استخراج المرام من استقصاء الإفحام الجزء ٢

استخراج المرام من استقصاء الإفحام13%

استخراج المرام من استقصاء الإفحام مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 456

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 456 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 227516 / تحميل: 8344
الحجم الحجم الحجم
استخراج المرام من استقصاء الإفحام

استخراج المرام من استقصاء الإفحام الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

أكله ، وليس بنجس إنّ مات فيما تولد فيه إجماعاً ، وإذا خرج فكذلك عندنا.

وللشافعي قولان ، وكذا في أكله عنده قولان : أظهرهما : التحريم مع الانفراد(1) .

الخامس : لو وقع الذباب وشبهه في ماءً قليل ومات فيه ، لم ينجسه عندنا ، وللشافعي قولان(2) .

ولو تغير الماء به فكذلك عندنا ، وللشافعي ـ على تقدير عدم النجاسة بالملاقاة ـ وجهان(3) ولو سلبه الاطلاق فمضاف طاهر.

السادس : حيوان الماء المحرم مما له نفس سائلة إذا مات في ماءً قليل نجسه عندنا ، لأنّفعال القليل بالنجاسة ، وبه قال الشافعي(4) .

وقال أبو حنيفة : لا ينجس ، لأنّه يعيش في الماء فلا ينجس بموته فيه ، كالسمك(5) . ويبطل بالفرق.

وما لا نفس له سائلة ـ كالضفدع ـ لا ينجس به الماء القليل ، وبه قال أبو حنيفة(6) ، خلافاً للشافعي(7) .

السابع : الجنين الذي يوجد ميتاً عند ذبح الاُم ـ إذا كان تاماً ـ حلال

__________________

1 ـ الوجيز 1 : 6 ، فتح العزيز 1 : 167 ـ 169 ، المجموع 1 : 131.

2 ـ الاُم 1 : 5 ، المجموع 1 : 129 ، الهداية للمرغيناني 1 : 19 ، المبسوط للسرخسي 1 : 51.

3 ـ المجموع 1 : 130.

4 ـ الاُم 1 : 5 ، الهداية للمرغيناني 1 : 19 ، المجموع 1 : 131.

5 ـ الهداية للمرغيناني 1 : 19.

6 ـ الهداية للمرغيناني 1 : 19 ، بدائع الصنائع 1 : 79.

7 ـ الاُم 1 : 5 ، فتح العزيز 1 : 163 ، الهداية للمرغيناني 1 : 19.

٦١

طاهر ، وإن لم تتم خلقته كان حراماً نجساً.

الثامن : المتكون من النجاسات ـ كدود العذرة ـ طاهر ، للعموم ، وكذا الدود المتولد من الميتة ، وفي وجه للشافعي : أنّه نجس(1) .

التاسع : يكره ما مات فيه الوزغ والعقرب ، وقول ابن بابويه : إذا ماتت العضاء‌ة في اللبن حرم(2) ، لرواية عمار(3) ، ضعيف ، ويحمل على الكراهة ، أو على التحريم للتضرر ، لا للنجاسة.

العاشر : لو وقع الصيد المجروح الحلال في الماء فمات ، فإن كانت حياته مستقرة فالماء نجس ، والصيد حرام ، وإن كانت حياته غير مستقرة فالضد منهما ، وإن اشتبه حكم بالأصلين فيهما على إشكال ينشأ من تضادهما ، فالاحوط التحريم فيهما.

الحادي عشر : جلد الميتة نجس بإجماع العلماء ، إلّا الزهري ، والشافعي في وجه ، فإنه طاهر عندهما(4) .

الثاني عشر : عظم الحيوان وقرنه وظفره وسنه لا تحلها الحياة فهي طاهرة ، وبه وقال أبو حنيفة(5) ، وقال الشافعي : إنّها نجسة لنموها(6) .

الثالث عشر : الشعر والصوف والريش من الميتة طاهر ، إلّا من نجس العين على ما تقدم ، وبه قال أبو حنيفة ، والشافعي ـ في أحد القولين ـ لأنّها

__________________

1 ـ المجموع 1 : 131.

2 ـ الفقيه 1 : 15 ذيل الحديث 32 ، والمقنع : 11.

3 ـ التي رواها الشيخ كاملة في التهذيب 1 : 285 / 832.

4 ـ المجموع : 217.

5 ـ المجموع 1 : 236 ، بداية المجتهد 1 : 78 ، الهداية للمرغيناني 1 : 21 ، شرح فتح القدير 1 : 84 ، اللباب 1 : 24.

6 ـ المجموع 1 : 236 ، بداية المجتهد 1 : 78 ، شرح العناية 1 : 84.

٦٢

لا تحلها الحياة ، وفي الآخر : إنّها نجسة لنمائها(1) .

ولو جز من حيوان ـ لا يؤكل لحمه ـ حي فطاهر عندنا ، خلافاً له(2) ولو جز من مأكول فهو طاهر إجماعا.

ولو نتف منه حياًَ فكذلك عندنا ، وللشافعي وجهان : النجاسة لأنّه ترك طريق إباحته ، وهو الجز فصار كخنق الشاة ، والطهارة لكثرة الالم فهو كالتذكية(3) .

الرابع عشر : ما لا يؤكل لحمه إذا وقعت عليه الذكاة فذكي كان لحمه وجلده طاهرين ، عملاً بالأصل.

وقال الشافعي : نجسان ، لأنّ التذكية لم تبح اللحم ، فلا تفيده الطهارة(4) .

وقال أبو حنيفة : الجلد طاهر ، وفي اللحم روايتان(5) .

الخامس عشر : البيضة في الميتة طاهرة إنّ اكتست الجلد الفوقاني ، وإلّا فلا ، وقال الشافعي : إنّها نجسة(6) ، ورواه الجمهور عن عليعليه‌السلام (7) .

__________________

1 ـ المجموع 1 : 231 ـ 232 و 236 ، شرح العناية 1 : 84 ، بداية المجتهد 1 : 78.

2 ـ المجموع 1 : 241 ـ 242 ، المهذب للشيرازي 1 : 18.

3 ـ المجموع 1 : 241 ـ 242.

4 ـ المجموع 1 : 245 ، المهذب للشيرازي 1 : 18.

5 ـ المجموع 1 : 245 ، اللباب 3 : 230 ، شرح فتح القدير 1 : 84 ، الهداية للمرغيناني 1 : 21.

6 ـ المجموع 1 : 244.

7 ـ المجموع 1 : 245.

٦٣

والمشيمة نجسة.

السادس عشر : في لبن الشاة الميتة روايتان(1) ، أقواهما : التحريم والنجاسة ، لملاقاة النجاسة ، وللشافعي وجهان(2) .

مسألة 20 : الخمر نجسة ، ذهب إليه علماؤنا أجمع إلّا ابن بابويه ، وابن أبي عقيل(3) ، وقول عامة العلماء أيضاً إلّا داود ، وربيعة ، وأحد قولي الشافعي(4) . لقوله تعالى : (إنّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس )(5) والرجس لغة : النجس ، ولأنّ ما حرم على الاطلاق كان نجساً كالدم والبول ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا تصلّ في ثوب أصابه خمر أو مسكر حتى تغسله »(6) .

وقولهمعليهم‌السلام : « إنّ الله حرم شربها ، ولم يحرم الصلاة فيها »(7) . لا يدل على الطهارة ، واستصحاب حال كونه عصيراً ـ كما قاله داود ـ(8) ضعيف.

__________________

1 ـ فالدالة على الحلية ما في الكافي 6 : 258 / 3 ، الفقيه 3 : 216 / 1006 و 219 / 1011 ، التهذيب 9 : 75 / 320 و 76 / 324 ، الاستبصار 4 : 88 / 328 و 89 / 339 ، الخصال 2 : 434 / 19 وغيرها ، ومن الدالة على التحريم ما روي في التهذيب 9 : 77 / 325 ، الاستبصار 4 : 89 / 340 ، قرب الاسناد : 64 ، وغيرها.

2 ـ المجموع 1 : 244.

3 ـ الفقيه 1 : 160 / 752 ، علل الشرائع : 357 باب 72 ، وحكى المحقق قول ابن ابي عقيل في المعتبر : 117.

4 ـ المجموع 2 : 563 ، فتح العزيز 1 : 156 ، تفسير القرطبي 6 : 288 ، الميزان 1 : 105 ، مغني المحتاج 1 : 77.

5 ـ المائدة : 90.

6 ـ التهذيب 1 : 278 / 817 ، الاستبصار 1 : 189 / 660.

7 ـ الفقيه : 160 / 752 ، علل الشرائع : 357 باب 72 ، قرب الاسناد : 16.

8 ـ المجموع 2 : 563 ، الميزان 1 : 105.

٦٤

فروع :

الأول : كلّ المسكرات كالخمر في التحريم والنجاسة ، لقول الكاظمعليه‌السلام : « وما عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر »(1) وقول الباقرعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كلّ مسكر خمر »(2) .

وقال أبو حنيفة : النبيذ طاهر ، وهو أحد قولي الشافعي(3) .

الثاني : العصير إذا غلى حرم حتى يذهب ثلثاه ، وهل ينجس بالغليان أو يقف على الشدة؟ إشكال.

