التشيع نشأته معالمه

التشيع نشأته معالمه0%

التشيع نشأته معالمه مؤلف:
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 390

  • البداية
  • السابق
  • 390 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 19593 / تحميل: 7024
الحجم الحجم الحجم
التشيع نشأته معالمه

التشيع نشأته معالمه

مؤلف:
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الفصل الأوَّل

نشأةُ التشيّع

٢١

٢٢

تقديمٌ

لقد تناول كثير مِن الباحثين في قضايا الفكر والمذاهب والآراء الإسلامية، الكيان الشيعي بالبحث والدراسة مِن حيث النشأة والبُنية والمحتوى والأثَر السياسي والحضاري في تاريخ الإسلام، غير أنّ مِن المؤسف أنّ معظم تلك الدراسات، لا سيّما دراسات المستشرقين والمتتلمذين على أفكارهم، حملَت الدسّ والتشويه والخلْط بعيداً عن الإنصاف والموضوعية العِلمية، فكانت تعبّر في كثير مِن فصولها عن جهل الكاتب أو تعصّبه، أو تسخير فكره وقلَمِه لخدمة الأغراض الاستعمارية، التي اكتشفت جوانب القوّة والفاعلية في الفكر والموقف الشيعي، على مدى التاريخ الإسلامي.

ويهمّنا في هذا الفصل مِن الكتاب أن نعرّف بنشأة التشيّع، كمصطلحٍ وبذرةٍ في إطار الحياة الإسلامية، وتطوّر هذه البذرة إلى كيانٍ فكريٍّ وسياسيٍّ على يد أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)؛ ليصبح مِن أكثر الكيانات المذهبيّة والاتّجاهات المدرسيّة الإسلامية أثراً وفاعليةً، في حياة المسلمين وحركة تاريخهم ووضْعهم الحضاري.

٢٣

معنى الشيعة في اللغة:

قال ابن منظور: (والشيعة: القوم الذين يجتمعون على أمْرٍ، وكلّ قومٍ اجتمعوا على أمْرٍ فهُم شيعة، وكلّ قومٍ أمْرهُم واحد يتبع بعضهم رأي بعض...

قال الزجّاج: والشيعة، أتباع الرجُل وأنصاره...

قال الأزهري: والشيعة، قوم يهْوون هوى عترة النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ويوالونهم.

وقد غلَب هذا الاسم على مَنْ يتولّى عليّاً وأهل بيته (رضوان الله عليهم أجمعين)، حتّى صار لهم اسماً خاصّاً، فإذا قيل: فلان مِن الشيعة عُرف أنّه منهم، وفي مذهب الشيعة كذا، أي عندهم، وأصل ذلك مِن المشايعة، وهي المتابعة والمطاوعة) (1) .

وفي قاموس المعجم الوسيط:

(الشيعة: الفرقة والجماعة، والأتباع والأنصار، ويقال هم شيعة فلان، وشيعة كذا مِن الآراء.

والشيعة: فرقة كبيرة مِن المسلمين، اجتمعوا على حبِّ عليٍّ وآله وأحقّيتهم بالإمامة).

ولقد استعمل القرآن الكريم كلمة الشيعة بمعنى الأنصار والأتباع الفِكريّين، فقال: ( وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ ) (2) .

وهكذا نعرف أنّ معنى الشيعة في اللغة: هُم الأتباع المجتمعون على فكرٍ

____________________

(1) لسان العرب 8: 188 - 189 (مادّة شيع).

(2) سورة الصافّات: آية 83.

٢٤

واحدٍ، وموقفٍ موحّد.

وإذا كان هذا هو معنى (الشيعة في اللغة)، وأنّ علماء الأُمّة المنصفين، وأصحاب الفكر والمعرّفين الموضوعيّين للألفاظ والمصطلحات والمعاني قد عرّفوا الشيعة: بأنّهم أتباع أهل البيت وأحباؤهم، فلنتابع التشيّع وتطوّره في الحياة الإسلامية.

٢٥

البذرة الأُولى

لقد تجنّى كثير مِن الباحثين على نشأة التشيّع وبدْء ولادته، حتّى قاد البعض هذا التجنّي إلى اتّهام الشيعة: بأنّهم فِرقة أُسّست بأفكارِ عبد الله بن سَبأ اليهودي الأصل والمحتوى، بينما ذهب بعض الباحثين إلى أنّ التشيّع نشأ في خلافة الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).

