استخراج المرام من استقصاء الإفحام الجزء ٢

استخراج المرام من استقصاء الإفحام8%

استخراج المرام من استقصاء الإفحام مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 456

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 456 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 227133 / تحميل: 8330
الحجم الحجم الحجم
استخراج المرام من استقصاء الإفحام

استخراج المرام من استقصاء الإفحام الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

وكيعٌ خيرٌ منك قال : منّي ؟ قلت : نعم ، فما قال لي شيئاً ، ولو قال شيئاً لوثب عليه أصحاب الحديث ، فبلغ ذلك وكيعاً فقال : يحيى صاحبنا )(١) .

وإنّما نُسِب إلى الرفض ؛ لأنّه كان يتكلّم في عثمان ولا يترحّم عليه ، ففي ترجمة الحسن بن صالح من(ميزان الاعتدال) وغيره :

( قال وكيع : هو عندي إمام ، فقيل : إنّه لا يترحّم على عثمان فقال : أفتترحّم أنت على الحجّاج )(٢) .

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٤ : ٣٣٦/ ٩٣٥٦ .

(٢) ميزان الاعتدال ـ ترجمة الحسن بن صالح ١ : ٤٩٩/ ١٨٦٩ .

٢٤١

عبد الرزّاق بن همّام

وأمّا عبد الرزّاق بن همّام... فقد ذكرت له المناقب العظيمة والفضائل الجليلة في مختلف الكتب ، نكتفي منها بما جاء في( مرآة الجنان ) حيث قال اليافعي في حوادث السنة ٢١١ :

( وفي السنة المذكورة : توفي الحافظ العلاّمة المرتحل إليه من الآفاق ، الشيخ الإمام عبد الرزّاق بن همّام ، اليمني الصنعاني الحميري ، صاحب المصنّفات ، عن ستٍّ وثمانين سنة روى عنك مَعْمَر وابن جريج والأوزاعي وطبقتهم ، ورحل إليه الأئمّة إلى اليمين قيل : ما رحل النّاس إلى أحدٍ بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل ما رحلوا إليه ، وروى عنه خلائق من أئمّة الإسلام ، منهم : الإمام سفيان بن عيينة ، والإمام يحيى بن معين ، وإسحاق بن راهويه ، وعليّ بن المديني ، ومحمود بن غيلان )(١) .

وفي( ميزان الاعتدال ) :

( [ع] عبد الرزّاق بن همّام بن نافع ، الإمام ، أبو بكر ، الحميري مولاهم ، الصنعاني ، أحد الأعلام الثقات ولد سنة ١٢٦ ، وطلب العلم وهو ابن عشرين سنة فقال : جالست مَعمَر بن راشد سبع سنين ، وقدِم الشام بتجارةٍ فحجّ ، وسمِع من ابن جريج ، وعبيد الله بن عُمر ، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند ، وثور بن يزيد ، والأوزاعي وخلق ، وكَتب شيئاً كثيراً ، وصنّف الجامع الكبير ، وهو خزانة

ـــــــــــــــــــ

(١) مرآة الجنان ٢ : ٤٠ .

٢٤٢

علم ، ورحل النّاس إليه : أحمد ، وإسحاق ، ويحيى ، والذهلي ، والرمادي وعبد )(١) .

ومع هذا كلّه ، فقد تكلّم فيه بعض الأئمّة واتّهمه غيره بالكذب !

قال الذهبي :

( أبو زرعة عبيد الله : حدّثنا عبد الله المسندي قال : ودّعت ابن عيينة فقلت : أُريد عبد الرزّاق ، قال : أخاف أنْ يكون من الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا .

العقيلي : حدّثني أحمد بن دكين [زُكير] الحضرمي ، ثنا محمّد بن إسحاق بن يزيد البصري ، سمعت مخلّد الشعيري يقول : نت عند عبد الرزاق، فذكر رجل معاوية، فقال : لا تقذر مجلسنا بذكر ولد أبي سفيان .

محمّد بن عثمان الثقفي الصري قال : لمّا قدم العبّاس بن عبد العظيم من صنعاء ، من عند عبد الرزّاق ، أتيناه فقال لنا ونحن جماعة : ألست قد تجشّمت الخروج إلى عبد الرزّاق ورحلت إليه وأقمت عنده ؟ والذي لا إله إلاّ هو : إنّ عبد الرزّاق كذّاب...)(٢) .

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٢ : ٦٠٩/ ٥٠٤٤ .

(٢) ميزان الاعتدال ٢ : ٦١٠ ـ ٦١١ / ٥٠٤٤ .

٢٤٣

إسحاق بن راهويه

وأمّا إسحاق بن راهويه... فإنّه وإنْ كان من الأئمّة الأعلام والمحدّثين العظام ، لكنّه تغيّر في آخر عمره واختلط قال في( الميزان ) :

( قال أبو عبيد الله الآجري : سمعت أبا داود يقول : إسحاق بن راهويه تغيّر قبل أنْ يموت بخمسة أشهر ، وسمعت منه في تلك الأيّام فرُميت به ) .

قال :

( وذكر لشيخنا أبي الحجّاج حديث فقال : قيل : إسحاق اختلط في آخر عمره )(١) .

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ١ : ١٨٣/ ٧٣٣ .

٢٤٤

روح بن عبادة

وأمّا روح بن عبادة ، وقد أثنى عليه جماعة من الأكابر كما في( تذهيب التهذيب ) حيث قال :

( روح بن عبادة بن العلاء بن حسّان القيسي أبو محمّد البصري ، أحد الحفّاظ والرؤساء ، عن حسين المعلّم وابن عون ووَهِشَامِ بْنِ حَسَّانَ وحاتم بن أبي صغيرة وزكريّا بن إسحاق وابن جريج وعوف الأعرابي وخلقٌ كثير ، وعنه : أحمد وابن راهويه وإسحاق الكوسج وإبراهيم الجوزجاني وعدب بن حميد وأبو بكر الصاغاني ويحيى بن أبي طالب ، وخلائق مِن آخرهم الكديمي .

قال الكديمي : سمعت عليّ بن المديني يقول : نظرت لروح بن عبادة في أكثر من مئة ألف حديث ، كتبت منها عشرة آلاف .

قال يعقوب بن شيبة : كان روح أحد مَن تحمّل الحمالات ، وكان سريّاً مريّاً كثير الحديث جدّاً ، صدوقاً ، سمعت عليّ بن عبد الله يقول : مِن المحدّثين قومٌ لا يزالوا في الحديث... فطلبوا ثمّ صنّفوا ثمّ حدّثوا ، منهم روح بن عبادة .

وقال ابن معين : صدوق )(١) .

وقال ابن حجر :

( ثقةٌ فاضل ، له تصانيف )(٢) .

ـــــــــــــــــــ

(١) تذهيب التهذيب وانظر تهذيب التهذيب ٣ : ٢٥٣/ ٥٤٩ .

(٢) تقريب التهذيب ١ : ٢٤٩/ ٢١٤٣ .

٢٤٥

فإنّ القواريري تكلّم فيه وأنكر عليه جملةً مِن أحاديثه .

وقال أبو حاتم : لا يحتجّ به .

وقال النسائي : ليس بقويّ .

وطعن فيه جماعة من الأئمّة قال الذهبي في( الميزان ) :

( روح بن عبادة بن العلاء بن حسّان البصري ، القيسي ، ثقةٌ مشهور، حافظ ، من علماء أهل البصرة عن حسين المعلّم وابن عون وخلقٌ ، وعنه : أحمد وعبد بن حميد وأبو بكر الصاغاني وخلق.

وروى الكديمي عن ابن المديني قال : نظرت لروح في أكثر من مئة ألف حديث ، كتبت منها عشرةَ آلاف .

وقال ابن معين وغيره : صدوق ، وتكلّم فيه القواريري بلا حجّة .

وقال ابن المديني : ذكر عبد الرحمان روح بن عبادة فقلت : لا تفعل ، فإنّ هاهنا قوماً يحملون كلامك ، فقال : أستغفر الله ، ثمّ دخل فتوضّأ ، يذهب إلى أنّ الغيبة تنقض الوضوء .

وقيل : إنّ عبد الرحمان تكلّم فيه ، لكونه وهم في إسناد ، فلا ضير ، وقال يعقوب بن شيبة : قال محمّد بن عمر : قال يحيى بن معين : هذا القواريري يحدّث عن عشرين شيخاً من الكذّابين ، ثمّ يقول : لا اُحدّث عن روح ، ثمّ قال يعقوب : وسمعتُ عفّان لا يرضى أمر روح بن عبادة ، ثمّ بلغني عنه أنّه قوّاه ، وقال أحمد بن الفرات : طعن على روح اثنا عشر رجلاً ، فلم ينفذ قولهم فيه .

وروى الكتاني عن أبي حاتم قال : لا يحتجّ به .

وقالس في العلل وفي الكنى : روح ليس بالقوي .

قلت : نعم ، عبد الرحمان بن مهدي أقوى منه ، وأمّا هو فصدوقٌ صاحب حديث ، وقال يعقوب بن شيبة : كان روح أحد مَن يتحمّل الحمالات ، وكان سرياً مريّاً ، صدوقاً ، كثير الحديث جدّاً ، وقال ابن المديني : لم يزل روح في الحديث منذ نشأ .

