أعاجيب الأكاذيب في رد النصارى

أعاجيب الأكاذيب في رد النصارى60%

أعاجيب الأكاذيب في رد النصارى مؤلف:
تصنيف: أديان وفرق
الصفحات: 83

أعاجيب الأكاذيب في رد النصارى
  • البداية
  • السابق
  • 83 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41655 / تحميل: 7927
الحجم الحجم الحجم
أعاجيب الأكاذيب في رد النصارى

أعاجيب الأكاذيب في رد النصارى

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

(ردّ مزعمة أن القرآن ودين الإسلام أُمور صبيانية وخرافات)

ويقول كتاب (ثمرة الأمانيّ) أيضاً في الصحيفة الثالثة معرضاً بالقرآن ودين الإسلام، زاعماً أنها:

(أمور صبيانية، وخرافات وضلالات منسدلة على أصل التوحيد، وملتفّة عليه منذ اثني عشر قرناً) انتهى.

ويا للعجب! أيها القارئ، هلّم واحضر العهد القديم والجديد والقرآن، لنقرؤها ونجعل الحكم للوجدان الحرّ، والتوحيد الحقيقي المعقول، والأخلاق الفاضلة، والمدنية، والتعاليم الكريمة ثمّ ننظر هل في القرآن خرافات صبيانية وضلالات؟!

نعم، فيه قوله تعالى في سورة النساء، الآية ١٧١:( وَلاَ تَقُولُوا ثَلاَثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنّمَا اللّهُ إِلهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ) وفي هذه الآية أنوار من الحقيقة ساطعة يعشو عنها التثليث البرهميّ والبوذي، وما هناك من أوهام الأقانيم وتجسد الإله وتعدد الآلهة والأرباب، ودع كتاب (ثمرة الأماني) يكذب على دين الإسلام ويفتري!

٢١

(كشف التلاعب والتحريف في التوراة العبرانية وزيادة لفظتي (أتى) و(أياماً) فيها)

وهذا هاشم العربي، في الصحيفة الحادية عشر من الطبعة الأولى، في تذييله المستقلّ لتعريبه لمقالة (سايل) في الإسلام... وهذا الغريب بن العجيب، في الصحيفة السابعة والتسعين من كتاب رحلته الحجازية; كلاهما قالا فيما أشرنا إليه من كتابيهما ما نصّه ولفظه:

(وأيضاً ورد في التكوين أن إسماعيل لمّا مات أبوه أتى فدفنه).

فهذان الداعيان إلى الديانة النصرانية قد زادا على التوراة لفظ (أتى) لكي يتشبثّا بهذه الزيادة الكاذبة لترويج غرض لهما فاسد، مع أن هذه الزيادة لا تساعدهما على غرضها!

وهل يخفى أن لفظ (أتى) لا يوجد في هذا المقام، ولا هو ولا ما في معناه، لا في التوراة العبرانية ولا في تراجمها!

وهذا نصّ الموجود في الأصل العبراني، في العدد الثامن والتاسع مع الإصحاح الخامس والعشرين من سفر التكوين، المسمى في العبرانية: ( برئشيت ): ( ويمت إبراهام بشيبه طوب

٢٢

زقن وشبع وياسف آل عميو وبقبر واتّو يصحق ويشمعئل بنيوال معرت همكفلة) انتهى.

وترجمته الحرفية: (ومات إبراهيم بشيبة صالحة وشبعان وانضم إلى قومه وقبره إسحاق وإسماعيل ابناه في مغارة المكفلة).

ولعل القارئ يقول: إن كل الذي رأيناه من تراجم التوراة تقول في هذا المقام: ( شيخاً وشبعان أيّاماً ) مع أنه لا يوجد في الأصل العبراني ولا حواشيه لفظ (أيّاماً) فلماذا لا تجعل زيادة لفظ (أياماً) من الكذب العام على التوراة؟

فنقول: إنه يمكن أن تكون التراجم زادت لفظ (أيّاماً) من أجل سوء الفهم للتوراة، وقصداً لإصلاح خللها، ولم يفطن المترجمون إلى أن المعنى أن إبراهيم مات شيخاً وشبعان، أي مثرياً ليس بفقير..

ولعل القارئ يقول أيضاً: كيف يتصرّفون بتوراتهم بالإصلاح؟! فهل يقولون: إنها نزلت على موسى ناقصة معيبة وهم يصلحونها؟!!

فنقول: قد وقع منهم مثل هذا في كتب وحيهم كثيراً، وزادوا في التراجم على خصوص أسفار التوراة الخمسة مقدار ستين كلمة، وطبعت هذه الزيادات في بعض الطبعات بحرف صغير إشارة إلى زيادتها على الأصل...

٢٣

ولعل القارئ يسأل ويقول: ما حال هذه الزيادات؟

فنقول: إنّ بعضها إصلاح لغلط التوراة العبرانية، وبعضها من الخطأ في فهم المعنى!

٢٤

(الردّ على قول النصارى أنّ الله لما يبارك ويقدّس اليوم السابع)

وهذه الجمعية التبشيرية، جمعية كتاب ( الهداية ) الذي طبع على أجزائه أنه طبع بمعرفة المرسلين الأمريكان، قد قالت في الجزء الرابع من ( الهداية ) في صحيفة ١٧٤، في السطر الرابع ما لفظه ونصّه هكذا:

(إنّ الله لم يقل في التوراة: وبارك الله اليوم السابع وقدّسه).

ويا للعجب من هذا اللفيف من المبشرين والمرسلين الأمريكان كيف يقولون هكذا؟! وكيف يقتحمون هذا الاقتحام؟! وها هي توراتهم تصيح في سفر التكوين، في الأصحاح الثاني في العدد الثالث، وتقول ما نصّه: (وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل، فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل، وبارك الله اليوم السابع وقدّسه)!

ولعلّ القارئ يقول: هذا اللفيف من الجمعية والمرسلين الأمريكان كيف أنكروا وجود هذا الكلام في التوراة؟! وكيف كتبوا إنكارهم هذا وطبعوه ونشروه بالحماسة والافتخار؟!

فأقول: لعلهم يظنّون أنه ليس في المسلمين من ينظر إلى توراتهم فيفطن إلى هذا الاختلاس!

٢٥

(ردّ أُكذوبة مراعاة القرآن الكريم للسجع دون الحقائق)

وقالت أيضاً جمعية كتاب (الهداية) المطبوع بمعرفة المرسلين الأمريكان، في الجزء الثاني من كتاب (الهداية) في الصحيفة الثانية والأربعين من الطبعة الثانية ما هذا لفظه:

( ثمّ إنّ مراعاة القرآن للسجع مقدّمة عنده على الحقائق، فقال: (قابيل) لأنه على وزن هابيل )!!!