وذهب فريق آخَر إلى أنّ التشيّع وُلِد بعد وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يوم انعقاد السقيفة، حيث اجتمع عدد بارز مِن الصحابة في بيت عليٍّ وفاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، تؤيّدهم فاطمة بنت محمّد، والعبّاس بن عبد المطّلب عمّ الرسـول (صلّى الله عليه وآله)، فكان هذا الاجتماع أوّل تشيّع ظهر حَول عليٍّ وأهل بيته.

ويذهب فريق آخَر إلى أنّ التشيّع نشأ حَول عليٍّ في عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وأنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله) هو الذي أطلق هذا الاسم على مؤيّدي عليٍّ وأتباعه.

نذكر مِن تلك الآراء ما نقله السيّد محسن الأمين عن أبي محمّد الحسن بن موسى النوبختي في كتابه الفِرق والمقالات: (الشيعة هُم فِرقة عليّ بن أبي طالب، المسمّون بشيعة عليّ في زمان النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وما بعده، معروفون بانقطاعهم إليه، والقول بإمامته) (1) .

أمّا أبو حاتم السجستاني، فيقول: (إنّ لفظ الشيعة كان على عهد رسول الله، لقَبٌ لأربعةٍ مِن الصحابة، سلمان وأبي ذرّ والمقـداد وعمّـار) (2) .

____________________

(1) السيّد محسن الأمين / الشيعة بين الحقائق والأَوهام: ص41.

(2) المصدر السابق.

٢٦

أمّا العالِم المفسّر السيوطي، فيقول في تفسير قوله تعالى: ( أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) ، يقول: (أخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله، قال: كنّا عند النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، فأقبل عليّ، فقال النبيّ: والذي نفْسي بيده إنّ هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة، قال وأخرج ابن مردويه عن عليٍّ، قال: قال لي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ألمْ تسمع قول الله: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (1) ، أنت وشيعتك، وموعدي وموعدكم الحوض، إذا جاءت الأُمم للحساب تدعون غرّاً محجّلين) (2).

ونقل ابن الأثير ما نصّه: (وفي حديث عليّ (عليه السلام): ستقدم على الله أنت وشيعتُك، راضين مرضيّين، ويقدِم عليَّ عدوَّك غِضاباً مقمحين، ثمّ جمَع يده إلى عُنقه، يريهم كيف الإقماح) (3).

ونقل الشبلنجي أنّ ابن عبّاس (رضي الله عنه) قال: (لمّا نزلت هذه الآية: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) قال النبيّ (صلّى الله عليه وآله) لعليٍّ: هو أنت وشيعتُك تأتي يوم القيامة أنت وهُم راضين مرضيّين، ويأتي أعداؤك غضاباً مقمَحين) (4).

وتحدّث ابن حجر عن نُطق النبيّ (صلّى الله عليه وآله) بهذا المصطلح، فقال: (الآية الحادية عشرة قوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) .

أخرج الحافظ جمال الدِين الزرندي عن ابن عبّاس: أنّ هذه الآية لمّا نزلت،

____________________

(1) سورة البينة: آية 7.

(2) جلال الدين السيوطي / الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور 6: 279.

(3) ابن الأثير / النهاية في غريب الحديث والأثَر 4: 106 (باب القاف مع الميم).

(4) الشبلنجي / نور الأبصار في مناقب آل بيت النبيّ المختار: ص80.

٢٧

قال (صلّى الله عليه وآله) لعليٍّ (عليه السلام): هو أنت وشيعتُك يوم القيامة، راضين مرضيّين، ويأتي عدوّك غضاباً مقمَحين) (1) .

أمّا الشهيد الصدر فيتحدّث عن نشأة التشيّع وظهور الشيعة، ككيانٍ حَول عليٍّ (عليه السلام)، فيوضّح أنّ هناك اتّجاهين نشآ في صفوف الصحابة في عهد الرسول الكريم:

الأوّل: اتّجاه يتقيّد بالنصّ في كلّ مجالٍ مِن مجالات الحياة، ولا يرى مِن حقّ أحدٍ بعد البيان النبويّ أن يجتهد مقابل النصّ، سواء في مجال العبادة أو السياسة أو شؤون الحرب... الخ.

الثاني: اتّجاه يؤمن بإمكانية الاجتهاد مقابل النصّ في بعض المجالات.

وهذان الاتّجاهان قد تجسّدا بشكل تيّارَين، عندما واجَها النصّ النبويّ على أطروحة إمامة عليٍّ (عليه السلام)، فاجتهد ذلك الفريق مقابل النصّ، والتزم الفريق الآخَر بالنصّ، وبذا وُلِد الكيان النصّي مِن حَول الإمام عليّ (عليه السلام).

