عصمة الأنبياء في القرآن الكريم

عصمة الأنبياء في القرآن الكريم17%

عصمة الأنبياء في القرآن الكريم مؤلف:
تصنيف: مفاهيم القرآن
الصفحات: 321

عصمة الأنبياء في القرآن الكريم
  • البداية
  • السابق
  • 321 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 132366 / تحميل: 8869
الحجم الحجم الحجم
عصمة الأنبياء في القرآن الكريم

عصمة الأنبياء في القرآن الكريم

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

[٩٢١٦] ٢ - وفي بعض نسخه: « إذا أردت الخروج إلى الحج، ودعّت أهلك وأوصيت وقضيت ما عليك من الدين، وأحسنت الوصيّة لأنّك لا تدري كيف يكون، عسى أن لا ترجع من سفرك، ثم صلّ ركعتين وتقول: اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة الحزن، اللهم احفظني في سفري، واستخلف لي في أهلي وولدي، [ وردني ](١) في عافية إلى أهلي ورهطي ».

١١ -( باب تحريم العمل بعلم النجوم وتعلّمه، إلّا ما يهتدى به في برّ أو بحر)

[٩٢١٧] ١ - أحمد بن محمد السياري في التنزيل والتحريف: عن البرقي، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب، عن أبان بن تغلب، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: قرأ بنا علي (صلوات الله عليه) في النحر(١) : « وتجعلون(٢) شكركم انكم إذا مطرتم تكذبون » فلما انصرف قال: « إني قد عرفت أنه سيقول قائل منكم: لم قرأ هذا(٣) ؟ قرأتها إنّي(٤) سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يقرأ كذلك، أنّهم كانوا إذا مطروا قالوا: مطرنا بنوء كذا وكذا، فأنزل الله: وتجعلون شكركم إذا مطرتم أنكم تكذّبون ».

__________________

٢ - وفي بعض نسخه وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ١١

١ - التنزيل والتحريف ص ٥٩.

(١) في المصدر: الفجر.

(٢) وفيه: أتجعلون.

(٣) وفيه: هكذا.

(٤) وفيه: لأني.

١٢١

[٩٢١٨] ٢ - القطب الراوندي في الخرائج: روي أن في وقعة تبوك أصاب الناس عطش، فقالوا: يا رسول الله، لو دعوت الله لسقانا، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « لو دعوت الله لسقيت » قالوا: يا رسول الله ادع لنا الله ليسقينا، فدعا فسالت الأودية فإذا قوم على شفير الوادي يقولون: مطرنا بنوء(١) الذراع وبنوء كذا، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « ألا ترون؟ » فقال خالد: ألا اضرب أعناقهم؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « [ لا هم ](٢) يقولون هكذا، وهم يعلمون أن الله أنزله ».

[٩٢١٩] ٣ - أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في الاحتجاج: عن هشام بن الحكم، قال: سأل الزنديق، أبا عبد اللهعليه‌السلام فقال: ما تقول فيمن زعم أن هذا التدبير الذي يظهر في هذا العالم تدبير النجوم السبعة؟ قالعليه‌السلام : « يحتاجون إلى دليل، إن هذا العالم الأكبر والعالم الأصغر، من تدبير النجوم التي تسبح في الفلك، وتدور حيث دارت متعبة لا تفتر وسائرة لا تقف، ثم قال: وأنّ كلّ(١) نجم منها موكل مدبر، فهي بمنزلة العبيد المأمورين المنهيين، فلو كانت قديمة أزليّة لم تتغير من حال إلى حال » قال: فما تقول في علم النجوم؟ قال: « هو علم قلت منافعه وكثرت مضرّاته، لأنه لا يدفع

__________________

٢ - الخرائج ص ٢١.

(١) النوء: النجم إذا مال للمغيب وكانت العرب تقول: مطرنا بنوء كذا: أي مطرنا بطلوع نجم وسقوط آخر والذراع: نجم من نجوم كوكبة الجوزاء.

(لسان العرب ج ١ ص ١٧٥. مجمع البحرين ج ١ ص ٤٢٢).

(٢) أثبتناه من المصدر.

٣ - الاحتجاج ص ٣٤٧.

(١) في المصدر: لكل.

١٢٢

به المقدور، ولا يتقى به المحذور، إن أخبر المنجم بالبلاء لم ينجه التحرز من القضاء، وإن أخبر هو بخبر لم يستطع تعجيله، وإن حدث به سوء لم يمكنه صرفه، والمنجم يضادّ الله في علمه بزعمه أنه يردّ قضاء الله عن خلقه » الخبر.

[٩٢٢٠] ٤ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن أبي بصير قال: رأيت رجلا يسأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن النجوم، فلما خرج من عنده قلت له: هذا علم له أصل؟ قال: « نعم » قلت: حدثني عنه، قال: « أحدثك عنه بالسعد(١) ولا أحدّثك بالنحس، إن الله جلّ اسمه فرض صلاة الفجر لأول ساعة فهو فرض وهي سعد، وفرض(٢) الظهر لسبع ساعات وهو فرض وهي سعد، وجعل العصر لتسع ساعات وهو فرض وهي سعد، والمغرب لأوّل ساعة من الليل وهو فرض وهي سعد، والعتمة لثلاث ساعات وهو فرض وهي سعد ».

[٩٢٢١] ٥ - السيد علي بن طاووس في كتاب الاستخارة: قال: ذكر الشيخ الفاضل محمد بن علي بن محمد في كتاب له في العمل(١) ، ما هذا لفظه: دعاء الاستخارة عن الصادقعليه‌السلام ، تقوله بعد فراغك من صلاة الاستخارة تقول:

« اللهم إنك خلقت أقواما يلجؤون إلى مطالع النجوم، لأوقات حركاتهم وسكونهم وتصرفهم وعقدهم، وخلقتني أبرأ إليك من اللجأ

__________________

٤ - المناقب لابن شهرآشوب ج ٤ ص ٢٦٥.

(١) في المصدر: بالصعب.

(٢) وفيه: وجعل.

٥ - فتح الأبواب ص ٢٩ وعنه في البحار ج ٩١ ص ٢٧٠ ح ٢٣.

(١) كذا.

١٢٣

إليها، ومن طلب الاختيارات بها، وأتيقن أنّك لم تطلع أحدا على غيبك في مواقعها، ولم تسهل له السبيل إلى تحصيل أفاعيلها، وأنّك قادر على نقلها في مداراتها في مسيرها عن السعود العامة والخاصة إلى النحوس، ومن النحوس الشاملة والمفردة إلى السعود، لأنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب، ولأنّها خلق من خلقك وصنعة من صنيعك، وما أسعدت من اعتمد على مخلوق مثله، واستمد(٢) الاختيار لنفسه، وهم أولئك ولا أشقيت من اعتمد على الخالق الذي أنت هو »، إلى آخر الدعاء وقد مرّ(٣) في كتاب الصلاة.

١٢ -( باب استحباب افتتاح السفر بالصدقة، وجواز السفر بعدها في الأوقات المكروهة، واستحباب كونها عند وضع الرجل في الركاب)

[٩٢٢٢] ١ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « تصدّق واخرج أيّ يوم شئت ».

[٩٢٢٣] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « أتى إلى أبي رجل من أصحابه أراد سفرا ليودعه، فقال [ له: إن ](١) أبي علي بن الحسينعليهما‌السلام ، كان إذا أراد الخروج

__________________

(٢) وفي نسخة: استبد - منه قدس سره -.

(٣) تقدم برقم ٧ من الباب ١ من أبواب صلاة الاستخارة.

الباب ١٢

١ - الهداية ص ٤٥.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٦٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٢٤

إلى بعض أمواله، اشترى سلامته من الله بما تيسّر، ويكون ذلك إذا وضع رجله في الركاب، فإذا (سلّمه الله)(٢) وانصرف شكر الله تعالى، وتصدّق(٣) بما تيسر، فودّعه الرجل ومضى، ولم يفعل من ذلك شيئا فعطب في الطريق، فبلغ ذلك أبا جعفرعليه‌السلام فقال: كان(٤) الرجل وعظ لو اتعظ ».

[٩٢٢٤] ٣ - زيد الزراد في أصله قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « إذا خرج أحدكم من منزله فليتصدق بصدقة، وليقل: اللهم أظلّني تحت كنفك، وهب لي السلامة في وجهي هذا، ابتغاء السلامة والعافية والمغفرة، واصرف [ عنّي ](١) أنواع البلاء، اللهم فاجعله لي أمانا في وجهي هذا، وحجابا وسترا ومانعا، وحاجزا من كلّ مكروه ومحذور وجميع أنواع البلاء، إنّك وهّاب جواد ماجد كريم، فإنّك إذا فعلت ذلك وقلته، لم تزل في ظل صدقتك، ما نزل بلاء من السماء إلّا ودفعه عنك، ولا استقبلك بلاء في وجهك إلّا وصدّه عنك، ولا أرادك من هوام الأرض شئ من تحتك ولا عن يمينك ولا عن يسارك، إلّا وقمعته الصدقة ».

__________________

(٢) وفيه: سلّم.

(٣) وفيه زيادة: أيضاً.

(٤) وفيه: قد كان.

