الإمامة الإلهية الجزء ١

الإمامة الإلهية13%

الإمامة الإلهية مؤلف:
المحقق: محمد بحر العلوم
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 440

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 440 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 140535 / تحميل: 8462
الحجم الحجم الحجم
الإمامة الإلهية

الإمامة الإلهية الجزء ١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

بالمعجمة ، وهو تصحيف(1) .

هذا ، وما مرّ من أنّه يقال له : حضير الكتائب ، المراد بالضمير : حضير ، لا : أسيد ، فإنّه الذي يقال له ذلك دونه. وظاهرصه ول خلاف الظاهر.

وفي القاموس : أسيد بن حضير صحابي ، ويقال لأبيه : حضير الكتائب(2) .

399 ـ الأشجع السلمي :

من شعراء أهل البيتعليهم‌السلام ، دخل على الصادقعليه‌السلام ، ب(3) .

أقول : ذكره فيه في الخاتمة في الشعراء المتكلّفين ، كحسّان بن ثابت ومروان بن أبي حفصة.

وفي الوجيزة : ممدوح(4) ، فتأمّل.

400 ـ الأشعث بن قيس الكندي :

أبو محمّد ، ارتدّ بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في ردّة أهل ياسر ، زوّجه أبو بكر أخته أم فروة ـ وكانت عوراء ـ فولدت له محمّدا. كان من‌

__________________

(1) النهاية لابن الأثير : 1 / 139.

(2) القاموس المحيط : 2 / 11.

(3) معالم العلماء : 153 ، ولم يرد فيه : دخل على الصادقعليه‌السلام .

وفي أمالي الشيخ الطوسي : 1 / 287 ، نقلا عن الإمام موسى بن جعفر عليهما‌السلام قال : كنت عند سيّدنا الصادق عليه‌السلام ، إذ دخل عليه أشجع السلمي يمدحه ، فوجده عليلا. إلى آخره.

(4) الوجيزة : 163 / 220.

١٠١

أصحاب عليّعليه‌السلام ثم صار خارجيّا ملعونا ،صه (1) ، ل(2) .

ويأتي ذكر الأشاعثة في آخر الكتاب إن شاء الله تعالى(3) .

وسنذكره في جرير بن عبد الله(4) .

401 ـ الأصبغ بن نباتة المجاشعي :

كان من خاصّة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وعمّر بعده ،جش (5) .

صه ، إلاّ : المجاشعي ، وزاد : وهو مشكور(6) .

وفيست : من خاصّة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وعمّر بعده(7) .

وفي ل : ابن نباتة(8) .

وزاد ي : التميمي ، الحنظلي(9) .

وفيكش : محمّد بن مسعود ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن رجل ، عن الأصبغ ، قال : قلت له : كيف سمّيتم شرطة الخميس(10) ؟

__________________

(1) الخلاصة : 206 / 1 ، وفيها : أشعث بن قيس. وفي نسخة « م » : الأشجع.

(2) رجال الشيخ : 4 / 23 ، وفيه : أشعث بن قيس ، ولم يرد فيه قوله : كان من أصحاب.

إلى آخره.

(3) إن شاء الله تعالى ، وردت في نسخة « ش » بعد : جرير بن عبد الله. وسيأتي ذكر الأشاعثة في باب الألقاب.

(4) فيه نقلا عن ابن أبي الحديد في شرحه على النهج : 4 / 74 : وكان الأشعث بن قيس الكندي وجرير بن عبد الله البجليّ يبغضانه ـ أي عليّعليه‌السلام ـ وهدم عليّعليه‌السلام دار جرير بن عبد الله.

(5) رجال النجاشي : 8 / 5.

(6) الخلاصة : 24 / 9.

(7) الفهرست : 37 / 119.

(8) لم يرد له ذكر في أصحاب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(9) رجال الشيخ : 34 / 2.

(10) في المصدر زيادة : يا أصبغ.

١٠٢

قال : إنّا ضمنّا له الذبح وضمن لنا الفتح ، يعني أمير المؤمنينعليه‌السلام (1) .

نصر بن الصباح ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن إسماعيل بن بزيع ، عن أبي(2) الجارود ، قال : قلت للأصبغ بن نباتة : ما كان منزلة هذا الرجل فيكم؟

فقال : ما أدري ما تقول ، إلاّ أنّ سيوفنا على عواتقنا ، فمن أومأ إلينا(3) ضربناه بها(4) .

وفي أوّل الكتاب مثله ، وزاد : وكان يقول لنا : تشرّطوا تشرّطوا ، فو الله ما اشتراطكم لذهب ولا فضّة(5) ، ولا(6) اشتراطكم إلاّ للموت. إنّ قوما قبلكم(7) من بني إسرائيل تشارطوا بينهم ، فما مات أحد منهم حتّى كان نبيّ قومه أو نبيّ قريته أو نبيّ نفسه ، وإنّكم لبمنزلتهم غير أنّكم لستم بأنبياء(8) .

وفيطس : مشكور(9) .

وقي عدّه من أصحابهعليه‌السلام من اليمن(10) .

__________________

(1) رجال الكشّي : 103 / 165.

(2) أبي ، لم ترد في نسخة « م ».

(3) في المصدر : إليه.

(4) رجال الكشّي : 103 / 164 ، وورد السند فيه هكذا : طاهر بن عيسى الوراق ، قال : حدثنا جعفر بن أحمد التاجر ، قال : حدّثني أبو الخير صالح بن أبي حمّاد ، عن محمّد بن الحسين ابن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن سنان ، عن أبي الجارود ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال.

(5) في المصدر : لفضّة.

(6) في المصدر : وما.

(7) في المصدر : من قبلكم.

(8) رجال الكشّي : 5 / 8.

(9) التحرير الطاووسي : 77 / 47.

(10) رجال البرقي : 6 ، وعدّه في : 5 أيضا من خواصّ أمير المؤمنينعليه‌السلام من مضر.

١٠٣

أقول : ذكره في الحاوي في الحسان(1) .

وفي الوجيزة : ممدوح(2) .

وفيضح : نباتة : بضمّ النون ، والمجاشعي : بضمّ الميم(3) .

وعن الأنساب للسمعاني(4) : مجاشع : قبيلة من تميم بن دارم(5) .

ويأتي معنى شرطة الخميس في عبد الله بن يحيى الحضرمي.

402 ـ أصرم بن حوشب البجلي :

عامي ، ثقة ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ،صه (6) .

وزادجش : نسخة ، رواها عنه محمّد بن خالد البرقي(7) .

وفيست : له كتاب ، عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عنه(8) .

أقول : فيضح : بالهمزة المفتوحة ، والمهملة الساكنة ، والراء المفتوحة ، ابن حوشب : بالمهملة المفتوحة ، والواو الساكنة ، والمعجمة ، والموحّدة(9) (10) .

__________________

(1) حاوي الأقوال : 180 / 906.

(2) الوجيزة : 163 / 224.

(3) إيضاح الاشتباه : 80 / 2.

(4) للسمعاني ، لم ترد في نسخة « م ».

(5) أنساب السمعاني : 12 / 86 ، وفيه : من تميم من دارم.

(6) الخلاصة : 207 / 9.

(7) رجال النجاشي : 107 / 271.

(8) الفهرست : 38 / 120.

(9) في نسخة « ش » : والمعجمة الموحّدة.

(10) إيضاح الاشتباه : 114 / 97.

١٠٤

403 ـ الأعلم الأزدي :

في آخر الباب الأوّل(1) منصه : أنّه من أولياء عليّعليه‌السلام (2) .

وفي النقد : ثقة ، د(3) ، ولم أجده في غيره(4) ، انتهى فتأمّل ،تعق (5) .

404 ـ أعين بن سنسن :

والد زرارةرضي‌الله‌عنه ، غير مذكور في الكتابين.

وفي رسالة أبي غالب الزراريرضي‌الله‌عنه : كان أعين غلاما روميّا ، اشتراه رجل من بني شيبان ، فربّاه وتبنّاه ، وأحسن تأديبه ، وحفظ القرآن ، وعرف الأدب ، وخرج بارعا أديبا ، فأعتقه ، وقال له(6) : استلحقك؟ قال : لا ، ولائي(7) منك أحبّ إليّ من النسب.

وكان أبوه يسمّى : سنسن ، وكان راهبا نصرانيا ، وذكر أنّه من غسّان ، دخل بلد الروم(8) ، وكان يدخل بلاد الإسلام بأمان(9) ابنه أعين ويرجع إلى بلاده(10) .

405 ـ إلياس الصيرفي :

خيّر ، من أصحاب الرضاعليه‌السلام ،صه (11) .

__________________

(1) الأوّل ، لم ترد في نسخة « م ».

(2) الخلاصة : 192.

(3) رجال ابن داود : 52 / 199.

(4) نقد الرجال : 49 / 1.

(5) تعليقة الوحيد البهبهاني : 131 ، ولم يرد فيه : فتأمّل.

(6) في المصدر : وخرج أديبا بارعا ، فقال له مولاه.

(7) في النسخ : ولاء.

(8) في المصدر : دخل بلاد الروم في أوّل الإسلام.

(9) في المصدر زيادة : فيزور.

(10) رسالة أبي غالب الزراري : 128.

(11) الخلاصة : 23 / 2.

١٠٥

والظاهر أنّه ابن(1) عمرو الآتي.

وفيتعق : قال المحقّق الشيخ محمّد : في الظنّ أنّ العلاّمة صحّف لفظ خزّاز في كلامجش في الحسن بن عليّ ابن بنت إلياس ب : خيّران(2) ، فتوهّم أنّه وجدّه خيّران من أصحاب الرضاعليه‌السلام ، ولذا قال : اليأس الصيرفي ، خيّر ، من أصحاب الرضاعليه‌السلام ، مع أنّ عبارةجش : ابن بنت إلياس الصيرفي ، خزّاز(3) ، من أصحاب الرضاعليه‌السلام (4) ، انتهى.