ثمّ يوضّح ذلك بنصّ قوله: (وهذان الاتّجاهان اللذان بدأ الصراع بينهما في حياة النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، قد انعكسا على موقف المسلمين مِن أطروحة زعامة الإمام عليّ (عليه السلام) للدعوة بعد النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، فالممثّلون للاتّجاه التعبّدي وجدوا في النصّ النبويّ على هذه الأطروحة سبباً مُلزماً لقبولها دون توقّف أو تعديل.

وأمّا الاتّجاه الثاني، فقد رأى أنّه بإمكانه أن يتحرّر مِن الصيغة المطروحة مِن قِبَل النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، إذا أدّى اجتهاده إلى صيغةٍ أُخرى أكثر انسجاماً في تصوّره مع الظروف، وهكذا نرى أنّ الشيعة وُلدوا منذ وفاة الرسول (صلّى الله عليه وآله) مباشرةً، متمثّلين في المسلمين الذين خضعوا عمليّاً

____________________

(1) ابن حجر / الصواعق المحرقة: 161.

٢٨

لأطروحة زعامة الإمام عليّ (عليه السلام) وقيادته، التي فرَض النبيّ (صلّى الله عليه وآله) الابتداء بتنفيذها مِن حين وفاته مباشرةً.

وقد تجسّد الاتّجاه الشيعي منذ اللحظة الأُولى، في إنكار ما اتّجهت إليه السقيفة مِن تجميدٍ لأطروحة زعامة الإمام عليّ (عليه السلام)، وإسناد السلطة إلى غيره) (1).

وبذا يرى الشهيد الصدر (قدّس سرّه) أنّ المسلمين الذين تحوّلوا عن زعامة الإمام عليّ (عليه السلام)، كان تحوّلهم يعود إلى منهج التفكير وطريقة التعامل مع النصّ، وتجويز الاجتهاد مقابل هذا النصّ الذي تواتر لدى المسلمين على هذه الأطروحة.

وهكذا نصل إلى حقيقةٍ كبرى في معرفة جذور التشّيع، ونشأة المصطلح وميلاده على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وأنّ مشاهير علماء المسلمين مِن محدّثين ومفسّرين ولُغَويّين يوضّحون: أنّ الشيعة هُم أتباع أهل البيت وأولياؤهم، وأنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله) الذي لا ينطق عن الهوى، هو الذي سمّى أتباع عليٍّ بهذا الاسم.

مِن ذلك نفْهم أنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله) كان يمهّد للتعريف، وإلفات النظر إلى مستقبل الأحداث والتطوّرات في حياة أُمّته مِن بعده، كجزءٍ مِن البيان والتبليغ؛ ليحدّد للمتنازعين مِن بعده أين يجب أنْ يقفوا، ولمَن يشايعون، ومَن يتّبعون.

إنّ هذه الحقائق العلميّة تلغي كلّ تفسيرٍ وتخرّصٍ وتشويهٍ لنشأة التشيّع وهويّته الحقيقية. فالبذرة الأُولى لنشأة التشيّع إذن، نشأتْ على عهد رسول الله

____________________

(1) الشهيد الفقيه السيّد محمّد باقر الصدر / بحث حَول الولاية: ص78 - 79.

٢٩

(صلّى الله عليه وآله)، غير أنّه تطوّر يوم وفاته (صلّى الله عليه وآله) إلى تكتّلٍ سياسيٍّ، وخطٍّ فكريٍّ حَول الإمام عليّ (عليه السلام) يستلهم مِن ذلك البيان النبويّ فِكرَه وموقفَه، فسمّي هذا التكتّل بالشيعة.

٣٠

ظهور التكتّل الشيعي

بدأ اسم عليٍّ يظهر خارج السقيفة كمرشّح للخلافة، وكأحقِّ شخصٍ بها، كما ظهر في داخل السقيفة، وفي وسط المتحاورين، فبعد أن خرج المهاجرون والأنصار المجتمعون في دار رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؛ لانتشار خبر السقيفة، قام الفضل بن العبّاس، فخطَب الناس المجتمعين هناك قائلاً: (يا معشر قريش، إنّه ما حقّت لكم الخلافة بالتمويه، ونحن أهلها دونكم وصاحبنا(*) أَولى بها منكم) (1) .

