استخراج المرام من استقصاء الإفحام الجزء ٣

استخراج المرام من استقصاء الإفحام0%

استخراج المرام من استقصاء الإفحام مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 478

استخراج المرام من استقصاء الإفحام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
تصنيف: الصفحات: 478
المشاهدات: 243821
تحميل: 6837


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 478 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 243821 / تحميل: 6837
الحجم الحجم الحجم
استخراج المرام من استقصاء الإفحام

استخراج المرام من استقصاء الإفحام الجزء 3

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

حديث تفرّد به محمد بن خالد الجندي ، قال أبو عبد الله الحافظ ، وهو رجل مجهول واختلفوا عليه في إسناده : فرواه صامت بن معاذ ، ثنا يحيى ابن السكن ، ثنا محمّد بن خالد الجندي ، عن أبان بن صالح ، عن الحسن عن النبيّ قال صامت بن معاذ : عدلت إلى الجند ، فدخلت على محدّث لهم ، وطلبت هذا الحديث فوجدته عنده عن محمّد بن خالد الجندي ، عن أبان بن أبي عيّاش ، عن الحسن ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قال البيهقي : فرجع الحديث إلى رواية محمّد بن خالد الجندي وهو مجهول ، عن أبان بن أبي عيّاش وهو متروك ، عن الحسن ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) .

(ومنها ) : ( حدّثنا الحسن بن علي الخلال ، ثنا عون بن عمارة ، ثنا عبد الله ابن المثنى بن ثمامة بن أنس بن مالك ، عن أبيه ، عن جدّه عن أنس بن مالك ، عن أبي قتادة قال : قال رسول الله : الآيات بعد المائتين )(٢) .

وقد أورده ابن الجوزي في الموضوعات(٣) .

وقال القرطبي في ( التذكرة في أحوال الموتى وأُمور الآخرة ) : ( وفي عموم إنذارالنبيّ بفساد الزمان وتغيير الدين وذهاب الأمانة ما يغني عن ذِكر التفاصيل الباطلة والأحاديث الكاذبة في أشراط الساعة ، مِن ذلك : حديث روَوْه عن قتادة عن أنس بن مالك عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنّ في سنة مائتين يكون كذا وكذا ، وفي العشر والمائتين يكون كذا وكذا ، وفي العشر

_______________________

(١) راجع : تهذيب الكمال ٢٥ : ١٤٧ ـ ١٥٠ .

(٢) سُنن ابن ماجة ٤ : ٤٣١ / ٤٠٥٧ .

(٣) كتاب الموضوعات ٣ : ١٩٨ .

٤١

والمائتين كذا ، وفي العشرين كذا ، وفي الثلاثين كذا ، وفي الأربعين كذا ، وفي الخمسين كذا ، وفي الستين والمائتين تعتكف الشمس ساعة فيموت نصف الجنّ والإنس ، فهل كان هكذا وقد مضت هذه المدّة ، وهذا شيء يعمّ ، وسائر الأُمور التي ذكرت قد تكون في بلدة وتخلو منه أُخرى ، فهذا عكوف الشمس لا يخلو منه أحد في شرق وفي غرب ، فإن كان المائتان مِن الهجرة فقد مضت وإن كانت مِن موت النبيّ فقد مضت ، وأيضاً دلالة أُخرى على أنّه مفتعل : أنّ التاريخ لم يكن على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنّما وضعوه على عهد عمر ، فكيف يجوز هذا على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقال في سنة عشرين ومائتين ولم يكن وضع شيء مِن التاريخ )(١) .

وقال الحكيم الترمذي في ( نوادر الأصول ) : ( ومِن الحديث الذي تنكره القلوب : حديث روَوْه عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنّ في سنة مائتين يكون كذا وكذا ، وفي العشر والمائتين كذا ، وفي العشرين كذا ، وفي الثلاثين كذا ، وفي الخمسين كذا ، وفي الستين والمائتين تعتكف الشمس ساعة فيموت نصف الجنّ والإنس ، فهل كان كذا وكذا وقد مضت هذه المدّة وهذا شيء يعمّ ، وسائر الأُمور التي ذكرت قد تكون في بلدة وتخلو منها أُخرى ، فهذا عكوف الشمس لا يخلو منها أحد في شرق وغرب ، فإن كان المائتان مِن الهجرة فقد مضت ، وإن كانت مِن موت الرسول فقد مضت ، وأيضاً دلالة أُخرى على أنّه مفتعل : أنّ التاريخ لم يكن على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإنّما وضعوه على عهد عمر ، فكيف

_______________________

(١) التذكرة في أُمور الآخرة : ٧١٢ .

