أعاجيب الأكاذيب في رد النصارى

أعاجيب الأكاذيب في رد النصارى0%

أعاجيب الأكاذيب في رد النصارى مؤلف:
تصنيف: أديان وفرق
الصفحات: 83

أعاجيب الأكاذيب في رد النصارى

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله الشيخ محمد جواد البلاغي
تصنيف: الصفحات: 83
المشاهدات: 38738
تحميل: 6931

توضيحات:

أعاجيب الأكاذيب في رد النصارى
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 83 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 38738 / تحميل: 6931
الحجم الحجم الحجم
أعاجيب الأكاذيب في رد النصارى

أعاجيب الأكاذيب في رد النصارى

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

(ردّ مزعمة أن القرآن ودين الإسلام أُمور صبيانية وخرافات)

ويقول كتاب (ثمرة الأمانيّ) أيضاً في الصحيفة الثالثة معرضاً بالقرآن ودين الإسلام، زاعماً أنها:

(أمور صبيانية، وخرافات وضلالات منسدلة على أصل التوحيد، وملتفّة عليه منذ اثني عشر قرناً) انتهى.

ويا للعجب! أيها القارئ، هلّم واحضر العهد القديم والجديد والقرآن، لنقرؤها ونجعل الحكم للوجدان الحرّ، والتوحيد الحقيقي المعقول، والأخلاق الفاضلة، والمدنية، والتعاليم الكريمة ثمّ ننظر هل في القرآن خرافات صبيانية وضلالات؟!

نعم، فيه قوله تعالى في سورة النساء، الآية ١٧١:( وَلاَ تَقُولُوا ثَلاَثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنّمَا اللّهُ إِلهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ) وفي هذه الآية أنوار من الحقيقة ساطعة يعشو عنها التثليث البرهميّ والبوذي، وما هناك من أوهام الأقانيم وتجسد الإله وتعدد الآلهة والأرباب، ودع كتاب (ثمرة الأماني) يكذب على دين الإسلام ويفتري!

٢١

(كشف التلاعب والتحريف في التوراة العبرانية وزيادة لفظتي (أتى) و(أياماً) فيها)

وهذا هاشم العربي، في الصحيفة الحادية عشر من الطبعة الأولى، في تذييله المستقلّ لتعريبه لمقالة (سايل) في الإسلام... وهذا الغريب بن العجيب، في الصحيفة السابعة والتسعين من كتاب رحلته الحجازية; كلاهما قالا فيما أشرنا إليه من كتابيهما ما نصّه ولفظه:

(وأيضاً ورد في التكوين أن إسماعيل لمّا مات أبوه أتى فدفنه).

فهذان الداعيان إلى الديانة النصرانية قد زادا على التوراة لفظ (أتى) لكي يتشبثّا بهذه الزيادة الكاذبة لترويج غرض لهما فاسد، مع أن هذه الزيادة لا تساعدهما على غرضها!

وهل يخفى أن لفظ (أتى) لا يوجد في هذا المقام، ولا هو ولا ما في معناه، لا في التوراة العبرانية ولا في تراجمها!

وهذا نصّ الموجود في الأصل العبراني، في العدد الثامن والتاسع مع الإصحاح الخامس والعشرين من سفر التكوين، المسمى في العبرانية: ( برئشيت ): ( ويمت إبراهام بشيبه طوب

٢٢

زقن وشبع وياسف آل عميو وبقبر واتّو يصحق ويشمعئل بنيوال معرت همكفلة) انتهى.

وترجمته الحرفية: (ومات إبراهيم بشيبة صالحة وشبعان وانضم إلى قومه وقبره إسحاق وإسماعيل ابناه في مغارة المكفلة).

ولعل القارئ يقول: إن كل الذي رأيناه من تراجم التوراة تقول في هذا المقام: ( شيخاً وشبعان أيّاماً ) مع أنه لا يوجد في الأصل العبراني ولا حواشيه لفظ (أيّاماً) فلماذا لا تجعل زيادة لفظ (أياماً) من الكذب العام على التوراة؟

فنقول: إنه يمكن أن تكون التراجم زادت لفظ (أيّاماً) من أجل سوء الفهم للتوراة، وقصداً لإصلاح خللها، ولم يفطن المترجمون إلى أن المعنى أن إبراهيم مات شيخاً وشبعان، أي مثرياً ليس بفقير..

