استخراج المرام من استقصاء الإفحام الجزء ٢

استخراج المرام من استقصاء الإفحام17%

استخراج المرام من استقصاء الإفحام مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 456

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 456 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 227709 / تحميل: 8353
الحجم الحجم الحجم
استخراج المرام من استقصاء الإفحام

استخراج المرام من استقصاء الإفحام الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

وفي رواية : إنّ الزبير ـ لمّا قال له ابنه ذلك ـ غضب ، فقال له ابنه : والله لقد فضحتنا فضيحةً لا نغسل منها رؤوسنا أبداً فحمل الزبير حملة منكرة) (١) .

انتهى بقدر الضرورة .

وفي هذه العبارة أيضاً فوائد كثيرة لا تخفى على من تأمّل فيها ، فلا الاعتذار بأنّ الطرفين ما كان قاصدين لاشتعال الحرب ينفع ، ولا الاعتذار للزبير بنسيان ما قاله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له من قبل...

لكن العجيب جدّا ً: إصرار عبد الله على الحرب ، فإنّه لم يرتدع عنها بما ارتدع به أبوه ، وهو كلام رسول الله الذي ذكّره الإمام به ، بل جعل يؤنّب أباه ويحاول أنْ يعيده إلى القتال ويغريه إلى الحرب .

كلام الإمام في عبد الله بن الزبير

وهكذا كان عبد الله يسعى في البغض والعداء لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، حتّى أنّه حاول جاهداً لأنْ يورّط أباه بعد أنْ اختار الانعزال ، واعتراض عليه قائلاً : ( لقد فضحتنا فضيحةً لا نغسل منها رؤوسنا أبداً )...

والذي يظهر من كلام أمير المؤمنينعليه‌السلام ـ المروي في كتب الفريقين ـ أنّ عبد الله هو السبب في مفارقة الزبير لأهل البيتعليهم‌السلام ...

ـــــــــــــــــــ

(١) تذكرة خواصّ الأُمّة في معرفة الأئمّة : ٧١ ـ ٧٢ .

١٢١

روى سبط ابن الجوزي قال :

( وفي رواية : إنّ عليّاًرضي‌الله‌عنه لمّا التقى بالزبير قال له :( كنّا نعدّك من خيار بني عبد المطّلب ، حتّى بلغ ابنك السوء ففرّق بيننا وبينك ، أليس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لك كذا وكذا ) وذكر الحديث )(١) .

وروى ابن الأثير :

وكان عليٌّ ـرضي‌الله‌عنه ـ يقول :( ما زال الزبير منّا أهل البيت حتّى نشأ له عبد ا لله ) (٢) .

وروى ابن عبد البر :

قال عليّ بن أبي طالب ـرضي‌الله‌عنه ـ :( ما زال الزبير يُعدُّ منّا أهل

ـــــــــــــــــــ

(١) تذكرة خواصّ الأُمّة : ٧٢.

(٢) أُسد الغابة في معرفة الصحابة ٣ : ١٣٩ / ٢٩٤٧ .

١٢٢

البيت حتّى نشأ عبد الله ) (١) .

بين عبد الله بن الزبير والإمام الحسينعليه‌السلام

ومن دلائل حبّه وشدّة عداوته لأهل البيت الأطهار ( عليهم الصلاة والسلام ) : موقفه مع الإمام السبط الشهيد الحسين بن علي في مكّة المكرّمة ، وهذا من القضايا التاريخيّة الثابتة :

قال ابن فهد المكّي في( إتحاف الورى بأخبار أُمّ القرى ) :

( وفيها خرج الحسين بن عليّ بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه من المدينة إلى مكّة ، فلقيه عبد الله بن مطيع فقال : جلت فداك أين تريد ؟ فقال :( فأمّا الآن فمكّة وأمّا بعد ، فإنّي أستخير الله تعالى ) ، قال : خار الله لك وجعلنا فداك ، فإذا أتيت مكّة فإيّاك أنْ تقرب الكوفة فإنّها بلدة مشؤومة ، بها قُتِل أبوك وخُذِل أخوك واغتيل بطعنة كادت تأتي على نفسه ، ألزم الحرم فإنّك سيّد العرب لا يعدل بك أهلُ الحجاز أحداً ، ويتداعى إليك الناس من كلّ جانب ، لا تُفارق الحرم فداك عمّي وخالي ، فو الله لئن هلكت لنُسترقّنّ بعدك .

فأقبل حتّى نزل مكّة وأهلها يختلفون إليه ويأتونه ومن بها من المعتمرين وأهل الآفاق ، وابن الزبير بها قد لزم جانب الكعبة ، فهو قائم يُصلّي عندها عامّة النّهار ويطوف ، ويأتي الحسين فيمن يأتيه ، ولا يزال يشير عليه بالرأي وهو أثقل خلق الله على ابن الزبير ؛ لأنّ أهل الحجاز لا يُبايعونه ما دام الحسين بالبلد .

وأرسل أهل الكوفة الحسين في المسير إليهم ، فلمّا أراد المسير إلى

ـــــــــــــــــــ

(١) الاستيعاب في معرفة الأصحاب ٣ : ٩٠٦/ ١٥٣٥ .

١٢٣

الكوفة أتاه عمر بن عبد الرحمان بن الحارث بن هشام فقال له : إنّي أتيتك لحاجة أُريد ذكرها نصيحة لك ، فإنْ كنت ترى أنّك مُستنصِح قلتها وأدّيت ما علَيّ من الحقّ فيها ، وإنْ ظننت أنّك لا تستنصحني كففت عمّا أُريد .

فقال :( قل ، فو الله ما استغشّك وما أحملنّك بشيءٍ من الهوى ) .

قال له : قد بلغني أنّك تريد العراق ، وإنّي مشفقٌ عليك أنْ تأتي بلداً فيها عمّاله وأُمراؤه ، ومعهم بيوت الأموال ، وإنّما النّاس عبيد الدّنيا والدرهم ، فلا آمن عليك أنْ يُقاتلك من وعدك نصره ومَن أنت أحبّ إليه ممّن يُقاتلك معه .

فقال له الحسين :( جزاك الله خيراً يا ابن عم ، قد علمتُ أنّك مشيت بنصح وتكلّمت بعقل ، ومهما يُقضى من أمر يكن ، أخذتُ برأيك أو تركت ، فأنت عندي أحمدُ مُشير وأنصح ناصح ) .

وأتاه عبد الله بن عبّاس فقال : قد اُرجف النّاس أنّك سائر إلى العراق ، فبيّن لي ما أنت صانع ؟

فقال له :( قد أجمعت السير في أحد يوميّ هذين ، إنْ شاء الله تعالى ) .

فقال له ابن عبّاس : فإنّي أُعيذك بالله من ذلك ، أخبرني أتسير إلى قومٍ قتلوا أميرهم وضبطوا بلادهم ونفوا عدّوهم ، فإنْ كانوا فعلوا فسر إليهم ، وإنْ كانوا إنّما دعوك إليهم ، وأميرهم عليهم قاهرٌ عليهم وعمّاله تجبى بلاده ، فإنّما دعوك إلى الحرب ، ولا آمن عليك أنْ يغرّوك ويكذبوك ويخالفوك ويخذلوك ، ويستنفروا إليك ويكونوا أشدّ النّاس عليك .

فقال الحسين :( إنّي أستخير الله وأنظر ما يكون ) .

فخرج ابن عبّاس .

وأتاه ابن الزبير ، فحدّثه ساعة ثمّ قال : ما أدري ما تركنا هؤلاء القوم

١٢٤

وكفنّا عنهم ، ونحن أبناء المهاجرين وولاة هذا الأمر دونهم ، خبّر ما تريد أن تصنع ؟

فقال الحسين :( لقد حدّثت نفسي بإتيان الكوفة ، ولقد كتب إليّ شيعتي بها وأشراف النّاس ، وأستخير الله تعالى ) .

فقال له ابن الزبير : أمّا لو كان لي بها مثل شيعتك لما عدلت عنها .

ثمّ خشي أنْ يتّهمه فقال : أما إنّك لو أقمت بالحجاز ، ثمّ أردت هذا الأمر هاهنا ، حالفنا عليك وساعدناك وبايعنا لك ونصحنا لك .

فقال له الحسين :( إنّ أبي حدّثني أنّ بها كبشاً يستحلّ حرمتها ، فما أحبّ أنْ أكون أنا ذلك الكبش ) .

قال : فأقم إنْ شئت ، ولك الأمن تُطاع ولا تُعصى .

قال :( ولا أُريد هذا أيضاً ) .

ثمّ إنّهما اخفيا كلامهما ، فالتفت الحسين إلى من هناك وقال :( أتدرون ما يقول ) ؟

قالوا : لا ندري جعلنا الله فداك .

قال إنّه يقول :أقم في هذا المسجد أجمع لك النّاس .

ثمّ قال له الحسين :( والله لأن اُقتل خارجاً منها بشبر أحبُّ إليَّ من أن اُقتل فيها ، ولأنْ اُقتل خارجاً منها بشبرين أحبّ إليّ أن اُقتل خارجاً منها بشبر ، وأيم الله لو كنت في جحر هامّة من هذه الهوامّ لاستخرجوني حتّى يقضوا بي حاجتهم ، والله ليعتدّنّ علَيّ كما اعتدت يهود في السبت ) .

فقام ابن الزبير ، فخرج من عنده .

فقال الحسين :( إنّ هذا ليس شيء من الدنيا أحبّ إليه من أنْ أخرج من الحجاز ، وقد علم أنّ النّاس لا يعدلونه بي ، فودّ أنّي خرجت حتّى يخلو له ) .

١٢٥

فلمّا كان مِن العشي أو من الغداة أتاه ابن عبّاس فقال : يا ابن عمّ ، إنّي أتصبّر ولا أصبر ، إنّي أتخوّف عليك وهذا اليوم الهلاك و الاستيصال ، إنّ أهل العراق قوم غدرٍ ولا تقربنّهم ، أقم بهذا البلد فإنّك سيّد أهل الحجاز ، فإنْ كان أهل العراق يريدونك كما زعموا ، فاكتب إليهم فلينفوا عاملهم وعدوّهم ثمّ أقدم عليهم ، وإنْ أبيت إلاّ أنْ تخرج فسر إلى اليمن ، فإنّ فيها حصوناً وشعباً ، وهي أرض طويلة عريضة ، ولأبيك بها شيعة ، وأنت عن النّاس في عزلة ، فتكتب إلى النّاس، وبُثّ دعاتك ، فإنّي أرجو أنْ يأتيك عند ذلك الذي تحبّ في عافية .