٤٢

يجوز هذا على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقال في سنة مائتين وسنة عشر ومائتين ، ولم يكن وضع شيء مِن التاريخ )(١) .

هذا... ولا يخفى أنّ اعتمادنا هنا على أقوال ابن الجوزي إنّما هو بالنظر إلى استناد العلماء إلى أقواله وآرائه في الأحاديث والرجال ، كاحتجاج الدهلوي في ( التحفة ) برأيه في ردّ حديث ( أنا مدينة وعلي بابها ) وغيره مِن مناقب الأئمّة الطاهرين مِن أهل بيت سيّد المرسلين ، وكاحتجاج ابن روزبهان بكلماته في مواضع مِن ردّه على العلاّمة الحلّي ، وكاحتجاج ابن تيميّة واستناده إلى ابن الجوزي في كتابه ( منهاج السنّة ) وهكذا...

فإن كان الاحتجاج بأقوال ابن الجوزي غير صحيح ، فكلّ احتجاجات القوم بأقواله غير صحيحة... وهذا ما ينفعنا ولا يضرّنا ألبتّة...

أمّا نحن فغير مُلزَمين بأقواله وآرائه ، لكونه غير معتمَد عندنا ، وأقواله ليست بحجّةٍ علينا ، حتّى لو كان مقبولاً عندهم جميعاً ، فكيف وقد تكلّم جماعة منهم على كتبه وآرائه في موارد كثيرة ؟

_______________________

(١) لم نجده في كتاب (نوادر الأصول) وكأنّه قد اُسقط منه لكونه ممّا ((تُنكره القلوب)) كما قال .

٤٣

تذييلاتٌ

* الكبار الكذّابون

* الكذّابون في الصحاح الستّة

* مِن تحريفات الصحابة للأحاديث النبويّة

* مِن تصحيفات النسّاخ للأحاديث النبويّة وغيرها

١ الكبار الكذّابون

وقد اتّهم كثير مِن كبار القوم وأئمّتهم في الفقه والحديث وغير ذلك بالكذب... في الكتب الرجاليّة...

٤٤

نكتفي بذِكر عدّةٍ منهم :

١ ـ أبو مطيع البلخي

الفقيه الكبير ، صاحب أبي حنيفة قال الذهبي بترجمته :

( الحكم بن عبد الله ، أبو مطيع البلخي ، الفقيه ، صاحب أبي حنيفة... تفقّه به أهل تلك الدّيار ، وكان بصيراً بالرأي ، علاّمةً ، كبير الشأن ، ولكنّه واهٍ في ضبط الأثر ، وكان ابن المبارك يعظّمه ويُجلّه لدينه وعلمه... )(١) .

ومع هذا... فقد تكلَّم فيه الأئمّة وضعّفوه وتركوا حديثه حتّى :

قال أبو حاتم : مُرجئ كذّاب .

وقال الجوزقاني : كان يضع الحديث(٢) .

وقال ابن الجوزي ـ بعد حديثٍ في أنّ الإيمان يزيد وينقص :

( هذا حديث موضوع بلا شك ، وهو مِن وضْع أبي مطيع ، واسمه الحَكَم ابن عبد الله ، قال أحمد بن حنبل : لا ينبغي أن يُروى عنه شيء وقال يحيى :

_______________________

(١) ميزان الاعتدال ١ : ٥٧٤ .

(٢) تنزيه الشريعة الغرّاء ١ : ٥٤ .

٤٥

ليس بشيء وقال أبو حاتم الرازي : كان أبو مطيع مُرجئاً كاذباً )(١) .

وقال الذهبي : ( قال ابن معين : ليس بشيء وقال مرّةً : ضعيف .

وقال البخاري : ضعيف صاحب رأي .

وقال النسائي : ضعيف .

وقال ابن الجوزي ، في الضعفاء : الحَكَم بن عبد الله بن سَلَمة ، أبو مطيع الخراساني القاضي ، يروي عن إبراهيم بن طهمان وأبي حنيفة ومالك .

وقال أحمد : لا ينبغي أن يُروى عنه شيء ، قال : وتركوا حديثه وكان جهميّاً .

وقال ابن عدي : هو بيّن الضَعْف ، عامّة ما يرويه لا يتابع عليه .

وقال ابن حبّان : كان مِن رؤساء المرجئة ممّن يُبغض السُنن وينتحلها .