قال عليّ : وكان ابن مهدي يطعن على روح وينكر عليه أحاديث ابن أبي ذئب عن الزهري مسائل ، فلمّا قدمت على معن أخرجها لي وقال : هي عند بصري لكم ، سمعها معنا ، فأتيت عبد الرحمان فأخبرته فأحسبه قال : استحلّه لي .

٢٤٦

قال يعقوب بن شيبة : سمعت [عن] عفّان [أنّه] لا يرضى أمر روح بن عبادة ، وقال أبو عبيد الآجري : سمعت أبا داود يقول : أكثر ما أنكر القواريري على روح تسعمئة حديث ، حدّث بها عن مالك سماعاً ، مات روح سنة خمس ومئتين )(١) .

عبد بن حميد

وأمّا عبد بن حُميد ، فإنّ فضائله ومكارمه مذكورة في( تذكرة الحفّاظ ) وغيره من الكتب(٢) .

لكنّ ابن تيميّة وأتباعه لا يرتضونه، لأنّه روى نزول قوله تعالى:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ ... ) الآية ، في أمير المؤمنين ( عليه الصّلاة والسّلام ) ، كما في( الدرّ المنثور ) بتفسيرها :

( أخرج عبد الرزّاق وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عبّاس في قوله :( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ ) الآية قال : نزلت في عليّ ابن أبي طالب )(٣) .

فقال ابن تيميّة :

( أجمع أهل العلم بالنقل على أنّها لم تنزل في عليّ بخصوصه ) ، ثمّ قال :

( وأمّا أهل العلم الكبار أصحاب التفسير ، كمحمّد بن جرير الطبري ، وبقيّ بن مخلد ، وابن أبي حاتم ، وأبي بكر ابن المنذر ، وعبد الرحمان بن إبراهيم وأمثالهم ، فلم يذكروا فيها مثل هذه الموضوعات ، دع من هو أعلم منهم مثل : أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، بل لا يذكر مثل هذا عبد بن حميد ولا

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٢ : ٥٨ ـ ٦٠/ ٢٨٠٢ .

(٢) تذكرة الحفّاظ ٢ : ٨٩/ ٥٥١ .

(٣) الدر المنثور ٣ : ١٠٥ .

٢٤٧

عبد الرزّاق ، مع أنّ عبد الرزّاق كان يميل إلى التشيّع ، ويروي كثيراً من فضائل عليّ ، وإنْ كانت ضعيفة ، لكنّه أجلّ قدراً من أنْ يروي مثل هذا الكذب الظاهر )(١) .

ومفهوم هذا الكلام أنّ ( عبد بن حميد ) ليس من أهل العلم الكبار أصحاب التفسير ، بل ليس من صغارهم ؛ لأنّ إخراج مثل هذا الحديث ليس مِن شأن العلماء... لكن ابن تيميّة في هذا الكلام ينكر أنْ يكون ابن جرير مثلاً من رواة هذا الحديث ، سبحانك اللّهم هذا بهتانٌ عظيم... فقد عرفت من كلام السيوطي روايته ، وكذا رواية ابن أبي حاتم...

سُنيد بن داود

وأمّا سُنيد ، فإنّه وإنْ ذكره ابن حبّان في الثقات ، وقال ابن أبي حاتم : صدوق ، لكنْ تكلّم فيه غير واحدٍ من الأئمّة الأعلام .

قال الذهبي في( الميزان ) :

( سنيد بن داود المصيصي المحتسب ، واسمه الحسين ، عن حمّاد بن زيد وهشيم والطبقة ، حافظٌ له تفسير ، وله مَا ينكر .

أنبأنا ابن علان ، أنا الكندي ، عن القزّاز ، أنا الخطيب ، أنا ابن شاذان ، ثنا أبو سهل القطّان ، ثنا عبد الكريم بن الهيثم ، ثنا سُنيد ، نا فرج بن فضالة عن، معاوية بن صالح ، عن نافع قال : سرت مع ابن عمر فقال : طلعت الحمراء ؟ قلت : لا ، ثمّ قلت : قد طلعت ، فقال : لا مرحباً بها ولا أهلاً ، قلت : سبحان الله نجم سامع مطيع ، قال : ما قلت إلاّ ما سمعت من رسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( أنّ الملائكة قالت : يا ربّ ! كيف صبرك على بني آدم ؟ قال : إنّي ابتليتهم وعافيتكم قالوا : لو كنّا مكانهم ما عصيناك قال : فاختاروا ملكين منكم ، فاختاروا هاروت وماروت ، فنزلا ، فألقى الله عليهما الشهوة ، فجاءت امرأة يُقال لها الزهرة..... ) ، وذكر الحديث بطوله .

روى عنه أبو زرعة والأثرم وجماعة صدّقه أبو حاتم .

وقال أبو داود : ولم يكن بذاك .

ـــــــــــــــــــ

(١) منهاج السنّة ٤ : ٥ ـ ٦ ، باختلافٍ يسير في بعض الألفاظ .

٢٤٨

وقال النسائي : الحسين بن داود ليس بثقة .

توفّي سُنيد سنة ستٍّ وعشرين ومئتين )(١) .

وقال ابن حجر :

( ضعيف ، مع إمامته ومعرفته ، لكونه كان يلقين حجّاج بن محمّد شيخه )(٢) .

بل إنّ السيوطي ذكر في( اللآلي المصنوعة ) تضعيف أبي داود والنسائي له ، نقلاً عن كتاب الموضوعات لابن الجوزي .

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٢ : ٢٣٦/ ٣٥٦٧ .

(٢) تقريب التهذيب ١ : ٣٢٣/ ٢٩٢٥ .

٢٤٩

ابن أبي شيبة

وأمّا أبو بكر ابن أبي شيبة ، فمناقبه وفضائله أشهر من أنْ تُذكر ، وأكثر من أنْ تُحصر ، قال المناوي في(فيض القدير) :

( ابن أبي شيبة ، الحافظ الثبت العديم النظير ، عبد الله بن محمّد بن أبي شيبة العبْسي الكوفي ، صاحب المسند والأحكام والتفسير وغيرها... وعنه : الشيخان وأبو داود وابن ماجة وخلقٌ )(١) .

لكنّه لمّا روى تهديد عُمر بن الخطّاب فاطمة الزهراء بنت رسول الله وبضعته ، الصدّيقة الطاهرة ، بإحراق بتيها بمن فيه ، فقد قدح فيه وجرحه ابن روزبهان وبعض المتعصّبين من أمثاله .

أقول :

هذا بعض الكلام على أئمّة التفسير الذين ذكرهم السيوطي .

وقد رأينا من اللازم التعرّض لحالِ جمعٍ آخر من أئمّة التفسير من الطبقة الثانية والطبقة الثالثة ، الذين لم يذكرهم السيوطي ، تتميماً للبحث وتكميلاً للمرام...

ـــــــــــــــــــ

(١) فيض القدير في شرح الجامع الصغير ١ : ٢٧ .

٢٥٠

ابن شهاب الزّهري

فمنهم: الزّهري... وصفه الشيخ عبد الحقّ الدهلوي في كتاب( تحصيل الكمال في أسماء الرجال ) بـ ( الإمام ، أحد الفقهاء والمحدّثين ، والعلماء الأعلام من التابعين بالمدينة ، المُشار إليه في فنون الشريعة )(١) وإليه نَسب الأعور الواسطي تفسير أهل السنّة ، نافياً رجوعهم في تفسير القرآن إلى أمير المؤمنين(٢) ...

إلاّ أنْ الدهلوي قال بعد ذلك بترجمته :

( ويُقال : إنّه قد ابتلي بصحبة الأُمراء بقلّة الديانة ، لضرورات عرضت له ، وكان أقرانه من العلماء والزهّاد يأخذون عليه وينكرون ذلك منه ، وكان يقول : أنا شريكٌ في خيرهم دون شرّهم ، فيقولون : ألا ترى ما هم فيه وتسكت ؟ ) .

وهنا يُناسب أنْ نورد كلام ابن الجوزي في ذمّ صحبة الأُمراء والسّلاطين ، فإنّه قال في( تلبيس إبليس ) :

( ومن تلبيس إبليس على الفقهاء : مخالطتهم للأُمراء والسلاطين ، ومداهنتهم وترك الإنكار عليهم ، مع القدرة على ذلك ، وربّما رخّصوا لهم ما لا رخصة فيه ، لنالوا من دنياهم ، فيقع بذلك الفساد لثلاثة : الأوّل : الأمير ، فيقول : لولا أنّي على صوابٍ لأنكر عليَّ الفيه ، وكيف لا أكون مصيباً وهو يأكل من

ـــــــــــــــــــ

(١) تحصيل الكمال = رجال المشكاة .

(٢) رسالة الأعور الواسطين ـ مخطوط .

٢٥١

مالي ؟ والثاني : العامّي ، فإنّه يقول : لا بأس بهذا الأمير ولا بماله ولا بأفعاله ، فإنّ فلاناً الفقيه لا يزال عنده والثالث: الفقيه ، يفسد دينه بذلك )(١) .