الثالث : الفقاع كالخمر عندنا في التحريم والنجاسة ـ خلافاً للجمهور(4) ـ لقول الرضاعليه‌السلام : « هو خمر مجهول »(5) .

الرابع : الخمر إذا انقلبت خلاً طهر إجماعاً ، ولو لاقته نجاسة ، أو عصره مشرك لم يطهر بالأنّقلاب.

الخامس : بواطن حبات العنقود إذا استحال ما فيها خمراً كان نجساً ، وهو أحد قولي الشافعي(6) .

السادس : المسكرات الجامدة ليست نجسة وإن حرمت ، ولو تجمّد الخمر ، أو ما مازجه لم يخرج عن نجاسته ، وكذا لو سال الجامد بغير

__________________

1 ـ الكافي 6 : 412 / 2 ، التهذيب 9 : 112 / 486.

2 ـ الكافي 6 : 408 / 3 ، التهذيب 9 : 111 / 482.

3 ـ المجموع 1 : 93 و 2 : 564 ، فتح العزيز 1 : 158 ، مغني المحتاج 1 : 77 ، تفسير القرطبي 13 : 51 ، بداية المجتهد 1 : 33.

4 ـ بدائع الصنائع 5 : 117 ، المبسوط للسرخسي 24 : 17 ، المغني 10 : 337 ، رحمة الامة 2 : 170 ، المنتقى للباجي 3 : 150.

5 ـ الكافي 6 : 422 / 1 ، التهذيب 9 : 124 / 539 ، الاستبصار 4 : 95 / 368.

6 ـ المجموع 2 : 564 ، مغني المحتاج 1 : 77.

٦٥

ممازجة لم يخرج عن طهارته.

مسألة 21 : الكلب والخنزير نجسان عيناً ولعاباً ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وبه قال عليعليه‌السلام ، وابن عباس ، وأبو هريرة ، وعروة بن الزبير ، والشافعي ، وأبو ثور ، وأبو عبيد ، وأحمد(1) ، لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله سبع مرات )(2) ، وقول الصادقعليه‌السلام عن الكلب : « رجس نجس »(3) .

وقال أبو حنيفة : الكلب طاهر ، والخنزير نجس ، لعدم وجوب غسل ما عضه الكلب من الصيد(4) ، وهو ممنوع.

وقال الزهري ، ومالك ، وداود : الكلب والخنزير طاهران(5) .

فروع :

الأول : الحيوان المتولد منهما يحتمل نجاسته مطلقاًً ، واعتبار اسم أحدهما ، والمتولد من أحدهما وما غايرهما يتبع الاسم.

الثاني : كلّ أجزاء الكلب والخنزير وان لم تحلها الحياة نجسة ، خلافاً للمرتضى(6) .

__________________

1 ـ السراج الوهاج : 22 ، المجموع 2 : 567 ـ 568 ، الاشباه والنظائر للسيوطي : 431 ، مغني المحتاج 1 : 78 ، المحلى 1 : 112 ، الاُم 1 : 5 ، نيل الأوطار 1 : 42.

2 ـ صحيح مسلم 1 : 234 / 91 و 92 ، سنن أبي داود 1 : 19 / 71 ، مسند أحمد 2 : 427.

3 ـ التهذيب 1 : 225 / 646 ، الاستبصار 1 : 19 / 40.

4 ـ شرح فتح القدير 1 : 82 ، الهداية للمرغيناني 1 : 20 ، الكفاية 1 : 82 ، شرح العناية 1 : 82 ، المبسوط للسرخسي 1 : 48 ، بدائع الصنائع 1 : 63.

5 ـ المجموع 2 : 567 ـ 568 ، مغني المحتاج 1 : 78 ، نيل الأوطار 1 : 43 ، الشرح الصغير 1 : 18 ، تفسير القرطبي 13 : 45 ، المبسوط للسرخسي 1 : 48 ، فتح العزيز 1 : 161 ، بداية المجتهد 1 : 29 ، المدونة الكبرى 1 : 5.

6 ـ الناصريات : 218 المسألة 19.

٦٦

الثالث : كلب الماء طاهر بالأصل ، خلافاً لابن ادريس(1) ، ولا يجوز حمل اللفظ على الحقيقة والمجاز بغير قرينة.

الرابع : الأقرب طهارة الثعلب ، والأرنب ، والفأرة ، والوزغة ـ وهو قول المرتضى ، وأحد قولي الشيخ(2) ـ عملاً بالأصل ، والنص الدال على طهارة سؤر ما عدا الكلب والخنزير(3) .

احتج الشيخ بأمر الكاظمعليه‌السلام بغسل أثر ما أصابته الفأرة الرطبة(4) ، وأمر الصادقعليه‌السلام بغسل اليد من مسّ الثعلب والأرنب(5) وهو محمول على الاستحباب.

مسألة 22 : الكافر عندنا نجس لقوله تعالى :( إنّما المشركون نجس ) (6) والحذف على خلاف الأصل ، والوصف بالمصدر جائز لشدة المعنى ، وقوله تعالى :( كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ) (7) ولقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد سئل إنا بأرض قوم أهل كتاب نأكل في آنيتهم؟ : ( لا تأكلوا فيها إلّا ان لا تجدوا غيرها ، فاغسلوها ثم كلوا فيها )(8) .

وسئل الصادقعليه‌السلام عن سؤر اليهودي والنصراني.

__________________

1 ـ السرائر : 208.

2 ـ الناصريات : 216 المسألة 9 ، جمل العلم والعمل : 49 ، الخلاف 1 : 187 مسألة 144.

3 ـ التهذيب 1 : 225 / 646 ـ 647 و 261 / 760 ، الاستبصار 1 : 19 / 40 ـ 41.

4 ـ التهذيب 1 : 261 / 761 ، الكافي 3 : 60 / 3.

5 ـ التهذيب 1 : 262 / 763 ، الكافي 3 : 61 / 4.

6 ـ التوبة : 28.

7 ـ الأنعام : 125.

8 ـ سنن البيهقي 1 : 33 ، مستدرك الحاكم 1 : 143.

٦٧

فقال : « لا »(1) .

فروع :

الأول : لا فرق بين أن يكون الكافر أصلياً أو مرتداً ، ولا بين أن يتدين بملة أو لا ، ولا بين المسلم إذا أنكر ما يعلم ثبوته من الدين ضرورة وبينة ، وكذا لو اعتقد المسلم ما يعلم نفيه من الدين ضرورة.

الثاني : حكم الشيخ بنجاسة المجبرة والمجسمة(2) ، وقال ابن ادريس بنجاسة كلّ من لم يعتقد الحق إلّا المستضعف(3) ، لقوله تعالى :( كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ) (4) .

والأقرب طهارة غير الناصب لأنّ علياًعليه‌السلام لم يجتنب سؤر من باينه من الصحابة.

الثالث : الناصب ـ وهو من يتظاهر ببغضه أحد من الائمةعليهم‌السلام ـ نجس ، وقد جعله الصادقعليه‌السلام شراً من اليهود والنصارى(5) ، والسر فيه أنهما منعا لطف النبوة وهو خاص ، ومنع هو لطف الامامة وهو عام.

وكذا الخوارج لانكارهم ما علم ثبوته من الدين ضرورة ، والغلاة أيضاً أنجاس لخروجهم عن الإسلام وان انتحلوه.

الرابع : أولاد الكفار حكمهم حكم آبائهم ، وهل يتبع المسبي السابي

__________________

1 ـ الكافي 3 : 11 / 5 ، التهذيب 1 : 223 / 638 ، الاستبصار 1 : 18 / 36.

2 ـ المبسوط للطوسي 1 : 14.

3 ـ السرائر : 13.

4 ـ الأنعام : 125.

5 ـ الكافي 3 : 11 / 6 ، التهذيب 1 : 223 / 639 ، الاستبصار 1 : 18 / 37.

٦٨

في الإسلام؟ اشكال.

الخامس : قال ابن بابويه : لا يجوز الوضوء بسؤر ولد الزنا(1) ، وحكم ابن ادريس بنجاسته لأنّه كافر(2) ، وهو ممنوع ، والأقرب الطهارة.

تذنيب : ظهر مما قررناه أن النجاسات بالاصالة عشرة : البول ، والغائط ، والمني ، والدم ، والميتة ، والخمر ، والفقاع ، والكلب ، والخنزير ، والكافر ، وما عدا ذلك طاهر ، تعرض له النجاسة بملاقاة أحدها رطبا.

* * *

__________________

1 ـ الهداية : 14 ، الفقيه 1 : 8.

2 ـ السرائر : 81 ، 183 ، 241 ، 287.

٦٩
٧٠

الفصل الثاني : في أحكام النجاسات

مسألة 23 : النجاسات غير الدم يجب إزالة قليلها وكثيرها عن الثوب والبدن ، سواء قلّت أو كثرت عند علمائنا أجمع ، إلّا ابن الجنيد(1) ، وبه قال الشافعي(2) ، لقوله تعالى :( وثيابك فطُهر ) (3) وقولهعليه‌السلام : ( تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه )(4) .

