كتاب الغيبة

كتاب الغيبة0%

كتاب الغيبة مؤلف:
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 316

كتاب الغيبة

مؤلف: الشيخ الاجل ابن ابي زينب محمد بن ابراهيم النعماني
تصنيف:

الصفحات: 316
المشاهدات: 49120
تحميل: 5533

توضيحات:

كتاب الغيبة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 316 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 49120 / تحميل: 5533
الحجم الحجم الحجم
كتاب الغيبة

كتاب الغيبة

مؤلف:
العربية

٣ - حدثنا محمد بن يعقوب الكلينى قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبى عمير، عن منصور بن يونس ; وسعدان بن مسلم، عن إسحاق بن عمار، عن أبى عبداللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: " إن الارض لا تخلو إلا وفيها عالم(١) كيما إن زاد المؤمنون شيئا ردهم، وإن نقصوا شيئا أتمه لهم ".

٤ - حدثنا محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن الربيع بن محمد المسلي، عن عبدالله بن سليمان العامري، عن أبى عبداللهعليه‌السلام أنه قال " ما زالت الارض إلا ولله فيها حجة يعرف الحلال والحرام ويدعو الناس إلى سبيل الله ".

٥ - حدثنا محمد بن يعقوب، عن بعض رجاله، عن أحمد بن مهران، عن محمد ابن علي، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبى عبداللهعليه‌السلام قال: " قلت له: تبقى الارض بغير إمام؟ قال: لا ".

٦ - حدثنا محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبى بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام (٢) أنه قال: " إن الله لم يدع الارض بغير عالم، ولولا ذلك لم يعرف الحق من الباطل ".

٧ - وعن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن الفضيل، عن أبي - حمزة الثمالي، عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام أنه قال: " والله ما ترك الله أرضه منذ قبض الله آدم إلا وفيها إمام يهتدى به إلى الله، وهو حجته على عباده، ولا تبقى الارض بغير إمام حجة لله على عباده ".

٨ - وبه عن أبي حمزة قال: " قلت لابى عبداللهعليه‌السلام : أتبقى الارض بغير إمام(٣) ؟ فقال: لو بقيت الارض بغير إمام لساخت "(٤) .

____________________

(١)كذا، وفى الكافى ج ١ ص ١٧٨ " وفيها امام ".

(٢)كذا، وفى الكافى ج ١ ص ٧٨: " عن أبى بصير، عن أحدهماعليهما‌السلام ".

(٣)اى تبقى صالحة معمورة أو مقرا للناس؟ فأجابعليه‌السلام بنفى البقاء.وقيل " تبقى " فعل ناقص بمعنى " تكون".

(٤)أى انخسفت بأهلها، وذلك أن الله سبحانه خلق الانسان مختارا مكلفا ولازم التكليف وجودالحجة وهى لا تتم بالقرآن فقط لانه حمال ذو وجوه وانما كان تماميتها بالعترة كما جاء في قول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله " لن يفترقا حتى يردا على الحوض " والحجة تمت بهما معا فاذا ارتفعت الحجة ارتفع التكليف واذا ارتفع التكليف أراد انقراض الخلق فساخت الارض بأهلها.وهذا المعنى يستفاد من الخبر الاتى أيضا.

١٢١

٩ - وبه عن محمد بن الفضيل، عن الرضاعليه‌السلام قال: " قلت له: أتبقى الارض بغير إمام؟ قال: لا، قلت: فإنا نروى عن أبي عبداللهعليه‌السلام أنها لا تبقى بغير إمام إلا أن يسخط الله على أهل الارض - أو قال: على العباد - فقال: لا تبقى [الارض بغير إمام(١) ولو بقيت] إذا لساخت ".

١٠ - محمد بن يعقوب الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن أبي عبدالله المؤمن، عن أبي هراسة، عن أبى جعفر الباقرعليه‌السلام أنه قال: " لو أن الامام رفع من الارض ساعة لساخت بأهلها وماجت كما يموج البحر بأهله"(٢) .

١١ - محمد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء قال: " سألت الرضاعليه‌السلام : هل تبقى الارض بغير إمام؟ قال: لا، قلت: إنا نروى أنها لا تبقى إلا أن يسخط الله عزوجل على العباد؟ قال: لا تبقى إذا لساخت ".

باب - ٩ ما روى في أنه لو لم يبق في الارض الا اثنان لكان أحدهما الحجة

١ - حدثنا عبدالواحد بن عبدالله قال: حدثنا محمد بن جعفر القرشي، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبى الخطاب، قال: حدثنا محمد بن سنان، عن أبى عمارة حمزة بن الطيار قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: " لو لم يبق في الارض إلا اثنان لكان الثاني منهما الحجة ".

٢ - حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، عن عدة من رجاله؟ وأحمد بن إدريس،

____________________

(١)اى ليس مراد ابى عبداللهعليه‌السلام السخط الذى تبقى معه الارض بأهله، بل لسخط الذى تصير به الارض منخسفة ذاهبة.وما بين القوسين ليس في الكافى.

(٢)في الكافى " لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله ".

(*)

١٢٢

ومحمد بن يحيى جميعا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن سنان، عن أبى عمارة حمزة بن الطيار، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: " لوبقى في الارض اثنان لكان أحدهما الحجة على صاحبه "(١) .

محمد بن يعقوب، عن محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى مثله.

٣ - وأخبرنا محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عمن ذكره، عن الحسن ابن موسى الخشاب، عن جعفر بن محمد، عن كرام قال: قال أبوعبداللهعليه‌السلام : " لو كان الناس رجلين لكان أحدهما الامام ; وقال: إن آخر من يموت الامام لئلا يحتج أحد على الله عزوجل أنه تركه بغير حجة لله عليه ".

٤ - محمد بن يعقوب، عن عدة من رجاله، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن علي بن إسماعيل، عن محمد بن سنان، عن حمزة بن الطيار، قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: " لو لم يبق في الارض إلا اثنان لكان أحدهما الحجة، أو الثاني الحجة - الشك من أحمد بن محمد - ".٥ - محمد بن يعقوب، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن النهدي، عن أبيه، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبداللهعليه‌السلام أنه سمعه يقول: " لو لم يكن في الارض إلا اثنان لكان أحدهما الامام ".

باب - ١٠ ما روى في غيبة الامام المنتظر الثاني عشرعليه‌السلام

[وذكر مولانا أمير المؤمنين والائمةعليهم‌السلام بعده وانذارهم بها].

١ - حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك قال: حدثنا

____________________

(١)نظيره من طرق العامة ما رواه مسلم عن النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: " لا يزال هذا الامر في قريش ما بقى من الناس اثنان " وذلك لانه كما يحتاج الناس إلى الحجة من حيث الاجتماع لامر له مدخل في نظامهم ومعاشهم كذلك يحتاجون اليه من حيث الانفراد لامرله مدخل في معرفة مبدئهم ومعادهم وعباداتهم وانما؟ تم بحجية أحدهما ووجوب اطاعة الاخر له.

(المرآة) أقول: والظاهر أن المراد من امثال هذه الاحاديث أنه لابد للناس من امام ولو كانا اثنين.

(*)

١٢٣

إسحاق بن سنان ، قال: حدثنا عبيد بن خارجة، عن علي بن عثمان، عن فرات بن أحنف، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد، عن آبائهعليه‌السلام ، قال: " زاد الفرات على عهد أمير المؤمنينعليه‌السلام فركب هو وابناه الحسن والحسينعليهم‌السلام فمر بثقيف، فقالوا قد جاء على يرد الماء، فقال عليعليه‌السلام : أما والله لا قتلن أنا وابناي هذان وليبعثن الله رجلا من ولدي في آخر الزمان يطالب بدمائنا، وليغيبن عنهم، تمييزا لاهل الضلالة حتى يقول الجاهل: ما لله في آل محمد من حاجة ".

٢ - أخبرنا محمد بن همام ; ومحمد بن الحسن بن محمد بن جمهور جميعا، عن الحسن بن محمد ابن جمهور، قال: حدثنا أبي، عن بعض رجاله، عن المفضل بن عمر قال: قال أبوعبداللهعليه‌السلام : " خبر تدريه خير من عشر ترويه، إن لكل حق حقيقة، ولكل صواب نورا، ثم قال: إنا والله لا نعد الرجل من شيعتنا فقيها حتى يلحن له(١) فيعرف اللحن، إن أميرالمؤمنينعليه‌السلام قال على منبر الكوفة: " إن من ورائكم فتنا مظلمة عمياء منكسفة لا ينجو منها إلا النومة(٢) ، قيل: يا أميرالمؤمنين وما النومة؟ قال: الذى يعرف الناس ولا يعرفونه.

واعلموا أن الارض لا تخلو من حجة لله عزوجل ولكن الله سيعمى خلقه عنها بظلمهم وجورهم(٣) وإسرافهم على أنفسهم ولو خلت الارض ساعة واحدة من حجة لله لساخت بأهلها ولكن الحجة يعرف الناس ولا يعرفونه

____________________

(١)أى يتكلم معه بالرمز والايماء والتعريض على جهة التقية والمصلحة فيفهم المراد قال الجزري: يقال لحنت لفلان اذا قلت له قولا يفهمه ويخفى على غيره، لانك تميله بالتورية عن الواضح المفهوم، منه قالوا: لحن الرجل فهو لحن اذا فهم وفطن لما لا يفطن له غيره.

(٢)في النهاية في مادة " نوم " وفى حديث علىعليه‌السلام : انه ذكر آخر الزمان و الفتن - ثم قال: " خير اهل ذلك الزمان كل مؤمن نومة " - بوزن الهمزة - الخامل - الذكر الذى لا يؤبه له، وقيل: الغامض في الناس الذى لا يعرف الشر وأهله، وقيل: النومة - بالتحريك -: الكثير النوم واما الخامل الذى لا يؤبه له فهو بالتسكين، ومن الاول حديث ابن عباس انه قال لعلي: ما النومة؟ قال: الذى يسكت في الفتنة فلا يبدو منه شئ ".

(٣)في بعض النسخ " وجهلهم ".

(*)

١٢٤

كما كان يوسف يعرف الناس وهم له منكرون، ثم تلا: " يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤن"(١) .

٣ - أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة الكوفي، قال: حدثنا أحمد بن محمد الدينوري، قال: حدثنا علي بن الحسن الكوفى، عن عميرة بنت أوس قالت: حدثني جدي الحصين بن عبدالرحمن(٢) ، عن أبيه، عن جده عمرو بن سعد، عن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام أنه قال يوما لحذيفة بن اليمان: " يا حذيفة لاتحدث الناس بما لا يعلمون فيطغوا ويكفروا، إن من العلم صعبا شديدا محمله لو حملته الجبال عجزت عن حمله، إن علمنا أهل البيت سينكر ويبطل وتقتل رواته ويساء(٣) إلى من يتلوه بغيا وحسدا لما فضل الله به عترة الوصي وصي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

يا ابن اليمان إن النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله تفل في فمي وأمر يده على صدري وقال: " اللهم أعط خليفتي ووصيي، وقاضى دينى، ومنجز وعدي وأمانتي، ووليي(٤) وناصري على عدوك وعدوي، ومفرج الكرب عن وجهي ماأعطيت آدم من العلم، وما أعطيت نوحا من الحلم وإبراهيم من العترة الطيبة والسماحة، وما أعطيت أيوب من الصبر عند البلاء، وما أعطيت داود من الشدة عند منازلة الاقران، و ما أعطيت سليمان من الفهم، اللهم لا تخف عن علي شيئا من الدنيا حتى تجعلها كلهابين عينيه مثل المائدة الصغيرة بين يديه، اللهم أعطه جلادة موسى، واجعل في نسله شبيه عيسىعليه‌السلام ، اللهم إنك خليفتي عليه وعلى عترته وذر يته [الطيبة]

____________________

(١)سوره يس: ٣٠.

(٢)كذا، وفى بعض النسخ " عن غمرة بنت أوس قالت: حدثنى جدى الحصين، عن عبدالرحمن، عن أبيه - الخ " ولم أعرفها غمرة كانت أو عميرة والظاهر أن جدها حصين ابن عبدالرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ الاشهلى المعنون في التقريب والتهذيب.

(٣)بصيغة المجهول، وفى بعض النسخ " ويوشى " من وشى يشى به إلى الملك أى نم عليه وسعى به.

(٤)في بعض النسخ " منجز وعدى وابا بنى وولى حوضى ".

(*)

١٢٥

المطهرة التى أذهبت عنها الرجس [والنجس] وصرفت عنها ملامسة الشياطين اللهم إن بغت قريش عليه، وقدمت غيره عليه فأجعله بمنزلة هارون من موسى إذ غاب [عنه موسى]، ثم قال لي: يا علي كم في ولدك [من ولد] فاضل يقتل و الناس قيام ينظرون لا يغيرون ! فقبحت امة ترى أولاد نبيها يقتلون ظلما وهم لا يغيرون(١) إن القاتل والآمر والشاهد الذي لا يغير كلهم في الاثم واللعان سواء مشتركون ".

