• البداية
  • السابق
  • 339 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 29628 / تحميل: 9034
الحجم الحجم الحجم
خلاصة علم الكلام

خلاصة علم الكلام

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

الإبصار والرؤية، ويوفّر لها إمكانيّة الحياة، فهل يكون قضاء الخفّاش على النور بأنّه شرّ ملاكاً لتقييم هذه الظاهرة ؟

إنّ الحوادث حلقات مترابطة في سلسلة ممتدّة من أوّل الحياة إلى أقصاها، فما يقع الآن يرتبط بما وقع في أعماق الماضي، وبما سيقع في المستقبل في سلسلة من العلل والمعاليل والأسباب والمسبّبات، ومن هنا لا يكون القضاء على ظاهرة من الظواهر بغض النظر عمّا سبقها وما يلحقها، وتقييمها جملة واحدة، قضاء صحيحاً وموضوعيّاً، ولا النظر إليها دون هذا الشكل نظراً صائباً، وإليك بعضالأمثلة :

إذا وقعت عاصفة على السواحل فإنّها تقطع الأشجار وتهدّم الأكواخ وتقلّب الاثاث، ويوصف بالشرّ عند القياس إلى النفس، ولكنّها في الوقت نفسه توجب حركة السفن الشراعيّة المتوقّفة في عرض البحر بسبب سكون الريح، وبهذا تنقذ حياة المئات من ركابها اليائسين من نجاتهم وتوصلهم إلى شواطئ النجاة.

صحيح أنّ العاصفة تهدّم بعض الجدران وتقلع بعض الأشجار ولكنّها تعتبر وسيلة فعّالة في عملية التلقيح بين الأشجار والأزهار، كما يعتبر وسيلة فعّالة لتحريك السحب الحاملة للمطر، وتبدّد الأدخنة المتصاعدة من فوهات المصانع والمعامل، إلى غير ذلك من الآثار الطيّبة لهبوب الرياح التي تتضاءل عندها بعض الآثار السيّئة أو تكاد تنعدم بالمرّة.

وهناك ندرك سرّ قوله سبحانه في الكتاب العزيز عن علم الإنسان وعجزه حيث قال:( وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إلّا قَلِيلاً ) ( الاسراء / ٨٥ ). وقال:( يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا ) ( الروم / ٧ ).

كلّ ذلك يصدّنا من التسرّع في القضاء والحكم على الحوادث بالشرّ لضآلة علمنا بما جرى في السابق وما يجري حالياً وما سيجري في المستقبل، وليست هذه الحادثة منفصلة عن الحوادث في الظروف الثلاثة، فلعلّها بالنسبة إليها تحمل

٢٢١

مصالح كبيرة يحقر عنده ما يصاب الإنسان من الشرّ والبلاء.

إنّ هنا كلمة قيّمة للفيلسوف الإلهي صدر الدين الشيرازي يقول :

« واعلم أنّه قد تحيّرت العقول في كون بعض الحيوانات آكلة لبعض، وفيما جعل الله تعالى ذلك في طباعها وهيّأ لها الآلات والأدوات التي يتمكّن بها على ذلك كالأنياب والمخالب والأظافير الحداد التي بها يقدر على القبض والضبط والخرط والنهش والأكل والشهوة واللذّة والجوع وما شاكل ذلك مع ما يلحق المأكولات منها من الآلام والأوجاع والفزع عند الذبح والقتل، فلمّا تفكّروا في ذلك ولم تسنح لهم العلّة ولا الغاية والحكمة، فاختلفت عند ذلك بهم الآراء وتفنّنت بهم المذاهب، حتى قال بعضهم: إنّ تسلّط الحيوانات بعضها على بعض وأكل بعض لبعض ليس في فعل حكيم بل فعل شرير قليل الرحمة ظلّام للعبيد، فلهذا قالوا: إنّ للعالم فاعلين خيّراً وشريراً.

وإنّما لم يقفوا عليها لأنّ نظرهم كان جزئيّاً، وبحثهم عن علل الأشياء مخصوصاً، ويمتنع أن يعلم أسباب الأشياء الكلّيّة بالأنظار الجزئيّة، لأنّ أفعال البارئ تعالى إنّما الغرض منها هو النفع الكلّي والصلاح على العموم وإن كان يعرض من ذلك ضرر جزئي ومكاره مخصوصة أحياناً، وهكذا خلق الله الشمس والقمر والامطار لأجل النفع والمصلحة العامّة، وإن كان قد يعرض لبعض الناس والحيوان والنبات من ذلك ضرر، ولـمـّا كان الأمر يؤول إلى الصلاح الكلّي كانت تلك الشدائد من جهته صغيرةً جزئيّةً(١) .

وبوجه إجمالي القضاء على بعض الظواهر بأنّه شرٌّ ناشئ من انطلاق الإنسان في قضائه على هذه الظواهر من منطلق نفعيّ أناني، وأمّا إذا نظر إلى تلك الظواهر من زاوية النظام العام فلا يراها إلّا خيرات ضرورية لتعادل النظام ولازمة لاتّساقه واستمرار الحياة وبقائها.

__________________

(١) الاسفار: ج ٧ ص ٩٨ ـ ٩٩.

٢٢٢

وفي ذلك يقول الحكيم السبزواري :

ما ليس موزونا لبعض من نَغَم

ففي نظام الكلّ، كلّ منتظم

٢ ـ الشرّ أمر انتزاعي قياسيّ نسبيّ

ما ذكرنا من الجواب يعمّ كافّة الناس بشرط أن يتنازلوا عمّا يتصوّرون من الاحاطة على أسرار الكون وحقائقه، وهناك جواب آخر يهمّ المحقّقين في العلوم العقلية وحاصل هذا الجواب: إنّ الشر أمر عدمي ليس له واقعيّة في صفحة الكون، بل هو أمر انتزاعي تنتزعه النفس عند مقايسة أمر بأمر، والاشكال إنّما يرد لو كان له واقع خارجي في حدّ ذاته، وأمّا إذا كان كلّ ما في الكون متّسما بسمة الخير وكانت الشرور مخلوقة ذهن الإنسان عند مقايسة ظاهرة بظاهرة ومشاهدة التنافر والتضاد بينهما فلا، إذاً ليس لها واقع خارجي يحتاج إلى الايجاد والخلق، وإنّما هي اُمور وهميّة يخلقها الذهن عند المقايسة ومشاهدة التضاد بين الحادثين، بحيث لولا حديث المقايسة لما كان للشرّ في صفحة الكون واقعيّة وحقيقة، فنقول في توضيح ذلك :

إنّ الصفات على قسمين :

١ ـ ما يكون له واقعيّة كموصوفه مثل قولنا: الإنسان موجوداً أو انّ المتر = ١٠٠ سنتمتر وهذه صفة حقيقيّة لها واقعيّة خارجيّة توجّه إليها الذهن أم لا ؟

٢ ـ ما لا يكون له واقعية مثل موصوفه بل ينتزعه الذهن عند المقايسة كالكبر والصغر، فإنّ الكبر ليس شيئاً ذات واقعيّة خارجيّة، وانّما هي صفة ينتزعها الذهن بالقياس إلى ما هو أصغر منه.

مثلاً الأرض له حجم واقعي ومساحة خاصّة كما أنّ الشمس كذلك، فالحجم والمساحة في كلّ منهما ذات واقعيّة خارجيّة، إلّا أنّ هناك أمراً ثالثاً وهو انّ الأرض أصغر من الشمس والشمس أكبر منه، أو أنّ القمر أصغر من الأرض والأرض أكبر

٢٢٣

من القمر، فليس الكبر والصغر من الاُمور الواقعيّة، بل إنّما هي مفاهيم ذهنيّة تنتزع عند القياس.

ولأجل ذلك تتّصف الأرض تارة بالصغر واُخرى بالكبر، فليس هنا واقعيّة وراء الحجم والمساحة حتى يكون محقّقاً للصغر والكبر.

وفي ضوء هذا تقدر على حلّ الشرور فإنّها اُمور قياسيّة نسبيّة، فسمّ الحيّة والعقرب وغزارة المطر ليست من الشرور بتاتاً إذا لوحظ كلّ واحد بنفسه، بل هي سبب لكمال أصحابها وموجب لبقائها، وإنّما يتّسم بالشر إذا قيس إلى الإنسان ولوحظ المنافرة بينهما.

وعند ذلك فالشرّ ليس ممّا يتعلّق به الخلق والايجاد لأنّ المفروض أنّها اعدام لا موجودات، واتّصافه بالشرّ إنّما هو وليد الذهن وبانتزاعه، فسمّ العقرب والحيّة بما هي هي مخلوق لله سبحانه وتعالى، وأمّا كونه ضارّاً بالنسبه للإنسان فليس شيئاً واقعيّا وراء السمّ حتى يحتاج إلى الخالق، وإنّما ينطلق إليها الذهن عند المقايسة.

