بيت الأحزان في مصائب فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)

بيت الأحزان في مصائب فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) 27%

بيت الأحزان في مصائب فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) مؤلف:
الناشر: فاروس
تصنيف: السيدة الزهراء سلام الله عليها
الصفحات: 207

بيت الأحزان في مصائب فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)
  • البداية
  • السابق
  • 207 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 103692 / تحميل: 10642
الحجم الحجم الحجم
بيت الأحزان في مصائب فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)

بيت الأحزان في مصائب فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)

مؤلف:
الناشر: فاروس
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

[٩٢١٦] ٢ - وفي بعض نسخه: « إذا أردت الخروج إلى الحج، ودعّت أهلك وأوصيت وقضيت ما عليك من الدين، وأحسنت الوصيّة لأنّك لا تدري كيف يكون، عسى أن لا ترجع من سفرك، ثم صلّ ركعتين وتقول: اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة الحزن، اللهم احفظني في سفري، واستخلف لي في أهلي وولدي، [ وردني ](١) في عافية إلى أهلي ورهطي ».

١١ -( باب تحريم العمل بعلم النجوم وتعلّمه، إلّا ما يهتدى به في برّ أو بحر)

[٩٢١٧] ١ - أحمد بن محمد السياري في التنزيل والتحريف: عن البرقي، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب، عن أبان بن تغلب، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: قرأ بنا علي (صلوات الله عليه) في النحر(١) : « وتجعلون(٢) شكركم انكم إذا مطرتم تكذبون » فلما انصرف قال: « إني قد عرفت أنه سيقول قائل منكم: لم قرأ هذا(٣) ؟ قرأتها إنّي(٤) سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يقرأ كذلك، أنّهم كانوا إذا مطروا قالوا: مطرنا بنوء كذا وكذا، فأنزل الله: وتجعلون شكركم إذا مطرتم أنكم تكذّبون ».

__________________

٢ - وفي بعض نسخه وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ١١

١ - التنزيل والتحريف ص ٥٩.

(١) في المصدر: الفجر.

(٢) وفيه: أتجعلون.

(٣) وفيه: هكذا.

(٤) وفيه: لأني.

١٢١

[٩٢١٨] ٢ - القطب الراوندي في الخرائج: روي أن في وقعة تبوك أصاب الناس عطش، فقالوا: يا رسول الله، لو دعوت الله لسقانا، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « لو دعوت الله لسقيت » قالوا: يا رسول الله ادع لنا الله ليسقينا، فدعا فسالت الأودية فإذا قوم على شفير الوادي يقولون: مطرنا بنوء(١) الذراع وبنوء كذا، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « ألا ترون؟ » فقال خالد: ألا اضرب أعناقهم؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « [ لا هم ](٢) يقولون هكذا، وهم يعلمون أن الله أنزله ».

[٩٢١٩] ٣ - أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في الاحتجاج: عن هشام بن الحكم، قال: سأل الزنديق، أبا عبد اللهعليه‌السلام فقال: ما تقول فيمن زعم أن هذا التدبير الذي يظهر في هذا العالم تدبير النجوم السبعة؟ قالعليه‌السلام : « يحتاجون إلى دليل، إن هذا العالم الأكبر والعالم الأصغر، من تدبير النجوم التي تسبح في الفلك، وتدور حيث دارت متعبة لا تفتر وسائرة لا تقف، ثم قال: وأنّ كلّ(١) نجم منها موكل مدبر، فهي بمنزلة العبيد المأمورين المنهيين، فلو كانت قديمة أزليّة لم تتغير من حال إلى حال » قال: فما تقول في علم النجوم؟ قال: « هو علم قلت منافعه وكثرت مضرّاته، لأنه لا يدفع

__________________

٢ - الخرائج ص ٢١.

(١) النوء: النجم إذا مال للمغيب وكانت العرب تقول: مطرنا بنوء كذا: أي مطرنا بطلوع نجم وسقوط آخر والذراع: نجم من نجوم كوكبة الجوزاء.

(لسان العرب ج ١ ص ١٧٥. مجمع البحرين ج ١ ص ٤٢٢).

(٢) أثبتناه من المصدر.

٣ - الاحتجاج ص ٣٤٧.

(١) في المصدر: لكل.

١٢٢

به المقدور، ولا يتقى به المحذور، إن أخبر المنجم بالبلاء لم ينجه التحرز من القضاء، وإن أخبر هو بخبر لم يستطع تعجيله، وإن حدث به سوء لم يمكنه صرفه، والمنجم يضادّ الله في علمه بزعمه أنه يردّ قضاء الله عن خلقه » الخبر.

[٩٢٢٠] ٤ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن أبي بصير قال: رأيت رجلا يسأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن النجوم، فلما خرج من عنده قلت له: هذا علم له أصل؟ قال: « نعم » قلت: حدثني عنه، قال: « أحدثك عنه بالسعد(١) ولا أحدّثك بالنحس، إن الله جلّ اسمه فرض صلاة الفجر لأول ساعة فهو فرض وهي سعد، وفرض(٢) الظهر لسبع ساعات وهو فرض وهي سعد، وجعل العصر لتسع ساعات وهو فرض وهي سعد، والمغرب لأوّل ساعة من الليل وهو فرض وهي سعد، والعتمة لثلاث ساعات وهو فرض وهي سعد ».

[٩٢٢١] ٥ - السيد علي بن طاووس في كتاب الاستخارة: قال: ذكر الشيخ الفاضل محمد بن علي بن محمد في كتاب له في العمل(١) ، ما هذا لفظه: دعاء الاستخارة عن الصادقعليه‌السلام ، تقوله بعد فراغك من صلاة الاستخارة تقول:

« اللهم إنك خلقت أقواما يلجؤون إلى مطالع النجوم، لأوقات حركاتهم وسكونهم وتصرفهم وعقدهم، وخلقتني أبرأ إليك من اللجأ

__________________

٤ - المناقب لابن شهرآشوب ج ٤ ص ٢٦٥.

(١) في المصدر: بالصعب.

(٢) وفيه: وجعل.

٥ - فتح الأبواب ص ٢٩ وعنه في البحار ج ٩١ ص ٢٧٠ ح ٢٣.

(١) كذا.

١٢٣

إليها، ومن طلب الاختيارات بها، وأتيقن أنّك لم تطلع أحدا على غيبك في مواقعها، ولم تسهل له السبيل إلى تحصيل أفاعيلها، وأنّك قادر على نقلها في مداراتها في مسيرها عن السعود العامة والخاصة إلى النحوس، ومن النحوس الشاملة والمفردة إلى السعود، لأنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب، ولأنّها خلق من خلقك وصنعة من صنيعك، وما أسعدت من اعتمد على مخلوق مثله، واستمد(٢) الاختيار لنفسه، وهم أولئك ولا أشقيت من اعتمد على الخالق الذي أنت هو »، إلى آخر الدعاء وقد مرّ(٣) في كتاب الصلاة.

١٢ -( باب استحباب افتتاح السفر بالصدقة، وجواز السفر بعدها في الأوقات المكروهة، واستحباب كونها عند وضع الرجل في الركاب)

[٩٢٢٢] ١ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « تصدّق واخرج أيّ يوم شئت ».

[٩٢٢٣] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « أتى إلى أبي رجل من أصحابه أراد سفرا ليودعه، فقال [ له: إن ](١) أبي علي بن الحسينعليهما‌السلام ، كان إذا أراد الخروج

__________________

(٢) وفي نسخة: استبد - منه قدس سره -.

(٣) تقدم برقم ٧ من الباب ١ من أبواب صلاة الاستخارة.

الباب ١٢

١ - الهداية ص ٤٥.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٦٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٢٤

إلى بعض أمواله، اشترى سلامته من الله بما تيسّر، ويكون ذلك إذا وضع رجله في الركاب، فإذا (سلّمه الله)(٢) وانصرف شكر الله تعالى، وتصدّق(٣) بما تيسر، فودّعه الرجل ومضى، ولم يفعل من ذلك شيئا فعطب في الطريق، فبلغ ذلك أبا جعفرعليه‌السلام فقال: كان(٤) الرجل وعظ لو اتعظ ».

[٩٢٢٤] ٣ - زيد الزراد في أصله قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « إذا خرج أحدكم من منزله فليتصدق بصدقة، وليقل: اللهم أظلّني تحت كنفك، وهب لي السلامة في وجهي هذا، ابتغاء السلامة والعافية والمغفرة، واصرف [ عنّي ](١) أنواع البلاء، اللهم فاجعله لي أمانا في وجهي هذا، وحجابا وسترا ومانعا، وحاجزا من كلّ مكروه ومحذور وجميع أنواع البلاء، إنّك وهّاب جواد ماجد كريم، فإنّك إذا فعلت ذلك وقلته، لم تزل في ظل صدقتك، ما نزل بلاء من السماء إلّا ودفعه عنك، ولا استقبلك بلاء في وجهك إلّا وصدّه عنك، ولا أرادك من هوام الأرض شئ من تحتك ولا عن يمينك ولا عن يسارك، إلّا وقمعته الصدقة ».

__________________

(٢) وفيه: سلّم.

(٣) وفيه زيادة: أيضاً.

(٤) وفيه: قد كان.

٣ - كتاب زيد الزرّاد ص ١٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٢٥

١٣ -( باب استحباب حمل العصا من لوز مرّ في السفر، وما يستحب قراءته حينئذٍ)

[٩٢٢٥] ١ - السيد علي بن طاووس في كتاب أمان الأخطار: قال: روي عن الأئمةعليهم‌السلام أنهم قالوا: « إذا أراد أحدكم ان يسافر فليصحب معه في سفره عصا من شجر اللوز المرّ، وليكتب هذه الأحرف في رقّ، ويحفر العصا ويجعل الرق فيها، وهي: سلمخس وهبه لهوه(١) با. ابنه. باويه صاف(٢) . صسابه هي ».