وقال العقيلي : حدّثنا عبد الله بن أحمد : سألت أبي عن أبي مطيع البلخي فقال : لا ينبغي أن يروى عنه : حكَوْا عنه أنّه يقول : الجنّة والنار خُلقتا فسيفنيان ، وهذا كلام جهم )(٢) .

٢ ـ ثوبان بن إبراهيم وهو ـ كما قال الجوزقاني ـ ذو النون المصري

مِن كبار الأولياء العِظام الذين يُعتقدَون ويُقتدَون بهم ، وقد تُرجم له في غير واحدٍ مِن كُتُب التراجم :

قال ابن خلّكان : ( كان أوحد وقته علماً وورعاً وحالاً وأدباً ، وهو معدود في جملة مَن روى الموطّأ عن الإمام مالكرضي‌الله‌عنه ... ) ثم ذكى له مناقب

_______________________

(١) كتاب الموضوعات ١ : ١٣٠ .

(٢) ميزان الاعتدال ٢ : ٣٣٩ .

٤٦

قال : ( ومحاسن الشيخ ذي النون كثيرة )(١) .

لكن في ( تنزيه الشريعة الغرّاء ) : ( ثوبان بن إبراهيم المصري اتّهمه ابن الجوزي بالوضع ، وهو ذو النون المصري ، الصوفي المشهور كما قاله الجوزقاني .

قال الحافظ ابن حجر : ورأيت على هامش كتاب الجوزقاني : الصواب ثوبان أخو ذي النون )(٢) .

٣ ـ أحمد بن صالح المصري

مِن كبار الحفّاظ وأعلام الحديث ، وثّقه البخاري وغيره ووصفوه بأعظم الصفات ولقّبوه بأعلى الألقاب(٣) ، ومع ذلك ، فقد كذّبه بعض الأئمّة وتكلّم فيه آخر ، وهذه عبارة الذهبي المشتملة على ذلك كلّه :

( أحمد بن صالح ، أبو جعفر ، المصري ، الحافظ الثبت ، أحد الأعلام ، آذى النسائي نفسه بكلامٍ فيه وُلد سنة ١٧٠هـ وحدّث عن ابن عيينة وابن وهب وخَلْق ، وآخر مَن حدّث عنه ابن داود .

قال ابن نمير : قال أبو نعيم : ما قَدِم علينا أحد أعلم بحديث أهل الحجاز مِن هذا الفتى ، يريد أحمد بن صالح .

وقال أبو زرعة الدمشقي : سألني أحمد بن حنبل : مَن خلَّفت بمصر ؟ فقلت : أحمد بن صالح فسُرَّ بذكره ودعا له .

_______________________

(١) وفيات الأعيان ١ : ٢٨٠ رقم ١٢٦ .

(٢) تنزيه الشريعة الغرّاء ١ : ٤٣ .

(٣) اُنظر: سِيَر أعلام النبلاء ١٢ : ١٦٠ / ٥٩ .

٤٧

وقال الفسوي : كتبتُ عن ألْفِ شيخٍ ، وكثيرٌ مّا أحد منهم أتّخذه عند الله حجّة ، إلاّ أحمد بن صالح وأحمد بن حنبل .

وقال البخاري : أحمد بن صالح ثقة ، ما رأيت أحداً يتكلّم فيه بحجّة .

وقال ابن وارة : أحمد بن صالح بمصر ، وأحمد بن حنبل ببغداد ، ومحمّد بن عبد الله بن نمير بالكوفة ، والنفيلي بحرّان ، هؤلاء أركان الدين .

وقال أبو حاتم والعجلي وجماعة : ثقة .

وقال أبو داود : كان يقوّم كلّ لحنٍ في الحديث .

وقال النسائي : ليس بثقة ولا مأمون .

وقال أبو سعيد ابن يونس : لم يكن عندنا ـ بحمد الله ـ كما قال النسائي ، لم يكن له آفة غير الكِبْر .

وقال النسائي أيضاً : تركه محمّد بن يحيى .

ورماه يحيى بن معين بالكذب .

وقال ابن عدي : كان النسائي سيّئ الرأي فيه وأنكر عليه أحاديث ، فسمعت محمّد بن هارون البرقي قال : هذا الخراساني يتكلّم في أحمد بن صالح ! لقد حضر مجلس أحمد بن حنبل فطرده مِن مجلسه ، فحمله ذلك على أن يتكلّم فيه... ولولا أنّي شرطت أنْ أذكر في كتابي كلَّ مَن تُكلّم فيه لكنت أُجلّ أحمد بن صالح أنْ أذكره .

