المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٤

المهذب البارع في شرح المختصر النافع10%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 553

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 553 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 116725 / تحميل: 7649
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

[واحتجوا: بان للواحد من كلالة الام السدس.

واجيب: بانه في حق الاخوة دون الاجداد، فان قالوا: نصوا على ان الجد كالاخ والجدة كالاخت قلنا: اذا اجتمعوا وكانوا من جهة واحدة اقتسموا على هذه النسبة، فيأخذ الجد بقدر ما يأخذه الاخ، والجدة بقدر ما تأخذه الاخت.

تحقيق

الجد وان علا تقاسم الاخ وان دنا، والاخ وابنه وان سفل تقاسم الجد وان قرب فكل من هاتين الطبقتين: اعني طبقة الاخوة والاجداد وارث على حده، والا يعتبر فيه القرب والبعد بالنسبة إلى الطبقة الاخرى، فلا يمنع الاقرب من احدى الطبقتين الابعد من الاخرى ويمنع الابعد من طبقته، فلا ارث لابن الاخ مع الاخ، ولا لجد جد مع جد. ولا فرق في منع الارث للابعد هنا بين ان يكون جهته التي يمت بها إلى الميت هي جهة الآخر، او غيرها، فلا يرث ابن الاخ للابوين مع الاخ للام، او للاب، لانه اقرب منه بدرجة. وكذا لا يرث جد جد لاب مع جدة لام.

ولنوضح ذلك في مسائل:

(الاولى) لو ترك جدا وجدة لام واخوة من قبلها، وجدا وجدة لاب واخوة من قبله كان لاقرباء الام الثلث بينهم بالسوية، ولاقرباء الاب الثلثان للذكر ضعف الانثى، ويكون الجد كالاخ والجدة كالاخت هنا في البابين.

(الثانية) لو ترك جدا وجدة لاب واخوة من قبله، وجدا وجدة للام كان لجد الام الثلث، ولاقرباء الاب الثلثان للذكر سهمان وللانثى سهم، ويجرى الجد فيه مجرى الاخ، والجدة مجرى الاخت.

ولو ترك جدا وجدة لام واخوة من قبلها، وواحدا من قبل الاب، اخا او اختا، جدا او جدة، كان لاجداد الام وجداتها واخواتها الثلث بينهم بالسوية، ولقريب الاب الثلثان.

٣٦١

مسألتان

(الاولى) لو اجتمع اربعة اجداد لاب ومثلهم لام كان لاجداد الام الثلث بينهم ارباعا، ولاجداد الاب وجداته الثلثان، لابوي ابيه ثلثا الثلثين اثلاثا، ولابوي امة الثلث اثلاثا أيضا، فيصح من مائة وثمانية.

(الثانية) الجد وان علا يقاسم الاخوة والاخوات. واولاد الاخوة والاخوات وان نزلوا يقومون مقام آبائهم عند عدمهم في مقاسمة الاجداد والجدات ويرث كل واحد منهم نصيب من يتقرب به، ثم ان كانوا اخوة او اخوات لاب اقتسموا المال للذكر مثل حظ الانثيين، وان كانوا لام اقتسموا بالسوية.

(الثالثة) لو ترك اخوة لام وجدا قريبا لاب، وجدا بعيدا لام، فلجد الاب ثلثى المال، ولاخوة الام الثلث، وهل يشاركهم جد الام البعيد؟ احتمالان: نعم لان الاخ لا يمنع الجد البعيد، والقريب لايزاحمه البعيد فيما حصل له.

وكذا لو ترك اخوة للاب وجدا بعيدا من قبله، واخوة لام وجدا قريبا من قبلها، كان لاقرباء الام الثلث بينهم بالسوية، ولاخوة الاب الثلثان، وهل يشاركهم جد الاب البعيد؟ يحتمله لان بعده لا يمنعه من مقاسمة الاخوة، وهو لا يزاحم الجد القريب فيما حصل له.

ويحتمل عدم الشركة لكونه محجوبا بالجد القريب، وقضية الحجب هنا المنع من اصل الارث.

(الرابعة) لو ترك جد لام وابن اخ لام مع اخ لاب، فلاخ الاب الثلثان، ولجد الام الثلث، وهل يزاحمه ابن الاخ للام؟ فيه الاحتمالان: وكذا لو ترك جد الاب وابن اخ له مع اخ للام، فلاخ الام السدس ولجد الاب الباقي، وهل يزاحم ابن

٣٦٢

(المرتبة الثالثة) الاعمام والاخوال

للعم المال اذا انفرد، وكذا للعمين فصاعدا، وكذا العمة والعمتان والعمات، والعمومة والعمات للذكر مثل حظ الانثيين. ولو كانوا متفرقين، فلمن تقرب بالام السدس ان كان واحدا، والثلث ان كانوا اكثر بالسوية، والباقي لمن يتقرب بالاب وبالام للذكر مثل حظ الانثيين، ويسقط من يتقرب بالاب معهم ويقومون مقامهم عند عدمهم. ولا يرث الابعد مع الاقرب، مثل ابن خال مع خال أو عم، أو ابن عم مع خال أو عم، الا ابن عم لاب وام مع عم لاب، فابن العم اولى. الاخ للاب؟ فيه الوجهان.

قال طاب ثراه: ولا يرث الابعد مع الاقرب، مثل ابن خال مع خال او عم، او ابن عم مع خال او عم الا ابن عم لاب وام مع عم لاب فابن العم اولى.

أقول: هذه هي المسألة الاجماعية التي انفردت بها الامامية، لكن لما خالفت القواعد المقررة، واصول المذهب المعتبرة - اعتبرنا فيها بقاء الصورة التي ورد بها النص على حالها على المختار من الاقوال والمحصل من فتاوى المحققين.

فروع

(الاول) لا يتغير الحكم بتعدد العم، او ابن العم، ولا بانضمام الزوج والزوجة قاله الشهيد(١) ويحتمله لانه غير صورة النص، قاله العلامة: في القواعد(٢) .

____________________

(١)الدروس: كتاب الميراث ص ٢٥١ س ٧ قال: قاعدة لا يمنع ابعد اقرب الا في مسألة اجماعية، إلى قوله: ولا يتغير الحكم الخ.

(٢)القواعد: ج ٢ الفصل الثالث في ميراث الاعمام والاخوال ص ١٧٥ س ١٠ قال: ولا يرث ابن العم مع العم الا في مسألة اجماعية إلى قوله: ولو تغير الحال انعكس الحجب الخ.

٣٦٣

والاشكال في تعددهما، او تعدد احدهما اقوى من الاشكال في انضمام الزوجين.

ووجه الاشكال: من حيث مشاركتهما في المقتضي للترجيح، فان ابن العم له المال وحده، فمع تعدده اولى، وسبب ارث العمين العمومة، وابن العم مانع لهذا السبب، ومانع احد السببين المتساويين مانع الآخر.

(الثاني) هل يتغير الحكم بتبديل الذكورة بالانوثه؟ بان كان بدل العم عمة؟ الاظهر: نعم، اقتصارا على مورد النص، وهو اختيار ابن ادريس(١) والمصنف(٢) والعلامة في القواعد(٣) وقال الشيخ، العمة للاب كالعم(٤) .

(الثالث) لو جامعها خال او خالة؟ قيل فيه: ثلاثة أقوال:

(أ) حرمان ابن العم، ويكون المال بين العم والخال أثلاثا، لتغيير الصورة المنصوصه، وهو اختيار عماد الدين بن حمزة القمي ويعرف بالطبرسيرحمه‌الله (٥)

____________________

(١)السرائر: في ترتيب الوراث ص ٣٩٧ س ١٢ قال: فان كان عوض العم المذكور فيها عمة للاب كان الميراث لها دون ابن العم.

(٢)الشرائع: المرتبة الثالثة: الاعمام والاخوال، قال: ولو انضم اليهما (اي عم لاب وابن عم) ولو خال تغيرت الحال وسقط ابن العم.

(٣)القواعد: ج ٢ الفصل الثالث في ميراث الاعمام والاخوال ص ١٧٥ س ١١ قال: فلو كان بدل العم عمة إلى قوله: كان الابعد ممنوعا.

(٤)الاستبصار: ج ٤(١٠١) باب ميراث الاولى من ذوي الارحام ص ١٧٠ ذيل حديث ٣ س ١٣ قال: والوجه الاخر ان يكون هذا الحكم يختص اذا كان بنوا العم لاب وام والعم او العمة لاب خاصة الخ.

(٥)المختلف: ج ٢ كتاب الفرائض ص ١٨٢ س ٩ قال: وقال العماد القمى ويعرف بالطبرسي: المال للعم والخال لان ابن العم محجوب بالخال.

٣٦٤

[وابن ادريس(١) وظاهر الشيخ في المسألة الحلبية(٢) والمصنف(٣) والعلامة في القواعد(٤) .

ويؤيده رواية مسلمة بن محرز عن الصادقعليه‌السلام قال: في ابن عم وخال: قال: المال(٥) .

