سيدة عش آل محمد صلى الله عليه وآله

سيدة عش آل محمد صلى الله عليه وآله0%

سيدة عش آل محمد صلى الله عليه وآله مؤلف:
تصنيف: النفوس الفاخرة
الصفحات: 152

سيدة عش آل محمد صلى الله عليه وآله

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد أبو الحسن هاشم
تصنيف: الصفحات: 152
المشاهدات: 40566
تحميل: 6898

توضيحات:

سيدة عش آل محمد صلى الله عليه وآله
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 152 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 40566 / تحميل: 6898
الحجم الحجم الحجم
سيدة عش آل محمد صلى الله عليه وآله

سيدة عش آل محمد صلى الله عليه وآله

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وعليه فقد يكون المصدر الذي استقى منه الشيخ الصدوق قد ذكر اسم هارون بن المسيّب مجرداً عن الاسم واللقب التالي، فتصوّره الرشيد، خاصّة وأنّ الجلودي كان قد خدم الرشيد كما مرّ عليك في ثنايا حادثة الاقتحام التي نقلها الشيخ الصدوق.

الأمر الثاني: أنّ الشيخ الصدوق قد خلط بين محمد بن جعفر الذي خرج في زمن الرشيد، وبين محمد بن جعفر الذي خرج في زمن المأمون فالذي خرج في زمن الرشيد هو محمد بن جعفر بن يحيى بن الحسن بن الحسن بن الحسن كما في مروّج الذّهب حيث يقول: (وقد كان محمد بن جعفر بن يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي (كرّم الله وجهه)، سار إلى مصر، فطلب، فدخل المغرب، واتصل ببلاد تاهرت السفلى، واجتمع إليه خلق من النّاس، فظهر فيهم بعدل وحسن استقامة، فمات هنالك مسموماً )(١) .

والذي خرج في زمن المأمون هو محمد بن جعفر بن محمد - كما مر آنفاً.

فنستنتج مما سبق: أنّ هذه الحادثة كانت في زمان المأمون، وقبيل وفاة السيدة المعصومةعليها‌السلام بسنتين:

وعلى فرض وقوعها في عهد هارون فالسيدة تكون أيضا قد عايشت الواقعة بكل تفاصيلها، فكما ذكر الشيخ الصدوق أنّ الحادثة وقعت وقد كان مضى أبو الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام ، أي بعد عام ١٨٣هـ.

***

____________

(١) مروج الذهب: ج٣ ص ٣٥٣.

٦١

كانت هذه صورة من صور المحن والآلام التي عاشتها سيدتنا ومولاتنا المعصومةعليه‌السلام .

ويكفيك أن تتخيل وتتصور أجنبياً يروم دخول دارك، فيكشف عرضك ليسلب أمّك أو زوجتك أو أختك. فما هو حالك إذا علمت أنّ المراد سلبهنّ هنّ بنات أهل بيت العصمة والطهارة؟

يكفيك تصوّر ذلك حتى تعلم عظم الحادثة وفجاعتها.

٦٢

(ج) السيدة تعايش ترحيل أخيها

سنة٢٠١ هـ

يوم ١٠ جمادي الآخر

مدينة مرو

الإمام الرضاعليه‌السلام وأخوه إسماعيل، وعمّه محمد بن جعفر، وعلي بن الحسن بن زيد، وابن الأرقط، ومجموعة ممن كان قد خرج على المأمون، يقدم بهم رجاء بن الضحّاك على مرو، ويدخلهم على المأمون لعشر خلون من جمادي الآخر سنة إحدى ومائتين، فقد أمر المأمون بإشخاصهم وإشخاص من كان قام عليه من الطالبيين، فحملهم الجلودي وأخذ بهم على طريق البصرة - الأهواز(١) في المفاوز والبراري لا في العمران، لئلاّ يراه الناس فيرغبوا فيه، فما من منزل من منازل إلاّ وله فيه معجزة(٢) .

وصاروا إلى فارس حيث لقيهم رجاء بن الضّحاك وتسلّمهم من

____________

(١) شرح الأخبار: ج٣ ص ٣٣٩.

(٢) العوالم: ج ٢٢ ص ٢٢٩ ح ٣ من المستدركات.

٦٣

الجلوديّ(١) .

وبذلك يكون الإمام قد فارق مدينة جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكانعليه‌السلام قبل إخراجه قد دخل المسجد النبوي الشريف ليودّع جده، فودّعه مراراً، كل ذلك (وهو) يرجع إلى القبر، ويعلو صوته بالبكاء والنحيب. فتقدّم إليه مخول السجستاني وسلٌم عليه، فردّ السلام.

