٢ - إنّ العقل ينتزع مِن تلك المعارف الحسّية الجزئيّة معارف كليّة عامّة.
٣ - إنّ الحصول على المعارف الكلّية مِن تلك الجزئيات، هي عملية استقرائية، وهي المعبّر عنها بمنهج الاستقراء، الذي عُرّف بأنّه:
(عبارة عن دراسة جزئيّاتٍ عديدةٍ يستنبط منها حُكم عامّ).
٤ - تتوفّر لدى الإنسان عن طريق إدراك المحسوسات الجزئية، المعلومات الضروريّة الكلّية.
٥ - إنّ العلوم الضروريّة تُسلَك كأُسُس؛ لتحصيل المعارف والعلوم الكسْبية والبناء عليها، وبذا تكون العلوم والمعارف التي يحصل عليها الإنسان، وبمختلف فروعها المادّية والعقلية والإنسانية، إنّما هي فرع على العلوم الضرورية الكلّية.
٦ - ينتج مِن هذا التسلسل المنطقي في بُنية نظرية المعرفة في المدرسة الإمامية، أنّ الإيمان بالله وما يرتبط به مِن معارف وعلوم إلهيّة، إنّما يبتني التصديق بها والبرهنة عليها على أوّليات منتزعة مِن المعارف الحسّية، فمبدأ العلّية والسببيّة الذي يوصل إلى الإيمان بالله، إنّما أُنتزع مِن جزئيات حسّية في بدْء تكوّنه في ذهن الإنسان، فالإنسان يشاهد في عالَم الحسّ والطبيعة، أنّ الأشياء مرتبطة بعللِها وأسبابها، فأوصله هذا المبدأ إلى الإيمان بعلّة الوجود وخالق الكون، اعتماداً على مبدأ القياس.
وصوّر أبو إسحاق إبراهيم النوبختي - صاحب كتاب (الياقوت) الكلامي - صوّر العلاقة بين التفكير وإنتاج العلم، كالعلاقة بين السبب والنتيجة، منطلقاً مِن مبدأ الإيمان بقانون العلّية، الذي آمنت به الإمامية، وأنكرته الأشاعرة، قال: (والنظر يولّد العِلم، كسائر الأسباب المولّدة لمسبباتها).
وعلّق الشارح - العلاّمة الحِلّي - على ما أَورده النوبختي، قائلاً: (أقول: