المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٤

المهذب البارع في شرح المختصر النافع10%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 553

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 553 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 116757 / تحميل: 7652
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

من ذلك وطاقتي ، لأن هذا يعجب عبدالرحمن. ثم قال لعثمان أن يقول نعم ، لأن ذلك سيجعله فيك أرغب.

ومع أنني لا أعتقد بصحة هذه الرواية لأن شخصية الإمام عليعليه‌السلام لم تكن بهذا الضعف ، كما لم تكن شخصية انتهازية ترضى بسلوك أي وسيلة لتصل الى غايتها ، وتجلس في السلطة ، وهو الزاهد الذي كان يرى الدنيا بأسرها أهون من عفطة عنز ، إلا أن الرواية ، بافتراض صحتها ، تشير الى أن الأمر لم يخل من خداع.

وسواء كانت لعبة الشورى ، أم مشورة عمرو ، فالقرار الذي أصدره الإمام عليعليه‌السلام بشأن كل ما حدث في تولية عثمان أنه ( خدعة وأيما خدعة )(١) أما معاوية فقال عن شورى عمر فيما بعد ( لم يشتت بين المسلمين ولا فرق أهواءهم ولا خالف بينهم إلا الشورى التي جعلها عمر الى ستة نفر )(٢) .

__________________

(١) الطبري : ٣ / ٣٠٢.

(٢) العقد الفريد : ٤ / ٢٨١.

١٠١

ولأنها كانت كذلك ولم تكن صافية بلا شوائب ، أدت الى ما نعرفه من حوادث ، وكما ندم أبو بكررضي‌الله‌عنه على تقمصها ندم عبدالرحمن بن عوف على فعله حتى قال لعليعليه‌السلام ( إن شئت أخذت سيفك وآخذ سيفي فإنه خالف ما أعطاني وروي كذلك أنه قال لبعض الصحابة في المرض الذي مات فيه ( عاجلوه قبل أن يطغى ملكه )(١) وعاش عبدالرحمن بن عوف لم يكلم عثمان أبداً حتى مات(٢) .

تلك هي بيعة عثمان أو الشكل الثالث من أشكال تعيين القيادة في جيل حمل الرسالة ، فاقتدينا به. فإن جاء أحد ممن نطأطيء لهم فيركبوننا كالمطايا ، وتأسى بهذه الأسوة وأتى من الأفعال ما تشابه وأفعال قدوتنا ، فكيف نوقفه عند حده ، وكيف نمنعه ، ما دامت هذه الممارسات تتحكم فينا ، لأننا قدسنا فاعليها وقدسناها معهم ، ولا يجوز لنا الاعتراض عليها أو عليهم.

__________________

(١) الفتنة الكبرى : ص ١٧٢.

(٢) العقد الفريد : ٤ / ٢٨٠.

١٠٢

٥ ـ معاوية والثورة المضادة

أدت سياسة عثمانرضي‌الله‌عنه التي ارتكزت على محاباة بني أمية ، وسوء توزيع الثروة في الدولة ، ورفع أسوأ الناس على رقاب المؤمنين ، وارتكاب المخالفات القانونية ، وتركيز السلطة في يد عائلة بعينها دون إعتبار للأهلية والكفاءة ـ كما هو مفصل في تاريخنا ـ الى تمرد عامة الشعب ، وتذمر كبار الصحابة ، حتى انتهى الأمر بمقتل الخليفة ، وسقوط الدولة الإسلامية الناشئة في دوامة صراع سياسي خطير. وأخذت الأخطاء التي بدأت قبل سنوات بدرجة واحدة ، تتسع على مر الأيام ، ويزداد انفراجها ، حتى وصلت الأمور الى تحول معاكس للخط الذي تأسست عليه الدولة.

ولأن الثورة على نظام الحكم ـ أي نظام ـ حرام لا تجوز في اعتقاد مؤرخينا الذين نشأوا وتربوا في ظل نظم غير شرعية ، كان لابد من البحث عن تبرير خارج عن العقل والمنطق ـ كالعادة ـ لإقناعنا بأنه ما أسقط الدولة وأشاع الفتنة إلا العناصر الخارجية فهم لم يربطوا بين المسببات وأسبابها ، ولم يرجعوا المعلولات الى عللها ، ولم يفتشوا عن أسباب ثورة أهل مصر على عثمانرضي‌الله‌عنه

١٠٣

لأن هذا المنهج ـ رغم علميته وإسلاميته ـ سيؤدي الى تخطئة بعض الشخصيات التي يريدون من كل مسلم تقديسها مهما فعلت.

من أجل هذا اخترعوا شخصية خيالية لم توجد في التاريخ أصلاً إلا في أوهامهم ، وسموها عبدالله بن سبأ أو ابن السوداء ، وأطلقوا لخيالهم العنان تحت تخدير العواطف ، فتخيلوا أنه لابد وأن يكون يهودياً ، ونسبوا إليه كل الفساد ، ووضعوا على رأسه مسؤولية الثورة والتذمر. فتعيين الخليفة مجلس شوراه من أقربائه وممن لعنهم أو نفاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كمروان بن الحكم ، وسعيد بن العاص ، وعبدالله بن عامر ، وعبدالله بن سعد بن أبي سرح ، مع وجود أجلة الصحابة ، ثم إطلاق يد العائلة المالكة وعلى رأسها هؤلاء في تغيير الدولة والتلاعب بشئونها ، وإشاعة الفوضي السياسية والقانونية وتعطيل أحكام الشرع ، ثم حماية الخليفة لهم. ووعده بإصلاح الأمور مرات ، واخلافه لهذا الوعد ، واصراره على صحة سياسته التي احتج عليها كل الصحابة إلا المستفيدين ، لم يكن من أسباب التذمر. كما أن تعيين الخليفة لمرتد أباح الرسول دمه في فتح مكة كعبدالله بن

١٠٤

سعد بن أبي سرح والياً على مصر في وجود أجلاء كعمار بن ياسر ، ومحمد بن أبي بكر ، ومحمد بن أبي حذيفة ، وغيرهم ، ثم قيام هذا الوالي بتعطيل الشرع ونهب خزانة الدولة واضطهاد النصارى ، وإذلال الناس ، لم يكن سبباً كافياً لتذمر أهل مصر ، بل لابد وأن يكون السبب وراء ذلك عبدالله بن سبأ اليهودي ، ولابد وأن يكون الصحابة الذين ثاروا على فساد نظام الدولة من أتباع هذا اليهودي. تماماً كما تقول الأنظمة المعاصرة عمن ثار عليها ، لأن الثورة على النظم الفاسدة حرام وفتنة وإراقة دم.

ونظرية ابن سبأ التي ساقها مشايخنا في تبرير الكارثة ، يستحي منها كل طفل مسلم به مسكة من عقل ، لأنها تعني أن الخلافة الراشدة والدولة المحمدية كانت من الضعف بمكان بحيث أن يهودياً واحداً استطاع أن يقلبها بغير عناء.

كما أنها تعنى أن كبار الصحابة الذين لم يوافقوا على سياسة عثمان ، لم يكونوا يعرفون دينهم ، فانساقوا وراء مقولة يهودي ودمروا دولة الإسلام.

١٠٥

ثم ليت مؤرخينا استطاعوا أن يثبتوا دور ابن سبأ في الأحداث ، لأنك تراهم يذكرون اسمه في البداية فقط ، ثم تجري الأحداث مجراها الطبيعي محكومة بقوانين العمران والسياسة المنطقية ووفق عللها الطبيعية من تنافس بين الصحابة ، وسوء إدارة الدولة ، وفساد الشورى ، وضغائن القبائل ، وما اليها.

ولأن العلة التي ذكرها المؤرخون ـ أي ابن سبأ ـ علة وهمية ، تراهم على غير يقين منها ، فمرة قالوا وراءها عبدالله بن سبأ ، ومرات قالوا أن عمرو بن العاص هو محركها ، لأنه كان يؤلب الناس على عثمان حتى رعاة الغنم المتفرقين في الصحراء ، ومرة يعلقون المسؤولية في عنق محمد بن أبي بكر ، وأخرى يضغونها على رأس مروان بن الحكم(١) .

وكثير من المؤرخين يقولون أن الأسباب التي نقمها الناس على عثمان كثيرة وخطيرة ، وأنهم رأوا الإعراض عن ذكرها أفضل ، ولم يذكروا إلا ما سمحت به أنفسهم وجادت به وجهات نظرهم.

__________________

(١) أنظر تفصيل ذلك على سبيل المثال في الطبري : ٣ / ٣٧٨ حتى ٣٩٨.

١٠٦

فنحن إذن لا نقرأ إلا ما سمحوا لنا بقراءته والإطلاع عليه ، لا ما وقع كله ، وما يدريك لعل فيما لم يذكروه مفاتيح معضلات كثيرة ، أو ربما فيه من الحقائق التاريخية ما يكشف كثيراً مما لم يزل عندنا طلاسم غير مفهومة ؟

إن أحداث المأساة السياسية التي وقعت في عهد عثمانرضي‌الله‌عنه لم يكن وراءها يهودي ولا نصراني ، بل كانت لها أسبابها وعللها السياسية والإقتصادية والإدارية والإجتماعية والنفسية والفكرية التي اجتمعت وسارت وفق قوانين التاريخ وسنة الله في خلقه.