١٤ -( باب استحباب حمل العصا في السفر والحضر، والصغر والكبر)

[٩٢٢٦] ١ - جامع الأخبار: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « من مشى مع العصا في السفر والحضر للتواضع، يكتب له بكل خطوة الف حسنة، ومحا عنه الف سيئة، ورفع له الف درجة ».

١٥ -( باب استحباب صلاة ركعتين أو أربع ركعات، عند إرادة السفر، وجمع العيال، والدعاء بالمأثور)

[٩٢٢٧] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن

__________________

الباب ١٣

١ - أمان الأخطار ص ٣٣ باختلاف يسير في رسم الحروف التي في ذيل الحديث.

(١) في نسخة: يهون (منه قدّه).

(٢) وفي نسخة: صاون (منه قدّه).

الباب ١٤

١ - جامع الأخبار ص ١٤١.

الباب ١٥

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٥.

١٢٦

آبائهعليهم‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « ما استخلف رجل على أهله خليفة إذا أراد سفرا، أفضل من ركعتين يصليهما عند خروجه(١) ، ثم يقول: اللهم إني أستودعك نفسي وأهلي ومالي، وديني [ ودنياي ](٢) وآخرتي، وأمانتي وخاتمة عملي، ولا يفعل ذلك مؤمن إلّا أعطاه الله ما سأل ».

[٩٢٢٨] ٢ - أحمد بن محمد بن خالد البرقي في المحاسن: عن الحسن بن الحسين أو غيره، عن محمد بن سنان رفعه قال: كان أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا أراد سفرا، قال: « اللهم خلّ سبيلنا، وأحسن سيرنا - أو قال مسيرنا - وأعظم عافيتنا ».

[٩٢٢٩] ٣ - الشيخ إبراهيم الكفعمي في جنّته: بعد ذكر الدعاء المروي في الكافي(١) والمحاسن(٢) ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: ثم قل مولاي(٣) انقطع الرجاء إلّا منك: وخابت الآمال إلّا فيك، أسألك إلهي بحق من حقّه واجب عليك، ممّن جعلت له الحقّ عندك، أن تصلي على محمّد وآل محمد، وأن تقضي حاجتي، ثم ادع بدعاء السفر، فتقول: محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ أمامي، وعلي ورائي، وفاطمة فوق رأسي، (والحسن عن يميني، والحسين عن

__________________

(١) في نسخة: الخروج (منه قدس سره).

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢ - المحاسن ص ٣٥٠.

٣ - الجنة الواقية ص ١٨٦.

(١) الكافي ج ٣ ص ٢٨٣ ح ٢

(٢) المحاسن ص ٣٥٠ ح ٣٠.

(٣) في المصدر: يا مولاي.

١٢٧

يساري)(٤) ، وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجّةعليهم‌السلام ، حولي، إلهي ما خلقت خلقا خيرا منهم، فاجعل صلواتي بهم مقبوله، ودعواتي بهم مستجابة، وحوائجي بهم مقضيّة، وذنوبي بهم مغفورة: وآفاتي بهم مدفوعة، وأعدائي بهم مقهورة، وأرزاقي بهم مبسوطة، اللهم صلّ على محمد وآل محمد، تقول ذلك ثلاثا ثم تدعو بكلمات الفرج ».

قال في الحاشية(٥) : هذا دعاء السفر جليل القدر عظيم الشأن، يؤمن(٦) به المسافر، ذكره الشيخ، الأجل الحسين بن محمد بن علي المكيال طاب ثراه، في كتابه عمدة(٧) في الدعوات.

[٩٢٣٠] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا أردت سفرا فاجمع أهلك، وصلّ ركعتين وقل: اللهم إني أستودعك ديني، ونفسي، وأهلي، وولدي، وعيالي ».

[٩٢٣١] ٥ - الصدوق في المقنع: فإذا أردت الخروج إلى الحج فاجمع أهلك، وصلّ ركعتين، ومجّد الله كثيرا، وصلّ على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، وقل: اللهم إني أستودعك اليوم ديني، ونفسي، ومالي، وأهلي وولدي وجيراني، وأهل حزانتي(١) الشاهد منّا والغائب،

__________________

(٤) وفيه: والحسن والحسين عن يساري.

(٥) حاشية جنة الواقية ص ١٨٧.

(٦) في المصدر: يؤمن الله.

(٧) وفيه: عدّة.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦ باختلاف يسير، وعنه في البحار ج ٧٦ ص ٢٣٥ ح ١٧.

٥ - المقنع ص ٦٧.

(١) الحُزانة: بالضم والتخفيف، عيال الرجل الذي يَتَحزّن لهم (مجمع البحرين ج ٦ ص ٢٣٢).

١٢٨

وجميع ما أنعمت به عليّ، اللهم اجعلنا في كنفك ومنعك، وعزّك وعياذك، عزّ جارك، وجلّ ثناؤك، وامتنع عائذك، ولا إله غيرك، توكّلت على الحيّ الذي لا يموت، والحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له وليّ من الذل، وكبره تكبير، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسحبان الله بكرة وأصيلا.

١٦ -( باب استحباب قيام المسافر على باب داره، وقراءة الفاتحة أمامه، وعن يمينه، وعن شماله، وآية الكرسي كذلك، والمعوذتين والاخلاص كذلك، والدعاء بالمأثور)

[٩٢٣٢] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام « وإذا أردت الخروج من منزلك فقل: بسم الله: ولا حول ولا قوّة إلّا بالله، توكلت على الله، فإنّك إذا قلت هكذا، نادى ملك في قولك بسم الله: هديت أيّها العبد، وفي قولك لا حول ولا قوة إلّا بالله: وقيت، وفي قولك توكّلت على الله: كفيت، فيقول الشيطان حينئذ: كيف لي بعبد هدي ووقي وكفي؟ واقرأ( قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ ) مرّة عن يمينك، ومرّة عن يسارك، ومرّة عن خلفك، ومرّة [ من ](١) بين يديك، ومرّة من فوقك، ومرّة من تحتك، فإنّك تكون في يومك كلّه في أمان الله ».

[٩٢٣٣] ٢ - السيد علي بن طاووس في كتاب أمان الأخطار: قال: وروي أنه إذا وقف على باب داره، سبح تسبيح الزهراءعليها‌السلام وقرأ

__________________

الباب ١٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٥٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - أمان من الأخطار ص ٩٤.

١٢٩

الحمد وآية الكرسي كما قدمناه(١) ، وقال: اللهم إليك وجهت وجهي، وعليك خلفت أهلي ومالي(٢) وما خوّلتني، [ و ](٣) قد وثقت بك فلا تخيبني، يا من لا يخيّب من أراده، ولا يضيع من حفظه، اللهم صلّ على محمد وآل محمد(٤) ، واحفظني فيما غبت عنه، ولا تكلني إلى نفسي يا أرحم الراحمين، اللهم بلغني ما توجّهت له، وسبّب لي المراد، وسخّر لي عبادك وبلادك، وارزقني زيارة نبيّك، ووليك أميرالمؤمنين، والأئمة من ولده، وجميع أهل بيته عليه وعليهم السلام، ومدّني بالمعونة في جميع أحوالي، ولا تكلني إلى نفسي ولا إلى غيري، فأكلّ واعطب، وزوّدني التقوى، واغفر لي في الآخرة والأولى، اللهم اجعلني أوجه من توجّه إليك.

وتقول أيضا: بسم الله وبالله، وتوكّلت على الله، واستغثت بالله، والجأت ظهري إلى الله، وفوّضت أمري إلى الله، ربّ آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيّك الذي أرسلت، لأنه لا يأتي بالخير إلهي إلّا أنت، [ ولا يصرف السوء إلّا أنت ](٥) عزّ جارك، وجلّ ثناؤك، وتقدّست أسماؤك، وعظمت آلاؤك، ولا إله غيرك.

فقد روي أن من خرج من منزله مصبحا، ودعا بهذا الدعاء، لم يطرقه بلاء حتى يمسي ويؤوب إلى منزله، وكذلك من خرج في السماء ودعا به، لم يطرقه بلاء حتى يصبح ويؤوب إلى منزله.

__________________

(١) في هامش المخطوط: « أي كلّ واحد منهما أمامه وعن يمينه وعن شماله » منه قدّه.

(٢) في نسخة: ومالي وولدي، منه قدّه.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) في نسخة: وآله، منه قدّه.

(٥) أثبتناه من المصدر.

١٣٠

[٩٢٣٤] ٣ - الشيخ الطبرسي في كتاب كنوز النجاح: بالسند المتقدم في آخر أبواب وجوب الحج وشرائطه، عن الجواد، عن آبائه، عن رسول الله (صلى الله عليهم أجمعين)، ممّا علمه من أدعية الوسائل إلى المسائل، المناجاة بالسفر:

« اللهم إني أريد سفرا فخر لي فيه، وأوضح لي سبيل الرأي وفهمنيه، وافتح عزمي بالاستقامة، واشملني في سفري بالسلامة، وافدني به جزيل الحظّ والكرامة، واكلأني فيه بحرز الحفظ والحراسة، وجنبني اللهم وعثاء الأسفار، وسهل لي حزونة الأوعار، واطولي طول انبساط المراحل، وقرّب منّي بُعْدَ نأي المناهل، وباعد في المسير بين خطى الرواحل، حتى تقرب نياط البعيد، وتسهل وعور الشديد، ولقنّي في سفري اللهم نجح طائر الواقية، وهنّئني غنم العافية، وخفير الاستقلال، ودليل مجاوزة الأهوال، وباعث وفور الكفاية، وسانح خفير الولاية واجعله اللهم ربّ سببا عظيم السلم، حاصل الغنم، واجعل اللهم ربّ الليل سترا لي من الآفات، والنهار مانعا من الهلكات، واقطع عني قطع لصوصه بقدرتك، واحرسني من وحوشه بقوتك، حتى تكون السلامة فيه مصاحبتي، والعافية مقارنتي، واليمن سائقي، واليسر معانقي، والعسر مفارقي، والنجح بين مفارقي، والقدر موافقي، والأمن مرافقي، إنّك ذو المن والطول، والقوّة والحول، وأنت على كلّ شئ قدير ».