وقال معاوية بن صالح عن ابن معين : أحمد بن صالح كذّاب )(١) .

_______________________

(١) ميزان الاعتدال ١ : ٢٤١ / ٤٠٥ .

٤٨

٤ ـ محمّد بن عمر الواقدي

مِن أعلام القوم في الحديث والمغازي ، حتّى وصفه بعضهم بأمير المؤمنين في الحديث ! قال الذهبي:

( قال محمّد بن سلام الجمحي : هو عالم دهره .

وقال إبراهيم الحربي : الواقدي أمين الناس على الإسلام ، وكان أعلم الناس بأمر الإسلام ، فأمّا الجاهليّة فلم يعلم فيها شيئاً .

وقال مصعب الزبيري : والله ما رأينا مثل الواقدي قط .

وعن الدراوردي قال : الواقدي أمير المؤمنين في الحديث .

وقال ابن سعد : قال الواقدي : ما مِن أحدٍ إلاّ وكُتبه أكثر مِن حفظه ، وحفظي أكثر مِن كتبي .

وقال يعقوب بن شيبة : لمّا تحوّل الواقدي مِن الجانب الغربي يقال إنّه حمل كُتُبه على عشرين ومائة وقر ، وقيل : كان له ستمائة قمطر كتب .

وقد وثّقه جماعة ، فقال محمّد بن إسحاق الصنعاني : والله لولا أنّه عندي ثقة ما حدّثت عنه .

وقال مصعب : ثقة مأمون .

وسُئل معن القزّاز عنه فقال : أنا أُسأل عن الواقدي !

وقال جابر بن كردي : سمعت يزيد بن هارون يقول : الواقدي ثقة .

وكذا وثّقه أبو عبيد .

وقال إبراهيم الحربي : مَن قال إنّ مسائل مالك وابن أبي ذئب تؤخذ عن أصدق مِن الواقدي فلا يُصدّق .

٤٩

قال الخطيب في تاريخه : قَدِم الواقدي بغداد ووُلي قضاء الجانب الشرقي منها قال : وهو ممّن طبّق الأرض شرقها وغربها ذكرُه ، ولم يخف على أحدٍ عرف أخبار الناس أمره ، وسارت الركبان بكُتُبه في فنون العلم مِن المغازي والسِيَر والطبقات وأخبار النبيّ والأحداث الكائنة في وقته وبعد وفاته ، وكتب الفقه واختلاف الناس في الحديث وغير ذلك... وكان جواداً مشهوراً بالسخاء ) .

( قال مجاهد بن موسى : ما كتبت عن أحد أحفظ مِن الواقدي .

قلت : صدق كان إلى حفظه المنتهى في السِيَر والأخبار والمغازي والحوادث وأيّام الناس والفقه وغير ذلك )(١) .

هذا ، وقد جعل بعض المتكلّمين عدم رواية الواقدي حديث الغدير ؛ مِن أدلّة ضَعْف هذا الحديث واستندوا إلى ذلك في مقام الجواب عن استدلال الإماميّة به ، كما في شرح المقاصد للتفتازاني وغيره.

ومع ذلك كلّه ، فقد طعن في الرجل جماعة مِن الأئمّة ، حتّى رماه بعضهم بوضع الحديث ، فقد قال الخوارزمي في ( جامع مسانيد أبي حنيفة ) بعد حديث أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعطى المقداد سهمَيْن :

( فقد ذكره الواقدي كذلك في المغازي ، وقد طعنوا فيه :

فقال يحيى بن معين : وضع الواقدي على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عشرين ألف حديث .

وقال أحمد بن حنبل : الواقدي يُرَكِّب الأسانيد .

وقال ابن المديني : لا يُكتب حديثه .

_______________________

(١) ميزان الاعتدال ٦ : ٢٧٣ / ٧٩٩٩ .

٥٠

وقال الشافعي : كتب الواقدي كذب... ) .

وفي ( ميزان الاعتدال ) : ( قال أبو غالب ابن بنت معاوية بن عمرو : سمعت ابن المديني يقول : الواقدي يضع الحديث ) .

( قال ابن راهويه : هو عندي ممّن يضع الحديث )(١) .

٥ ـ محمّد بن إسحاق صاحب السيرة

الذي أثنى عليه الأئمّة كالزهري والشافعي وغيرهما ، ولقّبه بعضهم بأمير المؤمنين في الحديث(٢) :

( قال سليمان التيمي : كذّاب .

