الشيعة في الميزان

الشيعة في الميزان14%

الشيعة في الميزان مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 419

الشيعة في الميزان
  • البداية
  • السابق
  • 419 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 145624 / تحميل: 9693
الحجم الحجم الحجم
الشيعة في الميزان

الشيعة في الميزان

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

وسنة نبيه، وهما أشد وسائل الدعاية تأثيراً في نفوس المسلمين، بل ان الدعاية مهما يكن نوعها لا تبلغ إلا عن طريق الدين، لأنها كانت يومذاك أساس الحياة، بخاصة الحكم والسلطان.

وقد انتشر الشيعة من الأصحاب في الأمصار على عهد الخلفاء الثلاثة: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وأكثرهم أو الكثير منهم تولى الإمارة والمناصب الحكومية في البلاد الإسلامية، ونذكر طرفاً من أقوالهم في هذا الباب.

كان سلمان الفارسي يحدث الناس، ويقول: بايعنا رسول اللّه على النصح للمسلمين، والائتمام بعلي بن أبي طالب، والموالاة له. وقال: إن عند علي علم المنايا والوصايا، وفصل الخطاب، وقد قال له رسول اللّه. أنت وصييّ وخليفتي في أهلي بمنزلة هارون من موسى. أما واللّه لو وليتموها علياً لاكلتم من فوقكم، ومن تحت أرجلكم.

وفي الجزء السادس من البحار أن سلمان خطب إلى ابنته، فرده عمر، فقال له سلمان: أردت أن أعلم هل ذهبت الحمية الجاهلية من قلبك، أم هي كما هي؟

وكان أبو ذر ينادي في الناس، ويقول: عليكم بكتاب اللّه، والشيخ علي ابن أبي طالب. وكان يدخل الكعبة، ويتعلق بحلقة بابها، ويقول: أنا جندب بن جنادة لمن عرفني، وأنا أبو ذر لمن لم يعرفني، إني سمعت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إنما مثل أهل بيتي في هذه الأمة مثل سفينة نوح في لجة البحر، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق. ألا هل بلغت؟

وكان أبو ذر يسمي علياً بأمير المؤمنين في عهد أبي بكر، وعمر، وعثمان، وكان يقف في موسم الحج، ويقول: يا معشر الناس أنا صاحب رسول اللّه، وسمعته يقول في هذا المكان، وإلا صمت أذناي: علي بن أبي طالب الصديق الأكبر. فيا أيتها الأمة المتحيرة بعد نبيها لو قدمتم من قدمه اللّه ورسوله، وأخرتم من أخره اللّه ورسوله لما عال ولي اللّه، ولا طاش سهم في سبيل اللّه، ولا اختلفت الأمة بعد نبيها.

وقال: قال رسول اللّه لعلي: أنت أول من آمن بي، وأول من يصافحني يوم القيامة، وأنت الصديق الأكبر، وأنت الفاروق الذي يفرق بين الحق

والباطل، وأنت يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الكافرين، وأنت أخي ووزيري، وخير من أترك بعدي.

وقال عمار بن ياسر: يا معشر قريش إلى متى تصرفون هذا عن أهل بيت نبيكم؟. تحولونه ههنا مرة، وههنا مرة، ما أنا آمن أن ينزعه اللّه منكم، ويضعه في غيركم، كما نزعتموه من أهله، ووضعتموه في غير أهله.

٢١

وحين بويع عثمان بن عفان دار نقاش بين المقداد بن الأسود، وبين عبد الرحمن بن عوف.

قال المقداد: ما رأيت مثل ما أتى إلى أهل هذا البيت.

قال عبد الرحمن: ما أنت وذاك؟

قال المقداد: إني واللّه أحب هذا البيت لحب رسول اللّه، وإني لأعجب لقريش، وتطاولهم على الناس بفضل رسول اللّه، ثم انتزاعهم سلطانه من أهله.

قال عبد الرحمن: أما واللّه لقد أجهدت نفسي لكم.

قال المقداد: اما واللّه لقد تركت رجلاً من الذين يأمرون بالحق، وبه يعدلون، اما واللّه لو كان لي على قريش أعوان لقاتلتهم قتالي إياهم يوم بدر وأحد.

قال عبد الرحمن: اني اخاف ان تكون صاحب فتنة وفرقة.

قال المقداد: ان من دعا الى الحق واهله وولاة الامر لا يكون صاحب فتنة. ولكن مَن اقحم الناس في الباطل، وآثر الهوى على الحق فذاك صاحب الفتنة والفرقة.

فتربد وجه عبد الرحمن، وانصرف.

وقال أبو هارون العبدي: كنت أرى رأي الخوارج، حتى جلست إلى الصحابي أبي سعيد الخدري، فسمعته يقول: اُمر الناس بخمس، فعملوا بأربع، وتركوا واحدة، فقال رجل: ما هذه الأربع التي عملوا بها؟ قال: الصلاة والزكاة والصوم والحج. فقلت: وما الواحدة التي تركوها؟ قال: ولاية علي بن أبي طالب(١) .

_______________________

(١) وبهذا اللفظ رويت اخبار كثيرة عن الامامين الباقر والصادق، ذكرها الكليني في كتاب «أصول الكافي».

٢٢

وذكرنا في كتاب «مع بطلة كربلاء» أن الزهراء (ع) هي أول من أعلن حق علي في الخلافة بعد أبيها، أعلنت هذا الحق في خطبتها الشهيرة بالمسجد الجامع، وقالت تخاطب أباها في قبره، وتشكو إليه أمته:

قد كان بعدك أنباء وهنبثة

لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

إنا فقدناك فقد الأرض وابلها

واختل قومك فاشهدهم ولا تغب(١)

قام هؤلاء الأصحاب وغيرهم ممن تشيع لعلي في عهد الخلفاء الثلاثة بدور رئيسي في بث التشيع، وغرس جذوره وبذوره في كل أرض وطأتها أقدامهم، دعوا إلى التشيع على صعيد القرآن والحديث، وبذكاء ومرونة وطول أناة، وكانوا محل التعظيم والثقة عند الناس لمكانتهم من رسول اللّه، ومن هنا تجاوبت معهم القلوب والعقول، وكان لأقوالهم أثرها البالغ، ونتائجها البعيدة.

وقد تعرض بعضهم للاهانة والشتم والتشريد والضرب، كأبي ذر وعمار بن ياسر، ومع ذلك استمروا في بث الدعوة بصبر وشجاعة.. ورحم اللّه عماراً، حيث يقول: واللّه لو ضربونا، حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا أنا على حق، وأنهم على باطل.

قرأت في كتاب «الإمام زيد» للشيخ أبي زهرة ص ١٠٧ طبعة أولى، قوله «نشأ الشيعة ابتداء في مصر، وكان ذلك في عهد عثمان، إذ وجد الدعاة فيها أرضاً خصبة، ثم عمت بعد ذلك أرض العراق».

أرسل المؤلف هذا القول، ولم يسنده إلى دليل، على أهميته من الوجهة التاريخية، فأخذت أبحث وافتش، فرأيت في «أعيان الشيعة» ج ٤٢ ص ٢١٣ طبعة سنة ١٩٥٨ «أن عثمان بن عفان أرسل رجالاً يتحرون العمال، ومنهم عمار، أرسله إلى مصر، فعادوا يمتدحون الولاة إلا عماراً استبطأه الناس، حتى ظنوا أنه اغتيل، فلم يفاجئهم إلا كتاب من عبد اللّه بن أبي السرح والي مصر يخبرهم أن عماراً قد استمال القوم بمصر، وقد انقطعوا إليه، فكان تصريح عمار بالحق سبب اعتداء غلمان عثمان عليه، فضربوه، حتى انفتق له فتق في بطنه، وكسروا ضلعاً من أضلاعه».

_______________________

(١) في البيت الأخير اقواء، وهو كثير في كلام العرب.

٢٣

هكذا كان الصفوة الخلص من أصحاب الرسول أجهزة الدعاية للتشيع يوجد حيثما يوجدون، وينبث حيثما يحلون، وسلاحهم الوحيد كتاب اللّه وسنّة نبيه.. ابتدأ التشيع في مصر بسبب عمار، وفي الشام وتوابعها، كجبل عامل بسبب أبي ذر، حيث نفاه عثمان إلى هناك، وفي المدائن بسبب سلمان الفارسي، وفي الحجاز بسبب هؤلاء وغيرهم كحذيفة اليمان، وجابر بن عبد اللّه الأنصاري، وأبي بن كعب ومن إليهم، وقد ذكر السيد حيدر الآملي في كتاب «الكشكول فيما جرى على آل الرسول» أكثر من مائة صحابي كانوا يتشيعون لعلي بن أبي طالب، ويحفظون الأحاديث التي سمعوها من النبي في الولاية، وينشرونها في الأمصار الإسلامية.

وبهذا يتبين التحامل في قول من قال: إن سبب التشيع هو ابن سبا والفرس، وما إلى ذاك من الهراء والافتراء.

مصادر هذا الفصل

المجلد السادس من البحار للمجلسي، والاحتجاج للطبرسي، وأعيان الشيعة للامين ج ٢و ١٦و ٣٤و ٤٢و ٤٨ والكشكول لحيدر الآملي.

شُرُوطُ الإمَام

أثبتنا فيما تقدم أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله هو المصدر الأول للتشيع، ونتكلم في هذا الفصل عن شروط الإمام عند الشيعة، ومصدر هذه الشروط في الكتاب والسنّة، ونمهد لذلك بما يلي:

سبب تعدد الفرق:

في الغالب أن العقيدة أول ما تبدأ تكون في منتهى البساطة والسذاجة، بحيث لا يحتاج فهمها إلى تعمق ومقدمات نظرية، وبمرور الزمن تتصدى فئة من الأتباع لتفسيرها وشرحها بأقوال يضفون عليها ما للعقيدة من قداسة وحصانة، وينعتون من يخالفها بالكفر والجحود، تماماً كمن يخالف كتاب اللّه وسنة نبيه. وإليك المثال:

جاء الإسلام بشهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمداً رسول اللّه، وخاطب بها البدوي في الصحراء كما خاطب بها أكبر العلماء، وأعمق المفكرين على السواء، ثم جاء الفلاسفة وعلماء الكلام يتناقشون فيما بينهم: هل اللّه جسم أو منزه عن الجسمية؟ وهل صفاته عين ذاته أو غيرها؟ وهل يفعل لغاية أو هو منزه عن الغايات؟ وهل يعلم الكليات والجزئيات أو الجزئيات فقط؟ وهل كلامه قديم أو حادث؟ وهل يُرى يوم القيامة؟ وهل الأنبياء معصومون؟ وإذا كانوا معصومين فهل هم

٢٤

معصومون قبل البعثة وبعدها، أو بعدها فقط؟ وهل الأشياء منقادة لارادتهم بحيث يتصرفون بها كيف يشاؤون؟ وهل لهم حق الشفاعة؟ وهل يجوز تأويل الوحي، أو يجب الأخذ بظاهره؟ وهل الخلافة تكون بالنص أو الانتخاب؟ وهل يعاد الإنسان غداً بالروح والجسم، أو

بأحدهما؟ وهل الإنسان مسيّر أو مخيّر؟ وهل مرتكب الكبيرة مخلد في النار؟ وهل النفس من المجردات؟ وهل للأفلاك نفوس ناطقة متحركة بالإرادة، إلى غير ذلك. وهذه الخلافات هي المصدر لتعدد الفرق الإسلامية.

