فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد10%

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد مؤلف:
الناشر: دار الأنصار
تصنيف: السيدة الزهراء سلام الله عليها
الصفحات: 568

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد
  • البداية
  • السابق
  • 568 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 248139 / تحميل: 11097
الحجم الحجم الحجم
فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد

مؤلف:
الناشر: دار الأنصار
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

فاطمة الزهراءعليها‌السلام استعداداً للزفاف، فقامت النسوة فضمَّخنها بالطيب، وألبسنها الحلي، فكانت إحداهن تمشّط شعرها، والأُخرى بتزيينها ولبست الحلَّة التي جاء بها جبرئيل من الجنّة، وكانت الحلَّة لا تُقوَّم بقيمة، ولا تثمَّن بثمن.

وإنّما بذل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله هذه العناية الخاصة، وخصَّ ابنته السيدة فاطمة الزهراء بعواطفه الغزيرة دون سائر بناته لأسباب، منها:

فضائلها الشخصية، ومزاياها النفسية.

وأنّ زوجها علي بن أبي طالب صاحب المواهب والسوابق وهو ابن عمّ الرسول، ولم يكن في أصهاره مَن له تلك القرابة القريبة والمنزلة الخصيصة.

وأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعلم أنّ ابنته الطاهرة ستشملها آية التطهير وآية المباهلة والقربى.

وأنّها أُمّ الأئمّة الطاهرين إلى يوم القيامة.

لقد جاءت تلك الليلة التي ستشعر السيدة فاطمة بأنّها يتيمة، وتشعر بفقدان أُمّها خديجة، والأُم لها دور مهم في ليلة عرس ابنتها، ولكن أين خديجة هذه الليلة؟

ولمّا انصرفت الشمس نحو الغروب دعا الرسول بابنته الطاهرة ودعا بصهره العظيم فأقبلت السيدة فاطمة، وقد لبست ثوباً طويلاً، تجرّ ذيلها على الأرض، وقد تصبّبت عرقاً حياءً من أبيها سيّد الأنبياء.

وقد شاء الله تعالى أن يكون زواج السيدة فاطمة ممتازاً من جميع الجوانب والنواحي وهكذا أراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن

١٤١

لا تشعر ابنته العزيزة باليتم، ولهذا، ولغير ذلك أتى النبي ببغلته الشهباء، وثنى عليها قطيفة، وقال لفاطمة: اركبي.

وأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سلمان أن يقود البغلة، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يسوقها(١) .

بالله عليك - أيها القارئ - هل سمعت أو قرأت في تاريخ عظماء الدنيا - من أنبياء وملوك ووزراء وسلاطين - أن بنتاً تزف إلى دار زوجها، وسيِّد الأنبياء يسوق بغلتها؟

نعم، لقد اشترك أهل السماء مع أهل الأرض في زفاف الإنسية الحوراء.

فقد روى الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد ج٥ ص٧) والجويني في (فرائد السمطين) والذهبي في (ميزان الاعتدال) والعسقلاني في (لسان الميزان) والقرماني في (أخبار الدول) والقندوزي في (ينابيع المودة) عن ابن عباس أنّه قال:

لمّا زُفت فاطمة إلى علي كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قُدّامها، وجبرئيل عن يمينها، وميكائيل عن يسارها، وسبعون ألف ملك خلفها، يسبّحون الله ويقدّسونه حتى طلع الفجر.

ورُوي عن الإمام موسى بن جعفر عن آبائهعليهم‌السلام عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: (... فلما كانت ليلة الزفاف أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ببغلته الشهباء(٢) وثنى عليها قطيفة، وقال: اركبي.

____________________

(١) بحار الأنوار ج ٤٣.

(٢) كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قد سمّى ناقته: العضباء، وبغلته: الشهباء، وعصاه: الممشوق، وعمامته: السحاب. وهكذا.

١٤٢

وأمر سلمان أن يقودها، والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسوقها.

فبينما هو في بعض الطريق إذ سمع النبي وجبة(١) فإذا هو بجبرئيل في سبعين ألفاً، وميكائيل في سبعين ألفاً.

فقال النبي: ما أهبطكم إلى الأرض؟

قالوا: جئنا نزفّ فاطمة إلى علي بن أبي طالب.

فكبّر جبرئيل، وكبَّر ميكائيل، وكبّرت الملائكة، وكبّر محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فوقع التكبير على العرائس من تلك الليلة(٢) .

وهكذا اجتمع رجالات بني هاشم يمشون في موكب السيّدة. وأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بنات عبد المطلب (عمّاته) ونساء المهاجرين والأنصار أن يرافقن فاطمة في تلك المسيرة وكانت زوجات الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله يمشين قُدَّامها، ويرجزن فكانت أُمّ سلمة تقول:

سِرنَ بعون الله جاراتي

واشكرنه في كل حالاتِ

واذكرن من أنعم ربّ العلى

من كشف مكروه وآفاتِ

فقد هدانا بعد كفرٍ، وقد

أنعشنا ربُّ السماواتِ

وسرن مع خير نساء الورى

تُفدى بعمَّاتٍ وخالاتِ

يا بنت مَن فضّله ذو العلى

بالوحي منه والرسالاتِ

ثم قالت عائشة:

يا نسوة استترن بالمعاجر

واذكرن ما يحسن في المحاضرِ

واذكرن ربَّ الناس إذ يخصّنا

بدينه مع كل عبدٍ شاكرِ

والحمد لله على أفضاله

والشكر لله العزيز القادرِ

____________________

(١) الوجبة: السقطة مع الهدَّة.

(٢) أمالي الطوسي ج ١ ص ٢٦٣.

١٤٣

سرن بها فالله أعطى ذكره

وخصّها منه بطهر طاهرِ

ثم قالت حفصة:

فاطمة خير نساء البشر

ومَن لها وجه كوجه القمر

فضَّلك الله على كل الورى

بفضل مَن خصَّ بآي الزمَّر

زوَّجك الله فتىً فاضلاً

أعني عليّاً خير مَن في الحضر

فَسرن جاراتي بها إنّه

كريمة بنت عظيم الخطر

ثم قالت معاذة أم سعد بن معاذ:

أقول قولاً فيه ما فيه

وأذكر الخير وأبديه

محمد خير بني آدمٍ

ما فيه من كبرٍ ولا تيه

بفضله عرَّفنا رشدنا

فالله بالخير يجازيه

ونحن مع بنت نبيّ الهدى

ذي شرفٍ قد مكنت فيه

في ذروةٍ شامخة أصلها

فما أرى شيئاً يدانيه

وكانت النسوة يرجّعن أوّل بيت من كل رجز، ودخلن الدار، ثم أنفذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى علي ودعاه ثم دعا فاطمة فأخذ يدها ووضعها في يد علي وقال: بارك الله في ابنة رسول الله.

يا علي! هذه فاطمة وديعتي عندك!

يا علي! نعم الزوجة فاطمة!

ويا فاطمة! نعم البعل علي!!

اللّهمّ بارك فيهما، وبارك عليهما، وبارك لهما في سبيلهما، اللّهمّ إنّهما أحبّ خلقك إليّ فأحبّهما، واجعل عليهما منك حافظاً، وإنّي أعيذهما بك وذرّيّتهما من الشيطان الرجيم.

ثم دعا بماءٍ فأخذ منه جرعة فتمضمض بها، ثم مجّها في القعب، ثم صبّها على رأس فاطمة وعلى صدرها وبين كتفيها ثم دعا عليّاً فصنع به

١٤٤

كما صنع بها.

وأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله النساء بالخروج فخرجن، وبقيت أسماء بنت عميس، فلمّا أراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يخرج رأى سواداً فقال: مَن أنت؟ قالت: أسماء بنت عميس! قال: ألم آمركِ أن تخرجي؟ قالت: بلى يا رسول الله! فداك أبي وأُمّي، وما قصدت خلافك، ولكنّي أعطيت خديجة عهداً - وحدّثَتْه - فبكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ هاجت عواطفه من حديث خديجة، وإنّها كانت تتفكّر حول تلك الليلة، وأنّ فاطمة - الليلة - منكسرة القلب.

فقال لها: بالله لهذا وقفت؟

قالت أسماء: نعم، والله!

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أسماء، قضى الله لك حوائج الدنيا والآخرة.

١٤٥

الأقَوالُ حَوْلَ سَنَةِ زَوَاجهَا

اختلف المؤرّخون والمحدّثون في تاريخ سنة زواج السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام ؛ فقد روى السيد ابن طاووس في الإقبال بإسناده إلى الشيخ المفيد: إنّ زواجها كان ليلة إحدى وعشرين من المحرّم سنة ثلاث من الهجرة.

وفي المصباح: في أوّل يوم من ذي الحجّة، ورُوي أنّه كان يوم السادس منه.