ولعل القارئ يقول أيضاً: كيف يتصرّفون بتوراتهم بالإصلاح؟! فهل يقولون: إنها نزلت على موسى ناقصة معيبة وهم يصلحونها؟!!

فنقول: قد وقع منهم مثل هذا في كتب وحيهم كثيراً، وزادوا في التراجم على خصوص أسفار التوراة الخمسة مقدار ستين كلمة، وطبعت هذه الزيادات في بعض الطبعات بحرف صغير إشارة إلى زيادتها على الأصل...

٢٣

ولعل القارئ يسأل ويقول: ما حال هذه الزيادات؟

فنقول: إنّ بعضها إصلاح لغلط التوراة العبرانية، وبعضها من الخطأ في فهم المعنى!

٢٤

(الردّ على قول النصارى أنّ الله لما يبارك ويقدّس اليوم السابع)

وهذه الجمعية التبشيرية، جمعية كتاب ( الهداية ) الذي طبع على أجزائه أنه طبع بمعرفة المرسلين الأمريكان، قد قالت في الجزء الرابع من ( الهداية ) في صحيفة ١٧٤، في السطر الرابع ما لفظه ونصّه هكذا:

(إنّ الله لم يقل في التوراة: وبارك الله اليوم السابع وقدّسه).

ويا للعجب من هذا اللفيف من المبشرين والمرسلين الأمريكان كيف يقولون هكذا؟! وكيف يقتحمون هذا الاقتحام؟! وها هي توراتهم تصيح في سفر التكوين، في الأصحاح الثاني في العدد الثالث، وتقول ما نصّه: (وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل، فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل، وبارك الله اليوم السابع وقدّسه)!

ولعلّ القارئ يقول: هذا اللفيف من الجمعية والمرسلين الأمريكان كيف أنكروا وجود هذا الكلام في التوراة؟! وكيف كتبوا إنكارهم هذا وطبعوه ونشروه بالحماسة والافتخار؟!

فأقول: لعلهم يظنّون أنه ليس في المسلمين من ينظر إلى توراتهم فيفطن إلى هذا الاختلاس!

٢٥

(ردّ أُكذوبة مراعاة القرآن الكريم للسجع دون الحقائق)

وقالت أيضاً جمعية كتاب (الهداية) المطبوع بمعرفة المرسلين الأمريكان، في الجزء الثاني من كتاب (الهداية) في الصحيفة الثانية والأربعين من الطبعة الثانية ما هذا لفظه:

( ثمّ إنّ مراعاة القرآن للسجع مقدّمة عنده على الحقائق، فقال: (قابيل) لأنه على وزن هابيل )!!!

ويا للعجب من عدم المبالاة! أين يوجد في القرآن لفظ (قابيل) ولفظ (هابيل)؟!

أليس الأطفال يعلمون أنه لا وجود لهذين اللفظين في القرآن الكريم؟!

لماذا يكون في المبشرين مثل هذا التقحم في الافتراء؟! أين شرف الإنسانية؟! أين مجد الروحانية؟! أين أدب الكتابة؟! ما هو ذنب الصدق والأمانة؟؟!

لماذا يكون مثل هذا من لفيف من الروحانين المبشرين؟! هل لمثل هذا المجد وهذه الأمانة بذلت لهم الأموال الطائلة؟!

أما إنّ الناس يوبّخون الأوباش إذا كذبوا في أُمورهم

٢٦

الشخصية الدنيوية، فكيف تصدر هذه الأكاذيب الافترائية من المبشر الديني في الأُمور الدينية؟! فيا للأسف!