كل الأديان:

وقد وقعت هذه الخلافات وما شاكلها في كل الأديان، وتفرق أتباع كل دين شيعاً أو أحزاباً، فبنو إسرائيل اتخذوا من دون اللّه عجلاً له خوار، وموسى حي، وما أن انتقل إلى ربه، حتى افترقوا إلى إحدى وسبعين فرقة، وافترق المسيحيون بعد نبيهم إلى اثنتين وسبعين، كما جاء في الحديث(١) وما زالوا مختلفين لا يتزاوجون ولا يتوارثون، ولا يجتمعون للصلاة وللعبادة في معبد واحد.

ولم تقف هذه الخلافات والمنازعات على أهل الأديان، فلقد اختلف العلماء فيما بينهم، وكذلك الأدباء والفلاسفة والسياسيون، وكل الناس يختلفون في الآراء والأفكار، وينقسمون إلى فئات وأحزاب، يعتنق كل حزب نظرية تباين النظرية التي يعتنقها الحزب الآخر، ثم ينقسم الحزب على نفسه، ويختلف أفراده في الشروح والتفاسير، والقيود والحدود ضمن الإطار الحزبي، والمبدأ العام الذي يؤمن به الجميع، فالاشتراكيون على ما بين جميعهم من قاسم مشترك لم يتفقوا على جميع النقاط، ويتحدوا من جميع الجهات، وكذلك الرأسماليون والفلاسفة المثاليون، والواقعيون والوجوديون.. ذلك أن الاختلاف في القضايا النظرية أمر طبيعي، بل حتى المحسوسات أنكرها السفسطائيون، واخوانهم المثاليون.

بالمناسبة:

وبهذه المناسبة نشير إلى سذاجة الذين يدعون إلى توحيد الأقوال والآراء بين السنة والشيعة ذاهلين عن أن الاختلاف بالرأي ضرورة يفرضها واقع الإنسان بما هو إنسان، لا بما هو سني أو شيعي. إن الذين يحاولون التوحيد بهذا المعنى

____________________

(١) من المسائل التي اختلف فيها المسيحيون مسألة هل للمسيح طبيعة واحدة أو طبيعتان؟ وادى هذا الاختلاف إلى اغراق الأرض بدماء الملايين.

٢٥

يطلبون المحال. وكل ما يستطاع صنعه في هذا الباب هو أن نصلح ما أفسده الماضي البغيض، فنتخلص من مخلفاته وتعصباته التي جرّت على المسلمين الويلات والخصومات، وأن تكف كل طائفة عن تكفير الأخرى، والكيد لها، والافتراء عليها، وأن يفهم كل سني وشيعي أن الاختلاف في بعض المسائل كعدالة الصحابة، وتقديم زيد، وتأخير عمرو لا يستدعي الخصام والانتقام.

مرحلتان:

ونستخلص مما تقدم أن العقيدة أو النظرية تمر - غالباً - في مرحلتين: الأولى مرحلة تسليم الجميع بها دون خلاف ونزاع. الثانية مرحلة الخلافات وتعدد الفرق ضمن الإطار المبدئي. وقد مر التشيع بالمرحلتين، ابتدأت الأولى في عهد الرسول، واستمرت طوال عهد الخلفاء الثلاثة، وابتدأت الثانية باستشهاد الحسين (ع)، كما ستعلم، والقاسم المشترك الذي يشمل المرحلتين كلتيهما، ويدخل فيه جميع الفرق الشيعية الباقية منها والبائدة هو الإيمان بأن منصب الخلافة حق لعلي بنص النبي، مع العلم بأن المغالين ليسوا من الشيعة والتشيّع في شيء، لأن أساس التشيع هو الإسلام، ومن أعطى صفة الألوهية أو النبوة بعد محمد لإنسان، أي إنسان فهو ليس بمسلم، فضلاً عن أنه غير شيعي، وعليه فإن تقسيم الشيعة إلى فرق يجب أن يرتكز على الإيمان بهذا النص دون الارتقاء بعلي أو أحد أبنائه إلى مرتبة الألوهية أو النبوة، وبهذا يتبين خطأ الذين جعلوا شخص علي وأبنائه - على الإطلاق - أساساً لتقسيم الشيعة وتعددهم إلى فرق، دون أن يميزوا بين مقالة المغالين وغير المغالين.

فرق الشيعة:

أنهى بعض المؤلفين فرق الشيعة إلى ثلاثين، وآخر إلى ما يزيد عن هذا العدد بقليل أو كثير، زاعماً أن المغالين من الشيعة، وأن الثلاثة والأربعة يشكلون فرقة مستقلة، وثالث نسب الغلو والكفر لكل من تشيع لأهل البيت، ورابع خلط بين الفرق البائدة والباقية، وخامس لم يميز بين الشيعيين، والشيوعيين.. إلى آخر هذه الجهالات والعمايات التي لاقينا منها أنواع المصاعب والمتاعب.

وألجأتنا إلى الكلام والخوض فيما يحسن السكوت والاغضاء عنه.

ونحن بعد أن فسرنا التشيع بأنه الإيمان بوجود النص من النبي على علي بالخلافة مع عدم المغالاة فيه، ولا في أحد أبنائه، وقلنا أن تقسيم فرق الشيعة وتعددها يجب أن يرتكز على هذا الأساس، بعد أن قلنا هذا ينحصر الخلاف بين فرقهم في عدد الأئمة وأعيانهم فقط، لا في أصل النص، ولا في نفي الغلو. ومن هذه الفرق:

٢٦

الكيسانية:

وجدت هذه الفرقة بعد استشهاد الحسين في كربلاء، وبها يبتدئ تعدد فرق الشيعة، حيث قالت بإمامة علي والحسن والحسين، ثم محمد بن علي المعروف بابن الحنفية، وقال غيرها بإمامة علي بن الحسين، ونفت الإمامة عن ابن الحنفية، فحصل التعدد، ويزعم الكيسانية أن محمداً هذا هو المهدي المنتظر الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، وأنه حي لم يمت، ولا يموت، حتى يظهر الحق، وفي ذلك يقول الشاعر الكيساني كثير عزة:

الا ان الأئمة من قريش

ولاة الحق أربعة سواء

علي والثلاثة من بنيه

هم الأسباط ليس بهم خفاء

فسبط سبط إيمان وبر

وسبط غيبته كربلاء

وسبط لا يذوق الموت حتى

يقود الخيل يقدمها اللواء

يغيب فلا يرى منهم زماناً

برضوى عنده عسل وماء

وقال الشيخ المفيد المتوفى سنة ٤١٣هجري في كتاب «العيون والمحاسن»: «ولا بقية للكيسانية جملة، وقد انقرضوا، حتى لا يعرف منهم في هذا الزمان أحد».

الناووسية:

وهم أصحاب عبد اللّه بن ناووس، قالوا بإمامة الستة: علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد الباقر وجعفر الصادق، وزعموا أن الصادق هو الإمام المنتظر، وأنه حي لا يموت، حتى يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، وقد بادت هذه

الفرقة، ولا يوجد منها أحد.

الاسماعيلية:

قالوا بأئمة الستة المذكورين، وان السابع هو إسماعيل بن جعفر الصادق، وليس موسى الكاظم كما يقول غيرهم، وهم ثلاث فرق: الأولى قالت: إن الصادق مات قبل ولده اسماعيل. والثانية قالت: إن اسماعيل مات قبل أبيه الصادق، ولكنه قبل موته نص على ولده محمد بن اسماعيل، وهؤلاء هم القرامطة. الثالثة قالت: إن اسماعيل مات قبل أبيه، ولكن الذي نص على إمامة ولده محمد هو جده الصادق، لا أبيه اسماعيل. والاسماعيلية باقون إلى اليوم، وأكثرهم في باكستان، وقليل منهم في الحجاز وسورية واليمن والهند وأفريقيا، ويقارب عدد الجميع المليون كما قيل، ولا يدخل فيهم أتباع «آغا خان».

٢٧

الفطحية:

قال هؤلاء: إن الإمامة لم تنتقل من الصادق إلى ولده اسماعيل، ولا إلى ولده موسى الكاظم، بل إلى ولده الأكبر، وهو عبد اللّه الأفطح، ولقب بالأفطح، لأنه أفطح الرأس، أي ذو رأس عريض، وهم من الفرق البائدة، ولا يوجد منهم أحد.

الواقفية:

وهم الذين قالوا بثمانية أئمة: علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد الباقر وجعفر الصادق وموسى الكاظم وعلي الرضا، ووقفوا عنده، ولم يتجاوزوا إلى غيره، وزعموا أن الرضا هو المهدي المنتظر. وهم من الفرق البائدة.

الاثنا عشرية:

وهم القائلون بإمامة علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين، ومحمد الباقر وجعفر الصادق وموسى الكاظم وعلي الرضا ومحمد الجواد وعلي الهادي والحسن العسكري والمهدي المنتظر. وهم أكثر فرق الشيعة، ومنتشرون اليوم وقبل

٢٨

اليوم في شرق الأرض وغربها، وفيهم العلماء والأدباء والشعراء والفقهاء والمتكلمون والفلاسفة وأصحاب الحديث والتفسير، ويأتي التفصيل(١) .

الزيدية:

ليس لدي مصادر للزيدية، كي أرجع إليها، لذا اعتمدت في حديثي عنهم على مصادر السنّة، والاثني عشرية.

قال صاحب «المواقف» من السنّة ج ٨ ص ٣٩١:

الزيدية ثلاث فرق: الأولى الجارودية أصحاب أبي الجارود، قالوا بالنص على علي وصفاً لا تسمية، أي ان النبي لم يذكر علياً باسمه حين نص عليه، وإنما ذكره بصفاته، وقالوا: إن خلافة الثلاثة الأولى باطلة، وأن الإمامة بعد علي لولده الحسن، ثم للحسين، ثم هي شورى بين المسلمين على أن تكون في أولاد فاطمة.

الثانية: السليمانية أصحاب سليمان بن جرير، وانكر هؤلاء النص من الأصل وصفاً وتسمية، وقالوا: ان الإمامة شورى وان إمامة أبي بكر وعمر صحيحة، وإمامة عثمان باطلة.

الثالثة: البتيرية أصحاب بتير الثومي، قالوا بمقالة السليمانية، ولكنهم توقفوا في إمامة عثمان، فلم يقولوا بصحتها، ولا ببطلانها.

ثم قال شارح المواقف، الشريف الجرجاني(٢) : هذي هي فرق الزيدية في زماننا، وأكثرهم مقلدون يرجعون في الأصول إلى الاعتزال، وفي الفروع إلى مذهب أبي حنيفة إلا في مسائل قليلة.

وقال الخواجا نصير الدين الطوسي في كتاب «قواعد العقائد»:

قال الزيدية بإمامة علي والحسن والحسين، ولم يقولوا بإمامة زين العابدين، لأنه لم يقم بالسيف، وقالوا بإمامة ولده زيد، لأنه ثار على الباطل، وهم

____________________

(١) اعتمدنا في ذكرهذه الفرق على الشيخ المفيد في كتاب «العيون والمحاسن» وقد انهاها هو إلى أربع عشرة فرقة.

(٢) توفي سنة ٨١٦هجري.

٢٩

لا يشترطون العصمة بالإمام، ويجوز عندهم قيام إمامين في بقعتين متباعدتين، وكل من جمع خمسة شروط فهو إمام

(١) أن يكون من ولد فاطمة بنت الرسول من غير فرق بين ولد الحسن وولد الحسين

(٢) أن يكون عالماً بالشريعة

(٣) أن يكون زاهداً

(٤) أن يكون شجاعاً

(٥) أن يدعو إلى دين اللّه بالسيف. وأكثرهم يأخذ بفقه أبي حنيفة إلا في مسائل قليلة.