ويا للعجب من عدم المبالاة! أين يوجد في القرآن لفظ (قابيل) ولفظ (هابيل)؟!

أليس الأطفال يعلمون أنه لا وجود لهذين اللفظين في القرآن الكريم؟!

لماذا يكون في المبشرين مثل هذا التقحم في الافتراء؟! أين شرف الإنسانية؟! أين مجد الروحانية؟! أين أدب الكتابة؟! ما هو ذنب الصدق والأمانة؟؟!

لماذا يكون مثل هذا من لفيف من الروحانين المبشرين؟! هل لمثل هذا المجد وهذه الأمانة بذلت لهم الأموال الطائلة؟!

أما إنّ الناس يوبّخون الأوباش إذا كذبوا في أُمورهم

٢٦

الشخصية الدنيوية، فكيف تصدر هذه الأكاذيب الافترائية من المبشر الديني في الأُمور الدينية؟! فيا للأسف!

٢٧

(الكشف عن أن الحواريّين نسخواأحكام التوراة العملية)

لا يخفى أن التوراة الرائجة - التي أتفق النصارى واليهود على أنها كتاب وحي الله وكلامه لرسوله موسى عليه السلام - قد جاء فيها أحكام كثيرة، وواجبات كثيرة، ومحرّمات كثيرة، مثل أحكام الكهنة والعشور والسبت والأعياد والذبائح، وأحكام النجاسة في الحيض والنفاس ومسّ الميت، ونجاسة المشركين وحرمة الأكل من ذبائحهم، وتنجيس كثير من الحيوانات والطيور وتحريم أكلها، وتحريم أكل الدم والمخنوق وما ذبح للأوثان، وغير ذلك.

فانظر إلى بعض ذلك في الإصحاح ٢٠ و ٢٢ و ٢٣ من سفر الخروج، و١١ و ١٢ من سفر اللاويّين، و ١٤ ١٥ من سفر التثنية.

كما لا يخفى من الأناجيل أن المسيح كان عاملاً بهذه الأحكام، ويأمر بالعمل بها وعدم نقضها، كما في الإصحاح الخامس من إنجيل متّى، في العدد السابع عشر إلى العشرين; ويوصي بحفظها، كما في الإصحاح الثالث والعشرين من إنجيل متّى، من العدد الأوّل إلى الثالث.

هذا، وقد جاء في العهد الجديد عن بطرس والتلاميذ وبولس إبطال شرائع التوراة، في تحريم الأكل لكثير من الحيوانات،

٢٨

كما في الإصحاح العاشر من كتاب أعمال الرسل، من العدد الحادي عشر إلى السادس عشر; وفي الإصحاح الحادي عشر، من العدد الخامس إلى الحادي عشر!!

كما جاء عنهم أنهم لمجرّد الاستحسان وجلب الناس للانقياد إلى التنصّر، رفعوا أحكام التوراة، وتحريم ما هو محرم فيها إلاّ تحريم أربعة أشياء، تحريم الزنا، وأكل الدم، والمخنوق، وما ذبح للأوثان، كما في الإصحاح الخامس عشر من كتاب الأعمال، في العدد التاسع عشر إلى الثلاثين!

ثمّ جاء في الرسائل المنسوبة إلى بولس إباحة أكل الدم والمخنوق وما ذبح للأوثان، وجرى على ذلك عمل النصارى إلى الآن.

ومن جملة ما جاء، هو ما في الإصحاح الرابع من رسالة تيموثاوس الأولى، في العدد الرابع، وهو هكذا: ( لأنّ كلّ خليقة الله جيّدة، ولا يرفض شيء إذا أخذ مع الشكر ).

وفي الإصحاح الأوّل من رسال تيطس، في العدد الرابع عشر والخامس عشر: ( لا يصغون إلى خرافات يهودية ووصايا أُناس مرتدين على الحق، كل شيء طاهر للطاهرين ).

وفي الإصحاح الثاني من رسالة كولوسي، من العدد العشرين إلى الثالث والعشرين: ( تفرض عليكم فرائض: لا

٢٩

تمسّ، ولا تذق، ولا تجسّ؛ التي هي جميعها للفناء ).

وفي الإصحاح الثاني أيضاً، في العدد السادس عشر: ( فلا يحكم عليكم أحد في أكل ولا شرب، أو من جهة عيد أو سبت أو هلال ).

وفي الإصحاح العاشر من رسالة كورنتوش الأولى، في العدد التاسع والعشرين والعدد الثلاثين، في إباحته لأكل ما يذبح للأوثان، يقول: ( لماذا يحكم في حرّيتي من ضمير آخر، أنا أتناول بشكر فلماذا يفترى عليّ لأجل ما أشكر عليه ).

أيها القارئ، ولأجل ما ذكرنا لك من التوراة وكتب العهد الجديد قال صاحب (إظهار الحق)(١) في مبحث النسخ جدلا للنصارى: (إن الحواريين نسخوا أحكام التوراة العملية غير الأربعة، وإن بولس نسخ حرمة الثلاثة منها: يعني: حرمة أكل الدم، والمخنوق، وما ذبح للأوثان.

وإن شئت أن تعجب فاعجب، فإن جمعية كتاب (الهداية) والمرسّلين الأمريكان - الذين طبع الكتاب بمعرفتهم - هذا

____________________

١- لرحمة الله بن خليل الرحمن الهندي، والكتاب عبارة عن مناظرة في مسألتي النسخ والتحريف جرت بين المؤلف وبين قسيس، طبع في إسلامبول سنتي ١٢٨٤ و١٣٠٥هـ، وفي مصر سنتي ١٣٠٩ و ١٣١٧ هـ.

انظر: معجم المطبوعات العربية والمعرّبة - ليوسف إليان سركيس - ١/٩٢٩، وفهرست مشار: ٦٨. (م).

٣٠

اللفيف المقدس! قد أنكر ما ذكرناه عن العهدين وما ذكره (إظهار الحق) فطبعوا في الجزء الرابع من كتاب (الهداية) في الصحيفة المائة وثلاث وتسعين، في السطر الحادي والعشرين بعد أن ذكروا كلام (إظهار الحق) وقالوا بلا مبالاة: ( قلنا: هذا إفك مبين، فأتوا ببرهانكم إن كنتم من الصادقين )!

فماذا تقول لهؤلاء إذا أنكروا ما يقرؤه كل قارئ من كتب وحيهم؟!

فهل بقي نوع من الكذب يخجل الإنسان منه؟! وهل بقي نوع من المكابرات وإنكار الحق المحسوس ما يصدّ عنه شرف الإنسانية؟! وأمّا الورع والدين فيقرئانك السلام!!