وفي الأمالي: أنّ زواجها كان بعد وفاة رقيّة زوجة عثمان بستّة عشر يوماً وذلك بعد رجوعه من بدر، وذلك لأيام خلت من شوّال.

١٤٦

تحقيق حول أسْمَاء بنْتِ عُميس وَأُمّ سَلمـَة

إنّ أسماء بنت عُميس كانت زوجة جعفر بن أبي طالب وقد هاجر جعفر إلى الحبشة مع زوجته وعدد من المسلمين قبل الهجرة من مكّة بسنوات، ورجع جعفر من الحبشة إلى المدينة يوم فتح خيبر في السنة الخامسة من الهجرة.

هذا هو المتفق عليه بين المؤرّخين، ولكنّك تجد حديثاً يصرّح به بحضور أسماء بنت عُميس عند السيدة خديجة الكبرى ساعة وفاتها في مكّة كما مرّ عليك.

وتجد الأحاديث الكثيرة التي تصرِّح بحضورها في زواج السيدة فاطمة الزهراء تجد التصريح باسمها واسم أبيها واللقب: (أسماء بنت عُميس الخثعمية).

وقد روى صاحب كشف الغمّة حضور أسماء بنت عُميس الخثعمية في زواج السيدة فاطمة، ورواه الحضرمي في (رشفة الصادي ص١٠) وأحمد بن حنبل في (المناقب) والهيثمي في (مجمع الزوائد) والنسائي في (الخصائص ص٣١) ومحب الدين الطبري في (ذخائر العقبى) عن ابن عباس، وعن الخوارزمي عن الحسين بن عليعليهما‌السلام وعن السيد جلال الدين عبد الحميد بن فخار الموسوي، وعن الدولابي، وعن الإمام الباقر عن آبائهعليهم‌السلام .

وروى عن بعض هؤلاء شيخنا المجلسي في البحار ج ٤٣.

١٤٧

مع العلم أنّ زواج السيدة فاطمة كان بعد واقعة بدر، وقبل واقعة أحد، أي في السنة الأُولى أو الثانية من الهجرة، فكيف الجمع بين هذين القولين؟

وهذه مشكلة تاريخية لم يجد المؤرّخون لها حلاًّ مقبولاً صحيحاً، وقد تكلَّف شيخنا المجلسي في العاشر من البحار ببعض التأويلات أو التصرّفات. ولكنّها لا تتفق مع التصريح باسم أسماء بنت عُميس الخثعمية.

وأعجب من هذا ما ذكره القمّي في سفينة البحار في مادة (ك ذ ب) عن مجاهد قال: قالت أسماء بنت عُميس: كنت صاحبة عائشة التي هيّأتها وأدخلتها على رسول الله، ومعي نسوة، وقالت: فو الله ما وجدنا عنده قوتاً إلاَّ قدحاً من لبن، فشرب ثم ناوله عائشة، فاستحيت الجارية فقلت لها: لا تردّي يد رسول الله، خذي منه فأخذته على حياء فشربت منه، ثم قال: ناولي صواحبك

فقلن: لا نشتهيه.

فقال: لا تجمعن جوعاً وكذباً.

قالت: فقلت: يا رسول الله إن قالت إحدانا - لشيء -: لا نشتهيه أيعدُّ ذلك كذباً؟

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الكذب ليكتب حتى يكتب الكذيبة كذيبة.

كان المقصود من ذكر هذا الحديث هو حضور أسماء بنت عميس في زواج الرسول بعائشة، وكان ذلك قبل زواج السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام .

أضف إلى هذا أنّه قد اشتهر بالتواتر حضور أسماء بنت عميس عند ولادة الإمام الحسينعليه‌السلام في السنة الرابعة أو الخامسة من الهجرة،

١٤٨

وكل ذلك قبل فتح خيبر، أي قبل رجوع جعفر بن أبي طالب من الحبشة.

وقد روى شيخنا المجلسي في العاشر من البحار عن محمد بن يوسف الكنجي في كتابه: (كفاية الطالب) حضور أسماء بنت عميس في زواج السيدة فاطمة الزهراء، قال محمد بن يوسف: هكذا رواه ابن بطة، وهو حسن عال، وذكر أسماء بنت عميس في هذا الحديث غير صحيح لأنّ أسماء هذه امرأة جعفر بن أبي طالب... إلى أن قال: وأسماء التي حضرت في عرس فاطمةعليها‌السلام إنّما هي أسماء بنت يزيد ابن السكن الأنصاري، وأسماء بنت عميس كانت مع زوجها جعفر بالحبشة، وقدم بها يوم فتح خيبر سنة سبع، وكان زواج فاطمةعليها‌السلام بعد وقعة بدر بأيام يسيرة، فصحَّ بهذا أنّ أسماء المذكورة في هذا الحديث إنّما هي بنت يزيد... الخ.

أقول: لو لم يكن في الأحاديث تصريح باسم أسماء واسم أبيها ولقبها لأمكن هذا التوجيه أو التأويل، ولكن كيف يصح هذا التكلّف والتعسّف في التأويل في مقابل هذا النص الصريح، وهو: (أسماء بنت عميس الخثعمية)؟

وأمّا أسماء بنت يزيد الأنصاري كيف كانت أنصارية أي يوم توفّيت السيدة خديجة، مع العلم أنّها أنصارية أي من أهل المدينة؟ والحال أنّ أسماء التي حضرت وفاة خديجة في مكّة هي التي حضرت زواج فاطمة الزهراء في المدينة.

وإنّني أظن أنّ الكنجي إنّما قال هذا لوجود المشاركة في الاسم بين أسماء بنت عميس وأسماء بنت يزيد، ولم يذكر أحد من المؤرّخين حضور أسماء الأنصارية في مكّة عند وفاة السيدة خديجة.

١٤٩

والذي يقوى عندي أنّ الحل الصحيح والجواب المعقول: أنّ أسماء هذه هي أسماء بنت عميس الخثعمية زوجة جعفر بن أبي طالب، وأنّها هاجرت مع زوجها إلى الحبشة، ولكنّها رجعت إلى مكّة وهاجرت إلى المدينة، ولعلّها كرّرت سفرها إلى الحبشة لأنّ المسافة من جِدّة إلى الحبشة هي مسافة عرض البحر الأحمر، وليس قطع هذه المسافة بالصعب المستصعب ذهاباً وإياباً، وإن كان التاريخ لم يذكر ذلك لأسماء فإنّ التاريخ أيضاً لن يذكر لأبي ذر الغفاري قوله: كنت أنا وجعفر بن أبي طالب مهاجرين إلى بلاد الحبشة... إلى آخر كلامه.

روى ذلك الشيخ المجلسي عن كتاب: (علل الشرائع) للصدوق.

وقد ظفرت برواية رواها المجلسي في العاشر من البحار في باب تزويج السيدة فاطمةعليها‌السلام عن كتاب (مولد فاطمة) عن ابن بابوية: أمر النبي بنات عبد المطلب... إلى أن يقول: والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وحمزة وعقيل و(جعفر) وأهل البيت يمشون خلفها... إلى آخره.

فالتصريح بوجود جعفر يحل هذه المشكلة.

بقيت هنا كلمة: وهي أنّ هجرة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله كانت بعد وفاة السيدة خديجة الكبرى قطعاً، على اختلاف في تاريخ وفاتها في الشهور والأعوام قبل الهجرة.

ولكن الظاهر أن السيدة خديجة توفيت قبل الهجرة بأقل من سنة.

ومن ناحية أُخرى كانت هجرة جعفر بن أبي طالب إلى الحبشة مرّتين، وهجرته الثانية كانت بعد وفاة السيدة خديجة، وقبل هجرة الرسول إلى المدينة.

١٥٠

والدليل على ذلك هو الخبر المروي: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم كان في الغار قال: (إنّي أرى سفينة جعفر تعوم في البحر).

ومن هنا يسهل علينا أن نعرف بأنَّ بنت عميس كانت في مكّة يوم وفاة خديجة، وأنّها قد حضرت عند وفاتها.

وأمّا مشكلة أُم سلمة، فإنّنا نجد اسم السيدة أُم سلمة في الأيام التي سبقت زواج السيدة فاطمة الزهراء، فقد كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في بيتها يوم خطبة عليعليه‌السلام من فاطمة الزهراء، وقد سمعت أنّ النبي أودع عندها شيئاً من صداق فاطمة الزهراء وكانت مرجع النساء في قضايا زواج السيدة فاطمة.

مع العلم أنّ المؤرّخين ذكروا أنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله تزوّجها في السنة الرابعة من الهجرة، وزواج السيدة فاطمة كان في السنة الثانية من الهجرة بعد بدر وقبل أُحد، فكيف كانت أُم سلمة في هذه المراحل مع العلم أنّها لم تكن زوجة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يومذاك.

نُجيب عن هذا الكلام بما يلي:

أوّلاً: المناقشة في سنة زواجها من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلعلّ الرسول تزوّجها في أوائل الهجرة، أو أنّ زواج السيدة فاطمة الزهراء كان في السنة الرابعة من الهجرة، وهذا احتمال بعيد وقول ضعيف لا يُعبأُ به.

ثانياً: إنّ السيدة أُم سلمة هي بنت عمّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فلا مانع أن تساهم في مراحل زواج السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام بحيث إنّ النبي يستودعها صداق فاطمة الزهراء، أو يكون لها اقتراح ورأي في تعجيل زفاف السيدة فاطمة الزهراء.

هذا ما يتبادر إلى ذهني، والله العالم بحقائق الأمور.

١٥١

بَيْتُ فَاطِمَةعليها‌السلام

إنّ الحضارة - اليوم - بدأت تشعر بضرورة احترام بعض المساكن والمباني والأراضي، وذلك بعد أن شعرت باحترام الفضيلة وأهلها، والتقدير عن الشرف والعلم والقيم.

وعلى هذا الأساس أحدثت الحضارة قانوناً بل قوانين بهذا الشأن، ورعاية لهذا الأمر، فالصيانة الدبلوماسية التي منحها القانون لمباني السفارات والهيئات الدبلوماسية، وهكذا القوانين التي تفرض احترام الجامعات والمعاهد العلمية والمساجد والمعابد تقديراً للعلم والدين والثقافة، هي من نتائج الشعور بهذا المعنى.

ولكن هذه الحقيقة كانت ثابتة عند الله تعالى، وعند أوليائه من أهل السماوات والأرض منذ الأزل، وانطلاقاً من هذه الحقيقة نجد الأحكام الواردة حول احترام المساجد وخاصة المسجد الحرام، وتحريم الدخول فيه على بعض الأفراد كالمشركين أو المجنب أو الحائض، وتحريم تنجيسها، أو إتيان ما ينافي قدسيتها واحترامها، أو الصيد في الحرم (وهو المناطق المحيطة بمكّة من جميع الجوانب، حسب حدود معينة مذكورة في كتب الفقه).

بعد ذكر هذه المقدّمة اعلم أنّ البيت الذي كانت السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام تسكن وتعيش فيه كان محاطاً بالقداسة والروحانية والنور، كان ذلك البيت مبنيّاً بمواد الاحترام والتقدير، والتجليل والتبجيل، يعرف حق ذلك البيت كل مَن يعرف حق فاطمة وأبيها، وبعلها وبنيها.

١٥٢

وقد روى شيخنا المجلسي (عليه الرحمة) عن أنس بن مالك وعن بريدة قال: قرأ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ ) (١) .

فقام رجل فقال: أي بيوت هذه يا رسول الله؟

فقال: بيوت الأنبياء.

فقام إليه أبو بكر، فقال: يا رسول الله، هذا البيت منها؟!

وأشار إلى بيت علي وفاطمة.

قال: نعم، من أفضلها!!(٢) .

وعن ابن عباس قال: كنت في مسجد رسول الله، وقد قرأ القارئ:( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ... ) فقلت: يا رسول الله، ما البيوت؟

فقال: بيوت الأنبياء. وأومأ بيده إلى منزل فاطمة(٣) .

وفي الكافي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يريد فاطمةعليها‌السلام وأنا معه، فلمّا انتهينا إلى الباب وضع يده عليه فدفعه، ثم قال: السلام عليكم.

فقالت فاطمةعليها‌السلام : عليك السلام يا رسول الله.

قال: أأدخل؟

قالت: ادخل يا رسول الله.

____________________

(١) النور: ٣٦.

(٢) وفي نسخة: من أفاضلها / تفسير الثعلبي ومنه تفسير (البرهان) ج ٣ / ١٣٩.

(٣) كشف الغمّة.

١٥٣

قال: أدخل أنا ومن معي؟

فقالت: يا رسول الله ليس علي قناع.

فقال: يا فاطمة خذي فضل ملحفتك، فقنّعي به رأسك. ففعلت.

ثم قال: السلام عليكم.

فقالت: وعليك السلام يا رسول الله

قال: أأدخل؟

قالت: نعم يا رسول الله

قال: أنا ومَن معي؟

قالت: أنتَ ومَن معك... إلى آخره(١) .

____________________

(١) الكافي ج ٥ / باب الدخول على النساء حديث ٥.

١٥٤

حيَاتُهَا الزّوْجيّة

انتقلت السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام إلى البيت الزوجي، وكان انتقالها من بيت الرسالة والنبوّة إلى دار الإمامة والوصاية والخلافة والولاية، وحصل تطوّر في سعادة حياتها، فبعد أن كانت تعيش تحت شعاع النبوّة صارت تعيش قرينة الإمام.

كانت حياتها في البيت الزوجي تزداد إشراقاً وجمالاً إذ كانت تعيش في جوٍّ تكتنفه القداسة والنزاهة، وتحيط به عظمة الزهد وبساطة العيش، وكانت تعين زوجها على أمر دينه وآخرته، وتتجاوب معه في اتجاهاته الدينية، وتتعاون معه في جهوده وجهاده.

وما أحلى الحياة الزوجية إذا حصل الانسجام بين الزوجين في الاتجاه والمبدأ ونوعيّة التفكير، مبنياً على أساس التقدير والاحترام من الجانبين.

وليس ذلك بعجيب، فإنّ السيدة فاطمة الزهراء تعرف لزوجها مكانته العظمى ومنزلته العليا عند الله تعالى، وتحترمه كما تحترم المرأة المسلمة إمامها، بل أكثر وأكثر، فإنّ السيدة فاطمة كانت عارفة بحق علي حق معرفته، وتقدّره حق قدره، وتطيعه كما ينبغي؛ لأنّه أعزّ الخلق إلى رسول الله.

لأنّه صاحب الولاية العظمى، والخلافة الكبرى والإمامة المطلقة.

لأنّه أخو رسول الله وخليفته، ووارثه ووصيّه.

لأنّه صاحب المواهب الجليلة، والسوابق العظيمة.

١٥٥

وهكذا كان عليعليه‌السلام يحترم السيدة فاطمة الزهراء احتراماً لائقاً بها، لا لأنّها زوجته فقط:

بل لأنّها أحبّ الخلق إلى رسول الله.

لأنّها سيّدة نساء العالمين.

لأنّ نورها من نور رسول الله.

لأنّها من الذين بهم فتح الله كتاب الإيجاد والوجود، لأنّها كتلة من العظمة.

لأنّها مجموعة من الفضائل متوفّرة في امرأة واحدة لاستحقت التقدير والتعظيم.

فكيف بفاطمة الزهراء، وقد اجتمعت فيها من المزايا والمواهب والفضائل والمكارم ما لم تجتمع في أيّة امرأة في العالم كلّه، من حيث النسب الشريف الأرفع، والروحانية والقدسيّة، من حيث بدء الخلقة ومنشأ إيجادها وكرامتها عند الله، وعبادتها وعلمها وديانتها، وزهدها وتقواها وطهارتها ونفسيّتها وشخصيّتها، وغير ذلك من مئات المزايا ممّا يطول الكلام بذكرها.

بعد ما قصصنا وما لم نقصص عليك يمكن لك أن تدرك الجوّ الذي كان الزوجان السعيدان يعيشانه، والحياة الطيّبة السعيدة الحلوة - بجميع معنى الكلمة - التي كانا يتمتّعان بها:

حياة لا يعكِّرها الفقر، ولا تغيّرها الفاقة، ولا تضطرب بالحوادث.

حياة يهبّ عليها نسيم الحب والوئام، وتزيّنها العاطفة بجمالها المدهش.

وفي البحار عن المناقب قال عليعليه‌السلام : فو الله ما أغضبتها ولا أكرهتها على أمر حتى قبضها الله عزّ وجل، ولا أغضبتني ولا عصت لي أمراً، لقد كنت

١٥٦

أنظر إليها فتنكشف عنّي الهموم والأحزان (١) .

وروي عن الإمام الباقرعليه‌السلام : إنّ فاطمةعليها‌السلام ضمنت لعليعليه‌السلام عمل البيت والعجين والخبز، وقَّم البيت، وضمن لها عليعليه‌السلام ما كان خلف الباب: نقل الحطب وأن يجيء بالطعام، فقال لها يوماً: يا فاطمة هل عندك شيء؟

قالت: والّذي عظّم حقَّك، ما كان عندنا منذ ثلاثة أيّام شيء نقريك به.

قال: أفلا أخبرتني؟

قالت: كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهاني أن أسألك شيئاً، فقال: لا تسألي ابن عمّكِ شيئاً، إن جاءك بشيء وإلاّ فلا تسأليه (٢) .

