فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد10%

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد مؤلف:
الناشر: دار الأنصار
تصنيف: السيدة الزهراء سلام الله عليها
الصفحات: 568

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد
  • البداية
  • السابق
  • 568 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 248067 / تحميل: 11090
الحجم الحجم الحجم
فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد

فاطمة الزهراء (عليها السلام) من المهد إلى اللحد

مؤلف:
الناشر: دار الأنصار
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

٣١ -( باب جواز لبس المحرم والمحرمة الثوب المصبوغ بالعصفر وغيره على كراهيّة، تتأكّد فيما فيه شهرة)

[١٠٧٣٢] ١ - دعائم الإسلام: عن الباقرعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « فإن لم يجد فلا بأس بالصبّيغ(١) ما لم يكن بزعفران أو ورس أو طيب(٢) ، وكذلك المحرمة لا تلبس مثل هذا من الصبّيغ(٣) ».

٣٢ -( باب جواز الإحرام في الثوب الملحم على كراهيّة)

[١٠٧٣٣] ١ - الصدوق في المقنع: ولا يجوز أن يحرم في الملحم.

وتقدّم عن كتاب محمّد بن المثنى(١) : قول الصادقعليه‌السلام : « إنّما يكره الملحم ».

٣٣ -( باب جواز لبس المحرم الثوب المصبوغ بالمشق)

[١٠٧٣٤] ١ - الصدوق في المقنع: ولا بأس أن تحرم في ثوب مصبوغ ممشق(١) .

__________________

الباب ٣١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٥.

(١) في المخطوط: بالصبغ، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) في المخطوط: بالصبغ، وما أثبتناه من المصدر.

الباب ٣٢

١ - المقنع ص ٧٢.

(١) تقدم في باب ٣٠ حديث ١.

الباب ٣٣

١ - المقنع ص ٧١.

(١) المشق بالكسر: المغرة، وهو طين أحمر، ومنه ثوب ممشق أي مصبوغ به.(مجمع البحرين ج ٥ ص ٢٣٦).

٢٢١

٣٤ -( باب جواز لبس المحرم ثوباً مصبوغاً بالطيب إذا ذهب ريحه، وتحريم لبسه مع بقاء الريح، وكذا اللحاف)

[١٠٧٣٥] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : أنه نهى أن يتطيّب من أراد الإحرام، بطيب تبقى رائحته عليه بعد الإحرام.

[١٠٧٣٦] ٢ - الصدوق في المقنع: فإن كان عندك ثوب مصبوغ بالزعفران، وأحببت ان تحرم فيه، فاغسله حتى يذهب ريحه، ويضرب إلى البياض.

٣٥ -( باب جواز لبس المحرم القبا مقلوباً في الضرورة، ولا يدخل يديه في كمّيه)

[١٠٧٣٧] ١ - بعض نسخ الرضوي: « ولا تلبس قميصاً - إلى أن قال - ولا القبا، إلّا أن يكون مقلوباً، إن لم تجد غيره ».

[١٠٧٣٨] ٢ - الصدوق في المقنع: ون اضطررت إلى لبس القبا وأنت محرم، [ و ](١) لم تجد ثوباً غيره، فالبسه مقلوباً، ولا تدخل يديك في يدي القبا.

__________________

الباب ٣٤

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٩٩.

٢ - المقنع ص ٧١.

الباب ٣٥

١ - بعض نسخ الرضوي، عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٠.

٢ - المقنع ص ٧١.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢٢٢

٣٦ -( باب ان من لبس قميصاً بعد ما أحرم، وجب أن يخرجه من قدميه ولو بالشقّ، وإن لبسه ثم أحرم فيه نزعه من رأسه)

[١٠٧٣٩] ١ - الصدوق في المقنع: وإن لبست قميصاً فشقّه، وأخرجه من تحت قدميك.

[١٠٧٤٠] ٢ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام : « أنه سئل عن المحرم إذا أحرم وعليه قميص؟ قال: ينزعه ولا يشقّه ولم يأمر بكفّارة ».

٣٧ -( باب انه يجوز للمحرم أن يشدّ على وسطه النفقة، والهميان، والمنطقة)

[١٠٧٤١] ١ - الصدوق في المقنع: ولا بأس للمحرم أن يلبس الهميان، فيشدّ على بطنه المنطقة التي فيها نفقته.

٣٨ -( باب تحريم النقاب للمرأة والبرقع وتغطية الوجه، وجواز إرخاء الثوب على وجهها إلى فمها، وإن كانت راكبة فإلى نحرها مع الحاجة)

[١٠٧٤٢] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

__________________

الباب ٣٦

١ - المقنع ص ٧٢.

٢ - الجعفريات ص ٦٩.

الباب ٣٧

١ - المقنع ص ٧٤.

الباب ٣٨

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٩٩.

٢٢٣

قال في حديث: « والمرأة تلبس الثباب، وتغطي رأسها، وإحرامها في وجهها، وترخي عليه الرداء شيئاً من فوق رأسها » الخبر.

[١٠٧٤٣] ٢ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا بأس أن تسدل المرأة المحرمة الثوب على وجهها حتى يبلغ نحرها، إذا كانت راكبة ».

وفي موضع آخر: « ومن كان معكم من النساء فليصنعن كما تصنعون، ويسدلن الثياب على وجوههن سدلاً، إن أردن ذلك إلى النحر ».

[١٠٧٤٤] ٣ - الصدوق في المقنع: ولا يجوز للمرأة أن تتنقب، لأن إحرام المرأة في وجهها، وإحرام الرجل في رأسه، قال: ولا بأس أن تسدل الثوب على وجهها، من أعلاه إلى النحر، إذا كانت راكبة.

[١٠٧٤٥] ٤ - وقال في موضع آخر: ويكره النقاب، ولا بأس ان تسدل الثوب على وجهها إلى طرف الأنف قد ما تبصر، وإن مرّ بها رجل استترت منه بثوبها، ولا تستتر بيدها من الشمس.

٣٩ -( باب جواز لبس المحرمة الحلي المعتاد لها ولو ذهباً لغير الزينة، وتحريم إظهاره للرجل حتى الزوج، وتحريم لبسها لغير المعتاد منه)

[١٠٧٤٦] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

__________________

٢ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام ص ٧٥، عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٤.

٣ - المقنع ص ٧٢.

٤ - المقنع ص ٧٢.

الباب ٣٩

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٥ (عن أبي جعفر محمّد بن علي).

٢٢٤

قال في حديث في المحرمة: « ولا بأس أن تلبس الحلي، ما لم تظهر به للرجال وهي محرمة ».

[١٠٧٤٧] ٢ - الصدوق في المقنع: والمرأة تلبس ما شاءت من الثياب، غير الحرير والقفازين.

قال: ولا تلبس المحرمة الحلي، ولا الثياب المصبغة، إلّا صبغاً لا يردع(١) .

قال: ولا بأس أن تلبس الخزّ والقزّ، ولا [ بأس أن ](٢) تلبس المرأة القميص وتزر عليها، والديباج، وتلبس المسك(٣) ، والخلخالين.

٤٠ -( باب جواز لبس السراويل للمحرم إذا لم يجد إزاراً، وللمحرمة مطلقاً)

[١٠٧٤٨] ١ - بعض نسخ الرضوي: « ولا تلبس قميصاً ولا سراويل - إلى أن قال - وإذا لم يجد ما يتزر، يشق السراويل يجعلها مثل الثياب يتزّر به » الخبر.

[١٠٧٤٩] ٢ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن

__________________

٢ - المقنع ص ٧٢.

(١) المزعفرة التي تردع على الجلد اي تنفض صبغها عليه، وثوب رديع: مصبوغ بالزعفران (النهاية ج ٢ ص ٢١٥).

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) المسَكَة: السوار. والجمع مَسَك (النهاية ج ٤ ص ٣٣١).

الباب ٤٠

١ - بعض نسخ الرضوي، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٠.

٢ - الجعفريات ص ٦٤.

٢٢٥

جده علي بن الحسينعليهم‌السلام : « إن أزواج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله [ كن ](١) إذا خرجن حاجّات خرجن بعبيدهن [ معهن ](٢) عليهن الثيابين والسراويلات ».

[١٠٧٥٠] ٣ - وبهذا الإسناد: عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : المحرم إذا لم يجد الرداء يلبس القميص، وإذا لم يجد الإزار يلبس السراويل ».

[١٠٧٥١] ٤ - الصدوق في المقنع: وتلبس السراويل وهي محرمة، لأنّها تريد بذلك الستر.

٤١ -( باب تحريم لبس الخفّين والجوربين على المحرم إلّا في الضرورة، فيشقّ عن ظهر القدم)

[١٠٧٥٢] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، في حديث: أنه نهى أن يلبس المحرم خفّاً، أو(١) جورباً، أو قفازاً أو برقعاً الخبر.

[١٠٧٥٣] ٢ - وعن أبي جعفر محمّد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال:

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٣ - الجعفريات ص ٦٩.

٤ - المقنع ص ٧٢.

الباب ٤١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٩٩.

(١) في المصدر: ولا كذا في الموردين الآتين.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٥.

٢٢٦

« لا بأس للمحرم إذا لم يجد نعلاً و(١) احتاج إلى الخفّ(٢) ، أن يلبس خفّاً دون(٣) الكعبين ».

[١٠٧٥٤] ٣ - الجعفريات: بالسند المتقدم عن عليعليه‌السلام ، قال: « رخّص رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للمحرم إذا لم يصب النعلين، أن يحرم في خفّين ما دون الكعبين ».

[١٠٧٥٥] ٤ - وبهذا الإسناد: عن عليعليه‌السلام ، قال: « إذا احتاج المحرم إلى الخفين فليلبسهما، وليقطعهما ».

[١٠٧٥٦] ٥ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن المحرم أيلبس الخفين والجوربين إذا اضطرّ إليهما؟ قال: فقال: « نعم ».

[١٠٧٥٧] ٦ - الصدوق في المقنع: ولا بأس أن يلبس المحرم الجوربين والخفّين، إذا اضطر إليهما.

٤٢ -( باب عدم جواز عقد المحرم ثوبه إلّا إذا اضطر إلى ذلك لقصره، وجملة من أحكام الإزار والمئزر)

[١٠٧٥٨] ١ - الصدوق في المقنع: ولا يجوز للمحرم أن يعقد إزاره في عنقه.

__________________

(١) في المصدر: أو.

(٢) وفيه: الخفين.

(٣) وفيه زيادة: ما.

٣ - الجعفريات ص ٦٩.

٤ - الجعفريات ص ٦٩.

٥ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٣٢.

٦ - المقنع ص ٧٢.

الباب ٤٢

١ - المقنع ص ٧٤.

٢٢٧

٤٣ -( باب جواز لبس المحرم السلاح عند الخوف)

[١٠٧٥٩] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « وإذا احتاج المحرم إلى لبس السلاح لبسه ».

[١٠٧٦٠] ٢ - الصدوق في المقنع: ولا بأس أن يلبس المحرم السلاح إذا خاف.

٤٤ -( باب تحريم تغطية الرجل رأسه إذا أحرم، وكذا الأُذنان، دون الوجه، وأنّ من غطّى رأسه ناسياً وجب أن يطرح الغطاء، ويستحب تجديد التلبية)

[١٠٧٦١] ١ - بعض نسخ الرضوي: « ولا بأس أن تغتسل وأنت محرم، وأن تصبّ الماء على رأسك، وتغطي(١) وجهك ولا تغطّي رأسك ».

[١٠٧٦٢] ٢ - الصدوق في المقنع: وروي: لا يتغطّى المحرم(١) من البرد والحرّ.

قال: وإذا غطّى المحرم رأسه ساهياً أو ناسياً، فليلق القناع وليلبّ، وليس عليه شئ.

__________________

الباب ٤٣

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٥.

٢ - المقنع ص ٧٢.

الباب ٤٤

١ - بعض نسخ الرضوي، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٠.

(١) في البحار: وغطّ.

٢ - المقنع ص ٧٤.

(١) في المخطوط: الرجل، وما أثبتناه من المصدر.

٢٢٨

٤٥ -( باب جواز تغطية المحرم رأسه في الضرورة، ويلزمه الفداء)

[١٠٧٦٣] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه: « أن علياّعليهم‌السلام ، سئل عن الأقرع والأصلع، ومن يتخوّف البرد على رأسه إذا هو أحرم، ومن به قروح في رأسه فيتخوف عليه البرد؟ قال له: فليكّفر بما سمّاه الله تبارك وتعالى في كتابه، قوله تعالى:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) (١) صيام ثلاثة أيام، أو صدقة ثلاثة أصوع على ستّة مساكين، أو نسك وهي شاة، ليضع القلنسوة على رأسه أو العمامة ».