[٩٢٣٥] ٤ - البحار: عن خط السيد نظام الدين احمد الشيرازي، بأسانيده إلى أبي علي بن الشيخ الطوسي، عن أبيه، عن أبي عبد الله

__________________

٣ - كنوز النجاح ورواه الكفعمي في البلد الأمين ص ٥١٧.

٤ - البحار ٩٥ ص ٣١٥، وسنده في ٣٢٥.

١٣١

الحسين بن عبيد الله الغضائري، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، عن أبي علي محمد بن همام، عن الحسين بن زكريا، عن صهيب بن عباد بن صهيب، عن أبيه عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ - في حديث طويل - أنه قال: « قال الله تعالى في ليلة أسري بهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : يا محمد، ومن أراد الخروج من أهله لحاجة في سفر، فأحبّ أن اؤديه سالما مع قضائي له الحاجة، فليقل حين يخرج [ من بيته ](١) بسم الله مخرجي، وبإذنه خرجت، وقد علم قبل أن أخرج خروجي، وقد أحصى علمه ما في مخرجي ومرجعي، توكلت على الإله(٢) الأكبر توكل مفوض إليه امره، مستعين به على شؤونه، مستزيد من فضله، مبرئ نفسه من كلّ حول ومن كلّ قوّة إلّا به، خروج ضرير خرج بضرّه إلى من يكشفه عنه، وخروج فقير خرج بفقره إلى من يسده، وخروج عائل خرج بعيلته إلى من يغنيها، وخروج من ربّه أكبر ثقته، وأعظم رجائه، وأفضل أمنيته، الله ثقتي في جميع أموري كلّها، به فيها جميعا استعين، ولا شئ إلّا ما شاء الله في علمه، اسأل الله خير المخرج والمدخل، لا إله إلّا هو إليه المصير.

فإنه إذا قال ذلك، وجهت له في مدخله ومخرجه السرور، وأديته سالما » الخبر.

وهذا من جملة أدعية السرّ، ولها أسانيد متعددة في كتب الأصحاب.

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في نسخة: الله (منه قدّه).

١٣٢

[٩٢٣٦] ٥ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « وإذا خرج أحدكم في سفر، فليقل: اللهم أنت الصاحب في السفر، والحامل على الظهر، والخليفة في الأهل والمال والولد ».

[٩٢٣٧] ٦ - السيد هبة الله الراوندي في مجموع الرائق: دعاء السفر:

بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إني أسألك بحق وليك علي بن الحسين، إلّا كفيتني مؤونة كلّ شيطان مريد، وسلطان عنيد، يتقوى عليّ ببطشه، وينتصر عليّ بجنده، إنّك جواد كريم.

اللهم إني أسئلك بحق وليك علي بن موسى الرضا، إلّا ما سلّمتني به في جميع أسفاري، في البراري، والبحار، والجبال، والقفار، والأودية، والغياض(١) ، من جميع ما أخافه وأحذره، إنّك رؤوف رحيم.

اللهم إني أسألك بحق وليك محمد بن علي الجواد، إلّا جدت علي من فضلك، وتفضلت عليّ من وسعك، ووسعت عليّ من رزقك، وأغنيتني عمّن سواك، وجعلت حاجتي إليك، وقضاءها عليك، فإنك لما تشاء قدير.

اللهم إني أسألك بحق وليّك وحجتك صاحب الزمان، إلّا أعنتني به على جميع أموري، وكفيتني به كلّ عدوّ، وهمّ، وغمّ، ودين،

__________________

٥ - تحف العقول ص ٨١.

٦ - مجموع الرائق ص ٥.

(١) الغياض: جمع غيضة، وهو ماء يجتمع فينبت فيه الشجر (لسان العرب ج ٧ ص ٢٠٢).

١٣٣

وضيق، ومخوف، ومحذور، ولولدي، ولجميع أهلي، وإخواني، ومن يعنيني امره، وخاصّتي، آمين ربّ العالمين.

ثم يقف على عتبة منزله ويدعو بهذا الدعاء، ويتوجّه من فوره: بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله مخرجي ؤ، وبإذنه خرجت، وقد علم قبل أن اخرج خروجي، وأحصى بعلمه ما في مخرجي ورجعتي من عملي، وتوكّلت على الإله الأكبر عليه توكّلي، مفوّضا إليه أموري وشؤوني، مستزيدا من فضله، مبرئا نفسي من كلّ حول وقوة إلّا به، خرجت خروج ضرير خرج بضره إلى من يكشفه، خروج فقير خرج بفقره إلى من يسده، خروج عائل خرج بعيلته إلى من يغنيها، خروج من ربّه أكبر ثقته في جميع أُموره كلّها، وأعظم رجائه وأفضل أمنيته، في جميع ذلك استعين، لا شئ إلّا ما شاء الله في علمه، أسأل الله خير المدخل والمخرج، لا إله إلّا هو.

١٧ -( باب استحباب التسمية عند الركوب، والدعاء بالمأثور، وتذكر نعمة الله بالدواب، والامساك بالركاب)

[٩٢٣٨] ١ - نصر بن مزاحم في كتاب صفين: عن عمرو بن شمر، وعمر بن سعد، ومحمد بن عبيد(١) الله، قال عمر: حدثني رجل من الأنصار، عن الحارث به كعب الوالبي، عن عبد الرحمن بن عبيد أبي الكنود(٢) قال: لما أراد عليعليه‌السلام الشخوص عن النخيلة،

__________________

الباب ١٧

١ - وقعة صفين ص ١٣١.

(١) في المصدر: عبد.

(٢) وفيه: عبد الرحمن بن عبيد بن أبي الكنود. والظاهر أنّ الصواب هو: عبد الرحمن بن عبيد بن الكنود « راجع معجم رجال الحديث ج ٩ ص ٣٣٥ ح٦٣٩٢).

١٣٤

قام في الناس - إلى أن قال - فلما أراد أن يركب وضع رجله في الركاب وقال: « بسم الله » فلما جلس على ظهرها قال:( سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ ) (٣) .

ثم قال: « اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب، والحيرة بعد اليقين، وسوء المنظر في الأهل، والمال(٤) اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل » الخبر.

[٩٢٣٩] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا وضعت رجلك في الركاب فقل: بسم الله وبالله وفي سبيل الله، وعلى ملّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، فإذا استويت على راحلتك واستوى بك محملك(١) ، فقل: الحمد لله (الذي هدانا إلى الاسلام، ومنّ علينا بالايمان، وعلمنا القرآن، ومنّ علينا بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، سبحان)(٢) الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين(٣) والحمد لله ربّ العالمين ».

وفي بعض نسخه في موضع آخر(٤) : « ثم اركب راحلتك وقل: بسم الله وبالله سبحان من سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين الحمد لله الذي سخر لنا هذا، وذلّل لنا، وصلى الله على محمد وعلى آله وسلّم ».

__________________

(٣) الزخرف ٤٣: ١٣ و ١٤.

(٤) في المصدر زيادة: الولد.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

(١) في المصدر: عملك.

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٣) وفيه زيادة: وانا إلى ربّنا لمنقلبون.

(٤) عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٤.

١٣٥

[٩٢٤٠] ٣ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه أراد سفرا فلما استوى على دابته قال: « الحمد لله الذي(١) سخر لنا هذا وما كنّا له مقرنين، وأنّا إلى ربّنا لمنقلبون، ثم قرأ فاتحة الكتاب ثلاث مرات، ثم قال: الله أكبر، ثلاث مرات، ثم قال: سبحانك(٢) إني ظلمت نفسي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلّا أنت » ثم ضحك، فقيل له: يا أميرالمؤمنين من أيّ شئ ضحكت؟ قل: « رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال مثل ما قلت، ثم ضحك، فقلت: يا رسول الله من أي شئ تضحك؟ قال: أن الله عزّوجلّ يعجب بعبده إذا قال: اغفر لي ذنوبي، يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيره ».

[٩٢٤١] ٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه كان إذا استوى على راحلته خارجا إلى سفر، كبّر ثلاثا، ثم قال: « سبحان الذي سخر لنا هذا وكنا له مقرنين، وأنّا إلى ربّنا لمنقلبون، اللهم إنّا نسألك في سفرنا هذا البرّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطوعنّا بعده، اللهم أنت الصحاب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل والمال » فإذا رجع قال: « آئبون تائبون عابدون، لربنا حامدون ».

[٩٢٤٢] ٥ - مجموعة الشهيد الأول: أخبرنا جماعة من أشياخنا، عن الشيخ

__________________

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٦.

(١) في المصدر: سبحان الذي.

(٢) في المصدر زيادة: اللهم.

٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٤٥.

٥ - مجموعة الشهيد ص ١٤٦.

١٣٦

الامام صفي الدين أبي الفضائل عبد المؤمن بن عبد الحقّ الخطيب البغدادي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن عبد الله المعروف بابن قاضي اليمن، إجازة عن عتيق بن سلامة السلماني عن، الحافظ محمد بن أبي القاسم (بن)(١) علي بن هبة الله بن عساكر.