فقال الحسين :( يا ابن عمّ ، إنّي أعلم ـ والله ـ أنّك ناصحٌ مُشفق ، وقد أزمعت وأجمعت السير ) .

فقال له ابن عبّاس : فإنْ كنت سائراً ، فلا تسر بنسائك وصبيتك ، فإنّي خائف أنْ تقتل ، كما قُتل عثمان ونساؤه وولده ينظرون إليه .

ثمّ قال له ابن عبّاس : لقد أقررت عين ابن الزبير بالخروج من الحجاز ، وهو اليوم لا ينظر إليه أحدٌ معك ، والله الذي لا إله إلاّ هو ، لو أعلم أنّك إذا أخذت بشعري وأخذت بناصيتك حتّى يجتمع علينا النّاس أطعتني وأقمت ، لفعلت ذلك ، ثمّ خرج ابن عبّاس من عنده ، فمرّ بابن الزبير ، فقال : قرّت عينك يا ابن الزبير ، ثمّ قال :

يا لك مِن قنبرةٍ بمعمر

خلا لك الجوّ فبيضي واصفري

ونقّري ما شئت أنْ تنقّري

١٢٦

هذا حسين يخرج إلى العراق ويخلّيك والحجاز ) (١) .

فمن هذا يظهر خبث باطن ابن الزبير ، وشدّة عدائه لأهل البيتعليهم‌السلام ، وإلاّ لكان الإمام الحسينعليه‌السلام أحبّ النّاس إليه ، وبقاؤه في مكّة أقرّ لعينه ، ولكنّه كان بالعكس ، فقد كان الإمام الحسين في مكّة أثقل النّاس إليه ، وكان يقول له بلسانه غير ما كان بقلبه ، ويبدي له خلاف ما يخفي عليه... والإمامعليه‌السلام عارفٌ بواقع أمره وحقيقة سرّه ، وكذلك فهم ابن عبّاس ، حتّى قال للإمام الحسين لمّا عزم على الخروج : لقد أقررت عين ابن الزبير... فلو كان له أدنى حظٍّ من الإيمان وأقلّ قسط من الإيقان لما صار قريرَ العين بمسير الحسين ، بل بكى دماً وذاب ألماً ، وصار قلبه مجروحاً وعينه مقروحاً ، وأطال الحزن والكآبة ومني بالشجى والسآمة ، وهل يسرّ بالفراق إلاّ الشامت الكاشح والمُبغض غير الناصح...

وكان الخبر في رواية الجلال السيوطي في كتاب( تاريخ الخلفاء ) حيث قال :

( فلمّا مات معاوية بايعه ـ يعني يزيد ـ أهل الشام ، ثمّ بعث إلى أهل المدينة مَن يأخذ له البيعة ، فأبى الحسين وابن الزبير أنْ يُبايعاه ، وخرجا من ليلتهما إلى مكّة ؛ فأمّا ابن الزبير فلم يُبايع ولا دعا إلى نفسه ، وأمّا الحسين فكان أهل الكوفة يكتبون إليه ، يدعونه إلى الخروج إليهم زمن معاوية وهو يأبى ، فلمّا بويع يزيد أقام على ما هو مهموماً ، يجمع الإقامة مرّة ويريد المسير إليهم أُخرى .

فأشار عليه ابن الزبير بالخروج .

ـــــــــــــــــــ

(١) إتحاف الورى بأخبار أُمّ القرى ـ حوادث السنة ٦٠ .

١٢٧

وكان ابن عبّاس يقول له : لا تفعل .

وقال له ابن عمر : لا تخرج ، فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خيّره الله بين الدنيا والآخرة ، فاختار الآخرة وإنّك بضعةٌ منه ، ولا تنالها ـ يعني الدنيا ـ واعتنقه وبكى وودّعه ، فكان ابن عمر يقول : غلبنا حسينٌ بالخروج ، ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة .

وكلّمه في ذلك أيضاً جابر بن عبد الله وأبو سعيد وأبو واقد الليثي وغيرهم فلم يُطع أحداً منهم .

وصمّم على المسير إلى العراق ، فقال له ابن عبّاس : والله إنّي لأظنّك ستُقتل بين نسائك وبناتك كما قُتل عثمان ، فلم يقبل منه ، فبكى ابن عبّاس وقال : أقررت عين ابن الزبير .

١٢٨

ولمّا رأى ابن عبّاس عبد الله بن الزبير قال له : قد أتى ما أحببت ، هذا الحسين يخرج ويتركك والحجاز ، ثمّ تمثّل :

يا لك من قنبرةٍ بمعمر

خلا لك الجوّ فبيضي واصفري

ونقّري ما شئت أن تنقري ) (١) .

أحاديث في ذمّ بُغض عليّ وأهل البيتعليهم‌السلام

وإذْ ظهر بُغض عبد الله بن الزبير وعداؤه لأمير المؤمنين وأهل البيت الطاهرين ، كان من المناسب إيراد نصوص روايات عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذمّ بُغض عليّ أمير المؤمنين وأبنائه وأهل البيت ، والمُبغض لهم... عن كتب أهل السنّة وبأسانيدهم :

ـــــــــــــــــــ

(١) تاريخ الخفاء : ١٦٤ ـ ١٦٥ .

١٢٩

 ( أخرج الطبراني عن عليّ كرّم الله وجهه قال : ( إنّ خليلي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : يا عليّ ، إنّك ستقدم على الله وشيعتك راضين مرضيّين ، ويقدم عليه عدوّك غضباناً مقمحين ) ، ثمّ جمع عليٌّ يده إلى عنقه يريهم الإقماح .

وأخرج الدليمي عن ابن عمررضي‌الله‌عنه ما ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( عليّ بن أبي طالب بابُ حطّة فمَن دخل منه كان مؤمناً ، ومِن خرج منه كان كافراً ) .

وأخرج مسلم والترمذي والنسائي عن زر بن حبيش قال: قال عليٌّ كرّم الله وجهه:والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة، إنّه لعهد النبي الاُمّي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليّ أن لا يحبّني إلاّ مؤمن ولا يبغضني إلاّ منافق.

وأخرج أحمد والترمذي ـ وحسّنه ـ عن أُمّ سلمة رضي الله عنها قالت : ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( لا يحبّ عليّاً منافق ولا يبغضه مؤمن ) .

وفي رواية ابن أبي شيبة عنها بلفظ :( لا يبغض عليّاً مؤمن ولا يحبّه منافق ) .

وعند الطبراني في الكبير عنها :( لا يحبّ عليّاً إلاّ مؤمن ولا يبغضه إلاّ منافق ) .

وأخرج الترمذي عن أبي سعيد الخدري والبزّار والطبراني في الأوسط ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قالا : كنّا نعرف المنافقين ببغضهم عليّاً .

وأخرج الطبراني في الكبير عن سلمانرضي‌الله‌عنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّ :( محبّك محبّي ، ومبغضك مبغضي ) .

وأخرج عبد الرزاق الرسعني عن أنَسرضي‌الله‌عنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّ :( كذب من زعم أنّه يحبّني ويبغضك ) .

وأخرج الطبراني في الكبير عن أُمّ سلمة رضي الله عنها ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( من أحبّ عليّاً فقد أحبّني ، ومن أحبّني فقد أحبّ الله ، ومَن أبغض عليّاً فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله ) .

وأخرج ابن عدي عن سلمانرضي‌الله‌عنه قال : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ضرب فخذ عليّ بن أبي طالب وصدره ، وسمعته يقول :( مُحبّك مُحبّي ، ومُبغضك مُبغضي ، ومُبغضي مُبغض الله ) .

١٣٠

وأخرج الحاكم والخطيب عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال : نظر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى عليّ بن أبي طالب فقال :( أنت سيّدٌ في الدنيا والآخرة ، مَن أحبّك فقد أحبّني ، وحبيبي حبيبُ الله ، وعدوّك عدوّي ، وعدوّي عدوّ الله ؛ فالوليل لمن أبغضك بعدي ) .

وأخرج الطبراني في الكبير والحاكم والخطيب عن عمّار بن ياسررضي‌الله‌عنه قال : قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( يا علي ، طوبى لِمَن أحبّك وصدَق فيك ، وويلٌ لِمَن أبغضك وكذب فيك ) .

وأخرج ابن مردويه عن أنَسرضي‌الله‌عنه أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( مَن حسَد عليّاً فقد حسدني ، ومَن حسدني فقد كفر ) .

وأخرج أبو يعلى والبزّار عن سعد بن أبي وقّاصرضي‌الله‌عنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( من آذى عليّاً فقد آذاني )) (١) .

وفي( مفتاح النجا ) أيضاً :

( وأخرج الحاكم عن جابررضي‌الله‌عنه : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( عليٌّ إمام البررة وقاتل الفجرة ، منصورٌ من نصره ، مخذولٌ من خذله ) .

ـــــــــــــــــــ

(١) مفتاح النجا في مناقب آل العبا ـ مخطوط .

١٣١

وأخرج الطبراني في الكبير عن عمرو بن شراحيلرضي‌الله‌عنه أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( اللّهمّ انصر مَن نصر عليّاً ، اللّهمّ أكرم مَن أكرم عليّاً ، اللّهمّ اخذل مَن خذل عليّاً ) .

وأخرج عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( اللّهمّ أعنه وأعن به ، وارحمه وارحم به ، وانصره وانصر به ، اللّهمّ وال مَن والاه وعادِ من عاداه ) ـ يعني عليّاً .

وأخرج عبد الرزاق الرسعني عن عبد الله بن مسعودرضي‌الله‌عنه قال : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم آخذ بيد علي وهو يقول :( الله وليّي وأنا وليّك ومعادي من عاداك ومسالم من سالمك ) .

واخرج الحافظ أبو بكر أحمد بن عبد الرحمان الجوال الشيرازي في كتاب( ألقاب الرجال ) ، وابن النجّار في تاريخه عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( اللهمّ اشهد لهم ، اللهمّ قد بلّغت ، هذا أخي وابن عمّي وصهري وأبو ولدي ، اللهمّ كبّ من عاداه في النّار ) .

وأخرج ابن عدي عن جابررضي‌الله‌عنه ، أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعليّ :( يا عليّ ، لو أنّ أُمّتي أبغضوك ، لكبّهم الله على مناخرهم في النّار ) .

وأخرج الديلمي عن الحسينرضي‌الله‌عنه عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( لو أنّ عبداً عَبَدَ الله مثل ما أقام نوحٌ في قومه ، وكان له مثل أُُحد ذهباً فأنفقه في سبيل الله ، ومُدَّ في عُمره حتّى يحجّ ألف عام على قدميه ، ثمّ قُتِل مظلوماً بين الصّفا والمروة ، ثمّ لم يُوالِك يا علي ، لم يشمّ رائحة الجنّة ولم يدخلها ) .

وأخرج ابن مردويه عن عطيّة بن سعد قال : دخلنا على جابر بن عبد اللهرضي‌الله‌عنه وهو شيخٌ كبير ، فقنا : أخبرنا عن هذا الرجل عليّ بن أبي طالب .

فرفع حاجبيه ثمّ قال :( ذاك مِن خير البشر فقيل له : ما تقول في رجل يبغض عليّاً ؟ فقال : ما يبغض عليّاً إلاّ كافر ) .

وأخرج عن سالم بن أبي الجعد قال : تذاكروا فضل عليٍّ عند جابر بن عبد اللهرضي‌الله‌عنه ، فقال : وتشكّون فيه ؟ فقال بعض القوم : إنّه أحدث قال :( وما يشكّ فيه إلاّ كافرٌ أو منافق ) .

١٣٢

وأخرج عن عطا قال : سألتُ عائشة عن عليّرضي‌الله‌عنه ما ، فقالت :( ذاك مِن خير البريّة ، ولا يشكّ فيه إلاّ كافر ) .

وأخرج أحمد والبزّار وأبو يعلى وابن عدي والحاكم وأبو نعيم في فضائل الصحابة ، عن عليّ كرّم الله وجهه قال :( دعاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : إنّ فيك مثلاً مِن عيسى ، أبغضته اليهود حتّى بهتوا أُمّه ، وأحبّته النّصارى حتّى أنزلوه بالمنزل الذي ليس به ، ألا وإنّه يهلك فيّ اثنان : محبّ مفرط يقرظني بما ليس فيّ ، ومُبغضٌ يحمله شنآني على أنْ يبهتني )) (١) .

ومن مساوئه في كتب التاريخ والحديث

وقد ذكر القوم مساوئ أخرى له ، في كتبهم التاريخيّة والحديثيّة ، نورده باختصار :

قال ابن عبد البرّ في( الاستيعاب ) :

( قال عليّ بن زيد الجدعاني : كان عبد الله بن الزبير كثير الصّلاة ، كثير الصّيام ، شديد البأس ، كريم الجدّات والأُمّهات والخالات ، إلاّ أنّه كانت فيه

ـــــــــــــــــــ

(١) مفتاح النجا في مناقب آل العبا ـ مخطوط  

١٣٣

خلال لا تصلح معها الخلافة ؛ لأنّه كان بخيلاً، ضيّق العطاء ، سيّئ الخُلق ، حسوداً ، كثير الخلاف ، أخرج محمّد بن الحنفيّة ، ونفى عبد الله بن عبّاس إلى الطائف ) (١) .

وقال ابن خلّكان في( وفيّات الأعيان ) :

( ولمّا دعا ابن الزبير إلى نفسه وبايعه أهل الحجاز بالخلافة ، دعا عبد الله ابن عبّاس ومحمّد بن الحنفيّة ـ رضي الله عنهما ـ إلى البيعة ، فأبيا ذلك وقالا : لا نُبايعك حتّى تجتمع لك البلاد ويتّفق الناس ، فأساء جوارهم وحصرهم وآذاهم وقال لهما : والله ، لئن لم تُبايعا أحرقتكما بالنّار) (٢) .

وذكر التنوخي في كتاب( الفرج بعد الشدّة ) :

( كتب محمّد بن الحنفيّة إلى عبد الله بن عبّاسرضي‌الله‌عنه ، حين سيّره عبد الله بن الزبير مِن مكّة إلى الطائف كتاباً نسخته :

أمّا بعد ؛ فقد بلغني أنّ عبد الله بن الزبير سيّرك إلى الطائف ، فأحدث الله لك بذلك أجراً وحطّ به عنك وزراً ، يا ابن عم ، إنّما يُبتلى الصالحون ، وتعدّ الكرامة للأخيار ، ولو لم تُؤجر إلاّ فيما تحبّ لقلّ الأجر ، وقد قال الله تعالى :( وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ) الآية ، عزم الله لنا ولك بالصبر على البلاء والشكر على النعماء ، ولا أشمت بنا الأعداء ، والسلام) (٣) .

وقال ابن حجر العسقلاني في كتاب التفسير من( فتح الباري في شرح صحيح البخاري ) :

ـــــــــــــــــــ

(١) الاستيعاب في معرفة الأصحاب ٣ : ٩٠٦/ ١٥٣٥ .

(٢) وفيات الأعيان ٤ : ١٧٢/ ٥٥٩ .

(٣) الفرج بعد الشدّة : ٤٢ .

١٣٤

 ( وكان محمّد بن عليّ بن أبي طالب المعروف بابن الحنفيّة وعبد الله بن عبّاس مُقيمين بمكّة ، مذ قتل الحسين ، فدعاهما ابن الزبير إلى البيعة له فامتنعا وقالا : لا نُبايع حتّى يجتمع الناس على خليفة ، وتبعهما على ذلك جماعة ، فشدّد عليهم ابن الزبير وحصرهم ، فبلغ المختار ، فجهّز إليهم جيشاً ، فأخرجوهما واستأذنوهما في قتال ابن الزبير ، فامتنعا وخرجا إلى الطائف فأقاما بها ، حتّى مات ابن عبّاس سنة ثمان وستّين ، ورحل ابن الحنفيّة بعده إلى جهة رضوى ـ جبل بينبع ـ فأقام هناك ، ثمّ أراد دخول الشام فتوجّه إلى نحو أيله ، فمات في آخر سنة ثلاث أو أوّل سنة أربع وسبعين ، وذلك عقب قتل ابن الزبير ، على الصحيح ، وقيل : عاش إلى سنة ثمانين أو بعد ذلك ، وعند الواقدي أنّه مات بالمدينة سنة إحدى وثمانين ، وزعمت الكيسانيّة أنّه حيٌّ لم يمت ، وأنّه المهدي ، وأنّه لا يموت حتّى يملك الأرض ، في خرافات لهم كثيرة ليس هذا موضعها ، وأنا لخّصت ما ذكرته من طبقات ابن سعد وتاريخ الطبري وغيرهما لبيان المراد .

وروى الفاكهي من طريق سعيد بن محمّد بن جُبير بن مطعم عن أبيه قال : كان ابن عبّاس وابن الحنفيّة بالمدينة ، ثمّ سَكَنا مكّة ، فطلب منهما ابن الزبير البيعة فأبيا حتّى يجتمع النّاس على رجل ، فضيّق عليهما ، فبعثا رسولاً إلى العراق ، فخرج إليهما جيش في أربعة آلاف ، فوجدوهما محصورين وقد اُحضر الحطب فجعل على الباب يخوّفهما بذلك ، فأخرجوهما إلى الطائف ، وذكر ابن سعد أنّ هذه القصّة وقعت بين ابن الزبير وابن عبّاس في سنة ست وستّين) (١) .

ـــــــــــــــــــ

(١) فتح الباري في شرح البخاري ٨ : ٢٦٢ .

١٣٥

رواية موضوعة عن ابن عبّاس في مدح ابن الزبير

هذا ، والعجب أنّهم قد وضعوا عن ابن عبّاس كلاماً في مدح عبد الله بن الزبير ، ورواه البخاري في كتابه المشهور( الصحيح ) حيث قال :

( حدّثني عبد الله بن محمّد ، قال : حدّثني يحيى بن معين قال : حدّثنا حجّاج قال ابن جريح : قال ابن أبي مليكة ـ وكان بينهما شيء ـ فغدوت على ابن عبّاس فقلت : أتريد أنْ تُقاتل ابن الزبير فتحلّ حرم الله ؟ فقال : معاذ الله ، إنّ الله كتب ابن الزبير وبني أُميّة محلّين ، وإنّي والله لا أُحلّه أبداً .

قال : قال الناس بايع لابن الزبير فقلت : وأين بهذا الأمر عنه ، أمّا أبوه فحواري النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ يريد الزبير ـ وأمّا جدّه فصاحب الغار ـ يريد أبا بكر ـ وأُمّه فذات النطاق ، يُريد أسماء ، وأمّا خالته فأُمّ المؤمنين ، يُريد عائشة ، وأمّا عمّته فزوج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يُريد خديجة ، وأمّا عمّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجدّته ، يُريد صفيّة ، ثمّ عفيفٌ في الإسلام ، قارئٌ للقرآن ، والله إنْ وصلوني وصلوني مِن قريب ، وإنْ ربوني ربوني أكفّاء كرام ، فآثر التوتيات والآسامات والحميدات ، يُريد : أبطُناً من بني أسد بني تويت وبني أُسامة وبني أسد ، إنّ ابن أبي العاص برز يمشي القدميّة يعني عبد الملك بن مروان ، وإنّه لوى ذنَبه يعني ابن الزبير) (١) .

وفي( فتح الباري ) :

( قوله : قال ابن أبي مليكة : وكان بينهما شيء ، كذا أعاد الضمير بالتثنية على غير مذكور اختصاراً ، ومراده ابن عبّاس وابن الزبير ، وهو صريح في

ـــــــــــــــــــ

(١) صحيح البخاري ٦ : ٨٣ كتاب التفسير ـ سورة براءة .

١٣٦

الرواية الأُولى .

