استخراج المرام من استقصاء الإفحام الجزء ٢

استخراج المرام من استقصاء الإفحام13%

استخراج المرام من استقصاء الإفحام مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 456

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 456 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 227236 / تحميل: 8338
الحجم الحجم الحجم
استخراج المرام من استقصاء الإفحام

استخراج المرام من استقصاء الإفحام الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

[١٦٠٥٥] ١٠ - وعنهعليه‌السلام أنه قال: « من اكترى دابة أو سفينة فحمل عليها المكتري خمرا أو خنازير أو ما يحرم(١) ، لم يكن على صاحب الدابة شئ، وان تعاقدا على حمل ذلك، فالعقد فاسد، والكراء على ذلك حرام ».

[١٦٠٥٦] ١١ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « من اكترى دابة يوما فحبسها بعد ذلك أياما، فرب الدابة بالخيار ان شاء ضمنه ما نقصت، وإن شاء أخذ منه أجر مثلها ».

[١٦٠٥٧] ١٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا اختلف المتكاريان، فقال المكتري: اكتريت إلى موضع كذا، وقال رب الدابة: بل إلى موضع كذا، فإن كان أحد الموضعين أبعد أو أكثر مؤونة، فالبينة على المكتري إن كان ادعاه، وإن تساويا وأراد كل واحد منهما القصد إلى الموضع الذي ذكره، فإن كان قبل أن يركب الدابة، أو ركب ركوبا يسيرا، أو انتقد المكري أجرته، فالقول قوله والمكتري مدع إذا كان يشبه أن يكون كراء الناس مثله، وإن لم ينتقد ولم يركب، تحالفا وتفاسخا، ومن نكل عن اليمين لزمته دعوى صاحبه هذا إذا تكن بينة، وإن كانت بينة فالبينة أقطع ».

[١٦٠٥٨] ١٣ - وعنهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الرجل يكتري من المكاري إلى العراق والى خراسان أو إلى أفريقية أو إلى أندلس أو مثل هذا، يسمي البلد ولا يذكر الموضع الذي ينتهي إليه، قال: « يبلغه أشهر المواضع المعروفة من هذا البلد، كبغداد من العراق، أو القيروان من أفريقية، ونيسابور من خراسان(١) ».

[١٦٠٥٩] ١٤ - وعنهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الطحان تدفع إليه الحنطة،

__________________

١٠ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٧٨ ح ٢٢٩.

(١) في المصدر: حرم الله.

١١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٧٩ ح ٢٣٢.

١٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٧٩ ح ٢٣٣.

١٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٨٠ ح ٢٣٤.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٢٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٨٠ ح ٢٣٨.

٤١

ويشترط عليه(١) أن يعطي من الدقيق زيادة معلومة على كيل الحنطة قال: « لا خير في ذلك، وله الاجر، وعليه أن يؤد أمانته ».

[١٦٠٦٠] ١٥ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا دفع رجل إلى خياط ثوبا فخاط قباء، فقال رب الثوب: إنما أمرتك أن تخيط قميصا، وقال الخياط: بل أمرتني أخيطه قباء، ولا بينة بينهما، فالقول قول الخياط مع يمينه ».

[١٦٠٦١] ١٦ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا اغتصب الرجل عبدا فاستأجره، أو استأجره العبد نفسه، ثم استحقه مولاه، أخذه وأخذ الأجرة ممن كانت في يديه ».

٢٠ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب كتاب الوكالة)

[١٦٠٦٢] ١ - دعائم الاسلام عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « من وكل وكيلا على بيع فباعه له بوكس(١) من الثمن، جاز عليه(٢) إلا أن يثبت أنه تعمد الخيانة، أو حابى(٣) المشتري بوكس، وكذلك إن وكله على الشراء فتغالى فيه، فإن لم يعلم أنه تعمد الزيادة أو خان أو حابى، فشراؤه جائز عليه، وان علم أنه تعمد شيئا من الضرر، رد بيعه وشراؤه، فان وكله على بيع شئ فباع له بعضه، وكان ذلك على وجه النظر، فالبيع جائز، قال.

__________________

(١) في المصدر: « إليه ».

١٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٨٢ ح ٢٤٢.

١٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٨٦ ح ١٧٣٥.

الباب ٢٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٧ ح ١٥١.

(١) الوكس: النقص، واتضاع الثمن في البيع ( لسان العرب ج ٦ ص ٢٥٧ ).

(٢) في المصدر: جاز البيع عليه.

(٣) بيع المحاباة هو أن يبيع شيئا بدون ثمن مثله، فالزائد من قيمة المبيع عن الثمن عطية، والحباء: العطاء ( مجمع البحرين ج ١ ص ٩٤، لسان العرب ج ١٤ ص ١٦٢ ).

٤٢

وإن أمر رجلين أن يبيعا له عبدا، فباعه أحدهما لم يجز بيعه، إلا أن يجعل البيع لكل واحد منهما على الانفراد إن انفردا، أو لهما معا إذا اجتمعا ».

[١٦٠٦٣] ٢ - عوالي اللآلي. روي عن جابر بن عبد الله، أنه قال. أردت الخروج إلى خيبر، فأتيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلمت عليه، وقلت. إني أريد الخروج إلى خيبر، فقال. « إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقا، فان ابتغى منك آية، فضع يدك على ترقوته ».

[١٦٠٦٤] ٣ - وروي أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكل عمرو بن أمية الضمري(١) في قبول نكاح أم حبيبة وكانت بالحبشة، ووكل أبا رافع في قبول نكاح ميمونة بنت الحرث الهلالية خالة عبد اله بن العباس، ووكل عروة بن الجعد البارقي في شراء شاة الأضحية، ووكل السعاة في قبض الصدقات.

[١٦٠٦٥] ٤ - وروي أن علياعليه‌السلام وكل أخاه عقيلا في مجلس أبي بكر أو عمر، وقال. « هذا عقيل، فما قضي عليه فعلي، وما قضي له فلي » ووكل عبد الله بن جعفر في مجلس عثمان.

__________________

٢ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٢٥٦ ح ١.

٣ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٢٥٦ ح ٢ - ٥.

(١) في الطبعة الحجرية: الضميري، وما أثبتناه من المصدر، هو الصواب « راجع معجم رجال الحديث ج ١٣ ص ٧٨ ».

٤ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٢٥٧ ح ٦، ٧.

٤٣

٤٤

كتاب الوقوف والصدقات

أبواب كتاب الوقوف والصدقات

١ -( باب استحبابهما)

[١٦٠٦٦] ١ - دعائم الاسلام. عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال. « لا يتبع أحدا من الناس بعد الموت شئ، إلا صدقة جارية، أو علم صواب، أو دعاء ولد ».

[١٦٠٦٧] ٢ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « ليس يتبع الرجل بعد موته من الاجر إلا ثلاث خصال. صدقة أجراها في حياته فهي تجري له بعد موته(١) ، أو ولد صالح يدعو له، أو سنة هدى استنها فهي يعمل بها بعده(٢) .

[١٦٠٦٨] ٣ وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال. « الصدقة والحبس ذخيرتان، فدعوهما ليومهما ».

[١٦٠٦٩] ٤ وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه ذكر أمير المؤمنين عليا ( صلوات الله عليه ) فقال. « كان عبد الله قد أوجب الله له الجنة، عمد

__________________

كتاب الوقوف والصدقات

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٠ ح ١٢٧٨.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٠ ح ١٢٧٩.

(١) في نسخة: وفاته.

(٢) في نسخة: بعد وفاته.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٠ ح ١٢٨٠.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٠ ح ١٢٨١.

٤٥

إلى ماله فجعله صدقة مبتولة(١) تجري بعده للفقراء، وقال. اللهم إني(٢) جعلت هذا لتصرف النار عن وجهي، ولتصرف وجهي عن النار ».

[١٦٠٧٠] ٥ - وعن أبي عبدعليه‌السلام ، أنه قال. « تصدق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأموال جعلها وقفا، وكان ينفق منها على أضيافه » الخبر.

[١٦٠٧١] ٦ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي. عن حميد بن شعيب السبيعي، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال. سمعته يقول. « كيف يزهد قوم في أن يعملوا الخير!؟ وقد كان عليعليه‌السلام وهو عبد الله قد أوجب له الجنة، عمد إلى قربات له فجعلها صدقة مبتولة(١) تجري من بعده للفقراء، قال. اللهم إني(٢) فعلت هذا لتصرف وجهي عن النار، وتصرف النار عن وجهي ».

[١٦٠٧٢] ٧ - الصدوق في الأمالي. بإسناده عن محمد بن يحيى العطار، عن سعد بن عبد الله، عن الهيثم بن أبي مسروق، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن ضريس، عن أبي جعفر الباقر، عن آبائهعليهم‌السلام . « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مر برجل يغرس غرسا في حائط ( له )(١) فوقف عليه، فقال. ألا أدلك على غرس

__________________

(١) صدقة بتلة: أي منقطعة من مال المتصدق بها خارجة إلى سبيل الله لسان العرب ج ١١ ص ٤٢ ).

(٢) في نسخة: إنما.

٥ دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤١ ح ١٢٨٢.

٦ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي ص ٧٠.

(١) في المصدر: مقبولة.

(٢) في المصدر: إنما.

(٧) أمالي الصدوق ص ١٦٩.

(١) أثبتناه من المصدر.

٤٦

أثبت أصلا إلى أن قال فقال الرجل. أشهدك يا رسول الله، أن حائطي هذا صدقة مخصوصة(٢) على فقراء المسلمين من أهل الصفة(٣) ، فأنزل الله تبارك وتعالى.( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ فَسَنُيَسِّرُ‌هُ لِلْيُسْرَ‌ىٰ ) (٤) .