٢٧

(الكشف عن أن الحواريّين نسخواأحكام التوراة العملية)

لا يخفى أن التوراة الرائجة - التي أتفق النصارى واليهود على أنها كتاب وحي الله وكلامه لرسوله موسى عليه السلام - قد جاء فيها أحكام كثيرة، وواجبات كثيرة، ومحرّمات كثيرة، مثل أحكام الكهنة والعشور والسبت والأعياد والذبائح، وأحكام النجاسة في الحيض والنفاس ومسّ الميت، ونجاسة المشركين وحرمة الأكل من ذبائحهم، وتنجيس كثير من الحيوانات والطيور وتحريم أكلها، وتحريم أكل الدم والمخنوق وما ذبح للأوثان، وغير ذلك.

فانظر إلى بعض ذلك في الإصحاح ٢٠ و ٢٢ و ٢٣ من سفر الخروج، و١١ و ١٢ من سفر اللاويّين، و ١٤ ١٥ من سفر التثنية.

كما لا يخفى من الأناجيل أن المسيح كان عاملاً بهذه الأحكام، ويأمر بالعمل بها وعدم نقضها، كما في الإصحاح الخامس من إنجيل متّى، في العدد السابع عشر إلى العشرين; ويوصي بحفظها، كما في الإصحاح الثالث والعشرين من إنجيل متّى، من العدد الأوّل إلى الثالث.

هذا، وقد جاء في العهد الجديد عن بطرس والتلاميذ وبولس إبطال شرائع التوراة، في تحريم الأكل لكثير من الحيوانات،

٢٨

كما في الإصحاح العاشر من كتاب أعمال الرسل، من العدد الحادي عشر إلى السادس عشر; وفي الإصحاح الحادي عشر، من العدد الخامس إلى الحادي عشر!!

كما جاء عنهم أنهم لمجرّد الاستحسان وجلب الناس للانقياد إلى التنصّر، رفعوا أحكام التوراة، وتحريم ما هو محرم فيها إلاّ تحريم أربعة أشياء، تحريم الزنا، وأكل الدم، والمخنوق، وما ذبح للأوثان، كما في الإصحاح الخامس عشر من كتاب الأعمال، في العدد التاسع عشر إلى الثلاثين!

ثمّ جاء في الرسائل المنسوبة إلى بولس إباحة أكل الدم والمخنوق وما ذبح للأوثان، وجرى على ذلك عمل النصارى إلى الآن.

ومن جملة ما جاء، هو ما في الإصحاح الرابع من رسالة تيموثاوس الأولى، في العدد الرابع، وهو هكذا: ( لأنّ كلّ خليقة الله جيّدة، ولا يرفض شيء إذا أخذ مع الشكر ).

وفي الإصحاح الأوّل من رسال تيطس، في العدد الرابع عشر والخامس عشر: ( لا يصغون إلى خرافات يهودية ووصايا أُناس مرتدين على الحق، كل شيء طاهر للطاهرين ).

وفي الإصحاح الثاني من رسالة كولوسي، من العدد العشرين إلى الثالث والعشرين: ( تفرض عليكم فرائض: لا

٢٩

تمسّ، ولا تذق، ولا تجسّ؛ التي هي جميعها للفناء ).

وفي الإصحاح الثاني أيضاً، في العدد السادس عشر: ( فلا يحكم عليكم أحد في أكل ولا شرب، أو من جهة عيد أو سبت أو هلال ).

وفي الإصحاح العاشر من رسالة كورنتوش الأولى، في العدد التاسع والعشرين والعدد الثلاثين، في إباحته لأكل ما يذبح للأوثان، يقول: ( لماذا يحكم في حرّيتي من ضمير آخر، أنا أتناول بشكر فلماذا يفترى عليّ لأجل ما أشكر عليه ).

أيها القارئ، ولأجل ما ذكرنا لك من التوراة وكتب العهد الجديد قال صاحب (إظهار الحق)(١) في مبحث النسخ جدلا للنصارى: (إن الحواريين نسخوا أحكام التوراة العملية غير الأربعة، وإن بولس نسخ حرمة الثلاثة منها: يعني: حرمة أكل الدم، والمخنوق، وما ذبح للأوثان.

وإن شئت أن تعجب فاعجب، فإن جمعية كتاب (الهداية) والمرسّلين الأمريكان - الذين طبع الكتاب بمعرفتهم - هذا

____________________

١- لرحمة الله بن خليل الرحمن الهندي، والكتاب عبارة عن مناظرة في مسألتي النسخ والتحريف جرت بين المؤلف وبين قسيس، طبع في إسلامبول سنتي ١٢٨٤ و١٣٠٥هـ، وفي مصر سنتي ١٣٠٩ و ١٣١٧ هـ.