يا ابن اليمان إن قريشا لا تنشرح صدورها ولا ترضى قلوبها ولا تجرى ألسنتها ببيعة علي وموالاته إلا على الكره [والعمى] والصغار، يا ابن اليمان ستبايع قريش عليا ثم تنكث عليه وتحاربه وتناضله وترميه بالعظائم، وبعد علي يلي الحسن وسينكث عليه، ثم يلي الحسين فتقتله امة جده، فلعنت أمة تقتل ابن بنت نبيها ولا تعز من امة، ولعن القائد لها والمرتب لفاسقها، فو الذي نفس علي بيده لا تزال هذه الامة بعد قتل الحسين ابني في ضلال وظلم وعسف وجور و اختلاف في الدين، وتغيير وتبديل لما أنزل الله في كتابه، وإظهار البدع، وإبطال السنن، واختلال وقياس مشتبهات(٢) وترك محكمات حتى تنسلخ من الاسلام و تدخل في العمى والتلدد والتكسع(٣) ، مالك يا بني امية ! لاهديت يا بنى امية، ومالك يا بنى العباس ! لك الاتعاس، فما في بني امية إلا ظالم، ولا في بني العباس إلا معتد متمرد على الله بالمعاصى، قتال لولدي، هتاك لستر [ي و] حرمتي، فلا تزال هذه الامة جبارين يتكالبون على حرام الدنيا، منغمسين في بحار الهلكات، و في أودية الدماء، حتى إذا غاب المتغيب من ولدي عن عيون الناس، وماج الناس بفقده أو بقتله أو بموته، أطلعت الفتنة، ونزلت البلية، والتحمت العصبية(٤) ، و

____________________

(١)في بعض النسخ " لاينصرون ".

(٢)في بعض النسخ " واحتيال وقياس مشتبه ".

(٣)التلدد: التحير.والتكسع: الضلالة، وفى نسخة " التسكع " بمعنى عدم الاهتداء وهو أنسب.

(٤)قوله " ماج الناس " أى اختلفوا فبعض يقول: فقد، وبعض يقول: قتل، وبعض يقول: مات.

وقوله " التحمت " اى تلاء‌مت بعد كونها متفرقة، والتحمت الحرب: اشتبكت والثانى أنسب.

١٢٦

غلا الناس في دينهم، وأجمعوا على أن الحجة ذاهبة، والامامة باطلة، ويحج حجيج الناس في تلك السنة من شيعة على ونواصبه(١) للتحسس والتجسس عن خلف الخلف(٢) ، فلا يرى له أثر، ولا يعرف له خبر ولا خلف، فعند ذلك سبت شيعة على، سبها أعداؤها، وظهرت عليها(٣) الاشرار والفساق باحتجاجها حتى إذا بقيت الامة حيارى، وتدلهت(٤) وأكثرت في قولها إن الحجة هالكة والامامة باطلة، فورب علي إن حجتها عليها قائمة ما شية في طرقها(٥) ، داخلة في دورها وقصورها جوالة في شرق هذه الارض وغربها، تسمع الكلام، وتسلم على الجماعة، ترى ولا ترى إلى الوقت والوعد، ونداء المنادي من السماء ألا ذلك يوم [فيه] سرور ولد علي وشيعته ".

وفي هذا الحديث عجائب وشواهد على حقية ما تعتقده الامامية وتدين به والحمد لله، فمن ذلك قول أميرالمؤمنين صلوات الله عليه " حتى إذا غاب المتغيب من ولدي عن عيون الناس " أليس " هذا موجبا لهذه الغيبة(٦) وشاهدا على صحة قول من يعترف بهذا ويدين بإمامة صاحبها؟ ثم قولهعليه‌السلام : " وماج الناس بفقده أو بقتله أو بموته...وأجمعوا على أن الحجة ذاهبة والامامة باطلة " أليس هذا موافقا لما عليه كافة الناس الآن من تكذيب [قول] الامامية في وجود صاحب الغيبة؟ وهي محققة في وجوده وإن لم تره، وقولهعليه‌السلام " ويحج حجيج الناس في تلك السنة

____________________

(١)في بعض النسخ " وتواصيهم التجسس والتحسس " من الوصية، والتحسس بمعنى التجسس.

(٢)في بعض النسخ " عن خلف الخلفاء ".

(٣)في بعض النسخ " سبت الشيعة سبها أعداء‌ها ".

وقوله " ظهرت " أى غلبت.

(٤)أى تحيرت ودهشت وقوله: " وأكثرت في قولها " أى قالته كثيرا.

(٥)في بعض النسخ " طرقاتها ".

(٦)كذا، ويمكن أن يكون تصحيفا وصوابه " اليس هذا موميا إلى هذه الغيبة ".

(*)

١٢٧

للتجسس " وقد فعلوا ذلك ولم يروا له أثرا، وقوله: فعند ذلك سبت شيعة علي سبها أعداؤها، وظهرت عليها الاشرار والفساق باحتجاجها " يعنى باحتجاجها عليها في الظاهر، وقولها: فأين إمامكم؟ دلونا عليه، وسبهم لهم، ونسبتهم إياهم إلى النقص والعجز والجهل لقولهم بالمفقود العين، وإحالتهم على الغائب الشخص و هو السب، فهم في الظاهر عند أهل الغفلة والعمى محجوجون(١) وهذا القول من أمير المؤمنينعليه‌السلام في هذا الموضع شاهد لهم(٢) بالصدق، وعلى مخالفيهم بالجهل والعناد للحق، ثم حلفهعليه‌السلام مع ذلك بربه عزوجل بقوله: " فو رب علي إن حجتها عليها قائمة ماشية في طرقها، داخلة في دورها وقصورها، جوالة في شرق هذه الارض وغربها، تسمع الكلام وتسلم على الجماعة وترى ولا ترى " أليس ذلك مزيلا للشك في أمرهعليه‌السلام ؟ وموجبا لوجوده ولصحة ما ثبت في الحديث الذي هو قبل هذا الحديث من قوله: " إن الارض لا تخلو من حجة لله ولكن الله سيعمي خلقه عنها بظلمهم وجورهم وإسرافهم على أنفسهم " ثم ضرب لهم المثل في يوسفعليه‌السلام .

إن الامامعليه‌السلام موجود العين والشخص إلا أنه في وقته هذا يرى ولا يرى كما قال أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، إلى يوم الوقت والوعد ونداء المنادي من السماء.

اللهم لك الحمد والشكر على نعمك التى لا تحصى، وعلى أياديك التي لا تجازى، ونسألك الثبات على ما منحتنا من الهدى برحمتك.

٤ - أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا أحمد بن محمد الدينوري، قال: حدثنا علي بن الحسن الكوفي(٣) قال: حدثتنا عميرة بنت أوس(٤) ، قالت: حدثني

____________________

(١)المحجوج هو المغلوب في الاحتجاج.

(٢)في بعض النسخ " وهذا القول يدل على أن امير المؤمنينعليه‌السلام شاهد لهم ".

(٣)الظاهر هو ابن فضال التيملى المعروف.

(٤)في بعض النسخ " غمرة بنت أوس " ولم أجدها بكلا العنوانين، وفى البحار " عمرة " ولم أجدها أيضا.

(*)

١٢٨

جدي الحصين بن عبدالرحمن، عن عبدالله بن ضمرة(١) ، عن كعب الاحبار(٢) أنه قال: " إذا كان يوم القيامة حشر الخلق على أربعة أصناف: صنف ركبان، وصنف على أقدامهم يمشون، وصنف مكبون، وصنف على وجوههم صم بكم عمي فهم لا يعقلون ولا يكلمون ولا يؤذن لهم فيعتذرون، أولئك الذين تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون، فقيل له: يا كعب من هؤلاء الذين يحشرون على وجوههم وهذه الحال حالهم؟ فقال كعب: أولئك كانوا على الضلال والارتداد والنكث، فبئس ما قدمت لهم أنفسهم إذا لقوا الله بحرب خليفتهم ووصى نبيهم وعالمهم وسيدهم وفاضلهم، وحامل اللواء وولى الحوض والمرتجى والرجا دون هذا العالم، وهوالعلم الذي لا يجهل(٣) والمحجة التي من زال عنها عطب(٤) وفي النار هوى، ذاك علي ورب كعب أعلمهم علما، وأقدمهم سلما(٥) ، وأوفرهم حلما، عجب كعب ممن قدم على على غيره.

ومن نسل على القائم(٦) المهدي الذي يبدل الارض غير الارض، وبه يحتج عيسى بن مريمعليه‌السلام على نصارى الروم والصين، إن القائم المهدي من نسل علي أشبه الناس بعيسى بن مريم خلقا وخلقا وسمتا(٧) وهيبة، يعطيه الله جل

____________________

(١)عبدالله بن ضمرة السلولى ثقة، وثقه العجلى على ما في التقريب.

(٢)كعب الاحبار هو كعب بن ماتع الحميرى يكنى أبا اسحاق ثقة(التقريب).

(٣)في بعض النسخ " والمرتجى دون العالمين وهو العالم الذى لا يجهل ".

(٤)المحجة - بفتح الميم والحاء المهملة ثم الجيم -: جادة الطرايق، والعطب: الهلاك.وفى البحار " الحجة التى ".

(٥)أقدمهم سلما أى أقدمهم اسلاما، ولا ريب أنهعليه‌السلام أول من أسلم من الرجال عند جميع المؤرخين والمحدثين غير أن بعض المخالفين استشكل بأنه حينذاك لم يبلغ الحلم وايمانه ليس بمثابة ايمان الرجال.وهو قول من تجاهل، أو من له غرض سياسى، أو سفيه.

(٦)في بعض النسخ والبحار " ومن يشك في القائم " وكأنه مصحف.

(٧)السمت - بفتح السين المهملة وسكون الميم -: هيئة أهل الخير والصلاح، و في بعض النسخ " وسيماء ".

(*)

١٢٩

وعز ما أعطى الانبياء ويزيده ويفضله، إن القائم من ولد عليعليه‌السلام له غيبة كغيبة يوسف، ورجعة كرجعة عيسى بن مريم، ثم يظهر بعد غيبته مع طلوع النجم الاحمر، وخراب الزوراء، وهى الري، وخسف المزورة وهى بغداد، وخروج السفياني، وحرب ولد العباس مع فتيان أرمينية وآذربيجان، تلك حرب يقتل فيها الوف والوف، كل يقبض على سيف محلى، تخفق عليه رايات سود، تلك حرب يشوبها الموت الاحمر والطاعون الاغبر(١) ".

٥ - وبه(٢) عن الحصين بن عبدالرحمن، عن أبيه عن جده عمرو بن سعد(٣) قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : " لا تقوم القيامة حتى تفقأ عين الدنيا، وتظهر الحمرة في السماء، وتلك دموع حملة العرش على أهل الارض حتى يظهر فيهم عصابة لاخلاق لهم يدعون لولدي وهم برآء من ولدي، تلك عصابة رديئة لاخلاق لهم، على الاشرار مسلطة، وللجبابرة مفتنة، وللملوك مبيرة(٤) ، تظهر في سواد الكوفة، يقدمهم رجل أسود اللون والقلب، رث الدين، لاخلاق له(٥) مهجن زنيم عتل، تداولته

____________________

(١)في بعض النسخ والبحار " تلك حرب يستبشر فيها الموت الاحمر والطاعون الاكبر ".

(٢)يعنى بالسند المتقدم ذكره.

(٣)تقدم أنه عمرو بن سعد بن معاذ الاشهلى.

وحيث أن نسخة العلامة المجلسى مصحفة وفيها عمر بن سعد ظن شارحهرحمه‌الله أنه عمر بن سعد بن أبى وقاص وقال بعد نقله: " انما أوردت هذا الخبر مع كونه مصحفا مغلوطا، وكون سنده منتهيا إلى شر خلق الله عمر بن سعد لعنه الله لاشتماله على الاخبار بالقائمعليه‌السلام ليعلم تواطؤ المخالف والمؤالف عليه صلوات الله عليه ".

مع أن عمر بن سعد في ذلك الوقت طفل صغير لم يبلغ عشرا ولا يكون قابلا لهذا الخطاب، وقد يعبر عنه امير المؤمنين(ع) في خبر في زمان خلافته بالجرو.

(٤)المبيرة: المهلكة من ابار يبير، والبوار الهلاك.

(٥)متاع رث - بشد المثلثة - اى خلق بال، يعنى ساقط الدين، ولا خلاق له اى لا نصيب له، والمهجن: غير الاصيل في النسب، والزنيم: اللئيم.والعتل - بشد اللام - الجافى الغليظ.

