استخراج المرام من استقصاء الإفحام الجزء ٢

استخراج المرام من استقصاء الإفحام8%

استخراج المرام من استقصاء الإفحام مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 456

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 456 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 227626 / تحميل: 8348
الحجم الحجم الحجم
استخراج المرام من استقصاء الإفحام

استخراج المرام من استقصاء الإفحام الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

قال: « إن هو أقر جلد، وإن كانت في عدتها لا عنها »(١) .

[٧٠٥] وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفرعليه‌السلام ، عن رجل ظاهر من إمرأته، ثم طلقها بعد ذلك بشهر أو شهرين، فتزوجت، ثم طلقها الذي تزوجها، فراجعها الأول، هل عليه فيها الكفارة للظهار الأول؟

قال: « نعم؛ عتق رقبة، أو صيام، أو صدقة »(٢) .

[٧٠٦] وأما مارواه محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن أحمد العلوي، عن عبدالله بن الحسن، عن جده، عن علي بن جعفر، عن أبيه، عن ابائه، عن عليعليه‌السلام قال: « أتى رجل من الأنصار - من بني النجار - رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: إني ظاهرت من امرأتي، فواقعتها قبل أن اكفر.

قالعليه‌السلام : ( وما حملك على ذلك )؟. قال: رأيت بريق خلخالها، وبياض ساقيها في القمر، فواقعتها.

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا تقربها حتى تكفر ).

وأمره بكفارة الظهار، وان يستغفر الله »(٣) .

[٧٠٧] وسألته، عن المطلقة لها أن تكتحل وتختضب أوتلبس ثوباً مصبوغاً.

قال: « لا بأس، إذا فعلته من غير سوء »(٤) .

[٧٠٨] وسألته، عن المتوفى عنها زوجها كم عدتها؟

قال: « أربعة أشهر وعشراً »(٥) .

__________________

(١) قرب الاسناد: ١١٠.

(٢) التهذيب ٨: ١٧ / ٥٢.

(٣) التهذيب ٨: ١٩ / ٦٠، الاستبصار ٣: ٢٦٦ / ٩٥٣، وما بين القوسين زيادة من الأول.

(٤) قرب الاسناد: ١١٠.

(٥) قرب الاسناد: ١١١.

٢٨١

[٧٠٩] وسأل، علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفرعليه‌السلام عن يهودي أو نصراني طلق تطليقة ثم أسلم هو وإمرأته ما حالهما؟

قال: « ينكحها نكاحاً جديداً ».

قلت: فإن طلقها بعد إسلامه تطليقة أو تطليقتين، هل تعتد بما كان طلقها قبل إسلامها؟

قال: « لا تعتد بذلك »(١) .

[٧١٠] وسألته، عن الرجل المسلم هل يصلح له أن يسترضع لولده اليهودية والنصرانية وهن يشربن الخمر؟

قال: « إمنعوهن من شرب الخمر ما ارضعوا لكم »(٢) .

[٧١١] محمد بن يحيى، عن العمركي بن علي، عن علي بن جعفر، عن أخيه أبي الحسنعليه‌السلام قال: سألته عن امرأة ولدت من زنا هل يصلح أن يسترضع بلبنها؟

قال: « لا يصلح ولا لبن إبنتها التي ولدت من الزنا »(٣) .

[٧١٢] عبدالله بن الحسن العلوي، عن جده علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليهما‌السلام قال: سألته عن الطلاق وما حده وكيف ينبغي للرجل أن يطلق؟

قال: « السنة أن يطلق عند الطهر واحدة ثم يدعها حتى تمضي عدتها، فإن بدا له أن يراجعها قبل أن تبين، أشهد على رجعتها وهي إمرأته، وان تركها حتى

__________________

(١) التهذيب ٨: ٩٢ / ٣١٦.

(٢) قرب الاسناد: ١١٧.

(٣) الكافي ٦: ٤٤ / ١١، التهذيب ٨: ١٠٨ / ٣٦٨، الاستبصار ٣: ٣٢١ / ١١٤٤، وفي الفقيه ٣: ٣٠٧ / ١٤٨٠، هكذا: امرأة زنت هل تصلح ان تسترضع؟...، وفي قرب الاسناد: ١١٧ ذيل للحديث المتقدم برقم (٧١٠).

٢٨٢

تبين فهو خاطب من الخطاب، إن شاءت فعلت وإن شاءت لم تفعل »(١) .

[٧١٣] وسألته، عن رجل له أربع نسوة فطلق واحدة، هل يصلح له أن يتزوج اخرى قبل أن تنقضي عدة التي طلق؟

قال: « لا يصلح له أن يتزوج، حتى تنقضي عدة المطلقة »(٢) .

[٧١٤] وسألته، عن إمرأة بارأت زوجها على أن له الذي لها عليه، ثم بلغها أن سلطاناً إذا رفع ذلك إليه، وكان ذلك بغير علم منه، أبى ورد عليها ما أخذ منها، كيف يصنع؟

قال: « فليشهد عليها شهوداً على مباراته إياها، إنه قد دفع إليها الذي لها ولا شيء لها قبله »(٣) .

__________________

(١) قرب الاسناد: ١١٠.

(٢) قرب الاسناد: ١١١.

(٣) قرب الاسناد: ١١١.

٢٨٣

الاطعمة والاشربة

[٧١٥] وسألته، عن السمك يصاد ثم يوثق فيرد الى الماء، حتى يجىء من يشتريه، فيموت بعضه أيحل اكله؟

قال: « لا، لانه مات في الذي فيه حياته »(١) .

[٧١٦] وسألته، عن الشاة يستخرج من بطنها ولد بعد موتها حياً، هل يصلح اكله؟

قال: « لا بأس »(٢) .

[٧١٧] وسألته، عن ذبايح نصارى العرب.

قال: « ليس هم بأهل كتاب، فلا تحل ذبائحهم »(٣) .

[٧١٨] وسألته، عن اكل الثوم والبصل.

قال: « لا بأس »(٤) .

[٧١٩] عبدالله بن الحسن، عن جده علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، قال: سألته عن الثوم والبصل يجعل في الدواء قبل أن يطبخ.

__________________

(١) قرب الاسناد: ١١٨.

(٢) قرب الاسناد: ١١٦.

(٣) قرب الاسناد: ١١٧.

(٤) قرب الاسناد: ١١٦.

٢٨٤

قال: « لا بأس »(١) .

[٧٢٠] وسألته، عن بيض أصابه رجل في أجمة لا يدري بيض ما هو، هل يصلح اكله؟

قال: « إذا اختلف رأساه فلا بأس، وإن كان الرأسان سواء فلا يحل اكله »(٢) .

[٧٢١] علي بن جعفر، عن أخيه، قال: سألته عن الرجل يصلي إلى القبلة، لا يوثق به، أتى بشراب زعم أنه على الثلث، فيحل شربه؟

قال: « لا يصدق، إلا أن يكون مسلماً عارفاً »(٣) .

[٧٢٢] عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم، عن علي بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن موسىعليه‌السلام ، قال: سألته عن الزبيب هل يصلح أن يطبخ حتى يخرج طعمه، ثم يؤخذ ذلك الماء فيطبخ حتى يذهب ثلثاه ويبق الثلث، ثم يرفع ويشرب منه السنة؟

فقال: « لا بأس به »(٤) .

[٧٢٣] محمد بن يحيى، عن العمركي بن علي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، قال: سألته عن سمكة وثبت من نهر فوقعت على الجد(٥) من النهر فماتت، هل يصلح اكلها؟

فقال: « إن أخذتها قبل أن تموت ثم ماتت فكلها. وإن ماتت من قبل أن تأخذها فلا تاكلها »(٦) .

__________________

(١) قرب الاسناد: ١١٦.

(٢) قرب الاسناد: ١١٨.

(٣) التهذيب ٩: ١٢٢ / ٥٢٨، قرب الاسناد: ١١٦.

(٤) الكافي ٦: ٤٢١ / ١٠، التهذيب ٩: ٢١ / ٥٢٢ عن الكافي، قرب الاسناد: ١١٦.

(٥) في قرب الاسناد: الجرف.

(٦) الكافي ٦: ٣١٨ / ١١، التهذيب ٩: ٧ / ٢٣، قرب الاسناد: ١١٧.

٢٨٥

اللقطة

[٧٢٤] عنه، عن أحمد بن محمد، عن العمركي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، قال: سألته، عن اللقطة إذا كانت جارية، هل يحل فرجها لمن التقطها؟

قال: « لا، إنما يحل له بيعها بما أنفق عليها »(١) .

[٧٢٥] وسألته، عن اللقطة يجدها الفقير، هل هو منها بمنزلة الغني؟

قال: « نعم »(٢) .

[٧٢٦] وسألته، عن اللقطة يصيبها الرجل.

قال: « يعرفها سنة، ثم هي كسائر ماله ».

وقال: كان علي بن الحسينعليه‌السلام يقول لأهله: « لا تمسوها »(٣) .