وقال ابن الجنيد : إن قلّت عن الدرهم فمعفو ، كالدم(5) . وبه قال أبو حنيفة(6) ، وهو قياس في معارضة النص ، فيرد.

__________________

1 ـ حكاه المحقق في المعتبر : 118.

2 ـ المجموع 3 : 131 ، بداية المجتهد 1 : 81 ، كفاية الأخيار 1 : 55 ، الوجيز 1 : 8 ، الهداية للمرغيناني 1 : 35.

3 ـ المدثر : 4.

4 ـ سنن الدارقطني 1 : 127 و 128 / 2 و 7 و 9.

5 ـ حكاه المحقق في المعتبر : 118.

6 ـ اللباب 1 : 52 ، بداية المجتهد 1 : 81 ، فتح القدير 1 : 177 ، المحلى 1 : 94 ، بدائع الصنائع 1 : 80.

٧١

وقال مالك : لا يجب إزالة النجاسة مطلقاًً ، قلت أو كثرت(1) لقول ابن عباس : ليس على الثوب جنابة(2) ، ولا دلالة فيه.

وقال أبو حنيفة : النجاسة المغلظة يجب إزالة ما زاد على الدرهم ، والمخففة لا يجب إلّا أن يتفاحش(3) .

واختلف أصحابه في التفاحش ، قال الطحاوي : التفاحش أن يكون ربع الثوب(4) ، وقال بعضهم : ذراع في ذراع(5) ، وقال أبوبكر الرازي : شبر في شبر(6) ، وكل ذلك تخمين.

و أما الدم منها فإن كان حيضاً ، أو استحاضة ، أو نفاساً ، وجب ازالة قليله وكثيره ـ خلافاً لأحمد حيث عفى عن يسيره(7) ـ لقول الصادقعليه‌السلام عن الحائض : « تغسل ما أصاب ثيابها من الدم »(8) ولأنّه مقتضى الدليل.

وألحق به القطب الراوندي دم الكلب والخنزير ـ(9) ، واستبعده ابن ادريس(10) .

ــــــــــــــــــ

1 ـ الكافي في فقه أهل المدينة : 17 ، بداية المجتهد 1 : 81 ، نيل الأوطار 2 : 119.

2 ـ مصنف عبدالرزاق 1 : 372 / 1450.

3 ـ اللباب 1 : 51 ـ 52 ، بداية المجتهد 1 : 81 ، شرح فتح القدير 1 : 177 ـ 178.

4 ـ حلية العلماء 2 : 44.

5 ـ بدائع الصنائع 1 : 80 ، شرح فتح القدير 1 : 178 ، حلية العلماء 2 : 44.

6 ـ حلية العلماء 2 : 44.

7 ـ المغني 1 : 59 ، الشرح الكبير 1 : 61.

8 ـ الكافي 3 : 109 / 1 ، التهذيب 1 : 270 / 652 الاستبصار 1 : 186 / 652.

9 ـ حكاه ابن ادريس في السرائر : 35.

10 ـ السرائر : 35.

٧٢

والحق عندي اختيار القطب ، ويلحق به أيضاً دم الكافر ، والضابط دم نجس العين ، لحصول حكم طارئ للدم ، وهو ملاقاته لنجس العين ، وكذا كلّ دم أصابه نجاسة غيره.

وإن كان دم قرح أو جرح سائلا لازما لم تجب إزالته ـ وإن كثر مع نجاسته ، سواء الثوب والبدن في ذلك ـ للمشقة ، ولقولهمعليهم‌السلام عن دم القروح التي لا تزال تدمي : « يصلّي »(1) .

وان كانت الدماء تسيل ، فإن انقطع السيلان اعتبر بالدرهم ، لزوال حرج إزالته.

وإن كان مغايراً لهذين القسمين من المسفوح كدم الفصاد والبثور والذبيحة كان نجساً وتجب إزالته إنّ زاد على الدرهم البغلي إجماعاً ، لقول الباقرعليه‌السلام : « وان كان أكثر من قدر الدرهم ورآه ولم يغسله وصلّى فليعد صلاته »(2) .

وان نقص عنه لم تجب إزالته إجماعاً ، لقول الباقرعليه‌السلام : « ما لم يكن مجتمعا قدر الدرهم »(3) وفي الدرهم قولان لعلمائنا(4) ، أحوطهما : الوجوب.

__________________

1 ـ التهذيب 1 : 256 / 744 ، الاستبصار 1 : 177 / 615.

2 ـ التهذيب 1 : 255 / 739 ، الاستبصار 1 : 175 / 610.

3 ـ التهذيب 1 : 256 / 742 ، الاستبصار 1 : 176 / 612.

4 ـ ممن ذهب إلى الوجوب السيد المرتضى في الانتصار : 13 ، وابن أبي عقيل على ما حكاه المصنف عنه في مختلف الشيعة : 60 ، وسلار في المراسم : 55.

وإلى عدمه الشيخ في المبسوط 1 : 35 ، والمفيد في المقنعة : 10 ، والصدوق في الهداية : 15 ، وابن البراج في المهذب 1 : 51.

٧٣

فروع :

الأول : قسم الشافعي النجاسة إلى دم وغيره ، والأول : إن كان من ذي النفس السائلة ففي قول عنه : أنّه غير معفو عنه مطلقاً. وفي القديم : يعفى عما دون الكف ، وفي ثالث : يعفى عن قليله ، وهو ما لم يتفاحش.

وإن كان من غير ذي النفس فهو نجس يعفى عما قل ، دون المتفاحش ، وغير الدم لا يعفى عن قليله ولا كثيره(1) .

الثاني : الدرهم البغلي هو المضروب من درهم وثلث ، منسوب إلى قرية بالجامعين(2) ، وابن أبي عقيل قدّره بسعة الدينار(3) ، وابن الجنيد بأنملة الإبهام(4) .

الثالث : هذا التقدير في المجتمع ، والأقرب في المتفرق ذلك لو جمع ، فيجب إزالته ، أو ما يحصل معه القصور ، وقال الشيخ : ما لم يتفاحش(5) .

الرابع : لو لاقت نجاسة غير الدم ما عفي عنه منه لم يبق عفو ، سواء لاقت قبل الاتصال بالمحل أو بعده.

مسألة 24 : نجس العين لا يطهر بحال ، إلّا الخمر تتخلل ، والنطفة والعلقة [ والمضغة ](6) والدم في البيضة اذا صارت حيوانا إجماعاً ، ودخان

__________________

1 ـ المهذب للشيرازي 1 : 67 ، المجموع 3 : 133 ـ 135 ، حلية العلماء 2 : 42 ـ 43.

2 ـ الجامعين : هي حلة بني مزيد التي بأرض بابل على الفرات بين بغداد والكوفة. معجم البلدان 2 : 96. وللتوسعة في بحث الدرهم اُنظر : العقد المنير فيما يتعلق بالدراهم والدنانير.

3 ـ حكاه المحقق في المعتبر 119.

4 ـ حكاه المحقق في المعتبر : 119.

5 ـ النهاية : 52.

6 ـ الزيادة من النسخة « م ».

٧٤

الاعيان النجسة عندنا ـ وهو أحد وجهي الشافعي(1) ـ وما أحالته النار عندنا ، وبه قال أبو حنيفة(2) ، فإن الاستحالة أبلغ في الإزالة من الغسل ، خلافاً للشافعي(3) ، لأنّها لم تنجس بالاستحالة فلم تطهر بها ، والملازمة ممنوعة.

ولو وقع في القدر ـ وهي تغلي على النار ـ دم ، قال بعض علمائنا : تطهر بالغليان ، لأنّ النار تحيل الدم(4) ، وفيه ضعف ، ولو كان غير الدم لم تطهر إجماعا.

ولو استحال الخنزير ـ وغيره من العينيات ـ ملحاً في المملحة ، أو الزبل الممتزج بالتراب ـ حتى طال عهده ـ ترابا ، قال أبو حنيفة : يطهر ، وللشافعي وجهان(5) ، وعندي في ذلك تردد ، وللشيخ قولان في تراب القبر بعد صيرورة الميت رميماً(6) .

و أما النجس بالملاقاة فعلى أقسام :

الأول : الحصر ، والبواري ، والارض ، والثابت(7) فيها ، والأبنية ، تطهر بتجفيف الشمس خاصة من البول وشبهه ، كالماء النجس ، وإن كان خمراً إذا ذهبت الآثار.

____________

1 ـ المجموع 2 : 579.

2 ـ المجموع 2 : 579 ، بدائع الصنائع 1 : 85.

3 ـ المجموع 2 : 579.

4 ـ الصدوق في المقنع : 12.

5 ـ المجموع 2 : 579 ، السراج الوهاج : 23 ، مغني المحتاج 1 : 81 ، بدائع الصنائع 1 : 85 ، حلية العلماء 1 : 245.

6 ـ المبسوط للطوسي 1 : 32 و 93.

7 ـ في نسخة « ش » : والنابت ، والصحيح ظاهراً ما اثبت من نسخة « م ».

٧٥

وقال بعض علمائنا : لا يطهر ، وان جازت الصلاة عليها(1) .

ولو جفّ بغير الشمس أو بقيت عينه لم يطهر إجماعاً ، وللشيخ منع في غير البول(2) .

