من غير مبالغة. وقد يؤثر الشعر في أحد الامرين دون الآخر بحسب السبوطة والجعودة، والكثيف يقابله في المعنيين. ثم الفرق بين الخفيف والكثيف في إيجاب تخليل الاول بحيث يصل الماء إلى منبته، هو ما ذهب إليه العلامة في المختلف والتذكرة، وعزاه في المختلف إلى ابن الجنيد والمرتضى، وعبارتهما غير مصرحة بمراده، لكن هي قبل التأمل الصادق موهمة، وفي التذكرة نسبه إلى ابن أبي عقيل ".

روض الجنان (صفحة ١٢٦) " وقال علي بن بابويه يجب مسح الوجه جميعه، استنادا إلى روايات بعضها ضعيف السند، ويمكن حملها على الاستحباب، واختار المحقق في المعتبر التخيير بين مسح جميع الوجه وبعضه، لكن لايقتصر على أقل من الجبهة من الجانبين عملا بالاخبار، ونقله عن ابن أبي عقيل.

ولابد من إدخال جزء من غير محل الفرض من باب المقدمة من جميع الجهات في جميع الاعضاء.

ويجب البدأة في مسح الجبهة بالاعلى فلو نكس بطل إما لمساواة الوضوء أو تبعا للتيمم البياني ".

مدارك الاحكام (مجلد: ١ صفحة ١٥٠) والحكم بوجوب الوضوء خاصة بالاستحاضة القليلة مذهب أكثر الاصحاب، وهو المعتمد، للاخبار الصحيحة الدالة عليه.

وقال ابن أبي عقيل " لايجب في هذه الحالة وضوء ولا غسل ".

وقال ابن الجنيد رحمه الله بإيجابها غسلا واحد في اليوم والليلة. وهما ضعيفان ".

٨٦

(وصفحة ٢١٨) وقال ابن أبي عقيل الكعبان في ظهر القدم.

وقال ابن الجنيد رحمه الله الكعب في ظهر القدم دون عظم الساق، وهو المفصل الذي قدام العرقوب ".

(وصفحة ٢٤٧) المضمضة هي إدارة الماء في الفم، والاستنشاق اجتذابه بالانف. والحكم باستحبابهما هو المعروف من المذهب، والنصوص به مستفيضة.

وقال ابن أبي عقيل " إنهما ليسا بفرض ولا سنة ". وله شواهد من الاخبار، إلا أنها مع ضعفها قابلة للتأويل، نعم روى زرارة في الصحيح، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال " المضمضة والاستنشاق ليسا من الوضوء " ونحن نقول بموجبها، فإنهما ليسا من أفعال الوضوء وإن استحب فعلهما قبله كالسواك والتسمية ونحوهما ".

الحدائق الناضرة (مجلد: ٢ صفحة ٢٣) (الثامن) اختلف الاصحاب رضوان الله عليهم فيمن صلى ناسيا للاستنجاء، فالمشهور وجوب الاعادة وقتا وخارجا.

وعن ابن الجنيد تخصيص وجوب الاعادة بالوقت واختيار الاستحباب خارجه.

وعن الصدوق في الفقيه وجوب الاعادة في البول دون الغائط فلا يعيد، وزاد في البول إعادة الوضوء أيضا.

وعن ابن أبي عقيل ان الاولى إعادة الوضوء ولم يقيد ببول ولا غائط. وروايات المسألة مختلفة جدا.

٨٧

مندوبات الوضوء

مختلف الشيعة (جلد ١ صفحة ٢١) مسألة: المشهور عند علمائنا استحباب المضمضة والاستنشاق، وقال ابن أبي عقيل إنهما ليسا عند آل الرسول عليهم السلام بفرض ولا سنة.

لنا: أنهما من العشرة الحنفية، وما رواه الشيخ عن عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبدالله عليه السلام، وحكى وضوء أمير المؤمنين علي عليه السلام قال " ثم تمضمض وقال أللهم لقني حجتي يوم ألقاك، وأطلق لساني بذكرك ثم استنشق وقال الدعاء ".