قوله : محلّين ، أي أنّهم كانوا يبيحون القتال في الحرم ، وإنّما نسب ابن الزبير إلى ذلك ـ وإنْ كان بنو أُميّة هم الذين ابتدؤوه بالقتال وحصروه ، وإنّما بدا منه أوّلاً دفعهم عن نفسه ـ لأنّه بعد أنْ ردّهم الله عنه حصر بني هاشم ليبايعوه ، فشرع فيما يؤذن بإباحته القتال في الحرم ، وكان بعض النّاس يُسمّي ابن الزبير المحلّ لذلك...

قوله : لا أحلّه أبداً ، أي لا أبيح القتال فيه ، وهذا مذهب ابن عبّاس أنّه لا يقاتل في الحرم ولو قوتل فيه .

قوله قال : قال الناس : القائل هو ابن عبّاس ، وناقل ذلك عنه ابن أبي مليكة فهو متّصل ، والمراد بالنّاس من كان من جهة ابن الزبير .

وقوله : بايع ، بصيغة الأمر .

وقوله : وأين بهذا الأمر عنه ، أي الخلافة ، أي ليست بعيدة عنه ، لماله من الشرف بأسلافه الذين ذكرهم ، ثمّ صفته التي أشار إليها بقوله : عفيف في الإسلام قارئ القرآن .

قوله : وإنّه لوى ذنبه ، يعني ابن الزبير ، لوى بتشديد الواو وبتخفيفها أي ثناه ، وكنّى بذلك عن تأخّره وتخلّفه عن معالي الأُمور ، وقيل : كنّى به عن الجبن وإيثار الدعة ، كما تفعل السباع إذا أرادت النوم ، والأوّل أولى .

قال الداودي : المعنى أنّه وقف فلم يتقدّم ولم يتأخّر ، ولا وضع الأشياء مواضعها ، فأدنى الناصح وأقصى الكاشح) (١) .

وكأنّ واضع هذا الكلام قصد أداء شيء من حقوق ابن الزبير عليه من

ـــــــــــــــــــ

(١) فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٨ : ٢٦٣ ـ ٢٦٥ .

١٣٧

أجل عدائه لأهل البيتعليهم‌السلام ، وإلاّ ، فإنّ مَن وصفه العلماء بأوصافٍ قالوا إنّه لا تصلح للخلافة ، كيف يصحّ لمثل ابن عبّاس أنْ يراه أهلاً للخلافة ويمدحه بمثل هذا الكلام ؟

ولكنّ واضعه لم يُحسن الوضع ، فإنّ ما جاء في أوّل العبارة من( إنّ الله كتب...) يدلّ على كون ابن الزبير وبني أُميّة سلكوا طريق إحلال الحرم وهتكوا حرمة البيت الحرام ، وأيضاً : فما جاء في آخرها من قوله :( لوى ذنبه ) تهجين لابن الزبير إذ شبّهه بالبهائم ، وهو كناية عن الجبن وإيثار الدعة ، أو كما قال بعض الشرّاح : يريد أنّه لم يتّزن لاكتساب المجد وطلب الحمد ولكنّه زاغ وتنحّى ، أو كما قال غيره : إنّه مَثَل لترك المكارم والإعراض عن المعروف وإيلاء الجميل ، ويجوز أنْ يكون كنايةً عن التخلّف .

بين عائشة وابن الزبير

وقد أساء ابن الزبير الأدب مع عائشة وتطاول عليها ، حتّى نذرت أنْ تهجره ولا تكلّمه أبداً ، وقد أخرج البخاري الخبر في كتاب الأدب من ( الصحيح )(١) .

وقال الحافظ السمهودي في( جواهر العقدين ) :

( وفي الصحيح أيضاً : قول عائشة : عليَّ نذر أنْ لا اُكلّم ابن الزبير أبداً قال ابن عبد البر : التقدير عليَّ نذر إنْ كلّمته انتهى وهو موافق للرواية الأُخرى : لله عليّ نذر إنْ كلّمته ، فالنذر معلَّق على كلامها له ؛ لأنّها نذرت ترك كلامه ، وجعلت الترك قربةً تلزم بالنذر ، وقصّتها في ذلك : أنّها رأت أنّ ابن

ـــــــــــــــــــ

(١) صحيح البخاري ٨ : ٢٥ كتاب الأدب ـ باب الهجرة...

١٣٨

الزبير قد ارتكب أمراً عظيماً حيث قال : أما والله لتنتهيّن عائشة عن بيع رباعها أو لأحجرنّ عليها ، وكانت لا تمسك شيئاً ممّا جاءها من رزق بل تتصدّق به ، فرأت أنّ قوله ذلك جرأة عليها وتنقيصاً لقدرها ، بنسبتها إلى ارتكاب التبذير الموجب لمنعها من التصرّف ، مع كونها أُمّ المؤمنين وخالته أُخت أُمّه ، ولم يكن أحد عندها في منزلته ، فرأت ذلك منه نوع عقوق ، فجعلت مجازاته ترك مكالمته ) (١) .

ومن الغرائب : احتجاج بعض فقهاء القوم بهذه الزلّة الكبيرة الصّادرة من ابن الزبير ، ولذا بادر ابن حزم إلى التشنيع عليه، فقال في( المحلّى ) :

( وأمّا الرواية عن ابن الزبير فطامّة الأبد ، لا ندري كيف استحلّ مسلم أنْ يحتجّ بخطيئة ووهلة وزلّة كانت من ابن الزبير ، والله تعالى يغفر له ، إذ أراد مثله ـ مع كونه مِن أصاغر الصحابة ـ أنْ يحجر على مثل أُمّ المؤمنين ، التي أثنى الله تعالى عليها أعظم الثناء في نصّ القرآن ، وهو لا يكاد يتجزى منها في الفضل عند الله تعالى ، وهذا خبر رويناه من طريق عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عوف بن الإرث ابن أخي عائشة أُمّ المؤمنين لاُمّها : إنّ عائشة أُمّ المؤمنين حدّثت أنّ عبد الله بن الزبير قال في بيعٍ أو عطاءٍ أعطته : لتنتهينّ عائشة أو لأحجرنّ عليها فقالت عائشة : أوَ قال هذا ؟ قالوا : نعم ، فقالت عائشة : هو لله عليَّ نذر أنْ لا اُكلّم ابن الزبير كلمةً أبداً .

ثمّ ذكر الحديث بطوله وتشفّعه إليها وبكاؤه لعبد الرحمان بن الأسود بن عبد يغوث والمسور بن مخرمة الزهريين ، حتّى كلّمته ، وأعتقت في نذرها أنْ لا تكلّمه أربعين رقبة .

قال أبو محمّد : قد بلغت به عائشة رضي الله عنها [من] الإنكار حيث

ـــــــــــــــــــ

(١) جواهر العقدين : ٢١٥ ـ ٢١٦

١٣٩

بلغته، فلا يخلو الأمر من أنْ يكون ابن الزبير أخطأ وأصابت هي وهو كذلك بلا شك ، فلا يحتجّ بقولٍ أخطأ فيه صاحبه ، أو يكون ابن الزبير أصاب وأخطأت هي ، ومعاذ الله من هذا ومن أنْ تكون أُمّ المؤمنين تُوصف بسفهٍ وتستحق أنْ يحجر عليها ، نعوذ بالله من هذا القول فصحّ أنّ ابن الزبير أخطأ في قوله ) (١) .

فمن كلام ابن حزم والسمهودي يفهم أنّ ما صدر من ابن الزبير بحقّ عائشة كان طعناً عظيماً وقدحاً جسيماً ، يمنع منه الكتاب والسنّة ، ويقبّحه العقل ويذمّ عليه العقلاء... فكيف يجوز هذا عندهم وهم لا يجوّزون صدور معشاره من أحدٍ من الشيعة بالنسبة إلى عائشة ؟

محاولة التأويل

ولشدّة قبح ما كان بين ابن الزبير وعائشة ، وأنّه يستوجب الطعن في كليهما أو أحدهما في الأقل ، وهو ما لا يحتمَّل... حاول بعضهم تأويل الخبر ، ففي( الكواكب الدراري ) بشرحه :

( قال ابن بطال : فإنْ قلت : لِمَ هجَرَت عائشة ابن الزبير أكثر مِن ثلاثة أيّام ؟

قلت : معنى الهجرة ترك الكلام عند التلاقي ، وعائشة رضي الله عنها لم تكن تلقاه فتعرض عن السلام عليه ، وإنّما كانت مِن وراء الحجاب ، ولا يدخل عليها أحد إلاّ بالإذن ، فلم يكن ذلك من الهجرة ، ويدلّ عليه لفظ ( يلتقيان فيعرضِ ) إذ لم يكن بينهما لقاء فإعراض .

ـــــــــــــــــــ

(١) المحلّى في الفقه ٨ : ٢٩٢ ـ ٩٢٣ .

١٤٠

( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) قال: فقال: قصرت الأبناء عن عمل الاباء، فالحقوا الأبناء بالآباء لتقر بذلك أعينهم.

٢٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن سليمان الديلمي عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ أطفال شيعتنا من المؤمنين تربيهم فاطمةعليها‌السلام ، وقوله: «ألحقنا بهم ذرياتهم» قال: يهدون إلى آبائهم يوم القيامة.

٢٤ ـ فيمن لا يحضره الفقيه وفي رواية الحسن بن محبوب عن علي عن الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : قال: إنّ الله تبارك وتعالى كفل إبراهيمعليه‌السلام وسارة أطفال المؤمنين يغذونهم بشجرة في الجنة، لها أخلاف كأخلاف البقر(١) في قصر من درة، فاذا كان يوم القيامة ألبسوا وطيبوا واهدوا إلى آبائهم ملوك في الجنة مع آبائهم، وهذا قول الله تعالى:( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) .

٢٥ ـ في مجمع البيان وروى زاذان عن عليٍّعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنَّ المؤمنين وأولادهم في الجنة ثم قرأ هذه الاية.

٢٦ ـ وروى عن الصادقعليه‌السلام قال: أطفال المؤمنين يهدون إلى آبائهم يوم القيامة.

٢٧ ـ في أمالي شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر وجعفر بن محمدعليهما‌السلام يقولان: إنّ الله تعالى عوض الحسين من قتله أنْ جعل الامامة في ذريته، والشفاء في تربته، واجابة الدعاء عند قبره، ولا تعد أيام زيارته جائيا وراجعا من عمره، قال محمد بن مسلم: فقلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : هذه الخلال تنال بالحسين فما له من نفسه؟ قال: إنّ الله تعالى ألحقه بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكان معه في درجته ومنزلته، ثم تلا أبو عبد اللهعليه‌السلام : «( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ ) بايمانهم ألحقنا بهم ذرياتهم».