وهكذا بدأ التكتّل حَول عليٍّ، والمناداة بإمامته في اليوم الأوّل مِن وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وبدأ التشيّع الفكري والسياسي يظهر ككُتلةٍ وكيانٍ، يحدّثنا اليعقوبي عن ذلك بقوله:

(وتخلّف عن بيعة أبي بكرٍ قوم مِن المهاجرين والأنصار، ومالوا مع عليّ بن أبي طالب، منهم العبّاس بن عبد المطّلب، والفضل بن العبّاس، والزبير بن العوّام بن العاصّ، وخالد بن سعيد، والمقداد بن عمرو، وسلمان الفارسي، وأبو ذرّ الغفاري، وعمّار بن ياسر، والبراء بن عازب، وأُبيّ بن كعب) (2) .

وبدأ هذا التكتّل المتشيّع لعليٍّ يواصل مساعيه السياسية واجتماعاته، ويطالب بإعادة النظر فيما جرى في السقيفة. ويحدّثنا المؤرّخون عن الاجتماع السياسي، الذي جرى في بيت فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؛ للتباحث في موضوع الخلافة والإمامة بعد الذي جرى في سقيفة بني ساعدة، فقد نقل

____________________

(*) وصاحبنا: يعني عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).

(1) تاريخ اليعقوبي 2: 124.

(2) المصدر السابق.

٣١

اليعقوبي ذلك بقوله:

(وبلَغ أبا بكر وعُمَر أنَّ جماعة مِن المهاجرين والأنصار، قد اجتمعوا مع عليِّ ابن أبي طالب في منزل فاطمة بنت رسول الله، فأتَوا في جماعةٍ، حتّى هجموا الدار..) (1).

أمّا ابن قتيبة، فقد روى خبر هذا الاجتماع السياسي بالنصّ التالي:

(وإنّ أبا بكر (رضي الله عنه) تفقّد قوماً تخلّفوا عن بيعته عند عليٍّ (كرَّم الله وجهه)، فبعث إليهم عمَر، فجاء فناداهم، وهُم في دار علـيٍّ، فأبَوا أن يخرجوا، فدعا بالحطب، وقال: والذي نفْس عمَر بيده لتخرُجُنَّ أو لأحرقَنّها على مَن فيها) (2) .

وإذن، نستطيع أن نؤرّخ لظهور التشيّع ككيانٍ سياسيٍّ وفكريٍّ متميّز منذ الساعات الأُولى، التي تلَت وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، حينما احتدم الجدَل حَول المرشّح للخلافة والإمامة، وبذا نفْهم أنّ التشيّع وُلِد في صفوف الصحابة في المدينة المنوّرة؛ وحفظاً لوحدة المسلمين وتماسكهم آثَر عليّ (عليه السلام) الانسحاب مِن المواجهة السياسية، ومال إلى العزلة أيّام الخليفتَين أبي بكرٍ وعمَر، واكتفى بإبداء النُّصح والمشورة، والمشاركة في تسديد المسيرة الإسلامية.

ولقد سجّل له التاريخ أروَع تعبيرٍ عن التضحية والإيثار، حين عَبّر عن موقفه بقوله: (والله لأسلمنّ ما سلِمت أمور المسلمين) (3) .

غير أنَّ الاتّجاه والرؤى والجماعة المُشايعة لعليٍّ بدأت بالظهور، كقوّةٍ سياسيةٍ وفكريةٍ، وكحزبٍ له وجْهات نظرٍ في سياسة الدولة وجهازها الحاكم، عندما تسلّم عثمان الخلافة، وتسلّط الحزب الأمويّ على السلطة، فاستأثر بخيرات الأُمّة

____________________

(1) المصدر السابق: ص126.

(2) ابن قتيبة الدينوري / الإمامة والسياسة 1: 19.

(3) نهج البلاغة / الخطبة 74.

٣٢

وكوّن طبَقةً متميّزةً، وبدأ النقْد مِن الصحابة في المدينة المنوّرة، وبقية المسلمين في الأقطار الإسلامية كمصر والعراق، فانضمّ إلى موقف النقْد والمعارضة لسياسة عثمان: كتلةُ عائشة زوج الرسول، وطلحة والزبير، فكانوا أشدّ الناس نقْداً لسياسة عثمان وتحريضاً عليه، وقد ذكَر اليعقوبي ذلك بقوله: (وكان أكثر مَن يؤلِّب عليه طلحة والزبير وعائشة) (1).

وروي أيضاً: (فإنَّ عثمان يوماً ليخطب، إذ دلّت عائشة قميص رسول الله، ونادت يا معشر المسلمين: هذا جلباب رسول الله لمْ يَبْلَ، وقد أبلى عثمان سنّته) (2) .