٣١

(الكشف عن أن النصارى يضعّفون ويعيبون الشريعة الموسوية)

وجاء في الرسائل المنسوبة إلى بولس في توهين التوراة وأحكامها، في الإصحاح السابع من الرسالة إلى العبرانييّن، في العدد الثامن عشر ( والتاسع عشر ):

( فإنه يصير إبطال الوصية السابقة(١) من أجل ضعفها وعدم نفعها، إذ الناموس(٢) لم يكمّل شيئاً ).

وفي الإصحاح الثامن، في العدد السابع: (فإنّه لو كان ذلك الأوّل بلا عيب لما طلب موضع لثان ).

وفي الإصحاح الرابع من الرسالة إلى أهل غلاطية، في العدد التاسع والعاشر والحادي عشر، في صرف أنظار الغلاطيّين عن أحكام التوراة: ( فكيف ترجعون أيضاً إلى الأركان الضعيفة الفقيرة التي تريدون أن تستعبدوا لها من جديد؟! أتحفظون أيّاماً وشهوراً وأوقاتاً وسنين؟! أخاف عليكم أن أكون قد تعبت فيكم عبثاً! ).

____________________

١- يعني التوراة.

٢- وهو التوراة.

٣٢

أيها القارئ، وقد قرأت ما ذكرناه لك في العدد السابق ما هو في الإصحاح الأوّل من رسالة تيطس(١) ، وفي الإصحاح الثاني من رسالة كولوسي(٢) .

ولكن، قالت جمعية كتاب (الهداية) المطبوع بمعرفة المرسّلين الأمريكان، في الجزء الأوّل من الطبعة الثانية، في صحيفة ٢٧٣، ما لفظه ونصّه هكذا: ( قلنا: إنّ الرسول بولس لم يقل: إن الشريعة الموسوية ضعيفة معيبة غير نافعة ).

ولا يخفى عليك أن هؤلاء، وكل النصارى، يقولون: إن الرسائل المنسوبة إلى بولس في العهد الجديد كلّها من قول بولس، فقل: إذن فمن ذا هو الذي قال الأقوال التي ذكرناها من رسائل بولس؟! ولماذا يكون من هذا اللفيف التبشيري مثل هذا الجحود الكاذب، بمثل هذا الكذب الذي لا يخفى على كل من يقرأ في الكتب؟!!

____________________

١ و ٢- راجع صفحة ٧٧. (م).

٣٣

(الردّ على افترائهم على الرسول الأكرم محمد(صلى الله عليه وآله)بزواجه من امرأة ابنه المزعوم)

وأيضاً، إن جمعية كتاب ( الهداية ) المطبوع بمعرفة المرسّلين الأمريكان، قد كثر افتراؤهم على رسول الله صلى الله عليه وآله، وأفحشوا في الجرأة!!

ولنذكر بعض افترائهم المتكرّر، ونشير إلى جرأتهم الفاحشة، بالإشارة إلى محلها، لئلاّ تتدنّس الأوراق بذلك البذاء القبيح!!

فقالوا في الجزء الرابع، صحيفة ١٦٩:

( وماذا نقول فيمن ادّعى أن الله أجاز له أن يتخذ امرأة ابنه زوجة، وجعل ذلك قانوناً، ويا حبّذا لو نسخ هذا القانون، لأنه يسوغ الاقتران بزوجة الابن ).

وقال أيضاً في الجزء الثالث، صحيفة ٤٨ في قصّة تزوّجه صلى الله عليه وآله بزينب بنت جحش، ما هذا لفظه: ( وحاشا لله أن يسوغ للناس نكاح نساء أولادهم ).

وقالوا في الجزء الأوّل، صحيفة ٦٦، في العنوان، ما هذا لفظه: ( تزوّجه امرأة ابنه )...

٣٤

وقالوا أيضاً في الصحيفة المذكورة: ( نعم، إنّ داود وقع في خطيئة الزنا، ولكن يوجد فرق جسيم بين الأمرين، فإن داود لم يأخذ امرأة ابنه ) انتهى.

وانظر في الكلمات المذكورة في الصحائف المشار إليها، وأعجب من جرأتهم القبيحة على قدس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، زيادة على ما ذكرناه من الافتراء المتكرر.

وقد توافقوا في هذه الجرأة وهذا الافتراء مع هاشم العربي في صحيفة ٦٥ من الطبعة الأولى لتذييله لمقالة (سايل) في الإسلام!

هذا، وإن الغافل من الاورباويّين والأمريكيّين وغيرهم ليغتّر بسمعه التبشير والمبشرين فيحب أن يسأل أن هذا الابن - الذي يذكره هذا اللفيف من المبشرين والكاتبين - هل هو ابن رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم وولده البكر، أو هو المتوسط، أو الصغير؟! وهل أُمه خديجة أو غيرها من أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟!

ويا ليتهم يعلمون أن هذا الذي يذكر المبشرون أنه ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وولده، ويلهجون بذلك، إنما هو زيد بن حارثة، وهو عبد اشتراه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وجاء أبوه حارثة فخيّره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين المكث عنده وبين الرجوع مع أبيه، فاختار المقام عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فجزاه رسول الله صلى الله

٣٥

عليه وآله وسلم بالعتق وزيادة البرّ والرأفة; فصار الناس يدعونه زيد بن محمد، مع أنهم يعلمون أنه عبده.

وإن جمعية الهداية والمرسلين الأمريكان والشرقيين في أجيالهم ليعرفون ذلك، ولكن المبشرين حملتهم بواعثهم أن يكذبوا ويقولوا مكرّراً أنه ابن رسول الله وولده، لكي يقوموا بحقّ القداسة والأمانة في التبشير، ولكن (لكلّ امرئ من دهره ما تعوّدا)(١) .

____________________

١- صدر بيت للمتنبّي، وتمامه:

...................................

وعاداتُ سيف الدولة الطعن في العِدا

انظر: ديوان المتنبّي ٢/٢٨١. (م).

٣٦

(الردّ على مزعمة النصارى أن الله لم يعط اليهود أحكاماً صالحة)

وجاء في الإصحاح الثامن عشر من سفر اللاويّين، في العدد الخامس، عن قول الله لبني إسرائيل في تمجيد شريعة التوراة والأمر بحفظ أحكامها:

( فتحفظون فرائضي وأحكامي التي إذا فعلها الإنسان يحيا بها ).

وفي الإصحاح الرابع من سفر التثنية، في العدد الثامن: ( أي شعب هو عظيم له فرائض وأحكام عادلة مثل هذه الشريعة التي أنا واضع أمامكم ).

وفي المزور المائة والتاسع عشر، في العدد الثالث والتسعين: (إلى الدهر لا أنسى وصاياك لأنك بها أحييتني).

وفي الإصحاح العشرين من كتاب حزقيال، في العدد الحادي عشر، عن قول الله في شأن اليهود: (وأعطيتهم فرائضي وأحكامي التي إن عملها الإنسان يحيا ).

ونحوه في العدد الثالث عشر والحادي والعشرين.