الذكرى (صفحة ٩٣) " قول الباقر عليه السلام في رواية زرارة " ليستا من الوضوء " يعني من واجباته وروى زرارة أيضا عنه عليه السلام " ليس المضمضة والاستنشاق فريضة ولا سنة، إنما عليك أن تغسل ماظهر " يحمل على نفي سنة خاصة، أي مما سنه النبي صلى الله عليه وآله حتما، فإن ذلك قد يمسى سنة لثبوته بالسنة وإن كان واجبا.

ويمكن تأويل كلام ابن أبي عقيل ليسا بفرض ولا سنة بهذا أيضا، فيرتفع الخلاف في استحبابهما "."..

مسائل: الاولى استحبابه يعم الصايم والمحرم، أما الصايم فلرواية محمد بن مسلم عن أبي عبدالله عليه السلام " يستأك الصايم أي النهار شاء، ولا يستاك بعود رطب " وما فيها من الدلالة على فضل السواك، وعلى كراهيته بالرطب للصايم، كما أفتى به ابن أبي عقيل والشيخ في الاستبصار ".

روض الجنان (صفحة ٤٢) " والمضمضة والاستنشاق على المشهور، وقول ابن أبي عقيل أنهما ليسا بفرض ولا سنة ضعيف، أومؤول بالسنة المحتمة، فيرادف الفرض، والجمع بينهما للتأكيد، وكثيرا ما يذكر في كتابه السنة ويريد بها الفرض ".

٨٨

الحدائق النا ضرة (مجلد ٢ صفحة ١٥٦) " (منها) المضمضة والاستنشاق على المشهور فتوى والاظهر نصا، ونقل في المختلف عن ابن أبي عقيل أنه قال " إنهما ليسا عند آل الرسول عليهم السلام بفرض ولا سنة ".

والاخبار في ذلك مختلفة على وجه يعسر جمعها.

(وصفحة ١٦١) " وما نقله في المختلف عن ابن أبي عقيل هو بعينه مضمون رواية زرارة المتقدمة لان من شأنه قدس سره في كتابه بل جملة المتقدمين التعبير بمتون الاخبار، وحينئذ فيحمل كلامه على ماتحمل عليه الرواية.

(وصفحة ٢٦٤) ويظهر من العلامة في المختلف اختيار ذلك أيضا، بل نسبه فيه إلى المشهور ولم ينقل القول بالمسمى فيه أصلا، حيث قال المشهور بين علمائنا الاكتفاء في مسح الرأس والرجلين بإصبع واحدة ثم نقله عن الشيخ في أكثر كتبه وابن أبي عقيل وابن الجنيد وسلار وأبي الصلاح وابن البراج وابن إدريس، ثم نقل جملة من عبائر الاصحاب المشتملة على المسح بثلاث أصابع...

المشهور بين علمائنا الاكتفاء في مسح الرأس والرجلين بإصبع واحدة " ثم نقله عن الشيخ في أكثر كتبه وابن أبي عقيل وابن الجنيد وسلار وأبي الصلاح وابن البراج وابن إدريس، ثم نقل جملة من عبائر الاصحاب المشتملة على المسح بثلاث أصابع. وبذلك أيضا صرح الشهيد في الدروس.

(وصفحة ٢٩٨) ولا يخفى عليك ما فيه من الصراحة في المعنى المشهور.

وجملة من عبارات الاصحاب كابن أبي عقيل والسيد المرتضى وأبي الصلاح والشيخ في أكثر كتبه وابن إدريس والمحقق قد اشتركت في وصف الكعبين بأوصاف متلازمة، من وصفه بالنتوء في ظهر القدم عند معقد الشراك في بعض. وكونه في ظهر القدم في أخرى، وكونه معقد الشراك في ثالثة. والتنوء في وسط القدم في رابعة، وكونهما في ظهر القدم عند معقد الشراك في خامسة، وأنهما معقدا الشراك في سادسة، وكونهما قبتي القدم في سابعة. والعلامة رحمه الله قد ادعى انصباب هذه العبارات على ماذهب إليه وادعى

