• البداية
  • السابق
  • 316 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 17163 / تحميل: 7070
الحجم الحجم الحجم
المسائل العزية

المسائل العزية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

وبأنه لو كان كذا لجاز لمن وقف على طرف الحرم في جهة الحل أن يعدل عن الكعبة إلى استقبال بعض الحرم.

لانا نجيب عن الاول بان المسجد قد يطلق على الحرم كما روي في تأويل قوله تعالى: * (سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام) *(٨) وقد ورد أنه كان في بيت أم هاني بنت أبي طالب وهو خارج عن المسجد(٩) ولانا نتكلم على التياسر المبني على قول من يقول بذلك.

ونجيب عن الثاني بأن استقبال جهة الكعبة متعين لمن تيقنها، وإنما يقتصر على الحرم من تعذر عليه التيقن بجهتها.

ثم لو ضويقنا جاز أن نلتزم ذلك تمسكا بظاهر الرواية(١٠) .

البحث الثاني: من شاهد الكعبة استقبل ما شاء منها ولا تياسر عليه وكذا من تيقن جهتها على التعيين، أما من فقد القسمين فعليه البناء على العلامات المنصوبة للقبلة، لكن محاذاة كل علامة من العلامات بالعضو المختص بها من المصلي ليس يوجب محاذاة القبلة بوجهه تحقيقا، إذ قد يتوهم المحاذاة ويكون منحرفا عن السمت انحرافا خفيفا، خصوصا عند مقابلة الشئ الصغير.

إذا تقرر ذلك رجعنا إلى جواب الاشكال، أما كون التياسر أمرا إضافيا لا يتحقق إلا بالمضاف إليه فلا ريب فيه، وأما كون الجهة إما محصلة أو غير محصلة

____________________

(٨) سورة الاسراء: ١.

(٩) قال أمين الاسلام الشيخ الطبرسي في ذيل الآية الاولى من سورة الاسراء: قال أكثر المفسرين: اسري برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من دار ام هاني..

وأن المراد بالمسجد الحرام هنا مكة ومكة والحرم كلها مسجد، وقال الحسن وقتادة: كان الاسراء من نفس المسجد الحرام.

(١٠) يعني مثل هذه الرواية: قال الصادقعليه‌السلام : إن الله تبارك وتعالى جعل الكعبة قبلة لاهل المسجد، وجعل المسجد قبلة لاهل الحرم، وجعل الحرم قبلة لاهل الدنيا. راجع الوسائل الباب الثالث من ابواب القبلة.

٢٨١

فالوجه أنها محصلة، وبيان ذلك أن الشرع نصب علامات أوجب محاذاة كل واحدة منها بشئ من أعضاء المصلي، بحيث تكون الجهة المقابلة لوجهه حال محاذاة تلك العلامة هي جهة الاستقبال، فالتياسر حينئذ يكون عن تلك الجهة المقابلة لوجه المصلي.

وأما أنه إذا كانت محصلة كانت هي جهة الكعبة والانحراف عنها يزيل التوجه اليها فالجواب عنه أنا قد بينا أن الفرض هو استقبال الحرم لانفس الكعبة فإن العلائم قد يحصل الخلل في مسامتها فالتياسر حينئذ استظهار في مقابلة الحرم الذي يجب التوجه إليه وفي كلا من حالتي الاستقبال والتياسر يكون متوجها إلى القبلة المأمور بها، أما في حال الاستقبال فلانها جهة الاجزاء من حيث هو محاذ لجهة من جهات الحرم تغليبا مستندا إلى الشرع، وأما في حال التياسر فلتحققه (فيلحه خ ل) محاذاة جهة الحرم، ولهذا تحقق الاستحباب في طرفه لحصول الاستظهار به.

إن قيل هنا إيرادات ثلاثة: الاول النصوص خالية عن هذا التعيين فمن أين صرتم إليه؟.

الثاني ما الحكمة في التياسر عن الجهة التي نصب العلائم عليها؟ فإن قلتم لاجل تفاوت مقدار الحرم عن يمين الكعبة ويسارها قلنا: إن اريد بالتياسر توسط (وسط خ ل) الحرم فحينئذ يخرج الصملي عن جهة الكعبة يقينا، وإن اريد تياسر لا يخرج به عن سمت الكعبة، فحينئذ يكون ذلك قبلة حقيقة ثم لايكون بينه وبين التيامن اليسير فرق.

الثالث: الجهة المشار إليها إن كان استقبالها واجبا لم يجز العدول عنها والتياسر عدول فلا يكون مأمورا به.

قلنا: اما الجواب عن الاول فانه وان كانت النصوص خالية عن تعيين الجهة نطقا فإنها غير خالية من التنبيه عليها إذ لما يثبت وجوب استقبال الجهة

٢٨٢

التي دلت عليها العلائم وثبت الامر بالتياسر تعين أنه عن السمت المدلول عليه.

وعن الثاني بالتفصي عن إبانة الحكمة في التياسر فانه غير لازم في كل موضع، بل غير ممكن في كل تكليف، ومن شأن الفقيه تلقي الحكم مهما صح المستند.

أو نقول: إما أن يكون الامر بالتياسر ثابتا وإما أن لا يكون، فان كان لزم الامتثال تلقيا عن صاحب الشرع، وإن لم يؤت العلة الموجبة للتشريع، وان لم يكن ثابتا فلا حكم ولا حكمة.

ويمكن أن نتكلف إبانة الحكمة بأن نقول: لما كانت الحكمة متعلقة باستقبال الحرم، وكان المستقبل من أهل الآفاق قد يخرج مع الاستناد إلى العلامات عن سمته بأن يكون منحرفا إلى اليمين، وقدر الحرم يسير عن يمين الكعبة، فلو اقتصر على ما يظن أنه جهة الاستقبال أمكن أن يكون مائلا إلى جهة اليمين، فيخرج عن الحرم وهو يظن استقباله، إذ محاذاة العلائم على الوجه المحرر قد يخفى على المهندس الماهر، فيكون التياسر يسيرا عن سمت العلائم مفضيا إلى تيقن المحاذاة ويشهد لهذا التأويل ما روي عن أبي عبداللهعليه‌السلام وقد سئل عن سبب التحريف عن القبلة ذات اليسار فقال: إن الحرم عن يسار الكعبة ثمانية أميال وعن يمينها أربعة أميال فإذا انحرف ذات اليمين خرج عن حد القبلة وإذا انحرف ذات اليسار لم يكن خارجا عن حد القبلة(١١) وهذا الحديث يؤذن بأن المقابلة قد يحصل معها احتمال الانحراف.

وأما الجواب عن الثالث فقد مر في أثناء البحث.

وهذا كله مبني على أن استقبال أهل العراق إلى الحرم لا إلى الكعبة، وليس ذلك بمعتمد، بل الوجه الاستقبال إلى جهة الكعبة إذا علمت أو غلب

____________________

(١١) الفقيه ١ / ١٧٨ والوسائل ٣ / ٢٢١ / التهذيب ٢ / ٤٤ وعلل الشرائع ٢ / ٧ طبع قم.

٢٨٣

الظن مع عدم الطريق إلى العلم، سواء كان في المسجد أو خارجه، فيسقط حينئذ اعتبار التياسر.

والتعويل في استقبال الحرم إنما هو على اخبار آحاد ضعيفة، وبتقدير أن يجمع جامع بين هذا المذهب وبين التياسر يكون ورود الاشكال عليه أتم.

وبالله العصمة والتوفيق إنه ولي الاجابة(١٢) .

____________________

(١٢) راجع المسألة السادسة من المسائل الكمالية في هذه المجموعة.

٢٨٤

(٩) المقصود من الجمل والعقود

تأليف المحقق الحليرحمه‌الله

وهو مختصر الجمل والعقود للشيخ الطوسيرحمه‌الله

٢٨٥

٢٨٦

بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد حمد الله الذي وفقنا للقيام بأوامره، وألحقنا بالباحثين عن غوامض الدين وسرائره، وأرشدنا لوجيز القول ومختصره، ومهد لنا طريق عيونه وغرره، والصلاة على سيدنا محمد محق الحق ومظهره، وما حق الباطل ومطفئ شرره، وعلى آله التابعين لاثره، القامعين أعداء‌ه بسلطان ظفره.

فهذا مختصر قصدنا به التسهيل على ذوي التصحيل، مقتصرين من الاصل(١) على المقصود من كل فصل، مستعينين بالله، فإنه معط كل سؤل، ومانح كل فضل.