__________________

(١) التهذيب ٦: ٣٩٧ / صدر الحديث ١١٩٨، وتقدم ذيله برقم ٢٦٥ عنه وعن الفقيه وقرب الاسناد، واُنظر الحديث ٧٢٦.

(٢) قرب الاسناد: ١١٥، الفقيه ٣: ١٨٦ / ٨٤٠ باختلاف.

(٣) قرب الاسناد: ١١٥، وروى ذيله الشيخ الصدوق في الفقيه ٣: ١٨٦ / قطعة من الحديث ٨٤٠.

٢٨٦

الشهادات

[٧٢٧] محمد بن يحيى، عن العمركي بن علي، عن علي بن جعفر، عن أخيه أبي الحسنعليه‌السلام ، قال: سألته عن السائل « الذي يسأل(١) في كفه - هل تقبل شهادته؟

فقال: « كان أبيعليه‌السلام لا يقبل شهادته إذا سأل في كفه »(٢) .

[٧٢٨] وسألته، عن السائل بكفه هل تجوز شهادته؟

قال: « كان أبي يقول: لا تجوز شهادة السائل بكفه »(٣) .

__________________

(١) من دونها في التهذيب.

(٢) الكافي ٧: ٣٩٧ / ١٤، التهذيب ٦: ٢٤٦ / ٦٠٩.

(٣) قرب الاسناد: ١٢٢.

٢٨٧

الحدود

[٧٢٩] وسألته، عن رجل قتل مملوكاً ما عليه؟

قال: « يعتق رقبة، ويصوم شهرين متتابعين، ويطعم ستين مسكيناً »(١) .

[٧٣٠] وسألته، عن يهودي أو نصراني أو مجوسي اخذ زانياً أو شارب خمر(٢) ما عليه؟

قال: « يقام عليه(٣) حدود المسلمين إذا فعلوا ذلك في مصر من أمصار المسلمين. أو في غير أمصار المسلمين إذا رفعوا إلى حكام المسلمين »(٤) .

[٧٣١] عبد الله بن الحسن، عن جده علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليهما‌السلام قال: سألته عن رجل وقع على صبيته ما عليه؟

قال: « الحد »(٥) .

[٧٣٢] وقال: « إن من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فشربها الثالثة فاقتلوه »(٦) .

__________________

(١) قرب الاسناد: ١١٢.

(٢) في المصدر: خمرا.

(٣) كذا، ولعل الصحيح: تقام عليهم.

(٤) قرب الاسناد: ١١٢.

(٥) قرب الاسناد: ١١١.

(٦) قرب الاسناد: ١١٢.

٢٨٨

[٧٣٣] وسألته، عن الرجل هل يصلح له أن يضرب مملوكه في الذنب يذنبه؟

قال: « يضريه على قدر ذنبه؛ إن زنى جلده، وإن كان غير ذلك فعلى قدر ذنبه، السوط والسوطين وشبهه، ولا يفرط في العقوبة »(١) .

[٧٣٤] وقال: « إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اتى بإمرأة مريضة ورجل أجرب مريض قد بدت عروق فخذيه قد فجر بإمرأة.

فقالت: المرأة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتيته، فقلت له: إطعمني واسقني فقد جهدت.

فقال: لا، حتى أفعل بك، ففعل.

فجلده - رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - بغير بينة مائة شمروخ، ضربة واحدة، وخلى سبيله، ولم يضرب المرأة »(٢) .

[٧٣٥] علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن رجل تزوج بامرأة فلم يدخل بها فزنى(٣) ماعليه؟ قال: « يجلد الحد ويحلق رأسه ( ويفرق بينه وبين أهله )(٤) وينفى سنة »(٥) .

[٧٣٦] محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد العلوي، عن العمركي الخراساني، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليهما‌السلام .

قال: سألته عن مكاتب فقأ عين مكاتب، أو كسر سنه ما عليه؟

قال: « إن كان أدى نصف مكاتبته فديته دية حر، وإن كان دون

__________________

(١) قرب الاسناد: ١١٢.

(٢) قرب الاسناد: ١١١.

(٣) في قرب الاسناد: ثم زنى باخرى.

(٤) من دونها في قرب الاسناد.

(٥) التهذيب ٧: ٤٨٩ / ١٩٦٦ و ١٠: ٣٦ / ١٢٥، والفقيه ٣: ٢٦٢ / ١٢٥١، وقرب الاسناد: ١٠٨.

٢٨٩

النصف فبقدر ما عتق، وكذا إذا فقأ عين حر »(١) .

[٧٣٧] وسألته، عن حر فقأ عين مكاتب، أو كسر سنه ما عليه؟

قال: « إن كان أدى نصف مكاتبته يفقأ عين الحر، أو ديته. فإن كان خطأ هو بمنزلة الحر. وإن كان لم يؤد النصف قوم وادي بقدر ما اعتق(٢) منه ».

[٧٣٨] وسألته، عن المكاتب إذا أدى نصف ماعليه؟

قال: « هو بمنزلة الحر في الحدود، وغير ذلك من قتل وغيره »(٣) .

[٧٣٩] وسألته، عن مكاتب فقأ عين مملوك وقد أدى نصف مكاتبته؟.

قال: « يقوم المملوك، ويؤدي المكاتب إلى مولى المملوك نصف ثمنه »(٤) .

[٧٤٠] سهل بن زياد(٥) ، عن علي بن اسباط، عن علي بن جعفر، قال: أخبرني أخي موسىعليه‌السلام ، قال: « كنت واقفا على رأس أبي حين أتاه رسول زياد بن عبيدالله الحارثي عامل المدينة، فقال: يقول لك الأمير: إنهض إلي فاعتل عليه بعلة. فعاد إليه الرسول فقال له: قد أمرت أن يفتح لك باب المقصورة فهو أقرب لخطوتك.

قال: فنهض أبي، واعتمد علي، فدخل على الوالي، وقد جمع فقهاء أهل المدينة كلهم، وبين يديه كتاب فيه شهادة على رجل من أهل وادي القرى قد ذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنال منه.

فقال له الوالي: يا أبا عبدالله انظر في هذا الكتاب.

__________________

( ١) التهذيب ١٠: ٢٠١ / ٧٩٥، الاستبصار ٤: ٢٧٧ / ١٠٤٩، فيها صدر الحديث.

(٢) التهذيب ١٠: ٢٠١ / قطعة من الحديث ٧٩٥، الاستبصار ٤: ٢٧٧ / ١٠٤٩ كذلك، والزيادة من التهذيب.

(٣) التهذيب ١٠: ٢٠١ / قطعة من الحديث ٥ ٧٩، الاستبصار ٤: ٧٧ ٢ / ذيل الحديث ٩ ٤ ٠ ١.

(٤) التهذيب ١٠: ٢٠١ / ذيل الحديث ٧٩٥، ولم يورده الشيخ في الاستبصار.

(٥) رواه الكليني عن عدة من اصحابنا، عن سهل.

٢٩٠

قال: حتى أنظر ما قالوا.

قال: فالتفت إليهم فقال: ماقلتم؟

قالوا، قلنا: يؤدب ويضرب ويعذب ويحبس. قال، فقال لهم: أرأيتم لو ذكر رجلا من أصحاب النييصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما كان الحكم فيه؟

قالوا: مثل هذا.

قال: فليس بين النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبين رجل من أصحابه فرق؟!!

قال، فقال الوالي: دع هؤلاء يا أبا عبدالله، لو أردنا هؤلاء لم نرسل إليك!!

قال، فقال أبو عبداللهعليه‌السلام : أخبرني أبي أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ( الناس في إسوة سواء، من سمع أحداً يذكرني فالواجب عليه أن يقتل من شتمني ولا يرفع إلى السلطان. والواجب على السلطان إذا رفع إليه أن يقتل من نال مني ).

قال، فقال زياد بن عبيدالله: أخرجوا هذا الرجل فاقتلوه بحكم أبي عبدا لله »(١) .

[٧٤١] وقال: « يجلد الزاني أشد الجلد. وجلد المفتري بين الجلدتين »(٢) .

[٧٤٢] محمد بن أحمد بن يحيى، عن بنان بن محمد، عن موسى بن القاسم، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته عن قوم مماليك إجتمعوا على قتل حرٍ ما حالهم؟

فقال: « يقتلون به »(٣) .

__________________

(١) التهذيب ١٠: ٨٤ / ٣٣١، الكافي ٧: ٢٦٦ / ٣٢ - باب ٦٣-.

(٢) قرب الاسناد: ١١١.

(٣) التهذيب ١٠: ٢٤٤ / صدر الحديث ٩٦٦، وتقدم ذيله برقم: ١٠٦.

٢٩١

[٧٤٣] محمد بن يحيى، عن العمركي بن علي النيسابوري، عن علي بن جعفر، عن أخيه أبي الحسنعليه‌السلام ، قال: سألته عن مسلم تنصر(١) .

قال: « يقتل، ولا يستتاب ».

قلت: فنصراني أسلم ثم ارتد عن الاسلام.

قال: « يستتاب، فان رجع وإلا قتل »(٢) .