وقال السيد محسن الأمين في «أعيان الشيعة» القسم الثاني من الجزء الأول ص ١٣ طبعة ١٩٦٠:

قالت الزيدية: «إن الإمامة تكون بالاختيار، فمن اختير صار إماماً واجب الطاعة، ولا يشترط أن يكون معصوماً، ولا أفضل أهل زمانه، وإنما يشترط أن يكون من ولد فاطمة، وأن يكون شجاعاً عالماً يخرج بالسيف».

وبهذا يتبين معنا أن الزيدية ليسوا من فرق الشيعة في شيء، كما أنهم ليسوا من السنّة ولا من الخوارج، وأنهم طائفة مستقلة بين السنة والشيعة، ليسوا من السنة ولا من الخوارج، لأنهم حصروا الإمامة في ولد فاطمة، وليسوا من الشيعة، لأنهم لا يوجبون النص على الخليفة، هذا، إلى أنهم يأخذون بفقه أبي حنيفة، أو أن فقههم أقرب إلى الفقه الحنفي منه إلى الفقه الشيعي.

وقال السنّة: ان الزيدية أقرب إليهم من جميع فرق الإمامية، لأنهم يوجبون الإمامة بالانتخاب، لا بالنص، ولا يقولون بعصمة الإمام، ويجيزون تقديم الفاضل على الأفضل، ويأخذ أكثرهم بالفقه الحنفي.

وقال الشيعة: إن الزيدية أقرب إليهم من المغالين، لأنهم لا يؤلهون أحداً من الأئمة، وأيضاً أقرب إليهم من السنة، لأنهم يوجبون الإمامة في ولد فاطمة، وإن دل هذا على شيء، فإنما يدل على أن الزيدية ليسوا من السنة ولا من الشيعة، وإنما هم فرقة مستقلة بذاتها.

الغرض:

والغرض الأول من الإشارة إلى هذه الفرق أن نبين خطأ الذين نسبوا أهل الغلو وغيرهم كالزيدية إلى الشيعة، وأن نؤكد ونوضح أن الضابط الصحيح لتعدد فرق الشيعة وأقسامها ينحصر بالخلاف في عدد الأئمة قلة وكثرة، وفي

٣٠

تعيين أسمائهم وأشخاصهم بعد الاتفاق على أن الإمام يعين بالنص لا بالانتخاب، وأنه إنسان كسائر الناس لا يختلف عنهم في طبيعته، ولا في صفاته الملازمة للإنسان بما هو إنسان.. أجل هناك شروط لا بد من توافرها في الإمام باتفاق المسلمين جميعاً، وإن اختلفوا فيما بينهم في نوعها وعددها، كما يظهر مما يلي:

الإمام من أهل البيت:

يشترط في الإمام شروط، أولها عند السنة أن يكون من بيوت قريش، لحديث «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان» روى هذا الحديث البخاري في صحيحه ج ٩ كتاب «الأحكام».

وقال الشيعة الاثنا عشرية: أن الإمامة خاصة بعلي وولديه الحسن والحسين، ثم لأولاد الحسين فقط. واستدلوا بما رواه مسلم في صحيحه ج ٢ ص ١٩١ طبعة ١٣٤٨ هجري: أن النبي قال: إن هذا الأمر لا ينقضي، حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة، كلهم من قريش، ومثله في صحيح البخاري ج ٩ كتاب «الأحكام»، ولكنه ذكر لفظ «أمير» بدل «خليفة».

وعليه تكون فكرة الاثني عشرية إسلامية عامة للسنة والشيعة، ولا تختص بفريق دون فريق.

وقال العلامة الحلي في «شرح التجريد» ص ٢٥٠ طبعة العرفان: ان المراد بال ١٢ هم أئمة الشيعة، حيث ثبت بالتواتر أن النبي قال للحسين: ابني هذا إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمة تسعة، تاسعهم قائمهم.

وروى المحب الطبري الشافعي في كتاب «ذخائر العقبى» ص ١٣٦ طبعة ١٣٥٦ هجري: ان النبي قال: لو لم يبق من الدنيا إلا يوماً واحداً لطول اللّه ذلك اليوم، حتى يبعث رجلاً من ولدي، اسمه كاسمي. فقال سلمان: من أي ولدك يا رسول اللّه؟ قال: من ولدي هذا، وضرب بيده على الحسين.

وإذا سأل سائل: لمادا حصر الاثنا عشرية الإمامة بعلي وبنيه، ثم في ١٢ لا يزيدون ولا ينقصون؟

الجواب:

أما حصر الإمامة بعلي وأولاده فلما قدمناه من أن السنة هم الذين حصروا

٣١

الأمامة بقريش فقط دون غيرهم، وقال الشيعة: ما دام الأمر كذلك، فبيت النبي هو أفضل بيوت قريش، ولولاه لم يكن لها هذا الشأن.. بل لولا محمد وآله لم يكن للعرب تاريخ ولا ذكر. وفي القسم الثاني من الجزء الثاني من صحيح مسلم ص ٥٤ طبعة سنة ١٣٤٨ هجري «كتاب الفضائل» أن رسول اللّه قال: إن اللّه اصطفى كنانة من ولد اسماعيل واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم.

أما حصر الأئمة في ١٢ فسببه رواية البخاري ومسلم في صحيحيهما التي أشرنا اإليها.

العصمة:

العصمة قوة تمنع صاحبها من الوقوع في المعصية والخطأ، بحيث لا يترك واجباً، ولا يفعل محرماً مع قدرته على الترك والفعل، وإلا لم يستحق مدحاً ولا ثواباً، أو قل: إن المعصوم قد بلغ من التقوى حداً لا تتغلب عليه الشهوات والأهواء، وبلغ من العلم في الشريعة وأحكامها مرتبة لا يخطئ معها أبداً(١) .

والشيعة الإمامية يشترطون العصمة بهذا المعنى في الإمام، تماماً كما هي شرط في النبي، قال الشيخ المفيد في كتاب «أوائل المقالات» باب «القول في عصمة الأئمة»: إن الأئمة القائمين مقام الأنبياء في تنفيذ الأحكام، وإقامة الحدود، وحفظ الشرائع، وتأديب الانام معصومون كعصمة الأنبياء لا تجوز عليهم كبيرة ولا صغيرة.. ولا سهو في شيء من الدين، ولا ينسون شيئاً من الأحكام، وعلى هذا مذهب سائر الإمامية إلا من شذ منهم.

وقال العلامة الحلي في كتاب «نهج الحق»: ذهب الإمامية إلى أن الأئمة كالأنبياء في وجوب عصمتهم عن جميع القبائح والفواحش، من الصغر إلى الموت عمداً وسهواً، لأنهم حفظة الشرع والقوامون به، حالهم في ذلك كحال الأنبياء، ولأن الحاجة إلى الإمام إنما هي للانتصاف للمظلوم من الظالم، ورفع

_______________

(١) قال الإمام يصف نفسه: ما وجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لي كذبة في قول، ولا خطلة في فعل، وكنت اتبعه اتباع الفصيل اثر أمه. يرفع لي كل يوم نميراً من أخلاقه، ويأمرني بالاقتداء به. وهذا معنى العصمة عند الشيعة لا كذب في قول، ولا زلة في فعل.

٣٢

الفساد، وحسم مادة الفتن، ولأن الإمام لطف يمنع القاهر من التعدي، ويحمل الناس على فعل الطاعات، واجتناب المحرمات، ويقيم الحدود والفرائض. ويؤاخذ الفساق، ويعزر من يستحق التعزير، فلو جازت عليه المعصية، وصدرت عنه انتفت هذه الفوائد، وافتقر إلى إمام آخر.

أما السبب الأول لقول الشيعة بالعصمة فهو قوله تعالى: «إنما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً - ٣٣ الأحزاب». وقول الرسول الأعظم: «علي مع الحق، والحق مع علي يدور معه كيفما دار» وقوله «إني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي، وانهما لم يفترقا، حتى يردا عليّ الحوض». رواه مسلم في صحيحه، والإمام أحمد في مسنده. ومن دار معه الحق كيفما دار محال أن يخطئ. وأمْر الرسول بالتمسك بالعترة والكتاب يدل على عصمة العترة من الخطأ، تماماً كعصمة الكتاب، وقوله لن يفترقا، أي لا يخالف أحدهما الآخر.

وروى صاحب كنز العمال من السنة أن النبي قال: «من أحب أن يحيا حياتي، ويموت موتي، ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربي فليتولَّ علياً وذريته من بعده، فإنهم لن يخرجوكم من باب هدى، ولن يدخلوكم في باب ضلالة»(١) .

واذا كان النبي هو الذي وصف أهل بيته بالعصمة فأي ذنب للشيعة إذا أطاعوا ربهم، وعملوا بسنّة نبيهم؟!. لقد أقام المهوشون الدنيا وأقعدوها على الشيعة، لأنهم قالوا بالعصمة، ولو كانت لهم أدنى خبرة بسنة الرسول لقالوا بمقالة الشيعة، أو ألقوا المسؤولية على الرسول نفسه، إن كان هناك من مسؤولية. ثم إن قول الشيعة بعصمة الأئمة الأطهار من آل الرسول ليس بأعظم من قول السنة ان الصحابة كلهم عدول، وأن المذاهب الأربعة يجب اتباعها، وأن اجتهاد الحاكم، أي حاكم، واجتهاد الإمام الأعظم تحرم مخالفتهما، لأن صلاح الخلق في اتباع رأيهما. (المستصفى للغزالي ج ٢ ص ٣٥٥ طبعة بولاق، وأصول الفقه للخضري ص ٢١٨ الطبعة الثالثة).

ومهما يكن ، فإن الرجال تعرف بالحق، ولا يعرف الحق بالرجال، كما

___________________________

(١) دلائل الصدق أول الجزء الثاني.

٣٣

قال علي أمير المؤمنين. وقد أجمع الموافق والمخالف على أن الأئمة من أهل البيت كانوا على هدي جدهم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قولاً وعملاً، وأن الناس كانوا يلجأون إليهم في حل المشكلات والمعضلات، وكانوا يتقربون إلى اللّه سبحانه بتعظيمهم وتقديسهم، تماماً كما كانت الحال بالنسبة إلى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله

وختاماً نسأل الذين أنكروا على الشيعة القول بالعصمة: هل تنكرون أصل العصمة وفكرتها من الأساس، أو تنكرون عصمة الأئمة فقط؟. والأول إنكار لعصمة الأنبياء التي اتفق عليها السنة والشيعة، والثاني إنكار لسنة الرسول الذي ساوى بين عترته وبين القرآن. هذا، إلى أن نصوص الشريعة جامدة لا حراك فيها، وإنما تحيا بتطبيقها والعمل بها، وإذا لم يكن القائم على الشريعة هو نفس الشريعة مجسمة في شخصه لم يتحقق الغرض المقصود. لذا قال الإمام: ذاك القرآن الصامت وأنا القرآن الناطق.

العلم:

قال الشيعة الإمامية: «يجب ن يكون الإمام أفضل من جميع رعيته في صفات الكمال كلها من الفهم والرأي والعلم والحزم والكرم والشجاعة وحسن الخلق والعفة والزهد والعدل والتقوى والسياسة الشرعية ونحوها، وبكلمة يلزم أن يكون أطوع خلق اللّه للّه، وأكثرهم علماً وعملاً بالبر والخير»(١) .