وما اخترناه قول أبي حنيفة وصاحبيه ، والشافعي في القديم(3) ، لأنّ الأرض والشمس من شأنهما الاحالة ، وهي أبلغ من تأثير الماء ، ولأنّ الشمس تفيد سخونة ، وهي تقتضي تصاعد أجزاء النجاسة ومفارقتها.

وقال مالك والشافعي ـ في الجديد ـ وأحمد وإسحاق : لا يطهر بتجفيف الشمس(4) ، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر بصب الذنوب(5) ، ولو سلم لم يمنع.

وهل تطهر الأرض من بول الرجل بإلقاء ذنوب عليها ، بحيث يغمرها ، ويستهلك فيه البول ، فتذهب رائحته ولونه؟ قال الشيخ : نعم(6) ، وبه قال الشافعي(7) ، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر بإراقة ذنوب من ماءً على بول

__________________

1 ـ ذهب إليه الشيخ في المبسوط 1 : 93 ، والمحقق في المعتبر : 124 ، وابن حمزة في الوسيلة : 79.

2 ـ المبسوط للطوسي 1 : 93.

3 ـ المجموع 2 : 596 ، الاُم 1 : 52 ـ 53 ، النتف 1 : 33 ، البحر الزخار 2 : 25.

4 ـ الاُم 1 : 52 و 53 ، المجموع 2 : 596 ، القواعد في الفقه الاسلامي : 344 ، نيل الأوطار 1 : 52.

5 ـ صحيح البخاري 1 : 65 ، سنن أبي داود 1 : 103 / 380 ، صحيح مسلم 1 : 236 / 284 ، الموطأ 1 : 65 / 111.

6 ـ المبسوط للطوسي 1 : 92.

7 ـ المجموع 2 : 591 ، الاُم 1 : 52 ، الوجيز 1 : 9 ، مغني المحتاج 1 : 85.

٧٦

الأعرابي(1) .

وقال أبو حنيفة : إنّ كانت رخوة ينزل فيها الماء كفاه الصب ، وإن كانت صلبة لم يجد فيها إلّا حفرها ونقل التراب ، لأنّ الماء المزال به النجاسة نجس ، فاذا لم يزل من الأرض كان على وجهها نجساً ، والأقرب أنها تطهر بتجفيف الشمس ، أو بإلقاء الكر ، أو الجاري ، أو المطر عليها(2) .

ولو سلم حديث الأعرابي حمل على الجفاف بالهواء ، فاعيدت الرطوبة لتجف بالشمس ، مع أن بعضهم روى أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر بأخذ التراب الذي أصابه البول فيلقى ، ويصب على مكانه ماء‌اً(3) ، ونحن نقول بذلك.

فروع :

الأول : قال الشيخ : يحكم بطهارة الأرض التي يجري عليها وإليها(4) .

الثاني : قال الشيخ : لو بال اثنان وجب أن يطرح مثل ذلك ، وعلى هذا أبداً(5) .

__________________

1 ـ صحيح البخاري 1 : 65 ، سنن أبي داود 1 : 103 / 380 ، سنن الترمذي 1 : 296 / 147 ، سنن الدارمي 1 : 189 ، صحيح مسلم 1 : 236 / 99 ، الموطأ 1 : 64 / 111 ، مسند أحمد 2 : 239 ، سنن ابن ماجة 1 : 176 / 529 و 530.

2 ـ المجموع 2 : 592 ، نيل الأوطار 1 : 52 ، فتح الباري 1 : 259 ، بدائع الصنائع 1 : 89.

3 ـ سنن أبي داود 1 : 103 / 381 ، سنن الدارقطني 1 : 132 / 4.

4 ـ المبسوط للطوسي 1 : 93.

5 ـ المبسوط للطوسي 1 : 92.

٧٧

الثالث : ليس للذنوب تقدير ، بل ما يقهر البول ويزيل لونه وريحه.

وقال الشافعي : يطرح سبعة أضعاف البول(1) .

الرابع : لو جفت هذه الاشياء بغير الشمس لم تطهر ، فإن رمي عليها ماءً طاهر ، أو نجس ، أو بول ، وجفت بالشمس طهرت باطناً وظاهراً.

وقال الشافعي في القديم : تطهر لو جفت بغير الشمس ـ كالريح ، وطول الزمان ـ ظاهرها ، وفي باطنها قولان(2) .

الخامس : ليس الثوب كالارض ، وهو أظهر وجهي الشافعي(3) ، لأنّ في أجزاء التراب فوة محيلة إلى صفة نفسها ، بخلاف الثوب ، فلا يطهر إلّا بالغسل بالماء.

الثاني : الجسم الصقيل كالمرآة والسيف ، قال المرتضى : يطهر بالمسح إذا أزال العين ، لأنّ المقتضي للنجاسة قد زال فيزول معلوله(4) ، وقال الشيخ : لا يطهر(5) . وهو الأقوى لأنّها حكم شرعي فيقف على مورده.

الثالث : العجين بالماء النجس لايطهر بالخبز ، لقول الصادقعليه‌السلام : « يدفن ولا يباع »(6) وللشيخ قولان(7) : أحدهما : الطهارة ، لقول

__________________

1 ـ الاُم 1 : 52 ، المجموع 2 : 592.

2 ـ اُنظر الاُم 1 : 52 ـ 53.

3 ـ الاُم 1 : 55 ، المجموع 2 : 596.

4 ـ حكاه عنه في الخلاف 1 : 479 مسألة 222 ، والمعتبر : 125.

5 ـ الخلاف 1 : 479 مسألة 222.

6 ـ الاستبصار 1 : 29 / 77 ، التهذيب 1 : 414 / 1306.

7 ـ قال بالطهارة في الاستبصار 1 : 29 ـ 30 حيث رجح في ذيل أخبار الباب القول بالطهارة ، والنهاية : 8. وبالنجاسة في التهذيب 1 : 414 ذيل الحديث 1306 والمبسوط 1 : 13.

٧٨

الصادقعليه‌السلام : « لا بأس أكلت النار ما فيه »(1) وهو محمول على الاحالة ، إذ بدونها لم تأكل.

واللبن المضروب بماء نجس ، أو ببول يطهر بإحراقه آجراً ، قاله الشيخ(2) ، لأنّ النار أحالت الاجزاء الرطبة.

وقال الشافعي : لا يطهر ، إلّا أن يكاثره الماء فيطهر ظاهره ، أما باطنه فإن تفتت ترابا وكاثره الماء طهر ، ولا يطهر بالاحراق(3) .

الرابع : أسفل القدم والنعل ، وباطن الخف يطهر بالارض مع زوال النجاسة ، وبه قال أبو حنيفة(4) ، لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إذا جاء أحدكم إلى المسجد فإن رأى في نعله أثرا ، أو أذى فليمسحها وليصل فيها )(5) .

وقالعليه‌السلام : ( إذا وطأ أحدكم الاذى بخفيه فإن التراب له طهور )(6) .

ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس » وقد سئل عن وطئ العذرة بالخف ثم مسحت حتى لم ير شيئاً(7) .

ولا يشترط جفاف النجاسة ، ولا أن يكون لها جرم ، خلافاً لابي

__________________

1 ـ الاستبصار 1 : 29 / 75 ، التهذيب 1 : 414 / 1304 ، الفقيه 1 : 11 / 19.

2 ـ الخلاف 1 : 501 مسألة 241.

3 ـ المجموع 2 : 597 ، الاُم 1 : 53 ، فتح العزيز 1 : 251.

4 ـ المبسوط للسرخسي 1 : 82 ، اللباب 1 : 50 ، الهداية للمرغيناني 1 : 34 ، نيل الأوطار 1 : 54 ، المجموع 2 : 598 ، المحلى 1 : 94.

5 ـ سنن ابي داود 1 : 175 / 650.

6 ـ سنن ابي داود 1 : 105 / 385 ، مستدرك الحاكم 1 : 166.

7 ـ التهذيب 1 : 274 / 808.

٧٩

حنيفة(1) ، للعموم والاولوية.

مسألة 25 : ما عدا هذه الاشياء على أقسام :

الأول : الثوب يغسل من النجاسة العينية حتى يذهب العين والاثر ، وإن بقيت الرائحة واللون لعسر الإزالة ، وكذا غيره ، والمستحب صبغ أثر الحيض مع المشقة ، بالمشق وشبهه ، ويجب في الغسل أن يورد الماء على النجاسة ويغلبه عليها ، فلو أدخل الثوب أو غيره على الإناء لم يطهر ، ونجس الماء.

وللشافعي قول بعدم الطهارة مع بقاء الرائحة أو اللون وإن عسر زواله(2) ، وهو مردود ، لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لخولة وقد سألته عن دم الحيض يبقى أثره : ( لا بأس به يكفيك ولا يضرك أثره )(3) .

ولو كانت النجاسة حكمية ، وهي التي لا تدرك بالحواس ، كالبول إذا جفّ على الثوب ، ولم يوجد له أثر ، يجب غسلها أيضاً عن الثوب والبدن وغيرهما.

ولا بد في غسل الثوب من العصر ـ وهو أحد قولىّ الشافعي(4) ـ لأنّ الغسالة نجسة ، فلا يطهر مع بقائها فيه ، ولا يكفي صب الماء ، ولا بد من الغسل مرتين.

