الشيعة في الميزان

الشيعة في الميزان14%

الشيعة في الميزان مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 419

الشيعة في الميزان
  • البداية
  • السابق
  • 419 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 144792 / تحميل: 9592
الحجم الحجم الحجم
الشيعة في الميزان

الشيعة في الميزان

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الشيعة في الميزان

تأليف:

محمد جواد مغنية

١

هذا الكتاب

نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنينعليهما‌السلام للتراث والفكر الإسلامي

وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً

قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٢

تقديم

بسم اللّه الرحمن الرحيم

والحمد للّه رب العالمين وصلى اللّه على محمد وآله الطاهرين

منذ أكثر من ألف عام، وعلماء الإمامية يكتبون ويذيعون عن عقيدة الاثني عشرية كيلا ينسب إليهم ما ليس لهم به علم، ويستدلون عليها بالنصوص بعد درسها وتمحيصها كيلا يكون لأحد فيها مهمز أو مغمز، ويحرصون كل الحرص أن يكون سندها محل وفاق بين جميع المسلمين، لأن الشرط الأساسي عندهم لمدرك العقيدة أن يكون قطعي السند والدلالة على حد تعبيرهم أي العلم القاطع بصحة السند، ووضوح دلالته وضوحاً لا يقبل الشك والتأويل إذا كان المدرك نقلاً عن المعصوم.. وبرغم هذا الحرص والتشدد قال قائل: كل تشيع من أي نوع كان ويكون فهو رفض أي غلو. وقال آخر: هو زندقة. وتسامح ثالث وتساهل قائلاً: الشيعة كلهم باطنية.

ولا شيء من هذه الأقوال يقوم على أساس غير التقليد والتعصب، لأن الاثني عشرية يعتقدون بأن الغلو شرك، والزندقة إلحاد، وإخفاء العقيدة، والتأويل بلا مبرر من الشرع أو العقل بدعة وضلالة.. وأثبت ذلك بالأرقام في كتاب مع الشيعة الإمامية.

ويبدأ تاريخ الاختلاف بين المسلمين حول الخلافة، يبدأ باليوم الذي انتقل فيه الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الرفيق الأعلى، حيث دان قوم بما حدث في السقيفة كأمر واقع لا مفر منه، أو لا يجوز الخطأ عليه، وأنكروا النص على الولاية بمعنى الخلافة والسلطة مع الاعتراف بولاية أهل البيت على معنى الحب والاحترام، ودان آخرون بنصوص الولاية لآل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله على معنى الخلافة، وأوضحت ذلك مفصلاً في كتاب فلسفة التوحيد والولاية..

وقد اتسع الجدال والنقاش حول الخلافة على مر الزمن، ثم تطور إلى التراشق بالانهامات وخبث الكلمات، ولعبت السلطة الحاكمة دورها في التمزيق والتفتيت، كما هو شأنها في كل جيل. وحاول المصلحون من الفريقين أن يجمعوا ويوحدوا حرصاً على مصلحة الأمة، فخفت الوطأة إلى حد، بخاصة بعد أن تكررت النكبات والعثرات في كل بلد مسلم.

والآن، وبعد أن تراكمت الهزائم والمشكلات عربياً وإسلامياً فماذا نحن صانعون إذا لم ندفن الماضي، وننظر إلى المستقبل الطويل العسير، ونواجه بالعمل الجدي الموحد !؟.. وهذا ما يخافه

٣

ويخشاه العدو المشترك. فأطلق بلسان أبواقه وعملائه صيحات منكرة لإيقاظ الفتنة وكتبوا مقالات مضللة، ونشروا كتباً متخمة بالدس والافتراء لا بأي دافع إلا صالح الاستعمار والصهيونية. فدعاني هذا إلى أن أعرض عقيدة الشيعة، وبخاصة الفرقة الكبرى الاثني عشرية، أعرضها على حقيقتها، وأدرسها دراسة تفصيلية في ثلاثة مؤلفات هي: «الشيعة والتشيع» و«مع الشيعة الإمامية» و«الاثنا عشرية» وكان لها، ولما كتبه غيري في هذا الموضوع من علمائنا - أحسن الأثر، بالخصوص عند مشايخ الأزهر، وفتوى المرحوم الشيخ محمود بجواز التعبد والأخذ بالمذهب الجعفري - أشهر من أن تذكر.

لقد أقبل القراء على كتاب مع الشيعة الإمامية، وأعيد طبعه بعد خمسة أشهر من الطبعة الأولى، كما أقبلوا على كتاب الشيعة والتشيع والاثني عشرية. ونفدت كل النسخ، ولما كثر الطلب على هذه الكتب الثلاثة رغبت إلى صديقي الكريم الأستاذ محمد المعلم صاحب «دار الشروق» بأن ينشرها في مجلد واحد بعنوان «الشيعة في الميزان» فاستجاب وتبنى المشروع، لأنه يتناول عرضاً شاملاً لعقيدة تكاد تكون مجهولة للكثير من الخاصة فضلاً عن العامة، ونزولاً عند رغبة القراء ورغبتي. فشكراً للّه وله، وهو سبحانه المسؤول أن يأخذ بيده وإياي لما يحب ويرضى. والصلاة على محمد وآله معدن التقى والعروة الوثقى.

٤

الشِّيعةُ والتَّشَيُّع

مقدّمة

بسم اللّهِ الرَحمن الرَحيم

والحمد للّه رب العالمين، وصلى اللّه على سيدنا محمد وآله الطاهرين

وبعد:

فان هذه الصفحات ليست استئنافاً للحملات التي قدتها ضد الانتهازيين والمفترين.. ولا بحثاً انتقادياً، او تأملاً فلسفياً، وانما هي عرض لعقائد الشيعة، مع اقامة الدليل على ان ما من شيء في عقيدتهم الا وله مصدر متسالم على صحته عند اهل السنة، حتى عدد الأئمة وحصرهم ب ١٢ إِماماً، وحتى العصمة والتقية والجفر وفكرة المهدي المنتظر، وغيرها.

واشرت الى اهم دولهم كالفاطميين والبويهيين والحمدانيين والصفويين، وما لهم من آثار قائمة، حتى اليوم، للدلالة على مساهمة الشيعة في الحضارة الاسلامية مساهمة فعالة، وترجمت لكل واحد من الأئمة الاثني عشر (ع) ترجمة مختصرة، ربما أغنت عن كثير من المطولات، كما ذكرت الفوارق بين السنة والشيعة، واعتمدت لاكثر ما كتبت على مصادر أهل السنة، والكتب الصحاح عندهم، وتركت اشياء تتصل بموضوع الكتاب، لاني كنت قد ذكرتها في بعض مؤلفاتي السابقة، وبخاصة كتاب «مع الشيعة الإمامية» وكتاب «الشيعة والحاكمون».

وقد لا يصدق القارئ اذا قلت: ان هذه الصفحات هي ثمرة البحث الحر، دون أن أتأثر بأية نزعة شخصية، او فكرة مذهبية.. لذا ادع الحكم له وحده، ولا اقطع عليه الطريق بالحمد والثناء على ما كتبت.

ولكن هل يستطيع الانسان ان يتجرد عن وضعه وتربيته وعقيدته التي نشأ واستمر عليها شاباً وكهلاً ؟..

كلا.. ولكن ليس من الضروري ان تكون كل عقيدة باطلة، ولا كل تربية فاسدة.. بل قد وقد.. وتعرف الحقيقة حين تعرض على محك العقل، والجدل المنطقي العلمي، وهذا ما أريد من القارئ ان يعرفه ويتنبه اليه، فانا لا ادعي التحرر، ولكني أطلبه من القارئ. على ان ينظر الى عقيدة التشيع من خلال الإسلام، وعلى ضوء كتاب اللّه وسنّة نبيه. لا من خلال عقله.. لان

٥

العقل مهما سما يظل مقصراً عن ادراك كثير من الحقائق الإلهية. ككيفية الصلاة، وعدد الركعات، والهرولة في الحج، ورمي الجمار، وما الى ذاك.

وتقول: اراك تهتم كثيراً بامر الشيعة والتشيع، فهل فرغنا من مشاكل الحياة، ولم يبق الا التعريف بهذه الطائفة وصحة ما تدين به وتعتقد ؟. او ان هذا اهم واجدى ؟..

اجل، ان المشاكل التي نعانيها لا تتصل في واقعها بقضية التشيع والتسنن من قريب او بعيد، بل ان حديث هذه القضية والاهتمام بها يزيد المشاكل تعقيداً، ويجعلها مستحيلة او عسيرة الحل، وهذا ما يريده لنا المستعمرون والصهاينة، اعداء الدين والوطن، انهم يريدون ان نتلهى بالمشاحنات والنعرات الطائفية، ليعزلونا عن الحياة، ويخلو لهم الجو.. ويظهر أن لهم جهازاً ضخماً.. يعرف مداه من قرأ كتاب «الخلافة» للنبهاني، وكتاب «ابو سفيان» للحفناوي، وكتاب «الخطوط العريضة» لمحب الدين الخطيب، ومجلة «التمدن الاسلامي» التي تصدر بدمشق، والنشرات المتتابعة التي يصدرها «انصار السنة» بالقاهرة، ومقال الجبهان في مجلة «راية الاسلام» السعودية عدد ربيع الآخر سنة ١٣٨٠ هجري، وغيرها وغيرها..

لقد دأب هذا الجهاز - في تآليفه ونشراته - على مهاجمة الشيعة، وتصويرهم كطائفة ملحدة مجرمة تكيد للاسلام والمسلمين.. والغرض الاول هو تنفيذ «الخطوط العريضة» التي رسمها الاستعمار لايقاظ الفتنة، واشاعة الفرقة بين المسلمين..

فرأيت من واجبي أن أنبه الأفكار إلى مقاصد هذا الجهاز الفاسد وأهدافه، واقطع الطريق عليه بالكشف عن عقيدة الشيعة، مع الاشارة الى شيء من تاريخهم، ليتبين للناس المزاعم الكاذبة التي لفقها أولئك المأجورون.

وبديهة ان الشيعة ليسوا من القبائل البائدة التي خيم الظلام عليها وعلى آثارها، حتى يُتقول عليهم بالحدس والتخمين.. فهذه بلادهم منتشرة في شرق الارض وغربها، ومؤلفاتهم العقائدية وغيرها تغص بها المكتبات العامة والخاصة، اما علماؤهم فلا يبلغهم الاحصاء، وهم يرحبون بكل من يريد جدالهم ونقاشهم بالحكمة والمنطق.. اذن يستطيع طالب الحقيقة ان يعرف عقيدة الشيعة من كتبهم وعلمائهم دون الرجوع إلى كتابي هذا.. ومع ذلك فقد عرضت عقائدهم بأسلوبي الواضح الذي يقتصر على الجوهر واللباب، ولا يتكلف الزخرف والتزويق، كي لا يبقى عذر لمعتذر بعدم التفهم للعبارات المطولة المعقدة.

هذا، الى ان من يقرأ هذه الصفحات بتأمل وامعان يتبين له انها تهدف اول ما تهدف الى

٦

الاخذ والعمل بمبادئ الاسلام وتعاليمه، واذا اهتمت بالتشيع فانما تهتم به لانه من الاسلام في الصميم بنص القرآن الكريم، والسنة النبوية، بل هو ركن من اركانه برواية الصحابي الجليل ابي سعيد الخدري. وبالتالي، فاني من الذين يؤمنون ان المستقبل للحب والاخاء الانساني، وان روح التعصب آخذة بالزوال يوماً بعد يوم، حتى لا يبقى لها عين ولا أثر - ان شاء اللّه - وعندها لا يجد الانتهازيون وتجار الطائفية مجالاً للدس والتخريب.