ومن الأدلة على ذلك أن الصحابة لم يذكروا ابن سبأ قط ، بل منهم من تنبأ بما وقع من الأحداث الجليلة ، فانقلاب معاوية على الخليفة الشرعي وتأمره على الناس بالسيف تنبأ به كعب وغيره من الصحابة(١) .

وإنعكاس حال الدولة استشفه عليعليه‌السلام (٢) .

__________________

(١) الطبري : ٣ / ٣٨١.

(٢) الطبري : ٣ / ٤٥٦.

١٠٧

كما تنبأ به عثمان نفسه حين ثار عليه أهل مصر فقال ( والله لئن فارقتهم ليتمنون أن عمري كان طال عليهم مكان كل يوم بسنة مما يرون من الدماء المسفوكة والإحن والأثرة الظاهرة والأحكام المغيرة )(١) .

ذلك أن أحوال الدولة وخط سيرها كان واضحاً أمامهم جميعاً ، ومن ثم استطاعوا أن يروا المصير قبل وقوعه ، لأنه كان أمراً مفهوماً ، إذ كيف يتوقع ذو عقل السلامة لدولة يديرها مجلس شورى من الملاعين والمطرودين ؟

لقد كانت الدولة في عهد عثمان دخلت مرحلة وسطاً بين الخلافة والملك ، وكانت تسير بخطى واضحة في طريقها الى نظام سياسي غير الذي أراده لها مؤسسها ، وكانت هذه حقيقة سياسية يعرفها الكثير. أنظر الى مروان بن الحكم ـ مثلاً ـ وقد حاصر الناس عثمان فخرج عليهم ليقول لهم ( جئتم تريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا ؟ إرجعوا عنا )(٢) .

__________________

(١) الطبري : ٣ / ٣٩٣ وانظر كذلك ٣ / ٤٢٥.

(٢) الطبري : ٣ / ٣٧٩.

١٠٨

إن طريقة تفكير الصحابة ومن عاش خلال تلك الأحداث كانت مختلفة عن طريقة تفكيرنا التي ورثناها عن مشايخنا ومؤرخينا ، ومن هنا لم يؤثر عن أحدهم أنه قال أن سياسة الدولة كانت مضبوطة وأن سبب الفساد كان هذا أو ذاك من اليهود أو النصارى.

وكيف كان من الممكن توقع غير ما آلت إليه الخلافة في الوقت الذي كان يعتبرها مروان بن الحكم ـ كما مر قبل سطور قليلة ـ ملكاً له وعائلته والخليفة حي بين الناس ؟

قتل الخليفة ، وأدرك الناس أن الدولة قد حلت بها كارثة ، فهرعوا الى الإمام عليعليه‌السلام يبايعونه وقالوا ( إن هذا الرجل قد قتل ولابد للناس من إمام ، ولا نجد اليوم أحق بهذا الأمر منك ، لا أقدم سابقة ولا أقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : لا تفعلوا فإني أكون وزيراً خير من أن أكون أميراً ، فقالوا لا والله ما نحن بفاعلين حتى نبايعك ، قال : ففي المسجد فإن بيعتي لا تكون خفياً ولا تكون إلا عن رضا المسلمين )(١) .

__________________

(١) الطبري : ٣ / ٤٥٠.

١٠٩

وفي رواية أخرى أنه ( حين قتل عثمانرضي‌الله‌عنه واجتمع المهاجرون والأنصار وفيهم طلحة والزبير ، فأتوا علياً فقالوا يا أبا حسن هلم نبايعك ، فقال : لا حاجة لي في أمركم أنا معكم ، فمن اخترتم فقد رضيت به فاختاروا. فقالوا : والله ما نختار غيرك ، فاختلفوا إليه بعد ما قتل عثمانرضي‌الله‌عنه مراراً ، ثم أتوه في آخر ذلك فقالوا إنه لا يصلح الناس إلا بإمرة ، وقد طال الأمر ، فقال لهم : إنكم قد اختلفتم اليَّ وأتيتم ، وإني قائل لكم قولاً إن قبلتموه قبلت أمركم ، وإلا فلا حاجة لي فيه. قالوا ما قلت من شيء قبلناه إن شاء الله. فجاء فصعد المنبر ، فاجتمع الناس إليه فقال : إني قد كنت كارهاً لأمركم فأبيتم إلا أن أكون عليكم. ألا وإنه ليس لي أمر دونكم ، إلا أن مفاتيح مالكم معي ، ألا وإنه ليس لي أن آخذ منه درهماً دونكم ، رضيتم ؟ قالوا نعم ، قال أللهم اشهد عليهم ثم بايعهم على ذلك(١) .

وهذه الروايات ـ إن صحت ـ دلت على أمور :

__________________

(١) نفس المصدر : ٣ / ٤٥٠ ـ ٤٥١.

١١٠

الأول : أن طريقة اختيار القيادة هذه المرة اختلفت عن المرات الثلاثة الماضية ، وهذه هي المرة الأولى التي ذهب الناس فيها مراراً يلحون على شخص أن يتولى قيادتهم ، دون أن يتم الأمر فلتة ، أو بالعهد دون مشورة ، أو بمجلس شورى منتقى.

الثاني : أن الإمام عليعليه‌السلام ظل يرفض هذا المنصب ، ربما لأنه كان يعلم أن الدولة قد سارت في طريق وعر ، وتغير حال الناس فيها ، وهو ما سيسبب له بالتأكيد مصاعب في إدارتها ورد الأمور الى مجراها الأصلي. وربما رفض مراراً ليثبت لكل ذي عينين أنه لم يختلس الأمر ، ولم يسارع اليه ، ولم يلفق له الطرق ويخترع الوسائل ، وإنما كان اختياره اختياراً حراً من قبل الناس الذين أصروا عليه ، فهي بيعة صافية رائقة لا يشوبها غبش.

الثالث : أن الإنحراف الذي سبب الكوارث الماضية كان في أساسه انحرافاً اقتصادياً مالياً بالدرجة الأولى ، وهو ما يظهر من عبارته ، ولو لم تكن لهذا الأمر علاقة بما جرى ما أفرده الإمام بالذكر في عهد البيعة الذي له منزلة الدستور.

١١١

الرابع : أن السياسة الإقتصادية والمالية التي سيتبعها الإمام علي ـ أو القيادة الجديدة ـ ستقوم على المساواة وإحقاق الحق والإنصاف وعدم المحاباة والإلتزام الدقيق بالشرع. وأعتقد أن هذا الإحساس الذي لابد وأن كل فرد آنذاك قد شعر به.

وتمت بيعة الإمام بعد أن كانت الدولة قد شهدت تغييرات هائلة في جميع جوانبها الإقتصادية والسياسية والإجتماعية والقانونية ، فغاصت في بحر تعالت أمواجه وهزت كيان الدولة هزاً عنيفاً.

وما أن تولى الأمر حتى بدأ يعيد عربة الدولة الى الخط الذي خرجت عنه ، فعزل العصابة التي استولت على مناصب الدولة العليا ، وولى مكانها أهل الصلاح والتقى ، وسوى بين الناس في الأنصبة ، وكانت بيعته فرصة عظيمة لإعادة الدولة من الطريق المنحرف الى الصراط المستقيم. غير أن السياسات الخاطئة ـ خصوصاً الإقتصادية ـ التي كانت الدولة قد سارت عليها ربع قرن بعد وفاة المؤسس ، أسفرت عن خلق خط سياسي معاد لأية

١١٢

إصلاحات اقتصادية ، لا سيما وأن كبار أهل الأثر والنفود ـ أو أغلبهم ـ كانوا ممن استفادوا من هذه السياسة الإقتصادية ، وتغير وضعهم الإجتماعي وأصبحت لهم مكاسب ومصالح مشتركة يدافعون عنها ، ويرون الحفاظ عليها بأي ثمن.

ومن هنا كانت أزمة الإمام عليعليه‌السلام الحقيقية ، إذ تسلم السلطة والحمل ثقيل ، والمهمة صعبة ، أضف الى ذلك العناصر الأخرى كإزدهار بني أمية سياسياً ، وضعف أتباع خط الإمام عليعليه‌السلام نظراً لفقرهم وزهدهم ، واستفحال الضغائن القبلية ، والأحقاد الشخصية ، وتبني سياسة الإنتقام من الإمام الذي وتر بسيفه كل بيوتات الكفر التي تصدت للإسلام خلال الحروب الماضية.

تزعم حركة قلقلة الدولة فريقان :

الأول بزعامة معاوية وكان أقوى وأكبر كما كانت له مطامع قبلية معروفة ، وهو من البيت الذي ظل يحارب الإسلام ودعوته حتى فتحت عليه مكة واضطر للإسلام قبل أشهر قليلة من وفاة الرسول عليه وآله الصلاة والسلام.

١١٣

وهذا الفريق نجح في استقطاب الناس بالعطايا والوعود والهدايا ، واتخذ من دم عثمان حجة للثورة على الخليفة الشرعي ونشر الفوضى في الدولة الإسلامية.