إلى هنا خرجنا بجوابين عن الاشكال :

١ ـ إنّ وصف الإنسان لبعض الظواهر بكونها شرّاً لأجل النظر إليها من زاوية ضيّقة، وأمّا إذا لوحظت من زاوية النظام العام فهي موصوفة بالخير.

٢ ـ إنّ بعض الحشرات والضواري والسباع التي يصفها الإنسان بالشرّ لا يكون الموجود منها سوى ذواتها وأجهزتها، وأمّا الاتصاف بالشريّة فليس إلّا أمراً ذهنيّا لا خارجيّاً فلذلك لا يقع في صفحة الخلق.

وإلى ما ذكرنا يشير الحكيم السبزواري :

والشرّ اعدام فكم قد ضلّ من

يقول باليزدان ثم الأهرمن

ما ذكرنا من الجوابين كان تحليلاً فلسفيّاً ولكن هناك تحليلات اُخرى للشرور وهي تحليلها من جانب الآثار التربويّة وحاصلها: إنّ لهذه الحوادث الأليمة و

٢٢٤

المصائب المحزنة آثار تربويّة مهمّة في حياة البشر، ولأجل ذلك وقعت في حيّز الخلق وذلك من باب تقديم الخير الكثير على الشرّ الكثير، وإليك بيان تلك الآثارالتربويّة.

١ ـ المصائب وسيلة لتفجير القابليات (١)

يحطّ الإنسان قدمه على هذه الأرض وهو يحمل في كيانه جملة كبيرة من القابليات والمواهب التي تبقى في مرحلة القوى وفي صورة الطاقات المعطّلة المخزونة، إلّا أن تتوجّه إليها صدمة قويّة تحرك القابليات، وتفجّر المواهب، وتظهر المعادن، وتصقل الجواهر.

وبعبارة واضحة: إذا لم يتعرّض الإنسان للمشاكل في حياته فإنّ قابليّاته ومواهبه المكنونة بين جوانحه ستبقى جامدة هامدة لا تنمو ولا تنفتح، بل تبقى في مرحلة القوّة والذخيرة المهملة، فإذا تعرّض الإنسان للمشاكل والمحن تفتّقت فيه تلك القابليات، ونمت تلك المواهب، وانتقلت الطاقات الكامنة من مرحلة القوّة إلى مرحلة الفعلية، وتفتّح فكره، وتكامل عقله.

ولا يعني هذا أن يعمد الإنسان بنفسه إلى خلق المشاكل، وإثارة الشدائد والمصائب وجرّها إلى نفسه ابتداءً، بل يعني أن يستقبلها الإنسان ـ إذا جاءت ـ برحابة صدر، ويستفيد منها في تفجير قابلياته، وتنمية مواهبه، وإذكاء عقله، وتقوية روحه، لا أن يستسلم أمام عواصفها، أو ينهزم أو ينهار، فلا يحصد إلّا الخسران، ولا يقطف إلّا ثمرة السقوط المرّة.

إنّ البلايا والمصائب والمحن خير وسيلة ـ لو أحسن المرء استغلالها واستخدامها ـ لتفجير الطاقات، بل تقدّم العلوم، ورقيّ الحياة البشريّة.

فهاهم علماء الحضارة يصرّحون بأنّ أكثر الحضارات لم تتفتّق ولم تزدهر إلّا

__________________

(١) لاحظ: الله خالق الكون ص ٢٧٠ ـ ٢٧٧، فقد نقلناه منه.

٢٢٥

في أجواء الحروب والصراعات والمنافسات، حيث كان الناس يلجأون فيها إلى استحداث وسائل الدفاع وفي مواجهة الأعداءِ المهاجمين، أو اصلاح ما خلّفته الحروب من دمار ونقص وتخلّف، أو تهيئة ما يستطيعون به على مقاومة الحصار مثلاً.

فقد كانت ـ في مثل هذه الظروف ـ تتفتّق المواهب وتتحرّك القابليّات لملافاة مافات، وتكميل ما نقص وتهيئة ما يلزم. ومن هنا قالوا: إنّ الحاجة اُمّ الاختراع.

قال العلامة الطباطبائي في هذا الصدد :

« إنّ البحث الدقيق في العوامل المولّدة للسجايا النفسانيّة بحسب الأحوال الطارئة على الإنسان في المجتمعات يهدي إلى ذلك، فإنّ المجتمعات العائلية والأحزاب المنعقدة في سبيل غرض من الأغراض الحيوية دنيويّة أو دينيّة في أوّل تكوّنها ونشأتها تحسّ بالموانع المضادّة والمحن الهادمة لبنيانها من كلّ جانب فتتنبّه قواها الدافعة للجهاد في سبيل هدفها المشروع عندها، ويستيقظ ما نامت من نفسيّاتها للتحذّر من المكاره، والتفدية في طريق مطلوبها بالمال والنفس، ولا تزال تجاهد وتفدي ليلها ونهارها، وتتقوّى وتتقدّم حتى تمهّد لنفسها فيها بعض الاستقلال ويصفو لها الجوّ بعض الصفاء، وتأخذ بالاستفادة من فوائد جهدها »(١) .

ثم إنّنا لا ندّعي بأنّ هذه النتائج والثمار توجد دائماً في جميع الحوادث والكوارث، وإنّما في أغلبها.

فإنّ أغلبيّة هذه المصائب والبلايا تعطي دفعة قويّة لقابليات الأفراد، وتطرد الكسل عن نفوسهم والجمود عن أفكارهم.

أليس الحديد يزداد قوة وصلابة كلّما تعرّض للنار، وأليس السيف يزداد حدة وقاطعية كلّما تعرّض للمبرد.

__________________

(١) الميزان: ج ٩ ص ١٢٤.

٢٢٦

ومن هنا فإنّ الوالدين اللذين يعمدان إلى تربية ولدهما تربية ناعمة مرفّهة بعيدة عن الصعوبات والشدائد، لا يقدّمان إلى المجتمع إلّا إنساناً هزيلاً ضعيف الإرادة فاقد الطموح، أشبه ما يكون بالنبتة الغضّة في مهبّ الريح، بل والتبنة الخفيفة الوزن أمام هبوب العاصفة تأخذها يميناً وشمالاً.

وأمّا الذي ينشأ نشأة خشنة محفوفة بالمشاكل والمصائب، والمصاعب والمتاعب، فإنّه يكون أشبه بالصخرة الصلبة التي تتكسر عليها كلّ السهام، وتتحطّم عندها كلّ العواصف أو كما وصف الامام علي7 إذ قال :

« ألا إنّ الشجرة البرّية أصلب عوداً والروائع الخضرة أرقّ جلوداً، والنباتات البدوية أقوى وقوداً، وأبطأ خموداً »(١) .

وإلى هذه الحقيقة ذاتها يشير قوله سبحانه :

( فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) ( النساء / ١٩ ).

وقوله تعالى :

( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا *إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ) ( الشرح / ٥ و ٦ ).

وقوله سبحانه :

( فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ *وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَارْغَب ) ( الشرح / ٧ و ٨ ).

أي تعرّض للنصب والتعب بالاقدام على العمل والسعي والجهد كلّما فرغت من العبادة، وكأنّ النصر والمحنة حليفان لا ينفصلان، واخوان لا يفترقان.

وخلاصة القول: إنّ القدرة على المقاومة والظفر بالنجاح يتوقّف على صلابة الإنسان الحاصلة من المرور بالصعوبات والمشاق، ليزداد قوّة إلى قوّة، وتماسكاً إلى تماسك كما يزداد الحديد صلابة إذا تعرّض لمطرقة الحدّاد، ولكي يخلص عقله وروحه من علائق الكسل والجمود كما يخلص الذهب من الشوائب إذا تعرّض لألسنة اللهب.

__________________

(١) نهج البلاغة ـ الرسالة رقم ٤٥.

٢٢٧

٢ ـ المصائب والبلايا جرس انذار :

إنّ التمتع بالمواهب المادية، والاستغراق في اللذائذ والشهوات يوجب غفلة كبرى عن القيم الأخلاقيّة.

فكلّما ازداد الإنسان تعمّقاً في اللذائذ والنعم، ازداد ابتعاداً عن الجوانب المعنوية، وربّما انتهى به الحال إلى أن ينسى نفسه بالمرّة.

وهذه حقيقة يلمسها كلّ فرد في حياته وحياة غيره، كما يقرأها في صفحات التاريخ.

فلابد ـ حينئذ ـ من وخزة للضمير، وهزّة للعقل لابد من جرس للانذار يذكّر الإنسان بنفسه ويفيقه من غفوته، وينبّهه من غفلته، وليس هناك ما هو أنفع ـ في هذا المجال ـ من بعض الحوادث التي تغيّر رتابة الحياة، وتقطع على الإنسان شروده وغفلته، ولهوه ولذّته، فإذا انقطع نظام الحياة الناعمة بشيء من المزعجات، واعترضت لذّته بعض المنغّصات، استيقظ من نومه، وأدرك عجزه، وتخلّى عن غروره، وخفّف من طغيانه.