٢٨ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ )

__________________

(١) الأخلاف جمع الخلف ـ بكسر الخاء ـ: حلمة ضرع الناقة.

١٤١

قال: قصرت الأبناء عن عمل الآباء، فالحق اللهعزوجل الأبناء بالآباء ليقر بذلك أعينهم.

٢٩ ـ وباسناده إلى أبي بصير قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إذا مات الطفل من أطفال المؤمنين نادى مناد في ملكوت السماوات والأرض ألآ إنّ فلان بن فلان قد مات، فان كان قد مات والداه أو أحدهما أو بعض أهل بيته من المؤمنين دفع إليه يغذوه، وإلّا دفع إلى فاطمةعليها‌السلام تغذوه حتى يقدم أبواه أو أحدهما، أو بعض أهل بيته من المؤمنين فتدفعه اليه.

٣٠ ـ وباسناده إلى جميل بن دراج عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن أطفال الأنبياءعليهم‌السلام فقال: ليسوا كأطفال ساير الناس، قال: وقد سئلته عن إبراهيم بن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لو بقي كان صديقا؟ قال: لو بقي كان صديقا؟ قال: لو بقي كان على منهاج أبيهعليه‌السلام .

٣١ ـ وباسناده إلى عامر بن عبد الله قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: مات إبراهيم بن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان له ثمانية عشر شهرا، فأتم اللهعزوجل رضاعه في الجنة.

٣٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ ) قال: ليس في الجنة غناء ولا فحش ويشرب المؤمن ولا يأثم( وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ ) قال: في الجنة( قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ ) أي خائفين من العذاب.

٣٣ ـ في أصول الكافي باسناده إلى معروف بن خربوذ عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: صلى أمير المؤمنينعليه‌السلام بالناس الصبح بالعراق فلما انصرف وعظهم فبكى وأبكاهم من خوف اللهعزوجل ، ثم قال: أما والله لقد عهدت أقواما على عهد خليلي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنهم ليصبحون ويمشون شعثاء غبراء خمصاء بين أعينهم كركب المعزاء(١) يبيتون لربهم سجدا وقياما يراوحون بين اقدامهم وجباههم، يناجون

__________________

(١) الشعث: تفرق الشعر وعدم إصلاحه ومشطه وتنظيفه والغبر من الأغبر: المتلطخ بالغبار. وخمصاء جمع الأخمص (وقيل: الخميص) أي بطونهم خالية، قال المجلسي (ره) اما للصوم أو للفقر اولا يشبعون لئلا يكسلوا في العبادة، والمعز: ذوات الثغر من الغنم.

١٤٢

ربهم ويسألونه فكاك رقابهم من النار، والله لقد رأيتهم مع هذا وهم خائفون مشفقون.

٣٤ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاووسرحمه‌الله نقلا عن مختصر كتاب محمد بن العباس بن مروان باسناده إلى جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حديث طويل يذكر فيه شيعة علىعليه‌السلام وحالهم في الجنة وفيه يقولصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد أنْ ذكر دخولهم الجنة على النجايب(١) تقودهم الملائكة فينطلقون صفا واحدا معتدلا لا يفوت منهم شيء شيئا، ولا يموت أذن ناقة ناقتها، ولا بركة ناقة بركتها(٢) ولا يرمون بشجرة من أشجار الجنة إلّا لحقتهم بثمارها ورجلت لهم عن طريقهم كراهية أنْ تنثلم طريقهم(٣) وان يفرق بين الرجل ورفيقه، فلما رفعوا إلى الجبار تبارك وتعالى قالوا ربنا أنت السلام ومنك السلام ولك بحق الجلال والإكرام، قال: فقال: أنا السلام ومنى السلام ولي بحق الجلال والإكرام فمرحبا بعبادي الذي أحفظوا وصيتي في أهل بيت نبيي ورعوا حقي وخافوني بالغيب، وكانوا منى على كل حال مشفقين.

٣٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم فمن الله علينا ووقينا عذاب السموم قال: السموم الحر الشديد،( أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا ) قال: لم يكن في الدنيا أحلم من قريش( أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ ) قال: هو ما قالت قريش أنّ الملائكة بنات الله.

٣٦ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمن بن سالم عن أبيه عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه: ولقد بات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند بعض أزواجه في ليلة انكسف فيها القمر، فلم يكن منه في تلك الليلة مما كان يكون منه في غيرها حتى أصبح فقال له: يا رسول الله البغض كان هذا منك في هذه الليلة؟ قال لا. ولكن هذه الآية ظهرت في هذه الليلة، فكرهت أنْ أتلذذ و

__________________

(١) النجيب: الفاضل من كل حيوان.

(٢) البركة: هيئة البروك وهو أنْ يلصق صدره بالأرض.

(٣) انثلم الحائط: أحدث فيه خللا.

١٤٣

ألهو فيها، وقد غير الله أقواما فقال جل وعز في كتابه:( وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ ) .

٣٧ ـ في تهذيب الأحكام الحسن بن محبوب عن أبي أيوب عن عمر بن عثمان عن أبي جعفر وأبى عبد اللهعليهما‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيهعليه‌السلام : ولقد بات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عند بعض النساء فانكسف القمر في تلك الليلة فلم يكن منه فيها شيء، فقالت له زوجته: يا رسول الله بأبي أنت وأمّي أكل هذا للبغض؟ فقال: ويحك هذا الحدث في السماء، فكرهت أنْ أتلذذ وأدخل في شيء، ولقد عير الله قوما فقالعزوجل :( وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ ) .

٣٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: وان الذين ظلموا آل محمد حقهم عذابا دون ذلك قال: عذاب الرجعة بالسيف،( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ) قال: لصلوة الليل فسبحه قال صلوة الليل(١) .

وادبار النجوم أخبرنا محمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن ابن أبي نصر عن الرضاعليه‌السلام قال: أدبار السجود أربع ركعات بعد المغرب، وادبار النجوم ركعتين قبل صلوة الصبح.

٣٩ ـ في مجمع البيان( وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ ) يعنى صلوة الليل وروى عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبى عبد اللهعليهما‌السلام في هذه الآية قالا: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقوم من الليل ثلاث مرات، فينظر في آفاق السماء ويقرأ الخمس من آل عمران التي آخرها( إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ ) ثم يفتتح صلوة الليل ؛ الخبر بتمامه.

٤٠ ـ «وادبار النجوم» يعنى الركعتين قبل صلوة الفجر، وهو المروي عن أبي جعفر وابى عبد اللهعليهما‌السلام .

٤١ ـ وفيه «ادبار السجود» فيه أقوال أحدها أنّ المراد به الركعتان بعد المغرب «وادبار النجوم» ركعتان قبل الفجر، عن عليّ بن أبي طالب والحسن بن عليّعليهما‌السلام وعن

__________________

(١) وفي المصدر «قبل صلوة الليل» مكان «قال صلوة الليل».

١٤٤

ابن عباس مرفوعا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٤٢ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قلت له: «وادبار النجوم»! قال: ركعتان قبل الصبح.

٤٣ ـ في قرب الاسناد باسناده إلى إسماعيل بن عبد الخالق قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: الركعتين اللتين بعد الفجر هما( وَإِدْبارَ النُّجُومِ ) .

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من كان يدمن قراءة والنجم في كل يوم أو في كل ليلة عاش محمودا بين الناس، وكان مغفورا له، وكان محبوبا بين الناس.

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ومن قرأ سورة والنجم اعطى من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق بمحمد ومن جحد به.

٣ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ العزائم اربع:( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) والنجم وتنزيل السجدة وحم السجدة.

٤ ـ في أمالي الصدوق (ره) باسناده إلى ابن عباس قال: صلينا العشاء الاخرة ذات ليلة مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلما سلم أقبل علينا بوجهه ثم قال: انه سينقض كوكب من السماء مع طلوع الفجر فيسقط في دار أحدكم، فمن سقط ذلك الكوكب في داره فهو وصيي وخليفتي والامام بعدي، فلما كان قرب الفجر جلس كل واحد منا في داره ينتظر سقوط الكوكب في داره، وكان أطمع القوم في ذلك أبي العباس بن عبد المطلب، فلما طلع الفجر انقض الكوكب من الهوى فسقط في دار عليِّ بن أبي طالب، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليٍّعليه‌السلام : يا عليُّ والذي بعثني بالنبوة لقد وجبت لك الوصية والخلافة والامامة بعدي، فقال المنافقون عبد الله بن أُبيّ وأصحابه: لقد ضلّ محمّد في محبة ابن عمّه وغوى، وما ينطق في شأنه إلّا بالهوى، فأنزل الله تبارك

١٤٥

تعالى:( وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ) يقولعزوجل : وخالق النجم إذا هوى ما ضل صاحبكم يعنى في محبة عليّ بن أبي طالب وما غوى وما ينطق عن الهوى يعنى في شأنه إنْ هو إلّا وحي يوحى.

وحدثنا بهذا الحديث شيخ لأهل الري يقال له أحمد بن محمد بن الصقر الصائغ العدل، قال: حدّثنا محمد بن العباس بن بسام قال: حدّثني أبو جعفر محمد بن أبي الهيثم السعدي قال: حدّثني أحمد بن الخطاب قال حدّثنا أبو إسحاق الفزاري عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جدهعليهم‌السلام عن عبد الله بن عباس بمثل ذلك، إلّا انه في حديثه: يهوى كوكب من السماء مع طلوع الشمس فيسقط في دار أحدكم.