كتاب الطهارة: يجب بخروج كل واحد من الحدثين غسل مخرجه بالماء، وتجزي الجمار للنجو.

مالم يتعد، والماء أفضل، والجمع أكمل.

وسن تغطية رأسه داخلا، وتقديم يسراه، والدعاء عنده، وعند الاستعمال، والفراغ، وتقديم يمناه خارجا، والدعاء بعده.

____________________

(١) أي الجمل والعقود للشيخ الطوسيرحمه‌الله .

٢٨٧

ويحرم استقبال القبلة واستدبارها اختيارا.

ويكره استقبال الريح، والقمرين بالبول، والطموح به، والبول في الماء، والجحرة، والحدث في الافنية، والافئية المنتابة(٢) ، والطرق، والمشارع، ومساقط الثمرة، والكلام حاله، والاستياك، والاكل، والشرب.

وفرض الوضوء غسل ما دارت عليه الابهام والوسطى من أعلى الوجه إلى الذقن، ومن المرفقين إلى أطراف الاصابع، ومسح مقدم الراس، وظاهر القدمين إلى الكعبين غير مستأنف ماء، ناويا مستديما حكمها، مرتبا، مواليا ما لم يجف المقدم.

ومستحبه وضع الاناء يمينا، والاغتراف بها، والتسمية، وغسل اليدين مرة من البول والنوم، واثنتين من الغائط، والمضمضة والاستنشاق ثلاثا، والدعاء معهما، وتثنية الوجه واليدين، مبتدئا بالظاهر مثنيا بالباطن، وتعكس المرأة، ومسح الرأس عرضا ثلاث أصابع، والقدمين بالكفين والدعاء عند كل غسل ومسح.

ويكره التمندل.

وموجبات الوضوء البول والغائط والريح ولانوم الغالب على الحاستين وما أزال العقل.

وموجبات الغسل الجنابة والحيض والاستحاضة والنفاس ومس الانسان بعد برده بالموت وقبل تطهيره.

والجنابة بالامناء والجماع في الفرج.

وعنده يحرم قراء‌ة العزائم، ومس كتابة القرآن واسم الله والانبياء والائمة والمساجد دخولا ووضعا لا اجتيازا.

ويكره الاكل والشرب إلا بعد المضمضة والاستنشاق، والنوم إلا مع الوضوء، والخضاب.

____________________

(٢) انتابهم: أتاهم مرة بعد اخرى ووصلت نوبته اليهم وانتاب زيد عمرا قصد إليه.

٢٨٨

وعليه استيعاب بدنه غسلا ناويا مستديما حكمها.

وسن غسل يديه مقدما ثلاثا، والمضمضة، والاستنشاق، والاغتسال بصاح فصاعدا.

والحيض دم أسود حار تحرم معه الصلاة والصوم والطواف ودخول المساجد إلا اجتيازا والاعتكاف وقراء‌ة العزائم ومس كتابة القرآن والوطء قبلا والطلاق، ويكفر واطؤها ويعزر، ولايصح منها رفع الحدث.

ويكره قراء‌ة عدا العزائم ومس المصحف وحمله.

وأقله ثلاثة وأكثره عشرة، وعند انتهائه يجب الغسل وقضاء الصوم لا الصلاة.

وغسلها كالجنب وتزيد وضوء‌ا.

وإن استمر فالمبتدأة تميز، وإن أبهم تحيضت بنسائها، وإن اختلفت فبأقرانها(٣) ، وإن اختلفوا فبالروايات(٤) . وذات العادة تعمل بها.

والمضطربة بالتمييز، فإن اشتبه فبالروايات.

ودم الاستحاضة أصفر بارد فإن لم يغمس القطنة توضأت لكل صلاة بعد تغيير الحشور، وإن غمس اغتسلت مع ذلك للصبح مع تغيير الخرقة، وإن سال اغتسلت لكل صلاتي وقت، ومعه تصير كالطاهر.

والنفاس دم يتعقب الولادة، ولا حد لاقله، وهو كالحيض في الكثرة(٥) والمحرمات والمكروهات والغسل.

____________________

(٣) قال الشيخ الطوسي في الجمل والعقود ص ١٦٣: فلترجع إلى من هي مثلها في السن.

أقول: وهو المعني بالاقران.

(٤) أي تترك الصلاة في كل شهر سبعة أيام مخيرة في ذلك كما ورد في الروايات.

(٥) كذا في النسختين، ولعل الصحيح: في أكثره.

٢٨٩

ويغسل الميت بماء السدر، ثم بماء الكافور، ثم بالقراح كغسل الجنب مستور العورة.

وسن تغسيله موجها تحت سقف والغاسل على يمينه ذاكرا مستغفرا ويغمز بطنه في الاولتين(٦) .

ويكفن في قميض ومئزر وإزار، ويمسح مساجده بالكافور وإن قل.

وسن حبرة وخرقة لفخذيه.

ويعمم محنطا، وللمرأة لفافة اخرى، وخرقة لثدييها.

وأفضل الكافور ثلاثة عشرة درهما وثلث، أو أربع، وأقلة درهم.

وتجعل معه جريدتان.

ويجب ستره دفنا موجها على يمينه.

وسن اتباع الجنازة أو مع جنبها، وحفر القبر ترقوة أو قامة، ملحدا قعدة الجالس، ووضع الرجل عند رجل القبر، ويسبق برأسه والمرأة أمامه وتنزل عرضا، وحل عقدتي الاكفان، ووضع خده على التراب، ومعه تربة، وتلقينه، وشرج اللبن(٧) وطم القبر، مرفوعا قدر أربع أصابع، وتربيعه مسوى، ورش الماء من رأسه ويدار عليه، ووضع اليد، والترحم، وتلقين الولي بعد انصراف الناس عنه.

وسن الغسل يوم الجمعة والعيدين والمبعث والغدير والمباهلة وليلة النصف من شعبان ومن رجب ومن شهر رمضان وأول ليلة منه وليالي الافرادو ليلة الفطر ولدخول الحرم ومكة والكعبة والمدينة ومسجدها ولزيارة النبي والائمة والمولود والتوبة والاحرام والحاجة والاستخارة، ولقضاء الكسوف مع تعمد الترك واحتراق

____________________

(٦) اي الغسلتين الاولتين كما في الجمل والعقود.

(٧) شرج الحجارة: نضدها وضم بعضها إلى بعض.

٢٩٠

القرص.

والتيمم واجب مع الطلب وضيق الوقت وعدم الماء وما يتوصل به، أو الخوف من استعماله.

ولا يصح بغير الارض.

يضرب واحدة بباطن يديه ويمسح بهما جبهته إلى طرف أنفه، وببطن يسراه ظاهر يمناه وبالعكس، وللغسل ضربتان.

ويستباح به ما يستباح بالمائية، وينقضه زيادة عن نواقضها التمكن منها.

والما؟ النجس لا يستعمل إلا لحفظ الرمق.

والمضاف يستعمل إلا في إزالة الحدث والخبث.

والمطلق مطهر لا ينجس جاريه وكثيره إلا بالتغير.

والكر ثلاث أشبار ونصف طولا في عرض في عمق، أو ألف ومائتا رطل بالعراقي.

والقليل ينجس بوقوع النجاسة، وكذا ماء البئر، ويطهر بنزح مائها للمسكر والفقاع والمني والدماء الثلاثة وموت البعير وغلبة النجاسة أحد أوصافها، ولما عداه تقديرات.

والنجاسات هي الميتة مما له نفس سائلة ودمه وبول ما لا يؤكل وغائطه وذرق الدجاج والمني وكل مسكر والفقاع.

ودم مالا نفس له سائلة طاهر وإن كثر، ودم الجرح والقرح عفو حتى ترقأ، والدماء الثلاث يزال قليلها وكثيرها وما عداه عفو ما لم يبلغ درهما.

ويغسل الاناء من النجاسات ثلاثا وفي الاولى بالتراب من الولوغ، ومن الخمر سبعا، ومثله روي في الفأرة(٨) .

____________________

(٨) قال الشيخ في الجمل والعقود: ص ١٧١: ويغسل الاناء من الخمر سبع مرات، وروي مثل ذلك في الفأرة إذا ماتت في الماء.