٨٩

اشتباهها على غير المحصل، وشيخنا البهائي طاب ثراه أوضح هذه الدعوى بأن هذه العبارات لاتأبى الانطباق على ماذهب إليه العلامة من المعنى الثالث من معاني الكعب المتقدمة، لان غاية ما يتوهم منه المنافاة وصفه بالنتوء في وسط القدم، والعلامة قد فسره في التذكرة والمنتهى بذلك لكنه يقول ليس هو العظم الواقع أمام السابق بين المفصل والمشط بل هو العظم الواقع في ملتقى الساق والقدم، وهو الذي ذكره المشرحون، وهو كما تقدم نتوء في وسط ظهر القدم أعني وسطه العرضي ولكن نتوء غير ظاهر لحس البصر لارتكاز أعلاه في حفرتي الساق... جملة من عبارات الاصحاب كإبن أبي عقيل والسيد المرتضى وأبي الصلاح والشيخ في أكثر كتبه وابن إدريس والمحقق قد اشتركت في وصف الكعبين بأوصاف متلازمة، من وصفه بالنتوء في ظهر القدم عند معقد الشراك في بعض. وكونه في ظهر القدم في أخرى، وكونه معقد الشراك في ثالثة، والنتوء في وسط القدم في رابعة، وكونهما في ظهر القدم عند معقد الشراك في خامسة، وأنهما معقدا الشراك في سادسة، وكونهما قبتي القدم في سابعة.

(وصفحة ٣٤٥) (الرابع) المشهور بين الاصحاب تحريم الغسلة الثالثة، وقد صرح جملة من الاصحاب: منهم الصدوق والشيخ في الخلاف فيما تقدم من عبارتيهما بمدعاهما، ونقل عن المبسوط والنهاية أيضا.

ونقل عن ابن الجنيد وابن أبي عقيل القول بعدم التحريم، لكن الذي في المختلف عن ابن أبي عقيل التعبير عن ذلك بنفي الاجر، كما هو مضمون رواية زرارة المتقدمة وقد عرفت ما في هذا اللفظ.

والشيخ المفيد رحمه الله في المقنعة أثبت التحريم فيما زاد على الثلاث وجعل الثالثة كلفة. والاظهر المشهور ".

جواهر الكلام (مجلد: ٢ صفحة ١٤٨) ولو خالف و (غسل منكوسا لم يجز على الاظهر) كما في صريح المبسوط والمعتبر والمنتهى والقواعد والتحرير والارشاد وجامع المقاصد وظاهر المقنعة والوسيلة والتنقيح، ونسبه

٩٠

في المختلف إلى سلار وابن أبي عقيل وابن الجنيد، وقال إنه رواه ابن بابويه في كتابه، وأنه ظاهر أبي الصلاح لكن ماوصل إلي من عبارة المراسم لا ظهور فيها بذلك كعبارة المهذب والكافي، وأما الغنية فصريحة في إرادة التحديد، ولعله لذا لم ينقل عنهم في كشف اللثام، فلاحظ وتأمل.

(وصفحة ١٥٥) وفي الخلاف بعد أن الاصل براء‌ة الذمة، وإيجاب التخليل يحتاج إلى دليل، وعليه اجماع الفرقة وظاهر إطلاق المصنف وغيره وما سمعت من الاخبار عدم الفرق بين الكثيفة والخفيفة كما نص عليه في المعتبر والتحرير والمنتهى والارشاد وجامع المقاصد والروضة، بل نسبه في الدروس إلى الشهرة ظاهرا منها اختياره، بل ربما نقل عن المبسوط، وقد سمعت إطلاق كلامه في الخلاف، وقيل إن خفت اللحية وجب تخليلها، واختاره في القواعد والمختلف واللمعة، كما عن ظاهر ابني الجنيد وأبي عقيل والسيد في الناصريات، والمراد بالتخفيف ما تتراء‌ى البشرة من خلاله في مجلس التخاطب، ويقابله الكثيف كما يظهر من بعضهم، بل نص عليه في جامع المقاصد والروضة وغيرهما، لكن لايخفى عليك ما في هذا التفسير من الاجمال، لاختلاف المجالس وأحوال الشعر وجلوس المخاطب، فلعل إناطته بالعرف أولى من ذلك وإن كان هو لبيانه.

