استخراج المرام من استقصاء الإفحام الجزء ٢

استخراج المرام من استقصاء الإفحام13%

استخراج المرام من استقصاء الإفحام مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 456

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 456 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 227259 / تحميل: 8339
الحجم الحجم الحجم
استخراج المرام من استقصاء الإفحام

استخراج المرام من استقصاء الإفحام الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

ولعن الله أمّة قتلتکم ف ولعن الله الممهدين لهم

بالتمکين من قتالکم

الظاهر من القاتل من باشر القتل، ويمکن ان يندرج فيه مطلق من يسعی فيه بل مطلق من يرضي به کما في بعض الاخبار.

والممهد علی بنائ الفاعل المهيئ للاسباب والمسهل للامور في کل باب واصله من المهد وهو موضوع يهيا للصبي ويوطا(١) ، والتمکين اعطاء المکنة والتمکين من الفعل وعدم المنع منه بل المساعدة عليه، والمراد بهم هنا رؤساء الجور الذين نصبوا العداوة لاهل بيت وحرضوا اتباعهم علی قتالهم وهيئوا لهم اسباب قتلهم ببذل الاموال واعداد الرجال والحث علی القتال، ويحتمل ان يراد بهم الاتباع والراعية فانه لولا اجتماعهم علی متابعة هؤلاء الطواغيت الفجرة الکفرة وملازمتهم لانقياد اوامرهم لمل حصلت لهم هذه المکنة والسلطنة والقدرة علی مقاتله آل الله المعصومين المخصوصين برسول الله، وفي حديث الخيط وجابر عن الباقر عليه السلام قال : (يا جابر ما ظنک بقوم اماتوا سنتنا وضيعوا عهدنا ووالوا اعدئنا وانتهکوا حرمتنا وظلمونا حقنا وغصبونا ارثنا واعانوا الظالمين علينا واحيوا سنتهم وساروا بسيرة الفاسقين الکافرين في فساد الدين واطفاء نور الحق)(٢) .

__________________

١ ـ راجع المصباح امنير للفيومي ص ٥٨٢.

٢ ـ هذا مقطع من حديث الخيط الذي رواه جابر بن عبدالله الانصاري واخرجه الطبري في نوادر المعجزات ص١٣٥، ح١٢، وفي مدينة المعاجز ج٤، ص٤٣٢، ح١٥٧، والمجلسي في البحار ج٢٦، ص ١٢، والبرسي في مشارق انوار اليقين ص ٨٩، واليک ملخصه :

٦١

برئت إلى الله وإليکم منهم، وأشياعهم وأتباعهم وأوليائهم

للايمان جناحان : موالاة أهل بيت النبوة ومعاداة اعدائهم وهي المعتبر عنها بالبراءة، فکما لا يکون ايمان بدون الولاية کذلک لايکون بدون البراءة(١) .

ويحتمل ان يراد بها مطلق الخلو عن محبة اعدائهم فان مع محبتهم لا يتم الولاية کما قال : (صديق عدوي داخل في عداوتي)(٢) .

وفي التنزيل : (ومن يتولهم منکم فانه منهم)(٣) ، وفي حديث المختار : (والذي بعث محمّداً بالحق لو ان جبرئيل وميکائيل کان في قلبهما شيء ـ أي من محبة الشيخين ـ لاکبهما الله في النار علی وجوههما)(٤) ، ومن في منهم

__________________ ـ

(ان بنب مروان لما کثر استقصاهم بشيعة علي بن الحسين عليهم السلام شکو اليه حالهم فدعا الباقرعليه السلام واخرج اليهم حقا فيه خيط اصفر وامره ان يحر تحريکا لطيفا فصعد السطح وحرکه، واذا بالارض ترجف وبيوت المدينة تساقطت حتی هوی من المدينة ستمائه دار، واقبل الناس هاربين اليه يقولون : اجرنا يابن رسول الله، اجرنا يا ولي الله، فقال : هذا دابنا ودابهم يستنقصون بنا ونحن نفنيهم ...).

١ ـ قال السيد عبدالله شبر في شرح الزيارة الجامعة ص ١٥٢، ط : مکتبة الامين : (... ان الايمان بهم عليهم السلام لا يتم الامع الکفر بعدوهم والبراءة منه، وان حبهم لا يجتمع مع حب اعدائهم، فان المحب من يحب اولياء المحبوب ويبغض اعدائه، وقد اشار الله تعالی إلى ذلك بقوله : (فمن يکفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسک بالعروة الوثقي).

٢ ـ اشارة إلى حديث الامام علي عليه السلام المروي في نهج البلاغة، قال : (اعداؤک ثلاثة : عدوک، وعدو صديقک، وصديق عدوک).

٣ ـ سورة المائدة : اية (٥١).

٤ ـ راجع السرائر لابن ادريس ج٣، ص ٥٦٧، والبحار ج٤٥، ص ٣٣٩، ح٥، والعوالم ص ٦٥٣، ح١٢.

٦٢

للمجاوزة کما في قوله تعالی : (فويل للقاسية قلوبهم من ذکر الله)(١) أي البراء من محبتهم مجاوزا عنهم إلى محبة الله ومحبتکم فتامل، ومن في قوله تعالی : (براءة من الله ورسوله)(٢) لابتداء الغاية أي هذه الايات براءة صدرت من الله تعالی. والاشياع : جمع الشيعة(٣) .

قال في (ق)(٤) : وشيعة الرجل بالکسر اتباعه وانصاره والفرقة علی حده وتقع علی الواحد والاثنين والجمع والمذکر والمؤنث إلى أنْ قال : والجمع اشياع وشيع کعنب، فاشياعهم واتباعهم مرادفان، ويمکن تخصيص الاول بالخواص والمتابعين لهم حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة، کما ان اشياع أهل البيت واتباعهم واوليائهم اولياء الله الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون(٥) .

وکيف کان فالمؤمن هو المؤمن بمقام آل الرسول المحب لهم بالسر والعلانية ومن کان کذلک فهو لا محالة محب من خالفکم، موال لکم ولاوليائکم، مبغض لاعدائکم)(٦) .

__________________

١ ـ سورة الزمر : اية (٢٢).

٢ ـ سورة برائة : اية(١) .

٣ ـ لسان العرب لابن منظور ج٧، ص ٢٥٨، وکذلک مختار الصحاح ص ٣٥٣.

٤ ـ قاموس المحيط للفيروز ابادي.

٥ ـ هذه شارة إلى الاية الکريمة في سورة يونس اية (٦٢) : (الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون).

روی علي بن إبراهيم القمي في تفسيره ج٢، ص ٥١، عن الامام الباقر عليه السلام قال : (رسول الله صلی الله عليه وآله علي عليه السلام وشيعته علی کثبان من المسک الاذفر علی منابر من نور، يحزن الناس ولا يحزنون، ويفزع الناس ولا يفزعون).

٦ ـ هذا مقطع من زيارة الجامعة المروية عن الامام الهادي عليه السلام.

٦٣

يا اباعبد الله، انّي سلمٌ لمن سالمکم، وحربٌ لمن حاربکم إلى

يوم القيامة

خص النداء بالحسين عليه السلام وعمم الخطاب لسائر أهل البيت لکونه سيد الشهداء والمظلومين مع احتمال الاختصاص في الخطاب أيضا تعضيما وتفخيما لشانه کما في قوله تعالی : (وانا له لحافظون)(١) وقوله تعالی : (يا ايها الذين امنو کلوا من طيبات ما رزقناکم)(٢) فان عادة العرب خطاب الواحد بالجمع لذلک. والسلم بالکسر المسالم المصالح الراضي بالحکم(٣) ، کما ان الحرب هو المحارب الذي لا يرضي بالحکم، وإلی هذا المعنی يرجع يرجع سائر المعاني کالمحبة والولاية والانقياد.

وکيف کان فهذا أيضا من الشرائط الايمان کما قال : (يا ايها الذين امنوا ادخلوا في السلم کافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لکم عدو مبين)(٤) روی أبو بصير عن الصادق عليه السلام انه قال له : اتدري ما السلم؟ قال : لا اعلم، قال : ولاية علي والائمة الاوصياء من بعده، قال : وخطوات الشيطان والله ولاية فلان وفلان(٥) .

__________________

١ ـ سورة الحجر : اية(٩) .

٢ ـ سورة البقرة : الاية (١٧٢). في الخطية والمطبوعةما ذکر الاية بدقة وانما قال : (يا ايها الرسل کلوا ...).

٣ ـ اشار إلى هذا المعنی أحمد بن فارس بن زکريا في کتابه اللغوي، معجم مقاييس اللغة.

٤ ـ سورة البقرة : اية (٢٠٨).

٥ ـ راجع تفسير علي بن إبراهيم القمي ج١، ص ٧٩، ط : الاعلمي.

٦٤

وفي کثير من الأخبار ان النبي صلی الله عليه وآله قال للحسين وابيه واخيه : (اني سلم لمن سالمکم وحرب لمن حاربکم)(١) .

قوله : إلى يوم القيامة أي أبدا دائما، فالغاية داخلة في حکم المغيا فالمسالمة مع المسالم، والمحاربة مع المحارب مستمرتان إلى آخر زمن [مع](٢) الامکان، هذا لو فسّرنا اللفظين بما يؤول إلى المحبة والعدوة، والا فلا سلم ولا حرب يوم القيامة.

__________________

١ ـ روی الحافظ رجب البرسي في مشارق انوار اليقين في اسرار أمير المؤمنين ص ٣١ وص ٥٣، ط : الاعلمي عن النبي صلی الله عليه وآله : (ياعلي حربک حربي وحرب علي حرب الله).