وقال الغزالي في( إحياء العلوم ) في علامات علماء الآخرة :

( ومنها : أنْ يكون منقبضاً عن السلاطين ، فلا يدخل عليهم البتّة ، ما دام يجد إلى الفرار عنهم سبيلاً ، بل ينبغي أنْ يحترز من مخالطتهم وإنْ جاؤوا إليه ، فإنّ الدنيا حلوةٌ خضرة وزمامها بأيدي السلاطين ، والمُخالط لهم لا يخلو عن تكلّف في طلب مرضاتهم واستمالة قلوبهم ، مع أنّهم ظَلَمة ، ويجب على كلّ متديّن الإنكار عليهم وتضييق صدورهم بإظهار ظلمهم وتقبيح فعلهم ، فالداخل عليهم إمّا أنْ يلتفت إلى تجهلهم ، فيزدري نعمة الله عليه ، أو يسكت عن الإنكار عليهم فيكون مداهناً لهم ، أو يتكلّف في كلامه كلاماً لمرضاتهم وتحسين أحوالهم ، وذلك هو البهت الصريح ، أو يطمع في أنْ ينال من دنياهم ، وذلك هو السحت ، وسيأتي في كتاب الحلال والحرام ما يجوز أنْ يُؤخذ من أموال السلاطين وما لا يجوز من الإدرار والجوائز وغيرها .

وعلى الجملة ، فمخالطتهم مفتاح الشرّ ، وعلماء الآخرة طريقتهم الاحتياط ، وقد قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( من بدى جفا ، يعني من سكن البادية جفا ، ومن اتّبع الصيد غفل ، ومن أتى السلطان افتتن ) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( سيكون عليهم أُمراء تعرفون منه وتنكرون ، فمن أنكر فقد برئ ، ومن كره فقد سلِم ، ولكن من رضي وتابع أبعده الله تعالى ) . قيل : أفلا نقاتلهم ؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( لا ، ما صلّوا ) .

وقال سفيان : في جهنّم وادٌ لا يسكنه إلاّ القرّاء الزائرون للملوك .

ـــــــــــــــــــ

(١) تلبيس إبليس : ١٤٠ ، مع بعض الاختلاف في الألفاظ .

٢٥٢

وقال حذيفةرضي‌الله‌عنه : إيّاكم ومواقف الفتن. قيل: وما هي ؟ قال : أبواب الأُمراء ، يدخل أحدكم على الأمير ، فيصدّقه بالكذب ويقول له ما ليس فيه .

وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( العلماء أُمناء الرسل على عباد الله تعالى ، ما لم يُخالطوا السلطان ، فإذا فعلوا ذلك فقد خانوا الرُسُل ، فاحذروهم واعتزلوهم ) .

وقيل للأعمش : قد أحيَيت العلم لكثرة مَن يأخذه عنك ، فقال : لا تعجلوا ، ثلثٌ يموتون قبل الإدراك ، وثلثٌ يلزمون أبواب السلاطين فهم شرّ الخلق ، والثلث الباقي لا يفلح منهم إلاّ القليل .

ولذلك قال سعيد بن المسيّب : إذا رأيتم العالم يغشى الأُمراء فاحترزوا منه ، فإنّه لصّ .

وقال الأوزاعي : ما من شيء أبغض إلى الله عزّ وجلّ من عالم يزور عاملاً ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( شرار العلماء الذين يأتون الأُمراء ، وخيار الأُمراء الذين يأتون العلماء ) ، وقال مكحول الدمشقي : من تعلّم القرآن وتفقّه في الدين ثمّ أصحب السلطان تملّقاً إليه وطمعاً في يديه ، خاض في بحرٍ من نارِ جهنّم بعدد خُطاه .

وقال سحنون : ما أقبح بالعالم أنْ يؤتى إلى مجلسه فلا يوجد فيُسئل عنه فيقال : إنّه عند الأمير .

قال : وكنت أسمع أنّه يُقال : إذا رأيتم العالم يحبّ الدنيا فاتّهموه على دينكم ، حتّى جرّبت ذلك ، إذ ما دخلت قطّ على السلطان إلاّ ما رأيت نفسي بعد الخروج ، وأنتم تعلمون وترون ما ألقاه به من الغلظة والفظاظة وكثرة المخالفة لهواه ، ولوددت أنْ أنجو من الدخول كفافاً ، مع أنّي لا آخذ منه شيئاً ولا أشرب لهم شربة ماء .

قال : وزماننا هذا شرٌّ من علماء بني إسرائيل ، يخبرون السلطان بالرّخص وبما يُوافق هواه ، ولو أخبروه بالذي عليه وفيه نجاته لاستثقلهم ، فكره دخولهم عليه ، وكان ذلك نجاةً لهم عند ربّهم .

٢٥٣

وقال الحسن : كان فيمن كان قبلكم رجلٌ له قِدمٌ في الإسلام وصحبةً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ قال عبد الله بن المبارك : عنى به سعد بن أبي وقّاصرضي‌الله‌عنه ـ وكان يغشى السلاطين ، فقعد عنهم ، فقال له بنوه : يأتي هؤلاء مَن ليس هو مثلك في الصحبة والقِدم في الإسلام ، فلو أتيتهم فقال : بني ! إنّ الدنيا جيفة وقد أحاط بها قومٌ ، والله لئن استطعت لا أُشاركهم فيها قالوا : يا أبانا ! إذاً تهلك هزلاً ، قال : يا بني ! لأنْ أموت مؤمناً مهزولاً ، أحبّ إليّ من أنْ أموت منافقاً سميناً .

قال الحسن رحمه الله تعالى : خصمهم والله ، إذ علِم أنّ التراب يأكل اللّحم والسمن دون الإيمان ، وفي هذا إشارة إلى أنّ الدخول على السلطان لا يَسلم فيه أحدٌ من النفاق البتّة ، وهو مضادٌّ للإيمان.

وقال أبو ذر لسلمة : يا سلمة ، لا تغشَ أبواب السلاطين ، فإنّك لا تصيب مِن دنياهم شيئاً ، إلاّ أصابوا مِن دينك أفضل منه .

وهذه فتنةٌ عظيمة للعلماء وذريعةٌ صعبة للشيطان عليهم ، لا سيّما مَن له لهجة مقبولة وكلامٌ حلو ، إذ لا يزال الشيطان يلقي إليه أنّ في وعظك لهم ودخولك عليهم ما يزجرهم عن الظلم ويقيم شعائر الشرع ، إلى أنْ يُخيّل إليه أنّ الدخول عليهم مِن الدين ، ثمّ إذا دخل لم يلبث أنْ يتلطّف في الكلام ويداهن ، ويخوض في الثناء والإطراء ، وفيه هلاك الدين .

وكان يُقال : العلماء إذا علموا عملوا ، فإذا عملوا شغلوا ، فإذا شغلوا فقدوا ، فإذا فقدوا طلبوا ، فإذا طلبوا هربوا .

وكتب عمر بن عبد العزيز إلى الحسن رحمهما الله تعالى : أمّا بعد ؛ فأشر علَيّ بأقوامٍ أستعين بهم على أمر الله تعالى فكتب إليه : أمّا أهل الدين فلن يُريدوك ، وأمّا أهل الدنيا فلنْ تريدهم ، ولكن عليك بالأشراف ، فإنّهم يصونون شرفهم أنْ يدنّسوه بالخيانة .

٢٥٤

هذا في عمر بن عبد العزيز ، وكان أزهد أهل زمانه ، فإذا كان شرط أهل الدين الهرب منه ، فكيف يَستتب طلب غيره ومخالطته ، ولم يزل السلف العلماء مثل الحسن ، والثوري ، وابن المبارك ، والفضيل ، وإبراهيم بن أدهم ، ويوسف بن أسباط يتكلّمون في علماء الدنيا من أهل مكّة والشام ، إمّا لميلهم إلى الدّنيا أو لمخالطتهم السلاطين ، حتّى قال بعضهم لو قيل : مَن أحمق الناس ، لأخذت بيد القاضي وقلت : هذا )(١) .

جُويبِر بن سعيد

ومنهم : جُوبير بن سعيد ، وهو من رجال ابن ماجة ، ومن أئمّة التفسيري عندهم .

قال الذهبي بترجمته من( ميزان الاعتدال ) :

( جُويبِر بن سعيد ، أبو القاسم الأزدي البلخي ، المفسّر ، صاحب الضحّاك : قال ابن معين : ليس بشيء ، وقال الجوزجاني : لا يشتغل به ، وقال النسائي والدارقطني وغيرهما : متروك الحديث .

قلت : له عن أنَس شيء ، وروى عنه حمّاد بن زيد بن أسلم وابن المبارك ويزيد بن هارون وطائفة .

أبو مالك : عن جُويبر ، عن الضحّاك ، عن ابن عبّاس مرفوعاً قال : تجب الصّلاة على الغلام إذا عقل والصّوم إذا أطاق .

ويُروى عن جُويبِر عن الضحّاك عن ابن عبّاس حديث : من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم يَرمد أبداً .

قال أبو قدامة السرخسي : قال يحيى القطّان : تساهلوا في أخذ التفسير عن قومٍ لا يثقونهم في الحديث ، ثمّ ذكر ليث بن أبي سليم وجُويبراً والضحّاك ومحمّد بن السائب وقال : هؤلاء لا يحمد حديثهم ، ويكتب التفسير عنهم )(٢) .

ـــــــــــــــــــ

(١) إحياء علوم الدين ١ : ٦٨ ـ ٦٩ .