(ب) حرمان العم ويكون المال للخال وابن العم قاله قطب الدين الراوندى(٦) ومعين الدين المصرى(٧) لان العم الخال لا يمنع العم، لا يمنع ابن العم الذى هو حاجب للعم اولى، وهو اقرب من ابن العم، وابن العم يرث مع العم، فيرث مع الخال المساوي له.

(ج) حرمان العم وابن العم واختصاص الخال بالمال، قاله سديد الدين الحمصى(٨) لان العم محجوب بابن العم، وابن العم محجوب بالخال].

____________________

(١)السرائر: في ترتيب الوراث ص ٣٩٧ س ١٣ قال: وكذلك لو كان خال وعم للاب وابن العم للاب والام كان المال للعم الثلثان وللخال الثلث وسقط ابن العم للاب والام.

(٢)المختلف: ج ٢ كتاب الفرائض ص ١٨٢ س ٤ قال بعد نقل اعتراض ابن ادريس على الشيخ نقلا عنه: وقد رجع شيخنا عن هذا في المسائل الحلبية.

(٣)الشرائع: في المواريث، المرتبة الثالثة الاعمام والاخوال قال: ولو انضم اليهما ولو خال تغيرت الحال وسقط ابن العم.

(٤)القواعد: ج ٢ الفصل الثالث في ميراث الاعمام والاخوال ص ١٧٥ س ١٢ قال: ولو اجتمع مع العم وابن العم خال او خالة فالاجود حرمان ابن العم.

(٥)التهذيب: ج ٩(٣٠) باب ميراث العم والعمات والاخوال والخالات ص ٣٢٨ قطعة من حديث ١٨.

(٦)و(٧) المختلف: ج ٢ كتاب الفرائض ص ١٨٢ س ٧ و ٩ قال: وقال قطب الدين الراوندي: المال للخال وابن العم، وقال معين المصري: واعلم ان هذه المسألة الخ.

(٨)المختلف: ج ٢ كتاب الفرائض ص ١٨٢ في الهامش، وقال السديد الدين الحمصي: المال للخال الخ.

٣٦٥

وللخال المال اذا انفرد، وكذا للخالين والاخوال، والخالة والخالتين والخالات. ولو اجتمعوا فالمال بينهم بالسوية كيف كانوا. ولو كانوا متفرقين، فلمن يتقرب بالام السدس ان كان واحدا، والثلث ان كانوا اكثر، والثلثان لمن يتقرب بالاب والام، ويسقط من يتقرب بالام معهم، والقسمة بينهم للذكر مثل حظ الانثيين. ولو اجتمع الاخوال والاعمام، فللاخوال الثلث، وللاعمام الثلثان. ولو كان معهم زوج أو زوجة فلهما النصيب الاعلى، ولمن يتقرب بالام ثلث الاصل، والباقي لمن يتقرب بالاب. ولو اجتمع عم الاب وعمته، وخاله وخالته، وعم الام وعمتها وخالها وخالتها، كان لمن يتقرب بالام الثلث، بينهم ارباعا، ولمن [قال العلامة في المختلف: ونحن في هذه المسألة من المتوقفين، فان كل واحد من هذه الاقوال ينقدح فيه الرجحان(١) .

واحتمل العلامة في القواعد قولا رابعا: وهو حرمان الخال مع العم(٢) واختصاص المال بابن العم، لانه مانع للعم والخال مساويه في المرتبة، ومانع احد المتساويين مانع الآخر، والا لم يكونا متساويين.

قال طاب ثراه: ولو اجتمع عم الاب وعمته، وخاله وخالته، وعم الام وعمتها وخالها وخالتها كان لمن يتقرب بالام الثلث بينهم ارباعا، ولمن يتقرب بالاب]

____________________

(١)المختلف: ج ٢ كتاب الفرائض ص ١٨٢ س ٢٨ قال: ونحن في هذه المسألة من المتوقفين الخ.

(٢)القواعد: ج ٢ الفصل الثالث في ميراث الاعمام والاخوال ص ١٧٥ س ١٣ قال: وحرمان الخال والعم.

٣٦٦

يتقرب بالاب الثلثان، ثلثه لعمه وعمته اثلاثا، وثلثه لخاله وخالته بالسوية على قول.

(مسائل)

(الاولى) عمومة الميت وعماته، وخئولته وخالاته واولادهم وان نزلوا، اولى من عمومة أبيه وخئولته.

وكذا اولاد كل بطن اقرب، اولى من البطن الابعد. ويقوم اولاد العمومة والعمات والخئولة والخالات مقام آبائهم عند عدمهم، ويأخذ كل منهم نصيب من يتقرب به، واحدا كان أو اكثر.

(الثانية) من اجتمع له سببان ورث بهما مالم يمنع احدهما الآخر، فالاول: كابن عم لاب هو ابن خال لام، وزوج هو ابن عم، وعمة لاب هي خالة لام.

والثاني: كابن عمه هو اخ لام.

(الثالثة) حكم اولاد العمومة والخئولة مع الزوج والزوجة حكم آبائهم، يأخذ من يتقرب ثلث الاصل، والزوج نصيبه الاعلى، وما يتقى لمن يتقرب بالاب.

[الثلثان، ثلثاه لعمه وعمته اثلاثا، وثلثه لخاله وخالته بالسوية على قول.

أقول: هذا قول للشيخ في النهاية(١) وتابعه المتأخرون على ذلك(٢) ، لانهم]

____________________

(١)النهاية: باب ميراث ذوي الارحام ص ٦٥٧ س ٦ قال واذا اجتمع عم اب وعمته الخ(٢) لاحظ الشرائع: كتاب الفرائض، المرتبة الثالثة الاعمام والاخوال قال: ولو اجتمع عم الاب وعمته الخ وفى اللمعة: ج ٨ ص ١٦٢ س ١ قال: فلو ترك الميت عم ابيه الخ وفي القواعد: ج ٢، الفصل الثالث في ميراث الاعمام والاخوال ص ١٧٦ س ١٢ قال: اذا اجتمع عم الاب وعمته الخ.

٣٦٧

في ميراث الازواج

للزوج مع عدم الولد النصف، وللزوجة الربع، ومع وجوده وان نزل نصف النصيب، ولو لم يكن وارث سوى الزوج رد عليه الفاضل، وفي الزوجة قولان: احدهما لها الربع والباقي للامام، والآخر يرد عليها الفاضل كالزوج.

وقال ثالث: بالرد مع عدم الامام. والاول اظهر. واذا كن اكثر من واحدة فهن مشتركات في الربع او الثمن. وترث الزوجة وان لم يدخل بها الزوج. وكذا الزوج. وكذا في العدة الرجعية خاصة، لكن لو طلقها مريضا ورثت وان كان بائنا، مالم تخرج السنة، ولم يبرأ، ولم تتزوج، ولا ترث البائن الا هنا.

ويرث الزوج من جميع ما تركته المرأة، وكذا المرأة عدا العقار، وترث من قيمة الآلات والابنية، ومنهم من طرد الحكم في ارض المزارع والقرى، وعلم الهدى يمنعها العين دون القيمة.

[يتقربون بالام.

وذهب بعضهم إلى القسمة اثلاثا(١) كما في جد ام الاب وجدته، وجمهور الاصحاب على الاول(٢) .

قال طاب ثراه: ولو لم يكن وارث سوى الزوج - إلى قوله: والاول: اظهر.

أقول: تقدم البحث في هذه المسألة.

قال طاب ثراه: ويرث الزوج من جميع ما تركته المرأة، وكذا الزوجة عدا العقار].

____________________

(١)الايضاح: ج ٤ ص ٢٣٠ قال في شرح قول العلامة في القواعد: (ويحتمل ان يكون لعم الام وعمتها لاخ) مالفظه: والاحتمال الثاني ذكره افضل المحققين نصير الحق والدين، الطوسيرحمه‌الله في فرائضه الخ

(٢) لاحظ مانقلناه انفا عن الشرائع والقواعد واللمعة.

٣٦٨

[أقول: اعلم ان كل وارث، فانه يرث من جميع متروكات مورثه، وخرج منه بالنص امور: (الاول) الزوجان بالنسبة إلى القصاص والحد، وهو اجماع.

(الثاني) النساء بالنسبة إلى القصاص، وهو قول الشيخ في الاستبصار(١) وسيأتي تحقيقه في موضعه ان شاء الله.

(الثالث) اقارب الام بالنسبة إلى الدية(٢) على قول(٣) .

(الرابع) النساء بالنسبة إلى الولاء الا في موضعين:

(أ) اذا باشرب العتق.

(ب) اذا اعتق مولاها الذي باشرت عتقه ثم مات الواسطة.

(الخامس) الزوجة تحرم من شئ ما، من متروكات الزوج عند الامامية، الا ابن الجنيد(٤) ، وقد سبقه الاجماع وتأخر عنه، والحجة فيه النصوص عن اهل البيتعليهم‌السلام ، الاخذين علومهم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله المتلقاة عن الوحي الالهي(٥) . والحكمة فيه مذكورة في نصوصهمعليهم‌السلام (٦) ، وفي عبارات علمائهم، وهو تطرق الضرر على أقرباء الميت، اذ لا حجر لهم عليها في التزويج، فربما تزوجت بمن]

____________________

(١)الاستبصار: ج ٤(١٥٣) باب انه ليس للنساء عفو ولا قود ص ٢٦٢ الحديث ١.