ولعلّه كذلك ، لكنّه عجيب ، فإنّه ذكر إلياس البجلي من أصحاب أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وأنّه جدّ الحسن بن عليّ ابن بنت إلياس(5) ، كما يأتي(6) .

أقول : لا ريب في الاتّحاد والتصحيف ، ومنشأه ما ذكروا. ووصفه بالصيرفي أيضا مأخوذ من هناك ، فلاحظ.

وصرّح بما ذكرناه أيضا في الحاوي(7) .

ويأتي في الذي يليه أيضا بعض ما فيه.

406 ـ إلياس بن عمرو البجلي :

شيخ من أصحاب أبي عبد اللهعليه‌السلام ، متحقّق بهذا الأمر ، وهو جدّ الحسن بن عليّ ابن بنت إلياس ،صه (8) .

__________________

(1) ابن ، لم ترد في نسخة « ش ».

(2) الخلاصة : 41 / 16.

(3) في نسخة « م » : خزار.

(4) رجال النجاشي : 39 / 80.

(5) الخلاصة : 22 / 1.

(6) تعليقة الوحيد البهبهاني : 63.

(7) حاوي الأقوال : 229 / 1209.

(8) الخلاصة : 22 / 1 ، وفيها زيادة : ثقة ، في آخر الترجمة.

١٠٦

وزادجش : له كتاب ، يرويه جماعة ، الحسن بن عليّ الأشعري ، عنه ، به(1) .

وفيتعق : يأتي في الحسن بن عليّ عنه حديث ينبغي أن يلاحظ(2) .

أقول : يدلّ الحديث على حسن اعتقاده ، وكونه شيخا من أصحاب أبي عبد اللهعليه‌السلام على جلالته ، ورواية جماعة كتابه على الاعتماد عليه ، ولذا ذكره فيصه في القسم الأوّل.

وفي الوجيزة : ممدوح(3) .

وفي الحاوي ذكره في الضعاف(4) ، فتأمّل.

ومرّ في الذي قبيله ذكره.

407 ـ أميّة بن علي القيسي :

الشامي ؛ ضعّفه أصحابنا ، وقالوا : روى عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام ، له كتاب ، أحمد بن هلال ، عنه به ،جش (5) .

صه ، إلى : أبي جعفر الثانيعليه‌السلام ، وزاد :

قالغض : يكنّى أبا محمّد ، في عداد القميّين ضعيف ، في مذهبه ارتفاع(6) .

وفيتعق : عنه رواية نذكرها في حمّاد بن عيسى(7) ، يظهر منها حسن‌

__________________

(1) رجال النجاشي : 107 / 272.

(2) رجال النجاشي : 39 / 80 ، تعليقة الوحيد البهبهاني : 63.

(3) الوجيزة : 164 / 236.

(4) حاوي الأقوال : 229 / 1210.

(5) رجال النجاشي : 105 / 264.

(6) الخلاصة : 206 / 2 ، وفيها بدل القيسي : القتيبي.

(7) كشف الغمّة : 2 / 365.

١٠٧

ما فيه.

والظاهر أنّ حكمه بتضعيف الأصحاب ممّا ذكرهغض ، ويشير إليه عدم تعرّضجش له أصلا(1) .

أقول : ما استظهره دام فضله غير ظاهر ، وقوله : يشير إليه عدم تعرّضجش ، عجيب ، بعد ما مرّ عنهرحمه‌الله .

ولذا في الوجيزة : ضعيف(2) .

408 ـ أميّة بن عمرو :

واقفي ،ظم (3) .

وزادصه : من أصحاب الكاظمعليه‌السلام (4) .

وفيجش : أميّة بن عمرو الشعيري ، كوفيّ ، أكثر كتابه عن إسماعيل السكوني.

أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عنه(5) .

وفيست : له كتاب ، عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عنه(6) .

409 ـ أنس بن أبي القاسم :

الحضرمي ، الكوفي ، أسند عنه ،ق (7) .

__________________

(1) تعليقة الوحيد البهبهاني : 63.

(2) الوجيزة : 164 / 238.

(3) رجال الشيخ : 343 / 11.

(4) الخلاصة : 205 / 1.

(5) رجال النجاشي : 105 / 263.

(6) الفهرست : 38 / 121.

(7) رجال الشيخ : 152 / 192.

١٠٨

410 ـ أنس بن الحارث :

قتل مع الحسينعليه‌السلام ،صه (1) ، ل(2) .

وفي سين : ابن الحارث الكاهلي(3) .

411 ـ أنس بن عياض :

بالمهملة المكسورة ، يكنّى أبا ضمرة الليثي ، عربيّ من بني ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة ، مدني ، ثقة ، صحيح الحديث ،صه (4) ،جش ، إلاّ الترجمة(5) .

وكذاست ، إلاّ : ابن عبد مناة بن كنانة ، وزاد :

له كتاب ، أخبرنا به الحسين بن عبيد الله ، عن الحسن بن حمزة ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عنه(6) .

وفيق : ابن عياض الليثي ، أبو ضمرة المدني(7) .

أقول : فيمشكا : ابن عياض الثقة ، عنه يونس بن عبد الأعلى ، وعليّ ابن إبراهيم(8) .

412 ـ أنس بن مالك :

أبو حمزة ـ خادم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ الأنصاري ، ل(9) .

__________________

(1) الخلاصة : 22 / 1.

(2) رجال الشيخ : 3 / 9.

(3) رجال الشيخ : 71 / 1.

(4) الخلاصة : 22 / 3 ، وفيها : يكنى أبا ضمير حمزة.

(5) رجال النجاشي : 106 / 269.

(6) الفهرست : 39 / 123.

(7) رجال الشيخ : 152 / 193.

(8) هداية المحدثين : 21.

(9) رجال الشيخ : 3 / 5.

١٠٩

وفيكش ما يأتي في البراء بن عازب(1) .

أقول : في شرح ابن أبي الحديد : ذكر جماعة من شيوخنا البغداديّين أنّ عدّة من الصحابة والتابعين(2) كانوا منحرفين عن عليّعليه‌السلام ، قائلين فيه السوء ، ومنهم من كتم مناقبه وأعان أعدائه ، ميلا مع الدنيا وإيثارا للعاجلة ، فمنهم أنس بن مالك.

ناشد عليّعليه‌السلام الناس في رحبة القصر ـ أو قال : في رحبة الجامع ـ بالكوفة : أيّكم سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من كنت مولاه فعليّ مولاه؟

فقام اثنا عشر رجلا ، فشهدوا بها ، وأنس بن مالك في القوم لم يقم.

فقال له : يا أنس ، ما منعك(3) أن تقوم فتشهد؟ فلقد(4) حضرتها.

فقال : يا أمير المؤمنين ، كبرت ونسيت.

فقال : اللهم إن كان كاذبا فارمه بها بيضاء لا تواريها العمامة.

قال طلحة بن عمرو(5) : فو الله لقد رأيت الوضح(6) به بعد ذلك أبيض بين عينيه(7) ، انتهى.

وقال في موضع آخر منه : ذكر ابن قتيبة حديث البرص والدعوة في‌

__________________

(1) فيه أنّه كتم منقبة لعليّعليه‌السلام في غدير خم ، فدعا الإمامعليه‌السلام عليه ، فأصيب بالبرص ، وحلف أن لا يكتم منقبة لعليّعليه‌السلام . رجال الكشّي : 45 / 95.

(2) في المصدر زيادة : والمحدّثين.

(3) في المصدر : ما يمنعك.

(4) في المصدر : ولقد.

(5) في المصدر : عمير ، وفي نسخة « م » : عمر.

(6) الوضح : كناية عن البرص. ( لسان العرب : 2 / 634 ).

(7) شرح نهج البلاغة : 4 / 74.

١١٠

كتاب المعارف في باب البرص(1) . وابن قتيبة غير متّهم في حقّ عليّعليه‌السلام ، المشهور(2) من انحرافه عنهعليه‌السلام (3) ، انتهى.

وروى حديث البرص الصدوق في المجالس(4) ، والراوندي في الخرائج والجرائح(5) .

وحديث الطير أيضا يدلّ على ذمّه(6) .

وفي الوجيزة : ضعيف(7) .

413 ـ أنسه :

مولى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، شهد بدرا ، وقيل : قتل بها ، وقيل : بقي إلى أحد ، ل(8) .

414 ـ أويس القرني :

بفتح الراء ، أحد الزهّاد الثمانية ، قاله الفضل بن شاذان ،صه (9) .

وفيكش : عليّ بن محمّد بن قتيبة ، قال : سئل أبو محمّد الفضل بن شاذان عن الزهّاد الثمانية فقال : الربيع بن خيثم وهرم بن حيّان وأويس القرني وعامر بن عبد قيس ، وكانوا مع عليّعليه‌السلام ومن أصحابه(10) ، وكانوا‌

__________________

(1) المعارف : 320.

(2) في المصدر : على المشهور.

(3) شرح نهج البلاغة : 19 / 218.

(4) أمالي الصدوق : 106 / 1 ، المجلس السادس والعشرون.

(5) الخرائج والجرائح 1 : 207 / 49.

(6) أمالي الصدوق : 521 / 3 ، المجلس الرابع والتسعون.

(7) الوجيزة : 164 / 243.

(8) رجال الشيخ : 5 / 41 ، وفيه : أنس.

(9) الخلاصة : 24 / 8.

(10) في نسخة « م » زيادة :عليه‌السلام .

١١١

زهّادا أتقياء.