[١٦٠٧٣] ٨ - عوالي اللآلي. روي عن جابر أنه قال. لم يكن من الصحابة ذو مقدرة، إلا وقف وقفا.

٢ -( باب أن شرط الوقف اخراج الواقف له عن نفسه، فلا يجوز أن يقف على نفسه، ولا أن يأكل من وقفه، وله أن يستثني لنفسه شيئا، وكذا الصدقة، فلا يجوز سكنى الدار إذا تصدق إلا مع الاذن)

[١٦٠٧٤] ١ - ابن أبي جمهور في عوالي اللآلي. عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال « حبس الأصل، وسبل الثمرة(١) ».

[١٦٠٧٥] ٢ - وفي درر اللآلي. عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال. « إن شئت حبست أصله، وسبلت ثمرتها ».

[١٦٠٧٦] ٣ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « من

__________________

(٢) في نسخة: مقبوضة.

(٣) أهل الصفة: هم فقراء المهاجرين ومن لم يكن له منهم منزل يسكنه، فكانوا يأوون إلى موضع مظلل في مسجد المدينة يسكنونه ( لسان العرب ج ٩ ص ١٩٥. ).

(٤) الليل ٩٢: ٥ ٧.

٨ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٢٦١ ح ٥.

الباب ٢

١ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٢٦٢ ح ١٤.

(١) سبل ثمرتها: أبح ثمرتها لمن وقفتها عليه وسبلت الشئ: إذا أبحته، كأنك جعلت إليه طريقا مطروقة ( لسان العرب ج ١١ ص ٣٢٠ ).

٢ - درر اللآلي ج ٢ ص ٢٤١.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٤ ح ١٢٨٨.

٤٧

وقف(١) وقفا فقال. إن احتجت إليه فأنا أحق به، فإن مات رجع ميراثا ».

[١٦٠٧٧] ٤ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال. « تصدق الحسين بن عليعليهما‌السلام بدار، فقال له الحسنعليه‌السلام . تحول عنها ».

٣ -( باب أن شرط لزوم الوقف قبض الموقوف عليه أو وليه، وإذا مات الواقف قبل القبض بطل الوقف، وإذا وقف على ولده الصغار كان قبضه كافيا)

[١٦٠٧٨] ١ - دعائم الاسلام. عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن الرجل يتصدق على ولده أو ( على )(١) غيرهم بصدقة، أيصلح له أن يرجع فيها فيردها؟ قال. « إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال. إن الذي يتصدق بصدقة ثم يرجع فيها، مثل الذي يقئ ( ثم يرجع إلى قيئه )(٢) ».

[١٦٠٧٩] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الصدقة قبل أن تقبض، فقال. « إذا قبلها المتصدق عليه أو قبلت له، إن كان طفلا جاز قبضت أو لم تقبض، وإن لم يقبل(١) بشئ حتى يقبل(٢) ».

[١٦٠٨٠] ٣ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أن رجلا سأله فقال. يا بن رسول الله، إن والدي تصدق علي بدار ثم بدا له أن يرجع فيها، وإن

__________________

(١) في المصدر: أوقف.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٤ ح ١٢٨٩.

الباب ٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٩ ح ١٢٧٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: وير جع في قيئه.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٨ ح ١٢٧٠.

(١) في المصدر: تقبل.

(٢) في المصدر: تقبل.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٩ ح ١٢٧٣.

٤٨

قضاة بلدنا يقضون أنها لي، وليس له أن يرجع فيها، وقد تصدق بها علي، ولست أدري هل ما يقضون به ( علي )(١) من الصواب أم لا؟ فقال. « نعم ما قضت به قضاتكم، وبئس ما صنع والدك، إنما الصدقة لله فما جعل لله فلا رجعة فيه(٢) ، فإن أنت خاصمته فلا ترفع عليه صوتك، فإذا رفع صوته فاخفض أنت صوتك » قال(٣) . إن أبي قد توفي، قال. « فطب بها نفسا ».

٤ -( باب عدم جواز بيع الوقف، وحكم ما لو وقع بين الموقوف عليهم اختلاف شديد، يؤدي إلى ضرر عظيم)

[١٦٠٨١] ١ - دعائم الاسلام. عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أن بعض أصحابه كتب إليه. أن فلانا ابتاع ضيعة فأوقفها وجعل لك في الوقف الخمس، وذكر أنه وقع بين الذين أوقف عليهم هذا الوقف اختلاف شديد، وأنه ليس يأمن أن يتفاقم ذلك بينهم، وسأل عن رأيك في ذلك، فكتب إليه. « إن رأيي له إن لم يكن جعل آخر الوقف لله، إن يبيع حقي من ( هذه )(١) الضيعة ويوصل ثمن(٢) ذلك إلي، وأن يبيع القوم إذا تشاجروا، فإنه ربما جاء في الاختلاف اتلاف الأموال والأنفس ».

٥ -( باب جواز وقف المشاع والصدقة به، قبل القسمة وقبل القبض)

[١٦٠٨٢] ١ - دعائم الاسلام. روينا عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه

__________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) في المصدر: له فيه.

(٣) وفيه: قال له.

الباب ٤

١ دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٤ ح ١٢٩٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: عن.

الباب ٥

١ دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٨ ح ١٢٦٩.

٤٩

عليهم‌السلام ، أنه سئل عن رجل تصدق بصدقة مشتركة، فقال: « جائز ».

[١٦٠٨٣] ٢ - وعن أبي عبد اللهعليهم‌السلام ، أنه سئل عن الصدقة بالمشاع، قال. « جائز، تقبض كما يقبض المشاع ».

[١٦٠٨٤] ٣ - وعن الحسين بن عليعليهما‌السلام ، أنه ورث أرضا أو(١) أشياء، فتصدق بها قبل أن يقبضها.

[١٦٠٨٥] ٤ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الصدقة قبل أن تقبض، فقال. « إذا قبلها المتصدق عليه أو قبلت له، إن كان طفلا جاز(١) ، قبضت أو لم تقبض ».

٦ -( باب كيفية الوقوف والصدقات، وما يستحب فيها، وجملة من احكامها)

[١٦٠٨٦] ١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط. عن أبي بصير قال. قال أبو جعفرعليه‌السلام . « ألا أقرئك وصية فاطمةعليها‌السلام ؟ » قال: قلت: بلى، قال: فاخرج حقا أو سفطا فأخرج منه كتابا، قال: فقرأه: « بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصت به فاطمة بنت محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أوصت بحوائطها السبعة. الأعواف، والدلال، والبرقة،

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٨ ح ١٢٦٩.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٩ ح ١٢٧١.

(١) في المصدر: « و ».

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٨ ح ١٢٧٠.

(١) في المصدر: جازت.

الباب ٦

١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٣.

٥٠

والميثب، والحسنى، والصافية، ومشربة أم إبراهيم(١) ، إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فإن مضى علي فإلى الحسنعليه‌السلام ، فإن مضى الحسن فإلى الحسينعليهما‌السلام . فإن مضى الحسينعليه‌السلام فإلى الأكبر فالأكبر من ولدي، شهد الله على ذلك، والمقداد ابن الأسود، والزبير بن العوام، وكتب علي بن أبي طالب ».

[١٦٠٨٧] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « تصدق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بأموال جعلها وقفا، وكان ينفق منها على أضيافه، وأوقفها على فاطمةعليها‌السلام منها، العراف(١) ، والبرقة، والصافية، ومشربة أم إبراهيم، والحسنى، والزلال(٢) ، والمنبت ».

[١٦٠٨٨] ٣ - عنهعليه‌السلام ، أنه « قسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لفئ، فأصاب أمير المؤمنين علياعليه‌السلام منه أرض، فاحتفر فيها عينا، فخرج منها ماء ينبع منها(١) في السماء كهيئة عنق البعير، فجاء إليه بذلك البشير، فقال. بشر الوارث، هي صدقة بتا بتلا(٢) في حجيج بيت الله، وعابري السبيل، لا يباع ولا يوهب ولا يورث، فمن باعها أو وهبها

__________________

(١) في الحجرية والمصدر: ومال أم إبراهيم، والظاهر أن ما أثبتناه هو الصواب، جاء في معجم البلدان ج ٥ ص ٢٤١: « صدقة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالمدينة سبعة حيطان: برقة، وميثب، والصافية، وأعواف، والدلال، ومشربة أم إبراهيم ».

وسميت بذلك لان إبراهيم بن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولدته أمه فيها ( النهاية ج ٢ ص ٤٥٥ ومجمع البحرين ج ٢ ص ٨٩ ).

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤١ ح ١٢٨٢.

(١) في المصدر: العواف.

(٢) في المصدر: الدلال.

٣ دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤١ ح ١٢٨٣.

(١) ليس في المصدر.

(٢) صدقة بتة بتلة: إذا قطعها المتصدق بها من ماله، فهي بائنة من صاحبها، قد انقطعت منه ( لسان العرب ج ٢ ص ٦ ).

٥١

فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا وسماها ينبع ».