والثاني بزعامة أم المؤمنين عائشة وطلحة والزبير ، وهذا الفريق أقل وأضعف ، لكنه أيضا استتر بالمطالبة بدم عثمان دون وجه حق ، وكانت الدوافع مختلفة ، فأم المؤمنين عائشة كانت بنفسها تحرض الناس على قتال عثمان وتقول لهم صراحة : اقتلوه ، وترميه بالكفر(١) .

وكذلك فعل طلحة وكان من أكبر المساعدين على قتله(٢) .

ثم بايع هو والزبير الإمام في البداية ، ثم انقلبا عليه لما رفض طلبهما بتولي إمرة البصرة والكوفة ، وادعيا أنهما بايعا مكرهين.(٣)

__________________

(١) الطبري : ٣ / ٤٧٧.

(٢) الفخري لابن طباطبا ، ص٦٠ قال وهذا تشهد به جميع التواريخ.

(٣) الطبري : ٣ / ٤٥١ ـ ٤٥٢. وانظر تفصيل وقائع هذا الدور في جميع كتب التاريخ المعتبرة.

١١٤

نعم ندمت عائشة على خروجها على الإمام علي كما ندم غيرها ، لكنهم ندموا بعد أن كان الخراب قد عم.

واضطر الإمام لأن يواجه ثلاث حروب طاحنة في أقل من خمسة أعوام هي مدة حكمه. فانهزم له الفريق الثاني في موقعة الجمل ، وأوشك الفريق الأول في صفين على الهزيمة ، فلجأ الى حيلة التحكيم ورفع المصاحف ، كما هو مشهور لدينا معروف ، وانتهى الأمر بالكذب والخداع.

وظهر الى الوجود من بعد فريق ثالث هم البغاة الخوارج ، الذين اضطر الإمام لقتالهم في النهروان.

وعاش الإمام ولا سلطان له على الشام مركز معاوية ، وأقام البغاة دولة داخل الدولة الى أن قتل الإمام على يد ابن ملجم المصري لعنه الله. ولأن الأمة لم تكن ترى أحداً من زعماء الفريقين المذكورين يستحق القيادة بايعوا الإمام الحسن بن عليعليه‌السلام ، فرأى أن يهادن قليلاً لتستتب الأمور ، وتهدأ العاصفة ، لكن نفراً من أتباعه ثاروا عليه ، وهجموا عليه وجرحوه ونهبوا متاعه ، فاضطر في النهاية للتفاوض مع معسكر

١١٥

البغي ليحقن دماء أتباع أهل البيت ، الذين كادت السيوف الباغية أن تستأصلهم من جذورهم. وشرط له معاوية شروطاً لم يف بأي منها ، بعد أن تمكن من السلطة بحد السيف عام ٤١ ه‍ وهو ما قيل لنا عنه أنه عام الجماعة ، ولم يكن إلا عام الفرقة والاستسلام للبغي وإنقلاب خلافتنا ملكاً عضوضاً.

ثم دس معاوية للحسن السم وإنفرد بالأمر وهذا كله مفصل في كتب التاريخ كلها فليرجع اليه من شاء ، وقد أعرضنا عن تفصيله لما يقتضيه المقام من الإختصار.

ركب معاوية السلطة ، ووقف بعدها ليعلن فصل الدين عن الدولة صراحة ، ويقول ( يا أهل الكوفة أترونني قاتلتكم على الصلاة والزكاة والحج ، وقد علمت أنكم تصلون وتزكون وتحجون ، ولكني قاتلتكم لأتأمر عليكم وأَلي رقابكم ، وقد آتاني الله ذلك وأنتم له كارهون. ألا إن كل دم أصيب في هذه مطلول ، وكل شرط شرطته فتحت قدمي هاتين )(١) .

__________________

(١) الكامل لابن الأثير : ٦ / ٢٢٠ ، مصر ، ١٣٥٦ ه‍.

١١٦

وهذا منه إعلان صريح بما يلي :

١ ـ أن العبادات قد فصلت عن القيادة والسياسة ، فالأولى لكم فيها اتباع الشرع وما قال الله وقال الرسول ، والثانية لي وأنا حر فيها.

٢ ـ أنه قاتل الناس ليتأمر عليهم ، ويأخذ القيادة بحد السيف.

٣ ـ أن الناس كارهون له في ذلك ، إذ لم يكن ما فعله يحظى بذرة رضا.

٤ ـ التخلص من كل العهود والمواثيق والشروط التي قطعها على نفسه مع الإمام الحسن ومع الأشخاص والقبائل ، وأن الدماء التي أريقت في سبيل وصوله الى السلطة ، والمعارك التي قتل فيها عشرات الألوف من المسلمين لا حساب عليها ولا قود ولا عقاب ، وعلى الأمة إذن أن تنسى ماكان ، وتبدأ صفحة جديدة من تاريخها ، الذي ستبدأ أحداثه وفق تصور جديد ، وسياسة مغايرة.

ثم قاد معاوية الثورة المضادة بمعنى الكلمة ، فأسس جهازاً لتشويه أهل الحق ، وآخر لتصفية المعارضين جسدياً ، واخترع

١١٧

الأحاديث ، ولفق التفاسير ، وأنشأ الفرق الفكرية المعارضة ، ونشر بين المسلمين السكوت على الظلم والظالمين بل وتأييدهم ، وأن الأسلم لهم عند احتدام المعركة بين الحق والباطل الفرار الى رؤوس الجبال خشية الفتنة ، وأرهب الآمنين من الناس ، وصادر أموال المعارضين ظلماً وعدواناً ، وأغدق أموال الدولة على حزبه ومؤيديه ، وعطل الحدود وأوقف الشرع ، وابتدع في الدين على النحو المفصل في تاريخنا المقروء الذي يعرفه كل صبي.

غير أن خطورة ما فعله معاوية تكمن في أنه ما فعله باسم أية نظرية أخرى صراحةً بل باسم الإسلام ، فإذا الإسلام الذي قدمه للناس شيئاً آخر يعاكس تمام الإسلام المحمدي. فكان ثورة مضادة سارت في الإتجاه المعاكس كلية ، لكنها تحمل اسم الإسلام القديم.

وأخطر من هذا كله أن مشايخنا وعلماءنا ـ إن صح وصفهم بالعلماء ـ غلفوا هذا السم الزعاف بطبقة حلوة المنظر ، وقالوا لنا إنه لم يكن انقلاباً على الإسلام بأي معنى بل كان إجتهاداً ،

١١٨

وأخذنا نحن من أيديهم هذا السم المدسوس ، واعتقدنا أنه الدواء الناجع الفعال الذي يشفى ما بنا ـ بل وما بالأجيال المسلمة الى يوم القيامة ـ من كل الأسقام ، واشتركنا معهم في هذه الجريمة ، وضللنا معهم أنفسنا وأبناءنا والأجيال التالية ، ولم نفكر لحظة في أن ما قاله مشايخنا ينبغي فحصه والتروي في قبوله ، وأن الأخطاء المخالفة للإسلام لابد وأن نعترف بها ونتجنبها في كل مسيرة ، ليكون ما لدينا من إسلام صافياً رائقاً ، وتمادينا تحت تخدير العواطف فإذا بنا ليوم في مآزق وحفر عميقه حفرها لنا علماؤنا ، وقفزنا فيها بإرادتنا دون وعي ، ولا نستطيع اليوم أن نخرج منها.

والأغبى من هذا التصرف ، أننا نبصق في وجه كل من ألقى لنا حبلاً من عقل لنستمسك به ، ونخرج من هذه الحفر الى حيث الهواء النقي ، والفكر الإسلامي الحر ، الذي لا يقدس الأوراق ولا الأشخاص ، إلا ما ومن كان منها مقدساً يستحق التقديس حقاً.

هكذا رأينا كيف اختارت الأمة قيادة باختيارها الحر في النور ، كما حدث مع الإمام عليعليه‌السلام بعد أن كان الوقت المناسب قد

١١٩

مضى ، وهو ما يعتبر شكلاً آخر من أشكال تعيين القيادة يختلف عما سبقه من أشكال.

ثم ما إن تولت القيادة الجديدة حتى بدأت الطوابير الخفية في العمل لإقصائها ، فرأينا شكلاً وأسلوباً آخر للقيادة هو ما فعله معاوية ، وهو ما يقودنا الى نتائج تستحق إمعان الفكر :

أولاً : إن بيعة عليعليه‌السلام إذا كانت هي الصواب أو الطريق الطبيعي لاختيار القيادة ، لأنها تمت برضا المسلمين ومشورتهم ، فما حكم ما فعله معاوية ؟ وإن كان ما فعله معاوية لا غبار عليه ، فكيف يمكن الدفاع عن بيعة عليعليه‌السلام ونحن أهل السنة نؤمن بخلافته الراشدة وبيعته السليمة ؟

ثانياً : أن الطريقة التي وصل بها معاوية الى الحكم وتصدر القيادة إن كانت صحيحة وفق الإسلام ـ ولا أعتقد بصحتها أبداً ـ فكيف يمكن إغلاق باب البغي والإنقلابات العسكرية ضد النظام الإسلامي ، إن شاء له الله أن يقوم هنا أو هناك ؟ لأن هذا يمكن أن يقع في أي وقت بعد اللحظة الأولى التي تتأسس فيها دولة إسلام.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

وورث هو اباه دون غيره من ذوي قرابة أبيه، ولا عبرة بنسب الاب. فلو ترك اخوة لاب وام مع أخ أو اخت لام كانوا سواء في المال. وكذا لو ترك جدا لام مع اخ او اخت او اخوة او اخت من اب وام.

[الا ان يعترف به الاب، لان ذلك يبعد التهمة عن المرأة، ويقوي صحة نسبه(١) .

ولما رواه الحلبي عن الصادقعليه‌السلام ، في حديث طويل، إلى ان قال: واما الولد فاني ارده اليه اذا ادعاه ولا ادع ولده، وليس له ميراث، ويرث الابن الاب، ولا يرث الاب الابن يكون ميراثه لاخواله، فان لم يدعه ابوه فان أخواله يرثونه ولا يرثهم(٢) وذهب في التهذيب إلى انه يرثهم(٣) ، وهو اختيار الاكثر(٤) وبه قال ابن ادريس(٥) واختاره المصنف(٦) لان نسبه من الام ثابت فيهم(٨) ولما رواه زيد الشحام عن الصادقعليه‌السلام قال: وهو يرث اخواله(٩) ].

____________________

(١)الاستبصار: ج ٤(١٠٤) باب ان ولد الملاعنة يرث اخواله ويرثونه ص ١٨١ ذيل حديث ٨ قال: لان عند ذكل تبعد التهمة عن المرأة الخ.

(٢)الاستبصار: ج ٤(١٠٤) باب ان ولد الملاعنة يرث اخواله ويرثونه ص ١٨١ الحديث ٨.

(٣)التهذيب: ج ٩(٣٣) باب ميراث ابن الملاعنة ص ٣٤١ س ١٠ قال: غير ان العمل على ثبوت الموارثة بينهم احوط واولى.

(٤)قال في الايضاح: ج ٤ ص ٢٤٦ الاصح عند المصنف ان ولد الملاعنة يرث امه ومن يتقرب بها وهو المشهور عند علمائنا الخ.

(٥)لاحظ عبارة النافع.

(٧)المختلف: ج ٢ في ميراث ولد الملاعنة ص ١٩٢ س ٣٠ قال: والوجه ما قاله الشيخ في التهذيب وهو اختيار الاكثر.

(٨)في ل: " ثابت فهم كالاخوة ".

(٩)التهذيب: ج ٩(٣٣) باب ميراث الملاعنة ص ٣٤٠ الحديث ٩.

٣٨١

تذنيب

المشهور ان ميراث ولد الملاعنة لامه الثلث بالتسمية، والباقي بالرد، وهو اختيار الشيخ في النهاية(١) وبه قال المفيد(٢) والقاضي(٣) والتقي(٤) والحسن(٥) والصدوقان في الرسالة(٦) والمقنع(٧) وابن ادريس(٨) والمصنف(٩) والعلامة(١٠) .

وقال ابوعلي: لامه الثلث والباقي لبيت مال المسلمين(١١) وقال الصدوق في المقنع(١٢) : لبيت مال الامام لان جنايته عليه اذا كان ظاهرا، وان كان مستورا]

____________________

(١)النهاية: باب ميراثه ولد الملاعنة ص ٦٧٩ س ٩ قال: فميراثه لامه اذا كانت حية.

(٢)المقنعة: باب ميراث ابن الملاعنة ص ١٠٦ س ٢٠ قال: وكان جميع تركته لامه.

(٣)المهذب: ج ٢ باب ميراث ولد الملاعنة ص ١٦٤ س ٦ قال: وترثه امه.

وقال أيضا في كتاب اللعان والارتداد ص ٣٠٨ س ٦ ويكون ميراث الابن لامه.

(٤)الكافي: الارث ص ٣٧٥ س ١٥ قال: ولا يرثه الاب وترثه امه.

(٥)و(٦) المختلف: ج ٢ في ميراث ولد الملاعنة ص ١٩١ س ٣٢ قال: فجعل الشيخ ميراث ابن الملاعنة لامه خاصة وهو قول ابن أبي عقيل والصدوق في المقنع وابوه في الرسالة.

(٧)المقنع: باب المواريث ص ١٧٧ س ١١ قال: واذا ترك ابن الملاعنة امه واخواله فميراثه كله لامه.

(٨)السرائر: باب اللعان والارتداد ص ٣٣١ س ٨ قال: ويكون ميراث الولد لامه، وقال أيضا في كتاب المواريث ص ٤٠٥ س ٣٣ وميراث ولد الملاعنة لامه.

(٩)لاحظ عبارة النافع.

(١٠)المختلف: ج ٢ في ميراث ولد الملاعنة ص ١٩٢ س ٢ قال: والمعتمد ما قاله الشيخ.

(١١)المختلف: ج ٢ في ميراث ولد الملاعنة ص ٢٩١ س ٣٤ قال: قال ابن الجنيد: إلى قوله: والباقي لبيت مال المسلمين.

(١٢)هكذا في النسخ المخطوطة التي عندنا، والظاهر انه سهو من النساخ اذ لم نظر عليه في المقنع، نعم انه موجود في الفقيه نصا كما يأتي.

٣٨٢

(خاتمة) تشتمل على مسائل

(الاولى) ولد الزنا لا ترثه امه ولا غيرها من الانساب، ويرثه ولده وان نزل، والزوج او الزوجة، ولو لم يكن احدهم فميراثه للامام.

وقيل: ترثه امه كابن الملاعنة.

[فلامه الكل(١) .

تنبيه

واذا اقر الاب به بعد اللعان ورث اباه، وهل يرث اقارب أبيه؟ قال الاكثر: لا، وهو اختيار الشيخ(٢) لاختصاص حكم الاقرار بالمقر، فلا يتعدى المقر الا شهادة، وهي لا تسمع هنا من واحد، وقال ابنه مفيد الدين: وقواه ابن ادريس، نعم(٣) (٤) لان الاقرار كالبينة الموجبة لثبوت النسب، فيرثهم، وتوقف العلامة(٥) قال طاب ثراه: وقيل: ترثه امه كابن الملاعنة].

____________________

(١)الفقيه: ج ٤(١٦٤) باب ميراث ابن الملاعنة ص ٣٢٦ س ٤ قال: قال مصنف هذا الكتاب: إلى قوله: والباقي لامام المسلمين.

(٢)الايجاز: في ضمن الرسائل العشر ص ٢٧٥ في ذكر ميراث ولد الملاعنة س ٥ قال: ولا يرث الولد من يتقرب بالاب على حال.

(٣)لم اظفر على قول مفيد الدين.

(٤)السرائر: كتاب المواريث ص ٤٠٥ س ٣٦ قال: وهذا هو الاقوى عندي إلى قوله: لان الاقرار بمنزلة البينة بل اقوى.

(٥)القواعد: ج ٢ (المقصد الثالث في اللواحق) ص ١٨١ س ١ قال: وهل يرث اقارب الاب مع اعترافه؟ اشكال.

٣٨٣

[أقول: ولد الزنا لا يرثه ابوه اجماعا، وهل ترثه امه كابن الملاعنة او لا؟ بالاول قال التقي(١) وأبوعلي(٢) .

وبالثاني قال الشيخ في النهاية(٣) والقاضي(٤) وابن حمزة(٥) وابن ادريس(٦) واختاره المصنف(٧) والعلامة(٨) .

احتج الاولون: بما رواه يونس قال: ميراث ولد الزنا لقرابته من قبل امه على نحو ميراث ابن الملاعنة(٩) . وهي مقطوعة.

وروى اسحاق بن عمار عن الصادق عن الباقرعليهما‌السلام ان علياعليه‌السلام كان يقول: ولد الزنا وابن الملاعنة ترثه امه واخوته لامه، او عصبتها(١٠) ].

____________________

(١)الكافي: الارث ص ٣٧٧ س ٢٠ قال: وولد الزنا يرث امه ومن يتعلق بنسبها ويرثونه.

(٢)المختلف: ج ٢ كتاب الفرائض ص ١٩٢ س ٣٩ قال: وقال ابن الجنيد: إلى قوله: وميراثه لامه كولد الملاعنة.

(٣)النهاية: باب ميراث ولد الملاعنة وولد الزنا ص ٦٨١ س ٢ قال: والاقوى عندي هو الاول: وهو ان ولد الزنا لا يرث اباه ولا امه ولا يرثه ابوه ولا امه.

(٥)الوسيلة: فصل في بيان ميراث ولد الملاعنة وولد الزنى ص ٤٠٣ س ٣ قال: واما ولد الزنى لا يرث احدا ولا يرثه احد، الا..

(٦)السرائر: كتاب الفرائض ص ٤٠٦ س ١١ قال: وولد الزنا لا يرث، لا بمن خلق من نطفته ولا من ولدته، ولا يرثونه على حال.

(٧)لاحظ عبارة النافع.

(٨)المختلف: ج ٢ كتاب الفرائض ص ١٩٣ س ٥ قال: والمعتمد ماقاله الشيخ.

(٩)التهذيب: ج ٩(٣٣) باب ميراث ابن الملاعنة ص ٣٤٤ الحديث ٢٢.

(١٠)التهذيب: ج ٩(٣٣) باب ميراث ابن الملاعنة ص ٣٤٥ الحديث ٢٣.

٣٨٤

(الثانية) الحمل يرث ان سقط حيا، وتعتبر حركة الاحياء كالاستهلال والحركات الارائية، دون التقلص.

(الثالثة) قال الشيخ: يوقف للحمل نصيب ذكرين احتياطا، ولو كان ذو فرض اعطوه النصيب الادنى.

(الرابعة) يرث دية الجنين ابواه ومن يتقرب بهما، أو بالاب.

[وتأوله الشيخ: بانه يجوز ان يكون قد سمع الراوي هذا الحكم في ولد الملاعنة، فظن ان حكم ولد الزنا حكمه(١) وهي متروكة.

احتج الآخرون: بان النسب الشرعي منتف، فليس بولد حقيقة، فلا يدخل في العموم.

ولصحيحة عبدالله بن سنان عن الصادقعليه‌السلام قلت: فإنه مات (يشير إلى ولد الزنا) وله مال من يرثه؟ قال: الامام(٢) .

فرع

واذ قد عرقت: ان نسبه منقطع بالنسبة إلى ابويه فلا يرثهما ولا يرثانه، فاعلم ان الوارث له ولده وزوجه وزوجته، فلا يتكرر الزنا، فولد ولد الزنا، ولد رشدة اجماعا لا يلحقه حكم ولد الزنا، فيقبل شهادته، ويصح امامته في الصلاة، وحكمه، ويسرى ارثه إلى ابويه وينعكس منهما اليه.

قال طاب ثراه: قال الشيخ يوقف للحمل نصيب ذكرين احتياطا، ولو كان ذو فرض اعطوه النصيب الادنى.

أقول: هذا هو المشهور بين الاصحاب ولا أعلم فيه خلافا، واضاف القول إلى]

____________________

(١)لاحظ ذيل حديث ٢٣ الذي قدمناه انفا.

(٢)التهذيب: ج ٩(٣٣) باب ميراث ابن الملاعنة ص ٣٤٣ قطعة من حديث ١٨.

٣٨٥

(الخامسة) اذا تعارفا بما يقتضي الميراث توارثا ولم يكلف احدهما البينة.

(السادسة) المفقود يتربص بماله.

وفي قدر التربص روايات: اربع سنين، وفي سندها ضعف، وعشر سنين، وهي في حكم خاص، وفي ثالثة يقتسمه الورثة اذا كانوا ملاء، وفيها ضعف أيضا، وقال في الخلاف: حتى يمضي مدة لا يعيش مثله اليها، وهو اولى في الاحتياط وابعد من التهجم على الاموال المعصومة بالاخبار الموهونة.

[الشيخ لخلوه عن خبر ناطق به(١) .

قال طاب ثراه: المفقود يتربص بماله، وفي قدر التربص روايات الخ.

أقول: المستحق للارث قد يعرض له الحرمان بعروض الشك في نسبه كابن الملاعنة، او سببه كالغرقى والمهدوم عليهم، او في حياته وموته.

والمقصود بالبحث هنا القسم الاخير كالغائب غيبة منقطعة، اي لا يعرف له فيها خبر موت ولا حياة، ويسمى المفقود، وكذا يقع الشك في توريث الغير منه.

فالبحث هنا يقع في مقامين: (المقام الاول) في توريث الغير منه.

وفيه أربعة اقوال:

(أ) يحبس ماله عن ورثته قدر ما يطلب في الارض اربع سنين وتقسم بعدها بين ورثته].

____________________

(١)كتاب الخلاف: كتاب افرائض مسألة ١٢٥ قال: اذا مات ميت وخلف ورثة وامرأة حاملا، فانه يوقف ميراث ابنين ويقسم الباقي.

وفي المبسوط: ج ٤ فصل في ميراث الحمل والاسير والمفقود ص ١٢٤ س ٢٣ قال: وقال محمد بن الحسن: يدفع إلى هذا الابن (اي فما كان للميت ابن حاضر) ثلث المال، لان اكثر ما جرت به العادة ان تلد المرأة توأمين، فيكون ثلثه، وهذا الذي يقوى في نفسي الخ.

٣٨٦

[وهو مذهب الصدوق(١) والسيد(٢) .

لرواية اسحاق بن عمار قال: قال ابوالحسنعليه‌السلام : في المفقود يتربص بماله اربع سنين ثم يقسم(٣) .

(ب) النظرة في ميراث من فقد في عسكر وقد شهدت هزيمته، وقيل: من كان فيه، او اكثرهم اربع سنين. وفيمن لا يعرف مكانه في غيبته ولا خبر له عشر سنين. والمأسور في يد العدو يوقف حاله ما جاء خبره، ثم إلى عشر سنين، وهو قول أبي علي(٤) .

(ج) اذا كان الورثة ملاء اقتسموه وهم ضامنون له ان عرف خبره بعد ذلك، ولا بأس ان يبتاع الانسان عقار المفقود بعد عشر سنين، وهو قول المفيد: وعبارته: اذا مات انسان وله ولد مفقود لا يعرف له موت من حياة عزل ميراثه حتى يعرف خبره. وان تطاولت المدة في ذلك وكان للميت ورثة سوى الولد ملاء بحقه لم يكن بأس باقتسامه، وهم ضامنون له ان عرف للولد خبر بعد ذلك. ولا بأس ان يبتاع الانسان عقار المفقود بعد عشر سنين من غيبته وانقطاع خبره ويكون البائع ضامنا لحي(٥) .

فقد اشتمل هذا الكلام على حكمين:]

____________________

(١)الفقيه: ج ٤(١٦٨) باب ميراث المفقود ص ٢٤٠ قال بعد نقل حديث ١: قال مصنف هذا الكتابرحمه‌الله يعني بعد ان لا يعرف حياته من موته الخ.

(٢)الانتصار: المسائل المشتركة في الارث ص ٣٠٧ قال: مسألة، المفقود يحبس ماله عن ورثته قدر ما يطلب في الارض اربع سنين الخ.

(٣)الفقيه: ج ٤(١٦٨) باب ميراث المفقود ص ٢٤٠ الحديث ١.

(٤)المختلف: ج ٢ في ميراث الغائب ص ١٩٧ س ٨ قال: وقال ابن الجنيد: والنظر في ميراث من فقد في عسكر الخ.

(٥)المقنعة: باب ميراث من لا وارث له من العصبة ص ١٠٨ س ١٠ قال: اذا مات انسان الخ.

٣٨٧

[(أ) جواز قسمة ماحصل له من الميراث من غير تربص مع الملاء.

(ب) جوار ابتياع العقار بعد العشر، ومفهومه عدم الجواز قبل ذلك.

(ج) لا يقسم حتى يعلم موته، اما بقيام البينة، او بمضى مدة لا يمكن ان يعيش مثله اليها علما عاديا وهو قول الشيخ في الكتابين(١) (٢) واختاره القاضي(٣) وابن حمزة(٤) وابن ادريس(٥) والمصنف(٦) والعلامة(٧) وفخر المحققين(٨) .

احتج السيد ومن تابعه: بان الزوجة تعتد للوفاة بعد مضي اربع سنين، وعصمة الفروج اشد في نظر الشرع من عصمة الاموال، وانما تصح العدة مع حكم الشرع بموته(٩) .

ولرواية اسحاق المتقدمة(١٠) ].

____________________

(١)كتاب الخلاف: كتاب الفرائض مسألة ١٣٦.

(٢)المبسوط: ج ٤ فصل في ميراث الحمل والاسير والمفقود ص ١٢٥ س ١٥ قال: والمفقود لا يقسم ماله الخ.

(٣)المهذب: ج ٢ باب ميراث الحمل والاسير والمفقود ص ١٦٦ س ١٧ قال: واما المفقود فانه لا يقسم ماله الخ.

(٤)الوسيلة: فصل في بيان ميراث الاسير والحميل والمفقود ص ٤٠٠ س ١٣ قال: واما المفقود: فهو من غاب عن وطنه الخ.

(٥)السرائر: كتاب المواريث ص ٤١١ س ٣٦ قال: وقال قوم: لا يقسم مال المفقود حتى يعلم موته او يمضي مدة لا يعيش مثله اليها إلى قوله: وهذا الاخير هو الذي يقوى في نفسي واعمل عليه وافتى به.

(٦)لاحظ عبارة النافع.

(٧)المختلف: ج ٢ في ميراث الغائب ص ١٩٧ س ١٨ فبعد نقل الاقوال قال: والمعتمد ما قاله الشيخ.

(٨)الايضاح: ج ٤ في فروع موانع الارث ص ٢٠٧ س ٣ قال بعد نقل قول الشيخ في الخلاف: وهو الاصح عندي.

