• البداية
  • السابق
  • 339 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 29572 / تحميل: 8980
الحجم الحجم الحجم
خلاصة علم الكلام

خلاصة علم الكلام

مؤلف:
العربية

خلاصة علم الكلام

الدكتور عبد الهادي الفضيلي

١

هذا الكتاب

نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنينعليهما‌السلام للتراث والفكر الإسلامي

بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى قريبة إنشاء الله تعالى.

٢

٣

٤

بِسمِ اللّهِ الرحمِن الرحِيم

الحمد للّه وسلام على عباده الذين اصطفى.

وبعد:

فيعتد علم الكلام في طليعة المعارف التي أسهمت إسهاماً حياً في دراسة العقيدة الاسلامية أو ما يعرف قديماً بأصول الدين.

فهناك الدراسة القرآنية للعقيدة التي حفلت بها كتب التفسير وعلوم القرآن، والتي أفاد منها هي الأخرى.

ويضاف الى هذه المدونات الحديثية في التوحيد، وكذلك هي الأخرى أفاد منها.

وجديداً انضم الى هذه المعارف الدراسات العلمية التي اعتمدت نتائج العلوم الانسانية والعلوم الطبيعية في الاستدلال على قضايا التوحيد بخاصة وسائر العقائد بعامة، ولأنها متأخرة زماناً عن الدراسات الكلامية لم يكن بينهما من التفاعل ما قد يؤدي الى شيء من التلاقح.

ولأن علم الكلام - مضافاً الى أهميته في مجال معرفة العقيدة التي أشرت اليها - لا يزال يمدنا بمعطياته وتجاربه العلمية في الدرس العقائدي الاسلامي.

وبغية أن تتكامل لدى الدارس الديني مقدمات العلوم الشرعية التي قدمت منها محاولات متواضعة في النحو والصرف والتربية الدينية والعروض والبلاغة والمنطق واصول الفقه، قمت بهذه المحاولة المتواضعة في وضع هذه المقدمة الكلامية.

٥

وقد نهجت في تأليف الكتاب المنهج الذي سلكته في تأليف المقدمات التي سبقته، فبدأت بتعريف الموضوع ثم بيان أقسامه - إن وجدت- ، ثم الاحكام بعرض مختصر لادلتها، مع المقارنة، والمناقشة أحياناً، فالانتهاء الى النتيجة المطلوبة.

وتوخيت قدر المستطاع الاختصار والتوضيح، الا في مسائل رأيت الفائدة في أن أطيل وأتوسع في بحثها لما لها من أهمية علمية او خلافية، ولأضيف ما جدَّ من آراء ونظريات.

وقرنت العقل بالنقل لما بين العقل والشرع من إلتقاء تام، فلم أسلك المنهج العقلي خالصاً ولا المنهج النقلي محضاً.

وحاولت أن أقتصر وسع الطاقة على آراء المذاهب الكلامية التي لا تزال قائمة حتى عصرنا هذا، وهي:

من السنة: الاشاعرة والماتريدية والصوفية والسلفية.

ومن الشيعة: الامامية والزيدية والاسماعيلية.

ومن غيرهما: الاباضية.

وكان معها من المذاهب التاريخية او التي انتهى معتنقوها: مذهب المعتزلة، لأنه أشهر وأعرق وأشمل مذهب كلامي.

وختاماً: إذ أضع هذه المحاولة المتواضعة بين يدي القراء الكرام، آمل أن أجد من ملاحظات المعنيين والمختصين ما يرفع من مستواها ويصحح من أخطائها، واللّه تعالى ولي التوفيق وهو الغاية.

عبد الهادي الفضلي

٦

علم الكلام

- مقدمته

- منهجه

- مصطلحاته

٧

٨

مقدمة علم الكلام

لا تخلتف مقدمة علم الكلام عن سائر مقدمات العلوم الاخرى في احتوائها: تعريفه، وبيان موضوعه الذي يبحث فيه، والغاية او الفائدة من دراسته وتعلمه، وذلك التزاماً بالمنهج المنطقي في تدوين العلوم الذي يفرض على المؤلف في علم ما أن يبدأ بتدوين مقدمته مضمناً إياها: تعريفه، وبيان موضع بحثه، والغاية من تعلمه.

ثم وبعد المقدمة، يعرض موضوعاته حسب تسلسلها الفني وترابطها العضوي.

ومن بعدها يأتي بالخاتمة منهياً بها علمه المؤلَّف فيه.

وفي هدي هذا، نقول:

تعريفه:

علم الكلام: هو العلم الذي يبحث فيه عن إثبات أصول الدين الاسلامي بالأدلة المفيدة لليقين بها.

شرح التعريف:

يتوفر علم الكلام على بحث ودراسة مسائل العقيدة الاسلامية الحقة بايراد الأدلة وعرض الحجج على اثباتها، ومناقشة الاقوال والآراء المخالفة لها، ومحاكمة أدلة تلكم الاقوال والآراء، وإثبات بطلانها، ونقد الشبهات التي تثار حولها، ودفعها بالحجة والبرهان.

٩

فمثلاً: اذا أردنا أن نستدل على ثبوت وجود خالق لهذا الكون، وثبوت أنه واحد لا شريك له، نرجع الى هذا العلم، وعن طريقه نتعرف الأدلة، التي يوردها علماء هذا العلم في هذا المجال.

ذلك أن هذا العلم هو الذي يعرّفنا الأدلة والبراهين والحجج العلمية التي باستخدامها نستطيع أن نثبت أصول الدين الاسلامي ونؤمن بها عن يقين.