(٢)الكافي: ج ٧ باب مواريث القتلى ومن يرث من الدية ومن لا يرث، فلاحظ.

(٣)النهاية: بيان ميراث القاتل ومن يستحق الدية ص ٦٧٣ س ١٦ قال: ولا يستحقها الاخوة والاخوات من قبل الام.

(٤)المختلف: ج ٢ كتاب الفرائض في ميراث الزوجين ص ١٨٤ س ٢ قال: وقال ابن الجنيد: إلى قوله: وللزوجة الثمن من جميع التركة عقاراً واثاث الخ.

(٥)و(٦) التهذيب: ج ٩(٢٧) باب ميراث الازواج الاحاديث ٢٤ إلى ٣٤ والحكمة مذكورة فيها.

٣٦٩

[كان منافسا للمتوفي وحاسدا وعدوا مغيظا، فيثقل ذلك على اهله وعشيرته، فعدل بها عن ذلك إلى اجمل الوجوه(١) . وهذا التعليل مما تقتضيه الحكمة الخلقية، ومستبعده مستهزئ بالشرع.

وزادا عليه: روى حماد بن عثمان عن أبي عبدالله عليه قال: انما جعل للمرأة قيمة الخشب؟ لئلا تتزوج فتدخل عليهم من يفسد مواريثهم(٢) . واختلفت الروايات عنهم في كمية الشئ الذي تحرمه وكيفيته وشرطه(٣) . واختلفت الاقوال بحسب ذلك.

فهنا بحثان: (الاول) هل الحرمان عام في كل زوجة، سواء كان لها ولد، او لم يكن؟ أو هو خاص بغير ذات الولد؟ بالاول صرح ابن ادريس(٤) وهو ظاهر المفيد(٥) والتقي(٦) والمرتضى في الانتصار(٧) والشيخ في الاستبصار(٨) ].

____________________

(١)لاحظ الانتصار: المسائل المشتركة في الارث، ص ٣٠١ قال: مسألة: ومما انفردت به الامامية القول: بان الزوجة لا ترث من رباع المتوفى شيئا إلى قوله: والذي يقوي في نفسي الخ.

(٢)التهذيب: ج ٩(٢٧) باب ميراث الازواج ص ٢٩٨ الحديث ٢٨.

(٣)سيأتي عن قريب.

(٤)السرائر: كتاب الفرائض ص ٤٠١ س ٣٢ قال: والصحيح انها لا ترث من نفس التربة ولا من قيمتها، بل يقوم الطوب والالات وتعطي قيمته إلى قوله: هذا اذا لم يكن لها ولد.

(٥)المقنعة: باب ميراث الازواج ص ١٠٤ س ٢٢ قال: ولا ترث الزوجة شيئا مما يخلفه الزوج من ارباع وتعطي قيمة الخشب والطوب.

(٦)الكافي: فصل في الارث ص ٣٧٤ س ١٩ قال: ولا ترث الزوجة من رقاب الرباع والارضين شيئا وترث من قيمة الات الرباع.

(٧)الانتصار: المسائل المشتركة في الارث ص ٣٠١ قال: مسألة ومما انفردت به الامامية، القول: بان الزوجة لا ترث من رباع المتوفى.

(٨)الاستبصار: ج ٤(٩٤) باب ان المرأة لا ترث من العقار والدور والارضين شيئا من تربة الارض، ولها نصيبها من قيمة الطوب والخشب والبنيان ص ١٥٤ س ٥ قال: قال محمد بن الحسن: هذه الاخبار التي اوردناه عامة في انه ليس للمرأة الخ.

٣٧٠

وبالثاني قال الشيخ في التهذيب(١) وتبعه القاضي(٢) وابن حمزة(٣) وهو قول الصدوق(٤) واختاره المصنف(٥) .

احتج الاولون بعموم صحيحة زرارة عن الباقرعليه‌السلام : ان المرأة لا ترث مما ترك زوجها من القرى والدور والسلاح والدواب شيئا، وترث من المال والفرش والثياب ومتاع البيت مما ترك، ويقوم النقض والابواب والجذوع والقصب، فتعطى حقها منه(٦) .

ومثلها صحيحة محمد بن مسلم عنهعليه‌السلام قال: النساء لا يرثن من الارض ولا من العقار شيئا(٧) .

فان قلت: لا يصح الاستدلال بالرواية الاولى، والا لزم عدم ارثها من السلاح]

____________________

(١)التهذيب: ج ٩(٢٧) باب ميراث الازواج ص ٣٠٠ قال بعد نقل حديث ٣٥ مالفظه: قال محمد بن الحسن: هذا الخبر محمول على انه اذا كان للمرأة ولد فانها ترث من كل شئ تركه الميت عقارا كان او غيره الخ.

(٢)المهذب: ج ٢ باب ميراث الازواج والزوجات ص ١٤١ س ٤ قال: فان كان لها منه ولد دفع اليها حقها من نفس ذلك.

(٣)الوسيلة: فصل في بيان ميراث الازواج والزوجات ص ٣٩١ س ٥ قال: فان كانت الزوجة ذات ولد من زوجها المتوفى عنها لزم ميراثها من جميع تركاته.

(٤)الفقيه: ج ٤(١٧٥) باب نوادر المواريث ص ٢٥٢ قال بعد نقل حديث ٨ قال مصنف هذا الكتاب: هذا اذا كان لها منه ولد الخ.

(٥)الشرائع: في مسائل من أحكام الازواج، الخامسة اذا كان للزوجة من الميت ولد ورثت من جميع ماترك الخ.

(٦)التهذيب: ج ٩(٢٧) باب ميراث الازواج ص ٢٩٨ الحديث ٢٥.

(٧)التهذيب: ج ٩(٢٧) باب ميراث الازواج ص ٢٩٨ الحديث ٢٦.

٣٧١

[والدواب، وهو خلاف الجماع.

فاعلم ان فخر المحققين اجاب عنه: بحمل السلاح على ما يحبى به الولد الاكبر، والدواب يحمل على انه اوقفها او اوصى بها وخرج من الثلث، لان السؤال وقع في صورة خاصة، واللام في قوله: (المرأة) للعهد، أي راجع إلى المرأة التي وقع السؤال عنها.

فان قيل: تبقى رواية وردت على صورة خاصة، فلا تتعدى.

اجاب لا نسلم عدم التعدي اذا لم يدل دليل على اختصاصها(١) .

احتج الآخرون: بان ذلك جمعا بين ماتقدم وبين رواية الفضل بن عبدالملك أو ابن أبي يعفور عن الصادقعليه‌السلام قال: سألته عن الرجل هل يرث من دار امرأته، او ارضها من التربة شيئا، او يكون في ذلك بمنزلة المرأة فلا ترث من ذلك شيئا؟ فقال: يرثها، وترثه كل شئ ترك وتركت(٢) .

ويشهد بصريح الجمع رواية محمد بن أبي عمير عن ابن اذينه في النساء اذا كان لهن ولد اعطين من الرباع(٣) .

(الثاني) في كمية الحرمان وكيفيته، وفيه ثلاثة اقوال:

(أ) وهو المشهور بين الاصحاب والاكثر في الروايات(٤) حرمانها من نفس الارض والقرى والمزارع والرباع، وهي الدور والمنازل وعين الانهار وابنيتها واشجارها، وتعطى مما عدا الارض من ذلك، وهو قول الشيخ في النهاية(٥) وتبعه]

____________________

(١)الايضاح: ج ٤ في ميراث الازواج ص ٢٤١ س ٩.

(٢)التهذيب: ج ٩(٢٧) باب ميراث الازواج ص ٣٠٠ الحديث ٣٥.

(٣)التهذيب: ج ٩(٢٧) باب ميراث الازواج ص ٣٠١ الحديث ٣٦.

(٤)لاحظ الكافي: ج ٧ كتاب المواريث ص ١٢٧ باب ان النساء لا يرثن من العقار شيئا.

(٥)النهاية: باب ميراث الازواج ص ٦٤٢ س ١ قال: والمرأة لا ترث من زوجها من الارضين والقرى والرباع الخ.

٣٧٢

[القاضي(١) وهو ظاهر التقي(٢) وابن حمزة(٣) واختاره المصنف في الشرائع(٤) .

(ب) حرمانها من الرباع دون البساتين والضياع، وتعطى قيمة الالات والابنية من الدور والمساكن، وهو قول المفيد(٥) وابن ادريس(٦) والمصنف في النافع(٧) .

(ج) حرمانها من عين الرباع، فتعطى قيمتها، وترث من رقبة المزارع والضياع، وهو قول السيد المرتضى(٨) واستحسنه العلامة في المختلف لما فيه من الجمع بين عموم القران وخصوص الاخبار، قال: ثم قول شيخنا المفيد جيد أيضا، يعني حرمانها من الرباع خاصة دون المزارع، لما فيه من تقليل التخصيص، قال: ومع هذا كله فالفتوى على ما قاله الشيخ(٩) ].

