مطارحات في الفكر المادي والفكر الديني

مطارحات في الفكر المادي والفكر الديني33%

مطارحات في الفكر المادي والفكر الديني مؤلف:
تصنيف: أديان وفرق
الصفحات: 174

مطارحات في الفكر المادي والفكر الديني
  • البداية
  • السابق
  • 174 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 64646 / تحميل: 8047
الحجم الحجم الحجم
مطارحات في الفكر المادي والفكر الديني

مطارحات في الفكر المادي والفكر الديني

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

الطائفة الثانية

في الأخبار الدالة على أن علياً خير البشر

٢١ - ما في الينابيع في باب (٥٦) عن كتاب مودة القربى عن جابر عنه صلى الله عليه وآله وسلم: (علي خير البشر من شك فيه فقد كفر) وقد رواه السيد هاشم في مناقبه عن مناقب ابن مردوية عن حديفة عنه صلى الله عليه وآله وسلم لكن بلفظ: (علي خير البشر من أبى كفر) ويظهر أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أيضاً سمعت ذلك من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما يرويه في الينابيع في باب (٥٦) عن مودة القربى في المودة الثالثة عن عطاء قال سألت عائشة عن علي قالت: ذلك خير البشر لا يشك إلا كافر.

٢٢ - ما عن مناقب ابن مردوية عن أبي رافع عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لعليّ: (أنت خير أمتي في الدنيا والآخرة). وفي مناقب الخوارزمي في فصل (٩) بسنده عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (علي خير البريّة).

٢٣ - ما عنه عن بريدة إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لفاطمة: (إن زوجك خير أمتي أقدمهم سلماً، وأكثرهم علماً). ورواه الخوارزمي في مناقبه بلفظ: (أما ترضين أن زوّجتك خير أمتي الخ…) وفي رواية الفصول المهمة (أما علمت أنك بكرامة الله تعالى إياك زوّجك أغزرهم علماً وأكثرهم حلماً وأقدمهم سلماً).

٢١

٢٤ - ما عنه أيضاً عن ابن جنادة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (خير من يمشي على الأرض بعدي علي بن أبي طالب).

٢٥ - عنه عن سلمان قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فناداني قلت: لبيك فقال: (أشهدك اليوم إن علي بن أبي طالب خيرهم وأفضلهم).

٢٦ - عنه عن سلمان أيضاً قال قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن وصيي وموضع سرّي وخير من اخلف بعدي ينجز موعدي، ويقضي ديني علي بن أبي طالب). وعن كنز العمال قريباً منه، ورواه الخوارزمي في مناقبه: (إن أخي ووزيري وخير من أخلفه بعدي علي بن أبي طالب).

٢٧ - ما في ذخائر العقبى لمحبّ الدين الطبري الشافعي، ومناقب الخوارزمي بسندهما عن أنس قال قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من نبي إلا وله نظير في أمته، وعلي نظيري).

٢٨ - ما في مناقب الخوارزمي بسنده عن أنس قال: أهدي إلى النبي طير فقال: (اللهم إئتني بأحب خلقك إليك ولي ليأكل معي من هذا الطير) فجاءه علي عليه السلام فأكل معه وكان أتاه جبرئيل من الجنة. ورواه بطرق أخرى. وحديث الطائر مشهور حتى رواه ابن المغازلي في (٢٣) طريق ورواه أحمد بن حنبل في مسنده وروي في الجمع بين الصحاح الستة وفرائد السمطين بطرق ومناقب الصحابة والمناقب الفاخرة والفصول المهمة وغيرها.

٢٢

٢٩ - ما عن كتاب الوسيلة عن مسروق عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الخوارج شر الخلق يقتلهم خير الخلق، وأعظمهم عند الله يوم القيامة وسيلة). ويدل على ذلك أيضاً ما رواه الخوارزمي في الفصل التاسع من مناقبه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لمبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن عبد ود يوم الخندق أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة).

٣٠ - ما ذكره ابن أبي الحديد في شرح النهج من خبر مشهور فيه: إن فاطمة اشتكت واشتهت عنباً في غير أوانه فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم اللّهم أتنا به مع أفضل أمتي عندك منزلة فجاء علي بعنب فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (الله أكبر الله أكبر اللهم كما سررتني بأن خصصت علياً بدعوتي فاجعل فيه شفاء ابنتي) فأكلت منه وعوفيت.

* * *

الطائفة الثالثة

في النص على الأئمة الاثني عشر عليهم السلام

٣١ - ما عن صحيح البخاري في الجزء الرابع «كتاب الأحكام» عن جابر بن سمرة إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (يكون بعدي اثنا عشر أميراً) فقال كلمة لم أسمعها فقال أبي أنه قال: (كلهم من قريش).

٣٢ - ما عن صحيح مسلم في الجزء الثاني في باب «الناس تبع لقريش» عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال (لا يزال الدين قائماً حتى

٢٣

تقوم الساعة ويكون عليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش). وعن سنن الترمذي في الجزء الثاني مثله بإبدال كلمة خليفة بأمير.

٣٣ - ما في الينابيع للشيخ إبراهيم الحنفي باب (٧٧) عن كتاب مودة القربى بسنده عن ابن سمرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (بعدي اثنا عشر خليفة ثم أخفى صوته فقلت: ما الذي أخفى صوته قال قال: (كلهم من بني هاشم). وروى عن سماك بن حرب مثل ذلك. وروى عن الشعبي عن مسروق عن ابن مسعود انه عهد الينا نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أنه يكون بعده اثنا عشر خليفة بعدد نقباء بني اسرائيل. وقال فيه ايضاً في الباب ذكر يحيى بن الحسن في كتاب العمدة من عشرين طريقاً أن الخلفاء بعد النبي أثنا عشر خليفة كلهم من قريش، في البخاري من ثلاثة طرق، وفي مسلم من تسعة طرق، وفي أبي داود من ثلاثة طرق وفي الترمذي من طريق واحد، وفي الحميدي من ثلاثة طرق. ثم قال بعد هذا بيسير: ذكر بعض المحققين انالأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده صلى الله عليه وآله وسلم أثني عشر قد أشتهرت من طرق كثيرة. فبشرح الزمان وتعريف الكون والمكان. علم أن مراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من حديثه هذا الاثنا عشر من أهل بيته وعترته إذ لا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه لقلتهم عن اثني عشر، ولا يمكن حمله على الملوك الأموية لزيادتهم على أثني عشر ولظلمهم الفاحش إلا عمر بن عبد العزيز، ولكونهم غير بني هاشم لأن

٢٤

النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (كلهم من بني هاشم) في رواية عبدالملك عن جابر. واخفاء صوته صلى الله عليه وآله وسلم في هذا القول يرجّح هذه الرواية لأنهم لا يحسنون خلافة بني هاشم. ولا يمكن أن يحمله على الملوك العباسية لزيادتهم عن العدد المذكور ولقلة رعايتهم الآية:( قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ) (١) . وحديث الكساء، فلا بد من أن يُحمل هذا الحديث على الأئمة الاثني عشر من أهل بيته وعترته صلى الله عليه وآله وسلم لأنهم كانوا أعلم أهل زمانهم، وأجلّهم، وأورعهم، وأتقاهم، وأعلاهم نسباً، وأفضلهم حسباً، وأكرمهم عند الله. وكان علومهم عن آبائهم متصلاً بجدّهم صلى الله عليه وآله وسلم وبالوراثة واللدنّية. كذا عرّفهم أهل العلم والتحقيق، وأهل الكشف والتوفيق، ويؤيد هذا المعنى أي أن مراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأئمة الاثنا عشر من أهل بيته. ويشهده ويرجّحه حديث الثقلين والأحاديث المتكثرة المذكورة في هذا الكتاب وغيرها. انتهى كلام الينابيع راجعه في بابه.

٣٤ - ما رواه في الينابيع أيضاً باب (٧٧) عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أنا سيد النبيين، وعلي سيد الوصيين، وأن أوصيائي بعدي إثنا عشر أولهم علي وآخرهم القائم المهدي). ورواه شيخ الإسلام الشافعي في فرائد السمطين عن ابن عباس عنه صلى الله عليه وآله وسلم. والأحاديث النبوية التي تصرّح بأنهم عليهم السلام أوصياء رسول الله

____________________

(١) سورة الشورى.