[١٦٠٨٩] ٤ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه أوصى بأوقاف أوقفها من أمواله، ذكرها في كتاب وصيته كان فيما ذكره منه(١) . « هذا ما أوصى به وقضى في ماله، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ابتغاء وجه الله به، ليولجني الله به الجنة، ويصرفني عن النار، ويصرف النار عن وجهي، يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، ما كان لي ينبع من مال يعرف لي منها وما حولها صدقة، ورقيقها غير أن رباحا وأبا نيزر(٢) وجبيرا عتقاء، ليس لأحد عليهم سبيل وهم موالي، يعلمون في المال خمس حجج، وفيه نفقتهم ورزقهم ورزق أهاليهم، ومع ذلك ما كان لي بوادي القرى ثلثه مال بني فاطمة ورقيقها صدقة، وما كان لي ببرقة وبرعة وأهلها صدقة غير أن زريقا له مثل ما كتبت لأصحابه، وما كان لي بأذينة وأهلها صدقة، والذي كتبت من أموالي هذه صدقة واجبة بتلة، حي أنا أو ميت، تنفق في كل نفقة يبتغى بها وجه الله، في سبيل الله ووجهه وذي الرحم من بني هاشم وبني عبد المطلب، القريب والبعيد، وأنه يقوم على ذلك الحسن بن عليعليهما‌السلام ، يأكل منه بالمعروف وينفقه حيث يريد الله، في حل محلل لا حرج عليه فيه، ( و )(٣) إن أراد أن يبدل مالا من مال الصدقة مكان مال فإنه يفعل ( ذلك )(٤) لا حرج عليه فيه، وإن أراد أن يبيع شيئا من المال فيقضي به الدين، فعل إن شاء ( و )(٥) لا حرج عليه، وإن ولد علي وما لهم إلى الحسن بن عليعليهما‌السلام ، وإن كانت دار الحسن بن علي

__________________

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤١ ح ١٢٨٤.

(١) في المصدر: منها.

(٢) في الحجرية: « أبا يثرب »وفي المصدر: « أبا بيزر »والظاهر أن ما أثبتنا ه هو الصواب ( راجع الكنى والألقاب ج ١ ص ١٦٤. و ج ٣ ص ١١٣ ).

( ٣ - ٥ ) أثبتناه من المصدر.

٥٢

عليهما‌السلام غير دار الصدقة، فبدا له أن يبيعها، فليبع إن شاء ولا حرج عليه فيه، فإن باعها قسمها ثلاثة أثلاث، يجعل ثلثا في سبيل الله، وثلثا في بني هاشم وبني عبد المطلب، وثلثا في آل أبي طالب، يضعه فيهم حيث يريد الله، فإن حدث بالحسن حدث والحسين حي فإنه إلى الحسين بن عليعليهما‌السلام ، وإن الحسين بن عليعليهما‌السلام يفعل فيه مثل الذي أمرت حسنا، وله منها مثل الذي كتبت ( للحسن )(٦) وعليه مثل الذي على الحسن، وإن الذي لبني فاطمة من صدقة على مثل الذي لبني علي، فإني إنما جعلت الذي لبني فاطمة ابتغاء وجه الله، ثم لكريم حرمة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتعظيما وتشريفا ورضى بهما، وإن حدث بالحسن والحسين حدث فالولد الاخر منهما ينظر في ذلك، وإن رأى أن يوليه غيره نظر في بني علي فإن وجد فيهما من يرضى دينه وإسلامه وأمانته جعله إليه إن شاء، وإن لم ير فيهم الذي يريده فإنه يجعله إن شاء إلى رجل من آل أبي طالب يرتضيه، فإن وجد آل أبي طالب يومئذ قد ذهب كبارهم وذوو رأيهم وأسنانهم، فإنه يجعله إن شاء إلى رجل يرضى حاله من بني هاشم، ويشترط على الذي يجعل ذلك إليه أن يترك المال على أصله، وينفق ثمرته حيث أمرته في سبيل الله ووجوهه، وذوي الرحم من بني هاشم وبني عبد المطلب، والقريب والبعيد، لا يباع منه شئ ولا يوهب ولا يورث، وإن مال محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على ( ما حبسه هو )(٧) إلى بني فاطمة، وكذلك مال فاطمةعليها‌السلام إلى بنيها » وذكر باقي الوصية.

[١٦٠٩٠] ٥ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « تصدق أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام بدار له بالمدينة في زريق، فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تصدق به علي بن أبي طالب، وهو حي

__________________

(٦) أثبتناه من المصدر.

(٧) في المصدر: ناحيته.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٣ ح ١٢٨٥.

٥٣

سوي، تصدق بداره التي في بني زريق، لا تباع ولا توهب ولا تورث، حتى يرثها الله الذي يرث السماوات والأرض، واسكن(١) هذه الدار الصدقة خالاته ما عشن وأعقابهن ما عشن، فإذا انقرضوا فهي لذوي الحاجة من المسلمين ».

[١٦٠٩١] ٦ - وعن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال لأبي بصير. « يا أبا بصير، ألا أقرئك وصية فاطمةعليها‌السلام ؟ » قال: نعم، فافعل متفضلا ( جعلني الله )(١) فداك، فأخرج منه حقا أو سفطا، فأخرج منه كتابا فقرأه، وكان فيه. « بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصت به فاطمة ابنة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أوصت بحوائطها السبعة. العواف، والدلال، والبرقة، والميثب، والحسني، والصافية، ومال(٣) أم إبراهيم، إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فإن مضى علي فإلى الحسن، فإن مضى الحسن فإلى الحسين، فإن مضى الحسينعليهما‌السلام فإلى الأكبر من ولده، شهد الله على ذلك، والمقداد بن الأسود، والزبير بن العوام، وكتب علي بن أبي طالبعليه‌السلام ».

[١٦٠٩٢] ٧ - البحار، عن كتاب مصباح الأنوار. عن أبي جعفرعليه‌السلام قال محمد بن إسحاق. وحدثني أبو جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام : « إن فاطمةعليها‌السلام عاشت بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ستة أشهر، قال: وإن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كتبت هذا الكتاب. بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما كتبت فاطمة بنت

__________________

(١) في نسخة: وليسكن.

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٣ ح ١٢٨٦.

(١) في المصدر: جعلت.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) في نسخة: ومشربة.

٧ - البحار ١٠٣ ص ٨٤ ١ ح ١٣، عن مصباح الأنوار ص ٢٦٢.

٥٤

محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في مالها إن حدث بها حادث، تصدقت بثمانين أوقية تنفق عنها، من ثمارها التي لها كل عام في رجب بعد نفقة السقي(١) ونفقة العمل(٢) ، وأنها أنفقت أثمارها العام وأثمارها(٣) القمح عاما قابلا في أوان غلتها، وأنها(٤) أمرت لنساء محمد أبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله خمسا وأربعين أوقية، وأمرت لفقراء بني هاشم وبني عبد المطلب بخمسين أوقية، وكتبت في أصل مالها في المدينة، أن علياعليه‌السلام سألها أن توليه مالها، فيجمع مالها إلى مال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلا تفرق، ويليه ما دام حيا، فإذا حدث به حادث دفعه إلى ابني الحسن والحسين فيليانه، وإني دفعت إلى علي بن أبي طالب على أني أحلله فيه، فيدفع مالي ومال محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا يفرق منه شيئا، يقضي عني من أثمار المال ما أمرت به وما تصدقت به، فإذا قضى الله صدقتها وما أمرت به، فالامر بيد الله تعالى وبيد عليعليه‌السلام ، يتصدق وينفق حيث شاء لا حرج عليه، فإذا حدث به حدث دفعه إلى ابني الحسن والحسين، المال جميعا مالي ومال محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ينفقان ويتصدقان حيث شاءا ولا حرج عليهما، وإن لابنة جندب يعني بنت أبي ذر الغفاري التابوت الأصغر(٥) ، ويعطيها في المال ما كان، ونعلي(٦) الآدميين والنمط(٧) والحب(٨) والسرير والزربية(٩) والقطيفتين(١٠) ، وإن حدث بأحد

__________________

(١) في الحجرية: السعي، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في الحجرية والمصدر: المغل، والظاهر أن ما أثبتناه هو الصواب.

(٣) في المصدر: وأثمار.

(٤) وفيه: وإنما.

(٥) وفيه: الأصفر.

(٦) في الحجرية: وفعل، وما أثبتناه من المصدر.

(٧) النمط نوع من الثياب، ونوع من البسط له خمل وقيق ( لسان العرب ج ٧ ص ٤١٧ ).

(٨) في الطبعة الحجرية والمصدر: الجب، الجب، والظاهر ة ن ما أثبتناه هو الصواب.

(٩) في الطبعة الحجرية والمصدر: « والظاهر أن ما أثبتناه هو الصواب، والزربية: البساط أو الطنفسة، وقيل: البساط ذو الخمل ( لسان العرب ج ١ ص ٤٤٧. )

٥٥

ممن أوصيت له قبل أن يدفع إليه، فإنه ينفق عنه في الفقراء والمساكين، وإن الأستار لا يستر بها امرأة إلا إحدى ابنتي، غير أن عليا يستتر بهن إن شاء ما لم ينكح، وإن هذا ما كتبت فاطمةعليها‌السلام في مالها وقضت فيه، والله شهيد، والمقداد بن الأسود، والزبير بن العوام، وعلي بن أبي طالب كتبها، وليس على علي حرج فيها فعل من معروف، قال جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، قال أبي. هذا وجدناه، وهكذا وجدنا وصيتها ».

[١٦٠٩٣] ٨ - عن زيد بن علي قال: أخبرني أبي، عن الحسن بن عليعليهما‌السلام قال: « هذه وصية فاطمة بنت محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أوصت بحوائطها السبع: العواف والدلال، والبرقة، والميثب، والحسنى، والصافية، ومال أم إبراهيم(١) ، إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام فإن مضى علي فإلى الحسن بن علي، وإلى أخيه الحسين، وإلى الأكبر فالأكبر من ولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله » الخبر.