واللّه سبحانه المسؤول ان يستعملنا في مرضاته انه ارحم الراحمين، وصلى اللّه على محمد وآله الطاهرين.

٧

التشيّع

هل التشيع فكرة ابتدعها الشيعة من انفسهم، ثم طبعوها بطابع الدين، وصبغوها بالاسلام تمويهاً ورياءً لغايات سياسية، لا تمت الى الاسلام بسبب قريب او بعيد، او ان التشيع عقيدة اسلامية، جاءت من عند اللّه، وبلغها محمد بن عبد اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، تماما كوجوب الصوم والصلاة، والحج والزكاة؟ وبكلمة هل الاسلام اصل للتشيع، او ان اصل التشيع اجنبي عن الاسلام؟

وقبل ان نجيب عن هذا التساؤل نمهد بما يلي:

اسباب المعرفة:

مهما اختلف المفكرون في اسباب المعرفة، وانها التجربة او العقل أو الحدس فانهم متفقون كلمة واحدة على ان السبب الوحيد لمعرفة آراء الغير ومعتقداته هي اقواله وتصريحاته.. فاذا اردنا ان نعرف ما تدين وتعتقد به طائفة من الطوائف الدينية، ونتحدث عن عقيدتها فعلينا ان نسند الحديث الى اقوالها بالذات، الى كتب العقائد المعتبرة عندها، ولا يسوغ بحال الاعتماد على قول كاتب او مؤلف بعيد عنها ديناً وعقيدة، لأن هذا البعيد قد يكون جاهلاً متطفلاً، فيحرف الواقع عن غير قصد، او حاقداً متحاملاً، فيفتري بقصد التنكيل والتشهير، او خائناً مستأجراً فيكذب ويدس بقصد التفرقة وايقاظ الفتنة.. بل لا يجوز الاعتماد على اقوال راوٍ او كاتب من ابناء الطائفة نفسها اذا لم تجتمع كلمتها على الثقة بمعرفته وعلمه، فان الكثيرين ممن كتبوا عن طائفتهم وعقائدها قد تجافوا عن الواقع، وخبطوا خبط عشواء، ورفض الكبار من علماء الطائفة اقوالهم، وصرحوا بضعفها وعدم الاعتماد عليها.

وكذا لا يصح الاعتماد على العادات والتقاليد المتبعة عند العوام، لان الكثير

منها لا يقره الدين الذي ينتمون اليه، حتى ولو ايدها وساندها شيوخ يتسمون بسمة الدين، وأوضح مثال على ذلك ما يفعله بعض عوام الشيعة في بعض مدن العراق، وايران وفي بلدة النبطية في جنوب لبنان من لبس الاكفان، وضرب الرؤوس والجباه بالسيوف في اليوم العاشر من محرم. فان هذه البدعة المشينة حدثت في عصر متأخر من عصر الأئمة، وعصر كبار العلماء من الشيعة، وقد احدثها لانفسهم اهل الجهالة دون أن يأذن بها إِمام أو عالم كبير، وأيدها شيوخ السوء، لغاية الربح والتجارة.. وسكت عنها من سكت خوف الاهانة والضرر او فوات المنفعة والمصلحة، ولم يجرؤ على مجابهتها ومحاربتها احد في ايامنا الا قليل من العلماء، وفي طليعتهم المرحوم السيد محسن الأمين العاملي الذي ألف رسالة خاصة في تحريمها وبدعتها، واسمى الرسالة

٨

«التنزيه لاعمال الشبيه»، وقاومه من أجلها اهل الخداع والاطماع.

كتب العقائد عند الشيعة:

وكتب العقائد المعتبرة عند الشيعه كثيرة، ومطبوعة تتداولها الأيدي، وتعرض للبيع في مكتبات العراق وايران، نذكر منها على سبيل المثال: اوائل المقالات، والنكت الاعتقادية للشيخ المفيد، والشافي للشريف المرتضى، والعقائد للشيخ الصدوق، وشرح التجريد، وكشف الفوائد للعلامة الحلي، والجزء الأول من اعيان الشيعة ونقض الوشيعة للسيد محسن الامين، وأصل الشيعة وأصولها للشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، والفصول المهمة والمراجعات للسيد عبد الحسين شرف الدين، ودلائل الصدق للشيخ محمد حسن المظفر.

وبالتالي، نكرر - هنا - ما قلناه اكثر من مرة في ردودنا ومؤلفاتنا، وما اعلنه المعتمد عليهم من علمائنا، ان الشيعة لا يقرون ولا يعترفون بشيء مما قيل عن عقيدتهم، اذا لم تتفق مع ما جاء في الكتب المعتبرة عندهم. سواء أكان القائل مستشرقاً او عربياً، سنياً أو شيعياً، متقدماً أو متأخراً.

معنى التشيع:

لم يكن للعرب وحدة سياسية قبل الاسلام، فكل قبيلة تحكم نفسها، وكل مدينة لا تعرف لغيرها سلطاناً عليها، وبعد الاسلام اوجد النبي سلطة عامة

خضع لها جميع العرب، ومارس هو السلطة بكافة معانيها: التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، فكان يبين الاحكام والحلال والحرام، ويقود الجيش، ويخابر الملوك، ويعقد المعاهدات، ويقضي بين الناس، ويقيم الحدود، وقد ربط القرآن الكريم هذه السلطات بشخص الرسول، ففي الآية ٦ من سورة الأحزاب: «النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم» وفي الآية ٣٦ من السورة نفسها: «وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى اللّه ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم» وفي الآية ٧ من سورة الحشر: «وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا» وغيرها كثير.

واتفق المسلمون بكلمة واحدة على ان السلطة الزمنية والدينية التي كانت للرسول تعطى لخليفته، ثم اختلفوا فيما بينهم: هل يعين الخليفة بالنص عليه من النبي، او يترك الامر فيه الى اختيار الامة؟. قال الشيعة: ان الخليفة يتعين بالنص لا بالانتخاب، أي ان اللّه سبحانه يأمر النبي ان يبلغ المسلمين بانه قد اختار (فلاناً) خليفة بعده، وان عليهم ان يسمعوا له ويطيعوا، وقد صدر هذا النص بالفعل من النبي على علي بن أبي طالب.

٩

هذا هو التشيع، وهكذا ابتدأ ونشأ دون ان يضاف اليه أي شيء آخر.. اما المغالاة في علي وصفاته أو تكفير خصومه السياسيين وما الى ذاك فلا يمت الى التشيع بسبب.. والذي يدلنا على ان لفظ الشيعة علَم على من يؤمن بأن علياً هو الخليفة بنص النبي ما قاله فقهاء الإمامية في كتب التشريع من انه اذا اوصى رجل بمال للشيعة، او وقف عقاراً عليهم يعطى لمن قدم علياً في الإمامة على غيره بعد النبي، ولا يعطى للمغالين (كتاب المسالك للشهيد الثاني ج ١ باب الوقف).

وبالتالي، إن التشيع في حقيقته وجوهره يتلخص بهذه الكلمة، وهي الإيمان بأن الإمام المنصوص عليه يتولى الحكم، ويحكم بإرادة اللّه لا بإرادة الناس، وقد أنكر السنة عليهم ذلك، وبالغوا في الإنكار، حتى قال بعض المؤلفين: إن هذه العقيدة نزعة فارسية استقاها الشيعة من الفرس..

ونجيب بانها اسلامية بحت، لا شائبة فيها لغير الاسلام، وقد أُخذت من كتاب اللّه وسنة نبيه، كما يظهر من الادلة الآتية. وإذا اخذ الشيعة هذه النزعة من الفرس. فمن اين اخذ عثمان بن عفان قوله - حين طلب اليه ان يتخلى عن

الخلافة - «ما كنت لاخلع قميصاً قمصنيه اللّه». وقال ايضاً: «لان اقدم فتضرب عنقي احب من ان انزع سربالاً سربلنيه اللّه».

يجوز ان تكون الخلافة قميصاً بل سربالاً من اللّه لعثمان، ولا يجوز ان تكون حقاً الهياً لعلي. ثم أي فرق بين قول عثمان هذا، وقول الشيعة بان الخلافة منصب الهي امرها بيد اللّه لا بيد الناس؟.. ولماذا كان قول الشيعة نزعة اجنبية، وقول عثمان نزعة اسلامية؟..

من ادلة الشيعة:

استدل الشيعة على ان الخلافة تكون بالنص لا بالانتخاب بادلة:

منها: أن الخليفة يحكم باسم اللّه لا باسم الشعب، فيجب والحال، ان يُختار من اللّه بلسان نبيه، لا من الشعب بطريق الانتخاب.

ومنها: قوله تعالى في الآية ٦٨ من سورة القصص: «وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة». فاللّه سبحانه حصر الاختيار به، ونفاه عن جميع الناس. (دلائل الصدق ج ٣ ص ٢١ طبعة ١٩٥٣).

ومنها: أن الأكثرية غير معصومة عن الخطأ، فمن الجائز أن تختار رجلاً لا تتوافر فيه صفات

١٠

الإمام من العلم والخلق، فتعم الفوضى والفساد. وقد نص القرآن على سقوط رأي الأكثرية في الآية ١١٦ من سورة الانعام: «وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل اللّه». وفي الآية ١٠٦ من سورة المائدة: «وأكثرهم لا يعقلون». وفي الآية ٧١ من سورة المؤمنون: «وأكثرهم للحق كارهون». وغيرها من الآيات (كتاب فدك للصدر ص ١١٣ طبعة ١٩٥٥. وج ٤ من كتاب الميزان في تفسير القرآن للطباطبائي ص ١٠٩ طبعة سنة ١٣٧٦هجري).

وجاء في الحديث النبوي ان محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله يرى يوم القيامة اكثر امته تدخل النار. وحين يسأل عن السبب يقال له: انهم ارتدوا بعدك على ادبارهم القهقرى (كتاب الجمع بين الصحيحين. الحديث ٢٦٧).

واهل السنة الذين قالوا: ان الخليفة يكون بالانتخاب لا بالنص يعترفون بان الاكثرية قد تخطئ، وتختار غير الكفوء، لكن بعضهم قال: اذا انحرف الخليفة، عزلناه، وأتينا بالأصلح.. واعلن ابو بكر من على المنبر قائلاً: «اذا استقمت

فأعينوني، واذا زغت قوِّموني». واجاب الشيعة عن ذلك بان وظيفة الإمام ان يقوّم المعوج من رعيته، فاذا قومته الرعية انعكست الآية، واصبح محكوماً، والرعية هي الحاكمة، قال الشاعر الشيعي١:

وقالوا رسول اللّه ما اختار بعده

إِماماً ولكنا لأنفسنا اخترنا

أقمنا إماماً إن أقام على الهدى

أطعنا وإن ضل الهداية قوّمنا

فقلنا إذن أنتم امام إِمامكم

بحمدٍ من الرحمن تهتم وما تهنا

ولكننا اخترنا الذي اختار ربنا

لنا يوم خم ما اعتدينا ولا حلنا

يسخر الشاعر من قولهم: انهم يطيعون الامام ان استقام، ويقوِّمونه إن اعوج، ويرد عليهم بانهم اصبحوا هم الإمام، وهو المأموم.

