سيدة عش آل محمد صلى الله عليه وآله

سيدة عش آل محمد صلى الله عليه وآله0%

سيدة عش آل محمد صلى الله عليه وآله مؤلف:
تصنيف: النفوس الفاخرة
الصفحات: 152

سيدة عش آل محمد صلى الله عليه وآله

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد أبو الحسن هاشم
تصنيف: الصفحات: 152
المشاهدات: 40568
تحميل: 6898

توضيحات:

سيدة عش آل محمد صلى الله عليه وآله
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 152 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 40568 / تحميل: 6898
الحجم الحجم الحجم
سيدة عش آل محمد صلى الله عليه وآله

سيدة عش آل محمد صلى الله عليه وآله

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

في العاشر من جمادي الآخر سنة ٢٠١ هـ(١) ، ومن المعلوم أنّ الإمامعليه‌السلام أرسل في طلب أخته المعصومةعليها‌السلام بعد وصوله، وما نقل من تاريخ وفاتها يكون قبل وصولهعليه‌السلام إلى (خراسان)، وهذا معناه أنّ الإمامعليه‌السلام لم يطلبها، وأنّها لم تهاجر قاصدة أخاها، وهذا مما تنفيه الأخبار والتاريخ. وبناءً على ذلك يمكن أن يكون تأريخ وفاتها هو الثامن من شعبان سنة ٢٠١ هـ، كما نقله الشيخ المنصوري في (حياة الست) نقلاً عن كتاب مخطوط باسم (رياض الأنساب ومجمع الأعقاب) الذي نقله بدوره عن (الرسالة العربية العلوية) للشيخ الحرّ العاملي صاحب كتاب (وسائل الشيعة).

وعلى كل حال فقد فارقت روح السيدة المعصومة الحياة بعد أن كابدت صنوف الألم والمشقة والعذاب فسلام عليها يوم ولدت ويوم ماتت ويوم تبعث حية.

( ٥ / ب ) المأمون يعترف ...!!

ذكرنا احتمال أن يكون وفاة السيدة المعصومةعليه‌السلام بسبب سم دُسّ إليها في (ساوة)، إما من أهلها المتعصبين، وإما من أتباع وشرطة المأمون بأمرٍ منه، وكان من قبل قد قتل إخوتها في (ساوة) و (شيراز)، ثم قتل الإمام الرضاعليه‌السلام فيما بعد.

وللمأمون اعتراف بجناياته وظلمه لأهل البيتعليهم‌السلام وأولادهم ومواليهم، نسجله للتأريخ والأجيال بياناً لحقيقة المأمون.

____________

(١) شرح الأخبار: ج٣ ص ٣٤٠.

٨١

يقول المأمون في كتاب له في الجواب عن بني هاشم:

( حتى قضى الله تعالى بالأمر إلينا، فأخفناهم، وضيّقنا عليهم، وقتلناهم أكثر من قتل بني أمية إياهم.

ويحكم! إنّ بني أميّة إنّما قتلوا منهم من سلّ سيفاً، وإنّا معشر بني العباس قتلناهم جملاً.

فلتسألن أعظم الهاشمية بأيّ ذنبٍ قتلت؟!

ولتسألن نفوس أُلقيت في (دجلة) و (الفرات).

ونفوس دُفنت بـ (بغداد) و (الكوفة) أحياء.

هيهات إنّه من يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره، ومن يعمل مثال ذرةٍ شرّاً يره )(١) .

فهل كانت الغلبة لبني العبّاس والمأمون بقتلهم هذه النفوس الزكيّة ..؟

إنٌ الحقيقة تأبى إلاّ أن تسفر عن وجهها

فهذا قبر السيدة المعصومة وقبر أخيها الإمام الرضا محجّة ومزار

... أعدائهم لا تعرف، لا تزل

بل تصب عليهم اللعائن مدى الأيام والأعصار

____________

(١) بحار الأنوار: ج٤٩ ص ٢١٠، عن صاحب الطرائف عن ابن مسكوية.

٨٢

٦ - الجنة لمن زارها

٨٣

٨٤

ثلاثة من المعصومينعليهم‌السلام يبشّرون من زارها بالجنة.

١ - فهذا الإمام الصادقعليه‌السلام يبشّر زوارها بالجنة قبل ولادتها.