٣ - كتاب زيد الزرّاد ص ١٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٢٥

١٣ -( باب استحباب حمل العصا من لوز مرّ في السفر، وما يستحب قراءته حينئذٍ)

[٩٢٢٥] ١ - السيد علي بن طاووس في كتاب أمان الأخطار: قال: روي عن الأئمةعليهم‌السلام أنهم قالوا: « إذا أراد أحدكم ان يسافر فليصحب معه في سفره عصا من شجر اللوز المرّ، وليكتب هذه الأحرف في رقّ، ويحفر العصا ويجعل الرق فيها، وهي: سلمخس وهبه لهوه(١) با. ابنه. باويه صاف(٢) . صسابه هي ».

١٤ -( باب استحباب حمل العصا في السفر والحضر، والصغر والكبر)

[٩٢٢٦] ١ - جامع الأخبار: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « من مشى مع العصا في السفر والحضر للتواضع، يكتب له بكل خطوة الف حسنة، ومحا عنه الف سيئة، ورفع له الف درجة ».

١٥ -( باب استحباب صلاة ركعتين أو أربع ركعات، عند إرادة السفر، وجمع العيال، والدعاء بالمأثور)

[٩٢٢٧] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن

__________________

الباب ١٣

١ - أمان الأخطار ص ٣٣ باختلاف يسير في رسم الحروف التي في ذيل الحديث.

(١) في نسخة: يهون (منه قدّه).

(٢) وفي نسخة: صاون (منه قدّه).

الباب ١٤

١ - جامع الأخبار ص ١٤١.

الباب ١٥

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٥.

١٢٦

آبائهعليهم‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « ما استخلف رجل على أهله خليفة إذا أراد سفرا، أفضل من ركعتين يصليهما عند خروجه(١) ، ثم يقول: اللهم إني أستودعك نفسي وأهلي ومالي، وديني [ ودنياي ](٢) وآخرتي، وأمانتي وخاتمة عملي، ولا يفعل ذلك مؤمن إلّا أعطاه الله ما سأل ».

[٩٢٢٨] ٢ - أحمد بن محمد بن خالد البرقي في المحاسن: عن الحسن بن الحسين أو غيره، عن محمد بن سنان رفعه قال: كان أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا أراد سفرا، قال: « اللهم خلّ سبيلنا، وأحسن سيرنا - أو قال مسيرنا - وأعظم عافيتنا ».

[٩٢٢٩] ٣ - الشيخ إبراهيم الكفعمي في جنّته: بعد ذكر الدعاء المروي في الكافي(١) والمحاسن(٢) ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: ثم قل مولاي(٣) انقطع الرجاء إلّا منك: وخابت الآمال إلّا فيك، أسألك إلهي بحق من حقّه واجب عليك، ممّن جعلت له الحقّ عندك، أن تصلي على محمّد وآل محمد، وأن تقضي حاجتي، ثم ادع بدعاء السفر، فتقول: محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ أمامي، وعلي ورائي، وفاطمة فوق رأسي، (والحسن عن يميني، والحسين عن

__________________

(١) في نسخة: الخروج (منه قدس سره).

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢ - المحاسن ص ٣٥٠.

٣ - الجنة الواقية ص ١٨٦.

(١) الكافي ج ٣ ص ٢٨٣ ح ٢

(٢) المحاسن ص ٣٥٠ ح ٣٠.

(٣) في المصدر: يا مولاي.

١٢٧

يساري)(٤) ، وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجّةعليهم‌السلام ، حولي، إلهي ما خلقت خلقا خيرا منهم، فاجعل صلواتي بهم مقبوله، ودعواتي بهم مستجابة، وحوائجي بهم مقضيّة، وذنوبي بهم مغفورة: وآفاتي بهم مدفوعة، وأعدائي بهم مقهورة، وأرزاقي بهم مبسوطة، اللهم صلّ على محمد وآل محمد، تقول ذلك ثلاثا ثم تدعو بكلمات الفرج ».

قال في الحاشية(٥) : هذا دعاء السفر جليل القدر عظيم الشأن، يؤمن(٦) به المسافر، ذكره الشيخ، الأجل الحسين بن محمد بن علي المكيال طاب ثراه، في كتابه عمدة(٧) في الدعوات.

[٩٢٣٠] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا أردت سفرا فاجمع أهلك، وصلّ ركعتين وقل: اللهم إني أستودعك ديني، ونفسي، وأهلي، وولدي، وعيالي ».

[٩٢٣١] ٥ - الصدوق في المقنع: فإذا أردت الخروج إلى الحج فاجمع أهلك، وصلّ ركعتين، ومجّد الله كثيرا، وصلّ على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، وقل: اللهم إني أستودعك اليوم ديني، ونفسي، ومالي، وأهلي وولدي وجيراني، وأهل حزانتي(١) الشاهد منّا والغائب،

__________________

(٤) وفيه: والحسن والحسين عن يساري.

(٥) حاشية جنة الواقية ص ١٨٧.

(٦) في المصدر: يؤمن الله.

(٧) وفيه: عدّة.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦ باختلاف يسير، وعنه في البحار ج ٧٦ ص ٢٣٥ ح ١٧.

٥ - المقنع ص ٦٧.

(١) الحُزانة: بالضم والتخفيف، عيال الرجل الذي يَتَحزّن لهم (مجمع البحرين ج ٦ ص ٢٣٢).

١٢٨

وجميع ما أنعمت به عليّ، اللهم اجعلنا في كنفك ومنعك، وعزّك وعياذك، عزّ جارك، وجلّ ثناؤك، وامتنع عائذك، ولا إله غيرك، توكّلت على الحيّ الذي لا يموت، والحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له وليّ من الذل، وكبره تكبير، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسحبان الله بكرة وأصيلا.

١٦ -( باب استحباب قيام المسافر على باب داره، وقراءة الفاتحة أمامه، وعن يمينه، وعن شماله، وآية الكرسي كذلك، والمعوذتين والاخلاص كذلك، والدعاء بالمأثور)

[٩٢٣٢] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام « وإذا أردت الخروج من منزلك فقل: بسم الله: ولا حول ولا قوّة إلّا بالله، توكلت على الله، فإنّك إذا قلت هكذا، نادى ملك في قولك بسم الله: هديت أيّها العبد، وفي قولك لا حول ولا قوة إلّا بالله: وقيت، وفي قولك توكّلت على الله: كفيت، فيقول الشيطان حينئذ: كيف لي بعبد هدي ووقي وكفي؟ واقرأ( قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ ) مرّة عن يمينك، ومرّة عن يسارك، ومرّة عن خلفك، ومرّة [ من ](١) بين يديك، ومرّة من فوقك، ومرّة من تحتك، فإنّك تكون في يومك كلّه في أمان الله ».

[٩٢٣٣] ٢ - السيد علي بن طاووس في كتاب أمان الأخطار: قال: وروي أنه إذا وقف على باب داره، سبح تسبيح الزهراءعليها‌السلام وقرأ

__________________

الباب ١٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٥٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - أمان من الأخطار ص ٩٤.

١٢٩

الحمد وآية الكرسي كما قدمناه(١) ، وقال: اللهم إليك وجهت وجهي، وعليك خلفت أهلي ومالي(٢) وما خوّلتني، [ و ](٣) قد وثقت بك فلا تخيبني، يا من لا يخيّب من أراده، ولا يضيع من حفظه، اللهم صلّ على محمد وآل محمد(٤) ، واحفظني فيما غبت عنه، ولا تكلني إلى نفسي يا أرحم الراحمين، اللهم بلغني ما توجّهت له، وسبّب لي المراد، وسخّر لي عبادك وبلادك، وارزقني زيارة نبيّك، ووليك أميرالمؤمنين، والأئمة من ولده، وجميع أهل بيته عليه وعليهم السلام، ومدّني بالمعونة في جميع أحوالي، ولا تكلني إلى نفسي ولا إلى غيري، فأكلّ واعطب، وزوّدني التقوى، واغفر لي في الآخرة والأولى، اللهم اجعلني أوجه من توجّه إليك.

وتقول أيضا: بسم الله وبالله، وتوكّلت على الله، واستغثت بالله، والجأت ظهري إلى الله، وفوّضت أمري إلى الله، ربّ آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيّك الذي أرسلت، لأنه لا يأتي بالخير إلهي إلّا أنت، [ ولا يصرف السوء إلّا أنت ](٥) عزّ جارك، وجلّ ثناؤك، وتقدّست أسماؤك، وعظمت آلاؤك، ولا إله غيرك.

فقد روي أن من خرج من منزله مصبحا، ودعا بهذا الدعاء، لم يطرقه بلاء حتى يمسي ويؤوب إلى منزله، وكذلك من خرج في السماء ودعا به، لم يطرقه بلاء حتى يصبح ويؤوب إلى منزله.

__________________

(١) في هامش المخطوط: « أي كلّ واحد منهما أمامه وعن يمينه وعن شماله » منه قدّه.

(٢) في نسخة: ومالي وولدي، منه قدّه.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) في نسخة: وآله، منه قدّه.

(٥) أثبتناه من المصدر.