وكانت تقول لمروان، عندما طلب منها أن تتدخّل لإصلاح الأمْر بين عثمان وحركة المعارضة الواسعة، التي اشترك فيها أهل المدينة ومصر والعراق يقودهم طلائع الصّحابة، وفيهم الأنصار والمهاجرون، ردّت عليه قائلة: (لعلّك ترى أنّي في شكٍّ مِن صاحبك، أما والله لوَددتُ أنّه مقطّعٌ في غرارة مِن غرائري، وأنّي أُطيق حمْله، فأطرحه في البحر) (3) .

وهكذا كان الجوّ السياسي مكْفَهرّاً، والصراع محتدماً بين عثمان والحزب الأمويّ مِن جهةٍ، وبقيّة المسلمين مِن جهةٍ أُخرى، وكان طوال فترة حُكم عثمان التي ظهر فيها التراجع عن التطبيق الإسلامي، وعبَث الحزب الأمويّ بشؤون المسلمين، كان أبو ذرّ الغفاري وعمّار بن ياسر وعمرو بن الحمق الخزاعي والمقداد ابن عمرو ومحمّد بن أبي بكر ومالك الأشتر، وهُم مِن أركان المتشيّعين للإمام عليّ، كانوا مِن قادة المعارضة السياسية لعثمان والتسلّط الأمويّ على شؤون الأُمّة، فنفى

____________________

(1) تاريخ اليعقوبي 2: 175.

(2) المصدر السابق.

(3) المصدر السابق: 176.

٣٣

عثمان أبا ذرّ الغفاري إلى الربذة، ومات هناك وحيداً إلى جوار ابنته.

ومع اشتداد المعارضة ازداد تجمّع الصحابة وتشيُّعهم لعليٍّ (عليه السلام)، وقد وَصف اليعقوبي تلك الظاهرة بقوله: (ومالَ قوم مع عليِّ بن أبي طالب، وتحاملوا في القول على عثمان) (1) .

وصوّر ابن الأثير اجتماع المعارضة، ولجوءها إلى عليٍّ بقوله:

(فاجتمع الناس فكلّموا عليَّ بن أبي طالب، فدخَل على عثمان، فقال له: الناس ورائي، وقد كلّموني فيك) (2) .

غير أنّ الإمام عليّاً لمْ يشارك في عملية الصراع هذه، وحاول أن ينصح عثمان، ويدفع محنة الصراع الدموي، والتمزّق عن وحدة الأمّة.

إنّ دراسة وتحليل بُنية المرتكزات الأساسيّة للتشيّع والمتشيّعين لعليٍّ (عليه السلام) في تلك المرحلة، توصلنا إلى أنّ هذه المرتكزات تتلخّص في:

1 - الإيمان بأحقّية عليّ بالخلافة والإمامة، ووجوب البيعة له.

2 - الدعوة إلى العمل بكتاب الله وسنّة رسول الله، ويمثّل هذان المبدآن المرتكز الأساس للمعتقد الشيعي على امتداد التاريخ، وهما خلاصة التشيّع وجوهره.

وقد ظهر ذلك واضحاً جليّاً في تصريحات وجوه الصحابة، الذين أجمعوا على البيعة لعليٍّ بعد مقتل عثمان، وفي تصريحات عليٍّ وولَديه الحسن والحسين مِن بعده ومَن شايعهم مِن الصحابة والتابعين.

____________________

(1) المصدر السابق: ص163.

(2) ابن الأثير / الكامل في التاريخ 2: 275.

٣٤

مصطلح التشيُّع في لُغة السياسة

وبعد مقتل عثمان، واندفاع الأُمّة بالبيعة لعليٍّ، وإجماع الصحابة والأقطار الإسلامية على ذلك، عدا معاوية الذي انفرد بالشام وشقَّ عصا الطاعة على إمام المسلمين، الذي تمَّت له البيعة والخلافة. بعد ذلك تميّزَت (شيعتان)، هما: شيعة (أتباع) بني أميّة، وشيعة آل البيت، وكثُر استعمال كلمة (شيعة) لكِلا الفريقين، نذكر فيما يلي بعضاً مِن هذه الاستعمالات التاريخية:

وقع حوار بين معاوية بن أبي سفيان، وبين الإمام السبط الشهيد الحسين بن عليّ بن أبي طالب [ عليه السلام ]، وكان كلٌّ منهما يستعمل كلمة (شيعة):

(وقال معاوية للحسين بن عليّ: يا أبا عبد الله، أعلمتَ أنّا قتلنا شيعة أبيك، فحنّطناهم، وكفّنّاهم وصلّينا عليهم، ودفنّاهم؟

فقال الحسين (عليه السلام): حِجرك وربِّ الكعبة، لكنّا والله إنْ قتلنا شيعتك ما كفّنّاهم، ولا حنّطناهم، ولا صلّينا عليهـم، ولا دفنّاهم) (1) .