وروی الترمذي في ج٥، ص ٣٦٠ ط : بيروت دار الفکر، قال الرسول صلی الله عليه وآله لعلي وفاطمة والحسن والحسين : (انا حرب لمن حاربتم).

وايضا رواه الشيخ المفيد في الامالي ص ٢١٣.

٢ ـ بين المعقوفتين في النسخة الخطية غير موجود.

٦٥

ولعن الله آل زياد وآل مروان، ولعن الله بني أميّة قاطبة ،

ولعن الله ابن مرجانة، ولعن الله عمر بن سعدا، ولعن الله شمرا

انما استحقوا اللعن فهو البعد عن رحمة الله الواسعة والطرد(١) عن ساحة القرب لظلمهم آل محمّد الذين هم أبواب الرحمة(٢) ، وبعدهم عن مقام محبتهم عليهم السّلام الموجبة للقرب وابتلائهم بعداوتهم الداعية إلى صورته الجحيم والعذاب الدائم کما ان القرب صورته الجنة والثواب الدائم، وبعبارة اخری محبة آل محمّد حقيقتها النور وعداوتهم الظلمة المستلزمة للبعد عن مقام حقيقتهم التي هي صرف النور ونور النور، کما ان حقيقة اعدائهم ظلمات بعضها فوق بعض لا يشوبها نور.

وفي اضافة الاول إلى زياد، ومروان اشارة إلى کونهما المنشا لطغيانهم وظلمهم، والمربين لهم في ذلك کما قيل :

__________________

١ ـ قال الرازي في الصحاح : الاعن : هو الطرد والبعاد من الخير.

٢ ـ بل هم عليهم السلام أبواب الايمان أي لا يعرف الايمان الا منهم ولا يحصل بدون ولايتهم، بل هم امناء الرحمن، بل هم اولياء النعم الظاهرة والباطنة والدنيوية والخروية فان بهم تنزل البرکات وتمطر السماوات، وروی الاصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : (ما بال اقوام غيروا سنة رسول الله صلی الله عليه وآله وعدلوا عن وصيته لا يتخوفون ان ينزل بهم العذاب ثم تلا هذه الاية (الم تری إلى الذين بدلوا نعمة الله کفرا واحلوا قومهم دار البوار * جهنم) ثم قال : نحن النعمة التي انعم الله بها علی العباد وبنا يفوز من فاز). (راجع اصول الکافي ج ١، کتاب الحجة ح ١).

وعن أبي يوسف البزاز قال : هي اعظم نعم الله علی خلقه وهي ولايتنا) نفس المصدر ح٣.

٦٦

اذا کان رب الدار بادف مولعا(١)

فعادة أهل البيت کلهم رقص)

فهما(٢) داخلان في حکم اللعن بهذا اللفظ ايضا، کما ان فرعون داخل في حکم آل فرعون بلفظه، قوله قاطبة أي جميعا والاضافة للعهد فلا يردان منکم من کان متشبثا بولاية آل محمد صلی الله عليه وآله ومستحقا للرحمة قططعا علی ان المراد ببني امية يحتمل ان يکون کل من عادي أهل البيت وان لم ينتموا اليهم بحسب النسب الظاهري.

(وابن مرجانة) هو ابد زياد(٣) اللعين وتخصيصه بالذکر مع دخوله في العموم المتقدم(٤) لاکثيرية ظلمه وطغيانه کما لا يخفی علی من تتبع في وقائعه من معاداته لاهل بيت الرسول وحثه علی قتل الحسين واصحابه وبعثه عمر بن سعد(٥) ، وشمرا واشباههما إلى کربلاء لذلک، وهکته عترة الرسول في مجلسه بمکالمات فضيحة ومقالات قبيحة(٦) لعنه الله لعنا وبيلا أبدا دائما، ويعرف

__________________

١ ـ في بعض المصادر (راقصا).

٢ ـ (زياد ومروان).

٣ ـ هو عبيد الله بن زياد، ولده في البصرة سنة (٣١هـ). (راجع البيان والتبيان للجاحظ ج٢، ص١٣٠).

٤ ـ وهو (ال زياد).

٥ ـ ومن افعاله حاول ابن زياد اغراء عمر بن سعد لقيادة الجيش ضد الامام الحسين عليه السلام حيث وعده بملک الري، وامر بتوزيع الرواتب علی الجيوش التي خرجت لحرب الامام الحسين عليه السلام، وقتل ابن زياد مسلم بن عقيل وسبی نساء الحسين وفعل ما فعل ...) وللتفصيل راجع (الارشاد، واللهوف لابن طاووس، والخصائص الحسينية للشوشتري، ومقتل الحسين للمقرم).

٦ ـ ومن اقواله القبحية التي خاطب بها السيدة زينب عليها السلام :

٦٧

بالدعي فان أباه زياد بن سمية کانت امه سمية مشهورة بالزناء(١) ، وولد علی فراش أبي عبيد عبد بني علاج من ثقيف(٢) ، فادعی معاوية ان أبا سفيان زنا بام زياد فاولدها زيادا(٣) وانه اخوه فصار اسمه الدعی، وکانت تسمية زياد

__________________ ـ ـ ـ ـ

الحمى الله الذي فضحکم واکذب احدوثتکم!

فقالت زينب عليها السلام لابن زياد : إنّما يفتضح الفاسق ويکذب الفاجر وهوغيرنا.

وبعد الکلام قال لها ابن زياد : (لفد شفي الله قلبي من طاغيتک الحسين والعصاة المردة من أهل بيتک)!

(وللتفصيل راجع اللهوف ص ٢٠٠).

١ ـ ذکر ابن الاثير في الکامل ج٣، ص ٣٠٠، ط ١٩٧٨ بيروت : (ان سمية ام زياد کانت لدهقان زندورد بکسکر فمرض الدهقان فدعا الحارث بن کلدة الطبيب الثقفي فعالجه فبرئ فوهبه سمية فولدت عند الحارث ابابکرة واسمعه نفيع فلم يقر به ثم ولدت نافعا فلم يقر به ايضا، فلما نزل أبو بکرة إلى النبي صلی الله عليه وآله حين حضر الطائف قال الحارث لنافع : أنت ولدي وکان قد زوج سمية من غلام له اسمه عبيد وهو رومي فولدت له زيادا).

وقال المسعودي في مروج الذهب ج٣، ص٦ : (وکانت سمية من ذوات الرايات بالطائف وکانت تنزله= في محلة يقال لها حارة البغايا).

٢ ـ (قيل : اسمه عبيد الرومي).

٣ ـ وايضا قال ابن الاثير في نفس المصدر السابق : (کان أبو سفيان بن حرب سار في الجاهلية إلى الطاائف فنزل علی خمار يقال له أبو مريم السلولي فقال أبو سفيان لاي ميم : قد اشتهيت النساء فالتمس لي بغيا، قال له : هل لك في سمية؟ فقال : هاتها علی طول ثديها وذفر بطنها. فاتاه بها فوقع عليها فعلقت بزياد ثم وضعته، وهي کانت في ذمة زوجها الرومي، واراد معاوية بن أبي سفيان استلحاق زياد بأبي سفيان حيث اقام الشهود علی انه من أبي سفيان، وشهد أبو مريم السلولي علی انه شهد أبا سفيان وهو يتغشی سمية أيام الجاهلية).

٦٨

ابن ابيه، لانه ليس له اب معروف(١) .

قال صاحب کتاب الزام النواصب(٢) قال : وامّا عمر بن سعد فقد نسبوا أباه سعدا إلى غير ابيه، وانه رجل من بني عذرة وکان خدنا لامه(٣) ، ويشهد بذلك قول معاوية حين قال سعد له : انا احق بهذا الامر منک، فقال معاوية له : يابي عليك بنو عذرة وضرط له(٤) .

__________________

(وللزيادة راجع مروج الذهب ج٣، ص ٧، وکتاب الفرقة الناجية لسلطان الواعظين، ترجمة الاخ الفراتي).

١ ـ والبعض يسمونه ابن سمية، والبعض ابن عبيد، والبعض ابن ابيه.

٢ ـ الزام النواصب بامامة علي بن أبي طالب عليه السلام من المؤلفات المنسوبة إلى الشيخ مفلح بن الحسين بن راشد بن صلاح البحراني من اعلام القرن التاسع الهجري. وهذا الکتاب من مصادر بحار الانوار.

٣ ـ صاحبا لامه. لاحظ معجم مقاييس اللغة.

٤ ـ الزام النواصب ص ١٧١ وص ١٧٢، ط ١٤٢٠ تحقيق الشيخ عبدالرضا النجفي.

٦٩

ولعن الله أمّة أسرجت وألجمت وتنقّبت(١) وتهيات لقتالك

السرج(٢) واللجام(٣) معروفان واسرجت والجمت أي جعلوا السرج واللجام علی خيولهم ومراکبهم، والنقاب(٤) أيضا معروف هو الذي يبدو منه محجر العين، ومن عادة العرب التنقب أي اخذ النقاب عند المحاربات، وتهيات أي استعدت باعداد اسلحة الحرب ف والظاهر ان المراد بهم الاتباع من الجيوش والعساکر فانهم مستحقون اللعن کالرؤساء المشار اليهم(٥) ، ويحتمل التعميم للمبالغة، والتوفير في اللعن.

__________________

١ ـ في کامل الزيارات (تنقبت) غير موجودة.

٢ ـ قال الفيومي في المصباح ص ٢٧٢ : (سرج الدابة ف وتصغيره سريج، وجمعه (سروج) مثل فلس وفلوس، واسرجت والفرس بالالف شددت عليه سرجه أو عملت له سرجا).

٣ ـ قال الفيومي في المصباح ص ٥٤٩ : (اللجام للفرس قيل عربي وقيل معرب والجمع (لجم) مثل کتاب وکتب، وتلجمت المراة شدت اللجام في وسطها والجمت والفرس الجاما جعلت اللجام في فيه).