[١٦٠٩٤] ٩ - عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الإسناد: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال: سألت الرضاعليه‌السلام عن الحيطان السبعة، فقال: « كانت ميراثا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقفا، فكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يأخذ منها ما ينفق على أضيافه، والنائبة يلزمه فيها فلما، قبض جاء العباس يخاصم فاطمةعليها‌السلام فشهد عليعليه‌السلام وغيره أنها وقف، وهي الدلال، والعواف، والحسنى، والصافية، ومال أم إبراهيم،

__________________

(١٠) القطيفة: كساء له خمل ( لسان العرب ج ٩ ص ٢٨٦ ).

٨ - البحار ج ١٠٣ ص ١٨٥ ح ١٤ عن مصباح الأنوار ص ٢٦٣.

(١) المقصود: مشربة أم إبراهيم، وكذا في الحديث الذي يليه.

٩ - قرب الإسناد ص ١٦٠.

٥٦

والميثب، وبرقة ».

[١٦٠٩٥] ١٠ - نهج البلاغة: ومن وصية لهعليه‌السلام بما يعمل في أمواله، كتبها بعد منصرفه من صفين: « هذا ما أمر به عبد الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، في ماله، ابتغاء وجه الله، ليولجه الجنة، ويعطيه ( به )(١) الآمنة، وانه يقوم بذلك الحسن بن علي، يأكل منه بالمعروف وينفق منه في المعروف، فان حدث بحسن حدث وحسين حي، قام بالأمر بعده وأصدره مصدره، وإن لابني فاطمة من صدقة علي مثل الذي لبني علي، ( إني )(٢) إنما جعلت القيام بذلك إلى ابني فاطمة، ابتغاء وجه الله وقربة إلى الرسول(٣) ، وتكريما لحرمته وتشريفا لوصلته، ويشترط على الذي يجعله إليه، أن يترك المال على أصوله، وينفق من ثمره حيث أمر به وهدي له، وأن لا يبيع من نخيل(٤) هذه القرى ودية حتى تشكل أرضها غراسا ».

قال السيد: قولهعليه‌السلام : « وأن لا يبيع من نخلها ودية » فان الودية الفسيلة وجمعها ودي. وقولهعليه‌السلام : « تشكل أرضها غراسا » هو من أفصح الكلام، أي يكثر غراسا فيراها الناظر على غير الصفة التي عرفها بها، فيشكل عليه أمرها ويظنها غيرها.

٧ -( باب عدم جواز الرجوع في الوقف بعد القبض، ولا في الصدقة بعده)

[١٦٠٩٦] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الذي يتصدق بصدقة ثم يرجع فيها،

__________________

١٠ - نهج البلاغة ج ٣ ص ٢٥ رقم ٢٤، وعنه في البحار ج ١٠٣ ص ١٨٤ ح ١٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: رسول الله.

(٤) في المصدر: أولاد نخيل.

الباب ٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٩ ح ١٢٧٢.

٥٧

مثل الذي يقئ يرجع في قيئه ».

[١٦٠٩٧] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الصدقة يجعلها الرجل لله مبتولة، هل له أن يرجع فيها؟ قال: « إذا جعلها لله فهي للمساكين وأبناء السبيل، ليس له أن يرجع فيها ».

[١٦٠٩٨] ٣ - وعن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، أنه كان إذا أعطى السائل شيئا فيسخطه(١) انتزعه منه وأعطاه غيره.

وتقدم حديث آخر، عنه.

[١٦٠٩٩] ٤ - عوالي: اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا يحل لرجل(١) يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها، إلا الوالد فيها يعطي ولده، ومثل الذي يعطي عطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب، يأكل فإذا شبع قاء ثم عاد في قيئه ».

٨ -( باب أنه يكره تملك الصدقة بالبيع والهبة ونحوهما، ويجوز بالميراث)

[١٦١٠٠] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « إن تصدقت بصدقة ثم ورثتها، فهي لك بالميراث ولا بأس بها » قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا تصدق الرجل بصدقة لم يحل له أن يشتريها، ولا أن يستوهبها، ولا أن يملكها بعد أن تصدق بها، إلا بالميراث، فإنها إن

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٩ ح ١٢٧٤.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٠ ح ١٢٧٦.

(١) في المصدر: فيتسخطه.

٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٥١ ح ١١٣.

(١) في المصدر: للرجل أن.

الباب ٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٩ ح ١٢٧٥.

٥٨

دارت إليه بالميراث حلت له ».

٩ -( باب اشتراط الصدقة بالقصد والقربة، وحكم وقوعها في مرض الموت)

[١٦١٠١] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه سئل عن رجل كانت له خادمة(١) فأذته امرأته فيها، فقال لها: هي عليك صدقة، فقال: « إن كان ذلك لله فليمضها، وإن يفعل فله أن يرجع فيها ».

[١٦١٠٢] ٢ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال: « لا خير في القول إلا مع العمل إلى أن قال ولا في الصدقة إلا مع النية ».

١٠ -( باب جواز اعطاء فقراء بني هاشم من الصدقة، سوى الزكاة، ومن الوقف على الفقراء)

[١٦١٠٣] ١ - الصدوق في المقنع: واعلم أن صدقات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تحل لبني هاشم ولمواليهم، وروي أن فاطمةعليها‌السلام جعلت صدقاتها لبني عبد المطلب وبني هاشم، وسئل أبو عبد الله عن الصدقة التي حرمت على بني هاشم ما هي؟ فقال: « هي الزكاة ».

[١٦١٠٤] ٢ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك: عن عبد الله بن شيبان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إنما حرم على بني هاشم من الصدقة الزكاة المفروضة على الناس، ثم قال: لولا هذا لحرمت علينا هذه المياه التي

__________________

الباب ٩

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٠ ح ٢٧٧ ١.

(١) في المصدر: جارية.

٢ - الاختصاص ص ٢٤٣.

الباب ١٠

١ - المقنع ص ٥٥.

٢ - كتاب حسين بن عثمان ص ١١٠.

٥٩

فيما بين مكة والمدينة ».

١١ -( باب حكم صدقة المرأة وهبتها، بغير إذن زوجها)

[١٦١٠٥] ١ - وجدت في مجموعة عتيقة خبرا طويلا، أظنه مأخوذا من كتاب أحمد بن عبد العزيز الجلودي: حدثنا يحيى بن عمر قال: حدثنا عبس بن مسلم قال: حدثنا عمر(١) بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن محمد بن مسلم، عن مهران الثقفي، عن عبد الله بن محبوب، عن رجل(٢) ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في خبر طويل أنه قال لحولاء العطارة: « يا حولاء والذي بعثني بالحق نبيا ورسولا، لا ينبغي للمرأة أن تتصدق بشئ من بيت زوجها إلا باذنه، فان فعلت ذلك كان له الاجر وعليها الوزر » الخبر.

[١٦٢٠٦] ٢ - الصدوق في الخصال: عن أحمد بن الحسن القطان، عن الحسن بن علي السكري، عن محمد بن زكريا الجوهري، عن جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفرعليه‌السلام في حديث طويل قال: قال: « ولا يجوز للمرأة في مالها عتق ولا بر إلا بإذن زوجها ».

[١٦٢٠٧] ٣ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أن امرأة سألته: فقالت يا رسول الله ما حق الزوج على ( الزوجة؟ قال: )(١) « لا تتصدق من بيته إلا باذنه »، الخبر.

__________________

الباب ١١

١ - كتاب قصة الحولاء ص ١٤١.

(١) في المصدر: عمرو.

(٢) في المصدر: أبو هريرة.

٢ - الخصال ج ٢ ص ٥٨٨ ح ١٢.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢١٦ ح ٨ ٧٩.

(١) في المصدر: « زوجته؟ فقال: أن ».

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

أنس بن مالك

أمّا أنَس بن مالك ، فهذه عدّةٌ من مطاعنه المُسقطة له عن العدالة ، والمُوجبة له العار والخسران وعذاب النيران :

كتمانه الشهادة

فمنها : كتمانه الشهادة بحديث الغدير ، مع أنّ الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ناشده به ، وطلب منه الشهادة ، ودعا عليه لمّا كتم ، فقد ذكر السيّد جمال الدين المحدّث الشيرازي في كتاب( الأربعين في فضائل أمير المؤمنين ) في بيان تواتر حديث الغدير :

( ورواه زر بن حبيش فقال : خرج عليّعليه‌السلام من القصر ، فاستقبله ركبان متقلّدي السيف ، عليهم العمائم ، حديثي عهد بسفر فقالوا : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، السلام عليك يا مولانا .

فقال عليّعليه‌السلام بعدما ردّ السلام :( مَن هاهنا مِن أصحاب رسول الله ) ؟

فقام اثنا عشر رجلاً منهم : خلد بن زيد أبو أيّوب الأنصاري ، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين ، وثابت بن قيس بن شماس ، وعمّار بن ياسر ، وأبو الهيثم بن التّيهان ، وهاشم بن عتبة بن أبي وقّاص ، وحبيب بن بديل بن ورقاء ، فشهدوا أنّهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم يقول :( مَن كُنت مولاه فعليٌّ مولاه ) الحديث .