٢٥

في كتب أهل السنة كثيرة جداً تتجاوز حد التواتر غير ما روته شيعتهم في ذلك.

٣٥ - ما رواه في نفس الباب عن سلمان رضي الله عنه قال: «دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاذا الحسين على فخذيه وهو يقبّل خديه ويلثم فاه ويقول: أنت سيد ابن سيد أخو سيد. أنت إمام إبن إمام أخو إمام. أنت حجة إبن حجة أخو حجة أبو حجج تسعة تاسعهم قائمهم المهدي» وهو مروي عن مقتل الحسين للخوارزمي الحنفي أيضاً.

٣٦ - ما اخرجه في فرائد السمطين وفي الينابيع في باب (٥٦) عن كتاب مودة القربى في المودة العاشرة عن ابن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون).

٣٧ - ما فيه عن ابن عباس عنه صلى الله عليه وآله وسلم: (أن أوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي الاثنا عشر أولهم أخي وآخرهم ولدي) قيل يا رسول الله من أخوك؟ قال: (علي) قيل من ولدك؟ قال: (المهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً. والذي بعثني بالحق بشيراً ونذيراً لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي، فينزل روح الله عيسى بن مريم فيصلي خلف ولدي، وتشرق الأرض بنور ربها، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب).

٢٦

٣٨ - ما في مناقب موفق بن احمد الحنفي عن سلمان عن النبي انه قال للحسين عليه السلام: (أنت إمام بن إمام أخو إمام أبو أئمة تسعة تاسعهم قائمهم).

٣٩ - ما في مناقب شهاب الدين الهندي بسنده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: (من ولد الحسين بن علي أئمة تسعة تاسعهم قائمهم).

٤٠ - ما في فرائد السمطين، وكتاب الخوارزمي الحنفي بسنده إلى أبي سليمان راعي ابل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (ليلة أسري بي إلى السماء قال لي الجليل جلّ جلاله: «آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه» فقلت: والمؤمنون. قال: صدقت قال: يا محمد إني أطلعت إلى أهل الأرض اطلاعة فاخترتك منهم فشققت لك اسماً من أسمائي فلا أذكر في موضع إلا ذكرت معي فأنا المحمود وأنت محمد. ثم أطلعت الثانية فاخترت منهم علياً فسميته بإسمي، يا محمد خلقتك وخلقت علياً وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين من نوري وعرضت ولايتكم على أهل السماوات والأرض فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، ومن جحدها كان عندي من الكافرين.يا محمد لو أن عبداً من عبيدي عبدني حتى ينقطع أو يصير كالشن البالي ثم جاءني جاحداً لولايتكم ماغفرت له. يا محمد تحب أن تراهم قلت: نعم يا رب، قال لي: انظر الى يمين العرش فنظرت فإذا علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر

٢٧

وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي ومحمد المهدي ابن الحسن كأنه كوكب دري بينهم. وقال: يا محمد هؤلاء حججي علي عبادي، وهم أوصياؤك. والمهدي منهم الثائر من عترتك، وعزتي وجلالي أنه المنتقم من أعدائي، والممهد لأوليائي).

٤١ - ما في الينابيع في الباب (٩٥) عن المناقب بسنده الى جابر بن عبدالله قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا جابر أن أوصيائي وأئمة المسلمين من بعدي أولهم علي، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي ابن الحسين، ثم محمد بن علي المعروف بالباقر ستدركه يا جابر فاذا لقيته فاقرأه مني السلام، ثم جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم القائم اسمه اسمي وكنيته كنيتي ابن الحسن بن علي ذاك الذي يفتح الله تبارك وتعالى على يديه مشارق الأرض ومغاربها، ذاك الذي يغيب عن أوليائه غيبة لا يثبت على القول بامامته إلا من امتحن الله قلبه للايمان. قال جابر: فقلت يا رسول الله فهل للناس الانتفاع به في غيبته. فقال: أي والذي بعثني بالنبوة أنهم يستضيئون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن سترها سحاب هذا من مكنون سرّ الله، ومخزون علم الله فاكتمه إلا عن أهله).

٤٢ - ما في فرائد السمطين ونقله عنه في الينابيع أول باب (٧٦) بسنده عن إبن عباس قال: قدم يهودي يقال له نعثل فقال: يا محمد أسألك عن أشياء تلجلج في صدري من حين، فان اجبتني عنها

٢٨

أسلمت على يديك. قال: سل يا أبا عمارة. فسأل عن أشياء إلى أن قال: فأخبرني عن وصيّك من هو؟ فما من نبي إلاّ وله وصي، وان نبينا موسى بن عمران أوصى يوشع بن نون. فقال: ان وصيي علي بن أبي طالب وبعده سبطاي الحسن والحسين تتلوه تسعة أئمة من صلب الحسين. قال: يا محمد فسمّهم لي. قال: إذامضى الحسين فإبنه علي، فإذا مضى علي فإبنه محمد، فإذا مضى محمد فإبنه جعفر، فإذا مضى جعفر فإبنه موسى، فإذا مضى موسى فإبنه علي، فإذا مضى علي فإبنه محمد، فإذا مضى محمد فإبنه علي، فإذا مضى علي فإبنه الحسن، فإذا مضى الحسن فإبنه الحجة محمد المهدي فهؤلاء اثنا عشر الخ…). وفيه أنه أسلم وأخبر أنه وجد ذكرهم في كتب الأنبياء السالفين. وفيما عهد إليهم موسى عليه السلام وهو طويل فراجعه.

٤٣ - ما في الينابيع في الباب نفسه عن المناقب بسنده عن جابر الأنصاري قال: دخل جندل بن جنادة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسأله عن مسائل. ثم قال: أخبرني يا رسول الله عن أوصيائك من بعدك لا تمسك بهم، قال أوصيائي الاثنا عشر، قال جندل: هكذا وجدناهم في التوراة. وقال يا رسول الله سمّهم لي فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (أولهم سيد الأوصياء أبو الأئمة علي، ثم إبناه الحسن والحسين فاستمسك بهم ولا يغرّنك جهل الجاهلين. فإذا ولد علي بن الحسين زين العابدين يقضي الله عليك ويكون آخر زادك من الدنيا شربة لبن تشربه). فقال جندل: وجدنا في التوراة وفي كتب

٢٩

الأنبياء عليهم السلام (ايليا وشبرا وشبيرا) فهذه إسم علي والحسن والحسين فمن بعد الحسين وما أساميهم؟ فقال: (إذا أنقضت مدة الحسين فالإمام إبنه علي ويلقّب بزين العابدين، فبعده إبنه محمد يلقب بالباقر، فبعده إبنه جعفر يدعى بالصادق، فبعده إبنه موسى يدعى بالكاظم، فبعده إبنه علي يدعى بالرضا، فبعده إبنه محمد يدعى بالتقي والزكي، فبعده إبنه علي يدعى بالنقي والهادي، فبعده إبنه الحسن يدعى بالعسكري، فبعده إبنه محمد يدعى بالمهدي والقائم والحجة. فيغيب ثم يخرج يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً. طوبى للصابرين في غيبته، طوبى للمقيمين على محبتهم أولئك الذين وصفهم الله في كتابه وقال:( هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ) (١) ، ثم قال:( أولئك حزب الله ألا أن حزب الله هم الغالبون ) الخ… وقد جاء ذكر الأئمة الأثني عشر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أحاديث كثيرة جداً غير ما ذكرناه في هذه الكتب وفي غيرها من كتب أهل السنة مثل أربعين إبن أبي الفوارس، وكتاب الحافظ بن الخشاب، والبيان للحافظ الكنجي، وأربعين الشيخ أسعد بن إبراهيم الحنبلي وفصل الخطاب للخواجه بارسا الحنفي وغيرها. غير ما ورد في طرق الشيعة فإنها لا تحصى.

* * *

____________________

(١) سورة البقرة.

٣٠

الطائفة الرابعة

في شهادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأعلمية أهل بيته

٤٤ - ما في الينابيع باب (١٤) في غزارة علم علي عن فضائل إبن المغازلي الشافعي بسنده عن إبن عباس قال قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لما صرت بين يدي ربي كلمني وناجاني فما علمت شيئاً إلا علمته عليّاً فهو باب علمي). ورواه الخوارزمي أيضاً.