(٩)المختلف: ج ٢ في ميراث الغائب ص ١٩٧ س ٢٢ قال: احتج الآخرون: بان الزوجة تعتد للوفاة إلى آخره ولم يصرح بان هذا الاحتجاج من السيد، فلاحظ.

(١٠)تقدم آنفا.

٣٨٨

[ومثلها رواية عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: المفقود يحبس ماله على الورثة قدر مايطلب في الارض اربع سنين، فإن لم يقدر عليه قسم ماله بين الورثة(١) وسماعة واقفي واليها اشار المصنف بقوله: وفي سندها ضعف(٢) قال العلامة: وهذا القول لا بأس به مع طلبه في البلاد، كما في الاعتداد(٣) .

احتج أبوعلي برواية علي بن مهزيار قال: سألت ابا جعفرعليه‌السلام عن دار كانت لامرأة وكان له ابن وبنت، فغاب الابن في البحر وماتت المرأة، فادعت ابنتها ان امها كانت صيرت هذه الدار لها، وباعت اشقاصها منها، وبقيت في الدار قطعة إلى جنب دار لرجل من اصحابنا، وهو يكره ان يشتريها لغيبة الابن وما يتخوف من أن لا يحل له شرائها، وليس يعرف للابن خبر، فقال لي: ومنذ كم غابت؟ فقلت: منذ سنين كثيرة، فقال: ينتظر به غيبته عشر سنين، ثم يشترى(٤) . وهذه كما تراها واقعة في حكم خاص، فلا تعدى، لاحتمال اطلاعهعليه‌السلام في هذه الواقعة على ما اوجب هذا الحكم فيها، واليها اشار المصنف بقوله: وهي في حكم خاص. وهي حجة المفيد على الحكم الثاني من فتواه. وحجته على الحكم الاول رواية اسحاق بن عمار عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: سألته عن رجل كان له ولد، فغاب بعض ولده ولم يدر أين هو، ومات]

____________________

(١)التهذيب: ج ٩(٤٥) باب ميراث المفقود ص ٣٨٨ الحديث ٣.

(٢)لاحظ ماقاله في النافع.

(٣)المختلف: ج ٢ في ميراث الغائب ص ١٩٧ س ٢٤ قال: وهذا القول لا بأس به الخ.

(٤)التهذيب: ج ٩(٤٥) باب ميراث المفقود ص ٣٩٠ الحديث ٨ وتمام الحديث (فقلت: فان انتظر بها غيبة عشر سنين، يحل شرائها؟ قال: نعم).

٣٨٩

[الرجل، فاي شئ يصنع بميراث الرجل الغائب من أبيه؟ قال: يعزل متى يجئ، قلت: فعلى ماله زكاة؟ قال: لا حتى يجئ؟ قلت: فاذا جاء يزكيه؟ قال: لا حتى يحول عليه الحول في يده، قلت: فقد الرجل فلم يجئ؟ قال: ان كان ورثة الرجل ملاء‌ا بماله اقتسموه بينهم، فاذا جاء ردوه عليه(١) .

وفي طريقها سماعة، وهو واقفي، وفي اسحاق قوق(٢) فمن ثم قال المصنف: وفيها ضعف(٣) .

احتج الآخرون بوجوه:

(أ) اصالة بقاء الحياء، فيستصحب إلى ان يعلم المزيل.

(ب) الاصل عصمة مال المسلم حتى يثبت السبب الموجب لنقله.

(ج) رواية معاوية بن وهب عن الصادقعليه‌السلام في رجل كان له على رجل حق ففقده، ولا يدري اين يطلبه، ولا يدري أحي هو ام ميت، ولا يعرف له وارثا، ولا نسبا له ولا بلدا؟ قال: اطلب، قال: ان ذلك قد طال، فاتصدق به؟ قال: اطلبه(٤) .

وفي معناها رواية الهيثم(٥) .

قال المصنف: وهو اولى في الاحتياط(٦) لان في التصرف تغرير بالمال، لجواز]

____________________

(١)التهذيب: ج ٩(٤٥) باب ميراث المفقود ص ٣٨٨ الحديث ٢.

(٢)سند الحديث كما في التهذيب (الحسن ين محمد بن سماعة، عن علي بن رباط وعبدالله بن جبلة، عن اسحاق بن عمار).

(٣)لاحظ عبارة النافع.

(٤)التهذيب: ج ٩(٤٥) باب ميراث المفقود ص(٣٨٩) الحديث ٥.

(٥)التهذيب: ج ٩(٤٥) باب ميراث المفقود ص ٣٨٩) الحديث ٧.

(٦)لاحظ عبارة النافع.

٣٩٠

(السابعة) لو تبرء من جريرة ولده وميراثه، ففي رواية: يكون ميراثه للاقرب إلى أبيه، وفي الرواية ضعف.

[افلاس القابض، فيضيع حق المالك، وابعد من التهجم على الاموال المعصومة، اذ الاصل عصمة مال المسلم، لقولهعليه‌السلام : مال المسلم على المسلم حرام الا عن طيب نفس منه(١) وهو اجماع، فلا ينزل عن هذا الاصل والاجماع بالاخبار الموهومة، اي المثمرة للوهم، لا العلم، لان بعضها حكم في واقعة، فيحتمل الاختصاص وعدم التعدي، وبعضها ضعيف الرجال فلا يصار اليه ويترك المعلوم، لقوله تعالى: " ان الظن لا يغني عن الحق شيئا "(٢) ويمكن حملها على انكشاف خبره بالموت في المدة المذكورة في الروايات.

(المقام الثاني) في توريثه من الغير.

الحق انه يوقف نصيبه حتى يعلم حاله، وهو قول الشيخ في الخلاف(٣) واختاره المصنف(٤) والعلامة(٥) وفخر المحققين(٦) لاصالة بقاء الحياة، والغيبة لا تخرج الانسان عن الاستحقاق، ويجئ فيه الاقوال الباقية، لان القاتل بقسمة ماله بعد أربع أو عشر، لا يورثه للحكم بموته عنده.

قال طاب ثراه: لو تبرأ من جريرة ولده وميراثه، ففي رواية يكون ميراثه للاقرب]

____________________

(١)عوالي اللئالي: ج ٣ باب الغصب ص ٤٧٣ الحديث ٣ ولاحظ ماعلق عليه.

(٢)يونس: ٣٦.

(٣)كتاب الخلاف: كتاب الفرائض، مسألة ١٣٦ قال: وان مات له من يرثه المفقود إلى قوله: ويوقف الباقي إلى ان يعلم حاله.

(٤)لم اظفر عليه الا من اطلاق كلامه في مال المفقود، فلاحظ عبارة النافع في ذلك.

(٥)المختلف: ج ٢ في ميراث الغائب ص ١٩٧ س ٦ قال: مسألة قال الشيخ في الخلاف الخ.

(٦)الايضاح: ج ٤ في فروع موانع الارث ص ٢٠٧ س ٢ قال: وان مات من يرثه المفقود إلى قوله: وهو الاصح عندي.

٣٩١

الثاني: في ميراث الخنثى

[إلى ابيه، وفي الرواية ضعف.

أقول: قال الشيخ في النهاية: من تبرأ عند السلطان من جريرة ولده، ومن ميراثه وله مال كان ميراثه لعصبة امه، دون عصبة ابيه(١) وتبعه القاضى(٢) .

ورواه الصدوق عن ابى بصير قال: سألته عن المخلوع يتبرأ منه ابوه عند السلطان ومن ميراثه وجريرته، لمن ميراثه؟ قال: قال عليعليه‌السلام : هو لاقرب الناس اليه(٣) . وليست صريحة الدلالة فيما ذهب اليه الشيخ، لجواز ان يريد بقوله (لاقرب الناس اليه) يشير بذلك إلى الاب، وان هذا التبري لا يصح. ومع ذلك فهي مقطوعة.

وذهب الشيخ في المسائل الحائريات إلى ان هذا التبري لا يصح، لان الشرع اذا حكم بالنسب لم يقع التبري منه ويثبت حكمه(٤) وهو مذهب ابن ادريس(٥) واختاره المصنف(٦) والعلامة(٧) لعموم القران(٨) والاخبار(٩) الدالة على التوارث، ولاصالة بقاء النسب والاستحقاق.

قال طاب ثراثه: الثاني في ميراث الخنثى الخ].

____________________

(١)النهاية: باب ميراث ولد الملاعنة.. ص ٦٨٢ س ١١.

(٢)المهذب: ج ٢ باب ميراث الحميل والاسير والمفقود ص ١٦٧ س ٢ ولاحظ ما علق عليه.

(٣)الفقيه: ج ٤(١٥٨) باب ميراث المخلوع ص ٢٢٩ الحديث ١.

(٤)و(٥) السرائر: كتاب المواريث ص ٤٠٨ س ٣٠ قال بعد نقل قول النهاية: هذا خلاف اجماع أصحابنا واجماع المسلمين، إلى قوله: وقد رجع عنها في الحائريات في المسألة الخامسة والثمانين والمائة.

(٦)لاحظ عبارة النافع.

(٧)المختلف: ج ٢ كتاب الفرائض ص ١٩٥ س ٣٧ قال: والوجه ماقاله الشيخ في المسائل الحائرية.

(٨)النساء: ١١.