١٣٠

[٩٢٣٤] ٣ - الشيخ الطبرسي في كتاب كنوز النجاح: بالسند المتقدم في آخر أبواب وجوب الحج وشرائطه، عن الجواد، عن آبائه، عن رسول الله (صلى الله عليهم أجمعين)، ممّا علمه من أدعية الوسائل إلى المسائل، المناجاة بالسفر:

« اللهم إني أريد سفرا فخر لي فيه، وأوضح لي سبيل الرأي وفهمنيه، وافتح عزمي بالاستقامة، واشملني في سفري بالسلامة، وافدني به جزيل الحظّ والكرامة، واكلأني فيه بحرز الحفظ والحراسة، وجنبني اللهم وعثاء الأسفار، وسهل لي حزونة الأوعار، واطولي طول انبساط المراحل، وقرّب منّي بُعْدَ نأي المناهل، وباعد في المسير بين خطى الرواحل، حتى تقرب نياط البعيد، وتسهل وعور الشديد، ولقنّي في سفري اللهم نجح طائر الواقية، وهنّئني غنم العافية، وخفير الاستقلال، ودليل مجاوزة الأهوال، وباعث وفور الكفاية، وسانح خفير الولاية واجعله اللهم ربّ سببا عظيم السلم، حاصل الغنم، واجعل اللهم ربّ الليل سترا لي من الآفات، والنهار مانعا من الهلكات، واقطع عني قطع لصوصه بقدرتك، واحرسني من وحوشه بقوتك، حتى تكون السلامة فيه مصاحبتي، والعافية مقارنتي، واليمن سائقي، واليسر معانقي، والعسر مفارقي، والنجح بين مفارقي، والقدر موافقي، والأمن مرافقي، إنّك ذو المن والطول، والقوّة والحول، وأنت على كلّ شئ قدير ».

[٩٢٣٥] ٤ - البحار: عن خط السيد نظام الدين احمد الشيرازي، بأسانيده إلى أبي علي بن الشيخ الطوسي، عن أبيه، عن أبي عبد الله

__________________

٣ - كنوز النجاح ورواه الكفعمي في البلد الأمين ص ٥١٧.

٤ - البحار ٩٥ ص ٣١٥، وسنده في ٣٢٥.

١٣١

الحسين بن عبيد الله الغضائري، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، عن أبي علي محمد بن همام، عن الحسين بن زكريا، عن صهيب بن عباد بن صهيب، عن أبيه عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ - في حديث طويل - أنه قال: « قال الله تعالى في ليلة أسري بهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : يا محمد، ومن أراد الخروج من أهله لحاجة في سفر، فأحبّ أن اؤديه سالما مع قضائي له الحاجة، فليقل حين يخرج [ من بيته ](١) بسم الله مخرجي، وبإذنه خرجت، وقد علم قبل أن أخرج خروجي، وقد أحصى علمه ما في مخرجي ومرجعي، توكلت على الإله(٢) الأكبر توكل مفوض إليه امره، مستعين به على شؤونه، مستزيد من فضله، مبرئ نفسه من كلّ حول ومن كلّ قوّة إلّا به، خروج ضرير خرج بضرّه إلى من يكشفه عنه، وخروج فقير خرج بفقره إلى من يسده، وخروج عائل خرج بعيلته إلى من يغنيها، وخروج من ربّه أكبر ثقته، وأعظم رجائه، وأفضل أمنيته، الله ثقتي في جميع أموري كلّها، به فيها جميعا استعين، ولا شئ إلّا ما شاء الله في علمه، اسأل الله خير المخرج والمدخل، لا إله إلّا هو إليه المصير.

فإنه إذا قال ذلك، وجهت له في مدخله ومخرجه السرور، وأديته سالما » الخبر.

وهذا من جملة أدعية السرّ، ولها أسانيد متعددة في كتب الأصحاب.

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في نسخة: الله (منه قدّه).

١٣٢

[٩٢٣٦] ٥ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « وإذا خرج أحدكم في سفر، فليقل: اللهم أنت الصاحب في السفر، والحامل على الظهر، والخليفة في الأهل والمال والولد ».

[٩٢٣٧] ٦ - السيد هبة الله الراوندي في مجموع الرائق: دعاء السفر:

بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إني أسألك بحق وليك علي بن الحسين، إلّا كفيتني مؤونة كلّ شيطان مريد، وسلطان عنيد، يتقوى عليّ ببطشه، وينتصر عليّ بجنده، إنّك جواد كريم.

اللهم إني أسئلك بحق وليك علي بن موسى الرضا، إلّا ما سلّمتني به في جميع أسفاري، في البراري، والبحار، والجبال، والقفار، والأودية، والغياض(١) ، من جميع ما أخافه وأحذره، إنّك رؤوف رحيم.

اللهم إني أسألك بحق وليك محمد بن علي الجواد، إلّا جدت علي من فضلك، وتفضلت عليّ من وسعك، ووسعت عليّ من رزقك، وأغنيتني عمّن سواك، وجعلت حاجتي إليك، وقضاءها عليك، فإنك لما تشاء قدير.

اللهم إني أسألك بحق وليّك وحجتك صاحب الزمان، إلّا أعنتني به على جميع أموري، وكفيتني به كلّ عدوّ، وهمّ، وغمّ، ودين،

__________________

٥ - تحف العقول ص ٨١.

٦ - مجموع الرائق ص ٥.

(١) الغياض: جمع غيضة، وهو ماء يجتمع فينبت فيه الشجر (لسان العرب ج ٧ ص ٢٠٢).

١٣٣

وضيق، ومخوف، ومحذور، ولولدي، ولجميع أهلي، وإخواني، ومن يعنيني امره، وخاصّتي، آمين ربّ العالمين.

ثم يقف على عتبة منزله ويدعو بهذا الدعاء، ويتوجّه من فوره: بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله مخرجي ؤ، وبإذنه خرجت، وقد علم قبل أن اخرج خروجي، وأحصى بعلمه ما في مخرجي ورجعتي من عملي، وتوكّلت على الإله الأكبر عليه توكّلي، مفوّضا إليه أموري وشؤوني، مستزيدا من فضله، مبرئا نفسي من كلّ حول وقوة إلّا به، خرجت خروج ضرير خرج بضره إلى من يكشفه، خروج فقير خرج بفقره إلى من يسده، خروج عائل خرج بعيلته إلى من يغنيها، خروج من ربّه أكبر ثقته في جميع أُموره كلّها، وأعظم رجائه وأفضل أمنيته، في جميع ذلك استعين، لا شئ إلّا ما شاء الله في علمه، أسأل الله خير المدخل والمخرج، لا إله إلّا هو.

١٧ -( باب استحباب التسمية عند الركوب، والدعاء بالمأثور، وتذكر نعمة الله بالدواب، والامساك بالركاب)

[٩٢٣٨] ١ - نصر بن مزاحم في كتاب صفين: عن عمرو بن شمر، وعمر بن سعد، ومحمد بن عبيد(١) الله، قال عمر: حدثني رجل من الأنصار، عن الحارث به كعب الوالبي، عن عبد الرحمن بن عبيد أبي الكنود(٢) قال: لما أراد عليعليه‌السلام الشخوص عن النخيلة،

__________________

الباب ١٧

١ - وقعة صفين ص ١٣١.

(١) في المصدر: عبد.

(٢) وفيه: عبد الرحمن بن عبيد بن أبي الكنود. والظاهر أنّ الصواب هو: عبد الرحمن بن عبيد بن الكنود « راجع معجم رجال الحديث ج ٩ ص ٣٣٥ ح٦٣٩٢).

١٣٤

قام في الناس - إلى أن قال - فلما أراد أن يركب وضع رجله في الركاب وقال: « بسم الله » فلما جلس على ظهرها قال:( سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ ) (٣) .

ثم قال: « اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب، والحيرة بعد اليقين، وسوء المنظر في الأهل، والمال(٤) اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل » الخبر.

[٩٢٣٩] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا وضعت رجلك في الركاب فقل: بسم الله وبالله وفي سبيل الله، وعلى ملّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، فإذا استويت على راحلتك واستوى بك محملك(١) ، فقل: الحمد لله (الذي هدانا إلى الاسلام، ومنّ علينا بالايمان، وعلمنا القرآن، ومنّ علينا بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، سبحان)(٢) الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين(٣) والحمد لله ربّ العالمين ».

وفي بعض نسخه في موضع آخر(٤) : « ثم اركب راحلتك وقل: بسم الله وبالله سبحان من سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين الحمد لله الذي سخر لنا هذا، وذلّل لنا، وصلى الله على محمد وعلى آله وسلّم ».

__________________

(٣) الزخرف ٤٣: ١٣ و ١٤.

(٤) في المصدر زيادة: الولد.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

(١) في المصدر: عملك.

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٣) وفيه زيادة: وانا إلى ربّنا لمنقلبون.

(٤) عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٤.

١٣٥

[٩٢٤٠] ٣ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه أراد سفرا فلما استوى على دابته قال: « الحمد لله الذي(١) سخر لنا هذا وما كنّا له مقرنين، وأنّا إلى ربّنا لمنقلبون، ثم قرأ فاتحة الكتاب ثلاث مرات، ثم قال: الله أكبر، ثلاث مرات، ثم قال: سبحانك(٢) إني ظلمت نفسي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلّا أنت » ثم ضحك، فقيل له: يا أميرالمؤمنين من أيّ شئ ضحكت؟ قل: « رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال مثل ما قلت، ثم ضحك، فقلت: يا رسول الله من أي شئ تضحك؟ قال: أن الله عزّوجلّ يعجب بعبده إذا قال: اغفر لي ذنوبي، يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيره ».