[٧٤٤] وسألته، عن دية اليهودي والمجوسي والنصراني كم هي؟

قال: « ثمانمائة. ثمانمائة كل رجل منهم »(٣) .

[٧٤٥] عن علي بن جعفر، عن أخيه موسىعليه‌السلام ، قال: سألته عن رجل قتل مملوكه.

قال: « عليه عتق رقبة، وصوم شهرين متتابعين، واطعام ستين مسكيناً. ثم تكون التوبة بعد ذلك »(٤) .

[٧٤٦] وقال: « إبتدر الناس إلى قراب سيف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد موته، فإذا صحيفة صغيرة وجدوا فيها ( من اوى محدثاً فهو كافر، ومن تولى غير مواليه فعليه لعنة الله ومن أعتى(٥) الناس على الله عزوجل: من قتل غير قاتله، أو ضرب غير ضاربه ) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا يزني الزاني وهو مؤمن ) »(٦) .

[٧٤٧] وسألته، عن صبي وقع على إمرأة.

__________________

(١) في الاستبصار: إرتد.

(٢) الكافي ٧: ٢٥٧ / ١٠ - باب ٦١ -، التهذيب ١٠: ١٣٨ / ٥٤٨، الاستبصار ٤: ٢٤٥ / ٩٦٣.

(٣) قرب الأسناد: ١١٢.

(٤) تفسير العياشي ١: ٢٦٨ / ٢٤١.

(٥) العتو: التكبر ومجاوزة الحد والتهرب من الطاعة. تاج العروس ١٠ / ٢٣٣- عتا -.

(٦) قرب الإسناد: ١١٢.

٢٩٢

قال: « تجلد المرأة، ولا شيء على الصبي »(١) .

[٧٤٨] وسألته، عن رجل شهر إلى صاحبه بالرمح والسكين.

فقال: « إن كان يلعب فلا بأس »(٢) .

[٧٤٩] وسألته، عن حد ما يقطع فيه يد السارق.

قال: « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : بيضة حديد بدرهمين، أو ثلاثة »(٣) .

__________________

(١) قرب الاسناد: ١١١.

(٢) قرب الاسناد: ١١٢.

(٣) قرب الإسناد: ١١٢.

٢٩٣

اللهو

[٧٥٠] الحسين، عن موسى بن القاسم البجلي، عن محمد بن علي بن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن أخيه موسى، عن أبيه جعفرعليه‌السلام قال:

« النرد والشطرنج من الميسر »(١) .

[٧٥١] عنه(٢) ، عن موسى بن القاسم، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسىعليه‌السلام أنه سأل أباه عن التماثيل؟.

فقال: « لا يصلح أن يلعب بها »(٣) .

__________________

(١) تفسيرالعياشي ١: ١٠٦ / ٣١٢.

(٢) أي: أحمد بن محمد بن خالد البرقي.

(٣) المحاسن: ٦١٨ / ٥٢ - باب ٥ - وفي قرب الاسناد: ١٢٢ مالفظه: وسألته عن التماثيل هل يصلح ان يلعب بها؟ قال: «لا».

٢٩٤

متفرقات

[٧٥٢] وسألته، عن القرطاس يكون فيه الكتابة فيه ذكر الله أيصلح إحراقه بالنار؟

قال: « إن تخوفت فيه شيئاً فاحرقه، فلا بأس »(١) .

__________________

(١) قرب الاسناد: ١٢٢.

٢٩٥

أحكام أهل الذمة

[٧٥٣] قال، وسألته عن اليهودي والنصراني والمجوسي(١) هل يصلح أن يسكنوا في دار الهجرة؟

قال: « أما أن يلبثوا(٢) فيها فلا يصلح ».

وقال: « إن نزلوا نهارا ويخرجوا منها بالليل فلا بأس »(٣)(٤) .

__________________

(١) في قرب الاسناد: عن اليهود والنصارى والمجوس.

(٢) في قرب الاسناد: يسكنوا.

(٣) في قرب الاسناد: « فلا يصلح، ولكن ينزلوا بها نهاراً ويخرجوا منها ليلاً ».

(٤) التهذيب ٨: ٢٧٧ / ١٠٠٨، ويأتي صدره برقم ٧٨٥، قرب الاسناد: ١١٢.

٢٩٦

الشركة

[٧٥٤] وسألته، عن رجل قال لرجل علمني عملك وأعطيك ستة دراهم وشاركني.

قال: « إذا رضى فلا بأس »(١) .

__________________

(١) قرب الاسناد: ١١٤، وتقدم نحوه برقم ٨٩.

٢٩٧

الضمان

[٧٥٥] محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن أحمد العلوي، عن العمركي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته عن بختي اغتلم، قتل رجلاً ما على صاحبه؟

قال: « عليه الدية »(١) .

__________________

(١) التهذيب ١٠: ٢٢٦ / ٨٩١.

٢٩٨

أحكام الآنية

[٧٥٦] عنه(١) ، عن أبي القاسم، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليهما‌السلام .

قال: سألته عن المراة هل يصلح إمساكها إذا كان لها حلقة من فضة؟

قال: « نعم إنما كره استعمال ما يشرب »(٢) .

__________________

(١) أي: أحمد بن محمد بن خالد البرقي.

(٢) المحاسن: ٥٨٣ / ٦٩ - باب انية الذهب والفضة - وتقدم ذيله برقم ٢٠٩.

٢٩٩

الإجارة

[٧٥٧] وسألته، عن الرجل يكتب المصحف بالأجر؟

قال: « لا بأس »(١) .

[٧٥٨] وسألته، عن الرجل هل يصلح أن يكتب المصحف بالأحمر؟

قال: « لا بأس »(٢) .

__________________

(١) قرب الاسناد: ١١٥.

(٢) قرب الإسناد: ١٢١.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

وقال الإمام أبو القاسم سعد بن عليّ الزنجاني : إنّ لأبي عبد الرحمان النسائي شرطاً في الرجال أشدّ مِن شرط البخاري ومسلم وقال أبو زرعة الرّازي لمّا عرض عليه ابن ماجة السُنن ( كتابه ) : أظنّ إنْ وقع هذا في أيدي الناس تعطّلت هذه الجوامع كلّها ، أو قال أكثرها .

ووراء هذا بحث آخر وهو : إنّ قول الشيخ أبي عمرو ابن الصلاح : إنّ الأُمّة تلقّت الكتابين بالقبول .

إنْ أراد كلّ الأُمّة ، فلا يخفى فساد ذلك ، إذ الكتابان إنّما صُنِّفا في المئة الثالثة بعد عصر الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ، وأئمّة المذاهب المتّبعة ورُؤوس حفّاظ الأخبار ونقّاد الآثار ، المتكلّمين في الطُرق والرجال المُمَيّزين بين الصحيح والسقيم .

وإنْ أراد بالأُمّة الذين وجدوا بعد الكتابين ، فهم بعض الأُمّة ، فلا يستقيم له دليله الذي قرّره مِن تلقّي الأُمّة وثبوت العصمة لهم ، والظاهريّة إنّما يعتنون بإجماع الصحابة خاصّة ، والشيعة لا تعتدّ بالكتابين وطعنت فيهما ، وقد اختلف في اعتبار قولهم في الإجماع وانعقاده .

ثمّ ، إنْ أراد كلّ حديث فيهما تُلقّي بالقبول مِن الناس كافّة ، فغير مستقيم ، فقد تكلّم جماع مِن الحفّاظ في أحاديث فيهما .

فتكلّم الدارقطني في أحاديث وعلّلها .

وتكلّم ابن حزم في أحاديث ، كحديث شريك في الإسراء قال : إنّه خلط .

ووقع في الصحيحين أحاديث متعارضة لا يُمكن الجمع بينهما ، والقطع لا يقع التعارض فيه .

وقد اتّفق البخاري ومسلم على إخراج حديث محمّد بن بشّار بندار ، وأكثرا مِن الاحتجاج بحديثه ، وتكلّم فيه غير واحدٍ من الحفّاظ وأئمّة الجرح والتعديل ونُسِب إلى الكذِب ، وحلّ عمرو بن عليّ الفلاّس شيخ البخاري أنّ بنداراً يكذب في حديثه عن يحيى ، وتكلّم فيه أبو موسى ، وقال عليّ بن المديني في الحديث الذي رواه في السجود : هذا كذِب ، وكان يحيى لا يعبأ به ويستضعفه ، وكان القواريري لا يرضاه .

وأكثرا مِن حديث عبد الرزّاق والاحتجاج به ، وتُكُلِّم فيه ونُسِب إلى الكذِب .

وأخرج مسلم لأسباط بن نصر ، وتكلّم فيه أبو زرعة وغيره .

٤٢١

وأخرج أيضاً عن سمّاك بن حرب وأكثر عنه ، وتكلّم فيه غير واحد ، وقال الإمام أحمد بن حنبل ، هو مضطرب الحديث ، وضعّفه أمير المؤمنين في حديث شعبة وسفيان الثوري ، وقال يعقوب بن شيبة : لم يكن من المتثبّتين وقال النسائي : في حديثه ضعف قال شعبة : كان سمّاك يقول في التفسير : عكرمة ولو شئت لقلت له ابن عبّاس لقاله وقال ابن المبارك : سمّاك ضعيفٌ في الحديث ، وضعّفه ابن حزم وقال : كان يُلَقَّن فَيَتَلَقَّنُ .