[١٠٧٦٤] ٢ - وبهذا الإسناد: عن جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: « بينما عليعليه‌السلام في طريق مكّة إذ أبصر ناقة معقولة، فقال: ناقة أبي عبد اللهعليه‌السلام وربّ الكعبة، فعدل فإذا الحسين بن عليعليهما‌السلام محرم محموم عليه دثار، فأمر به عليعليه‌السلام فحجم، وعصّب رأسه، وساق عنه بدنة ».

__________________

الباب ٤٥

١ - الجعفريات ص ٦٨.

(١) البقرة ٢: ١٩٦.

٢ - الجعفريات ص ٦٨.

٢٢٩

٤٦ -( باب جواز وضع المحرم عصام القربة على رأسه عند الحاجة)

[١٠٧٦٥] ١ - الصدوق في المقنع: ولا بأس أن يضع المحرم عصام(١) القربة على رأسه إذا استسقى.

٤٧ -( باب تحريم الارتماس على المحرم بحيث يغطي الماء رأسه)

[١٠٧٦٦] ١ - الصدوق في المقنع: ولا يرتمس المحرم في الماء، ولا الصائم.

٤٨ -( باب جواز نوم المحرم على وجهه)

[١٠٧٦٧] ١ - الصدوق في المقنع: ولا بأس أن ينام المحرم على وجهه، وهو على راحلته.

٤٩ -( باب كراهة تغطية المحرم وجهه في غير النوم، وجواز مسحه بالمنديل)

[١٠٧٦٨] ١ - بعض نسخ الرضوي: « ويكره للمحرم أن يجوز ثوبه فوق

__________________

الباب ٤٦

١ - المقنع ص ٧٤.

(١) العصام: رباط القربة وسيرها الذي تحمل به (لسان العرب ج ١٢ ص ٤٠٧).

الباب ٤٧

١ - المقنع ص ٧٤.

الباب ٤٨

١ - المقنع ص ٧٤.

الباب ٤٩

١ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٤.

٢٣٠

أنفه، ولا بأس أن يمدّ ثوبه حتى يبلغ أنفه ».

وقال:عليه‌السلام (١) : « ومن مسح وجهه بثوبه وهو محرم، لم يكن عليه شئ ».

٥٠ -( باب تحريم الحجامة على المحرم إلّا للضرورة، فيحتجم بغير حلق ولا جز)

[١٠٧٦٩] ١ - كتاب محمّد بن المثنى الحضرمي: عن جعفر بن شريح الحضرمي، عن ذريح المحاربي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن المحرم هل يحتجم؟ قال: « نعم إذا خشي الدم » فقلت: إنّما يحرم من العقيق، وإنما هي ليلتين، قال: « إن الحجامة تختلف، وقال: إن أخذ الرجل الدوران فليحتجم ».

[١٠٧٧٠] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « إذا احتاج المحرم إلى الحجامة فليحتجم، ولا يحلق موضع المحاجم ».

[١٠٧٧١] ٣ - بعض نسخ الرضوي: « ولا بأس أن يحتجم المحرم، إذا خاف على نفسه ».

[١٠٧٧٢] ٤ - الصدوق في المقنع: ولا بأس أن يحتجم المحرم، إذا خاف على نفسه، ولا يحلق قفاه.

__________________

(١) بعض نسخ الرضوي ص ٧٢.

الباب ٥٠

١ - كتاب محمّد بن المثنى الحضرمي ص ٨٥.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٤.

٣ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٧.

٤ - المقنع ص ٧٣.

٢٣١

٥١ -( باب تحريم تظليل المحرم على نفسه سائراً، وجوازه في الضرورة خاصّة، ويلزمه الفداء)

[١٠٧٧٣] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : أنه كره للمحرم أن يستظلّ في المحمل إذا سار، إلّا من علّة.

[١٠٧٧٤] ٢ - أحمد بن محمّد بن عيسى في نوادره: عن ابن بزيع، عن أبي الحسنعليه‌السلام ، قال: سأله رجل وأنا حاضر، عن المحرم يظلّ من علّة؟ قال: « يظلّ ويفدي ».

ثم قال موسىعليه‌السلام : « إذا أردنا ذلك ظللنا وفدينا ».

[١٠٧٧٥] ٣ - بعض نسخ الرضوي: روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من يحرم يضح للشمس حتى تغرب، إلّا غربت بذنوبه حتى تعريه كما ولدته(١) أمّه ».

[١٠٧٧٦] ٤ - الصدوق في المقنع: ولا يجوز للمحرم أن يركب في القبّة إلّا أن يكون مريضاً، وأمّا النساء فلا بأس.

قال: ولا بأس أن يضرب على المحرم الظلال، ويتصدق بمدّ لكلّ يوم.

وقال: ولا بأس أن يظل المحرم على محمله إذا كانت به علّة، أو

__________________

الباب ٥١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٥.

٢ - نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى ص ٦٢.

٣ - بعض نسخ الرضوي: وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤١ ح ١٥.

(١) كذا في البحار، وفي المخطوط: ولدت.

٤ - المقنع ص ٧٤.

٢٣٢

خاف المطر، وإذا(١) أصابه حرّ الشمس وتأذّى به، فلا بأس أن يستتر بطرف ثوبه(٢) ، ما لم يصيب رأسه(٣) .

٥٢ -( باب جواز تظليل النساء والصبيان في الإحرام)

[١٠٧٧٧] ١ - أحمد بن محمّد بن عيسى في نوادره: عن أبي بصير، قال: سألته عن المرأة تضرب عليها الظلال وهي محرمة؟ قال: « نعم » قلت: فالرجل يضرب عليه الظلال وهو محرم؟ قال: « نعم إذا كانت به شقيقة(١) ، ويتصدق بمدّ لكلّ يوم ».

[١٠٧٧٨] ٢ - وعن صفوان، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « لا يركب المحرم في القبّة، وتركب المحرمة ».

[١٠٧٧٩] ٣ - الصدوق في المقنع: ولا بأس أن تستظلّ المرأة وهي محرمة.

قال: ولا بأس أن تضرب(١) القبّة على النساء والصبيان، وهم محرمون.

__________________

(١) في المصدر: فإذا.

(٢) وفيه: رأسه.

(٣) وفيه: رأسه.

الباب ٥٢

١ - نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى ص ٦٢، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ١٧٩ ح ١٢.

(١) الشقيقة: صداع يأخذ في نصف الرأس والوجه (لسان العرب (شقق) ج ١٠ ص ١٨٣).

٢ - نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى ص ٧٢، وفي البحار ج ٩٩ ص ١٧٩ ح ١٣.

٣ - المقنع ص ٧٤.

(١) في المخطوط: يضرب، وما أثبتناه من المصدر.

٢٣٣

٥٣ -( باب جواز تظليل الرجل المحرم إذا نزل، ودخول الخباء والبيت)

[١٠٧٨٠] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : أنه رخّص له - يعني للمحرم - في الاستظلال إذا نزل.

[١٠٧٨١] ٢ - بعض نسخ الرضوي: « ولا بأس بالمظلّة للمحرم في مذهبنا، ومن العلماء من يكره هذا ».

٥٤ -( باب جواز مشي المحرم تحت ظلّ المحمل بحيث لا يعلو رأسه، وجواز ستر بعض جسده ببعض وبثوبه في الضرورة، وركوبه في المحمل)

[١٠٧٨٢] ١ - بعض نسخ الرضوي: « ولا بأس أن يضع المحرم ذراعه على رأسه من حرّ الشمس: ولا بأس أن يستر جسده بعضه ببعض ».

[١٠٧٨٣] ٢ - الصدوق في المقنع: ولا بأس أن يمشي تحت ظلّ المحمل، ولا بأس أن يضع ذراعيه على وجهه من حرّ الشمس.

__________________

الباب ٥٣

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٥.

٢ - بعض نسخ الرضوي، عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤١.

الباب ٥٤

١ - بعض نسخ الرضوي:

٢ - المقنع ٧٤.

٢٣٤

٥٥ -( باب انه يجوز للمحرم أن يتداوى عند الحاجة، بما يحلّ له لا بما يحرم)

[١٠٧٨٤] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : أنه رخّص للمحرم في الكحل - إلى أن قال - ورخّص له في السواك، والتداوي بكلّ ما يحلّ له أكله، ما لم يكن فيه طيب.

[١٠٧٨٥] ٢ - الصدوق في المقنع: وإذا خرجت(١) بالمحرم جروح، فلا بأس أن يتداوى بدواء فيه زعفران، إذا كان ريح الأدوية غالبة على الزعفران، وإذا كانت ريح الزعفران غالبة على الدواء فلا يجوز أن يتداوى به.

٥٦ -( باب انه يجوز للمحرم في الضرورة عصب عينيه ورأسه وجسده، وعصر الدمّل، وقطع البثور ونحوها، وسد الأُذن)

[١٠٧٨٦] ١ - بعض نسخ الرضوي: « وإن صدع رأسك لا بأس أن تعصب على رأسك خرقة. و(١) قال: ولا بأس بأن(٢) يعصر الدمّل، ويربط القرحة ».

__________________

الباب ٥٥

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٤.

٢ - المقنع ص ٧٣.

(١) في المصدر: جرحت.

الباب ٥٦

١ - بعض نسخ الرضوي، عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٠.

(١) فقه الرضا عليه‌السلام ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٧.

(٢) في المصدر: إن.

٢٣٥

[١٠٧٨٧] ٢ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه: « أنّ عليّاًعليهم‌السلام سئل عن الأقرع والأصلع، ومن يتخوّف البرد على رأسه إذا هو أحرم، ومن به قروح في رأسه فيتخوّف عليه البرد؟ قال له: فليكفّر - إلى أن قال - ليضع القلنسوة على رأسه، أو العمامة ».

[١٠٧٨٨] ٣ - الصدوق في المقنع: ولا بأس أن يعصر المحرم الدمّل، ويربط عليه الخرقة، وكذلك إذا كانت به شجّة أو كانت في جسده(١) قروح، فلا بأس أن يداويها، ويعصبها بخرقة.

٥٧ -( باب تحريم اخراج الدم، وإزالة الشعر، للمحرم إلّا في الضرورة)

[١٠٧٨٩] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « إذا حلق المحرم رأسه جزى » الخبر.

[١٠٧٩٠] ٢ - وعن علي بن أبي طالب، ومحمّد بن علي، وجعفر بن محمّدعليهم‌السلام : إنّ المحرم ممنوع من الصيد - إلى أن قال -: (وحلق الرأس)(١) .

__________________

٢ - الجعفريات ص ٦٨.

٣ - المقنع ص ٧٤.

(١) في المخطوط: خدّه، وما أثبتناه من المصدر.

الباب ٥٧

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٤.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٣.

(١) في المصدر: وأخذ الشعر.

٢٣٦

[١٠٧٩١] ٣ - بعض نسخ الرضوي: « ولا يأخذ المحرم شيئاً من شعره ».

٥٨ -( باب انه يجوز للمحرم أن يشدّ العمامة على بطنه على كراهة، ولا يرفعها إلى صدره)

[١٠٧٩٢] ١ - الصدوق في المقنع: ولا بأس أن يشدّ العمامة على بطنه، ولا يرفعها إلى صدره.

[١٠٧٩٣] ٢ - بعض نسخ الرضوي: عن أبيهعليه‌السلام ، أنه قال: « لقد مرّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، على المشاة وهم بكراع(١) الغميم فشكوا إليه الجهد والإعياء، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : شدّوا أزركم واستبطنوا » الخبر.

وتقدم عن المفيد في الإرشاد(٢) : ما يقرب منه.

٥٩ -( باب جواز حكّ الجسد في الإحرام والسواك، ما لم يخرج دم أو يسقط شعر)

[١٠٧٩٤] ١ - الصدوق في المقنع: وإذا حككت رأسك فحكّه حكّاً (رفيقاً، ولا تحكّه)(١) بالأظفار ولكن بأطراف الأصابع.

__________________

٣ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٤ وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٩ ح ٣٢.

الباب ٥٨

١ - المقنع ص ٧٤.

٢ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٤ وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٠ ح ٣٩.

(١) في المصدر: بكرع. كراع الغميم: موضع بناحية الحجاز بين مكة والمدينة، وهو واد أمام عسفان بثمانية أميال، وهذا الكراع جبل أسود في طرف الحرة (معجم البلدان ج ٤ ص ٤٤٣).