(٩)لاحظ التهذيب: ج ٩(٢٢) باب الاولى من ذوي الانساب، و(٢٣) باب ميراث الوالدين وغيرهما.

٣٩٢

من له فرج الرجال والنساء يعتبر بالبول، فمن ايهما سبق يورث عليه، فان بدر منهما، قال الشيخ: يورث على الذي ينقطع منه أخيرا، وفيه تردد.

وان تساويا قال في الخلاف: يعمل فيه بالقرعة، وقال المفيد وعلم الهدى: تعد اضلاعه.

وقال في النهاية والايجاز والمبسوط: يعطى نصف ميراث الرجل ونصف امرأة، وهو اشهر.

ولو اجتمع مع الانثى (الخنثى ظ) ذكر وانثى، قيل: للذكر اربعة، وللخنثى ثلاثة وللانثى سهمان.

وقيل: تقسم الفريضة مرتين، فتفرض مرة ذكرا ومرة انثى، ويعطى نصف النصيبين، وهو اظهر.

مثاله: خنثى وذكر، تفرضهما ذكرين تارة، وذكرا وانثى اخرى، وتطلب اقل مال له نصف ولنصفه نصف، وله ثلث ولثلثه نصف، فيكون اثنا عشر، فيحصل للخنثى خمسة وللذكر سبعة. ولو كان بدل الذكر انثى حصل للخنثى سبعة وللانثى خمسة. ولو شاركهم زوج او زوجة، صححت فريضة الخنثى، ثم ضربت فخرج نصيب الزوج او الزوجة في تلك الفريضة، فما ارتفع، فمنه تصح. ومن ليس له فرج النساء ولا الرجال، يورث بالقرعة. ومن له رأسان أو بدنان على حقو واحد، يوقظ او يصاح به، فان انتبه احدهما فهما اثنان.

[أقول: الخنثى من له فرج النساء والذكران، واحدهما اصلى والاخر زائد، فهو اما ذكر أو انثى، ويستحيل اجتماعهما ولا خارج عنهما، لقوه تعالى: " يهب لمن

٣٩٣

[يشاء اناثا ويهب لمن يشاء الذكور "(١) وقوله تعالى: " خلق الزوجين الذكر والانثى "(٢) وقوله: " او يزوجهم ذكرانا واناثا "(٣) إلى غير ذلك من الآيات(٤) الدالة على حصر الحيوان في الذكر والانثى.

فيورث على الاصلي منهما ويلغى الزائد ويكون حكمه كغيره من الزوائد في الخلقة كالاصبع الزائدة، اذا علم. وان اشتبه الاصلي منهما بالزائد سمي خنثى. ومن علامات الاصلي البول، فان حصل من احدهما دون الآخر كان هو الاصلي، وهو اجماع وهذا اعم العلامات، لوجودها في الصغير والكبير، دون غيرها كالحيض والمني. وجعل الحسن الحيض واللحية(٥) واستقربه العلامة(٦) والحق به تفلك الثدي والحبل، واختاره فخر المحققين(٧) . فان بال منهما اعتبر الاسبق، فيورث عليه باتفاق الاصحاب.

وروي ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أتى بخنثى فقال: ورثوه من اول ما يبول منه، فان خرج منهما دفعة فبالانقطاع(٨) . فايهما انقطع منه البول أخيرا، فهو اصلي. وان تساويا اخذا وانقطاعا، ولا علامة]

____________________

(١)الشورى: ٤٩.

(٢)النجم: ٤٥.

(٣)الشورى: ٥٠.

(٤)الانعام: ١٤٣ و ١٤٤.

(٥)المختلف: ج ٢ كتاب الفرائض واحكامه، ص ١٩٣ س ٢٥ قال: وقال ابن عقيل: الخنثى عند آل الرسولعليهم‌السلام إلى قوله: او حيض او احتلام او لحية الخ.

(٦)القواعد: ج ٢ الفصل الثاني في ميراث الخناثى ص ١٨١ س ١٤ قال: ونبات اللحية وتفلك الثدي والحبل والحيض علامات على الاقرب.

(٧)الايضاح: ج ٤ في ميراث الخناثى ص ٢٥١ س ٤ قال بعد نقل قول العلامة: والاقوى ماهو الاقرب عند المصنف.

(٨)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥١٢ الحديث ٦٨ ولاحظ ماعلق عليه.

٣٩٤

[غيره حصل الاشتباه وتحقق الاشكال هذا هو المشهور، وهو الذي ذكره الشيخان(١) (٢) وسلار(٣) والقاضي في كتابيه(٤) (٥) وابن حمزة(٦) وابن ادريس(٧) وادعى عدم الخلاف فيه بين الاصحاب.

واما الصدوقان والقديمان فجعلوا الاشكال بعد تساويهما في الاخذ، ولم يعتبروا الانقطاع أخيرا(٨) (٩) (١٠) (١١) ].

____________________

(١)المقنعة: ص ١٠٦ باب ميراث الخنثى س ٢٩ قال: فان بال منهما جميعا ورث ميراث الرجال والنساء.

(٢)النهاية: باب ميراث من يشكل أمره ص ٦٧٧ س ١٧ قال: فان انقطع منهما معا ورث ميراث الرجال والنساء.

(٣)المراسم: ذكر ميراث الخنثى ص ٢٢٥ س ٥ قال: فان انقطعا منهما جميعا ورث النصف من ميراث الرجال والنصف من النساء.

(٤)المهذب: ج ٢ في ميراث الخنثى ص ١٧١ س ١٤ قال: فان انقطعا جميعا في حال واحدة ورث ميراث الرجال والنساء الخ.

(٥)المختلف: ج ٢ في ميراث الخنثى المشكل ص ١٩٤ س ٧ قال: وقال ابن البراج في كتابي الكامل والمهذب: الخ كما نقلنا عن المهذب.

(٦)الوسيلة: فصل في بيان ميراث الخناثى ص ٤٠٢ س ١ قال: وانقطع عنهما دفعة فهو مشكل.

(٧)السرائر: كتاب الفرائض ص ٤٠٦ س ٢٤ قال: فان جاء‌ا سواء في دفعة واحدة وانقطعا سواء في وقت واحد، فهاهنا يتصور مسألة الخلاف بين اصحابنا إلى قوله: فاما في الاحوال الاولة فلا خلاف فيها بينهم اجمع الخ.

(٨)المقنع: باب المواريث ص ١٧٧ س ١ قال: وان خرج البول من الموضعين معا ورث نصف ميراث الذكر ونصف الانثى.

(٩)المختلف: ج ٢ في ميراث الخنثى المشكل ص ١٩٣ س ٣٢ قال: وقال علي بن بابويه: إلى قوله: فان خرج البول من الموضعين معا الخ.

(١٠)و(١١) المختلف: ج ٢ في ميراث الخنثى المشكل ص ١٩٣ س ٢٢ قال: وقال ابن الجنيد: إلى قوله: فان ورد معا عدت اضلاعه إلى قوله: وقال ابن عقيل: الخنثى عند آل الرسولعليهم‌السلام إلى قوله: وروي عنهمعليهم‌السلام : انه يورث من المبال فان سلسل البول على فخده فهي امرأة وان زورق البول كما يزرق من الرجل فهو رجل الخ.

٣٩٥

[اذا عرفت هذا: فبماذا يعرف كونه ذكرا أو انثى؟ قيل فيه: ثلاثة أقوال:

(الاول) القرعة، وهو قول الشيخ في الخلاف(١) ووجهه تحقق الاشكال.

وقال الصادقعليه‌السلام : كل مشكل فيه القرعة(٢) .

وصورتها: ان يكتب في رقعة عبدالله، وفي اخرى: امة الله، ويجعل في سهام مبهمة، ويقول: مارواه الفضيل بن يسار عن الصادقعليه‌السلام : اللهم انت الله لا اله الا انت عالم الغيب والشهادة انت تحكم بيتن عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، بين لنا أمر هذا المولود(٣) .

(الثاني) عد الاضلاع من الجانبين، فان اختلفا فذكر، وان تساويا عددا فانثى.

لما روى اصحابنا: ان حوا خلقت من ضلع آدم(٤) ، فصار للرجال من ناحية اليسار ضلعا انقص وللنساء ثمانية عشر ضلعا من كل جانب تسعة، وللرجال سبعة]

____________________

(١)كتاب الخلاف: كتاب الفرائض: مسألة ١١٦ قال: والمعمول عليه: انه يرجع إلى القرعة، فيعمل عليها.

(٢)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥١٢ الحديث ٦٩ ولاحظ ما علق عليه.

(٣)الفقيه: ج ٤(١٦٦) باب ميراث الخنثى ص ٢٣٩ قطعة من حديث ٥.

(٤)الفقيه: ج ٤(١٦٦) باب ميراث الخنثى ص ٢٣٨ قطعة من حديث ٢.

٣٩٦

[عشر ضلعا، من جانب اليمين تسعة ومن جانب اليسار ثمانية، وهو قول السيد(١) وأبي علي(٢) والمفيد في كتاب الاعلام(٣) واختاره ابن ادريس(٤) .