٢٩١

كتاب الصلاة : واليومية خمس الظهر أربع، في السفر ركعتان، وكذا العصر والعشاء، والمغرب ثلاث، والصبح اثنتان، ونافلة الظهرثمان قبلها، وكذا العصر، وتسقطان سفرا، وللمغرب أربع بعدها، وبعد العشاء ركعتان حضرا، وصلاة الليل احدى عشرة ركعة، وللفجر اثنتان.

ولاصلاة قبل الوقت، وفيه تكون أداء وبعده قضاء.

ولكل صلاة وقتان، والاخير للمعذور، فوقت الظهر من الزوال حتى يصير في ء الشخص مثله، وللعصر حتى يصير مثليه، ووقت المغرب من زوال الحمرة شرقا إلى زوالها غربا، وللعشاء إلى ثلث الليل، وفي رواية(٩) إلى انتصافه، ووقت الغداة من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وصلاة الليل بعد انتصافه، وركعتا الفجر بعد صلاة الليل إلى طلوع الحمرة.

وتصلى الفائتة ما لم يتضيق الحاضرة، وكذا صلاة الجنازة والكسوف والاحرام والطواف، وتقضى النوافل ما لم تدخل الفريضة.

ويكره النافلة ابتداء عند طلوع الشمس وغروبها وقيامها إلا يوم الجمعة وبعد الغداة والعصر.

والكعبة قبلة أهل المسجد، وهو قبلة أهل الحرم، وهو قبلة الآفاق.

والعراقي يجعل الجدي(١٠) خلف منكبه الايمن والشفق محاذيه والفجر محاذي

____________________

(٩) قال في الجمل والعقودص ١٧٤: وأول وقت العشاء الآخرة عند الفراغ من فريضة المغرب، وروي بعد غيبوبة الشفق، وآخره ثلث الليل، وروي نصف الليل.

(١٠) بفتح الاول وسكون الثاني نجم إلى جنب القطب تعرب به القبلة.

قيل: وقد يصغر إذا =

٢٩٢

الايسر والشمس زائلة على طرف الحاجب الايمن(١١) .

ويستقل المتنفل على الراحلة بتكبيرة الاحرام، وكذا المطارد وراكب السفينة.

وستر العورة شرط الصلاة، وهي في الرجل سوأتاه، والحرة بدنها عدا الوجه والكفين، وكشف الرأس رخصة للامة.

وسن للرجل ما بين السرة والركبة، وفي ثوب صفيق(١٢) ورداء أفضل.

ويصلى في كل لباس عدا جلد الميتة ولو دبغ، وما لا يؤكل لحمه ولو ذبح، وصوفه وشعره إلا الخز، والحرير للرجل إلا لضرورة أو حرب.

ويشترط جواز التصرف، والخلو من نجاسة غير عفو إلا ما لا يصلى فيه منفردا كالتكة والجورب والخف(١٣) والقلنسوة والنعل، واجتنابه أفضل.

والامكنة مسجد عدا المغصوب.

ويشترط طهارة موضع الجبهة.

وتكره في وادي ضجنان، ووادي الشقرة، والبيداء، وذات الصلاصل(١٤) ، وبين المقابر، وأرض الرمل، والسبخة، بمعاطن الابل، وقرى النمل، وجوف

____________________

= اريد به النجم المعروف لتمييزه عن البرج إذ الجدي بفتح الجيم برج من أبراج السماء.

(١١) في النسخة القديمة: الايسر، والصحيح ما أثبتناه وهو موافق لما في الجمل والعقود للشيخ فراجع.

(١٢) ثوب ضفيق: كثيف نسجه.

(١٣) ليست هذه الكلمة في النسخة القديمة.

(١٤) هذه أودية بين مكة والمدينة.

وضجنان بالفتح والسكون جبل بمكة أو تهامة، والمراد الوادي المتصل بالجبل، والشقرة بفتح الشين وكسر القاف أو بضم الاول وسكون الثاني موضع في طريق مكة، والبيداء على ميلين من " ذي الحليفة " متوجها إلى مكة، وذات الصلاصل واقعة في نفس الطريق ولكن لم يحدد موضعها، أو كل أرض ذات صلصال أي يسمع منها صوت عند المشي عليها، فلا تنحصر بمكان، بل تعم كل ما كان كذلك، كما قيل في الشقرة هي كل أرض تنبت فيها شفائق نعمان.

راجع مصباح الفقيه للهمداني ٢ / ١٢٩.

٢٩٣

الوادي، وجواد الطرق إلا مع ساتر ولو عنزة، وفي الحمامات، والفريضة في الكعبة.

ولا يسجد إلا على الارض أو ما أنبتته غير مأكول ولا ملبوس، ويشترط جواز التصرف وخلوه من نجاسة.

ولا يشترط طهارة الموقف إذا كان جافا وطهارته أفضل.

والاذان والاقامة سنتان في الخمس، ويتأكدان في صلاة الجهر، وهما شرط في الجماعة(١٥) وفصول الاذان ثمانية عشر فصلا والاقامة سبعة عشر، ويجب فيهما الترتيب.

وسن طهارة المؤذن، واستقبال القبلة، والقيام لا راكبا، مرتلا اذانه، حادرا إقامته، غير معرب مقاطعه، ولا متكلم خلاله، فاصلا بجلسة أو خطوة أو سجدة إلا في المغرب، وكله يتأكد في الاقامة، ويشترط فيهما الوقت(١٦) .

وواجبات الصلاة القيام أو بدله مع العجز، والنية مقارنة الاحرام واستدامتها حكما، والتلفظ بالله أكبر، وقراء‌ة الحمد وسورة في الاولين من الخمس مع القدرة والاختيار، ويتخيير في الباقي بين الحمد وعشر تسبيحات، والجهر في مواضعه والاخفات، والركوع، والطمأنينة فيه، والتسبيح، والرفع منه، والطمأنينة، والسجود على الجبهة وباطن الكفين والركبتين وأصابع(١٧) الرجلين، والطمأنينة، والتسبيح فيه، والطمأنية، والرفع، والطمأنينة، ومعاودة السجود كذلك، والجلوس للتشهد، والطمأنينة، والشهادتان، والصلاة على النبي وآله، وفي التسليم

____________________

(١٥) قال في الجمل والعقود: هما مسنونان في جميع الصلوات وواجبان في صلاة الجماعة.

(١٦) أي دخول الوقت.

(١٧) في الجمل والعقود أيضا هكذا، ولكن في نسخة من الجمل: إبهامي الرجلين، وفي نسخة من رسالتنا أيضا: إبهامي الرجلين ظ.

٢٩٤

قولان(١٨) .

والمسنونات: التوجه بسبع تكبيرات منها الواجبة، وثلاثة أدعية(١٩) ، والتكبير خمسا في كل ركعة، ورفع اليدين مع التكبير إلى شحمتي الاذنين، والترتيل في القراء‌ة والدعاء، وتعمد الاعراب، والجهر بالبسملة في الاخفات في الموضعين، وتسوية ظهره راكعا، ومد عنقه، ورد ركبتيه، والهوي سابقا بيديه، ومتخويا، والسجود متجافيا، والنهوض معتمدا يديه، ومازاد على التسبيحة الواحدة راكعا وساجدا والارغام بالانف، والدعاء بين السجدتين، والجلسة قبل القيام إلى الثانية والرابعة، والتورك، والزائد على التشهد، والتسليم واحدة إن كان إماما أو منفردا وإلى يمينه إن كان مأموما ويساره إن كان غيره، والنظر قائما موضع سجوده وراكعا بين رجليه وساجدا طرف أنفه وجالسا حجره، ووضع يديه على فخديه محاذيا ركبتيه قائما، وعلى عيني ركبتيه راكعا، وبحذاء اذنيه ساجدا، وعلى فخذيه جالسا، والقنوت في كل ثانية أمام ركوعه.

والمحرمات: وضع اليمين على الشمال وقول آمين آخر الحمد، والالتفات وراء‌ه، والكلام بما ليس منها، والفعل الكثير، وإحداث ما ينقض الطهارة والقهقهة، والكلام بحرفين، والانين والتأفف كذلك.

والمكروهات: الالتفات يمينا وشمالا والتثأب، والتمطي، وفرقعة الاصابع، والعبث، والاقعاء بين السجدتين، والتنخم، والبصاق، والنفخ، والتأوه، ومدافعة الاخبثين.