ولا يُعلم بالضبط مدّة إقامة الإمام والسيدة فاطمة (عليهما السّلام) في دار حارثة بن النعمان، إلاَّ أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنى لها بيتاً ملاصقاً لمسجده، له باب شارع إلى المسجد، كبقيّة الحجرات التي بناها لزوجاته، وانتقلت السيدة إلى ذلك البيت الجديد الملاصق لبيت الله، المجاور لبيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم).

____________________

(١) بحار الأنوار ج ٤٣.

(٢) بحار الأنوار ج ٤٣ ص ٣١ عن تفسير العيّاشي.

١٥٧

أُكْذُوبَةُ التَاريخ في حَقِّ عَليّعليه‌السلام

لقد تكرّر منّا الكلام أنّ بعض حَمَلة الأقلام أساءوا إلى السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام في شتّى الميادين ومختلف المجالات، وقد تقدّم منّا الكلام أنّ زواج الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام بالسيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام قد هيَّج الأحقاد في قلوب الحاسدين، فجعلوا يتشبثون بشتّى الوسائل لتعكير حياة الزوجين السعيدين، وإثارة الفتن والمشاغبات، كما هو شأن المفسدين الذين تتكون عندهم عقدة الحقارة النفسية بسبب الفشل في الحياة.

ومن جملة تلك المشاغبات أنّهم أشاعوا أنّ عليّاً قد خطب ابنة أبي جهل، ووصل الخبر إلى السيدة فاطمة الزهراء أنّ زوجها قد خطب بنت رئيس المشركين وقطب الكافرين أبي جهل.

فتأثّرت السيدة فاطمة وذهبت إلى حجرة أبيها الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ولكن سرعان ما انكشف الأمر، واتضحت الحقيقة، وظهر تزوير هذا الخبر.

هذه خلاصة الحديث على فرض صحّته.

ولكن هلمّ معي إلى بعض المؤلّفين والكُتّاب كيف اتخذوا هذه التهمة مرتعاً خصباً للتهريج والتشنيع ضد الإمام أمير المؤمنين، فجعلوا يطبّلون ويزمّرون من حيث يشعرون أو لا يشعرون.

ومن جملة المطبّلين والمزمّرين هي الكاتبة المصرية بنت الشاطيء التي

١٥٨

كتبت ما كتبت وهي غير مبالية بما تكتب، أو متعمّدة فيما تكتب، فإنّها اعتبرت هذه الأكذوبة حقيقة ثابتة عندها، لا شك فيها ولا ريب.

وهنا نقتطف بعض ما كتبته الكاتبة المصرية في كتابها: (بنات النبي) ص١٦٧.

(لقد همّ علي بالزواج على فاطمة... دون أن يخطر بباله أنّ في هذا ما تنكره بنت نبي الإسلام).

أنا لا أدري بماذا أُجيب على هذه الكلمة الهوجاء التائهة؟

وهل يوجد في العالم كلّه رجل لا يشعر أنّ زوجته تكره الضرّة؟ وتكره أن يتزوّج عليها زوجها؟

إنَّ أقلَّ الناس إدراكاً ومعرفة بالأمور يشعر بهذا الأمر، ولكن الكاتبة تقول: (دون أن يخطر بباله (ببال علي) أنّ في هذا ما تنكره بنت نبي الإسلام)!!

وتقول بعد ذلك: (ألا ليت عليّاً قد صبر على واحدة).

ثم إنّها ملأت صفحات من كتابها في ذم أبي جهل ومواقفه ضد الإسلام، ثم قارنت بين بنت أبي جهل وبين بنت الرسول، وهي بهذه المقارنة تقصد التشنيع والتهريج ضدّ هذا الزواج المزعوم.

ومن العجب أنّ الكاتبة نفسها تبدي استيائها من بعض المستشرقين المسيحيين المتعصّبين، الذين تلاعبوا بالتاريخ الإسلامي، وتخص الكاتبة منهم (لامانس) المبشّر المسيحي المعادي.

ومع الأسف أنّ الكاتبة نفسها نسيت التريّث والتروّي حول هذه المفتريات، واعتبرتها وحياً يوحى.

واستعانت الكاتبة بنسيج خيالها ووصفها الروائي الذي هو عادة مؤلّفي الأساطير.

١٥٩

وهنا يجيب العلاّمة المعاصر السيد حسن الأمين - عن هذه المفتريات - في الجزء الثالث من كتابه: دائرة المعارف الإسلامية الشيعية ص (١٠) تحت عنوان:

دسائس على النبيِّ وعليّ وفاطمة:

ورد في كتاب ذخائر العقبى أنّ عليّاً أراد أن يتزوّج بنت أبي جهل على فاطمة، وأنّ النبي غضب لذلك وصعد المنبر محتدّاً ناقماً على هذا الأمر، شاجباً له، بالتفاصيل المزرية التي وردت في الكتاب ممّا هو طعن صريح بمحمد، فضلاً عن أنّه طعن بعليٍّ وفاطمة.

أمّا أنّه طعن بمحمد، فذلك أنّه أظهره بمظهر مَن يرفض أن يطبّق الشريعة على نفسه، وعلى مَن يتصل به في حين أنّه يفرض على غيره تطبيقها.

فهو يبيح للناس تعدّد الزوجات، ولكن يأبى أن ينطبق هذا التعدّد على ابنته.

وهذا من أفظع ما يوجَّه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من مطاعن، ولكنّ أعداء محمد استطاعوا أن يفعلوا ذلك، وأن يستغلّوا ذوي النظر القصير، فيروونه في كتبهم ولا يرون فيه شيئاً.

أمّا أنّه طعن في علي؛ فذلك بإظهاره بمظهر مَن أغضب فاطمة وأغضب النبي نفسه.

وأمّا أنّه طعن فاطمة؛ لأنّها ترفض أن تطبِّق شريعة الله التي جاء بها أبوها على نفسها.

نحن لن نتعرّض لسند الخبر، فإنّ هذا الخبر بادئ الفساد من نفسه ولكنّنا نتساءل: لماذا خصّ رواة الخبر بنت أبي جهل بهذا الشرف؟

ولماذا لم ينسبوا إلى علي محاولته التزوّج على فاطمة من غير بنت

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

مؤلّفات أبي الصلاح تقيّ بن نجم الحلبي ( ت ٤٤٧ هـ )

(٥٠) كتاب : تقريب المعارف

الحديث :

ومن ذلك ما اتفقت الأُمّة عليه ، من قوله ( عليه السلام ) : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا »(١) .

أبو الصلاح تقي بن نجم الحلبي :

قال الشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) : تقي بن نجم الحلبي ، ثقة ، له كتب ، قرأ علينا وعلى المرتضى(٢) .

وقال الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) : الشيخ التقي بن النجم الحلبي ، فقيه عين ثقة ، قرأ على الأجلّ المرتضى علم الهدى نضّر الله وجهه ، وعلى الشيخ الموفّق أبي جعفر ، وله تصانيف(٣) .

وقال العلاّمة الحلّي ( ت ٧٢٦ هـ ) : تقي بن نجم الحلبي ، أبو

____________

١ ـ تقريب المعارف : ١٨١ ، [ النصّ على إمامة الأئمّة ] ، وعنه في إثبات الهداة ١ : ٧٣٣ ح ٢٦٦ ، فصل (٤١).

٢ ـ رجال الطوسي : ٤١٧ [ ٦٠٣٤ ] ، من لم يرو عن الأئمّة ( عليهم السلام ).

٣ ـ فهرست منتجب الدين : ٣٠ [ ٦٠ ].

٤٢١

الصلاح ( رحمه الله ) ، ثقة عين له تصانيف حسنة ذكرناها في الكتاب الكبير(١) .

وقال الميرزا الأفندي ( ت حدود ١١٣٠ هـ ) : أقول : وفي بعض الإجازات أنّه خليفة المرتضى في علومه(٢) ، وقال بعض الأفاضل : إنّ له تصانيفاً كثيرة مشهورة ، مات بعد عودته من الحجّ بالرملة في محرّم سنة ست وأربعين وأربعمائة ، انتهى(٣) .

وقد نصّ ابن حجر ( ت ٨٥٢ هـ ) في لسان الميزان والسيّد الأمين ( ت ١٣٧١ هـ ) في أعيان الشيعة ، والطبّاخ في أعلام النبلاء ، والمدرّس ( ت ١٣٧٣ هـ ) في ريحانة الأدب على أنّ وفاته في سنة ٤٤٧(٤) .

كتاب تقريب المعارف :

قال الشيخ الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في أمل الآمل : الشيخ تقي الدين بن النجم الحلبي أبو الصلاح ، له كتب رأيت منها : كتاب تقريب المعارف حسن جيّد(٥) .

____________

١ ـ خلاصة الأقوال : ٨٤ [ ١٧٤ ].