وأمّا أبو مسلم أهبان بن صيفي(1) ، فإنّه كان فاجرا مرائيا ، وكان صاحب معاوية ، وهو الذي كان يحثّ الناس على قتال عليّعليه‌السلام . فقال(2) لعليّعليه‌السلام : ادفع إلينا المهاجرين والأنصار حتّى نقتلهم بعثمان ، فأبى عليّعليه‌السلام ذلك ، فقال أبو مسلم : الآن طاب الضراب ، إنّما كان وضع فخّا ومصيدة.

وأمّا مسروق ، فإنّه كان عشّارا لمعاوية ، ومات في عمله ذلك بموضع أسفل من واسط على دجلة ، يقال له(3) : الرصافة ، وقبره هناك.

والحسن ، كان يلقى كل فرق(4) بما يهوون ، ويتصنّع للرئاسة ، وكان رئيس القدريّة.

وأويس القرني ، مفضّل عليهم كلّهم. قال أبو محمّد الفضل(5) : ثمّ عرف الناس بعد(6) .

أويسرحمه‌الله :

وكان أويس من خيار التابعين ، لم ير النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يصحبه. فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم لأصحابه : أبشروا برجل من أمتي يقال له : أويس القرني ، فإنّه يشفع لمثل ربيعة ومضر. إلى أن قال(7) :

__________________

(1) أهبان بن صيفي ، لم يرد في المصدر.

(2) في المصدر : وقال.

(3) في نسخة « ش » : لها.

(4) في المصدر : كان يلقى أصل كلّ فرقة.

(5) الفضل ، لم يرد في المصدر.

(6) رجال الكشّي : 97 / 154.

(7) أي الكشي.

١١٢

ثمّ قتل بصفّين في الرجالة مع عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام (1) .

وفيه أيضا في أوائل(2) الكتاب : محمّد بن قولويه ، عن سعد بن عبد الله ، عن عليّ بن سليمان بن داود الرازي ، عن عليّ بن أسباط ، عن أبيه أسباط بن سالم ، قال : قال أبو الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام : إذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين حواريّ محمّد بن عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟

فيقوم سلمان ، والمقداد ، وأبو ذر.

ثمّ ينادي المنادي : أين حواريّ عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام وصيّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

فيقوم عمرو بن الحمق ، ومحمّد بن أبي بكر ، وميثم التمّار ـ مولى بني أسد ـ وأويس القرني.

ثمّ ينادي المنادي : أين حواريّ الحسنعليه‌السلام ؟

فيقوم سفيان بن أبي ليلى الهمداني ، وحذيفة بن أسيد الغفاري.

ثمّ ينادي المنادي : أين حواريّ الحسين بن عليّعليه‌السلام ؟

فيقوم كلّ من استشهد معهعليه‌السلام ولم يتخلّف عنه.

ثمّ ينادي المنادي : أين حواريّ عليّ بن الحسينعليه‌السلام ؟

فيقوم جبير بن مطعم ، ويحيى بن أم الطويل ، وأبو خالد الكابلي ، وسعيد بن المسيّب.

ثمّ ينادي المنادي : أين حواريّ محمّد بن عليّ(3) عليه‌السلام ؟

__________________

(1) رجال الكشّي : 98 / 156.

(2) في نسخة « ش » : أوّل.

(3) في المصدر زيادة : وحواريّ جعفر بن محمّد.

١١٣

فيقوم عبد الله بن شريك العامري ، وزرارة بن أعين ، وبريد بن معاوية العجلي ، ومحمّد بن مسلم ، وأبو بصير ليث بن البختري المرادي ، وعبد الله ابن أبي يعفور ، وعامر بن عبد الله بن جذاعة ، وحجر بن زائدة ، وحمران بن أعين.

ثمّ ينادي سائر الشيعة مع سائر الأئمّةعليهم‌السلام يوم القيامة.

فهؤلاء المتحوّرة ، أوّل السابقين ، وأوّل المقرّبين ، وأوّل المتحوّرين من التابعين(1) .

أقول : في سند هذه الرواية أسباط بن سالم وعليّ بن سليمان ، والأوّل حديثه من القوي لا محالة كما مرّ في ترجمته ، والثاني مذكور في كر منجخ من غير قدح ولا مدح هكذا : عليّ بن سليمان بن داود الرقّي(2) .

ومضى في الفوائد حصول الظن المعتبر شرعا من أمثال هذه الروايات.

وفي حواشي السيّد الداماد علىكش : هذه الرواية يعوّل(3) عليها في ارتفاع منزلة هؤلاء المتحوّرين السابقين المقرّبين ، وقول بعض شهداء(4) المتأخّرين في حواشيصه : إنّ في طريقها عليّ بن سليمان وهو مجهول(5) ، لا تعويل عليه كما قد دريت(6) .

وقال في المجمع : لا يقال : الطريق مجهول بعليّ بن سليمان ، لأنّا‌

__________________

(1) رجال الكشّي : 9 / 20.

(2) رجال الشيخ : 433 / 10.

(3) في المصدر : معوّل.

(4) في نسخة « م » : الشهداء.

(5) تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : 21 ، في ترجمة جبير بن مطعم.

(6) تعليقة الداماد على رجال الكشّي : 1 / 45.

١١٤

نقول : إنّ دأب علمائنارحمهم‌الله في الرجال ـ خصوصا الشيخ خصوصا(1) في كتاب رجاله ـ أنّ الرجل إذا كان مجهولا أو من غير الإماميّة أو مذموما أنّه يصرّح به ، ( وإذا لم يظهر عليه قدحه بعد التفتيش لا يحتاج في ذكر(2) أصل إيمانه إلى زيادة التصريح به ، وهذا )(3) ظاهر بالتتبّع ، فظهر أنّ عليّا هذا من المؤمنين(4) ، انتهى.

ومرّ في الفوائد وفي إسماعيل بن الخطّاب عن المحقّق الداماد ما ينبغي ملاحظته(5) ، فلاحظ.

ثمّ إنّكش ذكر أنّ الزهّاد ثمانية ، وذكر سبعة ، وكأنّ الثامن سقط من قلمهرحمه‌الله .

وقال الفاضل عبد النبي والمحقّق الشيخ محمّد وغيرهما : إنّه الأسود ابن يزيد(6) ، وهو فاجر خبيث كما أشير إليه(7) .

وفي النقد : سمعنا من بعض الفضلاء أنّه جرير بن عبد الله البجلي ، والله العالم(8) .

__________________

(1) خصوصا ، لم ترد في المصدر.

(2) ذكر ، لم ترد في المصدر.

(3) ما بين القوسين لم يرد في نسخة « ش ».

(4) مجمع الرجال : 2 / 249.

(5) تقدّم عن المحقّق الداماد ما مضمونه : إنّ النجاشي متى ما اقتصر على مجرّد ترجمة الرجل وذكره من دون إرداف ذلك بمدح أو غمز كان ذلك آية أنّ الرجل سالم عنده.

(6) حاوي الأقوال : 33 / 103. وأشير إليه أيضا في حلية الأولياء : 2 / 102 ، والعقد الفريد : 3 / 168.

(7) ذكر ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : 4 / 97 : انّ الأسود ومسروقا كانا يمشيان إلى بعض أزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فيقعان في عليّعليه‌السلام .

(8) نقد الرجال : 51 / 2.

١١٥

هذا ، وفي الوجيزة : أويس القرني : ممدوح(1) .

وذكره في الحاوي في الثقات(2) ، فتدبّر.

415 ـ أهبان بن صيفي :

أبو مسلم ، سيّئ الرأي في عليعليه‌السلام ، ل(3) .

وزادصه : بضمّ الهمزة(4) .

ومضى ما فيكش في أويس(5) .

416 ـ إياس :

من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، شهد بدرا وأحدا ، وقتل هو وأنس وأبي بن ثابت يوم بئر معونة ،صه (6) .

ل ، إلاّ : من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (7) .

أقول : في الوجيزة : إياس : مجهول(8) . مع أنّ فيصه ذكره في القسم‌

__________________

(1) الوجيزة : 165 / 248.

(2) حاوي الأقوال : 33 / 103.

(3) رجال الشيخ : 5 / 35 ، 36.

(4) الخلاصة : 206 / 2 ، إلاّ أنّه لم يرد فيها : أبو مسلم.

(5) حيث عدّه أحد الزهاد الثمانية ، راجع رجال الكشّي : 97 / 154.

(6) الخلاصة : 23 / 1.

وبئر معونة : هي ما بين أرض بني عامر وحرّة بني سليم ، وفيها قتل سبعون ـ وقيل أربعون ـ نفرا من المسلمين ، كان قد بعثهم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أهل نجد ليدعوهم إلى الإسلام ـ وكان ذلك في السنة الرابعة من الهجرة ـ ، فنزلوا بها ، وبعثوا حرام ابن ملحان بكتاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى عامر بن الطفيل ، فلمّا أتاه لم ينظر إلى الكتاب ، وقتل حرام ، واستصرخ بني سليم فأجابوه ، وخرجوا حتّى أحاطوا بالمسلمين ، فقتلوهم عن آخرهم إلاّ كعب بن زيد الأنصاري ، فإنّهم تركوه وبه رمق. الكامل لابن الأثير : 2 / 171.

(7) رجال الشيخ : 4 / 15 ، وفيه : أناس.

(8) الوجيزة : 165 / 250.

١١٦

الأوّل.

417 ـ أيمن :

ابن أم أيمن ، قتل يوم أحد ، وهو من الثمانية الصابرين ،صه (1) ، ل(2) .

418 ـ أيّوب بن الحر :

الجعفي ، مولى ، ثقة ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ،جش (3) .

وزادصه بعد الحر : بالراء بعد الحاء المهملة(4) .

ثمّ فيجش : يعرف بأخي أديم ، أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عنه.

وفيست : ثقة ، مولى ، روى عن الصادقعليه‌السلام (5) .

له كتاب ، أخبرنا به عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عنه(6) .