وقالعليه‌السلام :« زرني، فإنّي أخرج من جوار جدي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأموت في غربة » (٢) .

كل هذا في منظر ومسمع من السيدة المعصومة وإخوتها وأخواتها حيث إنّ الإمامعليه‌السلام حينما أرادوا الخروج به من المدينة جمع عياله، وأمرهم بالبكاء عليه، ثم فرّق فيهم اثني عشر ألف دينار.

ثم قال:« أما إني لا أرجع إلى عيالي أبداً » (٣) .

وهكذا أُخرِج الإمامعليه‌السلام من مدينة جدّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أمام أخته المصونة وسائر عياله، وعيونهم عبرى، وقلوبهم مملوءة بالحزن والأسى.

____________

(١) شرح الأخبار: ج٣ ص ٣٣٩.

(٢) عيون الأخبار: ج٢ ص ٢١٧ ح ٢٦.

(٣) عيون أخبار الرضا: ج٢ ص ٢١٧ ح ٢٨.

٦٤

٥ - هجرتها

(أ) هجرة إخوتها إلى (شيراز) .

(ب) ركب السيدة يحاصر في (ساوة) :

(ا / ب) لماذا سميت هذه البلدة بـ ( قم )؟

(٢ / ب) في فضل ( قم ) وأهلها.

(٣ / ب) ( قم ) تستقبل السيدة المعصومة.

(٤ / ب) السيدة المعصومة تفارق الحياة.

(٥ / ب) المأمون يعترف.

٦٥

٦٦

وتمضي الأيام والأيام على مفارقة السيدة المعصومة لأخيها الإمام الرضا، فتتسلم منه كتاباً يأمرها أن تلحق به، فقد كانت أثيرة عنده، وعزيزة عليه، ولمّا انتهى الكتاب إليها تجهّزت للسفر إليه(١) .

وليست الهجرة مسألة جديدة في حياة أهل البيت وأولادهم ومواليهم، فقد سعى العباسيّون ومن قبلهم الأمويون لتشتيتهم في البلدان وإبادتهم، حتى أنّ أبا الفرج الأصفهاني كتب كتابه (مقاتل الطالبيين لبيان ذلك، وكتب المسعودي أيضاً كتابه (حدائق الأذهان في أخبار أهل بيت النبي وتفرّقهم في البلدان).

وحتى قال دعبل الخزاعي:

____________

(١) ترجمة تاريخ قم ص ٢١٣، وحياة الإمام الرضاعليه‌السلام : ج٢ ص ٣٥١ نقلاً عن جوهرة الكلام: ص ١٤٦.

٦٧

لا اضحك الله سن الدهر إن ضحكت

وآل أحمـد مظلمـون قـد قهـروا

مشردون نفـوا عـن عقـر دارهم

كأنهم قـد جـنوا مـا ليس يغـتفر

يخرج ركب السيدة المعصومة مع بعض إخوتها

ويخرج بعض آخر من إخوتها في ركب ثانٍ باتجاه طوس

ركبان عظيمان يتّجهان نحو طوس لللقاء بإمامهمعليه‌السلام :

أحدهما يتجه إليها عن طريق الري وساوة

والآخر يتجه إليها عن طريق شيراز.

فالإمام الرضاعليه‌السلام قد استأذن المأمون في قدومهم عليه(١) .

____________

(١) شبهاي بيشاور: ص ١١٥.

٦٨

(أ) هجرة إخوتها إلى شيراز

كان إخوة الإمام الرضاعليه‌السلام : أحمد، ومحمد، وحسين، على رأس هذا الركب الذي ضمّ عدداً كبيراً من بني أعمامهم وأولادهم وأقاربهم ومواليهم ووصل عددهم إلى ثلاثة آلاف(١) .

وفي الطريق انضمّ إليهم جمع كثير من موالي ومحبي أهل البيتعليهم‌السلام ، فصار عددهم ما يقرب من خمس عشرة ألف نسمة رجالاً ونساء(٢) ، يتجهون إلى طوس عن طريق شيراز ليحظوا برؤية الإمامعليه‌السلام ، ويرفلوا بأثواب البركة في جواره(٣) .