٤٥ - ما في مناقب الخوارزمي بسنده عن إبن مسعود قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسئل عن علم علي فقال: قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطي علي تسعة أجزاء والناس جزءاً واحداً. ورواه في الينابيع في باب (١٤) عن مناقب إبن المغازلي، وعن كتاب الفردوس، وكتاب مودة القربى. وهو منقول بهذا المعنى أيضاً عن حلية الأولياء. ورواه كمال الدين الشافعي في مطالب السئول.

٤٦ - ما في الينابيع باب (٥٩) عن مودة القربى عن إبن عباس عنه صلى الله عليه وآله وسلم: (قسّم العلم عشرة أجزاء فأعطى علي منها تسعة، وهو بالجزء العاشر أعلم الناس).

٤٧ - ما في مناقب الخوارزمي بسنده عن سلمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أعلم أمتي علي). ورواه عن محمد بن علي الحكيم الترمذي في شرح الرسالة الموسومة بالفتح المبين. ورواه صاحب فرائد السمطين في باب (١٨) عن سلمان أيضاً عن النبي بلفظ (أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب).

٣١

٤٨ - ما في الينابيع عن موفق بن أحمد بسنده عن جابر الأنصاري عنه صلى الله عليه وآله وسلم من حديث طويل في ذكر مناقب علي عليه السلام ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (وانت باب علمي). وعن شرح إبن أبي الحديد المعتزلي عنه صلى الله عليه وآله وسلم: (علي خازن علمي).

٤٩ - ما فيه أيضاً في باب (٥٦) عن مودة القربى عن أبي ذر رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (علي باب علمي، ومبيّن لأمتي ما أرسلت به من بعدي، حبه إيمان وبغضه نفاق).

٥٠ - ما في فرائد السمطين ورواه عنه في الينابيع بسنده عن سلمة بن كهيل قال قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أنا دار الحكمة وعلي بابها). ورواه في مطاب السئول عن مصابيح البغوي ورواه المحب الطبري في ذخائرالعقبى.

٥١ - ما في مناقب موفق بن أحمد بسنده عن أبي سعيد الخدري وسلمان قالا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أن أقضى أمتي علي بن أبي طالب).

٥٢ - ما في الينابيع بسنده عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لأم سلمة: (يا أم سلمة هذا علي لحمه لحمي ودمه دمي وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. ياأم سلمة إسمعي واشهدي هذا علي أميرالمؤمنين، وسيد المسلمين، وهذا عيبة علمي، وهذا بابي الذي أؤتى منه، وهذا أخي في الدنيا والآخرة، وهذا معي في السنام الأعلى). وهو مروي بمضمونه في فرائد السمطين،

٣٢

وكفاية الطالب، ومناقب الخوارزمي في الباب السابع في غزارة علمه عليه السلام وأنه أقضى الأصحاب.

٥٣ - ما فيه أيضاً عن كتاب مودة القربى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما عقد المؤاخاة بين أصحابه قال: (هذا علي أخي) إلى أن قال: (ووارث علمي).

٥٤ - ما فيه عن كتاب فضائل الصحابة للسمعاني بسنده عن ابي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال من حديث في حق علي: (وهو أعظم المسلمين حلماً، وأكثرهم علماً، وأقدمهم إسلاماً). وروى مثله إبن أبي الحديد في شرح النهج، وصاحب ذخائرالعقبى عن أحمد، والخوارزمي في المناقب في حديث طويل. وهو مروي عن مقتل الخوارزمي أيضاً، وكنز العمال، وكفاية الطالب وغيرها.

٥٥ - ما رواه في الباب (٥٤) عن المناقب بسنده عن جابر الأنصاري في حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه ذكر الأئمة عليهم السلام بأسمائهم إلى أن قال جابر للإمام الباقر: يا مولاي ان جدك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لي: (إذا لقيته فأقرأه مني السلام) وقد أخبرني أنكم الأئمة الهداة من أهل بيته من بعده أحكم الناس صغاراً، وأعلمهم كباراً. وقال: (لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم الخ…).

٥٦ - ما عن حلية الأولياء، وكفاية الطالب، ومقتل الخوارزمي، ومناقب الحافظ إبن مردوية عن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في بيت أم حبيبة لعلي: (أنك تبلغ رسالتي من بعدي، وتؤدي

٣٣

عني وتسمع الناس صوتي، وتعلم الناس من كتاب الله ما لا يعلمون) وروى مضمونه في مطالب السئول.

٥٧ - ما عن مناقب الخوارزمي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لعلي: (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي أنت أخي ووزيري وخير من أخلف بعدي، تقضي ديني، وتنجز موعدي، وتبيّن لهم ما أختلفوا من بعدي، وتعلمهم من تأويل القرآن ما لم يعلموا، وتجاهدهم على التأويل كما جاهدتهم على التنزيل).

٥٨ - ما في الينابيع باب (٥٩) قال: وأخرج أحمد في مسنده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (إني أوشك أن أدعى فأجيب فإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وأن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفتقرا حتى يردا علي الحوض فانظروا بم تخلفوني فيهما) إلى أن قال وفي رواية صحيحة (إني تارك فيكم أمرين لن تضلوا إن أتبعتموهما وهما كتاب الله وعترتي أهل بيتي) وزاد الطبراني (إني سألت ذلك لهما، فلا تقدموهم فتهلكوا، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم).

٥٩ - ما رواه في ذخائرالعقبى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده، وإلى موسى في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب) ورواه في الينابيع عن مسند أحمد بن حنبل، وصحيح البيهقي، وشرح إبن أبي الحديد المعتزلي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

٣٤

(من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في عزمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في فطنته، وإلى عيسى في زهده فلينظر إلى علي بن أبي طالب). ورواه اخطب خوارزم عنه صلى الله عليه وآله وسلم بلفظ: (من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى يحيى في زهده، وإلى موسى بن عمران في بطشه فلينظر إلى علي بن أبي طالب). ورواه في فرائد السمطين في باب (٣٥). وهو مروي بطريق آخر بهذا المضمون عن الحارث الأعور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وعن مناقب ابن المغازلي. ورواه كمال الدين في مطالب السئول عن البيهقي بمثله. ورواه إبن الصباغ المالكي في فصوله بمثله.

٦٠ - الحديث المشهور الذي حفظه المسلمون أجمع حتى المخدرات في خدورهن وهو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أنا مدينة العلم وعلي بابها) رواه في مطالب السئول عن صحيح الترمذي، ورواه في ذخائر العقبى، وفي مناقب الخوارزمي بزيادة (فمن أراد العلم فليأت الباب) ورواه الشيخ إبراهيم الحنفي في الينابيع عن الصواعق المحرقة لإبن حجر في الحديث التاسع قال: أخرج البزاز والطبراني في الأوسط عن جابر بن عبدالله، وأيضاً الطبراني والحاكم والعقيلي وإبن عدي عن إبن عمر، والترمذي، وأيضاً الحاكم عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أنا مدينة العلم وعلي بابها)، وفي رواية: (فمن أراد العلم فليأت الباب) إلى أن قال في آخرى عن إبن عدي: (علي باب علمي) انتهى.

٣٥

٦١ - ما في الينابيع باب (١٤) قال روى إبن المغازلي بسنده عن مجاهد عن إبن عباس، وأيضاً عن جابر بن عبدالله قالا: أخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعضد علي وقال: (هذا أمير البررة، وقاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله) فمدّ بها صوته ثم قال: (أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت اباب). أخرج هذا الحديث موفق بن أحمد والحمويني والديلمي في الفردوس وصاحب المناقب عن مجاهد عن إبن عباس إنتهى. ورواه أيضاً عن الدر المنظوم لإبن طلحة الحلبي الشافعي. وعن مودة القربى عن جابر وإبن مسعود وأنس. وروي هذا الحديث في كتاب غاية المرام عن مناقب إبن المغازلي في سبعة طرق، وعن مناقب الخوارزمي في طريقين، وعن فرائد السمطين في ثلاثة طرق، وعن شرح إبن أبي الحديد وكتاب الفردوس في الجزء الأول باب الألف، والمناقب الفاخرة في العترة الطاهرة وغيرها من كتب أهل السنة غير ما روته الشيعة في ذلك فإنه يعسر فيه الإحصاء.