(وصفحة ١٦٣) بل في التنقيح وكشف اللثام نسبته إلى الاكثر، وحكاه في المختلف عن الشيخ وابني حمزة وأبي عقيل وسلار، وقال إنه رواه ابن بابويه في كتابه، خلافا لابن إدريس في السرائر، فحكم بالكراهة، وعن المرتضى في أحد قوليه، فحكم باستحباب البداء‌ة من المرفق، والاصح الاول، لكثير مما تقدم في الوجه، بل هنا أولى، لظهور كثير من الوضوء‌ات البيانية فيه، ففي بعضها أنه صلى الله عليه وآله (أفرغه على ذراعيه من المرفق إلى الكف لايردها إلى المرفق) بل خبر علي بن يقطين المشهور المشتمل على المعجزة كاد يكون صريحا في ذلك، بل هو صريح، بل قد سمعت مافي خبر ابن عروة التميمي من التصريح بذلك.

٩١

(وصفحة ١٧٠) وفي المدارك أنه المشهور بين الاصحاب وفي المختلف ان المشهور بين علمائنا الاكتفاء في مسح الرأس والرجلين بإصبع واحدة، واختاره الشيخ في أكثر كتبه وابن أبي عقيل وابن الجنيد وسلار وأبوالصلاح وابن البراج وابن إدريس، انتهى.

(وصفحة ١٩٥) (والافضل مسح الرأس مقبلا، ويكره مدبرا على الاشبه) بأصول المذهب وقواعده، ووفاقا للسرائر والمعتبر والنافع والمنتهى والمختلف والتحرير والارشاد والقواعد والالفية وجامع المقاصد والروضة وغيرها على اختلاف فيها لايقدح في أصل جواز النكس، وهو قضية إطلاق الهداية والجمل والعقد والاشارة والمراسم وغيرها، والمنقول عن الاصباح والمبسوط وابن أبي عقيل والشهيد في البيان والمقداد في التنقيح وغيرهم، ولعله لذا قال في الحدائق إنه المشهور، وقيل لايجوز النكس، كما هو خيرة الصدوق في الفقيه والمرتضى في الانتصار والشيخين في المقنعة والخلاف وظاهر التهذيب بل صريحه، وهو المنقول عن ظاهر النهاية وصريح الوسيلة، واختاره الشهيد في ظاهر الدروس، ونسبه فيها إلى الشهرة بين الاصحاب.

(وصفحة ٢١٥) (وهما قبتا القدمين) كما في النافع والروضة والتنقيح ناسبا له في الاخير إلى أصحابنا وقبتا القدمين أمام الساقين مابين المفصل والمشط، فالكعب في كل قدم واحد، وهو ماعلا منه في وسطه على الوصف المتقدم، كما في المقنعة، بل في التهذيب الاجماع ممن قال بوجوب المسح عليه، وهما معقد الشراك، كما في الاشارة والمراسم وعن الكافي، والعظمان اللذان في ظهر القدمين عند معقد الشراك، كما في السرائر، والنابتان في وسط القدم عند معقد الشراك كما في الغنية، وحكى عليه الاجماع المتقدم عن الشيخ، والعظمان النابتان في وسط القدم كما في الخلاف والجمل والعقود وعن المبسوط، حاكيا في الاول الاجماع المتقدم، والعظمان النابتان في ظهر القدم عند معقد الشراك كما في الانتصار وعن مجمع البيان، ومكان الظهر وسط كما في المهذب، حاكيا في الاول عليه الاجماع المتقدم وفي الثاني نسبته إلى

٩٢

الامامية، وهما ظهر القدم كما عن ابن أبي عقيل، وفي ظهر القدم دون عظم الساق وهو المفصل الذي قدام العرقوب كما عن ابن الجنيد، والعظمان النابتان في وسط القدم وهما معقد الشراك كما في المعتبر والمنتهى، ناسبا له في الاول إلى فقهاء أهل البيت عليهم السلام، وفي الثاني إلى علمائنا، ومعقد الشراك وقبتا القدم، وعليه إجماعنا كما في الذكرى، والعظمان اللذان في ظهر القدم كما عن النهاية الاثيرية، ناسبا له إلى الشيعة، ونحوه في ذلك مانقل عن صاحب لباب التأويل، وافقنا عليه محمد بن الحسن الشيباني من العامة، وخالف الباقون، فذهبوا إلى أنهما العظمان النابتان يمين الساقين وشمالهما، كما نقلذلك عنهم في المقنعة والتهذيب والخلاف والانتصار والمعتبر والمنتهى وغيرها.