(٢) تقدم في الحديث ٣ من الباب ٤٠ من أبواب آداب السفر إلى الحج.

الباب ٥٩

١ - المقنع ص ٧٥.

(١) في المصدر: رقيقاً ولا تحك.

٢٣٧

[١٠٧٩٥] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، في حديث: أنّه رخّص له - أي للمحرم - في السواك.

٦٠ -( باب جواز اغتسال المحرم من غير أن يدلك جسده)

[١٠٧٩٦] ١ - الصدوق في المقنع: ولا بأس (أن يغتسل)(١) بالماء ويصبّ على رأسه ما لم يكن ملبّداً، فإن كان ملبّداً فلا يفيض على رأسه الماء إلّا من احتلام.

[١٠٧٩٧] ٢ - بعض نسخ الرضوي: ولا بأس أن تغتسل وأنت محرم، وأن تصبّ الماء على رأسك، وتغطي(١) وجهك، ولا تغطّ رأسك.

٦١ -( باب جواز دخول المحرم الحمام من غير أن يدلك جسده)

[١٠٧٩٨] ١ - بعض نسخ الرضوي: « ولا بأس للمحرم أن يدخل الحمام ».

[١٠٧٩٩] ٢ - الصدوق في المقنع: ولا بأس أن يدخل المحرم الحمام، ولكن لا يتدلّك.

__________________

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٥.

الباب ٦٠

١ - المقنع ص ٧٥.

(١) في المصدر: بأن تغتسل.

٢ - بعض نسخ الرضوي، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٠.

(١) في البحار: وغلط.

الباب ٦١

١ - بعض نسخ الرضوي، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٠.

٢ - المقنع ص ٧٥.

٢٣٨

٦٢ -( باب تحريم تقليم الأظفار للمحرم وإن طالت، إلّا أن تؤذيه فيقلّمها ويكفّر)

[١٠٨٠٠] ١ - دعائم الإسلام: عن علي بن أبي طالب: ومحمّد بن علي، وجعفر بن محمّدعليهم‌السلام أنّهم قالوا: « إنّ المحرم ممنوع من الصيد - إلى أن قال - وتقليم الأظفار ».

[١٠٨٠١] ٢ - بعض نسخ الرضوي: « ومن طالت أظافيره وتكسّرت لم يقصّ منها شيئاً، فإن كانت تؤذيه فليقطعها، وليطعم مكان كلّ ظفر قبضة من طعام ».

٦٣ -( باب تحريم قتل المحرم هوام الجسد كالقمّل ورميها، وجواز نقلها ورمي سواها)

[١٠٨٠٢] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه: « أن عليّاًعليهم‌السلام سئل عن محرم قتل قملة؟ قال: كلّ شئ يتصدق به فهو خير منها، التمرة خير منها ».

[١٠٨٠٣] ٢ - الصدوق في المقنع: والمحرم يلقي(١) عنه الدواب كلّها إلّا

__________________

الباب ٦٢

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٣.

٢ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٧ ح ٢٢.

الباب ٦٣

١ - الجعفريات ص ٧٥.

٢ - المقنع ص ٧٥.

(١) في المصدر: تلقى.

٢٣٩

القملة فإنّها من جسده، وإن أحبّ أن ينقل قمّلة من مكان إلى مكان فلا يضرّ.

٦٤ -( باب جواز قتل المحرم ولو في الحرم كلّ ما يخافه على نفسه دون ما لا يخافه، وتحريم قتل الدواب كلّها إلّا ما استثني)

[١٠٨٠٤] ١ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أباح قتل الفأرة في الحرم والإحرام ».

[١٠٨٠٥] ٢ - وعن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « لا بأس بقتل(١) المحرم الذئاب والنسر والحداة والفأرة، والحيّة، والعقرب، وكلّما يخاف أن يعدو عليه ويخشاه على نفسه ويؤذيه، مثل الكلب العقور، والسبع، وكلّما يخاف أن يعدو عليه ».

[١٠٨٠٦] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا بأس للمحرم أن يقتل الحيّة، والعقرب، والفأرة، ولا بأس برمي الحداة ».

[١٠٨٠٧] ٤ - وفي بعض نسخه: « ولا بأس في قتل الحيّة والعقرب، والفأرة، والحداة، والغراب، والكلب العقور، وقد رخّص

__________________

الباب ٦٤

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٠.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٠.

(١) في المصدر: أن يقتل.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩.

٤ - بعض نسخ الوضوي:، عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٠.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

جاهلين.

ولماذا ما جاءنا عليٌّ ليذكِّرنا، ليخبرنا، ليعرّفنا الحق والحقيقة؟

ولهذا كان عليّعليه‌السلام يحمل السيدة فاطمة الزهراء على أتان(١) ، فيدور بها أربعين صباحاً على بيوت المهاجرين والأنصار، والحسن والحسين معها، وهي تقول:

(يا معشر المهاجرين والأنصار، انصروا الله وابنة نبيّكم، وقد بايعتم رسول الله يوم بايعتموه أن تمنعوه وذرّيته ممّا تمنعون منه أنفسكم وذراريكم.

فَفوا لرسول الله ببيعتكم!)

فما أعانها أحد، ولا أجابها ولا نصرها.

فانتهت إلى معاذ بن جبل فقالت: يا معاذ بن جبل! إنّي قد جئتك مستنصرة، وقد بايعتَ رسولَ الله على أن تنصره وذرّيّته، وتمنعه ممّا تمنع منه نفسك وذرّيّتك، وإنّ أبا بكر قد غصبني على فدك وأخرج وكيلي منها.

قال: فَمعي غيري؟

قالت: لا، ما أجابني أحد.

قال: فأين أبلغ أنا مَن نصرك؟

خرجت السيدة من دار معاذ وهي تقول له: والله لا أُنازعنّك الفصيح من رأسي حتى أرِدَ على الرسول الله.

ودخل ابن معاذ فقال لأبيه: ما جاء بابنة محمد إليك؟

قال: جاءت تطلب نصرتي على أبي بكر، فإنّه أخذ منها فدكاً.

قال: فما أجبتها؟

قال: قلت: وما يبلغ نصرتي أنا وحدي؟

قال: فأبيت أن تنصرها؟

____________________

(١) الأتان: الحمارة.

٤٨١

قال: نعم!

قال: فأيّ شيء قالت لك؟

قال: قالت لي: والله لا أُنازعنّك الفصيح من رأسي حتى أرِدَ على رسول الله.

فقال: أنا والله لا أُنازعنّك الفصيح من رأسي حتى أرد على رسول الله.

وذكر ابن قتيبة الدينوري في (الإمامة والسياسة) ص١٩: قال: وخرج علي (كرّم الله وجهه) يحمل فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على دابّة ليلاً في مجالس الأنصار تسألهم النصرة، فكانوا يقولون يا بنت رسول الله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، ولو أنّ زوجك وابن عمّك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به.

فيقول عليّ (كرّم الله وجهه) أفكنت أدَع رسولَ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في بيته لم أدفنه، وأخرج أُنازع الناس سلطانه؟

فقالت فاطمة: ما صنع أبو الحسن إلاّ ما كان ينبغي له، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم.

٤٨٢

فاطمة الزهراءعليها‌السلام في بيت الأحزان

لا أعلم ما كان تأثير بكاء السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام في النفوس المريضة حتى شعروا بالانزعاج؟!

وهل بكاء امرأة جالسة في بيتها يسلب الراحة من أُولئك الشخصيات الفذّة ‍‍؟!

لقد اجتمع شيوخ أهل المدينة وأقبلوا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام وقالوا له: يا أبا الحسن إنّ فاطمة تبكي الليل والنهار فلا أحد منّا يهنأ بالنوم في الليل على فُرشنا، ولا بالنهار لنا قرار على أشغالنا وطلب معايشنا، وإنّا نخبرك أن تسألها إمّا أن تبكي ليلاً أو نهاراً.

فأقبل الإمام عليّ حتى دخل على فاطمة الزهراء وهي لا تفيق من البكاء، ولا ينفع فيها العزاء، فلمّا رأته سكنت هنيئة فقال لها: يا بنت رسول الله إنّ شيوخ المدينة يسألونني أن أسألك إمّا أن تبكي أباك ليلاً وإمّا نهاراً.

فقالت: يا أبا الحسن ما أقلّ مكثي بينهم! وما أقرب مغيبي من بين أظهرهم، فو الله لا أسكت ليلاً ولا نهاراً أو أُلحق بأبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقالعليه‌السلام : افعلي يا بنت رسول الله ما بدا لكِ(١) .

نعم، إنّ شيوخ المدينة لا يعرفون حق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقدره ومنزلته، فلو كانوا يعرفون ذلك لكانوا يشاركون ابنته

____________________

(١) بحار الأنوار ج٤٣.

٤٨٣

الوحيدة في البكاء ويساعدونها في ذرف الدموع على أشرف ميت وأعزّ فقيد.

ويا ليتهم حين لم يشاركوها ولم يساعدوها كانوا يسكتون ولا يمنعونها عن البكاء على مصائبها العظيمة.

ولكنّهم معذورون؛ لأنّ السياسة فرضت عليهم أن يمنعوا حبيبة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن البكاء على سيّد الأنبياء!

يحق للسيدة فاطمة أن لا تمتنع عن البكاء على تلك الفاجعة العظمى والكارثة الكبرى لأجل أُناس لهم غايات وأهداف يعلمها الله تعالى.

فبنى لها الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام بيتاً نازحاً عن المدينة سُمّي (بيت الأحزان )، وكانت إذا أصبحت قدّمت الحسن والحسين أمامها، وخرجت إلى البقيع باكية فلا تزال بين القبور باكية، فإذا جاء الليل أقبل أمير المؤمنين إليها وساقها بين يديه إلى منزلها.

فليهنأ أُولئك المنزعجون عن بكاء فاطمة!! ولترتاح ضمائرهم، وليناموا على فُرشهم ليلاً نومة عميقة هنيئة بدون أن يشعروا بالأذى من بكاء فاطمة العزيزة.

ونرى - هنا - الشعراء يشيرون إلى هذه المأساة التي يظهر فيها الجفاء بأسوأ منظر:

يقول أحدهم:

منعوا البتول عن النياحة إذ

غدت تبكي أباها ليلها ونهارها

قالوا لها: قَرّي فقد آذيتنا

أنّى؟ وقد سلب المصاب قرارها

____________________

(١) قال السمهودي في تاريخ المدينة ج ٢ ص ٩٥: إنّ الغزالي ذكر استحباب الصلاة في مسجد فاطمةعليها‌السلام بالبقيع، وقال غيره: انه المعروف بـ (بيت الحزن) لأن فاطمةعليها‌السلام اقامت فيه أيام حزنها على أبيها.

٤٨٤

ويقول الآخر:

والقائلين لفاطمٍ: آذيتنا

من طول نَوحٍ دائمٍ وحنينِ

وقد رأى أحد علمائنا - وهو السيد باقر الهندي - في المنام الإمام المهدي المنتظرعليه‌السلام فقال له الإمام مشيراً إلى هذه المأساة:

أتراني اتخذتُ لا وعلاها

بعد بيت الأحزان بيت سرور؟

٤٨٥

فاطمة الزهراءعليها‌السلام طريحة الفراش

أسفي عليها.

أسفي على شبابها، أسفي على آلامها، أسفي على قلبها المتوقّد الملتهب.

أسفي على خاطرها المنكسر.

صارت طريحة الفراش، أخذ المرض والهزال منها كل مأْخذ.

واستولى الذبول على تلك الزهرة الزهراء.

إنّها لا ترجو العلاج والدواء، ولا تأمل في البقاء.

إنّها تنتظر الموت، تنتظر التخلّص من هذه الحياة.

تتمنّى أن تلتحق بأبيها الرسول.

لقد اقتربت شمسها نحو الغروب.

لقد كادت شمعة الرسول أن تنطفئ.

لقد ضاقت الدنيا وضُيّقت عليها.

تنظر إلى زوجها العظيم، جليس الدار، مسلوب الإمكانيات، مغصوباً حقّه وإلى أملاكها قد صودرت، وإلى أموالها قد غُصبت.

استغاثت فلم يغثها أحد، واستنصرت فلم ينصرها أحد.

منعوها عن البكاء على أبيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أشرف الآباء.

٤٨٦

وعن الإمام الباقرعليه‌السلام أنّه كان من دعائها في شكواها: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث فأغثني، اللّهمّ زحزحني عن النار وأدخلني الجنّة وألحقني بأبي محمّد.