وأحكام الخلل خمسة: منها ما يوجب الاعادة وهو الصلاة على الحدث،

____________________

(١٨) قال في الجمل والعقود ص ١٨١: فان كانت صلاة الفجر انضاف إلى ذلك أي واجبات الصلاة التسليم على قول بعض أصحابنا وعلى قول الباقين هو سنة.

(١٩) قال في بعض الجمل والعقود: التوجه بسبع تكبيرات بينهن ثلاثة أدعية.

٢٩٥

وقبل الوقت، وإلى دبر القبلة مطلقا، وإلى يمينها أو شمالها مع الوقت، وفي ثوب نجس أو مغصوب، وفي مكان كذلك مختارا، والسجود على النجس، وترك النية، وتكبيرة الاحرام، أو سجدتين من ركعة حتى يركع، أو الركوع حتى يسجد، وزيادة ركوع أو سجدتين في ركعة، والشك في الاولتين، والمغرب، والغداة، وصلاة السفر، عدم ضبط ما صلى، والتسليم قبل الاكمال ولما يذكر حتى يتكلم أو يستدبر القبلة.

ومنها ما لا حكم له وهو كثرة السهو، والشك بعد الانتقال في الركن وغيره، والسهو في السهو، وفي النافلة، والسهو عن تسبيح الركوع أو السجود وقد رفع، وترك الركوع وحتى يسجد في الآخرتين، وكذا السجدتين حتى يركع، فإنه يحذف الزائد ويأتي بما ترك.

ومنها ما يوجب التلافي وهو من قرأ سورة ونسي الحمد قرأها وسورة، وكذا لو ذكر قبل أن يركع أنه لم يقرأ قرأ ما نسي، ومن شك في شئ وهو في محله أتى به، ولو أتى بالركوع لشكه فيه ثم ذكر ركوعه أهوى ولم يرفع رأسه، ولو ذكر السجود أو التشهد ولما يركع بعده أتى بما قد فاته، ولو كان بعد ركوعه أتم وسلم ثم قضاه، ومن نسي التشهد الاخير وذكر بعد التسليم أتى به.

ومنها ما يوجب الاحتياط وهو الشك بين الاثنتين والثلاث والاربع، أو الاثنين والاربع، أو الاثنين والثلاث، والثلاث والاربع، ففي الكل يبني على الاكثر فإذا سلم أتى بما شك فيه مستأنفا ولو شك في النافلة تخير، والبناء على الاقل أفضل.

ومنها ما يوجب سجدتي السهو وهو الكلام ناسيا، والتسليم على الاولتين، كذلك، وترك سجدة أو التشهد الاول ثم لا يذكر حتى يركع، والشك بين الاربع والخمس، والحق به من قام في حال قعود أو قعد في حال قيام فتلافاه.

٢٩٦

في الجمعة : ويشترط في وجوبها الذكورة، والتكليف، والحرية، والسلامة من المرض والعمى والعرج، وألا يكون هما، ولا مسافرا، ولا على أكثر من فرسخين، ووجود الامام أو من يأمره، وسبعة فما زاد وجوبا، وخمسة استحبابا، والخطبتان تشتمل كل واحدة ذكر الله والثناء عليه والصلاة على النبي وآله والوعظ وقراء‌ة سورة خفيفة.

ولا تنعقد جمعتان وبينهما أقل من فرسخ.

والجماعة تنعقد باثنين فصاعدا، ويشترط في الامام الايمان، والعدالة، وأن لا يكون لزنية ويقدم الاقرأ فالافقه فالاقدم هجرة فالاسن فالاصبح، ولا يؤم الامي قارئا، ولا القاعد قائما، ولا المقيد مطلقا، ولا المفلوج صحيحا.

ويكره الابرص والاجذم والمحدود بعد توبته.

ويقصر صلاة الخوف حضرا وسفرا، فإذا كان العدو في خلاف القبلة وأمكن الانقسام والمقاومة صلى بطائفة ركعة وعليها السلاح وأطال في الثانية ليتموا ويركع بالاخرى ويطيل تشهده ليتموا ثم يسلم بها، ولو كانت المغرب فبالاولى ركعة وبالثانية ركعتين، ولو عكس جازه فإن خافوا مع ذلك صلوا فرادى ولو إيماء.

ولو خافوا أجزاهم عن كل ركعة تسبيحة هي سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر.

وصلاة العيدين تجب بشروط الجمعة، وتستحب للمنفرد، ولا يقضى فائته ووقتها بعد طلوع الشمس، وهي ركعتان بتسليمة، ويزاد في الاولى خمس تكبيرات، وفي الثانية أربع، بين كل تكبيرتين دعاء وموضعها بعد القراء‌ة، وخطبتاها بعدها ولا يجب استماعهما.

وصلاة الاستسقاء كصلاة العيد في الكيفية، وهي سنة، ويستحب فيها تحويل الرداء من الميامن إلى المياسر وبالعكس.

وصلاة كسوف الشمس وخسوف القمر والزلازل والرياح المظلمة فرض،

٢٩٧

ووقتهما من ابتداء الاحتراق إلى ابتداء الانجلاء، وهي عشر ركعات بأربع سجدات، يقرأ ويركع ثم يرفع ويكبر ويقرأ، فإذا أكمل خمسا رفع قائلا: سمع الله لمن حمده، ثم يسجد اثنتين ثم يقوم معتمدا ترتيبه الاول ويقول عند الرفع من العاشرة ما قال بعد الخامسة.

ويستحب قراء‌ة الطوال، وأن يكون ركوعه وسجوده بقدر قراء‌ته، ويقضي مع الاخلال وجوبا، وتعاد لو فرغ قبل الانجلاء استحبابا.

وصلاة الاموات فرض كفاية على كل مظهر للشهادتين وأطفالهم ممن بلغ ستا فصاعدا، وأولى الناس به أولاهم بميراثه، والزوج أولى من الاقارب، والهاشمي إذا كان أهلا وقدمه الولي.

وهي تكبيرات خمس، يعقب الاولى بالشهادتين، والثانية بالصلاة على النبي وآله، والثالثة بالدعاء للمؤمنين، والرابعة بالدعاء للمؤمن وعلى المنافق وبالآية(٢٠) إن كان مستضعفا وأن يحشره مع من يتولاه، وأن يجعله لابويه فرطا إن كان طفلا.

ولا تشترط الطهارة بل هي أفضل.

____________________

(٢٠) سورة غافر: ٧: * (فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم.

ربنا ادخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم) *.

٢٩٨

كتاب الزكاة : ولا تجب إلا في الابل والبقر والغنم والذهب والفضة والحنطة والشعير والتمر والزبيب ويشترط النصاب والحرية في الجميع، وبالبلوغ وكمال العقل في الاثمان دون الغلات والحيوان، والحول في الاثمان والحيوان دون الغلات، ولا يضمن إلا المسلم المتمكن من الاداء، وليس في مال المجنون والطفل ضمان.

ويستحب في عروض التجارة إذا لم ينقص أثمانها، وفيما تخرجه الارض من الحبوب عدا الخضر، وفي إناث الخيل السائمة، عن العتيق ديناران، والبرذون دينار، وسبائك الذهب والفضة، والحلي المحرم، ولو قصد الفرار(٢١) وجبت، وكل مال غاب عن صاحبه سنين وعاد زكاته لسنة ولا زكاة فيما عداه، والدين إن أخره صاحبه فعليه زكاته، وإلا فعلى المدين.

ويشترط في الابل الملك والنصاب والسوم والحول.

والنصاب ما فيه الفريضة والشنق(٢٢) ماليس فيه.

ونصبها ثلاثة عشر: خمس، عشر، خمس عشر، عشرون، خمس وعشرون، ففي كل واحد شاة، ثم ستة وعشرون، وفيه بنت مخاض، ست وثلاثون، وفيه بنت لبون، ست وأربعون وفيه حقة، إحدى وستون، وفيه جدعة، ست وسبعون وفيه بنتا لبون، احدى وستعون وفيه حقتان، فاذا

____________________

(٢١) قال الشيخ الطوسي في الجمل والعقود: يستحب الزكاة في خمسة اجناس..

وخامسها الحلي المحرم لبس حلي النساء للرجال وحلي الرجال للنساء ما لم يفر به من الزكاة، فان قصد الفرار به من الزكاة وجبت فيه الزكاة.

(٢٢) قال في الجمل والعقودص ١٩٩: وما لا يتعلق به الزكاة يسمى شنقا وما تجب فيه يسمى فريضة.