قال عليه‌السلام : « إنّ لله حرماً وهو مكة، وإنّ للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله حرماً وهو المدينة، وإنّ لأمير المؤمنين عليه‌السلام حرماً وهو الكوفة، وإنّ لنا حرماً وهو بلدة قم. وستدفن فيها امرأة من أولادي تسمى فاطمة، فمن زارها وجبت له الجنة » (١) .

٢ - وعن سعد بن سعد، قال: سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام عن زيارة فاطمة بنت موسىعليه‌السلام .

فقال:« من زارها فله الجنة » (٢) .

٣ - وعن الإمام الجوادعليه‌السلام أنّه قال:

____________

(١) ترجمة تاريخ قم: ص ٢١٥، وعنه في البحار: ج٦٠ ص ٢١٦ ح٤١، ومستدرك الوسائل: ج١٠ ص ٣٦٨ ح١.

(٢) كامل الزيارات: ص ٣٢٤ ح١، وثواب الأعمال: ص ٩٨، وعيون أخبار الرضا: ج٢ ص ٢٦٧.

٨٥

« من زار عمتي بقم فله الجنة » (١) .

والسؤال الآن: هل كل من زارها تجب له الجنة حتى لو كان فاسقاً فاجراً مخالفاً؟

يجيب الإمام الرضاعليه‌السلام على ذلك فيقول:

« يا سعد! عندكم لنا قبر (٢)

قال سعد: جعلت فداك، قبر فاطمة بنت موسىعليهما‌السلام .

قال: نعم، من زارها عارفاً بحقها فله الجنة » (٣) .

فليس كل من زارها تجب له الجنة، وإنما العارف بحقها وحق آبائها وأبنائهم الطاهرين تجب له بزيارتها الجنة. وأنّى يكون ذلك للمخالف لهم في العقيدة والعمل؟!

وقد قال الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

« والذي نفسي بيده لا ينتفع عبد بعمله إلاّ بمعرفة حقنا » (٤) .

____________

(١) كامل الزيارات: ص ٣٢٤ ح٢.

(٢) أي: هل عندكم لنا قبر في قم؟ فسؤالهعليه‌السلام طلب للتقرير فلحن السؤال يدل على أنه ليس استفهاماً حقيقياً بل إخبار وتقرير.

(٣) بحار الأنوار: ج١٠٢ ص ٢٦٥ ح٤، ومستدرك الوسائل: ج١٠ ص ٣٦٨ ح٣.

(٤) المحاسن: ج١ ص ١٣٥ ح١٦٩.

٨٦

٧ - يا فاطمة إشفعي لي في الجنة

٨٧

٨٨

هذه جملة شريفة من زيارة السيدة المعصومةعليها‌السلام (١) ، تشهد بشفاعتها يوم القيامة، فهي تشفع كشافعة آبائها في شيعتهم.

ولكي نعرف عظمة الشفاعة ودرجة الشفيع يوم القيامة لا بدّ لنا من التحدث عن الشفاعة ولو قليلاً، حتى يتسنّى لنا معرفة شيء من عظمة السيدة المعصومةعليها‌السلام : -

الآيات القرآنية المباركة التي تتحدّث عن الشفاعة يمكن تقسيمها إلى مجموعات ثلاثة.

المجموعة الأولى: آيات ترفض الشفاعة بشكل مطلق، كقوله تعالى:( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمّا رَزَقْنَاكُم مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ ) (٢) .

وقوله تعالى:( وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ ) (٣) .

المجموعة الثانية: آيات تحصر الشفاعة في الله تعالى، كقوله سبحانه:( مَا لَكُم مّن دُونِهِ مِن وَلِيّ وَلاَ شَفِيعٍ ) (٤) .

____________

(١) زيارة السيدة المعصومةعليها‌السلام مذكورة في آخر الكتاب.

(٢) سورة البقرة: الآية (٢٥٤).

(٣) سورة البقرة: الآية (٤٨).

(٤) سورة السجدة: الآية (٤).

٨٩

وقوله تعالى:( قُل للّهِ‏ِ الشّفَاعَةُ جَمِيعاً ) (١) .

والمجموعة الثالثة: آيات تثبت الشفاعة لغير الله تعالى، ولكنها منوطة بإذنه، كقوله تعالى:( وَلاَ تَنفَعُ الشّفَاعَةُ عِندَهُ إِلّا لِمَنْ إِذِنَ لَهُ ) (٢) .