ومِن هذه الاستعمالات:

(وروي أنّه - أي زياد بن أبيه - كان أحضر قوماً، بَلَغَهُ أنّهم شيعة لعليٍّ؛ ليدعوهم إلى لعْن عليٍّ والبراءة منه، أو يضرب أعناقهم، وكانوا سبعين رجُلاً) (2) .

ومِن الاستعمالات التاريخية لهذا المصطلح، ما ورَد في كتاب أهل العراق سنة (50 هـ) إلى الإمام الحسين بن عليّ (عليه السلام)، قال اليعقوبي:

____________________

(1) المصدر السابق: ص231.

(2) المصدر السابق: ص235.

٣٥

(ولمّا توفّيَ الحسن بن عليّ وبلَغ الشيعة ذلك، اجتمعوا بالكوفة في دار سليمان بن صُرَد، وفيهم بنو جعدة بن هبيرة، فكتبوا إلى الحسين بن عليّ يعزّونه على مصابه بالحسن: بسم الله الرحمن الرحيم: للحسين بن عليّ، مِن شيعته وشيعة أبيه أمير المؤمنين، سلام عليك، فإنّا نحمَد إليك الله الذي لا إله إلاّ هو، أمّا بعد:

فقد بلَغَنا وفاة الحسن بن عليّ، يوم وُلد ويوم يموت ويوم يُبعث حيّاً، غفر الله ذنبه، وتقبّل حسناته، وألحقه بنبيِّه، وضاعف لك الأجْر في المُصاب به، وجبَر بك المصيبة مِن بعده، فعند الله نحتسبه، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون، ما أعظم ما أصيب به هذه الأُمّة عامّة، وأنت وهذه الشيعة خاصّة...) (1) .

وعندما تولّى يزيد بن معاوية الخلافة بالقوّة والوراثة خلافاً لمبدأ الحُكم في الشريعة، ورفض الإمام الحسين بن عليّ (عليه السلام) والشخصيّات الإسلامية البارزة آنذاك، بيعة يزيد؛ لعدم أهليته للخلافة، وانحرافه عن الخطّ الإسلامي القويم، اجتمع زعماء أتباع أهل البيت في العراق، فكتبوا للإمام الحسين (عليه السلام):

(بسم الله الرحمن الرحيم: للحسين بن عليٍّ، مِن شيعته المؤمنين والمسلمين، أمّا بعد فحيّ هلا، فإنّ الناس ينتظرونك، لا إمام لهم غيرك، فالعجَل ثمّ العجَل والسّلام) (2) .

وتحدّث ابن الأثير عن تلك الأحداث، فقال:

(ولمّا بلَغَ أهل الكوفة موت معاوية، وامتناع الحسين وابن عُمَر وابن الزبير عن البيعة، أرجفوا بيزيد، واجتمعت الشيعة في منزل سليمان بن صرد الخزاعي، فذكروا مسير الحسين إلى مكّة، وكتبوا إليه عن نفرٍ، منهم: سليمان بن صُرَد الخزاعي،

____________________

(1) تاريخ اليعقوبي 2: 228.

(2) المصدر السابق: ص 242.

٣٦

والمسيّب بن نَجَبة، ورفاعة بن شدّاد، وحبيب بن مظاهر، وغيرهم) (1) .

وفي كتاب عبد الله بن مسلم الذي كتَبه إلى يزيد بن معاوية، وهو مِن أنصار بني أُميّة، نقرأ في هذا الكتاب استعمال مصطلح (شيعة)، وهو يُطلقه على ذلك الكيان والتكتّل الذي بايع الحسين.. جاء في الكتاب:

(وأمّا بعد فإنّ مسلم بن عقيل قد قدِم الكوفة، وبايعته الشيعة للحسين بن عليّ بن أبي طالب، فإن يكُ لك في الكوفة حاجة، فابعث إليها رجُلاً قويّاً...) (2) .