وفي هذه الشروط وشرط العصمة تتجلى روح الثورة على الباطل، وعلى كل من يتطفل على مناصب ليس بها بأهل. وقد يقال، أو يتوهم أن هذه الشروط جاءت كنتيجة لتنكيل الحكام بالشيعة وما لحقهم من الاضطهاد والتشريد، ولكن الأصل لهذه الشروط قول اللّه تعالى: «أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمَّن لا يهدي إلا ن يهدى فما لكم كيف تحكمون» - ٣٥ يونس.

وجاء في الحديث: «أنا مدينة العلم وعلي بابها» وقال ابن عبد البر، من السنة في كتاب «الاستيعاب» الجزء الثالث المطبوع مع «الإصابة» ص ٤٠ طبعة ١٩٣٩:

_____________________

(١) تلخيص الشافي للطوسي ص ٣٢٠ ، ودلائل الصدق للمظفر ج ٢ ص ١٧

٣٤

«قالت عائشة: إن علياً لأعلم الناس بالسنة، وقال ابن عباس: أُعطي علي بن أبي طالب تسعة أعشار العلم، وايم اللّه لقد شاركهم في العشر العاشر، وقال ابن عبد البر أيضاً: ما كان أحد يقول: سلوني غير علي».

وروى المحب الطبري في كتاب «الذخائر» ص ١٧ أن النبي قال: «النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأمتي.. نحن أهل بيت لا يقاس بنا أحد».

وبالتالي، فقد تبين بالشواهد والأرقام أن كل شرط اعتبره الشيعة بالإمام يستند إلى ما ثبت من حديث الرسول، تماماً كما يستند إليه أصل التشيع.

عُلومُ الإمَام

هل يعتقد الشيعة أن أئمتهم يعلمون كل شيء، حتى الصناعات واللغات؟ ثم هل علوم الأئمة ومعارفهم في عقيدة الشيعة، كعلوم سائر الناس ومعارفهم، أو هي وحي، أو إلهام وما أشبه؟

ولست أعرف مسألة ضلت فيها الأقلام، حتى أقلام بعض الإمامية أكثر من هذه المسألة. مع أنها ليست من المسائل الغيبية، ولا المشاكل النظرية.

وذكرنا في فصل سابق ان الحديث عن عقيدة طائفة من الطوائف لا يكون صادقاً، ولا ملزماً لها إلا إذا اعتمدت على أقوال الأئمة، والعلماء المؤسسين الذين يمثلونها حقاً، لذلك اعتمدنا في هذا البحث على أقوال الأئمة الأطهار، والشيوخ الكبار، كالمفيد والمرتضى والخواجا نصير الدين الطوسي، ومن إليهم أمانة وعلماً.

قال الشريف المرتضى في الشافي ص ١٨٨ ما نصه بالحرف: «معاذ اللّه أن نوجب للإمام من العلوم إلا ما تقتضيه ولايته، وأسند إليه من الأحكام الشرعية، وعلم الغيب خارج عن هذا». وقال في ص ١٨٩: «لا يجب أن يعلم الإمام بالحرف والمهن والصناعات، وما إلى ذاك مما لا تعلق له بالشريعة. إن هذه يرجع فيها إلى أربابها، وان الإمام يجب أن يعلم الأحكام، ويستقل بعلمه بها، ولا يحتاج إلى غيره في معرفتها، لأنه ولي إقامتها، وتنفيذها».

وقال الطوسي في «تلخيص الشافي» المطبوع مع الكتاب المذكور ص ٣٢١: «يجب أن يكون الإمام عالماً بما يلزم الحكم فيه، ولا يجب أن يكون عالماً بما لا يتعلق بنظره» كالشؤون التي لا تخصه ولا يرجع إليه فيها.

وهذا يتفق تماماً مع قول الشيعة الإمامية بأن الإمام عبد من عبيد اللّه، وبشر

٣٥

في طبيعته، وصفاته، وليس ملكاً ولا نبياً، أما رئاسته العامة للدين والدنيا فإنها لا تستدعي أكثر من العلم بأحكام الشريعة، وسياسة الشؤون العامة.

وكيف ينسب إلى الشيعة الإمامية القول بأن أئمتهم يعلمون الغيب، وهم يؤمنون بكتاب اللّه، ويتلون قوله تعالى حكاية عن نبيه «لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير». وقوله «إنما الغيب للّه». وقوله «قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا اللّه».

وقال الشيخ الطوسي في «مجمع البيان» عند تفسير الآية ١٢٣ من سورة هود: «وللّه غيب السموات والأرض»:

«لقد ظلم الشيعة الإمامية من نسب إليهم القول بأن الأئمة يعلمون الغيب. ولا نعلم أحداً منهم استجاز الوصف بعلم الغيب لأحد من الخلق. فأما ما نقل عن أمير المؤمنين (ع) ورواه عنه الخاص والعام من الإخبار بالغائبات في خطب الملاحم وغيرها مثل الإيماء إلى صاحب الزنج، وإلى ما ستلقاه الأمة من بني مروان، وما إلى ذلك مما أخبر به هو وأئمة الهدى من ولده، أما هذه الأخبار فإنها متلقاة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مما أطلعه اللّه عليه، فلا معنى لنسبة من يروي عنهم هذه الأخبار المشهورة إلى أنه يعتقد كونهم عالمين الغيب، وهل هذا إلا سب قبيح وتضليل لهم، بل تكفير، لا يرتضيه من هو بالمذاهب خبير، واللّه هو الحاكم وإليه المصير».

وإن افترض وجود خبر أو قول ينسب علم الغيب إلى الأئمة وجب طرحه باتفاق المسلمين، قال الإمام الرضا: «لا تقبلوا علينا خلاف القرآن، فإنا ان تحدثنا حدثنا بموافقة القرآن، فإذا أتاكم من يحدثكم بخلاف ذلك فردوه. إن لكلامنا حقيقة، وان عليه لنوراً، فما لا حقيقة له، ولا نور عليه فذاك قول الشيطان».

وبكلمة إن علوم الأئمة وتعاليمهم يحدها - في عقيدة الشيعة - كتاب اللّه(١)

_____________________

(١) قال الأمام زين العابدين في الصحيفة السجادية: اللهم انك انزلت القرآن على نبيك مجملاً، والهمته علم عجائبه مكملاً، وورثتنا علمه مفسرا، وفضلتنا على من جهل علمه وقويتنا عليه، لترفعنا فوق من لم يطق حمله.

٣٦

وسنة نبيه، وإن كل إمام من الأول إلى الثاني عشر قد أحاط إحاطة شاملة كاملة بكل ما في هذين الأصلين من الألف إلى الياء، بحيث لا يشذ عن علمهم معنى آية من آي الذكر الحكيم تنزيلاً وتأويلاً، ولا شيء من سنة رسول الله قولاً وفعلاً وتقريراً. وكفى بمن أحاط بعلوم الكتاب والسنة فضلاً وعلماً، أن هذه المنزلة لا تتسنى ولن تتسنى لأحد غيرهم، ومن هنا كانوا قدوة الناس جميعاً بعد جدهم الرسول تماماً كالقرآن والسنة.

وقد أخذ أهل البيت علوم الكتاب والسنة وفهموها ووعوها عن رسول اللّه، تماماً كما أخذها ووعاها رسول اللّه عن جبرائيل، وكما وعاها جبرائيل عن اللّه، ولا فرق أبداً في شيء إلا بالواسطة فقط لا غير، ونظم الشاعر الإمامي هذا المعنى فقال:

إذا شئت أن تبغي لنفسك مذهباً

ينجيك يوم البعث من لهب النار

فدع عنك قول الشافعي ومالك

وأحمد والمروي عن كعب أحبار

ووالِ أناساً نقلهم وحديثهم

روى جدنا عن جبرئيل عن الباري

أخذ علي عن النبي، وأخذ الحسنان عن أبيهما، وأخذ علي بن الحسين عن أبيه، وهكذا كل إمام يأخذ العلم عن إمام، ولم تروِ أصحاب السّير والتواريخ أن أحداً من الأئمة ال ١٢ أخذ عن صحابي أو تابعي أو غيره، فقد أخذ الناس العلم عنهم، ولم يأخذوه عن أحد، قال الإمام الصادق:

عجباً للناس يقولون: أخذوا علمهم كله عن رسول اللّه، فعملوا به واهتدوا، ويرون انا أهل البيت لم نأخذ علمه، ولم نهتد به، ونحن أهله وذريته في منازلنا أنزل الوحي، ومن عندنا خرج العلم إلى الناس، أفتراهم علموا، واهتدوا، وجهلنا وضللنا؟..

وقال الإمام الباقر: لو كنا نحدث الناس برأينا وهوانا لهلكنا، ولكنا نحدثهم بأحاديث نكتنزها عن رسول اللّه، كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضتهم.

وبهذا يتبين الجهل، أو الدس في قول من قال بأن الشيعة يزعمون أن علم

الأئمة إلهامي، وليس بكسبي، وترقى بعضهم، فنسب إلى الشيعة القول بنزول الوحي على الأئمة وبرد هذا الزعم بالإضافة إلى ما نقلناه من أحاديث الأئمة الأطهار ما قاله الشيخ المفيد في كتاب «أوائل المقالات»: «قام الإتفاق على أن من يزعم أن أحداً بعد نبينا يوحى إليه فقد أخطأ وكفر».

٣٧

وهنا سؤال يفرض نفسه، وهو: بماذا يفتي الإمام إذا لم يجد نصاً في الكتاب والسنة؟ هل يجتهد، ويعمل بالرأي، كما يجتهد العلماء؟

الجواب:

إن القرآن والسنة فيهما تبيان كل شيء ولو بجنسه أو نوعه، وقد جاء في الحديث أن النبي أتى الناس بما اكتفوا به في عهده، واستغنوا به من بعده، وغير الإمام يضطر إلى الاجتهاد، حيث تخفى عليه مقاصد الكتاب ومعاني آياته، وحيث لا يهتدي إلى الأحاديث النبوية بالذات، كما لو سمعها من الرسول الأعظم، أما الإمام فإنه كما سبق وبيّنا يحيط بجميع علوم الكتاب والسنة، ولا يخفى عليه شيء يتصل بهما، فيفتي بالنص الخاص إن وجد، وإلا فبالأصل العام، والأصل العام بالنسبة إليه تماماً كالنص الخاص بلا تفاوت، لأن المفروض أن الإمام معصوم كالقرآن يدور الحق معه حيثما دار، وعليه فلا يخطئ في التفريع والتطبيق. وبكلمة ان غير الإمام عنده حديث ضعيف وحديث صحيح، وحديث معارض، وآخر بلا معارض، وحديث مجمل، وآخر مبين، أما الإمام فالحديث عنده هو عين ما قاله الرسول مع الصراحة والوضوح.

وما دام الخطأ محالاً في حقه فلا يقال: إنه مجتهد يعمل بالرأي، لأن المجتهد يحتمل في حقه الخطأ والصواب على السواء، ولأجل هذا نقول: إن من استطاع أن يأخذ جميع ما يحتاج إليه من الأحكام مشافهة من المعصوم لا يجوز له الاجتهاد بحال، وإن بلغ من العلم ما بلغ، وقد ذهل عن هذه الحقيقة جماعة من السنة، فأجازوا الاجتهاد، والعمل بالرأي على النبي بالذات وليت شعري كيف يقال: إن النبي مجتهد، والمجتهد يخطئ ويصيب، وقول النبي هو الحجة البالغة، والدليل القاطع الذي يعتمده جميع المجتهدين والمحققين؟

____________________

(١) المستصفى للغزالي، وجامع الجوامع لابن السبكي، وأصول الفقه للخضري.