أصل التشيع:

من الذي جاء بالتشيع، وحمل الناس عليه؟ وهل يرجع الى اصل من اصول الاسلام، ومصدر من مصادره كآية من كتاب اللّه، أو رواية من السنة النبوية؟

وقد أجاب الشيعة عن ذلك إجابة حاسمة وواضحة، وأثبتوا بالأرقام من أقوال أهل السنة، وكتبهم الصحاح أن النبي هو الذي بعث عقيدة التشيع، وأوجدها، ودعا إلى حب علي وولائه، وأول من أطلق لفظ الشيعة على أتباعه ومريديه، ولولاه لم يكن للشيعة والتشيع عين ولا أثر.

١١

قال العلامة الحلي في كتاب «نهج الحق»: ذكر الإمام احمد بن حنبل في مسنده، والثعالبي في تفسيره انه لما نزلت الآية ٢١٤ من سورة الشعراء: «وانذر عشيرتك الاقربين» جمع النبي من أهل بيته ثلاثين، فاكلوا، وشربوا، ثم قال لهم: من يضمن عني ديني ومواعيدي، ويكون خليفتي، ومعي في الجنة؟ قال علي: أنا. فقال له: انت.

ونقل الشيخ محمد حسن المظفر في كتاب دلائل الصدق ج ٢ ص ٢٣٣ عن كتاب كنز العمال ج ٦ ص ٣٩٧ أن النبي قال لعشيرته: قد جئتكم بخير الدنيا

_________________________

١ - دلائل الصدق ج ٢ ص ٢٥ طبعة سنة ١٩٥٣، وهذا الشاعر هو سفيان بن مصعب العبدي، قال السيد محسن الأمين: كان من أصحاب الإمام جعفر الصادق، وتوفي في حدود سنة ١٢٠ هجري (اعيان الشيعة، القسم الثاني من الجزء الأول ص ١٦٦ طبعة سنة ١٩٦٠ ).

١٢

والآخرة، وقد أمرني ربي أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على أمري هذا؟ قال علي: أنا يا نبي اللّه أكون وزيرك عليه فأخذ النبي برقبته، وقال: إن هذا أخي، ووصيي،وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا. فقام القوم يضحكون، ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع وتطيع لولدك علي(١)

وبهذه المناسبة ننقل ما ذكره الاديب المصري عبد الرحمن الشرقاوي في كتاب «محمد رسول الحرية»، قال في ص ٨٠ الطبعة الاولى:

«ورأى محمد أن يجمع أسرته من بني عبد المطلب، ويدعوهم إلى الإيمان بما جاء به، فليس أحب إليه من عشيرته. وأولم لهم في بيته، وبدأ يتكلم. وبدأوا كلهم يسمعون لمحمد، وهو يحدثهم عما جاء به. ولكن أحداً لم يستجب إليه: إلا علي بن أبي طالب. هو وحده الذي انتفض يؤكد أنه سينصر محمداً بسيفه. وضحك من الاستخفاف بعض الكبار، فقد كان علي هذا أصغر الحاضرين، كان اذ ذاك ما يزال فتى صغير السن، تتقدم به سنه الى أول الشباب، ولكن محمداً لم يستخف بحماسة علي، فقد قام اليه، فعانقه وبكى».

وقال الأميني في الجزء الأول من كتاب «الغدير»(٢) ص ٩ طبعة ١٣٧٢ هجري: بعد أن رجع النبي من حجة الوداع، وهي الحجة التي لم يلبث بعدها الا قليلاً، ووصل الى غدير خم جمع الناس، وخطبهم وقال فيما قال:

ان اللّه مولاي، وانا مولى المؤمنين، وانا اولى بهم من انفسهم، فمن كنت مولاه فعلي مولاه يقولها ثلاث مرات، ثم قال: اللهم والِ من والاه، وعاد من عاداه، واحب من احبه، وابغض من بغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وادر الحق معه حيث دار، ألا فليبلغ الشاهد الغائب.

ثم ذكر الاميني من رواة هذا الحديث ١٢٠ صحابياً ، و ٨٤ تابعياً، اما

___________________

(١) ذكر هذا الحديث محمد حسين هيكل في كتاب «حياة محمد» طبعة أولى، ثم حذفه في الثانية لقاء ٥٠٠ جنيه، ودليلنا المقابلة بين الطبعتين. انظر التعليق ص ١١٤ من «أعيان الشيعة» ج ١ قسم ١ طبعة ١٩٦٠

(٢) هذا الكتاب للشيخ عبد الحسين الأميني، وقد بلغ ١٢ مجلداً ضخماً، جمع فيه النصوص على خلافة علي من طرق السنة ورواياتهم عن النبي، وقد بلغت المئات، وطبع الكتاب أكثر من مرة في طهران، والمؤلف من علماء الشيعة في هذا العصر ومحل ثقة الجميع واحترامهم.

١٣

طبقات رواته من أئمة الحديث واساتذته فقد بلغوا ٣٦٠، وبلغ المؤلفون في حديث الغدير من السنة والشيعة ٢٦ مؤلفاً.

وقد اعتبر الشيعة حديث الغدير هذا نصاً بخلافة علي بعد النبي، ومن هنا اهتموا به هذا الاهتمام البالغ، واهل السنة يعترفون بصحة هذا الحديث، ويقولون بصدوره عن النبي، ولكنهم أوَّلوا الولاء بالحب والاخلاص، لا بالحكم والسلطان، فحديث «من كنت مولاه فعلي مولاه» أشبه عندهم بحديث «يا علي لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق» وغيره من الأحاديث الدالة على مكانة أهل البيت وعلو شأنهم، والحب وعلو الشأن شيء، والنص على الخلافة شيء آخر.

وأجاب الشيعة عن ذلك بأن قول النبي أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن كنت مولاه فعلي مولاه يدل بصراحة ووضوح على أن نفس ولاية النبي الدينية والدنيوية هي بعينها قد جعلها النبي لعلي بعده، إذ جعل علياً نظير نفسه في أنه أولى بهم من أنفسهم، ولا شيء سوى ذلك، ولو كان للفظ المولى ألف معنى ومعنى.

لفظ الشيعة:

وكما أثبت الشيعة من كتب السنة وأقوالهم أن النبي هو الذي بعث عقيدة التشيع ودعا اليها أثبتوا أيضاً من طرق السنة أن النبي أول من أطلق لفظ الشيعة على من احب علياً وتابعه، قال الشيخ محمد حسين المظفر في كتاب «تاريخ الشيعة» ص ٥ طبع النجف:

جاء في كتاب الصواعق المحرقة لابن حجر وفي كتاب النهاية لابن الأثير، ان النبي قال: يا علي انك ستقدم على اللّه انت وشيعتك راضين مرضيين.

وجاء في الدر المنثور للسيوطي ان النبي قال: ان هذا - واشار الى علي - وشيعته لهم فائزون يوم القيامة.

ثم قال صاحب «تاريخ الشيعة»: فكانت الدعوة الى التشيع لعلي من محمد تمشي منه جنباً لجنب مع الدعوة الى شهادة لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه.

وبهذا يتبين معنا ان المصدر الاول والاخير للشيعة والتشيع هو النبي دون سواه، فان كان التشيع هو السبب لتمزيق المسلمين وتفريق كلمتهم كما زعم

بعض السنة فالمسؤول عن ذلك هو النبي وحده دون سواه.

١٤

الشعر:

وكان لأحاديث الشيعة والتشيع أثر ظاهر في أشعار الصحابة، نقل طرفاً منها الشريف المرتضى في كتاب «العيون والمحاسن»(١) والشيخ الاميني في كتاب «الغدير». من ذلك ما جاء في ج ١ ص ١١ و ج ٢ ص ٣٩ من كتاب الغدير ان حسان بن ثابت قال للنبي بعد ان اعلن قوله من كنت مولاه فعلي مولاه: ائذن لي يا رسول اللّه ان اقول في علي ابياتاً تسمعهن، فقال له النبي: قل على بركة اللّه، فقام حسان، وقال: يا معشر مشيخة قريش، اتبعها قولي بشهادةٍ من رسول اللّه في الولاية:

يناديهم يوم الغدير نبيهم

بخم واسمع بالنبي مناديا

وقد جاء جبريل عن أمر ربه

بأنك معصوم فلا تك وانيا

وبلغهم ما أنزل اللّه ربهم

إليك ولا تخشَ هناك الأعاديا

فقام به إذ ذاك رافع كفه

بكف علي معلن الصوت عاليا

فقال فمن مولاكم ووليكم

فقالوا ولم يبدوا هناك تعاميا

إلهك مولانا وأنت وليّنا

ولن تجدن فينا لك اليوم عاصيا

فقال له قم يا علي فإنني

رضيتك من بعدي إِماماً وهاديا

فمن كنت مولاه فهذا وليّه

فكونوا له أنصار صدق مواليا

هناك دعا اللهم وال وليّه

وكن للذي عادى علياً معاديا

فيا رب انصر ناصريه لنصرهم

امام هدى كالبدر يجلو الدياجيا

وفي ج ٢ ص ٦٧ من كتاب «العيون والمحاسن» أن خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين صاحب رسول اللّه، قال:

إذا نحن بايعنا علياً فحسبنا

أبو حسن مما نخاف من الفتن

وجدناه أولى الناس بالناس انه

أطب قريش بالكتاب وبالسنن

وإن قريشاً لا تشق غباره

إذا ما جرى يوماً على الضمر البدن

____________________

(١) هذا الكتاب جمعه الشريف المرتضى من أقوال استاذه الشيخ المفيد، وطبع في النجف سنة ١٩٣٧ باسم الفهرست خشية ان تمنعه السلطة يومذاك لو طبع باسمه الحقيقي.

١٥

وصي رسول اللّه من دون أهله

وفارسه قد كان في سالف الزمن

وأول من صلى من الناس كلهم

سوى خيرة النسوان واللّه ذو المنن

وصاحب كبش القوم في كل وقعة

يكون لها نفس الشجاع لدى الذقن

فذاك الذي تثني الخناصر باسمه

امامهم حتى أغيب في الكفن

وفي الكتاب المذكور أن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب قال عندما بويع أبو بكر:

ما كنت أحسب أن الأمر منتقل

عن هاشم ثم منها عن أبي حسن

أليس أول من صلى لقبلتهم

واعلم الناس بالآيات والسنن

وآخر الناس عهداً بالنبي ومن

جبريل عون له في الغسل والكفن

ماذا الذي ردكم عنه فنعلمه

ها ان بيعتكم من أول الفتن

وقال عبد اللّه بن سفيان بن الحرث بن عبد المطلب:

وكان ولي الأمر بعد محمد

علي وفي كل المواطن صاحبه

وصي رسول اللّه حقاً وجاره

وأول من صلى ومن لان جانبه

وقال الصحابي جرير بن عبد اللّه البجلي:

فصلى الإله على أحمد

رسول المليك تمام النعم

وصلى على الطهر من بعده

خليفتنا القائم المدعم

علياً عنيت وصي النبي

يجالد عنه غواث الأمم

وقال عبد الرحمن بن حنبل:

لعمري لئن بايعتم ذا حفيظة

على الدين معروف العفاف موفقا

عفيفاً عن الفحشاء أبيض ماجداً

صدوقاً وللجبار قدماً مصدقا

أبا حسن فارضوا به وتبايعوا

فليس كمن فيه لذي العيب منطقا

علي وصي المصطفى ووزيره

وأول من صلى لذي العرش واتقى

وهذا الشاعر الصحابي هو الذي قال في عثمان بن عفان(١) :