٢٩٩

بلغت مائة وإحدى وعشرين ففي كل خمسين حقة.

وفي كل أربعين بنت لبون، والاشناق بعدد النصب.

ويشترط في البقر شروط الابل، وما فيه الفريضة نصاب وما ليس فيه وقص(٢٣) ففي كل ثلاثين تبيع أو لا تبيعة، وفي كل أربعين مسنة.

وشروط الغنم شروط الابل والبقر، وما تجب فيه الفريضة نصاب ومالا تجب فيه عفو(٢٤) ونصبه خمس: أربعون، مائة وإحدى وعشرون، ومائتان وواحدة وثلاثمائة وواحدة، وأربعمائة، وفي كل نصاب منها شاة، ومازاد ففي كل مائة شاة.

ويشترط في الذهب والفضة الملك والنصاب والحول وكونهما مضروبين دراهم ودنانير، ولا زكاة حتى تبلغ العين(٢٥) عشرين، والفضة مائتي درهم، والزائد أربعة مثاقيل، وفي الفضة أربعون درهما، وما نقص عفو.

والفريضة في كل نصاب ربع عشرة، ولا يجبر نصاب بغير جنسه إلا إذا نقصها فرارا.

ويشترط في الغلات الملك والنصاب، وهو خمسة أوسق، هو ستون صاعا، والصاع أربعة أمداد، والمد رطلان وربع، وما نقص عفو، ويجب في الزائد وإن قل.

والواجب فيه العشر إن سقي سيحا أو بعلا أو عذيا(٢٦) ، ونصف إن سقي بالناضح.

____________________

(٢٣) قال الشيخ: ما لا يتعلق به الزكاة يسمى وقصا، وما يؤخذ منه يسمى فريضة.

(٢٤) قال الشيخ: ما لا يتعلق به الفرض يسمى عفوا، وما يؤخذ منه يسمى فريضة.

(٢٥) أي الذهب.

(٢٦) في الجمل والعقود: أو كان عذيا أقول: قال بعض اللغويين العذي: الزرع لا يسقيه إلا المطر.

والبعل من الارض ماسقته السماء ولم يسق بماء الينابيع.

وقال الفيومي في المصباح: قال أبو عمرو: البعل والعذي بالكسر وادحد، وهو ما سقته السماء.

وقال الاصمعي: البعل ما يشرب بعروقه من غير سقي ولا سماء والعذي ما سقته السماء.

ويقال: هذه الارض تسقى بالماء سيحا أي بالماء الجاري الظاهر.

٣٠٠

( ميكائيل ـ ـ )

رواية ضرب موسى لملك الموت ضعيفة :

س : بارك الله جهودكم الطيّبة ، ووفّقكم لنصرة أهل بيت النبوّة ومعدن الرسالة ، أمّا بعد ، لدي سؤال أرجو أن أحصل على الإجابة الشافية منكم عليه :

هل صحيح أنّ رواية ضرب النبيّ موسىعليه‌السلام لملك الموت حتّى فقأ عينه صحيحة عند علماء الشيعة؟ حسب ما ذكر لي أحد المناقشين من أهل السنّة في المصادر التالي : لئالى الأخبار ، الأنوار النعمانية ، المحجّة البيضاء ، البرهان ، بحار الأنوار ، وفّقكم الله لما يحبّه ويرضاه.

ج : كُلّ الأحاديث المذكورة هي أحاديث ضعيفة غير معتمدة ، منقولة من كتب متأخّرة ، أُلّفت بعد القرن العاشر الهجري ، وكما تعلمون : فإنّ وجود رواية في مصادر الحديث عند الشيعة لا يعني أن تكون صحيحة ويجب العمل بها ، فكيف وأن ما ذكر موجود في مصادر متأخّرة ، وفي بعضها كالمحجّة البيضاء فإنّها منقولة عن مصادر أهل السنّة ، وعلى المدّعي أنّ الشيعة تعمل بهذه الروايات وتعتقد بها إثبات هذا المدّعى بالدليل ، ووفقاً على مباني الشيعة.

( مريم ساجواني ـ الإمارات ـ )

حكمة ذكر النبيّ موسى أكثر من غيره :

س : ما الحكمة من ذكر قصّة نبي الله موسى عليه‌السلام في القرآن الكريم أكثر من باقي الأنبياء عليهم‌السلام ؟

ج : يمكن أن يقال : أنّ الحكمة في ذكر قصّة موسىعليه‌السلام في القرآن الكريم أكثر من باقي الأنبياء ، وذلك لما في عهد موسىعليه‌السلام من قضايا كثيرة تكون عبراً ودروساً ، ولكون قومه اليهود الذين أتمّ الله عليهم الحجّة أبوا إلاّ عتواً واستكباراً ، ومراحل التدرّج مع اليهود ومحاولات الهداية لهم ، فكانت نبوّة موسىعليه‌السلام مليئة بالحوادث والإثارات التي يمكن أن يستلهم منها الكثير من الدروس.

٣٠١

( مهند ـ البحرين ـ )

نوح الأب الثاني للبشرية :

س : لماذا لقّب نبي الله نوح عليه‌السلام بأنّه ثاني أب للبشرية بعد آدم عليه‌السلام ؟ ألم يكن في السفينة معه بشر غيره؟ وألف سلام لكم وتحية.

ج : يستفاد من الآية :( وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ ) (١) ، أنّ البشرية بعد نوحعليه‌السلام تكوّنت من نسله ، وأنّ الآخرين الموجودين في السفينة قد انقرضوا فيما بعد ، ولكن توجد رواية في تفسير القمّي لهذه الآية : بأنّ ولد آدمعليه‌السلام بالعموم لم يكونوا من ولد نوح بعد الطوفان(٢) ، بل أنّ الآية بصدد حصر المؤمنين من ولد آدمعليه‌السلام في عقب نوحعليه‌السلام .

وممّا ذكرنا يظهر أن لقب الأب الثاني للبشرية ، لا يمكن التأكّد عليه إلاّ من باب المجاز والتوسّع في الكلمة ، وعلى أيّ حال فالأمر سهل ، كما لا يخفى على المتأمّل.

( أحمد عيسى ـ البحرين ـ ٢٢ سنة ـ خرّيج معهد )

حكمة منع آدم الأكل من الشجرة :

س : أوّلاً نشكركم على فكرة طرح الأسئلة ، سؤالي هو : ما هي الحكمة من منع الله تعالى آدم عليه‌السلام من الأكل من تلك الشجرة؟

ج : الآيات القرآنية في آدمعليه‌السلام ، وفي هذا الموضوع بالذات ، تشير إلى وجود نوع من اختبار خاصّ ، وفتنة من نوع خاصّ مغاير للاختبار والفتنة الدنيوية ، وفيه إشارة إلى ما ستؤول إليه البشرية من بعد آدم ، وما ستبتلي به من الامتحان والاختبار.

__________________

١ ـ الصافات : ٧٧.

٢ ـ تفسير القمّي ٢ / ٢٢٣.

٣٠٢

قال تعالى :( يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ ) (١) .

وقال تعالى :( فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَى * وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَى * فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَى * فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى * قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ) (٢) .

حيث تشاهد بوضوح مسألة الامتحان ووسوسة الشيطان والاختبار ، وفي آخر الآيات ينجرّ الامتحان ليشمل الجميع من ذرّيته وولده.

هذا كُلّه أن استطعنا أن نتوصّل إلى حكمة وعلّة هذا المنع من أكل الشجرة ، الذي يعود إلى الامتحان والاختبار ، وإلاّ فإنّه ربما لم نتوصّل إلى سبب وحكمة بعض الأعمال ، وليس من الواجب أن يتّضح سبب وحكمة كُلّ الأعمال.

( أبو أحمد الموسوي ـ بريطانيا ـ ٣٧ سنة ـ مهندس كيمياء )

أجساد المعصومين لا تبلى :

س : ورد في سيرة مولانا أبي محمّد الحسن العسكري عليه‌السلام ، قصّة الراهب النصراني ، والاستسقاء متوسّلاً بعظم لأحد الأنبياء عليهم‌السلام ، فكيف يتّفق هذا مع المشهور من أنّ الأجساد الشريفة للأنبياء والأئمّة عليهم‌السلام ، وكذا الشهداء

__________________

١ ـ الأعراف : ٢٧.

٢ ـ طه : ١١٧ ـ ١٢٦.

٣٠٣

والصالحين لا تبلى ، ولا ينتابها الفناء كرامة لهم؟ أفيدونا غفر الله لكم.