٣٨

وسئل الإمام الصادق: بأي شيء يفتي الإمام؟ فقال: بالكتاب. فقال السائل: فما لم يكن في الكتاب؟ فقال الصادق: بالسنة. فقال السائل: فما لم يكن في الكتاب والسنة؟ فقال: ليس شيء إلا في الكتاب والسنة.

وقال أيضاً: ما رأيت علياً قضى قضاء إلا وجدت له أصلاً في السنة.

هذي هي أقوال أئمة الشيعة وعلمائهم الثقات، فأين الغلو وعلم الغيب؟.. وأين الوحي والإلهام؟.. ومن الخير أن نشير هنا إلى طرف من أقوال علماء السنة الثقات التي تتصل بهذا الموضوع، لنرى: هل الغلو فيما قالوه أو فيما قاله علماء الشيعة؟

روى البخاري في صحيحه ج ٥ باب «مناقب عمر بن الخطاب» أن النبي قال: لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلمون - أي تحدثهم الملائكة - من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن من أمتي أحد فعمر».

وقال الغزالي في كتاب «المستصفى» ج ١ ص ٢٧٠ طبعة ١٣٢٢هجري:

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إن منكم لمحَدثين، وإن عمر لمنهم.

وقال الشاطبي في الجزء الثاني من الموافقات ص ٢٦٦:

عمل الصحابة بالفراسة والكشف والإلهام والوحي النومي، كقول عمر، وهو في المدينة يخاطب سارية بن حصن، وهو في إيران بقوله: «يا سارية الجبل» وقد سمع سارية الصوت وصعد الجبل.

إذا قيل بأن عمر علم الغيب وإن له ملكاً يحدثه فلا غلو، وإذا قيل بأن الأئمة من أهل البيت يقولون الحق ويعرفون علوم الكتاب والسنة فكفر وغلو.

وقال ابن السبكي في «جامع الجوامع» باب «الاجتهاد»: يجوز أن يقال من قبل اللّه تعالى لنبي أو عالم: احكم بما تشاء، فهو صواب، ويكون مدركاً شرعياً، ويسمى التفويض.

إذا قيل بأن اللّه يجوز أن يتخلى عن تشريع الأحكام، ويفوض أمر وضعها أو رفعها إلى عالم من العلماء فلا كفر ولا غلو، أما إذا قيل بأن أهل البيت يعرفون شريعة جدهم كاملة، كما أنزلها اللّه على نبيه فكفر وغلو.

وقال الشاطبي في «الموافقات» ج ٢ ص ٢٦٧: «إن أبا بكر انفذ وصية رجل بعد موته برؤيا رؤيت»، أي ان رجلاً مات، ولم يوصِ في حياته،

٣٩

ثم أوصى بوصايا بعد موته، وأبلغ وصيته لمن أراد في المنام، فنفذ أبو بكر هذه الوصية.

فحُكم أبي بكر استناداً إلى الأحلام والأطياف صحيح وحجة، أما أحكام أهل البيت المأخوذة من الكتاب والسنة ففيها نظر.

ولدي من هذه الأمثلة ما لا يبلغه الإحصاء، وقد ادخرته لوقت الحاجة، وقطعت على نفسي عهداً أن لا أذكر منها شيئاً إلا للدفاع. وفيما ذكرت يفي بالغاية والقصد، كما يدل بصراحة ووصوح أن الذين يتهمون الشيعة، ويرمونهم بالغلو أولى بهذه التهمة، وهي بهم الصق وأليق. واللّه سبحانه من وراء القصد.

التقية وَالبدَاء وَالرّجعَة وَالجفر وَمصْحف فاطِمة بَين السُنّة وَالشّيِعَة

أثبتنا في فصل سابق أن الشيعة الإمامية يقولون بأن الإمامة تكون بالنص، لا بالانتخاب، وإنهم يوجبون العصمة للإمام، وإنهم يستدلون على هذين الأصلين بأحاديث صحيحة ثابتة عند السنة والشيعة، وأيضاً عرفنا أنهم أبعد الفرق عن الغلو والمغالين، وإنهم لا يدّعون لأئمتهم علم الغيب، ولا الإيحاء والإلهام، وإن من نسب إليهم شيئاً من ذلك فهو جاهل متطفل، أو مفترٍ كذاب، وإن علوم الأئمة - في عقيدة الشيعة - يحدها كتاب اللّه وسنة نبيه.

ولكن نُسب إلى الشيعة الإمامية القولُ بالتقية والبداء والرجعة، وأطلقت في وجوههم صرخات الكفر والزندقة من أجلها. فهل هذه النسبة صحيحة؟ ثم ما معنى هذه الألفاظ، ومدلولاتها على التحقيق؟ وبالتالي، هل يستدعي القول بهذه المبادئ الكفر والخروج عن الإسلام؟

وإليك الجواب الصريح.

التقية:

أما التقية فقد قال بها الشيعة الإمامية، وبحثوها مطولاً في كتبهم الفقهية(١) وفرعوا عليها مسائل كثيرة، واستدلوا على تشريعها وجوازها بالكتاب والسنة والعقل.

ومعنى التقية التي قالوا بها أن تقول أو تفعل غير ما تعتقد، لتدفع الضرر عن نفسك، أو مالك، و لتحتفظ بكرامتك، كما لو كنت بين قوم لا يدينون بما تدين، وقد بلغوا الغاية في التعصب، بحيث إذا لم تجارهم في القول والفعل

______________________

(١) ألف الشيخ الكبير مرتضى الانصاري رسالة خاصة بالتقية. طبعت في آخر كتاب «المكاسب».

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

وانتشر الصّبح بأنواره

وانجاب عن أضواء الحندس(١)

فارقني خشية أعداؤه

وقد خلا من جمعنا المعرسُ(٢)

لا أقبل الصّبح باسفاره

لأنّه الفضّاح والأوكسُ

واللّيل لو جنَّ به جنَّتي

وجنَّتي طاب بها المأنسُ

موسى رأى النّار به سابقاً

من جانب الطّور لها غرنسُ

وقد أتاها طالباً جذوة

حتّى دنا من قربها يقبسُ

نودي بالشّاطيء غربيّها

: أنا الإلـ~ـه الخالق الأقدسُ

ونار موسى سرُّها حيدرٌ

العالم الخنذيذ والدهرسُ(٣)

والأسد المغوار يوم الوغى

تفرق من صولته الأشوسُ(٤)

لو قامت الحرب على ساقها

قال إليها وهو لا ينكسُ

كم قدَّ في صارمه فارساً

وصيّر السيد له ينهسُ؟(٥)

هو ابن عمّ المصطفى والّذي

قد طاب من دوحته المغرسُ

عيبة علم الله شمس الهدى

ونوره الزّاهر لا يُطمسُ

مهبط وحي لم ينل فضله

وكنهه في الوهم لا يحدسُ

قد طلّق الدّنيا ولم يرضها

ما همّه المطعم والملبسُ

يقطّع الليل بتقديسه

يزهو به المحراب والمجلسُ

وفي النّدى بحرٌ بلا ساحل

وفي المعالي الأصيد الأرءس

إذا رقى يوماً ذُرى منبر

وألسن الخلق له خرَّسُ

يريك من ألفاظه حكمة

يحتار فيها العالم الكيّسُ

فيالها من رُتب نالها

من دونها كيوان والأطلسُ؟

____________________

١ - الحندس: الظلمة جمع حنادس.

٢ - المعرس: الموضع الذى يعرس فيه القوم أى نزلوا فيه للاستراحة.

٣ - الخنذيذ: الخطيب البليغ. العالم بايام العرب اشعارهم السيد الحليم. الشجاع البهمة الدهرس: الداهية.

٤ - الاشوس: الجرىّ على القتال الشديد.

٥ - السيد: الذئب، الاسد، والسيد تخفيف السيّد. نهس: أخذ بمقدّم اسنانه ونتفه.

٣٨١

قد شرّفت كوفان في قبره

ولم تكن أعلامها تدرسُ

إن أنكر الجاحد قولي أقل

: يا صاح هذا المشهد الأقدسُ(١)

أما ترى النّور به مشرقاً

قرّت به الأعين والأنفس

والله لولا حيدرٌ لم يكن

في الأرض ديّارٌ ولا مكنسُ

فليس يحصي فضله ناثر

أو ناظم في شعره منبسُ

لو كان ما في الأرض أقلامه

والأبحر السّبع له مغمسُ

سمعاً أبا السّبطين منظومة

غرّاء من غصن النّقا أميسُ

تختال من مدحك في حلّة

لم يحكها في نسجها السّندسُ

أرجو بها منك الجزا في غد

فإنَّ مَن والاك لا يبخسُ

صلّى عليك الله ما أشرقت

شمس الضّحى وانكشف الحِندسُ

ومن شعره في تقريظ ( المطوّل ) للتفتازاني قوله:

إنَّ المطوّل بحرٌ فاض ساحله

فلا يحيط به وصفي وانجازي

فُرقان أهل المعاني في بلاغته

وفي الدّلائل منه أيّ إعجازِ

____________________

١ - هذا مستهلّ قصيدة السيد على خان.

٣٨٢

القرن الثاني عشر

١٠٢

الشيخ ابراهيم البلادى

بدأت محمد مَن خلق الأناما

وأشكره على النّعما دواما

هو الموجود خالقنا وجوباً

ولم أثبت لموجدنا انعداما

لقد خلق الورى إطهار كنزٍ

تستَّر فاستفضَّ له الختاما(١)

اصولٌ خمسةٌ للّدين منها

له العدل الّذي في الحكم داما

وثاني الخمسة التوحيد فيه

ونفي شريكه أبداً دواما

وثالثها النبوّة وهي لطفٌ

عظيمٌ دائمٌ عمَّ الأناما

ورابعها الإمامة وهي لطفٌ

من الباري به الّدين استقاما

وخامسها المعاد لكلِّ جسم

وروح والدّليل عليه قاما

وإنَّ إلـ~ـهنا في الحكم عدلٌ

يخاصم كلَّ من ظلم الأناما

وإنَّ النّار والجنّات حقُّ

على رغم الّذي جحد القياما

وإنَّ المؤمنين لهم جنانٌ

ونار الكافرين علت ضراما

وإنَّ الرّسل أوَّلهم أبوهم

وذلك آدم خصّوا السَّلاما

وأفضلهم اولو العزم الأجلّا

ومَن عرفوا لربِّهم المقاما

وهم نوحٌ وإبراهيم موسى

وعيسى والأمين أتى ختاما

محمّدهم وأحمدهم تعالا

وأعلاهم وقاراً واحتشاما

فأشهد مخلصاً أن لا إلـ~ـه

سوا الله الّذي خلق الأناما

وإنَّ محمّداً للنّاس منه

نبيُّ مرسلُ بالأمر قاما

وأشهد انّه ولّى عليّاً

وليَّ الله للدِّين اهتماما

وصيَّره الخليفة يوم « خمّ »

بأمر الله عهداً والتزاما

____________________

١ - اشارة إلى الحديث القدسى الدائر على الالسن: كنت كنزا مخفياً فاحببت أن اُعرف فخلقت الخلق لكي اُعرف.