__________________

1 ـ المبسوط للسرخسي 1 : 82 ، الهداية للمرغيناني 1 : 34 ، فتح القدير 1 : 172 ، اللباب 1 : 50 ، المحلى 1 : 94.

2 ـ فتح العزيز 1 : 240 ، مغني المحتاج 1 : 85.

3 ـ سنن ابي داود 1 : 100 / 365 ، مسند أحمد 2 : 364 و 380.

4 ـ السراج الوهاج : 24 ، مغني المحتاج 1 : 85 ، المجموع 2 : 593 ، فتح العزيز 1 : 244.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

مقاتل بن حيّان

ومنهم : مقاتل بن حيّان ، وقد وثّقه غير واحدٍ مِن الأئمّة ، لكنْ نسَبه بعضهم إلى الكذِب ، وحاول الذهبي تبرئته ، وقال بعضهم : لا أحتجُّ به ، وهذا نصُّ ما جاء في( الميزان ) :

( مقاتل بن حيّان ، أو بسطام البلخي ، الخراساني الخرّاز ، أحد الأعلام روى عن الضحّاك ومجاهد وعكرمة والشعبي وشهر بن حوشب وخلقُ ، وعنه : ابن المبارك وبكير بن معروف وعيسى غنجار وآخرون ، وروى عنه مِن شيوخه علقمة بن مرثد ، وذلك في صحيح مسلم .

وكان عابداً كبير القدر صاحب سنّةٍ وصدق ، هرَب أيّام أبي مسلم الخراساني إلى كابل ، ودعا خلقاً إلى الإسلام فأسلموا .

وثّقه يحيى بن معين وأبو داود وغيرهما ، وقال النسائي : ليس به بأس ، وقال أبو الفتح الأزدي : سكتوا عنه ، ثمّ ذكر أبو الفتح عن وكيع أنّه قال : يُنسب إلى الكذِب ، كذا قال أبو الفتح ، وأحسبه التَبَس عليه مقاتل بن حيّان بمقاتل بن سليمان ، فابن حيّان صدوقٌ قويّ الحديث ، والذي كذّبه وكيع فابن سليمان .

ثمّ قال أبو الفتح : ثنا أبو يعلى الموصلي ، ثنا عثمان بن أبي شيبة ، عن حميد الرؤاسي ، عن الحسن بن صالح ، عن هارون أبي محمّد ، عن مقاتل ، عن قتادة ، عن أنَس مرفوعاً قال : قلب القرآن يس ، فمن قرأها كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرّات .

قلت : الظاهر أنّه مقاتل بن سليمان ، وقد جاء توثيق يحيى بن معين لابن حيّان مِن وجوه عنه .

وقال فيه الدارقطني : صالح الحديث .

نعم ، أمّا ابن خزيمة فقال : لا أحتجّ بمقاتل بن حيّان .

قلت : مات قبل الخمسين ومئة فيما أرى )(١) .

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٤ : ١٧١ ـ ١٧٢/ ٨٧٣٩ .

٢٦١

مقاتل بن سليمان

ومنهم : مقاتل بن سليمان ، الذي قيل : إنّ النّاس كلّهم عيال عليه في التفسير ، ووصَفه الأعلام بالأوصاف الجليلة(١) .

لكنّ تفسيره مشحونٌ بالأخبار المصنوعة والآثار الموضوعة ، بل إنّه مُتّخذ مِن اليهود والنصارى .

وكان هو مِن المشبّهة الذين يُشبّهون الباري تعالى بالمخلوقين ، ومنهم مَن نسبه إلى الكذِب... وقد جاء التصريح بهذهِ الأضاليل في تراجمه على لسان الأكابر ، ففي( ميزان الاعتدال ) ما نصّه :

( قال أبو حنيفة : أفرط جهم في نفي التشبيه حتّى قال إنّه تعالى ليس بشيء ، وأفرط مقاتل ـ يعني في الإثبات ـ حتّى جعله مثل خلقه ، وقال وكيع : كان كذّاباً ، وقال البخاري : قال سفيان بن عيينة : سمعت مقاتلاً يقول : إنْ لم يخرج الدجّال في سنة خمسين ومئة فاعلموا أنّي كذّاب ، وقال الجوزَجاني : كان دجّالاً جسوراً ، وقال ابن حبّان : كان يأخذ عن اليهود والنصارى مِن علم القرآن الذي يُوافق كُتبهم ، وكان يشبّه الربّ بالمخلوق ، وكان يكذِب في الحديث .

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٤ : ١٧٣/ ٨٧٤١ .

٢٦٢

وقال أبو معاذ الفضل بن خالد المروزي : سمِعت خارجة بن مصعب يقول : لم أستحلّ دمَ يهوديّ ، ولو وجدْتّ مقاتل بن سليمان خلوةً لشقَقَتُ بطنه )(١) .

وفي( تنزيه الشريعة ) :

( مقاتل بن سليمان البلخي المفسّر : كذّاب ، وهو من المعروفين بوضع الحديث )(٢) .

وفي( تاريخ بغداد ) :

( قال إسحاق بن إبراهيم الحنظلي : أخرجَت خراسان ثلاثةً لم يكن لهم في الدنيا نظير ـ يعني في البِدعة والكذِب ـ : جهم بن صفوان ، وعمر بن صبيح ، ومقاتل بن سليمان .

وروى أبو يوسف أنّه قال : بخراسان صنفان ، ما على الأرض أبغض إليَّ منهما : المقاتليّة ، والجهميّة )(٣) .

فهذا حال من كلّ النّاس عيال عليه في التفسير ، وهذا حال تفسيره...

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٤ : ١٧٣ ـ ١٧٥/ ٨٧٤١ .

(٢) تنزيه الشريعة الغرّاء ١ : ١١٩ .

(٣) تاريخ بغداد ١٣ : ١٦٤/ ٧١٤٣ .

٢٦٣

السدّي الكبير

ومنهم : السدّي الكبير ، أخرج عنه مسلم والأربعة ، وأثنى عليه العلماء وعلى تفسيره :

وقال السيوطي :

( قال أبو بكر ابن أبي إدريس : ليس أحد بعد الصحابة أعلم بالقرآن من أبي العالية ، وبعده سعيد بن جُبير ، وبعده السدّي ، وبعده سفيان الثوري )(١) .

وقال اليافعي :

( الإمام السدّي المُفسّر الكوفي المشهور )(٢) ، وقال الذهبي : ( قال ابن عدي : هو عندي مستقيمُ الحديث ، صدوق )(٣) .

وقال السمعاني :

( والمشهور بهذه النسبة : إسماعيل بن عبد الرحمان بن أبي ذئب وقيل : ابن أبي كريمة السدّي الأعور ، مولى زينب بنت قيس بن مخرمة ، من بني عبد مناف ، حجازي الأصل ، سكن الكوفة ، يروي عن أنَس بن مالكرضي‌الله‌عنه وعبد خير وأبي صالح ، وقد رأى ابن عمر رضي الله عنهما ، وهو السدّيُّ

ـــــــــــــــــــ

(١) تدريب الراوي ٢ : ٤٠٠ .

(٢) مرآة الجنان ١ : ٢١١ السنة ١٢٧ .

(٣) تذهيب التهذيب تهذيب التهذيب ١ : ٢٧٣ .

٢٦٤

الكبير ، ثقةٌ مأمون .

روى عنه : الثوري وشعبة وزائدة وسماك بن حرب وإسماعيل بن أبي خالد وسليمان التيمي .

ومات سنة سبع وعشرين ومئة ، في إمارة ابن هبيرة .

وكان إسماعيل بن أبي خالد يقول : السدّي أعلم بالقرآن من الشعبي .

قال أبو بكر أحمد بن موسى بن مردَويه الحافظ : إسماعيل بن عبد الرحمان السدّي ، يُكنّى أبا محمّد ، صاحب التفسير ، وإنّما سُمّي السدّي لأنّه نزل بالسدّة ، وكان أبوه مِن كِبار أهل أصبهان ، توفّي سنة سبع وعشرين ومئة ، في ولاية بني مروان .

روى عن أنَس بن مالك ، وأدرك جماعة من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، منهم : سعد بن أبي وقّاص ، وأبو سعيد الخدري ، وابن عمر ، وأبو هريرة ، وابن عبّاس .

حدّث عنه : الثوري وشعبة وأبو عوانة والحسن بن صالح .

قال ابن أبي حاتم : إسماعيل بن عبد الرحمان السدّي الأعور ، مولى زينب بنت قيس بن مخرمة ، أصله حجازي ، يُعدّ في الكوفيّين ، وكان شريك يقول : ما ندمت على رجلٍ لقيتَه أنْ لا أكون كتبتُ كلّ شيء لَفظَ به ، إلاّ السدّي .

قال يحيى بن سعيد : ما سمعت أحداً يذكر السدّي إلاّ بخير ، وما تركه أحد )(١) .

وفي( الإتقان ) نقلاً عن الحليمي فيالإرشاد :

ـــــــــــــــــــ

(١) الأنساب ٣ : ٢٣٨ ـ ٢٣٩ .