واحلف باللّه جهد اليمين

ما ترك اللّه أمراً سدى

ولكن جعلت لنا فتنة

لكي نبتلي بك أو تبتلى

____________________

(١) كتاب «الاستيعاب» ج ٢ ص ٤٠٧ طبعة ١٩٣٩

١٦

دعوت الطريد فأدنيته

خلافاً لما سنه المصطفى

ووليت قرباك أمر العباد

خلافاً لسنة من قد مضى

وأعطيت مروان خمس الغنى

-مة آثرته وحميت الحمى

وفي الجزء الثاني من كتاب «الغدير» ص ٦٧ أن الصحابي قيس بن سعد بن عبادة قال:

وعلي إمامنا وإمام

لسوانا أتى به التنزيل

يوم قال النبي من كنت مولا

ه فهذا خطب جليل

إنما قاله النبي على الأمة

حتم ما فيه قال وقيل

وفي كتاب «أمير المؤمنين علي بن أبي طالب» لكاظم آل نوح سنة ١٣٧٤ هجري ص ٤٣: نقلاً عن جمهرة الخطب أن سعيد بن قيس الهمداني كان يرتجز يوم صفين بقوله:

هذا علي وابن عم المصطفى

أول من أجابه لما دعا

هذا الإمام لا يبالي من غوى

وفي الكتاب المذكور ص ٤٤ أن الفضل بن أبي لهب قال:

الا إن خير الناس بعد محمد

مهيمنه التاليه في العرف والنكر

وخيرته في خيبر ورسوله

تبيد عهود الشرك فوق أبي بكر

وأول من صلى وصنو نبيه

وأول من أردى الغواة لدى بدر

فذاك علي الخير من ذا يفوقه

أبو حسن حلف القرابة والصهر

وفي صفحة ٤٥ نقلاً عن كتاب «صفين» لنصر بن مزاحم أن زفر بن زيد بن حذيفة الأسدي قال يوم صفين:

فحوطوا علياً فانصروه فانه

وصيي وفي الإسلام أول أول

وان تخذلوه والحوادث جمة

فليس لكم عن أرضكم متحول

وفي كتاب «أمالي الشيخ المفيد» ص ٩١، منشورات المطبعة الحيدرية بالنجف:

إن علي بن أبي طالب لما بلغه مسير طلحة والزبير لحربه خطب في الناس، وقال بعد أن حمد اللّه وأثنى عليه:

أما بعد، فإن اللّه تبارك وتعالى لما قبض نبيه قلنا نحن أهل بيته وعصبته

وورثته وأولياؤه أحق خلائق اللّه به، لا ننازع حقه وسلطانه، فبينما نحن على ذلك إذ نفر

١٧

المنافقون، فانتزعوا سلطان نبينا منا، وولوه غيرنا. وايم اللّه لولا مخافة الفرقة من المسلمين أن يعودوا إلى الكفر، ويعود الدين لكنا قد غيرنا ذلك ما استطعنا، وقد ولي ذلك ولاة مضوا لسبيلهم، ورد اللّه الأمر إليّ، وقد بايعني طلحة والزبير، ثم نهضا إلى البصرة ليفرقا جماعتكم، ويلقيا بأسكم بينكم، اللهم فخذهما لغشهما هذه الأمة، وسوء نظرهما للعامة.

فقام الصحابي بو الهيثم بن التيهاني، وقال: يا أمير المؤمنين إن حسد قريش إياك على وجهين: أما خيارهم فحسدوك منافسة في الفضل، وارتفاعاً في الدرجة، وأما شرارهم فحسدوك حسداً أحبط اللّه به أعمالهم، وأثقل أوزارهم، وما رضوا أن يساووك، حتى أرادوا أن يتقدموك، فبعدت عليهم الغاية، وأسقطهم المضمار، وكنت أحق قريش بقريش، نصرت نبيهم حياً، وقضيت عنه الحقوق ميتاً، واللّه ما بغيهم إلا على أنفسهم، ونحن أنصارك وأعوانك، فمرنا بأمرك ثم انشأ:

إن قوماً بغوا عليك وكادوا

ثم عابوك بالأمور القباح

ليس من عيبها جناح بعوض

فيك حقاً ولا كعشر جناح

أبصروا نعمة عليك من اللّه

وقرماً يدق قرن النطاح

وإماماً تأوي الأمور إليه

ولجاماً يلين غرب الجماح

كلٍ ما تجمع الامامة فيه

هاشمياً له عراض البطاح

حسداً للذي أتاك من اللّه

وعادوا إلى قلوب قراح

ونفوس هناك أوعية البغض

على الخير للشفاء شحاح

من مسر يكنه حجب الغيب

ومن مظهر العداوة لاح

يا وصي النبي نحن من الحق

على مثل بهجة الاصباح

فخذ الاوس والقبيل من الخز

رج بالطعن والوغى والكفاح

ليس منا من لم يكن لك في اللّه

ولياً على الهدى والفلاح

فاشعار الصحابة والأحاديث النبوية تدل دلالة واضحة على أن التشيع بمعنى وجود النص على علي بالخلافة بعد النبي بلا فاصل كان موجوداً في عهد رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله

١٨

الأصْحَابُ والتّشيّع

ذكر ابن أبي الحديد في «شرح النهج»، والسيد محسن الأمين في الجزء الثاني من «الأعيان»، وكرد علي في «خطط الشام»، والسيد حيدر الآملي في «الكشكول فيما جرى على آل الرسول»

ذكر هؤلاء وغيرهم أن جماعة من أصحاب رسول اللّه كانوا يدينون بالتشيع، ويعتقدون أن النبي نص على علي باسمه، وعيّنه خليفة على المسلمين من بعده، وجعله أولى بالناس من أنفسهم، ثم دكروا أسماء هؤلاء الأصحاب.

ولا شيء أقرب إلى التصديق من هذا القول، لأن مقياس الصدق لأقوال المؤرخين وغيرهم هو الواقع، فإن كان ما يدل عليه وجب القبول، وإلا وجب الرد. وتشيع جماعة من الأصحاب لعلي أمر طبيعي، وحقيقة يفرضها الواقع بعد أن كان النبي هو الباعث الأول لهذه العقيدة، كما قدمنا. وليس من المعقول أن ينقض جميع الأصحاب عهد نبيهم، ويخالفوا بكاملهم ما جاءهم به من البينات.

وأيضاً ليس من المعقول أن يتشيع جماعة من الأصحاب، ثم لا يظهر أي أثر لتشيعهم، بخاصة بعد أن صرفت الخلافة عن علي إلى غيره، ومن هنا رأينا هؤلاء الأصحاب يؤلفون حزباً مناهضاً لبيعة أبي بكر وخلافته.

قال السيد محسن الأمين في القسم الأول من الجزء الثالث «لأعيان الشيعة» ص ٣٠٨ وما بعدها طبعة ١٩٦٠(١) :

____________________

(١) يعتمد المؤلف هنا على تاريخ الطبري، والإمامة والسياسة لابن قتيبة، وعلى ارشاد المفيد واحتجاج الطبرسي.

١٩

«انقسم الناس بعد وفاة النبي أحزاباً خمسة:

١ - حزب سعد بن عبادة رئيس الخزرج من الأنصار.

٢ - حزب أبي بكر وعمر، ومعهما جل المهاجرين.

٣ - حزب علي، ومعه بنو هاشم، وقليل من المهاجرين، وكثير من الأنصار الذين قالوا: لا نبايع إلا علياً، كما جاء في تاريخ الطبري.

٤ - حزب عثمان بن عفان من بني أمية ومن لف لفيفهم.

٥ - حزب سعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن من بني زهرة.

ومال قسم كبير من الأنصار مع حزب أبي بكر وعمر، فقوي حزبهما، واضطر عثمان، وحزب ابن أبي وقاص أن يبايعوا أبا بكر، وبقي حزب علي هو المعارض الوحيد، وحاول أبو سفيان أن يستغل الموقف، ويساوم أبا بكر، فجاء إلى علي وقال:

بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكم

ولا سيما تيم بن مرة أو عدي

فما الأمر إلا فيكم وإليكم

وليس لها إلا أبو حسن علي

أما واللّه لو شئتم يا بني هاشم لاملأنها عليهم خيلاً ورجالاً، فناداه علي ارجع يا أبا سفيان، فواللّه ما تريد اللّه بما تقول، وما زلت تكيد للإسلام وأهله.

ولما سمع أبو بكر تهويش أبي سفيان أسند بعض الوظائف لولده، فرضي وسكت، بل دعا للخليفة بالتوفيق والنجاح.

واجتمع ١٢ رجلاً من حزب علي، وتشاوروا بينهم في إنزال أبي بكر عن منبر الرسول، فقال قائل منهم: استشيروا علياً قبل أن تفعلوا، ولما استشاروه قال: لو فعلتم لاثرتم حرباً، ولأتى إليّ القوم، وقالوا: بايع، والا قتلناك.

لقد شعر حزب علي بالخيبة، وانتاب رجاله هزة عنيفة ارتعشت منها قلوبهم وأعصابهم، لصرف الحق عن أهله، والاستهتار بالدين، وأقوال سيد المرسلين، وإذا نهاهم الإمام عن حمل السلاح، وإعلان العصيان، ومجابهة الحاكم وجهاً لوجه فإن هناك سبيلاً آخر لمناصرة الحق، وهو الدعاية له، والعمل على نشره في جميع الأوساط، ومختلف الطبقات. وهذا ما حصل بالفعل، فكانوا - أينما حلوا - يوجهون الناس إلى علي، ويحدثونهم عن فضائله، ومكانته عند اللّه والرسول، ويؤكدون حقه في الخلافة، ويركزون دعايتهم هذه على كتاب اللّه

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

الاثني عشرية وخاصة احمد بن هلال ومحمد بن علي الصيرفي (أبو سمينة) الكذاب المشهور واختلاقه أساساً أو إضافة روايات (الاثني عشرية) إليه خاصة وانه لم تكن هناك نسخ ثابتة ومعروفة منه. ولم يصل الكتاب إلى الأجيال المتعاقبة بصورة موثقة ومروية(١) .

____________________

(١) كتابه عن المهدي. رجوع

٨١

الجواب عنها

أقول وفي كلامه عدة مواضع للتعليق:

أولا:

قوله (ان كتاب سليم أو إضافة روايات الاثنا عشرية لم يكن معروفا في عصر الأئمة الأحد عشر عند أحد من الشيعة مما يؤكد وضعه في عصر الغيبة من قبل العبرتائي والصيرفي).

دعوى منه كاذبة.

فان رواية الكليني والطوسي والصدوق لأحاديث سليم في الاثني عشر إماما وكون التسعة المتأخرين منهم من ذرية الحسين (ع) لا تنحصر بالعبرتائي والصيرفي.

فالكليني(١) روى حديث سليم بثلاثة طرق كان أحدها عن

____________________

(١) الكافي ج١ ص٥٢٩. رجوع

٨٢

محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن محمد بن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم وهذا الطريق صحيح إلى أبان لا غبار عليه، أما الطريق الثاني فهو عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر عن أبان وهو طريق صحيح إلى أبان أيضاً، أما الطريق الثالث فهو عن علي بن محمد عن احمد بن هلال العبرتائي عن محمد بن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن أبان وهو طريق ضعيف باحمد بن هلال العبرتائي.

والطوسي رواه في كتابه الغيبة(١) عن رجاله عن محمد بن يعقوب الكليني بالسند الأول الانف الذكر.