[٩٢٤١] ٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه كان إذا استوى على راحلته خارجا إلى سفر، كبّر ثلاثا، ثم قال: « سبحان الذي سخر لنا هذا وكنا له مقرنين، وأنّا إلى ربّنا لمنقلبون، اللهم إنّا نسألك في سفرنا هذا البرّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطوعنّا بعده، اللهم أنت الصحاب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل والمال » فإذا رجع قال: « آئبون تائبون عابدون، لربنا حامدون ».

[٩٢٤٢] ٥ - مجموعة الشهيد الأول: أخبرنا جماعة من أشياخنا، عن الشيخ

__________________

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٦.

(١) في المصدر: سبحان الذي.

(٢) في المصدر زيادة: اللهم.

٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٤٥.

٥ - مجموعة الشهيد ص ١٤٦.

١٣٦

الامام صفي الدين أبي الفضائل عبد المؤمن بن عبد الحقّ الخطيب البغدادي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن عبد الله المعروف بابن قاضي اليمن، إجازة عن عتيق بن سلامة السلماني عن، الحافظ محمد بن أبي القاسم (بن)(١) علي بن هبة الله بن عساكر.

وحدثني السيد النسّابة العلامة الفقيه المؤرّخ تاج الدين أبو عبد الله محمد بن معيّة الحسيني، من لفظه قال: أخبرني جلال الدين محمد بن محمد الكوفي الواعظ، إجازةً: قال أخبرنا تاج الدين علي بن النجيب المعروف بابن الساعي المؤرخ، أنبأنا الحافظ ابن عساكر، أنبأنا الشريف أبو البركات عمر بن إبراهيم بن محمد بن محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن علي بن حمزة بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قراءةً عليه بالكوفة بمسجد أبي إسحاق السبيعي، في ذي القعدة سنة احدى وخمسمائة، أنبأنا أبو الفرج محمد بن أحمد بن محمد بن علان المعروف بابن الخازن المعدل، أنبأنا القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الحسين الجعفي، أنبأنا أبو جعفر محمد بن جعفر بن محمد بن رباح الأشجعي أنبأنا علي بن المنذر يعني الطريقي، أنبأنا محمد بن فضل عن يحيى بن عبد الله الأجلح الكندي الكوفي، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الهمداني الكوفي، عن أبي زهير الحارث بن عبد الله، الأعور الهمداني الكوفي، عن أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (صلوات الله وسلامه عليه)، أنه خرج من باب القصر فوضع رجله في الغرز(٢) ، فقال:

__________________

(١) الظاهر أن « ابن » زائدة، حيث أن بن عساكر: هو أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله « الكنى والألقاب ج ١ ص ٣٤٤ ».

(٢) الغرز: ركاب كور الجمل إذا كان من جلد أو خشب (مجمع البحرين ج ٤ ص ٢٨).

١٣٧

« بسم الله » فلما استوى على الدابة قال: « الحمد لله الذي أكرمنا، وحملنا في البر والبحر، ورزقنا من الطيبات، وفضّلنا على كثير ممّن خلق، تفضيلا، سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين، وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون، ربّ اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلّا أنت » ثم قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يقول: إن الله ليعجب بعبده إذا قال: ربّ اغفر لي ذنوبي، إنه لا يغفر الذنوب إلّا أنت ».

١٨ -( باب استحباب ذكر الله وتسبيحه وتهليله في المسير، والتسبيح عند الهبوط، والتكبير عند الصعود، والتهليل والتكبير عند كلّ شرف)

[٩٢٤٣] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وعليك بكثرة الاستغفار والتسبيح والتهليل والتكبير، والصلاة على محمد وآله ».

[٩٢٤٤] ٢ - علي بن طاووس في أمان الأخطار: وروي في لفظ التكبير، إذا علوت تلعة أو أكمة أو قنطرة: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلّا الله والله أكبر، والحمد لله ربّ العالمين، اللهم لك الشرف على كلّ شرف.

ثم تقول: خرجت بحول الله وقوّته، بغير حول مني ولا قوّة، لكن بحول الله وقوّته، برأت إليك يا ربّ من الحول والقوّة، اللهم إني أسألك بركة سفري هذا وبركة أهله، اللهم إني أسألك من فضلك الواسع رزقا حلالا طيبا، تسوقه إليّ وأنا خافض في عافية بقدرتك

__________________

الباب ١٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

٢ - أمان الأخطار ص ١٠١.

١٣٨

وقوّتك، اللهم سرت في سفري هذا، بلا ثقة منّي لغيرك ولا رجاء لسواك، فارزقني في ذلك شكرك وعافيتك، ووفقني لطاعتك وعبادتك، حتى ترضى وبعد الرضى.

[٩٢٤٥] ٣ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، إذا هبط سبّح، وإذا صعد كبّر ».

١٩ -( باب استحباب الدعاء بالمأثور في المسير)

[٩٢٤٦] ١ - دعائم الاسلام: عن علي (صلوات الله عليه): أنه كان إذا برز للسفر فقال: « اشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أن محمد (رسول الله)(١) عبده ورسوله، الحمد لله الذي هدانا للاسلام، وجعلنا من خير أمّة أخرجت للناس، سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل [ والمال والولد، الهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل ](٢) والمستعان في الأمر، اطوِ لنا البعد(٣) ، وسهّل لنا الحزونة، واكفنا المهم إنّك على كلّ شئ قدير ».

__________________

٣ - بعض نسخ الفقه الرضوي « ضمن نوادر أحمد بن محمد بن عيسى » ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٨ ح ٢٤.

الباب ١٩

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٧.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: البعيد.

١٣٩

٢٠ -( باب استحباب الاستعاذة والاحتجاب، بالذكر والدعاء وتلاوة آية الكرسي، في المخاوف)

[٩٢٤٧] ١ - السيد فضل الله الراوندي في أدعية السر: بسنده المتقدم في أبواب الأذان وغيرها، والشيخ إبراهيم الكفعمي في البلد الأمين وغيره، بأسانيدهم عن أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « أن الله تبارك وتعالى قال له في ليلة المعراج: يا محمد ومن خاف شيئا ممّا في الأرض من سبع أو هامّة، فليقل في المكان الذي يخاف ذلك فيه: يا ذارئ ما في الأرض كلّها بعلمه، بعلمك يكون ما يكون ممّا ذرأت، لك السلطان على ما ذرأت، ولك السلطان القاهر على كلّ شئ دونك، يا عزيز يا منيع، إنّي أعوذ بك بقدرتك على كلّ شئ، من كلّ شئ يضرّ، من سبع أو هامّة أو عارض من سائر الدواب، يا خالقها بفطرته، صلّ على محمد وآل محمد، وادرأها عنّي، واحجزها ولا تسلّطها عليّ، وعافني من شرّها وبأسها، يا الله ذا العلم العظيم، حطني واحفظني بحفظك، واجنبني بسترك الوافي من مخاوفي، يا كريم وأجرني يا رحيم، فإنّه إذا قال ذلك، لم تضرّه دوابّ الأرض، التي ترى، والتي لا ترى.

يا محمد ومن خاف شيئا دوني من كيد الأعداء واللصوص، فليقل في المكان الذي يخاف ذلك فيه: يا آخذا بنواصي خلقه والسافع(١) بها إلى قدره، والمنفذ فيها حكمه، وخالقها وجاعل قضائه

__________________

الباب ٢٠

١ - عنه في البحار ج ٩٥ ص ٣١١ باختلاف يسير « نقله عن البلد الأمين وفي ذيله ذكر عدة أسانيد منها السند المذكور أعلاه »، والبلد الأمين ص ٥٠٧، والمصباح ص ١٩١.

(١) في نسخة: السائق (منه قدّه).

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

إيمان النبيّ الأكرم قبل البعثة

كان البحث عن إيمان عبد المطلب وسيّد البطحاء ووالديّ النبي، كمقدمة للبحث عن إيمان النبي الأكرم قبل البعثة، فإنّ إيمانه برسالته، وإن كان أمراً مسلّماً وواضحاً كوضوح الشمس غير محتاج إلى الإسهاب، غير أنّ إكمال البحث يجرّنا إلى أن نأتي ببعض ما ذكره التاريخ من ملامح حياته منذ صباه إلى أن بُعث نبيّاً، حتى يقترن ذلك الاتفاق بأصحّ الدلائل التاريخية، وإليك الأقوال:

١ - روى صاحب المنتقى في حديث طويل: أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا تمَّ له ثلاث سنين، قال يوماً لوالدته ( لمرضعته ) ( حليمة السعدية ): ( مالي لا أري أخويّ بالنهار ؟ ) قالت له: يا بني إنّهما يرعيان غنيمات قال: ( فما لي لا أخرج معهما ؟ ) قالت له: أتحب ذلك ؟ قال: ( نعم )، فلمّا أصبح محمد دهنته وكحّلته وعلّقت في عنقه خيطاً فيه جزع يماني، فنزعه ثم قال لأُمّه: ( مهلاً يا أُمّاه، فإنّ معي مَن يحفظني )(١) .