وحدثني السيد النسّابة العلامة الفقيه المؤرّخ تاج الدين أبو عبد الله محمد بن معيّة الحسيني، من لفظه قال: أخبرني جلال الدين محمد بن محمد الكوفي الواعظ، إجازةً: قال أخبرنا تاج الدين علي بن النجيب المعروف بابن الساعي المؤرخ، أنبأنا الحافظ ابن عساكر، أنبأنا الشريف أبو البركات عمر بن إبراهيم بن محمد بن محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن علي بن حمزة بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قراءةً عليه بالكوفة بمسجد أبي إسحاق السبيعي، في ذي القعدة سنة احدى وخمسمائة، أنبأنا أبو الفرج محمد بن أحمد بن محمد بن علان المعروف بابن الخازن المعدل، أنبأنا القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الحسين الجعفي، أنبأنا أبو جعفر محمد بن جعفر بن محمد بن رباح الأشجعي أنبأنا علي بن المنذر يعني الطريقي، أنبأنا محمد بن فضل عن يحيى بن عبد الله الأجلح الكندي الكوفي، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الهمداني الكوفي، عن أبي زهير الحارث بن عبد الله، الأعور الهمداني الكوفي، عن أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (صلوات الله وسلامه عليه)، أنه خرج من باب القصر فوضع رجله في الغرز(٢) ، فقال:

__________________

(١) الظاهر أن « ابن » زائدة، حيث أن بن عساكر: هو أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله « الكنى والألقاب ج ١ ص ٣٤٤ ».

(٢) الغرز: ركاب كور الجمل إذا كان من جلد أو خشب (مجمع البحرين ج ٤ ص ٢٨).

١٣٧

« بسم الله » فلما استوى على الدابة قال: « الحمد لله الذي أكرمنا، وحملنا في البر والبحر، ورزقنا من الطيبات، وفضّلنا على كثير ممّن خلق، تفضيلا، سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين، وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون، ربّ اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلّا أنت » ثم قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يقول: إن الله ليعجب بعبده إذا قال: ربّ اغفر لي ذنوبي، إنه لا يغفر الذنوب إلّا أنت ».

١٨ -( باب استحباب ذكر الله وتسبيحه وتهليله في المسير، والتسبيح عند الهبوط، والتكبير عند الصعود، والتهليل والتكبير عند كلّ شرف)

[٩٢٤٣] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وعليك بكثرة الاستغفار والتسبيح والتهليل والتكبير، والصلاة على محمد وآله ».

[٩٢٤٤] ٢ - علي بن طاووس في أمان الأخطار: وروي في لفظ التكبير، إذا علوت تلعة أو أكمة أو قنطرة: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلّا الله والله أكبر، والحمد لله ربّ العالمين، اللهم لك الشرف على كلّ شرف.

ثم تقول: خرجت بحول الله وقوّته، بغير حول مني ولا قوّة، لكن بحول الله وقوّته، برأت إليك يا ربّ من الحول والقوّة، اللهم إني أسألك بركة سفري هذا وبركة أهله، اللهم إني أسألك من فضلك الواسع رزقا حلالا طيبا، تسوقه إليّ وأنا خافض في عافية بقدرتك

__________________

الباب ١٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

٢ - أمان الأخطار ص ١٠١.

١٣٨

وقوّتك، اللهم سرت في سفري هذا، بلا ثقة منّي لغيرك ولا رجاء لسواك، فارزقني في ذلك شكرك وعافيتك، ووفقني لطاعتك وعبادتك، حتى ترضى وبعد الرضى.

[٩٢٤٥] ٣ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، إذا هبط سبّح، وإذا صعد كبّر ».

١٩ -( باب استحباب الدعاء بالمأثور في المسير)

[٩٢٤٦] ١ - دعائم الاسلام: عن علي (صلوات الله عليه): أنه كان إذا برز للسفر فقال: « اشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أن محمد (رسول الله)(١) عبده ورسوله، الحمد لله الذي هدانا للاسلام، وجعلنا من خير أمّة أخرجت للناس، سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل [ والمال والولد، الهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل ](٢) والمستعان في الأمر، اطوِ لنا البعد(٣) ، وسهّل لنا الحزونة، واكفنا المهم إنّك على كلّ شئ قدير ».

__________________

٣ - بعض نسخ الفقه الرضوي « ضمن نوادر أحمد بن محمد بن عيسى » ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٨ ح ٢٤.

الباب ١٩

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٧.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: البعيد.

١٣٩

٢٠ -( باب استحباب الاستعاذة والاحتجاب، بالذكر والدعاء وتلاوة آية الكرسي، في المخاوف)

[٩٢٤٧] ١ - السيد فضل الله الراوندي في أدعية السر: بسنده المتقدم في أبواب الأذان وغيرها، والشيخ إبراهيم الكفعمي في البلد الأمين وغيره، بأسانيدهم عن أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « أن الله تبارك وتعالى قال له في ليلة المعراج: يا محمد ومن خاف شيئا ممّا في الأرض من سبع أو هامّة، فليقل في المكان الذي يخاف ذلك فيه: يا ذارئ ما في الأرض كلّها بعلمه، بعلمك يكون ما يكون ممّا ذرأت، لك السلطان على ما ذرأت، ولك السلطان القاهر على كلّ شئ دونك، يا عزيز يا منيع، إنّي أعوذ بك بقدرتك على كلّ شئ، من كلّ شئ يضرّ، من سبع أو هامّة أو عارض من سائر الدواب، يا خالقها بفطرته، صلّ على محمد وآل محمد، وادرأها عنّي، واحجزها ولا تسلّطها عليّ، وعافني من شرّها وبأسها، يا الله ذا العلم العظيم، حطني واحفظني بحفظك، واجنبني بسترك الوافي من مخاوفي، يا كريم وأجرني يا رحيم، فإنّه إذا قال ذلك، لم تضرّه دوابّ الأرض، التي ترى، والتي لا ترى.

يا محمد ومن خاف شيئا دوني من كيد الأعداء واللصوص، فليقل في المكان الذي يخاف ذلك فيه: يا آخذا بنواصي خلقه والسافع(١) بها إلى قدره، والمنفذ فيها حكمه، وخالقها وجاعل قضائه

__________________

الباب ٢٠

١ - عنه في البحار ج ٩٥ ص ٣١١ باختلاف يسير « نقله عن البلد الأمين وفي ذيله ذكر عدة أسانيد منها السند المذكور أعلاه »، والبلد الأمين ص ٥٠٧، والمصباح ص ١٩١.

(١) في نسخة: السائق (منه قدّه).

١٤٠

فصل

نقل كلام المسعودي في كتاب إثبات الوصيّة

قال المسعودي في كتاب إثبات الوصيّة: قام أمير المؤمنينعليه‌السلام بأمر الله جلّ وعلا وعمره خمس وثلاثون سنة، واتّبعه المؤمنون، وقعد عنه المنافقون، ونصبوا للملك وأمر الدنيا رجلاً اختاروه لأنفسهم دون مَن اختاره الله عزّ وجلّ، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فروي أنّ العباس (رحمه الله) صار إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وقد قُبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له: امدد يدك أبايعك، فقال: ومَن يطلب هذا الأمر؟ ومَن يصلح له غيرنا؟ وصار إليه ناس من المسلمين، منهم [ فيهم ] الزبير وأبو سفيان صخر بن حرب فأبى، واختلف المهاجرون والأنصار، فقالت الأنصار: منّا أمير ومنكم أمير، فقال قوم من المهاجرين، سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: الخلافة في قريش، فسلّمت الأنصار لقريش بعد أن داسوا [ ديس ] سعد بن عبادة، ووطئوا بطنه، وبايع عمر بن الخطاب أبا بكر وصَفَقَ على يديه، ثم بايعه قوم ممّن قدم المدينة ذلك الوقت من الأعراب والمؤلّفة قلوبهم، وتابعهم على ذلك غيرهم.

واتصل الخبر بأمير المؤمنينعليه‌السلام بعد فراغه من غسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتحنيطه وتكفينه وتجهيزه ودفنه، بعد الصّلاة عليه، مع مَن حضر من بني هاشم، وقوم من صحابته مثل: سلمان، وأبي ذر، والمقداد،

١٤١

وعمّار، وحذيفة، وأُبَيّ بن كعب، وجماعة نحو أربعين رجلاً، فقام خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن كانت الإمامة في قريش فأنا أحقّ [ من ] قريش بها، وإن لا تكن في قريش، فالأنصار على دعواهم، ثم اعتزلهم ودخل بيته، فأقام فيه ومن اتبعه من المسلمين.

وقال: إنّ لي في خمسة من النبيّين أُسوة، نوح إذ قال:( إنّي مغلوب فانتصر ) (١) وإبراهيم إذ قال:( واعتزلكم وما تدعون من دون الله ) (٢) ، ولوط إذ قال:( لو أنّ لي بكم قوّة أو آوي إلى ركنٍ شديد ) (٣) ، وموسى إذ قال:( ففررت منكم لما خفتكم ) (٤) وهارون إذ قال: ( إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ) (٥) .

ثم ألّفعليه‌السلام القرآن، وخرج إلى النّاس، وقد حمله في إزار معه وهو ينط(٦) من تحته.

فقال لهم: هذا كتاب الله قد ألّفته كما أمرني وأوصاني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما أُنزل، فقال له بعضهم: اتركه وامضِ، فقال لهم: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لكم: إنّي مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، فإن قبلتموه فاقبلوني معه أحكم بينكم بما فيه من أحكام الله، فقالوا: لا حاجة لنا فيه ولا فيك فانصرف به معك لا تفارقه ولا يفارقك، فانصرف عنهم، فأقام أمير المؤمنينعليه‌السلام ومَن معه من شيعته في منازلهم [ منزله ] بما عهده إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

____________________

(١) القَمَر: ١٠.

(٢) مريم: ٤٨.

(٣) هود: ٨٠.