٥ ـ وباسناده إلى الصادق عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام قال: لـمّا مرض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرضه الذي قبضه الله فيه اجتمع إليه أهل بيته وأصحابه فقالوا: يا رسول الله إنْ حدث بك حدث فمن لنا بعدك ومن القائم فينا بأمرك؟ فلم يجبهم عن شيء مما سألوه ؛ فلما كان اليوم الثالث قالوا له: يا رسول الله إنْ حدث بك حدث فمن لنا بعدك ومن القائم فينا بأمرك؟ فقال لهم: إذا كان غدا هبط نجم من السماء في دار رجل من أصحابي فانظروا من هو؟ فهو خليفتي عليكم من بعدي والقائم فيكم بأمرى ولم يكن فيهم أحد إلّا وهو يطمع أن يقول له: أنت القائم من بعدي فلما كان اليوم الرابع جلس كل رجل منهم في حجرته ينتظر هبوط النجم إذا انقضَّ نجم من السماء قد غلب ضوئه على ضوء الدنيا حتى وقع في حجرة عليٍّعليه‌السلام ، فهاج القوم وقالوا: والله لقد أضلّ هذا الرجل وغوى وما ينطق في ابن عمّه إلّا بالهوى، فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك:( وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى ) إلى آخر السورة.

٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ) قال: النجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( إِذا هَوى ) لـمّا أسرى به إلى السماء وهو في الهوى، حدّثني أبي عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: قلت:( النَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ ) قال: النجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد سماه الله في غير موضع، فقال:( وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ) والحديث طويل

١٤٦

أخذنا منه موضع الحاجة.

٧ ـ في مجمع البيان وروت العامة عن جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام أنّ محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله نزل من السماء السابعة ليلة المعراج ولما نزلت السورة، أخبر بذلك عتبة بن أبي لهب فجاء إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وطلق ابنته وتفل في وجهه وقال: كفرت بالنجم ورب النجم، فدعاصلى‌الله‌عليه‌وآله عليه وقال: أللّهم سلط عليه كلبا من كلابك، فخرج عتبة إلى الشام فنزل في بعض الطريق وألقى الله عليه الرعب فقال لأصحابه ليلا: أنيمونى بينكم ليلا ففعلوا فجاء أسد وافترسه من بين الناس.

٨ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن محمد بن مسلم قال قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : قول اللهعزوجل : «( وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى * وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ) وما أشبه ذلك؟ قال: إنّ للهعزوجل أنْ يقسم من خلقه بما شاء، وليس لخلقه أنْ يقسموا إلّا به.

٩ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى علي بن مهزيار قال: قلت لأبي جعفر الثانيعليه‌السلام : قول اللهعزوجل :( وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى ) وقولهعزوجل :( وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ) وما أشبه هذا، قال: إنّ اللهعزوجل يقسم من خلقه بما يشاء وليس لخلقه أنْ يقسموا إلّا بهعزوجل .

١٠ ـ في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن عمرو بن شمر عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ) قال: أقسم بقبر محمد(١) إذا قبض( ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ ) بتفضيله أهل بيته( وَما غَوى )

١١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن الحسين بن العباس عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى ) يقول: ما ضل في عليٍّ وما غوى( وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ) وما كان قال فيه إلّا بالوحي الذي أوحى اليه.

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر «بقبض محمد».

١٤٧

١٢ ـ في روضة الكافي متصل بآخر ما نقلنا قريبا أعنى وما غوى( وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ) يقول: ما يتكلم بفضل أهل بيته بهواه، وهو قول اللهعزوجل :( إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى )

١٣ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن سليمان عن عبد الله بن محمد اليماني عن مسمع بن الحجاج عن صباح الحذاء عن صباح المزني [عن جابر] عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لـمّا أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيد عليٍّعليه‌السلام يوم الغدير صرخ إبليس في جنوده صرخة فلم يبق منهم في بر ولا بحر إلّا أتاه فقالوا: يا سيدهم ومولاهم(١) ماذا دهاك؟ فما سمعنا لك صرخة أوحش من صرختك هذه، فقال لهم: فعل هذا النبي فعلا إنْ تمّ لم يعص الله أبدا، فقالوا: يا سيدهم أنت كنت لادم، فلما قال المنافقون: انه ينطق عن الهوى وقال أحدهما لصاحبه: اما ترى عينيه تدوران في رأسه كأنه مجنون؟ ـ يعنون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ صرخ إبليس صرخة يطرب فجمع أوليائه فقال لهم: اما علمتم أني كنت لادم من قبل؟ قالوا: نعم قال: آدم نقض العهد ولم يكفر بالرب، وهؤلاء نقضوا العهد وكفروا بالرسول، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤ ـ في أمالي الصدوق (ره) باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال لعلقمة: إنّ رضا الناس لا يملك وألسنتهم لا تضبط، وكيف تسلمون مما لم يسلم منه أنبياء الله ورسوله وحجج اللهعليهم‌السلام ، ألم ينسبوه إلى انه ينطق عن الهوى في ابن عمّه عليّعليه‌السلام حتى كذبهم اللهعزوجل ، فقال:( وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٥ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد

__________________

(١) أي قالوا يا سيدنا ومولانا وإنّما غيره لئلا يوهم انصرافه إليه (عليه السلام). وهذا شايع في كلام البلغاء في نقل أمر لا يرضى القائل لنفسه كما في قوله تعالى:( أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ ) وقوله «ماذا دهاك، يقال: دهاه إذا أصابته داهية، قاله المجلسي (ره) في مرآة العقول.

١٤٨

عن عمر بن عبد العزيز عن هشام بن سالم وحماد بن عثمان وغيره قالوا: سمعنا أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: حديثى حديث أبى، وحديث أبي حديث جدي وحديث جدي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير ـ المؤمنين، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وحديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قول اللهعزوجل .

١٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى ) يعنى اللهعزوجل ( ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى ) يعنى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: حدّثني ياسر عن أبي الحسن صلوات الله عليه قال: ما بعث الله نبيا الاصحاب مرة سوداء صافية وقوله:( وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى ) يعنى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم دنى يعنى رسول الله من ربهعزوجل فتدلى قال: إنما نزلت ثم دنا( فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى ) قال: كان من الله كما بين مقبض القوس إلى رأس السية(١) «أو أدنى» أي من نعمته ورحمته قال بل أدنى من ذلك.

١٧ ـ وفيه وأمّا قوله:( آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إليه مِنْ رَبِّهِ ) فانه حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّ هذه الآية مشافهة الله لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لـمّا أسرى به إلى السماء قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : انتهيت إلى سدرة المنتهى وإذا الورقة منها تظل أمّة من الأمم فكنت من ربي كقاب قوسين أو أدنى كما حكى اللهعزوجل ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٨ ـ وفيه:( فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى ) كان بين لفظه وبين سماع محمد كما بين وتر القوس وعودها، حدّثني أبي عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن ابن سنان قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : أول من سبق إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) وذلك انه أقرب الخلق إلى الله تعالى وكان بالمكان الذي قال له جبرئيل لـمّا أسرى به إلى السماء: تقدم يا محمد فقد وطيت موطئا لم يطأه ملك مقرب ولا نبي مرسل، ولو لا أنّ روحه ونفسه كانت من ذلك المكان لـما قدر أنْ يبلغه، وكان من اللهعزوجل كما

__________________

(١) سية القوس: ما عطف من طر فيها.

(٢) كذا.

١٤٩

قال اللهعزوجل ( قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى ) أي بل أدنى.

١٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى علي بن سالم عن أبيه عن ثابت بن دينار قال: سألت زين العابدين علي بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام عن الله جل جلاله هل يوصف بمكان؟ فقال: تعالى عن ذلك قلت فلم أسرى نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى السماء؟ قال: ليريه ملكوت السموات وما فيها من عجائب صنعه وبدايع خلقه، قلت فقول اللهعزوجل :( ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى ) ؟ قال: ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دنى من حجب النور فرأى من ملكوت السماوات ثم تدلىعليه‌السلام فنظر من تحته إلى ملكوت الأرض حتى ظن أنه في القرب من الأرض كقاب قوسين أو أدنى.

٢٠ ـ وباسناده إلى هشام بن الحكم عن أبي الحسن موسى حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : فلما أسرى بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان من ربه كقاب قوسين أو أدنى رفع له حجاب من حجبه.

٢١ ـ في أمالي شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّا عرج بى إلى السماء دنوت من ربيعزوجل حتى كان بيني وبينه قاب قوسين أو أدنى، فقال لي: يا محمد من تحب من الخلق؟ قلت: يا رب عليا. قال: التفت يا محمد، فالتفت عن يساري فاذا عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

٢٢ ـ وباسناده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّا أسرى بى إلى السماء كنت من ربي كقاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى ربي ما أوحى، ثم قال: يا محمّد اقرأ عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين، فما سميت بهذا أحدا قبله ولا أسمى بها أحدا بعده.

٢٣ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد الجوهري عن علي بن أبي حمزة قال: سأل أبو بصير أبا عبد اللهعليه‌السلام وانا حاضر فقال: جعلت فداك كم عرج برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: مرتين فأوقفه جبرئيلعليه‌السلام موقفا فقال له مكانك يا محمّد، فلقد وقفت

١٥٠

موقفا ما وقفه ملك ولا نبي، إنّ ربك يصلّي فقال: يا جبرئيل وكيف يصلّي؟ قال، يقول: سبوح قدوس أنا ربّ الملائكة والروح سبقت رحمتي غضبى، فقال: أللّهم عفوك عفوك، قال: وكان كما قال الله:( قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى ) فقال له أبو بصير جعلت فداك ما قاب قوسين أو أدنى؟ قال: ما بين سيتها(١) إلى رأسها. فقال: كان بينهما حجاب يتلألأ يخفق ولا أعلمه إلّا وقد قال: زبرجد، فنظر في سم الإبرة إلى ما شاء الله من نور العظمة، فقال الله تبارك وتعالى: يا محمّد، قال لبيّك ربّي، قال: مَن لامّتك بعدك؟ قال: الله أعلم قال: عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين وسيّد المسلمين وقائد الغرّ المحجّلين، قال: ثمّ قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لأبي بصير: يا أبا محمد والله ما جاءت ولاية عليٍّ من الأرض، ولكن جاءت من السماء مشافهة.

٢٤ ـ في مجمع البيان وروى مرفوعا عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قوله:( فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى ) قال: قدر ذراعين أو أدنى من ذراعين.