____________________

(١)المهذب: ج ٢ باب ميراث الازواج والزوجات ص ١٤٠ س ١٨ قال: والمرأة اذا لم يكن لها ولد من زوجها ومات عنها لم يورث من الارضين والرباع الخ.

(٢)الكافي: الارث ص ٣٧٤ س ١٩ قال: ولا ترث الزوجة من رقاب الرباع والارضين شيئا.

(٣)الوسيلة: فصل في بيان ميراث الازواج والزوجات ص ٣٩١ س ٦ قال: وان لم تكن ذات ولد منه لم يكن لها حق في الارضين والقرى الخ.

(٤)الشرائع: في مسائل من احكام الازواج (الخامسة) قال: ولو لم يكن (اي ولد) لم ترث من الارض شيئا الخ.

(٥)المقنعة: باب ميراث الازواج ص ١٠٤ س ٢٢ قال: ولا ترث الزوجة شيئا مما يخلفه الزوج من الرباع، وتعطي قيمة الخشب الخ.

(٦)السرائر: كتاب الفرائض ص ٤٠١ س ٢٩ قال: والاول (اي عدم الارث من الرباع) اختيار الشيخ المفيد وهو الذي يقتضيه مذهبنا.

(٧)لاحظ عبارة النافع.

(٨)الانتصار: المسائل المشتركة في الارث ص ٣٠١ قال: الزوجة لاترث من رباع المتوفى شيئا بل تعطى بقيمته حقها من البناء والالات دون قيمة العراس.

(٩)المختلف: في ميراث الزوج والزوجة ص ١٨٤ س ١٧ قال: وقول السيد المرتضى حسن الخ.

٣٧٣

(مسألتان)

(الاولى) اذا طلق واحدة من اربع وتزوج اخرى، فاشتبهت، كان للاخيرة ربع الثمن مع الولد، أو ربع الربع مع عدمه، والباقي بين الاربعة بالسوية.

(الثانية) نكاح المريض مشروط بالدخول، فان مات قبله فلا مهر لها ولا ميراث.

في الولاء، واقسامه ثلاثة: (القسم الاول) ولاء العتق

ويشترط التبرع بالعتق، وان لا يتبرع من ضمان جريرته، فلو كان واجبا كان المعتق سائبة. وكذا لو تبرأ بالعتق وتبرء من الجريرة. ولا يرث المعتق مع وجود مناسب وان بعد. ويرث مع الزوج والزوجة. احتج الاولون بما تقدم من الروايات.

[احتج المفيد برواية محمد بن مسلم عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: ترث المرأة الطوب ولا ترث من الرباع شيئا، قلت: كيف ترث من الفرع ولا ترث من الرباع شيئا؟ فقال: ليس لها بينهم حسب ترث به، وانما هي دخل عليهم ترث من الفرع ولا ترث من الاصل ولا يدخل عليهم داخل بسببها(١) .

دلت على نفي التوريث من الرباع لا غير، فبقي الباقي على اصله لعموم القران.

ولرواية مثنى عن يزيد الصائغ قال: سمعت ابا جعفرعليه‌السلام يقول: ان]

____________________

(١) التهذيب: ج ٩(٢٧) باب ميراث الازواج ص ٢٩٨ الحديث ٢٧.

٣٧٤

واذا اجتمعت الشروط: ورثه المنعم ان كان واحدا، واشتركوا في المال ان كانوا أكثر. ولو عدم المنعم، فللاصحاب فيه أقوال: اظهرها: انتقال الولاء إلى الاولاد الذكور دون الاناث، فان لم يكن الذكور، الولاء لعصبة المنعم. ولو كان المعتق امرأة فالى عصبتها دون اولادها ولو كانوا ذكورا.

[النساء لا يرثن من رباع الارض شيئا ولكن لهن قيمة الطوب والخشب، قال: قلت: ان الناس لا يأخذون بهذا، فقال: اذا ولينا ضربناهم بالسوط، فان انتهوا، والا ضربناهم بالسيف(١) .

احتج السيد، بالجمع بين عموم القرآن وخصوص الروايات.

قال طاب ثراه: ولو عدم المنعم فللاصحاب فيه اقوال: اظهرها انتقال الولاء إلى الاولاد الذكور دون الاناث فان لم يكن الذكور فالولاء لعصبة المنعم. ولو كان المعتق امرأة فإلى عصبتها دون اولادها ولو كانوا ذكورا.

أقول: المنعم المعتق سمي منعما، ومولى النعمة.

والاصل في هذا السبب قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : الولاء لحمة كلحمة النسب(٢) .

ووجه المشابهة: ان الرقيق كالمعقود لنفسه الموجود لسيده، لانه لا يستقل بالعقود، ولا يملك ولا يتصرف لنفسه، وانما يتصرف لسيده، فاذا اعتقه صار لنفسه، وملك كل ذلك لنفسه، فالمتعق صار سببا لوجوده الحكمي كما أن الاب سببا لوجوده الحقيقي، وكلما يصدر عنه من صدقة أو عتق وغيره فالمولى سبب السبب فيه، فله انعام على المعتق.

وكذا كل من انعم العتيق عليه بهبة وغيرها، فالمولى سبب السبب فيها.

والولاء بفتح الواو وبالكسر، التوالي، فالمنعم يرث العتيق اجماعا ذكرا كان او]

____________________

(١)التهذيب: ج ٩(٢٧) باب ميراث الازواج ص ٢٩٩ الحديث ٢٩.

(٢)التهذيب: ج ٨(١) باب العتق واحكامه ص ٢٥٥ الحديث ١٥٩ وتمامه (لا تباع ولا توهب).

٣٧٥

[انثى لقولهعليه‌السلام (الولاء لمن اعتق)(١) .

فان مات المنعم فإلى من ينتقل الولاء بعده؟ قيل فيه خمسة أقوال: (الاول) إلى عاقلته الذين يكون عليهم الدية لو جنى خطاء وهو قول الحسن(٢) .

(الثاني) إلى اولاده الذكور ان كان رجلا، وان كان امرأتا فالى عصبتها، دون أولادها وان كانوا ذكورا وهو قول الشيخ في النهاية(٣) وبه قال القاضي(٤) وابن حمزة(٥) . فهنا حكمان:

(أ) ثبوته لاولاد الرجل الذكور خاصة.

ويدل عليه رواية بريد بن معاوية قال: سألت الصادقعليه‌السلام عن رجل - إلى قوله - ولاء المعتق هو ميراث لجميع ولد الميت من الرجال الحديث(٦) وكان السؤال عن رجل.

(ب) اختصاصه بعصبة المرأة.

يدل عليه صحيحة يعقوب بن شعيب عن الصادقعليه‌السلام قال: سألته]

____________________

(١)التهذيب: ج ٨(١) باب العتق واحكامه ص ٢٢٤ قطعة من حديث ٤٠.

(٢)المختلف: ج ٢ كتاب العتق، الفصل الثاني في الولاء ص ٨٠ س ٣٩ قال: وقال ابن عقيل: إلى قوله: فاذا مات مولاه فلعاقلته الذين يكون عليهم الدية اذا جنى جناية الخطاء.

(٣)النهاية: باب الولاء ص ٥٤٧ س ١٧ قال: واذا مات المعتق ورث ولاء مواليه اولاده الذكور منهم الخ.

(٤)المهذب: ج ٢ باب الولاء ص ٣٦٤ س ١١ قال: واذا مات المعتق ورث ولاء مواليه اولاده الذكور دون الاناث.

(٥)الوسيلة: فصل في بيان الميراث بالولاء ص ٣٩٧ س ١٦ قال: فان مات مولاه كان ميراثه لولده الذكور دون الاناث.

(٦)التهذيب: ج ٨(١) باب العتق واحكامه ص ٢٥٤ قطعة من حديث ١٥٨.

٣٧٦

[عن امرأة اعتقت مملوكا ثم ماتت قال: يرجع الولاء إلى بنى أبيها(١) .

(الثالث) انتقاله إلى اولاده ذكورا واناثا ان كان رجلا، وان كان امرأة فلعصبتها دون اولادها، وهو قول الشيخ في الخلاف(٢) وبعض اصحابنا.

(الرابع) انتقاله إلى الاولاد الذكور خاصة رجلا كان المنعم او امرأتا وهو قول المفيد(٣) .

(الخامس) انتقاله إلى اولاد المعتق ذكورا كانوا أو اناثا، رجلا كان او امرأتا، وهو قول الصدوق(٤) محتجا بعموم قولهعليه‌السلام (الولاء لحمة كلحمة النسب)(٥) .

وقال أبوعلي: النساء لا يرثن من الولاء شيئا(٦) .

تذنيبان

(١)العتيق لا يرث المنعم لو فقد الوارث، بل يكون ميراثه للامام، وقال الصدوق في كتابه، يرثه المنعم عليه(٧) وبه قال أبوعلي(٨) ].