أما الصدوق فقد رواه عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن احمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن أبان عن سليم(٢) ، ورواه أيضا عن ابيه عن سعد عن يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى عن عبد الله بن مسكان عن أبان عن سليم(٣) ، ورواه

____________________

(١) ص١٣٧. رجوع

(٢) كتاب الخصال ص٤٧٧. رجوع

(٣) إكمال الدين ٢٦٢. رجوع

٨٣

أيضا عن ابن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن يعقوب بن يزيد وإبراهيم بن هاشم جميعا عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبان(١) ، وهي أيضا أسانيد صحيحة إلى أبان(٢) .

وفي ضوء ذلك:

يتبين ان كتاب سليم أو أحاديث الاثني عشر بروايته قد كانت متداولة عند الشيعة في عصر الأئمة الأحد عشر (ع)، فان محمد بن أبي عمير قد توفي سنة ٢١٧ وقد عاصر الإمام الكاظم والرضا (ع) وهو من فقهاء أصحابهما، أما حماد بن عيسىفقد توفي سنة(٢٠٩ه) أما عمر بن أذينة وهو من أصحاب الكاظم أدرك أبا عبد الله الصادق (ع) وروى عنه وكان قد هرب من المهدي العباسي ومات باليمن في حدود سنة (١٦٨ه).

انظر الجدول التوضيحي بذلك.

____________________

(١) كتاب الخصال ٤٧٧. رجوع

(٢) توجد طرق أخرى ورواة آخرون لكتاب سليم وأحاديثه أحصاها العلامة الأنصاري في كتابه سليم بن قيس ج١ص٢٠٤-٢٥٣. رجوع

٨٤

٨٥

ثانيا:

قوله (ولكن عامة الشيعة في ذلك الزمان كانوا يشكون في وضع واختلاق كتاب سليم).

أقول ليس الأمر كما ذكر.

وتحقيق الأمر ان ابن الغضائري وهو معاصر للشيخ الطوسي قال في ترجمته لـ (أبان بن أبي عياش) لا يلتفت إليه وينسب أصحابنا وضع كتاب سليم بن قيس إليه وقال المفيد في شرحه لاعتقادات الصدوق وأما ما تعلق به من حديث سليم الذي رجع فيه إلى الكتاب المضاف إليه برواية أبان بن أبي عياش فالمعنى فيه صحيح غير ان الكتاب غير موثوق به(١) .

وان اغلب المحققين من علماء الشيعة لم يعتنوا بتضعيفات ابن الغضائري.

قال السيد الخوئي(رحمه‌الله ) في معجم رجال الحديث:

"أما الكتاب المنسوب إلى ابن الغضائري فهو لم يثبت ولم يتعرض له العلامة في إجازاته وذكر طرقه إلى الكتب. بل أن وجود هذا الكتاب في زمان

____________________

(١) قاموس الرجال ج١/ترجمة ابان بن أبي عياش. رجوع

٨٦

النجاشي والشيخ أيضا مشكوك فيه، فإن النجاشي لم يتعرض له مع انه قدس سره بصدد بيان الكتب التي صنفها الإمامية حتى انه يذكر مالم يره من الكتب و ان ما سمعه من غيره أو رآه في كتابه، فكيف لا يذكر كتاب شيخه الحسين بن عبيد الله أو ابنه احمد ! وقد تعرض قدس سره لترجمة الحسين بن عبيد الله ولم يذ كر فيها كتاب الرجال كما انه حكى عن احمد بن الحسين في عدة موارد ولم يذكر انه له كتاب الرجال. نعم أن الشيخ تعرض في مقدمة فهرسته أن احمد بن الحسين كان له كتابان ذكر في أحدهما المصنفات وفي الاخر الأصول ومدحهما غير انه ذكر عن بعضهم أن بعض ورثته أتلفهما ولم ينسخهما أحد.

والمتحصل من ذلك أن الكتاب المنسوب إلى ابن الغضائري لم يثبت بل جزم بعضهم بأنه موضوع وضعه بعض المخالفين ونسبه إلى ابن الغضائري بل أن الاختلاف في النقل عن هذا الكتاب يؤيد عدم ثبوته بل توجد في عدة موارد ترجمة شخص في نسخة ولا توجد في نسخة أخرى إلى غير ذلك من المؤيدات "(١) .

____________________

(١) معجم رجال الحديث ج١ص١٠٢. رجوع

٨٧

وقال العلامة الطهراني (رحمه‌الله ) في الذريعة:

"جرت سيرة الأصحاب على عدم الاعتناء بتضعيفات كتاب الضعفاء على فرض معلومية مؤلفه فضلا على انه مجهول المؤلف فكيف يسكن إلى جرحه ".

وقال في كتابه المشيخة أيضاً:

"ذكر السيد احمد بن طاووس. انه وجد نسخة منسوبة إلى ابن الغضائري من دون إسناد له إليه، فأدرج ما في تلك النسخة أيضا ضمن ما جمعه من تلك الأصول الأربعة أي رجال النجاشي ورجال الكشي والشيخ وفهرست الشيخ في المواضع اللائقة بعين ألفاظه. وهو أقوى سبب لضعف تضعيفات ابن الغضائري حيث أن كتابه لم يكن مسندا للناقل عنه وهو السيد ابن طاووس الذي اخذ من كلامه بعده تلميذه العلامة الحلي وابن داود في كتابي الخلاصة والرجال ثم من تأخر عنه حتى اليوم. فكل ما ينسب إلى ابن الغضائري من الأقوال لم يصل إلينا بأسناد معتبرة عنه، بل الناقل عنه أولا أعلمنا بعدم الأسناد وخلص نفسه "(١) .

____________________

(١) كتاب سليم بن قيس للانصاري ج١ص١٦٢ نقلا عن كتاب المشيخة للطهراني ص ٣٦. رجوع

٨٨

أقول: وعلى فرض الاعتناء بتضعيفات ابن الغضائري والأخذ بها عند التعارض كما ذهب إلى ذلك نفر من علمائنا كالعلامة الحلي(رحمه‌الله ) (ت٧٢٦ه) والعلامة التستري(رحمه‌الله ) (ت١٤١٦ه) صاحب قاموس الرجال، فان ذلك لا يضر بكتاب سليم بن قيس لان جهة حكم ابن الغضائري على الكتاب بالوضع معلومة وهي وجود خبرين الأول خبر وعظ محمد بن أبي بكر أباه عند الموت (وهو خبر محقق الكذب)، والثاني خبر يفهم منه أن الأئمة ثلاثة عشر(وهو خبر اشتبه فيه راويه قطعا) ووجود هذين الخبرين ونظائرهما ان وجدت وهي قليلة غير كافية في الحكم على اصل الكتاب بالوضع فان قصارى ما تدل عليه هو ان نسخة الكتاب قد لحقها تخليط وتحريف ومن هنا أوجب الشيخ المفيد عدم الاعتماد على كل ما ورد في الكتاب دون تحقيق، ونظير ذلك كتاب مقتل الحسين (ع) لأبي مخنف فان الأصل المتداول عند عامة الناس فيه زيادة وتحريف وهي لا توجب الحكم على اصل الكتاب بالوضع وقد روى الطبري في تاريخه اكثر أخباره ومن يقارن بين روايات الطبري عن أبي مخنف وروايات النسخة المتداولة يكتشف مواضع التحريف.

٨٩

القول الحق في كتاب سليم:

قال العلامة التستري(رحمه‌الله ):

"والحق في كتاب سليم بن قيس ان اصله كان صحيحاً قد نقل عنه الأجلة المشايخ الثلاثة والنعماني والصفار وغيرهم، إلا انه حدث فيه تخليط وتدليس من المعاندين فالعدو لا يألو خبالا كما عرفت من المفيد، لا كما قال ابن الغضائري من كون الكتاب موضوعا لخبر وعظ محمد بن أبي بكر أباه، فالكتاب الموضوع ان اشتمل على شيء صحيح يكون في الأقلية كما في التفسير الذي افتروه على العسكري (ع) ، والكتاب بالعكس، بل لم نقف فيه على كذب محقق سوى خبر الوعظ، أما خبر عدد الأئمة فقد عرفت انه سوء تعبير من بعض الرواة، ووقوع أخبار خمسة مثله في الكافي، وحينئذ فلا بد ان يراعى القرائن في أخباره كما عرفت من المفيد "(١) .

قول النعماني في كتاب سليم:

أما قول ابن الغضائري/ وهو من رجال القرن الخامس الهجري/ ينسب أصحابنا وضع كتاب سليم بن قيس إليه أي إلى أبان بن أبي

____________________

(١) قاموس الرجال للتستري ترجمة أبان بن أبي عياش. رجوع

٩٠

عياش فيعارضه قول النعماني وهو من رجال القرن الرابع الهجري (ت٣٦٢ه):

"وليس بين جميع الشيعة فيمن حمل العلم ورواه عن الأئمة خلاف في كتاب سليم بن قيس الهلالي اصله من اكبر كتب الأصول التي رواها أهل العلم وحملة حديث أهل البيت (ع) وأقومها لان جميع ما اشتمل عليه هذا الأصل إنما هو عن رسول الله (ص) وأمير المؤمنين (ع) وسلمان والمقداد وأبي ذر ومن جرى مجراهم ممن شهد رسول الله (ص) وأمير المؤمنين وسمع منهم وهو من الأصول التي ترجع الشيعة إليها ويُعول عليها "(١) .

ومراد النعماني من كلمة (الأصل) مراد أهل العلم منها قال الطهراني:(الأصل من كتب الحديث هو ما كان المكتوب فيه مسموعا لمؤلفه من المعصوم (ع) أو عمن سمع منه لا منقولا من مكتوب)(٢) .

قول ابن النديم في كتاب سليم:

ويؤيد كلام النعماني ما ذكره ابن النديم (ت٣٨٠ه) في كتابه الفهرست قال:

"سليم بن قيس من أصحاب أمير المؤمنين (ع) وكان هارباً من الحجاج لأنه طلبه ليقتله فلجأ إلى أبان بن أبي عياش

____________________

(١) النعماني كتاب الغيبة ص١٠٢. رجوع

(١) الذريعة ج٢/١٢٥. رجوع

٩١

فاواه فلما حضرته الوفاة قال لأبان ان لك عليَّ حقاً وقد حضرتني الوفاة يا ابن أخي انه كان من أمر رسول الله (ص) كيت وكيت وأعطاه كتابا وهو كتاب سليم بن قيس المشهور رواه عنه أبان بن أبي عياش ولم يروه عنه غيره. وهو أول كتاب ظهر للشيعة "(١) .

ان ابن النديم حين ذكر كتاب سليم بن قيس إنما ذكره بصفته أول كتاب واقدم كتاب عند الشيعة ثم ذكر بعده مؤلفي الشيعة الاخرين وكتبهم ولو كانت شبهة الوضع تلاحق الكتاب وتقترن به في القرن الرابع الهجري كما يدعي صاحب النشرة لما فاتت على ابن النديم وهو خبير عصره بالكتب التي اشتهرت في زمانه.

وفي ضوء ذلك :يتضح خطأ قول صاحب النشرة وكان عامة الشيعة في ذلك الزمان يشكون في وضع واختلاق كتاب سليم وذلك لروايته عن طريق محمد بن علي الصيرفي أبو سمينة الكذاب المشهور واحمد بن هلال العبرتائي الغالي الملعون.