فإذا قال لها أمير المؤمنين: عافاكِ الله وأبقاكِ. تقول: يا أبا الحسن ما أسرع اللحاق برسول الله(١) .

وعن الإمام زين العابدين عن أبيه الحسينعليهما‌السلام قال: لما مرضت فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصَّت إلى عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام أن يكتم أمرها ويخفي خبرها، ولا يؤذن أحداً بمرضها، ففعل ذلك، وكان يمرّضها بنفسه وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس على استسرار بذلك... إلى آخر الحديث(٢) .

يستفاد من هذا الحديث مدى تألُّم السيدة فاطمة الزهراء من ذلك المجتمع الذي عرفت موقفه اتجاه بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقد يكون الاستياء عميقاً، في النفس كالجرح الغائر في البدن الذي يطول بُرؤُه أو لا يبرأ على مرّ الزمان.

وهكذا يزهد الإنسان المتألِّم في المجتمع، ويختار الاعتزال عنهم، وبعد أن كان يستأنس بهم صار لا يحب الالتقاء بهم والتحدّث معهم.

وإنّما يدرك هذه الحالة كل مَن رأى الجفاء والقسوة من أقاربه أو أصدقائه أو مجتمعه، فإنّه ينزعج حتى من رؤيتهم فكيف بالتحدّث والمجالسة معهم، وقد يبلغ الأمر بالإنسان أن يملّ الحياة ويفضّل الموت كي يستريح من الحياة التي يعيشها مع أهل الجفاء والقسوة.

____________________

(١) دلائل الإمامة لابن جرير ص ٤٣، بحار الأنوار ج ٤٣ ص ٢١٧.

(٢) بحار الأنوار ج ٤٣ عن مجالس المفيد.

٤٨٧

اختارت السيدة فاطمة زوجها العظيم ليقوم بتمريضها، ولا أعلم كيفيّة تمريض الإمام إيّاها، فهل كان الإمام يصنع لها طعاماً يليق بالمرضى، أو يتولّى هو أُمور بيته بنفسه؟

وعلى كل تقدير، فقد كانت أسماء بنت عميس لها شرف التعاون في تمريض السيدة فاطمة، ولعلّ السبب في انتخابها لهذه المهمّة هو أنّه كانت العلاقات بين السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام وبين أسماء بنت عميس وُديّة وطيّبة للغاية، إلى درجة أنّها كانت تعتبر نفسها من أُسرة بني هاشم، وخاصة وأنّها كانت زوجة لجعفر بن أبي طالب.

وكانت هي بالذات امرأة عاطفية، تؤمن بالوفاء والإنسانية، وتقدّر الحقوق لأهلها. وتلتزم بالقيم والمفاهيم العليا.

ويستفاد من مطاوي التاريخ أنّها كانت - بالإضافة إلى ذكائها الوافر وعقلها الوقّاد - حسنة الأخلاق، طيّبة المعاشرة، وكانت السيدة فاطمة الزهراء تبادلها الحب والمودّة والشعور.

ولمّا قُتل جعفر بن أبي طالب في غزوة مؤتة وبلغ رسول الله الخبر بكى الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وبكى الصحابة، ووصل الخبر إلى حجرات الرسول فبكت الهاشميات، وأقبل الرسول ودخل على أسماء فدعى بأولاد جعفر وجعل يمسح على رؤُوسهم، ويشمّهم ويضمّهم إلى صدره، فأحسّت أسماء بالشرّ، وقالت: يا رسول الله هل بلغك شيء عن جعفر؟

فبكى الرسول وقال لها: احتسبي جعفراً فقد قُتل. فبكت وصاحت.

وأقبل الرسول إلى دار ابنته فاطمة وقال لها: اصنعي طعاماً لآل جعفر فإنّهم مشغولون بالعزاء.

فعمدت السيدة فاطمة إلى الدقيق وعجنته وخبزت خبزاً كثيراً وعمدت

٤٨٨

إلى مقدار من التمر وأرسلت بالخبز والتمر إلى دار آل جعفر.

والعجيب أنّ الرسول لم يأمر إحدى زوجاته ولا سائر الهاشميّات بذلك، فلعلّ السبب في ذلك أنّ الرسول أراد أن يكون هذا الثواب الجزيل من نصيب ابنته فاطمة.

أو أنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اختار لها هذا العمل نظراً للعلاقات الطيّبة والسوابق الحسنة والخدمات الجمّة التي أسدتها أسماء بنت عميس إلى أهل بيت الرسول.

فلقد مرّ عليك أنّ أسماء حضرت عند السيدة خديجة ساعة وفاتها، وأنّها ساهمت في التدابير التي اتخذت في زواج السيدة فاطمة الزهراء، بل وحضرت أسماء عند السيدة فاطمة ساعة ولادة الإمام الحسين، وقامت بدور المولِّدة وساعدْنها بعض النساء أيضاً.

وبالرغم من أنّها تزوّجت بأبي بكر بعد مقتل زوجها جعفر فإنّها استمرّت على ولائها، ولم تتغيّر قيد شعرة، وحتى بعد وفاة الرسول، وموقف أبي بكر اتجاه أهل البيت كان موقفاً معروفاً.

وبالرغم من الحرب الباردة بين أهل البيت وبين السلطة المتمثّلة في أبي بكر فإنّ أسماء بنت عميس لم تتأثّر بعواطف زوجها، وتحدّت السلطة تحدّياً لا تنقضي عجائبه.

فكيف كان أبو بكر يسمح لها بالذهاب إلى دار عليّ لخدمة الزهراء وخدمة أولادها؟

وكيف لم يأمرها بقطع علاقاتها مع أهل البيت في تلك الظروف الخاصة؟

وعلى كل حال، فقد كانت السيدة فاطمة الزهراء تستأنس بأسماء وتنسجم معها وتسكن إليها، وتبثُّ إليها آلامها، وكأنّها أُختها، وكأنّها

٤٨٩

أحبّ الناس إليها، وأقربهنّ إلى قلبها.

قالت لها السيدة فاطمة في أواخر أيام حياتها: كيف أصنع وقد صرت عظماً وقد يبس الجلد على العظم؟

وفي رواية التهذيب عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال... وقالت فاطمة لأسماء: إنّي نحلت وذهب لحمي، ألا تجعلين لي شيئاً يسترني؟

قالت أسماء: إنّي كنت بأرض الحبشة رأيتهم يصنعون شيئاً أفلا أصنع لكِ، فإن أعجبك أصنع لكِ؟

قالت: نعم.

فدعت (أسماء) بِسَرير فأكبّته لوجهه، ثم دعت بجرائد فشدّتها على قوائمه ثم جلَّلته ثوباً فقالت: هكذا رأيتهم يصنعون.

فقالت: اصنعي لي مثله، استريني سترك الله من النار.

وفي رواية الاستيعاب: فقالت فاطمة: ما أحسن هذا وأجمله لا تعرف به المرأة من الرجل.

ورُوي أنّهاعليها‌السلام - لما رأت ما صوَّرته أسماء - تبسَّمت، وما رُؤيت مبتسمة - بعد أبيها - إلاّ يومئذٍ.

٤٩٠

أسْبَابُ انحراف صحّتِها

انتشر خبر مرض السيدة فاطمة الزهراء في المدينة، وسمع الناس بانحراف صحّتها.

ولم تكن تشكو السيدة فاطمة الزهراء من داء عضال، بل الهموم والمصائب والآلام هي التي ساعدت على استيلاء الهزال والذبول عليها.

وكثرة البكاء على أبيها وعلى حياتها ساعدت على زوال الطراوة والنضارة عن وجهها.

والجفاء والخشونة والمواقف غير المشرّفة التي شاهدتها من بعض المسلمين، وانقلاب الأمور، وتبدّل الأحوال وتغيّر الأوضاع السياسية والاجتماعية كان لها أكبر الأثر عليها.

ولقد حدث لها بين حائط دارها والباب حوادث أدّت إلى سقوط جنينها.

والسياط التي أدمت جسمها الطاهر، وتركت في بدنها آثاراً عميقة.

والضرب المبرّح الذي ألَّم جسمها ونفسها وروحها.

كل هذه الأمور ساهمت في انحراف صحّتها، وقعودها عن ممارسة أعمالها المنزلية.

٤٩١

عيادة الشيخين للسيّدة الزهراءعليها‌السلام

انتشر خبر استياء السيدة فاطمة من السلطة، ونقمتها على الذين آزروا تلك السلطة، ونبذوا وراءهم كل المفاهيم والقيم، وتناسوا كل آية من القرآن نزلت في آل الرسول.

وأعرضوا عن كل حديث سمعوه من شفتي الرسول في حق السيدة فاطمة الزهراء وزوجها وولديها.

وأخيراً تولَّد شيء من الوعي عند الناس، وعرفوا أنّهم مخطئون في تدعيم السلطة الحاكمة التي لا تعترف بها أُسرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

تلك السلطة التي كان موقفها تجاه بنت الرسول موقفاً غير حسن.

وأخيراً انتبه أفراد السلطة للاستياء العام المستولي على القلوب من سوء تصرّفاتهم.

فأرادوا تغطية أعمالهم واستدراك ما فات، فقرّروا أن يعودوا السيدة فاطمة الزهراء لاسترضائها، وعند ذلك ينتهي كل شيء، وتكون المأساة نسياً منسيّاً.

هكذا تفكّروا وتدبّروا.

وقد رأينا في زماننا هذا الكثير من المجرمين الذين يعتدون على الأبرياء بالإهانة والتحقير والاستخفاف وأنواع الظلم والتعذيب، ثم يأتون إلى المظلوم ويعتذرون منه سرّاً، وهم يحسبون أنّهم يغسلون أعمالهم بالاعتذار.

٤٩٢

ولكنّ السيدة الزهراء كانت تعرف هذه الأساليب وتعلم كل هذه الأمور.

وإليك الواقعة - كما ذكرها ابن قتيبة في (الإمامة والسياسة ج١ ص٤) وعمر كحالة في (أعلام النساء) ٣ ص٣١٤:

إنّ عمر قال لأبي بكررضي‌الله‌عنه : انطلق بنا إلى فاطمة فإنّا قد أغضبناها، فانطلقا جميعاً، فاستأذنا على فاطمة فلم تأذن لهما، فأتيا عليّاً فكلَّماه فأدخلهما عليها فلمّا قعدا عندها حوّلت وجهها إلى الحائط فسلَّما عليها، فلم ترد - عليهما - السلام.

فتكلّم أبو بكر فقال: يا حبيبة رسول الله!! والله إنّ قرابة رسول الله أحبُّ إليَّ من قرابتي وإنّك لأحبّ إليّ من عائشة ابنتي، ولوَددت يوم مات أبوكِ أنّي متُّ ولا أبقى بعده، أتراني أعرفكِ وأعرف فضلك وشرفك، وأمنعك حقّك وميراثك من رسول الله؟

إلاّ أنّي سمعت أباك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: لا نورّث، ما تركناه فهو صدقة.

فقالت: أرأيتكما أن حدّثكتما حديثاً عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تعرفانه وتفعلان به؟

فقالا: نعم.

فقالت: نشدتكما الله: ألم تسمعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: رضا فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمَن أحبّ فاطمة ابنتي فقد أحبّني، ومَن أرضى فاطمة فقد أرضاني، ومَن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟

قالا: نعم، سمعناه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،

قالت: فإني أُشهد الله وملائكته أنّكما أسخطتماني وما أرضيتماني،

٤٩٣

ولئن لقيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأشكونّكما إليه.

فقال أبو بكر: أنا عائذ بالله تعالى من سخطه ومن سخطك يا فاطمة. ثم انتحب أبو بكر يبكي، حتى كادت نفسه أن تزهق، وهي (فاطمة) تقول: والله لأدعونَّ عليك في كل صلاة أُصلّيها. ثم خرج باكياً، فاجتمع الناس إليه فقال لهم: يبيت كل رجل معانقاً حليلته، مسروراً بأهله وتركتموني وما أنا فيه، لا حاجة لي في بيعتكم، أقيلوني بيعتي.