ولمّا وصل خبر القافلة وهذا التجمع الكبير إلى المأمون، خشي على ملكه وسلطانه من التزلزل إذا ما وصلت هذه القافلة العظيمة إلى خراسان، فأمر ولاته بمنع زحف هذا الركب وإرجاعهم إلى

____________

(١) أعيان الشيعة: ج٣ ص ١٩٢.

(٢) شبهاي بيشاور: ص ١١٧.

(٣) وما نُقل عن كتاب لباب أو لبّ الأنساب من أنّهم خرجوا لطلب الثار لأخيهم، هذا لا يساعده التاريخ، كما أنّه لا يناسب خروج قافلة مسالمة، وإلاّ لتعرّض لها كل ولاة وأتباع المأمون قبل شيراز.

٦٩

المدينة(١) .

فجّهز حاكم شيراز - آنذاك - جيشاً جراراً من أربعين ألف جندي وتوجّه إلى الركب، فالتقى بهم في (خان زينان) على ثمانية فراسخ(٢) من شيراز.

فتوقفت قافلة بني هاشم تستطلع الأمر.

قال الحاكم لهم: إنّ الخليفة يأمر بإرجاعكم من حيث أتيتم.

فقال أمير الركب أحمد بن موسى: إننا لا نريد سوى زيارة أخينا الإمام الرضا. وما قصدناه إلاّ بعد استئذان وإجازة المأمون نفسه.

قال الحاكم: قد يكون ما ذكرت، ولكنّه أصدر الأمر إلينا بمنعكم من إكمال سيركم.

فتشاور الإخوة فيما بينهم، واتفقوا على إكمال مسيرتهم، واحتاطوا لذلك بجعل النساء في آخر القافلة ..

في الصباح تحرّكوا من جديد

ولكن حاكم شيراز وجنده الأربعين ألفاً قطعوا الطريق عليهم

فبدأت معركة دامية، أبدى فيها إخوة الإمام وسائر أفراد القافلة شجاعة فائقة، ولا عجب في ذلك فهم من بني هاشم أصل الشجاعة ومنبت البطولة، وعلى أثر ذلك انكسر جيش الأعداء، وتفرّقوا فلجئوا حينئذٍ إلى المكر والخديعة.

____________

(١) ولعلّ سبب استقدام الإمام لإخوته هو كشف النوايا الخبيثة للمأمون - كما سيظهر لك، فليست هجرتهم مجرد لقاء إخوة بأخيهم، وليست العواطف هي الباعث عليها وإنما الأمر فوق ذلك.

(٢) أي على بعد ٤٤ كيلومتراً من شيراز (الفرسخ الشرعي = ٥ | ٥ كيلومتر).

٧٠

فنادى رجل منهم: إن كان تريدون ثمّة الوصول إلى الرضا فقد مات!!

فسرت هذه الشائعة بين أفراد القافلة كالبرق، وهدّت أركانهم، وكيف لا؟ إنهم يسمعون خبر وفاة إمامهمعليه‌السلام .

وكان ذلك سبباً لتفرّق أفراد القافلة عن الإخوة الكرام.

فتوجّه الإخوة الثلاثة إلى شيراز ليلاً بعد أن غيّروا ألبستهم حتى لا يعرفوا، وتفرّقوا فيها وتفرّغوا للعبادة، ولبثوا مدة دون أن يعرفهم أو يتوصل إليهم أحد.

ولكن على أثر انتشار الجواسيس توصّلوا إلى مكان أحمد بن موسى.

فأرسل الحاكم جيشاً كبيراً لاعتقاله. وكان أحمد بن موسى قد اختفى في دار أحد الموالين لهم، فخرج من الدار يقاتلهم قتالاً مستميتاً دفاعاً عن نفسه.

فماذا يا ترى يفعل فرد واحد أمام بلدة مخالفة وجيش كبير؟!

إنّه أظهر شجاعة عظيمة، وكان بين فترة وأخرى يدخل الدار فيستريح. وعندما لم يتمكنوا منه لجأوا إلى الجيران، وأحدثوا فجوة إلى تلك الدار عبر دار الجيران ثم غافلوه وقتلوه في الموضع الذي نراه الآن والمعروف بـ (شاه جراغ).

كما أنّهم قتلوا أخاه ُ حسيناً بالقرب من بستان، وله مزار أيضاً في شيراز ويُعرف بالسيد (علاء الدين حسين).

وأما السيد محمد فلم يتمكنوا منه، وعُرِف بكثرة العبادة، ولذا

٧١

كان يلقّب بـ (محمد العابد)، وتوفي ودفن في بقعته الشريفة من شيراز(١) .