(٢) ميزان الاعتدال ١ : ٤٢٧/ ١٥٩٣ .

٢٥٥

وفي( تقريب التهذيب ) :

( ضعيف جدّاً )(١) .

أبو صالح باذام

ومنهم : أبو صالح باذام ، وهو من رجال السنن الأربعة ، وذكروا له فضائل .

ولكن أورده الذهبي في( ميزان الإعتدال ) ونقل الكلمات في قدحه وجرحه فقال ما نصّه :

( باذام أبو صالح ، تابعي ، ضعّفه البخاري ، وقال النسائي : باذام ليس بثقة ، وقال ابن معين : ليس به بأس ، وقال ابن عدي : عامّة ما يرويه تفسير .

قلت : روى عن مولاته أُم هاني وأخيها عليّ وأبي هريرة وعنه : مالك بن مغول وسفيان الثوري وابن أُخته عمّار بن محمّد ، وقال يحيى القطّان : لم أر أحداً مِن أصحابنا ترك أبا صالح مولى أُم هاني ، وقال محمّد بن قيس عن حبيب بن أبي ثابت : كنّا نسمّي أبا صالح باذام مولى أُم هاني دروغزن ، وقال زكريّا بن أبي زائدة : كان الشعبي يمرّ بأبي صالح فيأخذ بأُذنه فيهزّها ويقول : ويلك ، تفسّر القرآن وأنت لا تحفظ القرآن ؟ !

وقال إسماعيل بن أبي خالد : كان أبو صالح يكذب ، فما سألته عن شيء إلاّ فسّره لي ، وروى ابن إدريس عن الأعمش قال : كنّا نأتي مجاهداً فنمرّ على أبي صالح وعنده بضعَةَ عشر غلاماً ما نرى أنّ عنده شيئاً .

ابن المديني : سمعت يحيى بن سعيد يذكر عن سفيان قال : قال الكلبي قال لي أبو صالح : كلّ ما حدّثتك كذب .

ـــــــــــــــــــ

(١) تقريب التهذيب ١ : ١٣٩/ ١٠٨٩ .

٢٥٦

وروى مفضّل بن مهلهل عن مغيرة قال : إنّما كان أبو صالح صاحب الكلبي يعلّم الصبيان ، وضعّف تفسيره ، وقال ابن معين : إذ روى عنه الكلبي فليس بشيء وقال عبد الحق في أحكامه : ضعيف جدّاً ، فأنكر هذه العبارة عليه أبو الحسن ابن القطّان )(١) .

وفي( الميزان ) أيضاً :

( أبو صالح مولى أُمّ هاني ، اسمه باذام ، تركه ابن مهدي وقوّاه غيره ، وقال أبو أحمد الحاكم : ليس بالقويّ عندهم ، وانتصر له يحيى القطّان وقال : لم أرَ أحداً من أصحابنا تركه ، وما سمعنا أحداً يقول فيه شيئاً )(٢) .

ليث بن أبي سليم

ومنهم : ليث بن أبي سليم ، وقد وصفه بعضُهم بمحامدٍ كثيرة ومناقبٍ غزيرة ، لكنَّ غير واحدٍ مِن أعلامهم تكلّم فيه وجرحه ، فقد قال الذهبي في( ميزان الإعتدال ) :

( ليث بن أبي سليم الكوفي الليثي ، أحد العلماء .

قال أحمد : مضطربُ الحديث لكن حدّث عنه الناس ، وقال يحيى والنسائي : ضعيف ، وقال ابن معين أيضاً : لا بأس به ، وقال ابن حبّان : اختلط في آخر عمره ، وقال الدارقطني : كان صاحب سنّة ، إنّما أنكروا عليه الجمع بين عطاء وطاوس ومجاهد حسب ، وقال عبد الوارث : كان من أوعية العلم ، وقال أبو بكر ابن عيّاش : كان ليث مِن أكثر النّاس صلاةً وصياماً .

قلت : حدّث عنه شعبة وابن عليّة وأبو معاوية والنّاس ، وقال ابن إدريس : ما جلست إلى ليث إلاّ سمعت منه ما لم أسمع منه ، وقال عبد الله بن أحمد : حدّثنا أبي قال : ما رأيت يحيى بن سعيد أسوأ رأياً في أحد منه في ليث ومحمّد بن إسحاق وهمام ، لا يستطيع أحدٌ أنْ يراجعه فيهم .

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ١ : ٢٩٦/ ١١٢١ .

(٢) ميزان الاعتدال ٤ : ٥٣٨/ ١٠٣٠٢ .

٢٥٧

وقال ابن معين : ليث أضعف من عطاء بن السائب )(١) .

وفي( تذهيب التهذيب ) :

( قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سمعت أبي يقول : ليث بن أبي سليم مضطرب الحديث ، ولكن حدّث عنه النّاس ، وقال أيضاً : سمعت أبي يقول : ما رأيت يحيى بن سعيد أسوأ رأياً في أحدٍ في ليث ومحمّد بن إسحاق وهمام ، لا يستطيع أحد أنْ يراجعه فيهم ، وقال أيضاً : سمعت عثمان بن أبي شيبة قال : سألت جريراً عن ليث ، وعن عطاء بن السائب ، وعن يزيد بن أبي زياد فقال : كان يزيد أحسنهم استقامةً في الحديث ، ثمّ عطاء وكان ليث أكثر تخليطاً .

قال عبد الله : وسألت أبي عن هذا فقال : أقول كما قال جرير ، وقال أيضاً : قلت ليحيى بن معين : ليث بن أبي سليب أضعف مِن يزيد ابن أبي زياد وعطاء بن السائب ؟ قال : نعم ، وقال لي يحيى مرّة أُخرى : ليث أضعف مِن يزيد بن أبي زياد ، ويزيد فوقه في الحديث .

وقال معاوية بن صالح : عن يحيى بن معين : ليث بن أبي سليم ضعيف إلاّ أنّه يكتب حديثه ، وقال إبراهيم بن سعيد الجوهري : حدّثنا يحيى بن معين ، عن يحيى بن سعيد القطّان أنّه كان لا يُحدّث عن ليث بن أبي سليم ، وقال عليّ بن المديني : سمعت يحيى يقول : مجالد أحبّ إليّ من ليث وحجّاج بن أرطاة .

وقال أيضاً : قلت لسفيان : إنّ ليث روى عن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جدّه رأى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتوضّأ ، فأنكر ذلك سفيان ، وعجب منه أنْ يكون جدّه طلحة لقي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقال أبو معمر القطيعي : كان ابن عيينة يضعّف ليث بن أبي سليم .

وقال عليّ بن محمّد الطنافسي : سألت وكيعاً عن حديث من حديث ليث بن أبي سليم ، فقال : ليث كان سيفاً لا يسعى ليثاً .

وقال محمّد بن خلف التيمي عن قبيصة قال شعبة لليث بن أبي سليم : أنّى اجتمع لك عطاء وطاوس ومجاهد ؟ فقال : إذ أبوك يضرب بالخف ليلة عرسه .

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٣ : ٤٢٠ ـ ٤٢١/ ٦٩٩٧ .

٢٥٨

قال قبيصة : فقال رجل كان جالساً لسفيان : فما زال شعبة بغضاً لليث منذ يومئذ ، وقال ـ أي عبد الرحمان بن أبي حاتم ـ : سمعت أبي وأبا زرعة يقولان : ليث لا يشتغل به ، هو مضطرب الحديث ، وقال أيضاً : سمعت أبا زرعة يقول : ليث بن أبي سليم ليّن الحديث ، لا يقوم به الحجّة عند أهل العلم بالحديث )(١) .

عبد الله بن أبي نجيح

ومنهم : عبد الله بن أبي نجيح ، وقد قال الذهبي بأنّه من الأئمّة الثقات ، وعن ابن المديني كونه من المحدّثين الأثبات... لكن البخاري نسب إليه القول بالقدَر ، وعن ابن المديني الجزم بكونه مِن القدريّة ، قال الذهبي :

( عبد الله بن أبي نجيح المكّي صاحب التفسير ، أخذ عن مجاهد وعطاء ، وهو من الأئمّة الثقات ، وقال يحيى القطّان : لم يسمع التفسير كلّه من مجاهد ، بل كلّه عن القاسم بن أبي بزّة ، وقال العقيلي : ثنا آدم بن موسى : سمعت البخاري قال : عبد الله بن أبي نجيح كان يُتّهم بالاعتزال والقدَر .

وقال ابن المديني : كان يرى الاعتزال ، وقال أحمد : أفسدوه بآخره وكان جالس عمرو بن عبيد ، وقال عليّ : سمعت القطّان يقول : ابن أبي نجيح من رؤوس الدعاة ، وقال ابن المديني أيضاً : أمّا الحديث فهو فيه ثقة ، وأمّا الرأي ، فكان قدريّاً معتزليّاً ، وقد ذكره الجوزجاني فيمن رمي بالقدر هو وزكريّا بن إسحاق وشبل بن عباد وابن أبي ذئب وسيف بن سليمان )(٢) .

ـــــــــــــــــــ

(١) تذهيب التهذيب. تهذيب التهذيب ٨ : ٤١٨ .

(٢) ميزان الاعتدال ٢ : ٥١٥/ ٤٦٥١ .

٢٥٩

هذا، وقد ذكر في( الميزان ) نقلاً عن النسائي أنّه كان يدلّس .