العيادة بصورة أُخرى

في علل الشرائع: لما مرضت فاطمةعليها‌السلام مرضها الذي ماتت فيه أتاها أبو بكر وعمر عائدين، واستأذنا عليها فأبت أن تأذن لهما، فلمّا رأى ذلك أبو بكر أعطى الله عهداً أن لا يظلّه سقف بيت حتى يدخل على فاطمة ويترضّاها، فبات في الصقيع، ما أظلّه شيء، ثم إنّ عمر أتى عليّاًعليه‌السلام فقال له: قد أتيناها (فاطمة) غير هذه المرّة مراراً نريد الإذن عليها وهي تأبى أن تأذن لنا حتى ندخل عليها فنترضّى، فإن رأيت أن تستأذن لنا عليها فافعل.

قال: نعم، فدخل عليّ على فاطمة فقال: يا بنت رسول الله قد كان من هذين الرجلين ما قد رأيت، وقد تردّدا مراراً كثيرة ورددتهما ولم تأذني لهما، وقد سألاني أن أستأذن لهما عليك؛ فقالت: والله لا أأذن لهما، ولا أُكلّمهما كلمة من رأسي حتى ألقى أبي فأشكوهما إليه بما صنعاه وارتكباه منّي.

قال علي: فإنّي ضمنت لهما ذلك. قالت: إن كنت ضمنت لهما شيئاً فالبيت بيتك، والنساء تتبع

٤٩٤

الرجال، لا أُخالف عليك بشيء فأْذن لمـَن أحببت.

فخرج عليّ فأذن لهما، فلمّا وقع بصرهما على فاطمة سلّما عليها، فلم تردّ عليهما، وحوَّلت وجهها عنهما، فتحوّلا واستقبلا وجهها حتى فعلت مراراً وقالت: يا عليّ جافِ الثوب وقالت - لنسوة حولها -: حوّلن وجهي!! فلمّا حوّلن وجهها حوّلا إليها فقال أبو بكر: يا بنت رسول الله إنّما آتيناك ابتغاء مرضاتك واجتناب سخطك، نسألك أن تغفري لنا وتصفحي عمّا كان منّا إليك.

قالت: لا أُكلّمكما من رأسي كلمة واحدة حتى ألقى أبي وأشكوكما إليه، وأشكو صنيعكما وفعالكما وما ارتكبتما منّي.

ثم التفتت إلى عليّ وقالت: إنّي لا أُكلّمهما من رأسي حتى أسألهما عن شيءٍ سمعاه من رسول الله، فإن صدقا رأيت رأيي.

قالا: اللّهمّ ذلك لها، وإنّا لا نقول إلاَّ حقّاً ولا نشهد إلاَّ صدقاً.

فقالت: أنشدكما بالله: أتذكران أنّ رسول الله استخرجكما في جوف الليل بشيءٍ كان حدث من أمر عليّ؟

فقالا: اللّهمّ نعم.

فقالت: أُنشدكما بالله هل سمعتما النبي يقول: فاطمة بضعة منّي وأنا منها، مَن آذاها فقد آذاني، ومَن آذاني فقد آذى الله، ومَن آذاها بعد موتي كان كمَن آذاها في حياتي، ومَن آذاها في حياتي كان كمَن آذاها بعد موتي؟

قالا: اللّهمّ نعم.

فقالت: الحمد لله. ثم قالت:

اللّهمّ إنّي أُشهدك فاشهدوا يا مَن حضرني: أنّهما قد آذياني في حياتي وعند موتي. والله لا أُكلِّمكما من رأسي كلمة حتى ألقى ربّي فأشكوكما

٤٩٥

إليه بما صنعتما به وبي، وارتكبتما منّي.

فدعا أبو بكر بالويل والثبور وقال: ليت أمي لم تلدني!!

فقال: عمر: عجباً للناس كيف ولّوك أُمورهم وأنت شيخ قد خرفت!!

تجزع لغضب امرأة وتفرح برضاها؟

وما لمـَن أغضب امرأة؟ وقاما وخرجا.

وفي كتاب بيت الأحزان: فلمّا خرجا قالت فاطمة لأمير المؤمنين (عليهما السّلام): قد صنعتُ ما اردتَ؟

قال: نعم.

قالت: فهل أنت صانع ما آمرك؟

قال: نعم.

قالت: فإنّي أُنشدك الله أن لا يصلّيا عليَّ ولا يقوما على قبري(١) .

أقول: لا حاجة إلى هذا البكاء المرّ الذي أوشك على إزهاق الروح - على حدّ تعبير رواية ابن قتيبة - ولا حاجة إلى الاستقالة ما دام العلاج مقدوراً للخليفة، ولا داعي بأن ينادي أبو بكر بالويل والثبور وبإمكانه أن يُرضي السيدة فاطمة بأن يردّ إليها حقوقها، ويرفع يده عن أراضيها، ويعتذر عن أعماله.

ولكنّ الرجل يريد أن يبقى على اعتدائه وعلى موقفه - الذي عرفته - بدون أي تنازل، وفي نفس الوقت يريد أن ترضى عنه فاطمة الزهراء!؟

لا أظن أنّ أيَّ إنسان أو مسلم أو قانون أو شعب يرضى بهذا، ولا أظن أنّ شريعةً أو ديناً أو ضميراً أو وجداناً أو منطقاً يقول بهذا سوى منطق العنف والضغط، ومنطق القوّة والقدرة.

ولكنّ السيدة فاطمة أقوى نفساً وروحاً من أن تخضع لهذا المنطق، أو بالأحرى: أن تنخدع بهذه المظاهر!

____________________

(١) بيت الأحزان ص ١٤٥.

٤٩٦

وهنا سؤال قد يتبادر إلى ذهن القارئ وهو: ما الذي دعا أبا بكر أن يلين ويخضع هكذا؟

وما الذي دعا الزهراء أن تثبت على رأيها، ولا تتضعضع عن موقفها؟

لقد أجاب الجاحظ على هذا السؤال، وكفانا مؤونة الجواب قال في رسائله ص٣٠٠ (... فإن قالوا: كيف تظن به ظلمها والتعدّي عليها، وكلما ازدادت عليه غلظة ازداد لها ليناً ورقّة حيث تقول له: والله لا أُكلمك أبداً، فيقول: والله لا أهجرك أبداً، ثم يتحمّل منها هذا الكلام الغليظ والقول الشديد في دار الخلافة وبحضرة قريش والصحابة مع حاجة الخلافة إلى البهاء والتنزيه، وما يجب لها من الرفعة والهيبة، ثم لم يمنعه ذلك عن أن قال معتذراً متقرّباً كلام المعظّم لحقّها، المكبِّر لمقامها، الصائن لوجهها، المتحنِّن عليها: ما أحد أعزّ عليَّ منك فقراً ولا أحب إليّ منك غنى، ولكن سمعت رسول الله يقول: إنّا معاشر الأنبياء لا نورِّث، ما تركناه صدقة؟؟

قيل لهم: ليس ذلك بدليل على البراءة من الظلم والسلامة من الجور.

وقد يبلغ من مكر الظالم ودهاء الماكر إذا كان أريباً وللخصومة معتاداً أن يظهر كلام المظلوم وذلَّة المنتصف، وحدب الوامق ومقت المحقّ... إلى آخر كلامه).

٤٩٧

عيادة أُم سلمة للسيّدة فاطمة الزهراء

تُعتبر السيدة أُمّ سلمة من خيرة زوجات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حياته وبعد مماته... فلم تؤذ النبي بكلامها أو تصرّفاتها، ولم تتآمر عليه مع ضرّاتها، كما حدث من بعضهنّ في قصّة المغافير ونزول قوله تعالى:( يَا أَيّهَا النّبِيّ لِمَ تُحَرّمُ مَا أَحَلّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ) .

بل أحسنت صحبته ومعاشرته في حياته.

وبعد وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانت لها مواقف مشرّفة ومشكورة تجاه آل رسول الله، ولم تنحرف عنهم في خضمّ الأحداث التي عصفت بهذه الذريّة الطاهرة، بل وقفت موقف المدافع والمحامي والناصر، وشاركتهم في الآلام والأحزان.

ولمّا مرضت السيدة فاطمةعليها‌السلام دخلت عليها أُمّ سلمة عائدةً لها فقالت: كيف أصبحتِ عن ليلتك(١) يا بنت رسول الله؟

قالتعليها‌السلام : أصبحت بين كَمد وكرب، فُقد النبي وظُلم الوصي.

هُتك - واللهِ - حجاب مَن أصبحت إمامته مقتضية، على غير ما شَرَع الله في التنزيل، وسنّها النبي في التأويل، ولكنّها أحقاد بدريَّة، وترات أُحُدية(٢) كانت عليها قلوب النفاق متمكّنة...) إلى آخر كلامهاعليها‌السلام (٣) .

____________________

(١) وفي نسخة: علَّتك.

(٢) ترات: جمع ترة - كعِدة -: الانتقام.

(٣) المناقب لابن شهر آشوب ج ٢ ص ٢٠٥.

٤٩٨

والجدير بالذكر: أنّ السيدة أُمّ سلمة هي الوحيدة - من بين زوجات النبي - التي جاءت لزيارة فاطمة الزهراءعليها‌السلام وعيادتها والسؤال عن صحّتها.

فأين كانت غيرها من الزَوجات؟!

ولماذا لم يشاركنَها في الآلام، وهي البنت الوحيدة لرسول الله؟!

هذا... وسوف تقرأ أنّ السيدة فاطمة أوصت إلى أمير المؤمنين (عليهما السّلام) أن يخبر أُمّ سلمة بوفاتها.

٤٩٩

عيادة عائشة بنت طلحة

للسيّدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام

ودخلت عليها عائشة بنت طلحة فقالت: بأبي أنتِ وأُميّ: ما الذي يبكيك؟

فقالتعليها‌السلام لها: أسائلتي عن هنة حلّق بها الطائر وحفى بها السائر، ورَفع إلى السماء أمراً، ورُزئتُ في الأرض خبراً؟!

إن قُحيف تيم، وأُحيول عدى(١) جازيا أبا الحسن في السباق، حتى إذا تفرّيا بالخناق اسرّا له الشنان(٢) وطوياه الاعلان.

فلمّا خبا نور الدين، وقُبض النبي الأمين، نَطقا بِفَورهما، ونفثا بسَورهما(٣) وإدالاً بفدك(٤) فيا لها لمن ملك.

إنّها عطيّة الربّ الأعلى للنجيّ الأوفى، ولقد نَحَلنيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله للصبيّة السواغب من نجله ونسلي، وإنّها لبعلم الله وشهادة أمينه.

فان انتزعا مني البُلغة، ومنعاني اللمظة، احتسبتُها يوم الحشر زلفة، وليجدنّها آكلوها ساعرةَ حميم في لظى جحيم(٥) .

____________________

(١) قحيف تصغير قحف، باعتبار أنّ أبا بكر هو ابن قحافة، وقحافة مشتق من القحف وهو جرف ما في الإناء من ثريد وغيره، فهو كناية عن الجشع والأكل والشرب بنَهَم شديد / لسان العرب - حرف الفاء.

أحَيول: تصغير أحول، وهو الذي في عينه حَوَل أي: تغيير.

(٢) الشنآن: البغضاء.

(٣) الفَور: الغليان والاضطراب. نفث: تكلَّم، ومنه: نفث الشيطان على لسانه. السَور - بفتح السين والواو -: حدّة الشيء وشدَّتُه.

(٤) إدالاً: غَلباً.

(٥) كتاب الأمالي للشيخ الطوسي ج ١ ص ٢٠٧.

٥٠٠

وإن أريد : أنّه يزول الاعتقاد بالكاذب فانّه يدلّ على امتناع اعتقاده ـ تعالى ـ وتصديقه بالكاذب ، ولا ريب في أنّ عدم الاعتقاد بالكاذب قد كان حاصلا قبل حصول الصادق أيضا ولم يكن قبله اعتقاد به / ٢٢٦ DA / حتّى يزول بالصادق ، ولا شبهة في أنّ امتناع الاعتقاد بالكاذب لا يستلزم امتناع الكاذب بدون الاعتقاد ـ بل مع علمه بانّه خلاف الواقع ـ ، فعلى هذا الشقّ يلزم قدم كذب مدلول اللفظ ، لأنّه إذا كان المدلول قديما وجاز كذبه ولم يلزم من حصول الصدق زواله يكون الكذب قديما البتة. ولا يلزم منه زوال قديم أصلا ، بل يلزم أن يقوم به ـ تعالى ـ الصادق والكاذب ـ أي : مدلول اللفظين أو اللفظان ـ مع اعتقاده باحدهما وعدم اعتقاده بالآخر ازلا وابدا. فلا يدلّ هذا الدليل على امتناع كذب مدلول اللفظ ولا اللفظ بالنسبة إليه ـ تعالى ـ نظرا إلى عدم اعتقاده بالكذب ، بل امتناع اعتقاده. وكذا الدليل الّذي قبله ، فانّ اعتقاد الكذب نقص لا قيام مدلول كاذب به ـ تعالى ـ بطريق التصوّر أو غيره. نعم! ، يتمّ الدليل الّذي قبله بما ذكرناه من أنّ صدور الألفاظ الكاذبة منه ـ تعالى ـ قبيح ؛ هذا.