(٤) الشُعَرَاء: ٢١.

(٥) الأعراف: ١٥٠.

(٦) نطّه: أي مدّه، أو شدّه.

١٤٢

فوجّهوا إلى منزله، فهجموا عليه وأحرقوا بابه واستخرجوه منه كرهاً، وضغطوا سيّدة النّساء بالباب حتّى أسقطت محسناً، وأخذوه بالبيعة فامتنع وقال: لا أفعل، فقالوا: نقتلك، فقال: إن تقتلوني فإنّي عبد الله وأخو رسوله. وبسطوا يده فقبضها، وعسر عليهم فتحها، فمسحوا عليها وهي مضمومة.

ثم لقي أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد هذا الفعل بأيام أحد القوم، فناشده الله وذكّره بأيّام الله وقال له: هل لك أن أجمع بينك وبين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى يأمرك وينهاك، فقال له: نعم، فخرجا إلى مسجد قبا فأراه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قاعداً فيه، فقال له: يا فلان، على هذا عاهدتموني في تسليم الأمر إلى عليعليه‌السلام وهو أمير المؤمنين؟ فرجع وقد همّ بتسليم الأمر إليه، فمنعه صاحبه من ذلك، فقال: هذا سحر مبين، معروف من سحر بني هاشم، أو ما تذكر يوماً كنّا مع ابن أبي كبشه؟ فأمر شجرتين فالتقتا فقضى حاجته خلفهما، ثم أمرهما فتفرّقتا وعادتا إلى حالهما.

فقال له: أمّا إن ذكّرتني هذا، فقد كنت معه في الكهف فمسح يده على وجهي، ثم أهوى برجله فأراني البحر، ثم أراني جعفراً وأصحابه في السقيفة تعوم في البحر، فرجع عمّا كان عزم عليه، وهمّوا بقتل أمير المؤمنينعليه‌السلام وتواصوا وتواعدوا بذلك، وأن يتولّى قتله خالد بن الوليد، فبعثت أسماء بنت عميس إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام بجارية لها، فأخذت بعضادتي الباب ونادت:( إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ) (١)، فخرج مشتملاً بسيفه، وكان الوعد في قتله أن يسلم إمامهم(٢) ، فيقوم خالد إليه بسيفه، فأحسّوا بأسه، فقال الإمام قبل أن يسلّم: لا تفعلنّ خالد ما أمِرتَ به، ثم كان من أقاصيصهم ما رواه الناس(٣) .

____________________

(١) القصص: ٢٠.

(٢) [ ينتهي إمامهم من صلاته بالتسليم ] خ م المطبوع.

(٣) إثبات الوصيّة: ص١٤٢ - ١٤٤.

١٤٣

فصل

بعث أبي بكر في إخراج وكيل فاطمةعليها‌السلام من فدك

روى صاحب الاحتجاج، والشيخ الأجلّ علي بن إبراهيم القمّي، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لما بُويع أبو بكر واستقام له الأمر على جميع المهاجرين والأنصار؛ بعث إلى فدك من أخرج وكيل فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم [ منها ].

فجاءت فاطمةعليها‌السلام إلى أبي بكر فقالت: لِم تمنعني ميراثي من أبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ وأخرجتَ وكيلي من فدك، وقد جعلها لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأمر الله تعالى؟ فقال: هاتي على ذلك بشهود، فجاءت بأُمّ أيمن، فقالت: لا أشهد يا أبا بكر حتّى احتجّ عليك بما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، [ فقالت ] أنشدك بالله، ألست تعلم أنّ رسول الله قال: إنّ أمّ أيمن امرأة من أهل الجنّة؟ فقال: بلى، قالت: فأشهد أنّ الله عزّ وجلّ أوحى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( فآت ذا القربى حقّه ) (١) ، فجعل فدك لفاطمة بأمر الله(٢) ، وجاء عليعليه‌السلام فشهد

____________________

(١) الروم: ٣٨.

(٢) راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ١٦ / ٢٢٠، وشواهد للتنزيل للحافظ الحسكاني، والاحتجاج للطبرسي: ١ / ٩٠.

١٤٤

بمثل ذلك، فكتب لها كتاباً ودفعه إليها.

فدخل عمر، فقال: ما هذا الكتاب؟ فقال: [ أبو بكر ]: إنّ فاطمةعليها‌السلام ادّعت في فدك، وشهدت لها أُمّ أيمن وعليّ فكتبته(١) ، فأخذ عمر الكتاب من فاطمة فمزّقه، وقال: هذا فيء المسلمين، وقال: مالك بن أوس بن الحدثان وعائشة وحفصة يشهدون على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأنّه قال: إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة، فإنّ علياًعليه‌السلام يجرّ إلى نفسه، وأمّ أيمن فهي امرأة صالحة، لو كان معها غيرها لنظرنا فيه.

احتجاج عليعليه‌السلام مع أبي بكر في أمر فدك

فخرجت فاطمة (صلوات الله عليها) من عندهما باكية حزينة، فلمّا كان بعد ذلك [ هذا ] جاء عليّعليه‌السلام إلى أبي بكر وهو في المسجد، وحوله المهاجرون والأنصار فقال: يا أبا بكر، لِمَ منعتَ فاطمة ميراثها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد ملكته في حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فقال أبو بكر: هذا فيء للمسلمين، فإن أقامت شهوداً أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعله لها، وإلاّ فلا حق لها فيه، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : يا أبا بكر، تحكم فينا بخلاف حكم الله في المسلمين؟ قال: لا، قال: فإنْ كان في يد المسلمين شيء يملكونه ثم ادّعيت أنا فيه، من تسأل البينة؟ قال: إيّاك كنت أسأل البيّنة، قال: فما بال فاطمةعليها‌السلام سألتها البيّنة على ما في يدها وقد ملكته في حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعده، ولم تسأل المسلمين البيّنة على ما ادّعوها شهوداً كما سألتني على ما ادّعيت عليهم، فسكت أبو بكر، فقال عمر: يا علي دعنا من كلامك، فإنّا لا نقوى على حجّتك، فإن أتيت بشهود عدول وإلاّ فهو فيء للمسلمين لا حق لك ولا لفاطمة فيه.

فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : يا أبا بكر تقرأ كتاب الله؟ قال: نعم، قال:

____________________

(١) فكتبت لها بفدك خ م.

١٤٥

أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ:( إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً ) (١) فينا نزلت أم في غيرنا؟ قال: بلى فيكم، قال: فلو أنّ شهوداً شهدوا على فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بفاحشة، ما كنت صانعاً بها؟ قال: كنت أقيم عليها الحد كما أقيم على سائر نساء المسلمين، قال: إذاً كنت عند الله من الكافرين، قال: ولِمَ؟ قال: لأنّك رددت شهادة الله لها بالطّهارة، وقبلت شهادة الناس عليها، كما رددت حكم الله وحكم رسول الله، إذ جعل لها فدك وقبضته(٢) في حياته، ثمّ قبلت شهادة أعرابي بائل على عقبيه عليها، وأخذت منها فدك وزعمت أنّه فيء للمسلمين.

وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : البيّنة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه، فرددت قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : البيّنة على مَن ادّعى واليمين على مَن اُدّعي عليه. قال: فدمدم الناس وأنكر بعضهم(٣) وقالوا: صدق والله عليّ، ورجع عليعليه‌السلام إلى منزله، قال: ودخلت فاطمةعليها‌السلام المسجد فطافت على قبر أبيها وهي تقول:

قد كان بعدك أنباءٌ وهنبثةٌ(٤)

لو كنت شاهدها لم تكثر الخطبُ

الأبيات.

التوطئة لقتل عليعليه‌السلام

قال: فرجع أبو بكر وعمر إلى منزلهما، وبعث أبو بكر إلى عمر فدعاه، ثم قال له: أما رأيت مجلس عليّ منّا في هذا اليوم، لئن قعد مقعداً مثله

____________________

(١) الأحزاب: ٣٣.

(٢) قد قبضته خ ج.

(٣) في الاحتجاج: فدمدم الناس فأنكروا ونظر بعضهم إلى بعض.

(٤) الهنبثة: الصوت الخفي. وهذا بيت من ثلاثة يُنسب لهند بنت أثاثة تمثّلت بهاعليها‌السلام في ذلك الموقف. وفي بعض النسخ: وهينمة، وهي بنفس المعنى.

١٤٦

ليفسدنّ أمرنا، فما الرأي؟ قال عمر: الرأي أن نأمر بقتله، قال: فمَن يقتله؟ قال: خالد بن الوليد.

فبعثنا إلى خالد فأتاهم، فقالا له: نريد أن نحملك على أمرٍ عظيم، فقال: احملوني على ماشئتم ولو على قتل علي بن أبي طالب، قالا: فهو ذاك، قال خالد: متى أقتله؟ قال أبو بكر: احضر المسجد وقم بجنبه في الصلاة، فإذا سلّمت قم إليه واضرب عنقه، قال: نعم.

فسمعت أسماء بنت عميس وكانت تحت أبي بكر، فقالت لجاريتها: اذهبي إلى منزل علي وفاطمةعليهما‌السلام وأقرأيهما السلام وقولي لعليعليه‌السلام :( إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ) (١) ، فجاءت الجارية إليهما فقالت لعليعليه‌السلام : إنّ أسماء بنت عميس تقرأ عليك السلام وتقول:إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ ، ( الآية ) فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : قولي لها: ( إنّ الله يحول بينهم وبين ما يريدون ).