وقال وهيب : سمعت هشام بن عروة يقول : كذّاب .

وقال وهيب : سألت مالكاً عن ابن إسحاق فاتّهمه .

وقال عبد الرحمن بن مهدي : كان يحيى بن سعيد الأنصاري ومالك يجرحان ابن إسحاق .

وقال يحيى بن آدم : ثنا ابن إدريس قال : كنت عند مالك فقيل له : إنّ ابن إسحاق يقول : أعرضوا عليَّ عِلم مالك فإنّي بيطاره فقال مالك : أُنظروا إلى دجّالٍ مِن الدجاجلة )(٣) .

_______________________

(١) ميزان الاعتدال ٦ : ٢٧٣ / ٧٩٩٩ .

(٢) سِيَر أعلام النبلاء ٧ : ٣٣ .

(٣) ميزان الاعتدال ٦ : ٥٧ / ٧٢٠٣ .

٥١

٦ ـ نعيم بن حمّاد

أثنى عليه أكابر الأئمّة الثناء الجميل ، وهو مِن رجال البخاري وأبي داود والترمذي وابن ماجة(١) .

لكنّه رُمي بالوضع على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والكذب على أبي حنيفة :

قال الذهبي : ( قال الأزدي : كان نعيم يضع الحديث في تقوية السُنّة وحكايات مزوّرة في ثلب النعمان كلّها كذب )(٢) .

وفي ( حاشية الكاشف ) : ( قال ابن عدي : كان يضع الحديث في تقوية السنّة ، وحكايات عن العلماء في ثلب أبي حنيفة كلّها كذب وقال ابن عدي : وقال هذا ابن حمّاد أبو بشر محمّد بن أحمد الدولابي .

وقال ابن يونس : روى أحاديث مناكير عن الثقات .

وذكره ابن حبّان في الثقات وقال : ربّما أخطأ ووهِم .

ونسبه جماعة إلى الوضع ) .

٧ ـ محمّد بن عثمان بن أبي شيبة

الحافظ الجليل والمحدّث الكبير ، كما بتراجمه ، ففي ( الأنساب ) مثلاً :

( أبو جعفر ، محمّد بن عثمان بن محمّد بن أبي شيبة إبراهيم ابن العبسي مولاهم ، مِن أهل الكوفة سكن بغداد ، كان كثير الحديث ، واسع الرواية ، ذا

_______________________

(١) سِيَر أعلام النبلاء ١٠ : ٥٩٥ .

(٢) ميزان الاعتدال ٧ : ٤٤ / ٩١٠٩ .

٥٢

مروّة وفهم وإدراك ، وله تاريخ كبير في معرفة الرّجال...

روى عنه : أبو بكر محمّد بن محمّد ابن الباغندي ، ويحيى بن محمّد بن صاعد ، والقاضي المحاملي ، ومحمّد بن مخلد ، وأبو عمرو ابن السماك ، وأبو بكر الشافعي ، وأبو علي الصواف ، وغيرهم .

وثّقه صالح جزرة الحافظ )(١) .

وإليك الكلمات في ذمّ هذا الحافظ العظيم !:

( وأمّا عبد الله بن أحمد بن حنبل فقال : كذّاب .

وقال ابن خراش : كان يضع الحديث .

قال ابن عقدة : سمعت عبد الله بن أُسامة الكلبي وإبراهيم بن إسحاق الصوّاف وداود بن يحيى يقولون : محمّد بن عثمان كذّاب زادنا داود : قد وضع أشياء على قومٍ ما حدّثوا بها قط .

ثمّ حكى ابن عقدة نحو هذا عن طائفةٍ في حقّ محمّد )(٢) .

٨ ـ الزبير بن بكّار

الإمام في الأنساب... قال الخطيب بترجمته :

( الزبير بن بكّار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوّام ، المديني ، العلاّمة ، كان ثقةً عالماً بالنسب ، عارفاً بأخبار المتقدّمين ومآثر الماضين قال جحظة : كنت بحضرة الأمير محمّد بن عبد الله بن طاهر

_______________________

(١) الأنساب ٤ : ١٤١ ، وانظر : سِيَر أعلام النبلاء ١٤ : ٢١ ، تاريخ بغداد ٣ : ٤٢ ، مرآة الجنان ٢ : ٢٣٠ وغيرها .

(٢) ميزان الاعتدال ٦ : ٢٥٥ .