انظر: معجم المطبوعات العربية والمعرّبة - ليوسف إليان سركيس - ١/٩٢٩، وفهرست مشار: ٦٨. (م).

٣٠

اللفيف المقدس! قد أنكر ما ذكرناه عن العهدين وما ذكره (إظهار الحق) فطبعوا في الجزء الرابع من كتاب (الهداية) في الصحيفة المائة وثلاث وتسعين، في السطر الحادي والعشرين بعد أن ذكروا كلام (إظهار الحق) وقالوا بلا مبالاة: ( قلنا: هذا إفك مبين، فأتوا ببرهانكم إن كنتم من الصادقين )!

فماذا تقول لهؤلاء إذا أنكروا ما يقرؤه كل قارئ من كتب وحيهم؟!

فهل بقي نوع من الكذب يخجل الإنسان منه؟! وهل بقي نوع من المكابرات وإنكار الحق المحسوس ما يصدّ عنه شرف الإنسانية؟! وأمّا الورع والدين فيقرئانك السلام!!

٣١

(الكشف عن أن النصارى يضعّفون ويعيبون الشريعة الموسوية)

وجاء في الرسائل المنسوبة إلى بولس في توهين التوراة وأحكامها، في الإصحاح السابع من الرسالة إلى العبرانييّن، في العدد الثامن عشر ( والتاسع عشر ):

( فإنه يصير إبطال الوصية السابقة(١) من أجل ضعفها وعدم نفعها، إذ الناموس(٢) لم يكمّل شيئاً ).

وفي الإصحاح الثامن، في العدد السابع: (فإنّه لو كان ذلك الأوّل بلا عيب لما طلب موضع لثان ).

وفي الإصحاح الرابع من الرسالة إلى أهل غلاطية، في العدد التاسع والعاشر والحادي عشر، في صرف أنظار الغلاطيّين عن أحكام التوراة: ( فكيف ترجعون أيضاً إلى الأركان الضعيفة الفقيرة التي تريدون أن تستعبدوا لها من جديد؟! أتحفظون أيّاماً وشهوراً وأوقاتاً وسنين؟! أخاف عليكم أن أكون قد تعبت فيكم عبثاً! ).

____________________

١- يعني التوراة.

٢- وهو التوراة.

٣٢

أيها القارئ، وقد قرأت ما ذكرناه لك في العدد السابق ما هو في الإصحاح الأوّل من رسالة تيطس(١) ، وفي الإصحاح الثاني من رسالة كولوسي(٢) .

ولكن، قالت جمعية كتاب (الهداية) المطبوع بمعرفة المرسّلين الأمريكان، في الجزء الأوّل من الطبعة الثانية، في صحيفة ٢٧٣، ما لفظه ونصّه هكذا: ( قلنا: إنّ الرسول بولس لم يقل: إن الشريعة الموسوية ضعيفة معيبة غير نافعة ).

ولا يخفى عليك أن هؤلاء، وكل النصارى، يقولون: إن الرسائل المنسوبة إلى بولس في العهد الجديد كلّها من قول بولس، فقل: إذن فمن ذا هو الذي قال الأقوال التي ذكرناها من رسائل بولس؟! ولماذا يكون من هذا اللفيف التبشيري مثل هذا الجحود الكاذب، بمثل هذا الكذب الذي لا يخفى على كل من يقرأ في الكتب؟!!

____________________

١ و ٢- راجع صفحة ٧٧. (م).

٣٣

(الردّ على افترائهم على الرسول الأكرم محمد(صلى الله عليه وآله)بزواجه من امرأة ابنه المزعوم)

وأيضاً، إن جمعية كتاب ( الهداية ) المطبوع بمعرفة المرسّلين الأمريكان، قد كثر افتراؤهم على رسول الله صلى الله عليه وآله، وأفحشوا في الجرأة!!