فقال عليّ لأنَس بن مالك والبرّاء بن عازب :( ما منعكما أنْ تقوما فتشهدا ، فقد سمِعتُما كما سمع القوم ) ؟

فقال :( اللّهمّ إنْ كانا كتماها معاندةً فأبلهما ) ؛ فأمّا البرّاء فعمي ، فكان يُسأل عن منزله فيقول : كيف يرشد مَن أدركته الدعوة ، وأمّا أنس فقد برصَت قدماه ، وقيل : لمّا استشهده عليّعليه‌السلام على قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( مَن كُنت مولاه فعليٌّ مولاه ) واعتذر بالنسيان فقال :( اللّهمّ إنْ كان كاذباً فأبلهِ ببياضٍ لا تواريه العمامة ) ، فبرص وجهه ، فسدل بعد ذلك برقعاً على وجهه ) .

١٦١

تحريف الحديث

وقد حرّف بعض علمائهم هذا الحديث ، فوضع بدل الاسم الصريح كلمة ( رجل ) تستّراً على أنَس بن مالك ، وخَجَلاً ممّا كان منه... فقد روى أبو نعيم الحافظ في( حلية الأولياء ) :

( حدّثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أحمد بن إبراهيم بن كيسان ، ثنا إسماعيل ابن عمرو البجلي ، ثنا مسعر بن كدام ، عن طلحة بن مصرف ، عن عُميرة بن سعد قال : شهِدْت عليّاً على المنبر ناشداً أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفيهم أبو سعيد وأبو هريرة وأنَس بن مالك ، وهم حول المنبر وعليّ على المنبر ، وحول المنبر اثنا عشر رجلاً هؤلاء منهم ، فقال عليّ : نشدتّكم بالله ، هل سمعتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :( مَن كُنت مولاه فعليٌّ مولاه ) ؟

فقاموا كلّهم فقالوا : اللّهمّ نعم ، وقعد رجل ، فقال :( ما منعك أنْ تقوم ) ؟

قال : يا أمير المؤمنين ، كبرت ونسيت .

فقال :( اللّهمّ إنْ كان كاذباً فاضربه ببلاءٍ حسن ) .

قال : فما مات حتّى رأينا بين عينيه نكتةً بيضاء لا تواريها العمامة .

غريبٌ مِن حديث طلحة ، تفرّد به مسعر عنه مطوّلاً ، ورواه ابن عائشة عن إسماعيل مثله ، ورواه الأجلح وهاني بن أيّوب عن طلحة مختصراً) (١) .

ـــــــــــــــــــ

(١) حلية الأولياء ٥ : ٢٧/ ٢٩٣ .

١٦٢

الكذب

ومنها : أنّه قد كذَب في قضيّة الطائر المشويّ المشهورة ، وفي بعض الروايات : إنّه قد تكرّر ذلك منه :

قال الحاكم في( المستدرك ) في الحديث :

( فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( يا أنَس ، اُنظر من على الباب ؟ فقلت : اللّهمّ اجعله رجلاً مِن الأنصار ، فذهب فإذا عليٌّ بالباب ، فقلت : إنّ رسول الله على حاجة ) )(١) .

وفي( كنز العمّال ) :

( عن عمرو بن دينار ، عن أنَس قال : كنت مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بستان ، فأُهدي لنا طائر مشويّ ، فقال : اللّهمّ ائتني بأحبّ الخلق إليك ، فجاء عليّ بن أبي طالب ، فقلت : رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مشغول ، فرجع ، ثمّ جاء بعد ساعة ودقّ الباب ، ورددته مثل ذلك ، ثمّ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( يا أنَس ، افتح له ، فطالما رددته ) .

فقلت : يا رسول الله ، كنت أطمع أنْ يكون رجلاً مِن الأنصار فدخل عليّ بن أبي طالب فأكل معه من الطير ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( المرء يحبّ قومه ) . كر وابن النجار )(٢) .

حضوره عند ابن زياد وهو ينكت ثنايا أبي عبد الله

ومنها : إنّه كان حاضراً عند عًُبيد الله بن زياد لمّا أُتي برأس الإمام أبي عبد الله الحسين الشهيد ، فجعل ينكت ثناياه ويقرعها بالقضيب ، قال

ـــــــــــــــــــ

(١) المستدرك على الصحيحين : ٣ : ١٣٢ كتاب معرفة الصحابة .

(٢) كنز العمّال ١٣ : ١٦٧/ ٣٦٥٠

١٦٣

البخاري :

( عن أنَس بن مالك قال : أُتي عُبيد الله بن زياد برأس الحسينعليه‌السلام ، فجُعل في طست ، فجَعل يَنكت وقال في حسنه شيئاً ، فقال أنَس : كان أشبههم برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكان مخضوباً بالوسمة )(١) .

فقال العيني في ( عمدة القاري ) :

( قال سبط ابن الجوزي : أما كان لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على أنَس من الحقوق أنْ ينكر على ابن زياد فعله ويقبّح له ما وقع منه ، مِن قَرع ثنايا الحسين بالقضيب ، كما فعل زيد بن أرقم )(٢) .

طعن أبي حنيفة فيه

وأنَس بن مالك كان مطعوناً عند إمامهم الأعظم أبي حنيفة ، ذكر ذلك الزندويستي الحنفي ـ ومِن أكابر علماء القوم ، وصفه الكفوي في( كتائبه ) بأنّه : ( كان إماماً فقيهاً ورعاً )(٣) وترجم له عبد القادر في( طبقاته ) (٤) ـ حيث قال :

( رُوي عن أبي حنيفةرضي‌الله‌عنه أنّه سُئل فقيل له : إذا قلت قولاً ، وكان كتاب الله تعالى يُخالف قولك ؟ قال : أترك قولي بكتاب الله تعالى ، فقيل : إذا كان خبر الرسول يُخالف قولك ؟ قال : أترك قولي بخبر الرسول ، فقيل : إذا كان قول الصحابة يُخالف قولك ؟ فقال : أترك قولي بقول الصحابي ، فقيل له : إذا كان قول التابعين يُخالف قولك ؟ قال : إذا كان التابعي رجلاً فأنا رجل .

ـــــــــــــــــــ

(١) صحيح البخاري ٥ : ٣٢ ـ ٣٣ كتاب المناقب ـ باب مناقب الحسن والحسين ( رضي الله عنهما ) .

(٢) عمدة القاري في شرح صحيح البخاري ١٦ : ٢٤١ وفيه : لكن الفحل ، بدل : كما فعل .

(٣) كتائب أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار ـ مخطوط .

(٤) وذكره صاحب هديّة العارفين ١ : ٣٠٧ وأرّخ وفاته بحدود سنة ٤٠٠ .

١٦٤

ثمّ قال : أترك قولي بجميع قول الصحابة إلاّ ثلاثة منهم : أبو هريرة ، وأنَس ابن مالك ، وسمرة بن جندب .

قال الفقيه أبو جعفر الهندواني رحمه الله : إنّما لم يترك قوله بقول هؤلاء الثلاثة لأنّهم مطعونون )(١) .

( وقد روى محمّد بن سليمان الكفوي في( كتائب الأعلام ) كلام أبي حنيفة حيث قال ـ بعد نقل كلام الصدر الشهيد في بيان وجه ترك أبي حنيفة أنَس بن مالك وأبا هريرة وعدم تقليدهما ـ : وأمّا سمرة فما وجدت في نسختي ثمّ ظفرت في روضة الزندويستي في الباب السابع والتسعين في فضل الصحابة قال فيه :

وتقليد الصحابة يجوز أم لا ؟ قال علماؤنا : في ظاهر الأُصول يجوز ، وأقاويل جميع الصحابة حجّة نعمل بها ، حتّى روي عن أبي حنيفة أنّه سُئل فقيل له : إذا قلت قولاً وكتاب الله يُخالف قولك ؟ قال : أترك قولي بكتاب الله ، وقول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقيل : إذا كان قول الصّحابة يُخالف قولك ؟ قال : أترك قولي بقول الصحابة ، فقيل : إذا كان قول التابعين يُخالف قولك ؟ قال : هُم رجال ونحن رجال .

ثمّ قال أبو حنيفة رحمه الله : أترك قولي بقول الصحابة ، إلاّ بقول ثلاثة منهم : أبو هُريرة ، وأنَس بن مالك ، وسمرة بن جندب .

قال الفقيه أبو جعفر الهندواني: وإنّما لم يترك قوله بقول هؤلاء الثلاثة، لأنّهم مطعونون )(٢) .

وأيضاً : قال الكفوي في ( كتائب أعلام الأخيار من فقهاء مذهب نعمان المختار ) :

ـــــــــــــــــــ

(١) روضة العلماء ، ذكره له صاحب كشف الظنون ١ : ٩٢٨ .

(٢) كتائب أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار ـ مخطوط .

١٦٥

 ( قال الصدر الشهيد أيضاً : عن أبي حنيفة روايتان :

الأوّل : أنّه قال أُقلّد مَن كان مِن القضاة المفتين مِن الصحابة ؛ لقوله : اقتدوا باللذين مِن بعدي أبي بكر وعمر ، وقد اجتمع في حقّهما القضاء والفتوى ، فمن كان بمثابتهما مثل : عثمان وعليّ والعبادلة الثلاثة وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل ، وغيرهم ممّن كان في معناهم ، فأُقلدهم ولا أستجيز خلافهم برأيي ، وخرج عن هذا جماعة منهم : أبو أمامه وسهل بن سعد الساعدي ، وأبو حميد الساعدي ، والبرّاء ابن عازب وغيرهم .

والثاني : قال : أُقلّد جميع الحصابة ، ولا أستجيز خلافهم برأيي إلاّ ثلاثة نفر : أنَس بن مالك ، وأبو هريرة ، وسمرة بن جندب .

فقيل له في ذلك .