وانظر : رجال ابن داود : ٥٨ [ ٢٧٠ ] ، معالم العلماء : ٢٩ [ ١٥٥ ] ، حاوي الأقوال ١ : ٢٢٧ [ ١١٣ ] ، نقد الرجال ١ : ٣٠٥ [ ٨١٦ ] ، مجمع الرجال ١ : ٢٨٧ ، أمل الآمل ٢ : ٤٦ [ ١٢٠ ] ، الوجيزة ( رجال المجلسي ) : ١٧١ [ ٣٠٨ ] ، جامع الرواة ١ : ١٣٢ ، رياض العلماء ١ : ٩٩ ، و ٥ : ٤٦٤ ، منتهى المقال ٢ : ١٨٥ [ ٤٩٤ ] ، روضات الجنّات ٢ : ١١١ [ ١٤٦ ] ، بهجة الآمال ٢ : ٤٤٩ ، تنقيح المقال ١ : ١٨٥ ، معجم رجال الحديث ٤ : ٢٨٣ [ ١٩٢٠ ] ، قاموس الرجال ٢ : ٤١٥ [ ١٢٢٢ ]. بلغة المحدّثين : ٣٣٨ ، طبقات أعلام الشيعة ( القرن الخامس ) : ٣٩ ، لؤلؤة البحرين : ٣٣٣ ، الكنى والألقاب ١ : ٩٩ ، أعيان الشيعة ٣ : ٦٣٤ ، تكملة أمل الآمل : ١١٤.

٢ ـ البحار ١٠٨ : ١٥٨ ، إجازة الشهيد الثاني.

٣ ـ رياض العلماء ١ : ١٠٠.

٤ ـ تقريب المعارف : ٤٣ ، ترجمة المؤلّف ، تحقيق الشيخ فارس الحسّون.

٥ ـ أمل الآمل ٢ : ٤٧ [ ١٢٠ ].

٤٢٢

قال العلاّمة المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في البحار : وكتاب تقريب المعارف في الكلام للشيخ الأجلّ أبي الصلاح تقي الدين بن نجم الحلبي(١) ، وقال في موضع آخر : وكتاب تقريب المعارف كتاب جيّد في الكلام ، وفيه أخبار طريفة ، أوردنا بعضها في كتاب الفتن ، وشأن مؤلّفه أعظم من أن يفتقر إلى البيان(٢) .

وفي الذريعة : ينقل عنه المير محمّد أشرف في فضائل السادات(٣) .

وقال الشيخ فارس الحسّون ـ محقّق الكتاب ـ : ذكره أبو الصلاح في كتابه الكافي في خمسة موارد ، حيث أحال فيه على كتاب تقريب المعارف.

ونسبه إلى أبي الصلاح جلّ من وضع له ترجمة وذكر كتبه ، مثل : العلاّمة المجلسي في البحار ، والحرّ العاملي في أمل الآمل وإثبات الهداة ، والتستري في قاموس الرجال ، والطهراني في الذريعة والطبقات ، والتستري في كشف القناع والمقابس ، والسيّد الأمين في الأعيان ، والمحدّث النوري في خاتمة المستدرك ، والشيخ عبّاس القمّي في الكنى والألقاب وسفينة البحار والفوائد الرضويّة ، والكنتوري في كشف الحجب ، والتنكابني في قصص العلماء ، والمدرّس في ريحانة الأدب(٤) .

وقال أيضاً : قال العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ٣٧ / ٢٥٢ : قال أبو الصلاح الحلبي في كتاب تقريب المعارف ، وقد لخّصه من الشافي :

وفي الواقع إنّ التعبير بـ : لخّصه من الشافي ، فيه نوع من المسامحة ، ويتّضح هذا المطلب بأدنى مقارنة بين الكتابين الخ(٥) .

____________

١ ـ البحار ١ : ٢٠ ، مصادر الكتاب.

٢ ـ البحار ١ : ٣٨ ، توثيق المصادر.

٣ ـ الذريعة ٤ : ٤٦٦ [ ١٥٩٦ ].

٤ ـ تقريب المعارف : ٤٧ ، تحقيق الكتاب ، للشيخ فارس الحسّون.

٥ ـ تقريب المعارف : ٥٣ ، تحقيق الكتاب ، للشيخ فارس الحسّون.

٤٢٣
٤٢٤

(٥١) كتاب : الكافي في الفقه

الحديث :

في حديثه عن الإمامة والأدلّة عليها من السنّة النبويّة ، قال : ويدلّ على ذلك من جهة السنّة ما اتّفق عليه نقلةُ الشيعة ، وفي نقلهم الحجّة ، ورواه أصحاب الحديث من غيرهم ، أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال في غير موطن : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(١) .

كتاب الكافي في الفقه :

نسبه إليه الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) في فهرسته ، قال : وله تصانيف منها الكافي ، أخبرنا به غير واحد من الثقات ، عن الشيخ المفيد عبد الرحمن بن أحمد النيسابوري الخزاعي ، عنه(٢) .

ونسبه إليه أيضاً ابن شهرآشوب ( ت ٥٨٨ هـ ) في المعالم(٣) ، وابن إدريس ( ت ٥٩٨ هـ ) في السرائر(٤) .

____________

١ ـ الكافي في الفقه : ٩٦.

٢ ـ فهرست منتجب الدين : ٣٠ [ ٦٠ ].

٣ ـ معالم العلماء : ٢٩ [ ١٥٥ ].

٤ ـ السرائر ٢ : ٤٤٩ ، باب المزارعة ، وموارد أُخرى في السرائر.

٤٢٥

وجعله العلاّمة المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) أحد مصادر كتابه البحار(١) .

وقال السيّد الخوانساري ( ت ١٣١٣ هـ ) : وقد رأيت كتابه الكافي في الفقه على ترتيب أبوابه ، وهو كتاب حسن معروف بين أصحابنا معوّل عليه عندهم(٢) .

وقال العلاّمة الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) : الكافي في الفقه للشيخ الفقيه أبي الصلاح تقي الدين بن نجم الدين ، تلميذ الشريف المرتضى وخليفته في البلاد الحلبية ، موجود في مخزن كتب المولى محمّد على الخوانساري بالنجف ، ومخزن السيّد الحاج آغا سبط السيّد حجّة الإسلام الإصفهاني ، وخزانة المولى محمّد حسين القمشئي بالنجف الموقوفة في ١٢٨١ ، وفي الرضويّة ، وعند الشيخ مشكور ، وغيرها(٣) .

وأضاف الشيخ رضا أُستادي نسخ أُخَر في مقدّمته على الكتاب(٤) .

____________

١ ـ البحار ١ : ٢٠ ، مصادر الكتاب.

٢ ـ روضات الجنّات ٢ : ١١٣.

٣ ـ الذريعة ١٧ : ٢٤٧ [ ١٠٣ ].

٤ ـ الكافي في الفقه : ٢٥ ، ترجمة المؤلّف.

٤٢٦

مؤلفات أبي الفتح محمد بن علي الكراجكي

( ت ٤٤٩ هـ )

(٥٢) كتاب : كنز الفوائد

الحديث :

الأوّل : قال في رسالته في وجوب الإمامة ، وضمن استدلاله على وجوب الإمام : هذا ، مع ما نعلم من عدمهم أكثر النصوص في الأحكام ، والتجائهم بعدمها إلى الاجتهاد والقياس ، والأخذ في الدين بالظنّ والرأي ، فعلمنا أنّ الله سبحانه قد أزاح علل المكلّفين بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالأئمّة الراشدين الهداة المعصومين ، الذين أمر الله تعالى بالردّ إليهم والتعويل عليهم ، فقال عزّ من قائل :( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) ، وقال النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي »(١) .

الثاني : ضمن كلامه في الردّ على من قال : إنّ المراد بالإمام في حديث ( من مات ولم يعرف إمام زمانه ) هو الكتاب ، قال : وظاهر قول النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) : « من مات وهو لا يعرف إمام زمانه » يدلّ على أنّ لكلّ زمان إماماً في الحقيقة ، يصحّ أن يتوجّه منه الأمر ، ويلزم له الاتّباع ، وهذا واضح لمن طلب الصواب.

____________

١ ـ كنز الفوائد ١ : ٣٢٤ ، ووجه آخر.

٤٢٧

ومن ذلك ما أجمع عليه أهل الإسلام من قول النبيّ عليه الصلاة والسلام : « إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، فأخبر أنّه قد ترك في الناس من عترته من لا يفارق الكتاب وجوده وحكمه وأنّه لا يزال وجودهم مقروناً بوجوده ، وفي هذا دليل على أنّ الزمان لا يخلو من إمام(١) .

محمّد بن علي بن عثمان الكراجكي :

قال الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) في الفهرست : الشيخ العالم الثقة أبو الفتح محمّد بن علي الكراجكي ، فقيه الأصحاب ، قرأ على السيّد المرتضى علم الهدى والشيخ الموفّق أبي جعفر رحمهم الله وله تصانيف(٢) ، وعبّر عنه ابن شهرآشوب ( ت ٥٨٨ هـ ) في المعالم بالقاضي أبو الفتح محمّد بن علي بن عثمان الكراجكي(٣) .