وقوله سبحانه: ( مَن ذَا الّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلّا بِإِذْنِهِ ) (٣) .

وهذه الآية الأخيرة تشتمل على رفض وقبول.

فجملة المستثنى منه ترفض شفاعة كل أحد.

ولكن جملة المستثنى تقبل الشفاعة المقترنة بإذن من الله تعالى.

فالشفاعة أمر لا ينكر في القرآن المجيد، إذ فيه آيات متعددة تدل أو تصرح بها.

ولا توجد أي شائبة شرك في الشفاعة، فلسنا كأهل الجاهلية:( وَالّذِينَ اتّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلّا لِيُقَرّبُونَا إِلَى اللّهِ زُلْفَى ) (٤) ، فهم قد عبدوا أصنامهم بزعمهم أنّها تقربهم إلى الله تعالى، ونحن لا نعبد الشفيع، وإنّما نجعل الشفيع المأذون من قبل الله تعالى، نجعله وسيلة لنا عند الله وإلى الله تعالى، لمكانته ووجاهته عنده، وفرق بين جعل الولي والشفيع معبوداً - كما عليه أهل الجاهلية - وبين جعله وسيلة إلى الله وحده لا شريك له.

فالشفاعة لا تكون إلاّ بإرادة منه تعالى، ومنوطة بإذنه، وليس

____________

(١) سورة الزمر: الآية (٤٤).

(٢) سورة سبأ: الآية (٢٣).

(٣) سورة البقرة: الآية (٢٥٥).

(٤) سورة الزمر: الآية (٣).

٩٠

لأحد أن يجعل من مخلوق شفيعاً لمخلوق آخر في حضرة الله عزّ وجلّ، وما من شفيعٍ يحق له أن يتشفع بغير إذنٍ من الله تعالى. فقل لي بربك: أين الشرك في ذلك؟

ولا تستلزم الشفاعة تغييراً في حكم وإرادة الله تعالى كما هو حال (المشفوع عنده) من الناس، كالسلطان الذي يحكم بقتل شخص، فيريد قتله، فيأتي المقرّب عنده ويشفع له، فيقبل شفاعته، ويغيّر حكمه من القتل إلى العفو، فليس الأمر كذلك في محكمة العدل الإلهي.

وللتوضيح نبسط القول أكثر.

لدينا ثلاثة أمور:

١ - المشفوع عنده: وهو الله سبحانه وتعالى.

٢ - الشفيع: كالرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأهل بيته الكرامعليهم‌السلام .

٣ - المشفوع له: وهو المذنب.

وموضوع الشفاعة هو ذلك المذنب الذي يستحق العقوبة بذنبه، فيأتي الشفيع فيشفع له عند الله تعالى فيعفوا عنه. فهل يتغير حكم الله تعالى وعلمه كما يتغير حكم سلاطين أهل الدنيا؟ حاشا لله ذلك.

إنّ الشفيع عند السلطان يغير ويؤثر في إرادة وحكم السلطان، ولكن الشفيع عند الله تعالى لا يغير ولا يؤثر في إرادة وعلم الله تعالى، بل يكون تأثير الشفيع على المذنب - الذي هو موضوع علم الله وإرادته -، فالمذنب حكمه العقوبة قبل الشفاعة، ولكنّه بضميمة شفاعة الشفيع يصير حكمه العفو، فالذي تغيّر هو الموضوع، وحكم الله وإرادته لم تتغير، إذ إنّ إرادته كانت منذ البداية هي عقوبة المذنب غير المشفوع له،

٩١

وهذا مشفوع له فلا يعاقب، كالتّائب المقبولة توبته، فهو قبل التوبة مستحق للعقوبة، وبالتوبة يشمله العفو والغفران الإلهي، فالمذنب لم يغير بتوبته علم الله تعالى ولا إرادته، بل غيّر نفسه وبدّل سلوكه وصار كمن لا ذنب له، فتغيّر لذلك الحكم الإلهي بتغيّر الموضوع، فالحكم الإلهي ثابت لم يتغير وإنما تغيّر الموضوع، ولكل موضوع حكمه الخاص.