إنّ الذي يعيش حياة ناعمة رتيبة يشبه إلى كبير من يركب في سيارة يقودها سائق، تسير على طريق مبلّط فيغطّ في نوم عميق، لا يستيقظ منه إلّا إذا كبس السائق على فرامل السيارة فجأة، وتوقّفت دون سابق اخبار، أو مرّ على قطعة غير مبلّطة، فأحدثت رجفة قويّة.

ولهذا تعمد الأجهزة المسؤولة عن الطرق والمواصلات إلى غرس بعض القطع الناتئة على متن الطرق حتى يوجب ذلك تنبيه السائقين بسبب ما تحدثه من هزّات للسيارة كيلا يستسلموا للنوم والنعاس.

ولأجل ذلك يتّضح وجه ربط الطغيان باحساس الغنى والاستغناء في الكتاب العزيز إذ يقول سبحانه :

( إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ *أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ ) ( العلق / ٦ و ٧ ).

٢٢٨

كما ولأجل هذا يعلّل القرآن الكريم بعض النوازل والمصائب بأنّها لفائدة الذكرى، فالرجوع إلى الله، والتضرّع إليه.

يقول سبحانه في هذا الصدد :

( وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إلّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ ) ( الاعراف / ٩٤ ).

ويقول أيضاً :

( وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ) ( الاعراف / ١٣٠ ).

فالآيتان تصرّحان بأنّ المصائب والبلايا سبب لتضرّع الإنسان إلى الله، وتذكّره، فهو إذا نسي الله في غمار الشهوة والماديّة، أيقظته المحنة وذكّرته بالله، إذ بها يدرك أنّه فقير عاجز لا يملك لنفسه ضرّاً ولا نفعاً، وإنّ اللذة الدنيوية لذّة عابرة، وشهوة متصرّمة، وإنّه لا ملجأ له ولا معين إلّا الله.

وهكذا تكون البلايا والمصائب سبباً ليقظة الإنسان، وتذكّره، وتنبّهه وتضرّعه إلى الله، فهي بمثابة صفعة الطبيب على وجه المريض المبنّج الّتي لولاها لانقطعت حياة المريض وتعرّضت لخطر الموت.

وهكذا توجب المحن والمصائب التكامل الاخلاقي كما توجب التفتّح العقلي على ما عرفت في النقطة الأُولى، وقد يتّخذ الإنسان من النوازل والمحن وسيلة لتذكّره ويقظته والتخلي عن غروره، وعندئذ تكون البلايا نعماً إلهية في حقّ الإنسان.

وقد لا يتخذ منها أيّ موقف أبداً فتكون في هذه الحالة ـ بالذات ـ مصيبة عليه، وكارثة في حياته.

٢٢٩

٣ ـ البلايا سبب للعودة إلى الحق :

إنّ للكون هدفاً، كما أنّ لخلق الإنسان هدفاً كذلك، وليس الهدف من خلق الإنسان إلّا أن يتكامل في جميع أبعاده، وما بعث الأنبياء وانزال الكتب والشرائع إلّا لتحقيق هذا الهدف العظيم، والغاية السامية.

ولـمّا كانت المعاصي والذنوب من أكبر الأسباب التي توجب بعد الإنسان عن الهدف الذي خلق الإنسان من أجله، وتعرقل مسيرة تكامله، لأنّ الذي يعيش طيلة حياته في الكذب والنفاق وغيرها من المعاصي لا يمكن أن يتوصّل إلى هدف الخلقة بل يبقى كالحيوان غائب الرشد سادر الفكر، كان لابدّ من صدمة تعيده إلى رشده، وتردّه إلى صوابه، وكذلك تفعل البلايا والمصائب فإنّها بقطعها نظام الحياة وايقافها للإنسان العاصي على نتائج أعماله توجب رجوعه إلى الحقّ وعودته إلى العدالة، أو تدفعه إلى أن يعيد النظر في سلوكه ومنهجه في الحياة على الأقل.

إنّ القرآن الكريم يشير إلى هذه الحقيقة ـ بوضوح لا ابهام فيه ـ إذ يقول :

( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) ( الروم / ٤١ ).

ويقول سبحانه في آية اُخرى :

( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) ( الأعراف / ٩٦ ).

نقطتان هامّتان :

ويجدر بنا في ختام هذا البحث أن نشير إلى نقطتين هامّتين :

الاُولى: إنّ بقاء الحياة على نمط واحد ووتيرة واحدة يوجب ملل النفس وكلل الروح وتعب العقل، فلا تكون الحياة محبّبة لذيذة إلّا إذا تراوحت بين المرّ والحلو، والجميل والقبيح، والمحبوب والمكروه، إذ لا يمكن معرفة السلامة إلّا عند

٢٣٠

العيب، ولا الصحّة إلّا عند المرض، ولا العافية إلّا عند الاصابة بالحمّى، ولا تدرك لذة الحلاوة إلّا عند تذوّق المرارة.

وبالجملة لولا المرض لما علمت قيمة الصحّة، ولولا الشتاء لما عرفت قيمة الصيف، وهكذا.

ومن هنا نجد البنّائين والمهندسين إذا بنوا داراً تفنّنوا في بناء الجدران والسقوف، فبنوها متموّجة متعرّجة لا مسطّحة خالية من أية تعرجات وتموّجات، لأنّ النفس الميّالة بطبعها إلى التنوّع لا ترتاح إلّا برؤيتها للجدار المتنوّع الأشكال والسطوح.

ولعلّ لهذا السبب كانت الوديان إلى جانب الجبال، والأشواك إلى جانب الورود، والثمار المرة إلى جانب الثمار الحلوة، والماء الاُجاج إلى جانب الماء العذب الفرات، وعبور الأنهر والمياه عبر الجداول المتعرجة الملتوية في بطون السهول والأودية.

إنّ المصائب وإن كانت مرّة غير مستساغة، ولا مأنوسة المذاق، إلّا أنّها تبرز من جانب حلاوة الحياة وقيمة النعم، وأهمّية المواهب.

فجمال الحياة وقيمة الطبيعة ينشآن من هذا التنوّع والانتقال من حال إلى حال، والتبدّل من وضع إلى آخر.

الثانية: إنّ هناك من المحن ما ينسبها الإنسان الجاهل إلى خالق الكون والحال أنّ أكثرها من كسب نفسه ونتيحة منهجه.

فإنّ الأنظمة الطاغوتية هي التي سبّبت تلك المحن وأوجدت تلك الكوارث، ولو كانت هناك أنظمة قائمة على قيم إلهية لما تعرّض البشر لتلك المحن ولما أصابته أكثر تلك النوائب.

فالتقسيم الظالم للثروات ـ مثلاً ـ هو الذي سبّب في تجمّع الثروة عند قلّة قليلة، وانحسارها عن جماعات كثيرة، وتمتّع الطائفة الاُولى بكلّ وسائل الوقاية و

٢٣١

الحماية ضد الأمراض والحوادث، وحرمان غيرهم منها، وهذا هو الذي جعل الطائفة الفقيرة المحرومة من المال والامكانيات أكثر عرضة للكوارث بسبب فقدانهم لوسائل الوقاية من الأمراض، والحماية من النوازل.

ولهذا يكثر الدمار والخراب والخسائر المالية والروحية بسبب الزلازل والسيول في القرى والأرياف، ويقلّ ذلك في المدن التي تتمتع بأعلى مستويات الوقاية والحماية والحصانة.

ولو أنّ الناس سلكوا السبيل الإلهي المرسوم لهم، وراعوا العدالة في تقسيم الثروة والامكانيات لما تضرّر أحد بهذه النوازل والحوادث، ولكان الجميع في أمن من تبعاتها على السواء.

فالأنظمة المجحفة، وخروج الناس عن السبيل الإلهي القويم الذي يكفل توفير وسائل العيش والسلامة للجميع على السواء هو من الأسباب الرئيسية التي توجب تعرّض الناس للمحن والكوارث(١) .

هذا كلّه في الخير المطلق، وأمّا الخير المضاف ( كخير الحاكمين و ) فإليك تفسير ما ورد في الذكر الحكيم في ذلك المجال.

الثامن والثلاثون: « خير الحاكمين »

وقد ورد ذلك اللفظ في الذكر الحكيم في موارد ثلاثة ووقع وصفاً لله سبحانه قال :

( وَإِن كَانَ طَائِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَّمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّىٰ يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِينَ ) ( الأعراف / ٨٧ ).

__________________

(١) اقتبسنا ما مرّ من كتاب « الإلهيات » من محاضراتنا الكلامية فراجع الجزء الأوّل ص ٢٧١ ـ ٢٧٧.