٣٨٣

ونصَّ على الأئمَّة من بنيه

هناك على المنابر حين قاما

فواخاه النبيٌّ وفي البرايا

بحكم الله صيَّره إماما

وعظَّمه ولقَّبه بوحي

أمير المؤمنين فلن يراما

وزوَّجه البتول لها سلامٌ

من الله الوصول ولا انصراما

فكان لها الفتى كفواً كريماً

فأولدها أئمّتنا الكراما

[ إلى آخر القصيدة(١) ]

( الشاعر )

أبو الرّياض الشّيخ إبراهيم بن الشّيخ عليّ بن الشّيخ الحسن بن الشّيخ يوسفَ ابن الشّيخ حسن بن الشّيخ علي البلادي البحراني أحد أعلام البحرين وفضلائها، كان موصوفاً بالأدب وصياغة الشّعر، من أجداد مؤلّف [ أنوار البدرين ] العالية كما ذكره في بعض التراجم، له منظومة الإقتباس والتضمين من كتاب الله المبين في إثبات عقايد الدّين، استدلاليّا، وجامع الرّياض يمدح فيه كلَّا من المعصومين عليهم السّلام بروضة، ومن هنا يكنّى بأبي الرِّياض، وديوان شعره يوجد بخطّ تلميذه الشّيخ أبي محمّد الشّويكي الآتي ذكره، صحَّحه سنة ١١٥٠، يحتوي على قصائد على عدد الحروف بترتيبها، و ١٣٢ دو بيتاً في أبواب خمسة في التوحيد، والنبوَّة، والإمامة والأئمِّة، و العدل، والمعاد، وميميَّة ١٠٨ بيتاً في الاُصول الخمسة.

ووالد المترجم له الشيخ عليّ أحد أعلام عصره ذكره صاحب الحدايق في [ لؤلؤة البحرين ] وقال: كان فاضلاً ولا سيّما في العربيّة والمعقولات، مدرّساً إماماً في الجمعة والجماعة معاصراً للشّيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي اهـ وترجم له صاحب [ رياض الجنّة ] في الرّوضة الرّابعة، وكان الشيّخ حسن جدّ المترجم له أيضاً من الفضلاء و كذلك جدّه الأعلى الشيخ يوسف بن الحسن، ذكره الشّيخ الحرّ في [ أمل الآمل ] وقال: فاضلٌ متبحّرٌ شاعرٌ أديبٌ من المعاصرين. وحكى صاحب الحدايق في [ لؤلؤة البحرين ] عن والده العلّامة إنّه لمـّا توفّي الشّيخ يوسف بن الحسن البحراني ودفن في

____________________

١ - أخذناها من ديوانه المخطوط وله فيه شعر آخر فى الغدير ايضا.

٣٨٤

مقبرة المشهد - مسجد في بحرين - إتّفق انهدام إحدى منارتيه وسقوطها على قبره فمرَّ الشّيخ عيسى(١) بامرأة جالسة عند المنارة تتعجّب من سقوطها فقال الشَّيخ عيسى في ذلك:

مررت بامرأة قاعده

تُحولق في هيئة العابده

وتسترجع الله في ذا المنار

فما بالها في الثّرى راقده؟

فقلت له: يا بنة الأكرمين

رأيت اُموراً بلا فائده؟

ثوى تحتها يوسفيّ الكمال

فخرّت لهيبته ساجده

____________________

١ - أوحدى من اعلام ( آل عصفور ) اسرة شيخنا الفقيه المتضلع الشيخ يوسف صاحب ( الحدايق ) شاعر مفلق، واديب بارع.

٣٨٥

القرن الثاني عشر

١٠٣

الشيخ أبو محمد الشويكي

_ ١ _

زار حبّي فانجلت سود اللّيالي

حين أبدا منه ثغراً كاللئالي

وتبدَّت لمعٌ من وجهه

فحكى في لمعه لمع الهلالِ

إلى أن قال:

حيدر الكرّار مقدام الورى

شامخ القدر عليٌّ ذي المعالي

عالم الغيب فلا عيب به

طاهر الجيب فتىً زاكي الخصالِ

هاشميٌّ نبويّ جوده

يخجل الغيث لدى سكب النوالِ

أحمديّ الخُلق والخَلق فتىً

عنتريُّ الحرب في يوم النّزالِ

صايم الصّيف وقوّام الدّجا

مكرم الضّيف بمالٍ من حلالِ

معدن العلم الّذي سؤّاله

تبلغ الآمال من قبل السؤالِ

ثابت النصِّ من الله ومن

أحمد المختار محمود الفعالِ

والد السبطين من ستِّ النسا

بنت خير الأنبياء ذات الحجالِ

من له المختار واخى في الورى

مرغماً أعدائه أهل الضَّلالِ

وهو في القرآن نصّاً نفسه

خير من باهل بعد الإبتهالِ

فله الشّأن عليٌّ كاسمه

صاحب الإحسان غوثي في مآلي

حجّة الله بنصٍّ ثابتٍ

يوم « خمّ » فهو من والاه والي

وأمير المؤمنين المرتضى

من إلـ~ـه العرش ربّي ذي الجلالِ

في فراش المصطفى بات ولم

يخش من أعدائه أهل النّكالِ

أخذناها من مختصر ديوانه الذي كتبه إلى شيخه بخطّه وهي قصيدةٌ طويلةٌ قالها سنة ١١٤٩ يمدح بها امير المؤمنينعليه‌السلام .

٣٨٦

_ ٢ _

وله قصيدة أنشدها سنة ١١٤٩ وجدناها بخطّه يذكر بها العقايد الدينيّة مستهلّها:

إسمع هداك الله حسن العقايدِ

وخذ من معاني الفكر درّ الفوايدِ

له الحمد ربّي كم حبانا بنعمة

تقاصر عن إدراكها حمد حامدِ؟

إلى أن قال:

وألطاف ربّي في البريّة جمّةٌ

لها الغيث عذبٌ في جميع المواردِ

وأعظم ألطاف الإلـ~ـه نبيّنا

وعترته أزكى كرام أماجدِ

حبانا بخير المرسلين محمّد

نبيّ هدىً لِلَّه أكرم عابدِ

ويقول فيها:

ومعجزة القرآن لا زال باقياً

له بثبات الأمر أعظم شاهدِ

وقد نسخت كلّ الشرايع في الورا

شريعته الغرّا على رغم ماردِ

فصلّى وزكّا ثمَّ صام نبيّنا

وحجَّ وكان الطّهر أيّ مجاهدِ

له الله قد صفّا من العيب فاغتدا

نبيّاً صفيّاً صادقاً في المواعدِ

وكان له المولى الجليل وحسبه

عليٌّ على الأعداء ايّ مساعدِ

فكان له كفّاً قويّاً وساعداً

وسيفاً لهام القوم أعظم حاصدِ

فواخاه عن أمر الإلـ~ـه وخصّه

بفاطمة اُمّ الهداة الفراقدِ

وصيّره عن أمر خالقه له

إماماً بخمّ مرغماً أنف حاسدِ

وقال له فوق الحدائج خاطباً

وأضحى له أمر الورى أيّ عاقدِ

ونصَّ عليه بالإمامة مجهراً

وأبنائه يا خير ولد لوالدِ؟

[ القصيدة ]

_ ٣ _

وله من قصيدته الغديريّة الطويلة:

يوم الغدير به كمال الدّينِ

ومتمّ نعمة خالقي ومعيني

لِلَّه من يوم عظيم عيده

للمؤمنين بدين خير أمين

يوم به رضي الإلـ~ـه لخلقه الإ

سلام بالتأييد والتمكينِ

٣٨٧

يومٌ شريفٌ عظّمت بركاته

من قبل كون الكون في التكوينِ

يومٌ به نصب المهيمن حيدراً

علماً إماما للورى بيقينِ

فهو الغدير وفضله متظاهرٌ

كالشّمس لم يحتج إلى التبيينِ

وله الرّواية يا فتى تروي الظّما

فكأنَّها من عذب خير معينِ

روت الرّواة عن النبيّ محمّد

خير الورى بالنصِّ والتعيينِ

فأتاه جبريل الأمين مبلّغاً

عن ربِّه التّسليم بالتبيينِ

فالآن بلّغ عنه نصبك حيدراً

فوجوب طاعته وجوب عيني

قم ناصباً للطهر حيدرة التّقى

قبل افتراق مصاحبٍ وقرينِ

قال النبيُّ الطهر سمعاً للّذي

قد قال من هو للورى يكفيني

ودعا بخمّ وهو أوعر منزل

: يا قوم حطوا الرَّحل في ذا الحينِ

ومن الحدائج قد ترقّا منبراً

ودعا عليّاً والد السّبطينِ

وإليه شال فبان من إبطيهما

ذاك البياض ففاق للقمرين

ولصحبه قد قال: يا قوم اسمعوا

منّي مقالة ناصحٍ وأمينِ

هل كنت يا أصحابُ أولى منكم

بنفوسكم؟ قالوا: نعم بيقينِ

من كنت مولاه فمولاه أخي

ووصّي بعدي كفّه بيميني

[ إلى آخر القصيدة ]

_ ٤ _

وله من قصيدة طويلة تسمّى بالغزالة يمدح بها النبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوَّلها:

أقبلت تقنص الاُسود الغزاله

ذات نور يفوق نور الغزاله

وانثنت تسلب العقول وثنّت

غلّة في الحشا بلبس الغلاله

إلى أن يقول:

فولاء النبيّ للعبد درع

عن نبال الرّدى وللنصر آله

وولائي من بعده لعليّ

حيث أن قبل موته أوصى له

وارتضاه الإمام في يوم خمّ

فهو للخصم قاطعٌ أوصاله

ويوجد ذكرى الغدير في ساير قصايده اقتصرنا منها على ما ذكرناه.

٣٨٨

( الشاعر )

أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن الحسين بن محمّد الشويكي الخطّي، من تلمذة الشّيخ إبراهيم ابن الشّيخ علي البلادي الآنف ذكره، والشّيخ ناصر بن الحاج عبد الحسن البحراني، له في فنِّ الأدب وقرض الشّعر والإكثار منه والتفنّن فيه أشواطٌ بعيدة، غير أنَّ شعره من النّمط الأوسط، له كتابٌ في أحوال المعصومين، وديوان مدايح النبيّ وآله يسمّى بـ [ جواهر النظام ] وديوان مراثيهم الموسوم ب‍ ( مسبل العبرات ورثاء السّادات) استخرج من الدّيوانين قصايدة كثيرة في أربعة ايّام وألّفها ديواناً أهداه لشيخه العلّامة آقا محمّد بن آقا عبد الرّحيم النجفي في سنة ١١٤٩ وهذا الدّيوان المنتخب من شعره يحتوي على خمسين قصيدة في أوزان وقواف مختلفة في مدايح النبيِّ وآله صلوات الله عليه و عليهم ورثائهم، ويرثي العبّاس بن أمير المؤمنينعليه‌السلام والقاسم بن الإمام الحسن وعبد الله ابنه، وعليّ بن الإمام السّبط الشّهيدعليه‌السلام وولده عبد الله الرَّضيع، كلّاً منهم بقصيدة.

٣٨٩

القرن الثاني عشر

١٠٤

السيد حسين الرضوى

المتوفى بعد ١١٥٦

حيّ الحيا عهد أحباب بذي سلَم

وملعب الحيّ بين البان والعلَم

وجاد أعلام جمع والعقيق فكم

فرَّقن جمع هموم باجتماعهم؟

يا صاح عج بي قليلاً في معاهدهم

تشفي عليل محبّ ذاب من ألم

هذه بديعيّة ذات ١٤٣ بيتاً يمدح بها النبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أن يقول فيها:

صنو النبيِّ أمير المؤمنين أبو السبطين

باب العلوم المرتضى الشيم

في السرّ والجهر ساواه وكان له

ردءاً يصدّقه في الحُكم والحِكم

وفيه جاء عن المختار منقبةٌ

: من كنت مولاه فهو الحقّ فاعتصم

( الشاعر )

السيّد حسين بن الأمير رشيد بن القاسم الرضويّ الهنديّ النجفيّ ثمَّ الحائريّ. أوحديٌّ ثنّى علمه الفائق بأدبه الرائق، وعبقريٌّ زان حسبه الزكيّ بفضله الجمِّ وقريضه المزري بعقود الدّرر ومنثور الدَّراري، فهو عالمٌ بارع، وأديبٌ ناقد، لم تُشغله فضيلة عن فضيلة، ولا ثنته مأثرةٌ عن مفخرة.