وفيق : ابن الحر الكوفي ، أسند عنه(7) .

وفيظم : ابن الحر ، مولى طريف(8) .

وفي نسخة : ابن الحسن.

__________________

(1) الخلاصة : 23 / 7.

(2) رجال الشيخ : 6 / 53.

(3) رجال النجاشي : 103 / 256.

(4) الخلاصة : 12 / 2.

(5) مولى روى عن الصادقعليه‌السلام ، وردت في هامش المصدر عن بعض النسخ.

(6) الفهرست : 16 / 60.

(7) رجال الشيخ : 150 / 161.

(8) رجال الشيخ : 343 / 14.

١١٧

والصحيح الأوّل ، كما نقله د أيضا عنظم وق(1) .

أقول : في الوجيزة أيضا : ابن الحر ، ثقة(2) .

وفي ب : له كتاب ، وهو ثقة(3) .

وفي نسخة منه : ابن الحسين ، وفي نسخة مل : ابن الحسن(4) ، وكلاهما تحريف.

وفيمشكا : ابن الحر الثقة ، أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه عنه كما فيجش ، لكن فيست عن أحمد بن أبي عبد الله عن أيّوب.

وعنه يحيى الحلبي ، وسويد القلاّء ، وعبد الله بن مسكان.

ووقع في الاستبصار في باب علامة أوّل شهر رمضان سند هو : عن عليّ بن مهزيار ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن أيّوب وحمّاد ، عن محمّد بن مسلم(5) .

وصوابه(6) : عن أبي أيّوب.

وفي التهذيب : عن أيّوب أيضا(7) ، لكن في الكافي : عن أبي أيّوب الخزّاز(8) (9) .

__________________

(1) رجال ابن داود : 53 / 222.

(2) الوجيزة : 165 / 252.

(3) معالم العلماء : 26 / 132 ، وفيه : ابن الحسين.

(4) أمل الآمل 2 : 41 / 106.

(5) الإستبصار 2 : 63 / 203.

(6) في نسخة « م » : صوابه.

(7) التهذيب 4 : 156 / 433 ، وفيه : عن أبي أيّوب.

(8) الكافي 4 : 77 / 6.

(9) هداية المحدّثين : 21.

١١٨

419 ـ أيّوب بن زياد :

النهدي ، مولاهم كوفي ، أسند عنه ،ق (1) .

420 ـ أيّوب بن عطيّة :

أبو عبد الرحمن الحذّاء ، ثقة ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ،صه (2) .

وزادجش : له كتاب ترويه عنه جماعة ، منهم : صفوان بن يحيى(3) .

وفيق : ابن عطيّة الأعرج الكوفي(4) . ثمّ فيهم : ابن عطيّة الحذّاء(5) .

أقول : في الحاوي : يحتمل أن يكون الأعرج غير هذا ، إلاّ أنّ د جعلهما واحدا(6) (7) .

وفيمشكا : ابن عطيّة الأعرج الكوفي الثقة ، عنه صفوان بن يحيى ، وأبو المغراء أحمد بن المثنّى(8) .

قالجش : لابن عطيّة كتاب يرويه عنه جماعة ، منهم : صفوان بن يحيى ، فتدبّر(9) .

421 ـ أيّوب بن نوح بن درّاج :

النخعي ، أبو الحسين ، ثقة ، له كتاب(10) وروايات ومسائل عن أبي‌

__________________

(1) رجال الشيخ : 150 / 162.

(2) الخلاصة : 12 / 3.

(3) رجال النجاشي : 103 / 255.

(4) رجال الشيخ : 150 / 164.

(5) رجال الشيخ : 154 / 248.

(6) رجال ابن داود : 53 / 223.

(7) حاوي الأقوال : 18 / 50.

(8) في المصدر : حميد بن المثنى ، وهو الصواب.

(9) هداية المحدّثين : 22.

(10) في المصدر : له كتب.

١١٩

الحسن الثالثعليه‌السلام . كان وكيلا لأبي الحسن وأبي محمّدعليهما‌السلام ، عظيم المنزلة عندهما ، مأمونا ، شديد الورع ، كثير العبادة ، ثقة في رواياته.

وأبوه نوح بن درّاج كان قاضيا بالكوفة ، وكان صحيح الاعتقاد ، وأخوه جميل بن درّاج ،صه (1) .

جش ، إلاّ : له كتاب وروايات ومسائل عن أبي الحسن الثالثعليه‌السلام (2) ، وزاد : أخبرنا أحمد بن محمّد بن هارون ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن عبد الله بن غالب ، عن الطاطري ، قال : قال محمّد بن سكين : نوح بن درّاج دعاني إلى هذا الأمر.

روى أيّوب عن جماعة من أصحاب أبي عبد اللهعليه‌السلام ، ولم يرو عن أبيه ولا عن عمّه شيئا.

له كتاب نوادر ، محمّد بن عليّ بن محبوب وأحمد بن محمّد بن خالد ، عنه.

رأيت بخطّ أبي العبّاس بن نوح ـ فيما كان أوصى إليّ من كتبه ـ : عن جعفر بن محمّد ، عن الكشّي ، عن محمّد بن مسعود ، عن حمدان النقّاش ، قال : كان أيّوب من عباد الله الصالحين(3) .

وفيست : ابن نوح بن درّاج ، ثقةرحمه‌الله ، له كتاب وروايات ومسائل عن أبي الحسن الثالثعليه‌السلام ، عدّة من أصحابنا ، عن محمّد ابن عليّ بن بابويه ، عن أبيه ومحمّد بن الحسن ، عن سعد بن عبد الله‌

__________________

(1) الخلاصة : 12 / 1.

(2) كلمة : ثقة ، أيضا لم ترد فيه.

(3) رجال النجاشي : 102 / 254.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

سابقاً، فعنوان البيعة كعنوان العقد والشروط، تعرض على ماهيات أولية مفروغ من صحتها.

والخلاصة أن البيعة إنشاء الالتزام بمفادٍ ثابتة صحته في رتبة سابقة.

نقض ودفع:

وهنا قد يورَد نقض أو تساؤل أن الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يهاجر إلاّ بعد أن أخذ البيعة من أهل المدينة، وأن أمير المؤمنين عليه‌السلام لم يرضَ أن يستلم السلطة إلاّ بعد البيعة، وهذان التصرُّفان يدلان على وجود خصوصية في البيعة.

والجواب عن ذلك: أن الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله قبل أخذ البيعة قام بالدعوة إلى نفسه وبيان حقيقة رسالته، فحصل انجذاب أفراد المجتمع إليه، ومِن ثَمَّ أخذ منهم البيعة، وهكذا يقال في أمير المؤمنين عليه‌السلام ؛ فبعد إيمان العامة بالإمام علي، وأنه الشخصية التي تنقذهم من التفكُّك والانهيار الذي صادف الدولة الإسلامية، حصلت المبايعة.

فالغرض من المبايعة هو التغليظ والتوكيد وحصول الاطمئنان للرسول الأكرم؛ حيث أنه ينتقل إلى مرحلة المواجهة مع المجتمع المكِّي، فيجب أن يطمئن إلى التزام جماعته وتعهُّدهم بذلك الالتزام، وهكذا يقال في ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وولاية الحسن‏ عليه‌السلام ، وبيعة أهل الكوفة وحواليها للحسين‏ عليه‌السلام بتوسط نائبه مسلم بن عقيل، وهكذا يمكن تصوير أخذ البيعة للحجة المنتظر(عجَّل اللَّه تعالى فرجه)، فالبيعة في كل هذا، ضرب من التوثيق والتغليظ في المتابعة.

ـ وأمَّا ما ورد في مبايعة المسلمين للرسول الأكرم فى الحديبية، فسببه أن المسلمين لم يريدوا إيقاع الصلح مع المشركين، خلافاً لرأي الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي كان يرى فيه انتصاراً للمسلمين وإذلالاً للكافرين حيث اعترفوا

٢٠١

للمسلمين بكيان ودولة، فيكون أكبر انتصار سياسي للمسليمن، لكن غالبية مَن كان مع الرسول لم يتفطَّن لذلك، وازدادت الشُّـقَّة بينهم، وبعد تمامية الصلح وقبل رجوعه للمدينة، أراد الرسول أن يجدِّد المسلمون التزامهم وتعهُّدهم بمناصرته التي هي في الأساس واجبة عليهم بحكم وجوب الطاعة.

وما ذُكر من الروايات الأخرى تؤكِّد كلَّها هذا المطلب.

ـ وأمَّا خُطب الإمام عليه‌السلام ، ففي بعضها يقيم الإمام الحجة على مبنى الخصم؛ وهو اعتبار البيعة شرط في تولِّي الحاكم وإن كانت على خلاف ماهية البيعة وخلاف ما يعتقد به عليه‌السلام .

ـ وأما قوله للذين تخلَّفوا عن بيعته: (أيها الناس، إنكم بايعتموني على ما بويع عليه مَن كان قبلي، وإن الخيار للناس قبل أن يبايعوا، فإذا بايعوا، فلا خيار لهم، وهذه بيعة عامة؛ مَن رغب عنها رغب عن دين الإسلام واتبع غير سبيل أهله). فبالإضافة إلى ذلك الجواب، فإن هذا المقطع من خطبته مقتطع من صدره المذكور في كتاب سليم؛ حيث يبتدأها: (إن كانت الإمامة خيرة من اللَّه ورسوله، فليس لهم أن يختاروا، وإن كانت الخيرة للناس، فقد بايعني الناس بالشورى...)

رابعاً: الآيات المثبِتة للوظائف الاجتماعية العامة

الاستدلال بآيات كثيرة وردت في الكتاب العزيز يخاطب الحق تعالى الناس عموماً بوجوب الجهاد وإقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقضاء وإقامة الحدود ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (١) . وقوله تعالى: ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا

____________________

(١) آل عمران ٣: ٢٠٠.