وكذا في( تقريب التهذيب ) (١) .

وقد تقدّم بعض الكلام في ذمّ القدريّة وذمّ التدليس ، ولا نعيد .

عيسى بن ميمون

ومنهم : عيسى بن ميمون ، الذي وثّقوه ، ولكنْ قالوا : إلاّ أنّه يرى القدر .

ففي( ميزان الإعتدال ) :

( عيسى بن ميمون ، أبو موسى المكّي ، الجرشي المعروف بابن دايه ، له تفسير صغير ، أخذ عن مجاهد وقيس بن سعد وابن أبي نجيح روى عنه ابن عيينة وأبو عاصم ، وقرأ القرآن عن ابن كثير وثّقه أبو حاتم وأبو داود وزاد : إلاّ أنّه يرى القدر ، وقال ابن معين : ليس به بأس )(٢) .

ـــــــــــــــــــ

(١) انظر تقريب التهذيب ١ : ٤٢٧/ ٤٠٦١ .

(٢) ميزان الاعتدال ٣ : ٣٢٧/ ٦٦١٩ .

٢٦٠

مقاتل بن حيّان

ومنهم : مقاتل بن حيّان ، وقد وثّقه غير واحدٍ مِن الأئمّة ، لكنْ نسَبه بعضهم إلى الكذِب ، وحاول الذهبي تبرئته ، وقال بعضهم : لا أحتجُّ به ، وهذا نصُّ ما جاء في( الميزان ) :

( مقاتل بن حيّان ، أو بسطام البلخي ، الخراساني الخرّاز ، أحد الأعلام روى عن الضحّاك ومجاهد وعكرمة والشعبي وشهر بن حوشب وخلقُ ، وعنه : ابن المبارك وبكير بن معروف وعيسى غنجار وآخرون ، وروى عنه مِن شيوخه علقمة بن مرثد ، وذلك في صحيح مسلم .

وكان عابداً كبير القدر صاحب سنّةٍ وصدق ، هرَب أيّام أبي مسلم الخراساني إلى كابل ، ودعا خلقاً إلى الإسلام فأسلموا .

وثّقه يحيى بن معين وأبو داود وغيرهما ، وقال النسائي : ليس به بأس ، وقال أبو الفتح الأزدي : سكتوا عنه ، ثمّ ذكر أبو الفتح عن وكيع أنّه قال : يُنسب إلى الكذِب ، كذا قال أبو الفتح ، وأحسبه التَبَس عليه مقاتل بن حيّان بمقاتل بن سليمان ، فابن حيّان صدوقٌ قويّ الحديث ، والذي كذّبه وكيع فابن سليمان .

ثمّ قال أبو الفتح : ثنا أبو يعلى الموصلي ، ثنا عثمان بن أبي شيبة ، عن حميد الرؤاسي ، عن الحسن بن صالح ، عن هارون أبي محمّد ، عن مقاتل ، عن قتادة ، عن أنَس مرفوعاً قال : قلب القرآن يس ، فمن قرأها كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرّات .

قلت : الظاهر أنّه مقاتل بن سليمان ، وقد جاء توثيق يحيى بن معين لابن حيّان مِن وجوه عنه .

وقال فيه الدارقطني : صالح الحديث .

نعم ، أمّا ابن خزيمة فقال : لا أحتجّ بمقاتل بن حيّان .

قلت : مات قبل الخمسين ومئة فيما أرى )(١) .

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٤ : ١٧١ ـ ١٧٢/ ٨٧٣٩ .

٢٦١

مقاتل بن سليمان

ومنهم : مقاتل بن سليمان ، الذي قيل : إنّ النّاس كلّهم عيال عليه في التفسير ، ووصَفه الأعلام بالأوصاف الجليلة(١) .

لكنّ تفسيره مشحونٌ بالأخبار المصنوعة والآثار الموضوعة ، بل إنّه مُتّخذ مِن اليهود والنصارى .

وكان هو مِن المشبّهة الذين يُشبّهون الباري تعالى بالمخلوقين ، ومنهم مَن نسبه إلى الكذِب... وقد جاء التصريح بهذهِ الأضاليل في تراجمه على لسان الأكابر ، ففي( ميزان الاعتدال ) ما نصّه :

( قال أبو حنيفة : أفرط جهم في نفي التشبيه حتّى قال إنّه تعالى ليس بشيء ، وأفرط مقاتل ـ يعني في الإثبات ـ حتّى جعله مثل خلقه ، وقال وكيع : كان كذّاباً ، وقال البخاري : قال سفيان بن عيينة : سمعت مقاتلاً يقول : إنْ لم يخرج الدجّال في سنة خمسين ومئة فاعلموا أنّي كذّاب ، وقال الجوزَجاني : كان دجّالاً جسوراً ، وقال ابن حبّان : كان يأخذ عن اليهود والنصارى مِن علم القرآن الذي يُوافق كُتبهم ، وكان يشبّه الربّ بالمخلوق ، وكان يكذِب في الحديث .

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٤ : ١٧٣/ ٨٧٤١ .

٢٦٢

وقال أبو معاذ الفضل بن خالد المروزي : سمِعت خارجة بن مصعب يقول : لم أستحلّ دمَ يهوديّ ، ولو وجدْتّ مقاتل بن سليمان خلوةً لشقَقَتُ بطنه )(١) .

وفي( تنزيه الشريعة ) :

( مقاتل بن سليمان البلخي المفسّر : كذّاب ، وهو من المعروفين بوضع الحديث )(٢) .

وفي( تاريخ بغداد ) :

( قال إسحاق بن إبراهيم الحنظلي : أخرجَت خراسان ثلاثةً لم يكن لهم في الدنيا نظير ـ يعني في البِدعة والكذِب ـ : جهم بن صفوان ، وعمر بن صبيح ، ومقاتل بن سليمان .

وروى أبو يوسف أنّه قال : بخراسان صنفان ، ما على الأرض أبغض إليَّ منهما : المقاتليّة ، والجهميّة )(٣) .

فهذا حال من كلّ النّاس عيال عليه في التفسير ، وهذا حال تفسيره...

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٤ : ١٧٣ ـ ١٧٥/ ٨٧٤١ .

(٢) تنزيه الشريعة الغرّاء ١ : ١١٩ .

(٣) تاريخ بغداد ١٣ : ١٦٤/ ٧١٤٣ .

٢٦٣

السدّي الكبير

ومنهم : السدّي الكبير ، أخرج عنه مسلم والأربعة ، وأثنى عليه العلماء وعلى تفسيره :

وقال السيوطي :

( قال أبو بكر ابن أبي إدريس : ليس أحد بعد الصحابة أعلم بالقرآن من أبي العالية ، وبعده سعيد بن جُبير ، وبعده السدّي ، وبعده سفيان الثوري )(١) .

وقال اليافعي :

( الإمام السدّي المُفسّر الكوفي المشهور )(٢) ، وقال الذهبي : ( قال ابن عدي : هو عندي مستقيمُ الحديث ، صدوق )(٣) .

وقال السمعاني :

( والمشهور بهذه النسبة : إسماعيل بن عبد الرحمان بن أبي ذئب وقيل : ابن أبي كريمة السدّي الأعور ، مولى زينب بنت قيس بن مخرمة ، من بني عبد مناف ، حجازي الأصل ، سكن الكوفة ، يروي عن أنَس بن مالكرضي‌الله‌عنه وعبد خير وأبي صالح ، وقد رأى ابن عمر رضي الله عنهما ، وهو السدّيُّ

ـــــــــــــــــــ

(١) تدريب الراوي ٢ : ٤٠٠ .

(٢) مرآة الجنان ١ : ٢١١ السنة ١٢٧ .

(٣) تذهيب التهذيب تهذيب التهذيب ١ : ٢٧٣ .

٢٦٤

الكبير ، ثقةٌ مأمون .

روى عنه : الثوري وشعبة وزائدة وسماك بن حرب وإسماعيل بن أبي خالد وسليمان التيمي .

ومات سنة سبع وعشرين ومئة ، في إمارة ابن هبيرة .

وكان إسماعيل بن أبي خالد يقول : السدّي أعلم بالقرآن من الشعبي .

قال أبو بكر أحمد بن موسى بن مردَويه الحافظ : إسماعيل بن عبد الرحمان السدّي ، يُكنّى أبا محمّد ، صاحب التفسير ، وإنّما سُمّي السدّي لأنّه نزل بالسدّة ، وكان أبوه مِن كِبار أهل أصبهان ، توفّي سنة سبع وعشرين ومئة ، في ولاية بني مروان .

روى عن أنَس بن مالك ، وأدرك جماعة من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، منهم : سعد بن أبي وقّاص ، وأبو سعيد الخدري ، وابن عمر ، وأبو هريرة ، وابن عبّاس .

حدّث عنه : الثوري وشعبة وأبو عوانة والحسن بن صالح .

قال ابن أبي حاتم : إسماعيل بن عبد الرحمان السدّي الأعور ، مولى زينب بنت قيس بن مخرمة ، أصله حجازي ، يُعدّ في الكوفيّين ، وكان شريك يقول : ما ندمت على رجلٍ لقيتَه أنْ لا أكون كتبتُ كلّ شيء لَفظَ به ، إلاّ السدّي .