وبكلمة موجزة:

شفاعة الشَّفيع عند السلطان تغيّر الموضوع، وتغيّر حكم السلطان، ولكن شفاعة الشفيع عند الله تعالى تغيّر الموضوع فقط، وحكمه تعالى وإرادته وعلمه، كل ذلك ثابت لا يتغير.

ثم إنّ الشفاعة أمر متعارف بين الناس، وعليه سيرة العقلاء، وهي ما تسمى اليوم بـ (الوساطة)، فالضعيف يجعل القوي يتوسط له في قضاء حاجته عند الحاكم والسلطان وفي الدوائر الحكومية، ولكن هناك فرق بين شفاعة أهل الدنيا وشفاعة الأولياء الصالحين.

فالشفاعة في عالم الناس اليوم قد تكون وسيلة إصلاحية تربوية، يعود بها المشفوع له إلى جادة الصواب، وقد تكون وسيلة لارتكاب المزيد من المعاصي والتشجيع عليها.

ولكنّ الشفاعة بمفهومها الديني لا تكون إلاّ وسيلةً إصلاحية تدعو إلى الخير وعدم اليأس من رحمة الله بارتكاب معصية قد سوّلت له نفسه جنايتها في وقت من الأوقات.

فالشفاعة عامل إيجابي يدفع الخلق إلى الصلاح، ولا يجرئهم على ارتكاب المزيد من المعاصي.

٩٢

وعند استعراض روايات أهل بيت العصمة والطهارة تبرهن لك إيجابية الشفاعة، فإنّ أصنافاً من الناس لا تنالهم الشفاعة، وإنّ بعض الأعمال لتحجب الشفاعة.

وأما الأصناف التي لا تنالهم الشفاعة فمنها:

١ - السلطان الظالم.

٢ - المغالي في الدين.

٣ - الناصبي.

فقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

« صنفان لا تنالهما شفاعتي: سلطان غشوم عسوف. وغالٍ في الدين مارق منه غير تائب ولا نازع » (١) .

وقال الإمام الصادقعليه‌السلام :

« ولو أنّ الملائكة المقرّبين والأنبياء والمرسلين شفعوا في ناصب (٢) ما شفعوا » (٣) .

وسمع الإمام الباقرعليه‌السلام أنّه قال:

« من أبغض علياً دخل النار، ثم جعل الله في عنقه اثنتي عشرة ألف شعبة، على كل شعبة منها شيطان يبزق في وجهه ويكلح (٤) » (٥) .

____________

(١) قرب الإسناد: ص ٦٤ ح٢٠٤.

(٢) لقد مر عليك معنى الناصبي في ص ٥٤ فراجع.

(٣) يكلح: يكشر في عبوس.

(٤) المحاسن: ص ٢٩٧ ح٢٠٢.

٩٣

وأما الأعمال التي تحجب الشفاعة، ويُحرَم فاعلها نعمة الشفاعة فمنها:

١ - عدم الإيمان بالشفاعة:

فعن الإمام الرضا عن أبيه عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله الله شفاعتي »(١) .

٢ - التعرض لذرية الرسول الأقدسصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأذىً وغيره:

« والله لا تشفعت فيمن آذى ذريتي » (٢) .

٣ - الاستخفاف بالصلاة:

عن الإمام الباقرعليه‌السلام ، قال:« قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا ينال شفاعتي من استخف بصلاته، ولا يرد عليٌ الحوض لا والله » (٣) .

وعن أبي بصير، قال: دخلت على (أم حميدة)(٤) أعزيها بأبي عبد اللهعليه‌السلام ، فبكت وبكيت لبكائها.

____________

(١) أمالي الصدوق، المجلس الثاني: ص ١٦ ح ٤.

(٢) أمالي الصدوق، المجلس التاسع والأربعون ب ص ٢٤٢ ح٣.

(٣) المحاسن: ج١ ص ١٥٩ ح٦.

(٤) الظاهر أنّ المراد السيدة (حميدة المصفاة) زوجة الإمام الصادقعليه‌السلام ، بقرينة تعزيتها بشهادة الإمامعليه‌السلام .

٩٤

ثم قالت: يا أبا محمد لو رأيت أبا عبد اللهعليه‌السلام عند الموت لرأيت عجباً. فتح عينيه، ثم قال: إجمعوا إليٌ كل من كان بيني وبينه قرابة.

قالت: فما تركنا أحداً إلاّ جمعناه.