٤ ـ قال الثعالبي في فقه اللغة : (اذا دنت المراة نقابها إلى عينيها، فتلک : الوصوصة فاذا انزلته دون ذلك إلى الحجر، فهو النقاب).

٥ ـ في قوله : (لعن الله آل زياد وآل مروان وابن مرجانة وعمر بن سعد، وشمرا).

٧٠

(١) بأبي أنت وأمّي لقد عظم مصابي بك

هذا الترکيب مشتمل علی خبر مقدم ومبتدا مؤخر(٢) ، والباء للتفدية والمتعلق مفدي المحذوف، أو المستفاد من الحرف علی ما قيل، ولکن الظاهر ان الباء للتعدية کما يقال فديتک بنفسي حيث عدي إلى المفعول الاخر بالباء، فالفعل متعد إلى أحد المفعولين بالنفس وإلی النفس بالحرف، ومن هنا ربما يقال: إنّ هذا الترکيب في الاصل جملة فعلية أي (افديتک)(٣) بأبي وأمّي يعني اجعلهما فداء لك ووقاية لنفسک، فجعلت اسمية قصدا إلى الدوام والاستمرار کما في (الحمدالله)، فانت نائب عن الضمير المنصوب فالمراد بالمفدي المفدي له لانفس الفداء، ولا يلزم في الفداء ان يکون المفدي له أفضل منه کما في قوله : (وفديناه بذبح عظيم)(٤) حيث فسر الذبح العظيم بالحسين عليه السلام(٥) أي جعلنا قتله عليه السلام عوضا عن قتل إسماعيل عليه السلام، فلا يرد اشکال علی قوله عليه السلام في زيارة سائر الشهداء بأبي انتم وامي، علی ان هذا الترکيب کثير ما يستعمل في حق من يراد تعظيمه، واحترامه مطلقا من باب الکناية من غير ملاحظة معناه الوضعي کما في کثير الرماد(٦) وطويل النجاد(٧) .

__________________

١ ـ في زيارة عاشوراء المروية في کتاب کامل الزيارات لابن قولويه فيه قبل هذه الفقرة کلمة وهي (يا اباعبدالله).

٢ ـ المبتدا المؤخر هو (انت)، والخبر المقدم هو (بابي) يعني هکذا تکون (انت بأبي ...).

٣ ـ في النسخة الخطية (افديک) بدل افديتک.

٤ ـ سورة الصافات : اية (١٠٧).

٥ ـ راجع عيون اخبار الرضا عليه السلام باب ١٧، ص ٢٠٩، وراجع کتاب حول البکاء علی الامام الحسين عليه السلام للشيخ محمد علي دانيشار.

٦ ـ کثير الرماد : کناية عن کثرة الکرم والوجود.

٧ ـ طويل النجاد : کناية عن الشجاعة، کما قالت الخنساء في رثاء اخيها صخر :

٧١

وقد روي ان النبي صلی الله عليه وآله تکلم بهذه المقالة لبعض اصحابه في بعض غزاوة، هذا مع احتمال التعليم لشيعة في الزيارة، أو ارادة ان اولياء الحق يتحملون البلايا والزرايا لوقاية اشياعهم عن المکاره في الدنيا والاخرة. کما ورد في بعض الکلمات ان الحسين عليه السلام صار فداء للامة أي لتخليصهم عن النار بالشفاعة التي هي اجر الشهادة وتقديم الاب علی الام من باب تقديم الاعز الاشرف في مقام البذل کما في حديث علي عليه السلام في انفاقه الذهب قبل التبن(١) . وفي الفصل بين المعطوف عليه(٢) بالفدي له اشارة إلى کمال الاهتمام به، وعدم الغفلة عنه، هذا مع المحب وان لم تعظم في نفسها فکيف إذا عظمت في نفسها مثل مصيبة الحسين عليه السلام التي يصغر دونها جميع المصائب، ولذا ورد ان مصيبة اعظم المصائب، کيف وقد بکت فيها السماوات السبع وعامروها والارضون السبع وساکنوها وارتج لها العرش وضجت الحافون حوله(٣) .

__________________ ـ

(طويل النجاد رفيع العماد

کثير الرماد إذا ما شتا)

١ ـ تاريخ دمشق ج٤٢، ص ٤١٤، جواهر المطالب ج ١، ص ٢٩٧. وهذه شهادة من خصمه معاوية بن أبي سفيان الذي قال : «لو ملک علي بيتا من تبر وبيتا من تبن لانفد تبره قبل تبنه» راجع صوت العدالة الانساية لجورج جرداق ج١ ص ٩٣.

٢ ـ فصل بين المعطوف عليه وهو (ابي) والمعطوف وهو (امي) بالضمير (انت).

٣ ـ راجع کامل الزيارات لابن قولويه القمي ص ٨٨، ط : النجف ١٣٥٦.

وروی ابن قولويه في نفس المصدر عن أبي عبدالله عليه السلام قال : (ان الحسين عليه السلام بکت لقتله السماء والارض واحمرتا ولم تبکيا علی أحد قط الاعلی يحيی بن زکريا والحسين بن علي عليهم السلام).

وايضا روی معنعنا عن أمير المؤمنين عليه السلام قال الراوي : (نحن کنا جلوس عند امير

٧٢

فاسئل الله الذي اکرم مقامك، واکرمني بك أن يرزقتي طلب

ثارك مع امام منصور من أهل(١)

بيت محمّد صلّی الله عليه وآله

الاکرام : الاعظام والاعزاز(٢) ، اکرم مقامک أي بالشهادة الکلية واکرمني بك أي بمعرفتك ومحبتك وتصديقك، ان يرزقني أي في زمان الرجعة التي هي من ضروريات مذهب الامامية المدلول عليها بالايات الکثيرة(٣) والاخبار

__________________

المؤمنين عليه السلام بالرحبة اذ طلع الحسين عليه السلام قال : فضحک علي عليه السلام حتي بدت نواجده، ثم قال : ان الله ذکرا قوما فقال : فما بکت عليهم السماء والارض وماکانوا منظرين، والذي فلق الحبة وبرا النسمة ليقتلن هذا ولتبکين عليه السماء والارض).

١ ـ في کامل الزيارات (ال) بدل (اهل).

٢ ـ راجع لسان العرب لابن منظور والمصباح.

٣ ـ ومن الايات التي تدل علی الرجعة :

أ ـ قوله تعالی في سورة النمل اية (٨٣) : (ويوم نحشر من کل أمّة فوجا ممن يکذب باياتنا فهم يوزعون).

ب ـ وقوله تعالی في سورة النور اية (٥٥) : (وعبدالله الذين امنوا منکم وعملوالصالحات ليستخلفنهم في الارض کما استخلف الذين من قبلهم وليمکنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلهم من بعد خوفهم امنا يعبدوننی لا يشرکون بی شيئا ومن کفر بعد ذلك فاولئک هم الفاسقون).

جـ ـ وقوله تعالی في سورة القصص اية (٥ ـ ٦) : (ونريد ان نمن علی الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين * ونمکن لهم في الارض ونری فرعون وهامان وجنودهما منهم هم الفاسقون).

وکثير من الايات التي تدل علی الرجعة منها اية (٢٤٣) في سورة البقرة، واية (٢٥٩) في سورة البقرة، ومن اراد الزيادة عليه بمراجعة تفسير القمي، وتفسير البرهان.

٧٣

المتواترة(١) ففي بعضها أن الصادق عليه السلام سئل عن الرجعة أحق هي؟ قال : نعم، فقيل له : من أول من یخرج؟ قال : الحسين عليه السلام علی أثر القائم، فقلت : ومعه الناس کلهم؟ قال : لا، بل کما ذکره الله في کتابه : (يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا)(٢) .(٣)

مع إمام منصور؛ أي بالايات والجنود من الملائکة والشيعة من الجن والإنس، والمراد به القائم المنتظر الذي سيظهر بالضرورة من مذهبنا، وهو محمد بن الحسن العسکري عليهما السلام کما ورد في الأخبار المتواترة(٤) ، فالتنکير للتعظيم والتفخيم کما في قوله تعالی : (فقد کذبت رسل من قبلک)(٥) أي رسل عظام لا لعدم التعيين والنکارة، فالقائل بالمهدوية النوعية منکر للضرورة من مذهب الاثني عشرية.

__________________

١ ـ ومن الأخبار التي تنص علی الرجعة : (عن الامام الصادق عليه السلام قال : اول من تنشق الارض عنه ويرجع إلى الدنيا الحسين بن علي عليهما السلام، وان الرجعة ليست بعامة وهي خاصة لا يرجع الا من محض الايمان محضا أو محض الشرک محضا). (راجع البحار ج٣٥، باب الرجعة).

ـ وعن الصادق عليه السلام قال : (اول من يرجع إلى الدنيا الحسين بن علي عليهم السلام فيملک حتی يسقط حاجباه علی عينيه من الکبر). (نفس المصدر)

وللتفصيل راجع : مختصر بصائر الدرجات، وکتاب الرجعة للاسترابادي، والبحار

٢ ـ النبا : ١٨.

٣ ـ هذه الرواية اخرجها الشيخ حسن بن سليمان الحلي في مختصر بصائر الدرجات ص ٤٨، والميرزا الاسترابادي في کتابه الرجعة ص ٩٣.

٤ ـ في هذا الخصوص وردت روايات کثيرة، ومن اراد فليراجع کتاب مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي ص ١٥٣ ج٢، تحقيق الاخ ماجد العطية.

٥ ـ سورةَ فاطر، اية(٤) .