٥٣

فاستؤذن عليه للزبير بن بكار حين قَدِم مِن الحجاز ، فلمّا دخل عليه أكرمه وعظّمه وقال له : لئن باعدَتْ بيننا الأنساب لقد قرّبت بيننا الآداب ، وإنّ أمير المؤمنين ذكَرَك واختارك لتأديب ولده ، وأمر لك بعشرة آلاف درهم وعشر تخوت مِن الثياب، وعشرة أبغل تحمل عليها رحلك إلى حضرته بسرّ مَن رأى فشكر ذلك وقَبِلَه )(١) .

وترجم له ابن خلكان واليافعي واللّفظ للأخير :

( أبو عبد الله الزبير المعروف بابن بكّار القرشي الأسدي الزبيري كان مِن أعيان العلماء ، تولّى قضاء مكّة ، وصنّف الكُتب النافعة ، منها : كتاب أنساب قريش ، جمع فيه شيئاً كثيراً ، وعليه اعتماد الناس في معرفة أنساب القرشيّين ، وله مصنّفات غيره دلّت على فضله واطّلاعه .

روى عن : ابن عُيينة ومَن في طبقته وروى عنه : ابن ماجة القزويني وابن أبي الدنيا وغيرهما )(٢) .

وقال الذهبي : ( قال الخطيب : كان ثقةً ثبتاً ، عالماً بالنَسَب ، عارفاً بأخبار المتقدّمين ومآثر الماضين ، وله الكتاب المصنّف في مآثر قريش وأخبارها رحمه الله )(٣) .

وتوجد ترجمته أيضاً في :

تذكرة الحفاظ ٢ : ٥٢٨ ، سِيَر أعلام النبلاء ١٢ : ٣١١ ، الكاشف عن أسماء رجال الكُتُب الستّة ١ : ٣١٨ ، العبر ٢ : ١٢ ، تهذيب الكمال في أسماء الرجال

_______________________

(١) تاريخ بغداد ٨ : ٤٦٧ ملخّصاً .

(٢) مرآة الجنان ٢ : ١٢٤ ، وفيات الأعيان ٢ : ٣١١ .

(٣) تذهيب التهذيب ، تهذيب التهذيب ٣ : ٢٦٩ .

٩ : ٢٩٣ ، البداية والنهاية ١١ : ٢٤ ، تهذيب التهذيب ٣ : ٣١٢ ، تاريخ بغداد ٨ : ٤٦٧ .

وغيرها مِن كتب الرجال والتراجم...

٥٤

ولكنّ السليماني ـ وهو الحافظ الكبير(١) ـ ذكره في عداد مَن يضع الحديث(٢) .

٩ ـ ابن قتيبة

عبد الله بن مسلم بن قتيبة بن محمّد ، صاحب كتاب المعارف وغيره مِن المصنّفات ، والمترجم له بكلّ إطراء وثناء وتوثيق في :

وفيات الأعيان

والأنساب ٤ : ٤٣١ .

والمنتظم ٥ : ١٠٢ .

وتاريخ بغداد ١٠ : ١٧٠ .

والبداية والنهاية ١١ : ٤٨ .

وبغية الوعاة في طبقات اللغويّين والنحاة ٢ : ٦٣ .

قال ابن خلّكان : ( أبو محمّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ، وقيل : المروزي ، النحوي اللغوي ، وصاحب كتاب المعارف وأدب الكاتب... كان فاضلاً ثقة ، سكن بغداد وحدّث بها... وتصانيفه كلّها مفيدة... )(٣) .

لكنّ بعض الأعلام تكلّم فيه ، بل ادّعى الحاكم النيسابوري الإجماع على

_______________________

(١) أحمد بن علي البخاري ، المتوفى سنة ٤٠٤هـ ، توجد ترجمته في سِيَر أعلام النبلاء ١٧ : ٢٠٠ .

(٢) ميزان الاعتدال ٣ : ٩٨ .

(٣) وفيات الأعيان ٣ : ٤٢ ـ ٤٤ .

٥٥

أنّه كذّاب... وهذه عبارة الذهبي :

( عبد الله بن مسلم بن قتيبة بن محمّد ، صاحب التصانيف ، صدوق ، قليل الرواية روى عن إسحاق بن راهويه وجماعة .

قال الخطيب : كان ثقة ديّناً فاضلاً .

وقال الحاكم : اجتمعت الأُمّة على أنّ القتيبي كذّاب .

قلت : هذه مجازفة قبيحة وكلام مَن لم يخف الله .