(وصفحة ٢٢١) وقد يعبر عنه بالمفصل لمجاورته له، أو من قبيل تسمية الحال باسم المحل، وهو الذي في أرجل الغنم والبقرة، وبحث عنه علماء التشريح، وبه قال الاصمعي ومحمد بن الحسن الشيباني كما نقله عنهما العامة في كتبهم، وهو الكعب على التحقيق الذي أراده العلامة رحمه الله، وعبارة ابن الجنيد والسيد المرتضى والشيخ وأبي الصلاح وابن أبي عقيل وابن إدريس والمحقق لاتأتي الانطباق عليه، والعلامة لاينكر أن الكعب نات في وسط القدم، كيف وقد فسره بذلك في المنتهى والتذكرة وغيرهما، ولكنه يقول هو ليس العظم الواقع أمام الساق بين المفصل والمشط، بل هو العظم الواقع في ملتقى الساق والقدم.

(وصفحة ٢٢٧) ظاهر الروضة الوجوب، وهو المحكي عن ابني الجنيد وأبي عقيل وعلي بن بابويه، وفي كشف اللثام أنه يقتضيه إطلاق ابن سعيد وجوب تقديم اليمين على اليسار، قلت: ونحوه الشيخ في الخلاف، قال (الترتيب واجب في الوضوء في الاعضاء كلها، ويجب تقديم اليمين على اليسار إلى أن قال دليلنا الاجماع من الفرقة).

(وصفحة ٢٧٦) قال في المقنعة " وتثليثه تكلف، ومن زاد على ثلاث أبدع وكان مأزورا " وإبن الجنيد

٩٣

" الثالثة زيادة غير محتاج إليها " مع عدم صراحة الثاني بعدم الحرمة، كالمنقول عن إبن أبي عقيل أنه إن تعدى المرتين لايؤجر عليه، ويدل عليه مضافا إلى مادل على حرمة إدخال ماليس من الدين في الدين خصوص مرسلة إبن أبي عمير عن الصادق عليه السلام " والثالثة بدعة " منضما إلى قوله عليه السلام في خبر عبدالرحيم القصير " قال رسول الله صلى الله عليه وآله " كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار ".

(وصفحة ٣٣٥) (و) من سننه (المضمضة والاستنشاق) لا واجبان فيه كما عن إسحاق وأحمد، للاصل والوضوء‌ات البيانية، وللاجماع المحصل والمنقول، والسنة التي كادت تكون متواترة، بل هي كذلك بالنسبة إليه، نعم هما مسنونان بلا خلاف أجده فيه بين أصحابنا المتقدمين منهم والمتأخرين عدا ما نقل عن ابن أبي عقيل من أنهما ليسا عند آل الرسول صلى الله عليه وآله بفرض ولا سنة، وهو ضعيف جدا، للاجماع المحكي صريحا وظاهرا الذي يشهد له التتبع لكلمات الاصحاب، وللاخبار المعتبرة المستفيضة حد الاستفاضة، منها مارواه ابن سنان عن الصادق عليه السلام " المضمضة والاستنشاق مما سن رسول الله صلى الله عليه وآله كمضمرة سماعة هما من السنة ".

٩٤

النجاسات: البول

مختلف الشيعة (مجلد ١ صفحة ٥٥) " قال في المسائل الناصرية: كل حيوان يؤكل لحمه، فبوله وروثه طاهر، وكذا قال أبو الصلاح وهو الظاهر من كلام ابن أبي عقيل، وابن البراج، وأفتى ابن إدريس بالطهارة أيضا، وهو قول سلار.

وأما الشيخان رحمهما الله فإنهما استثنيا ذرق الدجاج من الحكم بطهارة رجيع مايؤكل لحمه، وهو يدل على حكمهما بالتنجيس إلا أن الشيخ رحمه الله ذهب إلى طهارته في الاستبصار، وهو المعتمد.