فانه ان كان يقصد شيعة القرن الرابع الهجري فان كلام النعماني

____________________

(١) ابن النديم ص ٢٧٦. رجوع

٩٢

الانف الذكر يكذبه وان كان يقصد الشيعة في عصر الشيخ المفيد فقد تبين الحال من مناقشة العلامة التستري.

أما قوله (ان الواضع للكتاب هو أبو سمينة واحمد بن هلال العبرتائي).

فهو قول جزاف(١) . كان شاهده الوحيد عليه دعواه ان الكتاب لم يكن معروفا عند واحد من الشيعة في عصر الأئمة وقد تبين سقوط هذه الدعوى.

نعم كانت الشبهة تحوم على أبان بن أبي عيّاش كما ذكر ذلك ابن الغضائري وتبناها وقدم عليها شاهدين تبين حالهما، وان وجودهما في الكتاب يؤدي إلى القول بوضعهما ودسهما فيه لا القول بوضع كل أخبار الكتاب.

ثالثا:

ما نقله صاحب النشرة من كلام ابن الغضائري من قوله:(وكان أصحابنا يقولون ان سليماً لا يُعرف ولا ذكرَ له يوحي للقارئ ان

____________________

(١) الجُزاف هو بيعك الشى واشتراؤكه بلا وزن ولا كيل (لسان العرب). رجوع

٩٣

سليماً لا يعرف من الرجاليين وليس له ذكر عندهم وان ابن الغضائري كان يقول بذلك).

ولكن واقع الحال ان ابن الغضائري ينفي ذلك وعبارته بتمامها هي:(كان أصحابنا يقولون ان سليما لا يعرف ولا ذُكرَ في خبر، وقد وجدت ذكره في مواضع من غير جهة كتابه ولا رواية أبان بن أبي عياش)(١) .

رابعا:

قوله (ولم يصل الكتاب (كتاب سليم) إلى الأجيال المتعاقبة بصورة موثقة ومروية).

أقول أغنانا في الجواب على هذه الدعوى ما كتبه العلامة الشيخ محمد باقر الأنصاري الذي صرف اثنتي عشرة سنة في تحقيق الكتاب وقد أخرجه في ثلاثة مجلدات استوعب كل جوانب التحقيق فيه ، ومما جاء فيه قوله مختصراً

ان نسخة كتاب سليم كانت موجودة عند ابن أبي عمير وحماد

____________________

(١) الخلاصة ٨٣. رجوع

٩٤

بن عيسى وعبد الرزاق بن همام.

وان نسخة عبد الرزاق وقد وصلت إلينا بأربعة طرق

الأول:طريق ابن عقدة (ت٣٣٣ه).

الثاني:طريق محمد بن همام بن سهيل (ت٣٣٢ه).

الثالث:طريق الحسن بن أبي يعقوب الدينوري.

الرابع:طريق أبو طالب محمد بن صبيح بن رجاء بدمشق سنة٣٣٤. وبهذا الطريق اصبح الكتاب متداولا حيث كانت عدة نسخ خطية منه موجودة عند كبار علمائنا كما توجد اليوم مخطوطات منها في مكتبات إيران والعراق والهند.

وان نسخة حماد بن عيسى وصلت إلينا عن طريق الشيخ الطوسي والشيخ النجاشي بأسانيد متصلة.

وان نسخة ابن أبي عمير وصلت إلينا عن طريق الشيخ الطوسي بأسانيد متصلة ووصلت إلى العلامة الحر العاملي والعلامة المجلسي وهي المتداولة اليوم.

وان نسخة الشيخ الطوسي برواية ابن أبي عمير وصلت إلى المحدث شهر آشوب جد صاحب المناقب والفقيه محمد بن أبي

٩٥

احمد بن شهريار والشيخ أبوعلي الطوسي بن الشيخ الطوسي، وأما شهر آشوب فقد انتقلت نسخته إلى محمد بن علي بن شهر آشوب صاحب المناقب وقد اخبر بالكتاب صاحب المناقب بالحلة قراءة عليه سنة (٥٦٧ه) وأما ابن شهريار الخازن فقد رواه للشريف أبي الحسن العريضي.

ومنه للشيخ الفقيه محمد بن الكال المتوفى سنة ٥٩٧، أما نسخة الشيخ ابي علي بن الشيخ الطوسي فقد وصلت بواسطة الشيخ الفقيه الحسن بن هبة الله بن رطبة السوراوي وهو قد اخبر بالكتاب في كربلاء سنة (٥٦٠ه) وأيضا بواسطة الشيخ الحسن بن احمد بن طحال المقدادي ومنه إلى الرئيس أبي البقاء هبة الله بن نما قراءة عليه بالنجف سنة ٥٢٠. ثم وصلت نسخة الشيخ الطوسي هذه إلى العلامة المجلسي صاحب البحار وقد أوردها بتمامها في موسوعته بحار الأنوار، وكذلك وصلت إلى الشيخ الحر العاملي صاحب وسائل الشيعة وقد وصلت نسخته بعد ذلك إلى العلامة السماوي وعنها طبع المطبوع المتداول(١) .

____________________

(١) كتاب سليم تحقيق الانصاري ج١/٦٩. رجوع

٩٦

الخلاصة:

اتضح من خلال البحث بطلان دعوى صاحب النشرة من (كون كتاب سليم بن قيس أو روايات الاثني عشر عنه لم تكن معروفة عند أحد من الشيعة زمن الائمة الأحد عشر) وكذلك دعواه (ان كتاب سليم أو روايات الاثني عشر عند الشيعة من اختلاق العبرتائي والصيرفي) ، وتبين لنا عدم انحصار الرواية بهما، وان الشبهة في اختلاق كتاب سليم إنما كانت تحوم حول أبان بن أبي عياش الراوي الذي انحصرت به رواية كتاب سليم، واختلاف رجاليي الشيعة في وثاقته وقد قلنا في البحث ان هذا الاختلاف لا يضر في الرد على مقولة صاحب النشرة والزيدية من ان احاديث الاثني عشر قد اختلقها الشيعة في عصر الغيبة، إذ المطلوب اثبات وجودها عند الشيعة في عصر الائمة (ع) وقد اثبتنا ذلك.

وان أدلة ابن الغضائري في التشكيك بأصل كتاب سليم مردودة ومعارضة بكلام النعماني الذي نقل لنا رأي الشيعة في زمانه، هذا مضافاً إلى انه لو كانت شبهة الوضع تلاحق كتاب سليم لما فاتت على ابن النديم الذي ترجم للكتاب وصاحبه.

٩٧

أما دعوى صاحب النشرة من ان كتاب سليم لم يصل إلى الأجيال المتعاقبة بصورة موثقة ومروية فقد أجاب عنها مفصلاً محقق كتاب سليم بن قيس كما أشرنا إليه.

٩٨

الفصل الثامن:

أسانيد روايات الاثني عشر عند السنة والشيعة

قوله:

ان روايات حصر الأئمة باثني عشر عند السنة والشيعة ضعيفة السند!

نقول:

البحث السندي في روايات الاثني عشر إماما عند الفريقين يكذب دعواه تلك. وان الأحاديث الشيعية في الاثني عشر كانت معروفة لدى الثقات من الشيعة قبل ولادة المهدي (ع) بل منذ القرن الثاني الهجري.

٩٩

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

زوجها، قال: ليس لها.

[ ٢٤٥٠٢ ] ٥ - محمّد بن علي بن الحسين قال: من ألفاظ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) الموجزة التي لم يسبق إليها: العائد في هبته كالعائد في قيئه، هبة الرجل لزوجته تزيد في عفتها.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على الحكمين في الصدقات(١) .

٨ - باب عدم جواز الرجوع في الهبة بعد القبض وتلف العين

[ ٢٤٥٠٣ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) .

وحماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: إذا كانت الهبة قائمة بعينها فله أن يرجع، وإلّا فليس له.

ورواه الكليني عن علي بن إبراهيم(٢) .

__________________________

٥ - الفقيه ٤: ٢٧٢ و ٢٧٣ / ٨٢٨.

(١) تقدم في الحديث ١ من الباب ١٣، وفي الباب ١٧ من أبواب الوقوف والصدقات.

الباب ٨

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٩: ١٥٣ / ٦٢٧، والاستبصار ٤: ١٠٨ / ٤١٢.

(٢) الكافي ٧: ٣٢ / ١١.

وتقدم في الباب ١٩ من أبواب الخيار.

ويأتي في الباب ١٠ من هذه الأبواب.

٢٤١

٩ - باب عدم جواز الرجوع في الهبة بعد التعويض، وجواز الرجوع فيها مع عدمه إذا شرط

[ ٢٤٥٠٤ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: إذا عوّض صاحب الهبة فليس له أن يرجع.

ورواه الكليني، عن علي بن إبراهيم مثله(١) .

[ ٢٤٥٠٥ ] ٢ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن الرجل يهب الجارية على أن يثاب فلا يثاب، أله أن يرجع فيها ؟ قال: نعم إن كان شرط عليه، قلت: أرأيت إن وهبها له ولم يثبه أله أن يطأها أم لا ؟ قال: نعم إذا كان لم يشرط عليه حين وهبها.

[ ٢٤٥٠٦ ] ٣ - وقد تقدّم في حديث عبد الرحمن بن أبي عبد الله وعبد الله ابن سليمان(٢) جميعاً، عن أبي عبد الله قال: تجوز الهبة لذوي القرابة والذي يثاب عن هبته، ويرجع في غير ذلك إن شاء.

وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن فضالة بن أيّوب، عن

__________________________

الباب ٩

فيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ٩: ١٥٤ / ٦٣٢، والاستبصار ٤: ١٠٨ / ٤١٣.

(١) الكافي ٧: ٣٣ / ١٩.

٢ - التهذيب ٩: ١٥٤ / ٦٣٣.

٣ - تقدم في الحديث ١ من الباب ٦ من هذه الأبواب.

(٢) في الاستبصار: وعبد الله بن سنان ( هامش المخطوط ).

٢٤٢

أبان، عن عبد الله بن سليمان(١) ، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) نحوه(٢) .

١٠ - باب جواز الرجوع في الهبة قبل القبض وبعده إلّا ما استثني على كراهية

[ ٢٤٥٠٧ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن الرجل يتصدق بالصدقة أله أن يرجع في صدقته ؟ فقال: إنّ الصدقة محدثة إنّما كان النحل والهبة، ولمن وهب أو نحل أن يرجع في هبته حيز أو لم يحز، ولا ينبغي لمن أعطى شيئاً لله عزّ وجّل أن يرجع فيه.

ورواه الكليني، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد مثله(٣) .

[ ٢٤٥٠٨ ] ٢ - وعنه، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال: سألت الرضا( عليه‌السلام ) عن الرجل يأخذ من اُمّ ولده شيئاً وهبه لها بغير طيب نفسها من خدم أو متاع أيجوز ذلك له ؟ فقال: نعم إذا كانت اُمّ ولده.

[ ٢٤٥٠٩ ] ٣ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر، عن القاسم

__________________________

(١) في التهذيب: عبد الله بن سنان.

(٢) التهذيب ٩: ١٥٨ / ٦٥٠.

وتقدم ما يدل على حكم الشرط عموماً في الباب ٦ من أبواب الخيار.

الباب ١٠

فيه ٤ أحاديث

١ - التهذيب ٩: ١٥٣ / ٦٢٥، والاستبصار ٤: ١٠٨ / ٤١١.

(٣) الكافي ٧: ٣٠ / ٤.

٢ - التهذيب ٨: ٢٠٦ / ٧٢٩.