هذه طائفة يسيرة من الأخبار الناصة على شهادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي لا ينطق عن الهوى في أعلمية علي وأهل بيته عليهم السلام وأنهم خزان علمه الذي خلّفه لأمته للاستضاءة بنوره. كل ذلك بروايات الثقاة الأثبات من علماء أهل السنة رضي الله عنهم.

٣٦

الطائفة الخامسة

في مدح النبي لشيعة أهل بيته

وهي مبثوثة في كتب الفريقين. وها نحن نذكر بعض ما ذكره مشاهير علماء أهل السنة في كتبهم المشهورة فعليك بالمراجعة والمطالعة.

٦٢ - ما رواه شيخ الإسلام الشافعي في كتابه «فرائد السمطين» الجزء الأول باب (٣١) بسنده عن جابر قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأقبل علي عليه السلام فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (قد أتاكم أخي) ثم قال: (والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة، انه أولكم إيماناً معي، وأوفاكم بعهد الله، وأقومكم بأمر الله، وأعدلكم في الرعية، وأقسمكم بالسوية، وأعظمكم عند الله مزيّة) قال: ونزلت فيه:( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البريّة ) (١) . قال فكان أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم إذا أقبل علي عليه السلام قالوا: قد جاء خير البرية انتهى. وروى مثله الخوارزمي في مناقبه عن جابر عنه صلى الله عليه وآله وسلم. ورواه في غاية المرام أيضاً عن كتاب الأربعين.

٦٣ - ما رواه الشبلنجي في نور الأبصار وإبن الصباغ المالكي في الفصول المهمة عن إبن عباس قال: لما نزلت هذه الآية:( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ) قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم

____________________

(١) سورة البينة.

٣٧

لعلي: (أنت وشيعتك تأتي يوم القيامة أنت وهم راضين مرضيين، ويأتي اعداؤك غضاباً مقمحين).

٦٤ - ما رواه في الينابيع باب (٥٦) عن كتاب الفردوس عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: (علي وشيعته هم الفائزون يوم القيامة) ورواه عن كتاب مودة القربى أيضاً.

٦٥ - ما عن مناقب ابن المغازلي الشافعي بسنده عن أنس قال قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفاً لا حساب عليهم) ثم التفت إلى علي عليه السلام فقال هم من شيعتك وأنت إمامهم) ورواه الخوارزمي في مناقبه ولكن فيه فقال علي عليه السلام: (من هم يا رسول الله؟) قال: (هم شيعتك يا علي وأنت إمامهم).

٦٦ - ما رواه الخوارزمي في مناقبه في حديث طويل بسنده عن ابن عباس يرفعه: (إن جبرئيل اخبر ان علياً يزف هو وشيعته إلى الجنة زفا زفا مع محمد صلى الله عليه وآله وسلم).

ما رواه الخوارزمي أيضاً في مناقبه في فصل (١٤) قال: روى الناصر للحق بإسناده في حديث انه: لما قدم علي (رض) على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لفتح خيبر قال: (لولا أن تقول فيك طائفة من أمتي ما قالت النصارى في المسيح عليه السلام لقلت فيك اليوم مقالاً لا تمر بملأ إلا اخذوا التراب من تحت قدميك ومن فضل طهورك يستشفون به ولكن حسبك أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى وأنا منك ترثني وأرثك إلا انه لا نبي بعدي، وانك تبرئ ذمتي،

٣٨

وتقاتل على سنتي، وانك غداً في الآخرة اقرب الناس مني، وانك أول من يرد عليّ الحوضّ، وأول من يُكسى معي، وأول داخل في الجنة من أمتي، وان شيعتك على منابر من نور، وان الحق على لسانك وفي قلبك وبين عينيك انتهى..) ومضمون هذه الرواية مروي عن مقتل الخوارزمي أيضاً وعن كفاية الطالب للكنجي الشافعي وتاريخ الخطيب ومجمع الزوائد ووسيلة المتعبدين ومناقب الخوارزمي بطريق آخر.

٦٨ - ما رواه في المناقب أيضاً عن المنصور الدوانيقي في حديث طويل عنه صلى الله عليه وآله وسلم وفيه: (وان علياً وشيعته غداً هم الفائزون يوم القيامة بدخول الجنة الخ..).

٦٩ - ما في المناقب أيضاً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: (يا علي إذا كان يوم القيامة أخذت بحجزة الله، وأخذت أنت بحجزتي، وأخذ ولدك بحجزتك، واخذ شيعة ولدك بحجزتهم فترى أين يؤمر بنا؟).

٧٠ - ما عن وسيلة المتعبدين ونزل السائرين عن أم سلمة (رض) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (علي وشيعته هم الفائزون يوم القيامة). وروي هذا الحديث عن كنوز الحقائق للمناوي، وبمضمونه عن تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي.

٧١ - ما رواه الخوارزمي في مناقبه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: (يا علي ان الله قد غفر لك ولأهلك ولشيعتك ومحبي شيعتك).

٣٩

٧٢ - ما عن الخطيب أيضاً وابن مردويه وابن المغازلي المالكي كلّ في مناقبه عن ابن عباس قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن قوله تعالى:( والسابقون السابقون أولئك المقربون ) (١) الآية. فقال: قال لي جبرئيل ذلك علي وشيعته السابقون إلى الجنة، المقربون من الله بكرامته لهم).

٧٣ - ما رواه الخوارزمي أيضاً في مناقبه بطرق عديدة في فصل (١٩) في حديث طويل ذكر فيه فضل علي عليه السلام وانه أعلم الناس علماً، وأقدم الناس سلماً وانه وشيعته هم الفائزون غداً).

٧٤ - ما رواه صاحب الينابيع الحنفي في باب (٥٩) عن الصواعق قال: واخرج احمد في المناقب انه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (يا علي أما ترضى انك معي في الجنة والحسن والحسين وذريتنا خلف ظهورنا، وأزواجنا خلف ذرياتنا وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا).

٧٥ - ما رواه في نفس الباب عن الصواعق أيضاً قال: اخرج الطبراني انه صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي: (أول أربعة يدخلون الجنة أنا وأنت والحسن والحسين وذرياتنا خلف ظهورنا، وأزواجنا خلف ذرياتنا وشيعتنا عن إيماننا وشمائلنا).

٧٦ - ما رواه في الباب نفسه عن الصواعق أيضاً قال: اخرج الديلمي عنه صلى الله عليه وآله وسلم: (يا علي ان الله قد غفر لك ولذريتك ولولدك ولأهلك ولشيعتك ولمحبي شيعتك فابشر فانك الأنزع البطين،

____________________

(١) سورة الواقعة.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

- ٢ -

وقد أثبت العلم التجريبي أن خصائص هذه العناصر غير نهائية وغير ثابتة، بل يمكن تبدل بعضها ببعض، وهذا التبدل بعضه يتم بصورة تلقائية، وبعضه يمكن إحداثه بالوسائل العلمية. فعنصر اليورانيوم - مثلاً - يطلق انواعاً ثلاثة من الأشعة، منها أشعة (الفا) وهي عبارة عن ذرات عنصر الهليوم، ويتحول اليورانيوم تدريجياً إلي راديوم، ويتحول الراديوم - بعد عدة تحولات عنصرية - إلي عنصر الرصاص.

وقد تمكن العالم الطبيعي (رذرفورد) من تحويل عنصر إلى عنصر آخر بجعل ذرات الهليوم تصطدم بذرات الآزوت، فنتجت ذرة هيدروجين من ذرة الازوت، وتحولت ذرة الازوت إلى اوكسجين.

وهكذا غدا من الثابت أن خصائص العناصر ليست ذاتية للعناصر.

- ٣ -

وقد استطاع العلم التجريبي - على ضوء نسبية آينشتين - أن ينزع عن الكتلة صفتها المادية، ويحولها إلى طاقة، فلم يعد في الكون عنصران متميزان: أحدهما المادة المحَّسة، والآخر الطاقة غير المحسَّة، بل غدت المادة عبارة عن طاقة مركزة، فإن كتلة الجسم نسبية، وليست ثابتة، فهي تزيد بزيادة السرعة، كما اكدت التجارب التي أجراها علماء الفيزياء الذرية. ولما كانت كتلة الجسم تزداد بازدياد حركته - وليست الحركة

٦١

إلا مظهراً من مظاهر الطاقة - فالكتلة المتزايدة في الجسم هي إذن طاقته المتزايدة، وذلك وفقاً للمعادلة التالية:

الطاقة = كتلة المادة × مربع سرعة الضوء: «١٨٦٠٠٠» ميلٍ في الثانية. كما أنه : الكتلة المادة = الطاقة مربع سرعة الضوء.