وفي الإصحاح التاسع من كتاب نحميا، في العدد الثالث

٣٧

عشر: ( وأعطيتهم أحكاماً مستقيمة، وشرائع صادقة، وفرائض ووصايا صالحة ).

وفي الإصحاح الثاني من كتاب ملاخي، في العدد الخامس، عن قول الله في تمجيد شريعة موسى عليه السلام: ( كان معه للسلام والحياة ).

فهذه كتب وحيهم تقول: إن شريعة موسى صالحة وعادلة للسلام والحياة، إذا عملها الإنسان يحيا بها.

ولكن عبد المسيح الكندي في رسالته(١) وجرجي سايل في مقالته في الإسلام، صحيفة ٢٢٦ من الطبعة الأولى، قالا ما هذا لفظه: ( إن الله تساهل مع اليهود فأعطاهم أحكاماً غير صالحة وفرائض لا يحيون بها ).

ولا يخفى عليك أن الذي ذكرناه من كتب وحيهم ليشهد بأن الكلام المنسوب لعبد المسيح وجرجي سايل إنما هو كذب وافتراء على الله وعلى شريعته، ودع عنك شهادة العقل وجلال الله على ذلك، تعالى الله عما يقولون.

دع هؤلاء، ولكن انظر وتحيّر واندهش من كتب العهدين

____________________

١- في صحيفة ١١٠ من رسالته المطبوعة مع رسالة عبد الله الهاشمي، في إحدى طبعاتها سنة ١٩١٢، في المطبعة الإنگليزية الأمريكانية بالقاهرة.

٣٨

التي ينسبونها إلى الوحي الإلهيّ، ويدعون الناس إلى اتباعها!

انظر إلى هذه الكتب وما فيها من نسبة الكذب إلى من يزعمون أنهم أنبياء ورسل الله، مع زعمهم أن تلك الكتب المشتملة على الكذب هي كتب وحي إلهي!

فانظر كيف تنسب الكذب والتحريف إلى أنبياء الله ورسله الهداة المقدّسين، فتلوّث قدسهم برذيلة الكذب وخسة الافتراء والمخادعة.. أو تنسب الكذب والافتراء إلى من تزعم أنهم أنبياء ومرسلون، وأن المشتمل على الكذب هو كتاب وحي إلهي...

ويا ليت هذه الكتب لم تتعدّ إلى قدس الله وجلاله، وماذا يفيد التمنّي؟! وها هي الكتب المذكورة قد أفرطت في الجرأة، فنسبت الكذب والخداع والتعليم بالكذب إلى جلال الله، تعالى عمّا يقولون.

٣٩

(ردّ مزعمة أن الله قال لعيسى: أنت ابني،أنا اليوم ولدتك)

هذا بولس الذي يعدّه النصارى من كبار الرسل الموحى إليهم; وعلى تعليمه اعتمادهم في النصرانية، وينسبون إليه كتاباً ورسائل يجعلونها من الوحي الإلهي؛ يذكر عنه في الإصحاح الثالث عشر من كتاب أعمال الرسل، في العدد الثالث والثلاثين، أنه قال هكذا:

( إذ أقام يسوع كما هو مكتوب في المزمور الثاني: أنت ابني، أنا اليوم ولدتك ).

ولا يخفى على القارئ أنّ هذه العبارة جاءت في العدد السابع من المزمور الثاني من قول داود، هكذا: ( أخبر الحقّ، الله قال لي: ابني أنت، أنا اليوم ولتك ) فداود يخبر في وحي المزامير أن الله قال هذا الكلام له، يعني أنه منحه النبوة والوحي؛ ولأجل ما حصل لحياته من مجد النبوة والوحي كان ذلك اليوم كأنه يوم ولادته، بل هو اللائق بأن يعدّ أوّل أيام حياته.

فيا للعجب من الانتهاب العلنيّ! هب أنّا فرضنا أنّ هذا الكلام غير صريح في كونه خطاياً لداود، ولكن متى كانت لعيسى ولادة حينما أوحي المزمور الثاني لداود؟! أليست ولادة عيسى من

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

عقيم فأتني به) إلى آخره… وذكر في الرواية كرامة عظيمة للإمام عليه السلام.

أنظر إلى هذا الملك الجبار كيف أجرى الله الحق على لسانه فاعترف بإمامة الإمام الصادق عليه السلام على جميع الخلائق من قبل الله تعالى ثم هو يقتله بالسم ثم يبكي عليه حين ورود الخبر له بموته، ثم يكتب في الحال لواليه في المدينة المنورة بقتل من أوصى إليه الصادق عليه السلام فيجيبه الوالي بأنه أوصى إلى خمسة أحدهم المنصور فيقول: (ليس إلى قتل هؤلاء من سبيل). روى ذلك الكليني في الكافي عن أبي أيوب الحوزي.

وروى الخوارزمي في المناقب في الفصل التاسع عشر عن سليمان بن مهران عن المنصور أنه حدثه بكرامات جليلة لعلي وفاطمة والحسنين عليهم السلام والحديث طويل جداً راجعه ففيه تبصرة لمن إستبصر. وفي آخره إن سليمان قال للمنصور: (لي الأمان؟) فقال (لك الأمان) فقال: (ما تقول فيمن يقتل هؤلاء؟) قال المنصور: (في النار لا أشك في ذلك) قال: (فما تقول فيمن قتل أولادهم وأولاد أولادهم؟) قال: فنكّس المنصور رأسه ثم قال: (يا سليمان الملك عقيم).

١٨ - شهادة الإمام مالك رضي الله عنه

عن كتاب مناقب آل أبي طالب في أحوال الإمام الصادق عليه السلام قال: إنه روي عن الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه أنه قال:

٦١

(ما رأت عين ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر الصادق فضلاً وعلماً وعبادةً وورعاً).

١٩ - شهادة الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه

عنه أيضاً عن مسند أبي حنيفة قال قال الحسن بن زياد: سمعت أبا حنيفة وقد سئل: من افقه من رأيت؟ قال: (جعفر بن محمد لما أقدمه المنصور بعث إليّ فقال: يا أبا حنيفة أن الناس قد فتنوا بجعفر ابن محمد فهيء له مسائلك الشداد. فهيأت له أربعين مسألة ثم بعث إليّ أبو جعفر وهو بالحيرة فأتيته فدخلت عليه وجعفر جالس عن يمينه فلما بصرت به دخلني من الهيبة لجعفر ما لم يدخلني لأبي جعفر فسلمت عليه فأومأ إلي فجلست. ثم التفت إليه فقال: يا أبا عبدالله هذا أبو حنيفة فقال: نعم أعرفه. ثم التفت إلي فقال: الق على أبي عبدالله من مسائلك فجعلت ألقي عليه ويجيبني فيقول: أنتم تقولون وكذا، وأهل المدينة يقولون كذا، ونحن نقول كذا، فربما تابعنا، وربما تابعهم، وربما خالفنا جميعاً حتى أتيت على الأربعين مسألة فما أخلّ منها بشيء) ثم قال أبو حنيفة: (أليس أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس).