***

بعد أن عرفنا ما حدث لهذا الركب، تعالوا بنا نستطلع ما يجري على ركب السيدة المعصومة وإخوتها الآخرين.

____________

(١) شبهاي بيشاور: ص ١١٥ - ١٢٢، تحفة العالم: ج٢ ص ٢٨.

٧٢

(ب) ركب السيدة يحاصر في (ساوة)

كانت هذه القافلة تضم اثنين وعشرين علوياً، وعلى رأسها السيدة فاطمة المعصومةعليها‌السلام وإخوتها: هارون(١) ، وفضل، وجعفر، وهادي(٢) ، وقاسم، وبعض من أولاد إخوتها، وبعض الخدم(٣) .

فأرسل المأمون شرطته إلى هذه القافلة أيضاً، فقتل، وشرّد كل من فيها، وجرحوا هارون المذكور، ثم هجموا عليه وهو يتناول الطعام فقتلوه(٤) .

وكان ذلك نهاية أليمة ومفجعة لهذا الركب من بني هاشم، فقدت فيها السيدة المعصومةعليها‌السلام سائر إخوتها، فشابهت مصيبتها بفقدهم مصيبة عمّتها زينبعليه‌السلام في كربلاء.

وخارت قواها وضعفت، فسألت من حولها:

- كم بيننا وبين قم؟

____________

(١) الحياة السياسية للإمام الرضاعليه‌السلام : ص ٤٢٨.

(٢) لم يذكر أحد أنّ للإمام ولداً باسم هادي ولعلّه هارون وصحف.

(٣) زندگاني حضرت معصومة، نقلاً عن رياض الأنساب ومجمع الأعقاب.

(٤) الحياة السياسية للإمام الرضاعليه‌السلام : ص ٤٢٨.

٧٣

قالوا: عشرة فراسخ(١) .

فقالت: إحملوني إليها(٢) .

وقبل أن نواصل معايشتنا مع السيدة المعصومةعليها‌السلام نتوقف قليلاً لنعرف شيئاً مما ذكره المعصومونعليهم‌السلام في فضل قم وأهلها.

(١ / ب) لماذا سمّيت هذه البلدة بـ ( قم )؟

في معجم البلدان: - قم - (قرية اسمها كمندان، فأسقطوا بعض حروفها فسميت بتعريبهم(٣) قما)(٤) .

وفي دائرة المعارف الإسلامية الشيعية: أنّ أصل اسمها ( كم ) - بمعنى قليل بالفارسية - إذ كانت عبارة عن قرية صغيرة ثم عربت بعد الفتح الإسلامي فصارت ( قم )(٥) .

فهذان قولان مختلفان في سبب تسميتها بـ ( قم )، ولكن نفس

____________

(١) أي خمسة وخمسون كيلومتراً تقريباً.

(٢) ترجمة تاريخ قم: ص ٢١٣.

(٣) أي بتعريب الأشعريين الشيعة الذين نزلوا بها في عام ٨٣ هـ، وهم غير الأشعريين أصحاب المذهب الكلامي.

(٤) معجم البلدان: ج٤ ص ٣٩٧.

(٥) دائرة المعارف الإسلامية الشيعية: ج٣ ص٢٢٩ و٢٣٠.

٧٤

التاريخ لا يوافقهما، إذ أنّ تسميتها بذلك كان معروفاً قبل الفتح الإسلامي، ومنذ زمن كسرى (أنوشروان).

ففي الأخبار الطوال: ( ثم قسّم كسرى أنوشروان المملكة أربعة أرباع، وولّى كل ربع رجلاً من ثقاته، فأحد الأرباع: خراسان، وسجستان، وكرمان، والثاني إصبهان، وقم، إلخ)(١) .

وفي موقعة (جلولاء) التي كان من قادتها الصحابي الجليل حجر بن عدي، هزم يزدجر فتحمل بحرمه وحشمه وما كان مع من أمواله وخزائنه حتى نزل قم(٢) .

فتسميتها بـ ( قم ) كان معروفاً قبل الفتح الإسلامي، وعلى هذا فليس (الأشعريون) هم الذين سمّوها بـ ( قم ) كما ادعاه صاحب معجم البلدان.