وإذن، فنفس صفة «المادية» صفة عرضية، وليست ذاتية للمادة المتطورة.

- ٤ -

على ضوء الحقائق السابقة.

١ - إن المادة الأصلية للكون المادي ترجع إلى حقيقة واحدة مشتركة.

٢ - إن خواص المركبات التي تتكون من العناصر - هذه الخواص ليست ذاتية بالنسبة إلى المادة الأصلية، وإنما هي عارضة عليها بسبب التركيب، وليس عن الطبيعة الاساسية المكوِّنة للمركب.

٣ - إن خواص العناصر البسيطة التي يتكون منها العالم المادي أيضاً ليست ذاتية لتلك العناصر وليست نهائية بدليل تحول بعض العناصر إلى بعض آخر كما رأينا.

٤ - وأخيراً إن صفة «المادية» ليست ذاتية للمادة المحسوسة، لأنها تتحول - في نهاية المطاف - إلى طاقة.

٦٢

وإذن، فليست لدينا «حقيقة نهائية» هي المادة. وليست لدينا حقيقة نهائية. هي الطاقة.

النتيجة

- ٥ -

ان المادة لا يمكن ان تكون هي العلة النهائية للكون، لان الكون يحتوي على حشد هائل من المظاهر المتنوعة، والانواع المتباينة، وهي ترجع باجمعها إلى حقيقة واحدة كما رأينا. ولا يمكن للحقيقة الواحدة أن تختلف آثارها وتتباين افعالها، إذ لو أمكن ذلك لأمكن أن تكون الحقيقة الواحدة متناقضة الظواهر، ولكن هذا مستحيل لانه يؤدي الى القضاء على نتائج العلوم الطبيعية جميعاً، لأن هذه العلوم قائمة - كما رأينا سابقاً - على أساس قانون التناسب الذي يقضي بأن الحقيقة الواحدة لها آثار واحدة وثابتة لا تتغير، فقد بينا أن التجربة في العلم الطبيعي لا تتناول إلا نماذج ضئيلة من المادة المدروسة، وتعمم نتائج التجربة الى جميع المادة المدروسة بمقتضى قانون التناسب، فلو فرضنا إمكان تناقض ظواهر الحقيقة الواحدة لما أمكن وضع أي قانون علمي عام، وبذلك تنهار العلوم كلية.

واذن، فهذا الفرض - ان التنوع من خصائص المادة الذاتية - فرض مستحيل.

واذن، من المستحيل أيضاً أن تكون المادة هي العلة النهائية للكون،

٦٣

لأن هذا الفرض يؤدي بنا الى الاستحالة العقلية كما رأينا، ويصدم حقائق التجربة الواقعية.

واذن، فاذا كانت المادة غير صالحة لأن تكون علة نهائية، فلا بد أن تكون هذه العلة النهائية فوق المادة وفوق الطبيعة.

- ٦ -

هل بقي علينا شيء؟

نعم بقي علينا أن نناقش - بصورة مباشرة - موقف الماركسية من هذه المسألة لنفضح قصورها وعجزها وسطحيتها.

تقول الماركسية في تصوير نشوء الكون عن المادة: ان الاشياء تنتج عن حركة في المادة، وان حركة المادة ناشئة ذاتياً عن المادة نفسها لاحتوائها على النقائض في داخلها، وقيام الصراع بين تلك النقائض.

ونغض النظر الآن عن بطلان المبدأ الماركسي (مبدأ التناقض) ونناقش هذه المسألة وفقاً لهذا المبدأ لنرى إن كانت الماركسية قادرة على تفسير نشوء الكون من المادة وفقاً لمبادئها؟

لقد أوضح العلم كما أشرنا - إلى أن العناصر التي يتألف منها الكون ابتداء من الهيدروجين وحتى نهاية السلسلة تعود إلى مادة واحدة بسيطة مشتركة بين الجميع (ولنغض النظر عن ان هذه المادة الاساسية عبارة عن

٦٤

طاقة) فنسأل: كيف وجدت العناصر الاساسية للكون؟

سنقول - مع الماركسية - إن التناقضات الداخلية في المادة الأساسية ( ولا نعرف من أين جاءت هذه التناقضات في المادة الاساسية البسيطة المتجانسة) - إن التناقضات الداخلية ولدت أبسط العناصر (الهيدروجين) وبالتناقضات الداخلية في الهيدروجين تولد عنصر ارقى منه واكثر تعقيداً، وهو عنصر الهليوم، وتستمر التناقضات تفعل فعلها في الهليوم وما يتولد منه حتى يصل التطور إلى ذروته في العنصر الثاني بعد المئة النوبليوم.

هذا هو التفسير يقدمه الديالكتيك ليفسر به ديناميكية المادة.

ولكن بطلان هذا التفسير يتضح حين نلاحظ أن الهيدروجين لو كان مشتملاً بصورة ذاتية على نقيضه، ومتطوراً بسبب ذلك فلماذا لم تتكامل جميع ذرات الهيدورجين وتتحول إلى هليوم، ولماذا تحول بعضها إلى عنصر الهليوم وبقي الاخر محتفظاً بخواصه العنصرية بالرغم من تناقضاته الداخلية التي حولت أجزاء منه إلى هليوم.

إن هذا المثال يمكن تطبيقه على جميع العناصر الاثنين والمئة، وهو يكشف عن بطلان التفسير الماركسي لديناميكية المادة.

وكما اتضح بطلان التفسير المادي على مستوى العناصر يتضح بطلانه بصورة جلية على مستوى المركبات، ولنأخذ الماء مثلاً على ذلك: الماء مركب من أُوكسجين وهيدروجين ولنفرض وفقاً للتفسير الماركسي أحد هذين العنصرين إثباتاً والاخر نفياً نتج عنهما مركب الماء.

ونتساءل: إذا كان هذا التفاعل يتم بصورة ذاتية بين عنصري

٦٥

الاكسجين والهيدورجين، فلماذا اختص بقسم معين منها، وبقيت الأقسام الاخرى متحررة من أسر هذا القانون، فيوجد اكسجين حر، ويوجد هيدروجين حر، ويوجد ماء.

إن هذا المثال - ويمكن تطبيقه على كل مركب في الكون - يكشف بوضوح عن بطلان التفسير الماركسي لديناميكية المادة.

* * *

الحقيقة هي أن المادة ليست ديناميكية، وليست هي نفسها سبباً ذاتياً لاكتساب خصائصها وتنوعها، فقد عرفنا النتتائج العلمية أن جميع خصائص المادة عرضية.

١ - خصائص المركبات صفات عرضية لها جاءت بسبب تركب العناصر. فخاصة السيلان في الماء عرضية جاءت من اتحاد عناصره، وإذا فرزناها ترجع إلى حالتها الغازية وتنعدم خاصة السيلان.

٢ - خصائص العناصر نفسها صفات عرضية لها، فاليورانيوم مثلاً خصائصه من اختزانه لانواع أشعته، فاذا فقدها يتحول إلى الراديوم الذي يتحول بدوره - بعد عدة تحولات إلى رصاص.

٣ - خصوصية «المادية» في المادة البسيطة نفسها صفة عرضية لها، فقد عرفنا أنها تتحول إلى طاقة، وتتكون من الطاقة.

وإذن: فليست المادة ديناميكية بذاتها تولد تفاعلاتها وتنوعاتها وظواهرها بنفسها، لأن كل ذلك (حتى ماديتها) شيء عرضي لها.

وهكذا يظهر بجلاء ووضوح عجز الماركسية عن تفسير نشوء الكون

٦٦

من المادة، وتسقط بصورة مزرية فكرة أن المادة هي العلة الاولى.

وهكذا ننتهي بصورة حتمية إلى الايمان باللّه علة نهائية للكون.