٢٠٢

نَكَالاً مِنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (١) .

( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ ) (٢) فاجلدوا ولا تأخذكم، اقطعوا الخطاب فيها للمجموع.

( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) (٣) . وغيرها من الآيات التي تخاطب الناس بما هو من وظائف الدولة.

وتقريب الاستدلال بها: أن هذه الآيات تحدِّد وظيفة الأنبياء والرسل بالتبليغ، أما نفس الحكومة وإدارة أمور المجتمع والوظائف العامة، فهي للناس يجب عليهم القيام بها.

والجواب عنها:

١ - قد ذكرنا سابقاً وظائف الدولة كجهاز لا يمكن أن يقوم به فرد واحد، بل لابد أن يقوم به الجماعة والناس كافَّة، وبتعبير آخر: إن الدولة والحكم جهد مشترك بين الناس والحاكم، ولا يستطيع الحاكم أن يقوم به بمفرده. ومن دون تفاعل الناس مع جهاز الدولة وطاعتهم له لا يمكن لهذا الجهاز أن يقوم بمهمته.

٢ - لو سلمنا بدلالة الآيات على المدعى، فنتساءل كيف يمكن للناس أن يقوموا بتلك المهام؟ فهل يؤدُّونها بنحو المجموع؟! هذا غير ممكن، بل لابد أن يكون هناك جهاز يتولَّى هذه المهمة، فمع قيام هذا الجهاز نتساءل: هل يسقط عن الواجب الأمة وبقية الناس؟ الجواب: بالطبع لا، فالواجب يبقى مع وجود هذا الجهاز.

وبتعبير آخر: أن وجوب هذه الأمور على الناس لا يعني عدم وجود جهاز خاص يقوم بتنفيذ هذه المهام، فإنه يبقى على الناس الطاعة والالتزام بما يقرِّره هذا

____________________

(١) المائدة ٥: ٣٨.

(٢) التوبة ٩: ٣.

(٣) الحديد ٥٧: ٢٥.

٢٠٣

الجهاز. فهذه الآيات على فرض تمامية دلالتها لا تنافي وجود جهاز خاص يقوم بتنفيذ هذه الأمور.

٣ - إن أي فعل له جهات ثلاث؛ أحدها: ماهية الفعل وكيفية أدائه وشرائطه. والثانية: الذي يقوم بالفعل، والثالث: الذي يقع عليه الفعل (القابل).

والأدلة التي تذكر في بيان أداء وظيفة أو فعل ما، تكون في صدد بيان إحدى هذه الجهات، ولا يمكن الاستفادة منها في بيان الجهة الأخرى، فقوله عليه‌السلام : (نهى النبي‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله عن بيع الغرر)، لبيان الجهة الأولى، ولا يمكن الاستفادة منها لمعرفة شرائط المتعاقدين، وما ذكر من الآيات في صدد بيان الجهة الأولى؛ وهي: ما هي الأمور التي يجب تنفيذها في المجتمع الإسلامي؟ أما مَن هو الذي يقوم بهذا

العمل؟ فإن الآيات غير متعرِّضة له؛ فهذه وظائف خاصة واجبة على عامة المجتمع بنحو الوجوب الكفائي، وهو لا ينافي كونه واجباً عينياً على الزعيم والمدير والرئيس وهو نظير تجهيز الميت إذ أنه واجب كفائي على عامة المسلمين‏ ولا ينافيه كونه واجباً عينياً على الولي أو الوصي، وهذا النحو من الوجوب مشترك بين نظرية النص والشورى.

٤ - ورد في ذيل آية سورة الحديد: ( وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ) ، فالآية الكريمة فيها دلالة واضحة أن الأمر في الواقع بيد الرسل والمبلِّغين عن اللَّه، وأن وظيفة الناس هي المناصرة والطاعة؛ وليميِّز اللَّه الخبيث من الطيب.

٥ - إن المستدل استدل بظاهر هذه الآيات وأن هذه الأوامر عامة للناس، لكن غفل عن آيات أخرى كان المخاطب فيها الرسول(‏صلَّى الله عليه وآله وحده) ( جَاهِدِ الْكُفَّارَ ) ( فَاحْكُم بَيْنَهُم بالعَدْلِ ) .

وهذا يعني أنه لا يمكن الإغفال عن هذه الآيات ووضعها بجانب تلك الآيات

٢٠٤

حتى يظهر لنا ما هو الواجب على الأمة وما هو الواجب على المرسلين، ولا يمكن النظر إليها بنحو منفصلٍ عن بقية الآيات التي تُثبت الولاية ووظائف‏ الولاة، وأدلة الولاية لا تكون معارضة لهذه الآيات، بل تكون قرينة على تعيين مفادها.

خامساً: آيات الاستخلاف

( وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُم مَا يَشَاءُ... ) (١) ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الارْضِ... )( ٢ ) ( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ ) (٣) ( إِنَّا عَرَضْنَا الامَانَةَ عَلَى السَّماوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ ) (٤) ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ... ) (٥) .

وتقريب الاستدلال بها بأن بني البشر قد وُلُّوا عمارة الأرض من قبل اللَّه جلَّ وعلا، ومن بين الأمور التي تقتضيها الخلافة هو تولي أحدهم وتأميره وإعطاء الولاية له.

وهذا الفهم للآية يقابله فهم آخر - طبقاً لنظرية النص -: أن هذه الآيات هي إذن عام بالاستفادة من خيرات الأرض وإعمارها في قبال بقية الكائنات التي ليست لها هذه القابلية ولم يفوض لهم تكويناً ذلك. أمَّا الولاية الخاصة والتأمير، فهو أمر آخر لا

____________________

(١) الأنعام ٦: ١٣٣.

(٢) الأنعام ٦: ١٦٥.

(٣) النحل ٢٧: ٦٢.

(٤) الأحزاب ٣٣: ٧٢.

(٥) فاطر ٣٥: ٣٩.

٢٠٥

يستفاد من هذه الخلافة العامة.

وههنا ملاحظات حول هذه الطائفة من الآيات:

١ - إن غاية تقريب هذه الطائفة لا يفوق ما ذكر من الآيات والوجوه السابقة من تكليف الأمة بالوظائف العامة، فيرد عليها ما أوردناه هناك، والوظيفة التي تظهرها هذه الآيات هي أن وظيفتهم إعمار الأرض والاستفادة من مواردها الطبيعية في قبال الإفساد والإهمال.

٢ - يصرِّح كثير من المفسِّرين أن هناك نوعين من الاستخلاف؛ أحدهما: عام يشمل جميع البشر، والأخر: خاص، وهو الذي يتعرَّض فيه للولاية، وهو خاص بمَن يصطفيه اللَّه تعالى (البقرة:٣٠ - ٣٥)، وخصَّ مَن اصطفاه بخصوصيات منع منها الآخرين كالعلم اللَّدُني وإسجاد الملائكة له. وكذلك راجع: سورة ص/ آية ٢٦، والنور، آية ٢٥.

والآيات المذكورة في هذا الوجه هي في الاستخلاف العام، وهو غير ناظر للولاية.

٣ - إن آيات الخلافة العامة مدلولها هو تفويض إعمار الأرض للبشر تكويناً، أمَّا تشريعاً، فإنه لم يفرضها لمطلق البشر، بل لمَن توفَّرت فيه شرائط من قبيل التوحيد والعمل بأحكام اللَّه وطاعته، وأن اللَّه لا يريد صرف ومجرد الإعمار البشري المادي ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ... ) (١) . وهذا وجه التعبير بالفيء على ما استولى عليه الرسول‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله من أموال يهود خيبر ونواحيها، وكل مال للكفار لم

____________________

(١) التوبة ١٢٩: ٣٨ - ٣٩.

٢٠٦

يوجف عليه بخيل ولا ركاب؛ بمعنى المال الراجع، فلم يعتبر للكفار صلاحية التملُّك، واعتبر لخليفة اللَّه نبيِّه‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله ولاية الأموال العامة في الأرض.

سادساً: آية الأمانة

قوله تعالى: ( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ) (١) .

يوجد للآية تقريبان:

الأول: أن يكون المراد من الأمانة هنا هو خصوص الحكم بين الناس بقرينة التفريع ( وَإِذَا حَكَمْتُم ) بمعنى أن الحكم بين الناس أمانة، وأن مَن يملُك تدبير هذا الحكم هو الناس حيث إنهم المخاطبون بذلك، فإذا وُلِّي بعضهم على بعض يجب أن يحكموا بين الناس بالعدل.

الثاني: أن الأمانة هي الحكم بين الناس بالأصالة، وعند وجود المعصوم، فإن الولاية تكون له بموجب النص، وعند عدمه، فإنها تعود للأمة.

وقوله تعالى: ( إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّماوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) (٢) .

وقد فُسِّرت الأمانة تارة بالتكاليف، وأخرى بالأحكام، وعلى كليهما تنفع في المقام؛ إذ تفيد شمولها للتكاليف الولائية وأنشطة الدولة التي هي نوع من التكاليف الكفائية في المجتمع المدني، فالأمانة بيد الأمة إما بالأصالة مطلقة؛ أي في عرض النص، أو أنها في طول النص.

والجواب عن هذا كلِّه:

____________________

(١) النساء ٤: ٥٨.

(٢) الأحزاب ٧٣: ٧٢.

٢٠٧

أننا لو لاحظنا آية سورة النساء، لوجدنا أنها ابتدأت بضمير المخاطب ( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ ) وفي ذيلها: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ) وقد تغيَّر الأسلوب إلى الخطاب بالصفة، وهذا يقرّب ما ورد من الروايات أن المخاطب في الأولى هم ولاة الأمر، فالإمامة هي أمانة الحكم إلا أن المخاطب بها هم ولاة الأمر.