وهذا معاوية بن أبي سفيان يستعمل كلمة (شيعة)، ويصف أتباع عثمان بأنّهم شيعته، عندما أوصى المغيرة بن شعبة يوم ولاّه الكوفة سنة (41هـ)، جاء في تلك الوصيّة:

(... ولست تاركاً إيصاءك بخصلةٍ: لا تتحامَ عن شتْم عليٍّ وذمّه، والتّرحّم على عثمان والاستغفار له، والعيب على أصحاب عليّ، والإقصاء لهم، وترْك الاستماع منهم، وبإطراء شيعة عثمان (رضوان الله عليه) والإدناء لهم، والاستماع منهم) (3) .

وهذا يزيد بن معاوية عندما كتب إلى عبيد الله بن زياد، وعيّنه والياً على الكوفة، نجده يستعمل كلمة (شيعة) معبّراً بها عن أتباعه وشيعته (شيعة بني أُمية)، ممّا يؤيّد استعمال هذا المصطلح في تلك الفترة، بمعنى التكتّل السياسي والأنصار العقائديّين، جاء في هذا الكتاب:

(أمّا بعد، فإنّه كتَب إليّ شيعتي مِن أهل الكوفة، يخبرونني أنّ ابن عقيل فيها يجمع الجموع...).

____________________

(1) ابن الأثير / الكامل في التاريخ 2: 533.

(2) الشيخ المفيد / الإرشاد: ص 205.

(3) تاريخ الطبري 4: 188 / حوادث سنة 51 هـ.

٣٧

وجاء في نصّ اليعقوبي: (وخلّف أهل الشام عبد الملك، فأقبل مسرعاً إلى دمشق؛ خوفاً مِن وثوب عمرو بن سعيد، واجتمع الناس عليه، فقال لهم: إنّي أخاف أن يكون في أنفسكم منّي شيء، فقام جماعة مِن شيعة مروان، فقالوا: والله لتقومَنَّ إلى المنبر، أو لنضربَنَّ عُنقك، فصعد المنبر وبايعوه) (1) .

وهكذا يتّضح لنا أنّ معنى التشيّع: هو متابعة أهل البيت (عليّ وبَنِيه)، وأنّ بذرته الأُولى قد وُلدَت على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، ثمّ ظهر في المدينة المنوّرة في صفوف الصحابة الأوائل، حَول عليّ وفاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كتكتّل يدعو إلى أحقّية عليّ بالخلافة، بعد أن كان حبّاً ووَلاءً لشخصه في عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

ثمّ امتدّ مذهباً عقيدياً وفقهيّاً وسياسيّاً؛ نتيجةً لِما يحمِل مِن فهْمٍ ووعْيٍ متميّزٍ للإسلام، استمدّه مِن فهْم ووعي الإمام عليّ وبَنِيـه (عليهم السلام)، فتبلوَر هذا المنهج العقيدي والفقهي، على يد الإمامين محمّد الباقر وولده جعفر الصادق (عليهما السلام)، المعاصرَين لأبي حنيفة ومالك بن أنس وغيرهما مِن أصحاب المذاهب الفقهية.

وينبغي أنْ نشير هنا إلى أنّ المذهب: هو عبارة عن طريقةٍ ومنهجٍ لفَهْم الإسلام، والكشف عن محتواه في المجالات العقيدية والتشريعية والسياسية.

وعندما تبلور هذا الكيان الشيعي، واتّسع عند اشتداد الصراع بين عليٍّ (عليه السلام) ومعاوية، انضمّ إلى صفوف عليٍّ البدريون والمهاجرون والأنصار، وأصحاب بيعة الرضوان، وقاتلوا معه معاوية بن أبي سفيان في معركة صِفّين... ذكَر اليعقوبي ذلك بقوله: (وكان مع عليٍّ يوم صِفّين مِن أهل بدْر سبعون رجُلاً، وممّن بايع تحت الشجرة سبعمئة رجُل، ومِن سائر المهاجرين والأنصار أربعمئة رجُل، ولمْ يكن مع

____________________

(1) تاريخ اليعقوبي 2: 258.

٣٨

معاوية مِن الأنصار إلاّ النعمان بن بشير ومسلمة بن مخلّد...) (1) .

وقد انقسم الصفّ الإسلامي آنذاك إلى أربعة أحزاب سياسية هي:

1 - الحزب الأُمَويّ، ويقوده معاوية بن أبي سفيان.

2 - حزب عائشة وطلحة والزبير بن العوّام.

3 - حزب الخوارج الذين انفصلوا عن جيش الإمام عليٍّ؛ ولذا عدّهم أصحاب الفِرق مِن الشيعة.

4 - حزب عليّ بن أبي طالب، الذي كان يمثّل الخلافة الشرعية ويقود الأُمّة.