كما أنه هو الذي يعرّفنا كيفية الاستدلال بها وكيفية اقامة البراهين الموصلة الى نتائج يقينية.

وهكذا اذا أردنا أن نعرف وجوب النبوة وصحة نبوة النبي، فإننا نعمد الى أدلة هذا العلم التي يستدل بها في هذا المجال، وندرسها، ثم نقيمها برهاناً على ذلك.

وأيضاً اذا أردنا ان ننفي شبهة التجسيم عن الذات الالهية، أو شبهتي التفويض والجبر في أفعال العباد، نرجع الى هذا العلم، وعن طريقه نستطيع معرفة ما يقال من نقد لابطالها.

ومثلها سائر مسائل وقضايا علم الكلام التي سنأتي على عرضها واستعراضها.

ولا بد في الأدلة التي يستدل بها على اثبات أي أصل من أصول الدين، وأية مسألة او قضية من مسائل هذا العلم وقضاياه من أن تكون مفيدة لليقين بالأصل أو المسألة أو القضية.

فمثلاً: لو أقمنا الدليل على ثبوت (المعاد) لا بد في هذا الدليل من أن يؤدي الى اثبات المعاد بشكل يدعونا الى الاعتقاد الجازم والايمان القاطع بثبوت المعاد، أي اليقين بمعاد الناس الى اللّه تعالى ببعثهم من القبور وحشرهم في مشهد القيامة، وعرضهم للحساب، ومن بعد مجازاتهم بالثواب أو العقاب.

ومن هنا قيّدت التعريف بقولي (المفيدة لليقين بها)، والضمير في عبارة (بها) يعود الى اصول الدين.

١٠

موضوعه:

عرفنا من خلال تعريفنا لعلم الكلام موضوعه ضمناً وهو ( أصول الدين).

وأصول الدين هي:

١ - الالوهية.

٢ - النبوة.

٣ - الامامة.

٤ - المعاد.

وما ذكر في بعض الكتب الكلامية من عناوين اخرى غير هذه الاربعة معدوداً في الاصول، فهو مندرج ضمن هذه العناوين الاربعة، وانما افرد عند بعضهم للخلاف الذي وقع فيه بين المدارس الكلامية والفرق المذهبية.

وذلك أمثال (العدل) عند الامامية والمعتزلة، فانه من موضوعات الالوهية.

و (الوعد والوعيد) و (المنزلة بين المنزلتين) عند المعتزلة و (القدر خيره وشره من اللّه) عند السنة، فانها مندرجة في الالوهية من جانب، وفي المعاد من جانب آخر.

وسميت موضوعات هذا العلم المذكورة في أعلاه باصول الدين في مقابل الاحكام القائمة على أساس منها والمبتنية عليها التي تعرف بفروع الدين.

وهذا التقسيم للدين الى أصول وفروع مأخوذ من تقسيمهم الدين الى: معرفة وطاعة.

ويعنون بالمعرفة: العقيدة، وبالطاعة: العمل.

ولأن العمل بطبيعته يقوم على المعرفة سميت مفاهيم واحكام المعرفة باصول الدين، ومفاهيم واحكام الطاعة بفروع الدين.

ونستطيع ان نتبين فحوى هذا التقسيم من فهمنا للدين بأنه توجيه لسلوك الانسان

١١

في هذه الحياة.

وسلوك الانسان - كما هو معلوم - ينقسم الى قسمين:

- السلوك النظري.

والسلوك العملي.

فاحكام الدين التي شرّعت لتوجيه السلوك النظري سميت بالمعرفة لانها عقيدة، والعقيدة: معرفة موطنها النظر (الفكر). والتي شرعت لتوجيه السلوك العملي سميت بالطاعة، لانها عمل، والعمل طاعة.

والى هذا تشير المأثورة: (الدين: اعتقاد بالجنان واقرار باللسان وعمل بالاركان).

فائدته:

تتلخص فائدة علم الكلام في التالي:

١ - معرفة اصول الدين معرفة علمية قائمة على أساس من الدليل والبرهان.

٢ - القدرة على اثبات قواعد العقائد بالدليل والحجة.

٣ - القدرة على ابطال الشبهات التي تثار حول قواعد العقائد.

الحاجة اليه:

تأتي الحاجة الى دراسة هذا العلم وأمثاله مما يوصل الى معرفة اصول الدين من وجوب معرفة اصول الدين على كل انسان توافرت فيه شروط التكليف الشرعي والالزام الديني.

ووجوب النظر في قواعد العقائد ومعرفتها وجوب عقلي، أوجبته الفطرة العقلية الملزمة بالتمسك بالدين والالتزام باحكامه وتعليماته.

وخلاصة الدليل:

١٢

هي ان يقال: إن اللّه تعالى منعم على الانسان بنعمة الخلق والايجاد.

وشكر المنعم واجب عقلاً، وذلك لأن العقلاء يذمون تاركه.

وكل فعل يستحق صاحبه الذم من قبل العقلاء بسبب تركه له هو واجب عقلي.

وشكره تعالى لا يتحقق الا باطاعته بامتثال أوامره ونواهيه.

وتقدم أن الطاعة فرع المعرفة، فاذن لا بد من المعرفة.

وقد أيدت وأكدت النصوص الشرعية هذا الوجوب، ومنها:

١ - قوله تعالى: (فاعلم أنه لا إله الا اللّه) - محمد ١٩ - ويتم الاستدلال بهذه الآية الكريمة بأن يقال:

إن قوله تعالى (إعلمْ) فعل أمر +

والأمر المجرد من قرائن الاستحباب والجواز دال على الوجوب =

ف(اعلم) يدل على وجوب معرفة الالوهية، ومعرفة تفرد اللّه تعالى بها.