____________________

(١)التهذيب: ج ٨(١) باب العتق واحكامه ص ٢٥٤ الحديث ١٥٥.

(٢)كتاب الخلاف: كتاب الفرائض مسألة ٨٦ قال: المعتق اذا كان امرأتا فولاء مولاها لعصبتها دون اولادها.

(٣)المقنعة: باب ميراث المولي وذوي الارحام ص ١٠٦ س ٣ قال: وان مات المعتق قبل المعتق ثم مات المعتق بعده ولم يترك ولدا ولا ذا قرابة كان ميراثه لولد مولاه الذي اعتقه(٤) الفقيه: ج ٤(١٥١) باب ميراث الموالي ص ٢٢٤ س ١٣ قال: فان ترك بنى وبنات مولاه المنعم إلى قوله: فالمال لبنى وبنات مولاه.

(٥)تقدم.

(٦)المختلف: ج ٢ في احكام الولاء ص ٨٠ س ٣٩ قال: وقال ابن الجنيد: النساء لا يرثن من الولاء شيئا.

(٧)الفقيه: ج ٤(١٥١) باب ميراث الموالي ص ٢٢٤ س ١١ قال: اذا ترك الرجل مولى منعما او منعما عليه إلى قوله: فالمال له.

(٨)المختلف: ج ٢ في احكام الولاء ص ٨٢ س ٣٢ قال: وقال ابن الجنيد: والمولى الاسفل يرث الذي عتقه الخ.

٣٧٧

ولا يصح بيعه ولا هبته. ويصح جره من مولى الام إلى مولى الاب اذا كان الاولاد مولودين على الحرية.

[(٢)الولاء يورث به اجماعا، وهل يورث؟ قال أبوعلي: لا(١) ، ومثله قول الشيخ في الايجاز(٢) واختاره العلامة(٣) لقولهعليه‌السلام : الولاء لحمة كلحمة النسب، والنسب لا يورث، بل يورث به، ولانه يفيد العصوبة كالنسب فلا يكون موروثا، لقولهعليه‌السلام : انما الولاء لمن اعتق، وهي للحصر ولم يعتق الوارث، ولان سببه انعام السيد على العبد وهذا الانعام لا ينتقل، فيستحيل انتقال الولاء، لعدم انتقال الانعام عليه.

وقال بعض اصحابنا: نعم لانه من الحقوق المتروكة، فكان داخلا تحت عموم آية الارث.

ورد بمنع كلية الكبرى، لانا نمنع كون كل حق قابلا للنقل، والا لصح بيعه. وتظهر الفائدة في مسائل:

(أ) لو مات المنعم عن ذكرين، ثم مات احدهما عن ولد، ثم مات العبد، فعلى الاول يرثه ابن المنعم وحده دون ابن اخيه لانا نعتبر اقرب الورثة إلى المنعم عند موت المعتق، وعلى الثاني يرثه ابن الميت وعمه، حتى لو كان ابن ابن ابن شارك عم ابيه واخذ كل منهما النصف، لانه حق ورث عن المنعم، فلما كان له ابنان انقسم الولاء بينهما ويصير مال كل منهما إلى ورثته ويورث عنه وهكذا وان تنازلوا.

(ب) لو مات المنعم عن ابن وابن ابن آخر، ثم مات الابن وترك ابنا، ثم مات العبد، فعلى الاول هو بينهما لتساويهما في الدرجة، وعلى الثاني تركة العبد لابن]

____________________

(١)المختلف: ج ٢ في احكام الولاء ص ٨٢ س ٣٣ قال: مسألة في عبارات بعض اصحابنا ان الولاء موروث كالمال ونص ابن الجنيد على خلافه.

(٢)الايجاز: في ضمن رسائل العشر، فصل في ذكر الولاء ص ٢٧٨ س ٤ قال: والولاء لا يورث الخ.

(٣)المختلف: ج ٢ في احكام الولاء ص ٨٢ س ٣٧ قال: والاقرب عندي ان الولاء غير موروث الخ.

٣٧٨

(القسم الثاني) ولاء تضمن الجريرة

ومن توالى انسانا يضمن حدثه ويكون ولائه له، ثبت له الميراث ولا يتعدى الضامن، ولا يضمن الا سائبة كالمعتق في النذر والكفارات، او من لا وارث له، ولا يرث الضامن الا مع فقد كل مناسب ومع فقد المعتق، ويرث معه الزوج والزوجة نصيبهما الا على وما بقى له، وهو اولى من بيت مال الامام.

(القسم الثالث) ولاء الامامة

ولا يرث الا مع فقد وارث عدا الزوجة، فانها تشاركه على الاصح.

ومع وجودهعليه‌السلام فالمال له يصنع به ما شاء.

وكان عليعليه‌السلام يعطيه فقراء بلده تبرعا. ومع غيبته يقسم في الفقراء، ولا يعطى الجائر الا مع الخوف.

[الابن الذي كان حيا عند موت المنعم لانتقاله إلى أبيه ثم اليه بعده.

(ج) لو مات المنعم عن ابنين، ثم ماتا وترك احدهما عشر بنين والآخر ابنا واحدا ثم مات العبد، فعلى الثاني للعشرة النصف، وللآخر وحده النصف الباقي، لان أب العشرة ورث نصف الولاء فانتقل بموته اليهم، واب الواحد ورث نصفه وانتقل إلى ابنه بعده، وعلى الاول قيل فيه قولان: اصحهما مساواة الاول، لان كل واحد من أولاد الاولاد يرث نصيب من يتقرب به على ماتقدم، ويحتمل التساوي، لتساويهم في الدرجة، أو لان اولاد الاولاد كالاولاد للصلب، فهذا الاحتمال مبني على هذا القول.

قال طاب ثراه: ولا يرث الا مع فقد كل وارث عدا الزوجة، فانها تشاركه على الاصح.

أقول: تقدم البحث في هذه المسألة.

قال طاب ثراه: وكان عليعليه‌السلام يعطيه فقراء بلده تبرعا(١) ، ومع غيبته]

____________________

(١)اورده في المقنعة ص ١٠٨ س ٧ قال: وكان امير المؤمنين علي بن ابيطالبعليه‌السلام يعطي تركة من لا وراث له من قريب ولا نسيب ولا مولى، فقراء اهل بلده وضعفاء جيرانه وخلطائه تبرعا عليهم بما يستحقه من ذلك، واستصلاحا لرعيته حسب ما كان يراه في الحال من صواب الرأي لانه من الانفال كما قدمناه في ذكر ما يستحقه الامام من الاموال، وله انفاقه فيما شاء ووضعه حيث شاء، ولا اعتراض للامة عليه في ذلك بحال.

٣٧٩

اللواحق : وهي أربعة : الاول: في ميراث ابن الملاعنة

ميراثه لامه وولده، للام السدس والباقي للولد، ولو انفردت، كان لها الثلث والباقي بالرد. ولو انفردت الاولاد، فللواحد النصف، وللاثنين فصاعدا الثلثان، وللذكران المال بالسوية، وان اجتمعوا فللذكر سهمان وللانثى سهم. ويرث الزوج والزوجة نصيبهما الا على مع عدم الولد وان نزل، والادنى معهم. ولو عدم الولد يرثه من تقرب بامه الاقرب فالاقرب الذكر والانثى سواء. ومع عدم الوارث يرثه الامام. ويرث هو امه ومن يتقرب بها على الاظهر، ولا يرث أباه، ولا من يتقرب به ولا يرثونه. ولو اعترف به الاب لحق به، [يقسم في الفقراء، ولا يعطي الجائر الا مع الخوف.

أقول: ميراث من لا وارث له لامام المسلمين، كما عليه عقله فشابه اولي الارحام، والمعتق، فمع وجوده (ع) يختص يه، ولا حق لارباب الخمس فيه، ولا لبيت مال المسلمين، ومع غيبته تصرف في الفقراء من المؤمنين، وليس على حد مال الامام الواجب له من الخمس، ولو كان ذلك من الاراضي كان كالانفال وللحاكم دفعه إلى الفقراء فتختص به من دفع اليه.

قال طاب ثراه: ويرث هو امه ومن يتقرب بها على الاظهر.

أقول: ذهب الشيخ في الاستبصار إلى ان ولد الملاعنة لا يرث اخواله، بل يرثونه]

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

كما أنّ الذين لا يملكون القدرة المالية غير مأمورين إلّا بالقدر الذي تسعه قدرتهم المالية ولا يحقّ للنساء مطالبتهم بأكثر من ذلك.

وبناء على هذا فالذين لديهم المقدرة والاستطاعة ثمّ يبخلون بها فإنّهم يستحقّون اللوم والتقريع لا الذين لا يملكون شيئا.

وفي نهاية المطاف يبشّرهم الله تعالى بقوله :( سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً ) أي لا تجزعوا ولا تحزنوا ولا يكن الضيق في المعيشة سببا لخروجكم عن الطريق السوي ، فإنّ الدنيا أحوال متقلّبة لا تبقى على حال ، فحذار من أن تقطع المشاكل العابرة والمرحلية حبل صبركم.