وفي الثانية خطاب إلى عامة الناس لطاعة أولي الأمر، وقد ورد في ذيلها رواية عن الباقر عليه‌السلام : (أن إحدى الآيتين لنا والأخرى لكم) وقد ذهب بعض الكتّاب إلى شرح الرواية بالقول: أن الآية الأولى هي للناس والثانية للأئمة. وهذا عجيب؛ إذ أن الخطاب في الثانية بـ: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) ، وهو خطاب عام، والآية الأولى وإن كان الخطاب فيها عاماً إلا أنه لا يُعقل توجيهه لكل الناس؛ لأنه ليس وظيفتهم حكم كل الناس، وواضح أن المخاطب فيها هم الحكّام.

وعلى فرض التنزُّل وأن المخاطب في الآية الأولى هم عامة الناس، فهي أصرح على نظرية النص؛ حيث يكونون مطالبين بأن يولّوا عملياً ويمكِّنوا مَن هو أهل لذلك، وهم الواجب طاعتهم.

أمَّا بقية الآيات، فهي بصدد بيان الأمانة العامة ومطلق التكاليف، الفردية منها والاجتماعية، وليست في صدد التعرُّض إلى ولاية الأمر بالخصوص.

وبعبارة أخرى: أن ذيل الآية؛ من لزوم طاعة أولي الأمر المقرونة طاعتهم بطاعة اللَّه وطاعة رسوله ممَّا يدلل على أنها متفرِّعة منهما لا من تنصيب الناس، شاهدٌ على أن الأمانة والحكم بين الناس ليس من صلاحية الناس وتنصيبهم؛ لأن اللازم على الناس المتابعة والانقياد، ومَن بيده النصب لا يكون تابعاً منقاداً، فالأمانة عهد اللَّه الذي لا يناله الظالمين كما في سورة البقرة، لا العهد من الناس.

٢٠٨

سابعاً: آيات تدل على نفي مسؤولية الرسول عن الأمة

( مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً ) (١) ، ( وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ ) (٢) ، ( وَلَوْ شَاءَ اللّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ ) (٣)، ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ ) (٤) ، ( فَإِن أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلَنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاَغُ ) (٥) ، وغيرها من الآيات: ق/ ٤٥، النحل/ ١٢٥، الغاشية/ ٢١، يونس/ ٩٩.

وتقريب الاستدلال: أن هذه الآيات تحصر مهمة الرسول في التبليغ وهداية الناس ونفي مسؤوليته عن تولي زمام الأمة، وأنه ليس مسؤولاً عنهم إذا اختاروا طريقاً آخر، فهي تدل على أنه ليس من مهام الرسول الولاية في الأصل.

والجواب عن هذا الاستدلال: أنه يجب ملاحظة شأن نزول هذه الآيات، وملاحظة ما يحيط بها من آيات تكون قرينة على بيان معناها؛ حيث إن الآيات بصدد الإشارة إلى مطلب مهم بعيد عمَّا يستشهدون بها عليه، وهو أن الإيمان - الذي هو مدار النجاة في الآخرة - لا يمكن للرسول أن يلجيء أو يُقسِر عليه ( لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) ، وكان الرسول‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله يتألم لِمَا يرى من صدود المنافقين، وهو الذي أُرسل رحمة للعالمين وما يتحلَّى به من رأفة وشفقة عليهم ( لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) ( إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ) .

____________________

(١) النساء ٤: ٨٠.

(٢) الأنعام ٦: ٦٦.

(٣) الأنعام ٦: ١٠٧.

(٤) الفرقان ٢٥: ٤٣.

(٥) الشورى ٤٢: ٤٨.

٢٠٩

مضافاً إلى أن الرسول كان رحمة للناس، وكان يظهر شفقته وحزنه حتى على المنافقين، وأن الحفاظة والوكالة المنفية هي في مورد الإيمان والدين، لا في مورد إدارة المجتمع ونحوه، كما أن هذا التفسير لا ينسجم مع الآيات الصريحة بأن على الرسول إقامة العدل، سواء في مجال الاقتصاد والأموال أم في الحقوق والمنازعات - السياسية أو الفردية - والحكم بين الناس، والقضاء شعبة ركنية من شعب الدولة، ولا ينسجم مع الآيات التي تأمر النبي بالجهاد ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ ) ؛ فإنها صريحة في وجوب إقامة الحكم الإسلامي وحمل الناس على العيش في ضمن قوانين الدولة الإسلامية والتسليم الخارجي لهم، أما من جهة القلب والإيمان الباطني، فإن هذا أمر غير قابل للإكراه فيه. وفي هذا المجال نرى تلك الآيات التي تنفي مسؤولية الرسول‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله عنهم، أمَّا الجانب الأول، فإن الآيات صريحة في وجوب إقامة الحكم على الرسول‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله وجعل كلمة اللَّه هي العليا.

ثامناً: آية المائدة

( إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلاَ تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) .

استدل البعض بهذه الآية الشريفة على أن الحكم عن طريق الشورى، وأنه يكون في طول النص؛ حيث أن الآية ذكرت أنه أنزل التوراة ليحصل بها الحكم، وهو غير الهداية، بل يشمل التشريع والقضاء، وهو للنبي أولاً، ثُم يأتي دور الربانيين، وهي صيغة مبالغة، ورباني المنسوب إلى الرب، وهم المطيعون للَّه عزَّوجل طاعة خالصة غير مشوبة بمعصية غير المغضوب عليهم ولا الضالين، وهم أوصياء كل نبي، ثُم يأتي ثالثاً دور الأحبار، وهم العلماء الذين عليهم مسؤولية استلام سدة

٢١٠

الحكم، وأن هذه السنة الإلهية في تولِّي الحكم جارية في جميع الأديان.

وهذا الحكم العام يستفاد من مجموعة من القرائن:

أ - قوله تعالى: ( فَلاَ تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ) ، فالمخاطب بها المسلمون، وهذا يدل على جريان هذه السنة الإلهية فيهم أيضاً.

ب - أن القرآن ليس كتاب تاريخ أو قصص، بل هو كتاب اعتبار وتشريع، فكل ما يذكره إنما يأتي به اللَّه عزَّوجل من أجل العبرة، والتشريعات تكون ثابتة ما لم يُنص على خلاف ذلك. فهذه السنة العامة التي ذكرها القران في بني إسرائيل غير مختصة بهم؛ بدليل عدم ذكر القران لهذا الاختصاص، بل إن ذكرها للدلالة على إرادتها من المخاطبين.

جـ - الآيات الواردة بعد ذلك في بيان حكم أهل الإنجيل؛ إذ يعيد الحق سبحانه نفس المفاد حيث تنص على وجوب الحكم بما جاء في الإنجيل ( وَمَن لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللّهُ فَأُوْلئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) ومِن ثَمَّ تستمر الآيات في بيان وجوب أن يحكم الرسول‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله بما أنزل اللَّه.

والخلاصة: أن الآيات تبيِّن سنة إلهية جارية في جميع العهود والأزمان، وأنه إذا أنزل كتاباً سماوياً، فمراده من ذلك هو أن يكون دستوراً إلهياً على الأمة أن يتخذوه في تصرفاتهم على كافّة الأصعدة الفردية والاجتماعية والقضائية والتشريعية والولائية. وتُظهر الآية تسلسل ترتب الحاكمية، فهي للنبين ثُم لوصيه، ثُم للأمة والأحبار، أي العلماء الذين هم جزء من الأمة، مع اشتراط توفُّر العلم والكفاءة والأمانة، وهي أمور لا ريب فيها.

وفي هذا الاستدلال تأمل:

١ - أن الآية لا تنافى نظرية النص، بل تدل عليها؛ وذلك لأن إيكال سدة الحكم للأحبار هل هو بالأصالة عرضاً مع الربانيِّين أم بالنيابة عنهم؟ والآية تصلح

٢١١

للانطباق على كلا المعنين.

٢ - أن الترتيب في الذكر الوارد في الآية ليس اعتباطياً، بل هو للدلالة على نيابة المتأخر عن المتقدِّم بمقتضى ولاية المتقدِّم ذكراً على المتأخر؛ لأن المتأخر من رعية المتقدم، فتكون ولاية المتأخر متفرِّعة عن المتقدم، وحيث إن العلماء مستقى علمهم من المعصومين، فتوليهم للحكم يكون بالنيابة عن المعصوم، والدليل على تسنُّمهم سدة الفتيا هو آية النفر (١) فإسناد سدة الفتيا للفقهاء هو من عصر الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله غايته أنه في طول المعصوم عن الرسول؛ حيث أن أصل العلوم كلها هي للرسول‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو الذي يُطْلِع المعصوم عليها، وإن كان تشريع فتياهم، أي الفقهاء، هو من قبل اللَّه عزَّوجل، لكنها عن المعصوم‏ عليه‌السلام عن الرسول‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله .

إن قلت: ظاهر الآية أن ولاية الأحبار ليست نيابة؛ وذلك لأن اللَّه عزَّوجل أسند الحكم إليهم، فالتخويل هو من قبل اللَّه.

قلت: إن لهذا نظائر كما في طاعة اللَّه وطاعة الرسول، وولاية اللَّه ولاية الرسول، فإن المزاوجة بين الولايتين لا يدل على أنهما في عرض واحد، بل إنها جعلت للمعصوم بتخويل من اللَّه عزَّوجل استخلافا. ومن نظائرها ما ذُكر في موارد الخمس والزكاة وأصنافها، فإن الولاية على الأموال هي للرسول والمعصوم، لا للأصناف، فالفقراء ليست لهم الولاية على أموال الزكاة.

إن قلت: هل تُتصور - بناء على نظرية النص - ولاية الرسول‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله على المعصومين بعد وفاته صلى‌الله‌عليه‌وآله .