٢ - قوله تعالى: (إنّ في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الالباب) - آل عمران ١٩٠ -.

قال الشيخ الطوسي: «في هذه الآية:

- دلالة على وجوب النظر والفكر والاعتبار بما يشاهد من الخلق، والاستدلال على اللّه تعالى.

- ومدح لمن كانت صفته هذه.

- وردّ على من أنكر وجوب ذلك، وزعم أن الايمان لا يكون إلا تقليداً، بالخبر.

لانه تعالى أخبر عما في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار من

١٣

الدلالات عليه، وعلى وحدانيته»(١)

وقال الشيخ الطبرسي: «وقد اشتهرت الرواية عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه لما نزلت هذه الايات قال: ويل لمن لاكها بين فكيه ولم يتأمل ما فيها»(٢) .

وفي رواية الشيخ الظواهري: «ويل لمن لاكها بين لحييه ولم يتفكر فيها»(٣) .

وفي رواية الفاضل المقداد: «ويل لمن لاكها بين لحييه ثم لم يتدبرها»(٤)

وأوضح الفاضل المقداد الاستدلال على وجوب المعرفة بهذه الرواية، بقوله: «رتب الذم على تقدير عدم تدبرها، أي عدم الاستدلال بما تضمنته الآية من ذكر الاجرام السماوية والارضية، بما فيها من آثار الصنع والقدرة والعلم بذلك، الدالة على وجود صانعها وقدرته وعلمه، فيكون النظر والاستدلال واجباً، وهو المطلوب»(٥) .

٣ - قوله تعالى: (اللّه الذي خلق سبع سموات ومن الارض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن اللّه على كل شيء قدير وأن اللّه قد أحاط بكل شيء علماً) - الطلاق ١٢ -.

تشير الآية الكريمة الى أن الغاية من خلق السموات والارض هي:

- معرفة قدرة اللّه تعالى.

- ومعرفة علمه سبحانه.

وبديهي ان هذه المعرفة لا تتأتى الا بالتدبر والتأمل والتفكر فيهما.

واذا كانت الغاية من خلق السموات والارض هي معرفة اللّه تعالى كما تشير الآية،

___________________________

(١) التبيان ٣/٧٨ - ٧٩.

(٢) مجمع البيان ٢/٢٩٨.

(٣) التحقيق التام ٣٥.

(٤) النافع يوم الحشر ٧.

(٥) من.

١٤

كانت معرفته أول الدين كما يقول الامام امير المؤمنين (ع) في اول خطبه النهجية.

ومن هنا كان التوحيد هو الأصل والأساس لسائر اصول الدين وجميع فروعه وشؤونه.

١٥

١٦

منهج علم الكلام

منهج البحث في علم الكلام أو الطريقة التي يعتمدها الباحث في دراسة مسائله وقضاياه، افكاره ونظرياته، يختلف باختلاف وجهات نظر علمائه ومدارسه التي تعرف بالفرق الكلامية في المنهج الذي ينبغي ان يتبع في دراسة وبحث الفكر الديني.

ويتلخص هذا في أن للمذاهب الاسلامية الكلامية خمسة مناهج معتمدة في البحث والدراسة، وهي:

١ - المنهج النقلي

٢ - المنهج العقلي

٣ - المنهج التكاملي

٤ - المنهج الوجداني

٥ - المنهج العرفاني

المنهج النقلي:

ويتمثل في الاعتماد على:

١ - اجماع الامة.

٢ - اجماع الصحابة.

١٧

٣ - سيرة الصحابة.

٤ - اجماع السلف - وهم مسلمو القرن الاول الهجري -.

٥ - الخبر المتواتر.

٦ - خبر الواحد المتلقى بالقبول، وعند بعضهم، خبر الواحد مطلقاً.

٧ - الأخذ بالنص الشرعي - قرآناً او حديثاً - بحمله على ظاهره الحقيقي من غير تأويل.

٨ - عدم جواز الحمل على المجاز.

٩ - التوقف في اعطاء الرأي:

أ - عند عدم وجود نص شرعي في المسألة.

ب - عند تعارض النصين الشرعيين وعدم وجود مرجح شرعي لاحدهما على الآخر.

ح - عند اجمال النص لانه متشابه أو لانغلاق فهم معناه أو لغيرهما.

وهو منهج أهل الحديث من الظاهرية والسلفية.

المنهج العقلي:

ويتمثل في الاعتماد على:

١ - الضرورة العقلية (بداهة العقول).

٢ - سيرة العقلاء.

٣ - البديهيات العقلية (المنطقية) وهي: استحالة الدور واستحالة التسلسل، واستحالة اجتماع وارتفاع النقيضين.

٤ - المبادئ الفلسفية المسلم بها، مثل: مبدأ العلية، مبدأ القسمة الى الواجب والممكن والممتنع.

١٨

٥ - اعتبار النصوص الشرعية مؤيدة ومؤكدة لمدركات العقل واحكامه.

٦ - تأويل النصوص الشرعية التي تخالف بظاهرها مرئيات العقول وفق مقتضيات القرينة العقلية.

٧ - الأخذ بالمتشابه بتأويله في ضوء ما ينهي اليه النظر العقلاني.

وهو منهج المعتزلة ومن تأثر بهم.

المنهج التكاملي:

ويتمثل في الاعتماد على:

١ - الجمع بين العقل والنقل لانه لا تعارض بينهما في الحقيقة والواقع.

٢ - الأخذ بظاهر النص ان كان مجرداً من القرائن الصارفة، ولم يتعارض والضرورة العقلية، والا ففي ضوء ما يقترن به من قرائن نقلية أو عقلية، لفظية او معنوية.