وقال الشيخ الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في أمل الآمل : الشيخ أبو الفتح محمّد بن علي بن عثمان الكرجكي ، عالم فاضل متكلّم فقيه محدّث ثقة جليل القدر(٤) .

وقال العلاّمة المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) : وأمّا الكراجكي ، فهو من أجلّة العلماء والفقهاء والمتكلّمين ، وأسند إليه جميع أرباب الإجازات ، ثمّ قال : ويظهر من الإجازات أنّه كان أُستاد ابن البرّاج(٥) .

____________

١ ـ كنز الفوائد ١ : ٣٢٩ ، وعنه في إثبات الهداة ١ : ٦٢٥ ح ٨١٤ ، فصل ( ٦٢ ) ، و ١ : ٧٠٤ ح ١٢٣ ، فصل (١٤) ، والبحار ٢٣ : ٩٥.

٢ ـ فهرست منتجب الدين : ١٥٤ [ ٣٥٥ ].

٣ ـ معالم العلماء : ١١٨ [ ٧٨٨ ].

٤ ـ أمل الآمل ٢ : ٢٨٧ [ ٨٥٧ ].

٥ ـ البحار ١ : ٣٥ ، توثيق المصادر.

٤٢٨

وقال العلاّمة النوري ( ت ١٣٢٠ هـ ) في خاتمة المستدرك : فهذا الشيخ الجليل أبو الفتح محمّد بن علي بن عثمان الكراجكي ، الفقيه الجليل الذي يعبّر عنه الشهيد كثيراً ما في كتبه بالعلاّمة ، مع تعبيره عن العلاّمة الحلّي : بالفاضل.

ولم أر من المترجمين من استوفى مؤلّفاته ، فاللازم علينا ذكرها(١) ، ثمّ يذكرها بالتفصيل.

وأمّا وفاته فقد نصّت بعض المصادر على أنّها كانت في سنة ٤٩٩ هـ ، مثل : لسان الميزان وشذرات الذهب ومرآة الزمان(٢) .

كتاب كنز الفوائد :

نسبه إليه الشيخ الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في أمل الآمل(٣) ، وجعله العلاّمة المجلسي أحد مصادر كتاب البحار(٤) ، وقال : وكتابه كنز الفوائد من الكتب المشهورة التي أخذ عنه جلّ من أتى بعده(٥) .

وقال المامقاني ( ت ١٣٥١ هـ ) ـ بعد ذكره كلام

منتجب الدين ـ : وأقول : أراه لم يذكر كنز الفوائد وهو أعرف كتبه(٦) .

وقال العلاّمة التستري ( ت ١٤١٥ هـ ) في قاموسه ـ بعد أن ذكر كلام

____________

١ ـ خاتمة المستدرك ٣ : ١٢٦ ، الفائدة الثالثة.

٢ ـ كنز الفوائد ١ : ١٢ ـ ١٣ ، مقدّمة التحقيق للشيخ عبد الله نعمة ، وانظر في ترجمته أيضاً : الكنى والألقاب ٣ : ١٠٨. طبقات أعلام الشيعة ( القرن الخامس ) : ١٧٧ ، رياض العلماء ٥ : ١٣٩ ، تنقيح المقال ٣ : ١٥٩ ، قاموس الرجال ٩ : ٤٥٨ ، معجم رجال الحديث ١٧ : ٣٥٧ [ ١١٣٤٢ ] ، روضات الجنّات ٦ : ٢٠٩ [ ٥٧٩ ] ، جامع الرواة ٢ : ١٥٦ ، لؤلؤة البحرين : ٣٣٧ [ ١١٢ ] ، أعيان الشيعة ٩ : ٤٠٠.

٣ ـ أمل الآمل ٢ : ٢٨٧ [ ٨٥٧ ].

٤ ـ البحار ١ : ١٨ ، مصادر الكتاب.

٥ ـ البحار ١ : ٣٥ ، توثيق المصادر.

٦ ـ تنقيح المقال ٣ : ١٥٩.

٤٢٩

منتجب الدين ـ : ولم يذكر في كتبه كنزه(١) .

وقد جاء ذكره في فهرست كتبه الذي عمله بعض معاصريه والمنقول في خاتمة المستدرك(٢) .

ووصفه الخوانساري ( ت ١٣١٣ هـ ) في الروضات قائلا : وهو من أحسن مصنّفاته الباقية إلى هذا الزمان والحاوية لنفايس من العلوم والأفنان ، ولا سيّما الأصولين والفضائل والأخلاق ، وقد اشتمل على سبع رسائل منفردة برؤوسها ، الخ(٣) .

وقال العلاّمة الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) في الذريعة : كنز الفوائد ، كبير في خمسة أجزاء في فنون مختلفة وتفاسير آيات كثيرة ، للشيخ أبي الفتح محمّد بن علي بن عثمان الكراجكي المتوفّى ٤٤٩ ، عمله لابن عمّه ، وهو مشتمل على أخبار مرويّة ونكات مستحسنة وعدّة مختصرات عملها مستقلّة ، نسخة منه في ( الرضويّة ) كتابتها ٦٧٧ في آخر جزئه الأوّل ، إلى أن قال : وقد صنّف الفاضل الهندي لهذا الكتاب فهرساً رأيته بخطّه ، وقد طبع « كنز الفوائد » بإيران في ١٣٢٢(٤) .

____________

١ ـ قاموس الرجال ٩ : ٤٥٨ [ ٧٠٧٣ ].

٢ ـ خاتمة المستدرك ٣ : ١٣٢ ، وانظر : الذريعة ١٦ : ٣٧٩ [ ١٧٦٤ ].

٣ ـ روضات الجنّات ٦ : ٢١٠.

٤ ـ الذريعة ١٨ : ١٦١ [ ١١٩٥ ] ، وانظر : فهرست التراث ١ : ٥١٩.

٤٣٠

(٥٣) كتاب : التعجّب

الحديث :

في تعجّبه من عدّ أبناء العامّة من أفتى بفتوى سواء قام إليها أم رجع إلى غيرها فهو من فقهاء الأُمّة ، إلاّ الأئمّة من أهل بيت النبوة ( عليهم السلام ) فإنّهم ليسوا عندهم من الفقهاء ، قال : ومن العجب : إنّهم يسمعون قول الرسول ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، فيهجرونهم ولا يرجعون في مسألة من الفقه إليهم(١) .

كتاب التعجّب :

قال الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) : وله تصانيف منها : كتاب « التعجّب » ، كتاب « النوادر » ، أخبرنا الوالد ، عن والده ، عنه رحمهم الله(٢) .

ونسبه إليه ابن شهر آشوب ( ت ٥٨٨ هـ ) في المعالم ، وقال : إنّه حسن(٣) .

____________

١ ـ التعجب : ١٥٠ ، الفصل السابع عشر.

٢ ـ فهرست منتجب الدين : ١٥٤ [ ٣٥٥ ].

٣ ـ معالم العلماء : ١١٨ [ ٧٨٨ ] ، وانظر : جامع الرواة ٢ : ١٥٦ ، رياض العلماء ٥ :

٤٣١

وجعله المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) أحد مصادر كتابه البحار(١) ، وقال : وسائر كتبه في غاية المتانة(٢) .

وقال العلاّمة الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) : ( التعجّب من أغلاط العامّة في مسألة الإمامة ) تأليف العلاّمة الكراجكي ، طبع مع كنز الفوائد له ( سنة ١٣٢٢ ) ذكر فيه مناقضات أقوالهم ومنافرات أفعالهم(٣) .

وطبع بتحقيق فارس حسّون كريم على عدّة نسخ(٤) .

____________

١٣٩ ، روضات الجنّات ٦ : ٢٠٩ [ ٥٧٩ ] ، تنقيح المقال ٣ : ١٥٩ ، معجم رجال الحديث ١٧ : ٣٥٧ [ ١١٣٤٢ ] ، خاتمة المستدرك ٣ : ٢٢٦.

١ ـ البحار ١ : ١٨ ، مصادرالكتاب.

٢ ـ البحار ١ : ٣٥ ، توثيق المصادر.

٣ ـ الذريعة ٤ : ٢١٠ [ ١٠٤٤ ].

٤ ـ التعجّب : ٢١ ، حول الكتاب.