فما هو سبب تسميتها إذن؟

وباستعراض روايات المعصومينعليهم‌السلام - الذين هم ملاذنا وملجأنا دائماً وفي كل شيء - نجد ثلاث روايات في سبب هذه التسمية: -

الرواية الأولى:

عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال:« حدّثني أبي، عن جدي، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لمّا اُسري بي إلى السماء حملني جبرئيل على كتفه الأيمن، فنظرت إلى بقعة بأرض الجبل حمراء

____________

(١) الأخبار الطوال: ص ٦٧.

(٢) المصدر السابق: ص ١٢٨.

٧٥

أحسن لوناً من الزعفران، وأطيب ريحاً من المسك، فإذا فيها شيخ على رأسه برنس (١) .

فقلت لجبرئيل: ما هذه البقعة الحمراء التي أحسن لوناً من الزعفران، وأطيب ريحاً من المسك؟

قال: بقعة شيعتك وشيعة وصيك علي.

فقلت: من الشيخ صاحب البرنس؟

قال: إبليس.

قلت: فما يريد منهم؟

قال: يريد أن يصدهم عن ولاية أمير المؤمنين، ويدعوهم إلى الفسق والفجور.

فقلت: يا جبرئيل، أهوِ بنا إليهم.

فأهوى بنا إليهم أسرع من البرق الخاطف والبصر اللامح.

فقلت: قم يا معلون، فشارك أعداءهم في أموالهم وأولادهم ونسائهم، فإنّ شيعة علي ليس لك عليهم سلطان ».

فسميّت ( قم )(٢) .

والرواية الثانية:

عن عفّان البصري، عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام :

قال:« أتدري لم سميّت ( قم )؟

قلت: الله ورسوله أعلم.

____________

(١) البرنس: قلنسوة طويلة.

(٢) علل الشرائع ص ٥٧٢ باب ٣٧٣.

٧٦

قال:إنّما سميّت ( قم ) لأنّ أهلها يجتمعون مع قائم آل محمد (صلوات الله عليه)، ويقومون معه، ويستقيمون عليه، وينصرونه » (١) .

وأما الرواية الثالثة فهي:

عن أبي مقاتل الديلمي نقيب الري.

قال: سمعت أبا الحسن علي بن محمدعليه‌السلام يقول:

« إنّما سميت قم به لأنّه لمّا وصلت السفينة إليها في طوفان نوح عليه‌السلام قامت » (٢) .

(٢ / ب) في فضل ( قم ) وأهلها:

إضافة إلى ما مرّ من الروايات، هناك روايات أخرى في فضل ( قم ) وأهلها، نقلت عن أهل بيت العصمة والطهارة، وإليكم باقة منها: -

عن الإمام الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام قال:

« إنّ لعَلى ( قم ) ملَكاً يرفرف عليها بجناحيه، لا يريدها جبّار بسوء إلاّ أذابه الله كذوب الملح في الماء » (٣) .

وعنهعليه‌السلام أنّه قال:

« إذا أصابتكم بليّة وعناء فعليكم بـ ( قم )، فإنّها مأوى الفاطميين، ومستراح المؤمنين، وسيأتي زمان ينفر أولياؤنا ومحبونا عنّا، ويبعدون

____________

(١) ترجمة تاريخ قم: ص ١٠٠، والبحار: ج٦٠ ص ٢١٦ ح٣٨.

(٢) ترجمة تاريخ قم: ص ٩٦، والبحار: ج٦٠ ص ٢١٣ ح٢٤.

(٣) ترجمة تاريخ قم: ص ٩٩، والبحار: ج٦٠ ص ٢١٧ ح٣٦.

٧٧

منّا وذلك لمصلحة لهم، لكي لا يعرفوا بولايتنا، ويحقنوا بذلك دماءهم وأموالهم. وما أراد أحد بـ ( قم ) وأهلها سوءاً إلاّ أذلّه الله، وأبعده من رحمته » (١) .

وعن الإمام الكاظمعليه‌السلام أنّه قال:

« قم عش آل محمد، ومأوى شيعتهم، ولكن سيهلك جماعة من شبابهم بمعصية آبائهم، والاستخفاف والسخريّة بكبرائهم ومشايخهم، ومع ذلك يدفع الله عنهم شرّ الأعادي وكل سوء » (٢) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال:

« ما أرادهم - يعني أهل قم -جبّار من الجبابرة إلاّ قصمه الله » (٣) .

عن الإمام الرضاعليه‌السلام أيضاً:

« إذا عمّت البلدان الفتن فعليكم بقم وحواليها ونواحيها، فإنّ البلاء مرفوع عنها » (٤) .