فقال : أمّا أنَس فقد بلغني أنّه اختلط عقله في آخر عمره ، وكان يستفتي من علقمة ، وأنا لا أُقلّد علقمة ، فكيف أُقلّد من يستفتي من علقمة ؟ )(١) .

كان يلبس الحرير

ومنها : إنّه كان يلبس الحرير كما في( الطبقات ) :

( عن عبد السلام بن شداد قال : رأيت على أنَس عمامةً حرير وجُبّة خزّ ومطرف خزّ .

فقالوا : مالك تنهانا عن الحرير وتلبسه أنت ؟

فقال : إنّ أُمراءنا يكسوناها ، فنحبّ أنْ يروه علينا )(٢) .

هذا ، وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما في ( صحيح البخاري ) :

ـــــــــــــــــــ

(١) كتائب أعلام الأخبار من فقهاء مذهب النعمان المختار ـ مخطوط .

(٢) الطبقات الكبرى ٧ : ٢٣ ـ ٢٤ ، وفي نسخة ( الخز ) بدل ( الحرير ) .

١٦٦

 ( عن أبي ذبيان خليفة بن كعب قال : سمعت ابن الزبير يقول : سمعت عمر يقول : قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة )(١) .

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( قال : إنّما يلبس الحرير في الدنيا مَن لا خلاق له في الآخرة )(٢) .

تقصيره الصّلاة وتركه الصّيام مدّة سنتين

ومنها : أنّه لمّا ولّي سابور من قِبل الحجّاج ، بقي مدّة سنتين يقصّر الصلاة ، ولا يصوم شهر رمضان ، معتذراً بأنّه لا يدري مدّة بقائه هناك ، ومتى يعزل ؟

روى ذلك أبو هلال العسكري في كتاب( الأوائل ) الذي ترجم له العلماء وأثنوا عليه واعتمدوا على إخباراته... قال السيوطي في( بغية الوعاة ) :

( الحسن بن عبد الله بن سهل... كان موصوفاً بالعلم والفقه ، والغالب عليه الأدب والشعر ، وكان يتبزّز احترازاً من الطمع والدناءة ، روى عنه أبو سعد السمّان وغيره... له من التصانيف : كتاب صناعتي النظم والنثر ، مفيد جداً ، والتلخيص في اللغة ، جمهرة الأمثال ، شرح الحماسة ، مَن احتكم من الخلفاء إلى القضاء ، لحن الخاصّة ، الأوائل... قال ياقوت : لم يبلغني شيء في وفاته ، إلاّ أنّه فرغ مِن إملاء الأوائل يوم الأربعاء لعشرٍ خَلَت مِن شعبان سنة ٣٩٥)(٣) .

ـــــــــــــــــــ

(١) صحيح البخاري ٧ : ١٩٤ كتاب اللباس ـ باب لبس الحرير...

(٢) صحيح البخاري ٧ : ١٩٤ كتاب اللباس ـ باب لبس الحرير...

(٣) بغية الوعاة في طبقات اللغويّين والنحاة ١ : ٥٠٦/ ١٠٤٦ .

١٦٧

أبو هريرة

وأمّا أبو هريرة ، فقوادحه ومطاعنه الشنيعة كثيرة ، فمنها :

مولاته عدوّ عليّ

إنّه كان من المنحرفين عن أمير المؤمنين ، ومن المؤيّدين لمعاوية رئيس الفئة الباغية ، حتّى لقد ذكّره الأصبع بن نباتة بذلك ، فلم يقل إلاّ : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، فقد روى سبط ابن الجوزي في( تذكرته ) أنّه :

( قال أصبغ : فقلت له : يا معاوية ، لا تعتل بقتلة عثمان ، فإنّك لا تطلب إلاّ المُلك والسلطان ، ولو أردت نصرته [حيّاً] لفعلت ، ولكنّك تربّصت به وتقاعدت عنه لتجعل ذلك سبباً إلى الدنيا ، فغضب ، فأردت أزيده فقلت : يا أبا هريرة ، أنت صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، اُقسم عليك بالله الذي لا إله إلاّ هو وبحقّ رسوله ، هل سمعت رسول الله يقول يوم غدير خم في حقّ أمير المؤمنين :( من كنت مولاه فعليٌّ مولاه ) ؟

فقال : إي والله لقد سمعته يقول ذلك .

قال : فقلت : فإذن أنت يا أبا هريرة ، واليت عدوّه وعاديت وليّه ، فتنفّس أبو هريرة وقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون .

فتغيّر وجه معاوية وقال : يا هذا ، كفّ عن كلامك ، فلا تستطيع أنْ تخدع أهل الشام عن الطلب بدم عثمان ، فإنّه قُتل مظلوماً...)(١) .

ـــــــــــــــــــ

(١) تذكرة الخواص من الأُمّة : ٨٣ ـ ٨٤ .

١٦٨

لعب القمار والشطرنج

وذكروا أنّه كان يلعب بالشطرنج ، وكان يُقامر... ففي( حياة الحيوان ) ـ في كلام له عن الشطرنج ـ :

( ورَوى الصعلوكي تجويزه عن عمر بن الخطّاب وأبي هريرة... والمروي عن أبي هريرة مِن أنّ اللعب به مشهورٌ في كتب الفقه )(١) .

وقال ابن الأثير :

( وفي حديث بعضهم قال : رأيت أبا هريرة يلعب السّدر ـ السدر لعبة يُقامر بها ـ وتُكسر سينها وتضم ، وهي فارسية معربة [عن ( سه در )] ، يعني ثلاثة أبواب )(٢) .

وفي( مجمع البحار ) : ( وحديث : رأيت أبا هريرة يلعب السّدر...)(٣) .

وقد نصَّ علماء القوم على حرمة اللعب بالشطرنج ، ونسب ابن تيميّة القول بالحرمة إلى جمهور العلماء ، قال :

( مذهب جمهور العلماء أنّ الشطرنج حرام ، وقد ثبت عن عليّ بن أبي طالب مرّ بقومٍ يلعبون الشطرنج فقال : ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ، وكذلك النهي عنها معروف عن أبي موسى وابن عبّاس وابن عمر وغيرهم من الصحابة وتنازعوا في أنّ أيّهما أشدّ تحريماً : الشطرنج أو النرد ؟ فقال مالك : الشطرنج أشدّ من النرد ، وهذا منقول عن ابن عمر ؛ وهذا لأنّها

ـــــــــــــــــــ

(١) حياة الحيوان ( العقرب ) ٢ : ٦٢ .

(٢) النهاية في غريب الحديث ٢ : ٣٥٤ ( سدر ) .

(٣) مجمع البحار ( سدر ) .

١٦٩

تشغل القلب بالفكر الذي يصدّ عن ذكر الله وعن الصلاة أكثر من النرد وقال أبو حنيفة وأحمد : النرد أشد )(١) .

أبو هريرة في نظر الصحابة

وقد كان أبو هريرة متّهماً بالكذب والاختلاق على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند الصحابة ، وعلى رأسهم أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وكان عمر وعثمان وعائشة أيضاً مِن الطاعنين عليه ، قال ابن قتيبة ـ في بحثٍ له مع بعضهم :

( فأمّا طعنه على أبي هريرة بتكذيب عمر وعثمان وعليّ وعائشة له ، فإنّ أبا هريرة صحب رسول الله نحواً من ثلاثِ سنينٍ ، وأكثر الرواية عنه ، وعمَّر بعده نحواً مِن خمسين سنة ، وكانت وفاته سنة تسعٍ وخمسين... فلمّا أتى من الرواية عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما لم يأتِ بمثله من صحبه من أجلّة أصحابه والسابقين الأوّلين إليه ، اتّهموه وأنكروا عليه وقالوا : كيف سمعت هذا وحدك ؟ ومن سمعه معك ؟ وكانت عائشة أشدّهم إنكاراً عليه لتطاول الأيّام بها وبه ، وكان عُمر أيضاً شديداً على مَن أكثر الرواية )(٢) .

والمؤيّدات لما أفاده ابن قتيبة في كُتب القوم كثيرة ، ومن ذلك : قولالشمس الخلخالي بشرح الحديث عن أبي هريرة :

( قوله : إنّكم تقولون ـ الخطاب للصحابة ـ : أكثر أبو هريرة عن النبيّ .

أي : أكثر الرواية عنهعليه‌السلام ، والله الموعد ، أي : لقاء الله موعدنا يعني مرجعنا .

ـــــــــــــــــــ

(١) منهاج السنّة ٣ : ٤٣٧ ـ ٤٣٨ .

(٢) تأويل مختلف الحديث : ٤١ .

١٧٠

يعني به يوم القيامة ، فيظهر عنده صدق الصادق وكذب الكاذب لا محالة ؛ لأنّ الأسرار تنكشف هنالك )(١) .

فالقائلون والمتكلّمون في إكثار أبي هريرة هم ( الصحابة ) وقد كانوا يتّهمونه بالكذب ، وفي يوم القيامة يظهر الصادق والكاذب !

وقول القاري في( المرقاة ) بشرحه كذلك :

( وعنه ـ أي عن أبي هريرة ـ قال : إنّكم ، أي معشر التابعين ، وقيل : الخطاب مع الصحابة المتأخّرين ، تقولون : أكثر أبو هريرة ، أي الرواية عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والله الموعد ، أي موعدنا ، فيظهر عنده صدق الصادق وكذب الكاذب ؛ لأنّ الأسرار تنكشف هنالك .

وقال الطّيبي : أي : لقاء الله الموعد ، أي موعدنا يوم القيامة ، فهو يُحاسبني على ما أزيد أو أنقص ، لا سيّما على رسول الله ، وقد قال :( مَن كذب عليَّ متعمّداً فليتبوّء مقعده من النّار ) )(٢) .