ج : هذه القصّة وردت في جُلّ الكتب التي دوّنت في مجال الحديث والسيرة(١) ، ممّا يبعث الاطمئان في النفس بحدوثها ؛ وفي نفس الوقت لا معارضة بينها وبين الاعتقاد بعدم فناء أجساد الأنبياء والأولياءعليهم‌السلام ، إذ بناءً على هذه الرواية فإنّ رجلاً أخذ عظماً من عظام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلا يبعد أن يكون اقتطعه وفصله عن جسده الشريف ، وليس في الحديث إشارة إلى تفسّخ الجسد ، وانفصال العظام وتجزئتها.

( أحمد جعفر ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

الحجّة ما بين عيسى ومحمّد :

س : من اعتقاداتنا الأساسية نحن الشيعة : أنّ الأرض لا تخلو من حجّة ، لكن من زمن عيسى عليه‌السلام إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، هل كانت الأرض من دون حجّة؟ أو كان هناك أنبياء موجودين؟

ج : إنّ عقيدتنا بأنّ الأرض لا تخلو من الحجّة ممّا لا شبهة فيه عقلاً ونقلاً ، والأدلّة الواضحة هي قائمة على هذا المدّعى ، كما لا يخفى على المتتبع في هذا المجال ، ولكن لا نعتقد أنّ هؤلاء الحجج كانوا كُلّهم أنبياء ، بل أنّ بعضهم كانوا أوصياء.

وأمّا في الفترة ما بين عيسىعليه‌السلام والنبيّ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله فقد تشير بعض الروايات إلى وجود بعض الأوصياء بل وحتّى الأنبياء ، فمثلاً ينقل الشيخ الصدوققدس‌سره أنّ بين نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله وبين عيسىعليه‌السلام أنبياء وأئمّة مستورون خائفون ، منهم خالد بن سنان العبسي ، نبي لا يدفعه دافع ولا ينكره منكر ، وكان بين مبعثه ومبعث نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله خمسون سنة(٢) .

__________________

١ ـ أُنظر : الثاقب في المناقب : ٥٧٥ ، الخرائج والجرائح ١ / ٤٤٢ ، كشف الغمّة ٣ / ٢٢٥ ، بحار الأنوار ٥٠ / ٢٧١.

٢ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٦٥٩.

٣٠٤

ويؤيّده ما ورد في كتب أهل السنّة بوجود أربعة من الأنبياء في هذه الفترة ، منهم خالد المذكور(١) ، وقد ورد في بعض الآثار : أنّ أبا طالب كان من الأوصياء في هذه الفترة(٢) .

( جمال أحمد ـ البحرين ـ )

الفرق بين النبيّ والرسول :

س : هل يوجد فرق جوهري بين النبيّ والرسول؟ أم أنّ النبيّ هو ذاته الرسول؟ الرجاء التفصيل مع ذكر الأمثلة.

ج : أختلف العلماء في تعريف النبيّ والرسول ، وبيان الفرق بينهما ، ولكن الحقّ أنّ الرسول أعلى رتبةً من النبيّ ، إذ هو يحمل رسالةً إلى من بعث إليه ، وأمّا النبيّ فلا يتحمّل هداية الآخرين.

نعم الاثنان متّفقان في مسألة نزول الوحي إليهما ، ولكن النبيّ يأتيه الوحي في المنام ، والرسول يرى جبرائيل ، ويتلقّى الوحي معاينةً ومشافهةً(٣) .

وبالجملة : فالأمر سهل ، إذ قد تجتمع لبعضهم الرتبتان معاً ، كنبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله وإبراهيمعليه‌السلام ، ومن جانب قد يستعمل كثيراً التعبير بأحدهما مكان الآخر مسامحةً وعنايةً.

( زكريا عباس راضي ـ البحرين ـ )

يأجوج ومأجوج :

س : أودّ أن أسألكم ، هل هناك موضوع يحكي عن يأجوج ومأجوج في موقعكم ، فقد بحثت فيه ولم أجد ، وشكراً لكم.

__________________

١ ـ التفسير الكبير ٤ / ٣٣٠ ، روح المعاني ١٠ / ٢٩٥ ، السيرة الحلبية ١ / ٣٣.

٢ ـ الكافي ١ / ٤٤٥ ، بحار الأنوار ٣٥ / ٧٣.

٣ ـ الكافي ١ / ١٧٦.

٣٠٥

ج : هناك الكثير من الأخبار الغريبة في وصف يأجوج ومأجوج نحن اعرضنا عنها ، واكتفينا بنقل الأخبار المقبولة نوعاً ما.

فيأجوج ومأجوج أُمّتان ، وهم من أولاد آدم وحوّاء ، وهو قول أكثر العلماء ، ويشهد له قول الإمام الهاديعليه‌السلام : «إنّهم من ولد يافث بن نوح »(١) .

وعن حذيفة قال : سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن يأجوج ومأجوج فقال : « يأجوج أُمّة ، ومأجوج أُمّة ، كُلّ أُمّة أربعمائة أُمّة ، لا يموت الرجل منهم حتّى ينظر إلى ألف ذكر من صلبه ، كُلّ قد حمل السلاح »(٢) .

والمروي أنّهم أقوام وحشية غير متمدّنين ، بل يعيشون كالبهائم ، وقد أشار القرآن إلى أنّهم قوم مفسدون في الأرض ، وقيل من فسادهم أنّهم كانوا يخرجون فيقتلون ، ويأكلون لحومهم ودوابهم.

وعن الكلبي : كانوا يخرجون أيّام الربيع ، فلا يدعون شيئاً أخضر إلاّ أكلوه ، ولا يابساً إلاّ احتملوه(٣) .

كما إنّهم يتميّزون عن باقي الأقوام بكثرة العدد ، كما في الخبر عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) .

كما وإنّهم من الأقوام الذين يقاتلون عيسى بن مريمعليه‌السلام بعد خروجه ، فيغلبهمعليه‌السلام ويكون ذلك بين يدي الساعة(٥) .

( أميرة ـ البحرين ـ ١٥ سنة ـ طالبة )

علّة تكليم موسى :

س : لماذا النبيّ موسى عليه‌السلام هو الذي كلّمه الله تعالى؟

__________________

١ ـ الكافي ٨ / ٢٢٠.

٢ ـ مجمع البيان ٦ / ٣٨٧.

٣ ـ نفس المصدر السابق.

٤ ـ المصدر السابق ٧ / ١٢٦.

٥ ـ الخصال : ٤٤٧.

٣٠٦

ج : أورد الشيخ الصدوق روايتين عن العلّة التي من أجلها اصطفى الله تعالى موسى لكلامه دون خلقه :

١ ـ عن الإمام الباقرعليه‌السلام قال : «أوحى الله عزّ وجلّ إلى موسى عليه‌السلام : أتدري لما اصطفيتك لكلامي دون خلقي؟ فقال موسى : لا يا ربّ ، فقال : يا موسى إنّي قلّبت عبادي ظهراً لبطن ، فلم أجد فيهم أحداً أذلّ لي منك نفساً ، يا موسى إنّك إذا صلّيت وضعت خدّيك على التراب ».

٢ ـ عن إسحاق بن عمّار قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : «إنّ موسى عليه‌السلام احتبس عنه الوحي أربعين أو ثلاثين صباحاً ، قال : فصعد على جبل بالشام يقال له : أريحا ، فقال : يا ربّ إن كنت حبست عنّي وحيك وكلامك لذنوب بني إسرائيل ، فغفرانك القديم ».

قال : «فأوحى الله عزّ وجلّ إليه : يا موسى بن عمران ، أتدري لم اصطفيتك لوحي وكلامي دون خلقي؟ فقال : لا علم لي يا ربّ ، فقال : يا موسى إنّي أطلعت إلى خلقي إطلاعة ، فلم أجد في خلقي أشدّ تواضعاً لي منك ، فمن ثمّ خصصتك بوحي وكلامي من بين خلقي ».

قال : «وكان موسى عليه‌السلام : إذا صلّى لم ينفتل حتّى يلصق خدّه الأيمن بالأرض والأيسر »(١) .

هذه بعض العلل ، وقد تكون هناك علل أُخرى ، لا يعلمها إلاّ الله والراسخون في العلم ، بالإضافة إلى أنّ مثل هذه الأُمور لا يسأل عنها لقوله تعالى :( لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) (٢) .