(*)

١٣٠

أيدي العواهر من الامهات(١) " من شر نسل " لاسقاها الله المطر "(٢) " في سنة إظهار غيبة المتغيب من ولدي صاحب الراية الحمراء، والعلم الاخضر أي يوم للمخيبين(٣) بين الانبار وهيت، ذلك يوم فيه صيلم الاكراد والشراة(٤) ، وخراب دار الفراعنة ومسكن الجبابرة، ومأوى الولاة الظلمة، وأم البلاد وأخت العاد(٥) ، تلك ورب علي يا عمر وبن سعد بغداد، ألا لعنة الله على العصاة من بني أمية وبني العباس الخونة الذين يقتلون الطيبين من ولدي ولا يراقبون فيهم ذمتي، ولا يخافون الله فيما يفعلونه بحرمتي، إن لبنى العباس يوما كيوم الطموح(٦) ولهم فيه صرخة كصرخة الحبلى، الويل لشيعة ولد العباس من الحرب التى سنح(٧) بين نهاوند والدينور، تلك حرب صعاليك شيعة علي يقدمهم رجل من همدان اسمه [على] اسم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

منعوت موصوف باعتدال الخلق، وحسن الخلق، ونضارة اللون، له في صوته ضجاج، وفي أشفاره وطف، وفي عنقه سطع، [أ] فرق الشعر، مفلج الثنايا(٨) ، على فرسه كبدر تمام إذا تجلى عند الظلام(٩) يسير بعصابة خير عصابة آوت وتقربت ودانت لله بدين تلك الابطال من العرب الذين لحقون(١٠) حرب الكريهة، والدبرة(١١)

____________________

(١)العواهر جمع عاهر وهى الفاجرة الزانية.

(٢)هذه الجملة دعاء عليهم.

(٣)وفى البحار وبعض النسخ " للمخبتين " وقد يقرء " للمجيبين ".

(٤)الصيلم - بفتح الصاد المهملة واللام -: الداهية.

والشراة جمع الشارى و المراد الخوارج الذين زعموا انهم يشرون انفسهم ابتغاء مرضات الله.

(٥)في بعض النسخ " ام البلاء واخت العار ".

(٦)اى يوم شديد تشخص فيه الابصار، والعرب ربما يعبر عن الشدة باليوم.

(٧)في بعض النسخ " يفتح من نهاوند ".وفى بعضها " منح " وفى بعضها " تنتح ".

(٨) " في صوته ضجاج " أى فزع، و " في أشفاره وطف " أى طول شعر واسترخاء، وفى " عنقه سطع " اى طول، والاسطع الطويل العنق.ومفلج الثنايا اى بين أسنانه تباعد.

(٩)في بعض النسخ " اذا انجلى عنه الغمام ".

(١٠)في بعض النسخ " يلقحون ".

(١١)أى الهزيمة، وفى بعض النسخ " والديرة " وفى بعضها " والدائرة ".

(*)

١٣١

يومئذ على الاعداء، إن للعدو يوم ذاك الصليم والاستئصال ".

وفى هذين الحديثين من ذكر الغيبة وصاحبها ما فيه كفاية وشفاء للطالب المرتاد(١) ، وحجة على أهل [الجحد و] العناد، وفى الحديث الثاني إشارة إلى ذكر عصابة لم تكن تعرف فيما تقدم، وإنما يبعث في سنة ستين ومائتين ونحوها وهي كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام سنة إظهار غيبة المتغيب وهي كما وصفها ونعتها ونعت الظاهر برايتها، وإذا تأمل اللبيب الذي له قلب - كما قال الله تعالى: " أو ألقى السمع وهو شهيد " - هذا التلويح(٢) اكتفى به عن التصريح، نسأل الله الرحيم توفيقا للصواب برحمته.

٦ - أخبرنا سلامة بن محمد قال: حدثنا علي بن داود، قال: حدثنا أحمد بن - الحسن، عن عمران بن الحجاج، عن عبدالرحمن بن أبى نجران، عن محمد بن أبي - عمير، عن محمد بن إسحاق، عن اسيد بن ثعلبة، عن ام هانئ، قالت: " قلت لابي - جعفر محمد بن على الباقرعليهما‌السلام : ما معنى قول الله عزوجل: " فلا اقسم بالخنس "(٣) ؟ فقال: يا ام هانئ إمام يخنس نفسه حتى ينقطع عن الناس علمه، سنة ستين و مائتين(٤) ثم يبدو كالشهاب الواقد في الليلة الظلماء، فإن أدركت ذلك الزمان -(٥) قرت عينك ".

____________________

(١)المرتاد من رود، وفى اللغة ارتاد الشئ ارتيادا طلبه فهو مرتاد.

(٢)التلويح: الاشارة من بعيد مطلقا بأى شئ كان، ومنه سميت الكناية الكثيرة الوسائط تلويحا.

(٣)الخنس جمع خانس من خنس اذا تأخر، وهى الكواكب كلها فانها تغيب بالنهار وتظهر بالليل، وفسر في الخبر بامام يخنس أى يتأخر عن الناس ويغيب، والجمع باعتبار شموله لسائر الاوصياء أو للتعظيم، أو يكون ذكرها لتشبيه الامام بها في الغيبة والظهور، و المراد الكواكب.وقول الامامعليه‌السلام تشبيه لاتفسير كما في سائر الآيات المأولة.

(٤)هى سنة وفاة أبى محمد العسكرىعليه‌السلام .

(٥)اى زمان ظهوره واستيلائه.

(*)

١٣٢

وأخبرنا محمد بن يعقوب، عن على بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن موسى بن جعفر البغدادي، عن وهب بن شاذان، عن الحسن بن أبي الربيع الهمداني، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن اسيد بن ثعلبة، عن ام هانئ مثله إلا أنه قال: " يظهر كالشهاب يتوقد في الليلة الظلماء فإن أدركت زمانه قرت عينك ".

٧ - محمد بن يعقوب، عن عدة من رجاله، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن - الحسن، عن عمر بن يزيد، عن الحسن بن أبى الربيع الهمداني، قال: حدثنا محمد ابن إسحاق، عن اسيد بن ثعلبة، عن ام هانئ قالت: " لقيت أبا جعفر محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام فسألته عن هذه الآية " فلا اقسم بالخنس الجوار الكنس " فقال: الخنس إمام يخنس نفسه في زمانه عند انقطاع من علمه عند الناس(١) سنة ستين ومائتين، ثم يبدو كالشهاب الواقد في ظلمهالليل، فإذا أدركت ذلك قرت عينك ".