وهذه العبارة من الطفل الذي لم يتجاوز سنّه ثلاث سنين آية على أنّه كان يعيش في رعاية الله، وكان له معلّم غيبي ( يسلك به طريق المكارم ) ويلهمه ما يعجز عن إدراكه كبار الرجال آنذاك، حيث كانت أُمّه تزعم بأنّ في الجزع اليماني مقدرة الحفظ لمَن علّقه على جيده، فعلى الرغم من ذلك فقد خالفها الطفل ونزعه وطرحه، وهذا إن دلَّ على شيء فإنّما يدل على أنّه كان بعيداً عن تلك الرسوم والأفكار السائدة في الجزيرة العربية.

____________________

١ - المنتقى الباب الثاني من القسم الثاني للكازروني، وقد نقله العلاّمة المجلسي في البحار: ١٥/٣٩٢ من الطبعة الحديثة.

٢٦١

٢ - روى ابن سعد في طبقاته: أنّ بحيرا الراهب قال للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا غلام أسألك بحق اللات والعزّى ألاّ أخبرتني عمّا أسألك ؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا تسألني باللاّت والعزّى، فو الله ما أبغضت شيئاً بغضهما )، قال: بالله إلاّ أخبرتني عمّا أسألك عنه ؟ قال: ( سلني عمّا بدا لك )(١) .

٣ - روى ابن سعد في طبقاته: عند ذكر خروج النبي إلى الشام للتجارة بأموال خديجة مع غلامها ( ميسرة ): إنّ محمّداً باع سلعته فوقع بينه ورجل تلاح، فقال له الرجل: احلف باللاّت والعزّى، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( ما حلفت بهما قط، وإنّي لأمرُّ فأعرض عنهما ) فقال الرجل: القول قولك، ثم قال لميسرة: يا ميسرة هذا والله نبي(٢) .

وممّا يشهد على توحيده أنّه لم ير قط مائلاً عن الحق، ساجداً لوثن أو متوسّلاً به، بل كان يتحنّث في كل سنة في غار حراء في بعض الشهور، فوافاه جبرئيل (عليه الصلاة والسلام) في بعض تلك المواقف وبشّ-ره بالرسالة وخلع عليه كساء النبوّة.

وهذه الوقائع التاريخية أصدق دليل على إيمانه؛ ولأجل اتفاق المسلمين على ذلك نطوي بساط البحث ونركّزه على بيان الشريعة التي كان عليها قبل بعثته، وهذا هو الذي بحث عنه المتكلّمون والأُصوليّون بإسهاب.

الشريعة التي كان يعمل بها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

اختلف الباحثون في أنّ النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هل كان متعبّداً بشرع قبل بعثته

____________________

١ - الطبقات الكبرى: ١/١٥٤، السيرة النبوية: ١/١٨٢.

٢ - الطبقات الكبرى: ١/١٥٦.

٢٦٢

أو لا ؟ على أقوال نلفت نظر القارئ إليها:

١ - لم يكن متعبّداً بشرع أصلاً نُسب ذلك إلى أبي الحسن البصري.

٢ - التوقّف وعدم الجنوح إلى واحد من الأقوال ذهب إليه القاضي عبد الجبار والغزالي، وهو خيرة السيد المرتضى في ذريعته.

٣ - إنّه كان يتعبّد بشريعة مَن قبله، مردّدة بين كونها شريعة نوح أو إبراهيم أو موسى، أو المسيح بن مريمعليهما‌السلام .

٤ - كان يتعبّد بما ثبت أنّه شرع.

٥ - كان يعمل في عباداته وطاعته بما يوحى إليه سواء أكان مطابقاً لشرع مَن قبله أم لا.

٦ - إنّه كان يعمل بشرع نفسه.

والأخير هو الظاهر من الشيخ الطوسي في عدّته قال: عندنا أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن متعبّداً بشريعة مَن تقدّمه من الأنبياء لا قبل النبوّة ولا بعدها، وأنّ جميع ما تعبّد به كان شرعاً له، ويقول أصحابنا: إنّه كان قبل البعثة يوحى إليه بأشياء تخصّه، وكان يعمل بالوحي لا اتّباعاً بشريعة(١) .

وما ذكره أخيراً ينطبق على القول السادس، والأقوال الثلاثة الأخيرة متقاربة، وإليك دراستها واحداً بعد آخر ببيان مقدّمة:

____________________

١ - راجع للوقوف على الأقوال: الذريعة: ٢/٥٩٥، وذكر أقوالاً ثلاثة، وعدّة الشيخ الطوسي: ٢/٦٠، وذكر الأقوال مسهبة، البحار: ١٨/٢٧١، ونقل الأقوال عن شرح العلاّمة لمختصر الحاجبي، والمعارج للمحقّق الحلّي: ٦٠، المبادئ للعلاّمة الحلّي: ٣٠، القوانين للمحقّق القمّي: ١/٤٩٤.

٢٦٣

نظرة إجمالية على حياته

إنّ مَن أطلّ النظر على حياتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقف على أنّه كان يعبد الله سبحانه ويعتكف ب- (حراء ) كل سنة شهراً، ولم يكن اعتكافه مجرّد تفكير في جلاله وجماله وآياته وآثاره، بل كان مع ذلك متعبّداً لله قانتاً له، وقد نزل الوحي عليه وخلع عليه ثوب الرسالة وهو متحنّث(١) ب- ( حراء )، وذلك ممّا اتفق عليه أهل السِيَر والتاريخ.

قال ابن هشام: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجاور ذلك الشهر من كل سنة، يطعم مَن جاءه من المساكين، فإذا قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جواره من شهره ذلك، كان أوّل ما يبدأ به إذا انصرف من جواره، الكعبة، قبل أن يدخل بيته، فيطوف بها سبعاً أو ما شاء الله من ذلك، ثم يرجع إلى بيته، حتى إذا كان الشهر الذي أراد الله تعالى به فيه ما أراد من كرامته، من السنة التي بعثه الله تعالى فيها؛ وذلك الشهر شهر رمضان، خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى حراء كما كان يخرج لجواره ومعه أهله، حتى إذا كانت الليلة التي أكرمه الله فيها برسالته، ورَحِمَ العبادَ بها، جاءه جبريلُعليه‌السلام بأمر الله تعالى(٢) .

ولم تكن عبادته منحصرة بالاعتكاف أو الطواف حول البيت بعد الفراغ منه، بل دلّت الروايات المتضافرة عن أئمّة أهل البيت على أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حجّ عشرين حجّة مستسراً(٣) .

____________________

١ - التحنّث: هو التحنّف، بدّلت الفاء ( ثاءً )، كما يقال ( جدف ) مكان جدث، بمعنى القبر، وربّما يقال: بأنّه بمعنى الخروج عن الحنث بمعنى الإثم، كما أنّ التأثّم هو الخروج عن الإثم، والأوّل هو الأولى.

٢ - السيرة النبوية: ١/٢٣٦.

٣ - الوسائل: ٨/٨٧ باب ٤٥، استحباب تكرار الحج والعمرة، البحار: ١١/٢٨٠.

٢٦٤

روى غياث بن إبراهيم، عن الإمام الصادقعليه‌السلام : ( لم يحج النبيّ بعد قدوم المدينة إلاّ واحدة، وقد حجّ بمكّة مع قومه حجّات )(١) .

ولم تكن أعماله الفردية أو الاجتماعية منحصرة في المستقلاّت العقلية، كالاجتناب عن البغي والظلم، وكالتحنّن على اليتيم والعطف على المسكين، بل كان في فترة من حياته راعياً للغنم، وفي فترات أُخرى ضارباً في الأرض للتجارة، ولم يكن في القيام بهذه الأعمال في غنى عن شرع يطبّق أعماله عليه، إذ لم يكن البيع والربا والخل والخمر ولا المذكّى وغيره عنده سواسية، وليست هذه الأمور ونظائرها ممّا يستقل العقل بأحكامها.

فطبيعة الحال تقتضي أن يكونصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عارفاً بأحكام عباداته وطاعاته، واقفاً على حرام أفعاله وحلالها، في زواجه ونكاحه في حلّه وترحاله، ولولاه أشرف على اقتراف ما حرّمه الله سبحانه في عامّة شرائعه، والاقتراف أو الدنو منه يناقض أهداف البعثة، فإنّها لا تتحقّق إلاّ بعمله قبل بعثته بما سوف يدعو إليه بعد بعثته.

وعلى ضوء هذه المقدّمة يبطل القول الأوّل من أنّه لم يكن متعبّداً بشرع أصلاً؛ لما عرفت من أنّ العبادة والطاعة لا تصح إلاّ بعد معرفة حدودها وخصوصيّاتها عن طريق الشرع، كما أنّ الاجتناب عن محارم الله في العقود والإيقاعات وسائر ما يرجع إلى أعماله وأفعاله الفردية والاجتماعية، يتوقّف على معرفة الحلال والحرام، حتى يتخذه مقياساً في مقام العمل، وعند ذاك كيف يصح القول بأنّه لم يكن متعبّداً بشرع أصلاً ؟ وإلاّ يلزم أن ننكر عباداته وطاعاته قبل

____________________

١ - الوسائل: ٨/٨٨ باب ٤٥، استحباب تكرار الحج والعمرة، الحديث ٤.

٢٦٥

البعثة أو نرميه باقتراف الكبائر في تلك الفترة، وهو يضاد عصمته قبل البعثة كما يضاد أهدافها.