٣ - الاستبصار ٤: ١٠٩ / ٤١٧.

٢٤٣

ابن سليمان، عن جرّاح المدائني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من رجع في هبته فهو كالراجع في قيئه.

[ ٢٤٥١٠ ] ٤ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن حماد، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: أنت بالخيار في الهبة ما دامت في يدك، فإذا خرجت إلى صاحبها فليس لك أن ترجع فيها.

وقال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من رجع في هبته فهو كالراجع في قيئه.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) .

١١ - باب جواز تفضيل بعض الأولاد والنساء على بعض في العطيّة خصوصاً مع المزيّة، وكراهة ذلك مع عدمها

[ ٢٤٥١١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن الحجال، عن ثعلبة، عن محمّد بن قيس قال: سألت أبا جعفر( عليه‌السلام ) عن الرجل يفضل بعض ولده على بعض ؟ فقال: نعم ونساءه.

__________________________

٤ - التهذيب ٩: ١٥٨ / ٦٥٣، وفي الاستبصار ٤: ١٠٩ / ٤١٦ وذكر ذيله، وأورد صدره في الحديث ٦ من الباب ٤ من هذه الأبواب.

(١) تقدم ما يدل على بعض المقصود في الأبواب ٤، ٥، ٦، من هذه الأبواب.

الباب ١١

فيه ٧ أحاديث

١ - الكافي ٧: ١٠ / ٦، وأورده في الحديث ٦ من الباب ١٥ من أبواب الوصايا.

٢٤٤

ورواه الصدوق بإسناده عن عبد الله بن محمّد الحجال مثله(١) .

[ ٢٤٥١٢ ] ٢ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حماد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الرجل يكون له الولد من غير اُمّ يفضل بعضهم على بعض ؟ قال: لا بأس.

[ ٢٤٥١٣ ] ٣ - وعنه، عن حماد، عن حريز، عن معاوية وأبي كهمس أنّهما سمعا أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: صنع ذلك عليّ( عليه‌السلام ) بابنه الحسن، وفعل ذلك الحسين بابنه علي، وفعله أبي بي، وفعلته أنا.

[ ٢٤٥١٤ ] ٤ - وعنه، عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل بن عبد الخالق قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول في الرجل يخص بعض ولده ببعض ماله فقال: لا بأس بذلك.

[ ٢٤٥١٥ ] ٥ - وعنه، عن النضر، عن القاسم، عن جراح المدائني قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن عطية الوالد لولده يبينه ؟ قال: إذا أعطاه في صحة جاز.

[ ٢٤٥١٦ ] ٦ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإِسناد) عن عبد الله بن الحسن، عن علي بن جعفر، عن أخيه( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الرجل يحل له أن يفضل بعض ولده على بعض ؟ قال: قد فضلت فلاناً على أهلي وولدي، فلا بأس.

__________________________

(١) الفقيه ٤: ١٤٤ / ٤٩٥.

٢ - التهذيب ٩: ١٩٩ / ٧٩٥.

٣ - التهذيب ٩: ١٩٩ / ذيل حديث ٧٩٥.

٤ - التهذيب ٩: ٢٠٠ / ٧٩٦.

٥ - التهذيب ٩: ٢٠١ / ٨٠١، وأورده في الحديث ١٤ من الباب ١٧ من أبواب الوصايا.

٦ - قرب الإِسناد: ١١٩.

٢٤٥

ورواه علي بن جعفر في( كتابه) مثله (١) .

[ ٢٤٥١٧ ] ٧ - العياشي في( تفسيره) عن مسعدة بن صدقة قال: قال جعفر بن محمّد( عليه‌السلام ) : قال والدي( عليه‌السلام ) : والله إنّي لأُصانع بعض ولدي وأجلسه على فخذي( وأفكر له في الملح) (٢) ، وأكثر له الشكر، وإنّ الحق لغيره من ولدى، ولكن مخافة(٣) عليه منه ومن غيره لئلا يصنعوا به ما فعلوا بيوسف إخوته، وما أنزل الله سورة يوسف إلّا أمثالاً لكي لا يحسد بعضنا بعضاً، كما حسد يوسف إخوته، وبغوا عليه فجعلها حجّة ورحمة على من تولاّنا ودان بحبّنا( حجة على) (٤) أعدائنا ومن نصب لنا الحرب.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في الوصايا(٥) ، والنكاح(٦) .

١٢ - باب جواز هبة المُشاع

[ ٢٤٥١٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن أحمد بن عمر الحلبي، عن أبيه، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن دار لم تقسّم فتصدق بعض أهل الدار

__________________________

(١) مسائل علي بن جعفر: ١٢٨ / ١٠٤.

٧ - تفسير العياشي ٢: ١٦٦ / ٢.

(٢) في المصدر: وأكثر له المحبة.

(٣) في المصدر: محافظة.

(٤) في المصدر: وجحد.

(٥) يأتي في الباب ١٥ وفي الأحاديث ١، ١١، ١٢، ١٤ من الباب ١٧ من أبواب الوصايا.

(٦) يأتي في الباب ٩١ من أبواب أحكام الأولاد.

الباب ١٢

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٧: ٣٤ / ٢٤، وأورده في الحديث ١ من الباب ٩ من أبواب الوقوف والصدقات، وقطعة =

٢٤٦

بنصيبه من الدار ؟ قال: يجوز، قلت: أرأيت إن كانت هبة ؟ قال: يجوز الحديث.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) .

__________________________

= منه في الحديث ٣ من الباب ٢، وذيله في الحديث ٢ من الباب ٤ من أبواب السكنى.

(١) تقدم في الحديث ٤ من الباب ٤ من هذه الأبواب، وفي الباب ٩ من أبواب الوقوف والصدقات.

٢٤٧

٢٤٨

كتاب السبق والرماية

١ - باب استحباب إجراء الخيل وتأديبها والاستباق

[ ٢٤٥١٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، عن أبيه، عن علي بن الحسين( عليهما‌السلام ) : أنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أجرى الخيل وجعل سبقها أواقي من فضّة.

[ ٢٤٥٢٠ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: أغار المشركون على سرح المدينة فنادى فيها مناد: ياسوء صباحاه، فسمعها رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) في الجبل(١) فركب فرسه في طلب العدوّ، وكان أوّل أصحابه لحقه أبو قتادة على فرس له، وكان تحت رسول الله( صلى الله عليه

__________________________

كتاب السبق والرماية

الباب ١

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٤٩ / ٧، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٤ من هذه الأبواب، وفي الحديث ٤ من الباب ١٧ من أبواب أحكام الدواب.

٢ - الكافي ٥: ٥٠ / ١٦، وأورده في الحديث ١ من الباب ١٧ من أبواب أحكام الدواب.

(١) في المصدر: الخيل.

٢٤٩

وآله) سرج دفتاه ليف ليس فيه أشر ولا بطر فطلب العدوّ فلم يلقوا أحدا وتتابعت الخيل، فقال أبو قتادة: يا رسول الله، إنّ العدوّ قد انصرف، فإن رأيت أن نستبق ؟ فقال: نعم فاستبقوا فخرج رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) سابقاً عليهم، ثمّ أقبل عليهم فقال: أنا ابن العواتك من قريش، إنّه لهو الجواد البحر، يعني فرسه.

[ ٢٤٥٢١ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) : أنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أجرى الخيل التي أضمرت من الحصى(١) إلى مسجد بني زريق الحديث.

وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) مثله(٢) .

[ ٢٤٥٢٢ ] ٤ - وعن الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: ليس شيء تحضره الملائكة إلّا الرهان وملاعبة الرجل أهله.

[ ٢٤٥٢٣ ] ٥ - وعن محمّد بن يحيى، عن عمران بن موسى، عن الحسن

__________________________

٣ - الكافي ٥: ٤٨ / ٥، وأورده بتمامه في الحديث ١ من الباب ٤ من هذه الأبواب.

(١) في المصدر: الحفياء، وهو موضع قرب المدينة أجرىٰ منه رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) الخيل في السباق، ( معجم البلدان ٢: ٢٧٦ ).

(٢) الكافي ٥: ٤٨ / ذيل حديث ٥، والسند فيه: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد ابن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه‌السلام )

٤ - الكافي ٥: ٤٩ / ١٠، وأورده في الحديث ١ من الباب ٢ من هذه الأبواب، وفي الحديث ١ من الباب ٥٧ من أبواب مقدّمات النكاح.

٥ - الكافي ٥: ٥٠ / ١٣، وأورده بتمامه في الحديث ٣ من الباب ٥٨ من أبواب جهاد العدو، وقطعة منه في الحديث ٣ من الباب ١٧ من أبواب أحكام الدواب، وفي الحديث ٢ من الباب ٥٧ من أبواب مقدمات النكاح.

٢٥٠

ابن ظريف، عن عبد الله بن المغيرة رفعه قال(١) : قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) - في حديث -: كلّ لهو المؤمن باطل إلّا في ثلاث: في تأديبه الفرس، ورميه عن قوسه، وملاعبته إمرأته، فإنّهنّ حقّ.

[ ٢٤٥٢٤ ] ٦ - محمّد بن علي بن الحسين قال: قال الصادق( عليه‌السلام ) : إنَّ الملائكة لتنفر عند الرهان، وتلعن صاحبه ما خلا الحافر والخف والريش والنصل، وقد سابق رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أُسامة ابن زيد وأجرى الخيل.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٢) .

٢ - باب استحباب الرمي والمراماة واختياره على ركوب الخيل

[ ٢٤٥٢٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي علي الأشعري، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: ليس شيء تحضره الملائكة إلّا الرهان وملاعبة الرجل أهله.

[ ٢٤٥٢٦ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد

__________________________

(١) السند الوارد في المصدر هكذا: محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن علي بن إسماعيل رفعه قال.

٦ - الفقيه ٤: ٤٢ / ١٣٦.

(٢) يأتي في الحديث ٣ من الباب ٢، وفي الحديث ٣ من الباب ٣، وفي الحديثين ٣، ٤ من الباب ٤ من هذه الأبواب.

الباب ٢

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٥٥٤ / ١، وأورده في الحديث ٤ من الباب ١ من هذه الأبواب، وفي الحديث ١ من الباب ٥٧ من أبواب مقدّمات النكاح.

٢ - الكافي ٥: ٤٩ / ١١، وأورده في الحديث ١ من الباب ٥٨ من أبواب جهاد العدو.

٢٥١

ابن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: الرمي سهم من سهام الإِسلام.

[ ٢٤٥٢٧ ] ٣ - وعنه، عن عمران بن موسى، عن الحسن بن ظريف(١) ، عن عبد الله بن المغيرة رفعه قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) في قول الله عزّ وجّل:( وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ ) (٢) قال: الرمي.

[ ٢٤٥٢٨ ] ٤ - وعن على بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) أنّه كان يحضر الرمي والرهان.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الجهاد(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٤) .

٣ - باب ما يجوز السبق والرماية به وشرط الجعل عليه

[ ٢٤٥٢٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: لا سبق

__________________________

٣ - الكافي ٥: ٤٩ / ١٢، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٥٨ من أبواب جهاد العدو.

(١) في المصدر: الحسن بن طريف.

(٢) الأنفال ٨: ٦٠.

٤ - الكافي ٥: ٥٠ / ١٥.

(٣) تقدم في الباب ٥٨ من أبواب جهاد العدو.

(٤) يأتي ما يدل على بعض المقصود في الحديث ٣ من الباب ٣ من هذه الأبواب.