وبعد استشهاد عليٍّ (عليه السلام) استمرّ التشيّع كحزبٍ سياسيٍّ، وخطٍّ فكريٍّ حَول الحسن بن عليّ (عليه السلام)، فبايعه المسلمون، وتجمّعوا حَوله، غير أنّ الظروف السياسية اضطرّت الإمام الحسن إلى مصالحة معاوية، والتنازل عن الخلافة له (2) ، وفْق شروطٍ ومبادئ اتّفق عليها الطرفان، فنكث معاوية عهده هذا، ونصّب ابنه يزيد خليفةً للمسلمين، خلافاً للعهد الذي أبرمه مع الإمام الحسن (عليه السلام)، وخلافاً لمبدأ الحُكم الذي نصَّت عليه الشريعة الإسلامية.

ونقرأ في كتاب الصُلح بين الحسن بن عليّ ومعاوية بن أبي سفيان شرطاً، اشترطه الحسن لحماية شيعة آل البيت، ودفْع التسلّط الأمويّ عنهم، ويكشف هذا الكتاب امتداد كتلة التشيّع، كقوّة سياسية وفكرية يحرص أهل البيت على حمايتها، والحفاظ عليها؛ لأنّها كانت قوّة المعارضة المستهدَفة مِن قِبَل الحزب الأمويّ.

غير أنّ معاوية لمْ يفِ بذلك، وعانت شيعة أهل البيت أشدّ المعاناة مِن الإهانة والقتْل والتعذيب والملاحقة والحرمان، ما ضجَّ به التاريخ... فقد قتَل معاوية عدداً

____________________

(1) المصدر السابق 2: 188.

(2) جلال الدِين السيوطي / تاريخ الخلفاء، اشترط الإمام الحسن على معاوية (على أن تكون له الخلافة مِن بعده... فأجابه معاوية إلى ما طلب): ص179.

٣٩

مِن طلائع شيعة عليّ (عليه السلام) الذين كانوا مِن أفضل الصحابة والتابعين، نذكر منهم حجْر بن عدي وستة معه مِن أصحابه، وعمرو بن الحمق الخزاعي، وعبد الله بن يحيى الحضرمي، ورشيد الهجري، وجويرية بن مهر العبدي، وأوفر بن حصين، وكثير غيرهم.

وعندما بدأ الحزب الأمويّ يُسلِّط الإرهاب على شيعة آل البيت في عهد الحسن والحسين، كان الاحتجاج يصدر مِن السبطين، ولكن دون جدوى... فلمّا استشهد الحسن بن عليّ (عليهما السلام) مسموماً على يد معاوية بن أبي سفيان، تجمّع الشيعة حَول الإمام الحسين، وطالبوه بالثورة على معاوية، إلاّ أنّه رفض ذلك، وطلب منهم الالتزام بعهد الصُلح، حتّى موت معاوية، غير أنّ معاوية خالف ميثاق الصلح، وعقد البيعة لابنه يزيد، وحوّل الحُكم الإسلامي إلى حُكمٍ ملَكيٍّ وراثي في الحزب الأمويّ، فرفض الحسين ووجوه الصحابة والتابعون بيعة يزيد.

وبدأت المواجهة المسلّحة، وأعلن الحسين بن عليّ (عليهما السلام) الثورة على حكومة يزيد بعد موت معاوية، وقاد الكفاح كإمامٍ للمسلمين ومسؤولٍ عن حفظ الأُمّة والرسالة.

ونشاهد مصطلح الشيعة يتكرّر في هذه الحقبة، ويبرز التشيّع كتكتّلٍ سياسيٍّ وخطٍّ فكريٍّ معارض مِن حَول الإمام الحسين بن عليّ، كما كان يتحرّك مِن حَول أبيه عليٍّ وأخيه الحسن (عليهم السلام)، ويجسّد هذا الوجود السياسي الكتاب الذي وجّهه أهل العراق إلى الإمام الحسين بن عليّ، فقد جاء فيه:

(بسم الله الرحمن الرحيم: للحسين بن عليٍّ أمير المؤمنين، مِن شيعته وشيعة أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام): فإنّ الناس ينتظرونك، لا رأي لهم غيرك، فالعجَل يا ابن رسول الله، فقد اخضرّ الجَنَاب، وأينعت الثمار، وأعشبت الأرض، وأورقت الأشجار، فاقدِم علينا إذا شئت، فإنّما تقدِم على جُندٍ مجنَّدة لك، والسّلام

٤٠