قال العلاّمة المجلسي: قد ورد في أخبار كثيرة أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يطوف وأنّه كان يعبد الله في حراء، وأنّه كان يراعي الآداب المنقولة من التسمية والتحميد عند الأكل وغيره، وكيف يجوّز ذو مسكة من العقل، على الله تعالى أن يهمل أفضل أنبيائه أربعين سنة بغير عبادة ؟! والمكابرة في ذلك سفسطة، فلا يخلو إمّا أن يكون عاملاً بشريعة مختصة به أوحى الله إليه بها، وهو المطلوب، أو عاملاً بشريعة غيره(١) .

نعم روى أحمد في مسنده، عن سعيد بن زيد قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمكّة هو وزيد بن حارثة، فمرَّ بهما زيد بن عمرو بن نفيل فدعوه إلى سفرة لهما، فقال يا بن أخي إنّي لا آكل ممّا ذبح على النصب، قال: فما رُؤي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد ذلك أكل شيئاً ممّا ذبح على النصب، قال: قلت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ أبي كان كما قد رأيت وبلغك، ولو أدركك لآمن بك واتبعك فاستغفر له ؟ قال: نعم، فاستغفر له فإنّه يبعث يوم القيامة أُمَّة واحدة(٢) .

نحن لا نعلّق على هذا الحديث شيئاً سوى أنّه يستلزم أن يكون زيد أعرف بأحكام الله تعالى من النبي الأكرم، الذي كان بمقربة من البعث إلى هداية الأُمّة، أضف إليه أنّ الحديث مرويّ عن طريق سعيد بن زيد الذي يَدّعي فيه شرفاً لأبيه، وفي الوقت نفسه نقصاً للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أفَواهِهِم ) (٣) .

هذا كلّه حول القول الأوّل.

____________________

١ - البحار: ١٨/٢٨٠.

٢ - مسند أحمد: ١/١٨٩ - ١٩٠.

٣ - الكهف: ٥.

٢٦٦

نظرية التوقّف في تعبّده

أمّا الثاني : أعني التوقّف، فقد ذهب إليه المرتضى، واستدلّ على مختاره بقوله: والذي يدل عليه أنّ العبادة بالشرائع تابعة لما يعلمه الله تعالى من المصلحة بها في التكليف العقلي، ولا يمتنع أن يعلم الله تعالى أنّه لا مصلحة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل نبوّته في العبادة بشيء من الشرائع، كما أنّه غير ممتنع أن يعلم أنّ لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذلك مصلحة، وإذا كان كل واحد من الأمرين جائزاً ولا دلالة توجب القطع على أحدهما وجب التوقّف(١) .

وما ذكره محتمل في حد نفسه، ولكنّه مدفوع بما في الأخبار والآثار من عبادته واعتكافه، وقد عرفت أنّه كان يتعبّد لله، وكانت له أعمال فردية واجتماعية تحتاج إلى أن تكون وفق شريعة ما.

نظرية عمله بالشرائع السابقة

وهذا هو القول الثالث بشقوقه الأربعة: فيتصوّر على وجهين:

الأوّل : أن يعمل على طبق أحد الشرائع الأربع تابعاً لصاحبها ومقتدياً به بوجه يعد أنّه من أُمّته؛ وهذا الشق مردود من جهات:

أ - إنّ هذا يتوقّف على ثبوت عموم رسالات أصحاب هذه الشرائع، وهو غير ثابت، وقد أوضحنا حالها في الجزء الثالث من موسوعة مفاهيم القرآن(٢) .

ب - إنّ العمل بهذه الشرائع فرع الاطّلاع عليها، وهو إمّا أن يكون حاصلاً

____________________

١ - الذريعة: ٢/٥٩٦.

٢ - لاحظ الجزء الثالث: ٧٧ - ١١٦.

٢٦٧

من طريق الوحي، فعندئذ يكون عاملاً بشريعة مَن تقدّم ولا يكون تابعاً لصاحبها ومقتدياً به، وإن كان عاملاً بالشريعة التي نزلت قبله، وهذا نظير أنبياء بني إسرائيل فقد كانوا مأمورين بالحكم على طبق التوراة مع أنّهم لم يكونوا من أُمّة موسى، قال سبحانه:( إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا ) (١) وإلى هذا الشق يشير المرتضى بقوله: إنّه غير ممتنع أن يوجب الله تعالى عليه بعض ما قامت الحجّة من بعض الشرائع المتقدّمة لا على وجه الاقتداء بغيره فيها ولا الاتباع.

وإمّا أن يكون حاصلاً من طريق مخالطة أهل الكتاب وعلمائهم وهذا ممّا لا تصدّقه حياته؛ إذ لم يكن مخالطاً لهم ولم يتعلّم منهم شيئاً ولم يسألهم.

يقول العلاّمة المجلسي: لو كان متعبّداً بشرع لكان طريقه إلى ذلك إمّا الوحي أو النقل، ويلزم من الأوّل أن يكون شرعاً له لا شرعاً لغيره، ومن الثاني التعويل على اليهود، وهو باطل(٢) .

ج - إنّ العمل بشريعة مَن قبله ما سوى المسيح بن مريم، يستلزم أن يكون عاملاً بالشرائع المنسوخة فهو أشدّ فساداً، فكيف يجوز العمل بشريعة نسخت ؟

قال الشيخ الطوسي: فإن قالوا: كان متعبّداً بشريعة موسى، فإنَّ ذلك فاسد حيث إنّ شريعته كانت منسوخة بشريعة عيسى، وإن قالوا: كان متعبّداً بشريعة عيسى فهو أيضاً فاسد؛ لأنّ شريعته قد انقطعت واندرس نقلها ولم تتصل كاتصال نقل المعجزة، وإذا لم تتصل لم يصح أن يعمل بها(٣) .

____________________

١ - المائدة: ٤٤.

٢ - البحار: ١٨/٢٧٦.

٣ - عدّة الأُصول: ٢/٦١.

٢٦٨

أضف إلى ذلك أنّه لم يثبت أنّ عيسى جاء بأحكام كثيرة، بل الظاهر أنّه جاء لتحليل بعض ما حرّم في شريعة موسىعليه‌السلام قال سبحانه:( وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلأحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الذي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بآيَةٍ مِن رَبِّكُم فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ) (١) ، فلو كان النبيّ عاملاً بشريعة عيسى ففي الحقيقة يكون عاملاً بشريعة موسى المعدّلة بما جاء به عيسى.

د - اتفقت الآثار على كونه أفضل الخلق، واقتداء الفاضل بالمفضول غير صحيح عقلاً، قال الشيخ الطوسي: إنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفضل من جميع الأنبياء، ولا يجوز أن يُؤمر الفاضل باتّباع المفضول، ولم يخص أحد تفضيله على سائر الأنبياء، بوقت دون وقت، فيجب أن يكون أفضل في جميع الأوقات.

وهذه الوجوه وإن كان بعضها غير خالٍ من الإشكال لكنّ الجميع يزيّف القول بأنّه كان يعمل بشريعة مَن قبله.

وأمّا دليل مَن قال بهذا القول فضعيف جداً حيث قال: كيف يصح أن يقال: إنّه لم يكن متعبّداً بشريعة مَن تقدّم مع أنّه كان يطوف بالبيت، ويحج ويعتمر، ويذكّي ويأكل المذكّى، ويركب البهائم ؟(٢) .

وفيه أوّلاً : إنّ بعض ما ذكره يعد من المستقلاّت العقلية، فتكفي فيه هداية العقل ودلالته.

وثانياً : إنّ الدليل أعمّ من المدّعى؛ لأنّ عمله كما يمكن أن يكون مستنداً إلى شريعة مَن قبله، يمكن أن يكون مستنداً إلى الوحي إليه، لا اتّباعاً لشريعة، وسوف

____________________

١ - آل عمران: ٥٠.

٢ - الذريعة: ٢/٥٩٦، العدّة: ٦٠ - ٦١.

٢٦٩

يوافيك أنّه كان يوحى إليه قبل أن يتشرّف بمقام الرسالة وأنّ نبوّته كانت متقدّمة على رسالته، وأنّ جبريل نزل إليه بالرسالة عندما بلغ الأربعين، والاستدلال مبنيّ على أنّ نبوّته ورسالته كانتا في زمان واحد، وهو غير صحيح كما سيأتي.

وعلى هذا الوجه الصحيح لا نحتاج إلى الإجابة عن الاستدلال بما تكلّف به المرتضى في ذريعته، والطوسي في عدّته.

قال الأوّل: لم يثبت عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قبل النبوّة حجّ أو اعتمر، وبالتظنّي لا يثبت مثل ذلك، ولم يثبت أيضاً أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تولّى التذكية بيده، وقد قيل أيضاً: إنّه لو ثبت أنّه ذكّى بيده، لجاز أن يكون من شرع غيره في ذلك الوقت، ( أن يستعان بالغير في الذكاة )(١) فذكّى على سبيل المعونة لغيره، وأكل اللحم المذكّى لا شبهة في أنّه غير موقوف على الشرع؛ لأنّه بعد الذكاة قد صار مثل كل مباح من المأكل، وركوب البهائم والحمل عليها، يحسن عقلاً إذا وقع التكفّل بما يحتاج إليه من علف وغيره، ولم يثبت أنّهعليه‌السلام فعل من ذلك ما لا يستباح بالعقل فعله(٢) .

وقريب منه ما في عدّة الشيخ الطوسى(٣) .