٨ - محمد بن همام قال: حدثنا أحمد بن ما بنداذ(٢) قال: حدثنا محمد بن مالك(٣) ، قال: حدثنا محمد بن سنان، عن الكاهلي(٤) عن أبي عبداللهعليه‌السلام أنه قال: " تواصلوا وتباروا وتراحموا، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة ليأتين عليكم وقت لا يجد أحدكم لديناره ودرهمه موضعا - يعني لا يجد عند ظهور القائمعليه‌السلام موضعا يصرفه فيه لاستغناء الناس جميعا بفضل الله وفضل وليه(٥) - فقلت: وأنى يكون ذلك؟

____________________

(١)اى لا يعلم المخالفون أو أكثر الناس وجوده، ويحتمل أن تكون " من " تبعيضية.

(٢)كذا وفى بعض النسخ " محمد بن ما بندار ".

(٣)كأنه أبوجعفر بن محمد بن مالك.وفى بعض النسخ " أحمد بن هلال " مكان محمد ابن مالك.

(٤)يعنى عبدالله بن يحيى الكاهلى كما صرح به في الكافى في كتاب الايمان والكفر باب التراحم والتعاطف.

(٥)من قوله " يعنى " إلى هنا من كلام المؤلف.وفضل الله معلوم، والمراد بفضل وليه تقسيمه بيت المال على وجه لا يكون لاحد من الفقراء والمستحقين فقر في ما احتاجوا في أمر المعيشة اليه، وكل واحد منهم واجد لضرورياته الحياتية واستغنى عن الناس.

ذكر الكراجكى في كنز الفوائد: أن أبا حنيفة أكل طعاما مع أبي عبداللهعليه‌السلام فلما رفع الامام يده من الطعام قال: الحمد لله رب العالمين اللهم هذا منك ومن رسولك صلى الله ليه وآله فقال أبوحنيفة: أجعلت مع الله شريكا؟ فقال له: ويلك فان الله تعالى يقول في كتابه " وما نقموا الا أن أغناهم الله ورسوله من فضله " ويقول في موضع آخر " ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤ تينا الله من فضله ورسوله " فقال أبوحنيفة: والله لكأنى ما قرأتهما قط من كتاب الله ولا سمعتهما الا في هذا الوقت.

انتهى، ثم اعلم أنه يحتمل ان يكون معنى كلام الامام(ع) وصف زمان الغيبة لا الظهور، بمعنى أن الصدق والوفاء والامانة رفعت من بين الناس ولا يوجد مؤتمن يصدق في قوله بفقر غيره ولا فقير لا يكذب بفقره.

١٣٣

فقال: عند فقد كم إمامكم فلا تزالون كذلك حتى يطلع عليكم كماتطلع الشمس آيس ما تكونون، فإياكم والشك والارتياب، وانفوا عن أنفسكم الشكوك و قد حذرتكم(١) فاحذروا، أسأل الله توفيقكم وإرشادكم ".

فلينظر الناظر إلى هذا النهى عن الشك في صحة غيبة الغائبعليه‌السلام ، وفي صحة ظهوره، وإلى قوله بعقب النهي عن الشك فيه " وقد حذرتكم(٢) فاحذروا " يعني من الشك، نعوذ بالله من الشك والارتياب، ومن سلوك جادة الطريق الموردة إلى الهلكة، ونسأله الثبات على الهدى وسلوك الطريقة المثلى التى توصلنا إلى كرامته مع المصطفين من خيرته بمنه وقدرته.

٩ - أخبرنا عبدالواحد بن عبدالله بن يونس قال: حدثنا أحمد بن محمد بن رباح الزهري، عن أحمد بن على الحميري، عن الحسن بن أيوب، عن عبدالكريم بن عمرو الخثعمي، عن محمد بن عصام، قال: حدثني المفضل بن عمر قال: " كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام في مجلسه ومعي غيري، فقال لنا: إياكم والتنويه - يعني باسم القائمعليه‌السلام (٣) وكنت أراه يريد غيري، فقال لي: يا أبا عبدالله إياكم والتنويه، والله ليغيبن سبتا من

____________________

(١)و(٢) في البحار وبعض النسخ " وقد حذرتم " بصيغة المجهول.

(٣)التنويه: الرفع والتشهير ولعل المعنى أعم مما فهمه الراوى أو المؤلف والمراد تنويه امر الامام الثانى عشر(ع) وذكر غيبته وخصوصيات أمره عند المخالفين لئلا يصير سببا لاصرارهم على ظلم اهل البيت وقتلهم واهلاك شيعتهم.

أو المعنى لا تدعوا الناس إلى دينكم.

(*)

١٣٤

الدهر، وليخملن(١) حتى يقال: مات، أو هلك؟ بأي واد سلك؟ ولتفيضن عليه أعين المؤمنين وليكفأن كتكفئ السفينة في أمواج البحر(٢) حتى لا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه، وكتب الايمان في قلبه، وأيده بروح منه، ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يعرف أي من أي(٣) قال المفضل، فبكيت، فقال لي: ما يبكيك؟ قلت: جعلت فداك كيف لا أبكى وأنت تقول: ترفع اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يعرف أي من أي، قال: فنظر إلى كوة في البيت(٤) التى تطلع فيها الشمس في مجلسه فقال: أهذه الشمس مضيئة، قلت: نعم، فقال: والله لامرنا أضوء منها ".

١٠ - محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك ; وعبدالله بن جعفر - الحميري جميعا قالا: حدثنا محمد بن الحسين بن أبى الخطاب ; ومحمد بن عيسى ; و عبدالله بن عامر القصباني جميعا، عن عبدالرحمن بن أبى نجران، عن محمد بن مساور، عن المفضل بن عمر الجعفي قال: سمعت الشيخ - يعني أبا عبدالله -عليه‌السلام يقول: " إياكم والتنويه، أما والله ليغيبن سبتا من دهركم، وليخملن حتى يقال: مات، هلك، بأي وادسلك؟ ولتدمعن عليه عيون المؤمنين، وليكفأن تكفأ السفينة في أمواج البحر فلا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه، وكتب في قلبه الايمان، وأيده

____________________

(١)سبتا أى زمانا، وقوله " ليخملن " من قولهم خمل ذكره أى خفى، وفى بعض الروايات " ليغيبن سنينا من دهركم وليمحصن " وما في الكتاب أظهر وأنسب.والتمحيص الامتحان.

(٢) " ليكفأن " على بناء المجهول من قولهم كفأت الاناء اذا كببته وقلبته وذلك كناية عن التزلزل في الدين لشدة الفتن والحوادث المضلة المزلقة.