ورويت هذه الشهادة من أبي حنيفة باختلاف يسير لا يغيّر المعنى عن جامع مسانيد أبي حنيفة لقاضي القضاة الخوارزمي.

٦٢

٢٠ - شهادة اليافعي

روى في الينابيع في باب (٦٥) عن فصل الخطاب عن تاريخ اليافعي أنه قال: (كان جعفر الصادق رضي الله عنه واسع العلم، وافر الحلم، وله من الفضائل والمآثر ما لا يحصى).

٢١ - شهادة كمال الدين الشافعي

قال كمال الدين بن طلحة الشافعي في كتابه مطالب السئول عند ذكره للإمام الصادق عليه السلام: (هو من عظماء أهل البيت وساداتهم عليهم السلام ذو علوم جمة، وعبادة موفورة، وأوراد متواصلة، وزهادة بيّنة، وتلاوة كثيرة، يتتبّع معاني القرآن الكريم، ويستخرج من بحره جواهره، ويستنتج عجائبه، ويقسم أوقاته على أنواع الطاعات بحيث يحاسب عليها نفسه، رؤيته تذكّر بالأخرة، واستماع كلامه يزهد في الدنيا، والاقتداء بهديه يورث الجنة، نور قسماته شاهد أنه من سلالة النبوة، وطهارة أفعاله تصدع أنه من ذرية الرسالة، نقل عنه الحديث واستفاد منه العلم جماعة من أعيان الأئمة وأعلامهم مثل يحيى بن سعيد الأنصاري، وابن جريح، ومالك بن أنس، والثوري، وابن عيينة، وأبي حنيفة، وشعبة، وأيوب السجستاني، وغيرهم، وعدوا أخذهم منه منقبة شرّفوا بها، وفضيلة اكتسبوها) إلى أن قال: (وأما مناقبه وصفاته فتكاد تفوق عدد الحاصر، ويحار في أنواعها

٦٣

فهم اليقظ الباصر، حتى أن من كثرة علومه المفاضة على قلبه من سجال التقوى صارت الأحكام التي لا تدرك عللها، والعلوم التي تقصر الافهام عن الإحاطة بحكمها تضاف إليه وتروى عنه) انتهى…

٢٢ - شهادة ابن حجر

عن الصواعق المحرقة لابن حجر عند ذكره للإمام الصادق عليه السلام قال: (ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان، وانتشر صيته في جميع البلدان). وقال: (روى عنه الأئمة الأكابر كيحيى ابن سعيد، وابن جريح، ومالك، والسفانين، وأبي حنيفة، وشعبة وأيوب). وستأتي شهادته في بعض الأئمة عليهم السلام.

٢٣ - شهادة الشعراني الشافعي

عن الشعراني الشافعي في لواقح الأنوار أنه قال - عند ذكره للإمام الصادق عليه السلام: - (وكان سلام الله عليه إذا احتاج إلى شيء قال: يا ربّاه أنا أحتاج إلى كذا فما يستتم دعاءه إلاّ وذلك الشيء بجنبه موضوع).

٢٤ - شهادة ابن الصبان الحنفي

قال ابن الصبان الحنفي في أسعاف الراغبين: (وأما جعفر الصادق فكان إماماً نبيلاً) وقال: (وكان مجاب الدعوة إذا سأل الله شيئاً لا يتم قوله إلاّ وهو بين يديه).

٦٤

٢٥ - شهادة الشبلنجي

قال الشبلنجي في نور الأبصار عند ذكره للإمام الصادق عليه السلام: (ومناقبه كثيرة تكاد تفوت حد الحاسب ويحار في أنواعها فهم اليقظ الكاتب) إلى أن ذكر عن كتاب «أدب الكاتب» أنه قال: (وكتاب الجفر كتبه الإمام جعفر الصادق ابن محمد الباقر رضي الله عنهما فيه كل ما يحتاجون إلى علمه إلى يوم القيامة) الخ… وستأتي شهادته في بعض الأئمة عليهم السلام.سبب انتساب الشيعة للإمام الصادق عليه السلام

تأخذ الشيعة أحكام فقهها من الكتاب المجيد وأحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة المعصومين من أهل بيته لا نفرّق بين أحد منهم ولكن لأجل ما اتفق للإمام الصادق عليه السلام من بث العلوم ونشر المعارف الإسلامية سمّي مذهباً للشيعة وذلك لسنوح الفرصة له لاشتغال الدولة الأموية في أخريات أيامها بنفسها عن معارضته واشتغال الدولة العباسية بتثبيت مركزها، وتدعيم كيانها، وتطهير البلاد من الأمويين عن ممانعته. بل فسح له المنصور المجال حيناً من الدهر عند ما طلب من الإمام عليه السلام أن يتحفه بشيء يفخر به فأتحفه بمخصره للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ففرح بها فرحاً شديداً وقال له: ما جزاؤك عندي إلا أن أطلق لك وتفشي علمك لشيعتك ولا أتعرض لك ولا لهم فاقعد غير محتشم، وافت الناس. روى ذلك ابن شهراشوب.

وكان عصره عصر ازدهار العلم وانتشاره، واتساع نطاق الفقه والحديث والفلسفة فلذلك انتشر العلم عنه، وأخذ عنه العلماء والرواة من كل الطوائف حتى رووا أنّ من أخذ عنه كان عددهم أربعة آلاف كما عن كتاب أعلام الورى وغيره.

وقد روى عنه أبان بن تغلب وحده ثلاثين ألف حديث، ومحمد بن مسلم ستة عشر ألف حديث.

ومنهم زرارة، وجابر الجعفي فقد أكثرا في الرواية عنه.

٦٥

٢٦ - شهادة الرشيد

ذكر في الينابيع في باب (٦٥) عن كتاب «فصل الخطاب» لمحمد خواجه البخاري عند تعداد مناقب الأئمة من أهل البيت عليهم السلام واحداً بعد واحد، وذكر فضائلهم الجمة، وعلومهم الغزيرة، حتى جاء إلى ذكر الإمام الكاظم عليه السلام فقال بعد ما ذكر علمه وحلمه وفضله وورعه وشيئاً من مناقبه وكراماته: روى المأمون عن أبيه الرشيد أنه قال لبنيه في حق موسى الكاظم: (هذا إمام الناس وحجة الله على خلقه، وخليفته على عباده، أنا إمام الجماعة في الظاهر والغلبة والقهر وأنه والله لأحق بمقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مني ومن الخلق جميعاً. ووالله لو نازعني في هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناه فإن الملك عقيم).