وكانت هذه الآية بمثابة بشرى أبدية للمسلمين الذين كانوا حينذاك يعيشون ضنكا ماديا وعوزا في متطلّبات الحياة ، فهي تبعث الأمل في نفوسهم وتبشّر الصابرين.

ولم تمض فترة طويلة حتّى فتح الله عليهم أبواب رحمته وبركته.

* * *

بحوث

١ ـ أحكام الطلاق الرجعي

قلنا أنّه في الطلاق الرجعي يستطيع الزوج متى شاء أن يرجع إلى زوجته خلال فترة العدّة إلى آخر يوم منها ، بلا حاجة إلى عقد أو ما شابه ، والطريق إلى ذلك سهل يسير يمكن أن يتمّ بأي حديث أو عمل يشمّ منه رائحة العودة ويدلّ على الرجوع في العلاقة الزوجية ، وقد اختصّت بعض الأحكام التي وردت في الآيات أعلاه مثل «النفقة» و «السكن» بحالة الطلاق الرجعي ، يضاف إلى ذلك عدم خروج المرأة من بيت زوجها أثناء العدّة ، فإنّها أيضا من مختصّات الطلاق الرجعي أمّا الطلاق البائن غير القابل للرجوع ، (كالطلاق للمرّة الثالثة) فإنّه غير

٤٢١

مشمول بتلك الأحكام.

أمّا حقّ النفقة والسكن فهو ثابت للنساء الحوامل إلى حين وضع الحمل.

والتعبير بـ( لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً ) إشارة إلى أنّ كلّ الأحكام السابقة ـ أو بعضها ـ مرتبط بالطلاق الرجعي(١) .

٢ ـ لا يكلّف الله نفسا إلّا وسعها

ليس العقل وحده يحكم بذلك ، وإنّما الشرع هو الآخر شاهد ودليل على ذلك. أي أنّ تكاليف البشر ومسئولياتهم إنّما هي بقدر طاقاتهم وتعبير( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها ) التي وردت ضمن الآيات السابقة هو إشارة إلى هذا المعنى.

ولكن ورد في بعض الروايات أنّ المقصود بـ( ما آتاها ) هو «ما أعلمها» أي أنّ الله يكلّف الناس بقدر ما أعلمهم به. ولذا استدلّ بهذه الآية على إثبات «أصل البراءة» في مباحث علم الأصول ، فمن لا يعلم حكما ليس عليه مسئولية تجاه ذلك الحكم.

ونظرا لأنّ عدم الاطّلاع يؤدّي أحيانا إلى عدم المقدرة ، فمن الممكن أن يكون المقصود هو الجهل الذي يكون مصدرا للعجز.

وبناء على هذا فإنّه سيكون للآية مفهوم واسع يشمل عدم القدرة والجهل الذي يؤدّي إلى عدم القدرة على إنجاز التكليف.

٣ ـ أهميّة النظام العائلي

إنّ الدقّة والظرافة التي عالجت بها الآيات القرآنية أحكام النساء المطلّقات وحقوقهنّ وباقي الجزئيات المتعلّقة في هذا المجال ، الواردة في آيات قرآنية

__________________

(١) راجع الكتب الفقهيّة للتوسّع في ذلك ومنها كتاب «جواهر الكلام ، ج ٣٢ ، ص ١٢١».

٤٢٢

اخرى ، تمثّل بمجموعها المنهج والقانون الإسلامي لمواجهة هذه المشاكل.

كلّ ذلك يبرز الأهميّة الخاصّة التي يوليها الإسلام لنظام العائلة ورعاية حقوق المرأة والأبناء. فهو يسعى لمنع وقوع الطلاق قدر الإمكان ، ويحاول استئصال جذور هذا العمل البغيض ، ولكن إذا وصلت هذه الجهود إلى طريق مسدود وأصبح الطلاق والانفصال هو العلاج الوحيد ، عندها يحذّر من ضياع حقوق الأطفال ويرفض أن تذهب هذه الحقوق ضحيّة هذا النزاع ، حتّى أنّه شرع حكم الطلاق بطريقة يمكن في ضوئها الرجوع عنه غالبا.

إنّ أوامر الإمساك بمعروف والطلاق بمعروف ، وكذلك عدم الإضرار والتضييق على النساء والتشدّد في أمرهنّ ، والتشاور الحسن في شؤون الأطفال ، وما إلى ذلك كلّها شواهد على ذلك.

غير أنّ عدم اطّلاع المسلمين على هذه الأحكام وجهلهم بها ، أو إعراضهم عن الالتزام بها رغم علمهم ، أدّى إلى نشوء مشاكل عائلية عديدة حين الطلاق ، وخاصّة في شأن الأطفال. وذلك نتيجة ابتعاد المسلمين عن مصدر الفيض الإلهي الذي هو القرآن. فمثلا في الوقت الذي يدعو القرآن إلى عدم خروج النساء من بيت الزوج في أيّام العدّة ، ولا يحقّ للزوج إكراهها على الخروج أثناء تلك الفترة المحدّدة مما يؤدّي هذا الحكم إلى العدول عن الطلاق ورجوع النساء إلى الحياة الزوجية ، نرى قلّة من النساء والرجال يلتزمون بذلك بعد وقوع الطلاق ، وهذا ما يدعو إلى الأسف حقّا.

* * *

٤٢٣

الآيات

( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً (٨) فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً (٩) أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً (١٠) رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً (١١) )

التّفسير

العاقبة المؤلمة للعاصين :

في كثير من الموارد يأتي القرآن على ذكر الأمم السابقة بعد إيراد سلسلة من الأحكام والتكاليف ، لكي يرى المسلمون بأعينهم عاقبة كلّ من (الطاعة

٤٢٤

والعصيان) في تجارب الماضي وتأخذ القضيّة طابعا حسيّا.

ولم يخرج القرآن الكريم في هذه السورة عن هذا النهج ، فبعد ذكر وظائف كلّ من الرجال والنساء عند الطلاق ، يحذّر العاصين والمتمرّدين من العواقب الوخيمة التي تنتظرهم بقوله في البداية :( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً ) (١) .

والمقصود بـ «القرية» هو محل اجتماع الناس ، وهو أعمّ من المدينة والقرية ، والمراد هو أهلها.

«عتت» من مادّة «عتو» على وزن «غلو» بمعنى التمرّد على الطاعة.

و «نكر» على وزن «شكر» ويعني العمل الصعب الذي لم يسبق له مثيل.

«حسابا شديدا» أي الحساب الدقيق المقرون بالشدّة والصرامة ، ويعني العقاب الشديد الذي هو نتيجة الحساب الدقيق. وهو على كلّ حال إشارة إلى عاقبة الأقوام السابقة المتمرّدة العاصية في هذه الدنيا ، التي هلكت بعضها بالطوفان ، وبعضها بالزلازل ، وآخرون بالصواعق والعواصف ، وأمثالهم حلّ بهم الفناء وبقت ديارهم وآثارهم عبرة للأجيال بعدهم.

لذلك يضيف تعالى في الآية اللاحقة :( فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً ) .

وأي خسارة أفدح من خسران رأس المال الذي وهبه الله ، والخروج من هذه الدنيا ـ ليس فقط بعدم شراء المتاع ـ وإنّما بالانتهاء إلى العذاب الإلهي والدمار.

ويرى البعض أنّ «حسابا شديدا» و «عذابا نكرا» يشيران إلى «يوم القيامة»

__________________

(١) «كأين» على الرّأي المشهور لعلماء الأدب اسم مركب من «كاف» التشبيه و «أي» مع التنوين الذي دخل في بناء هذا الاسم ، ويقرأ مع الوقف كذلك ، وكتب أيضا في كتابة المصاحف ومعناها كمعنى «كم» الخبرية ، رغم وجود فرق بسيط بينهما. وعلى الرأي غير المشهور فإنّها اسم بسيط وكافها ونونها جزء من الكلمة.

٤٢٥

واعتبروا الفعل الماضي من باب الماضي المراد به المستقبل ، ولكن لا داعي لهذا التكلّف ، خاصّة أنّ السورة تحدّثت عن يوم القيامة في الآيات اللاحقة ، فذلك يدلّ على أنّ المراد بالعذاب هنا هو عذاب الدنيا.

ثمّ يشير تعالى إلى عقابهم الاخروي بقوله :( أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً ) عذابا مؤلما ، مخيفا ، مذلا ، فاضحا ، دائما أعدّه لهم منذ الآن في نار جهنّم.

والآن( فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا ) .

إنّ الفكر والتفكّر من جهة ، والإيمان والآيات الإلهية من جهة اخرى ، تحذّركم وتدعوكم لملاحظة مصائر الأقوام السابقة المتمرّدة التي عصت أمر ربّها ، والإعتبار بذلك والحذر من أن تكونوا مثلهم ، فقد ينزل عليكم الله غضبه وعذابه الذي لم يسبق له مثيل إضافة إلى عذاب الآخرة.

وبعد ذلك يخاطب الله تعالى المؤمنين الذين يتفكّرون في آيات الله بقوله :( قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً ) وهو الشيء الذي يوجب تذكركم.