(٣)أى لا يدرى الحق من الباطل ولا يمتاز بينهما لان كل واحدة منها تدعى الحق، و لعل المراد ما رواه المفيد(ره) في ارشاده عن أبى خديجة سالم بن مكرم عن أبى عبداللهعليه‌السلام قال: " لا يخرج القائم حتى يخرج اثنا عشر من بنى هاشم كلهم يدعوا إلى نفسه ".

(٤)الكوة - بضم الكاف وفتحها وشد الواو المفتوحة، وبدون التاء ثلاثة أوجه - بمعنى الخرق في الحائط.

(*)

١٣٥

بروح منه، ولتر فعن اثنتا عشرة راية مشتبهة لايدرى أي من أي، قال: فبكيت ثم قلت له: كيف نصنع؟ فقال: يا أبا عبدالله - ثم نظر إلى شمس داخلة في الصفة - أترى هذه الشمس؟ فقلت: نعم، فقال: لامرنا أبين من هذه الشمس ".

محمد بن يعقوب الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عبدالكريم، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، عن محمد بن مساور، عن المفضل بن عمر - وذكر مثله - إلا أنه قال في حديثه " وليغيبن سنين من دهركم ".

أما ترون - زاد كم الله هدي - هذا النهى عن التنويه باسم الغائبعليه‌السلام و ذكره بقولهعليه‌السلام : " إياكم والتنويه " وإلى قوله " ليغيبن سبتا من دهركم و ليخملن حتى يقال: مات، هلك، بأي وادسلك ولتفيضن عليه أعين المؤمنين وليكفأن كتكفئ السفينة في أمواج البحر " يريدعليه‌السلام بذلك ما يعرض للشيعة في أمواج الفتن المضلة المهولة وما يتشعب من المذاهب الباطلة المتحيرة المتلددة وما يرفع من الرايات المشتبهة يعنى للمدعين للامامة من آل أبى طالب والخارجين منهم طلبا للرئاسة في كل زمان فإنه لم يقل مشتبهة إلا ممن كان من هذه الشجرة ممن يدعي ما ليس له من الامامة ويشتبه على الناس أمره بنسبه، ويظن ضعفاء الشيعة وغيرهم أنهم على حق إذا كانوا من أهل بيت الحق والصدق، وليس كذلك لان الله عزوجل قصر هذا الامر - الذي تتلف نفوس ممن ليس له ولا هو من أهله ممن عصى الله في طلبه من أهل البيت، ونفوس من يتبعهم على الظن والغرور - على صاحب الحق ومعدن الصدق الذي جعله الله له، لا يشركه فيه أحد وليس لخلق من العالم ادعاؤه دونه، فثبت الله المؤمنين مع وقوع الفتن وتشعب المذاهب وتكفئ القلوب واختلاف الاقوال وتشثت الآراء ونكوب الناكبين عن الصراط المستقيم على نظام الامامة وحقيقة الامر وضيائه غير مغترين بلمع السراب والبروق الخوالب ولا مائلين مع الظنون الكواذب حتى يلحق الله منهم من يلحق بصاحبهعليه‌السلام غير مبدل ولا مغير، ويتوفي من قضى نحبه منهم قبل ذلك غيرشاك ولا مرتاب ويوفي كلا

١٣٦

منهم منزلته ويحله مرتبته في عاجله وآجله، والله جل اسمه نسأل الثبات ونستزيده علما فإنه أجود المعطين وأكرم المسؤولين

(فصل).

١١ - حدثنا محمد بن يعقوب الكليني -رحمه‌الله - عن علي بن محمد، عن الحسن ابن عيسى بن محمد بن علي بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليهما‌السلام أنه قال: " إذا فقد الخامس من ولد السابع(١) فالله الله في أديانكم لا يزيلنكم عنها، فإنه لابد لصاحب هذا الامر من غيبة حتى يرجع عن هذا الامر من كان يقول به، إنما هي محنة من الله يمتحن الله بها خلقه ولو علم آباؤكم وأجدادكم دينا أصح من هذا الدين لاتبعوه، قال: قلت: يا سيدي من الخامس من ولد السابع؟ فقال: يا بني عقولكم تصغر عن هذا، وأحلامكم تضيق عن حمله و لكن إن تعيشوا فسوف تدر كونه ".

١٢ - أخبرنا أبوسليمان أحمد بن هوذة الباهلي قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي سنة ثلاث وسبعين ومائتين قال: حدثنا عبدالله بن حماد الانصاري سنة تسع وعشرين ومائتين، عن أبي الجارود، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال لي: " يا أبا - الجارود إذا دار الفلك وقالوا: مات أو هلك، وبأي واد سلك، وقال الطالب له: أنى يكون ذلك وقد بليت عظامه فعند ذلك فارتجوه، وإذا سمعتم به فأتوه ولو حبوا على الثلج ".

١٣ - أخبرنا محمد بن همام -رحمه‌الله - قال: حدثنا حميد بن زياد، عن الحسن ابن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن زائدة بن قدامة، عن بعض رجاله عن أبي عبدالهعليه‌السلام قال: " إن القائم إذا قام يقول الناس: أني ذلك؟ وقد بليت عظامه ".

____________________

(١)يعنى الخلف الخامس من ولد الامام السابع(ع).

(*)

١٣٧

١٤ - حدثنا عبدالواحد بن عبدالله بن يونس قال: حدثنا أحمد بن محمد بن رباح الزهري، عن أحمد بن علي الحميري، عن الحسن بن أيوب، عن عبدالكريم ابن عمرو، عن محمد بن الفضيل عن حماد بن عبدالكريم الجلاب قال: " ذكر القائم عند أبي عبداللهعليه‌السلام فقال: أما إنه لو قد قام لقال الناس: أنى يكون هذا، وقد بليت عظامه مذ كذا وكذا ".

١٥ - حدثنا علي بن أحمد البندنيجي قال: حدثنا عبيد الله بن موسى العلوي العباسي، عن موسى بن سلام، عن أحمد بن محمد بن أبى نصر، عن عبدالرحمن، عن الخشاب(١) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام عن آبائهعليه‌السلام قال: " قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتى مثل نجوم السماء كلما غاب نجم طلع نجم حتى إذا نجم منها طلع فرمقتموه بالاعين وأشرتم إليه بالاصابع أتاه ملك الموت فذهب به(٢) ، ثم لبثتم في ذلك سبتا من دهركم، واستوت بنو عبدالمطلب ولم يدر أي من أي، فعند ذلك يبدو نجمكم فاحمدوا الله واقبلوه ".