٧٤

اللهم اجعلني عندك وجيها(١) بالحسين عليه السّلام

في الدنيا والآخرة

الوجيه رو الجاه والعز، قال في النهاية(٢) : وفي حديث عائشة کان لعلي عليه السذم وجه من الناس حياة فاطمة أي جاه وعز فقدهما بعدها(٣) . وجيها أي مقربا عندك بالحسين أي بمحبدته ومعرفته، أو بشفاعته أو برجعتي في رجعته التي تبلغ مدة سلطنته فيها خمسين ألف سنة علی ما ورد في بعض الروايات(٤) ، فالمؤمن العارف بحقه عزيز في الدنيا لما يعطی من الکرامة، والدولة بسبب تقربه إلى الحسين عليه السلام وفي الآخرة لما يناله من الدرجات الرفيعة في الجنة ببرکته والحشر في زمرته، وقد ورد أن شيعتهم معهم، وفي وداع الجامعة(٥) : (السلام عليکم حشرني الله في زمرتکم وأوردني حوضکم وجعلني في حزبکم وأرضاکم عني ومکنني في دولتکم وأحياني في رجعتکم وملکني في أيامکم ...)، ومن کلام الصادق عليه السلام : (اللهم أحيي شيعتنا في دولتنا وأبقهم في

__________________

١ ـ وفي زيارة عاشوراء المروية في کامل الزيارات حيث قدم فيها وجيها علی عندک، يعني هکذا تکون : (اللهم اجعلني وجيها عندک).

٢ ـ النهاية لابن الاثير ج٥، ص ١٣٩، ط : دار الکتب العلمية.

٣ ـ نفس المصدر، وصحيح مسلم باب الجهاد.

٤ ـ راجع کتاب الرجعة، وفي بعض الروايات عن الامام الباقر عليه السلام يقول : (والله ليملکن منا أهل البيت رجل بعد موته ثلاثمائة سنة، ويزداد تسعا).

٥ ـ زيارة الجامعة، وللفائدة رجع شرح الزيارة الجامعة لعبد الله شبر رحمه الله بتحقيق الاخ فاضل الفراتي، ط : مکتبة الامين.

٧٥

ملکنا ومملکتنا)(١) ، وفي قوله : (عندک) إشارة إلى أنه لا اعتناء بالعزة والجاه عند الخلق بل العز الحقيقي هو العز عند الخالق.

__________________

١ ـ اخرجه البرسي في مشارق انوار اليقين ص ١٩٩، والمنتخب للطريحي ص ٢٦٨.

وايضا ورد عن الامام الحسين عليه السلام لما وصله خبر استشهاد أحد اصحابه قال : (اللهم اجعل لنا ولشيعتنا منزلا کريما، واجمع بيننا وبينهم في مستقر من رحمتک انّك علی کل شيء قدير). (راجع ادب الحسين وحماسته ص ١١٥).

٧٦

يا أبا عبد الله، إني أتقرّب إلى الله، وإلی رسوله ،

وإلی أمير المؤمنين، وإلی فاطمة، وإلی الحسن واليك

بموالاتک، وبالبراءة ممن قاتلك ونصب لك الحرب ،

وبالبراءة ممن أسس أساس الظلم والجور عليکم ،

قد أشار بالترتيب الذکري إلى الترتيب الواقعي النفس الأمري کما هو الصحيح فيما ذکروه من ترتيب مراتب المعصومين. نعم، رتبة فاطمة عليها السلام دون رتبة الأئمة الإثني عشر عليهم السلام علی الأظهر(١) ، کما أن رتبة القائم عليه السلام بعد رتبة الحسين عليه السلام علی ما يظهر من کثير من الروايات(٢) ، واختصاص الحسين عليه السلام بجملة من الأمور للشهادة لا ينافي أفضلية الحسن عليه السلام في رتبة الإمامة والولاية. ويظهر من هذه الفقرة ما قدمنا اليه الإشارة من أن الإيمان لا يستکمل إلا بالولاية والبراءة(٣) ، ولا يتقرب إلى الله إلا بالإيمان الکامل علی حسب مراتب الاستعدادات في المعرفة. وفي التکرار إشارة إلى أنْ تجديد ما في الجنان(٤)

__________________

١ ـ تقدمت الادلة علی ان فاطمة الزهراء عليها السلام أفضل من سائر الائمة علهم السلام في ص ٤١ وهذا عليه الاکثر، ولکن هذا غريب من الشارح مع وجود روايات تصرح بافضيلة مولاتنا الزهراء عليها السلام. والشارح نفسه رحمه الله يصرح بهذا وتقدم قوله في ص ٤١ حيث قال : (وقد يقال ان فاطمة بعد رسول الله وامير المؤمنين عليه السلام أفضل من سائر الائمة وهو کما تري).

٢ ـ في هذا الخصوص راجع شرح الزيارة الجامعة للشيخ أحمد الاحسائي ج٣، ص ١٦، ط : بيروت، دار المفيد.

٣ ـ راجع علل الشرائع للصدوق ج١، ص ١٦٩، باب ١١٩، ط : الاعلمي.

٤ ـ أي في القلب وفي الضمير.

٧٧

وإظهاره باللسان مطلوب في مقام الإيمان، ليکون الظاهر عنوان الباطن، والتصدير بندائه عليه السلام(١) مع إظهار التقرب بالجميع لکون المقام مقام زيارته عليه السلام خاصة. ويستفاد من هذه الفقرة أيضا التقرب إلى الله وإلی رسوله وإلی ابنته(٢) وابنها(٣) إلا بمولاة الحسين عليه السلام. ونصب الحرب(٤) : إقامتها وايقاد نارها والعکوف عليها(٥) والوقوف علی لوازمها من القتل والاسر، قال عليه السلام :

قتل القوم عليا وابنه

حسن الخير کريم الأبوين

خنقا منهم وقالوا أجمعوا

واحشروا النسا علی قتل الحسين

وابن سعد قد رماني عنوة

بجنود کوکوف الهاطلين

__________________

١ ـ أي ابتداء الجملة بالنداء وهو (يا اباعبدالله).

٢ ـ الزهراء سيدة النساء عليها السلام.

٣ ـ الامام الحسن المجتبی عليه السلام.

٤ ـ راجع المصباح المنير ص ٦٠٧.

٥ ـ العکوف أي الوقوف ـ الشارح ـ.

٧٨

وابرا إلى الله وإلی رسوله ممن اسس اساس ذلك ، وبنی عليه

بنيانه، وجری في ظلمه وجوره عليکم، وعلی اشياعکم، برئت الی

الله واليکم منهم، واتقرب إلى الله ثم إليکم بموالاتکم، وموالاة

وليّکم، وبالبراءة من أعدائکم، والناصبين لکم الحرب، وبالبراءة من

أشياعهم وأتباعهم، إنّي سلم لمن سالمکم، وحرب لمن حاربکم ،

ووليّ لمن والاکم، وعدو لمن عاداکم

وجه التکرير والتجديد هو الوجه في تکرير العبادة لله، فکما نحن محتاجون إلى الله في کل ان نظرا إلى أنْ الممکن(١) کما هو مفتقر في حدوثه إلى الباري کذلک مفتقر في بقائه اليه، لتحقق علة الافتقار وهو الامکان في تمام الاطوار فينبغي عدم انفکاکه عن العبادة، کذلک نحن محتاجون إلى أهل البيت عليهم السلام نظرا إلى کونهم عليهم السلام أبواب رحمته ووسائل نعمه(٢) ، والادلاء علی مرضاته فلا يمکن عبادة الله علی الوجه المرضي له الا بارشادهم ودلالتهم(٣) ، ولا يکون ذلك الا بتصديقهم واتباعهم ولا يحصل ذلك الا بموالاتهم وموالاة

__________________

١ ـ الممکن : أي المحتاج والمفتقر إلى غيره کالانسان بالنسبة إلى الله تعالی.

٢ ـ کما ورد في الزيارة الجامعة : (.. معدن الرحمة الرحمة واولياء النعم ...) وانهم عليهم السلام بهم ينزل الغيث وبهم نرزق وبهم نثاب وبهم نعاقب.

٣ ـ ورد عن الامام الصادق عليه السلام قال : (... وبعبادتنا عبد الله عزّ وجل ولولانا ما عبد الله). (راجع اصول الکافي ج١، کتاب الحجة).

وعن سليم بن قيس عن امير المرمنين عليه السلام قال : (ان الله تبارک وتعالی طهرنا وعصمنا وجعلنا شهداء علی خلقه وحجته في ارضه وجعلنا مع القران معنا لا نفارقه ولا يفارقنا).

٧٩

اوليائهم ومعاداة اعدائهم والبراءة من محاربيهم ومبغضيهم(١) ، فيجب ان يکون ذلك مستمرا في جميع الاحوال.

قال محمد بن مسلم فيما رواه عن احدهما عليهم السّلام قلت : انّا نری الرجل من المخالفين عليکم له عبادة واجتهاد وخشوع فهل ينفعه ذلك ؟ فقال : يا محمد إنّما مثلنا أهل البيت مثل أهل بيت کانوا في بني اسرائيل فکان لا يجتهد أحد منهم اربعين ليلة الا فاجيب وان رجلا منهم اجتهد اربعين ليلة ثم دعا فلم يستجب له فاتی عيسی عليه السلام يشکو اليه ويساله الدعاء له فتطهر عيسی عليه السلام وصلی ثم دعا فاوحي الله اليه : يا عيسی ان عبادي اتاني من غير الباب الذي اوتي منه، دعاني وفي قلبه شک منک، فلو دعاني حتی ينقطع عنقه وتنتشر انامله ما استجيب له، فالتفت عيسی عليه السلام اليه وقال : تدعو وفي قلبک شک من

__________________

١ ـ هذا المعنی ورد في الزيارة الجامعة الشريفة قال عليه السلام :

(اني مؤمن بکم وبما امنتم به، کافر بعدوکم وبما کفرتم به، مستبصر بشانکم وبضلالة من خالفکم، موال لکم ولاوليائکم، مبغض لاعدائکم ومعاد لهم ف سلم لمن سالمکم وحرب لمن حاربکم ...) ؛ لان موالاتهم عليهم السلام هي موالاة الله سبحانه، وحبهم عليهم السلام حبه تعالی، وهذا ماصرحت به الزيارة الجامعة : (... من والاکم فقد وإلی الله، ومن عاداکم فقد عادي الله، ومن احبکم فقد احب الله، ومن ابغضکم فقد ابغض الله، ومن اعتصم بکم فقد اعتصم بالله).