ورأيت في مرآة الزمان أنّ الدارقطني قال : كان ابن قتيبة يميل إلى التشبيه ، منحرف عن العترة ، وكلامه يدلّ عليه .

وقال البيهقي : كان يرى رأي الكراميّة .

وقال ابن المنادي : مات في رجب سنة ٢٧٦هـ مِن هريسةٍ بلعها سخنة فأهلكته )(١) .

١٠ ـ أسد بن عمرو

مِن أعلام الفقهاء وأكابر أصحاب أبي حنيفة ، ومِن مشايخ أحمد وأمثاله مِن الأئمّة... كما قال السمعاني بترجمته :

( روى عنه : أحمد بن حنبل ومحمّد بن بكار بن الريّان وأحمد بن منيع والحسن بن محمّد الزعفراني وُليَ القضاء ببغداد وواسط ، كان عنده حديث كثير ، وهو ثقة إن شاء الله هكذا قال أبو بكر الخطيب ، ومات سنة ١٨٨هـ وقيل : ١٩٠هـ )(٢) .

_______________________

(١) ميزان الاعتدال ٤ : ١٩٨ ـ ١٩٩ / ٤٦٠٦ .

(٢) الأنساب ٤ : ٤٧٦ (القسري) .

٥٦

وإليك عبارة الذهبي المشتملة على كلماتهم في الطعن عليه :

( أسد بن عمرو ، أبو المنذر البجلي ، قاضي واسط ، عن ربيعة الرأي ومطرف .

قال يزيد بن هارون : لا يحلّ الأخذ عنه .

وقال يحيى : كذوب ليس بشيء .

وقال البخاري : ضعيف .

وقال ابن حبّان : كان يسوّي الحديث على مذهب أبي حنيفة .

وقال أحمد بن حنبل : صدوق ، وقال مرّةً : صالح الحديث كان مِن أصحاب الرأي .

وما قدّمناه مِن قول ابن معين ، إنّما رواه أحمد بن سعيد بن أبي مريم ، وقد روي عن يحيى بن محمّد العبسي أنّه قال : لا بأس به وقال عبّاس : سمعت يحيى يقول : هو أوثق مِن نوح بن درّاج ولم يكن به بأس ، وقد سمع مِن ربيعة الرأي وغيره ، وقال : ولمّا أنكر بصره ترك القضاء رحمه الله .

وقال ابن عمّار الموصلي : لا بأس به .

قلت : صَحِب الإمام أبا حنيفة وتفقّه عليه كان مِن أهل الكوفة ، فقَدِم بغداد ووُلِيَ قضاء الشرقيّة بعد القاضي العوفي .

وضعّفه الفلاّس .

وقال النسائي : ليس بقوي .

وقال الدراقطني : يعتبر به .

وقال ابن سعد : مات سنة ١٩٠هـ .

وقال ابن عدي لم أر له شيئاً مُنكراً وأرجو أنّه لا بأس به .

٥٧

ومات سنة ١٩٠هـ قاله ابن حبّان )(١) .

١١ ـ محمّد بن عبد الله بن عبد الحكم

تلميذ الشافعي ، وقال ابن خزيمة ، ما رأيت في فقهاء الإسلام أعرف بأقاويل الصحابة والتابعين منه... إلى غير ذلك ممّا قيل في مدحه .

لكنّ ابن الجوزي أدرجه في الضعفاء وقال : ( كذّبه الربيع بن سليمان ) .

قال الذهبي : ( محمّد بن عبد الله بن الحكم ، فقيه أهل مصر ، روى عن ابن وهب والشافعي وتفقّه به ، وأنس بن عياض ، أكثر عنه الأصم وغيره .

وقال ابن الجوزي في الضعفاء : روى عن مالك .

وهذا خطأ ظاهر مِن أبي الفرج ، ما أدرك مالكاً .

ثمّ قال ابن الجوزي : كذّبه الربيع بن سليمان .

قلت : بل هو صدوق قال النسائي : هو أظرف مِن أن يكذب .

قد احتجّ به النسائي وكان ثقة وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : صدوق ثقة وقال ابن خزيمة : ما رأيت في فقهاء الإسلام أعرف بأقاويل الصحابة والتابعين منه وكان أعلم مَن رأيت بمذهب مالك أمّا الإسناد فلم يكن يحفظه )(٢) .