(وصفحة ٥٦) " مسألة: قال الشيخ في المبسوط: بول الطيور وذرقها كلها طاهر، إلا الخشاف، فإنه نجس.

وقال ابن أبي عقيل: كل ما استقل بالطيران فلا بأس بذرقه، وبالصلاة فيه.

وقال ابن بابويه لا بأس بخرء ما طار وبوله، ولابأس ببول كل شئ أكلت لحمه.

والمشهور نجاسة رجيع ما لايؤكل لحمه من طيور وغيرها، وهو المعتمد ".

الذكرى (صفحة ١٣) " الاول والثاني: البول والغايط من ذي النفس غير المأكول ولو بالعرض كالجلال، لقول الصادق عليه السلام " إغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه " وأخرج ابن بابويه وابن أبي عقيل والجعفي الطير، لقول الصادق عليه السلام " كل شئ يطير فلا بأس بخرئه وبوله ".

مدارك الاحكام (مجلد: ٢ صفحة ٢٥٩) " أما الارواث فلم أقف فيها على نص يقتضي نجاستها من غير المأكول على وجه

٩٥

العموم، ولعل الاجماع في موضع لم يتحقق فيه المخالف كاف في ذلك.

وقد وقع الخلاف في هذه المسألة في موضعين: أحدهما: رجيع الطير، فذهب ابن بابويه وابن أبي عقيل والجعفي رحمه الله تعالى إلى طهارته مطلقا.

وقال الشيخ في المبسوط " بول الطيور وذرقها كلها طاهر إلا الخفاش " وقال في الخلاف " ماأكل فذرقه طاهر، وما لم يؤكل فذرقه نجس وبه قال أكثر الاصحاب ".

(وصفحة ٢٦٠) وفي الحسن عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال كل شئ يطير لا بأس بخرئه وبوله وهي متناولة للمأكول وغيره.

وأجاب العلامة رحمه الله في المختلف عن هذه الرواية بأنها مخصوصة بالخشاف إجماعا فيختص بما شاركه في العلة، وهو عدم كونه مأكولا. وفساده واضح أما أولا: فلمنع الاجماع على تخصيص الخشاف، فإنه رحمه الله قد حكى في صدر المسألة عن ابن بابويه وابن أبي عقيل القول بالطهارة مطلقا، ونقل استثناء الخشاف عن الشيخ في المبسوط خاصة.

الحدائق الناضرة (مجلد: ٥ صفحة ٦) الاول رجيع الطير وهذا من الكلية الثانية، فذهب الصدوق إلى طهارته مطلقا حيث قال في الفقيه " ولا بأس بخرء ما طار وبوله " وهو ظاهر في إطلاق القول بالطهارة، ونقله الاصحاب أيضا عن ابن أبي عقيل والجعفي.

(وصفحة ٧) قال في الفقيه " ولا بأس بخرء ما طار وبوله " وهو ظاهر في إطلاق القول بالطهارة، ونقله الاصحاب أيضا عن ابن أبي عقيل والجعفي، وهو قول الشيخ في المبسوط إلا أنه استثنى منه الخشاف قال " بول الطيور وذرقها كله طاهر إلا الخشاف ".

(وصفحة ١٠) واعترضه في المدارك بأن فساده واضح (أما أولا) فلمنع الاجماع على تخصيص الخشاف فإنه قدس سره قد حكى في صدر المسألة عن ابن بابويه وابن أبي عقيل القول بالطهارة مطلقا ونقل استثناء الخشاف عن الشيخ قدس سره في المبسوط خاصة.

٩٦

جواهر الكلام (مجلد: ٥ صفحة ٢٧٥) نعم ينبغي أن يعلم أن محله في غير الطير من غير المأكول ذي النفس، لظهور القول بطهارة بولها وخرئها من الفقيه كما عن الجعفي وابن أبي عقيل، بل هو صريح المبسوط في غير الخشاف، والمفاتيح والحدائق مطلقا كما عن حديقة المجلسي وشرحه على الفقيه والفخرية وشرحها الرياض الزهرية وكشف الاسرار، بل هو ظاهر كشف اللثام وشرح الدروس، بل لعله ظاهر المنتهى أيضا، لكن في غير الخشاف، بل وفيه أيضا.