ولا يخفى أنّ بعض ما ذكره وإن كان صحيحاً، لكنّ إنكار حجّه واعتماره وعبادته في حراء واتجاره الذي يتوقّف الصحيح منه على معرفة الحلال والحرام، ممّا لا يمكن إنكاره، فلا محيص عن معرفته بالمقاييس الصحيحة في هذه الموارد، إمّا من عند نفسه، أو من ناحية الاتّباع لشريعة غيره.

____________________

١ - يريد أنّ من أحكام الشريعة السابقة أن يستعين الرجل في تذكية الحيوان بالغير - وعلى ذلك - فالنبي ذكّى نيابة عن الغير، ولأجله ولم يذكّ لنفسه.

٢ - الذريعة: ٢/٥٩٧ - ٥٩٨.

٣ - عدّة الأُصول: ٢/٦٣.

٢٧٠

الوجوه الأخيرة الثلاثة المتقاربة

إذا تبيّن عدم صحّة هذه الأقوال الثلاثة تثبت الوجوه الأخيرة التي يقرب بعضها من بعض، ويجمع الكل أنّه كان يعمل حسب ما يلهم ويوحى إليه، سواء أكان مطابقاً لشرع مَن قبله أم مخالفاً، وأنّ هاديه وقائده منذ صباه إلى أن بُعث هو نفس هاديه بعد البعثة.

ويدل على ذلك وجوه:

١ - ما أُثر عن الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام من أنّه من لدن كان فطيماً كان مؤيّداً بأعظم ملك يعلّمه مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب، وهذه مرتبة من مراتب النبوّة وإن لم تكن معها رسالة.

قالعليه‌السلام : ( ولقد قرن الله به من لدن أن كان فطيماً أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره )(١) .

إنّا مهما جهلنا بشيء، فلا يصح لنا أن نجهل بأنّ النبوّة منصب إلهي لا يتحمّلها إلاّ الأمثل فالأمثل من الناس، ولا يقوم بأعبائها إلاّ مَن عمّر قلبه بالإيمان، وزوّد بالخلوص والصفاء، وغمره الطهر والقداسة وأُعطى مقدرة روحية عظيمة، لا يتهيّب حينما يتمثّل له رسول ربّه وأمين وحيه، ولا تأخذه الضراعة والخوف عند سماع كلامه ووحيه، وتلك المقدرة لا تفاض من الله على عبد إلاّ أن يكون في رعاية ملك كريم من ملائكته سبحانه، يرشده إلى معالم الهداية ومدارج الكمال، ويصونه من صباه إلى شبابه، وإلى كهولته عن كل سوء وزلّة وهذا هو السرّ في وقوعه تحت كفالة أكبر ملك من ملائكته حتى تستعد نفسه لقبول

____________________

١ - نهج البلاغة: ٢/٨٢، من خطبة تسمّى القاصعة ١٨٧، طبعة عبده.

٢٧١

الوحي، وتتحمّل القول الثقيل الذي سيلقى عليه.

٢ - ما رواه عروة بن الزبير عن عائشة أُمّ المؤمنين أنّها قالت: أوّل ما بدئ به رسول الله من الوحي، الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلاّ جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبّب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنَّث فيه - وهو التعبّد - الليالي ذوات العدد، قبل أن يَنزعَ إلى أهله ويتزوّد لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزوَّد لمثلها حتى جاءه الحق، وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ(١) .

٣ - روى الكليني بسند صحيح عن الأحول قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن الرسول والنبي والمحدّث؛ قال: ( الرسول الذي يأتيه جبرئيل قبلاً وأمّا النبي فهو الذي يرى في منامه نحو رؤيا إبراهيمعليه‌السلام ، ونحو ما كان رأى رسول الله من أسباب النبوّة قبل الوحي حتى أتاه جبرئيل من عند الله بالرسالة )(٢) .

وهذه المأثورات تثبت بوضوح أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل أن يُبعث، كان تحت كفالة أكبر ملك من ملائكة الله، يرى في المنام ويسمع الصوت، قبل أن يبلغ الأربعين سنة، فلمّا بلغها بُشّ-ر بالرسالة، وكلّمه الملك معاينة ونزل عليه القرآن، وكان يعبد الله قبل ذلك بصنوف العبادات، إمّا موافقاً لما سيُؤمر به بعد تبليغه، أو مطابقاً لشريعة إبراهيم أو غيره، ممّن تقدّمه من الأنبياء، لا على وجه كونه تابعاً لهم وعاملاً بشريعتهم، بل بموافقة ما أُوحي إليه مع شريعة مَن تقدّم عليه.

ثم إنّ العلاّمة المجلسي استدلّ على هذا القول بوجهٍ آخر، وهو: إنّ يحيى وعيسى كانا نبيّين وهما صغيران، وقد ورد في أخبار كثيرة أنّ الله لم يعط نبيّاً فضيلة

____________________

١ - صحيح البخاري: ١/٣، باب بدء الوحي إلى رسول الله ٦، السيرة النبوية: ١/٢٣٤ - ٢٣٦.

٢ - الكافي: ١/١٧٦.

٢٧٢

ولا كرامة ولا معجزة إلاّ وقد أعطاها نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فكيف جاز أن يكون عيسىعليه‌السلام في المهد نبيّاً ولم يكن نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أربعين سنة نبياً ؟!(١) .

قال سبحانه حاكياً عن المسيح:( قَالَ إِنّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيَّاً * وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيَّاً ) (٢) .

وقال سبحانه مخاطباً ليحيى:( يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً ) (٣) .

ولازم ذلك أنّ النبيّ قبل بعثته في صباه، أو بعد ما أكمل الله عقله، كان نبيّاً مؤيّداً بروح القدس يكلّمه الملك، ويسمع الصوت ويرى في المنام.

وإنّما بُعث إلى الناس بعد ما بلغ أربعين سنة، وعند ذاك كلّمه الملك معاينة ونزل عليه القرآن وأُمر بالتبليغ.

ويؤيّد ذلك ما رواه الجمهور عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أنّه كان نبيّاً وآدم بين الروح والجسد(٤) .

هذا كلّه راجع إلى حاله قبل بعثته، وأمّا بعدها فنأتي بمجمل القول فيه:

حاله بعد البعثة

قد عرفت حال النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل بعثته، فهلمّ معي ندرس حاله بعدها ،

____________________

١ - البحار: ١٨/٢٧٩.

٢ - مريم: ٣٠ - ٣١.

٣ - مريم: ١٢.

٤ - نقل العلاّمة الأميني مصادره عن عدّة من الكتب، وذكر أنّ للحديث عدّة ألفاظ من طرقٍ شتّى، لاحظ الجزء ٩/٢٨٧.

٢٧٣

وقد اختلفوا فيه أيضاً على قولين:

فمن قائلٍ: إنّه كان يتعبّد بشرع مَن قبله.

ومن قائلٍ آخر ينفيه بتاتاً.

وقد بسط الكلام في هذا المقام السيد المرتضى في ( ذريعته ) وتلميذه الجليل في ( عدّته ) فاختارا القول الثاني وأوضحا برهانه(١) .

غير أنّي أرى البحث في ذلك عديم الفائدة؛ لأنّ المسلمين اتفقوا على أنّه بعد البعثة، ما كان يقول إلاّ ما يوحى إليه، ولا يصدر عنه شيء إلاّ عن هذا الطريق، فإذا كان الواجب علينا اقتفاء أمره ونهيه، والعمل بالوحي الذي نزل عليه، فأيّ فائدة في البحث عن أنّه هل كان ما يأمر به وينهى عنه، صدر عن التعبّد بشريعة مَن قبله، أو صدر عن شريعته ؟ إذ الواجب علينا الأخذ بما أتى به، بأيّ لون وشكل كان، وفي ذلك يقول المحقّق الحلّ-ي: إنّ هذا الخلاف عديم الفائدة؛ لأنّا لا نشك أنّ جميع ما أتى به لم يكن نقلاً عن الأنبياء، بل عن الله تعالى بإحدى الطرق الثلاث التي أُشير إليها في قوله سبحانه:( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ) (٢) .

فإذا كانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يصدر عنه شيء إلاّ عن طريق الوحي، فلا تترتّب على البحث أيّة فائدة، فسواء أكان متعبّداً بشرع مَن قبله أم لم يكن، فهوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يأمر ولا ينهى إلاّ بإذنه سبحانه(٣) .

____________________

١ - الذريعة: ٢/٥٩٨، العدة: ٢/٦١.

٢ - الشورى: ٥١.

٣ - لاحظ المعارج: ٦٥، بتوضيح منّا.

٢٧٤

قال سبحانه:( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ) (١) ، وقال عزّ من قائل:( كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) (٢) ، وقال تعالى:( إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ ) (٣) ، إلى غير ذلك من الآيات التي تدل بوضوح على أنّ كل ما يأمر وينهي، مستند إلى الوحي منه سبحانه إليه، سواء أمره بالأخذ من الشرع السابق أم أمره بما يماثله أو يخالفه.

أضف إلى ذلك: إنّه إذا لم يجز له التعبّد بالشرع السابق قبل البعثة بالدلائل السابقة لم يجز له أيضاً بعدها.