وقيل : لو تمّ هذا الدليل لدلّ على امتناع صدقه ـ تعالى ـ أيضا بأن يقال : إنّه ـ تعالى ـ لو اتصف بالصدق لكان صدقه قديما ، فيمتنع عليه الكذب المقابل لذلك الصدق ، لكنّا نعلم ضرورة أنّ من علم شيئا امكن أن يخبر عنه لا على ما هو عليه ، فيلزم أن لا يتّصف بالصدق أصلا ؛ انتهى.

وفيه : انّا لا نسلّم أنّ الواجب ـ تعالى ـ لو علم شيئا امكن أن يخبر عنه لا على ما هو عليه ، فهل الكلام إلاّ فيه؟!. فيجوز أن يكون الاخبار لا على ما هو عليه محالا بالقياس إليه ـ تعالى ـ لاستلزامه النقص.

فان قيل : الاستدلال بامتناع الاخبار لا على ما هو عليه بايجابه النقص رجوع إلى الوجه الأوّل ؛

قلنا : هذا الاستدلال هنا جعل سندا للمنع وفي الوجه الأوّل كان عين الدليل.

ومنها : اجماع الأنبياء ـعليهم‌السلام ـ والعلماء على صدقه ـ سبحانه ـ وعدم وقوع الكذب في كلامه ، وقد ثبت صدقهم بدلالة المعجزات من غير توقّف على ثبوت

٥٠١

كلام الله ـ سبحانه ـ فضلا عن صدقه. وقد صرّح اتباع / ٢٢٤ MB / الأشعري بأنّ هذا الدليل هو المعتمد ، لبراءته عن المناقشات ودلالته على الصدق في الكلام النفسي واللفظي معا.

وغير خفيّ بانّه بعد بطلان الكلام النفسي وعدم وقوعه في كلام الأنبياء والحكماء وأساطين العلم لا معنى لتناول اجماعهم لصدقه ، وامّا اجماعهم على صدق كلامه الّذي يجري فيه الصدق والكذب ـ أعني : كلامه اللفظي ـ فلا ريب في تحقّقه.

إلاّ أنّه أورد عليه : بأنّ ما ثبت بدلالة المعجزات ـ لو سلّم دلالتها على تقدير شرعية الحسن والقبح العقليين دون عقليته ، على ما هو رأي الأشعري ـ انّما هو صدقهم بمعنى انّ ما قالوا كلامه ـ تعالى ـ ومن جانبه ـ سبحانه ـ لا من عند أنفسهم ، وامّا إنّه حقّ مطابق للواقع فيتوقّف العلم به على العلم بأنّ الكذب محال على الله ـ تعالى ـ ؛ فحينئذ نقول : اثبات صدق كلام الله ـ تعالى ـ بالاجماع موقوف على حجّية الاجماع وحجّية الاجماع موقوف على العلم بصدق قول النبيّ ـصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ في الواقع « إنّه لا تجتمع أمّته على الخطاء » ، والعلم بصدق قول النبيّ ـصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ بمعنى كونه من جانب الله وإن لم يتوقّف على شيء سوى المعجزة ، إلاّ أنّ العلم بصدق قوله في الواقع ـ أي : مطابقته للواقع ، بمعنى أنّ هذا القول الّذي من جانب الله مطابق للواقع ـ يتوقّف على العلم بصدق كلامه ـ تعالى ـ ، لأنّ المعجزة انّما تدلّ على أنّ هذا القول من قبل الله ـ تعالى ـ لا من عند نفس النبيّ ـصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ولا يدلّ على أنّه مطابق للواقع ، فلا يظهر بالمعجزة إلاّ أنّه كلام الله ـ تعالى ـ لا أنّه مطابق للواقع ؛ فلو كان كلام الله صادقا كان هذا صادقا في الواقع ، وإلاّ فلا. فظهر انّ حجّية الاجماع يتوقّف على صدقه ـ تعالى ـ ، فاثبات الصدق به دور.

وأيضا : إذا جاز كذبه ـ تعالى عن ذلك علوّا كبيرا ـ لا يلزم من تصديقه ـ تعالى ـ للنبيّ في نبوّته باظهار المعجزة ثبوته في الواقع ، لأنّه بمنزلة قوله : « هذا صادق في نبوّته » ، وإذا جاز كذبه جاز كذب هذا التصديق ولم يصحّ منه شيء على قاعدتهم ، فلم يثبت نبوّته عادة ، وإذا لم يثبت نبوّته لم يثبت حجّية الإجماع.

٥٠٢

والقول بأنّ المعجزة تدلّ عادة على مطابقة كلام النبيّ ـصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ للواقع ظاهر الفساد ، بل لو سلّم فانّما / ٢٢٦ DB / تدلّ على أنّ كلامه ـ تعالى ـ من جانب الله ، وأمّا صدقه في الواقع فلا يتمّ بدون الحسن والقبح العقليين.

على أنّه إذا جوّز العقل امثال تلك الاحتمالات المذكورة لم يثبت نبوّة نبيّ أصلا ، فكيف يثبت نبوّة نبيّ بدلالة المعجزة عادة؟! ـ إذ ثبوت شيء بالعادة فرع العلم بتكرار الوقوع ـ. فظهر أنّ اثبات صدقه ـ تعالى ـ باجماع الأنبياء والعلماء انّما يصحّ على رأي أهل الحقّ من قولهم بالحسن والقبح العقليين ، لا على رأي الأشاعرة المنكرين له.

ومنه يظهر أنّه وإن صحّ عند الاستدلال على صدقه بالاجماع ولزوم النقص في فعله إلاّ أنّه يتوقّف على التمسّك بالحسن والقبح العقليين والقول بانتفاء القبح عنه ـ تعالى ـ ، فالعمدة في اثبات صدقه انتفاء القبح عنه ـ تعالى ـ ، كما اشار إليه العلاّمة الطوسي في التجريد بقوله : « وانتفاء القبح يدلّ على صدقه »(١) .

__________________

(١) راجع : المسألة السادسة من الفصل الثاني من المقصد الثالث ؛ كشف المراد ، ص ٢٢٥.

٥٠٣

الفصل الثامن

في سرمديته وبقائه

٥٠٤
٥٠٥

( الفصل الثامن )

( في سرمديّته وبقائه )

اعلم! ، أنّ البقاء والدوام نفس السرمدية ومرادفاتها ـ أعني : الأزلية والقدم والدوام ـ إلاّ ، أنّ ما يدلّ على ثبوته للواجب وعينيته لذاته ـ تعالى ـ يدلّ على ثبوتها له وعينيتها لذاته ، وبالعكس. ولذا ترى بعض الأقوام يستدلّون على اثبات البقاء واثبات عينيته لذاته ـ تعالى ـ بالدلائل الّتي يستدلّ بها الآخرون على اثبات السرمدية ومرادفاتها واثبات عينيتها لذاته ـ سبحانه ـ ، فانّ الدلائل الدالّة على عدم زيادة البقاء هي بعينها دالّة على عدم زيادة السرمدية ومرادفاتها وبالعكس. والأكثر اختاروا السرمدية أو أحد مرادفاته في التعرّض ، لأنّ اثبات الأخصّ واثبات عدم زيادته مستلزمان لاثبات الأعمّ ـ أعني : البقاء وعدم زيادته ـ.

ثمّ لا يخفى إنّ ثبوت هذا المطلب في غاية الوضوح ؛ والبرهان عليه : إنّ حقيقة واجب الوجود ما يمتنع عليه العدم ، وكلّ ما يمتنع عدمه يكون وجوده باقيا أزلا وأبدا.

ثمّ إنّ الأشاعرة ذهبوا إلى أنّ البقاء صفة زائدة على الذات حتّى يكون الصفات ثمانية ؛

وذهب الحكماء والمحقّقون من الكلاميّين إلى أنّه ليس صفة زائدة ، بل هو عين

٥٠٦

الذات كسائر صفاته الكمالية ؛

وذهب الكعبي واتباعه إلى ثبوت البقاء في الممكنات ونفيه عن الواجب ـ تعالى ـ.

واحتجّ / ٢٢٥ MA / الأشاعرة على الزيادة بأنّ الواجب باق بالضرورة ، فلا بدّ أن يقوم به معنى هو البقاء ـ كما في العالم والقادر ، لأنّ البقاء ليس من السلوب والاضافات ـ ، وهو ظاهر ، وليس أيضا عبارة عن الوجود ، بل زائد عليه إذ الوجود يتحقّق دونه ـ كما في آن الحدوث ـ ؛

وفيه : إنّ كون الواجب باقيا لا يتوقّف على أن يكون البقاء امرا زائدا قائما بذاته ـ سبحانه ـ ، بل كونه عين ذاته بأحد المعنيين المذكورين ـ أعني : كون الواجب فردا من مفهوم البقاء قائما بذاته سبحانه أو كونه نائبا منابه بأن يكون ذاته تعالى مصحّحا لانتزاع مفهوم البقاء عنه من دون احتياج إلى صفة زائدة ـ يكفي لتصحيح كونه باقيا ، ـ كما في سائر صفاته الكمالية ـ.

وتفصيل القول في عينية الصفات قد مرّ بما لا مزيد عليه ، فذات الواجب الّذي هو صرف الوجود عين البقاء بالمعنى المذكور وإن كان مفهوم البقاء زائدا عليه في العقل.

قال بعض المشاهير : كلّ من السرمدية والبقاء أمر انتزاعي ينتزع من ذات الواجب باعتبار ذاته ، فقيامه ليس إلاّ على نحو قيام الأمور الانتزاعية ـ أي : كون الذات بحيث ينتزع عنه ـ ، فزيادته على الذات ليست إلاّ في التعقّل ، لا في الخارج. والحاصل : إنّ الأشعري إن أراد أنّ صدق « الباقي » و « السرمدي » على الله ـ تعالى ـ يستلزم قيام مبدأ بالاشتقاق الحقيقي ـ أعني : الصفة الكمالية من البقاء والسرمدية ، أعني : منشأ الانتزاع ـ بالمعنى المصدري منهما فلا نسلّم هذا الاستلزام ؛ وإن أراد أنّ صدقهما عليه ـ تعالى ـ يقتضي كونه بحيث يمكن انتزاعهما من ذاته المقدّسة بمعنى انّهما انتزاعيان قائمان به زائدان عليه في التعقّل نسلّم ، ولكن لا يفيد المطلوب ـ أعني : كون معناهما الحقيقي وهو الصفة الكمالية منهما له تعالى قائما به في الخارج ـ. وامّا زيادته على الوجود فبالاعتبار لاشتماله على معنى زائد على الوجود ـ بناء على أنّ معناه الموجودية على نعت / ٢٢٧ DA / الاستمرار ـ ؛ فنفي الزيادة إن كان المراد منه نفي الزيادة

٥٠٧

على الذات فالمقصود منه نفي الزيادة في الخارج ، وإنّ ذات الواجب باعتبار ذاته سرمدي وباق لا بانضمام أمر إليه في الخارج ؛ وإن كان المراد منه نفي الزيادة على الوجود الانتزاعي كان المقصود منه نفي الزيادة بالذات بمعنى أنّه ليس ذات البقاء زائدا على ذات الوجود وإن كان زائدا عليه بحسب الاعتبار ، فهذان المعنيان الانتزاعيان ـ أعني : البقاء والسرمدية ـ لا يكونان زائدين على الوجود الانتزاعي بحسب تحقّقه وبالذات ، بل زيادتهما عليه بمجرّد اعتبار اشتماله على معنى زائد عليه ، لأنّه نفس الموجودية على نعت الاستمرار بناء على أنّ معناه الموجودية على نعت الاستمرار ؛ انتهى مع التوضيح وادنى تغيير.

وما ذكرناه من : أنّ المراد من نفي الزيادة على الذات هو نفي الزيادة في الخارج ، فيه : إنّ مجرّد نفي الزيادة في الخارج ليس معنى لعينيته ، لأنّ كثيرا من الصفات العرضية للأشياء ليست زائدة عليها في الخارج ـ كالوجود والتقدّم والتأخّر بالنسبة إلى الممكنات ـ مع أنّها ليست عينها ، بل المراد بالعينية نفي الزيادة الخارجية مع كون الذات بذاته مصحّحا للانتزاع ؛ والظاهر إنّ هذا مسامحة في العبارة ، والمراد واضح.