وكان أبو زرعة يذمّ وضع كتاب مسلم ويقول : كيف تسمّيه الصحيح وفيه فلان وفلان ؟ فذكر جماعة .

وأمثال ذلك تستغرق أوراقاً .

فتلك الأحاديث عندهما ولم يتلقّوها بالقبول .

وإنْ أراد غالب ما فيهما ، سلِم مِن ذلك ولم يبقَ له حجّة ) .

وقال الشيخ عبد القادر القرشي :

( فائدة ـ حديث أبي حميد السّاعدي في صفة صلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في مسلمٍ وغيره ، يشتمل على أنواعٍ منها : التورّك في الجلسة الثانية ، ضعّفه الطحاوي ، لمجيئه في بعض الطُرق عن رجل ، عن أبي حميد ، قال الطحاوي : فهذا مُنقطع على أصل مخالفينا ، وهُم يردّون الحديث بأقلّ مِن هذا .

قلت : ولا يحنّق علنيا لمجيئه في مسلم ، وقد وقع في مسلم أشياء لا تقوى عند الاصطلاح ، فقد وضع الحافظ الرّشيد العطّار على الأحاديث المقطوعة المخرّجة في مسلم كتاباً سمّاه بـ( غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقَع في مسلم من الأحاديث المقطوعة ) ، سمعته على شيخنا أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد بن عبد الله الطاهري سنة اثنتي عشر وسبعمئة ، بسماعه من مصنّفه الحافظ رشيد الدين ، بقراءة الشيخ فخر الدين أبي عمرو عثمان المقابلي ، وبيّنها الشيخ محيي الدين في أوّل شرح مسلم .

وما يقوله الناس : إنّ مَن روى له الشيخان فقد جاز القنطرة ، هذا أيضاً مِن التحنّق ولا يقوى ، فقد روى مسلم في كتابه عن ليث عن أبي مسلم وغيره من الضعفاء ، فيقولون : إنّما روى في كتابه للاعتبار والشواهد والمتابعات ، وهذا لا يقوى ؛ لأنّ الحفّاظ قالوا : الاعتبار والشواهد والمتابعات والاعتبارات ، أُمورٌ يتعرّفون بها حال الحديث ، وكتاب مسلم التزم فيه الصحّة ، فكيف يتعرّف حال الحديث الذي فيه بطريق ضعيفة .

٤٢٢

واعلم أنّ ( عن ) مقتضية للانقطاع عند أهل الحديث ، ووقع في مسلم والبخاري مِن هذا النوع شيء كثير ، فيقولون على سبيل التحنّق : ما كان من هذا النوع في غير الصحيحين فمنقطع ، وما كان في الصحيحين فمحمول على الاتّصال .

وروى مسلم في كتابه ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، أحاديثَ كثيرة بالعنعنة وقال الحافظ : أبو الزبير محمّد بن مسلم بن مسلم بن تدرس المكّي يدلّس في حديث جابر ، فما كان يصفه بالعنعنة لا يقبل ، وقد ذكر ابن حزْم وعبد الحقّ عن الليث بن سعد أنّه قال لأبي الزبير: علّم لي أحاديث سمعتها مِن جابر حتّى أسمعها منك ، فعلّم لي أحاديث أظنّ أنّها سبعة عشر حديثاً فسمعتها منه ، قال الحافظ : فما كان مِن طريق الليث عن أبي الزبير عن جابر ، صحيح .

وقد روى مسلم في كتابه أيضاً ، عن جابر وابن عمر ، في حجّة الوداع ، أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم توجّه إلى مكّة يوم النحر ، وطاف طواف الإفاضة ثمّ رجع فصلّى الظهر بمنى ، فيتحنّقون ويقولون : أعادها لبيان الجواز ، وغير ذلك مِن التأويلات ، ولهذا قال ابن حزم في هاتين الروايتين : إحداهما كذِبٌ بلا شك .

وروى مسلم أيضاً حديث الإسراء وفيه : ( وذلك قبل أن يوحى إليه ) وقد تكلّم الحفّاظ في هذه اللّفظة وبيّنوا ضعفها .

وروى مسلم أيضاً : ( خلق الله التّربة يوم السبت ) ، واتّفق الناس على أنّ يوم السبت لم يقع فيه خلْق .

وروى مسلم عن أبي سفيان أنّه قال للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا أسلم : ( يا رسول الله ، أعطني ثلاثاً ، تزوّج ابنتي أُمّ حبيبة ، وابني معاوية اجعله كاتباً ، وأمّرني أنْ أُقاتل الكفّار كما قاتلت المسلمين ، فأعطاه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والحديث معروف مشهور ، وفي هذا من الوهم ما لا يخفى ، فأُمّ حبيبة تزوّجها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهي بالحبشة وأصدقها النجاشي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أربعمِئة دينار ، وحضر وخطب وأطعم ، والقصّة مشهورة ، وأبو سفيان إنّما أسلم عام الفتح ، وبين الهجرة والحبشة والفتح عدّة سنين ، ومعاوية كان كاتباً للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مِن قبل ، وأمّا إمارة أبي سفيان فقد قال الحافظ : إنّهم لا يعرفونها .

٤٢٣

فيجيبون على سبيل التحنّق بأجوبة غير طائلة ، فيقولون في نكاح ابنته : اعتقد أنّ نكاحها بغير إذنه لا يجوز وهو حديث عهد بكفر ، فأراد من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تجديد النكاح ، ويذكرون عن الزبير بن بكار بأسانيد ضعيفة ، أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمّره في بعض الغزوات ، وهذا لا يعرف .

وما حملهم على هذا كلّه إلاّ بعض التعصّب ، وقد قال الحافظ : إنّ مسلماً لمّا وضع كتابه الصحيح عرضه على أبي زرعة الرّازي فأنكر عليه وقال : سمّيته الصحيح ، فجعلتَ سلّماً لأهل البِدع وغيرهم ، فإذا روى لهم المخالف حديثاً يقولون هذا ليس في صحيح مسلم فرحم الله تعالى أبا زرعة فقد نطق بالصواب فقد وقع هذا .

وما ذكرت ذلك كلّه إلاّ أنّه وقع بيني وبين بعض المخالفين بحث في مسألة التورّك ، فذكر لي حديث أبي حميد المذكور أوّلاً ، فأجبته بتضعيف الطحاوي ، فما تلفّظ وقال : مسلم يصحّح والطحاوي يضعّف ، والله تعالى يغفر لنا وله ، آمين )(١) .

ترجمة عبد القادر القرشي

ترجم له الحافظ السيوطي بقوله : ( عبد القادر بن محمّد بن محمّد بن نصر الله بن سالم ، محيي الدين أبو محمّد بن أبي الوفا القرشي ، درّس [وأفتى] وصنّف ، شرح معاني الآثار ، وطَبَقَات الحنفيّة ، وشرح الخلاصة ، وتخريج أحاديث الهداية ، وغير ذلك ولِد سنة ستٍّ وسبعين وستّمِئة ، ومات في ربيع الأوّل سنة خمسٍ وسبعين وسبعمِئة )(٢) .

وقال محمود بن سليمان الكفوي بترجمته : ( المولى الفاضل والنحرير الكامل عبد القادر ، كان عالماً فاضلاً ، جامعاً للعلوم ، له مجموعات وتصانيف ، وتواريخ ومحاضرات وتواليف... )(٣) .

ـــــــــــــــــــ

(١) الجواهر المضيّة في طبقات الحنفيّة ٢ : ٤٢٨ ـ ٤٣٠ .

(٢) حسن المحاضرة في محاسن مصر والقاهرة ١ : ٤٧١ .

(٣) كتائب أعلام الأخيار مِن فقهاء مذهب النعمان المختار للكفوي ـ مخطوط ـ وله ترجمة في الدرر الكامنة ٢ : ٣٩٢ وشذرات الذهب ٦ : ٢٣٨، وتاج التراجم : ٢٨ ، وغيرها أيضاً .

٤٢٤

صحيح الترمذي

أمّا صحيح الترمذي الذي مدحوه وأثنوا عليه ، وجعلوه قريباً من الصحيحين في الصحّة والاعتبار ، ووصفوه بأنّه أحسن الكتب وأكثرها فائدة... كما قال ابن الأثير بترجمة الترمذي : ( وله تصانيف كثرة في علم الحديث ، وهذا كتابه الصحيح أحسن الكُتب وأكثرها فائدة ، وأحسنها ترتيباً وأقلّها تكراراً ، وفيه ما ليس في غيره مِن ذكر المذاهب ووجوه الاستدلال ، وتبيين أنواع الحديث من الصحيح والحسن والغريب ، وفيه جرحٌ وتعديل ، وفي آخره كتاب العلل ، قد جَمَع فيه فوائدٌ حسنة لا يخفى قدرها على مَن وقف عليها .