ويؤکد هذا ما قاله الرسول صلی الله عليه وآله في الامام علي عليه السلام : (يا علي حربک حربي وحرب علي حرب الله).

وقوله صلی الله عليه وآله لفاطمة الزهراء عليها السلام : (فاطمة بضعة مني من اذاها فقد اذاني ومن اذاني فقد اذی الله).

(راجع ينابيع المودة للقندوزي ف والامالي للشيخ المفيد ص ٣١٣، المجلس الرابع والعشرون، وتفسير الکبير للفخر الرازي ج٢٧، ص ١٦٦).

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

  ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ) قال : ا ل م كأوّل البقرة )(١) .

وفي( الميزان ) :

( قال الخطيب في جامعة : لم يحكِ عن أحد مِن المحدّثين مِن التصحيف في القرآن الكريم ، أكثر ممّا حكي عن عثمان بن أبي شيبة ، ثمّ ساق بسنده عن إسماعيل بن محمّد التستري : سمعت عمثان بن أبي شيبة يقرأ( فإنْ لم يصبها وابل فظل ) وقرأ مرّة( من الخوارج مكلّبين ) .

وقال أحمد بن كامل القاضي : ثنا أبو الشيخ الأصبهاني محمّد بن الحسن قال : قرأ علينا عثمان بن أبي شيبة( بطشتم خبّازين ) .

وقال محمّد بن عبيد الله بن المنادي : قال لنا عثمان بن أبي شيبة :( ن وَالْقَلَمِ ) أيّ سورة هو ؟

وقال مطين : قرأ عثمان بن أبي شيبة( فضرب لهم سنور له ناب ) فردّوا عليه فقال : قراءة حمزة عندنا بدعة .

وقال يحيى بن محمّد بن كاس النخعي : ثنا إبراهيم بن عبد الله الخصّاف قال : قرأ علينا عثمان بن أبي شيبة تفسيره فقال :( جعل السفينة في رجل أخيه ) فقيل : إنّما هو ( السِّقَايَةَ ) فقال : أنا وأخي لا نقرأ لعاصم )(٢) .

وكما حمل الذهبي خطأ عثمان في سورة الفيل على سبقِ اللّسان ، حاول حمل تصحيفاته على المزاح والدعابة ! فقال : ( قلت : فكأنّه كان صاحب دعابة ، ولعلّه تاب وأناب )... لكن الدعابة في ألفاظ القرآن تُوجب الفسق ، ولذا قال ( لعلّه تاب

ـــــــــــــــــــ

(١) تدريب الراوي ٢ : ١٧٥ ـ النوع السادس والثلاثون .

(٢) ميزان الاعتدال ٣ : ٣٧/ ٥٥١٨ .

٢٨١

وأناب ) ، وهل يكفي ( لعلّ ) لو كان ذلك منه ( دعابة ) ؟

والألطف مِن ذلك تمنّيه موت إسحاق مِن أجل الشهرة والرئاسة ، قال في( الميزان ) :

( قال إبراهيم بن أبي طالب الحافظ : دخلت عليه فقال لي : إلى متى لا يموت إسحاق ؟ فقلت : شيخٌ مثلك يتمنّى موت شيخٍ مثله ؟ !

فقال : دعني ، فلو مات لصفا لي جوّي )(١) .

الطبقة الرابعة

قال السيوطي :

( وبعدهم : ابن جرير الطبري ، وكتابه أجلّ التفاسير وأعظمها ، ثمّ ابن أبي حاتم ، وابن ماجة ، والحاكم ، وابن مَرْدَوَيه ، وأبو الشيخ ابن حيّان ، وابن المُنذر ، في آخرين .

وكلّها مسندة إلى الصحابة وأتباعهم ، وليس فيها غير ذلك ، إلاّ ابن جرير ، فإنّه يتعرّض لتوجيه الأقوال وترجيح بعضها على بعض ، والإعراب والاستنباط ، فهو يفوقها بذلك )(٢) .

أقـول :

إنّ أفضل وأشرف تفاسير هذهِ الطبقة :

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٣ : ٣٨/ ٥٥١٨ .

(٢) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ٢٤٢ .

٢٨٢

تفسير ابن جرير الطَبَري

كما قال السيوطي ، بل لقد ادّعى الإجماع على ذلك ، حيث قال :

( فإنْ قلْت : فأيّ التفاسير ترشد إليه ، وتأمر الناظر أنْ يعوّل عليه ؟

قلت : تفسير الإمام أبي جعفر محمّد بن جرير الطبري ، الذي أجمع العلماء والمفسّرون على أنّه لم يُؤلَّف في التفسير مثله )(١) .

وقال النووي : ( له التاريخ المشهور ، وكتابٌ في التفسير لم يُصنِّف أحدٌ مثله )(٢) .

وقال ياقوت الحموي نقلاً عن الخطيب : ( وله الكتابُ المشهور في تاريخ الأُمم والملوك ، وكتابٌ في تفسير القرآن لم يصنِّف أحدٌ مثله )(٣) .

قال ياقوت : ( ومِن كتبه : الكتاب المسمّى جامعُ البيان عن تأويل آي القرآن .

قال أبو بكر ابن كامل : أملى علينا مِن كتاب التفسير مئةً وخمسينَ آية ، ثمّ خرجه بعد ذلك إلى آخر القرآن فقرأه علينا ، وذلك في سنة سبعين ومِئتين ، واشتهر الكتاب وارتفع ذكره وأبو العبّاس أحمد بن يحيى ثعلب

ـــــــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ٢٤٤ .

(٢) تهذيب الأسماء واللغات ١ : ٧٨/ ٨ .

(٣) معجم الأُدباء ١٨ : ٤١/ ١٧ .

٢٨٣

وأبو العبّاس محمّد بن يزيد المبرد يَحْيَيان ، ولأهل الإعراب والمعاني معقلان ، وكان أيضاً في الوقت غيرهما مثل : أبي جعفر الرستمي ، وأبي الحسن ابن كيسان ، والمفضّل بن سلمة ، والجعد وأبي إسحاق الزجّاج ، وغيرهم من النحويّين من فرسان هذا الشأن ، وحمل هذا الكتاب مشرقاً ومغرباً ، وقرأه كلّ مَن كان في وقته مِن العلماء ، وكلّ فضّله وقدّمه .

قال أبو جعفر : حدّثني به نفسي وأنا صبي .

قال أبو جعفر : استخرت الله تعالى في عمل كتاب التفسير ، وسألته العون على ما نويته ثلاث سنين قبل أنْ أعمله ، فأعانني .

وقال أبو محمّد عبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغاني : أخبرني شيخ من جِسْرِ ابن عفيف قال : رأيت في النوم كأنّي في مجلس أبي جعفر والنّاس يقرؤون عليه كتاب التفسير ، فسمعت هاتفاً بين السماء والأرض يقول : مَن أراد أنْ يسمع القرآن كما اُنزل فليسمع هذا الكتاب .

ولم يتعرّض ـ أي الطبري ـ لتفسيرٍ غيرَ موثوقٍ به ، فإنّه لم يُدخل في كتابه شيئاً عن كتاب محمّد بن السائب الكلْبي ، ولا مقاتل بن سليمان ، ولا محمّد بن عمر الواقدي ؛ لأنّهم عنده أظنّاء )(١) .

وقال السمعاني في( الأنساب ) :

( قال أبو حامد الإسفرائيني : لو سافر رجلٌ إلى الصِّين ، حتّى يحصل له كتاب تفسير محمّد بن جرير ، لم يكن ذلك كثيراً )(٢) .

وأمّا محمّد بن جرير الطبري نفسه ، فتوجد مكارمه ومحامده في الكتب

ـــــــــــــــــــ

(١) معجم الأدباء ١٨ : ٦١ ـ ٦٥/ ١٧ .

(٢) الأنساب ٤ : ٤٦ .

٢٨٤

التالية :

تذكرة الحفّاظ ٢ : ٧١٠ ـ ٧١٦ .

طبقات الشافعيّة للسبكي ٣ : ١٢٠ ـ ١٢٨ .

طبقات الحفّاظ : ٣٠٧ ـ ٣٠٨ .

وفيَات الأعيان ٤ : ١٩١ ـ ١٩٢.

مرآة الجنان ٢ : ٢٦٠.

تاريخ بغداد ٢ : ١٦٢ ـ ١٦٩.

تهذيب الأسماء واللغات ١ : ٧٨ ـ ٧٩ .

سير أعلام النُبَلاء ١٤ : ٢٦٧ ـ ٢٨٢

وغيرها مِن كتب التاريخ وتراجم الرّجال .