٢٣٢

وقال سبحانه:( وَاتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِينَ ) ( يونس / ١٠٩ ).

وقال سبحانه ناقلاً عن الولد الأكبر ليعقوب بعد ما سجن أخ له من أبيه مخاطباً أخوته:( فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِينَ ) ( يوسف / ٨٠ ).

وقد تبيّن معنى هذا الاسم بما ذكرناه في « أحكم الحاكمين » والمفاضلة لأجل وجود حكّام غيره سبحانه وهم بين عادل في حكمه وجائر، بين مأذون من الله وغيره والكلّ غير مصون بالذات عن الخطأ والزلّة إلّا من عصمه الله كالأنبياء والأولياء فيكون سبحانه « أحكم الحاكمين » لكونه معصوماً من الخطأ والجهل بالذات.

التاسع والثلاثون « خير الراحمين »

وقد ورد في الذكر الحكيم مرّتين ووقع وصفاً له سبحانه في كلا الموردين.

قال تعالى:( إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ) ( المؤمنون / ١٠٩ ).

وقال عزّ شأنه:( وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ) ( المؤمنون / ١١٨ ).

ويظهر معناه ممّا سيجيئ في تفسير اسم « الرحيم ».

الأربعون: « خير الرازقين »

وقد ورد في القرآن الكريم في موارد، ووقع وصفاً له سبحانه في جميعها، قال سبحانه حاكياً عن عيسى بن مريم:( اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) ( المائدة / ١١٤ ).

٢٣٣

وقال تعالى:( وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) ( الحج / ٥٨ )(١) .

وسيوافيك معناه عند البحث عن اسم « الرازق ».

الواحد والأربعون: « خير الغافرين »

وقد ورد في القرآن مرّة واحدة ووقع وصفاً له سبحانه.

قال:( وَاخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إلّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاءُ وَتَهْدِي مَن تَشَاءُ أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ ) ( الأعراف / ١٥٥ )

ويجيئ تفسيره عند البحث عن اسم « غافر الذنب ».

الثاني والأربعون: « خير الفاتحين »

وقد ورد في القرآن المجيد مرّة واحدة ووقع وصفاً له.

قال سبحانه:( قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إلّا أَن يَشَاءَ اللهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ) ( الأعراف / ٨٩ ).

وسيظهر معناه عند البحث عن اسم « الفتّاح ».

الثالث والأربعون: « خير الفاصلين »

وقد ورد في الذكر الحكيم مرّة واحدة.

قال سبحانه:( قُلْ إِنِّي عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ

__________________

(١) لاحظ: المؤمنون / ٧٢، سبأ / ٣٩، الجمعة / ١١.

٢٣٤

إِنِ الحُكْمُ إلّا للهِ يَقُصُّ الحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ) ( الأنعام / ٥٧ ).

قال ابن فارس: « الفصل » يدل على تميّز الشيء عن الشيء وابانته عنه، يقال: فصل الشيء فصلاً، والفيصل: الحاكم، والفصيل: ولد الناقة إذا افتصل عن اُمّه، والمفصل: اللسان، لأنّ به تفصل الاُمور وتميّز.

وقال الراغب: ابانة أحد الشيئين عن الآخر حتى يكون بينهما فرجة وسمّي يوم القيامة يوم الفصل، لأنّه يبيّن الحق من الباطل، ويفصل بين الناس بالحكم، وفصل الخطاب ما فيه قطع الحكم.

وعلى ذلك فمعنى قوله سبحانه « خير الفاصلين » أي خير الحاكمين، لأنّه لا يظلم في قضاياه ولا يجور عن الحقّ، وإنّه يقضي بالحق ولا يعدل عنه، والناس يحكمون بالايمان والبيّنات والقرائن والشواهد وهي قد تصيب وقد تخطئ، وهو سبحانه يقضي بعلمه الوسيع الذي لا يشوبه جهل، وبعرفانه الذي لا يخالطه خطأ فهو خير الفاصلين.

وحظ العبد من هذا الاسم هو اتّصافه بالقضاء العدل، والحكم الفصل.

قال سبحانه:( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللهِ ) ( ص / ٢٦ ).

وروي عن الصادق7 أنّه قال: « القضاة أربعة: ثلاثة في النار وواحد في الجنّة: رجل قضى بجور وهو يعلم فهو في النار، ورجل قضى بجور وهو لا يعلم فهو في النار، ورجل قضى بالحقّ وهو لا يعلم فهو في النار، ورجل قضى بالحقّ وهو يعلم فهو في الجنّة »(١) .

__________________

(١) وسائل الشيعة: ج ١٨ الباب ٣ من أبواب صفات القاضي، الحديث ٦.

٢٣٥

الرابع والأربعون: « خير الماكرين »

وقد ورد هذا اللفظ في القرآن مرّتين ووقع وصفاً له سبحانه في كلا الموردين.

قال تعالى:( فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ ) ( آل عمران / ٥٢ و ٥٤ ).

وقال تعالى:( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ ) ( الأنفال / ٣٠ ).

وقد اتّفق المفسّرون على أنّ المراد من مكره سبحانه هو المجازاة على مكرهم وقد سمّى المجازاة على المكر مكراً في غير هذا المورد أيضاً.

قال سبحانه:( وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ *اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) ( البقرة / ١٤ و ١٥ ).

ومن المعلوم امتناع الاستهزاء على أنبيائه سبحانه فضلاً عن الله لأنّها من فعل الجهلة، والله الحكيم وأنبياؤه هم الحكماء، قال سبحانه حاكياً عن بني اسرائيل :

( قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الجَاهِلِينَ ) ( البقرة / ٦٧ ).

والله سبحانه وصف نفسه به عند ابطال مكر الناس على رسله وأنبيائه ففي الآية الاُولى يذكر همّ بني اسرائيل بالمسيح حيث أرادوا قتله، فأبطل سبحانه مكرهم برفع عيسى إليه وقتلوا مكانه يهوذا وهو الذي دلّهم على المسيح.

رووا أهل السير والتاريخ أنّ المسيح جمع الحواريين تلك الليلة وأوصاهم ثمّ قال: ليكفرن بي أحدكم قبل أن يصيح الديك ويبيعني بدراهم يسيرة، فخرجوا وتفرقوا، وجاءت اليهود إليه فقال ما تجعلون لي أن أدلّكم عليه، فجعلوا له ثلاثين

٢٣٦

درهماً فأخذهم ودلّهم عليه، فألقى الله عليه شبه عيسى، فخرج إلى أصحابه وظنّوا أنّه عيسى(١) .

وفي الآية الثانية تذكّرهم قصة همّهم بأسر النبي أو قتله أو اخراجه من البلد حتى استقرّ رأيهم على اجتماع أربعين رجلاً من أقويائهم للهجوم على البيت بعد تمام الليل لاجراء أحد الاُمور الثلاثة عليه، والله سبحانه جازاهم بالمثل وأخبر رسوله فترك البيت قبل أن يتواثبوا عليه، فلو مكروا يجازوا بمكر مثله والله خير الماكرين أي المجازين للماكرين، وبذلك يعلم كونه سبحانه أسرع مكراً، قال سبحانه :

( قُلِ اللهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ ) ( يونس / ٢١ ).

فإذا كان المكر منه سبحانه هو الجزاء وابطال أثر مكر العدو، فتوصيفه بالسرعة امّا خاص بموارد معيّنة كابطال مؤامرة الأعداء في قتل الأنبياء، أو في ما بلغ الطغيان أعلى درجاته فيأخذ الطغاة في الدنيا لعذابه، وإمّا عام لجميع موارد العقوبة والتعبير بالسرعة امّا لأنّ ظرف المجازاة قريب منه قال سبحانه:( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا *وَنَرَاهُ قَرِيبًا ) ( المعارج / ٦ و ٧ ). وامّا لكون عملهم نفس المجازاة التي يجازي بها العصاة يوم القيامة، فعملهم ومكرهم عذاب لهم وهم لا يشعرون بناء على تجسّم الأعمال وتمثّلها.

الخامس والأربعون « خير المنزلين »

وقد ورد « خير المنزلين » في الذكر الحكيم مرّتين ووقع وصفاً له سبحانه في مورد واحد.

قال سبحانه حاكياً عن يوسف:( أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ المُنزِلِينَ ) ( يوسف / ٥٩ ).

__________________

(١) مجمع البيان: ج ١ ص ٤٤٨.

٢٣٧

وقال سبحانه حاكياً عن نوح عند وقوف سفينته على الجودي:( رَبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكًا وَأَنتَ خَيْرُ المُنزِلِينَ ) ( المؤمنون / ٢٩ ).