قال الترمذي رحمه الله : صنّفت هذا الكتاب ، فعرضته على علماء الحجاز فرضوا به ، وعرضته على علماء خراسان فرضوا به ، ومَن كان في بيته هذا الكتاب فكأنّما في بيته نبيّ يتكلّم )(١) .

وقال القاري في ( مجمع الوسائل ـ شرح الشمائل ) : ( هو أحد أئمّة عصره وأجلّة حفّاظ دهره ، قيل : ولِد أكمه ، سمع خلقاً كثيراً مِن العلماء الأعلام وحفّاظ مشايخ الإسلام ، مثل قُتيبة بن سعيد ، والبخاري ، والدارمي ، ونظرائهم ، وجامعه دالٌّ على اتّساع حفظه ووفور علمه ، كأنّه كافٍ للمجتهد وشافٍ للمقلّد .

ونُقل عن الشيخ عبد الله الأنصاري أنّه قال : جامع الترمذي عندي أنفع من كتابي البخاري ومسلم .

ومن مناقبه أنّ الإمام البخاري روى عنه حديثاً واحداً خارج الصحيح .

وأعلى ما وقع له في الجامع حديث ثلاثي الإسناد ، وهو قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( يأتي على الناس زمانٌ ، الصابر على دينه كالقابض على الجمر ) .

ـــــــــــــــــــ

(١) جامع الأُصول ١ : ١٩٤.

٤٢٥

الموضوعات في صحيح الترمذي

ولكنّ هذا الكتاب الذي وصفوه بهذه الأوصاف وشبّهوه بنبيٍّ يتكلّم... قالوا : فيه موضوعات كثيرة...

قال الحافظ ابن دحية ـ في كلامٍ له على الحدث في أنّ نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أكرم وِلْد آدم على ربّه ـ قال : ( أخرجه الترمذي في جامعه الكبير ، في باب أبواب المناقب ، عن رسول الله ، وقد تقدّم بعض أسانيدي إليه .

قال : ثنا الحسين بن يزيد الكوفي... هذا حديثٌ حسنٌ غريب .

قال ذو النسبين ـ رحمه الله ـ : الحسِن ما دون الصحيح ، ممّا لا تنتهي رواته إلى درجة العدالة لا وتنحطّ إلى درجة الفسق وقال الترمذي في آخر كتابه : وما ذكرنا في هذا الكتاب حديثٌ حسنٌ فإنّما أردنا حُسن إسناده عندنا ، كلّ حديث يُروى ، لا يكون في إسناده ممّن يُتّهم بالكذِب ولا يكون الحديث شاذّاً ويُروى من غير وجه نحو ذلك ، فهو عندنا حديثٌ حسن ، وما ذكر في هذا الكتاب حديثٌ غريب ، فإنّ أهل الحديث يستغربون الحديث لمعان ، رُبّ حديث يكون غريباً لا يُروى إلاّ من وجهٍ واحد .

ثمّ تمادى في شرح ذلك ووجوهه .

وقد ذكرت في كتابي المسمّى بـ( العلم المشهور ) أحاديث كثيرة ، أوردها أبو عيسى في كتابه هذا ، عن قومٍ كذّابين وحسّنها ، وهي موضوعة ولا يصحّ أنْ تكون مرفوعة ، فليرجع الناظر إليه فيما انتقدته عليه )(١) .

وقال ابن تيمية بعد حديثٍ في مناقبِ أمير المؤمنينعليه‌السلام :

( والترمذي قد ذكر أحاديث مُتعدّدة في فضائله ، وفيها ما هو ضعيفٌ بل موضوعٌ )(٢) .

ـــــــــــــــــــ

(١) شرح أسماء النبيّ = المستكفى ـ مخطوط .

(٢) منهاج السنّة ٥ : ٥١١ .

٤٢٦

هذا ، ونحن ذاكرون هنا بعض الأحاديث الموضوعة :

حديثٌ فيه بعث أبي بكر بلالاً مع النبيّ إلى الشام

فمن أحاديثه المكذوبة والباطلة : ما رواه في قضيّة سفر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الشام مع رجالٍ مِن قريش ، وأنّ أبا بكر بعث معه بلالاً ، وهذه عبارته : ( حدّثنا الفضل بن سهل أبو العبّاس البغدادي ، نا عبد الرحمان بن غزوان ، أنا يونس بن أبي إسحاق ، عن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري عن أبيه قال : خرج أبو طالب إلى الشام ، وخرج معه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أشياخٍ من قريش ، فلمّا أشرفوا على الراهب هبَط فحلّوا رحالهم ، فخرج إليهم الراهب ـ وكانوا قبل ذلك يمرّون به فلا يخرج إليهم ولا يلتفت ـ قال : فهم يحلّون رحالهم ـ فجعل يتخلّلهم الراهب حتّى جاء فأخذ بيد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : هذا سيّد العالمين ، هذا رسول ربّ العالمين يبعثه الله رحمة للعالمين .

فقال له أشياخٌ من قريش : ما علمك ؟

فقال : إنّكم حين أشرفتهم مِن العقبة لم يبقَ حجَر ولا شجَر إلاّ خرّ ساجداً ، ولا يسجدان إلاّ لنبيّ ، وإنّي أعرفه بخاتم النبوّة أسفل مِن غضروف كتفه مثل التفّاحة .

ثمّ رجع فصنع لهم طعاماً ، فلمّا أتاهم به فكان هو في رعية الإبل فقال : أرسلوا إليه ، فأقبل وعليه غمامة تُظِلُّه ، فلمّا دنا من القوم وجدَهم قد سبقوه إلى فيء الشجرة ، فلمّا جلس مال فيء الشجرة عليه فقال : أُنظروا إلى فيء الشجرة مال عليه .

قال : بينما هو قائم عليهم وهو يُناشدهم أنْ لا يذهبوا به إلى الروم ، فإنّ الروم إنْ رأوه عرفوه بالصفة فيقتلونه ، فالتفت فإذا بسبعةٍ قد أقبلوا مِن الروم فاستقبلهم فقال : ما جاء بكم ؟ قالوا : جئنا أنّ هذا النبيّ خارجٌ في هذا الشهر ، فلم يبقَ طريقٌ إلاّ بعث إليه بأُناس ، وإنّا قد أُخبرنا خبره بعثنا إلى طريقك هذا ، فقال : هل خلفكم أحدٌ هو خيرٌ منكم ؟ قالوا : إنّما اخترنا خيرةً لك لطريقك .

قال : أفرأيتم أمراً أراد الله أنْ يقضيه هل يستطيع أحدٌ من الناس ردّه ؟ قالوا : لا قال : فبايعوه وأقاموا معه قال : أُنشدكم بالله أيّكم وليّه ؟ قالوا : أبو طالب فلم يزل يناشده حتّى ردّه أبو طالب ، وبعث معه أبو بكر بلالاً ، وزوّده الراهب من الكعك والزيت .

٤٢٧

قال أبو عيسى : هذا حديثٌ حسنٌ غريب لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه )(١) .

فقد نصّ كبار الأئمّة على أنّه حديثٌ موضوع :

قال الذهبي ـ بترجمة عبد الرحمان بن غزوان ـ : ( قلت : أنكر ماله حديثه عن يونس بن أبي إسحاق ، عن أبي بكر بن أبي موسى ، في سفَر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وهو مُراهق ـ مع أبي طالب إلى الشام وقصّة بحيرا ، وممّا يدلّعلى أنّه باطلٌ قوله : وردّه أبو طالب وبعث معه أبو بكر بلالاً ، وبلال لم يكن بعد خلق ، وأبو بكر كان صبيّاً ) (٢) .

وقال ابن القيّم : ( فلمّا بلغ اثني عشر سنة خرَج به عمّه إلى الشام ، وقيل : كان تِسع سنين ، وفي هذه الخرجة رآه بحيرا الراهب وأمر عمّه أنْ لا يقدِم به إلى الشام خوفاً عليه مِن اليهود ، فبعثه عمّه مع بعض غلمانه إلى المدينة ، ووقَع في كتاب الترمذي وغيره : إنّه بعث معه أبو بكر بلالاً ، وهو مِن الغلط الواضح ، فإنّ بلالاً إذْ ذاك لعلّه لم يكن موجوداً ، وإنْ كان فلم يكن معه عمّه ولا مع أبي بكر )(٣) .

وقال محمّد بن يوسف الشامي : ( تنبيهات : الأوّل : وقع في حديث أبي موسى عند الترمذي : فلم يزل بحيرا يناشد جدّه حتّى ردّه ، وبعث معه أبو بكر بلالاً .

قال الحافظ شرف الدين الدمياطي ـ وتبعه في المورد والعيون ـ في قوله : وأرسل معه أبو بكر بلالاً نكارة ، وأبو بكر حينئذٍ لم يبلغ العشر سنين ، فإنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أسنّ مِن أبي بكر بأزيد مِن عامين ، وقد قدّمنا ما كان سنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين سافر هذه السفرة .