وقال الرشيد للمأمون كما ذكره في نفس الباب: (يا بني هذا

٦٦

وارث علم النبيين، هذا موسى بن جعفر، إن أردت العلم الصحيح تجد عند هذا) الخ…

ولعمري أن هذا الاعتراف بالحق الصريح من مثل هذا السلطان المتغلب ليهدي إلى قلوب طلاب الحق أنواراً ساطعة، وحججاً لامعة، تضىء لهم السبيل إلى الحقيقة الضائعة. ولا سيما والراوي له أحد كبّار علماء السنة عن كتاب أحد أعاظم رواتهم فراجعه. ومع هذا الاعتراف من الرشيد بحق الإمام عليه السلام فقد حبسه مراراً، ثم أمر السندي بن شاهك بقتله بالسم فقتله به في الحبس كما ذكره أهل السير. منهم ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة.

ونقل في الينابيع في باب (٦٣) عن كتاب الصواعق لابن حجر عند تعداد الأئمة الأنثي عشر وكراماتهم وعلومهم قال: (منهم موسى الكاظم وهو وارثه - أي وارث أبيه الصادق - علماً ومعرفةً وكمالاً وفضلاً. سمي «الكاظم) لكثرة تجاوزه وحلمه. وكان عند أهل العراق معروفاً بباب قضاء الحوائج. وكان أعبد أهل زمانه، وأعلمهم، وأسخاهم) ثم ذكر له كرامات باهرة.

وذكر كمال الدين الشافعي في مطالب السئول وذكر فضله وبعض كراماته كما ذكر لآبائه وأبنائه الطاهرين كرامات جليلة.

وقال ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة عند ذكر الإمام الكاظم عليه السلام: (وكان موسى الكاظم عليه السلام أعبد أهل زمانه وأعلمهم وأسخاهم كفّاً، وأكرمهم نفساً وذكر له كرامات تحيّر الألباب.

٦٧

وروى الشبلنجي في نور الأبصار هذه الشهادة عن الفصول المهمة أيضاً. ثم ذكر هو له كرامات جليلة باهرة.

وفي الفصول المهمة أيضاً عند ذكر الإمام الرضا عليه السلام قال قال إبراهيم بن العباس: سمعت العباس يقول: (ما سئل الرضا عن شيء إلاّ علمه ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان إلى وقت عصره. وكان المأمون يمتحنه بالسؤال في كل شيء فيجيبه الجواب الشافي).

وروى الشبلنجي في نور الأبصار عن أهل السير قول المأمون: (إن علياً الرضا أفضل آل أبي طالب). وذكر له مناقب عظيمة. وروى عن تاريخ نيشابور كما رواه صاحب الينابيع أيضاً في باب (٦٣) عن الصواعق عند ما بلغ إلى ذكر الإمام الرضا عليه السلام وبيان فضله وكراماته قال ما نصه: (وفي تاريخ نيشابور أنه عليه السلام استقام بها أياماً ثم خرج يريد بلد: «مرو» و«شاهجيان» وعليه مظلة لا يرى من ورائها عرض له الحافظان أبو زرعة الرازي ومحمد بن أسلم الطوسي ومعهما من طلبة العلم والحديث ما لا يحصى فتضرّعا إليه أن يريهم وجهه الشريف المكرم المبارك ويروي لهم حديثاً عن آبائه. فاستوقف البغلة وأمر غلمانه بكشف المظلة فأقرّ عيون تلك الخلائق برؤية طلعته المباركة. فكانت له ذوابتان مدليتان على عاتقه والناس بين صارخ وباك ومتمرغ في التراب ومقبّل لحافر بغلته. فصاحت العلماء: معاشر الناس أنصتوا فقال رضي الله عنه: (حدثي أبي موسى الكاظم، عن أبيه جعفر الصادق، عن أبيه محمد الباقر،

٦٨

عن أبيه زين العابدين، عن أبيه الحسين، عن أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين رضاءاً واسعاً وأرضاهم قال حدثني حبيبي وقرة عيني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال حدثني جبرئيل قال سمعت رب العزة يقول: (لا إله إلا الله حصني فمن قالها دخل حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي) ثم أرخى الستر وسار فعدّ الذين يكتبون هذا الحديث فزادوا على عشرين ألفاً.

ثم روى عن فصل الخطاب نصّ هذا الحديث قال: وزاد في روايته فلما مرّت الراحلة نادانا: (بشروطها وأنا من شروطها) قيل: من شروطها الإقرار له بأنه إمام المسلمين مفترض الطاعة انتهى… ثم قال: ويشهد لهذه الرواية ويقوّيها قول علي كرم الله وجهه في كتاب غرر الحكم: (إن للا إله إلا الله شروطاً وأني وذريتي من شروطها) انتهى. وذكر هذه الحكاية في الفصول المهمة عن تاريخ نيشابور أيضاً.

وفي الفصول المهمة عند ذكر أحوال الإمام الجواد عليه السلام ومناقبه الجمة وفضله وعلمه ذكر حكاية تزويج المأمون له بابنته ومحاولة العباسيين صرفه عن ذلك، وما جرى من حكاية سؤال يحيى بن أكثم له وظهور فضله ظهور الشمس تلك الحكاية المشهورة وقول المأمون لهم: اخترته - أي الإمام الجواد - لتبريزه على كافة أهل الفضل في العلم والحلم والمعرفة والأدب مع صغر سنه.

وذكر الشبلنجي له في نور الأبصار مآثر ومناقب مشهورة.

٦٩

وفي الفصول المهمة عند ذكر أحوال الإمام الهادي عليه السلام وعلمه وجلالته قال قال بعض أهل العلم: (فضل أبي الحسن علي بن محمد الهادي قد ضرب على المجرة قبابه، ومدّ على نجوم السماء أطنابه. فما تعدّ منقبة إلاّ وإليه نحيلتها، ولا تُذكر كريمة إلاّ وله فضيلتها، ولا تورد محمدة إلاّ وله تفصيلها وجملتها، ولا تستعظم خلة سنية إلا وتظهر عليه أدلتها) الخ…

وعن الصواعق: (إن الإمام الهادي عليه السلام كان وارث أبيه علماً ومنحاً).

وفي الفصول المهمة أيضاً بعد ذكره للإمام الحسن العسكري وفضله قال: (مناقب سيدنا أبي محمد الحسن العسكري دالة على أنه السري ابن السري فلا يشك في إمامته أحد ولا يمتري) إلى أن قال: (واحد زمانه من غير مدافع، ونسيج وحده من غير منازع، وسيد أهل عصره، وإمام أهل دهره) إلى أن قال: (فارس العلوم الذي لا يجارى، ومبيّن غوامضها فلا يحاول ولا يمارى، كاشف الحقائق بنظره الصائب، ومظهر الدقائق بفكره الثاقب). وذكر له فضائل ومناقب تدل على غزير علمه وجلالة قدره.