وأرسل لكم رسولا يتلو عليكم آيات الله الواضحة( رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ ) .

علما أنّ هناك خلافا بين المفسّرين في معنى كلمة «ذكر» ولكلمة «رسولا» اعتبر بعضهم أنّ «الذكر» يعني القرآن ، بينما فسّرها البعض الآخر بأنّها تعني (رسول الله) لأنّ الرّسول هو سبب تذكّر الناس ، وطبقا لهذا التّفسير فإنّ كلمة «رسولا» التي تأتي بعدها تعني شخص الرّسول ، وليس في البين كلام محذوف.

ولكن يصبح معنى «الإنزال» هنا هو وجود الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الامّة وبعثه فيها من قبل الله تعالى.

ولكن إذا أخذنا «الذكر» بمعنى «القرآن» فإنّ كلمة «رسولا» لا يمكن أن تكون بدلا ، وفي الجملة محذوف تقديره «أنزل الله إليكم ذكرا وأرسل إليكم رسولا».

٤٢٦

قال البعض : أنّ «الرّسول» يقصد به «جبرائيل» وبهذا يكون النزول نزولا حقيقيّا ، نزل من السماء ، غير أنّ هذا التّفسير لا ينسجم مع عبارة( يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ ) لأنّ جبرائيل لم يقرأ الآيات القرآنية بصورة مباشرة على المسلمين.

وبصورة عامّة ، فإنّ كلّ أي من هذه الآراء يحتوي على نقاط قوّة ونقاط ضعف ، ويبقى التّفسير أو الرأي الأوّل أفضل الآراء أي أنّ «الذكر» يقصد به «القرآن» و «رسولا» يقصد به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وذلك لأنّ القرآن الكريم أطلق على نفسه «الذكر» في آيات كثيرة ، خصوصا أنّها كانت مقرونة بكلمة «إنزال» إلى الحدّ الذي أصبح كلّما جاءت عبارة «إنزال الذكر» تداعى إلى الأذهان القرآن الكريم.

ثمّ نقرأ في الآية (٤٤) من سورة النحل( وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ) .

وجاء في الآية (٦) من سورة «الحجر»( وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ ) .

وإذا جاء في بعض الروايات عن أهل البيتعليهم‌السلام أنّ المقصود من «الذكر» هو رسول الله و «أهل الذكر» هم «الأئمّة» ، فقد يكون المقصود هو المعنى الباطني للآية ، لأنّنا نعلم أنّ «أهل الذكر» في آية( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) النحل (٤٣) ليس خصوص أهل البيتعليهم‌السلام ، بل إنّ شأن نزولها هو علماء أهل الكتاب ، ولكن نظرا لاتّساع معنى الذكر فإنّه يشمل رسول الله كأحد مصاديقه.

على أي حال فإنّ الهدف النهائي من إرسال الرّسول وإنزال هذا الكتاب السماوي ، هو لإخراج الناس من الظلمات والكفر والجهل وارتكاب الذنوب والمآثم والمفاسد الأخلاقية ، إلى نور الإيمان والتوحيد والتقوى.

والواقع أنّ تمام أهداف بعثة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونزول القرآن يمكن تلخيصها بهذه الجملة ، وهي الخروج من الظلمات إلى النور.

٤٢٧

وتجدر الإشارة إلى أنّ «الظلمات» ذكرت بصيغة الجمع بينما ذكر النور بصيغة المفرد ، لأنّ الكفر والشرك والفساد تؤدّي إلى الفرقة والاختلاف ، بينما يؤدّي الإيمان والتوحيد والتقوى إلى الوحدة والتلاحم.

وفي ختام الآية يشير إلى أجر العاملين المخلصين بقوله :( وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً ) .

وأشار بالفعل المضارع «يؤمن» و «يعمل» إلى أنّ إيمانهم وعملهم الصالح ليسا محدودين بحدود الزمان والمكان ، وإنّما لهما استمرار وديمومة(١) .

والتعبير بـ (خالدين) دليل على كون الجنّة خالدة ، وبذلك تكون كلمة «أبدا» التي جاءت بعدها تأكيد لهذا الخلود.

والتعبير بـ «رزقا» بصيغة نكرة إشارة إلى عظمة وأهميّة الأرزاق الطيّبة التي يهيّؤها الله لهذه الجماعة ، وقد يتّسع معناها ليشمل كلّ النعم الإلهية في الدنيا والآخرة ، لأنّ الصالحين والمتّقين لهم حياتهم الكريمة حتّى في الحياة الدنيا.

* * *

__________________

(١) ينبغي الالتفات إلى أنّ الضمائر في الآية بعضها بصيغة الجمع وبعضها الآخر بصيغة المفرد ، وهذا يعني انّه في الموارد التي جاء بصيغة المفرد يكون بمعنى الجنس والجمع أيضا.

٤٢٨

الآية

( اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (١٢) )

التّفسير

الهدف من خلق العالم :

هذه الآية هي آخر آية من سورة الطلاق ، وفيها إشارة معبّرة وصريحة إلى عظمة وقدرة البارئ جلّ شأنه في خلق السموات والأرض وبيان الهدف النهائي للخلق ، ثمّ تكمل الآية الأبحاث التي وردت في الآيات السابقة حول الثواب العظيم الذي أعدّه الله للمؤمنين المتّقين ، والعهود التي قطعها على نفسه لهم فيما يخصّ حلّ مشاكلهم المعقّدة. إذ من الطبيعي أنّ الذي أوجد هذا الخلق العظيم له القدرة على الوفاء بالعهود سواء في هذا العالم أو العالم الآخر.

يقول تعالى أوّلا :( اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ ) .

( وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ ) .

بمعنى أنّ الأرضين سبع كما السماوات سبع ، وهذه هي الآية الوحيدة التي

٤٢٩

تشير إلى الأرضين السبع في القرآن الكريم.

والآن لنر ما هو المقصود من السموات السبع والأرضين السبع؟

مرّت أبحاث مطوّلة في هذا المجال في ذيل الآية (٢٩) من سورة البقرة ، وفي ذيل الآية (١٢) من سورة فصّلت ، لذا نكتفي هنا بإشارة مقتضبة وهي :

إنّه من الممكن أن يكون المراد من عدد (٧) هو الكثرة ، فكثيرا ما ورد هذا التعبير للإشارة إلى الكثرة في القرآن الكريم وغيره ، فنقول أحيانا للمبالغة لو أتيت بسبعة أبحر لما كفت.

وبناء على هذا فسيكون المقصود بالسموات السبع والأرضين السبع هو الإشارة إلى العدد العظيم والهائل للكواكب السماوية والكواكب التي تشبه الأرض.

أمّا إذا اعتبرنا العدد سبعة هو لعدد السموات وعدد الأرضين ، فإنّ مفهوم هذه الآية مع الالتفات إلى الآية (٦) من سورة الصافات التي تقول :( إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ ) سيكون شيئا آخر ، وهو أنّ علم البشر ومعرفته مهما اتّسعت فهي محدودة ومتعلّقة بالسماء الاولى التي توجد وراءها ثوابت وسيّارات ستة هي عبارة عن العوالم الاخرى التي لا تتسع لها معرفتنا المحدودة ولا ينالها إدراكنا الضيّق.

أمّا الأرضين السبع وما حولها ، فربّما تكون إشارة إلى طبقات الأرض المختلفة ، لأنّ الأرض تتكوّن من طبقات مختلفة كما ثبت اليوم علميّا. أو لعلّها تكون إشارة إلى المناطق السبع التي تقسّم بها الأرض في السابق وحاليا. علما أنّ هناك اختلافا بين التقسيم السابق والتقسيم الحالي ، فالتقسيم الحالي يقسّم الأرض إلى منطقتين : منطقة المنجمد الشمالي ، والمنجمد الجنوبي. ومنطقتين معتدلتين ، وأخريين حارتين ، ومنقطة استوائية. أمّا سابقا فكان هناك تقسيم آخر لهذه المناطق السبع.

٤٣٠

ويمكن أن يكون المراد هنا من العدد «سبعة» المستفاد من تعبير (مثلهنّ) هو الكثرة أيضا التي أشير بها إلى الكرات الأرضية العديدة الموجودة في العصر الراهن ، حتّى قال بعض علماء الفلك : إنّ عدد الكرات المشابهة للأرض التي تدور حول الشموس يبلغ ثلاثة ملايين كرة كحدّ أدنى(١) .

ونظرا لقلّة معلوماتنا حول ما وراء المنظومة الشمسية ، فإنّ تحديد عدد معيّن حول هذا الموضوع يبقى أمرا صعبا. ولكن على أي حال فقد أكّد علماء الفلك الآخرون أنّ هناك ملايين الملايين من الكواكب التي وضعت في ظروف تشبه ظروف الكرة الأرضية ، ضمن مجرّة المجموعة الشمسية ، وهي تمثّل مراكز للحياة والعيش.

وربّما ستكشف التطورات العلمية القادمة معلومات أوسع وأسرار اخرى حول تفسير مثل هذه الآيات.