قلت: إن ولاية الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله باقية على مَن بعده حتى بعد وفاته؛ وذلك لأن الرسول الأكرم هو الطريق لوصول العلوم إليهم عليهم‌السلام . ‏ويذكر مضافاً إلى نفوذ

____________________

(١) راجع في تفصيل ذلك كتابنا: دعوى السفارة في عصر الغيبة.

٢١٢

أحكامه‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله في كل المجالات على مَن بعده إلى يوم القيامة - كمثال على ذلك - ما جرى بين الحسين‏ عليه‌السلام وابن عباس عندما سأله الأخير عن خروجه مع علمه بما فعلوه بأبيه وأخيه، فأجابه عليه‌السلام : أنه قد رأى النبي‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله في المنام وأخبره بالخروج إلى العراق؛ حيث أن رؤيا المعصومين صادقة، فهذه تمثِّل استمرار ولايته عليهم وبقاء تلك الطولية بينهم.

٣ - قوله تعالى: ( بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ) ، فإن هذه العبارة في الآية ليست متعلقة بالأحبار، بل متعلقة بالنبيين والربانيين؛ وذلك:

ـ أن مادة الحفظ واردة في القرآن غالباً بمعنى الإيكال العهدي الخاص الشبيه بالتكويني من اللَّه عزَّوجل إلى الملائكة المسمون (بالحفظة)، ولفظة ( اسْتُحْفِظُوا ) لم ترد إلاّ في هذا المورد، وهذا يدل على أن المراد منها هو العهد الخاص، ويقابل الاستحفاظ لفظ (التحميل) حيث ورد وصفاً لعلماء بني إسرائيل في سورة الجمعة ( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا ) ، فالتعبير بالحمل هو بمعنى التكليف، وهو غير الاستحفاظ، والثاني ورد في علمائهم، لا الأول.

ـ ورد عن الصادق عليه‌السلام في ذيل الآية: (الربَّانيون هم الأئمة دون الأنبياء الذي يربّون الناس بعلمهم، والأحبار هم العلماء دون الربانيين). قال: (ثُم أخبر عنهم فقال: ( بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء ) ولم يقل بما حملوا منه). تفسير الصافي ٢ / ٣٨.

وهذا أيضاً يدل على أن المراد من الاستحفاظ هو عهد خاص من اللَّه عزَّوجل.

ـ وقد يتساءل عن السر في تأخير ( بِمَا اسْتُحْفِظُواْ ) وإيرادها بعد الأحبار، وكان الأنسب ذكرها بعد الربانيين. والجواب عن ذلك:

أ - مثل هذا التعبير وارد في مواضع أخرى في القران مثلاً في سورة النساء (٧٢ -

٢١٣

٧٣): ( وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَعَهُمْ شَهِيداً وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَن لَم تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً ) . فجملة ( كَأَن لَم تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ ) متعلقة بالآية السابقة عندما يقول المنافقون عند هزيمة المسلمين: الحمد للَّه الذي لم نكن معهم، فوجود الفاصل لا ينفي الارتباط بين الجملتين.

ب - أن هذا التعليل يبيِّن أنَّ المحورية والمركزية في الحكم للنبي والربانيين؛ وذلك لأن لهم العهد الخاص من قبل اللَّه عزَّوجل، ويكون موضع الأحبار هو النيابة عنهم، وبمنزلة الأيدي والأعوان، ولا يكونون مستقلين بالحكم والأمر، بل يصدر الأمر عنهم. نعم، يكون لهم نوع من الاستقلالية في ما لم يُنط بهم كما في ولاية الإمام‏ عليه‌السلام لمالك الأشتر، فقد زوَّده بالخطوط العامة للحكم، وعليه التصرف ضمن تلك الحدود ولا يرجع في كل صغيرة للإمام، وهذا مقام لا يعطى لكل أحد، بل لمَن يمتلك الكفاءة العلمية والأمانة؛ ولذا عبَّر عنهم بالأحبار، فعدم الاستقلال بالولاية يرجع إلى عدم توفُّر التعليل فيهم؛ حيث إنه منحصر بالنبيِّين والربانيين.

٤ - وأخيراً يرد على المستدِل بهذه الآية الكريمة للجمع بين الشورى والنص وأنه مع انتفاء النص تصل النوبة للشورى، أن ذلك يتنافى مع ما هو مقرَّر في العقيدة الشيعية من أن الأرض لا تخلو من حجة ظاهرة أو باطنة، وأن الولاية مع وجود المنصوص عليه تكون فعلية، وليست اقتضائية ولا تقديرية، وهذا يعني أن موضوع النص لا ينفى أصلاً حتى يمكن أن نفرض الشورى عند انتفاء النص، ولا يمكن اعتبار عدم تسلُّم الإمام لسدة الحكم لجور الأمة وضلالها انتفاء للنص؛ فهو كما في تصريح الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله : (الحسن والحسين إمامان إن قاما وإن قعدا).

وكذلك غيبة المعصوم لا تعني انتفاء النص؛ لأنه موجود ومؤثِّر بتسديده للأمة

٢١٤

وهدايته لها من ستار الغيب كما يظهر من الروايات الكثيرة في هذا المجال.

منها: قوله‏ عليه‌السلام (إني لازلت راعٍ لكم، ولست بغافل عما يدور حولكم). فضرورة المذهب السائدة أن الفقهاء هم نوَّاب الإمام وشرعيَّتهم من شرعية الإمام - مع اختلافهم في مساحة تلك النيابة سعة وضيقاً - لا أن لهم ذلك بالأصالة. وهذه النيابة للفقهاء بالنصب العام، لا الخاص لجماعة وأشخاص بخصوصهم. نعم، أوكل أمر تعيين هذا المصداق النائب للأمة، فهو نوع من التخويل، سواء كان هذا الانتخاب بنحو مفرد أم لمجموعة واجدة لشرائط النيابة، وهذا نظير صلاحية القاضي فإنها استنابة عنه عليه‌السلام إلاّ أنه جعل تعين المصداق بيد المتخاصمين.

وهذا المعنى ليس إيكالاً للأمة باختيار القائد؛ بمعنى أن الأمة تختار مَن ينوب عنها، بل هو تفويض للأمة في تعيين المصداق من بين هؤلاء العلماء. فما يذكره بعض المتأخرين من أن للفقهاء الولاية بالأصالة في عصر الغيبة، مخالف لضرورة من ضروريات المذهب.

تاسعاً: سيرة الأئمة عليهم‌السلام

وقد ذكرت وجوه أخرى للدلالة على الشورى، بعضها قد مضى في تضاعيف الاستدلال بالآيات السابقة:

١ - الاستدلال بالسيرة: أن الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله والإمام عليه‌السلام جرت سيرتم وعملهم على عدم استلام سدة الحكم إلاّ بعد حصول البيعة ورجوع الناس إليهم، وأن الإمام نُقل عنه أنه يكون وزيراً ومرشداً أفضل من أن يكون أميراً، وأن حكومة الرسول‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله هي حكومة معنوية أقرب منها أن تكون حكومة سياسية. ولذا قيل: أن الموروث من الرسول‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله ليس بذاك الحجم الذي يمكن أن يؤسَّس به دستور لدولة، سواء في الجانب القضائي أو التشريعي أو التنفيذي.

٢١٥

ـ أن الأئمة عليهم‌السلام كانوا يبتعدون عن السلطة ولا يسعون لإقامة الحكم، بل على العكس كانوا يدفعون مَن يأتي ليبايعهم. فالإمام علي‏ عليه‌السلام عندما أتاه الناس لمبايعته، صدهم وامتنع أول الأمر، وهذا يعني أن الأمر بيد الأمة؛ فإنْ انتخبتهم، فقد أصابت طريق الرشاد والصلاح. كما أن أبا مسلم الخراساني قد عرض الحكم على الإمام الصادق‏ عليه‌السلام وقد رفض ذلك، والإمام الرضا قد عرض عليه المأمون الحكم وقد رفض، فهذا يعني أنهم لم يكن يرون أنفسهم منصوبين من قبل اللَّه.

٢ - أن السياسة وتدبير الأمور ليست جزءاً من الدين والشريعة، بل هي أمور عامة ترجع إلى تقدير الناس وحسن رويتهم؛ فالحكومة تستمد مشروعيتها من الأمة والمجتمع.

٣ - أن المعصومين مبشِّرون ومبلِّغون وهُداة، والنص على إمامتهم يعني وجوب الرجوع إليهم في معرفة أحكام الدين أصولاً وفروعاً، وإن الحكومة ليست تكليفاً إلهياً، وليس من مراتبه ومقاماته الحكومة؛ وأوضح مثال على ذلك أنبياء بني إسرائيل إذ لم يكونوا يديرون شؤون الناس.

٤ - أن الكتاب الكريم لم يحتوي إلاّ على جزء قليل من أحكام الدولة.

٥ - أن مفهوم النبوة والإمامة يعتمد على العلم الخاص، وليس فيه دلالة أو إيماء إلى الحكم والولاية.

والجواب عن هذه الوجوه:

أولاً: قد ذكرنا سابقاً الجواب عن السيرة ونكرره هنا:

ـ إن الآيات التي تأمر النبي بإقامة القسط والعدل والقضاء والجهاد والنشاط العسكري والدفاع عن المجتمع الإسلامي كثيرة، وهذه ‏خطابات ‏لا تصلح إلاّ للحاكم والوالي. وأمَّا البيعة، فقد ذكرنا نكتها وأنه لا يكفي مجرد التكليف من دون حصول

٢١٦

الوثوق والاطمئنان، وقد ذكرنا أن البيعة ليست تفويضاً أو توكيلا، بل هي إظهار الالتزام وأخذ العهد والتغليظ.