٣ - آيات القران يفسر بعضها بعضاً ويقرن بعضها البعض.

٤ - السنة القطعية تقرن القران وتفسره.

٥ - الأثر المنقول لا يعارض القرآن حتى ولو كان صحيحاً وفق قواعد علمي الرجال والحديث.

فإذا لم يمكن تأويله، تسقطه المعارضة من الاعتبار.

٦ - جواز التأويل عند وجود ما يقتضيه.

٧ - الحمل على المجاز مع وجود القرينة الداعية لذلك.

٨ - تفسير المتشابه بالمحكم او تأويله في ضوء المعقولات المرعية. وهو منهج الامامية والاشاعرة ومن سار في هديهما.

المنهج الوجداني:

ويتمثل في اعتماده على سلوك الطرق المؤدية الى تصفية الباطن واستكمال الظاهر،

١٩

بغية الفناء في الوصول الى مرحلة الحب الالهي.

وهو منهج الصوفية.

المنهج العرفاني:

وهو منهج تكاملي ايضاً يتمثل في الاعتماد على الجمع بين العقل والنقل والوجدان، فيأخذ من كلٍّ بطرف في حدود ما يتوصل به الى مستوى المعرفة المطلوبة.

وهو منهج الاسماعيلية.

ونهجه ايضاً غير واحد من علماء الفرق الأخرى.

وسأنتهج وسع الطاقة المنهج التكاملي في ما ابديه من ملاحظات، وفيما أقوم به من معالجات ومناقشات.. وباللّه التوفيق، ومنه العون.

٢٠

مصطلحات علم الكلام

تحت هذا العنوان رأيت أن أعرّف - قيل البدء بدراسة موضوعات علم الكلام تعريفاً مختصراً أهم المصطلحات التي يتردد ذكرها في لغة علم الكلام ومحاورات اساتذته وطلابه، وأن أقدم بياناً مختصراً أيضاً لأهم المسائل التي لها ارتباط بقواعد العقائد وقضاياها، لينطلق القارئ والدارس فيه بيسر ومن غير عناء مراجعةٍ خارج الكتاب لفهم ذلك، ولئلا اثقل هوامش الكتاب «بذكرها تعريفاً أو بياناً عند ورودها فيه.. وهي:

- الآن

- الابعاد والامتداد

- الاخلاط الاربعة

- الارادة التكوينية والتشريعية

- الازلي والابدي والسرمدي

- الاقتضاء واللااقتضاء

- الاكوان الاربعة

- الجوهر والعرض

- الحكمة والحكماء

٢١

- الخارجي والذهني

- الخلاء والملاء

- الدور والتسلسل

- عالم المثال

- العدم المطلق والمقيد

- العقل النظري والعملي

- العلم الحضوري والحصولي

- العلة والمعلول

- العناصر الاربعة

- القديم والحادث

- اللاهوت والناسوت

- اللطف المقرب والمحصل

- الماهية والوجود

- المواد الثلاث

- النسبة الغيرية

- الوجود الظلي

الآن

هو اللحظة بالنسبة الى الزمان كالنقطة بالنسبة الى المكان، لا امتداد لها ولا مدة، وانما هي الحد المشترك بين مدتين متعاقبتين.

أ - الأبعاد الثلاثة: الطول. العرض. العمق (= الارتفاع).

٢٢

ب - الامتداد: أحد الأبعاد الثلاثة.

الاخلاط الاربعة، هي أمزجة الانسان الاربعة: الصفراء. السوداء. البلغم. الدم.

قسم المتكلمون الارادة الالهية المتعلقة بأفعال الانسان قسمين:

١ - الارادة التكوينية:

وقد تسمى الكونية أيضاً، لانها ترتبط بالجانب الكوني أو التكويني من أفعال الانسان.

وفحواها: أن فعل العبد لا يقع منه الا بارادة اللّه تعالى، ذلك ان اللّه تعالى اذا أراد وقوع الفعل تعلقت ارادته الحتمية بجميع مقدمات الفعل والتي منها الاختيار، فيقع الفعل حتماً.

وعندما لا يريد تعالى وقوع الفعل من العبد يبطل بعض المقدمات فيعجز العبد عن إيقاعه.

فالعبد - هنا - دائماً مقهوراً في فعله تحت ارادة اللّه لان بيده الاختيار فقط الذي هو موهوب من اللّه تعالى، وباقي المقدمات خارجة من يده، فان تمت واختار العبد وقع الفعل والا فلا».

٢ - الارادة التشريعية:

وقد تسمى الشرعية أيضاً، لانها ترتبط بالجانب الشرعي أو التشريعي من أفعال الانسان.

وهي نفس الاوامر والنواهي الشرعية أو التشريعية «والتشريع هو تعليم اللّه تعالى عباده كيفية سلوكهم في طريق العبودية.

٢٣

وهذه لا تأثير لها في شيء من أفعال العباد، الا ان لها شأنية بعثهم للافعال والتروك»(١) .

الأزلي والأبدي والسرمدي

أ - الازلي: ما لا أول له.

ب - الابدي - ما لا آخر له.

ح - السرمدي: ما لا أول له ولا آخر.

وهي جميعها خارجة عن مقولة الزمان.

والاقتضاء واللا إقتضاء

٢ - الاقتضاء: الدلالة. الصلاحية.

ب - اللااقتضاء: عدم الصلاحية.

الاكوان الأربعة

الاكوان الاربعة: هي الحركة. السكون. الاجتماع. الافتراق.