ثمّ يشير تعالى إلى إدارة هذا العالم الكبير وتدبيره بقوله جلّ شأنه( يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَ ) .

وواضح أنّ المراد من «الأمر» هنا هو الأمر التكويني لله تعالى في خصوص إدارة وتدبير هذا العالم الكبير ، فهو الهادي وهو المرشد وهو المبدع لهذا المسار الدقيق المنظّم ، والحقيقة أنّ هذه الآية تشبه الآية (٤) من سورة السجدة حيث تقول :( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ) .

على أي حال فإنّ هذا العالم سيفنى ويتلاشى إذا ما رفعت عنه يد التدبير والهداية الإلهية لحظة واحدة.

وأخيرا يشير تعالى إلى الهدف من وراء هذا الخلق العظيم حيث يقول :( لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً ) .

__________________

(١) تفسير «المراغي» ، ج ٢٨ ، ص ١٥١ ، في حديث نقل عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه قال : «لهذه النجوم التي في السماء مدائن مثل المدائن التي في الأرض.(تفسير البرهان ، ج ٤ ، ص ١٥).

٤٣١

كم هو تعبير لطيف ، إذ يعتبر الهدف من هذا الخلق العظيم هو تعريف الإنسان بصفات الله في علمه وقدرته ، وهما صفتان كافيتان لتربية الإنسان.

ومن ثمّ يجب أن يعلم الإنسان أنّ الله محيط بكلّ أسرار وجوده ، عالم بكلّ أعماله ما ظهر منها وما بطن. ثمّ يجب أن يعلم الإنسان أنّ وعد الله في البعث والمعاد والثواب والعقاب وحتمية انتصار المؤمنين ، كلّ ذلك غير قابل للتخلّف والتأخّر.

نعم ، إنّ هذا الخالق العظيم الذي له هذه «القدرة والعلم» والذي يدير هذا العالم بأجمعه ، لا بدّ أنّ أحكامه على صعيد تنظيم علاقات البشر وقضايا الطلاق وحقوق النساء ستكون بمنتهى الدقّة والإتقان.

أوردنا بحثا مفصّلا حول موضوع «الخلقة» في ذيل الآية (٥٦) من سورة الذاريات.

الجدير بالذكر أنّ هناك إشارات وردت في آيات عديدة من القرآن الكريم تبيّن الهدف من خلق الإنسان أو الكون ، وقد تبدو مختلفة ، ولكن بالنظرة الدقيقة نلاحظ أنّها ترجع إلى حقيقة واحدة.

١ ـ في الآية (٥٦) من سورة الذاريات يعتبر «العبادة» هي الهدف من خلق الجنّ والإنس( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) .

٢ ـ وفي الآية (٧) من سورة هود يضع امتحان الإنسان وتمحيصه كهدف لخلق السموات والأرض :( هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ) .

٣ ـ في الآية (١١٩) من سورة هود يقول : إنّ الرحمة الإلهية هي الهدف «ولذلك خلقهم».

٤ ـ وفي الآية مورد البحث اعتبر العلم والمعرفة بصفات الله هي الهدف «... لتعلموا ...».

٤٣٢

إنّ تدقيقا بسيطا في هذه الآيات يرينا أنّ بعضها مقدّمة للبعض الآخر ، فالعلم والمعرفة مقدّمة للعبودية ، والعبادة هي الاخرى مقدّمة للامتحان وتكامل الإنسان ، وهذا مقدّمة للاستفادة من رحمة الله «فتأمّل!»

ربّنا قد عرفتنا بهدف خلقك العظيم فأعنا على الوصول إلى ذلك الهدف.

اللهمّ ، إنّ رحمتك واسعة وكرمك دائم وقدرتك نافذة ، فأفض علينا من رحمتك.

اللهمّ ، إنّك أنزلت القرآن والرّسول لتخرج الناس من الظلمات إلى النور فأخرجنا من ظلمات الذنوب وأهواء النفوس وأنر قلوبنا بنور الإيمان والتقوى.

آمين يا ربّ العالمين

نهاية سورة الطلاق

* * *

٤٣٣
٤٣٤

سورة

التّحريم

مدنيّة

وعدد آياتها اثنتا عشرة آية

٤٣٥
٤٣٦

«سورة التّحريم»

محتوى السورة :

تتكوّن هذه السورة من أربعة أقسام رئيسيّة :

القسم الأوّل : يرتبط بقصّة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع بعض أزواجه حينما حرم بعض أنواع الطعام على نفسه ، فنزلت الآيات من ١ ـ ٥ وفيها لوم لزوجات الرّسول لأسباب سنذكرها في سبب النزول.

القسم الثّاني : خطاب لكلّ المؤمنين في شؤون التربية ورعاية العائلة ولزوم التوبة من الذنوب ، وهو من الآية ٦ ـ ٨.

القسم الثّالث : وهو الآية التاسعة التي تتضمّن خطابا إلى الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بضرورة مجاهدة الكفّار والمنافقين.

القسم الرّابع : وهو القسم الأخير للسورة ، من الآية ١٠ ـ ١٢ ويتضمّن توضيحا للأقسام السابقة بذكر نموذجين صالحين للنساء ، وهما (مريم العذراء ، وزوجة فرعون) ونموذجين غير صالحين (زوجة نوح ، وزوجة لوط) ويحذّر نساء النبي من هذين النموذجين الأخيرين ويدعوهنّ إلى الاقتداء بالنموذجين الأوّلين.

فضيلة تلاوة سورة التحريم :

في حديث عن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «من قرأ سورة يا أيّها النّبي لم تحرّم ما

٤٣٧

أحل الله لك أعطاه الله توبة نصوحا»(١) .

وفي حديث عن الإمام الصادق قال : «من قرأ سورة الطلاق والتحريم في فريضة أعاذه الله من أن يكون يوم القيامة ممّن يخاف أو يحزن وعوفي من النار وأدخله الله الجنّة بتلاوته إيّاهما ومحافظته عليهما لأنّهما للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(٢) .

* * *

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣١١.

(٢) (ثواب الأعمال) طبقا لنقل تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٣٦٧.

٤٣٨

الآيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١) قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ وَاللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٢) وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (٣) إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ (٤) عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً (٥) )

اسباب النّزول

وردت روايات عديدة في أسباب نزول هذه السورة في كتب الحديث

٤٣٩

والتّفسير والتاريخ ، عن الشيعة والسنّة ، انتخبنا أشهر تلك الروايات وأنسبها وهي :

كان رسول الله يذهب أحيانا إلى زوجته (زينب بنت جحش) فتبقيه في بيتها حتّى «تأتي إليه بعسل كانت قد هيّأته لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولكن لمّا سمعت عائشة بذلك شقّ عليها الأمر ، ولذا قالت : إنّها قد اتّفقت مع «حفصة» إحدى (أزواج الرّسول) على أن يسألا الرّسول بمجرّد أن يقترب من أيّ منهما بأنّه هل تناول صمغ «المغافير» (وهو نوع من الصمغ يترشّح من بعض أشجار الحجاز يسمّى «عرفط» ويترك رائحة غير طيّبة ، علما أنّ الرّسول كان يصرّ على أن تكون رائحته طيّبة دائما) وفعلا سألت حفصة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذا السؤال يوما وردّ الرّسول بأنّه لم يتناول صمغ «المغافير» ولكنّه تناول عسلا عند زينب بنت جحش ، ولهذا أقسم بأنّه سوف لن يتناول ذلك العسل مرّة اخرى ، خوفا من أن تكون زنابير العسل هذا قد تغذّت على شجر صمغ «المغافير» وحذّرها أن تنقل ذلك إلى أحد لكي لا يشيع بين الناس أنّ الرّسول قد حرّم على نفسه طعاما حلالا فيقتدون بالرّسول ويحرّمونه أو ما يشبهه على أنفسهم ، أو خوفا من أن تسمع زينب وينكسر قلبها وتتألّم لذلك.

لكنّها أفشت السرّ فتبيّن أخيرا أنّ القصّة كانت مدروسة ومعدّة فتألّم الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لذلك كثيرا فنزلت عليه الآيات السابقة لتوضّح الأمر وتنهى من أن يتكرّر ذلك مرّة اخرى في بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) .

وجاء في بعض الروايات أنّ الرّسول ابتعد عن زوجاته لمدّة شهر بعد هذا الحادث(٢) ، انتشرت على أثرها شائعة أنّ الرّسول عازم على طلاق زوجاته ، الأمر الذي أدّى إلى كثرة المخاوف بينهنّ(٣) وندمن بعدها على فعلتهن.

* * *

__________________

(١) هذا الحديث أورده في الأصل (البخاري) في ج ٦ ، من صحيحه ص ١٩٤ ، والتوضيحات التي ذكرت في الأقواس تستفاد من كتب اخرى.

(٢) تفسير القرطبي وتفاسير اخرى ذيل الآية مورد البحث.

(٣) تفسير في ظلال القرآن ، ج ٨ ، ص ١٦٣.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553