والمنزل في الآية الثانية امّا مصدر ميمي بمعنى الانزال أو اسم مكان بمعنى المنزل، فهو يطلب من الله تعالى أن يتفضّل عليه بانزال مبارك أو منزل مبارك بأن يكون ذات ماء وشجر أو غير ذلك ممّا يمهّد الحياة.

وأمّا معناه فقد قال ابن فارس: « النزل » يدلّ على هبوط شيء ووقوعه، يقال: نزل عن دابّته نزولاً، ونزل المطر من السماء نزولاً، والنازلة: الشديدة من شدائد الدهر تنزل، والنزل ما يهيّئ للنزيل، وطعام ذو نزل أي ذو فضل، ويعبّرون عن الحجّ بالنزول، ونزل: إذا حج، وقال الراغب: « النزول » في الأصل هو انحطاط من علوٍ يقال نزل عن دابّته ونزل في مكان كذا: حطّ رحله فيه، وأنزله غيره قال: « أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين ».

والظاهر أنّ له معنى واحد وهو الانحطاط من علو، فلو اطلق على المضيف حتى فسّر قوله سبحانه:( وَأَنَا خَيْرُ المُنزِلِينَ ) في سورة يوسف به لأجل أنّ المضيف ينزل الضيف عن دابّته، وهو في جميع الموارد بمعنى واحد، فالله منزل القرآن نفسه إلى قلب رسوله، قال:( اللهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ ) ( الشورى / ١٧ ) ومنزل الحديد.

قال سبحانه:( وَأَنزَلْنَا الحَدِيدَ ) ( الحديد / ٢٥ ) ومنزل « الأنعام » و « الماء » و « اللباس » إلى غير ذلك ممّا تعلّق به الانزال في الذكر الحكيم، ففي الكلّ نوع هبوط من علو، ونوح شيخ الانبياء يطلب من الله سبحانه أن ينزله من السفينة إلى منزل مبارك فإنّه « خير المنزلين »، فليس توصيفه سبحانه به بخصوص هذا الملاك بل هو خير المنزلين على الاطلاق سواء أنزل الإنسان إلى الأرض أو القرآن أو غيره.

٢٣٨

السادس والأربعون: « خير الناصرين »

وقد ورد هذا اللفظ في الذكر الحكيم مرّة واحدة ووقع وصفاً له سبحانه قال:( بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ ) ( آل عمران / ١٥٠ ).

وسيجيئ تفسيره عند تفسير اسم النصير.

السابع والأربعون: « خير الوارثين »

وقد ورد « خير الوارثين » في الذكر الحكيم مرّة واحدة ووقع وصفاً لله سبحانه قال :

( وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ *فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ) ( الأنبياء / ٨٩ و ٩٠ ).

قال ابن فارس: « الورث » أن يكون الشيء لقوم ثمّ يصير إلى آخرين بنسب أو سبب واطلاقه على الله سبحانه بملاك الانتقال من الإنسان إليه فقط من دون علقة النسب والسبب.

وإنّما وصفه سبحانه ب‍ « خير الوارثين » لأنّه اسم عامّ يطلق عليه وعلى غيره.

قال سبحانه:( وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَٰلِكَ ) ( البقرة / ٢٣٣ ). وقال سبحانه:( وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ *أُولَٰئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ) ( المؤمنون / ٩ و ١٠ ). وقال:( وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ) ( القصص / ٥ ).

غير أنّ وراثته سبحانه أتم وأكمل من وراثتهم، ولأجل ذلك لـمّا طلب زكريا وارثاً وقال:( رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا ) الملازم لوجود ولد يرثه ذكَّر بتنزيهه سبحانه لأنه هو الذي يرث كلّ شيء وهو المنزّه عن مشاركة غيره له في كلّ شيء حتى في الوراثة فرفعه عن مساواة غيره وقال:( وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ) يعني: أين هذا الوارث الذي

٢٣٩

يرث مالي مدة ثمّ يموت من وراثتك الباقية والثابتة قال:( وَللهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) ( آل عمران / ١٨٠ ). وقال:( وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ ) ( الحجر / ٢٣ ).

الثامن والأربعون: « خير حافظا »

وقد ورد في الذكر الحكيم مرّة واحدة ووقع وصفاً له سبحانه:( فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَىٰ أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ *قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إلّا كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) ( يوسف / ٦٣ و ٦٤ ).

والحافظ اسم عام توصف به الملائكه تارة قال سبحانه:( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ *كِرَامًا كَاتِبِينَ ) ( الانفطار / ١٠ و ١١ ).

والناس اُخرى. قال سبحانه:( مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) ( يوسف / ٦٣ ).

قال ابن فارس: والحفظ له معنى واحد يدل على مراعاة الشيء، والتحفّظ: قلّة الغفلة، والحفاظ: المحافظة على الاُمور.

وأمّا الذكر الحكيم فقد استعمله تارة في مورد رعاية حدود الله وقال:( وَالنَّاهُونَ عَنِ المُنكَرِ وَالحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ ) ( التوبة / ١١٢ ). واُخرى في تسجيل الشيء وضبطه كما في قوله سبحانه:( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ *كِرَامًا كَاتِبِينَ ) . وثالثة في صيانته عن الافراط والتفريط قال سبحانه:( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ) ( المؤمنون / ٥ ) ورابعة في دفع الكيد والشر والبلاء ووقايته من كلّ سوء وهذا هو المراد من قول اخوة يوسف( وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) كما هو المراد في قوله:( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) ( الحجر / ٩ ). أي نصونه من التحريف والتبدّل والزيادة والنقص والفقدان، والموارد ترجع إلى أصل واحد.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

٣٢١

المعاد

- تعريفه

- دليله

٣٢٢

تعريفه :

المعاد - لغة - مصدر عاد يعود، يقال : عاد يعود عَوْداً ومَعاداً - بفتح ميمه -.

وأصله (مَعْوَد) على زنة (مَفْعَل) قلبت واوه ألفاً، وقد جاء على أصله في حديث علي (ع) : والحكمُ اللُّه، والمّعْوَدُ اليه يوم القيامة.

قال ابن الاثير : هكذا جاء (المعود) على الأصل، وهو (مفعل) من عاد يعود، ومن حق أمثاله أن تقلب واوه ألفاً كالمقام والمراح، ولكنه استعمله على الأصل.

وصيغة (مفعل) ومقلوبها تستعمل في اللغة مصدراً - وهو ما يعرف بالمصدر الميمي - واسم زمان واسم مكان.

ومعنى عاد يعود معاداً : رجع يرجع رجوعاً، إذا أريد به المصدر، ومرجعاً اذا أريد به المصدر الميمي أو الزمان أو المكان.

وقد ورد استعماله في القرآن الكريم في الآية (ان الذي فرض عليك القرآن لرادك الى معاد) - القصص ٥٨ -.

كما ورد استعماله في الحديث، ومنه : (وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي).

وعرّفه اللغويون بقولهم : المعاد : كل شيء اليه المصير.

وفي ضوئه : قالوا : الآخرة معاد الناس لان اليها مصيرهم.

وهو كمصطلح يراد به البعث يوم القيامة، مأخوذ من قوله تعالى : (وهو الذي

٣٢٣

يبدأ الخلق ثم يعيده) - الروم ٢٧ -.

ففي (لسان العرب) - مادة : عود - : قال الازهري : بدأ اللّه الخلق إحياءً ثم يميتهم ثم يعيدهم أحياءً كما كانوا، قال اللّه عز وجل (وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده)، وقال : (انه هو يبدئ ويعيد) - البروج ١٣ - فهو سبحانه وتعالى الذي يعيد الخلق بعد الحياة الى الممات في الدنيا، وبعد الممات الى الحياة يوم القيامة».

وعُرّف المعاد كلامياً بأنه «الوجود الثاني للأجسام واعادتها بعد موتها وتفرقها»(١) .

ونص في التعريف على اعادة الاجسام، أي على المعاد الجسماني أو البدني رداً على ما ذهب اليه الفلاسفة القائلون بان المعاد الجسماني محال لاستلزامه اعادة المعدوم.

واستدلوا على ذلك بان الُمعاد لا يكون مُعاداً بعينه الا اذا أعيد بجميع عوارضه التي منها الوقت.

ولازم هذا أن يعاد في وقته الاول.

وكل ما وقع في وقته الاول فهو مبتدأ.

فيكون حينئذ مبتدأ من حيث انه مُعاد.. هذا خلف(١) .

وأجاب عنه الايجي بقوله :

«الجواب : انما اللازم إعادة عوارضه المشخصة، والوقت ليس منها ضرورة أن زيداً الموجود في هذه الساعة هو الموجود قبلها بحسب الأمر الخارجي.

وما يقال : أنا نعلم بالضرورة أن الموجود مع قيد كونه في هذا الزمان غير الموجود مع قيد كونه قبل هذا الزمان، فأمر وهمي، والتغاير انما هو بحسب الذهن دون الخارج.