الحركة: هي كون الجسم في حيزٍ بعد كونه في حيزٍ آخر، أي انتقال الجسم من مكان الى آخر.

السكون: هو كون الجسم في حيزٍ بعد كونه في ذلك الحيز، أي استمرار بقاء الجسم في مكانه.

الاجتماع: هو كون الجسمين في حيزين على وجه لا يمكن ان يتخلل بينهما جوهر.

الافتراق: هو كون الجسمين في حيزين على وجه يمكن ان يتخلل بينهما جوهر.

_____________________

(١) انظر: تعليقة السيد هاشم الحسيني الطهراني على توحيد الصدوق ص ٦٤.

٢٤

الجوهر والعرض

ينقم الموجود الممكن الى: جوهر وعرض.

الجوهر:

اختلفت عبارات المتكلمين في تعريفه:

فقال بعضهم: الجوهر: هو المتحيز(١) .

وزاد عليه بعضهم (بذاته) فقال: الجوهر: هو المتحيز بذاته(٢) وقال آخر: الجوهر: هو الذي يوجد قائماً بذاته(٣) .

وعرّفه الحكماء:

الموجود لا في موضوع(٤) .

وعرّفوه أيضاً:

ما استغنى في وجوده عن الموضوع(٥) .

وتعريفا الحكماء وكذلك التعريف الاخير للمتكلمين تعطينا معنى واحداً، وذلك لان الوجود لا في موضوع هو الاستغناء في الوجود عن الموضوع، وكذلك ان يوجد قائماً بذاته يعني لا في موضوع.

أما التعريف بالمتحيز فهو المختلف عنها.

____________________

(١) النكت الاعتقادية ٣٨٤.

(٢) التحقيق التام ٤٣.

(٣) قواعد العقائد للطوسي ٤٣٩.

(٤) كشف المراد ١٠٠.

(٥) بداية الحكمة ٩١.

٢٥

والذي يظهر لي ان التعريف بالتحيز جاء مما يذهب اليه جمهور المتكلمة، من ان الجوهر هو الجسم - كما سيأتي - ، ومن خصائص الجسم التحيز.

ومن هنا ندرك ان استغراب السيد الشهرستاني في تعليقته على تعريف الشيخ المفيد في (النكت الاعتقادية) للجوهر بالمتحيز استغراب في غير موضعه.

اما التعريفات الاخرى التي أخذت في تحديد الجوهر وجوده لا في موضوع، فهي آتية مما ذهب اليه الحكماء من أن الجوهر ليس الجسم فقط، وانما هناك العقل والنفس والصورة والهيولى اقساماً اخرى للجوهر، وفيها ما هو غير متحيز.

وقد يلاحظ هنا ان التعريف الكلامي القائل: ان الجوهر هو الذي يوجد قائماً بذاته ربما كان متأثراً بتعريف الحكماء، وهو من الخلط او التداخل الذي نراه غير قليل في كتابات المتكلمين، وربما لأن من المتكلمة من يقسم الجوهر الى: جسم، وجوهر فرد (وهو الجزء الذي لا يتجزأ، الذي يتألف منه الجسم)، والجوهر الفرد لا يتحيز لخلوه من الابعاد الثلاثة (الطول والعرض والعمق) فأراد أن يعطي التعريف الشمولية له.

العرض:

الذين عرّفوا الجوهر بأنه المتحيز، عرّفوا العرض بأنه الحال بالمتحيز. ومن عرف الجوهر بانه المتحيز لذاته، عرّف العرض بالمتحيز تبعاً لغيره.

ومن قال: ان الجوهر هو الذي يوجد قائماً بذاته، قال: العرض: هو الذي لا يوجد قائماً بذاته.

والحكماء الذين عرفوا الجوهر: هو الموجود لا في موضوع، عرفوا العرض بالموجود في موضوع.

والآخرون الذين عرفوا الجوهر بما استغنى في وجوده عن الموضوع، عرفوا العرض بما افتقر في وجوده الى موضوع. ونخلص من هذا الى ان تعريف الجوهر كلامياً هو: الموجود القائم بذاته كالاجسام.

والعرض هو الموجود القائم بغيره كالألوان القائمة بالأجسام.

٢٦

انواع الجواهر:

المعروف بين الكلاميين القائلين بنفي الجوهر الفرد أن الجوهر هو الجسم فقط.

أما القائلون بالجوهر الفرد فيقسمون الجوهر الى: الجسم والجوهر الفرد.

ويعرفون الجسم: الجوهر القابل القسمة الى الابعاد الثلاثة ( الطول والعرض والعمق).

والجوهر الفرد: الجوهر غير القابل القسمة الى الابعاد الثلاثة. والجسم عند المتكلمة القائلين بالجوهر الفرد مؤلف من اجزاء لا تتجزأ، كل جزء هو جوهر فرد.

فالجوهر الفرد - عندهم - هو الجزء الذي لا يتجزأ، والوحدة الاساسية في تأليف الجسم.

أما الشيخ المفيد فيقسم الجوهر الى أربعة اقسام هي:

النقطة والخط والسطح والجسم.

ويرى أن النقطة هي الجوهر الفرد، ولعل ذلك لانها الوحدة الاساسية في تأليف الجسم.

ويعرفها بالمتحيز الذي لا يقبل القسمة في جهة من الجهات (الابعاد الثلاثة).

ويعرّف الخط: المتحيز الذي يقبل القسمة في الطول خاصة.

والسطح: المتحيز الذي يقبل القسمة في الطول والعرض خاصة.

والجسم: المتحيز الذي يقبل القسمة في الطول والعرض والعمق(١) .

والمعروف ان التحيز المستقل لا يتم إلا لذي الأبعاد الثلاثة، وهو الجسم.