٤٣٢

(٥٤) كتاب : دلائل الإمامة الطبري الصغير

لأبي جعفر محمّد بن جرير بن رستم

الطبري الصغير ( القرن الخامس )

الحديث :

الأوّل : بعد أن أورد خطبة الزهراء عندما غصبوا فدك ، قال :

قال أبو جعفر(١) : نظرت في جميع الروايات فلم أجد فيها أتمّ شرح وأبلغ في الإلزام وأوكد بالحجّة من هذه الرواية ، ونظرت إلى رواية عبد الرحمن بن كثير فوجدته قد زاد في هذا الموضع : أنسيتم قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وبدأ بالولاية : « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى » ، وقوله : « إنّي تارك فيكم الثقلين »(٢) .

وذكر سنده في رواية عبد الرحمن في أوّل خطبة الزهراء ( عليها السلام ) ، هكذا : وأخبرني أبو الحسين محمّد بن هارون بن موسى التلعكبري ، قال : حدَّثنا أبي ( رضي الله عنه ) ، قال : حدَّثنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني ، قال : حدَّثني محمّد بن المفضّل بن إبراهيم بن المفضّل بن قيس الأشعري ، قال : حدَّثنا علي بن حسّان ، عن عمّه عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن الحسين ،

____________

١ ـ هذه اللفظة لا توجد في المخطوطتين من الكتاب وإنّما من المطبوع.

٢ ـ دلائل الإمامة : ١٢٤ ح ٣٦ ، حديث فدك.

٤٣٣

عن عمّته زينب بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليهم السلام )(١) .

الثاني : روى أبو بكر أحمد بن محمّد الخشاب الكرخي ، قال : حدَّثنا زكريّا بن يحيى الكوفي ، قال : حدَّثنا ابن أبي زائدة ، عن أبيه ، قال : حدَّثنا محمّد بن الحسن ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : « لمّا قبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ما ترك إلاّ الثقلين : كتاب الله وعترته أهل بيته ، وكان قد »(٢) .

كتاب دلائل الإمامة ومؤلّفه :

النسخ الموجودة من هذا الكتاب ناقصة الأوّل ، وتبدأ هذه النسخ بستّة عشر حديثاً مسندة إلى الزهراء ( عليها السلام ) ، وأوّلها في النسخ الموجودة ، هكذا : أخبرنا القاضي أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي(٣) .

ولكن كانت هناك نسخة كاملة عند السيّد ابن طاووس ( ت ٦٦٤ هـ ) ، نقل عنها في كتبه روايات تدلّ على أنّ كتاب الدلائل كان يحتوي على دلائل النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) ودلائل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، إضافة إلى ما نقله ممّا هو موجود الآن في الكتاب(٤) .

وقد سمّى السيّد الكتاب بدلائل الإمامة ونسبه إلى محمّد بن جرير الطبري في عدّة مواضع من كتبه(٥) .

____________

١ ـ دلائل الإمامة : ١٠٩ ح ٣٦ ، حديث فدك.

٢ ـ دلائل الإمامة : ١٣١ ح ٤٢ ، خبر منامها قبل وفاتها ( عليها السلام ) ، وعنه في البحار ٤٣ : ٢٠٧ ح ٣٦.

٣ ـ دلائل الإمامة : ٤٤ ، منهج التحقيق ، والذريعة ٨ : ٢٤٦ [ ١٠١٨ ].

٤ ـ انظر : دلائل الإمامة ٤١ ، مقدّمة المحقّق ، ( هذا الكتاب ) ، والذريعة ٨ : ٢٤٤ [ ١٠١٨ ].

٥ ـ انظر : دلائل الإمامة : ٣٨ ، مقدّمة المحقّق ، ( عنوان الكتاب ).

٤٣٤

ومنه أخذ اسم الكتاب ونسبته إلى محمّد بن جرير الطبري الإمامي من جاء بعده كالمجلسي ( ت ١١١١ هـ ) والبحراني ( ت ١١٠٧ هـ ) ; لأنّ نسخهم كانت ناقصة أيضاً(١) .

ولكن بمراجعة أسانيد الكتاب يظهر منه أنّ المؤلّف كان معاصراً للنجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) والشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) أو قبلهما بقليل.

قال العلاّمة الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) : وأمّا محمّد بن جرير صاحب كتاب ( الإمامة ) الذي عقدت له هذه الترجمة ، فيظهر من مشايخه وأسانيده أنّه كان من المعاصرين للطوسي والنجاشي ومتأخّراً عن صاحب ( المسترشد )(٢) ، وقد ألّف ( الإمامة ) بعد ٤١١ التي توفّي فيها ابن الغضائري ، كما حكاه عنه في ( مدينة المعاجز )(٣) في التاسع والستّين من معجزات صاحب الزمان ، بما لفظه : أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري ، قال : نقلت هذا الخبر من أصل بخطّ شيخنا أبي عبد الله الحسين بن الغضائري ( رحمه الله ) ، قال : حدَّثني أبو الحسن علي بن عبد الله القاساني(٤) ، إلى آخر كلامه الصريح في أنّ ابن الغضائري من مشايخه ، وأنّه كتبه عن خطّه بعد وفاته ، وابن الغضائري من أجلّة مشايخ النجاشي والطوسي ، ويروي في الكتاب غالباً عن جماعة هم يروون عن أبي محمّد هارون بن موسى التلعكبري الذي توفّي ٣٨٥ هـ ، وهم : ولده أبو الحسين محمّد بن هارون ، وأبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن الحسن ، وأبو طالب محمّد بن عيسى القطّان ، وأبو عبد الله الحسين بن عبد الله الحرمي ، كما أنّ الطوسي يروي

____________

١ ـ راجع مقدّمة محقّق دلائل الإمامة : ٤٠ ، تحت عنوان ( هذا الكتاب ).

٢ ـ محمّد بن جرير الطبري الكبير.

٣ ـ للسيّد هاشم البحراني.

٤ ـ دلائل الإمامة : ٥٤٥ ح ١٢٨.

٤٣٥

عن جماعة عن التلعكبري ، منهم : ولده الحسين بن هارون بن موسى ، وكذلك النجاشي يروي عنه بواسطة ولده محمّد بن هارون ، وإن ذكر النجاشي أنّه أدرك التلعكبري وكان يحضر مجلسه مع ولده محمّد بن هارون ، لكن ما روى عنه لصغر سنّه يومئذ ; لأنّه ولد النجاشي ٣٧٢ ، فكان في وقت وفاة التلعكبري ابن ثلاثة عشر أو أقل ، ويروي أيضاً في كتاب ( الإمامة ) عن الصدوق المتوفّى ٣٨١ بواسطة تلاميذه ، منهم : أبو الحسن علي بن هبة الله بن عثمان بن الرائقة الموصلي ، صاحب كتاب ( المتمسّك بحبل آل الرسول ) المذكور في ( ص ١٣٢ ) ، كما أنّ الطوسي والنجاشي يرويان عن الصدوق بواسطة واحدة ، ويروي في الكتاب أيضاً عن أبي عبد الله الحسين بن إبراهيم بن عيسى المعروف بابن الخيّاط القمّي الذي هو من مشايخ الطوسي ، وله الرواية عن أحمد بن محمّد بن عيّاش صاحب ( مقتضب الأثر ) المتوفّى ٤٠١ ، ويروي أيضاً عن أخيه المتوفّى قبل تأليف ( الإمامة ) ; لأنّه دعا له برضي الله عنه ، وقال : إنّه قرأ أخوه في ٣٩٥ على ابن البغدادي المولود بسوراء من نواحي بابل(١) ، وهو أبو الحسن أحمد بن علي ، ويروي في الكتاب أيضاً عن أبي المفضّل الشيباني الذي أدركه النجاشي أيضاً(٢) ، ويروي فيه أيضاً عن القاضي أبي الفرج بن المعافي ، المروّج لمذهب ابن جرير العامّي ، انتهى(٣) .

ومن هذا يظهر أنّ مؤلّف كتاب ( دلائل الإمامة ) ليس هو محمّد بن جرير الطبري الإمامي الكبير صاحب ( المسترشد ) الذي ترجم له النجاشي

____________

١ ـ دلائل الإمامة : ٢١٠ ح ٢٤.

٢ ـ دلائل الإمامة : ٢٨٩ ح ٩٢.

٣ ـ طبقات أعلام الشيعة ( القرن الخامس ) ، ٢ : ١٥٣ ، وانظر : الذريعة ٨ : ٢٤١ [ ١٠١٨ ] ، ومقدّمة التحقيق لكتاب دلائل الإمامة ، والأخبار الدخيلة : ٤٣.

٤٣٦

( ت ٤٥٠ هـ )(١) والطوسي ( ت ٤٦٠ هـ )(٢) ، والذي كان معاصراً للطبري العامّي صاحب التاريخ والتفسير في أوائل القرن الرابع(٣) ، بل إنّه يروي عن الكبير بواسطتين ، هما : أبو الحسين محمّد بن هارون ، عن أبيه هارون بن موسى ، عن محمّد بن جرير الطبري(٤) .