قال ياقوت الحمَوي في( معجم الأُدباء ) نقلاً عن الخطيب :

( كان أحد أئمّة العلماء ، يحكم بقوله ، ويرجع إلى رأيه ، لمعرفته وفضله ، وكان قد جمع مِن العلوم ما لم يُشاركهُ فيه أحدٌ مِن أهل عصره ، وكان حافظاً لكتاب الله عزّ وجلّ ، عارفاً بالقراءات ، بصيراً بالمعاني ، فقيهاً بأحكام القرآن ، عالماً بالسُنن وطُرقها ، وصحيحها وسقيمها ، وناسخها ومنسوخها ، عارفاً بأقوال الصحابة والتابعين ومِن بعدهم مِن المخالفين في الأحكام ومسائل الحلال والحرام ، عارفاً بأيّام الناس وأخبارهم ، وله الكتاب المشهور في تاريخ الأُمم والملوك ، وكتاب في تفسير القرآن لم يصنِّف أحدٌ مثله ، وكتابٌ سمّاه تهذيب الآثار لم أرَ سواه في معناه ، لم يتمّه .

قال ابن خزيمة ـ لمّا لاحظ تفسير ابن جرير ـ : ما أعلم على أديم الأرض أعلم مِن ابن جرير .

٢٨٥

قال أبو محمّد بن عبد العزيز بن محمّد الطبري : كان أبو جعفر مِن الفضل والعلم والذكاء والحفظ على ما لا يجهله أحد ؛ لجمعه مِن علوم الإسلام ما لم نعلمه اجتمع لأحدٍ مِن هذه الأُمة ، ولا ظهر مِن كتب المصنّفين وانتشر مِن كتب المؤلّفين ما انتشر له ، وكان راجحاً في علوم القرآن والقراءات ، وعلم التاريخ مِن الرسُل والخلفاء والملوك واختلاف الفقهاء مع الرواية لذلك ، على ما في كتابه البسيط والتهذيب وأحكام القراءات ، مِن غير تعويل على المناولات والإجازات ، ولا على ما قيل في الأقوال ، بل يذكر ذلك بالأسانيد المشهورة .

كان كالقاري الذي لا يعرف إلاّ القرآن ، وكالمحدّث الذي لا يعرف إلاّ الحديث ، وكالفقيه الذي لا يعرف إلاّ الفقه ، وكالنحوي الذي لا يعرف إلاّ النحو ، وكالحاسب الذي لا يعرف إلاّ الحساب ، وكان عاملاً بالعبادات ، جامعاً للعلوم ، وإذا جمعت بين كتبه وكتب غيره وجدت لكتبه فضلاً على غيرها )(١) .

أقـول :

وإذا كان الطبري بهذه المنزلة ، فلماذا يسقط كلامه عن الاعتبار إذا احتجَّ به أصحابنا في موردٍ ويُتكلَّم فيه ؟

لقد احتجّ العلاّمة الحلّي برواية الطبري تهديد عمر بن الخطّاب فاطمة الزهراء الطاهرةعليها‌السلام بإحراق بيتها ، فقال ابن روزبهان في جوابه :

( ومِن أسمج ما افتراه الروافض هذا الخبر ـ وهو إحراق عمر بيت فاطمة ـ وما ذُكر أنّ الطبري ذكره في التاريخ ، فالطبري من الروافض مشهورٌ بالتشيّع ، حتّى أنّ علماء بغداد هجروه ، لغوّه في الرفض والتعصّب ، وهجروا كُتبه

ـــــــــــــــــــ

(١) معجم الأدباء ١٨ : ٤١ ـ ٤٣ و٥٩ و٦١/ ١٧ .

٢٨٦

ورواياته وأخباره .

وكلّ مَن نقل هذا الخبر فلا يُشك أنّه رافضيٌّ متعصّب ، يُريد إبداء القَدْح والطعن على الأصحاب ؛ لأنّ العاقل المؤمن الخبير بأخبار السلَف ظاهرٌ عليه أنّ هذا الخبر كذِبٌ صراح وافتراءٌ بيّن ، لا يكون أقبح منه ولا أبعد مِن أطوار السلَف )(١) .

وإذا كان الطبري مِن الروافض ، شمله كلّ ما ذكره ابن تيميّة وغيره للروافض ، من القبائح والمثالب التي تفوق الحصر وتتجاوز حدّ الشرح والتبيين...

هذا ، وقد سبقه إلى الاتّهام بالتشيّع الفخر الرازي في كتابه( نهاية العقول ) في الكلام على النصّ على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

( الثالث : إنّ هذا النص لو كان كذباً لما دعا إلى روايته إلاّ الهوى ، فكان ينبغي أنْ لا يرويه مَن لا يهوى مُقتضاه ، وقد رواه أصحاب الحديث كابن جرير الطبري ، وليس هو من الإماميّة ، فبطل أنْ يكون كذباً ) .

فأجاب الرَّازي أوّلاً بأنّ الطبري لم يروِ هذا النص ثمّ قال :

( ثمّ إنّ سلّمنا أنّه ذكره ، فلعلّه رواه قبل أنْ تثبت عنده صحّة هذا الحديث ، فإنّ مِن المحدّثين مَن يروي كلّ غثٍّ وسمين .

ثمّ إنْ سلّمنا ذلك ، فلا نسلّم أنّه ما كان متّهماً بالتشيّع )(٢) .

فكان ابن جرير الطبري صاحب التفسير والتاريخ ممّن يروي الغثّ

ـــــــــــــــــــ

(١) ورد القول في دلائل الصدق ٣ : ٧٩ .

(٢) نهاية العقول ـ مخطوط .

٢٨٧

والسمين ، وكان متّهماً بالتشيّع...!!

هذا ، ومِن العجائب تناقض ابن تيميّة تجاه ابن جرير وتفسيره ، فإنّه لمّا لم يخرج ابن جرير حديث نزول آية الولاية في أمير المؤمنينعليه‌السلام ، جعل ابن تيميّة يمدحه ويمدح تفسيره ، وينصُّ على خلوّه من الموضوعات(١) ، حتّى إذا رأى أنّه قد روى بتفسير آية الإنذار نصّ النبيّ على أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام ، بالإمامة والخلافة والولاية مِن بعده... جعل يذّم تفسير ابن جرير ومؤلِّفه بشدّةٍ...!!(٢) .

ـــــــــــــــــــ

(١) منهاج السنّة ٤ : ٥ .

(٢) منهاج السنّة ٤ : ١٢٨ .

٢٨٨

تفسير ابن أبي حاتم

المحدّث الحافظ ، الفقيه ، المفسّر ، الرجالي ، الذي ترجم له ابن قاضي شهبة في( طبقات الشافعيّة ) فقال :

( عبد الرحمان بن محمّد بن إدريس ، أبو محمّد ، ابن أبي حاتم ، الحنظلي الرّازي ، أحد الأئمّة في الحديث والتفسير والعبادة والزهد والصلاح ، حافظ ابن حافظ ، أخذ عن أبيه وعن أبي زرعة ، وصنّف الكُتب المهمّة ، كالتفسير الجليل المقدار ، في أربع مجلّدات ، غالبه آثار مُسندة... )(١) .

وفي( فوات الوفيات ) :

( قال أبو عليّ الخليلي : كان يُعدّ من الأبدال ، وقد أثنى عليه جماعة بالزهد والورع التام والعلم والعمل )(٢) .

وذكر السيوطي في( اللآلي المصنوعة ) بعد حديث تكليم الله موسى :

( وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ، وقد التزم أنْ يخرّج فيه أصحّ ما ورد ، ولم يخرّج فيه حديثاً موضوعاً ألبتّة )(٣) .

وفي( الإتقان ) بعد ذكر تفسير السدّي:

( ولم يورد منه ابن أبي حاتم شيئاً ؛ لأنّه التزم أنْ يخرّج أصحّ ما ورد )(٤) .

ـــــــــــــــــــ

(١) طبقات الشافعيّة ١ : ١١١/ ٥٨ .

(٢) فوات الوفيات ٢ : ٢٨٨/ ٢٥٧ .

(٣) اللآلي المصنوعة ١ : ١٢ .

(٤) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ٢٣٨ .

٢٨٩

لكنّ ابن تيميّة يقول ـ في الجواب عن الاستدلال بالحديث الوارد بذيل الآية :( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) الذي رواه ابن أبي حاتم أيضاً ، كما في( الدرّ المنثور ) (١) ـ :

( والجواب مِن وجوه :

الأوّل : المطالبة بصحّة النقل ، وما ادّعاه مِن نقل النّاس كافّة ، مِن أظهر الكذِب عند أهل العلم بالحديث ، فإنّ هذا الحديث ليس في شيء من كتب المسلمين التي يستفيدون منها علم النقل ، لا في الكتب الصحاح ولا في المسانيد والسُنن والمغازي والتفسير التي يذكر فيها الإسناد الذي يحتجّ به .

وإذا كان في بعض كتب التفسير التي ينقل فيها الصحيح والضعيف ، مثل تفسير الثعلبي والواحدي والبغَوي ، بل وابن جرير وابن أبي حاتم ، لم يكن مجرّد رواية واحدٍ مِن هؤلاء دليلاً على صحّته باتّفاق أهل العلم ، فإنّه إذا عرف أنّ تلك المنقولات فيها صحيحٌ وضعيف ، فلابدّ من بيان أنّ هذا المنقول مِن قسم الصحيح دون الضعيف ، وهذا الحديث غايته أنْ يوجد في بعض كتب التفسير التي فيها الغثّ والسمين ، بل وفيها أحاديثٌ كثيرةٌ موضوعةٌ مكذوبة ، مع أنّ كتب التفسير التي يوجد فيها هذا مثل تفسير ابن جرير وابن أبي حاتم والثعلَبي والبغَوي يَنقل فيها بالأسانيد الصحيحة ما يُناقض هذا ) .

وقال :

(الثالث : إنّ هذا الحديث كذِبٌ موضوع عند أهل المعرفة بالحديث ، فما مِن عالم يعرف الحديث إلاّ وهو يعلم أنّ هذا كذِبٌ موضوع ، وهذا لم يروِه أحدٌ منهم في الكتب التي يُرجع إليها في المنقولات ؛ لأنّ أدنى مَن له معرفة

ـــــــــــــــــــ

(١) الدر المنثور ٦ : ٣٢٧ ـ ٣٢٨ .