والألطف مِن ذلك : كذبه على شيخه الشافعي في مسألة وطي المرأة في الدّبر ، إذ نسب إليه القول بالجواز ، وهو عندهم مِن القبائح الشنيعة :

قال الذهبي : ( أخبرتْنا خديجة بنت الرضي ، أخبرنا أحمد بن عبد الواحد ، أنا عبد المنعم الفراوي ، أنا عبد الغفّار بن محمّد ، أنا أبو سعيد الصيرفي ، ثنا

_______________________

(١) ميزان الاعتدال ١ : ٣٦٣ / ٨١٥ .

(٢) ميزان الاعتدال ٦ : ٢١٩ ـ ٢٢٠ / ٧٨٢١ .

٥٨

أبو العبّاس الأصم : سمعت محمّد بن عبد الله ، سمعت الشافعي يقول : ليس فيه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في التحليل والتحريم حديث ثابت ، والقياس أنّه حلال .

قلت : هذا مُنكر مِن القول ، بل القياس التحريم ، يعني الوطئ في دُبر المرأة وقد صحّ الحديث فيه وقال الشافعي : إذا صحَّ الحديث فاضربوا بقولي على الحائط قال ابن الصبّاغ في الشامل عقيب هذه الحكاية : قال الربيع : والله لقد كذب على الشافعي ، فإنّ الشافعي ذكر تحريم هذا في ستّة كتبٍ مِن كتبه )(١) .

١٢ ـ الحسن بن علي بن شبيب المعمري

مِن أعلام الحفّاظ الأجلاّء ، وأكابر المحدّثين النبلاء ، كما لا يخفى على مِن يراجع تراجمه في : كتاب الأنساب للسمعاني ، وتذكرة الحفّاظ للذهبي ، وغيرهما مِن معاجم الرجال .

قال السمعاني : ( أبو علي الحسن بن علي بن شبيب المعمري الحافظ ، إنّما اشتهر بهذه النِسبة لأنّه عَنيَ بجمع حديث معمر، وقيل : إنّ أُمّه بنت سفيان ابن أبي سفيان صاحب معمر بن راشد فأُنسب إليها ، وكان جليل القدر ، كثير السماع ، صاحب كتاب اليوم والليلة ، كثرت الرواية عنه ، وسمعتُ جزءً مِن هذا الكتاب بواسط عن قاضيها أبي عبد الله الجلابي ، وروى الكتاب كلّه محمّد بن إدريس الجرجرائي الحافظ عن أبي بكر محمّد بن أحمد المعيد عنه ، سمع هدبة بن خالد وعبيد الله بن معاذ العنبري وعلي بن المديني ويحيى بن معين

_______________________

(١) ميزان الاعتدال ٦ : ٢١٩ ـ ٢٢٠ / ٧٨٢١ .

٥٩

وداود بن عمرو الضبّي ودحيم بن اليتيم وأحمد بن عمرو بن السرح وخَلْقاً يطول ذكرهم .

روى عنه : يحيى بن صاعد ومحمّد بن مخلد وأبو بكر ابن النجاد وأبو سهل ابن زياد )(١) .

ومع هذا ، فقد اتّهمه غير واحدٍ مِن الأعلام :

قال الذهبي : ( الحسن بن علي بن شبيب المعمري الحافظ ، واسع العلم والرحلة ، سمع علي بن المديني وشيبان وطبقته ، وله غرائب يرفعها .

قال الدارقطني : صدوق حافظ .

وقال ابن عبدان : ما رأيت في الدنيا صاحب حديثٍ مثله .

وقال البردعي : ليس بعجيب أن يتفرّد المعمري بعشرين أو ثلاثين حديثاً في كثرة ما كَتَب .

قال عبدان : سمعت فضلك الراوي وجعفر بن الجنيد يقولان : المعمري كذّاب قال عبدان : حسداه ؛ لأنّه كان رفيقهما ، فكان إذا كتب حديثاً غريباً لا يفيدهما .

وقال ابن عدي : سمعت أبا يعلى يقول : كتب إليّ موسى بن هارون : أنّ المعمري حدّث عن العبّاس البرسي عن يحيى القطّان عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر يحدّث : لعن الله الواصلة فزاد فيه : ونهى عن النَوْح ، فاكتب إلينا بصحّته ، فإنّ النسخة عندك عند العبّاس فكتب إليه : ما فيه هذا )(٢) .

_______________________

(١) الأنساب ٥ : ٢٣٢ (المعمري) .

(٢) ميزان الاعتدال ٢ : ٢٥٣ / ١٨٩٧ .

٦٠