وذكر الشبلنجي في نور الأبصار له أيضاً كرامات باهرة وفضائل زاهرة.

وفي ينابيع المودة في باب (٦٣) عن الصواعق عند ذكره المهدي عليه السلام قال: (ولم يخلف - أي الحسن العسكري عليه السلام -

٧٠

غير ولده أبي القاسم محمد الحجة وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين لكن آتاه الله تبارك وتعالى العلم والحكمة ويسمى «القائم المنتظر» لأنه ستر وغاب ولم يعرف أين ذهب) انتهى ما في الصواعق.

٢٧ - شهادة القرماني

عن كتاب أخبار الدول للقرماني عند ذكر المهدي عليه السلام أنه قال: (وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين أتاه الله فيها الحكمة كما أوتيها يحيى صبيّاً) الخ…

٢٨ - شهادة البسطامي

ذكر في الينابيع في باب (٦٧) عن كتاب درة المعارف للشيخ عبدالرحمن البسطامي بعد ذكر انتقال أسرار العلوم إلى أئمة أهل البيت عليهم السلام واحداً بعد واحد إلى أن بلغ إلى ذكر المهدي المنتظر عليه السلام فقال: (والمهدي أكثر الناس علماً وحلماً وعلى خده الأيسر خال أسود وهو من ولد الحسين بن علي رضي الله عنهم).

وقال في الفصول المهمة عند ذكر الإمام العسكري عليه السلام: (خلف أبو محمد الحسن من الولد ابنه الحجة القائم المنتظر لدولة الحق).

هذه نبذة يسيرة من أقوال بعض أكابر الصحابة رضي الله عنهم وأعاظم أهل السنة وأئمتهم وقادة الرأي منهم في تفضيل أئمة أهل البيت النبوي الطاهر على سائر البشر.

ولو أردنا استقصاء جل ما هنالك لاحتجنا إلى تأليف مجلدات.

٧١

والخلاصة: إن التدليل وإقامة البراهين وسرد الشواهد والشهادات من علية القوم على فضل وغزارة علوم أئمة أهل البيت ورثة علم النبي الأقدس صلى الله عليه وآله وسلم وأنهم أعلم الخلق كما نص عليه الرسول يكاد يعدّ من الفضول. لأنه من أوضح الواضحات، وهو بين أعيان المسلمين من المسلمات وهذا كتابنا ينطق بالحق، وينبىء بالصدق عن تلكم الآيات البينات.

وإن تلقي أئمة المذاهب الأربعة علمهم من علم أئمة العترة النبوية معلوم. فإن أخذ الإمام أبي حنيفة والإمام مالك رضي الله عنهما العلم من الإمام الصادق عليه السلام وافتخارهما بذلك قد مر عليك. ومسند الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه مشحون بذكر علمهم وفضلهم، وكراماتهم. وقد مرت عليكم في غضون هذه الرسالة بعض تلك الأحاديث التي رواها فيهم عليهم السلام وأشعار الإمام الشافعي رضي الله عنه في علوّ شأنهم قد سارت بها الركبان. وما ألفه علماء أهل السنة رضي الله عنهم في فضائلهم، وعلومهم، وتفضيلهم على الأنام، ومآثرهم في الإسلام يعسر حصره،. وشهادة الصحابة رضي الله عنهم بفضلهم وتفضيلهم معروفة. وقد عرضنا لك بعضها ويكفي في فضل سيد العترة الطاهرة أمير المؤمنين عليه السلام شهادة الشيخين أبي بكر وأبي حفص رضي الله عنهما قال أبو بكر سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (لا يجوز أحد الصراط إلا من كتب له علي رضي الله عنه الجواز) رواه المحب الطبري الشافعي في ذخائر العقبى، ورواه الصبّان

٧٢

في إسعاف الراغبين بل رواه الفريقان في مؤلفاتهم وهو حديث مشهور منقول بطرق كثيرة. وقال عمر بن الخطاب. أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (لو أن إيمان أهل السموات والأرض وضع في كفة ووضع إيمان علي رضي الله عنه في كفة لرجح إيمان علي ابن أبي طالب) رواه في الينابيع باب (٥٦) عن مودة القربى وأخرجه في ذخائر العقبى ومناقب الخوارزمي بطريقين عن عمر رضي الله عنه عنه صلى الله عليه وآله وسلم بلفظ: (لو أن السموات السبع والأرضين السبع وضعت) الخ… وقال عمر أيضاً كما يرويه في الينابيع في نفس الباب عن نفس الكتاب قال صلى الله عليه وآله وسلم: (لو أن البحر مداد والرياض أقلام والأنس كتّاب والجن حسّاب ما أحصوا فضائلك يا أبا الحسن) قاله لعلي عليه السلام ومضمون هذين الحديثين مروي بطرق متعددة من الفريقين.

وناهيك من فضل أهل البيت عليهم الصلاة والسلام أن الله سبحانه لا يقبل صلاة له إلاّ بالصلاة عليهم. وإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الصلاة عليه وحده بغير ضم آله إليه كما هو معروف. وقد رواه صاحب الصواعق كما يرويه عنه صاحب الينابيع في باب (٥٩) في ذكر آية( ان الله وملائكته يصلون على النبي ) (١) الخ… قال: وصح عن كعب بن عجره قال لما نزلت هذه الآية قلنا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك؟ وكيف نصلي عليك؟ فقال: (قولوا اللهم

____________________

(١) سورة الأحزاب.

٧٣

صل على محمد وعلى آل محمد) الخ… إلى أن قال ويروى لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء فقالوا: وما الصلاة البتراء قال تقولون اللهم صل على محمد وتسكتون بل قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد. وقد أخرج الديلمي أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (الدعاء محجوب حتى يصلى على محمد وآله). وللشافعي رضي الله عنه.

يا أهل بيت رسول الله حبّكم * فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم القدر أنكم * من لم يصل عليكم لا صلاة له

انتهى ما عن الصواعق. والعجب ممن يروون هذا ثم لا يفعلونه سامحهم الله وجمع كلمة المسلمين على الهدى والتقوى. وهذه الشهادات والبينات جاءت على لسان من عرفت عرضناها إتماماً للحجة وإنارة للمحجة ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة.