٢٥ ـ في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عبد الصمد بن بشير قال: ذكر أبو عبد اللهعليه‌السلام بدو الأذان وقصة الأذان في أسراء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى انتهى إلى سدرة المنتهى قال: فقال السدرة: ما جازني مخلوق قبل، قال:( ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى فَأَوْحى إلى عَبْدِهِ ما أَوْحى ) ، قال: فدفع إليه كتاب أصحاب اليمين وأصحاب الشمال، فأخذ كتاب أصحاب اليمين بيمينه وفتحه فنظر إليه فاذا فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم.

ثم طوى الصحيفة فأمسكها بيمينه وفتح صحيفة أصحاب الشمال فاذا فيها أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثم نزل ومعه الصحيفتان، فدفعهما إلى عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام وفي هذا الحديث أشياء ستقف عليها في محالها إنشاء الله تعالى.

__________________

(١) مر معناه آنفا فراجع.

١٥١

٢٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن علي بن الحسينعليهما‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : انا ابن من علا فاستعلى فجاز سدرة المنتهى فكان من ربه قاب قوسين أو أدنى.

٢٧ ـ وعن يعقوب بن جعفر الجعفري قال: سأل رجل يقال له عبد الغفار السلمي أبا إبراهيم موسى بن جعفرعليهما‌السلام عن قول الله تبارك وتعالى:( ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى ) فقال: أرى هاهنا خروجا من حجب النور وتدليا إلى الأرض وأرى محمدا رأى ربه بقلبه ونسبه إلى بصره فكيف هذا؟ فقال أبو إبراهيمعليه‌السلام : دنا فتدلى فانه لم يزل عن موضع ولم يتدل ببدن فقال عبد الغفار أصفه بما وصف به نفسه حيث قال:( دَنا فَتَدَلَّى ) يتدل عن مجلسه إلّا وقد زال عنه ولو لا ذلك لم يصف بذلك نفسه، فقال أبو إبراهيمعليه‌السلام : أنّ هذه لغة في قريش إذا أراد الرجل منهم أنْ يقول: قد سمعت يقول: قد تدليت وإنّما التدلي الفهم.

٢٨ ـ وعن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليّعليهم‌السلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : فانّ هذا سليمان قد سخرت له الرياح فسارت في بلاده غدوها شهر ورواحها شهر؟ فقال له عليٌّعليه‌السلام لقد كان كذلك ومحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى ما هو أفضل من هذا، أنّه أسرى به من مسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر وعرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام في أقل من ثلث ليلة حتى انتهى إلى ساق العرش، فدنى بالعلم فتدلى، فدلّى له من الجنة رفرف خضر، وغشي النور بصره فرأى عظمة ربهعزوجل بفؤاده ولم يرها بعينه، فكان قاب قوسين بينهما وبينه أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى، فكان فيما أوحى إليه الآية التي في سورة البقرة قوله تعالى:( لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) وكانت الآية قد عرضت على الأنبياء من لدن آدمعليه‌السلام إلى أنْ بعث الله تبارك اسمه محمّدا ؛ وعرضت على الأمم فأبوا أنْ يقبلوها من ثقلها، وقبلها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعرضها على أمته فقبلوها. وهذا

١٥٢

الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى حبيب السجستاني قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قولهعزوجل :( ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى فَأَوْحى إلى عَبْدِهِ ما أَوْحى ) فقال: يا حبيب لا تقرء هكذا، اقرأ: «ثم دنا فتدانى( فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ ) في القرب( أَوْ أَدْنى فَأَوْحى إلى عَبْدِهِ ) يعنى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله «ما أوحى» يا حبيب إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لـمّا فتح مكّة أتعب نفسه في عبادة اللهعزوجل والشكر لنعمه في الطواف بالبيت، وكان عليٌّعليه‌السلام معه قال: فلما غشيهما الليل انطلقا إلى الصفا والمروة يريدان السعي، قال: فلما هبطا من الصفا إلى المروة وسارا في الوادي دون العلم الذي رأيت غشيتهما من السماء نور فأضاءت لهما جبال مكة وخشعت أبصارهما، قال: ففزعا فزعا شديدا قال: فمضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى ارتفع عن الوادي وتبعه عليٌّعليه‌السلام ، فرفع رسول الله رأسه إلى السماء فاذا هو برمانتين على رأسه قال: فتناولهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأوحى اللهعزوجل إلى محمّد يا محمّد انهما من قطف الجنة(١) فلا يأكل منها إلّا أنت ووصيك عليّ بن أبي طالب، قال: فأكل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إحداهما وأكل عليٌّعليه‌السلام الاخرى، ثمّ أوحى اللهعزوجل إلى محمّد ما أوحى.

٣٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( فَأَوْحى إلى عَبْدِهِ ما أَوْحى ) قال: وحي مشافهة.

وفيه( فَأَوْحى إلى عَبْدِهِ ما أَوْحى ) فسئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذلك الوحي؟ فقال: أوحى إليَّ أنّ عليّا سيّد المؤمنين وامام المتقين وقائد الغرّ المحجّلين، وأوّل خليفة يستخلفه خاتم النبيين، فدخل القوم في الكلام، فقالوا: من الله ومن رسوله؟ فقال الله جل ذكره لرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : قل لهم( ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى ) ثمّ ردّ عليهم فقال ؛ أفتمارونه على ما يرى فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد أمرت بغير هذا، أمرت أنْ أنصبه للناس فأقول لهم: هذا وليّكم من بعدي، وانه بمنزلة السفينة يوم الغرق ؛ من دخل

__________________

(١) قطف الثمرة: قطعها.

١٥٣

فيها نجى ومن خرج عنها غرق.

قال مؤلف هذا الكتاب قد تقدم لقولهعزوجل :( فَأَوْحى إلى عَبْدِهِ ما أَوْحى ) بيان فيما نقلناه عند قولهعزوجل :( فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ ) الآية من أمالي شيخ الطائفة، وأصول الكافي، وبصاير الدرجات، وكتاب الاحتجاج فليراجع هناك.

٣١ ـ في مجمع البيان( ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى ) قال ابن عباس: راى محمد ربه بفؤاده، وروى ذلك عن محمد بن الحنفية عن أبيه عليّعليه‌السلام و روى عن أبي ذر وابى سعيد الخدري أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سئل عن قوله:( ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى ) قال: قد رأيت نورا.

٣٢ ـ وعن أبي العالية قال: سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هل رأيت ربك ليلة المعراج؟ قال: رأيت نهرا ورأيت وراء النهر حجابا، ورأيت وراء الحجاب نورا لم أر غير ذلك.

٣٣ ـ في أصول الكافي أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى قال: سألنى أبو قرة المحدّث أنْ أدخله على أبي الحسن الرضاعليه‌السلام فاستأذنته في ذلك فأذن لي فدخلعليه‌السلام فسأله عن الحلال والحرام والأحكام إلى قوله: قال أبو قرة: فانه يقول:( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى ) فقال أبو الحسنعليه‌السلام أنّ بعد هذه الآية ما يدل على ما راى حيث قال:( ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى ) يقول: ما كذب فؤاد محمّد ما رأت عيناه ثمّ أخبره بما راى فقال: لقد راى من آيات الكبرى فآيات الله غير الله.

٣٤ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى محمد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام هل رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ربهعزوجل ؟ فقال: نعم بقلبه رآه، أما سمعت اللهعزوجل يقول:( ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى ) لم يره بالبصر ولكن رآه بالفؤاد.

قال مؤلف هذا الكتاب: قد سبق في تفسير علي بن إبراهيم قريبا عند قوله تعالى:( فَأَوْحى إلى عَبْدِهِ ما أَوْحى ) بيان ما لقوله تعالى:( ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى ) وكذلك لقولهعزوجل : أفتمارونه على ما يرى. أقول.

وقد سبق قريبا في أصول الكافي بيان لقولهعزوجل :( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى )

١٥٤

٣٥ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى حبيب السجستاني قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : يا حبيب( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى ) يعنى عندها وافى به جبرئيل حين صعد إلى السماء، فلما انتهى إلى محل السدرة وقف جبرئيل دونها وقال: يا محمّد إنّ هذا موقفي الذي وضعني اللهعزوجل فيه، ولن أقدر على أنْ أتقدمه، ولكن امض أنت أمامك إلى السدرة فقف عندها. قال: فتقدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله السدرة وتخلف جبرئيلعليه‌السلام قال أبو جعفرعليه‌السلام انما سميت سدرة المنتهى لان أعمال أهل الأرض تصعد بها الملائكة الحفظة إلى محل السدرة والحفظة البررة دون السدرة يكتبون ما يرفع إليهم من أعمال العباد في الأرض، قال: فينتهون بها إلى محل السدرة قال: فنظر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فرأى أغصانها تحت العرش وحوله قال: فتجلى لمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله نور الجبارعزوجل ، فلما غشي محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله شخص بصره وارتعدت فرائصه، قال: فشد اللهعزوجل ، لمحمد قلبه وقوى له بصره حتى راى من آيات ربه ما راى، وذلك قول اللهعزوجل ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى ) قال: يعنى الموافاة قال: فرأى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ما راى ببصره( مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى ) ، يعنى أكبر الآيات قال أبو جعفرعليه‌السلام : وان غلظ السدرة لمسيرة مأة عام من أيام الدنيا، وان الورقة منها تغطى أهل الدنيا.

٣٦ ـ في بصاير الدرجات باسناده إلى عبد الصمد بن بشير قال: ذكر أبو عبد اللهعليه‌السلام بدو الأذان وقصة الأذان في أسراء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى انتهى إلى سدرة المنتهى قال: فقالت السدرة: ما جازني مخلوق قبل.

٣٧ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن علي بن الحسينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : أنا ابن من علا فاستعلى فجاز سدرة المنتهى وكان من ربه قاب قوسين أو ادنى.

٣٨ ـ وروى موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليٍّعليهم‌السلام قال. إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : فإنّ موسى

١٥٥

ناجاه اللهعزوجل على طور سيناء قال عليٌّعليه‌السلام لقد كان كذلك ولقد أوحى اللهعزوجل إلى محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله عند سدرة المنتهى، فمقامه في السماء محمود، وعند منتهى العرش مذكور، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن عليّ بن موسى الرضاعليه‌السلام قال: قال لي يا أحمد ما الخلاف بينكم وبين أصحاب هشام بن الحكم في التوحيد؟ فقلت: جعلت فداك قلنا نحن بالصورة للحديث الذي روى أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم راى ربه في صورة شاب، وقال هشام بن الحكم بالنفي للجسم، فقال: يا أحمد إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا أسرى به إلى السماء وبلغ عند سدرة المنتهى خرق له في الحجب مثل سلام الإبرة فرأى من نور العظمة ما شاء الله أنْ يرى، وأردتم أنتم التشبيه، دع هذا يا أحمد لا ينفتح عليك منه أمر عظيم.