ولنذكر بعض افترائهم المتكرّر، ونشير إلى جرأتهم الفاحشة، بالإشارة إلى محلها، لئلاّ تتدنّس الأوراق بذلك البذاء القبيح!!

فقالوا في الجزء الرابع، صحيفة ١٦٩:

( وماذا نقول فيمن ادّعى أن الله أجاز له أن يتخذ امرأة ابنه زوجة، وجعل ذلك قانوناً، ويا حبّذا لو نسخ هذا القانون، لأنه يسوغ الاقتران بزوجة الابن ).

وقال أيضاً في الجزء الثالث، صحيفة ٤٨ في قصّة تزوّجه صلى الله عليه وآله بزينب بنت جحش، ما هذا لفظه: ( وحاشا لله أن يسوغ للناس نكاح نساء أولادهم ).

وقالوا في الجزء الأوّل، صحيفة ٦٦، في العنوان، ما هذا لفظه: ( تزوّجه امرأة ابنه )...

٣٤

وقالوا أيضاً في الصحيفة المذكورة: ( نعم، إنّ داود وقع في خطيئة الزنا، ولكن يوجد فرق جسيم بين الأمرين، فإن داود لم يأخذ امرأة ابنه ) انتهى.

وانظر في الكلمات المذكورة في الصحائف المشار إليها، وأعجب من جرأتهم القبيحة على قدس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، زيادة على ما ذكرناه من الافتراء المتكرر.

وقد توافقوا في هذه الجرأة وهذا الافتراء مع هاشم العربي في صحيفة ٦٥ من الطبعة الأولى لتذييله لمقالة (سايل) في الإسلام!

هذا، وإن الغافل من الاورباويّين والأمريكيّين وغيرهم ليغتّر بسمعه التبشير والمبشرين فيحب أن يسأل أن هذا الابن - الذي يذكره هذا اللفيف من المبشرين والكاتبين - هل هو ابن رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم وولده البكر، أو هو المتوسط، أو الصغير؟! وهل أُمه خديجة أو غيرها من أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟!

ويا ليتهم يعلمون أن هذا الذي يذكر المبشرون أنه ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وولده، ويلهجون بذلك، إنما هو زيد بن حارثة، وهو عبد اشتراه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وجاء أبوه حارثة فخيّره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين المكث عنده وبين الرجوع مع أبيه، فاختار المقام عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فجزاه رسول الله صلى الله

٣٥

عليه وآله وسلم بالعتق وزيادة البرّ والرأفة; فصار الناس يدعونه زيد بن محمد، مع أنهم يعلمون أنه عبده.

وإن جمعية الهداية والمرسلين الأمريكان والشرقيين في أجيالهم ليعرفون ذلك، ولكن المبشرين حملتهم بواعثهم أن يكذبوا ويقولوا مكرّراً أنه ابن رسول الله وولده، لكي يقوموا بحقّ القداسة والأمانة في التبشير، ولكن (لكلّ امرئ من دهره ما تعوّدا)(١) .

____________________

١- صدر بيت للمتنبّي، وتمامه:

...................................

وعاداتُ سيف الدولة الطعن في العِدا

انظر: ديوان المتنبّي ٢/٢٨١. (م).

٣٦

(الردّ على مزعمة النصارى أن الله لم يعط اليهود أحكاماً صالحة)

وجاء في الإصحاح الثامن عشر من سفر اللاويّين، في العدد الخامس، عن قول الله لبني إسرائيل في تمجيد شريعة التوراة والأمر بحفظ أحكامها:

( فتحفظون فرائضي وأحكامي التي إذا فعلها الإنسان يحيا بها ).

وفي الإصحاح الرابع من سفر التثنية، في العدد الثامن: ( أي شعب هو عظيم له فرائض وأحكام عادلة مثل هذه الشريعة التي أنا واضع أمامكم ).

وفي المزور المائة والتاسع عشر، في العدد الثالث والتسعين: (إلى الدهر لا أنسى وصاياك لأنك بها أحييتني).

وفي الإصحاح العشرين من كتاب حزقيال، في العدد الحادي عشر، عن قول الله في شأن اليهود: (وأعطيتهم فرائضي وأحكامي التي إن عملها الإنسان يحيا ).