(وصفحة ٢٨٨) قال في مبسوطه في آخر كتاب الصيد: إن رجيع مايؤكل لحمه ليس بنجس عندنا إلى آخره.

بل ظاهر الشيخ الاجماع كظاهر العلامة في المنتهى، وأما الصدوق فظاهره في الفقيه أو صريحه الطهارة، كما حكاه عنه وعن المرتضى وسلار وأبي الصلاح وظاهر ابني أبي عقيل والبراج في المختلف، فانحصر الخلاف حينئذ في المفيد. ومع ذلك كله فهو الموافق للاصل، للعمومات والمعتبرة المستفيضة الدالة على نفي البأس عن فضلة مأكول اللحم منطوقا ومفهوما، وما سمعته من الاجماعات المحكية المعتضدة بالتتبع لكلمات الاصحاب أيضا ".

٩٧

الخمر

المعتبر (مجلد ١ صفحة ٤٢٢) " مسألة: الخمر نجسة العين، وهو مذهب الثلاثة وأتباعهم، والشافعي وأبي حنيفة وأكثر أهل العلم، وقال محمد بن بابويه وابن أبي عقيل منا: ليست نجسة، وتصح الصلاة مع حصولها في الثوب وإن كانت محرمة.

لنا قوله تعالى " إنما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه " والآية دالة من وجهين: أحدهما ان الوصف بالرجاسة وصف بالنجاسة لترادفهما في الدلالة. والثاني: انه أمر بالاجتناب، وهو موجب للتباعد المستلزم للمنع من الاقتراب لجميع الانواع لان معنى اجتنابها، كونه في جانب غير جانبها.

ويويد ما قلناه مارواه الاصحاب عن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " ولا يصلي في ثوب أصابه خمر أو مسكر حتى يغسل ".

مختلف الشيعة (مجلد ١ صفحة ٥٨) " وقال أبوعلي بن أبي عقيل من أصاب ثوبه أو جسده خمر أو مسكر لم يكن عليه غسلهما، لان الله تعالى إنما حرمهما تعبدا، لا لانهما نجسان. وكذلك سبيل العصير والخل إذا أصاب الثوب والجسد.

وقال أبوجعفر بن بابويه لابأس بالصلاة في ثوب أصابه خمر لان الله تعالى حرم شربها ولم يحرم الصلاة في ثوب أصابته مع أنه حكم بنزح ماء البئر أجمع بانصباب الخمر فيها ".

" احتج ابن بابويه وابن أبي عقيل بالاصل، وبما رواه أبوبكر الحضرمي " قال قلت لابي عبدالله عليه السلام أصاب ثوبي نبيذ أصلي فيه قال نعم قلت قطرة من نبيذ في حب أشرب منه قال نعم إن أصل النبيذ حلال وإن أصل الخمر حرام " وعن الحسين بن أبي سارة قال قلت لابي عبدالله عليه السلام إن أصاب ثوبي شئ من الخمر أصلي فيه قبل أن أغسله قال لابأس إن الثوب لايسكر وبغير ذلك من الاحاديث وقد نقلناها في كتاب مصابيح الانوار وغيره، ولان المسكر لايجب إزالته عن الثوب والبدن

٩٨

بالاجماع لوقوع الخلاف فيه، وكل نجس يجب إزالته عن الثوب والبدن بالاجماع، إذ لا خلاف في وجوب إزالة النجاسة عنهما عند الصلاة ".

مجمع الفائدة والبرهان (مجلد ١ صفحة ٣٠٨) ومنها: مافي الخبر الصحيح من نهيه عليه السلام عن بعض ظروف الخمر فيكون لنجاستها.

وحمل الشيخ الاخبار الدالة على الطهارة، على التقية للجمع، وردها في المنتهى بعدم الصحة، وما ادعى أحد صحتها على ما أعرف. وفيها تأمل لعدم ثبوت الاجماع كما صرح به السيد ويدل عليه مكاتبة علي بن مهزيار حيث كان الخلاف بين الاصحاب موجودا، وقول الصادق وابن أبي عقيل بالطهارة على ما نقل في المختلف.