ثم قام وتهيّأ للصلاة وحضر المسجد، وصلّى لنفسه خلف أبي بكر، وخالد بن الوليد [ يصلّي ] بجنبه ومعه السيف، فلمّا جلس أبو بكر للتشهّد، ندم على ما قال وخاف الفتنة، وعرف شدّة عليعليه‌السلام وبأسه، فلم يزل متفكّراً لا يجسر أن يسلّم حتّى ظنّ الناس أنّه سها، ثم التفت إلى خالد، وقال: يا خالد لا تفعلنّ ما أمرتك [ به ] السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : يا خالد، ما الذي أمرك به؟ قال: أمرني بضرب عنقك، قال: أو كنت فاعلاً؟ قال: إي والله، لولا أنّه قال لي لا تفعله قبل التسليم لقتلك.

قال: فأخذه عليّعليه‌السلام فجلد به الأرض، فاجتمع الناس عليه، فقال

____________________

(١) القصص: ٢٠.

١٤٧

عمر: يقتله وربّ الكعبة، فقال الناس: يا أبا الحسن، الله الله بحق صاحب القبر، فخلّى عنه(١) .

ورواية أبي ذر (رحمه الله): إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام أخذ خالداً بأصبعه السبّابة والوسطى في ذلك الوقت فعصره عصراً، فصاح خالد صيحة منكرة ففزع النّاس وهمّتهم أنفسهم، وأحدث خالد في ثيابه، وجعل يضرب برجليه ولا يتكلّم، فقال أبو بكر لعمر: هذه مشورتك المنكوسة، كأنّي كنت أنظر إلى هذا وأحمد الله على سلامتنا، وكلّما دنا أحد ليخلّصه من يدهعليه‌السلام لحظه لحظة، تنحّى عنه راجعاً، فبعث أبو بكر عمر إلى العباس، فجاء وتشفّع إليه وأقسم عليه، فقال: بحق القبر ومَن فيه، وبحق ولديه وأُمّهما إلاّ تركته، ففعل ذلك، وقبّل العبّاس بين عينيه(٢) .

وفي روايةٍ أُخرى: ثمّ إنّ عليّاًعليه‌السلام قام إلى عمر وأخذ بتلابيبه وقال: يا ابن صهّاك الحبشية، لولا كتاب من الله سبق وعهد من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلمت أيّنا أضعف وأقلّ عدداً، وحال الحاضرون بينهعليه‌السلام وبين القوم، وخلّصوا عمر من يد أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فعندها قام وتقدّم العباس إلى أبي بكر وقال: أما والله لو قتلتموه ما تركنا تيميّاً يمشي على وجه الأرض(٣) .

في البحار، قال ابن أبي الحديد: سألت النقيب أبا جعفر يحيى بن زيد، فقلت له: إنّي لأعجب من عليعليه‌السلام كيف بقي تلك المدّة الطويلة بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وكيف ما اغتيل وفتك به في جوف منزله مع تلظّي الأكباد عليه، فقال: لولا أنّه أرغم أنفه بالتراب ووضع خدّه في حضيض الأرض لقُتل، ولكنّه أخمل نفسه واشتغل بالعبادة والصّلاة والنظر في القرآن،

____________________

(١) تفسير القمّي: ج٢ - ١٥٥ - ١٥٩ الاحتجاج: ج١ ص١١٩ - ١٢٧.

(٢) البحار: ج٨ ط القديمة ص٩٣.

(٣) علم اليقين للمحدّث الكاشاني (ره): ج٢ ص٦٩٨.

١٤٨

وخرج عن ذلك الزي الأوّل وذلك الشعار ونسي السيف وصار كالفاتك، يتوب ويصير سايحاً في الأرض أو راهباً في الجبال، فلمّا أطاع الذين وُلّوا الأمر وصار أذلّ لهم من الحذاء تركوه وسكتوا عنه، ولم تكن العرب لتقدم عليه إلاّ بمواطاة من متولّي الأمر وباطن في السرّ منه، فلمّا لم يكن لولاة الأمر باعث وداعٍ إلى قتله وقع الإمساك عنه، ولولا ذلك لقتل، ثمّ الأجل بعدُ معقل حصين.

فقلت: أحقُّ ما يقال في حديث خالد؟ فقال: إنّ قوماً من العلوية يذكرون ذلك، وقد رُوي أنّ رجلاً جاء إلى زفر بن الهذيل، صاحب أبي حنيفة، فسأله عمّا يقول أبو حنيفة في جواز الخروج من الصلاة بأمر غير التسليم، نحو الكلام والفعل الكثير أو الحدث، فقال: إنّه جائز، قد قال أبو بكر في تشهده، [ ما قال ] فقال الرجل: وما الذي قاله أبو بكر؟ قال: لا عليك، قال: فأعاد عليه السؤال ثانية وثالثة، فقال: أخرجوه أخرجوه، قد كنت أحدث أنّه من أصحاب أبي الخطاب، قلت: فما الذي تقوله أنت؟ قال: أنا أستبعد ذلك وإنّه روته الإمامية، الخ(١) .

رسالة أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى أبي بكر

الاحتجاج، رسالة أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى أبي بكر، لما بلغ عنه كلام بعد منع الزّهراءعليها‌السلام فدك:

شقّوا متلاطمات أمواج الفتن بحيازيم سفن النّجاة، وحطّوا تيجان أهل الفخر بجمع أهل الغدر، واستضيئوا بنور الأنوار، واقتسموا مواريث الطّاهرات الأبرار، واحتقبوا(٢) ثقل الأوزار بغصبهم نِحْلة النبيّ المختار، فكأنّي بكم تتردّدون في العمى كما يتردّد البعير في الطّاحونة.

____________________

(١) البحار: ج٨ ط القديمة ص ٩٣ - ٩٤.

(٢) احتقبوا: أي حملوا على ظهورهم.

١٤٩

أما والله لو أذن لي بما ليس لكم به علم، لحصدت رؤوسكم عن أجسادكم كحبّ الحصيد بقواضب من حديد، ولقلعت من جماجمكم شجعانكم ما أقرح به آماقكم وأوحش به محالكم، فإنّي منذ عرفتموني مردي العساكر، ومفني الجحافل، ومبيد خضرائكم، ومخمد ضوضائكم وجزار الدوارين، إذ أنتم في بيوتكم معتكفون، وإنّي لصاحبكم بالأمس لَعَمْر أبي وأُمّي، لن تحبّوا أن تكون فينا الخلافة والنبوّة، وأنتم تذكرون أحقاد بدر وثارات أُحُد.

أما والله لو قلت ما سبق من الله فيكم، لتداخلت أضلاعكم في أجوافكم كتداخل أسنان دوارة الرحا، فإن نطقت تقولون: حسد، وإن سكتّ فيقال: جزع ابن أبي طالب من الموت، هيهات هيهات، أنا الساعة يقال لي هذا وأنا الموت المميت(١) ، خوّاض المنيّات في جوف ليل خامد(٢) حامل السيفين الثقيلين والرمحين الطويلين، ومكسّر الرايات في غطامط(٣) الغمرات ( ومفرّج الكربات عن وجه خيرة البريّات ).

فو الله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل إلى محالب أُمّه، هبلتكم الهوابل، لو بحت بما أنزل الله فيكم في كتابه، لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوى البعيدة، ولخرجتم من بيوتكم هاربين وعلى وجوهكم هائمين، ولكنّي أهوّن وجدي حتى ألقى ربّي بيدٍ جذّاء، صفراء من لذّاتكم، خلواً من طحنائكم، فما مثل دنياكم عندي إلاّ كمثل غيمٍ علا فاستعلى، ثم استغلظ فاستوى، ثم تمزّق فانجلى، رويداً فعن قليل ينجلي لكم القسطل(٤) ، فتجدون(٥) ثمر فعلكم

____________________

(١) في المصدر: وأنا المميت المائت خوّاض المنايا.

(٢) ( حالك خ م ).

(٣) غطامط: عظيم الأمواج.

(٤) القسطل: الغبار الساطع في الحرب.

(٥) فتجنون خ م.

١٥٠

مرّاً، أم تحصدون غرس أيديكم ذعافاً(١) ممزّقاً(٢) ، وسمّاً قاتلاً، وكفى بالله حكماً وبرسوله خصيماً وبالقيامة موقفاً، ولا أبعد الله فيها سواكم، ولا أتعس فيها غيركم، والسلام على مَن اتبع الهدى.

فلمّا أن قرأ أبو بكر الكتاب، رعب من ذلك رعباً شديداً، وقال: يا سبحان الله ما أجرأه عليّ وأنكله على(٣) غيري.

معاشر المهاجرين والأنصار، تعلمون أنّي شاورتكم في ضياع فدك بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلتم: إنّ الأنبياء لا يورّثون، وإنّ هذه أموال يجب أن تضاف إلى مال الفيء، وتصرف في ثمن الكراع والسلاح وأبواب الجهاد ومصالح الثغور، فأمضينا رأيكم، ولم يمضه مَن يدّعيه، وهو ذا يبرق وعيداً ويرعد تهديداً إيلاءً بحق نبيّه أن يمضخها دماً ذعافاً.

والله لقد استقلت منها فلم أُقل، واستعزلتها عن نفسي فلم أُعزل، كلّ ذلك احترازاً من كراهية ابن أبي طالب وهرباً من نزاعه، ومالي ولابن أبي طالب هل نازعه أحد ففلج عليه؟

فقال عمر: أبيت أن تقول إلاّ هكذا، فأنت ابن مَن لم يكن مقداماً في الحروب، ولا سخيّاً في الجدوب، سبحان الله ما أهلع(٤) فؤادك وأصغر نفسك!!! صفيت لك سجالاً(٥) لتشربها، فأبيت إلاّ أن نظمأ كظمائك، وأنخت لك رقاب العرب، وثبّت لك إمارة أهل الإشارة والتدبير.

ولولا ذلك، لكان ابن أبي طالب قد صيّر عظامك رميماً، فاحمد الله على ما قد وهب لك منّي، واشكره على ذلك، فإنّه مَن رقى منبر

____________________

(١) الذعاف: السمّ الذي يقتل من ساعته.