٤٠ ـ حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انتهيت إلى سدرة المنتهى وإذا الورقة منها تظل امة من الأمم، كنت من ربي كقاب قوسين او أدنى.

٤١ ـ وباسناده إلى إسماعيل الجعفي عن أبي جعفرعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا وفيه قال: فلما انتهى به إلى سدرة المنتهى تخلف عنه جبرئيلعليه‌السلام فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : في هذا الموضع تخذلني؟ فقال تقدم أمامك فو الله لقد بلغت مبلغا لم يبلغه خلق من خلق الله قبلك، فرأيت من نور ربي وحال بيني وبينه السبحة(١) قلت: وما السبحة جعلت فداك؟ فأومى بوجهه إلى الأرض وأومى بيده إلى السماء وهو يقول جلال ربي، جلال ربي ثلاث مرات.

٤٢ ـ وفيه وقال علي بن إبراهيم في قوله( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى ) قال: في السماء السابعة.

__________________

(١) قال المجلسي (ره) لعل المراد بالسبحة تنزهه وتقدسه تعالى أي حال بيني وبينه تنزهه عن المكان والرؤية والا فقد حصل غاية ما يمكن من القرب، وقال غيره: بل المراد جلاله وعظمته وكبريائه وقال (ره): وايماؤه إلى الأرض وحط رأسه كان خضوعا لجلاله تعالى.

١٥٦

وفيه( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى ) يقول رأيت الوحي مرة اخرى عند سدرة المنتهى التي يتحدث تحتها الشيعة في الجنان.

٤٣ ـ في كتاب الخصال عن عليٍّعليه‌السلام أنّه قال في وصية له: يا عليُّ إني رأيت اسمك مقرونا إلى اسمى في اربعة مواطن فآنست بالنظر إليه إلى قوله: فلما انتهيت إلى سدرة المنتهى وجدت مكتوبا عليها إني انا الله لا إله إلّا انا وحدي، محمّد صفوتي من خلقي، أيدته بوزيره ونصرته بوزيره، فقلت لجبرئيل: من وزيري؟ فقال عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : فلما جاوزت السدرة انتهيت إلى عرش رب العالمين جل جلاله. الحديث.

٤٤ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن عليٍّعليه‌السلام وفيه يقول: وأمّا قوله:( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى ) يعنى محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله حين كان عند سدرة المنتهى حيث لا يجاوزها خلق من خلق الله.

٤٥ ـ في مجمع البيان وروى العامة عن عليٍّعليه‌السلام ( جَنَّةُ الْمَأْوى ) بالهاء.

٤٦ ـ في جوامع الجامع وأبى الدرداء «جنه المأوى بالهاء» وروى ذلك عن الصادقعليه‌السلام ومعناه ستره بظلاله ودخل فيه.

٤٧ ـ في من لا يحضره الفقيه في خبر بلال عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قلت لبلال: يرحمك الله زدني وتفضل عليّ فإنّي فقير، فقال يا غلام لقد كلفتني شططا؟ اما الباب الأعظم فدخل منه العباد الصالحون وهم أهل الزهد والورع، والراغبون إلى اللهعزوجل المستأنسون به قلت: يرحمك الله فاذا دخل الجنة فما ذا يصنعون؟ قال: يسيرون على نهرين في ماء صاف في سفن الياقوت مجاديفها الياقوت(١) فيها ملائكة من نور، عليهم ثياب خضر شديدة خضرتها، قلت يرحمك الله هل يكون من النور الخضر؟ قال: إنّ الثياب خضر ولكن فيها نور من نور رب العالمين جل جلاله ليسيروا على حافتي ذلك النهر قلت: فما اسم ذلك النهر؟ قال: جنة المأوى.

__________________

(١) المجداف: خشبة طويلة مبسوطة أحد الطرفين تسير بها القوارب وفي المصدر «مجاديفها اللؤلؤ».

١٥٧

٤٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى ) قال لـمّا رفع الحجاب بينه وبين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله غشي نور السدرة.

٤٩ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام عن أبيه عن جده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّا أسرى بى إلى السماء وانتهيت إلى سدرة المنتهى قال: إنّ الورقة منها تظل الدنيا ؛ وعلى كل ورقة ملك يسبح، يخرج من أفواههم الدر والياقوت تبصر اللؤلؤة مقدار خمسمائة عام، وما يسقط من ذلك الدر والياقوت، يخرجونه ملائكة موكلون به، يلقونه في بحر من نور، يخرجونه كل ليلة جمعة إلى سدرة المنتهى، فلما نظروا إلى رحبوا بى وقالوا: يا محمد مرحبا بك، فسمعت اضطراب ريح السدرة وخفقة أبواب الجنان(١) وقد اهتزت فرحا بمجيئك، فسمعت الجنان تنادي وا شوقاه إلى عليٍّ وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام أجمعين.

٥٠ ـ في مجمع البيان( إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى ) وروى أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال رأيت على كل ورقة من ورقها ملكا قائما يسبح اللهعزوجل .

٥١ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث أو غيره قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى ) قال: راى جبرئيل على ساقه الدر مثل القطر على البقل، له ستمائة جناح قد ملاء ما بين السماء والأرض.

٥٢ ـ في أصول الكافي أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى قال: سألنى أبو قرة المحدّث أنْ أدخله على أبي الحسن الرضاعليه‌السلام فأستأذنته في ذلك فأذن لي فدخل عليه فسأله عن الحلال والحرام والأحكام إلى قوله: قال أبو قرة: فانه يقول:( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى ) فقال أبو الحسنعليه‌السلام : إنّ بعده هذه الآية ما يدل على ما راى حيث قال:( ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى ) يقول: ما كذب فؤاد محمّد ما رأت عيناه، ثمّ أخبر بما راى، فقال:( لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى )

__________________

(١) الخفقة: اسم المرة من خفق الراية: تحرك.

١٥٨

فآيات الله غير الله.

٥٣ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن عليٍّعليه‌السلام يقول فيه: وقوله في آخر الاية:( ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى ) رأى جبرئيلعليه‌السلام في صورته مرتين هذه المرة ومرة اخرى، وذلك أنْ خلق جبرئيل عظيم فهو من الروحانيين الذين لا يدرك خلقهم وصفتهم إلّا الله رب العالمين.

٥٤ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى حبيب السجستاني عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل وفي آخره: فرأى محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ما راى ببصره من آيات ربه الكبرى يعنى أكبر الآيات.

٥٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى ) يقول: لقد سمع كلاما لو لا انه قوى ما قوى.

وباسناده إلى أبي بردة الأسلمي قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعليٍّعليه‌السلام : يا عليُّ إنّ الله أشهدك معى في سبع مواطن: اما أول ذلك قليلة أسرى بى إلى السماء قال لي جبرئيل: اين أخوك؟ فقلت: خلفته ورائي، قال: ادع الله فليأتك به، فدعوت الله وإذا بمثالك معى. والثاني حين اسيرى بى في المرة الثانية فقال لي جبرئيل: اين أخوك؟ قلت: خلفته ورائي، قال: ادع الله فليأتك به، فدعوت الله فاذا مثالك معى، إلى قوله: وأمّا السادس لـمّا أسرى بى إلى السماء جمع الله لي النبيين فصليت بهم ومثالك خلفي.

٥٦ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن أبي عمير أو غيره عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول: ما للهعزوجل آية هي أكبر منى والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٧ ـ في أمالي شيخ الطائفة «قدس‌سره» باسناده إلى ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّا عرج بى إلى السماء ودنوت من ربيعزوجل حتى كان بيني وبينه( قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى ) قال لي: يا محمد من تحب من الخلق؟ قلت: يا رب عليا قال: التفت يا محمد فالتفت عن يساري فاذا عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

١٥٩

٥٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: أفرأيتم اللات والعزى قال: اللات رجل والعزى امرأة وقوله: ومناة الثالثة الاخرى قال: كان صنم بالمسلك خارج من الحرم على ستة أميال يسمى المناة.

٥٩ ـ في عيون الأخبار في باب النصوص على الرضاعليه‌السلام حديث قدسي حكاهصلى‌الله‌عليه‌وآله وفيه: وهذا القائم الذي يحل حلالي ويحرم حرامي وبه أنتقم من أعدائى وهو راحة لأوليائي وهو الذي به يشفى قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين، فيخرج اللات والعزى طريين فيحرقهما فيفتتن الناس بهما أشد من فتنة العجل والسامري.

٦٠ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن محمد بن علي بن موسىعليهم‌السلام حديث طويل يذكر فيه القائمعليه‌السلام وفي آخره يقولعليه‌السلام : فاذا دخل المدينة أخرج اللات والعزى فأحرقهما.

٦١ ـ في كتاب مقتل الحسين لأبي مخنف (ره) من أشعار الحسينعليه‌السلام في موقف كربلاء :

والدي شمس وأمّي قمر

فأنا الكوكب وابن القمرين

عبد الله غلاما يافعا

وقريش يعبدون الوثنين

يعبدون اللّات والعزّى معا

وعليٌّ قائم بالحسنين

مع رسول الله سبعا كاملا

ما على الأرض مصلّ غير ذين

هجر الأصنام لم يعبدها

مع قريش لا ولا طرفة عين

٦٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حديث طويل عن أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول فيه، وقد ذكر الملحدين في آيات الله: ووكلوا تأليفه ونظمه إلى بعض من وافقهم على معاداة أولياء الله فألفه على اختيارهم ومما يدل للمتأمل له على إخلال تمييزهم وافترائهم وتركوا منه ما قدروا أنه لهم وهو عليهم وزادوا فيه ما ظهر تناكره وتنافره، وعلم الله أنّ ذلك يظهر ويبين فقال:( ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ ) .

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456