كما روي عنهم أنّه:« لولا القُميّون لضاع الدين » (٥) .

حيث إنّ الكثير من الرواة والمحدّثين هم من أهل ( قم ).

وكل ما ذكر في فضل ( قم ) وأهلها إنما هو بشرطها وشروطها، والحديث التالي يبين ذلك.

فقد روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام :

____________

(١) ترجمة تاريخ قم: ص ٩٨، والبحار: ج٦٠ ص ٢١٤ ح٣٢.

(٢) ترجمة تاريخ قم: ص ٩٨، والبحار: ج٦٠ ص ٢١٤ ح٣١.

(٣) اختيار معرفة الرجال: ص ٣٣٣ ح ٦٠٨.

(٤) ترجمة تاريخ قم: ص ٩٧، والبحار: ج٦٠ ص ٢١٧ ح٤٤.

(٥) بحار الأنوار: ج٦٠ ص ٢١٧ ح٤٣.

٧٨

« تربة قم مقدّسة، وأهلها منٌا ونحن منهم، لا يريدهم جبّار بسوء إلاّ عجّلت عقوبته ما لم يخونوا إخوانهم، فإذا فعلوا ذلك سلّط الله عليهم جبابرة سوء » (١) .

وهذا غيض من فيض روايات المعصومينعليهم‌السلام في شأن ( قم ) وأهلها.

إذن ليس غريباً أن تختار السيدة المعصومة مدينة ( قم )، خاصة وأنها كانت من قبل قد سمعت عن جدها الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال:« وإنّ لنا حرماً وهو بلدة قم، وستدفن فيها امرأة من أولادي تسمى فاطمة » (٢) .

وبهذا الزخم التاريخي تخرج ( قم ) لاستقبالها، وكان قدومها إيذاناً بعهد جديد لمدينة ( قم ) ولأهلها.

(٣ / ب) ( قم ) تستقبل السيدة المعصومة:

عندما وصلتعليها‌السلام إلى (ساوة)، ومرضت فيها بعد فقد إخوتها، كان خبرها قد وصل إلى ( قم )، فخرج أشرافها لاستقبالها، يتقدمهم موسى بن خزرج الأشعري، فلمّا وصل إليها أخذ بزمام ناقتها وقادها إلى منزله(٣) ، تحفّ بها إماؤها وجواريها.

____________

(١) ترجمة تاريخ قم: ص ٩٣، البحار: ج٦٠ ص ٢١٨ ح ٤٩.

(٢) ترجمة تاريخ قم: ص ٢١٥، وعنه في البحار: ج٦٠ ص ٢١٦ ح٤١، ومستدرك الوسائل: ج١٠ ص ٣٦٨ ح١.

(٣) ترجمة تاريخ قم: ص ٢١٣.

٧٩

(٤ / ب) السيدة المعصومة تفارق الحياة:

بقيتعليها‌السلام في دار موسى الأشعري سبعة عشر يوماً، فما لبثت إلاّ هذه الأيام القليلة وتوفيت(١) .

ولا يبعد أن يكون سبب وفاتها أنها قد دُسّ السُم إليها في (ساوة)(٢) .

وأمر موسى بن خزرج بتغسيلها وتكفينها، وحملوها إلى مقبرة (بابلان) ووضعوها على سرداب حفر لها، فاختلفوا في من ينزلها إلى السرداب.

ثم اتفقوا على خادم لهم صالح كبير السن يقال له (قادر) فلمّا بعثوا إليه رأوا راكبين مقبلين من جانب الرملة وعليهما لثام، فلما قربا من الجنازة نزلا السرداب وأنزلا الجنازة، ودفناها فيه، ثم خرجا ولم يكلمّا أحداً، وركبا وذهبا ولم يدر أحد من هما(٣) .

ونقل أنّها (سلام الله عليها) توفيت في الثاني عشر من ربيع الثاني عام ٢٠١ هـ(٤) .

ولكن هذا لا ينسجم مع ما نقله صاحب دعائم الإسلام في كتابه (شرح الأخبار) من أنّ الإمام الرضاعليه‌السلام ادخل على المأمون

____________

(١) ترجمة تاريخ قم: ص ٢١٣.

(٢) الحياة السياسية للإمام الرضا: ص ٤٢٨، عن قيام سادات علوي: ص ١٦٨.

(٣) ترجمة تاريخ قم: ص ٢١٣ و٢١٤.

(٤) مستدرك سفينة البحار: ج ٨ ص ٢٥٧.

٨٠