ثمّ ما ذكر في دليل الأشاعرة من أنّ البقاء غير الوجود ـ لتحقّق الوجود دونه ، كما في آن الحدوث ـ نقص بالحدوث ، فانّه غير الوجود لتحقّق الوجود بعد الحدوث. وتوضيح هذا النقض أن يقال : لو تمّ دليلكم على زيادة البقاء على الوجود لدلّ على زيادة الحدوث على الوجود أيضا ، لأنّ الحادث يكون له الحدوث في آن الحدوث وبعد آن الحدوث يكون الوجود دون الحدوث ، فبعد آن الحدوث يتحقّق الوجود بدون الحدوث ، فيكون الحدوث غير الوجود ـ كالبقاء ـ والحال أنّ الحدوث عندهم عبارة عن الوجود المسبوق بالعدم وليس زائدا عليه عندهم.

وقال بعضهم في حل هذا النقض : إنّ البقاء وجود مخصوص ـ لأنّه وجود مستمرّ ـ كما أنّ الحدوث أيضا كذلك ، لأنّه وجود بعد العدم عندهم ذا عين الوجود ـ أعني : الوجود المطلق ـ ، وعلى هذا فزيادة كلّ منهما على الوجود لوجود صلاحية فيه دون الوجود.

وقال بعض المشاهير في حلّه : إنّ الحدوث صفة للوجود ـ بناء على أنّه عبارة عن

٥٠٨

مسبوقية الوجود بالعدم ـ. وغرضه من هذا أنّ النقص انّما يتوجّه لو سلّم وفرض أنّ الحدوث عبارة عن الوجود وليس كذلك ، بل هو صفة للوجود بناء على أنّه عبارة عن مسبوقية الوجود بالعدم ـ كما أنّ البقاء صفة للوجود بناء على أنّه عبارة عن استمراره ـ ، وعلى هذا فكون الحدوث زائدا على الوجود كالبقاء لكن صفة له ـ أي : صفة زائدة على الوجود بالحقيقة ـ لا أنّه نفسه ومغايرته له بمجرّد الاعتبار ، لأنّه هو المسبوقية العارضة للوجود. وذلك كما أنّ زيادة البقاء على الوجود أيضا بحسب الحقيقة والذات بناء على أنّ البقاء هو استمرار عارض للوجود لا الوجود على نعت الاستمرار ؛ والفرق بينهما ظاهر.

والحاصل : إنّ البقاء غير الوجود لكن صفة له وليس المراد إنّه زائد على الوجود بحيث يكون أمرا غير مربوط بالوجود حتّى لا يكون صفة للوجود أيضا ، فيرد النقض بالحدوث بانّه يلزم على الدليل المذكور كونه زائدا على الوجود بالمعنى المذكور ـ أي : كونه مغايرا اجنبيا للوجود ـ ، وهو ظاهر البطلان ؛ بل المراد بزيادة البقاء على الوجود كونه مغايرا له بانّه صفة له لا أزيد من ذلك. ولا فساد في جريان هذا في الحدوث أيضا إذ هو أيضا ، صفة للوجود كالبقاء ، فلا يتخلّف الدليل في نفس الأمر في الحدوث ولا نقض على الدليل.

ثمّ الظاهر من كلام السيد الشريف في شرح المواقف إنّ هذا النقض الزامي على الشيخ الأشعري بناء على أنّه قال بعدم زيادة الحدوث على الوجود ؛ وحينئذ لا يفيدان الحلاّن المذكوران ، إلاّ أن يقال : مراد الشيخ الأشعري من عدم الزيادة ليس هو العينية ، بل غرضه منه عدم كون الحدوث / ٢٢٧ DB / شيئا مغايرا اجنبيّا للوجود ، وحينئذ يفيد الحملان ، لأنّ الحدوث إذا كان وجودا خاصّا أو صفة للوجود لا يكون اجنبيا للوجود ، فاذا كان البقاء أيضا كذلك يكون حكمهما واحدا ، فلا نقض. إلاّ أنّ حمل ما ذهب إليه الشيخ الأشعري من عدم الزيادة على عدم المغايرة والاجنبية دون العينية خلاف الظاهر ـ كما لا يخفى ـ.

وربما يدفع النقض المذكور بمنع كون الوجود متحقّقا في الزمان الثاني بدون

٥٠٩

الحدوث ، لأنّ الوجود في الزمان الثاني أيضا يصدق عليه أنّه مسبوق بالعدم ، وهو معنى الحدوث.

قد حمل بعضهم الحمل الّذي نقلناه عن بعض المشاهير على ذلك ، وهو تعسّف! ، والصحيح إنّ مقصوده ما قرّرناه.

وهذا الدفع يرد عليه : إنّ الحدوث عند الشيخ الأشعري هو الخروج من العدم إلى الوجود ، وهو غير متحقّق في الوجود في الزمان الثاني ؛ هذا.

وأنت بعد ما عرفت من كون الواجب صرف الوجود وعينية وجوده لذاته وعينية البقاء لذاته بالمعنى المذكور تعلم سقوط الدليل الّذي ذكره الأشاعرة على زيادة البقاء للوجود ، ومنه يظهر حال النقض والحلّ الّذي ذكروه ؛ هذا.

واستدلّ القائلون بالعينية عليها بوجوه :

الأوّل : إنّ المعقول من البقاء استمرار الوجود ، ولا معنى لذلك سوى الوجود من حيث انتسابه إلى الزمان الثاني.

وأورد عليه بعض المشاهير : بأنّ هذا الدليل إن تمّ لم يدلّ إلاّ على عدم الزيادة على الوجود ، لا على الذات ـ كما هو المطلوب ـ.

لا يقال : لمّا كان الوجود عينا لذات واجب الوجود ـ تعالى ـ ولم تكن السرمدية والبقاء زائدتين على الوجود لم تكونا زائدتين على الذات ؛

لأنّا نقول : البقاء انّما هو استمرار الوجود الانتزاعي الّذي هو مغاير للذات ، فباعتبار الدليل المذكور يكون كلّ من السرمدية والبقاء / ٢٢٥ MB / عبارة عن الوجود الانتزاعي المستمرّ ، فلم تكونا زائدتين على الوجود الانتزاعي الّذي هو زائد على الذات في التعقّل. نعم! ، لو كان المراد بعدم الزيادة عدم الزيادة في الخارج لتمّ ذلك الدليل ؛ انتهى.

وحاصل ما ذكره في جواب « لا يقال » : إنّه يجوز أن يكون البقاء عين الوجود الانتزاعي الّذي لا يكون عين الذات كالوجود الانتزاعي ؛

وفيه : إنّ مراد المستدلّ عدم زيادتهما بحسب معنييهما الحقيقيّين اللّذين هما من

٥١٠

الصفات الذاتية الحقيقية ، ولا شكّ انّهما بهذا الاعتبار نفس الوجود الحقيقي الّذي هو نفس ذاته. والحاصل : إنّ معنى عينية الصفات ليس أنّ مفهوم الوجود والعلم والقدرة وغيرها عين الذات ، بل المراد انّ ما يعبّر عنه بتلك المفهومات ـ أعني : ما هو مبدأ هذه المفهومات ومصحّحها ومنشأ انتزاعها ـ يكون عين الذات ، فالوجود الانتزاعي وإن كان زائدا على الذات لكن ما هو مبدأ الوجود الانتزاعي ومنشأها يكون عين الذات ، فاذا كان البقاء عين الوجود الانتزاعي يكون حاله كحاله في أنّ مفهومه أمر اعتباري منشأه ليس صفة زائدة قائمة بالذات ، بل منشأه مجرّد الذات بمعنى أنّ الذات فرد من هذا المفهوم أو نائب مناب الصفة القائمة بالذات المصحّحة لانتزاع هذا المفهوم ، وعلى هذا فيرجع هذا الدليل إلى ما قيل في المشهور في بيان عينية الصفات.

قال بعض الأفاضل : إنّ حمل « الباقي » و « السرمدي » على الواجب ـ جلّ شأنه ـ من قبيل حمل الذاتيات ، لأنّ ذاته ـ تعالى ـ بذاته يكون مصداق حمل الباقي والسرمدي ؛ وقد عرفت فيما سبق أنّ القول بأنّ الصفات الكمالية عين له ـ تعالى ـ ليس المراد منه أنّ مفهوم عالم وقادر مثلا عين ذاته ـ تعالى ، لأنّ المفهومات زائدة على ذاته تعالى ـ ، بل المراد منه انّ المعبّر عنه بهذا المفهوم يكون عين ذاته ، فمفهوم الباقي والسرمدي ومفهوم البقاء والسرمدية أيضا زائدة على ذاته ـ تعالى ـ ، لكن المعبّر عنه بهذا المفهوم عين ذاته ـ تعالى ـ ، انتهى.

ويمكن أن يقال : قد أشار بعض المشاهير إلى حمل الدليل المذكور على ما ذكرناه بقوله : « نعم! ، لو كان المراد بعدم الزيادة عدم الزيادة في الخارج » ؛ إلاّ انّا قد أشرنا إلى أنّ ذلك مسامحة ؛ والمراد واضح.

الثاني : إنّ الواجب لو كان باقيا بالبقاء الّذي هو ليس / ٢٢٨ DA / نفس ذاته لما كان واجب الوجود لذاته ، لأنّ ما هو موجود لذاته فهو باق لذاته ـ ضرورة أنّ ما بالذات لا يزول ابدا ـ وإذا فسّر البقاء بصفة يعلّل بها الوجود في الزمان الثاني لكان لزوم المحال أظهر ، لأنّه يؤول إلى أنّ الواجب موجود في الزمان الثاني لأمر سوى ذاته.

واعترض عليه : بأنّ اللازم ليس إلاّ افتقار صفة إلى صفة أخرى نشأت من

٥١١

الذات ، ولا امتناع فيه ، كالارادة يتوقّف على العلم والعلم على الحياة.

وردّ بأنّ افتقار الوجود إلى أمر سوى الذات ينافي الوجوب بالذات ؛ وهو بديهي.

قيل : وعلى هذا يعود هذا الوجه الثاني إلى الوجه الأوّل ، إذ لا بدّ في اتمامه من أنّ البقاء وجود خاصّ ، فباقي المقدّمات مستدرك.

وفيه : انّ الكلام في أنّه لا يصلح أن يكون البقاء صفة يعلّل بها الوجود ، وبناء هذا الاستدلال على ذلك ، إذ حاصل الاستدلال انّ كون الوجود معلّلا بغير الذات ينافي وجوب الوجود سواء كان لذلك الغير صفة من صفات الذات أو لا ؛ وظاهر أنّ هذا البيان لا يحتاج إلى اخذ كون البقاء وجودا خاصّا ، لأنّه لو لم يكن البقاء وجودا خاصّا أيضا لتمّ هذا البيان ، لأنّ بناء هذا البيان على أنّه لا يصحّ أن يكون لوجود الواجب علّة سوى الذات ، فظهر الفرق بين الوجهين.

الثالث : إنّ الذات لو كان باقيا بالبقاء لا بنفسه فان افتقر صفة البقاء إلى الذات لزم الدور ـ لتوقّف ثبوت كلّ في الزمان الثاني على الآخر ـ ؛ وإن افتقر الذات إلى البقاء مع استغنائه عنه كان الواجب هو البقاء لا الذات ، هذا خلف ؛ وإن لم يفتقر أحدهما إلى الآخر ـ بل اتفق تحقّقهما معا ـ لزم تعدّد الواجب ، لأنّ كلاّ من الذات والبقاء يكون مستغنيا عمّا سواه ، إذ لو افتقر الباقي إلى شيء آخر لافتقر إلى الذات ضرورة افتقار الكلّ إليه ، والمستغني عن جميع ما سواه واجب قطعا ؛ هذا.

مع أنّ ما فرض من عدم افتقار البقاء إلى الذات محال ، لأنّ افتقار الصفة إلى الذات ضروري.

الرابع : إنّ البقاء لو كانت صفة ازلية زائدة على الذات قائمة به كانت باقية بالبقاء ويتسلسل.

فان قيل : هو باق بالبقاء من نفسه لا زائد عليه حتّى يتسلسل ؛

قلنا : فحينئذ يجوز أن يكون الباري ـ تعالى ـ باقيا ببقاء هو نفسه.