الباب ٣

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٥٠ / ١٤، وأورده في الحديث ٢ من الباب ١٧ من أبواب أحكام الدواب.

٢٥٢

إلّا في خف أو حافر أو نصل، يعني النضال.

[ ٢٤٥٣٠ ] ٢ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشاء، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: لا سبق إلّا في خفّ أو حافر أو نصل، يعني النضال.

[ ٢٤٥٣١ ] ٣ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن موسى، عن أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن علي بن عقبة، عن موسى بن النميري، عن العلاء بن سيابة، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: لا بأس بشهادة الذي يلعب بالحمام، ولا بأس بشهادة المراهن عليه، فإنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قد أجرى الخيل وسابق وكان يقول: إن الملائكة تحضر الرهان في الخف والحافر والريش وما سوى ذلك فهو قمار حرام.

قال بعض فضلائنا: الحمام في عرف أهل مكّة والمدينة يطلق على الخيل، فلعلّه المراد من الحديث بدلالة استدلاله( عليه‌السلام ) بحديث الخيل فيحصل الشك في تخصيص الحصر السابق بغير الحمام.

[ ٢٤٥٣٢ ] ٤ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإِسناد) عن الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : لا سبق إلّا في حافر أو نصل أو خف.

[ ٢٤٥٣٣ ] ٥ - الحسين بن سعيد في كتاب( الزهد) عن بعض أصحابنا،

__________________________

٢ - الكافي ٥: ٤٨ / ٦.

٣ - التهذيب ٦: ٢٨٤ / ٧٨٥، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٥٤ من أبواب الشهادات.

٤ - قرب الإِسناد: ٤٢.

٥ - الزهد: ٦١ / ١٦١، وأورد نحوه عن المحاسن في الحديث ١٨ من الباب ٥٨ من أبواب جهاد النفس.

٢٥٣

عن علي بن شجرة، عن عمه بشير النبال، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قدم أعرابي على النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقال: يا رسول الله تسابقني بناقتك هذه ؟ قال: فسابقه فسبقه الأعرابي فقال النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إنكم رفعتموها فأحبّ الله أن يضعها الحديث.

[ ٢٤٥٣٤ ] ٦ - أحمد بن أبي عبد الله البرقي في( المحاسن) عن محمّد بن عيسى، عن أبي عاصم، عن هاشم بن ماهويه، عن الوليد بن أبان الرازي قال: كتب ابن زاذان فروخ إلى أبي جعفر الثاني( عليه‌السلام ) يسأله عن الرجل يركض في الصيد لا يريد بذلك طلب الصيد، وإنما يريد بذلك التصحّح(١) ؟ قال: لا بأس إلّا للهو.

أقول: وتقدّم ما يدل على ذلك(٢) .

٤ - باب جواز شرط مال المسابقة للسابق والمصلي والثالث وأنه بحسب الشرط

[ ٢٤٥٣٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله، عن أبيه( عليهما‌السلام ) أنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أجرى الخيل التي أضمرت من الحصى(٣) إلى مسجد بني زريق وسبقها من

__________________________

٦ - المحاسن: ٦٢٧ / ٩٤، وأورده في الحديث ٥ من الباب ١٧ من أبواب أحكام الدواب.

(١) التصحح: الصحة وسلامة البدن.

(٢) تقدم في الباب ١ من هذه الأبواب.

الباب ٤

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٤٨ / ٥، وأورد صدره في الحديث ٣ من الباب ١ من هذه الأبواب.

(٣) في نسخة: الحفي ( هامش المخطوط )، وفي المصدر: الحفياء.

٢٥٤

ثلاث نخلات، فأعطى السابق عذقاً، وأعطى المصلّي عذقاً، وأعطى الثالث عذقاً.

وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد مثله سواء(١) .

[ ٢٤٥٣٦ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن علي بن الحسينعليهم‌السلام : أنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أجرى الخيل وجعل سبقها أواقي من فضة.

قال بعض علمائنا: السابق هو الذي يتقدّم بالعنق والكتد وهو رأس الكتف، وقيل: باُذنه، والمصلّي هو الذي يحاذي رأسه صلوي السابق، والصلوان ما عن يمين الذنب وشماله(٢) .

[ ٢٤٥٣٧ ] ٣ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإِسناد) عن الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه: أن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) سابق بين الخيل، وأعطى السوابق من عنده.

[ ٢٤٥٣٨ ] ٤ - وعن السندي بن محمّد، عن أبي البختري، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن علي بن الحسينعليهم‌السلام : أنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أجرى الخيل وجعل فيها سبع أواقي من فضّة، وأنّ

__________________________

(١) الكافي ٥: ٤٨ / ٥.

٢ - الكافي ٥: ٤٩ / ٧، وأورده في الحديث ١ من الباب ١ من هذه الأبواب، وفي الحديث ٤ من الباب ١٧ من أبواب أحكام الدواب.

(٢) راجع قواعد العلامة: ٣٦٣.

٣ - قرب الاسناد: ٤٢.

٤ - قرب الإِسناد: ٦٣.

٢٥٥

النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أجرى الإِبل مقبلة من تبوك فسبقت العضباء وعليها أُسامة، فجعل الناس يقولون: سبق رسول الله ورسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) يقول: سبق أُسامة.

أقول: وتقدم ما يدلّ على لزوم الشرط عموماً في خيار الشرط(١) ، وغيره(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

__________________________

(١) تقدم في الباب ٦ من أبواب الخيار.

(٢) تقدم في الحديث ١ من الباب ٢ من أبواب السكنى والحبيس، وفي الحديث ١ من الباب ٤ من أبواب الصلح، وفي الحديث ١ من الباب ١٥ من أبواب بيع الحيوان.

(٣) يأتي في الأحاديث ٣، ٥، ٧ من الباب ٤ وفي الباب ١١ من أبواب المكاتبة، وفي الباب ٢١ من أبواب موانع الإِرث.

٢٥٦

كتاب الوصايا

١ - باب وجوب الوصية على من عليه حق أو له واستحبابها لغيره

[ ٢٤٥٣٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو جعفر( عليه‌السلام ) : الوصية حق، وقد أوصى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فينبغي، للمسلم أن يوصي.

ورواه الصدوق بإسناده عن العلاء مثله، إلّا أنّه قال: فينبغي للمؤمن(١) .

[ ٢٤٥٤٠ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد ابن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي

__________________________

كتاب الوصايا

الباب ١

فيه ٨ أحاديث

١ - الكافي ٧: ٣ / ٥، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٢٩ من أبواب الاحتضار.

(١) الفقيه ٤: ١٣٤ / ٤٦٣.

٢ - الكافي ٧: ٣ / ٤، وأورده في الحديث ٣ من الباب ٢٩ من أبواب الاحتضار.

٢٥٧

عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الوصية ؟ فقال: هي حقّ على كلّ مسلم.

ورواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن الفضيل، مثله(١) .

محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن الفضيل، مثله(٢) .

[ ٢٤٥٤١ ] ٣ - وعنه، عن فضالة، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما( عليهما‌السلام ) أنّه قال: الوصية حق على كلّ مسلم.

[ ٢٤٥٤٢ ] ٤ - وبإسناده عن يونس بن عبد الرحمن، عن المفضل بن صالح، عن زيد الشحّام قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن الوصيّة ؟ فقال: هي حقّ على كلّ مسلم.

[ ٢٤٥٤٣ ] ٥ - وفي( المصباح) قال: روي أنّه لا ينبغي أن يبيت إلّا ووصيته تحت رأسه.

[ ٢٤٥٤٤ ] ٦ - محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد في( المقنعة) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : الوصية حقّ على كل مسلم.

[ ٢٤٥٤٥ ] ٧ - قال: وقال( عليه‌السلام ) : ما ينبغي لامرىء مسلم أن

__________________________

(١) الفقيه ٤: ١٣٤ / ٤٦٢.

(٢) التهذيب ٩: ١٧٢ / ٧٠٢.

٣ - التهذيب ٩: ١٧٢ / ٧٠١.

٤ - التهذيب ٩: ١٧٢ / ٧٠٣.

٥ - مصباح المتهجد: ١٤.

٦ - المقنعة: ١٠١.

٧ - المقنعة: ١٠١.

٢٥٨

يبيت ليلة إلّا ووصيته تحت رأسه.

[ ٢٤٥٤٦ ] ٨ - قال: وقال( عليه‌السلام ) : من مات بغير وصية مات ميتةً جاهلية.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(١) ، والأحاديث الواردة في أنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أوصى، وأنّ الأئمة( عليهم‌السلام ) أوصوا، كثيرة متواترة من طرق العامة والخاصة.

٢ - باب وجوب الوصية بما بقي في الذمّة من الزكاة

[ ٢٤٥٤٧ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن مسعدة بن صدقة الربعي، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه قال: قال علي (عليهم‌السلام ) : الوصية تمام ما نقص من الزكاة.

محمّد بن الحسن بإسناده عن مسعدة بن صدقة، مثله(٢) .

[ ٢٤٥٤٨ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أبي جعفر، عن وهب، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي( عليهم‌السلام ) قال: الوصية تمام ما نقص من الزكاة.

__________________________

٨ - المقنعة: ١٠١.

(١) يأتي في البابين ٢، ٣ من هذه الأبواب.

وتقدم ما يدل على استحباب الوصية لمن أراد السفر في الحديث ١ من الباب ١٣ من أبواب السفر.

الباب ٢

فيه ٣ أحاديث

١ - الفقيه ٤: ١٣٤ / ٤٦٤.

(٢) التهذيب ٩: ١٧٣ / ٧٠٦.

٢ - التهذيب ٩: ١٧٣ / ٧٠٧.

٢٥٩

[ ٢٤٥٤٩ ] ٣ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى رفعه عنهم( عليهم‌السلام ) قال: من أوصى بالثلث احتسب له من زكاته.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٣ - باب استحباب الوصيّة بالمأثور

[ ٢٤٥٥٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن علي بن إسحاق، عن الحسين بن حازم الكلبي ابن أُخت هشام بن سالم، عن سليمان بن جعفر، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من لم يحسن وصيّته عند الموت كان نقصاً في مروءته وعقله، قيل: يا رسول الله كيف يوصي الميّت ؟ قال: إذا حضرته وفاته واجتمع الناس إليه قال: « اللّهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، اللّهم إنّي أعهد اليك في دار الدنيا أنّي أشهد أن لا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك، وأنّ محمّداً عبدك ورسولك، وأنّ الجنّة حقّ، وأنّ النار حقّ، وأنّ البعث حقّ، والحساب حقّ، والقدر والميزان حقّ، وأنّ الدين كما وصفت، وإنّ الإِسلام كما شرعت، وأَنّ القول كما حدّثت، وأنّ القرآن كما أنزلت، وأنّك أنت الله الحق المبين، جزى الله محمّداً خير الجزاء، وحيا محمّداً وآل محمّد بالسلام، اللّهم يا

__________________________

٣ - الكافي ٧: ٥٨ / ٤، وأورده في الحديث ٥ من الباب ١٠ من هذه الأبواب.

(١) تقدم في المستحقين للزكاة الباب ١ من هذه الأبواب، وفي الباب ٢١، وفي الحديث ١ من الباب ٢٢ من أبواب الزكاة، وفي الباب ٢٩ من أبواب الاحتضار.

(٢) يأتي في البابين ٤ و ٤٠ من هذه الأبواب.

الباب ٣

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٧: ٢ / ١.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419