وأيضاً : فإنّ بلالاً لم ينتقل لأبي بكر إلاّ بعد ذلك بأكثر مِن ثلاثين عاماً ، فإنّه كان لبني خلف الجمحيين ، وعندما عُذِّب في الإسلام اشتراه أبو بكر رحمةً له واستنقاذاً له من أيديهم ، وسيأتي بيان ذلك .

وذكر نحو ذلك الحافظ في الإصابة وزاد : أنّ هذا اللفظ مقتطع من حديثٍ آخر أُدرج في هذا الحديث .

ـــــــــــــــــــ

(١) صحيح الترمذي ٥ : ٥٩٠ / ٣٦٢٠ .

(٢) ميزان الاعتدال ٤ : ٣٠٦ / ٤٩٣٩ .

(٣) زاد المعاد ١ : ٧٦ ـ ٧٧ .

٤٢٨

وفي الجملة هو وهم من أحد رواته .

وروى ابن مندة بسندٍ ضعيف عن ابن عبّاس قال : إنّ أبا بكر صحِب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة ، والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ابن عشرين سنة ، وهُم يُريدون الشام في تجارة ، حتّى إذا نزل منزلاً فيه سدرة فقعد في ظلّها ، ومضى أبو بكر إلى راهب يُقال له بحيرا يسأله عن شيء ، فقال له : مَن الرجل الذي في ظلّ السّدرة ؟ فقال له : محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب .

فقال له : هذا والله نبيّ هذه الأُمّة ، ما استظلّ تحتها بعد عيسى بن مريم إلاّ محمّد ، وذكر الحديث .

قال الحافظ : فهذا ـ إنْ صحّ ـ يُحتمل أنْ يكون في سفرةٍ أُخرى بعد سفرة أبي طالب .

وذكر نحوه فيالزهر وزاد : وقول ابن دحية يُمكن أنْ يكون أبو بكر استأجر بلالاً حينئذ ، أو يكون أُميّة بن خلف بعثه ، غير جيّد لأمرين : أحدهما : إنّ أبا بكر لم يكن معهم ولا كان في سنّ مَن يملك ، وذكر نحو ما سبق في سنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ ذاك ، ثانيهما : إنّ بلالاً كان أصغر مِن أبي بكر ، فلا يتّجه ما قاله بحال )(١) .

وقال الدياربكري بعد ذكر هذا الحديث : ( وفي حياة الحيوان : قال الحافظ الدمياطي : وفي الحديث وهْمٌ في قوله : وبعث معه أبو بكر بلالاً ، إذ لم يكونا معه ولم يكن بلال أسلم ، ولا ملَكه أبو بكر ، بل كان أبو بكر حينئذٍ لم يبلُغ عشر سنين ، ولم يملك أبو بكر بلالاً ، إلاّ بعد ذلك بأكثر من ثلاثين ، وكذا ضعّفه الذهبي .

ـــــــــــــــــــ

(١) سبُل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد ٢ : ١٤٤ .

٤٢٩

قال ابن حجَر : رجال هذا الحديث ثقات ، وليس فيه مُنكِر سوى قوله : وبعث معه أبو بكر... )(١) .

وقال ابن سيّد الناس : ( قلت : ليس في إسناد هذا الحديث إلاّ مَن خرّج له في الصحيح ، وعبد الرحمان بن غزوان ـ أبو نوح لقبه قراد ـ انفرد به البخاري ، ويونُس بن أبي إسحاق انفرد به مسلم .

ومع ذلك ففيه نكارة ، وهي إرسال أبي بكر مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلالاً ، وكيف ؟ وأبو بكر حينئذٍ لم يبلغ العشر سنين ، فإنّ النبيّ أسنّ مِن أبي بكر بأزيد من عامين ، وكانت للنبيّ يومئذٍ تسعةُ أعوام على ما قاله أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري وغيره ، أو اثنا عشر عاماً على ما قاله آخرون .

وأيضاً : فإنّ بلالاً لم ينتقل لأبي بكر إلاّ بعد ذلك بأكثر من ثلاثين عاماً ، فإنّه كان لبني خلف الجمحيين ، وعندما عُذِّب في الله على الإسلام اشتراه أبو بكر استنقاذاً له من أيديه ، وخبَره بذلك مشهور )(٢) .

حديث الائتمام بأبي بكر!!

ومِن ذلك : الحديث في فضل أبي بكر ، وهذه ألفاظ الترمذي : ( حدّثنا نصر بن عبد الرحمان الكوفي ، نا أحمد بن بشير ، عن عيسى بن ميمون الأنصاري ، عن القاسم بن محمّد ، عن عائشة قالت : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( لا ينبغي لقومٍ فيهم أبو بكر ، أنْ يؤمّهم غيره ) هذا حديثٌ

ـــــــــــــــــــ

(١) تاريخ الخميس ١ : ٢٥٨ ـ ٢٥٩ .

(٢) عيون الأثر في المغازي والسير ١ : ١٠٨ .

٤٣٠

غريب )(١) .

وقد أدرج ابن الجوزي هذا الحديث في الموضوعات إذ قال : ( الحديثُ الثالث عشر ـ أخبرنا محمّد بن عبد الباقي... حدّثنا أحمد بن بشير قال : حدّثنا عيسى بن ميمون ، عن القاسم بن محمّد ، عن عائشة... قال المصنّف : هذا حديثٌ موضوعٌ على رسول الله أمّا عيسى فقال : البخاري مُنكر الحديث وقال ابن حبّان : لا يحتجّ بروايته وأمّا أحمد بن بشير ، فقال يحيى : هو متروك )(٢) .

حديث إعزاز الله الإسلام بعمر بن الخطّاب !

ومن ذلك : روايته : ( حدّثنا محمّد بن بشار ومحمّد بن رافع قالا : نا أبو عامر العقدي ، نا خارجة بن عبد الله الأنصاري ، عن نافع ، عن ابن عمر : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( اللهمّ أعزّ الإسلام بأحبّ هذين الرجلين إليك : بأبي جهل ، أو بعمر بن الخطّاب ) قال : وكان أحبّهما إليه عمر هذا حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ غريب من حديث ابن عمر )(٣) .

وهذا الحديث كذّبته عائشة .

قال الحلبي : ( ثمّ قالوا : يا ابن الخطّاب ، إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا فقال :( اللّهمّ أعزّ الإسلام بأحبّ هذين الرجلين بأبي جهل وعمر بن الخطّاب ) ، وفي رواية : بعمر مِن غير ذكر أبي جهل وعن عائشة إنّها قالت : إنّما

ـــــــــــــــــــ

(١) صحيح الترمذي ٥ : ٦١٤ / ٣٦٧٣ .

(٢) كتاب الموضوعات ١ : ٣١٨ .

(٣) صحيح الترمذي ٥ : ٦١٧ / ٣٦٨١ .

٤٣١

قال رسول الله :( اللّهمّ أعزّ عمر بالإسلام ) ؛ لأنّ الإسلام يُعِزّ ولا يُعَز )(١) .

وقال السيوطي : ( ذكر أبو بكر التاريخي عن عكرمة أنّه سُئل عن حديث : اللّهمّ أيّد الإسلام ، فقال : معاذ ال له ، دين الإسلام أعزّ من ذلك ، ولكنه قال : أعزّ عمر بالدين أو أبا جهل )(٢) .

حديث عدم صلاة النبيّ على مَن مات مُبغضاً لعثمان !!

ومن ذلك : حديثه كما في( التحفة الاثني عشريّة ) حيث قال : ( روى الترمذي أنّه أُتِي بجنازةٍ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلم يصلّ عليه وقال :( إنه كان يبغض عثمان ، فأبغضه الله ) (٣) .

وقد أورده ابن الجوزي في كتاب الموضوعات ، حيث قال : ( الحديث الثاني : أخبرنا محمّد بن عبد الملك بن خيرون قال : أخبرنا إسماعيل بن مسعدة قال : أخبرنا حمزة بن يوسف قال : أنا أبو أحمد ابن عدي قال : حدّثنا عبد الكريم بن إبراهيم بن حيّان قال : ثنا الليث بن الحارث البخاري قال : حدّثنا عثمان بن زفر قال : حدّثنا محمّد بن زياد ، عن محمّد بن عجلان ، عن أبي الزبير ، عن جابر : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أُتي بجنازة رجل ، فلم يصلّ عليها ، فقيل له : يا رسول الله ، ما رأيناك تركت الصلاة على أحدٍ إلاّ هذا قال: إنّه كان يبغض عثمان ، أبغضه الله عزّ وجلّ .

طريق آخر : أخبرنا علي بن عبيد الله الزاغوني قال : أنا عليّ بن أحمد بن

ـــــــــــــــــــ

(١) السيرة الحلبيّة ١ : ٣٣٠ .

(٢) كتاب الموضوعات ١ : ٣٣٢ .

(٣) التحفة الاثني عشريّة عن سُنن الترمذي ٥ : ٥٨٨ كتاب المناقب ، باب مناقب عثمان بن عفّان .