والحاصل : إنّ الصّحابة والتابعين كانوا يكذّبون أبا هريرة ، ولا يصدّقونه في روايته ، ولا يعتمدون عليه ولا يأخذون بها ، كما سيأتي عن عائشة .

وفي( الجمع بين الصحيحين ) عن أبي رزين قال :

( خرج إلينا أبو هريرة ، فضرب بيده على جبهته فقال : ألا إنّكم تحدّثون أنّي أكذب على رسول الله...)(٣) .

وفي هذا دليلٌ واضح على أنّه كان في نظر القوم مفترياً على رسول الله...

ـــــــــــــــــــ

(١) المفاتيح في شرح المصابيح ـ مخطوط .

(٢) المرقاة في شرح المشكاة ٥ : ٤٥٨ .

(٣) الجمع بين الصحيحين ٣ : ١٢٣ / ٢٣٣٣ .

١٧١

وأمّا ما أشار إليه ابن قتيبة مِن ردود عائشة عليه ، وأنّه قد طال ذلك بينهما ، فإنّ موارد ردّها عليه كثيرة، يجدها المتتبّع في كتب القوم .

تكذيب عائشة أبا هريرة

من ذلك : حديثه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( قال : مَن لَم يوتر فلا صلاة له ، فبلغ ذلك عائشة فقالت : [و] مَن سمع هذا من أبي القاسم ؟ [والله] ما بعُد العهد وما نسيت ،...)(١) .

ومن ذلك : حديثه في شرّ الثلاثة :

( ولمّا سمعَتْ أبا هريرة يروي أنّ ولد الزنا شرّ الثلاثة قالت : كيف يصحّ هذا ؟ وقد قال الله تعالى :( ... وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى... ) (٢) .

( وروي أنّ عائشة قالت لابن أُختها : ألا تعجب مِن كثرة رواية هذا الرجل ، ورسول الله حدّث بأحاديث لو عدّها عادٌّ لأحصاها )(٣) .

وهذا الحديث أبطله ابن عمر أيضاً ، والغالب على الظنّ أنّهم يُريدون بذلك الحماية عن أسلافهم وأكابرهم... فلا تغفل!! ففي( كنز العمّال ) :

( عن ميمون بن مهران : إنّه شهد ابن عمر صلّى على ولد الزنا ، فقيل له : إنّ أبا هريرة لم يصلّ عليه وقال : هو شرّ الثلاثة ، فقال ابن عمر : هو خير الثلاثة )(٤) .

ومن ذلك : حديثه إذ استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمسنّ يده في

ـــــــــــــــــــ

(١) المعجم الأوسط ٤ : ٣٩٣/ ٤٠١٢ .

(٢) سورة الأنعام ٦ : ١٢٤ .

(٣) الأُصول لشمس الأئمّة السرخسي ١ : ٣٤٠ ـ ٣٤١ .

(٤) كنز العمّال ٥ : ٤٦١/ ١٣٦١٧ و١١ : ٨٥/ ٣٠٧١٦ .

١٧٢

الإناء ، فقد أبطلته عائشة ووافقها ابن عبّاس(١) .

ومن ذلك : حديثه في المشي في خفٍّ واحد ، فقد روى ابن أبي شيبة ، عن ابن عيينة ، عن عبد الرحمان بن القاسم ، عن أبيه : ( إنّ عائشة كانت تمشي في خفٍّ واحدٍ وتقول : لأُخيفنَّ أبا هريرة )(٢) .

فإنّ هذا تكذيب منها لأبي هريرة ، ولا معنى له سوى ذلك ؛ لأنّه قد ادّعى سماع النهي عن المشي في خفٍّ واحدٍ عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد جاء في( الجمع بين ا لصحيحين ) :

( عن أبي هريرة : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( لا يمشي أحدكم في نعلٍ واحدٍ ، لينعلهما أو ليخلعهما جميعاً ) . وفي رواية القعنبي : ليحفهما جميعاً أو لينعلهما جميعاً .

وأخرجه مسلم من حديث الأعمش عن أبي رزين قال : خرج إلينا أبو هريرة ، فضرب بيده إلى جبهته فقال : ألا إنّكم تحدّثون ، أنّي أكذب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لتهتدوا وأضل ، ألا وإنّي أشهد لسمعت رسول الله يقول : إذا انقطع شِسْع أحدكم فلا يمشي في الأُخرى حتّى يصلحها )(٣) .

فهو يؤكّد على أنّه قد سمع من رسول الله ذلك... وقد كذّبته عائشة ؛ لأنّ من قال سمعته يقول كذا وكذا لا يتطرَّق إليه إلاّ التكذيب ، وهذا ما نصّ عليه ابن القيّم حيث قال : ( ومعلومٌ قطعاً ، أنّ تطرّق التكذيب إلى مَن قال سمعته يقول كذا أو أنّه لم يسمعه ، فإنّ هذا لا يتطرّق إليه إلاّ التكذيب ، بخلاف

ـــــــــــــــــــ

(١) شرح العضدي على مختصر ابن الحاجب ١ : ١٨٤ .

(٢) المصنّف لابن أبي شيبة ٨ : ٢٢٩/ ٤٩٨٢ الباب ٨٤٦ .

(٣) الجمع بين الصحيحين ٣ : ١٢٣/ ٢٣٣٣ .

١٧٣

خبر مَن أخبر عمّا ظنّه من فعله وكان واهماً ، فإنّه لا يُنسب إلى الكذب ، وقد نزّه الله عليّاً وأنَساً والبَراء وحفصة عن أنْ يقول : سمعناه يقول كذا ولم يسمعوه )(١) .

ولتكنْ هذه الإفادة من ابن القيّم منك على ذكر ، فإنّها تفيد فائدةً عظيمةً في مواقع شتّى ، ثبت فيها ردّ بعض الصحابة على بعض فيما رووه من الأحاديث ، وادّعوا سماعه من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ومن ذلك : حديثه : الشؤم في ثلاثة... إذ كذّبته عائشة وغضبت على أبي هريرة بشدّة ، قال أبو زرعة ولي الدين العراقي في( شرح الأحكام ) :

( الثالثة : اختلف النّاس في هذا الحديث على أقوال ، أحدها : إنكاره ، وإنّه عليه الصّلاة والسّلام إنّما حكاه عن معتقد أهل الجاهليّة رواه ابن عبد البر في التمهيد عن عائشة رضي الله عنها ، أنّها أخبرت أنّ أبا هريرةرضي‌الله‌عنه يحدّث بذلك عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فطارت شقّة منها في السماء وشقّه في الأرض ، ثمّ قالت :كذب والذي أنزل الفرقان على أبي القاسم ، من حدّث عنه بهذا ؟ ولكنْ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول :( كان أهل الجاهليّة يقولون : الطيرة في المرأة والدّار والدّابّة ) ، ثمّ قرأت عائشة :( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) .

فانظروا معاشر المتسنّنين ـ صانكم الله من التعصّب المُهين ـ إلى أمّكم الصدّيقة ، التي ترون أنّ خاتم النبيّين صلوات الله وسلامه عليه وأله أجمعين ،

ـــــــــــــــــــ

(١) زاد المعاد في هدي خير العباد ١ : ١٨٥ ما جاء عنه في الحج والعمرة ، فصلٌ في أعذار الذين وهموا في صفة حجّته .

١٧٤

قد أمر صحابته ـ فضلاً عن غيرهم ـ بأنْ يأخذوا عنها شطر الدين ، وتزعمون أنّ الفاسق عنها والمُعرّض بها والطاعن عليها من الهالكين المعاندين والخاسرين الجاحدين ، كيف ألقت جلباب الاستتار والخفاء عن انهماك أبي هريرة في الكذِب والافتراء ، حيث أبانت أنّه قد افترى على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حديث أهل الجاهليّة الفجّار، وعزى إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما هو من مقولات الكفّار وترّهات الأشرار، وصرّحت رافعةً عقيرتها بأنّه كذَب ، وهل بعد ذلك التصريح الصريح مجالٌ لريبةِ مرتاب ، أو فسحة لتأويل معاند كّذاب ؟ لا ، بل لو طاروا إلى السماء وغاروا في الغبراء ، وقاموا وقعدوا ، وتفيّروا وتربّدوا ، لما وجدوا حيل ، ولما ألفوا إلى الخلاص وسيلة ، وما زادهم التعمّق والتفكّر إلاّ انزعاجاً ، وما أورثهم الجدّ والجهد في التبرئة إلاّ اختلاجاً .

وهذا الحديث رواه ابن قتيبة أيضاً ، قال :

( حدّثني محمّد بن يحيى القطيعي قال : حدّثنا عبد الأعلى ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أبي حسّان الأعرج : إنّ رجلين دخلا على عائشة رضي الله عنها فقالا : إنّ أبا هريرة يحدّث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : إنّما الطيرة في المرأة والدابّة والدار ، فطارت شققاً ثمّ قالت : كذب والذي أنزل القرآن على أبي القاسم ، من حدّث بهذا عن رسول الله ؟ إنّما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( كان أهل الجاهليّة يقولون : إنّ الطيرة في الدابّة والمرأة والدار ) ، ثمّ قرأت( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا... ) (١) .

ـــــــــــــــــــ

(١) تأويل مختلف الحديث : ٩٨ .