ودلالة الآية غير ظاهرة ".

مسالك الافهام (مجلد ٢ صفحة ١٩٥) وأما دليل نجاسة الخمر فهو نقل الاجماع في المختلف عن الشيخ وعن السيد، إلا عن شاذ لا اعتبار به، قال في المنتهى: وهي قول أكثر أهل العلم، وقوله تعالى: " إنما الخمر " إلى قوله " رجس، من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون " لان الرجس هو النجس بالاتفاق على ما قاله الشيخ في التهذيب، ولوجوب الاجتناب من جميع الوجوه، ولكون عدمه موجبا لعدم الفلاح، والهلاك، والاخبار الكثيرة، منها: مكاتبة علي بن مهزيار قال: قرأت في كتاب عبدالله بن محمد إلى أبي الحسن عليه السلام: جعلت فداك روى زرارة عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام في الخمر يصيب ثوب الرجل أنهما قالا: لابأس بأن يصلي فيه إنما حرم شربها، وروي غير زرارة عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال " إذا أصاب ثوبك خمر ونبيذ يعني المسكر فاغسله إن عرفت موضعه، وإن لم تعرف موضعه فاغسله كله، وإن صليت فيه فأعد صلاتك " فأعلمني ماآخذ به؟ فوقع عليه السلام بخطه وقرأته: خذ بقول أبي عبدالله عليه السلام ".

وهذا أجود الاخبار سندا حيث أظن صحته وإن كان مكاتبة وهو حجة كالمشافهة، وهو ظاهر، وما رأيت أحدا قال بصحته، بل قالوا

٩٩

بعدمها، وقال في المنتهي: إنه حسن، وهو غير ظاهر فارجع إلى مأخذه وأصله.

مدارك الاحكام (مجلد ٢ صفحة ٢٩٠) وقال ابن أبي عقيل رحمه الله: من أصاب ثوبه أو جسده حمر أو مسكر لم يكن عليه غسلهما، لان الله تعالى إنما حرمهما تبعدا لا لانهما نجسان، وكذلك سبيل العصير والخل إذا أصاب الثوب والجسد. ونحوه قال الصدوق رحمه الله في من لا يحضره الفقيه.

(وصفحة ٢٩٢ ٢٩٣) والحكم بنجاسة العصير إذا غلى واشتد ولا يذهب ثلثاه مشهور بين المتأخرين ولا نعلم مأخذه، وقد اعترف الشهيد رحمه الله في الذكر والبيان بأنه لم يقف على دليل يدل على نجاسته، وذكر أن المصرح بنجاسته قليل من الاصحاب، ومع ذلك فأفتى في الرسالة بنجاسته، وهو عجيب.

ونقل عن ابن أبي عقيل بطهارته، ومال إليه جدي قدس سره في حواشي القواعد، وقواه شيخنا المعاصر سلمه الله تعالى، وهو المعتمد، تمسكا بمقتضى الاصل السالم من المعارض.

الحدائق (ملجد ٥ صفحة ٩٩) " وأصرح منه ما نقل عن ابن أبي عقيل حيث قال " من أصاب ثوبه أو جسده خمر أو مسكر لم يكن عليه غسلهما لان الله تعالى إنما حرمهما تعبدا لا لانهما نجسان.

وعزى في الذكرى إلى الجعفي وفاق الصدوق وابن أبي عقيل وكذا في الدروس.

(وصفحة ١١١) " تنبيهات (الاول) المفهوم من كلام الاصحاب رضوان الله عليهم ان حكم جميع الانبذة المسكرة حكم الخمر في التنجيس، قال في العالم " ولا نعرف في ذلك خلافا بين الاصحاب " والظاهر أن مراده من قال من الاصحاب بنجاسة الخمر وإلا فقد عرفت مذهب الصدوق وابن أبي عقيل والجعفي في قولهم بالطهارة.

(وصفحة ١٢٢) وفي المختلف " الخمر وكل مسكر والفقاع والعصير إذا غلى قبل ذهاب ثلثيه بالنار أو من نفسه نجس. ذهب إليه أكثر علمائنا كالمفيد والشيخ أبي جعفر والمرتضى وأبي

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190