ـ وهكذا في سيرة الإمام علي عليه‌السلام ، فإنه في كثير من كلماته يشير إلى أحقِّيته بالخلافة والحكومة، وأن مماطلته في استلام الخلافة بعد مقتل عثمان لحكمة تتضح لمَن له أقل تتبُّع للتأريخ؛ حيث أنه أراد قطع العذر لمَن يشق عصا المسلمين والطاعة عليه، وحتى لا يكون هناك مجالاً لمَن أراد أن ينكث البيعة.

ـ وقد يشكل بما روي عن الإمام الحسين عليه‌السلام ؛ من أنه في ليلة العاشر من المحرم قال لأصحابه: (وإني قد أذنت لكم فانطلقوا جميعاً في حلٍ ليس عليكم مني ذمام، وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا).

وجوابه: أن الإمام الحسين واجب النصرة؛ لأنه مظلوم، فضلاً عن كونه إماماً مفترض الطاعة، فنصرته لم تجب بالبيعة فقط، بل بدونها نصرته واجبة. وقد ذكروا وجوها لهذه المقالة؛ منها: أنه أراد امتحان أصحابه ليعلم الثابت منهم عن غيره.

ومنها: أنه يكون إذن خاص منه‏ عليه‌السلام حيث علم أن سوف يستشهد.

ومنها: أن أصحابه ليسوا كلهم على درجة واحدة من الثبات، فلذا تنقل بعض الروايات أنه قد ذهب بعض منهم - ولكن يسير جداً - فهؤلاء لم يلزمهم بالبقاء.

ومنها: أن الاستشهاد معه‏ عليه‌السلام مرتبة لا ينالها إلاّ مَن أُتي نصيباً وافراً من المعرفة الحقيقية بمقامهم‏ عليهم‌السلام ؛ ‏ولذا كان هذا التحليل هو لذوي النفوس الضعيفة التي ليس من مقامها الاستشهاد معه‏ عليه‌السلام . وهؤلاء كانوا يظنون أن بقاءهم معه‏ عليه‌السلام مرتبط ببيعتهم له، فعاملهم الإمام عليه‌السلام على اعتقادهم.

ـ أما بالنسبة للإمام الصادق‏ عليه‌السلام ، فلقد عرض عليه أبو مسلم ‏الخراساني ‏البيعة، ولكن الإمام رفض ذلك، وسرُّه واضح؛ لأن أبا مسلم لم يرد تحكيم وتولية الإمام، وإنما أراد التستر والاستفادة من شخصية الإمام عليه‌السلام ؛ لأنه يعلم أن التغيير غير ممكن إلاّ إذا كانت

٢١٧

هناك شخصية ذات نفوذ وسلطة في قلوب الناس، والإمام عليه‌السلام كان له إحاطة بالأوضاع الاجتماعية وعلى دراية بخبايا أبي‏ مسلم. ولذلك ما أن أعرض عنه الإمام، حتى بادر ودعى إلى بني العباس.

ـ أمَّا بالنسبة للرضا عليه‌السلام ، فأولاً عندما امتنع عن قبول الولاية حقَّق هدفاً مهماً؛ وهو اتضاح أن ولاية المأمون لا أساس شرعي لها. وثانياً عندما قبل الولاية تحت الإجبار والإكراه مع شرط عدم التدخل في أمور السلطة، فإنه يتجنب إمضاء مشروعية أفعال السلطة الحاكمة؛ حيث يتَّضح أن المأمون لا شرعية لسلطته حتى يوليه ولاية العهد. وبهذا يكون قد خلص من الهدف الذي توخاه المأمون من استغلال مكانة الإمام الدينية في دعم شرعية سلطته.

ـ أما ما استشكله البعض من انصراف الأئمة عليهم‌السلام ‏عن الجانب السياسي، وعدم سعيهم لإقامة الدولة والحكم، فجوابه يتضح من خلال النقاط التالية:

أ - أن الأئمة عليهم‌السلام ‏انصرفوا إلى إعمال تعتبر أهم مِلاكاً من إقامة الحكم عند التزاحم؛ وهي بيان أحكام الدين ومعارفه، أي تدبير الجهة العقلية والمعرفية عند الناس، وهي مقدمة على تدبير الأبدان. واضح أن نشر الدين وبيان الأحكام تعمُّ منفعته جميع المسلمين في الأزمنة كافة، بينما تدبير الحكم وإقامة الدولة يفيد الأجيال المعاصرة لتلك الحقبة فقط، فإذا دار الأمر بين النفع والفائدة الأطول زماناً مع آخر ذي فائدة اقصر زمانا، فالتقديم للأول.

ب - أن المجتمع الإسلامي قد توسَّع بشكل كبير في القرنين الأول والثاني، وانفتح على حضارات مختلفة، واختلط بأمم متعددة، ممَّا أثار جملة كبيرة من الأسئلة والاستفسارات والشبهات التي احتاجت إلى أجوبة شافية دامغة لكل ما يمسُّ الدين الحنيف، وقد عجزت الأذهان العادية التي تنهل من العلوم الكسبية عن الإجابة عليها واحتاجت إلى مَن يكون له علم لدني يجيب عنها، خصوصاً أن

٢١٨

الحركة المسيحية واليهودية لم تألوا جهداً في ضرب الإسلام فكرياً وعقائديا بعد أن عجزت عن الإطاحة به عسكرياً، فقامت ببث التشكيك في معارف القران والجبر والتفويض وتجسيم اللَّه عزَّوجل ومعاجز النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله و...

جـ - أن إقامة الحكم ورئاسة الأمة وظيفة مشتركة بين القائد والأمة، فإذا لم تتمثَّل الأمة للواجب المُلقى على عاقتها؛ من رجوعها إلى الإمام المعصوم، فإنه لا يجب على الإمام إجبارهم على ذلك. وقد تخاذلت الأمة عن القيام بواجبها، فاتجه الإمام إلى الوظيفة الأخرى.

ـ أن الأئمة لم يغفلوا الجانب السياسي البتة، وكانوا لا يفوّتون الفرصة من حين لآخر لإثبات أحقِّيتهم بالخلافة؛ فالإمام الكاظم عليه‌السلام عندما حجَّ هارون الرشيد وزار المدينة وجعل الأخير يسلِّم على الرسول: السلام عليك يابن العم. قال‏ عليه‌السلام في السلام: (السلام عليك ياجداه)؛ للإشارة إلى أن المشروعية إذا كانت بالأقربية، فإنَّا أقرب إليه منكم. وغيره من مئات الوقائع التي رصدها التاريخ لهم‏ عليهم‌السلام ‏مع سلاطين بني أمية وبني العبَّاس.

ـ أن الأئمة عليهم‌السلام ‏كانوا يمارسون نوعاً من الحكومة الخفية، ويأمرون وينهون شيعتهم؛ ومن هذه المواقف:

أ - نهي الكاظم عليه‌السلام لصفوان عن إيجار جماله - والتي كانت له أكبر مؤسسات النقل في العالم الإسلامي آنذاك - للدولة الحاكمة آنذاك.

ب - جباية الأموال في ذلك الزمان من الأمور المختصة بالدولة، ومع ذلك فإنهم عليهم‌السلام ‏كانت تجبى إليهم الأخماس والزكوات، واتفاق الفقهاء على أنه مع حضور الإمام لا تبرأ ذمة شخص إلاّ بتسليمها للإمام عليه‌السلام ؛ لِمَا كان علي بن يقطين يدفع زكاته للإمام الكاظم عليه‌السلام مع كونه وزيراً للسلطان العباسي، حتى أن جواسيس بني العباس خاطبوا هارون يوماً بما مضمونه: هل للمسلمين خليفتان تجبى لكل

٢١٩

منهما الأموال، وأن الثاني هو موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، وأن معه من شيعته عشرات آلاف السيوف تنصره، ممَّا ينذر الخليفة العباسي بتنامي نفوذ الكاظم عليه‌السلام في المجتمع الإسلامي.

ب - نصب الوكلاء في المناطق المختلفة، وهؤلاء يرجع إليهم الناس في كلٍّ مِن معرفة الأحكام وفي خصوماتهم القضائية وفي كل توابع ولواحق القضاء؛ من إنفاذ الأوقاف والوصايا وتقسيم المواريث وإدارة أموال القصّر وأخذ القصاص أو الديَّات وغيرها.

وكان النصب على نحو نصب خاص ونصب عام، ونجد أن فقهاء الشيعة يجعلون المناصب ثلاثة: الإفتاء - القضاء - المرجعية؛ حيث يرون لكل منها شروطاً تختلف عن الأخر، وقد تتداخل بعضها. وهذا التفصيل استفيد من روايات الأئمة عليهم‌السلام ‏فعن تقرير يرفعه أحد عيون الجاسوسية للدولة العباسية - يرويه لنا الكشي في كتابه الرجالي - يصف الشيعة في الكوفة أنهم على ثمان طوائف؛ أحدها: زرارية بن أعين، والأخرى: مسلمية اتباع محمد بن مسلم، وهشامية: أتباع هشام بن الحكم، وبصيرية: أتباع أبي بصير، وهذا يذكر في الحقيقة تعداد الجماعات الشيعية التي ترجع إلى فقهاء الرواة عن الباقر والصادق والكاظم عليهم‌السلام ‏كما نجد أن الأئمة قد أجازوا إقامة الحدود بما يتناسب مع هذه الحكومة الخفية كالأب على ابنه والزوج على زوجته والسيد على عبده.

جـ - الممانعة من الجهاد الابتدائي مع السلطة الأموية والعباسية كما في رواية زين العابدين‏ عليه‌السلام في الرواية المعروفة عندما اعترض عليه أحد أقطاب العامة، قائلا: تركت الجهاد وخشونته ولزمت الحجج وليونته، واللَّه تعلى يقول: ( إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ... هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) فأجابه‏ عليه‌السلام : (أكمل الآية، فقال: ( التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440