(٢) نسخة المصدر ممقراً: وهو المرّ.

(٣) عن غيري خ م.

(٤) الهلع: الجبن.

(٥) السجال: دلو عظيم.

١٥١

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان حقيقاً عليه أن يحدث لله شكراً، وهذا علي بن أبي طالب، الصخرة الصمّاء التي لا ينفجر ماؤها إلاّ بعد كسرها، والحيّة الرقشاء التي لا تجيب إلاّ بالرقى، والشجرة المرّة التي لو طليت بالعسل لم تنبت إلاّ مرّاً، قتل سادات قريش فأبادهم وألزم آخرهم العار ففضحهم، فطب نفساً، فلا تغرّنك صواعقه ولا يهولنّك رواعده وبارقه، فإنّي أسدّ بابه قبل أن يسدّ بابك، فقال له أبو بكر: ناشدتك الله يا عمر لما أن تركتني من أغاليطك وتربيدك.

فو الله لو همّ [ ابن أبي طالب ] بقتلي وقتلك لقتلنا بشماله دون يمينه، ما ينجينا منه إلاّ ثلاث خصال، إحداها: أنّه واحد لا ناصر له، والثانية: أنّه يتبع(١) فينا وصيّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والثالثة: فما من هذه القبائل أحد إلاّ وهو يتخضمه كتخضم ثنيّة الإبل أوان الربيع، فتعلم لولا ذلك لرجع الأمر إليه ولو كنّا له كارهين، أما إنّ هذه الدنيا أهون عليّ من لقاء أحدنا الموت الخ(٢) .

ذكر خطبة فاطمة الزهراءعليها‌السلام في مسجد أبيها (ص)

الاحتجاج، روى عبد الله بن الحسن بإسناده عن آبائهعليه‌السلام ، أنّه لما أجمع أبو بكر [ وعمر ] على منع فاطمةعليها‌السلام فدكاً وبلغها ذلك، لاثت(٣) خمارها على رأسها، واشتملت بجلبابها(٤) وأقبلت في لمّة من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم.

____________________

(١) ينتهج خ م.

(٢) الاحتجاج: ج١ ص١٢٧ - ١٣١ - ١٤٥، وأيضاً أخرجه العلاّمة المجلسي ( ره ) في البحار: ج٨ ط ق ص٩٤ مع مزيد بيان منه في عباراته فراجع هناك.

(٣) لاثت خمارها: أي لفّته.

(٤) والجلباب: الرداء والإزار.

١٥٢

فنيطت(١) دونها ملاءة فجلست، ثم أنّت أنّة أجهش(٢) القوم لها بالبكاء فارتجّ المجلس، ثم أمهلت هنيئة حتّى إذا سكن نشيج القوم وهدأت فورتهم، افتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه، والصلاة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ فعاد القوم في بكائهم، فلمّا أمسكوا عادت في كلامها، فقالت (صلوات الله عليها):

الحمد لله على ما أنعم، وله الشكر على ما ألهم، والثناء بما قدّم من عموم نعم ابتداها، وسبوغ آلاء أسداها، وتمام منن أولاها، جمّ عن الإحصاء عددها، ونأى عن الجزاء أمدها، وتفاوت عن الإدراك أبدها، وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتصالها، واستحمد إلى الخلائق بإجزالها، وثنّى بالندب إلى أمثالها.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كلمة جعل الإخلاص تأويلها، وضمّن القلوب موصولها، وأنار في الفكر معقولها، الممتنع من الأبصار رؤيته، ومن الألسن صفته، ومن الأوهام كيفيّته، ابتدع الأشياء لا من شيء كان قبلها، وأنشأها بلا احتذاء أمثلة امتثلها، إلى أن قالت (سلام الله عليها):

أيّها الناس، اعلموا أنّي فاطمة، وأبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أقول عوداً وبدواً، ولا أقول ما أقول غلطاً، ولا أفعل ما أفعل شططاً،( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) (٣) ، فإن تعزوه وتعرفوه: تجدوه أبي دون نسائكم، وأخا ابن عمي دون رجالكم، ولنعم المـُعزى إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

____________________

(١) نيطت: علقت والملاءة: الإزار.

(٢) أجهش القوم: أي تهيّئوا.

(٣) التوبة: ١٢٨.

١٥٣

فبّلغ الرسالة صادعاً بالنذارة، مائلاً عن مدرجة(١) المشركين، ضارباً ثبجهم(٢) ، آخذاً بأكظامهم(٣) ، داعياً إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة، يكسر الأصنام وينكث الهام، حتّى انهزم الجميع وولّوا الدّبر، حتّى تفرّى(٤) الليل عن صبحه وأسفر الحق عن محضه، ونطق زعيم الدّين وخرست شقاشق(٥) الشياطين، وأطاح وشيظ النفاق(٦) ، وانحلّت عُقَدُ الكفر والشقاق، وفُهتُم بكلمة الإخلاص في نفرٍ من البيض الخماص(٧) .

وكنتم على شفا حفرة من النار، مذقة الشارب ونهزة الطامع(٨) وقبسة العجلان، وموطئ الأقدام، تشربون الطًَّرَق(٩) ، وتقتاتون الورق، أذلّة خاسئين، تخافون أن يتخطّفكم النّاس من حولكم، فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد اللّتيا والتي، وبعد أن مُني بُبهم(١٠) الرجال، وذؤبان العرب، ومردة أهل الكتاب.

كلّما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله، أو نَجَم قرن للشيطان، وفغرت فاغرة(١١) من المشركين، قذف أخاه في لهواتها(١٢) ، فلا ينكفئ حتّى يطأ

____________________

(١) المدرجة: المسلك والمذهب.

(٢) الثبج: معظم الشيء.

(٣) الكظم بالتحريك مخرج النفس من الحلق.

(٤) تفرّى الليل: أي انشق حتى ظهر وجه الصباح.

(٥) شقاشق: جمع شقشقة وهي شيء كالرية يخرجها البعير من فيه إذا هاج.

(٦) طاح: هلك. والوشيظ: السفلة والرذل من الناس.

(٧) البيض الخماص: المراد بهم أهل البيتعليه‌السلام .

(٨) مذقة الشارب: شربته. نهزة الطامع: الفرصة أي محل نهزته وفرصته.

(٩) الطَّرَق: بالفتح ماء السماء الذي تبول فيه الإبل.

(١٠) بُهم الرجال: أي شجعانهم.

(١١) فغر فاه: أي فتحه.

(١٢) واللهوات: جمع لهات: وهي اللحمة التي في أقصى الفم.

١٥٤

صماخها بأخمصه(١) ويخمد لهبها بسيفه، مكدوداً في ذات الله مجتهداً في أمر الله، قريباً من رسول الله، سيّداً في أولياء الله، مشمّراً ناصحاً مُجِدّاً كادحاً، وأنتم في رفاهية من العيش وادعون(٢) فاكهون آمنون، تتربّصون بنا الدوائر، وتتوكَّفون الأخبار(٣) ، وتنكصون عند النزال، وتفرّون عند القتال.

فلمّا اختار الله لنبيّه دار أنبيائه ومأوى أصفيائه؛ ظهر فيكم حسيكة النفاق، وسمل(٤) جلباب الدين، ونطق كاظم الغاوين، ونبغ خامل الأقلين، وهدر فنيق(٥) المبطلين، فخطر في عرصاتكم، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه هاتفاً بكم، فألقاكم لدعوته مستجيبين وللغرة فيه ملاحظين، ثم استنهضكم فوجدكم خفافاً، وأحمشكم(٦) فألفاكم غِضاباً، فوسمتم غير إبلكم وأوردتم غير مشربكم.

هذا، والعهد قريب، والكَلْم رحيب، والجرح لما يندمل، والرسول لما يقبر، ابتداراً زعمتم خوف الفتنة،( أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ) .

فهيهات منكم، وكيف بكم، وأنّى تؤفكون، وكتاب الله بين أظهركم، أُموره ظاهرة وأحكامه زاهرة، وأعلامه باهرة، وزواجره لايحة، وأوامره واضحة، قد خلّفتموه وراء ظهوركم، أرغبةً عنه تريدون، أم بغيره تحكمون،( بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً ) ،( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) .

____________________

(١) ينكفئ: يرجع. والأخمص: مالا يصيب الأرض من باطن القدم.

(٢) وادعون: ساكنون.

(٣) أي تتوقّعون.

(٤) حسيكة النفاق: أي عداوته. سمل: أي صار خَلِقاً بالياً.

(٥) الهدير: ترديد البعير صوته في حنجرته. والفنيق: الفحل المكرم من الإبل.

(٦) أحمشكم: أي حملكم. أو حَمّسكم.

١٥٥

ثمّ لم تلبثوا إلاّ ريث أن تسكن نفرتها ويسلس قيادها، ثمّ أخذتم تورون وقدتها وتهيجون جمرتها، وتستجيبون لهتاف الشيطان الغوي، وإطفاء أنوار الدين الجلي، وإخماد سنن النبيّ الصّفيّ، تسرّون حسواً في ارتغاء(١) ، وتمشون لأهله وولده في الخَمَر والضرّاء، ويصير منكم على مثل حزّ المـُدى(٢) ووخز السنان(٣) في الحشاء، وأنتم الآن تزعمون: أن لا إرث لنا، أفحكم الجاهليّة تبغون ومَن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون؟!! أفلا تعلمون؟ بلى قد تجلّى لكم كالشمس الضاحية أنّي ابنته، أيّها المسلمون أأغلب على ارثيه؟!