٢٦٥

 ( وتفسير إسماعيل السدّي يُورده بأسانيد إلى ابن مسعود وابن عبّاس ، وروى عن السدّي الأئمّة مثل : الثوري وشعبة ، لكن التفسير الذي جَمَعه رواه عنه أسباط بن نصر ، وأسباط لم يتّفقوا عليه ، غير أنّ أمثل التفاسير تفسير السدّي )(١) .

ومع ذلك كلّه... فإليك بعض الكلمات في جرحِه والطعن عليه في كُتبهم :

ففي( الميزان ) :

( إسماعيل بن عبد الرحمان بن أبي كريمة ، السدّي ، الكوفي ، عن أنَس وعبد الله البهيّ وجماعة ، وعنه : الثوري وأبو بكر ابن عيّاش وخلق ورأى أبا هريرة .

قال يحيى بن القطّان : لا بأس به ، وقال أحمد : ثقة ، وقال ابن معين : في حديثه ضَعف ، وقال أبو حاتم : لا يُحتجّ به ، وقال ابن عدي : هو عندي صدوق ، وروى شريك عن سَلْم بن عبد الرحمان قال : مرّ إبراهيم النخعي بالسدّي وهو يُفسّر لهم القرآن فقال : أمّا إنّه يُفسّر تفسير القوم .

قال عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت : سمعت الشعبي وقيل له إنّ إسماعيل السدّي قد أُعطيَ حظّاً من علمِ القرآن ، فقال : قد أُعطي حظّاً مِن جهلٍ بالقرآن .

وقال الفلاّس عن ابن مهدي : ضعيف .

ـــــــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ٢٣٨ .

٢٦٦

وقال الجوجاني عن مُعتمر عن ليث قال : كان بالكوفة كذّابان ، فمات أحدهما : السدّي والكلبي )(١) .

وفي( الكاشف ) :

( قال أبو حاتم : لا يُحتجّ به )(٢) .

وفي هامشه للبدخشي : ( قال السعدي : هو كذّاب شتّام ، وقال أبو زرعة : ليّن )(٣) .

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الإعتدال ١ : ٢٣٦ ـ ٢٣٧/ ٩٠٧ .

(٢) الكاشف عن أسماء رجال الكتب الستّة ١ : ٧٩/ ٣٩٤ .

(٣) الحاشية على الكاشف ـ مخطوط .

٢٦٧

محمّد بن السّائب الكلْبي

ومنهم : محمّد بن السائب الكلبي ( صاحب التفسير وعلم النسب ، كان إماماً في هذين العلمين )(١) .

وأخرج عنه الترمذي وغيره مِن كبار الأعلام(٢) .

وقال ابن عدي :

( وللكلبي غير ما ذكرت أحاديثٌ صالحة ، خاصّة عن أبي صالح ، وهو معروف بالتفسير ، وليس لأحدٍ تفسير أطول منه ولا أشبع منه ، وبعده مقاتل بن سليمان ، إلاّ أنّ الكلبي يُفضِّل على مقاتل بن سليمان ، لما قيل في مقاتل مِن المذاهب الرديّة .

وحدّث عن الكلبي الثوري وشعبة ، وإنْ كانا حدّثنا عنه بالشيء اليسير غير المسند ، وحدّث عنه : ابن عيينة وحمّاد بن سلمة وهشيم وغيرهم من ثقات الناس ، ورضوه في التفسير... )(٣) .

( وقال الحسن بن عثمان القاضي : وجدت العلم بالعراق والحجاز ثلاثة : علم أبي حنيفة وتفسير الكلْبي ومغازي محمّد بن إسحاق )(٤) .

وقال البزدوي :

ـــــــــــــــــــ

(١) وفيات الأعيان ٤ : ٣٠٩/ ٦٣٤ .

(٢) تهذيب التهذيب ٩ : ١٥٧ .

(٣) تهذيب الكمال ٢٥ : ٢٥١ ـ ٢٥٢/ ٥٢٣٤ .

(٤) تاريخ بغداد ١٣ : ٣٤٧/ ٧٢٩٧ .

٢٦٨

 ( ليس من اتّهم بوجهٍ مّا يسقط به كلّ حديثه ، مثل الكلبي وأمثاله... )(١) .

فقال شارحه بشرح هذه الجملة :

( قوله : مثل الكلبي : هو أبو سعيد محمّد بن السائب الكلبي صاحب التفسير ويُقال له أبو النضر أيضاً ، طعنوا فيه بأنّه يروي تفسير كلّ آية عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتُسمّى زوائد الكلبي ، وبأنّه روى حديثاً عند الحجّاج ، فسأله عمّن يرويه ، فقال : عن الحسن بن عليّ ( رضي الله عنهما ) ، فلمّا خرج قيل له : هل سمعت ذلك من الحسن ؟ فقال : لا ، ولكنّي رويت عن الحسن غيظاً له .

وذَكر في الأنساب أنّ الثوري ومحمّد بن إسحاق يرويان عنه ويقولان : حدّثنا أبو النضر، حتّى لا يعرف .

قال : وكان الكلبي سبائيّاً من أصحاب عبد الله بن سبأ ، مِن أولئك الّذين يقولون : إنّ عليّاً لم يمت ، وأنّه راجعٌ إلى الدنيا قبل قيام السّاعة ، فيملؤها عدلاً كما مُلِئت جوراً ، وإذا رأوا سحابة قالوا : أمير المؤمنين فيها ، والرعد صوته ، والبرق سوطه ، حتّى تبرّأ واحدٌ منهم وقال :

ومِن قَومٍ إذا ذَكَروا عليّاً

يصلّون الصّلاة على السحابِ

مات الكلبي سنة ستٍّ وأربعين ومئة .

وأمثاله : مثل عطاء بن السائب وربيعة بن عبد الرحمان وسعيد بن أبي عروبة وغيرهم ، اختلطت عقولهم فلم تُقبل رواياتهم التي بعد الاختلاط ، وقُبلت الروايات التي قبله .

فإنْ قيل : ما نُقل عن الكلبي يوجب الطعن عامّاً ، فينبغي أنْ لا تُقبل

ـــــــــــــــــــ

(١) أُصول الفقه ( متن كشف الأسرار ) ٣ : ٧٢ .

٢٦٩

رواياته جميعاً .

قلنا : إنّما يُوجب ذلك إذا ثبت ما نقلوا عنه بطريقِ القطع ، فأمّا إذا اتّهم به ، فلا يثبت حكمه في غير موضع التهمة ، وينبغي أنْ لا يثبت في موضع التهمة أيضاً ، إلاّ أنّ ذلك يورث شبهةً في الثبوت ، وبالشبهةِ تُرَدُّ الحجّة وينتفي ترجّح الصدق في الخبر ، فلذلك لم يثبت .

أو معناه ليس كلّ مَن اتّهم بوجهٍ ساقطُ الحديث ، مثل الكلبي وعبد الله بن لهيعة والحسن بن عمارة وسفيان الثوري وغيرهم ، فإنّه قد طعن في كلّ واحدٍ منهم بوجه ، ولكن علوّ درجتهم في الدّين وتقدّم رتبتهم في العلم والورع ، منع مِن قبول ذلك الطعن في حقّهم ومِن ردّ حديثهم به ، إذ لو رُدّ حديثُ أمثال هؤلاء بطعنِ كلّ أحد ، انقطع طريق الرواية واندرسَ الإخبار ، إذ لم يُوجد بعد الأنبياءعليهم‌السلام مَن لا يُوجد فيه أدنى شيء ممّا يجرح ، إلاّ مَن شاء الله تعالى ، فلِذلك لم يُلتَفت إلى مثل هذا الطعن ، فيُحمل على أحسن الوجوه ، وهو قصد الصيانة كما ذكر )(١) .

وقال القاضي العامري في كتاب( الناسخ والمنسوخ ) :

( قد خرّجتُ هذا من التفاسير التي سمعتها مِن الأئمّة رحمهم الله ، منها ما سمعت مِن الأستاذ الإمام أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد الإسفرايني رحمه الله ، مثل تفسير مقاتل بن سليمان والحلَبي والكلْبي... ولم أعتمد إلاّ بما صحّ عندي بتواتر واستفاضة ، أو رُوي في الصحاح بغير طعنِ الطاعنٍ ، والله الموفّق لذلك )(٢) .

لكن العجب ، أنّ أئمّة القوم يطعنون في الكلْبي وتفسيره ، فمنهم مَن

ـــــــــــــــــــ

(١) كشف الأسرار ـ شرح أُصول البزدوي ٣ : ٧٢ ـ ٧٣ .

(٢) الناسخ والمنسوخ للقاضي العامري ـ مقدّمة الكتاب .

٢٧٠

يقول هو كاذب ، ومنهم مَن ينادي بضلالته وإلحاده ، ومنهم مَن يحرّم أنْ يُنظر في تفسيره...

قال الذهبي في( ميزان الإعتدال ) :

( قال أحمد بن زهير لأحمد بن حنبل : يحلّ النظر في تفسر الكلْبي ؟ قال : لا .

عبّاس عن ابن معين قال : الكلْبي ليس بثقة ، وقال الجوزجاني وغيره : كذّاب ، وقال الدارقطني وجماعة : متروك ، وقال ابن حبّان : مذهبه في الدين ووضوح الكذِب فيه ، أظهر مِن أنْ يحتاج إلى الإغراق في وصفه )(١) .