قال يحيى بن سعيد : ما سمعت أحداً يذكر السدّي إلاّ بخير ، وما تركه أحد )(١) .

وفي( الإتقان ) نقلاً عن الحليمي فيالإرشاد :

ـــــــــــــــــــ

(١) الأنساب ٣ : ٢٣٨ ـ ٢٣٩ .

٢٦٥

 ( وتفسير إسماعيل السدّي يُورده بأسانيد إلى ابن مسعود وابن عبّاس ، وروى عن السدّي الأئمّة مثل : الثوري وشعبة ، لكن التفسير الذي جَمَعه رواه عنه أسباط بن نصر ، وأسباط لم يتّفقوا عليه ، غير أنّ أمثل التفاسير تفسير السدّي )(١) .

ومع ذلك كلّه... فإليك بعض الكلمات في جرحِه والطعن عليه في كُتبهم :

ففي( الميزان ) :

( إسماعيل بن عبد الرحمان بن أبي كريمة ، السدّي ، الكوفي ، عن أنَس وعبد الله البهيّ وجماعة ، وعنه : الثوري وأبو بكر ابن عيّاش وخلق ورأى أبا هريرة .

قال يحيى بن القطّان : لا بأس به ، وقال أحمد : ثقة ، وقال ابن معين : في حديثه ضَعف ، وقال أبو حاتم : لا يُحتجّ به ، وقال ابن عدي : هو عندي صدوق ، وروى شريك عن سَلْم بن عبد الرحمان قال : مرّ إبراهيم النخعي بالسدّي وهو يُفسّر لهم القرآن فقال : أمّا إنّه يُفسّر تفسير القوم .

قال عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت : سمعت الشعبي وقيل له إنّ إسماعيل السدّي قد أُعطيَ حظّاً من علمِ القرآن ، فقال : قد أُعطي حظّاً مِن جهلٍ بالقرآن .

وقال الفلاّس عن ابن مهدي : ضعيف .

ـــــــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ٢٣٨ .

٢٦٦

وقال الجوجاني عن مُعتمر عن ليث قال : كان بالكوفة كذّابان ، فمات أحدهما : السدّي والكلبي )(١) .

وفي( الكاشف ) :

( قال أبو حاتم : لا يُحتجّ به )(٢) .

وفي هامشه للبدخشي : ( قال السعدي : هو كذّاب شتّام ، وقال أبو زرعة : ليّن )(٣) .

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الإعتدال ١ : ٢٣٦ ـ ٢٣٧/ ٩٠٧ .

(٢) الكاشف عن أسماء رجال الكتب الستّة ١ : ٧٩/ ٣٩٤ .

(٣) الحاشية على الكاشف ـ مخطوط .

٢٦٧

محمّد بن السّائب الكلْبي

ومنهم : محمّد بن السائب الكلبي ( صاحب التفسير وعلم النسب ، كان إماماً في هذين العلمين )(١) .

وأخرج عنه الترمذي وغيره مِن كبار الأعلام(٢) .

وقال ابن عدي :

( وللكلبي غير ما ذكرت أحاديثٌ صالحة ، خاصّة عن أبي صالح ، وهو معروف بالتفسير ، وليس لأحدٍ تفسير أطول منه ولا أشبع منه ، وبعده مقاتل بن سليمان ، إلاّ أنّ الكلبي يُفضِّل على مقاتل بن سليمان ، لما قيل في مقاتل مِن المذاهب الرديّة .

وحدّث عن الكلبي الثوري وشعبة ، وإنْ كانا حدّثنا عنه بالشيء اليسير غير المسند ، وحدّث عنه : ابن عيينة وحمّاد بن سلمة وهشيم وغيرهم من ثقات الناس ، ورضوه في التفسير... )(٣) .

( وقال الحسن بن عثمان القاضي : وجدت العلم بالعراق والحجاز ثلاثة : علم أبي حنيفة وتفسير الكلْبي ومغازي محمّد بن إسحاق )(٤) .

وقال البزدوي :

ـــــــــــــــــــ

(١) وفيات الأعيان ٤ : ٣٠٩/ ٦٣٤ .

(٢) تهذيب التهذيب ٩ : ١٥٧ .

(٣) تهذيب الكمال ٢٥ : ٢٥١ ـ ٢٥٢/ ٥٢٣٤ .

(٤) تاريخ بغداد ١٣ : ٣٤٧/ ٧٢٩٧ .

٢٦٨

 ( ليس من اتّهم بوجهٍ مّا يسقط به كلّ حديثه ، مثل الكلبي وأمثاله... )(١) .

فقال شارحه بشرح هذه الجملة :

( قوله : مثل الكلبي : هو أبو سعيد محمّد بن السائب الكلبي صاحب التفسير ويُقال له أبو النضر أيضاً ، طعنوا فيه بأنّه يروي تفسير كلّ آية عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتُسمّى زوائد الكلبي ، وبأنّه روى حديثاً عند الحجّاج ، فسأله عمّن يرويه ، فقال : عن الحسن بن عليّ ( رضي الله عنهما ) ، فلمّا خرج قيل له : هل سمعت ذلك من الحسن ؟ فقال : لا ، ولكنّي رويت عن الحسن غيظاً له .

وذَكر في الأنساب أنّ الثوري ومحمّد بن إسحاق يرويان عنه ويقولان : حدّثنا أبو النضر، حتّى لا يعرف .

قال : وكان الكلبي سبائيّاً من أصحاب عبد الله بن سبأ ، مِن أولئك الّذين يقولون : إنّ عليّاً لم يمت ، وأنّه راجعٌ إلى الدنيا قبل قيام السّاعة ، فيملؤها عدلاً كما مُلِئت جوراً ، وإذا رأوا سحابة قالوا : أمير المؤمنين فيها ، والرعد صوته ، والبرق سوطه ، حتّى تبرّأ واحدٌ منهم وقال :

ومِن قَومٍ إذا ذَكَروا عليّاً

يصلّون الصّلاة على السحابِ

مات الكلبي سنة ستٍّ وأربعين ومئة .

وأمثاله : مثل عطاء بن السائب وربيعة بن عبد الرحمان وسعيد بن أبي عروبة وغيرهم ، اختلطت عقولهم فلم تُقبل رواياتهم التي بعد الاختلاط ، وقُبلت الروايات التي قبله .

فإنْ قيل : ما نُقل عن الكلبي يوجب الطعن عامّاً ، فينبغي أنْ لا تُقبل

ـــــــــــــــــــ

(١) أُصول الفقه ( متن كشف الأسرار ) ٣ : ٧٢ .

٢٦٩

رواياته جميعاً .

قلنا : إنّما يُوجب ذلك إذا ثبت ما نقلوا عنه بطريقِ القطع ، فأمّا إذا اتّهم به ، فلا يثبت حكمه في غير موضع التهمة ، وينبغي أنْ لا يثبت في موضع التهمة أيضاً ، إلاّ أنّ ذلك يورث شبهةً في الثبوت ، وبالشبهةِ تُرَدُّ الحجّة وينتفي ترجّح الصدق في الخبر ، فلذلك لم يثبت .

أو معناه ليس كلّ مَن اتّهم بوجهٍ ساقطُ الحديث ، مثل الكلبي وعبد الله بن لهيعة والحسن بن عمارة وسفيان الثوري وغيرهم ، فإنّه قد طعن في كلّ واحدٍ منهم بوجه ، ولكن علوّ درجتهم في الدّين وتقدّم رتبتهم في العلم والورع ، منع مِن قبول ذلك الطعن في حقّهم ومِن ردّ حديثهم به ، إذ لو رُدّ حديثُ أمثال هؤلاء بطعنِ كلّ أحد ، انقطع طريق الرواية واندرسَ الإخبار ، إذ لم يُوجد بعد الأنبياءعليهم‌السلام مَن لا يُوجد فيه أدنى شيء ممّا يجرح ، إلاّ مَن شاء الله تعالى ، فلِذلك لم يُلتَفت إلى مثل هذا الطعن ، فيُحمل على أحسن الوجوه ، وهو قصد الصيانة كما ذكر )(١) .

وقال القاضي العامري في كتاب( الناسخ والمنسوخ ) :

( قد خرّجتُ هذا من التفاسير التي سمعتها مِن الأئمّة رحمهم الله ، منها ما سمعت مِن الأستاذ الإمام أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد الإسفرايني رحمه الله ، مثل تفسير مقاتل بن سليمان والحلَبي والكلْبي... ولم أعتمد إلاّ بما صحّ عندي بتواتر واستفاضة ، أو رُوي في الصحاح بغير طعنِ الطاعنٍ ، والله الموفّق لذلك )(٢) .

لكن العجب ، أنّ أئمّة القوم يطعنون في الكلْبي وتفسيره ، فمنهم مَن

ـــــــــــــــــــ

(١) كشف الأسرار ـ شرح أُصول البزدوي ٣ : ٧٢ ـ ٧٣ .

(٢) الناسخ والمنسوخ للقاضي العامري ـ مقدّمة الكتاب .

٢٧٠

يقول هو كاذب ، ومنهم مَن ينادي بضلالته وإلحاده ، ومنهم مَن يحرّم أنْ يُنظر في تفسيره...

قال الذهبي في( ميزان الإعتدال ) :

( قال أحمد بن زهير لأحمد بن حنبل : يحلّ النظر في تفسر الكلْبي ؟ قال : لا .