نعم هناك بحث آخر وهو حجيّة شرع مَن قبلنا للمستنبط إذا لم يجد في الشريعة المحمّدية دليلاً على حكم موضوع خاص، فهل يجوز أن يعمل بالحكم الثابت في الشرائع السماوية السالفة ما لم يثبت خلافه في شرعنا أم لا ؟

فهذه مسألة أُصولية طرحها الأُصوليون في كتبهم قديماً وجديداً، فاستدلّ القائلون بالجواز بالآيات التالية:

١ -( فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ) (٤) .

٢ -( ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً ) (٥) .

٣ -( شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً ) (٦) .

____________________

١ - النجم: ٣ - ٤.

٢ - الشورى: ٣.

٣ - الأحقاف: ٩.

٤ - الأنعام: ٩٠.

٥ - النحل: ١٢٣.

٦ - الشورى: ١٣.

٢٧٥

٤ -( إنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ ) (١) .

ولكنّ الكلام في دلالة هذه الآيات على ما يتبنّاه هؤلاء وهي غير واضحة، وقد بسط المحقّق الكلام في دلالة الآيات في أُصوله،(٢) ونقله العلاّمة المجلسي في ( بحاره )(٣) ، ونحن نحيل القارئ الكريم إلى مظانّه.

الآيات التي وقعت ذريعة لبعض المخطِّئة

هذا حال النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل البعثة، وحال أجداده وآبائه وبعض أعمامه، وقد خرجنا من هذا البحث الضافي بهذه النتائج:

١ - إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد وُلد في بيت كان يسوده التوحيد، وقد ترعرع وشبّ واكتهل في أحضان رجال لم يتخلّفوا عن الدين الحنيف قيد شعرة.

٢ - إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منذ نعومة أظفاره كان تحت رعاية أكبر ملك من ملائكته سبحانه فيلهم ويوحى إليه قبل أن يبلغ الأربعين، ويخلع عليه ثوب الرسالة.

٣ - إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان مؤمناً بالله، وموحّداً له، يعبده، ولا يعبد غيره، ويتقرّب إليه بالطاعات والقربات، ويتجنّب المعاصي والمآثم.

هذه هي الحقيقة الملموسة من حياته يقف عليها مَن سبر تاريخ حياته بإمعان، وقد مرّ أنّ هناك آيات وقعت ذريعة لبعض المخطّئة لعصمته، فدخلت لأجلها في أذهانهم شبهات في إيمانه وهدايته قبل البعثة.

____________________

١ - المائدة: ٤٤.

٢ - معارج الأُصول: ١٥٧.

٣ - البحار: ١٨/٢٧٦ - ٢٧٧.

٢٧٦

وهؤلاء بدل أن يفسّروا الآيات على غرار التاريخ المسلّم من حياته، أو يسلّطوا الضوء عليها بما تضافرت الأخبار والروايات عليه، عكسوا الأمر فرفضوا التاريخ المسلّم الصحيح، والروايات المتضافرة، اغتراراً ببعض الظواهر، مع أنّها تهدف إلى مقاصد أُخر تتضح من البحث الآتي، وإليك هذه الآيات:

١ -( أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى ) (١) .

٢ -( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) (٢) .

٣ -( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحَاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإيمانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم ) (٣) .

٤ -( وَمَا كُنْتَ تَرْجُواْ أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ) (٤) .

٥ -( قُلْ لَوْ شَاءَ اللهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ) (٥) .

وقد استدلّت المخطّئة بهذه الآيات على مدّعاها، بل على زعم سلب الإيمان عنه قبل أن يبعث، لكنّها لا تدل على ما يريدون؛ ولأجل تسليط الضوء على مقاصدها نبحث عنها واحدة بعد واحدة.

____________________

١ - الضحى: ٦ - ٧.

٢ - المدثّر: ٤ - ٥.

٣ - الشورى: ٥٢.

٤ - القصص: ٨٦.

٥ - يونس: ١٦.

٢٧٧

الآية الأُولى: الهداية بعد الضلالة ؟

إنّ قوله سبحانه:( وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى ) هل يتضمّن هدايته بعد الضلالة ؟

وقد ذكر المفسّرون للآية عدّة احتمالات أنهاها الرازي في تفسيره إلى ثمانية، لكن أكثرها من مخترعات الذهن، لأجل الإجابة عن استدلال الخصم على كونهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان ضالاً قبل البعثة، غير مؤمن ولا موحّد، فهداه الله سبحانه، ولكنّ الحق في الجواب أن يقال:

إنّ الضال يستعمل في عرف اللغة في موارد:

١ - الضال: من الضلالة: ضد الهداية والرشاد.

٢ - الضال: من ضلّ البعير: إذا لم يعرف مكانه.

٣ - الضال: من ضلّ الشيء: إذا ضؤل وخفي ذكره.

وتفسير الضال بأيّ واحد من هذه المعاني لا يثبت ما تدّعيه المخطِّئة سواء أجعلناها معاني مختلفة جوهراً وشكلاً، أم جعلناها معنى واحداً جوهراً ومختلفاً شكلاً وصورة، فإنّ ذلك لا يؤثّر فيما نرتئيه، وإليك توضيحه:

أمّا المعنى الأوّل : فهو المقصود من تلك اللفظة في كثير من الآيات، قال سبحانه:( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ ) (١) ، لكن الضلالة بمعنى ضد الهداية والرشاد يتصوّر على قسمين:

قسم: تكون الضلالة فيه وصفاً وجودياً، وحالة واقعية كامنة في النفس ،

____________________

١ - الحمد: ٧.

٢٧٨

توجب منقصتها وظلمتها، كالكافر والمشرك والفاسق، والضلالة في هاتيك الأفراد صفة وجودية تكمن في نفوسهم، وتتزايد حسب استمرار الإنسان في الكفر والشرك والعصيان والتجرّي على المولى سبحانه، قال الله سبحانه:( وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْ-رٌ لأنْفُسِهِمْ إِنَّمْا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ) (١) .

فإنّ لازدياد الإثم بالجوارح تأثيراً في زيادة الكفر، وقد وصف سبحانه بعض الأعمال بأنّها زيادة في الكفر، قال سبحانه:( إِنَّما النسيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا ) (٢) .

وقسم منه: تكون الضلالة فيه أمراً عدمياً، بمعنى كون النفس فاقدة للرشاد غير مالكة له، وعندئذ يكون الإنسان ضالاً بمعنى أنّه غير واجد للهداية من عند نفسه، وفي الوقت نفسه لا تكمن فيه صفة وجودية مثل ما تكمن في نفس المشرك والعاصي، وهذا كالطفل الذي أشرف على التمييز وكاد أن يعرف الخير من الشر، والصلاح من الفساد، والسعادة من الشقاء، فهو آنذاك ضال، لكن بالمعنى الثاني، أي غير واجد للنور الذي يهتدي به في سبيل الحياة، لا ضال بالمعنى الأوّل بمعنى كينونة ظلمة الكفر والفسق في روحه.

إذا عرفت ذلك، فاعلم: أنّه لو كان المراد من الضال في الآية، ما يخالف الهداية والرشاد، فهي تهدف إلى القسم الثاني منه لا الأوّل: بشهادة أنّ الآية بصدد توصيف النعم التي أفاضها الله سبحانه على نبيّه يوم افتقد أباه ثمّ أُمّه فصار يتيماً لا ملجأ له ولا مأوى، فآواه وأكرمه، بجدّه عبد المطلب ثم بعمّه أبي طالب، وكان

____________________

١ - آل عمران: ١٧٨.

٢ - التوبة: ٣٧.

٢٧٩

ضالاً في هذه الفترة من عمره، فهداه إلى أسباب السعادة وعرّفه وسائل الشقاء.

والالتزام بالضلالة بهذا المعنى لازم القول بالتوحيد الإفعالي، فإنّ كل ممكن كما لا يملك وجوده وحياته، لا يملك فعله ولا هدايته ولا رشده إلاّ عن طريق ربّه سبحانه، وإنّما يفاض عليه كل شيء منه، قال تعالى:( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِىُّ الْحَمِيدُ ) (١) فكما أنّ وجوده مفاض من الله سبحانه، فهكذا كل ما يوصف به من جمال وكمال فهو من فيوض رحمته الواسعة، والاعتقاد بالهداية الذاتية، وغناء الممكن بعد وجوده عن هدايته سبحانه يناقض التوحيد الإفعالي الذي شرحناه في موسوعة مفاهيم القرآن(٢) .

وقد تضافرت الآيات على هذا الأصل، وأنّ هداية كل ممكن مكتسبة من الله سبحانه من غير فرق بين الإنسان وغيره، وفي الأوّل بين النبي وغيره، قال سبحانه:( قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ) (٣) ، وقال سبحانه:( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * والّذي قَدَّرَ فَهَدى ) (٤) ، وقال سبحانه:( وَقَالُوا الْحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاَ أَنْ هَدَانَا اللهُ ) (٥) وقال سبحانه:( الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ ) (٦) ، وقال تعالى:( إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ ) (٧) ، وقال تبارك وتعالى:( وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي ) (٨) ، إلى غير ذلك من الآيات.

____________________

١ - فاطر: ١٥.

٢ - لاحظ الجزء الأوّل: ٢٩٧ - ٣٧٦.

٣ - طه: ٥٠.

٤ - الأعلى: ٢ - ٣.

٥ - الأعراف: ٤٣.

٦ - الشعراء: ٧٨.

٧ - الزخرف: ٢٧.

٨ - سبأ: ٥٠.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321