وفي( تذكرة الموضوعات ) :

( قد قال أحمد في تفسير الكلْبي : مِن أوّله إلى آخره كذب ، لا يحلُّ النظر فيه )(٢) .

عليّ بن أبي طلحة

ومنهم : عليّ بن أبي طلحة ، وهو مِن رواة تفسير ابن عبّاس ، ووصَف السيوطي نسخته بالجودة ، وأورد كلاماً لأحمد في الاعتماد عليه .

قال في( الإتقان ) :

( وقد ورد عن ابن عبّاس في التفسير ما لا يُحصى كثرةً ، وفيه رواياتٌ وطرقٌ مختلفة ، فمن جيّدها طريق عليّ بن أبي طلحة الهاشمي عنه .

قال أحمد بن حنبل : بمصر صحيفة في التفسير ، رواها عليّ بن أبي طلحة ، لو رحَل رجلٌ فيها إلى مصر قاصداً ما كان كثيراً أسنده أبو جعفر النحاس في ناسخه.

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٣ : ٥٥٨ ـ ٥٥٩/ ٧٥٧٤ .

(٢) تذكرة الموضوعات : ٨٢ .

٢٧١

قال ابن حجر : وهذه النسخة كانت عند أبي صالح كاتب الليث، رواها عن معاوية بن صالح ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عبّاس ، وهي عند البخاري عن أبي صالح، وقد اعتمد عليها في صحيحه كثيراً ، فيما يعلّقه عن ابن عبّاس ، وأخرج منها ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر كثيراً ، بوسائط بينهم وبين أبي صالح )(١) .

لكنّ المشكلة هي :

أوّلاً : إنّ في إسناد هذه النسخة إرسالاً ؛ لأنّ ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عبّاس ، قال في( الإتقان ) :

ـــــــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ٢٣٧ .

٢٧٢

 ( وقال قومٌ : لم يسمع ابن أبي طلحة من ابن عبّاس التفسير ، إنّما أخذه عن مجاهد أو سعيد بن جُبير )(١) .

لكنّ ابن حجر يحاول دفع هذا الإشكال ، قال السيوطي :

( قال ابن حجر : بعد أنْ عرفت الواسطة وهو ثقةٌ ، فلا ضير في ذلك )(٢) .

وثانياً : إنّ الرجل مطعون في وثاقته ، ففي( ميزان الإعتدال ) للذهبي :

( عليّ بن أبي طلحة ، عن مجاهد وأبي الوداك وراشد بن سعد ، وأخذ تفسير ابن عبّاس عن مُجاهد ، فلم يذكر مجاهداً ، بل أرسله عن ابن عبّاس .

قال أحمد بن محمّد بن عيسى في تاريخ حمص : اسم أبيه سالم بن مخارق ، فأعتقه العبّاس ، ومات عليّ سنة ثلاث وأربعين ومئة ، وقال أحمد بن حنبل : له أشياء مُنكرات ، وقال أبو داود : كان يرى السيف ، وقال النسائي : ليس به بأس .

قلت : حدّث عنه معاوية بن صالح وسُفيان الثوري ، عداده في أهل حمص ، قال دحيم : لم يَسمع عليّ بن أبي طلحة التفسير من ابن عبّاس .

قلت : روى معاوية بن صالح عنه ، عن ابن عبّاس تفسيراً كبيراً ممتعاً )(٣) .

وفي( حاشية الكاشف ) :

( قال يعوب بن سفيان : ضعيفُ الحديث ، يعني عليّ بن أبي طلحة )(٤) .

ـــــــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ٢٣٧ .

(٢) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ٢٣٧ .

(٣) ميزان الاعتدال ٣ : ١٣٤/ ٥٨٧٠ .

(٤) حاشية الكاشف ـ مخطوط .

٢٧٣

وثالثاً : إنّ هذه النسخة يرويها أبو صالح عن معاوية بن صالح ، وهو أيضاً مجروحٌ جدّاً ، قال في( الميزان ) :

( معاوية بن صالح الحضرمي الحمصي ، قاضي الأندلس ، أبو عمرو ، روى عن مكحول والكبار ، وعنه : ابن وهب وعبد الرحمان بن مهدي وأبو صالح وطائفة وثّقه أحمد وأبو زرعة وغيرهما .

وكان يحيى القطّان يتعنّت ولا يرضاه ، وقال أبو حاتم : لا يُحتجّ به ، ولذا لم يُخرّج له البخاري ، وليّنه ابن معين... )(١) .

ورابعاً : إنّ أبا صالح ـ كاتب الليث ـ أيضاً غير صالح قال في( الميزان ) :

( عبد الله بن صالح بن محمّد بن مسلم الجهني المصري ، أبو صالح ، كاتب الليث بن سعد على أمواله ، هو صاحب حديث وعلم مكثر ، وله مناكير ، حدّث عن معاوية بن صالح والليث وموسى بن عليّ وخلقٌ ، وعنه شيخه الليث وابن وهب وابن معين وأحمد بن الفرات ، والناس .

قال عبد الملك بن شعيب بن الليث : ثقةٌ مأمون ، سمع من جدّي حديثه ، وقال أبو حاتم : سمعت محمّد بن عبد الله بن عبد الحكم وسُئل عن أبي صالح فقال : تسألني عن أقرب رجلٍ إلى الليث ، لزِمه سفَراً وحضَراً ، وكان يخلو معه كثيراً ، لا يُنكر لمثله أنْ يكون قد سمع منه كثرةَ ما أخرج عن الليث .

وقال أبو حاتم : سمعت ابن معين يقول : أقلّ أحواله أنْ يكون قرأ هذهِ الكُتب على الليث وأجازها له ، ويُمكن أنْ يكون ابن أبي ذئب كتب إليه بهذا الدرج .

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٤ : ١٣٥/ ٨٦٢٤ .

٢٧٤

قال : وسمعت أحمد بن صالح يقول : لا أعلم أحداً روى عن الليث عن ابن أبي ذئب إلاّ أبو صالح.

وقال أحمد بن حنبل : كان أوّل أمره مُتماسكاً ثمّ فسد بآخره ، يَروي عن ليث عن ابن أبي ذئب ، ولم يسمع الليث من ابن أبي ذئب شيئاً .

وقال أبو حاتم : هو صدوقٌ أمينٌ ما علِمته ، وقال أبو زرعة : لم يكن عندي ممّن يتعمّد الكذب ، وكان حسنُ الحديث ، وقال أبو حاتم : أخرج أحاديثَ في آخر عمره أنكروها عليه ، يرى أنّها ممّا افتعل خالد بن نجيح ، وكان أبو صالح يصحبه ، وكان سليم الناحية ، لم يكن وزن أبي صالح الكذب ، كان رجلاً صالحاً ، وقال أحمد بن محمّد [بن] الحجّاج بن رشدين : سمعت أحمد بن صالح يقول : متّهمٌ ليس بشيء ـ يعني الحمراوي عبد الله بن صالح ـ ، وسمعت أحمد بن صالح يقول في عبد الله بن صالح ، فأجروا عليه كلمةً أُخرى .

وقال ابن عبد الحكم : سمعت أبي عبد الله يقول ما لا أُحصي وقد قيل له : إنّ يحيى بن بكير يقول في أبي صالح شيئاً ، فقال : قل له : هل حدّثك الليث قطّ إلاّ وأبو صالح عنده ، وقد كان يخرج معه إلى الأسفار وهو كاتبه ، فتنكر أنْ يكون عنده ما ليس عند غيره .

وقال سعيد بن منصور : كلّمني يحيى بن معين قال : أحبّ أنْ تمسك عن عبد الله بن صالح، فقلت: لا أمسك عنه وأنا أعلم النّاس به ، إنّما كان كاتباً للضِياع .

وقال أحمد : كتب إليّ ـ وأنا بحمص ـ يسألني الزيارة .

قال الفضل بن محمّد الشعراني : إنّي ما رأيت أبا صالح إلاّ وهو يُحدّث أو يُسبّح .

قال صالح جَزَرة : كان ابن معين يوثّقه ، وهو عندي يكذِب في الحديث ، وقال النسائي : ليس بثقةٍ ، يحيى بن بكير أحبّ إلينا منه ، وقال ابن المديني : لا أروي عنه شيئاً ، وقال ابن حبّان : كان في نفسه صدوقاً ، إنّما وقعَت المناكير في حديثه من قِبل جارٍ له ، فسمعتُ ابن خزيمة يقول : كان له جار ، كان بينه وبينه عداوة ، كان يضع الحديث على شيخ أبي صالح ويكتبه بخطٍّ يشبه خطَّ عبد الله ويرميه في داره بين كتبه ، فيتوهّم عبد الله أنّه خطّه فيُحدّث به .

وقال ابن عدي : هو عندي مستقيمُ الحديث ، إلاّ أنّه يقع في أسانيده ومتونه غلطٌ ولا يتعمّد .