عبّاس عن ابن معين قال : الكلْبي ليس بثقة ، وقال الجوزجاني وغيره : كذّاب ، وقال الدارقطني وجماعة : متروك ، وقال ابن حبّان : مذهبه في الدين ووضوح الكذِب فيه ، أظهر مِن أنْ يحتاج إلى الإغراق في وصفه )(١) .

وفي( تذكرة الموضوعات ) :

( قد قال أحمد في تفسير الكلْبي : مِن أوّله إلى آخره كذب ، لا يحلُّ النظر فيه )(٢) .

عليّ بن أبي طلحة

ومنهم : عليّ بن أبي طلحة ، وهو مِن رواة تفسير ابن عبّاس ، ووصَف السيوطي نسخته بالجودة ، وأورد كلاماً لأحمد في الاعتماد عليه .

قال في( الإتقان ) :

( وقد ورد عن ابن عبّاس في التفسير ما لا يُحصى كثرةً ، وفيه رواياتٌ وطرقٌ مختلفة ، فمن جيّدها طريق عليّ بن أبي طلحة الهاشمي عنه .

قال أحمد بن حنبل : بمصر صحيفة في التفسير ، رواها عليّ بن أبي طلحة ، لو رحَل رجلٌ فيها إلى مصر قاصداً ما كان كثيراً أسنده أبو جعفر النحاس في ناسخه.

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٣ : ٥٥٨ ـ ٥٥٩/ ٧٥٧٤ .

(٢) تذكرة الموضوعات : ٨٢ .

٢٧١

قال ابن حجر : وهذه النسخة كانت عند أبي صالح كاتب الليث، رواها عن معاوية بن صالح ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عبّاس ، وهي عند البخاري عن أبي صالح، وقد اعتمد عليها في صحيحه كثيراً ، فيما يعلّقه عن ابن عبّاس ، وأخرج منها ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر كثيراً ، بوسائط بينهم وبين أبي صالح )(١) .

لكنّ المشكلة هي :

أوّلاً : إنّ في إسناد هذه النسخة إرسالاً ؛ لأنّ ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عبّاس ، قال في( الإتقان ) :

ـــــــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ٢٣٧ .

٢٧٢

 ( وقال قومٌ : لم يسمع ابن أبي طلحة من ابن عبّاس التفسير ، إنّما أخذه عن مجاهد أو سعيد بن جُبير )(١) .

لكنّ ابن حجر يحاول دفع هذا الإشكال ، قال السيوطي :

( قال ابن حجر : بعد أنْ عرفت الواسطة وهو ثقةٌ ، فلا ضير في ذلك )(٢) .

وثانياً : إنّ الرجل مطعون في وثاقته ، ففي( ميزان الإعتدال ) للذهبي :

( عليّ بن أبي طلحة ، عن مجاهد وأبي الوداك وراشد بن سعد ، وأخذ تفسير ابن عبّاس عن مُجاهد ، فلم يذكر مجاهداً ، بل أرسله عن ابن عبّاس .

قال أحمد بن محمّد بن عيسى في تاريخ حمص : اسم أبيه سالم بن مخارق ، فأعتقه العبّاس ، ومات عليّ سنة ثلاث وأربعين ومئة ، وقال أحمد بن حنبل : له أشياء مُنكرات ، وقال أبو داود : كان يرى السيف ، وقال النسائي : ليس به بأس .

قلت : حدّث عنه معاوية بن صالح وسُفيان الثوري ، عداده في أهل حمص ، قال دحيم : لم يَسمع عليّ بن أبي طلحة التفسير من ابن عبّاس .

قلت : روى معاوية بن صالح عنه ، عن ابن عبّاس تفسيراً كبيراً ممتعاً )(٣) .

وفي( حاشية الكاشف ) :

( قال يعوب بن سفيان : ضعيفُ الحديث ، يعني عليّ بن أبي طلحة )(٤) .

ـــــــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ٢٣٧ .

(٢) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ٢٣٧ .

(٣) ميزان الاعتدال ٣ : ١٣٤/ ٥٨٧٠ .

(٤) حاشية الكاشف ـ مخطوط .

٢٧٣

وثالثاً : إنّ هذه النسخة يرويها أبو صالح عن معاوية بن صالح ، وهو أيضاً مجروحٌ جدّاً ، قال في( الميزان ) :

( معاوية بن صالح الحضرمي الحمصي ، قاضي الأندلس ، أبو عمرو ، روى عن مكحول والكبار ، وعنه : ابن وهب وعبد الرحمان بن مهدي وأبو صالح وطائفة وثّقه أحمد وأبو زرعة وغيرهما .

وكان يحيى القطّان يتعنّت ولا يرضاه ، وقال أبو حاتم : لا يُحتجّ به ، ولذا لم يُخرّج له البخاري ، وليّنه ابن معين... )(١) .

ورابعاً : إنّ أبا صالح ـ كاتب الليث ـ أيضاً غير صالح قال في( الميزان ) :

( عبد الله بن صالح بن محمّد بن مسلم الجهني المصري ، أبو صالح ، كاتب الليث بن سعد على أمواله ، هو صاحب حديث وعلم مكثر ، وله مناكير ، حدّث عن معاوية بن صالح والليث وموسى بن عليّ وخلقٌ ، وعنه شيخه الليث وابن وهب وابن معين وأحمد بن الفرات ، والناس .

قال عبد الملك بن شعيب بن الليث : ثقةٌ مأمون ، سمع من جدّي حديثه ، وقال أبو حاتم : سمعت محمّد بن عبد الله بن عبد الحكم وسُئل عن أبي صالح فقال : تسألني عن أقرب رجلٍ إلى الليث ، لزِمه سفَراً وحضَراً ، وكان يخلو معه كثيراً ، لا يُنكر لمثله أنْ يكون قد سمع منه كثرةَ ما أخرج عن الليث .

وقال أبو حاتم : سمعت ابن معين يقول : أقلّ أحواله أنْ يكون قرأ هذهِ الكُتب على الليث وأجازها له ، ويُمكن أنْ يكون ابن أبي ذئب كتب إليه بهذا الدرج .

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٤ : ١٣٥/ ٨٦٢٤ .

٢٧٤

قال : وسمعت أحمد بن صالح يقول : لا أعلم أحداً روى عن الليث عن ابن أبي ذئب إلاّ أبو صالح.

وقال أحمد بن حنبل : كان أوّل أمره مُتماسكاً ثمّ فسد بآخره ، يَروي عن ليث عن ابن أبي ذئب ، ولم يسمع الليث من ابن أبي ذئب شيئاً .

وقال أبو حاتم : هو صدوقٌ أمينٌ ما علِمته ، وقال أبو زرعة : لم يكن عندي ممّن يتعمّد الكذب ، وكان حسنُ الحديث ، وقال أبو حاتم : أخرج أحاديثَ في آخر عمره أنكروها عليه ، يرى أنّها ممّا افتعل خالد بن نجيح ، وكان أبو صالح يصحبه ، وكان سليم الناحية ، لم يكن وزن أبي صالح الكذب ، كان رجلاً صالحاً ، وقال أحمد بن محمّد [بن] الحجّاج بن رشدين : سمعت أحمد بن صالح يقول : متّهمٌ ليس بشيء ـ يعني الحمراوي عبد الله بن صالح ـ ، وسمعت أحمد بن صالح يقول في عبد الله بن صالح ، فأجروا عليه كلمةً أُخرى .

وقال ابن عبد الحكم : سمعت أبي عبد الله يقول ما لا أُحصي وقد قيل له : إنّ يحيى بن بكير يقول في أبي صالح شيئاً ، فقال : قل له : هل حدّثك الليث قطّ إلاّ وأبو صالح عنده ، وقد كان يخرج معه إلى الأسفار وهو كاتبه ، فتنكر أنْ يكون عنده ما ليس عند غيره .

وقال سعيد بن منصور : كلّمني يحيى بن معين قال : أحبّ أنْ تمسك عن عبد الله بن صالح، فقلت: لا أمسك عنه وأنا أعلم النّاس به ، إنّما كان كاتباً للضِياع .

وقال أحمد : كتب إليّ ـ وأنا بحمص ـ يسألني الزيارة .

قال الفضل بن محمّد الشعراني : إنّي ما رأيت أبا صالح إلاّ وهو يُحدّث أو يُسبّح .

قال صالح جَزَرة : كان ابن معين يوثّقه ، وهو عندي يكذِب في الحديث ، وقال النسائي : ليس بثقةٍ ، يحيى بن بكير أحبّ إلينا منه ، وقال ابن المديني : لا أروي عنه شيئاً ، وقال ابن حبّان : كان في نفسه صدوقاً ، إنّما وقعَت المناكير في حديثه من قِبل جارٍ له ، فسمعتُ ابن خزيمة يقول : كان له جار ، كان بينه وبينه عداوة ، كان يضع الحديث على شيخ أبي صالح ويكتبه بخطٍّ يشبه خطَّ عبد الله ويرميه في داره بين كتبه ، فيتوهّم عبد الله أنّه خطّه فيُحدّث به .

وقال ابن عدي : هو عندي مستقيمُ الحديث ، إلاّ أنّه يقع في أسانيده ومتونه غلطٌ ولا يتعمّد .