جاء به أبوه من الهند إلى النّجف الأشرف فاشتغل بها وبعد لاي غادرها إلى جوار الإمام السِّبط الشَّهيد [الحاير المقدّس ] وتخرَّج بها على السيّد المدرّس الأوحد السيّد نصر الله الحائري وله قصائد عدّة يمدح بها استاذه المدرّس، ولاستاده يمدحه قوله:

يا أيّها الشّهم الّذي

غيث النَّدى منه وكفْ!

يا ذا الّذي في جوده

قد طال لي باعٌ وكفْ!

يا ماجداً طول المدى

صدَّ الأذى عنّا وكفْ!

٣٩٠

حيّاك ربُّ العرش ما

برقٌ تبدّى في السّدفْ

ومن أساتذته السيّد صدر الدّين القميّ شارح الوافية، والشيخ عبد الواحد الكعبي النجفي المتوفّى ١١٥٠، والشيخ أحمد النحوي، وكان جيّد الخطّ وقفت على ديوان استاذه السيّد المدرّس الحائري بخطّه. توفّي بكربلاء المشرّفة بعد سنة ١١٥٦ وقبل الستّين برّد الله مضجعه، فما عن بعض المجاميع انّه توفّي ١١٧٠ لم أقف على ما يعاضده.

خلف شاعرنا الرَّضوي ديواناً مفعماً بالغرر والدّرر ومن شعره في المديح:

جيرة الحيّ أين ذاك الوفاء؟

ليت شعري وكيف هذا الجفاءُ؟

لي فؤادٌ أذابه لاعج الشّو

ق وجفنٌ تفيض منه الدّماءُ

كلّما لاح بارقٌ من حماكم

أو تغنّت في دوحها الورقاءُ

فاض دمعي وحنَّ قلبي لعصر

قد تقضّى وعزَّ عنه العزاءُ

يا عذولي دعني ووجدي وكربي

إنَّ لومي في حبّهم إغراءُ

هم رجائي إن واصلوا أو تناءوا

ومواليَّ أحسنوا أم أساؤا

هم جلوا لي من حضرة القدس قدماً

راح عشق كؤوسها الأهواءُ

خمرةٌ في الكؤوس كانت ولا كر

م ولا نشوةٌ ولا صهباءُ

ما تجلّت في الكاس إلّا ودانت

سجّداً باحتسائها النّدماءُ

ثمَّ مالوا قبل المذاق سكارى

من شذاها فنطقهم ايماءُ

ثمَّ باتوا وقد فنوا في فناها

إنَّ عين البقاء ذاك الفناءُ

سادتي سادتي وهل ينفع الصبّ

على نازح المزار النّداءُ؟

كنت جاراً لهم فأبعدني الدّهـ

ر فمن لي وهل يُردّ القضاءُ؟

أتروني نأيت عنكم ملالاً؟

لا، ومَن شُرّفت به البطحاءُ

سرّ خلق الأفلاك آية مجد

صدرت من وجوده الأشياءُ

مَن مزاياه غالبت انجم الاُفـ

ق فكان السّنا لها والسّناءُ

رتبٌ دونها العقول حيارى

حيث أدنى غاياتها الإسراءُ

محتدٌ طاهرُ وخُلقٌ عظيمٌ

ومقامٌ دانت له الأصفياءُ

٣٩١

خُصَّ بالوحي والكتاب وناهيـ

ـك كتاباً فيه الهدى والضّياءُ

يا أبا القاسم المؤمَّل يا من

خضعت لاقتداره العظماءُ

قاب قوسين قد رقيت علاءً

[ كيف ترقى رقيّك الأنبياء ]؟(١)

ولك البدر شُقَّ نصفين جهراً

[ يا سماءً ما طاولتها سماءُ ]؟

ودعوت الشّمس المنيرة رُدَّت

لعليّ تمدّها الأضواءُ

أنت نورٌ علا على كلِّ نور

ذي شروق بهديه يُستضاءُ

لم تزل في بواطن الحجب تسر

ي حيث لا آدم ولا حوّاءُ

فاصطفاك الإلـ~ـه خير نبيّ

شأنه النّصح والتّقى والوفاءُ

داعياً قومه إلى الشّرعة السّمـ

ـحاء يا للإلـ~ـه ذاك الدّعاءُ

وغزا المعتدين بالبيض السّـ

ـمر فردَّت بغيضها الأعداءُ

وله الآل خير آل كرام

علماءٌ أئمّةٌ أتقياءُ

هم رياض النّدى وروح فخار

وسماحٌ ثمارها العلياءُ

يُبتغى الخير عندهم والعطايا

كلّ حين ويستجاب الدّعاءُ

سادتي أنتمُ هُداتي وأنتم

عدَّتي إن ألّمت البأساءُ

وإلى مجدكم رفعت نظاماً

كلئالٍ قد تمَّ منها الصّفاءُ

خاطري بحرها وغوّاصها الفكـ

ـر ونظّام عقدهنَّ الولاءُ

وعليكم صلّى المهيمن ما لاح

صباحُ وانجابت الظّلماءُ

أو شدا مغرمُ بلحنٍ أنيق:

جيرة الحيِّ أين ذاك الوفاءُ؟

وله يمدح أمير المؤمنينعليه‌السلام :

ألمَّ وقد هجع السّامرُ

وعُطّل عن سيره السّائرُ

خيالٌ لعلوى أتى زائراً

وُقيت الرَّدى أيّها الزائرُ

طرقت فجلّيت ليل العفا

وقرَّبك القلب والناظرُ

نشد تك بالله كيف اهتد

يت إلى مضجعي والدّجى ساترُ؟

____________________

١ - هذا الشطر والمصرع الثانى من البيت الآتي مستهلّ الهمزيّة الشهيرة التى خمسها الشاعر المفلق عبد الباقى العمرى.

٣٩٢

وكيف عثرت بجفني وقد

غدا وهو طول المدى ساهرُ؟

فقال: هداني إليك الحنين

ونار جوىّ شبهها الهاجرُ

سقى ربع علوى وذاك الخيال

ولبل الوصال حيا هامرُ

ملثٌّ يُحاكي نوال الأمير

ومن روض ألطافه زاهرُ

عليُّ أبو الحسن المرتضى

عليُّ الذّرى الطيِّب الطّاهرُ

إمام هُدى فضله كاملٌ

وبحر ندى بذله وافرُ

وصيُّ النبيِّ بنصِّ الإلـ~ـه

عليه وبرهانه الباهرُ

فتى راجح الحلم لا وجهه

قطوبٌ ولا صدره واغرُ

له الشّرف الضخم والسؤدد المـ

ـفخّم والنسب الطاهرُ

وبيت عُلىّ شاد أركانه

قنا الخطّ والأبلج الباترُ

إلى حيث لا ملكُ سابقٌ

هناك ولا فلكٌ دائرُ

إذا ساجل النّاس في رتبة

فكلٌّ لدى عزِّه صاغرُ

وإن صال فالحتف من جنده

وربُّ السَّماء له ناصرُ

كأنَّ قلوب العدا إن بدا

من الرّعب يهفو بها طائرُ

أيا جدُّ! إنَّ لسان البلـ

ـيغ عن حصر أوصافكم قاصرُ

كفاكم عُلىّ أنَّ ربّ السّما

ء في الذكر سعيكم شاكرُ

فجاد ربوعك من لطفه

سَحابٌ برضوانه ماطرُ

مدى الدّهر ما قد طوى سبسبا

لتقبيل أعتابكم زائرُ

ومن شعره قوله:

يا مخجلاً حدق المها

أوقعت قلبي بالمهالكْ

ومعيد صبحي كالمسا

ضاقت عليَّ به المسالكْ

يا منيتي دون الملا

أنحلت جسمي في ملالكْ

هبْ لي رقادي انَّه

مذ بنت أبخل من خيالكْ

لِلّه كم لك هالكٌ

بشبا اللّواحظ إثر هالكْ؟

يا موقف التّوديع كم

دمعٌ نثرت على رمالكْ؟

٣٩٣

هل لي مقيلٌ من ضلا

لي أم مقيلٌ في ظلالكْ؟

لهفي على عصرٍ مضى

لي بالحبيب على تلالكْ

بالله أين غزالك الـ

ـفتّان؟ ويلي من غزالكْ

لم أنسه ويد النّوى

تستلُّ أنفسنا هنا لكْ؟

أومى يسائل: كيف حالك

؟ قلت: داجي اللون حالكْ

فافترّ من عجبٍ وقال

: بنو الهدى طرّاً كذلكْ

فأجبته: لو كنت تعلم

قدر من أصبحت مالكْ

لعلمت أنّي عاشقٌ

ما إن يقصّر عن منالكْ

أنا كاتبٌ أظهرت أسـ

ـرار الكتابة من جمالكْ

ألفٌ حلت فكأنّها

من حسن قدِّك واعتدالكْ

ميمٌ كمبسمك الشهيّ

ختامه من مسك خالكْ

صادٌ كغدران جرت

من أدمعي يوم ارتحالكْ

سينٌ كطرّتك الّتي

ألقت فؤادي في حبالكْ

دالٌ كصدغك شوّشت

بيد الدّلال وغير ذلكْ

ومقطّعاتٌ قد حكت

قلبي المروّع من ذيالكْ

ومركّباتٌ كالعقو

د تزين أجياد الممالكْ

وإذا تناسقت السّطو

ر سوافراً كنّا كمالكْ

ياقوت أصبح قائلاً

في الجمع: ما أنا من رجالكْ

قسماً بها لولا الهوى

ما كنت من جرحى نبالك

ومن شعره في عقد كلام لأمير المؤمنينعليه‌السلام :

أنعم على من شئت كن أميرهُ

واستغن عمَّن شئت كن نظيرهُ

إن كنت ذا عزّ ورمت أن تهن

فاحتج لمن شئت تكن أسيرهُ

جمعت شتات تاريخ حياته، وعقود جمل الثّناء عليه المبثوثة في المعاجم، من النشوة والطليعة وغيرهما صفحات أعيان الشِّيعة ٤٦ - ٥٧ من الجزء السّادس والعشرين.

٣٩٤

القرن الثاني عشر

١٠٥

السيد بدر الدين

المولود ١٠٦٢

بالله يا ورقُ إن شدوت على

سفوح سلع فدونها السّجفُ

وإن رأيت السّحاب هاميةً

فقل: مرام المولع النّجفُ

ففيه رمسٌ مطهّرُّ هبطت

عليه أملاك من له الصّحفُ

فيه الإمام الوصيُّ حيدرةٌ

مولى البرايا ومن له الشّرفُ

فيه شقيق الرّسول شافعنا

ونفسه إن توسّط الطّرفُ

فيه أخوه ومن فداه على

فراشه إن رووا وإن حرفوا

فيه الّذي في « الغدير » عيّنه

وبخبخ القوم فيه واعترفوا

( الشاعر )

بدر الدّين محمّد بن الحسين بن الحسن بن المنصور بالله القاسم بن محمّد الحسني الصنعائي، أحد حسنات اليمن، وعلمائها الأعلام. مشاركٌ في العلوم، له في الكلام و الطبّ والأدب وقرض الشّعر يدٌ غير قصيرة، وله تآليف قيّمة منها رسالةٌ في الكلام، تلمّذ لأساتذته في الفنون منهم: العلّامة الشّيخ صالح البحراني نزيل الهند، والفاضل الحكيم محمّد بن صالح الجيلاني نزيل اليمن، ولد سنة ١٠٦٢ في شهر صفر. أخذنا التّرجمة والشّعر ملخّصاً من ( نسمة السحر ) ج ٢.