ويجب أن نوضح هنا ان ايماننا باللّه لا يعني أن الاسباب الطبيعية لا معنى لها ولا أهمية لها، وانما يعني أن التنوع والتطور الظاهر والخفي في الكون يعود إلى اسباب طبيعية خارج المحتوى الذاتي للمادة، وهذه الاسباب تتصاعد متولدة من بعضها حتى تصل في النهاية إلى علة وراء الطبيعة هي اللّه تعالى.

الاسلام والعلم

يرى المؤلف في ص ٢١

«أن الدين - كما يدخل في صميم حياتنا، وكما يؤثر في تكويننا الفكري والنفسي - يتعارض مع العلم، ومع المعركة العلمية قلباً وقالباً، روحاً ونصاً».

نناقش فيما يلي الأدلة التي ساقها المؤلف على رأيه هذا لنكشف عن خطأه، وعن جهله بموضوع نقده (الدين الاسلامي).

- ١ -

يذكّر المؤلف قارئه بالصراع الذي حدث بين العلم والدين في أُوربا، ونحن نقول له: إن الصراع حدث بين علماء عصر النهضة وكنيسة القرون الوسطى لأسباب لا مجال لذكرها الان، وليس بين العلم والاسلام. وحدث في أُوربا وليس في العالم الاسلامي، والاسلام ليس ملزماً بتبرير

٦٧

مواقف لم يتخذها هو في مناطق جغرافية لم يصل إليها، وفي مجتمعات لم يطبعها بطابعه.

وما يدعيه المؤلف من أن في العالم العربي معركة تدور في الخفاء بين الدين والعلم شيء لا نعرفه ولا نحسه، ولا يعرفه احد ولا يحسه - نعم تدور في العالم العربي معركة - ظاهرة وليست خفية - بين الاسلام وبين الالحاد متمثلاً في الماركسية ومشتقاتها. والماركسية ليست علماً: ليست علماً بعد أن افتضح عجزها عن تفسير تطور الكون والحياة والمجتمع، وبعد أن اضطر قادتها إلى تغييرها وتبديلها حتى لم يبق منها في بعض المناطق إلا اسمها، ليست علماً وانما هي مجموعة من الأخطاء في الفكر اطلق عليها إسم العقيدة. وإن صداقتنا مع المعسكر الشرقي لا تعني تبعيتنا له في عقائده وطرائقه التي اتضح لمفكرينا وعلمائنا بطلانها. إننا أصدقاء، نعم، ولكن عقيدتنا وجذورنا التاريخية ستبقى هي التي تكوّن شخصيتنا الحضارية المستقلة. وتدور في العالم الاسلامي معركة بين الاسلام وبين تيار الانحلال والاباحية الجنسية، والانهيار الاخلاقي الوافد إلينا من الغرب، وتدور في العالم الاسلامي معركة بين الاسلام وبين الاستعمار بشتىٍ اشكاله والوانه: العسكري، والاقتصادي، والفكري، من أي مصدر جاء.

- ٢ -

(ص ٢٢) أ : «ويحوي الدين الاسلامي آراء ومعتقدات تشكل

٦٨

جزءً لا يتجزأ منه عن نشوء الكون وتركيبه وطبيعته، عن تاريخ الانسان وأصله وحياته خلال العصور».

لا أدري أين وجد المؤلف هذه «الموسوعة الدينية عن الكون» نشوئه، وتركيبه، وطبيعته. الحق أن الموجود في القرآن والسنة الصحيحة لا يعدو الأفكار العامة عن نشوء الكون، وأنه نشأ بارادة اللّه، وعن اصل تكوين هذه السلالة البشرية الموجودة الان، وهي لا تتنافى مع اية حقيقة علمية قائمة على الاطلاق - كما سنرى.

نعم، ربما يكون المؤلف قد استقى بعض معلوماته الدينية من اشخاص أو مصادر متأثرة بالاسرائيليات كبعض العجائز المتأثرات كثيراً بهذا النوع من القصص فيروينها لاطفالهن، كما لا يزال يؤمن كثير من المتعلمين عندنا ببعض الفرضيات «العلمية» التي شاع في القرن الثامن عشر والتاسع عشر، والتي تجاوزها العلم منذ عقود من السنين ولكن افكار متعلمينا لا تزال متشبثة بها بالرغم من الشكوك الكبيرة التي تحيط بانقاضها الباقية ك‍«الداروينية» و«المادية الجدلية»، ولا يفوتنا أن نذكِّر المؤلف وغيره بأن كثرة أشياع فكرة ما لا تعني أنها حقيقة، وأن القوة المادية لا يمكن أن تسبغ صفة الحقيقة على أية فكرة، إن الفكرة حينئذٍ تكون أداة سياسية، لا حقيقية علمية.

ب - بالنسبة إلى منهج البحث في كل من العالم والدين، قال المؤلف:

«إن الاسلام والعلم في هذا الأمر على طرفي نقيض، فبالنسبة للدين

٦٩

الاسلامي (كما بالنسبة لغيره) إن المنهج القويم للوصول إلى مثل هذه المعارف والقناعات هو الرجوع إلى نصوص معينة تعتبر مقدسة أو منزلة، أو الرجوع إلى كتابات الحكماء والعلماء الذين درسوا وشرحوا هذه النصوص».

أُكرر قولي عن المؤلف بأنه لا يعرف الاسلام (موضوع نقده).

أولاً: ليس في الاسلام افكار تفصيلية حاسمة حول الكون، وطبيعته وتركيبه وتفاعلاته، ومن هنا فليس ثمة موضوع لاتهام المؤلف للاسلام.

ثانياً: إن النصوص الدينية التي تكون مورداً للدراسة والفحص والتعمق فيها هي نصوص الدين، أي ما يتناول العقيدة والشريعة، وليس لأجل اكتشاف أسرار الطبيعة المادية. إن المنهج في استكشاف اسرار الطبيعة المادية هو التجربة وليس دراسة النصوص. إن علماء المسلمين العظام الذين نبغوا في جميع مجالات العلوم الطبيعية في المغرب والمشرق (الخوارزمي، ابن خلدون، ابن سينا، ابن الهيثم، جابر بن حيان، الطوسي وغيرهم، وغيرهم) هؤلاء العلماء الذين بنت أوربا نهضتها علي ثمرات بحوثهم العلمية توصلوا إلى نتائجهم العلمية الباهرة لا بدراسة القرآن والحديث يا دكتور، وإنما باتباع النهج العلمي في البحث والتجربة. إن دور الدين في تكوينهم العلمي هو انه الهمهم ودلهم على قداسة هذا النوع من البحث العلمي وعظمته وكوّن في عقولهم المنهج التجريبي عن طريق الأمر بالبحث والتأمل والنظر في ظواهر الطبيعة وأسرار الانسان، وذلك كما ورد كثيراً في الحديث وفي الآيات الكونية في القرآن.

لقد كان هؤلاء علماء في الفلك والطب والجغرافيا، والكيمياء والفيزياء

٧٠

والاجتماع البشري، وغير ذلك، وكانوا مع ذلك مسلمين صالحين يتلقى المجتمع والدولة على صعيد رجال الدين ورجال الدنيا نتاجهم بالاحترام والتقدير والاعجاب، بل وينفقون الاموال الطائلة عليهم وعلى بحوثهم، وعلى تيسير وسائل البحث العلمي لهم من مكتبات ومستشفيات، ومراصد، وغيرها.

هل سمع الدكتور أن عالماً مسلماً اضطهد لعلمه، لاكتشاف من اكتشافاته، أو لرأي من آرائه كما حدث في أمكنة أُخرى؟ لم يحدث هذا أبداً يا دكتور (فلماذا تقيس الدين الاسلامي إلى غيره) عفواً، فما بالي أسألك، والذي يبدو لي من كلامك انك جاهل بالتاريخ العلمي للمسلمين كجهلك بالدين.

ولا ينقضي تعجبي من أحد المدافعين عن الدكتور (ملحق النهار / ١٨ ك٢ ١٩٧٠) الذي أراد - بدافع من حقده على الاسلام أو جهله به - أن يلحق بالاسلام التهمة العالقة بغيره، فادعى أن الامويين قتلوا العلماء القائلين بحرية الفكر، ويا ليته جاء على ذلك بشاهد من التاريخ يثبت دعواه. نعم، كان الامويون يلتزمون بمبدأ الجبرية لغايات سياسية ولكن التاريخ لا يحدثنا انهم قتلوا القائلين بحرية الانسان. على اننا لا نستطيع اعتبار الامويين ممثلين امناء للاسلام - إن

موضوعنا هو الاسلام كما ورد في مصادره الاساسية.