أما النقطة والخط والسطح فتحيزها تابع التحيز الجسم.

_____________________

(١) النكت الاعتقادية ٣٨٤ - ٣٨٥.

٢٧

ولعل رأيه في ان التحيز المأخوذ في حد الجوهر هو التحيز مطلقاً أي سواء كان أصلاً أو تبعاً للغير، كما هو ظاهر عبارته في تعريفه للجوهر حيث عرفه بالمتحيز ولم يقيده بعبارة (بذاته) كما فعل غيره.

ويقسم الحكماء الجوهر الى: الهيولى والصورة والجسم والنفس والعقل.

١ - الهيولى:

كلمة يونانية اصطلحها ارسطو على المادة الاولى.

وهي : الجوهر القابل للصورة.

و هي قوة محضة، ولا تنتقل الى الفعل الا بقيام الصورة بها.

٢ - الصورة:

ومن تعريف الهيولى ندرك ان الصورة: هي الجوهر الذي به تتحقق فعلية المادة.

٣ - الجسم:

هو ما تركب من المادة والصورة.

٤ - العقل:

هو الجوهر المجرد من المادة ذاتاً و فعلاً.

٥ - النفس: (وتسمى النفس الناطقة)

هي الجوهر المجرد عن المادة ذاتاً المتعلق بها فعلاً، لاحتياجها الى الآلة في التأثير.

انواع الاعراض:

قال النصير الطوسي: «الاعراض عند اكثر المتكلمين احد وعشرون نوعاً.

وعند بعضهم ثلاثة وعشرون نوعاً.

عشرة تختص بالاحياء وهي:

٢٨

١ - الحياة.

٢ - الشهوة.

٣ - النفرة.

٤ - القدرة.

٥ - الارادة.

٦ - الكراهة.

٧ - الاعتقاد.

٨ - الظن.

٩ - النظر.

١٠ - الألم.

وأحد عشر منها تكون للاحياء وغير الاحياء وهي:

١ - الكون (وهو يشمل أربعة أشياء: الحركة والسكون والاجتماع والافتراق).

٢ - التأليف.

٣ - الاعتماد (كالثقل والخفة).

٤ - الحرارة.

٥ - البرودة.

٦ - اليبوسة.

٧ - الرطوبة.

٨ - اللون.

٩ - الصوت.

٢٩

١٠ - الرائحة.

١١ - الطعم.

والاثنان اللذان زاد بعضهم هما:

١ - الفناء.

٢ - الموت(١) .

أما الحكماء فذهبوا الى أن أنواع الأعراض منحصرة في المقولات التسع التي تعرف هي والجواهر بالمقولات العشر، ذكروا في تاريخها أن أول من قال بها هو أرسطو، وهي:

١ - مقولة الكم، مثل الاعداد والمقادير.

٢ - مقولة الكيف، كالحرارة والبرودة.

٣ - مقولة الاضافة، وهي النسبة العارضة لشيء بالقياس، الى شيء آخر ، كالابّوة والبنوة.

٤ - مقولة الوضع، كالقيام والقعود.

٥ - مقولة الأين، وهي نسبة الجسم الى المكان.

٦ - مقولة المتى، وهي نسبة الشيء الى الزمان.

٧ - مقولة الجدة (الملك)، وهي نسبة الشيء الى ما هو له.

٨ - مقولة الفعل (التأثير)، نحو (كسرت الزجاج) أي أثرت فعل الكسر في الزجاج.

_____________________

(١) قواعد العقائد ٤٣٩.

٣٠

٩ - مقولة الانفعال (التأثر، او تقبل تأثير الفعل، مثل (كسرت الزجاج فانكسر) أي تأثر بفعل الكسر.

الحكمة والحكماء

أ - الحكمة: الفلسفة القديمة.

ب - الحكماء: الفلاسفة القدماء.

الخارجي والذهني

أ - الذهني: عالم الوعي الانساني.

ب - الخارجي: كل ما هو خارج الوعي الانساني، ومنه العالم الخارجي وهو عالم الحس او عالم الأعيان.

الخلاء والملاء

أ - الملاء، هو الفضاء المشغول بالمادة (الجسم).

ب - الخلاء: هو الفضاء الخالي من المادة (الجسم)، أو هو الفراغ الموهوم الذي يمكن ان يحل فيه الجسم.

الدور والتسلسل

الدور:

الدور: هو توقف وجود الشيء على نفسه.

شرح التعريف:

المراد من عبارة (وجود الشيء) في التعريف (المعلولية)، أي اعتبار الشيء معلولاً.

والمقصود من عبارة (نفسه): (نفس وجود الشيء) المذكور في اول التعريف،

٣١

فالضمير في العبارة يعود على (وجود الشيء)، واريد بالعبارة اعتبار الشيء علة.

فيكون مفاد التعريف: ان وجود الشيء باعتباره معلولاً يتوقف عليه نفسه باعتباره علة.

فيصير وجود الشيء علة لنفسه ومعلولاً لنفسه في آن واحد.

تقسيمه:

أ - اذا كان توقف الشيء على نفسه بلا واسطة، سمي الدور المصرح.

مثل أن نقول: (الانسان خلق نفسه).

فالانسان بافتراضه خالقاً لنفسه لا بد ان يكون موجوداً قبل أن يخلق نفسه للزوم تقدم العلة على المعلول.

ومعنى هذا أن وجوده معلولاً (مخلوقاً) توقف على وجوده علة (خالقاً).

والنتيجة ان وجوده توقف على وجوده، فهو لا يوجد مخلوقاً الا بعد أن يوجد خالقاً.