١٧٥

تحريف معنى الحديث

ومنهم مَن تأوّل هذا الحديث تأويلاً عجيباً ، وحرّفه تحريفاً معنويّاً ، إذ حمل ( الكذب ) على ( الغلط ) ، فقد قال أبو زرعة بعد العبارة السابقة : ( قال ابن عبد البر : و( كذب ) في كلامها بمعنى ( غلط ) وهو مردود بوجوه :

الأوّل : إنّه لم يأت له بشاهدٍ من الكتاب والسنّة ، وكلمات الفصحاء ، وأئمّة اللغة الثقات .

والثاني : إنّه خلاف المتبادر من لفظ ( الكَذِب ) ، فلو ثبت استعماله بمعنى ( الغلط ) فهو مجاز .

والثالث : إنّه خلاف السّياق ؛ لأنّ ( الغلط ) من المجتهد مأجور عليه ، فضلاً عن أنْ يستوجب الغضب والسّخط ، لكنّ عائشة لمّا سمعت هذا عن أبي هريرة طارت شقّة منها في السماء وشقّة في الأرض ، وهذا لا يتناسب مع ( الخطأ ) و( الغلط ) الذي لم تخلُ منه عائشة أيضاً .

وفي( فتح الباري ) :

( روى أحمد وابن خزيمة والحاكم من طريق قتادة عن أبي حسان : إنّ رجلين من بني عامر دخلا على عائشة فقالا : إنّ أبا هريرة قال : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :الطيرة في الفرَس والمرأة والدار ، فغضبت غضباً شديداً وقالت : ما قاله ، وإنّما قال :( إنّ أهل الجاهليّة كانوا يتطيّرون من ذلك ) (١) .

ـــــــــــــــــــ

(١) فتح الباري بشرح صحيح البخاري ٦: ٤٧.

١٧٦

تكذيب عمر أبا هريرة

وعمر بن الخطّاب أيضاً ممّن كذّب أبا هريرة ، بل أوعده وهدّده ، قال السرخسي في كتاب( الأُصول ) :

( ولمّا بلغ عمر أنّ أبا هريرة يروي ما لا يعرف قال : لتكفّنّ عن هذا أو لألحقنّك بجبال دوس )(١) .

وفي( كنز العمّال ) :

( عن السائب بن يزيد قال : سمعت عمر بن الخطّاب يقول لأبي هريرة : لتتركنّ الحديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو لألحقنّك بأرض دوس .

وقال لكعب : لتتركنّ الحديث أو لألحقنّك بأرض القردة كر )(٢) .

فلو لم يكن أبو هريرة يستحقُّ هذا التهديد والتحقير لكان عمر ظالماً جائراً ، ولو كان أبو هريرة صادقاً في إخباراته ورواياته عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لكان عمر مانعاً من إشاعة أقوال النبيّ وإرشاداته وأحكام الشّريعة وآدابها... وهذا ما لا تحتمله نفوس القوم .

عزله عن البحرين وهتكه

وأيضاً ، فقد عزله عن البحرين ، ونسبه إلى السرقة ، وهتك ناموسه وفضحه على رؤوس الأشهاد... قال الزمخشري في( الفائق ) :

( أبو هريرة : استعمله عمر على البحرين ، فلمّا قدم عليه قال له : يا عدوّ

ـــــــــــــــــــ

(١) الأُصول للسرخي ١ : ٣٤١ .

(٢) كنز العمّال ١٠ : ٢٩١/ ٢٩٤٧٢ .

١٧٧

الله وعدوّ رسوله ، سرقت من مال الله ؟! فقال : لست بعدوّ الله ولا عدوّ رسوله ، ولكنّي عدوّ من عاداهما ، وما سرقت ولكنّها سهام اجتمعت ونتاج خيل. فأخذ منه عشرة آلاف درهم ، فألقاها في بيت المال ، ثمّ دعاه إلى العمل فأبى ، فقال عمر : فإنّ يوسف قد سأل العمل ، فقال : إنّ يوسف منّي بريء وأنا منه براء ، وأخاف ثلاثاً واثنتين .

قال : أفلا تقول خمساً ؟ قال : أخاف أنْ أقول بغير حكم ، وأقضي بغير علم ، وأخاف أنْ يضرب ظهري ، ويشتم عرضي ، وأنْ يؤخذ مالي )(١) .

فكان أبو هريرة ـ في رأي عمر ـ يستحقّ العزل والإهانة والهتك ومصادرة الأموال ، حتّى خاطبه بـ( عدوّ الله وعدوّ رسوله ) ، ومن كان هذا حاله في نظر خليفتهم ، يكون أهلاً لأنْ يؤخذ منه معالم الدين من التفسير وغيره ؟

أبو هريرة عند أبي حنيفة

وكان أبو هريرة مطعوناً عند أبي حنيفة أيضاً ، كما جاء في( روضة العلماء ) في بيان وجه ترك أبي حنيفة روايات أبي هريرة وسمرة وأنَس ، حيث قال نقلاً عن أبي جعفر الهندواني :

( أمّا أبو هريرة ، فإنّه روى عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : مَن أصبح جنباً فلا صوم له ، قالت عائشة رضي الله عنها : أخطأ أبو هريرة ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يصبح جنباً من غير احتلام، ثمّ يتمّ صومه وذلك في رمضان ، قال أبو هريرة : هي أعلم ، كنت سمعته من الفضل بن

ـــــــــــــــــــ

(١) الفائق في غريب الحديث ١ : ١٠٢ .

١٧٨

عبّاس ، والفضل كان يومئذٍ ميّتاً، فقد أحال خبره إلى الميّت، فصار مطعوناً )(١) .

وأورده الكفوي في( كتائب الأعلام ) كذلك...

وفيه ـ نقلاً عن الصدر الشهيد ـ في وجه عدم تقليد أبي حنيفة أبا هريرة :

( وأمّا أبو هريرة ، كان يروي كلّ ما بلغه وسمع ، من غير تأمّل في المعنى )(٢) .

أبو هريرة عند عيسى بن أبان

وفي( روضة العلماء ) أيضاً :

( وقال عيسى بن أبان : أُقلّد أقاويل جميع الصحابة إلاّ ثلاثة منه : أبو هريرة ووابصة بن معبد وأبو سنابل بن بعل )(٣) .

فلماذا يخالف الحنفيّة اليوم إمامهم في آرائه وفتاواه(٤) ؟ مع أنّ المستفاد مِن الكتب اتّباع السابقين منهم له في الطعن في أبي هريرة، ففي( المحلّى ) في مسألة الخيار :

( وأمّا احتجاج أبي حنيفة بحديث المصراة ، فطامّة من طوامّ الدهر ، وهو أوّل مُخالف له وزارٍ عليه وطاعن فيه ، ومخالف كلّ ما فيه ، فمرّةً يجعله ذو التورّع منهم منسوخاً بتحريم الربا ، وكذبوا في ذلك ، ما للربا هاهنا مدخل ، ومرّةً يجعلونه كذباً ويعرّضون بأبي هريرة ، والله تعالى يخزيهم [يجزيهم] بذلك في الدنيا والأُخرى ، وهم أهل الكذب لا الفاضل البرّ أبو هريرة رضي الله

ـــــــــــــــــــ

(١) روضة العلماء ـ مخطوط .

(٢) كتائب أعلام الأخيار ـ مخطوط .

(٣) روضة العلماء ـ مخطوط .

(٤) وهو : فقيه العراق ، تلميذ محمد بن الحسن ، وقاضي البصرة ، توفي سنة ٢٢١ كذا في سير أعلام النبلاء ١٠ : ٤٤٠ ، وتوجد ترجمته في تاريخ بغداد ١١ : ١٥٧ والجواهر المضيّة في طبقات الحنفيّة ١ : ٤٠١ وغيرهما .

١٧٩

عنه وعن جميع الصحابة ، وكبّ الطاعن على أحدٍ منهم لوجهه ومنخريه )(١) .

فإنّ ظاهر هذا الكلام متابعة الحنفيّة لإمامهم في رأيه حول أبي هريرة ، حتّى دعا عليهم ابن حزم وتكلّم فيهم...

ويُستفاد ذلك أيضاً مِن كلام الفخر الرازي في رسالته في( مناقب الشافعي ) إذ قال :

( وأمّا أصحاب الرأي ، فإنّ أمرهم في باب الخبر والقياس عجيب ، فتارةً يرجّحون القياس على الخبر ، وتارةً بالعكس ، أمّا الأوّل فهو إنّ مذهبنا أنّ التصرية سبب مثبت للردّ ، وعندهم ليس كذلك ودليلنا : ما اُخرج في الصحيحين عن أبي هريرة...

واعلم أنّ الخصوم لمّا لم يجدوا لهذا الخبر تأويلاً البتّة ـ بسبب أنّه مفسّر في محل ّالخلاف ـ اضطرّوا إلى أن يطعنوا في أبي هريرة وقالوا: إنّه كان متساهلاً في الرواية، وما كان فقيهاً...)) .

فإنّ المراد من أصحاب الرأي هم الحنفيّة كما هو واضح .

ويُستفاد أيضاً من كلام ابن حجر في( فتح الباري ) :

( قال الحنابلة : واعتذر الحنفيّة عن الأخذ بحديث المصراة بأعذار شتّى ، فمنهم من طعن في الحديث ، لكونه من رواية أبي هريرة، ولم يكن كابن مسعود وغيره من فقهاء الصّحابة، فلا يؤخذ بما رواه مخالفاً للقياس الجلي، وهو كلام آذى قائله به نفسه، وفي حكايته غنىً عن تكلّف الردّ عليه... وقال ابن السمعاني في الإصطلام : التعرّض إلى جانب الصحابة علامة على خذلان

ـــــــــــــــــــ

(١) المحلّى في الفقه ٨ : ٣٧٢ .

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456