قالت: فنظر إليهم.

ثم قال:« إنّ شفاعتنا لا تنال مستخِّفاً بصلاته » (١) .

٤ - شرب المسكر:

عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

( لا والله لا ينال شفاعتي من شرب المسكر ولا يرد عليٌ الحوض لا والله) (٢) .

أيها القارئ الكريم: تلك بعض الأصناف التي تحرم الشفاعة، وهذه كانت بعض الأعمال التي تحجب الشفاعة. ففيمن تكون الشفاعة إذن؟

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

« إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي » (٣) .

ولكن كيف يستحق أهل الكبائر(٤) الشفاعة؟ وبماذا يستوجبونها؟

إنّما استحقوها واستوجبوها بإتيانهم عملاً أهّلهم للشفاعة.

فمن ذلك:

____________

(١) المحاسن: ج١ ص ١٥٩ ح٨.

(٢) الكافي: ج٦ ص ٤٠٠ ح١٩.

(٣) من لا يحضره الفقيه: ج٣ ص ٥٧٤ ح٤٩٦٣.

(٤) يستثنى منهم ما استثنته الروايات كشارب الخمر - مثلاً - والسلطان الظالم.

٩٥

١ - زيارة المعصومينعليهم‌السلام :

فعن الإمام أبي عبد اللهعليه‌السلام قال:« قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

من أتاني زائراً كنت شفيعه يوم القيامة » (١) .

وقال الإمام الحسينعليه‌السلام لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :« يا أبتاه، ما لمن زارك؟

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله :يا بني، من زارني حيّاً أو ميتاً، أو زار أباك، أو زار أخاك، أو زارك، كان حقاً عليٌ أن أزوره يوم القيامة، وأخلّصه من ذنوبه » (٢) .

وروى البزنطي عن الإمام الرضاعليه‌السلام قال:

« ما زارني أحد من أوليائي عارفاً بحقي، إلاّ شفعت فيه يوم القيامة » (٣) .

٢ - مودة وإكرام ذرية الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

فعن الإمام أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال:« قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (إنّي شافع يوم القيامة لأربعة أصناف لو جاءوا بذنوب أهل الدنيا:

رجل نصر ذريتي.

____________

(١) الكافي: ج٤ ص ٥٤٨ ح٣.

(٢) المصدر السابق: ج٤.

(٣) من لا يحضره الفقيه: ج٢ ص ٥٨٣ ح٣١٨٤.

٩٦

ورجل بذل ماله لذريتي عند المضيق.

ورجل أحب ذريتي باللسان والقلب.

ورجل سعى في حوائج ذريتي إذا طُردوا أو شرِّدوا »(١) .

٣ - صنع المعروف:

عن الإمام أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام . قال:

« إنّ المؤمن منكم يوم القيامة ليمرّ عليه بالرجل وقد أُمر به إلى النار. فيقول له: يا فلان أغثني، فقد كنت أصنع إليك المعروف في الدنيا.

فيقول المؤمن للمَلك: خلِّ سبيله.

فيأمر الله المَلك أن أجز قول المؤمن.

فيخلّي الملك سبيله »(٢) .

وتارة يدخل المشفوع له الجنة بسبب ذلك العمل الذي رجح على معصيته من دون أن يرى العذاب، وتارة لا تناله الشفاعة حتى يدخل جهنم ويذوق ألم العذاب.

فعن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال:

« شفاعة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وشفاعتنا تحيط بذنوبكم يا معشر الشيعة، فلا تعودوا، ولا تتّكلوا على شفاعتنا، فو الله لا ينال أحد شفاعتنا إذا فعل هذا(٣) حتى يصيبه ألم العذاب،

____________

(١) الكافي: ج٤ ص ٦٠ ح٩.

(٢) المحاسن: ص ٢٩٤ ح ١٩٤.

(٣) فعل هذا: أي إذا زنى وفجر بجارية أخيه، ولم يتب، ولم يتحلل من صاحب الجارية - كما في الرواية -.

٩٧

ويرى هول جنهم » (١) .

فبعض العصاة لا تطهرهم إلاّ جنهم، ثم تنالهم الشفاعة.