٢٩٠

بالحديث يعلم أنّ هذا كذِب )(١) .

وعلى هذا ، فإنّ جميع المدائح المذكورة لابن أبي حاتم وتفسيره تذهب أدراج الرّياح .

هذا بالنسبة إلى تفسيره .

وأمّا بالنسبة إلى كتابه في الجرح والتعديل ، فقد ذكر ابن الجوزي في( تلبيس إبليس ) ما نصّه :

( وبالإسناد عن أبي الحسن عليّ بن محمّد البخاري يقول : سمعت محمّد ابن الفضل العبّاسي يقول : كنّا عند عبد الرحمان بن أبي حاتم وهو يقرأ علينا كتاب الجرْح والتعديل ، فدخل عليه يوسف بن الحسين الرّازي فقال : يا أبا محمّد ، ما هذا الذي تقرؤه على الناس ؟ فقال : كتابٌ صنّفته في الجرح والتعديل .

فقال : وما الجرح والتعديل ؟ فقال : أظهر أحوال أهل العلم مَن كان منهم ثقةٌ أو غير ثقة فقال له يوسف بن الحسين : استحييت لك يا أبا محمّد مِن هؤلاء القوم ، قد حطّوا رواحلهم في الجنّة منذ مئة سنة ومِئتي سنة ، تذكرهم وتغتابهم على أديم الأرض ، فبكى عبد الرحمان وقال : يا أبا يعقوب لو سمعت هذه الكلمة قبل تصنيفي هذا الكتاب لم أُصنّفه )(٢) .

ولكنّ هذا الكلام يدلّ على جهل ابن أبي حاتم وعدم فهمه ، لِلِزوم المفسدة العظيمة في الدين والشريعة لولا الجرْح والتعديل للرجال... ولذا قال ابن الجوزي :

( قلت : عفا الله عن ابن أبي حاتم ، فإنّه لو كان فقيهاً لردّ عليه كما ردّ إمام

ـــــــــــــــــــ

(١) منهاج السنة ٤ : ١٢٨ ـ ١٢٩ .

(٢) تلبيس إبليس : ٣٧٩ .

٢٩١

القوم في الجنّة أحمد على أبي تراب ، ولولا الجرح والتعديل من أين كان يعرف الصحيح من الباطل ، ثمّ كون القوم في الجنّة لا يمنع أنْ نذكرهم بما فيهم ، وتسمية ذلك غيبة حديث سوء ثمّ مَن لا يدري الجرح والتعديل ما هو كيف يذكر كلامه ؟ )(١) .

ـــــــــــــــــــ

(١) تلبيس إبليس : ٣٧٩ باختلافٍ في النص .

٢٩٢

تفسير الحاكم النّيسابوري

الذي قال عنه المناوي في( فيض القدير ) :

( قال السبكي : اتّفق العلماء على أنّه مِن أعظم الأئمّة الذين حفظ الله بهم الدين )(١) .

وقال ابن قاضي شهبة :

( وقد أطنب عبد الغافر في مدحه وذكر فضائله وفوائده ومحاسنه ـ إلى أنْ قال : ـ مضى إلى رحمة الله تعالى ولم يخلّف بعده مثله )(٢) .

وقال ابن الأثير في وصف منزلته في علم الحديث : ( كان عالماً بهذا الفن ، خبيراً بغوامضه ، عارفاً بأسراره )(٣) .

إلاّ أنّه لروايته بعض مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، تكلّم فيه بعض أكابر القوم ، قال الذهبي في( الميزان ) :

( وقد قال ابن طاهر : سألت أبا إسماعيل عبد الله الأنصاري عن الحاكم أبي عبد الله فقال : إمام في الحديث ، رافضي خبيث )(٤) .

بل إنّ الفضل ابن روزبهان اتّخذ اتّهامه بالتشيّع ذريعةً للردّ على الإماميّة حين قال :

( وذكر الإمام الحاكم أبو عبد الله النيسابوري ، المحدّث الكبير والحافظ المتقن الفاضل النحرير ، في كتاب معرفة علو الحديث ، بإسناده عن الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق ( عليه وعلى آبائه السلام ) أنّه قال : أبو بكر الصدّيق جدّي ، وهل يسبُّ أحد آبائه ، لا قدّمني الله إنْ لا أُقدّمه .

وقد اشتهر بين المحدّثين والعلماء : أنّ الحاكم أبا عبد الله المذكور كان مائلاً إلى التشيّع ) .

ـــــــــــــــــــ

(١) فيض القدير شرح الجامع الصغير ١ : ٢٦ .

(٢) طبقات الشافعية ١ : ١٩٤/ ١٥٣ .

(٣) جامع الأُصول ـ ترجمة الحاكم النيسابوري .

(٤) ميزان الاعتدال ٣ : ٦٠٨/ ٧٨٠٤ .

٢٩٣

تفسير ابن ماجة

وأمّا تفسير ابن ماجة القزويني ، فمن الرّجال الذين روى عنهم فيه :

عيسى بن قرطاس الكوفي : قال ابن حجر في( تقريب التهذيب ) :

( عيسى بن قرطاس الكوفي ، متروك ، وقد كذَّّبه الساجي ، مِن السادسة )(١) .

محمّد بن عبد الله الأنصاري : قال الذهبي :

( قال العقيلي : مُنكرُ الحديث .

وقال ابن حبّان : مُنكر الحديث جدّاً .

وقال ابن طاهر : كذّاب ، وله طامّات )(٢) .

وقال ابن حجر : ( كذّبوه )(٣) .

نوح بن درّاج : قال ابن حجر : ( متروك ، وقد كذّبه ابن معين )(٤) .

وقال الذهبي : ( قال النسائي وغيره : ضعيف .

وقال أبو داود : كذّاب يضع الحديث )(٥) .

نوح بن أبي مريم : وستعرفه .

ـــــــــــــــــــ

(١) تقريب التهذيب ٢ : ١٠٧/ ٥٩٨٣ .

(٢) ميزان الاعتدال ٣ : ٥٩٨/ ٧٧٦٤ .

(٣) تقريب التهذيب ٢ : ١٨٦/ ٦٧٦٣ .

(٤) تقريب التهذيب ٢ : ٣١٣/ ٨١١٢ .

(٥) ميزان الاعتدال ٤ : ٢٧٦/ ٩١٣٣ .

٢٩٤

تفسير ابن مردويه

وأمّا تفسير ابن مردويه ، فقد نصّ المولوي عبد العزيز الدهلوي صاحب التحفة الاثني عشريّة في رسالته في( أُصول الحديث ) بأنّه من التفاسير المشهورة ، إلاّ أنّه أورده في عداد كتب الطبقة الرابعة ، مُصرّحاً بأنّ أحاديث هذه الكتب ليست بقابلةٍ للاعتماد ، للدلالة على عقيدةٍ أو حكم .

كما أنّ ابن الجوزي قد حكم بالوضع على أحاديث كثيرة في هذا التفسير .

تفسير ابن المنذر

الذي جاء في( طبقات الشافعيّة ) لابن قاضي شهبة بترجمته :

( محمّد بن إبراهيم بن المنذر ، أبو بكر النيسابوري ، الفقيه ، نزيل مكّة ، أحد الأئمّة الأعلام ، وممّن يُقتدى بنقله في الحلال والحرام ، صنّف كتباً معتبرةً عند أئمّة الإسلام ، منها... التفسير وغير ذلك ، وكان مجتهداً لا يقلّد أحداً )(١) .

لكنْ في( ميزان الاعتدال ) ما نصّه :

( قال مسلمة بن قاسم الأندلسي : كان لا يُحسن الحديث : ثمّ نسب إلى العقيلي : إنّه كان يحمل عليه وينسبه إلى الكذِب ، وكان يروي عن الربيع بن سليمان عن الشافعي ، ولم يرَ الربيع ولا سمِع منه ، وذكر غير ذلك توفّي سنة ٣١٨ ، ولا عبرة بقول مسلمة فيه ، وأمّا العقيلي فكلامه مِن قبيل كلام الأقران بعضهم في بعض ، مع أنّه لم يذكره في كتاب الضعفاء له )(٢) .

ـــــــــــــــــــ

(١) طبقات الشافعيّة ١ : ٩٨/ ٤٤ .

(٢) ميزان الاعتدال ٣ : ٤٥٠ ـ ٤٥١/ ٧١٢٣ .

٢٩٥

تفسير بن أبي داود السجستاني

الذي ذكر الذّهبي مناقبه فقال :

( قد كان أبو بكر مِن كبار الحفّاظ والأئمّة الأعلام ، حتّى قال الخطيب : سمعت الحافظ أبا محمّد الخلاّل يقول : كان أبو بكر أحفظ مِن أبيه أبي داود .

وروى ابن شاهين عن أبي بكر أنّه كتب في شهر عن أبي سعيد الأشج ثلاثين ألفاً .

وقال أبو بكر النقّاش والعهدة عليه : سمعت أبا بكر ابن أبي داود يقول : إنّ تفسيره فيه مِئة ألف وعشرون ألف حديث .

قلت : ولد سنة ثلاثين ومئتين ، ورحل به أبوه ، فلقي الكبار وسمع عيسى ابن حمّاد صاحب الليث بن سعد وطبقته ، وانفرد عن طائفة .