اعلم! ، أنّ الدليل الثاني والثالث يدلاّن على أنّ عدم زيادة البقاء انّما هو من خواصّ الواجب ، وأنّ وجوب الوجود يدلّ على نفي الزيادة ، فهذان الدليلان يمكن

٥١٢

اجرائهما في نفي زيادة كلّ صفة من صفاته ـ سبحانه ـ. وامّا الدليل الأوّل والرابع فيدلاّن على أنّ البقاء من حيث هو بقاء لا يمكن أن يكون زائدا ، وأنّ هذه الصفة من شأنها عدم الزيادة ، فمقتضاها إنّ البقاء في الممكنات أيضا غير زائدة على ذواتها. / ٢٢٦ MB /

ثمّ هذه الادلّة وإن صرّح فيها بعدم زيادة البقاء إلاّ انّها يجري في عدم زيادة السرمدية ومرادفاتها من دون تفاوت أصلا ، وقد اشرنا إلى ذلك في أوّل المبحث.

وقال بعضهم : اثبات عينية البقاء مستلزم لاثبات عينية السرمدية وبالعكس وإن قطع النظر عن اشتراك الأدلّة. أمّا الأوّل ـ أعني : استلزام ثبوت عينية البقاء لثبوت عينية السرمدية ـ فلأنّ البقاء لمّا كان أعمّ من السرمدية ـ نظرا إلى أنّ البقاء هو الموجودية المستمرّة ، سواء كانت دائمة أو في قطعة من الزمان ـ والسرمدية هي الموجودية ازلا وابدا فكما انّ نفي العامّ مستلزم لنفي الخاصّ فكذلك نفي زيادة العامّ على شيء يستلزم نفى زيادة الخاصّ عليه ، فمن نفي زيادة البقاء على ذاته ـ تعالى ـ يعلم نفي زيادة السرمدية عليها.

وامّا الثاني ـ أعني : استلزام عينية السرمدية لعينية البقاء ـ لأنّ عينية الخاصّ مع اشتماله على زيادة لشيء يستلزم عينية العامّ له.

ويرد على الأوّل : إنّه قد يكون معنى عينيا لشيء غير زائد عليه ، والخاصّ الّذي هو فرد منه من حيث انّه خاصّ يكون زائدا عليه ، كالحيوان الناطق فانّه غير زائد على النوع الطبيعى ـ أعني : الانسان ـ وفرده ـ كزيد المحفوف بالشخص زائد على حقيقة الانسان ، لأنّ التشخّص الّذي داخل في حقيقة زيد من عوارض حقيقة الانسان ، فمجرّد / ٢٢٨ DB / بيان نفي زيادة البقاء لكونه عامّا لا يوجب عدم زيادة السرمدية الّتي هي اخصّ منه.

ويرد على الثاني : منع الاستلزام.

فان قيل : العامّ إذا كان ذاتيا للخاصّ وثبت أنّ الخاصّ لا يكون زائدا على شيء معيّن وجب أن يكون عام ذلك الخاصّ أيضا غير زائد على ذلك الشيء ؛

٥١٣

قلنا : هذا انّما يتمّ إذا ثبت أنّ البقاء ذاتي للسرمدية وجزء له ، وهو في محلّ المنع. وأيضا إذا كانت السرمدية عينا للواجب وجب أن لا تكون مركّبة ، بل وجب أن تكون حقيقتها حقيقة بسيطة بحيث لا يكون تكثّرا فيها أصلا ، فلا يمكن أن يكون البقاء جزء وذاتيا له ـ لاستلزامه التركيب ـ.

وبما ذكرناه يظهر أنّ المناط في استلزام عينية كلّ من البقاء والسرمدية لعينية الآخر هو جريان الدلائل المذكورة فيهما معا.

ثمّ إنّه بعد دلالة الأدلّة المذكورة على عدم زيادة السرمدية والبقاء يثبت عينيتهما بالمعنى المذكور ـ أي : يكون الذات الّذي هو صرف الوجود بذاته منشئا لانتزاع مفهوميهما ـ. وحقيقتهما هي عين الذات في الخارج والذهن وإن كان مفهوماهما الاعتباري الانتزاعي زائدا على الذات الّذي هو عين حقيقتهما.

وقال بعض المشاهير : إن أريد بتلك الزيادة المنفية الزيادة على الذات مطلقا ـ أي : في كلّ من طرفي الذهن والخارج ـ اتّجه عليه أنّ الدلائل المذكورة لا يدلّ عليه ، بل انّما يدلّ على عدم زيادته في الخارج ، فالمتّجه أنّ المراد بعدم الزيادة هو عدم الزيادة في الخارج ؛ انتهى.

وقد عرفت بما ذكرناه ما فيه من التسامح والاختلال!. ونزيدك بيانا بما ذكره بعض الأفاضل رادّا عليه حيث قال : وفيه إنّ ما ذهب إليه الأكثرون هو أنّ البقاء عين الذات ـ كالوجود والعلم والقدرة ـ ، ومعنى عينية الصفات في الواجب ـ تعالى ـ على ما ذكر هو أنّ الله ـ سبحانه ـ باعتبار ذاته مصداق حمل موجود وعالم وباق وغيرها ، بل مصداق حمل وجود وعلم وبقاء ـ بناء على أنّه تعالى نفس الوجود والعلم والبقاء ـ وليس المراد أنّه ـ تعالى ـ نفس مفهوم العلم والعالم والوجود والموجود ، لأنّ جميع المفهومات عرضية بالقياس إليه ـ سبحانه ـ ، بل إنّ ما يعبّر عنه بالوجود أو العلم وغيرهما من الصفات هو ذات الواجب ـ سبحانه ـ. وكذا الحال في الانسان بالقياس إلى زيد مثلا ، لأنّ الانسان الّذي يكون ذاتيا لزيد ليس هو مفهوم الانسان ، بل الذاتي له انّما هو المعبّر عنه بمفهوم الانسان وهو النوع الطبيعى الموجود في الخارج بوجود

٥١٤

الاشخاص الخارجية ، فالذي يكون ذاتيا لشيء ولا يكون زائدا بالقياس إليه يكون ذاتيا له في الخارج والذهن معا ؛ ولا معنى لكون الذاتي ذاتيا في ظرف دون ظرف ، لأنّ الذاتية والعرضية انّما يكون في نفس الأمر لا باعتبار ظرف الذهن أو الخارج.

وإذا علمت ذلك نقول : إنّ ما ذكره بقوله : « اتّجه عليه أنّ الدلائل المذكورة ـ إلى آخره ـ » غير متوجّه ، لأنّ الدلائل المذكورة دلّت على عينية البقاء ، وإذا كان البقاء عينا يكون ذاتيا لا عرضيا ، فلا يكون زائدا أصلا لا في الخارج ولا في الذهن ، وقد ذكر هذا القائل في مبحث نفي / ٢٢٧ MA / الشريك إنّ الوجود الحقيقي والوجوب الحقيقي ـ أي : ما يعبّر عنه بمفهوم الوجود الانتزاعي والوجوب الانتزاعي ـ عين له ـ تعالى ـ في الذهن والخارج جميعا. والغرض إنّ ما هو عين له انّما هو المعبّر عنه بمفهوم الوجود والبقاء وغيرهما من الصفات الكمالية ، وذلك المعبّر عنه يكون عينا له في الخارج والذهن جميعا ؛ وامّا المفهوم فهو ليس بعين ، بل زائد مطلقا. ومعنى كونه عينا في الذهن انّه لو جاز حصوله في الذهن لما جاز انفكاكه عنه في الذهن أيضا.

حجّة الكعبي واتباعه : إنّ البقاء مقارنة الوجود لأكثر من زمان واحد بعد الزمان الأوّل ، وذلك لا يعقل فيما لا يكون زمانيا. واعتبر الحكم بكون الكلّ اعظم من جزئه ، فانّه لا يمكن أن يقال : إنّه واقع في زمان أو في جميع الازمنة كما لا يقال إنّه واقع في مكان أو في جميع الأمكنة. وإذا كان الحكم التصديقي كذلك فما يتوقّف عليه الحكم أولى بأن يكون كذلك ؛ وعلّة الزمان لا يكون زمانيا ، فكيف مبدأ الكلّ؟ ؛ فاذن الواجب ـ سبحانه ـ لا يتّصف بالبقاء وانّما اتصافه به نوع من التشبيه بالزمانيات.

وأجيب عنه : بأنّ البقاء إذا كان / ٢٢٩ DA / حقيقة في الزمانيات فيلزم أن يكون اطلاق « الباقي » عليه مجازا ، والحال أنّ الباقى من اسمائه الحسنى. فالاولى أن يقال : البقاء على قسمين : أحدهما بقاء زماني ؛ والآخر بقاء حقّ ؛ والأوّل ـ تعالى ـ باق بالبقاء بالمعنى الثاني دون الأوّل.

أقول : قد عرفت فيما سبق أنّ الواجب ـ سبحانه ـ متعال عن الزمان ومحيط به وليس وجوده ـ الّذي هو عين ذاته ـ زمانيا ، فلا يكون وجوده في الزمان حتّى يكون

٥١٥

بقائه بمعنى وقوعه في الزمان المستمرّ. كيف ولو كان بقائه بهذا المعنى لزم أن لا يكون بقائه دائميا حتّى يكون سرمديا ازليا ـ لأنّ الزمان حادث ـ ؛ إلاّ أن يعمّم الزمان بحيث يشمل الزمان الموهوم. وقد عرفت بطلانه. فالسرمدية والبقاء بمعنى ثبوت وجوده في الوعاء اللائق به ـ أعني : السرمد ـ ، ومعنى الامتداد فيه يظهر لنا بتصوير أنّه لو وقع في الزمان لكان له امتداد. وتوضيح ذلك يظهر لمن تدبّر فيما ذكرناه في بحث الحدوث الدهري.

والظاهر أنّ المراد من البقاء الحقّ الّذي تقدّم في الجواب هو هذا المعنى ، ولا ريب في أنّ البقاء حقيقة في هذا المعنى في عرف الشريعة والعقلاء وإن لم يكن حقيقة فيه عند اللغويين ـ نظرا إلى عدم تعقّلهم لذلك ـ.

٥١٦

الباب الثاني

في صفاته السلبيّة

٥١٧

( الباب الثاني )

( في صفاته السلبيّة )

اعلم! ، أنّ الصفات الّتي تسلب عنه ـ سبحانه ـ هي الصفات الّتي ثبوتها له ـ تعالى شأنه ـ يوجب تركّبا أو احتياجا أو نقصا ـ كثبوت التركيب بايّ وجه كان والشريك في وجوب الوجود والجوهرية والعرضية والتحيّز والحلول والجهة وحلول الحوادث ـ. ونفي كلّ منها راجع إلى تجرّده وتنزيهه عمّا لا يليق بساحة كبريائه.

ونحن نبيّن نفي ما يجب أن يبيّن نفيه منه في فصول.

٥١٨

الفصل الأوّل

في نفي التركيب عنه ـ تعالى ـ

٥١٩

( الفصل الأوّل )

( في نفي التركيب عنه ـ تعالى ـ )

اعلم! ، أنّ التركيب والكثرة المنفيين عنه ـ سبحانه ـ إمّا تركيب وكثرة مع الذات ـ وهو الكثرة الّتي يتصوّر باعتبار الذات والوجود أو الذات والعكس ـ ؛

أو كثرة بعد الذات ـ وهو الكثرة الّتي يتصوّر باعتبار الانقسام إلى الذات والصفات الكمالية ـ ؛

أو كثرة قبل الذات ـ وهي الكثرة الّتي تكون باعتبار تركّب الذات والماهية من الأجزاء ـ ، وهذا على قسمين :

أحدهما : التركيب من الأجزاء العقلية الذهنية ـ كالجنس والفصل ـ ؛

وثانيهما : من الأجزاء الخارجية ، سواء كانت اجزاء مقدارية متشابهة أو غير متشابهة ، أو اجزاء غير مقدارية ـ كالمادّة والصورة ـ.

ثمّ إنّ تجرّده ـ سبحانه ـ عن هذه التركيبات يسمّى بالأحدية كما أنّ تفرّده عن الشريك في وجوب الوجود يسمّى بالواحدية ، لأنّ الأحدية انّما هو معنى عدم الانقسام إلى الأجزاء ـ سواء كانت اجزاء من قبل الذات أو معه أو بعده ـ ؛ والواحدية هو عدم الانقسام إلى الأجزاء والجزئيات.

والمفهوم من كلام الشيخ في الاشارات إنّ الاحدية هي عدم قبول القسمة إلى

٥٢٠

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568