( أبو حيدر ـ عمان ـ ٢٥ سنة ـ بكالوريوس )

اصطفاء الأنبياء :

س : كيف يتمّ اصطفاء واختيار الأنبياء عليهم‌السلام ؟ وفي أيّ مرحلة يتمّ ذلك؟

__________________

١ ـ علل الشرائع ١ / ٥٦.

٢ ـ الأنبياء : ٢٣.

٣٠٧

ج : إنّ الله تعالى ـ ومن منطلق علمه الذاتي والأزلي ـ كان يعلم بأنّ الأنبياءعليهم‌السلام سيصلون بجدّهم وجهدهم في عالم الدنيا إلى المرتبة القصوى بين الممكنات ، بعد إعطائهم الخيار والاختيار من جانب الباري تعالى.

وبعبارة أُخرى : إنّ الله تعالى كان يعلم بوفاء الأنبياءعليهم‌السلام في عالم الوجود بكافّة المتطلّبات التي تؤهّلهم لهذا المنصب الإلهي ، وعليه فأعطاهم تلك المرتبة السامية بسبب علمه المسبق على الإعطاء.

فالنتيجة : إنّ كافّة المواهب المعطاة هي ناتجة ومكافئة على سلوكهم وسيرتهمعليهم‌السلام في الدنيا ، وإن أُعطيت من قبل.

ولا يخفى أنّ هذه النظرية قابلة للتأييد بنصوص روائية ، وعلى سبيل المثال ورد في فقرات من دعاء الندبة هكذا : «اللهم لك الحمد على ما جرى به قضاؤك في أوليائك ، الذين استخلصتهم لنفسك ودينك ، إذ اخترت لهم جزيل ما عندك من النعيم المقيم ، الذي لا زوال له ولا اضمحلال ، بعد أن شرطت عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية ، وزخرفها وزبرجها ، فشرطوا لك ذلك ، وعلمت منهم الوفاء به ، فقبلتهم وقرّبتهم »(١) .

والخلاصة : إنّ الفضائل والميزات التكوينية والتشريعية للأنبياءعليهم‌السلام بأجمعها هي حصيلة الجهود والمتاعب التي تحمّلوها في سبيل نشر الدين والعقيدة ، وتبليغ الوحي وزعامة الأُمّة وغيرها.

( الموالي ـ عمان ـ ٢٤ سنة )

تمنّي مريم لا ينافي التسليم :

س : سؤالي حول السيّدة مريم العذراء عليها‌السلام حين قالت : ( يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا ) (٢) ، كيف نوفّق بين هذا وبين رضاها بقضاء الله وقدره؟

__________________

١ ـ إقبال الأعمال ١ / ٥٠٤.

٢ ـ مريم : ٢٣.

٣٠٨

ج : إنّ مريمعليها‌السلام حينما تمنّت الموت لم تتمنّه رفضاً منها للقضاء الإلهي وإنكاراًً له ، بل كان ذلك منها استحياءً من قومها ، وخوفاً من اتهامهم لها ، إنّه حقّاً موقف عصيب وأمر شديد ، فمريم كانت امرأة معروفة بالعفّة والصلاح والمكانة العالية ، إذا بها فجأة تحمل وتلد من غير زوج ، ماذا تقول لهم؟ وهل يصدّقونها في دعواها؟ أنّه لهذا تمنّت الموت.

وهذا لا يتنافى مع التسليم للقضاء الإلهي ، أنّه تماماً نظير موقف الإمام الحسينعليه‌السلام حينما قال : «صبراً على قضائك ، ولا معبود سواك »(١) ، ولكنّه في نفس الوقت كان قلبه يعتصر ألماً لعياله وأطفاله ، بل ولأهل الكوفة المقاتلين له ، حيث يدخلون النار بسبب قتالهم له ، بل إنّ جدّه الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي هو المصداق البارز للراضي بقضاء الله تعالى ، كان يتألّم لقومه ويحزن من إيذائهم له ، حتّى قال : «ما أُوذي نبيّ مثل ما أُوذيت »(٢) ، إنّه كما لا منافاة بين هذا وذاك في حقّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والإمام الحسينعليه‌السلام ، وكذلك لا منافاة بينهما في حقّ مريمعليها‌السلام .

__________________

١ ـ ينابيع المودّة ٣ / ٨٢.

٢ ـ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٤٢ ، كشف الغمّة ٣ / ٣٤٦.

٣٠٩
٣١٠

النبي محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله :

( عبد الله ـ الكويت ـ ٢٨ سنة ـ خرّيج ثانوية )

وآية عبس وتولّى :

س : فيمن نزلت الآية : ( عَبَسَ وَتَوَلَّى ) ؟

ج : قد ذهب أبناء العامّة في هذه القضية أنّها نزلت في النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واعتمدوا في ذلك على أحاديث ضعيفة السند ، لأنّها تنتهي إلى من لم يدرك هذه القضية أصلاً ، لأنّه أمّا كان حينها طفلاً ، أو لم يكن ولد(١) .

وورد عن أهل البيتعليهم‌السلام أنّها نزلت في رجل من بني أُمية(٢) ، والقرائن أيضاً تدلّ على أنّها بعيدة عن ساحة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك أنّ الآية تصف المعاتب بصفات منها : أنّه يتصدّى للأغنياء لغناهم ، ويتلهّى عن الفقراء لفقرهم ، وهذه الصفات بعيدة عن سجايا نبيّنا الأكرم ، إذ هو الذي وصفه الله بأنّه :( بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) (٣) .

وقال الله تعالى عن نبيّه في سورة القلم التي نزلت قبل سورة عبس( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (٤) ، فكيف يصدر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله هذا الأمر المنافي للأخلاق ،

__________________

١ ـ أُنظر : جامع البيان ٣٠ / ٦٤ ، أسباب نزول الآيات : ٢٩٧ ، الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ٢١١ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ٥٠١.

٢ ـ التبيان ١٠ / ٢٦٩ ، مجمع البيان ١٠ / ٢٦٦ ، الأصفى في تفسير القرآن ٢ / ١٤٠٥.

٣ ـ التوبة : ١٢٨.

٤ ـ القلم : ٤.

٣١١

ولقد نزلت آية الإنذار( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (١) قبل سورة عبس بسنتين ، فهل نسي الرسول ذلك ، وإذا كان نسي فما الذي يؤمننا من أن لا يكون قد نسي غير ذلك أيضاً؟ وفي قوله تعالى عن الرسول :( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) (٢) .

ومن يتمعّن هذه الآيات يجد أنّها خبر محض ، ولم يُصرّح فيها بالمخبر عنه ، وقوله تعالى :( وَمَا يُدْرِيكَ ) (٣) ليس الخطاب فيها لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإنّما هو التفات من الغيبة إلى الخطاب مع العابس نفسه ، فالآية في ظاهرها لا تدلّ أنّها فيمن نزلت ، وإنّما يفسّرها لنا أهل البيت ـ وهم الثقل الثاني الذي به نعتصم من الضلال ـ فورد عنهم أنّها نزلت في رجل من بني أُمية.

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا رأى عبد الله بن أُمّ مكتوم قال : مرحباً مرحباً ، لا والله لا يعاتبني الله فيك أبداً »(٤) ، وكان يريد الرسول بذلك التعريض بمن صدر منه ذلك في حقّ ابن أُمّ مكتوم ، كأنّه يقول له : والله أنا لا أعاملك كما عاملك فلان.

فمدلول الآية يكون كالتالي :( عَبَسَ وَتَوَلَّى ) ذلك الرجل من بني أُمية( أَن جَاءهُ الأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيك ) هذا التفات من الغيبة إلى الخطاب مع العابس نفسه( لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنتَ ) أيّها العابس الغني( لَهُ تَصَدَّى ) لأهداف دنيوية( وَمَا عَلَيْك ) أيّها العابس( أَلاَّ يَزَّكَّى ) على يد شخص آخر ممّن هو في المجلس كالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ،( وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنتَ ) أيّها العابس( عَنْهُ تَلَهَّى ) لأهداف دنيوية.

__________________

١ ـ الشعراء : ٢١٥.

٢ ـ الأحزاب : ٢١.

٣ ـ عبس : ٣.

٤ ـ مجمع البيان ١٠ / ٢٦٦.