- ٣ -

أ - « من الامور الجوهرية التي يشدد عليها الدين الاسلامي أن جميع الحقائق الاساسية التي تمس حياة

٧١

الانسان في الدنيا والآخرة قد كشفت مرة واحدة في نقطة معينة وحاسمة في التاريخ - نزول القرآن وربما الكتب الاخرى قبله - ».

من أين جاء المؤلف بهذه الفكرة عن الاسلام؟ ومن قال له أن جميع المعارف التي تتعلق بحياة الانسان في الدنيا قد اكتشفت بنزول القرآن؟ ولماذا اشتغل المسلمون بشتى العلوم إذن إذا كانت هذه هي عقيدتهم؟ لا استطيع الا أن اكرر اتهامي للمؤلف بأنه جاهل بموضوع نقده بصورة تبعث على الأسف. كلا يا استاذ هذه الخرافة التي ذكرتها ليست من الاسلام في شيء. إن المعرفة في الاسلام عملية اقتحام واكتشاف للمجهول. وقوله تعالى:

«َ ما فَرّطْنا في الكتَاب منْ شيء(١) » الذي استشهدت به، لا يعني ميادين العلوم والحقائق الكونية، إن كلمة «شيء» في الآية حين توضع في اطارها - الدين - تعني القواعد العامة المعلقة بامور العقيدة والشريعة، ولكن المشكلة انك لا تعرف الاسلام من مصادره الاساسية.

ب - «اما الدين فبطبيعة عقائده المحددة ثابت ساكن، يعيش في الحقائق الأزلية، وينظر إلى الوراء ليستلهم مهده».

إن الدين ثابت في عقائده وتشريعاته، ولكنه يدفع إلى الحركة في

____________________

(١) سورة الأنعام، آية: ٣٨.

٧٢

الكون، والتقدم في الحياة، وبناء الحضارة، ودليل ذلك تاريخ المسلمين الحضاري حين كان الإسلام يحركهم ويدفع بهم نحو بناء الحضارة وصنع التاريخ.

وتلح على ذهني أن المؤلف استقي أفكاره هذه من المستشرق ه‍ أ جيب في كتابه «الاتجاهات الحديثة في الإسلام» فإن هذا المستشرق في بعض فصول كتابه المذكور وجه إلى الاسلام هذا الاتهام الذي ردده المؤلف هنا.

ج - «في الواقع أصبح الاسلام الايديولوجية الرسمية للقوى الرجعية المتخلفة في الوطن العربي وخارجه، والمرتبطة صراحة ومباشرة بالاستعمار الجديد».

إن الاسلام ليس حليفاً لأي نظام غير عادل، وإذا كانت بعض الدول «تظهر» الإسلام كحليف لها فما ذاك إلا لأنها سخرت الإسلام لخدمة مآربها، كما تظهر الحكومات الاشتراكية الإسلام كحليف لها، والحقيقة هي أن الإسلام مع نفسه فقط.

ولا تفوتنا هنا أن ننبه على تناقض من تناقضات المؤلف الكثيرة، فهو في هذا الموضع يتهم الإسلام بأنه حليف الاستعمار والرجعية، ولكنه في ص ٤٥ - ٥١، تحت عنوان «التوفيق التبريري» يقول ان الإسلام يتخذ سنداً للرجعية وللاشتراكية وللديمقراطيات الشعبية، وللليبرالية. ونسأل المؤلف: هل هذه المواقف تشكل اتهاماً للاسلام الذي لا ينسجم إلا مع نفسه فقط أو تشكل اتهاماً بالجهل أو بالنفاق لاولئك الذين يظهرونه بمثل هذه المظاهر «ملاحظة: نذكر المؤلف بأن حكومة ستالين في الاتحاد

٧٣

السوفياتي استعانت بالروح الديني عند المسلمين التابعين لها في الحرب العالمية الثانية»

هذه هي الأدلة التي ساقها المؤلف للتدليل على أن الإسلام يقف ضد العلم، وقد رأينا مدى تفاهتها، وكشفها عن جهل المؤلف بموضوع نقده.

* * *

وقد استطرد المؤلف في ص ٢٤ - ٣٣، في أفكار يبدو أنه أراد أن يعزز بها أدلته الثلاثة، ونحن نستعرضها فيما يلي لبيان زيفها وبطلانها:

أ - «وهناك تشابه بين الدين والعلم في أن كليهما يحاول أن يفسر الأحداث وأن يحدث الأسباب ص٢٤».

هذا خطأ. ان الدين الإسلامي لا يحاول أن يفسر الظواهر الطبيعية، ولا يحاول أن يجعل نفسه بديلاً عن العلم. ان الدين كما ذكرنا عقيدة وشريعة توجه سلوك الانسان وحياته، وموضوع العلم هو الطبيعة يكتشفها ويسخرها للانسان، ودور الدين في العملية دور الاثارة، والتوجية وبعث الاهتمام بالطبيعة، ونحو اكتناه المعنى الذي يكمن فيها، ومن يلاحظ الآيات الكونية في القرآن يرى الشاهد على ما نقول. وبهذا ينكشف أن كل النائج التي رتبها المؤلف على مقدمته السابقة خيال محض من عنده وليس من الإسلام.

ب - «خلق اللّه هذا الكون في فترة معينة من الزمن بقوله كن فكان. أما الطبيعة فقد حافظت على سماتها الأساسية منذ أن خلقها اللّه، أي أنها تحتوي الآن على نفس الاجرام السماوية وأنواع الحيوانات والنباتات التي

٧٤

كانت موجودة فيها منذ اليوم الأول لخلقها، أما النظرية العلمية حول الموضوع ذاته فلا تعترف بالخلق من لا شيء، ولا تقر بأن الطبيعة كانت منذ البداية كما هي عليه الان».

١ - نكرر ان العقيدة الأساسية في الإسلام هي أن علل التكوين المتصاعدة في عالم الطبيعة تنتهي إلى اللّه، وما ورد في القرآن،

( إنما أَمرُه إذا أرادَ شَيْئاً أن يَقُولَ له كن فيكون ) (١)

____________________

(١) ورد أمر الخلق (كن) في القرآن الكريم في سبع سور، في ثمان آيات، هي كما يلي

١ - «بديع السماوات والارض. واذا قضى أمراً فانما يقول له كن فيكون»

البقرة (مدنية - ٢) الاية: ١١٧

والآية إخبار من اللّه تعالى عن قدره المطلقة على الخلق بصيغة الغالب.

٢ - «قالت: رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر. قال: كذلك اللّه يخلق ما يشاء، إذا قضى أمراً فانما يقول له كن فيكون»

آل عمران ( مدنية - ٣) الآية: ٤٧

٣ - « إن مثل عيسى عند اللّه كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون»

آل عمران (مدنية - ٣) الآية ٥٩

إخبار من اللّه تعالى في مورد خاص (خلق آدم وعيسى) عن قدرته المطلقة على الخلق.

٤ - «وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون، قوله الحق...»

الانعام (مكية - ٦) الآية: ٧٣

تعليم من اللّه تعالى لنبيه محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٥ - «إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون»

النحل (مكية - ١٦) الآية: ٤٠ إخبار من اللّه تعالى عن قدرته المطلقة على الخلق في مقام بيان قدرته المطلقة على بعث الأموات.

٦ - «ما كان اللّه أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمراً فانما يقول له كن فيكون»

مريم (مكية - ١٩) الآية ٣٥

إخبار من اللّه تعالى بصيغة الغائب عن قدرته المطلقة على الخلق في مقام بطلان قول النصارى في عيسى بن مريم انه ابن اللّه.

٧ - «إنما أمره إذا أراد شيئاً ان يقول له كن فيكون»

يس (مكية - ٣٦) الآية: ٨٢

تعليم من اللّه تعالى لنبيه محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله في الاحتجاح على المشركين بشأن احياء الموتى وبعثهم.

٨ - «هو الذي يحيي ويميت، فاذا قضى أمراً فانما يقول له كن فيكون»

المؤمن (مكية - ٤٠) الآية: ٦٨

تعليم من اللّه تعالى لنبيه محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله في مواجهة المشركين.