(الثالث) عدم اعتبار القرعة وعد الاضلاع، وتحقق الاشكال عند التساوي في ابتداء البول وانقطاعه، وهو اشهر، ذهب اليه الصدوقان(٥)(٦) والشيخان في المقنعة(٧) والنهاية(٨) والايجاز(٩) والمبسوط(١٠) .

____________________

(١)الانتصار: المسائل المشتركة في الارث ص ٣٠٦ س ١٩ قال: فان تساويا إلى قوله: اعتبر بعد الاضلاع.

(٢)المختلف: ج ٢ كتاب الفرائض س ١٩٣ س ٢٢ قال: وقال ابن الجنيد: إلى قوله: فان ورد معا عدت اضلاعه.

(٣)الاعلام: في ضن عدة رسائل ص ٣٣٩ باب ميراث الخنثى س ٢١ قال: فان تساوى إلى قوله: اعتبر باتفاق الاضلاع واختلافها.

(٤)السرائر: كتاب الفرائض ص ٤٠٦ س ٣٦ قال: والمحصلون إلى انه في هذه الحال المتنازع فيها يعتبر ويورث بعدد الاضلاع الخ.

(٥)المقنع: باب المواريث ص ١٧٧ س ١ قال: وان خرج البول من الموضعين ورث نصف ميراث الذكر ونصف ميراث الانثى.

(٦)المختلف: ج ٢ كتاب المواريث ص ١٩٣ س ٣٢ قال: وقال علي بن بابويه إلى قوله: فان خرج البول من الموضعين معا فله نصف الخ.

(٧)المقنعة: باب ميراث الخنثى ص ١٠٦ س ٢٩ قال: فان بال منهما جميعا ورث ميراث الرجال والنساء الخ.

(٨)النهاية: باب ميراث الغرقى ومن يشكل امره من الناس ص ٦٧٧ س ١٧ قال: فان انقطع منهما معا ورث ميراث الخ.

(٩)الايجاز: في ضمن الرسائل الشعر، فصل في ذكر ميراث الخنثى ص ٣٧٥ س ٢٠ قال: فان انقطع منهما في حالة واحدة ورث نصف ميراث الرجال الخ.

(١٠)المبسوط: ج ٤ ميراث الخنثى ص ١١٤ س ٣ قال: وان تساويا ورث نصف ميراث الرجال ونصف ميراث النساء.

٣٩٧

[وبه قال القاضي(١) وابن حمزة(٢) وسلار(٣) واختاره المصنف(٤) والعلامة(٥) . ولا اشكال على الاولين لان القرعة لابد وان يخرج احد القسمين، وكذلك الاضلاع لا ينفك الواقع عن اختلافهما او تساويهما، فيعطى ما يقتضيه احد الامرين. وانما الاشكال على القول الثالث، وذكر المصنف في كيفية معرفة نصيبه طريقين(٦) .

أحدهما: ان يعطى سهم بنت ونصف سهم بنت، وان شئت قلت: نصف ميراث ذكر ونصف ميراث انثى وهو الذي استحسنه العلامة في تحريره(٧) فلو اجتمع مع الخنثى ابن وبنت كان للابن اربعة وللخنثى ثلاثة، وللبنت سهمان.

وتوضيحه: ان يجعل لحصة الابن نصفا، ولحصة البنت نصفا، فاقل عدد يفرض للبنت نصفان، وللابن ضعفهما وللخنثى نصفها، فالفريضة من تسعة].

____________________

(١)المهذب: ج ٢ باب ميراث الخنثى ص ١٧١ س ١٤ قال: فان اتفقا جميعا في حالة واحدة ورث ميراث الرجال والنساء.

(٢)الوسيلة: فصل في بيان ميراث الخناثى ص ٤٠٢ س ١ قال: فان خرج منهما دفعة إلى قوله: ورث نصف ميراث الرجل الخ.

(٣)المراسم: ذكر ميراث الخنثى ص ٢٢٥ س ٥ قال: وان قطع منهما جميعا ورث النصف الخ.

(٤)لاحظ عبارة النافع.

(٥)القواعد: ج ٢ الفصل الثاني في ميراث الخناثى ص ١٨١ س ١٢ قال: وان تساويا إلى قوله: وقيل: يرث نصف النصيبين وهو الاشهر.

(٦)الشرائع: في ميراث الخنثى قال: ولو اجتمع مع الخنثى ذكر بيقين قيل: إلى قوله: وقيل: الخ فهذان الطريقان.

(٧)التحرير: ج ٢ في ميراث الخنثى ص ١٧٤ س ٢٥ قال: فقال بعضهم: يجعل للانثى اقل عدد له نصف وهو اثنان وللذكر ضعف ذلك اربعة وللخنثى نصفهما وهو حسن.

٣٩٨

[ولو كان مع الخثنى ذكر خاصة فالفريضة من سبعة، ولو كان بدله انثى فالفريضة من خمسة، للبنت سهمان وللخنثى ثلاثة.

والآخر: ان يفرض مرة ذكر واخرى انثى ويقسم الفريضة مرتين ويعطى نصف النصيبين، وهو الذي رجحه المصنف(١) .

وتوضيحه: اذا كان معه ذكر، ان يفرضهما ذكرين تارة، وذكر وانثى اخرى، فنطلب اقل ماله نصفا، ولنصفه نصف، وله ثلث ولثلثه نصف، فيكون اثنى عشر.

وان شئت قلت: مسألة الذكورية من اثنين، ومسألة الانوثية من ثلاثة، وهما متباينان، فتضرب احدهما في الآخر تبلغ ستة، ولا يقوم لحاصل الخنثى سهم صحيح، فينكسر في مخرج النصف، فتضرب المجتمع في الاثنين تبلغ اثنى عشر فعلى تقدير كونهما ذكرين يكون للخنثى ستة، وعلى تقدير كونه انثى يكون له اربعة، فيجتمع له في المرتين عشرة، فله نصفهما فيكون له خمسة، وللذكر سبعة. ولو كان بدل الذكر انثى كانت السبعة للخنثى وللانثى خمسة. ولو اجتمعا معه كانت الفريضة من اربعين.

لانك تفرضهما ذكرين وانثى تارة، فالفريضة من خمسة، وذكرا وانثيين اخرى فالفريضة من اربعة، وهما متباينان، فتضرب احدهما في الآخر يبلغ عشرين، فللذكر في حال عشرة وفي حال ثمانية، فله نصفهما تسعة، وللانثى في حال خمسة وفي حال اربعة، وليس لهما نصف صحيح، وكذلك الخنثى له في حال ثمانية وفي حال خمسة، وليس لذلك نصف، فتضرب المجتمع في مخرج النصف وهو اثنان تبلغ اربعين، فللذكر ثمانية عشر، وللانثى تسعة وللخنثى ثلاثة عشر، وذلك مجموع اربعين].

____________________

(١)لاحظ عبارة النافع.

٣٩٩

[وهذا الطريق تخالف الطريق الاول، لان على الطريق الاول للخنثى من تسعة ثلاثة، وهي قدر الثلث، وعلى الطريق الثاني يحصل له من اربعين ثلاث عشر، وهي دون الثلث بثلث سهم. ولو شاركهم زوج او زوجة صححت فريضة الخناثى ثم ضربت مخرج نصيب أحدهما في تلك الفريضة، فكل من كان له قبل ذلك شئ اخذه مضروبا فيما نقص عن نصيب الزوجية.

مثلا في الصورة الاولى، أي صوورة كونهما ذكرا وخنثى ومعهما زوج، يضرب مخرج نصيب الزوج وهو الربع في اثنى عشر تبلغ ثمانية واربعين، تعطى الزوج الربع اثني عشر، ثم يعطي الذكر ماكان له قبل الضرب وهو سبعة في ثلاثة يبلغ احدا وعشرون، والخنثى كان له خمسة يأخذها مضروبة في ثلاثة، فيكون له خمسة عشر.

ولو كان زوجة: ضربت اثنى عشر في ثمانية تبلغ ستة وتسعين، للزوجة اثنى عشر، وكل من كان له قبل ذلك شئ اخذ مضروبا في سبعة.

وفي فريضة الاربعين تضرب الاربعة نصيب الزوج، او ثمانية نصيب الزوجة في اربعين يبلغ في الاول مائة وستين، للزوج اربعين، وللذكر ثمانية عشر مضروبة في ثلاثة، فيكون له اربعة وخمسون، وللانثى تسعة مضروبة في ثلاثة، فيكون سبعة وعشرين، وللخنثى ثلاثة عشر مضروبة في ثلاثة، يكون تسعة وثلاثين، وذلك مجموع مائة وستين.

وفي الثانية تبلغ ثلاثمائة وعشرين، للزوجة اربعين، ولكل من الاولاد نصيبه مضروبا في سبعة، فيأخذ الذكر مائة وستة وعشرين، وهو مضروب ثمانية عشر في سبعة، وللانثى نصفها ثلاث وستون مضروب تسعة في سبعة، وللخنثى احد وتسعون مضروب ثلاث عشر في سبعة، فكمل مع الاولاد مأتين وثمانين، ومع الزوجة اربعين، وذلك مجموع ثلاثمائة وعشرين.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553