إنتهى الجزء الحادي عشر من [ الغدير ] ويتلوه

الجزء الثاني عشر ويُبدء ببقيّة شعراء الغدير

في القرن الثاني عشر

والحمد لله أوّلا وآخراً

٣٩٥

الفهرس

يتبع الجزء العاشر مواقف معاوية ٣

معاوية وشيعة أمير المؤمنين ١٦

صورة مفصَّلة ١٨

معاوية وحجر بن عدى واصحابه ٣٧

عمرو بن الحمق ٤١

صيفى بن فسيل ٤٥

قبيصة بن ضبيعة عبد الله بن خليفة ٤٦

ألشهادة المزورة على حجر ٤٧

تسيير حجر واصحابه ٤٩

الخثعمى والعنزى ٥٢

الحضرميان وقتلهما على التشيع مالك الاشتر ٦١

محمد بن أبي بكر ٦٤

صورة اخرى ٦٧

نظرة فى مناقب ابن هند ٧١

فى الاسناد: ٨٧

الغلو الفاحش _ ١ _ زيد بن خارجة يتكلم بعد الموت ١٠٣

_ ٢ _ أنصارىّ يتكلم بعد القتل ١٠٥

_ ٣ _ شيبان يحيى حماره ١٠٦

_ ٤ _ عصا اسيد وعباد ١٠٧

_ ٥ _ خمر صارت عسلا بدعاء خالد ١٠٨

_ ٦ _ أبو مسلم لا تحرقه النار _ ٧ _ أبو مسلم يقطع دجلة بدعائه ١٠٩

_ ٨ _ سبحة أبى مسلم تسبّح بيده _ ٩ _ وفد يسافر بلا زاد ولا مزاد ١١٠

_ ١٠ _ دعاء أبى مسلم لمرأة وعليها _ ١١ _ ألظبى يحبس بدعاء ابى مسلم ١١١

٣٩٦

_ ١٢ _ الربيع يتكلم بعد الموت ١١٣

_ ١٣ _ أربعة آلاف تعبر الماء ١١٥

_ ١٤ _ جيش تعبر الماء بدعاء سعد ١١٦

_ ١٥ _ دعاء سعد يؤخر أجله _ ١٦ _ سحابة تروى وتنبت ١١٧

_ ١٧ _ ابراهيم التيمى يواصل اربعين _ ١٨ _ حافظ دعا على رجل فمات ١١٨

_ ١٩ _ سحابة تظل كرز بن وبرة _ ٢٠ _ فقير يجعل الارض ذهباً _ ٢١ _ الغطفاني ميت يتبسم ١١٩

_ ٢٢ _ عمر بن عبد العزيز في التوراة _ ٢٣ _ رعاء الشاة فى خلافة عمر بن عبد العزيز ١٢٠

_ ٢٤ _ كتاب براءة لعمر بن عبد العزيز _ ٢٥ _ امرأة تلد بدعاء مالك ابن اربع سنين ١٢١

_ ٢٦ _ ناصبىّ مستجاب الدعوة ١٢٣

_ ٢٧ _ السختيانى ينبع الماء ١٢٤

_ ٢٨ _ شيخ يبيع القصر في الجنة _ ٢٩ _ حضور غائب بدعاء معروف ١٢٥

_ ٣٠ _ رجل متربّع فى الهواء _ ٣١ _ جنّية تكّلم الخزاعى ١٢٦

_ ٣٢ _ رأس احمد الخزاعى يتكلم _ ٣٣ _ النبي يفتخر بابى حنيفة ١٢٧

_ ٣٤ _ أبو زرعة يجعل الحصاة تبراً _ ٣٥ _ وضوء ابراهيم الخراسانى ١٣٤

_ ٣٦ _ الماجشون يموت ويحيى ١٣٥

_ ٣٧ _ رقعة من الله الى أحمد امام الحنابلة _ ٣٨ _ رسول الياس وملك الى أحمد _ ٣٩ _ النخلة تحمل بقلم أحمد ١٣٧

_ ٤٠ _ تكة سراويل أحمد _ ٤١ _ الحريق والغريق وكرامة أحمد ١٣٨

_ ٤٢ _ ألله يزور احمد كل عام _ ٤٣ _ أحمد والملكان النكيران ١٣٩

_ ٤٤ _ امام المالكية يرى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ كلّ ليلة ١٤٢

_ ٤٥ _ الملكان وابو العلاء الهمدانى ١٤٣

_ ٤٦ _ غمامة تظلّ على جنازة _ ٤٧ _ شابّ ينظر الاذن من ربّه ١٤٤

_ ٤٨ _ شجرة امّ غيلان تثمر رطباً _ ٤٩ _ ابن ابى الجوارى فى التنّور ١٤٥

_ ٥٠ _ كتاب من الله الى ابن الموفّق _ ٥١ _ الحوراء تكلم أبا يحيى _ ٥٢ _ دعاوى سهل بن عبد الله التسترى ١٤٦

٣٩٧

_ ٥٣ _ سهل وجبل قاف ١٤٧

_ ٥٤ _ وحشيّ أتي بماء الوضوء _ ٥٥ _ قص ّ ة فيها كرامتان ١٤٨

_ ٥٦ _ حلق اللحية لِلَّه ١٤٩

_ ٥٧ _ عمود نور من السماء الى قبر الحنبلى ١٥٧

_ ٥٨ _ تمرٌ ينقلب رطباً لابن سمعون _ ٥٩ _ ابن سمعون يخبر عمّا يراه النائم ١٥٨

_ ٦٠ _ ابن سمعون وصبية الرصاص _ ٦١ _ ملك ينزل لابى المعالى _ ٦٢ _ ألله يكلم أبا حامد الغزالى ١٥٩

_ ٦٣ _ يد الغزالى فى يد سيد المرسلين _ ٦٤ _ إحياء العلوم للغزالي ١٦١

_ ٦٥ _ اللامشى يسجد على أرض النهر _ ٦٦ _ الطلحى يستر سوأته بعد موته ١٦٧

_ ٦٧ _ طاعة الحيوانات والجمادات للمنبجى ١٦٨

_ ٦٨ _ كرامة لابن مسافر الاموى ١٦٩

_ ٦٩ _ عبد القادر يحيى دجاجة ١٧٠

_ ٧٠ _ عبد القادر يحتلم فى ليلة أربعين مرّة ١٧١

_ ٧١ _ قدم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على رقبة عبد القادر ١٧٢

_ ٧٢ _ عبد القادر وملك الموت ١٧٣

_ ٧٣ _ وفاة الشيخ عبد القادر _ ٧٤ _ الرفاعىّ يقبّل يد النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ١٧٤

_ ٧٥ _ الغزلانى يكشف عمّا فى الخواطر _ ٧٦ _ الشاطبى يعلم جنابة الجنب ١٨٠

_ ٧٧ _ الحشرات تنحدر فى الوادى _ ٧٨ _ اليونينى يمشى فى الهواء ١٨١

_ ٧٩ _ الحضرمى يعلم النحو بالاجازة ١٨٢

_ ٨٠ _ الحضرمى وأصحاب القبور _ ٨١ _ ردّ الشمس لاسماعيل الحضرمى ١٨٣

_ ٨٢ _ الدلّاوى يرضع طفلاً _ ٨٣ _ شمس الدين الكردى يواصل اسبوعاً _ ٨٤ _ الشاوى يستمهل للميت ١٨٤

_ ٨٥ _ امام يعلم حوائج زائريه وهو فى قبره _ ٨٦ _ ١٨٥

_ ٨٧ _ شيخ يأكل بقرة _ ٨٨ _ خمر بلدة صارت خلّاً ١٨٦

_ ٨٩ _ أبو المعالى يحيى ويميت ١٨٧

_ ٩٠ _ تطور أبى على ليلا ونهاراً _ ٩١ _ السيوطي رأى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقظة ١٨٨

٣٩٨

_ ٩٢ _ السيوطي وطيّ الارض ١٨٩

_ ٩٣ _ أبو بكر باعلوى يحيى الميت ١٩٠

_ ٩٤ _ ابو بكر باعلوى ينجى المستغيث _ ٩٥ _ السروى يطير ويرسم للفأر ١٩١

_ ٩٦ _ ذويب يمشى على الماء _ ٩٧ _ فتح الحجرة الشريفة للعبادى ١٩٢

_ ٩٨ _ زيادة النيل بأمر الصدّيقى _ ٩٩ _ كرامات وخوارق _ ١٠٠ _ عجائب وغرائب ١٩٣

خاتمة البحث ١٩٥

فهرست شعراء الغدير في هذا الجزء ١٩٦

بقية الشعراء _ ٧٥ _ ضياء الدين الهادي ١٩٧

( ما يتبع الشعر ) ١٩٨

( الشاعر ) ١٩٩

بعث الهوى شوقي إلى اُمِّ القرى ٢٠٠

_ ٧٦ _ الحسن آل أبى عبد الكريم ٢٠٢

( الشاعر ) ٢٠٩

شعراء الغدير الشيخ الكفعمي ٢١١

( ما يتبع الشعر ) ٢١٢

( الشاعر ) ( تآليفه القيمة ) ٢١٣

لفت نظر: ٢١٦

_ ٧٨ _ عزَ الدين العاملى ( ما يتبع الشعر ) ٢١٧

( الشاعر ) ٢١٨

( مشايخه والرّواة عنه ) ٢٢٦

( آثاره أو مآثره ) ( ولادته ووفاته ) ٢٢٧

شعراء الغدير _ ٧٩ _ ابن أبي شافين البحراني ٢٣٢

( الشاعر ) ٢٣٣

ابن أبي شافين ٢٣٧

_ ٨٠ _ زين الدين الحميدي ٢٣٨

( الشاعر ) ٢٤٢

٣٩٩

٨١ بهاء الملة والدين ٢٤٤

( الشاعر ) ٢٤٩

أساتذته ومشايخه ٢٥٠

تلامذته ومن يروى عنه ٢٥٢

حرف الالف حرف الباء ٢٥٣

ج ح خ ٢٥٤

ر ز س ش ص ع ٢٥٥

ق ك ل م ٢٥٧

ه‍ ي تآليفه القيمة ٢٦٠

الاثنى عشريات ٢٦٢

الأربعين تشريح الافلاك ٢٦٣

الجامع العباسى ٢٦٤

خلاصة الحساب ٢٦٥

( زبدة الاصول) ٢٦٧

الفوائد الصمدية مفتاح الفلاح ٢٧٠

ألغاز البهائى الوجيزة وسيلة الفوز تهذيب البيان ٢٧١

أدبه الرائق ٢٧٢

« ولادته » « وفاته » ٢٨٠

عثرة لا تقال ٢٨١

٨٢ الحرفوشي العاملي ٢٨٥

( الشاعر ) ٢٨٦

آثاره القيمة ٢٨٧

٨٣ ابن أبى الحسن العاملي ( الشاعر ) ٢٩١

٨٤ الشيخ حسين الكركي ( ألشاعر ) ٢٩٩

٨٥ القاضى شرف الدين ٣٠٣

( الشاعر ) ٣٠٤

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419