وبالانتباه إلى ما ذكرناه سابقاً من أنّ تسمية الكتاب واسم مؤلّفه جاءت فقط من جهة السيّد ابن طاووس ، ومن استبعاد اتّحاد اسم المؤلّف مع اسم مؤلّف ( المسترشد ) بالأب والجدّ واللقب ، وأنّ التمييز بينها فقط بالكبير والصغير ، يحقّ لنا أن نشكّك بهذه النسبة الواردة إلينا من السيّد ابن طاووس.

قال العلاّمة التستري ( ت ١٤١٥ هـ ) : وأمّا تحقيق الكتاب المعروف بدلائل الطبري ، فالذي يغلب على الظنّ أنّ الكتاب كان في تاريخ المعصومين ( عليهم السلام ) ; لأنّه في بيان أحوالهم من مولدهم ومدفنهم وأولادهم وباقي أحوالهم ومعجزاتهم واسمه غير معلوم ، وإنّما يصحّ أن يسمّى بالدلائل إذا كان في خصوص المعجزات ، فعبّر العيون عن باب معجزات الرضا ( عليه السلام ) بباب دلائل الرضا ( عليه السلام ).

والذي وصل إلينا وطبع نسخة ناقصة من أحوال الصديقة ( عليها السلام ) ، وقد كان بتمامه عند ابن طاووس ونقل عنه في نجومه معجزة من أمير

____________

١ ـ رجال النجاشي : ٣٧٦ [ ١٠٢٤ ].

٢ ـ فهرست الطوسي : ٤٤٦ [ ٧١٢ ].

٣ ـ طبقات أعلام الشيعة ( القرن الخامس ) ٢ : ١٥٣ ، وانظر : طبقات أعلام الشيعة ( القرن الرابع ) ١ : ٢٥٠ ، الذريعة ٨ : ٢٤١ [ ١٠١٨ ] ، و ٢١ : ٩ [ ٣٦٩٠ ] ، وما ذكرناه سابقاً في ترجمة صاحب المسترشد ، تنقيح المقال ٢ : ٩١ ، من أبواب الميم ، الأخبار الدخيلة ١ : ٤٣.

٤ ـ دلائل الإمامة : ٤٧٨ ح ٧١ ، دلائل الإمام صاحب الزمان ( عج ).

٤٣٧

المؤمنين ( عليه السلام ) ، كما في ص ١٠٢ ، ومؤلّفه من معاصري الشيخ والنجاشي

ثمّ قال : وأوّل من وهم ـ في ما أعلم ـ أنّ هذا الكتاب لمحمّد بن جرير بن رستم علي بن طاووس ، فنقل في آخر نجومه معجزات عن المعصومين ( عليهم السلام ) ، ونقل عن هذا الكتاب معجزات من الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليهما السلام ) إلى المهدي ( عليه السلام ) ، إلاّ الباقر ( عليه السلام ) ، وفي كلّ من العشرة ، يقول : يروى عن دلائل الإمامة للشيخ محمّد بن رستم الطبري.

ووجه توهّمه أنّه رأى في بعض مواضع الكتاب في أوّل السند ، قال أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري ، وأوّلها في النسخة الموجودة في ذكر معجزات الحسن ( عليه السلام ) ، ثمّ بعده إلى خمسة عشر خبراً ، قال أبو جعفر : حدَّثنا فلان ، وفي معجزات الحسين ( عليه السلام ) ، تسعة أحاديث أيضاً بلفظ قال أبو جعفر : حدَّثنا فلان ، وفي معجزات السجّاد ( عليه السلام ) في عشرة أحاديث ( قال أبو جعفر : وحدَّثنا فلان ) ، وفي معجزات الباقر ( عليه السلام ) في سبعة أحاديث ( قال أبو جعفر : وحدَّثنا فلان ) ، وفي معجزات الصادق ( عليه السلام ) في عشرة أحاديث ( قال أبو جعفر : وحدَّثنا فلان ) ، وفي معجزات الكاظم ( عليه السلام ) في ثمانية أحاديث ( قال أبو جعفر : وحدَّثنا فلان ) ، وفي معجزات الرضا ( عليه السلام ) ( قال أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري : حدَّثنا فلان ) ، ثمّ بعده إلى سبعة أحاديث ( قال أبو جعفر : حدَّثنا فلان ) ، وفي معجزات الجواد ( عليه السلام ) ( قال أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري ) ، ثمّ بعده إلى عشرة أحاديث ( قال أبو جعفر : حدَّثنا فلان ) ، وفي معجزات الهادي ( عليه السلام ) ( قال أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري : حدَّثنا فلان ) ، ثمّ إلى ثلاثة أحاديث ، وفي معجزات العسكري ( عليه السلام ) ( قال أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري : حدَّثنا فلان ،

٤٣٨

عنه ( عليه السلام ) ) ، ثمّ بعده إلى أربعة أحاديث ( قال أبو جعفر ، عنه ( عليه السلام ) ) ، كما تقدّم ، فظنّ أنّ المراد به مصنّف الكتاب كما قد يعبّر القدماء في تصانيفهم عن أنفسهم ، إلاّ أنّ ذلك أعمّ ، فكما يحتمل ذلك ، يحتمل أن يكون كما قد يقال ( قال فلان في كتابه ) نقلا عن آخر ، فهو نظير قوله في الكتاب كثيراً ( روى فلان ) مثلا ، ممّن تقدّم عصره بكثير

ثمّ قال : وتبع ابن طاووس في الوهم من تأخّر عنه كالمجلسي ، فينقل ما في هذا الواصل إلينا ناسباً له إلى محمّد ( محمّد بن جرير بن رستم الطبري ) في دلائله ، إلاّ أنّه حيث رأى أنّ الشيخ والنجاشي لم يعدّا لابن رستم غير ( المسترشد ) ولم يكن ( المسترشد ) وصل إليه ، قال في أوّل بحاره بعد أن ذكر أنّ من مداركه ( دلائل الإمامة للطبري ) ذاك ، قال : ( ويسمّى بالمسترشد )(١) ، وتبعه السيّد البحراني ، فقال في مدينة معاجزه في ذكر مداركه ( وكتاب الإمامة لمحمّد بن جرير بن رستم الطبري ).

ثمّ قال : وكيف كان فالكتاب مشتمل على الغثّ والسمين ، فأكثر فيه من الرواية عن الشيباني ، وقال الشيخ والنجاشي : ضعّف الشيباني جماعة من أصحابنا ، وجلّ أصحابنا ، وقال ابن الغضائري : إنّه كذّاب وضّاع للحديث.

وعن البلوي عن عمارة بن زيد ، وقال الغضائريان : ( سئل البلوي عن عمارة الذي يروي عنه ، فقال : رجل نزل من السماء حدَّثني ثمّ عرج ) ، وزاد الثاني : ( قال الأصحاب : إنّ عمارة بن زيد اسم ما تحته أحد ، وكلّ ما يرويه كذب ، والكذب بيّن في وجه حديثه )(٢) .

____________

١ ـ البحار ١ : ٢٠ ، مصادر الكتاب.

٢ ـ الأخبار الدخيلة ١ : ٤٣ ، وانظر : قاموس الرجال ٩ : ١٥٦ [ ٦٥١٩ ].

٤٣٩

ولكن بعد مدّة وجدتُ في كتاب العدد القويّة لرضيّ الدين علي بن يوسف بن المطهّر الحلّي ( النصف الأوّل من القرن الثامن ) أخ العلاّمة الحلّي أنّه ينقل في الجزء الثاني منه عن كتاب دلائل الإمامة ، تاريخ ولادة الإمام الحسن ( عليه السلام ) ، وهذا نصّ عبارته : في كتاب دلائل الإمامة : ولد أبو محمّد الحسن بن علي ( عليهما السلام ) يوم النصف من شهر رمضان ، سنة ثلاث من الهجرة(١) .

فالشيخ رضيّ الدين علي متأخّر عن ابن طاووس ، فلعلّه رأى النسخة الموجودة في مكتبة ابن طاووس ، ولكنّه كما قرأت في العبارة لم يذكر اسم مؤلّف الكتاب.

وبهذا يظهر ما في كلام العلاّمة التستري الذي نقلناه آنفاً بخصوص اسم الكتاب ، وإن بقى ما في اسم المؤلّف من كلام على قوّته ، فمن المحتمل جدّاً أنّه لم يذكر اسم المؤلّف على النسخة وإلاّ لذكره رضيّ الدين.

وهناك احتمال لم أتحقّق منه ، وهو أنّه قد يكون الشيخ رضيّ الدين علي بن يوسف قد نقل من كتب السيّد ابن طاووس ما نقله عن كتاب الدلائل وسمّاه بما سمّاه به ابن طاووس ، فلا يفيدنا شيء ما ذكره في العدد القويّة من اسم الكتاب ، والله العالم.

____________

١ ـ العدد القويّة : ٢٨ [ ١٠ ].

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568