يا ابن أبي قحافة، أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي؟ لقد جئت شيئاً فريّاً، أفعلى عمدٍ تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم إذ يقول:

( وورث سليمانُ داود ) (٤) ، وقال فيما اقتصّ من خبر يحيى بن زكريا إذ قال:( فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) (٥) وقال:( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) (٦) ، وقال: ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأُنثيين ) (٧) وقال:( إن ترك خيراً الوصيّة للوالدين والأقربين بالمعروف حقّاً على المتقّين ) (٨) وزعمتم أن لا حظوة(٩)

____________________

(١) والارتغاء هو شرب الرغوة وهي اللبن المشوب بالماء يضرب به مثلاً، والحسو: هو الشرب شيئاً بعد شيء. والخَمَر: ما يترك من الشجر وغيره. والضرّاء: الأرض المنخفظة.

(٢) الحَزّ: القطع. والمـُدى: السكّين.

(٣) ووخز السنان: أي جراحته في الأحشاء.

(٤) النمل: ١٦.

(٥) مريم: ٥ - ٦.

(٦) الأنفال: ٧٥.

(٧) النساء: ١١.

(٨) البقرة: ١٨٠.

(٩) الحظوة: المكانة.

١٥٦

لي ولا وارث من أبي ولا رحم بيننا، أفخصّكم الله بآيةٍ أخرج منها أبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أم هل تقولون إنّ أهل ملّتين لا يتوارثان، أوَلست أنا وأبي من أهل ملّةٍ واحدة؟ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمّي؟ فدونكما مخطومة مرحولة(١) تلقاك يوم حشرك. فنِعمَ الحكم الله، والزعيم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والموعد القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون ولا ينفعكم إذ تندمون، ولكلّ نبأ مستقرّ وسوف تعلمون مَن يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم.

ثم رنت (سلام الله عليها) بطرفها نحو الأنصار فقالت:

يا معشر النقيبة وأعضاد الملّة وأنصار الإسلام، ما هذه الغميزة في حقّي والسِّنَة(٢) عن ظلامتي؟! أما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبي يقول: ( المرء يُحفظ في ولده ) سرعان ما أحدثتم وعجلان ذا إهالةٍ(٣) ، ولكم طاقة بما أحاول، وقوّة على ما أطلب وأزاول.

وساقت (سلام الله عليها) الخطبة الشريفة إلى قولها:

ألا وقد قلت ما قلت على معرفة منّي بالخذلة(٤) التي خامرتكم، والغدرة التي استشعرتها قلوبكم، ولكنّها قبضة النفس ونفثة الغيظ وخَوَر القناة(٥) وبثّة الصدر وتقدمة الحجّة، فدونكموها فاحتقبوها دبرة الظهر، نقبة الخف، باقية العار، موسومة بغضب الله وشنار الأبد، موصولة بنار الله الموقدة

____________________

(١) مخطومة: من الخطام بالكسر وهو كل ما يدخل في أنف البعير ليقاد به. والرحل بالفتح: هو للناقة كالسرج للبعير.

(٢) السُنة: النوم الخفيف.

(٣) وسرعان ذا إهالة: مثل يضرب لمن يخبر بكينونة الشيء قبل وقته.

(٤) الخذلة: ترك النصر. خامرتكم: خالطتكم.

(٥) الخور: الضعف. والقناة: السنان.

١٥٧

التي تطّلع على الأفئدة، فبعين الله ما تفعلون، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون.

وأنا ابنة نذيرٍ لكم بين يدي عذاب شديد، فاعملوا إنّا عاملون وانتظروا إنّا منتظرون(١) .

ولقد أجاد الشيخ الأزري (رحمه الله) في هذا المقام في قوله:

نقضوا عهدَ أحمد في أخيه

وأذاقوا البتولَ ما أشجاها

يومَ جاءت إلى عديٍّ وتيمٍ

ومن الوجد ما أطال بكاها

فدعت واشتكت إلى الله شجوى

والرواسي تهتزّ من شكواها

لست أدري إذ رُوِّعت وهي حسرى

عاند القوم بعلها وأباها

تعظ القوم في أتمّ خطابٍ

حكت المصطفى به وحكاها

هذه الكتب فاسألوها تروها

بالمواريث ناطقاً فحواها

وبمعنى ( يوصيكم الله ) أمرٌ

شاملٌ للأنام في قرباها

فاطمأنّت لها القلوب وكادت

أن تزول الأحقاد ممّن طواها

أيّها القوم راقبوا الله فينا

نحن من روضة الجليل جناها

واعلموا أنّنا مشاعر دين الله

فيكم فأكرموا مثواها

ولنا من خزائن الغيب فيضٌ

ترد المهتدون منه هداها

أيّها الناس أيّ بنتِ نبيٍّ

عن مواريثه أبوها زواها

كيف يزوي عنّي تراثي عتيقٌ

بأحاديث من لدنه افتراها

كيف لم يوصنا بذلك مولانا

وتيماً من دوننا أوصاها

هل رآنا لا نستحق اهتداءً

واستحقّت تيم الهدى فهداها

أم تراه أضلّنا في البرايا

بعد علمٍ لكي نصيب خطاها

أنصفوني من جائرَين أضاعا

حرمة المصطفى وما رعياها

____________________

(١) الاحتجاج: ج١ ص١٣١ - ١٤٩.

١٥٨

عود إلى بدءٍ

فأجابها أبو بكر عبد الله بن عثمان، فقال: يا بنت رسول الله، لقد كان أبوك بالمؤمنين عطوفاً كريماً، رؤوفاً رحيماً، وعلى الكافرين عذاباً أليماً وعقاباً عظيماً، فإن عَزَوناه وجدناه أباك دون النساء، وأخاً لبعلك دون الأخلاّء(١) ( الإخاء خ ل ) آثره على كل حميم، وساعده في كلّ أمر جسيم، لا يحبكم إلاّ كل سعيد، ولا يبغضكم إلاّ كل شقي، فأنتم عترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الطيّبون، والخيرة المنتجبون، على الخير أدَلّتُنا، وإلى الجنّة مسالكنا، وأنتِ يا خيرة النساء وابنة خير الأنبياء، صادقة في قولك، سابقة في وفور عقلك، غير مردودة عن حقّك ولا مصدودة عن صدقك.

ووالله ما عدوت رأي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا عملت إلاّ بإذنه، وإنّ الرائد لا يكذب أهله!! وإنّي أُشهِد الله وكفى به شهيداً، أنّي سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ذهباً ولا فضة ولا داراً ولا عقاراً، وإنّما نورث الكتب ( والكتاب خ ل ) والحكمة والعلم والنبوّة.

وما كان لنا من طعمة فلوَليّ الأمر بعدنا أن يحكم فيه بحكمه، وقد جعلنا ما حاولته في الكُراع(٢) والسلاح يقاتل به المسلمون، ويجاهدون الكفّار، ويجالدون المردة الفجّار، وذلك بإجماع من المسلمين!! لم أتفرّد به وحدي، ولم أستبدّ بما كان الرأي فيه عندي، وهذه حالي ومالي، هي لك وبين يديك!!! لا تُزوى عنك ولا تُدّخَرُ دونك، وأنت سيّدة أُمّة أبيك، والشجرة الطيّبة لبنيك، لا يدفع مالَكِ من فضلك ولا يوضع من فرعك وأصلك، حكمك نافذ فيما ملكت يداي!!! فهل ترين أن أخالف في ذلك أباكصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقالتعليها‌السلام : سبحان الله، ما كان أبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن كتاب الله صادفاً، ولا لأحكامه مخالفاً، بل كان يتّبع أثره ويقفو سوره، أفتجمعون إلى

____________________

(١) وأخا إلفك دون الأخلاّء: خ م.

(٢) الكراع: الأنعام مثل الإبل والخيل.

١٥٩

العذر [ الغدر ] اعتلالاً عليه بالزّور، وهذا بعد وفاته شبيه بما بغي له من الغوائل في حياته، هذا كتاب الله حكماً عدلاً وناطقاً فصلاً يقول:

( يرثني ويرث من آل يعقوب ) (١) ، ويقول:( وورث سليمان داود ) (٢) ، فبيّن عزّ وجلّ فيما وزّع عليه من الأقساط، وشرع من الفرائض والميراث، وأباح من حظّ الذّكران والإناث، ما أزاح به علّة المبطلين وأزال التظنّي والشّبهات في الغابرين، كلاّ بلا( سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ) .

فقال أبو بكر: صدق الله وصدق رسوله، وصدقت ابنته، أنت معدن الحكمة وموطن الهدى والرحمة، وركن الدّين وعين الحجّة، لا أُبعد صوابك ولا أُنكر خطابك، هؤلاء المسلمون بيني وبينك، قلّدوني ما تقلّدت، وباتفاق منهم أخذت ما أخذت، غير مكابر ولا مستبدُّ ولا مستأثر، وهم بذلك شهود.

فالتفتت فاطمة (صلوات الله عليها) [ إلى الناس ] وقالت:

معاشر الناس المسرعة إلى قيلٍ باطل، المغضِية على الفعل القبيح الخاسر،( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) ؟ كلاّ بل ران على قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم، فأخذ بسمعكم وأبصاركم، ولبئس ما تأوّلتم، وساء ما به أشرتم، وشر ما منه اغتصبتم، لتجدن والله محمله ثقيلاً، وغبّه وبيلاً، إذا كشف لكم الغطاء، وبان ما وراء الضرّاء، وبدا لكم من ربّكم ما لم تكونوا تحتسبون، وخسر هناك المبطلون.

ثم عطفت على قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقالت:

قد كان بعدك أنباءٌ وهنبثةٌ

لو كنتَ شاهدها لم تكثر الخطبُ

إنّا فقدناك فقدَ الأرض وابلَها

واختلّ قومك فاشهدهم وقد نكبوا

____________________

(١) مريم: ٦.

(٢) النمل: ١٦.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207