وبعد هذا كله، هل يبقى شك أو ريب في أنّ الشفاعة عامل إيجابي يدعو إلى الصلاح، ويحّفز على ترك الذنوب والمعاصي؟

واتضح أنّ الشفاعة فيها إظهار لعظمة الخالق، وعظمة الشافع، وعظمة العمل المشفوع به، فهي:

١ - إظهار لعظمة الخالق جلّ وعلا:

أرأيت الملك كيف يُنصّب الوزراء والقوّاد والحجّاب، فيقومون بالوظائف والأعمال، وتكون له جهة الإشراف والمراقبة؟

فكذلك الأمر مع ملك الملوك والملك الحقيقي، فهو تعالَ اسمه أوكل الوحي إلى جبرائيل، وقبض الأرواح إلى عزرائيل، وأمرْ الرياح والأمطار إلى ملائكة آخرين، وأوكل هداية الناس إلى الرسل، مع قدرته تعالى على كل ذلك بمجرد إرادة منه فيقول كن فيكون. ومن ذلك أن جعل الشفاعة لرسله وأوليائه، وكله إظهاراً لعظمته، وتجلّياً لقدرته، وتبييناً لجلالته.

٢ - وإظهار لعظمة العمل المشفوع به:

وقد مرّ عليكم مثل تلك الأعمال كزيارة المعصومينعليهم‌السلام ، وإكرام ذراريهم.

٣ - وإظهار لعظمة الشافع:

درجة الشفاعة درجة سامية، وكلمّا تعاظمت منزلة الشفيع عند الله، كلما كانت شفاعته أكبر. فالشفعاء يوم القيامة على درجات ومراتب.

____________

(١) من لا يحضره الفقيه ج٤ ص ٣٩ ح٥٠٣٤.

٩٨

فمنهم من يشفع في جاره وحميمه.

قال الإمام الصادقعليه‌السلام :

« إنّ الجار يشفع لجاره، والحميم لحميمه »(١) .

وسئل الإمام الصادقعليه‌السلام عن المؤمن هل يشفع في أهله؟

قال:« نعم المؤمن يشفع فيُشفّع » (٢) .

وعن الإمام الباقرعليه‌السلام :

« وإنّ أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع لثلاثين إنساناً، فعند ذلك يقول أهل النار:( فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) (٣) »(٤) .

ومنهم من تصل منزلته ليشفع في مثل ربيعة ومضر.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام :

« من مات يوم الخميس بعد زوال الشمس إلى يوم الجمعة وقت الزوال، وكان مؤمناً، أعاذه الله عزّ وجل من ضغطة القبر، وقبل شفاعته في مثل ربيعة ومضر » (٥) . إلى أن تصل المنزلة إلى منزلة المقام المحمود، وهي منزلة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهي أعلى منزلة.

____________

(١) المحاسن: ص ٢٩٤ ح١٩٢.

(٢) المصدر السابق: ح ١٩٣،آق.

(٣) سورة الشعراء، الآية ( ١٠٠ و١٠١ ).

(٤) الكافي: ج٨ ص ١٠١ ح٧٢.

(٥) من لا يحضره الفقيه: ج٤ ص ٤١١ ح٥٨٩٦، وقوله (في مثل ربيعة ومضر): أي بمثل عدد قبيلتي ربيعة ومضر.

٩٩

قال الإمام الباقرعليه‌السلام :

« إنّ لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شفاعةً في أُمته » (١) .

بل عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال:

« ما أحد من الأولين والآخرين إلاّ وهو يحتاج إلى شفاعة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم القيامة » (٢) .

وأما السيدة المعصومة، حفيدتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هي الأخرى لها درجة مرموقة من الشفاعة.

فقد روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال:

« ألا إنّ قم الكوفة الصغيرة، ألا إنّ للجنة ثمانية أبواب، ثلاثة منها إلى قم، تقبض فيها امرأة من ولدي، اسمها فاطمة، بنت موسى، وتدخل بشفاعتها شيعتي الجنة بأجمعهم » (٣) .

وهذا مما يدل على مدى عظمة السيدة المعصومةعليها‌السلام ، وعلوّ شأنها عند الله تعالى.

____________

(١) المحاسن: ص ٢٩٤ ح ١٩٠.

(٢) المصدر السابق: ص ٢٩٣ ح ١٨٨.

(٣) بحار الأنوار: ج٦٠ ص ٢١٦ ح٤١.

١٠٠