١٦ - وأخبرنا محمد بن همام قال: حدثني جعفر بن محمد بن مالك ; وعبدالله بن جعفر الحميري قالا: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ; ومحمد بن عيسى ; و عبدالله بن عامر القصباني جميعا، عن عبدالرحمن بن أبى نجران، عن الخشاب ; عن معروف بن خربوذ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: " سمعته يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنما مثل أهل بيتي في هذه الامة كمثل نجوم السماء كلما غاب نجم طلع نجم حتى إذامددتم إليه حواجبكم وأشرتم إليه بالاصابع أتاه ملك الموت فذهب به، ثم بقيتم

____________________

(١)يعنى بعبدالرحمن عبدالرحمن بن أبى نجران، وبالخشاب الحجاج الخشاب كما نص عليهما في كمال الدين.

(٢)المراد بطلوع نجم بعد غيبوبة آخر ظهور امام بعد وفاة الاخر فاذا ظهر أتاه ملك الموت، والمراد بقوله " ثم لبثتم في ذلك " عدم ظهور ولادة القائم(ع) للعامة حتى تحيروا ولم يعرفوا شخص الامام، وطلع نجم يعنى ظهر القائم بعد الحيرة والغيبة.ويدل على ذلك ما يأتي(كذا في هامش المطبوع).

(*)

١٣٨

سبتا من دهركم لا تدرون أيا من أي، فاستوى في ذلك بنو عبدالمطلب، فبينما أنتم كذلك إذ أطلع الله [عليكم] نجمكم فاحمدوه واقبلوه ".

١٧ - حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن حنان بن سدير، عن معروف بن خربوذ، عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه قال: " إنما نحن كنجوم السماء كلما غاب نجم طلع نجم حتى إذا أشرتم بأصابعكم وملتم بحواجبكم(١) غيب الله عنكم نجمكم، فاستوت بنو عبدالمطلب فلم يعرف أي من أي(٢) ، فإذا طلع نجمكم فاحمدوا ربكم ".

١٨ - حدثنا علي بن الحسين قال: حدثنا محمد بن يحيى(٣) ، قال: حدثنا محمد ابن حسان الرازي، عن محمد بن علي الكوفي قال: حدثنا عيسى بن عبدالله بن محمد ابن عمر بن علي بن أبى طالب، عن أبيه، عن جده، عن أبيه أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال: " صاحب هذا الامر من ولدي هو الذي يقال: مات، أو هلك؟ لا، بل في أي وادسلك ".

١٩ - وبه عن محمد بن علي الكوفي قال: حدثنا يونس بن يعقوب، عن المفضل ابن عمر قال: " قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : ماعلامة القائم؟ قال: إذا استدار الفلك، فقيل:

____________________

(١)قوله " أشرتم بأصابعكم " كناية عن ترك التقية بتشهير امامته عند المخالفين، و " ملتم بحواجبكم " في الكافى " ملتم بأعناقكم " وهو أيضا كناية عن ظهوره أو توقع ذلك.

(٢) " فاستوت بنو عبدالمطلب " أى الذين ظهروا منهم " فلم يعرف أى من أى " أى لم يتميز أحد منهم عن سائرهم كتميز الامام عن غيره لان جميعهم مشتركون في عدم استحقاق الامامة.وقوله " فاذا طلع نجمكم " أى ظهر قائمكمعليه‌السلام .

(٣)على بن الحسين الظاهر كونه الصدوق لا صاحب المروج، ومحمد بن يحيى هو محمد بن يحيى العطار القمى المشهور، ومحمد بن حسان الرازى هو أبوجعفر الزينبى أو الزينى، ومحمد بن على الكوفى هو أبوسمينة الصيرفى المعنون في الرجال وهو يروى كتاب عيسى بن عبدالله بن محمد الهاشمى وهو يروى عن أبيه عبدالله بن محمد عن جد أبيه عمر بن على، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام .

(*)

١٣٩

مات أو هلك؟ في أى واد سلك؟ قلت: جعلت فداك ثم يكون ماذا؟ قال: لا يظهر إلا بالسيف ".

٢٠ - حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا حميد بن زياد الكوفي، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن زائدة بن قدامة، عن عبدالكريم قال: " ذكر عند أبي عبداللهعليه‌السلام القائم، فقال: أنى يكون ذلك ولم يستدر الفلك حتى يقال: مات أو هلك، في أي واد سلك، فقلت: وما استدارة الفلك؟ فقال: اختلاف الشيعة بينهم".

وهذه الاحاديث دالة على ما قد آلت إليه أحوال الطوائف المنتسبة إلى التشيع ممن خالف الشرذمة المستقيمة على إمامة الخلف بن الحسن بن علىعليه‌السلام لان الجمهور منهم من يقول في الخلف: أين هو؟ وأنى يكون هذا؟ وإلى متى يغيب؟ وكم يعيش هذا؟ وله الآن نيف وثمانون سنة، فمنهم من يذهب إلى أنه ميت؟ ومنهم من ينكر ولادته ويجحد وجوده بواحدة(١) ويستهزء بالمصدق به، ومنهم من يستبعد المدة ويستطيل الامد ولايري أن الله في قدرته ونافذ سلطانه وماضي أمره وتدبيره قادر على أن يمد لوليه في العمر كأفضل ما مده ويمده لاحد من أهل عصره وغير أهل عصره، ويظهر بعد مضي هذه المدة وأكثر منها، فقد رأينا كثيرا من أهل زماننا ممن عمر مائة سنة وزيادة عليها وهو تام القوة، مجتمع العقل فكيف ينكر لحجة الله أن يعمره أكثر من ذلك، وأن يجعل ذلك من أكبر آياته التي أفرده بها من بين أهله لانه حجته الكبرى التى يظهر دينه على كل الاديان، و يغسل بها الارجاس والادران(٢) .

كأنه لم يقرأ في هذا القرآن قصة موسى في ولادته وما جرى على النساء والصبيان بسببه من القتل والذبح حتى هلك في ذلك الخلق الكثير تحرزا من واقع قضاء الله ونافذ أمره، حتى كونه الله عزوجل على رغم

____________________

(١)بواحدة يعنى ينكر أصل وجوده رأسا.

(٢)الارجاس جمع رجس وهو بمعنى القذر، والعمل القبيح.

وفى بعض النسخ " الانجاس " وهو جمع نجس، والادران جمع درن وهو الوسخ.

(*)

١٤٠