ونحوه في العدد الثالث عشر والحادي والعشرين.

وفي الإصحاح التاسع من كتاب نحميا، في العدد الثالث

٣٧

عشر: ( وأعطيتهم أحكاماً مستقيمة، وشرائع صادقة، وفرائض ووصايا صالحة ).

وفي الإصحاح الثاني من كتاب ملاخي، في العدد الخامس، عن قول الله في تمجيد شريعة موسى عليه السلام: ( كان معه للسلام والحياة ).

فهذه كتب وحيهم تقول: إن شريعة موسى صالحة وعادلة للسلام والحياة، إذا عملها الإنسان يحيا بها.

ولكن عبد المسيح الكندي في رسالته(١) وجرجي سايل في مقالته في الإسلام، صحيفة ٢٢٦ من الطبعة الأولى، قالا ما هذا لفظه: ( إن الله تساهل مع اليهود فأعطاهم أحكاماً غير صالحة وفرائض لا يحيون بها ).

ولا يخفى عليك أن الذي ذكرناه من كتب وحيهم ليشهد بأن الكلام المنسوب لعبد المسيح وجرجي سايل إنما هو كذب وافتراء على الله وعلى شريعته، ودع عنك شهادة العقل وجلال الله على ذلك، تعالى الله عما يقولون.

دع هؤلاء، ولكن انظر وتحيّر واندهش من كتب العهدين

____________________

١- في صحيفة ١١٠ من رسالته المطبوعة مع رسالة عبد الله الهاشمي، في إحدى طبعاتها سنة ١٩١٢، في المطبعة الإنگليزية الأمريكانية بالقاهرة.

٣٨

التي ينسبونها إلى الوحي الإلهيّ، ويدعون الناس إلى اتباعها!

انظر إلى هذه الكتب وما فيها من نسبة الكذب إلى من يزعمون أنهم أنبياء ورسل الله، مع زعمهم أن تلك الكتب المشتملة على الكذب هي كتب وحي إلهي!

فانظر كيف تنسب الكذب والتحريف إلى أنبياء الله ورسله الهداة المقدّسين، فتلوّث قدسهم برذيلة الكذب وخسة الافتراء والمخادعة.. أو تنسب الكذب والافتراء إلى من تزعم أنهم أنبياء ومرسلون، وأن المشتمل على الكذب هو كتاب وحي إلهي...

ويا ليت هذه الكتب لم تتعدّ إلى قدس الله وجلاله، وماذا يفيد التمنّي؟! وها هي الكتب المذكورة قد أفرطت في الجرأة، فنسبت الكذب والخداع والتعليم بالكذب إلى جلال الله، تعالى عمّا يقولون.

٣٩

(ردّ مزعمة أن الله قال لعيسى: أنت ابني،أنا اليوم ولدتك)

هذا بولس الذي يعدّه النصارى من كبار الرسل الموحى إليهم; وعلى تعليمه اعتمادهم في النصرانية، وينسبون إليه كتاباً ورسائل يجعلونها من الوحي الإلهي؛ يذكر عنه في الإصحاح الثالث عشر من كتاب أعمال الرسل، في العدد الثالث والثلاثين، أنه قال هكذا:

( إذ أقام يسوع كما هو مكتوب في المزمور الثاني: أنت ابني، أنا اليوم ولدتك ).

ولا يخفى على القارئ أنّ هذه العبارة جاءت في العدد السابع من المزمور الثاني من قول داود، هكذا: ( أخبر الحقّ، الله قال لي: ابني أنت، أنا اليوم ولتك ) فداود يخبر في وحي المزامير أن الله قال هذا الكلام له، يعني أنه منحه النبوة والوحي؛ ولأجل ما حصل لحياته من مجد النبوة والوحي كان ذلك اليوم كأنه يوم ولادته، بل هو اللائق بأن يعدّ أوّل أيام حياته.

فيا للعجب من الانتهاب العلنيّ! هب أنّا فرضنا أنّ هذا الكلام غير صريح في كونه خطاياً لداود، ولكن متى كانت لعيسى ولادة حينما أوحي المزمور الثاني لداود؟! أليست ولادة عيسى من

٤٠