٤٣٢

البندار قال : أنبأنا عبيد الله بن محمّد الفقيه قال : ثنا أبو بكر أحمد بن هشام الأنماطي قال : ثنا يحيى بن أبي طالب قال : ثنا أحمد بن عمران الأخنسي قال : ثنا محمّد بن زياد قال : حدّثنا محمّد بن عجلان ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : توفّي رجلٌ من الأنصار ، فأتينا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبرناه بجنازته ، فلم يُصلّ عليه فدفناه ، ثمّ رجعنا فقلنا قد دفنّاه يرحمه الله ، فلم يترحّم عليه ، فقلنا : يا رسول الله ، ما أخبرناك بميّتٍ إلاّ صلّيت عليه وترحّمت عليه ، فما بال هذا ؟ قال : إنّه كان يبغض عثمان ، أبغضه الله .

قال المصنّف : الطريقان على محمّد بن زياد ، قال أحمد بن حنبل : هو كذّابٌ خبيثٌ يضع الحديث .

وقال يحيى : كذّاب خبيث وقال السعدي والدارقطني : كذّاب وقال البخاري والنسائي والفلاس وأبو حاتم الرّازي : متروكُ الحديث وقال ابن حبّان : كان يضع الحديث على الثقات ، لا يحلّ ذكره في الكتب إلاّ على وجه القدح فيه )(١) .

حديث نزول( لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ... ) الآية

ومن ذلك : الحديث الموضوع المُفترى على أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين وإمام المتّقين... وهذه عبارة الترمذي : ( حدّثنا عبد بن حميد ، نا عبد الرحمان بن مسعد ، عن أبي جعفر الرّازي ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الرحمان السلمي ، عن عليّ بن أبي طالب قال : ( صنع لنا عبد الرحمان بن عوف طعاماً ، فدعانا وسقانا الخمر ، فأخذَتْ الخمر منّا ، وحضَرَتْ الصلاة فقدموني فقرأت)( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ* لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) ونحن نعبد ما

ـــــــــــــــــــ

(١) كتاب الموضوعات ١: ٣٣٣.

٤٣٣

تعبدون فأنزل الله :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ.... ) ، هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيح(١) .

وإنّ بطلان هذا البهتان واضحٌ من جهات :

١ ـ إنّه يلزم بناءً على هذا الحديث المكذوب ، أنْ يكون أمير المؤمنين ـ والعياذ بالله ـ مُرتكباً لشرب الخمر بعد نزول تحريمه في الكتاب ؛ لأنّ تحريمه نازلٌ قبل نزول الآية( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ... ) التي زعم المفتري نزولها في هذه القضيّة ، ولو أنّ المتعصّبين لا يقولون بعصمة مولانا أمير المؤمنين ، فإنّهم يقولون بعدالته ولو لساناً ، فكيف يُمكنهم تصديق هذا البهتان ؟

أمّا أنّ تحريم الخمر كان قبل نزول الآية المذكورة ، فلا يخفى على المُتتبّعين ؛ لأنّ العلماء ينصّون على نزول الآية :ر يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ... ) قبل( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ... ) الآية... فقد جاء بتفسير النسفي ما نصّه :

( نزل في الخمر أربَع آيات ، نزل بمكّة : ( وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً ) وكان المسلمون يشربونّها وهي لهم حلال ، ثمّ إنّ عمر ونفراً من الصحابة قالوا : يا رسول الله ، أفتنا في الخمر فإنّها مذهبة للعقل مسلبة للمال فنزل :( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ) فشربها قومٌ وتركها آخرون ، ثمّ دعا عبد الرحمان بن عوف جماعةً فشربوا وسكروا ، فأمَّ بعضهم فقرأ :( قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون ) ، فنزل :( لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى ) فقلَّ مَن يشربها ، ثمّ دعا عتبان بن مالك جماعةً ، فلمّا سكروا منها تخاصموا وتضاربوا ، فقال عمر : اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بياناً شافياً فنزل :( إِنَّمَا الْخَمْرُ

ـــــــــــــــــــ

(١) صحيح الترمذي ٥ : ٢٣٨ / ٣٠٢٦ .

٤٣٤

وَالْمَيْسِرُ ) ـ إلى قوله ـ ( فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ) فقال عمر : انتهينا يا ربّ )(١) .

وقال الجصّاص في بيان دلالة :( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ... ) الآية على حرمة الخمر : ( باب تحريم الخمر ، قال الله تعالى :( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا... ) ، وهذه الآية قد اقتضت تحريم الخمر ، لو لم يرد غيرها في تحريمها لكانت كافيةً مُغْنية ، وذلك لقوله :( قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ ) ، والإثم كلّه محرَّم بقوله تعالى :( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ... ) ، فأخبر أنّ الإثم محرَّم ، ولم يقتصر على إخباره بأنّ فيهما إثماً حتّى وصفه بأنّه كبير ، تأكيداً لحظرهما .

وقوله( مَنَافِعُ لِلنَّاسِ ) لا دلالة فيه على إباحتها ؛ لأنّ المراد منافع الدنيا ، وأنّ في سائر المحرّمات منافع لمرتكبيها في دنياهم ، إلاّ أنّ تلك المنافع لا تفي بضررها مِن العقاب المستحق بارتكابها ، فذِكْره لمنافعها غير دالّ لإباحتها ، لا سيّما وقد أكّد حظرها بقولهِ في سياق الآية( وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ) يعني : إنّ ما يستحقّ بهما من العقاب أعظم من النفع العاجل الذي يبتغى منهما) (٢) .

٢ ـ لقد روى الحاكم هذا الخبر بإسنادٍ له مِن طريق أحمد عن أبي عبد الرحمان السلمي ، عن عليّعليه‌السلام ، وفيه : أنّ الذي أمّهم وقرأ كذلك هو عبد الرحمان بن عوف ، فنزلت الآية ، قال في المستدرك :

( حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن يعقوب الحافظ ، ثنا عليّ بن الحسن ، ثنا عبد الله بن الوليد ، ثنا سفيان ، حدّثنا أبو زكريّا يحيى بن محمّد العنبري ، ثنا

ـــــــــــــــــــ

(١) تفسير النسفي ١ : ١٢٠ ـ ١٢١ .

(٢) أحكام القرآن ١ : ٣٢٢ .

٤٣٥

أبو عبد الله البوشنجي ، ثنا أحمد بن حنبل ، ثنا وكيع ، ثنا سفيان ، عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمان السلمي عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : دعانا رجل مِن الأنصار قبل أنْ تحرم الخمر ، فتقدّم عبد الرحمن بن عوف فصلّى بهم المغرب فقرأ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) فالتبس عليه فيها فنزلت :( لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى ) هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يُخرجاه )(١) .

فانظر كيف حرّف النواصب هذا الحديث ، ووضعوا اسم أمير المؤمنين في مكان عبد الرحمان؟

٣ ـ إنّه حتّى لو كانت القصّة قبل تحريم الخمر ، فلا ريب في كونِها مفتراة ؛ لأنّ شرب الخمر كان قبيحاً عند أهل العقل والدّين ، كما أنّ جعفر بن أبي طالب لم يشربه قط ، لا في الجاهليّة ولا في الإسلام ، قال : ( لأنّي رأيتها تذهب العقول ، وكنت إلى زيادة العقل أحوج مِن نقصانه ) .

فهل يعقل أنْ يدرك جعفر هذهِ الحقيقة ولا يدركها أمير المؤمنين ، وهو أفضل وأعقل وأفهم من جعفر بالقطع واليقين ؟

وقد ذُكر مثل ذلك عن قصي ، كما في( السيرة الحلبيّة ) قال : ( ولمّا احتضر قال لأولاده : اجتنبوا الخمرة ، فإنّها تصلح الأبدان وتفسد الأذهان )(٢) .

وقال صاحب( المستطرف ) في الخمر :

( وممّن تركها في الجاهليّة : عبد الله بن جدعان ، وكان جواداً مِن سادات قريش ، وذلك أنّه شرب مع أُميّة بن الصّلت الثقفي ، فضربه على عينه ،

ـــــــــــــــــــ

(١) المستدرك على الصحيحين ٤ : ١٤٢ .

(٢) السيرة الحلبيّة ١ : ١٣ .

٤٣٦

فأصبحت عين أُميّة مخضرّةً يخاف عليها الذهاب ، فقال له عبد الله : ما بال عينك ؟ فسكت ، فألحّ عليه ، فقال : ألست ضاربها بالأمس ؟ فقال : أو بلغ منّي الشراب ما أبلغ معه إلى هذا ؟ لا أشربها بعد اليوم ، ثمّ دفع له عشرة دراهم وقال : الخمر عليّ حرامٌ ، لا أذوقها بعد اليوم أبداً .

وممّن حرّمها في الجاهليّة أيضاً : قيس بن عاصم ، وذلك أنّه سكر ذات ليلة فقام لابنته أو لأُخته ، فهربت منه ، فلمّا أصبح سأل عنها فقيل له : أو ما علمت ما صنعت البارحة ، فأُخبر القصّة ، فحرّم الخمر على نفسه .