٢٧٥

قلت : وقد روى عنه البخاري في الصحيح على الصحيح ، ولكنّه يدلّسه فيقول : ثنا عبد الله ولا ينسبه وهو هو، نعم علّق البخاري حديثاً فقال فيه : قال الليث بن سعد : حدّثني جعفر بن ربيعة ، ثمّ قال في آخر الحديث : حدّثني عبد الله بن صالح ، ثنا الليث ، فذكره ، ولكن هذا عند ابن حمويه السرخسي دون صاحبيه .

وفي الجملة ؛ ما هو بدون نعيم بن حمّاد ، ولا إسماعيل بن أبي أُويس ، ولا سويد بن سعيد ، وحديثهم في الصحيحين ، ولكلّ منهم مناكير تغتفر في كثرة ما روى ، وبعضها منكر واهٍ ، وبعضها غريبٌ محتمل .

وقد قامت القيامة على عبد الله بن صالح بهذا الخبر الذي قال : حدّثنانافع بن يزيد ، عن زهرة بن معبد ، عن سعيد بن المسيّب ، عن جابر، مرفوعاً : ( إنّ الله اختار أصحابي على العالمين ، سوى النبيّين والمرسلين ، واختار مِن أصحابي أربعة : أبا بكر ، وعُمر ، وعثمان ، وعليّاً ، فجعلهم خيرَ أصحابي ، وفي أصحابي كلّهم خير ) .

قال سعيد بن عمرو ، عن أبي زرعة : بُلي أبو صالح بخالد بن نجيح ، في حديث زهرة بن معبد عن سعيد ، وليس له أصل .

قلت : قد رواه أبو العبّاس محمّد بن أحمد الأثرم... )(١) .

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٢ : ٤٤٠ ـ ٤٤٢/ ٤٣٨٣ .

٢٧٦

سعيد بن بشير

ومنهم : سعيد بن بشير، صاحب قتادة ، من رجال السنن الأربعة ، وهذه ترجمته في( الميزان ) :

( سعيد بن بشير ، صاحب قتادة ، سكن دمشق ، وحدّث عن قتادة والزهري وجماعة ، وعنه : أبو مسهر وأبو الجماهر ويحيى الوحاظي ، قال أبو مسهر : لم يكن في بلدنا أحفظ منه ، وهو مُنكَر الحديث ، وقال أبو حاتم : محلّه الصّدق ، وقال البخاري : يتكلّمون في حفظه ، وقال بقيّة : سألت شعبة عنه فقال : ذاك صدوق اللّسان ، وقال عثمان عن ابن معين : ضعيف .

وقال عبّاس عن ابن معين : ليس بشيء ، وقال الفلاّس : حدّثنا عنه ابن مهدي ثمّ تركه ، وقال النسائي : ضعيف ، وقال ابن الجوزي : قد وثّقه شعبة ودحيم ، وقال ابن عيينة : حدّثنا سعيد بن بشير وكان حافظاً ، وقال أبو زرعة النصري : قلت لأبي الجماهر : كان سعيد بن بشير قدريّاً ؟ قال : معاذَ الله ، وسمعت أبا مسهر يقول : أتيتُ سعيداً أنا ومحمّد بن شعيب فقال : والله لا أقول إنّ الله يُقدّر الشر ويعذّب عليه ، ثمّ قال : أستغفر الله ، أردتُّ الخير فوقعت في الشرّ ) .

( قال يعقوب الفسوي : سألت أبا مسهر عن سعيد بن بشير فقال : لم يكن في جندنا أحفظ منه ، وهو ضعيفٌ ، مُنكَر الحديث وقال ابن نمير : يروي عن قتادة المُنكرات .

وذكره أبو زرعة في الضعفاء وقال : لا يحتجّ به ، وكذا قال أبو حاتم ) .

( ولسعيد تفسير رواه عنه الوليد .

قال ابن عدي : لا أرى بما يَروي بأساً ، ولعلّه يهم ويغلط .

وله عند أهل دمشق تصانيف ، رأيت له تفسيراً مصنّفاً ، والغالب عليه الصدّق .

قيل : ماتَ سنة ثمانٍ وستّين ومئة )(١) .

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٢ : ١٢٨ ـ ١٣٠/ ٣١٤٣ .

٢٧٧

الفريابي

ومنهم : الفريابي... فإنّه وإنْ مُدِح ووثِّق ، كما في( الوافي بالوفيات ) حيث قال :

( محمّد بن يوسف بن واقد ، أبو عبد الله الفريابي ، ولد سنة ١٢٠ ، كان عالماً زاهداً ورِعاً ، من الطبقة السادسة ، قال : رأيتُ في المنام أنّي دخلت كرْماً فيه عِنب ، فأكلت من عنبه كلّه إلاّ الأبيض ، فقصَصْتُ رؤياي على سُفيان الثوري فقال : تُصيب مِن العلوم كلّها ، إلاّ الفرائض فإنّها جوهر العلم ، كما أنّ العِنب الأبيض جوهر العنب ، وكان كما قال .

روى عن الثوري وغيره وروى عنه الإمام أحمد وغيره قال البخاري : كان الفريابي مِن أفضل أهل زمانه ، وكان ثقة صدوقاً مجاب الدعوة ، توفّي سنة اثنتي عشرة أو ثلاث عشرة ومئتين )(١) .

ومع هذا ، فقد أورده الذهبي في( الميزان ) ، وحكى عن يحيى بن معين أنّه حكم على بعض أحاديثه بالبطلان ، وعن العجلي أنّ الفريابي أخطأ في مئةٍ وخمسينَ حديثاً(٢) .

ـــــــــــــــــــ

(١) الوافي بالوفيات ٥ : ٢٤٣/ ٢٣١٠ .

(٢) ميزان الاعتدال ٤ : ٧١ ـ ٧٢/ ٨٣٤٠ .

٢٧٨

عثمان بن أبي شيبة

ومنهم : عثمان بن أبي شيبة .

قال اليافعي في( تاريخه ) :

( الحافظ عثمان بن أبي شيبة العبْسي الكوفي ، وكان أسنّ مِن أخيه أبي بكر رحل وطوّف ، وصنّف التفسير والمسند ، وحضر مجلسه ثلاثونَ ألفاً )(١) .

وقال الذهبي في( الميزان ) :

( خ م د ق ـ عثمان بن أبي شيبة ، أبو الحسن ، أحد أئمّة الحديث الأعلام ، كأخيه أبي بكر )(٢) .

ومع ذلك ، فقد تُكلّم فيه مِن جهات ، قال في( الميزان ) :

( قال عبد الله : وقلت لأبي : حدّثنا عثمان ، ثنا جرير ، عن شيبة بن نعامة ، عن فاطمة بنت حسين بن عليّ ، عن فاطمة الكبرى ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( لكلّ بني أب عُصبةٌ ينتمون إليه ، إلاّ وِلد فاطمة ، أنا عُصبتهم ) .

وقلت له : حدّثنا عثمان ، ثنا أبو خالد الأحمر ، عن ثور بن يزيد ، عن أبي الزبير ، عن جابر عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( تسليم الرجل بأصبع واحد ، يشير بها فعل اليهود ) .

فأنكر أبي هذه الأحاديث مع أحاديث من هذا النحو، أنكرها جدّاً، وقال:

ـــــــــــــــــــ

(١) مرآة الجنان ٢ : ٩٢ السنة ٢٣٩ .

(٢) ميزان الاعتدال ٣ : ٣٥/ ٥٥١٨ .

٢٧٩

هذه موضوعة أو كأنّها موضوعة .

وقال أبي : أبو بكر أخوه ، أحبّ إليّ مِن عثمان ، فقلت : إنّ يحيى بن معين يقول : إنّ عثمان أحبّ إليّ ، فقال أبي : لا .

ورواها أبو عليّ ابن الصواف ، عن عبد الله ، عن أبيه وزاد فقال : ما كان أخوه أبو بكر يُطَنِّف نفسه لشيء مِن هذه الأحاديث ، نسأل الله السلامة .

وقال : كنّا نراه يتوهّم هذه الأحاديث )(١) .

( قال يحيى : ثقةٌ مأمون قلت : إلاّ أنّ عثمان كان لا يحفظ القرآن فيما قيل ، فقال أحمد بن كامل : ثنا الحسن بن الحباب : أنّ عثمان بن أبي شيبة قرأ عليهم في التفسير :( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ ) قالها : ألف لام ميم )(٢) .

( قلت : لعلّه سبْق لسان ، وإلاّ فقطعاً كان يحفظ سورة الفيل ، وهذا تفسيره قد حمله النّاس عنه )(٣) .

وقال السيوطي في( تدريب الراوي ) :

( أورد الدارقطني في كتاب التصحيف كلّ تصحيفٍِ وقعَ للعلماء ، حتّى في القرآن ، من ذلك ما رواه أنّ عثمان بن أبي شيبة قرأ على أصحابه في التفسير : (وجعل السفينة في رجل أخيه فقيل له : إنّما هو( جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ) . فقال : أنا وأخي أبو بكر لا نقرأ لعاصم قال : وقرأ عليهم في التفسير

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٣ : ٣٦/ ٥٥١٨ .

(٢) ميزان الاعتدال ٣ : ٣٧/ ٥٥١٨ .

(٣) ميزان الاعتدال ٣ : ٣٧/ ٥٥١٨ .

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456