تآليف الشيعة عنهم عليهم السلام

وأما ما ألفه الشيعة في علومهم ومآثرهم فهو مما لا يكاد يحصى. وقد ضبط الشيخ الحر العاملي صاحب الوسائل كما ذكره في بعض فوائدها عدد ما ألفه أصحاب الأئمة الأطهار من علومهم وأحاديثهم من عهد أمير المؤمنين إلى عهد الحسن العسكري عليه السلام فكان ستة آلاف وستمائة كتاب ومعظمه كان في عهد الإمام الصادق عليه السلام وبعده. فإن من روى عنه خاصة كان عددهم أربعة آلاف راوٍ من حملة العلم كما روى ذلك عن كتاب

٧٤

أعلام الورى وغيره. وقد سُمي أربعمائة من تلك الكتب المؤلفة بالأصول الأربعمائة. ثم لخصت ونقحت في أربع موسوعات في جميع أحاديث أبواب الفقه وما يلحق به.

(أحدها) كتاب (الكافي) في الأصول والفروع المشتمل على (١٦١٩٩) حديثاً للشيخ الثقة الجليل أبي جعفر الكليني المتوفى في بغداد سنة ٣٢٩ هـ

(ثانيها) كتاب (من لا يحضره الفقيه) المشتمل على (٩٠٤٤) حديثاً للشيخ الصدوق المتوفى سنة ٣٨١ هـ

(ثالثها) و(رابعها) كتاب (التهذيب) المشتمل على (١٣٥٩٠) حديثاً. وكتاب (الاستبصار) المشتمل على (٥٥١١) حديثاً لشيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي المتوفى في النجف الأشرف سنة ٤٦٠ هـ هذه أبسط كتب الحديث وهي مطبوعة عدة طبعات وإن كانت كتب الحديث عند الشيعة تعد بالآلاف سوى كتب فقههم وفتاواهم وغيرها التي تعد بعشرات الألوف. ومن كتبهم كتاب البحار في أحاديث أهل البيت عليهم السلام في سائر العلوم وهو خزائن من العلم والعرفان في ٢٦ كتاباً ضخماً مطبوع بالطبع الحجري بالقطع الكبير ولو طبع بالحروف لكان أكثر من مائة مجلد ضخم. وإن شئت الإطلاع على علومهم ووفرة مؤلفاتهم فانظر الفهارس التي ألفت في ضبط كتبهم وتصانيفهم وأحاديثهم عن أئمتهم عليهم السلام مثل الذريعة للعلامة البحاثة الشيخ أغا بزرك الطهراني وغيرها.

٧٥

ختام وتوديع

هذا نماذج من حجج متبعي مذهب أهل البيت عليهم السلام عرضناها عليك لتكون على بينة من أمرك. ولا تقولن من أين جاء هذا المذهب، وعلى أي استناد استند. كما نسمع هذه الغميزة بين آن وآخر. ونحن لا نقول لمتبع أي مذهب من المذاهب الإسلامية المقدسة أن يتبع ما ذهبنا إليه. ولكن نقول نحن نحترم كل المذاهب المستندة إلى الفقهاء. فاحترموا مذهبنا المستند إلى سادات الأنام ومفخرة الأيام بأمر الصادع بالرسالة صلى الله عليه وآله وسلم كما عرفته. وإني الآن مودعك أيها المسلم الطاهر من أدران كل عاطفة، والنزيه من كل عصبية، وإن كتيبي هذا هدية لك. فانظر فيه بمنظار صاف ترى فيه الحقائق على حالها ناصعة غير مشوشة. وطالع فيه بإمعان وتبصر وتفكر وتدبر فإن توصلت فيه إلى الغاية المنشودة لكل مسلم ومؤمن فذاك. وإن لم تصل فيه إلى شيء فأقل ما تعلم منه هو أن مذهب أهل البيت عليهم السلام مذهب له أدلته ودلائله وبراهينه وبينته من السنة النبوية. وإن الشيعة إنما اعتمدت على ذلك فاتبعت أهل بيت نبيّها صلى الله عليه وآله وسلم في الفقه وأخذ الأحكام. فلا تكن ممن يهمزهم ويلمزهم جهلاً بحقيقة الحال. هذا وإني ابتهل إلى الله جل جلاله في أن يلم شعث المسلمين ويجعل كلمتهم العليا. أنه على ما يشاء قدير. والسلام على من سمع فوعى وأتبع الهدى ورحمة الله وبركاته.

٧٦

الفهرس

تقديم: ٣

وديعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمته ٥

وضع المذاهب ٦

واجب المكلفين ٨

تنوير في طريق التنقيب ٩

نماذج من حجج الشيعة ١١

لمذهب أهل البيت عليهم السلام ١١

الطائفة الأول ١٢

في أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم باتباع أهل بيته ١٢

الطائفة الثانية ٢١

في الأخبار الدالة على أن علياً خير البشر ٢١

الطائفة الثالثة ٢٣

في النص على الأئمة الاثني عشر عليهم السلام ٢٣

الطائفة الرابعة ٣١

في شهادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأعلمية أهل بيته ٣١

الطائفة الخامسة ٣٧

في مدح النبي لشيعة أهل بيته ٣٧

مناشدة على ضوء الأحاديث السابقة ٤٣

حديث «أصحابي كالنجوم» ٤٥

حديث «أهل بيتي كالنجوم» ٤٨

٧٧

شهادات بعض عظماء الأمة ٤٩

في أهل البيت عليهم السلام ٤٩

١ - شهادة أبي بكر رضي الله عنه ٤٩

٢ - شهادة عمر رضي الله عنه ٥٠

٣ - شهادة عائشة رضي الله عنها ٥٠

٤ - شهادة ابن عباس رضي الله عنه ٥١

٥ - شهادة ابن مسعود رضي الله عنه ٥٢

٦ - شهادة حذيفة رضي الله عنه ٥٢

٧ - شهادة معاوية ٥٢

٨ - شهادة عمرو بن العاص ٥٣

٩ - شهادة معاوية بن يزيد ٥٤

١٠ - شهادة عمر بن عبدالعزيز ٥٥

١١ - شهادة المأمون ٥٦

١٢ - شهادة ابن أبي الحديد المعتزلي ٥٦

١٣ - شهادة ابن الصباغ المالكي ٥٧

١٤ - شهادة سعيد بن مسيب ٥٨

١٥ - شهادة الزهري ٥٨

١٦ - شهادة عطاء ٥٨

١٧ - شهادة المنصور ٦٠

١٨ - شهادة الإمام مالك رضي الله عنه ٦١

١٩ - شهادة الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه ٦٢

٢٠ - شهادة اليافعي ٦٣

٢١ - شهادة كمال الدين الشافعي ٦٣

٢٢ - شهادة ابن حجر ٦٤

٢٣ - شهادة الشعراني الشافعي ٦٤

٧٨

٢٤ - شهادة ابن الصبان الحنفي ٦٤

٢٥ - شهادة الشبلنجي ٦٥

٢٦ - شهادة الرشيد ٦٦

٢٧ - شهادة القرماني ٧١

٢٨ - شهادة البسطامي ٧١

تآليف الشيعة عنهم عليهم السلام ٧٤

ختام وتوديع ٧٦

٧٩

80

81

82

83