وممّن حرّمها في الجاهليّة أيضاً : العبّاس بن مرداس ، وقيس بن عاصم ؛ وذلك أنّ قيساً شرب ذات ليلة ، فجعل يتناول القمر ويقول : والله لا أبرح حتّى أنزله ، ثمّ يثب الوثبة بعد الوثبة ويقع على وجهه ، فلمّا أصبح وأفاق قال : مالي هكذا ، فأخبروه بالقصّة ، فقال : والله لا أشربها أبداً وقيل للعبّاس بن مرداس : لم تركت الشراب وهو يزيد في سماحتك ؟ فقال : أكره أنْ أصبح سيّد قومي وأُمسي سفيههم) (١) .

٤ ـ إنّه قد صرّح الإمام عليه‌السلام باجتنابه الخمر مطلقاً ، فيما رواه الحافظ ابن شهر آشوب السروي (٢) عن تفسير القطّان ، عن عمر بن حمران ، عن سعيد ، عن قتادة عن الحسن البصري قال :

اجتمع عثمان بن مظعون ، وأبو طلحة ، وأبو عبيدة ، ومعاذ بن جبل ، وسهيل ابن بيضاء ، وأبو دجانة في منزل سعد بن أبي وقّاص ، فأكلوا شيئاً ، ثمّ قدّم إليهم شيئاً من الفضيخ ، فقام عليّ وخرج من بينهم ، فقال عثمان في ذلك ، فقال عليّ :( لعن الله الخمر ، والله لا أشرب شيئاً يذهب بعقلي ، ويضحك بي من رآني ، وأُزوّج كريمتي مَن لا أُريد ) ، وخَرج مِن بينهم فأتى المسجد ، وهبط جبرئيل بهذه الآية :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ) يعني هؤلاء الذين اجتمعوا في منزل سعد( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ... ) الآية .

ـــــــــــــــــــ

(١) المستظرف من كلّ فنّ مستطرف ٢ : ٢٦١ .

(٢) هو : محمّد بن عليّ بن شهر آشوب ، أبو جعفر السروي المتوفّى سنة ٥٨٨ ، ترجم له الصفدي ( الوافي بالوفيات ٤ : ١٦٤) قال : ( أحد شيوخ الشيعة ، حفظ أكثر القرآن وله ثمانِ سنين ، وبلغ النهاية في أُصول الشيعة ، كان يرحل إليه من البلاد ، ثمّ تقدّم في علم القرآن والغريب والنحو ، ووعظ على المنبر أيّام المقتفي ببغداد فأعجبه وخلع عليه ، وكان بهيّ المنظر حسن الوجه والشيبة ، صدوقُ اللهجة مليح المُحاورة ، واسع العلم ، كثير الخشوع والعبادة والتهجّد ، لا يكون إلاّ على وضوء ) .

٤٣٧

فقال عليّ : تبّاً لهما ، والله يا رسول الله ، لقد كان بصري فيها نافذاً منذ كنت صغيراً قال الحسن :( والله الذي لا إله إلاّ هو ، ما شربها قبل تحريمها ولا ساعة قط ) (١) .

٥ ـ لقد سعى القوم سعياً حثيثاً وراء تبرئة أبي بكر وتنزيهه من شرب الخمر ، ولو قبل التحريم ، حتّى قال الحكيم الترمذي في كتاب( نوادر الأُصول ) : ( من الحديث الذي تنكره القلوب : حديثٌ رَووه عن عوف ، عن أبي القموص قال : شرب أبو بكر الخمر ـ يعني مِن قبل نزول تحريمها ـ فقعد ينوح على قتلى بدر وهو يقول :

تحيّي بالسلامة أُمّ بكر

وهل لك بعد رهطك من سلام

ذريني أصطبح يا أُمّ بكر

رأيت الموت نقّب عن هشام

فنقب عن أبيك وكان قرماً

من الأشرافِ شرّاب المدام

وودّ بنو المغيرة لو فدوه

بألفٍ من رجال أو سوام

كأنّي بالطوي طوي بدر

من الفتيان والخيل الكرام

فبلغ ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فخرج يجرّ ثوبه من الفزع حتّى أتاه ، فدفع عليه شيئاً في يديه ، فقال أبو بكر : أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسول الله ، فأُنزلت( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ... ) الآية.

وزاد غيره في الأبيات :

يخبرنا رسول الله بأن سنحيى

فكيف حياة أصلاء وهام

ـــــــــــــــــــ

(١) مناقب آل أبي طالب ٢ : ٢٠٣ ـ ٢٠٤ .

٤٣٨

فهذا منكر من القول والفعل ، وقد أعاذ الله الصدّيقين من فعل الخنا وأقوال أهله ، وإنْ كان قبل التحريم... )(١) .

أقول : فكيف يَنسب الترمذي هذا الفعل الشنيع إلى أفضل الصدّيقين وإمام المتقين؟

وفي( الرياض النضرة ) : ( عن أبي العالية الرياحي قال : قيل لأبي بكر في مجمع من أصحاب رسول الله : هل شربت الخمر في الجاهليّة ؟ قال : أعوذ بالله ، فقيل : ولِمَ ؟ قال : كنت أصون عرضي وأحفظ مالي ، فمَن شرب الخمر كان مضيّعاً في عرضه ومروّته ، فبلغ ذلك النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال :( صدق أبو بكر ـ مرّتين ) . أخرجه الدارمي )(٢) .

ومن هذا أيضاً يظهر شناعة الفِرية التي افتراها الترمذي...

أقول : لكنّ الحقيقة هي أنّ هؤلاء كانوا يشربون الخمر ، فلمّا رأى المتعصّبون لهم ذلك ، عمدوا إلى نِسبة الشرب إلى أمير المؤمنين حمايةً لهم وتغطيةً على مساويهم ، وهذا هو السبب الأصلي لوضع حديث الترمذي...

لقد خرج البزّار وابن مردويه والفاكهي وغيرهم خبر شرب أبي بكر ، واضطرّ ابن حجَر للاعتراف بثبوت الخبر... قال البخاري : ( حدّثنا إسماعيل بن عبد الله قال : حدّثني مالك بن أنَس ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنَس بن مالك قال : كنت أسقي أبا عبيدة وأبا طلحة وأُبي بن كعب من فضيخ زهو وتمر ، فجاءهم آتٍ فقال : إنّ الخمر قد حُرمت ، فقال أبو طلحة : قم يا أنَس فأهرِقْها ، فأهرَقَتها .

ـــــــــــــــــــ

(١) نوادر الأُصول ، وقد حذفته الأيدي الأثيمة لكونه ممّا تنكره القلوب !!

(٢) الرياض النضرة في مناقب العشرة ١ : ٢٠١ .

٤٣٩

حدّثنا مسدّد قال : حدّثنا معتمر عن أبيه قال : سمِعت أنَساً قال : كنت قائماً على الحيّ أسقيهم عمومتي ، وأنا أصغرهم ، الفضيخ ، فقيل : حُرمت الخمر ، فقالوا : أكفأها ، فكفأناها .

قلت لأنَس : ما شرابهم ؟ قال : رطب وبسر فقال أبو بكر بن أنَس : وكانت خمرهم ، فلم ينكر أنَس ) .

فقال ابن حجَر بشرح الحديث الأوّل ما نصّه :

( قوله : كنت أسقي أبا عُبيدة هو ابن الجرّاح ، وأمّا أبو طلحة هو زيد بن سهل زوج أُمّ سليم أُمّ أنَس وأُبيّ بن كعب كذا اقتصر في هذه الرواية على هؤلاء الثلاثة ، فأما أبو طلحة ، فلكون القصّة كانت في منزله كما مضى في التفسير مِن طريق ثابت عن أنَس : كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة وأمّا أبو عبيدة فلأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم آخى بينه وبين أبي طلحة ، كما أخرجه مسلم من وجه آخر عن أنَس ، وأمّا أُبي بن كعب ، فكان كبير الأنصار وعالِمهم .

ووقع في رواية عبد العزيز بن صهيب عن أنَس في تفسير المائدة : إنّي لقائم أسقي أبا طلحة وفلاناً وفلاناً ، كذا وقع بالإبهام .

وسمّى في رواية مسلم منهم أبا أيّوب .

وسيأتي ـ بعد أبواب ـ مِن رواية هشام عن قتادة عن أنَس : إنّي لأسقي أبا طلحة وأبا دجانة وسهيل بن بيضاء وأبو دجانة بضمّ المهملة وتخفيف الجيم وبعد الألف نون اسمه سمّاك بن خَرَشَة بمعجمتين بينهما راء مفتوحات .

ولمسلم من طريق سعيد عن قتادة نحوه ، وسمّى فيهم معاذ بن جبل .

ولأحمد عن يحيى القطّان ، عن حميد عن أنَس : كنت أسقي أبا عُبيدة ، وأُبيّ بن كعب ، وسُهيل بن بيضاء ، ونَفَراً من الصحابة عند أبي طلحة .

ووقع عند عبد الرزّاق عن معمر عن ثابت وقتادة وغيرهما عن أنس: أنّ القوم كانوا أحد عشر رجلاً.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456