ويحكى أنه وقع هذا البحث لابن سينا مع أحد تلامذته وكان مصراً على التغاير،

____________________

(١) النافع يوم الحشر ٨٦.

(٢) انظر : المواقف ٣٧١.

٣٢٤

فقال له : إن كان الأمر على ما تزعم فلا يلزمني الجواب لاني غير من كان يباحثك، فبهت وعاد الى الحق، واعترف بعدم التغاير في الواقع.

ولئن سلمنا أن الوقت داخل في العوارض وأنه معاد بوقته الاول، فلم قلتم : إن الواقع في وقته الاول يكون مبتدأ، وانما يكون كذلك أن لو لم يكن وقته معاداً معه(١) .

دليله:

واستدلوا لاثبات المعاد الجسماني بالعقل والنقل من وجوه :

١ - إمكان حشر الاجسام.

ويقوم على مقدمتين هما :

أ - ان اللّه تعالى قادر على كل مقدور.

ب - ان اللّه تعالى عالم بكل معلوم.

« ولهذا كان الكتاب العزيز قد اشتمل على اثبات المعاد البدني في عدة مواضع، وكل موضع حكم فيه باثباته قرره بين هاتين المقدمتين»(٢) .

«أما افتقاره الى القدرة فظاهر، إذ الفعل الاختياري انما يصح بها وأما افتقاره الى العلم، فلأن الأبدان اذا تفرقت واراد اللّه تعالى جمعها وجب أن يرد كل جزء الى صاحبه، وانما يتم ذلك بعلمه تعالى بالاجزاء وتناسبها بحيث لا يؤلف جزءاً من بدن زيد مع جزء من بدن عمرو»(٣) .

ويقرر الفاضل المقداد الاستدلال بالتالي : «أما امكانه فلان أجزاء الميت قابلة للجمع وافاضة الحياة عليها، والا لما اتصف بها من قبل.

___________________

(١) المواقف ٣٧١ - ٣٧٢.

(٢) نهج المسترشدين ٧٣.

(٣) م. ن.

٣٢٥

واللّه تعالى عالم بأجزاء كل شخص لما تقدم من أنه عالم بكل المعلومات وقادر على جمعها، لان ذلك ممكن واللّه قادر على كل الممكنات، فثبت أن إحياء الاجسام ممكن»(١) .

وبعد ثبوت الامكان يُنتقل في الاستدلال على الوقوع الى النقل، وقد دل عليه القرآن الكريم والحديث الشريف دلالة ارتفعت به الى مستوى الضروري الديني، بما يشفع لنا في عدم عرض الوفرة الوافرة من نصوص الكتاب والسنة في هذا الموضوع.

٢ - وجود التكليف يستلزم البعث.

يقول الفاضل المقداد في بيانه : «لو لم يكن المعاد حقاً لقبح التكليف.

والتالي باطل.

فالمقدم مثله.

بيان الشرطية : ان التكليف مشقة مستلزمة للتعويض عنها، فان المشقة من غير عوض ظلم.

وذلك العوض ليس بحاصل في زمان التكليف، فلا بد حينئذٍ من دار اخرى يحصل فيها الجزاء على الاعمال، والا لكان التكليف ظلماً، وهو قبيح تعالى اللّه عنه»(٢) .

٣ - اجماع المسلمين على ذلك.

٤ - الآيات القرآنية، ومنها :

- (وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها اول مرة وهو بكل خلق عليم) - يس ٧٨ و٧٩ -.

____________________

(١) النافع يوم الحشر ٨٧.

(٢) م. ن ٨٦، ٨٧.

٣٢٦

- (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة اخرى) - طه ٥٥ -.

- (كما بدأنا اول خلق نعيده) - الانبياء ١٠٤ -.

(فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة) الاسراء - ٥١ -.

- (انه يبدؤ الخلق ثم يعيده) - يونس ٤ -.

- (اللّه يبدؤ الخلق ثم يعيده ثم اليه ترجعون) - الروم ١١ -.

ومسك الختام أن نتلو معاً وصية الامام امير المؤمنين لابنه الحسن -عليهما‌السلام - :

«فتفهم يا بني وصيتي، واعلم أن مالك الموت هو مالك الحياة، وأن الخالق هو المميت، وأن المفني هو المعيد، وأن المبتلي هو المعافي، وأن الدنيا لم تكن لتستقر إلا على ما جعلها اللّه عليه من النعماء والابتلاء، والجزاء في المعاد».

والحمد للّه رب العالمين

٣٢٧

٣٢٨

المراجع

١ - القرآن الكريم

٢ - الابانة عن اصول الديانة، ابو الحسن علي بن اسماعيل الاشعري (ت ٣٢٤ هجري) (القاهرة : م المنيرية...).

٣ - الاتقان في علوم القرآن، جلال الدين عبد الرحمن السيوطي (ت ٩١١ هجري) (بيروت: المكتبة الثقافية ١٩٧٣ م).

٤ - اسباب النزول، ابو الحسن علي بن احمد الواحدي (ت ٤٦٨ هجري) مصورة عالم الكتب - بيروت عن نشرة مطبعة هندية بالقاهرة ١٣١٦ هجري).

٥ - الاسراء والمعراج، إعداد : لفيف من العلماء، هدية مجلة الازهر القاهرية مع عدد رجب ١٤٠٦ هجري.

٦ - الاسلام والخلافة، رشدي عليان (بغداد : دار الرشيد ١٤٠١ هجري ط ٢.

٧ - الاشارات والتنبيهات، ابن سينا (انظر : شرح الاشارات).

٨ - اصول الدين (معالم اصول الدين) فخر الدين محمد بن عمر الخطيب الرازي (ت٦٠٦ هجري) تحقيق طه عبد الرؤوف سعد (بيروت : دار الكتاب العربي ١٤٠٤ هجري - ١٩٨٤ م).

٩ - الاصول العامة للفقه المقارن، محمد تقي الحكيم (بيروت : دار الاندلس ١٠٧٩ م) ط٢.

٣٢٩

١٠ - اصول العدل والتوحيد، ابو محمد القاسم بن ابراهيم الحسني الرسي (ت ٢٤٦ هجري) اختيار : سيف الدين الكاتب (بيروت : دار مكتبة الحياة...) ضمن مجموعة (رسائل في العدل والتوحيد).

١١ - إعلام الورى بأعلام الهدى، ابو علي الفضل بن الحسن الطبرسي (ت ٥٤٨ هجري)، تحقيق : علي اكبر الغفاري (بيروت : دار المعرفة ١٣٩٩ هجري - ١٩٧٩).

١٢ - الأمالي، ابو علي اسماعيل بن القاسم القالي البغدادي (ت ٣٥٦ هجري) (بيروت : دار الآفاق الجديدة ١٤٠٠ هجري - ١٩٨٠ م).

١٣ - انقاذ البشر من الجبر والقدر، ابو القاسم علي بن الحسين الشريف المرتضى (ت ٤٣٦ هجري)، اختيار : سيف الدين الكاتب (بيروت : دار مكتبة الحياة...) ضمن مجموعة (رسائل في العدل والتوحيد).

١٤ - ايثار الحق على الخلق في رد الخلافات الى المذهب الحق من اصول التوحيد، ابو عبد اللّه محمد بن المرتضى اليماني (ت ٨٤٠ هجري)، (بيروت : دار ومكتبة الهلال...).

١٥ - الباب الحادي عشر، العلامة الحلي (قم : مكتبة المصطفوي ١٤٠١ هجري) ط ٤ ومعه النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر).

١٦ - البحر المحيط، اثير الدين محمد بن يوسف الغرناطي الشهير بابي حيان (ت ٧٥٤ هجري). (الرياض : مكتبة ومطابع النصر الحديثة... مصور عن نشرة م السعادة بالقاهرة ١٣٢٩ هجري).

١٧ - بدء الامالي، سراج الدين علي بن عثمان الأوشي الفرغاني (ت ٥٦٩ هجري) ضمن (مجموع مهمات المتون)، (القاهرة : م. مصطفى البابي الحلبي واولاده ١٣٦٩ هجري - ١٩٤٩ م) ط ٤.

١٨ - بداية الحكمة، السيد محمد حسين الطباطبائي (ت ١٤٠١ هجري) - بيروت.

مؤسسة اهل البيت ١٤٠٦ هجري - ١٩٨٦ م).

٣٣٠

١٩ - البيان في تفسير القرآن ، السيد ابو القاسم الموسوي الخوئي (الكويت : دار التوحيد ١٣٩٩ هجري - ١٩٧٩ م) ط ٤.

٢٠ - تاريخ الاسلام ، حسن ابراهيم حسن ( ت ١٣٨٨ هجري) (القاهره : مكتبة النهضة المصرية ١٩٧٤ م) ط ٨.