٧٥

وغيرها من الآيات التي ورد فيها هذا التعبير، لاتدل على أن الكون خلق بصورة دفعية على نحو مكتمل، وإنما تدل على قدرة اللّه الكلية الشاملة، بل لعلها على التدريج في الخلق أكثر دلالة بقرينة قوله:

( إذا أرادَ شَيْئاً )

٢ - أما أن الطبيعة وجدت بصورة مكتملة، وحافظت على سماتها الاساسية منذ أن خلقها اللّه... فهذا غير صحيح، وليس في الاسلام ما يشير إلى ذلك، بل في القرآن ما يدل صراحة على أن الطبيعة مرت في أدوار وأطوار حتى اكتملت في صورتها الحاضرة، وعلى المؤلف ان يرجع إلى القرآن الصحيح ليصحح رأيه.

٧٦

٣ - يقول المؤلف أن النظرية العلمية لا تعترف بالخلق من لا شيء. ونحن نسأل المؤلف: إذا كانت العلوم ترفض الخلق من لا شيء، فكيف وجد الكون اذن؟ ومن اين وجد؟ وهذا الشيء الذي وجد منه الكون مَن أوجده؟ لقد رأينا في مطلع هذا الحديث أن الذي اوجده هو اللّه تعالى.

٤ - تعرض لذكر خلق آدم، والجنة والطرد منها، ونرجئ الحديث عن ذلك إلى موعدنا معه في مكان آخر من كتابه تعرض فيه لهذه المسائل.

٥ - بعد كل ما ذكرنا فما هي قيمة ما نقله المؤلف عن «رسل» وهل هو إلا تهريج في وجه المنطق والحقيقة.

٦ - في ص ٢٩ - ٣١ تحدث المؤلف عن التوتر الذي يعاني منه المثقف الحديث بسبب التعارض القائم بين ثقافته العلمية وبين تراثه الديني - ان هذا التوتر يا دكتور ليس ناشئاً من تعارض حقيقي بين العلم وبين الاسلام، وانما هو ناشيء من أن كثيراً مما تسمونه «علماً» ليس إلا افتراضات لم تتأكد صحتها، أو ثبت بطلانها، وان الدين كما تفهمونه ليس مستنداً على مصادره الاساسية، وانما على الأباطيل التي الصقت به على مدى القرون من الاسرائيليات وغيرها.

العلم، العلم الحقيقي والدين الصافي لا يتعارضان وإنما يتكاملان في تنشئة الانسان وتقدمه.

خلق الانسان

المعتقد الاسلامي الاساسي الذي هو من ضروريات الدين هو أن الانسان وكل شيء في الكون مخلوق للّه سبحانه وتعالى.

أما تفاصيل كيفية الخلق وابتدائها فليس فيها نص صريح قاطع غير قابل للتأويل. وكيفية الخلق وابتدائها ليست من أُصول الدين التي يتحتم الاعتقاد بتفاصيلها ومميزاتها، بل يتقبلها المسلم كما جائت به ظواهر الكتاب والسنة الصحيحة وما لا يتنافي مع المسلمات العلمية اليقينية..

بعد هذا التمهيد نواجه ثلاث مسائل:

١ - وجود الانسان على الأرض هل ابتدأ بالسلالة الانسانية الموجودة الآن، أو سبقتها سلالات أُخرى غيرها انقرضت وبادت؟

٢ - نشأة السلالة الانسانية الموجودة الان.

٣ - الداروينية في علم الأحياء.

٧٧

- ١ -

لم يتعرض القرآن الكريم بصراحة ووضوح لبيان أن هذه السلالة البشرية الموجودة الان هي السلالة الوحيدة التي ظهرت على الأرض، أو أن ثمة سلالات بشرية أُخرى ظهرت على هذه الأرض، وعاشت ثم انقرضت، ثم تكرر ظهور السلالات البشرية وانقراضها، ونسلنا البشري الحاضر هو آخر هذه السلالات.

قلت إن القرآن لم يتعرض بصراحة ووضوح لبيان هذه النقطة، وإن كان التحليل الدقيق لقوله تعالى في سورة البقرة، وهي قوله تعالى:

( وإذ قال رَبّكَ للمَلائكَةِ إني جاعل في الأرَضِ خَليفَةً. قالُوا: أتجعَلُ فيها مَن يُفْسد فيها ويسفكُ الدّماءَ، ونحنُ نُسبّحُ بحمدِكَ ونقدّسُ لك؟ قال: إني أعلم ما لا تعلمون ) (١) .

أقول: ان التحليل الدقيق لهذه الآية ربما يدل على أن سلالة انسانية سابقة على هذه السلالة، وجدت على ظهر الأرض، وعاشت، ثم انقرضت. وليس هنا مجال استعراض تحليل الآية المذكورة.

نعم في بعض الأخبار الواردة عن طريق أهل البيت(ع) وعن طريق غيرهم ما يدل بصراحة ووضوح على أن السلالة البشرية الموجودة الآن ليست هي الوحيدة التي وجدت على هذه الأرض من النوع الانساني،

____________________

(١) سورة البقرة الآية ٣٠.

٧٨

وإنما سبقتها سلالات كثيرة انقرضت قبل وجودها:

١ - روي عن الإمام جعفر الصادق (ع)، قال: «لعلك ترى أن اللّه لم يخلق بشراً غيركم؟ بلى واللّه. لقد خلق ألف ألف آدم. أنتم في آخر أولئك الآدميين».

٢ - ذكر الشعراني في كتابه: «اليواقيت والجواهر/ ج ١ ص ٤٩» عن محيي الدين بن عربي حديثاً رواه عن ابن عباس عن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال: «ان اللّه تعالى خلق مئتي ألف آدم».

٣ - وعن الإمام الباقر (ع): «لقد خلق اللّه في الأرض منذ خلقها سبعة عالمين ليس هم من ولد آدم، خلقهم من أديم الأرض، فأسكنهم فيها واحداً بعد واحد مع عالمه، ثم خلق اللّه عزوجل آدم أبا البشر، وخلق ذريته منه».

هذه نماذج من النصوص التي تدل بصراحة على تقدم سلالات بشرية، غير السلالة الحالية، في سكنى هذه الأرض، وانقراضها قبل ظهور هذه السلالة.

ولم يتح لنا الوقت لدراسة هذه النصوص من حيث السند والشكل والمضمون وتحليل دلالاتها، ونرجو ان تتاح لنا الفرصة لذلك.

- ٢ -

إن ظواهر القرآن والسنة الصحيحة تدل على أن السلالة البشرية الموجودة الآن تنتهي إلى آدم وحواء «لم يرد في القرآن! اسم حواء»

٧٩

ونحن هنا أمام أربع احتمالات.

١ - آدم رمز للنوع الانساني كله.

٢ - آدم عدد من أفراد النوع الانسان نظراً لتعدد الوان البشر ورسوسهم.

٣ - آدم فرد إنساني واحد. وهذا ينطوي على احتمالين:

أ - إنسان كامل تطور من نوع حيواني آخر كالقردة العليا مثلاً.

ب - إنسان كامل عقلياً تولد من زوج إنساني غير متكامل عقلياً وهذا بدوره تطور من زوج أحط منه عقلياً، وهذا بدوره تطور لزوج ادنى منه... وهكذا حتى تنتهي السلسلة إلى أبسط أنواع الحياة.

٤ - أن آدم وزوجه هما الابوان الأولان لهذه السلالة الانسانية، وهما لم يتكونا بالتناسل، وإنما خلقا من الأرض.

هذه هي الصورة المحتملة لمسألة المخلوق الأول، وابتداء خلق النوع الانساني - هذه السلالة الموجودة الآن بخصوصها، أو جميع السلالات السابقة ايضاً - واكرر أنه ليس من ضروريات الدين الاعتقاد بتفاصيل مسألة كيفية الخلق الأول، ما دام الاعتقاد الضروري الاساسي موجوداً، وهو أن اللّه خالق كل شيء، الانسان وغيره.

إلا اننا حين نعود إلى الفروض المتقدمة لفحصها نجد أن ظواهر القرآن تدل على الفرض الرابع، وتدفع بظاهرها الفروض الاخرى - ولا مجال

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174