قال أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان : ذهب أبو بكر إلى سجستان فاجتمعوا عليه وسألوه أنْ يحدّثهم فقال : ليس معي كتاب ، فقالوا : ابن أبي داود وكتاب ؟ قال : فأثاروني فأمليت عليهم مِن حفظي ثلاثين ألفَ حديث ، فلمّا قدِمت بغداد قال البغداديّون : لعبت بأهل سجستان ثمّ فيّجوا فيجاً اكتروه بستّة دنانير ليكتب لهم النسخة ، فكتب ، وجيء بها فعرضت على الحفّاظ فخطّأوني في ستّة أحاديث منها ثلاثة رويتها كما سمعت .

وقال الحافظ أبو عليّ النيسابوري : سمعت ابن أبي داود يقول : حدّثت بأصبهان مِن حفظي بستّةٍ وثلاثين ألفَ حديث ، ألزموني الوهم في سبعةأحاديث ، فلمّا رجعت وجدت في كتابي منها خمسة على ما حدّثتهم ) (١) .

لكنّ ابن أبي داود مجروحٌ ومقدوحٌ بقوادحٍ عظيمة كالنصْب والكذِب ، حتّى أنّهم نقلوا عن أبيه ـ أبي داود صاحب السُنن ـ اتّهامه بالكذِب... وقد أورده الذهبي في( الميزان ) فقال :

( عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني ، أبو بكر ، الحافظ الثقة ، صاحب التصانيف ، وثّقه الدار قطني فقال : ثقةٌ إلاّ أنّه كان كثير الخطأ في الكلام على الحديث .

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٢ : ٤٣٥/ ٤٣٦٨ .

٢٩٦

وذكره ابن عدِي وقال : لولا ما شرطنا وإلاّ لما ذكرته ـ إلى أنْ قال : ـ وهو معروف بالطلب ، وعامّة ما كتب مع أبيه وهو مقبول عند أصحاب الحديث وأمّا كلام أبيه فيه فلا أدري أيش تبيّن له منه .

ثنا عليّ بن عبد الله الداهري ، سمعت أحمد بن محمّد بن عمرو كركرة ، سمعت عليّ بن الحسين بن الجنيد ، سمعت أبا داود يقول : ابني عبد الله كذّاب .

قال ابن صاعد : كفانا ما قال أبوه فيه .

ثمّ قال ابن عدي : سمعت موسى بن القاسم الأشيب يقول : حدّثني أبو بكر يقول : سمعت إبراهيم الأصبهاني يقول : أبو بكر ابن أبي داود كذّاب .

وسمعت أبا القاسم البغوي وقد كتب إليه أبو بكر ابن أبي داود يسأله عن لفظ حديث لجدّه ، فلمّا قرأ رقعته قال : أنت ـ والله ـ عندي منسلخٌ من العلم .

وسمعت عبدان ، سمعت أبا داود السجستاني يقول : مِن البلاء أنّ عبد الله يُطلب للقضاء .

وسمعت محمّد بن الضحّاك بن عمرو بن أبي عاصم يقول : أشهد على محمّد بن يحيى بن مندة بين يدي الله أنّه قال : أشهد على أبي بكر ابن أبي داود بين يدي الله تعالى أنّه قال : روى الزهري عن عروة قال : حفيت أظافير فلان ، من كثرة ما كان يتسلّق على أزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قلت : هذا لم يسنده أبو بكر إلى الزهري ، فهو منقطع ، ثمّ لا يسمع قول الأعداء بعضهم في بعض ، ولقد كاد أنْ يضرب عنق عبد الله لكونه حكى هذا ، فشدّ منه محمّد بن عبد الله بن حفص الهمداني وخلّصه من أمير أصبهان أبي ليلى ، وكان انتدب له بعض العَلَويّة خصماً ، ونسب إلى عبد الله المقالة ، وأقام الشهادة عليه ابن مندة المذكور ومحمّد بن عبّاس الأخرم وأحمد بن علي الجارود ، فأمر أبو ليلى بقتله ، فأتى الهمداني وجرح الشهود...) .

وأيضاً في( الميزان ) :

( قلت : كان ـ أي عبد الله بن سليمان ـ قويّ النفس ، وقع [فتنة] بينه وبين ابن صاعد وبين ابن جرير ، نسأل الله العافية .

٢٩٧

قال ابن شاهين : أراد الوزير عليّ بن عيسى أنْ يصلح بين أبي بكر ابن أبي داود وابن صاعد ، فجمعهما وحضر القاضي أبو عمر ، فقال الوزير لأبي بكر : أبو محمّد ابن صاعد أكبر منك فلو قمت إليه فقال : لا أفعل فقال له : أنت شيخٌ زيف قال أبو بكر : الشيخُ الزيف الكذّاب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال الوزير : مَن الكذّاب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال أبو بكر : هذا ، ثمّ قال إنّي أذّل لأجلِ رزقٍ يصل إليّ على يدك ، والله لا أخذت مِن يدك شيئاً أبداً ، وعليَّ مِئة بدنة إنْ أخذت منك شيئاً ، فكان المقتدر بعد يزن رزقه بيده ويبعثه على يد خادم .

وقال محمّد بن عبد الله القطّان : كانت عند محمّد بن جرير فقال رجل :

ابن أبي داود يقرأ على النّاس فضائل عليّرضي‌الله‌عنه فقال ابن جرير : تكبيرةٌ مِن حارس .قلت : وقد قام ابن أبي داود وأصحابه ـ وكانوا خلقاً كثيراً ـ على ابن جرير ونسبوه إلى بدعة اللّفظ ، فصنّف الرجل معتقداً حسناً سمعناه ، تنصّل فيه ممّا قيل عنه وتألّم لذلك) (١) .

هذا ، وقد ذمّه ابن الجوزي على روايته الخبر الطويل الموضوع في فضائل السّور وفرَّقه عليها ، مع علمه بوضعه وبطلانه ! قال :

( وإنّما عجبت مِن أبي بكر ابن أبي داود ، كيف فرّقه على كتابه الذي صنّفه في فضائل القرآن وهو يعلم أنّه حديثٌ محال ؟! ولكنْ شره جمهور المحدّثين ، فإنّ من عادتهم تنفيق حديثهم ولو بالبواطيل ، وهذا قبيحٌ منهم ؛ لأنّه قد صحَّ عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال :( مَن حدّث عنّي حديثاً يرى أنّه كذِب ، فهو أحدُ الكاذبين ) (٢) .

وقد أورد السيوطي كلام ابن الجوزي هذا مع إسقاط الجملة الأخيرة منه التي فيها ذمّ لجمهور المحدّثين...(٣) .

فكان ابن أبي داود مطعوناً عند ابن الجوزي والسيوطي أيضاً .

وحرمة رواية الحديث الموضوع ـ مع العلم بوضعه ـ ممّا استفاض فيه الحديث النبوي واتّفق عليه العلماء .

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٢ : ٤٣٣ ـ ٤٣٥/ ٤٣٦٨ .

(٢) كتاب الموضوعات ١ : ٢٤٠ .

(٣) اللآلي المصنوعة ١ : ٢٢٨ .

٢٩٨

تفسير أبي بكر النقّاش

وهو مِن مشاهير مفسّريهم ، وقد اعتمد على تفسيره علماؤهم ، حتّى أنّ صاحب( التحفة ) رجّح روايته في نزول آية الولاية ، في المهاجرين والأنصار على رواية الثعلبي نزولها في أمير المؤمنينعليه‌السلام (١) .

وقال السيوطي في( اللآلي المصنوعة ) :

( وأمّا النقّاش ، فهو أحد العلماء بالقراءات ، وأحد الأئمّة في التفسير ، قال الذهبي : صار شيخ المُقرين في عصره ، على ضعفٍ فيه ، أثنى عليه أبو عمرو الداني ، وحدّث بمناكير ) .

واعتمد السبكي على توثيق أبي عمرو الداني ، قال :

( محمّد بن الحسن بن محمّد بن زياد بن هارون بن جعفر بن سند ، أبو بكر النقّاش ، الموصلي ثمّ البغدادي ، الإمام في القراءة والتفسير وكثير من العلوم... وثّقه أبو عمرو الداني وقبله وزكّاه... )(٢) .

لكنّ تكلّمهم فيه وفي تفسيره كثير :

قال السمعاني :

( ذكر طلحة بن محمّد بن جعفر النقّاشَ فقال : كان يكذب في الحديث والغالب عليه القصص .

ـــــــــــــــــــ

(١) التحفة الاثنا عشريّة : ١٩٨ .

(٢) طبقات الشافعيّة ٣ : ١٤٥ ـ ١٤٦/ ١٢٩ .

٢٩٩

وسُئل أبو بكر البرقاني عن النقّاش فقال : كلّ حديثه منكر .

وقال البرقاني وذكر تفسير النقّاش فقال : ليس فيه حديثٌ صحيح .

وكان هبة الله الطبري اللالكائي يقول : تفسير النقّاش ذلك إشفاء الصدور ليس بشفاء الصدور )(١) .

وأورد الذهبي الكلمات المذكورة في( الميزان ) (٢) وفيه أيضاً :

( محمّد بن الحسن ، روى عنه إسحاق بن محمّد السيوطي أحاديث مختلفة في فضل معاوية ، لعلّه النقّاش صاحب التفسير ، فإنّه كذّاب )(٣) .

وكذا في( لسان الميزان ) (٤) و( وفيات الأعيان ) (٥) .

ـــــــــــــــــــ

(١) الأنساب ٥ : ٥١٧ ـ ٥١٨ ( النقّاش ) .

(٢) ميزان الاعتدال ٣ : ٥٢٠/ ٧٤٠٤ .

(٣) ميزان الاعتدال ٣ : ٥١٦/ ٧٣٩٠ .

(٤) لسان الميزان ٦ : ٤٥/ ٧٢٨٨ .

(٥) وفيات الأعيان ٤: ٢٩٨/ ٦٢٧ .

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456