٢١ - التبيان ، ابو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠ هجري) تحقيق : احمد حبيب قصير العالمي (النجف الاشرف : م النعمان ١٣٨٣ هجري - ١٩٦٣ م).

٢٢ - تحف العقول عن آل الرسول ، ابو محمد الحسن بن علي بن شعبة الحراني (ت ٣٨١ هجري) ، بيروت : مؤسسة الاعلمي للمطبوعات ١٣٩٤ هجري - ١٩٧٤ م) ط ٥.

٢٣ - التحقيق التام في علم الكلام ، محمد الحسيني الظواهري (ت ١٣٦٥ هجري) (القاهرة: م حجازي ١٣٥٧ هجري - ١٩٣٩ م) ط ١.

٢٤ - التربية الدينية ، عبد الهادي الفضلي (بيروت: دار التعارف...) ط ٥.

٢٥ - التعريفات ، علي بن محمد الشريف الجرجاني (ت ٨١٦ هجري)، (بيروت مكتبة لبنان ١٩٧٨ م).

٢٦ - التعليقات، الشيخ الرئيس ابن سينا (ت ٤٢٨ هجري) تحقيق : عبد الرحمن بدوي (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب ١٩٧٣ م - ١٣٩٢ هجري).

٢٧ - تفسير اسماء اللّه الحسني، ابو اسحاق ابراهيم بن السري الزجاج (ت ٣١١ هجري). تحقيق احمد يوسف الدقاق (دمشق: دار المأمون للتراث ١٣٩٩ هجري - ١٩٧٩ م) ط ٢.

٢٨ - تفسير الجلالين، جلال الدين المحلي و جلال الدين السيوطي، بهامش الفتوحات الالهية (تراجع).

٢٩ - التفكير الفلسفي في الاسلام، الشيخ عبد الحليم محمود، (القاهرة: م الانجلو المصرية ١٩٦٤ م).

٣٣١

٣٠ - تلخيص المحصل المعروف بنقد المحصل ، الخواجة نصير الدين الطوسي (ت ٦٧٢ هجري)، (بيروت: دار الاضواء ١٤٠٥ هجري - ١٩٨٥ م) ط ٢.

٣١ - تهافت التهافت، ابو الوليد محمد بن رشد (ت ٥٩٥ هجري) تحقيق: سليمان دنيا (القاهرة:دار المعارف ١٩٨٠ م) ط ٣.

٣٢ - التوحيد ، ابو جعفر محمد بن علي الصدوق (ت ٣٨١ هجري) تحقيق السيد هاشم الحسيني الطهراني (بيروت: دار المعرفة...)

٣٣ - جابر بن حيان، زكي نجيب محمود (بيروت: المركز العربي للثقافة والعلوم ١٩٦١ م).

٣٤ - جوهرة التوحيد، برهان الدين ابراهيم بن هارون اللقاني (ت ١٠٤١ هجري) ،«ضمن مجموع مهمات المتون».

٣٥ - حد الاسلام وحقيقة الايمان، الشيخ عبد المجيد الشاذلي (مكة المكرمة: م الصفا ١٤٠٤ هجري - ١٩٨٣ م) ط ١.

٣٦ - حقائق الاصول، السيد محسن الطباطبائي الحكيم (ت ١٣٩٠ هجري)، (النجف: م العلمية ١٣٧٢ هجري).

٣٧ - الخريدة البهية، احمد بن محمد الدردير (ت ١٢٠٢ هجري) «ضمن مجموع مهمات المتون».

٣٨ - دراسات اسلامية في الاصول الاباضية، بكيرين سعيد أعوشت، ط ٢.

٣٩ - الرحلة المدرسية والمدرسة السيارة في نهج الهدى، الشيخ محمد جواد البلاغي (ت ١٣٥٢ هجري)، (بيروت: دار الكتاب الاسلامي ١٩٨٣ م) ط ٢.

٤٠ - رسالة في العلل والمعلولات، الخواجة نصير الدين الطوسي «تلخيص المحصل».

٤١ - رسالة في علم التوحيد، ابراهيم البيجوري ١٢٧٧ هجري) «ضمن مجموع مهمات المتون».

٣٣٢

٤٢ - رؤية اللّه تعالى بين المثبتين والنافين، عزة محمد عبد المنعم زايد، (سلطنه عمان: مكتبة الاستقامة ١٩٨٠ م) ط ١.

٤٣ - الزيدية، احمد محمود صبحي (القاهرة: م الجبلاوي ١٤٠٤ هجري - ١٩٨٤ م) ط ٢.

٤٤ - سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون، جمال الدين بن نباتة المصري (ت ٧٦٨ هجري) تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم، (القاهرة: م المدني ١٣٨٣ هجري - ١٩٦٤ م).

٤٥ - شرح الاشارات، الخواجة نصير الدين الطوسي «مع الاشارات والتنبيهات لابن سينا» تحقيق سليمان دنيا (القاهرة: دار المعارف ١٩٦٠ م).

٤٦ - شرح الكوكب المنير المسمى بمختصر التحرير او المختبر المبتكر شرح المختصر، الشيخ محمد بن احمد الفتوحي الحنبلي المعروف بابن النجار (ت ٩٧٢ هجري) تحقيق محمد الزجلي ونزيه حماد (دمشق: دار الفكر ١٤٠٠ هجري - ١٩٨٠ م).

٤٧ - صحيح البخاري، ابو عبد اللّه محمد بن اسماعيل البخاري (ت ٢٥٦ هجري)، (بيروت: عالم الكتب ١٤٠٢ هجري - ١٩٨٢ م) ط ٢ مصورة عن نشرة المنيرية.

٤٨ - ضوء الساري الى معرفة رؤية الباري، شهاب الدين ابو محمد عبد الرحمن بن اسماعيل الشافعي المعروف بابي شامة (ت ٦٦٥ هجري) تحقيق: احمد عبد الرحمن الشريف (القاهرة: دار الصحوة ١٤٠٥ هجري - ١٩٨٥ م) ط ١.

٤٩ - الظاهرة القرآنية، مالك بن نبي (ت ١٣٩٣ هجري)، ترجمة عبد الصبور شاهين (الكويت: الاتحاد الاسلامي العالمي للمنظمات الطلابية ١٤٠٣ هجري - ١٩٨٣ م) ط ٣.

٥٠ - العصمة، نصير الطوسي «مع تلخيص المحصل، انظره».

٥١ - عصمة الانبياء، فخر الدين الرازي، (جدة: دار المطبوعات الحديثة ١٤٠٦ هجري - ١٩٨٦ م) ط ١.

٣٣٣

٥٢ - العقائد النسفية، عمر بن محمد النسفي (ت ٥٣٧ هجري) «ضمن مجموع مهمات المتون».

٥٣ - عقائد الامامية، الشيخ محمد رضا المظفر (ت ١٣٨٤ هجري).

٥٤ - العقيدة الواسطية، ابن تيمية، اعداد: مصطفى العالم (جدة: دار المجتمع ٤٠٥ م) ط ٧.

٥٥ - علم اصول الفقه في ثوبه الجديد، محمد جواد مغنية (بيروت: دار العلم للملايين ١٩٨٠ م) ط ٢.

٥٦ - عوارف المعارف، شهاب الدين ابو حفص عمر بن محمد السهروردي (ت ٦٣٢ هجري)، (القاهرة: المكتبة العلامية ١٣٥٨ هجري - ١٩٣٩ م).

٥٧ - عيون الانباء في طبقات الاطباء ، موفق الدين احمد بن القاسم بن ابي أصيبعة ( ت ٦٦٨ هجري) تحقيق نزار رضا (بيروت: دار مكتبة الحياة ١٩٦٥ م).

٥٨ - غاية المرام في علم الكلام، سيف الدين الآمدي (ت ٦٣١ هجري) تحقيق حسن محمود عبد اللطيف (القاهرة: الاهرام التجارية (١٣٩١هجري ١٩٧١ م).

٥٩ - الفتوحات الالهية بتوضيح تفسير الجلالين للدقائق الخفية المعروفة بحاشية الجَمَل، الشيخ سليمان بن عمر العجيلي الازهري المعروف بالجمل ( ت ١٢٠٤ هجري) ، (بولاق ١٢٨٢ هجري) ط ٢.

٦٠ - الفرق بين الفرق، عبد القاهر بن طاهر البغدادي الاسفرائيني (ت ٤٢٩ هجري) تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد (بيروت: دار المعرفة...).

٦١ - في ظلال القرآن، سيد قطب (ت ١٣٧٨ هجري)، (بيروت: دار الشروق ١٤٠٠ هجري - ١٩٨٠ م) ط ٩.

٦٢ - قواعد العقائد، نصير الدين الطوسي «مع تلخيص المحصل، انظره».

٦٣ - قواعد العقائد، ابو حامد محمد بن محمد بن محمدالغزالي (ت ٥٠٥ هجري).