ب - واذا كان التوقف بواسطة سمي الدور المضمر. والواسطة قد تكون واحدة وقد تكون اكثر.

مثل: ان نقول: ان وجود (أ) يتوقف على وجود(ب)، ووجود (ب) يتوقف على وجود (أ).

فتكون النتيجة: ان وجود (أ) يتوقف على وجود (أ) نفسه، ولكن بواسطة (ب).

دليل استحالة الدور

واستدلوا على استحالة الدور بأنه يلزم منه اجتماع النقيضين، واجتماع النقيضين مستحيل.

ويتمثل اجتماع النقيضين في:

٣٢

أ - افتراض ان الشيء الواحد يكون موجوداً ومعدوماً في آن واحد.

ب - افتراض ان الشيء الواحد في آن واحد يكون وجوده متقدماً ومتأخراً.

التسلسل:

التسلسل: هو ترتب العلل لا الى نهاية.

بمعنى ان يستند الشيء الممكن الى علة، وتلك العلة تستند الى علة، وهلم جرا الى لا نهاية.

تقسيمه:

ينقسم التسلسل على قسمين: المرتَّب وغير المرتَّب.

ثم ينقسم كل واحد منهما الى قسمين أيضاً كالتالي:

١ - التسلسل المرتب:

أ - ان يكون الترتيب فيه طبيعياً، نحو التسلسل في العلل والمعلولات، والصفات والموصوفات.

ب - ان يكون الترتيب فيه وضعياً، نحو التسلسل في الاجسام.

واستحالة هذين القسمين موضع اتفاق عند الحكماء والمتكلمين.

٢ - التسلسل غير المرتب:

أ - التسلسل في الحوادث.

ب - التسلسل في النفوس الناطقة المفارقة.

وهما غير مستحيلين عند الحكماء، ومستحيلان عند المتكلمة.

دليل استحالة التسلسل:

ذكروا لبطلان التسلسل واستحالته اكثر من دليل، وأخصرها عبارة وأيسرها تناولاً

٣٣

وأقصرها في الوصول الى النتيجة ما قرره الشيخ المفيد، قال:

« الدليل على ذلك ان السلسلة الجامعة لجميع اجزاءٍ ممكنةٍ لا بد لها من مؤثر خارج عنها، والخارج عن جميع الممكنات هو واجب الوجود لذاته، فتنتهي السلسلة ويبطل التسلسل»(١)

الخلاصة:

_____________________

(١) النكت الاعتقادية ٣٨٨.

٣٤

عالم المثال

هو العالم المتوسط بين العالم العقلي وعالم المادة والطبيعة ويسمى عالم البرزخ ايضاً.

العدم المطلق والمقيد

١ - العدم المطلق: هو المقابل للوجود المطلق.

٢ - العدم المقيد: هو الذي يكون بعد الوجود وينفيه.

العقل النظري والعملي

قسموا العقل باعتبار ما يدركه الى قسمين:

١ - العقل النظري: وقالوا: هو ادراك ما ينبغي ان يعلم.

٢ - العقل العملي: وقالوا: هو إدراك ما ينبغي ان يعمل.

العلم الحضوري والحصولي

قسموا العلم باعتبار كيفية حصول المعلوم لدى العالم على قسمين:

١ - العلم الحصولي: وهو حصول المعلوم بماهيته لدى العالم، كعلمنا بالاشياء الموجودة في العالم الخارجة عن اطار ذواتنا.

٢ - العلم الحضوري: وهو حصول المعلوم بوجوده لدى العالم، كعلم الانسان بذاته التي يشير اليها ب(أنا).

العلة والمعلول

العلة: هي ما يؤثر في غيره.

٣٥

المعلول: هو الأثر الحادث عن العلة.

أقسام العلة:

قسمت العلة فلسفياً وكلامياً على أقسام متعددة باعتبارات مختلفة.

ومن ذلك:

١ - تقسيمها باعتبار الاستقلالية في التأثير واللا استقلالية الى: تامة وناقصة.

أ - العلة التامة: هي التي تستقل بالتأثير.

وضابطها: ان يلزم من وجودها وجود المعلول، ومن عدمها عدمه.

ب - العلة الناقصة: هي التي لا تستقل بالتأثير، بل تكون مشاركة لغيرها فيه.

وضابطها: ان لا يلزم من وجودها المعلول، ولكن يلزم من عدمها عدمه.

٢ - تقسيمها باعتبار مساهمتها في ايجاد المعلول الى: فاعلية ومادية وصورية وغائية.

وهو التقسيم الرباعي الارسطي المعروف منذ عهود الفلسفة الاغريقية حتى الآن.

أ - العلة الفاعلية: «هي التي تفيض وجود المعلول وتفعله».

ب - العلة المادية: هي الجزء المادي الذي يتركب المعلول منه ومن الصورة.

ح - العلة الصورية: هي الجزء الشكلي الذي يتركب المعلول منه ومن المادة، وبه تتحقق شيئية الشيء.

د - العلة الغائية: هي الغرض المتوخى من وجود المعلول.

ولنأخذ (الكرسي المصنوع من الخشب) مثالاً لتوضيح معنى كل قسم، ولبيان توزيع وظيفة كل قسم ودوره في المساهمة في ايجاد المعلول ووجوده، فنقول:

العلة الفاعلية هي (النجار) لانه الفاعل الذي صنع الكرسي. والعلة المادية هي (الخشب) لأنه المادة التي صنع منها الكرسي.

٣٦

والعلة الصورية هي (الهيئة) لانها الصورة التي ظهر بها الكرسي وبان صنعه، وهي قيامه على أربع قوائم، فوقها مقعد متصل به من الوراء مسند.. والخ.