٢٧٥

قلت : وقد روى عنه البخاري في الصحيح على الصحيح ، ولكنّه يدلّسه فيقول : ثنا عبد الله ولا ينسبه وهو هو، نعم علّق البخاري حديثاً فقال فيه : قال الليث بن سعد : حدّثني جعفر بن ربيعة ، ثمّ قال في آخر الحديث : حدّثني عبد الله بن صالح ، ثنا الليث ، فذكره ، ولكن هذا عند ابن حمويه السرخسي دون صاحبيه .

وفي الجملة ؛ ما هو بدون نعيم بن حمّاد ، ولا إسماعيل بن أبي أُويس ، ولا سويد بن سعيد ، وحديثهم في الصحيحين ، ولكلّ منهم مناكير تغتفر في كثرة ما روى ، وبعضها منكر واهٍ ، وبعضها غريبٌ محتمل .

وقد قامت القيامة على عبد الله بن صالح بهذا الخبر الذي قال : حدّثنانافع بن يزيد ، عن زهرة بن معبد ، عن سعيد بن المسيّب ، عن جابر، مرفوعاً : ( إنّ الله اختار أصحابي على العالمين ، سوى النبيّين والمرسلين ، واختار مِن أصحابي أربعة : أبا بكر ، وعُمر ، وعثمان ، وعليّاً ، فجعلهم خيرَ أصحابي ، وفي أصحابي كلّهم خير ) .

قال سعيد بن عمرو ، عن أبي زرعة : بُلي أبو صالح بخالد بن نجيح ، في حديث زهرة بن معبد عن سعيد ، وليس له أصل .

قلت : قد رواه أبو العبّاس محمّد بن أحمد الأثرم... )(١) .

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٢ : ٤٤٠ ـ ٤٤٢/ ٤٣٨٣ .

٢٧٦

سعيد بن بشير

ومنهم : سعيد بن بشير، صاحب قتادة ، من رجال السنن الأربعة ، وهذه ترجمته في( الميزان ) :

( سعيد بن بشير ، صاحب قتادة ، سكن دمشق ، وحدّث عن قتادة والزهري وجماعة ، وعنه : أبو مسهر وأبو الجماهر ويحيى الوحاظي ، قال أبو مسهر : لم يكن في بلدنا أحفظ منه ، وهو مُنكَر الحديث ، وقال أبو حاتم : محلّه الصّدق ، وقال البخاري : يتكلّمون في حفظه ، وقال بقيّة : سألت شعبة عنه فقال : ذاك صدوق اللّسان ، وقال عثمان عن ابن معين : ضعيف .

وقال عبّاس عن ابن معين : ليس بشيء ، وقال الفلاّس : حدّثنا عنه ابن مهدي ثمّ تركه ، وقال النسائي : ضعيف ، وقال ابن الجوزي : قد وثّقه شعبة ودحيم ، وقال ابن عيينة : حدّثنا سعيد بن بشير وكان حافظاً ، وقال أبو زرعة النصري : قلت لأبي الجماهر : كان سعيد بن بشير قدريّاً ؟ قال : معاذَ الله ، وسمعت أبا مسهر يقول : أتيتُ سعيداً أنا ومحمّد بن شعيب فقال : والله لا أقول إنّ الله يُقدّر الشر ويعذّب عليه ، ثمّ قال : أستغفر الله ، أردتُّ الخير فوقعت في الشرّ ) .

( قال يعقوب الفسوي : سألت أبا مسهر عن سعيد بن بشير فقال : لم يكن في جندنا أحفظ منه ، وهو ضعيفٌ ، مُنكَر الحديث وقال ابن نمير : يروي عن قتادة المُنكرات .

وذكره أبو زرعة في الضعفاء وقال : لا يحتجّ به ، وكذا قال أبو حاتم ) .

( ولسعيد تفسير رواه عنه الوليد .

قال ابن عدي : لا أرى بما يَروي بأساً ، ولعلّه يهم ويغلط .

وله عند أهل دمشق تصانيف ، رأيت له تفسيراً مصنّفاً ، والغالب عليه الصدّق .

قيل : ماتَ سنة ثمانٍ وستّين ومئة )(١) .

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٢ : ١٢٨ ـ ١٣٠/ ٣١٤٣ .

٢٧٧

الفريابي

ومنهم : الفريابي... فإنّه وإنْ مُدِح ووثِّق ، كما في( الوافي بالوفيات ) حيث قال :

( محمّد بن يوسف بن واقد ، أبو عبد الله الفريابي ، ولد سنة ١٢٠ ، كان عالماً زاهداً ورِعاً ، من الطبقة السادسة ، قال : رأيتُ في المنام أنّي دخلت كرْماً فيه عِنب ، فأكلت من عنبه كلّه إلاّ الأبيض ، فقصَصْتُ رؤياي على سُفيان الثوري فقال : تُصيب مِن العلوم كلّها ، إلاّ الفرائض فإنّها جوهر العلم ، كما أنّ العِنب الأبيض جوهر العنب ، وكان كما قال .

روى عن الثوري وغيره وروى عنه الإمام أحمد وغيره قال البخاري : كان الفريابي مِن أفضل أهل زمانه ، وكان ثقة صدوقاً مجاب الدعوة ، توفّي سنة اثنتي عشرة أو ثلاث عشرة ومئتين )(١) .

ومع هذا ، فقد أورده الذهبي في( الميزان ) ، وحكى عن يحيى بن معين أنّه حكم على بعض أحاديثه بالبطلان ، وعن العجلي أنّ الفريابي أخطأ في مئةٍ وخمسينَ حديثاً(٢) .

ـــــــــــــــــــ

(١) الوافي بالوفيات ٥ : ٢٤٣/ ٢٣١٠ .

(٢) ميزان الاعتدال ٤ : ٧١ ـ ٧٢/ ٨٣٤٠ .

٢٧٨

عثمان بن أبي شيبة

ومنهم : عثمان بن أبي شيبة .

قال اليافعي في( تاريخه ) :

( الحافظ عثمان بن أبي شيبة العبْسي الكوفي ، وكان أسنّ مِن أخيه أبي بكر رحل وطوّف ، وصنّف التفسير والمسند ، وحضر مجلسه ثلاثونَ ألفاً )(١) .

وقال الذهبي في( الميزان ) :

( خ م د ق ـ عثمان بن أبي شيبة ، أبو الحسن ، أحد أئمّة الحديث الأعلام ، كأخيه أبي بكر )(٢) .

ومع ذلك ، فقد تُكلّم فيه مِن جهات ، قال في( الميزان ) :

( قال عبد الله : وقلت لأبي : حدّثنا عثمان ، ثنا جرير ، عن شيبة بن نعامة ، عن فاطمة بنت حسين بن عليّ ، عن فاطمة الكبرى ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( لكلّ بني أب عُصبةٌ ينتمون إليه ، إلاّ وِلد فاطمة ، أنا عُصبتهم ) .

وقلت له : حدّثنا عثمان ، ثنا أبو خالد الأحمر ، عن ثور بن يزيد ، عن أبي الزبير ، عن جابر عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( تسليم الرجل بأصبع واحد ، يشير بها فعل اليهود ) .

فأنكر أبي هذه الأحاديث مع أحاديث من هذا النحو، أنكرها جدّاً، وقال:

ـــــــــــــــــــ

(١) مرآة الجنان ٢ : ٩٢ السنة ٢٣٩ .

(٢) ميزان الاعتدال ٣ : ٣٥/ ٥٥١٨ .

٢٧٩

هذه موضوعة أو كأنّها موضوعة .

وقال أبي : أبو بكر أخوه ، أحبّ إليّ مِن عثمان ، فقلت : إنّ يحيى بن معين يقول : إنّ عثمان أحبّ إليّ ، فقال أبي : لا .

ورواها أبو عليّ ابن الصواف ، عن عبد الله ، عن أبيه وزاد فقال : ما كان أخوه أبو بكر يُطَنِّف نفسه لشيء مِن هذه الأحاديث ، نسأل الله السلامة .

وقال : كنّا نراه يتوهّم هذه الأحاديث )(١) .

( قال يحيى : ثقةٌ مأمون قلت : إلاّ أنّ عثمان كان لا يحفظ القرآن فيما قيل ، فقال أحمد بن كامل : ثنا الحسن بن الحباب : أنّ عثمان بن أبي شيبة قرأ عليهم في التفسير :( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ ) قالها : ألف لام ميم )(٢) .

( قلت : لعلّه سبْق لسان ، وإلاّ فقطعاً كان يحفظ سورة الفيل ، وهذا تفسيره قد حمله النّاس عنه )(٣) .

وقال السيوطي في( تدريب الراوي ) :

( أورد الدارقطني في كتاب التصحيف كلّ تصحيفٍِ وقعَ للعلماء ، حتّى في القرآن ، من ذلك ما رواه أنّ عثمان بن أبي شيبة قرأ على أصحابه في التفسير : (وجعل السفينة في رجل أخيه فقيل له : إنّما هو( جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ) . فقال : أنا وأخي أبو بكر لا نقرأ لعاصم قال : وقرأ عليهم في التفسير

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٣ : ٣٦/ ٥٥١٨ .

(٢) ميزان الاعتدال ٣ : ٣٧/ ٥٥١٨ .

(٣) ميزان الاعتدال ٣ : ٣٧/ ٥٥١٨ .

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456