٣٣٤

تحقيق: موسى محمد علي (بيروت: عالم الكتب ١٤٠٥ هجري - ١٩٨٥ م) ط ٢.

٦٤ - الكتاب المقدس (اي كتب العهد القديم والعهد الجديد)، (القاهرة: دار الكتاب المقدس ١٩٧٠ م) ط٤٠.

٦٥ - الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الاقاويل في وجوه التأويل، ابو القاسم جار اللّه محمود بن عمر الزمخشري (ت ٥٣٨ هجري)، مصورة عن نشرة مصطفى البابي الحلبي واولاده بمصر ١٣٩٧ هجري - ١٩٦٨ م.

٦٦ - كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد، جمال الدين الحسن بن يوسف الشهير بالعلامة الحلي (ت ٧٦٢ هجري) (قم: مكتبة المصطفوي...)

٦٧ - كلمة حول الرؤية، السيد عبد الحسين شرف الدين (ت ١٣٧٧ هجري) (بيروت: مؤسسة اهل البيت (ع) ١٤٠٦ هجري - ١٩٨٦ م) ضمن مجموعه تبدأ ببداية الهداية للريمي.

٦٨ - لسان العرب ، جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور (ت ٧١١ هجري) (بيروت: دار صادر...) مصورة عن نشرة الجوائب ١٣٠٠ هجري.

٦٩ - مبادئ اصول الفقه، عبد الهادي الفضلي (سيهات : مكتبة احمد عيسى الزواد ١٤٠٤ هجري - ١٩٨٤ م) ط ٣.

٧٠ - مجاز القرآن، ابو عبيدة معمر بن المثنى التيمي (ت ٢١٠ هجري) تحقيق: محمد فؤاد سزكين (بيروت: مؤسسة الرسالة ١٤٠١ هجري - ١٩٨١ م) ط ٢.

٧١ - مجمع البحرين، فخر الدين الطريحي (ت ١٠٨٥ م) تحقيق: احمد الحسيني (بيروت:مؤسسة الوفاء ١٤٠٣ - ١٩٨٣ م) ط ٢.

٧٢ - مجمع البيان في تفسير القرآن، ابو علي الفضل بن الحسن الطبرسي (ت ٥٤٨ هجري) (بيروت: دار مكتبة الحياة....).

٧٣ - المحصل، فخر الدين الرازي «ضمن تلخيص المحصل».

٧٤ - المختصر في اصول الدين، القاضي عبد الجبار بن أحمد الهمداني المعتزلي (ت

٣٣٥

٤١٥ هجري) ضمن رسائل العدل والتوحيد».

٧٥ - مختصر المنتهى الأصولي، ابن الحاجب المالكي (ت ٦٤٦ هجري) تحقيق: شعبان محمد اسماعيل (القاهرة: مكتبة الكليات الأزهرية ١٣٩٣ هجري - ١٩٧٣ م).

٧٦ - مذاهب فلسفية وقاموس مصطلحات الشيخ محمد جواد مغنية (بيروت: دار الجواد ١٤٠٤ هجري - ١٩٨٤ م) ط ٤

٧٧ - المراجعات، السيد عبد الحسين شرف الدين، (بيروت: مؤسسة الوفاء ١٤٣٠ هجري - ١٩٨٣ م).

٧٨ - المزهر في علوم اللغة وانواعها، جلال الدين السيوطي، تحقيق: محمد أحمد جاد المولى، علي محمد البجاوي، محمد ابو الفضل ابراهيم (القاهرة: م. عيسى البابي الحلبي...).

٧٩ - معجم ألفاظ القرآن الكريم، مجمع اللغة العربية (القاهرة: دار الشروق).

٨٠ - (معجم) الصحاح في اللغة والعلوم، نديم واسامة مرعشليان (بيروت: دار الحضارة العربية ١٩٧٥ م) ط ١.

٨١ - المعجم الفلسفي، مجمع اللغة العربية (القاهرة: الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية ١٣٩٩ هجري - ١٩٧٩ م).

٨٢ - المعجم المفهرس لالفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي (ت ١٣٨٨ هجري) (القاهرة: دار ومطابع الشعب....).

٨٣ - المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية (القاهرة: دار المعارف ١٣٩٢ هجري - ١٩٧٢ م) ط ٢.

٨٤ - المفردات في غريب القرآن، ابو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الاصفهاني (ت٥٠٢ هجري) تحقيق: محمد سيد كيلاني (بيروت: دار المعرفة...)

٨٥ - مقالات الاسلاميين واختلاف المصلين، ابو الحسن الأشعري، تحقيق هلموت ريتز (قيسبادان: فرانز ثتانير ١٤٠٠ هجري - ١٩٨٠ م) ط ٣.

٣٣٦

٨٦ - المقصد العلمي في زوائد ابي يعلي الموصلي: تحقيق ودراسة، د. تأليف بن هاشم الدعيس (جدّة تهامة ١٤٠٢ هجري - ١٩٨٢ م) ط ١.

٨٧ - الملل والنحل، ابو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني (ت ٥٤٨ هجري) تحقيق: محمد سيد كيلاني (بيروت: دار المعرفة ١٤٠٤ هجري - ١٩٨٤ م).

٨٨ - منية المريد في آداب المفيد والمستفيد الشيخ زين الدين بن احمد العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت ٩٦٥ هجري)، اعداد: السيد احمد الحسيني (بيروت: دار المنتظر ١٤٠٥ هجري.

٨٩ - مواهب الجليل من تفسير البيضاوي، الشيخ محمد أحمد كنعان (بيروت: دار لبنان ودار العلم للملايين ١٤٠٤ هجري - ١٩٨٤ م) ط ١.

٨٩ - الموسوعة العربية الميسرة، ط ٢، ١٩٧٢م.

٩٠ - موسوعة الفلسفة، د.عبد الرحمن بدوي (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر ١٩٨٤ م) ١٢.

٩٢ - موسوعة المورد، منير البعلكبي (بيروت: دار العلم للملايين ١٩٨٠ م) ط ١.

٩٣ - الميزان في تفسير القرآن، السيد محمد حسين الطباطبائي (ت ١٤٠٠ هجري) (قم المقدسة: جماعة المدرسين في الحوزة العلمية...).

٩٤ - النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر، الفاضل المقداد السيوري (انظر: الباب الحادي عشر).

٩٥ - النجاة في الحكمة المنطقية والطبيعية والالهية، الشيخ الرئيس ابن سينا، تحقيق: د. ماجد فخري (بيروت: دار الآفاق الحديثة ١٤٠٥ هجري - ١٩٨٥ م) ط ١.

٩٦ - نشأة الفكر الفلسفي في الاسلام، د. علي سامي النشار (القاهرة: دار المعارف ١٩٧٨ م) ط ٧.

٩٧ - نقد المذهب التجريبي، الشيخ محمد محمد طاهر آل شبير الخاقاني

٣٣٧

(الكويت:مكتبة المنهل ١٤٠٣ هجري - ١٩٨٣ م) ط ١.

٩٨ - النكت الاعتقادية، محمد بن محمد بن النعمان البغدادي المعروف بالشيخ المفيد (٤١٣ هجري)، (بيروت: مؤسسة أهل البيت ١٤٠٦ هجري - ١٩٨٦ م) «مع بداية الهداية للويمي.

٩٩ - نهج البلاغة، جمع الشريف الرضي من كلام الامام (ع).

١٠٠ - نهج المسترشدين، العلامة الحلي، تحقيق: السيد احمد الحسيني وزميله.

١٠١ - هداية الرحمن لالفاظ وآيات القرآن، محمد صالح البنداق، (بيروت: دار الآفاق الحديثة ١٤٠١ هجري - ١٩٨١ م) ط ١.

١٠٢ - وصية الامام أبي حنيفة لاصحابه، الطبقات السنية في تراجم الحنفية للغزي، تحقيق: د. عبد الفتاح الحلو الجزء الاول (الرياض: دار الرفاعي ١٤٠٣ هجري - ١٩٨٣ م) ط ١.

الدوريات:

١٠٣ - البصائر (مجلة فصلية تبحث في التراث الشرقي، تصدر عن الاتحاد الثقافي في فرنسا) العدد الخامس، ١٩٨٦ م «ابن الوزير و كتابه العواصم والقواصم، بسام عبد الوهاب الجابي».

٣٣٨

الفهرس

خلاصة علم الكلام الدكتور عبد الهادي الفضيلي ١

مقدمة علم الكلام ٩

منهج علم الكلام ١٧

مصطلحات علم الكلام ٢١

الالوهية ٥٣

الذات الالهية ٦٠

الصفات الثبوتية ٧٥

الصفات السلبية ٢٠٠

النبوة ٢٦٢

الامامة ٢٨٧

المعاد ٣٢٢

المراجع ٣٢٩

الفهرس ٣٣٩

٣٣٩