والعلة الغائية: هي الجلوس عليه، لانه الغاية المقصودة من صنعه.

تقسيم العلة الفاعلية:

ويقسم الفاعل المؤثر الى قسمين: المختار، والموجب - بفتح الجيم -.

١ - الفاعل المختار: هو الذي يمكنه الفعل والترك بالنسبة الى الشيء الواحد.

٢ - الفاعل الموجب: هو الذي يمكنه الفعل، ولكن لا يمكنه الترك.

بمعنى انه يستحيل تخلف اثره عنه، كالنار في احراقها، والشمس في اشراقها.

وربما سمي الاخير منهما: الفاعل بالاضطرار في مقابل تسمية الاول: الفاعل بالاختيار.

العناصر الأربعة

هي: الهواء والماء والتراب والنار.

يذهب الحكماء الى أن الموجودات في عالم الطبيعة، إما حيوانات أو نباتات أو جمادات.

وهذه الموجودات مركبة من العناصر الاولية الاربعة: النار والهواء والماء والتراب.

وكل عنصر من هذه العناصر الاربعة يتألف من اتحاد اثنتين من الكيفيات الاربع: الحرارة والبرودة واليبوسة والرطوبة.

فمن الحرارة واليبوسة معاً تتكون النار.

ومن البرودة والرطوبة معاً يتكون الهواء.

ومن البرودة واليبوسة معاً يتكون التراب.

ومن البرودة والرطوبة معاً يتكون الماء.

٣٧

القديم والحادث

١ - القديم: هو الموجود الذي لم يسبق بالعدم.

٢ - الحادث: هو الموجود المسبوق بالعدم، أو هو الكائن بعد أن لم يكن.

اللاهوت والناسوت

١- اللاهوت: يطلق على عدة معان:

- الالوهية.

- علم التوحيد.

- العالم العلوي، ويعرف ب(عالم الجبروت) أيضاً.

٢ - الناسوت: يراد به:

- الانسان.

- العالم السفلي.

اللطف المقرِّب و المحصِّل

١ - اللطف المقرب: هو ما يكون المكلف معه أقرب الى فعل الطاعة وأبعد من فعل المعصية، ولم يكن له حظ في التمكين، ولم يبلغ حد الالجاء.

٢ - اللطف المحصل: هو ما يحصل عنده الطاعة من المكلف على سبيل الاختيار، ولولاه لم يطع مع تمكنه في الحالين(١) .

_____________________

(١) كشف المراد ٢٥٤.

٣٨

الماهية والوجود

الماهية:

كلمة (ماهية ) مصدر صناعي مأخوذ من عبارة (ما هو؟) او (ما هي؟) التي تقال في السؤال عن حقيقة الشيء.

ومن هنا عرّفها الحكماء بانها «ما يقال في جواب ما هو»(١) .

واستخلص الجرجاني من تعريف الحكماء المذكور تعريفاً آخر هو آن «ماهية الشيء: ما به الشيء هو هو»(٢) .

وتوضيح ذلك بالمثال نقول: إننا عندما نسأل عن حقيقة الانسان بقولنا: ما هو الانسان؟ نجاب: الانسان: جيوان ناطق.

فعبارة (حيوان ناطق) المقولة في جواب سؤالنا: ما هو الانسان، هي ماهية الانسان.

وبتعبيرآخر: ان المعنى الذي تدل عليه هذه العبارة هو ماهية الانسان.

فماهية الشيء: حقيقته.

الوجود:

مفهوم الوجود هو أوضح وأجلى المفاهيم الموجودة في ذهن الانسان، ولهذا لا يمكن تعريفه تعريفاً علمياً، لان شرط التعريف ان يكون أجلى وأوضح من المعرَّف، ولا أقل من مساواته له في الوضوح، وكل ما ذكر ويذكر من تعريف للوجود هو أخفى منه. لان الوجود - كما أسلفت - لا شيء أعرف وأجلى منه، إذ لا يوجد معنى أعم منه.

____________________

(١) بدايد الحكمة ٧٥.

(٢) التعريفات: مادة ماهية.

٣٩

وعلى هذا: فأي تعريف للوجود لا يضيف لمعلوماتنا عنه معلومة جديدة.

مضافاً اليه: أنه لا جنس ولا فصل أو خاصة للوجود، لانه بسيط.

وهذه - كما هو معلوم منطقياً - عناصر التعريف ومقوماته، وعند عدمها لا نستطيع التعريف تعريفاً منطقياً.

ومن هنا يكون ترك تعريفه هو الصواب.

فمفهوم الوجود هو ما نفهمه وندركه من معنى لهذه الكلمة. وبتعبير آخر: هو ما يتبادر الى اذهاننا من معنى عند سماع كلمة (وجود).

العلاقة بين الماهية والوجود:

١ - لا خلاف بينهم في أن الوجود والماهية في الخارج هما شيء واحد وذات واحدة.

وإنما الخلاف بينهم في نوعية العلاقة بينهما في عالم التصور والتعقل الذهني، وهو على قولين هما:

أ - ان العلاقة بين الماهية والوجود علاقة إتحاد.

ب - ان العلاقة بينهما علاقة تغاير.

والقول الاول هو مذهب ابي الحسن الأشعري ومشايعيه، قال: «وجود كل شيء عين ماهيته»(١) .

وفُسر قوله هذا بانه يذهب الى اتحاد الوجود والماهية، أي عدم زيادة الوجود على الماهية.

واستدل له بان الماهية - في واقعها - إما موجودة أو معدومة.

________________________

(١) التحقيق التام ٢٨.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339