٣١٢

هذا ولكن الأيدي غير الأمينة قد حرّفت هذا الموقف ، لتدافع عن بني أُمية غفلة منها أن ذلك يكون سبب ليتشبّث به المخالفون للإطاحة بمكانة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكن( يَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (١) .

( رضا يوسف التوبلاني ـ البحرين ـ )

استشهاده مسموماً :

س : ما مدى صحّة ما ينقل من أنّ الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله استشهد مسموماً ، وما المصادر الذي تؤيّد ذلك؟ وهل تتّفقون مع ما قدّمه الكاتب المعاصر نجاح الطائي من تحقيقات تاريخية في اغتيالات الصدر الإسلامي الأوّل؟ دمتم موفّقين لكُلّ خير.

ج : إنّ استشهاد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مسموماً أورده الشيخ الصدوققدس‌سره ، وعدّه من عقائد الشيعة ، حيث قال : « اعتقادنا في النبيّ أنّه سُمّ في غزوة خيبر ، فما زالت هذه الأكلة تعاوده حتّى قطعت أبهره فمات منها »(٢) ، وقد أخبر النبيّ والأئمّة أنّهم مقتولون ، فمن قال : إنّهم لم يقتلوا فقد كذبهم(٣) .

نعم ، بعض القدماء من علمائنا الأبرار لم تثبت عندهم شهادة النبيّ بالسمّ ، وذلك يعود للاختلاف في المبنى ، حيث أنّ مبناهم في الأحكام والموضوعات لا يتمّ إلاّ بالأخبار المتواترة ، ومن المعلوم : أنّ شهادة النبيّ بالسمّ ، أو العمومات الدالّة على شهادة جميع المعصومين ، لم ترد بها الأخبار المتواترة التي توجب القطع ، بل وردت بها أخبار تورث الظنّ القوي.

قال العلاّمة المجلسي : « مع ورود الأخبار الكثيرة الدالّة عموماً على هذا الأمر ، والأخبار المخصوصة الدالّة على شهادة أكثرهم ، وكيفيتها كما سيأتي في أبواب تواريخ وفاتهمعليهم‌السلام ، لا سبيل إلى الحكم بردّه ، وكونه من

__________________

١ ـ التوبة : ٣٢.

٢ ـ الاعتقادات : ٩٧.

٣ ـ المصدر السابق : ٩٩.

٣١٣

الأرجاف ، نعم ليس فيمن سوى أمير المؤمنين ، وفاطمة والحسن والحسين ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسىعليهم‌السلام أخبار متواترة توجب القطع بوقوعه ، بل إنّما تورث الظنّ القوي بذلك ، ولم يقم دليل على نفيه ، وقرائن أحوالهم وأحوال مخالفيهم شاهدة بذلك »(١) .

وأمّا سؤالك عن التحقيقات التاريخية في اغتيالات الصدر الأوّل ، فهي أيضاً تبقى في دائرة الاحتمال ، لعدم وجود دليل قطعي على إثباتها أو نفيها.

( خليفة ـ ـ )

لا يتأثّر بالسحر :

س : توجد بعض المذاهب تعتقد بأنّ النبيّ قد سحر في فترة من فترات حياته ، فما رأيكم في هكذا اعتقاد؟ وما ردّكم عليهم؟

ج : جاء في بعض المجامع الحديثية من الفريقين ما يشعر بوقوع السحر(٢) ، ولكنّ الصحيح أنّ السحر لا يؤثّر في نفوس الأنبياء والأئمّةعليهم‌السلام ـ كما عليه المشهور والمحقّقون من علماء الإمامية ـ ويدلّ عليه عقلاً ، بأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله في فترة السحر ـ على فرض المحال ـ تكون تصرّفاته غير لائقة بالإنسان العادي ، فكيف وهو نبي؟!

وأيضاً يعتبره القرآن من تقوّلات الكفّار والمعاندين في سبيل عدم الرضوخ للحقّ( إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا ) (٣) ، و( فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا ) (٤) ، و( وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا ) (٥) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار ٢٧ / ٢١٦.

٢ ـ الخرائج والجرائح ١ / ٣٤ ، طبّ الأئمّة : ١١٣ ، صحيح البخاري ٧ / ٢٩ و ٨٨ و ١٦٤ ، صحيح مسلم ٧ / ١٤ ، سنن ابن ماجة ٢ / ١١٧٣.

٣ ـ الإسراء : ٤٧.

٤ ـ الإسراء : ١٠١.

٥ ـ الفرقان : ٨ ـ ٩.

٣١٤

وعليه فلابدّ من تأويل الأحاديث الواردة في هذا المجال بما لا ينافي المسلّمات ، أو طرحها من الأساس باعتبار ضعف أسانيدها.

وهنا نقطة لابأس بالإشارة إليها وهي : أنّ الروايات الشيعية في هذا الموضوع تدلّ فقط على محاولة بعض اليهود لسحر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وليس فيها دلالة على تأثير ذلك السحر في نفسه الكريمةصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل وفيها دلالة على صدق نبّوته ، إذ أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله اطّلع على هذا التمويه بإخبار من الله تعالى ، فأمر باستخراج السحر من مكان خاصّ ، فكان كما أخبر هوصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهذه القضية أصبحت تأييداً آخر لنبوّته ورسالته.

وعلى العكس ، فإنّ في روايات أهل السنّة في هذا المجال ما يأباه العقل والنقل ، ويردّه حتّى القرآن ـ كما ذكرنا ـ بالصراحة ، فتأويلها أو رفع اليد عنها أحرى وأجدر من طرح الأدلّة العقلية والنقلية بهذا الشأن.

( يحيى العلوي ـ البحرين ـ )

من اختصاصاته الزواج بأكثر من أربع نساء :

س : إذا كان الزواج بالمرأة الخامسة مع وجود أربع زوجات في ذمّة الرجل يعتبر غير جائز ، فما هو وجه الاستثناء بالنسبة للرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ إذ بلغ عدد زوجاته ـ على أصحّ الروايات ـ تسع زوجات دائمات؟

أليس من الأحرى بالرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يلتزم بالحكم القرآني لعدد الزوجات ، وهو قدوة العالمين؟ هل السبب السياسي للزواجات هو كاف لتسويغ هذا الحكم؟ والحالة الاستثنائية لهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وإن كان هذا هو السبب وغيره من الأسباب الاجتماعية أو النفسية ، أو غيرها من مسوّغات هذه الحالة الاستثنائية ، فلماذا لم ينزل فيها قرآن؟ مع علمنا بحكم الآية( مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) (١) .

__________________

١ ـ الحشر : ٧.

٣١٥

ج : هناك أحكام شرعية خاصّة برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمصالح وأسباب وحِكم لا يعلمها إلاّ الله ورسوله ، ومن تلك الأحكام ، له أن يتزوّج أكثر من أربع زوجات بعقد دائم.

وأمّا قضية( مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) فهي بمعنى أنّ الأحكام الشرعية التي جاء بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعموم المسلمين ، عليهم أن يتبعوه فيها ويطيعوه ، أمّا الأحكام الشرعية الخاصّة به فليس عليهم شيء.

( أبو قاسم ـ الكويت ـ ٢٨ سنة ـ طالب ثانوية )

ليس له أُخوة :

س : هل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله عنده إخوة؟ وما أسماؤهم؟ وأتمنّى أن تكون الإجابة سريعة ، والله يعطيكم العافية ، وشكراً على هذا الموقع الممتاز.

ج : لم يكن لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إخوة من النسب.

نعم ، ورد في حديث المؤاخاة الذي رواه جماعة من أعلام السنّة في أنّ علي بن أبي طالبعليه‌السلام أخو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل نفسه كما ورد في آية المباهلة(١) .

( زينب ـ بريطانيا ـ )

لا يحتاج إلى اجتهاد :

س : عفواً أطرح على حضرتكم هذا السؤال : نحن الشيعة نقول بعدم وقوع الاجتهاد من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلماذا لم يقع الاجتهاد منه صلى‌الله‌عليه‌وآله مع أنّه معصوم ، والمعصوم لا يخطأ؟

ج : إنّ المراد من الاجتهاد الممنوع وقوعه من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله هو العمل بالظنّ في الأحكام الشرعية ، وبما أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله متّصل بالوحي وعنده العلم التام بالأحكام الواقعية ، فحينئذ لا يحتاج إلى اجتهاد وإلى عمل بالظنّ.

__________________

١ ـ آل عمران : ٦١.

٣١٦